كهنة لايزورون المرضى ولايقرأون ولايؤلفون ولاهم يحزنون!
بولص آدم
نلاحظ ان الكاهن وبعد ( البوراخا ) يحضر جانبا من حفل الزفاف الأسطوري غالبا، حيث يتم اقتياد الحاضرين الى عالم المظاهر و الفرح الفوضوي الصاخب والدبكات البطولية، نلاحظ الكاهن يحمر وجهه ويحرص جاهدا في توزيع الأبتسامات ، والحق يقال، يعيش لحظات عزلة ايضا خلال هذه الأوقات ، فالكل منهمك بالحفل وهو حاضر وعليه ان لايتجاوز حدودا معينة وعليه ان يتسمر في مكانه محمر الوجه والابتسامة على وجهه ، حتى مغادرته بهدؤ وقلما يلحظ الآخرون ذلك. لست ضد ذلك ، فهو يلبي دعوة ، ويراعي تقليدا ادبيا ، عليه ان يحضر ولو لمدة دقائق.
غير ان نفس الكاهن، لايتقدم خطوة نحو مريض او مسن او انسان مأزوم او متوحد او متغرب او مسجون او مديون او غائب عن الخلق وغائب عن عائلته مدمنا او ضاربا مصيره ومصير ابنائه وبناته عرض الحائط في صالات القمار والخ.. اذا لم يقترب الكاهن من مرضى او خطاة، فهل هو من اجل القداديس و مواعيد الصلوات الكنسية الأخرى قد تقبل رتبته الكهنوتية فقط؟
لاحظت في زيارتي الأخيرة الى كندا بأن افواجا من المرضى وخاصة من اعمار تشملهم مسحة المرضى او اي تعبير آخر، هذا لوحصرنا المرضى في تلك الأعمار فغالبية ابناء شعبنا من تلك الأجيال تمر بظروف صحية تدمي القلب بآلامهم وظروف صعبة في حياة من يحيط بهم ايضا من عائلة او اقارب ، وتلك الأجيال المعطاءة المؤمنة المتفانية وبسنة الحياة فأنهم سيرحلون تباعا والأهتمام بهم هو من قبل ممرضين واطباء ومستشفيات فقط، اما الكاهن او من يمثل الكنيسة ولنقل شماس منها، فلا احد يأتي أو يتصل هاتفيا، اي انه غائب تماما، ونحن هنا لانتحدث عن حالات نادرة بل كحالة عامة.
ماذا يفعل هؤلاء الكهنة في أوقات الفراغ؟
هل يزدادون علما ويتثقون ويثرون مكتباتهم القومية وحتى الدينية بمختلف انواع العلوم والمعارف مثلما كان يفعل الراحلان سليمان الصائغ وانستاس الكرملي او د. يوسف حبي والخ من قائمة كهنة كانوا يخدمون كلمة الرب والأسرار وكل مايتعلق بشؤون الكنيسة الأخرى وكانوا يجمعون الأ طفال ويذهبون معهم الى نزهة قصيرة قريبة وكانوا اهل ايمان وثقافة وترجمة ورحمة وعطف وصلاة للمرضى ، مقتدين بآبائهم الأوائل حيث كان الكهنة أهل معرفة ورحمة وفي مقدمة الحكماء في عصورهم وكانوا يدهنون المريض بالزيت ويصلون له بلمس الرأس او اليد ، هل كانوا كهنة استثنائيين سابقي عصرهم ؟ كم رواية او كتاب فلسفة او كتاب تاريخ او طب والخ في مكتباتهم القومية، كم تحقيق وبحث في اللغة والتراث وانسانهم كوجود هناك، مئة، مئتين او حتى ألف، ذلك قليل جدا ويدل على ان كنائسهم القومية ورجالها القوميين مساهمتم من جهتهم قليلة ومكتباتهم القومية فقيرة، وتنحصر بالكتب الكنسية الدينية الخاصة بكنيستهم القومية فقط ونكرر ثانية، هل كان طيبي الذكر من كهنة الأيمان والمعرفة والرسائل المُلهمة والمصلين للمرضى وزائريهم، هل كانوا من كوكب آخر، ام ان الكاهن المعاصر، ربما يعاني من يباس روحي؟