المحرر موضوع: ربيعُ ألبطريرك !  (زيارة 1596 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل آنو جوهر عبدوكا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 378
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ربيعُ ألبطريرك !
« في: 20:38 02/01/2020 »

ربيعُ ألبطريرك !
[/color][/size][/font][/b]

ليس خافياً على أحد، بأن الأغلبية الساحقة من السياسيين المسيحيين (الكلدان الاشوريين السريان و الارمن ) في العراق و كوردستان يؤمنون بمبدأ فصل الدين عن الدولة و فصل الكنيسة عن السياسة و ايضا فصل السياسية و رجالاتها عن التدخل بالأمور و الشؤون الكنسية، و لكن في المقابل فأن الاغلبية الساحقة من السياسيين المسيحيين في العراق تعتبر تعاليم الكنيسة مرجعا روحيا و بوصلة اخلاقية للعمل و خاصة في وقت الازمات و الاعاصير التي تمر بها هذه البلاد و ما اكثرها ! و احسن مثال على هذا دور الكنيسة المفصلي في تاريخ شعبنا الحديث هو الدور الرائد للكنيسة ابان احتلال تنظيم الدولة الاسلامية في العراق و الشام او ما يسمى بداعش للموصل و قرى و بلدات سهل نينوى، فلولا دور رجال الكنيسة و مطارنتها و بطاركتها لكانت سحقت كرامة الشعب المسيحي في العراق ، بالطبع بالتعاون الكبير الذي قدمته حكومة اقليم كوردستان و انفتاحها على القيادات الكنسية و تعاونها معهم في كل شاردة و واردة طبعا قدر المستطاع.

كسياسي شدتني المقالة الاخيرة لغبطة ابينا البطريرك الدكتور الكاردينال مار لويس روفائيل ساكو بعنوان (فكرة فحسب : ألم يحن الأوان لتشكيل تجمع سياسي واحد لمسيحيي العراق ! )، و قمت بقراءتها اكثر من مرة، ووجدت فيها طرحا واقعيا و حلولا ضرورية للواقع السياسي لأبناء شعبنا و أمتنا ( المسيحية الكلدانية الاشورية السريانية و الارمنية ).

في الفترة التي كانت الحرب الاساسية ضد تنظيم داعش تضع اوزارها في منتصف عام 2016  نشر موقع فضائية روداو مقالا كتبناه بعنوان *( مانفيستو عنكاوا ) قلت فيه: " بعد قرابة مائة عام من اعلان ( مانفيستو أورميا ) ، يتوجب على ابناء شعبنا ان ينظموا صفوفهم و ان يرتبوا لاجتماع و مؤتمر موسع يضم كل القوى السياسية و الكنسية و الشخصيات و المؤسسات القومية التي ترغب للمشاركة للإعلان عن ( مانفيستو عنكاوا ) لوضع خارطة طريق لإحقاق حقوق المسيحيين الكلدان السريان الاشوريين في خريطة ما بعد داعش و التي بالطبع سيشارك برسمها العديد من القوى الدولية و الاقليمية و المحلية  و أهمية التوجه بخطاب موحد نحو هذه القوى و مخاطبتها بطرح هادئ و واقعي يضمن لشعبنا العريق موطئ قدم في مرحلة ما بعد داعش و يرسخ وجوده و حقوقه في ارض ابائه و اجداده بلاد اشور و بابل ، بلاد سنحاريب و نبوخذنصر و اشورناصربال و سركون"، و اليوم ايضا يمر بلدنا و وطننا كما يؤكد غبطة البطريرك بمنعطف تاريخي ، على غرار المنعطفات التاريخية التي مضت و لم يستفد منها شعبنا البتة ؟! فاليوم الخارطة السياسية في العراق في مرحلة اعادة صياغة و لا نكون مخطئين ان قلنا في مرحلة اعادة تأسيس الى حد كبير ؟ فأيننا نحن المسيحيين من هذا الحراك ؟ ألم يحن حقا الوقت لنخلق و نوجد صيغة عملية للعمل المشترك بين مختلف القوى و المؤسسات و الشخصيات السياسية المسيحية على المستويين العراقي و الكوردستاني على حد سواء ؟ ان لم نعمل سوية الان فمتى اذا ؟ و من المستفيد من هذا البعد و التشرذم ؟ بالتأكيد شعبنا ليس مستفيدا نهائيا من هذه الحالة المستعصية التي نمر بها.

طبعا يتوجب ان يكون لسياسيينا نظرة واقعية للاوضاع على المستويين العراقي و الكوردستاني ، و يتوجب ان يكون دائما لكل مقام مقال ، فالتجربة العراقية بعد 2003 واضحة المعالم و التدهور الذي وصلت اليه هذه التجربة كانت تحصيل حاصل لا اكثر ! و أما التجربة الكوردستانية بعد الانتفاضة المباركة سنة 1991 و لحد الان لايمكن وضعها بميزان واحد ابدا مع التجربة العراقية .. فالتجربة العراقية اثبتت فشلها في حماية المكونات القومية و الدينية، لا بل اثبتت فشلها في الحفاظ على حقوق الاغلبية ايضا! و اما التجربة الكوردستانية فأثبتت نجاحها الى حد كبير في حماية المكونات الدينية و القومية رغم وجود بعض الملاحظات السلبية.

