الخميس الساعة السابعة مساءً
الرابع عشر من تشرين الثاني
يوم في ساحة التحرير ..
جان يلدا خوشابا
أوصلنا سائق التاكسي أنا وصاحبي القادم من الناصرية وإسمه علي والذي كان طالباً معي أيام الدارسة في بغداد والذي أصر لمرافقتي إلى ساحة السعدون
وقال سائق التاكسي وبلهجة بغدادية ( كم أشتقت لها بعد سنوات الغربة )
من هنا يا شباب أخذوا عربة التك تك وذلك تحاشياً للازداحم وسرعة الوصول لساحة التحرير
وفعلاً بعد تقريباً نصف ساعة كنّا على موعد مع رمز الثورة ومعقلها
ساحة التحرير
ترجلنا ونحن مبهورين بكل هولاء العراقيين المتجمعين من أجل هدف واحد الا هو
علو كعب العراق ولا غير
تقربت من شاب يبدو أنه في أستراحة بعد يوم شاق
وقلت له : هل تسمح بسؤال
قال : تفضل
لماذا أنت هنا
لأجل العراق أنه أمي وأبي وكل هولاء أخوتي وواجبي حمايته ورعايته
كم عمرك
سبعة عشر سنة
أنت صغير يا فتى
قد أبدوا لك صغيراً لكن أنظر ليدي ، تمعن بوجهي ، فقد أكل ألهم والغم رأسي ، أنني أعمل حداد وتركت المدرسة لا مستقبل لي لا كرامة ولا صوت ولا أحد يسمعني
وأكمل : أنا معيل عائلة كبيرة وأسكن بغداد الجديدة ( أحد إحياء بغداد )
فكيف لا أثور واطلب بحقي
فقلت له : وماذا تريد من العراق
تنهد طويلاً ، هزا راْسه
وقال : أريد بلدي ، أريد أملي ، أريد حقي ، أريد أن أعيش
حضنته وحضنني وكنّا في حالة لم يسبق لي إختبارها وخاصة بعد كل سنوات غربتي
قلت له : تحتاج مساعدة
قال : كلا
قلت : أطلب ماتريد
قال : شكراً
قلت : أنا مغترب عراقي
قال : أهلاً وسهلاً
وبعدها رفع العلم العراقي الذي كان في يده بعد أن قبله ووضع الكمامة وقبل أن ينطلق
قال : أتمنى لكم الموفقية وللعراق الحرية أراكم قريباً
فقلت لصحابي : الفرق بيني وبين هذا الفتى أنه حمل حلمه لساحة الثورة .... وأنا حملت حلمي للمنفى
نظرت لصاحبي القادم من الناصرية وكان شارد الذهن مذهولاً حضنته لبرهة فقد كان حزيناً جداً لهذا الفتى وغيره ولهذا الوضع ولما يجري ويحدث
وبعدها أنطلاقنا والأمل يسيري في عروقنا إلى المطعم التركي لتكملة الجولة .
-------------------------------------------------------------
والبقية تأتي