ليتأمل الأحياء فيما قاله الراحلون!
في ظل التوتر القائم بين ماهو كائن وبين ماينبغي ان يكون، ومن أجل مسح الغبار عن عناوين التصادم والألتباس والتعدد، ارى بأن علينا رص كلماتنا المفتاحية في جملة واضحة وفعالة، العودة الكبرى الى قيمتنا ووزننا الحقيقي، ليكن هدف اللآعنف الفعال! فلننتبه الى ان (فساد الشئ الأفضل يولد الأسوأ) وهو قول مأثور من العصور الوسطى.
النخبة النمطية قد تخلفت عن استيعاب المرحلة، فما هو دورها وماهي رؤيتها في ظل التحول التاريخي القادم؟ اليس للمثقف دور مع ان الشعب هو من ينجز التغيير الفعلي؟
هناك رأي يدعو كما ندعو اليوم الى اصلاح وتغيير جدري، وقد كُتِبَ في موقع عنكاوا قبل سنوات طويلة، وبقلم الكاتب المبدع الراحل د. سعدي المالح، فلنتأمل في ماكتبه وقد اخترت فقرتين منه ادناه:
(الآن يعيش في عنكاوا مسيحيون من كل المذاهب والطوائف؛ كاثوليكية ونسطورية وأرثذوكسية وانجيلية، يؤدون طقوسهم وصلواتهم على وفق تقاليد خمس طوائف مستقلة وبطقوس مختلفة عن بعضها البعض نوعا ما، وربما بلغات ولهجات متباينة، لكن عندما يموتون يدفنون جميعهم في مقبرة حديثة واحدة، يرقدون إلى جانب بعضهم بعضا دون أن يقول الكاثوليكي للأرثذوكسي الراقد بجواره أنت تؤمن بطبيعتين في المسيح أو الأرثذوكسي للنسطوري أنت تعد مريم العذراء أم المسيح الإنسان وليس الإله! يختلفون في الطقوس والمذاهب ويتصارعون في فلسفاتهم الدينية، وأخيرا يهجعون في مكان واحد! لعل هذه هي أولى بوادر الوحدة المسيحية وربما القومية للسريان الكلدان الآشوريين المشتتين على وفق طوائفهم! )
وفي مقال آخر كتب الراحل د.سعدي المالح:
( لقد أثبتت تجارب السنوات الماضية، ولا سيما منذ سقوط النظام الدكتاتوري البائد وظهور بعض القوى الجديدة على الساحة، أن أبناء شعبنا البسطاء أكثر وعيا وأمانة وتحملا للمسؤولية من ممثلينا في الجمعية الوطنية، ومن ممثلينا في السلطة المركزية، وسلطة إقليم كردستان، ومن السادة رجال الدين الميامين، ومن الكثير من أدعياء العمل القومي ، فهم ء أبناء شعبنا البسطإ يتزوجون من بعضهم البعض كاسرين التقاليد البالية والقيود الدينية المفروضة، يعيشون ويعملون مع بعضهم البعض من دون أدنى خوف من الحدود القروية والعشائرية، يقضون أوقات فراغهم ونشاطاتهم الاجتماعية مع بعضهم البعض دون أي حرج، يستعملون لهجات بعضهم البعض من دون أي عائق أو مشكلة، يدخلون كنائس بعضهم البعض من دون أي مراعاة للحواجز الطائفية.
والأهم من هذا كله يقولون بصدق وعن حسن نية وإيمان بأننا شعب واحد، لدينا لغة واحدة وتاريخ مشترك واحد، ونحن جميعا سليلو حضارة عريقة واحدة.
هذا يدل على أن رجال الدين، والمسؤولين الحزبيين في أحزابنا القومية، و"المتناضلين" الآخرين في بعض منظمات المجتمع المدني، الذين يدعون قيادة هذا الشعب، ما زالوا يسيرون في ذيل مسيرة التطور الحضاري أو في مؤخرتها، في الوقت الذي يتقدمهم الشعب، وخاصة البسطاء من أبنائه بمسافة طويلة.
كيف نترك هؤلاء أن يمثلوننا في أعلى هيئات الدولة أو في أعلى القيادات الحزبية والدينية والمجتمعية؟ وكيف نضع مستقبلنا بأيديهم وهم غير أمينين لهذه المهمة؟
على الشعب أن يقول كلمته بجرأة بحق هؤلاء. على أعضاء أحزابهم ومؤيديهم أن يقولوا كلمتهم بحق مسؤوليهم الحزبيين. وعلى المؤمنين أن يقولوا كلمتهم بحق رؤسائهم الروحانيين. وعلى المنضوين إلى منظمات المجتمع المدني أن يقولوا كلمتهم بحق هيئاتهم الإدارية وممثليهم.
من العار أن نقبل بهم ممثلين لنا.
من العار أن يتجرأوا ويدعوا تمثيلنا.
من العار أن نقبل أن يحدث ما يحدث.
من العار أن نسكت على ما يحدث. )
……………………………….….
بولص آدم