 ولهذا شهدنا نزوح الاغلبية العظمى من ابناء المكونات من المسيحيين و الايزيديين و الصابئة المندائيين و البهائيين و الكاكائيين و الزرادشتيين و غيرهم الى كوردستان و اقامتهم فيها معززين مكرمين حالهم حال مواطني الاقليم، فشتان ما بين الثرى و الثريا !

لذلك علينا ان نؤسس لتجربة جديدة على المستوى العراقي مستفيدين من التجربة الكوردستانية في هذا المضمار و خاصة ان القانون الذي شرعه البرلمان الكوردستاني سنة 2015 ( قانون رقم 5 / قانون حماية حقوق المكونات في اقليم كوردستان – العراق ) يعتبر قانونا متقدما على مستوى الشرق الاوسط برمته، طبعا جنبا الى جنب مع القرارات الاخرى الكثيرة التي اتخذتها حكومة اقليم كوردستان و برلمان كوردستان حول تثبيت العديد من المناسبات القومية و الدينية لشعبنا كعطل رسمية و ايضا حق شعبنا بالحكم الذاتي المثبت في المادة 35 من مسودة دستور اقليم كوردستان و غيرها من الحقوق التي ثبتها شعبنا في اقليم كوردستان و سيكون انجازا كبيرا لو تم تثبيتها على مستوى العراق ككل على غرار اقليم كوردستان.

إذن ، فالعمل المشترك تحت صيغة معينة يتفق عليها الجميع اصبح ضرورة ملحة لا و بل ضرورة مصيرية ، كمصير شعبنا الذي يتمرجح بين البقاء او الزوال في هذا الشرق !

وهنا طبعا نحن نثمن مبادرة غبطة ابينا البطريرك كمرجع كنسي و روحي ليجمع الجميع تحت سقف مصلحة شعبنا و امتنا بجميع طوائفه و كنائسه و انتماءاته السياسية ( و هنا اؤكد على الجميع دون استثناء اي كل القوى والاحزاب و التيارات و التحالفات او القوائم الانتخابية او الشخصيات السياسية الفاعلة ) دون مزاجيات او تعنتات او شروط مسبقة ، فلا يحق لأي شخصية او قوى سياسية ان تدعي الاسبقية او الشرعية على حساب الاخرين لا سامح الله.

طبعا هنالك من سيتهمني بأني ادعو الى مزج الدين بالسياسة او ادخال الكنيسة في امور و شؤون رجال السياسة؟ مرة اخرى هنا انا اؤكد بأني مؤمن بصورة قطعية بمبدأ فصل الدين و المؤسسات الدينية عن الشؤون السياسية و شؤون ادارة الدولة ، فكما لا نتدخل نحن العلمانيين بشؤون الكنيسة من اختيار المطارنة او القساوسة و لا نتدخل بكيفية ادارة شؤون الكنيسة الروحية و الادارية و المالية، هكذا ايضا كنائسنا لا تتدخل بشؤوننا كسياسيين، فالسياسي يستمد قوته من عمله تبعا لبرنامجه و فكره و نهجه السياسي في صفوف شعبه و دعمه يولد من رحم الجماهير و التاريخ النضالي لحزبه و شخصه و كذلك رجال كنيستنا يستمدون قوتهم اولا من خدمتهم لرعيتهم و  من تاريخ كنيستنا و من الانتخابات و القرارات التي تتخذ من قبل السنهادوس الكنسي و للكنيسة كان و لا زال و سيبقى لها دور وطني تجاه الوطن و رعوي تجاه رعيتها و انساني تجاه الانسانية جمعاء.

 ومن هذا المنبر و كسكرتير عام لتيار شلاما لشؤون المسيحيين اؤيد الدعوة و المبادرة الطيبة من لدن غبطة ابينا البطريرك الدكتور الكاردينال مار لويس روفائيل ساكو للاجتماع مع جميع الشخصيات و القوى السياسية جمعاء دون استثناء و دون شروط مسبقة خدمة لأبناء شعبنا المسيحي في العراق و كوردستان في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها بلدنا و شعبنا لنكون جميعا بقدر المسؤولية الملقاة على عاتقنا، لنخرج شعبنا من الخريف الذي يمر به ، نحو ربيع عمل مشترك يدعونا اليه غبطة ابينا البطريرك !


•   رابط المقال التي تم التطرق اليه اعلاه :
https://www.rudaw.net/arabic/opinion/110720162

آنو جوهر عبدالمسيح عبدوكا
السكرتير العام لتيار شلاما لشؤون المسيحيين
ماجستير في السياسة و العلاقات الدولية
28/12/2019