المحرر موضوع: آه مِن غـيرة الـرجال ، ومَن يحـسب نـفـسه رجُـلاً  (زيارة 1222 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Michael Cipi

  • عضو مميز متقدم
  • *******
  • مشاركة: 5233
    • مشاهدة الملف الشخصي
آه مِن غـيرة الـرجال ، ومَن يحـسب نـفـسه رجُـلاً
  يصمد كـصخـرة ولا ينجـرف كـريشة وراء الغـيـورين
   

بقـلم : مايكـل سـيـﭘـي / سـدني ــ
القائـد المحـنـك
يسـرني أن أنـشر تجاربي الشخـصية كي يقـرأها ــ الرجال ، وليس اللا الرجال ! ــ عسى أن يستـفـيـقـوا ويستـفـيـدوا ... فـما نعـرفه ونـراه في الخـنادق والأخاديـد ، قـد لا يـبـصِره الجالس في العلاء فـوق أبراج الصناديـد .... (( عـفـواً ، لستُ أتجاهـل الـنـساء فـهـن مِن صُـلـبــِنا مِن دمنا ولحـمنا )) .
في فكاهة غـنائية أثـناء حـفـل ، وبـدلاً من عـبارة ( آه من غـيـرة الـنـساء ) في كـلمات الأغـنية ، تعـمّـد المطرب بإبتسامة تهـكــّـمية وقال : (( آه من غـيـرة الرجال )) ! منـطـلـقاً من تجاربه الشخـصية أن غـيرة إمـرأة من إمـرأة ليست خـطيـرة ، ولكـن غـيـرة رجـل من رجـل قـد تـصل إلى إنهاء حـياة .
قـبل حـوالي 35 سنة كان في مـدرستي زميل لي ــ مدرس اللغة العـربـية ــ يُـظهـِـر لي المَودّة ... أما مـديـر مدرستي الـذي يكـنّ لي إحـتراماً متميـزاً صادقاً ، حـذرني ذات يوم من مخـرّب واشي ضدي هـو المدرّس المـذكـور زميلي ، كي أكـون عـلى دراية فـقـط ! مؤكـدا أن أحـتـفـظ بما سـيـنـبّهـني عـليه سـراً ولا أنـطـق به حـتى مع نـفـسي ، وإلاّ فـمصير المديـر سيكـون الإعـدام بإعـتـباره سـرّب حـواراً سـرياً من داخـل إجـتماع حـزبي ! وخاصة إلى شخـص مِثـلي غـيـر منـتمي .     
الـقـصة وما فـيها ، كـنتُ أحـب مهـنـتي حـريصاً عـلى محاضراتي ، دقـيقا في صياغة أسـئـلـتي ، مشـدداً في إمتحاناتي ، وأعـتـرف لم أكـن سـخـياً مع الطلاب في درجاتي لأني كـنـتُ أطالـبهم بمستـوى عـطائي ، وبالمقابل كـمدرس أوازن كـل ذلك بكـفاءتي ، متـفـنـناً بعـملي وبتعاملي كـصديق مع طلابي ، وبـذلك إستـطعـتُ أنْ أكـسب إحـترامهم لي وثـقـتهم فيّ وتـشبثهم بي لـتـدريسهم في ــ الصفـوف المنـتهـية ــ لأجـل مصلحـتهم ، فلا يتـذمرون مني بل يـذكـرونـني بإعجاب أمام باقي المدرسين . وهـنا ثارت غـيـرة أحـدهم المشار إليه ضعـيـف الـنـفـسية للإيقاع بي إلى التهـلكة دون أن يستـفـيـد من وشايته ضدي ( إنها غـيرة لا أكـثر ) ويعـرف أن ليس لـديه مستمسك عـني لـيتخـذه نـقـطة ضعـف في وظيفـتي ولا تهمة عـليّ أعادي بها السلطة ، فخـباثة منه إستغـلّ إجـتماعاً حـزبـياً وذكـر إسمي قائلاً : 
(( إن الأستاذ مايكـل يشـدّد مع الطلاب لأغـراضه المادية ، كي يضطـرّوا إلـيه ويـدرّسهم في بـيـوتهم دروساً خـصوصية )) !!
طبعا إنّ مَن لا يعـرفـني شخـصياً سـيـقـتـنع بهـذا الكلام ولكـن خـلـيقة الله لا تخـلـو من الأشـراف أصحاب الضمائـر الحـية الـذين لا ينجـرفـون وراء حـثالة الـقـوم ، ولا يعـطـون لهم أذناً صاغـية بـرُخـص ، بل يعـتـزون بكـيانهم ومنـصبهم ، ولا يـستمعـون إلى الـوشاة الـقـذرين ... ولهـذا إنبرى في ذلك الإجـتماع مـدير مـدرســي ــ مسلم ــ وأنا مسيحي ، وواجه ذلك المـدرس قائلاً له :
هـل لـديك دليل عـلى كلامك ، إسم طالب مثلاً ؟ كي نـتـصرّف ؟ ( أجاب المدرس : كلا ) ! ... وأضاف المديـر : نعـم إن الأستاذ مايكـل يـقـدم دروساً خـصوصية ولكـن لطلاب من خارج مـدرستـنا وهـذا أمر لا يخـصنا ، ولكـن دعـني أناقـشك :
(1) الأستاذ مايكـل لا يملك سيارة مثـلك لكـنه يحـضر إلى الـدوام قـبـلك (2) الأستاذ مايكـل عـنـد شاغـره في الجـدول الأسبوعي يسألـني إن كانت هـناك حاجة لسـد شاغـر لمدرس غائـب ، لكـني حـين أسألك أنت أثـناء شاغـرك كي تـسـد حـصة دراسية لمدرس مجاز مثلاً ، تـقـول : والله أريـد أرتاح (3) وأخـيراً أنت حـزبي ملـتـزم والأستاذ مايكـل مستـقـل سائـر في خـط الـثـورة ...... فـمن هـو أكـثر إخلاصاً ووطـنية ، أنت أم هـو ؟ .... ساد الإجـتماع سكـوت وإنـتهـت الوشاية ضدي بسلام .
هـكـذا يكـون القائـد صاحـب ضمير حي ذو شخـصية قـوية ، لا ينجـرف وراء المخـرّب الـقـذر ، ولا يسكـت أمام الواشي الحـسـود بل يناقـشه ويكـتـشف دناءته حـتى يصل إلى الحـقـيقة كي لا يظـلم أحـدأ ، وفي ذات الـوقـت هـذا القائـد لا يـرتـضي لـنـفـسه أن يصبح آلة صماء ، عـبـداً مطيعاً لإيماءات وإيحاءات مزاجـية لسـيـدٍ له ، أياً كان سـيـدُه ، بل عـليه أن يعـرف الحـق وعـنـدئـذ الحـق يحـرّره بـرأس مرفـوع .

المهم ، فاتـت أيام وأسابـيع ، قـلـلـتُ من إحـتكاكي بعـض الشيء بالأخ المدرس حـتى قال لي يوماً : أشـوفـك متغـيّـر هاي الأيام ؟ قـلـتُ له : تـدري أن هـموم الحـياة كـثيرة ، والصحة متـقـلـبة ، وأحـيانا المزاج لا يساعـد نـفـسياً ..... 
وفي نهاية السنة الـدراسية صرتُ معاوناً لمديـر المركـز الإمتحاني أتابع الغـيابات وحاجات القاعات الإمتحانية فإلـتـقـيـته في إحـداها وأردتُ أن أكـبّـر رأسه كـمدرس اللغة العـربـية بإعـتـباري أنا الـفـيزياوي غـيـر مُـلِـمّ كـثيرا باللغة ، وسألـته ماذا يـقـصد الشاعـر في قـوله :
يُـرويـك مِن طرف اللسان حلاوة ... ويـروغ عـنـك كما يـروغ الـثـعـلـبُ
فإنـتـفـخ وإنـتـفـش وتـفاخـرَ ... وفـسّـره لي بما ينـطـبق عـليه 100% ... وقـبل أن أغادر قاعـته سألته ثانية عـن تـفـسير بـيت شعـر آخـر من نـفـس الـقـصيـدة :
إنّ الأفاعي وإنْ لانـت ملامسها ... عـنـد الـتـقـلــّـب في أنيابها العـطـبُ
فإبتـسم مستهـزئاً ــ بمحـدودية ــ معـرفـتي باللغة العـربـية وقال : هـذه مثـل تلك الأولى .
**************
مثال آخـر ... دَور رئيس الـنـقابة
في أربعـينات الـقـرن الماضي كان في بغـداد رجـل ــ مسلم ــ لم يكـن جـنـديا مطـوّعاً في الجـيش ولم يلـف حـول عـنـقه (( مرسوماً جـمهـورياً )) كي يُحـسَـب مع المرسـومين ! بل كان وطـنياً يعـمل حارساً أو فـراشاً في أحـد المصارف ، يحكي لـزملائه بأمور وطـنية بصورة لـبـقة ، فإلـتهـبـت غـيـرة بعـضهم منه لمشاعـره الأصيلة ، مما حَـدا بحاسـديه إلى الوشاية به أمام وزيـر المالية تملـقاً بتـقاريـرهم المزوّرة ، وهـذا وزير المالية فـطـير الـقـلـب ، لم يستـدعِ العامل للـتـفاهم معه وإنما أوقـف تـرفـيعه ظلماً إلى أجـل غـيـر مسمى .   
فاتـت 17 سنة حـتى نهاية الخـمسينات ، كان إبن عـم والـدي المرحـوم ( يوسف حـنا سـيـﭘـي ) بـوظيفة مديـر المصرف ، وفي الـوقـت ذاته رئيساً لـنـقابة عـمال المصارف مخـتاراً مِن  قِـبَـل العـمال مباشرة وليس مُعَـيـّـناً تعـيـيـناً من أحـد ... وكـرئيس نقابة ، فإن واجـبه الأساسي هـو الـدفاع عـن أعـضاء الـنـقابة إذا كانت السلطة تـظلمهم ، وإلاّ فـماذا يكـون واجـب رئيس الـنـقابة ؟ .
إن رئيس الـنـقابة هـذا ( يوسف حـنا سـيـﭘـي ) لم يقـل إنّ هـذا أمر الـوزيـر ، ولم يقـل للعامل إذهـب وتكـلـم مع الـوزيـر ، وإنما أدى واجـبه بإخلاص وضمير حي كـرئيس نـقابة ، وواجه السيد الوزيـر مدافـعاً عـن مظلـومية العامل وحـقـوقه كمنـتـسب إلى نـقابته وفي النهاية إستحـصل له كافة حـقـوقه لأغـراض ــ العلاوات والـتـرفـيع والـتـقاعـد ــ بـدون منـية ولا ثـورة ولا صراع ولا تـمـلـق ولا حـرب ... ولا أخاف يـزعـل السيـد الـوزيـر .
هـكـذا تكـون الـرجـولة الأبـيّة وشهامة الضمير الحي ، فـمن يمتـلكـها ويتـظاهـر بأنه يتبع الحـق ، عـليه أن يقـتـدي بمَن قال عـن نـفـسه أنا هـو الحـق ( المسيح ) ويكـون ولاؤه له وليس لغـيـره ......... وأن يكـون أمينا للـواجـب المناط به وفـق القانـون والـمنـطـق وليس المزاجـية . نعـم إنّ إحـتـرام صاحـب السلطة واجـب ، لكـن الشجاعة لمواجهـته مطلـوبة حـين يتـطـلـب الموقـف ، طالما ليس يعـتـدي عـليه .... فالحـق أعـلى من أي شيء ، مثـلما المسيح هـو قـدوتـنا أعـلى من كـل ولاءاتـنا . أما مَن يـبحـث عـن وسام لصدره فـذلك أمر آخـر يخـصه . ودام الجـميع بخـيـر . 


غير متصل Michael Cipi

  • عضو مميز متقدم
  • *******
  • مشاركة: 5233
    • مشاهدة الملف الشخصي
أحـدهم سألـني عـن إسم المطرب الـوارد ذكـره في مطلع هـذا المقال
إنه كاظم الساهـر

غير متصل Husam Sami

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1076
  • الجنس: ذكر
  • ماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
اخي العزيز مايكل تحية
موضوع واقعي دقيق ... اسمح لي ان اضيف بعض الملاحظات البسيطة ...
1 ) تنقسم الغيرة إلى قسمين ( السلبية والإيجابية )
السلبية : فتنتج الحسد فتصل بالإنسان إلى اعلى مراحل الحقد التي يليها الإنتقام وهذه يمارسها ( الناقص من البشر ) الذي لا يمتلك الطموح والأرتقاء ...
الإيجابية : التي تنهّض في الإنسان حالة التحدي وترتقي به إلى المنافسة ( الشريفة ) والغاية تقدم البشرية ..
أما عن المقارنة بين غيرة النساء وغيرة الرجال فنقول :
غيرة النساء لا تتعدى الفروقات المادية المحسوسة الملموسة واهمها ( الجمال والمال ... واعظمهن الجمال ) فهما العاملين الأساسيين في جلب انتباه الرجال فغيرة النسوان متعلقة بالرجال ...
اما غيرة الرجال ... وما ادراك ما غيرة الرجال انها غيرة ( مال وسلطة وتصل في احسن حالاتها إلى غيرة العقل وحتى الإيمان ... ) اي ان غيرة الرجال تفوق غيرة النسوان وصولاً إلى الغيرة المعنوية متجاوزة الغيرة المادية للنساء ... فلا عجب صديقي ان صاحبك يغار منك على الرغم من انك لا تشكل أي تهديد على مستقبله ولا امواله ... انها غيرة ( الأخلاص والأمانة ) التي لا يملكها ولن يملكها ... وكثيرون من على شاكلته اليوم
تحياتي ... الرب يبارك حياتكم
اخوكم حسام سامي     8 / 12 / 2019


غير متصل Michael Cipi

  • عضو مميز متقدم
  • *******
  • مشاركة: 5233
    • مشاهدة الملف الشخصي
تـعـلـيـقك وارد أخي حـسام
أنت إنـطـلـقـت من مفـهـوم كـلمة الغـيـرة في (( غـيرة بـيـتـك أكـلـتـني )
وهـذا رائع ... نعـم ، الغـيرة هـنا إيجابـية ، بل وضرورية حـين تـُـسـعِـف مريضا أو تـطـفىء حـريقا أو تـُـطـعِـم جائعاً
ولكـن معـناها السلـبي هـو المؤلم كما قـرأتَ في مقالي ... وعـلى مَن يـواجـهها أن يكـون حـكيما قادرا وليس خـفـيـفاً ... رادعاً وليس منجـرفاً