المحرر موضوع: أقلمة العراق ... حقيقة أم ...  (زيارة 631 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل يلدا خوشابا يلدا

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 19
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
أقلمة العراق ... حقيقة أم ...

                                                               
يلدا خوشابا
Yaldadhi1953@gmail.com                                         

يبدو إن العديد من الملفات السياسية التي كان البعض يتردد في طرحها علنا في الساحة السياسية الوطنية، قد حان وقتها لتكون على طاولة النقاش ولو بشكل غير رسمي حاليا.
فبعد قرار مجلس النواب العراقي الأخير والقاضي بإخراج القوات الأجنبية من العراق، وعدم مشاركة الأكراد والسنة وعدد غير قليل من النواب من كتل أخرى، في الجلسة المخصصة لذلك، كانت الفرصة التي ينتظرها البعض للعودة من جديد للطروحا ت السابقة والمراد منها تطبيق نظام الفيدراليات في عراقنا الجديد، وهو طرح مطابق للدستور العراقي الذي أستفتي الشعب العراقي عليه. 
 ـ بالتأكيد لم تطبق مواد وفقرات الدستور كلها وفق ما يجب أن تكون، بل طبقت تبعا لمصالح هذا أو ذاك من الأطراف السياسية أو لمكون معين دون الآخر، من هنا فإن إصطياد الفرص لكسب المصالح المكوناتية هي عملية مشروعة ودستورية ـ
شخصيا أقف مع الطرح الذي يقول بأن فدرلة العراق هو الحل الأمثل لكل المشاكل التي نعاني منها، وهنا أشترط لهذه الموافقة أن تكون هذه الفدراليات ملتزمة بعدد من الأمورالبديهية ومن أهمها وحدة العراق والتوزيع العادل للثروات الوطنية، إضافة الى وحدة الجيش والسياسة الخارجية، فالنظام الفيدرالي تم تطبيقه في عدد كبير من دول العالم كانت نتائجه إيجابية دائما.
فمن مقارنة بسيطة بين أقليم كوردستان العراق في مجالات الأمن والإستقرار والإعمار والتطور والبنى التحتية مع أي محافظة عراقية أخرى، يدل بوضوح بأن النظام والحكومة الكوردستانية حققت نسبة كبيرة من التطور المطلوب، لا أقول بأن كل شيء هو كامل، ولكن على العموم نقول ليس في وضع باقي مناطق العراق، وهذا قطعا كان نتاجا للنظام الفيدرالي الذي تمتع به الإقليم منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي.
ملف فدرلة العراق كان مثار نقاشات مستفيضة بين الأحزاب والمؤسسات الوطنية العراقية بمختلف توجهاتها الفكرية، ولكن أبدا لم تكن لهذه النقاشات نتائج ملموسة على أرض الواقع لأسباب وتأثيرات دول الجوار العراقي أولا ومن ثم المصالح الحزبية والطائفية ثانيا.
اليوم وبالرغم من ما يمربه العراق من أحداث عصيبة وإختراق للسيادة الوطنية من قبل أمريكا وإيران ودول أخرى عديدة، وبالتالي باتت أرضه ساحة لتسوية الحسابات بين المتصارعين الأقوياء على ثرواته، وبالرغم أيضا من محاولات السلطة العراقية بالنأي عن هذه الصراعات ولو بالجانب الإعلامي فقط، لكنه أصبح جزءا من هذا الصراع بسبب تبعية البعض (وأقصد هنا الفصائل المسلحة خارج نطاق الدولة) لهذا الطرف أو ذاك، صار لزاما على مجلس النواب العراقي حسم الموضوع على الأقل في محاولة إلهاء ولتهدئة الشارع العراقي المنتفض والباحث عن وطن، ولكن أيضا هنا كان الخطأ أكبر من كل ما سبق من أخطاء، حيث أصبح الإنقسام بين المكونات العراقية واضحا جدا.
قرار إخراج القوات الأجنبية، أتخذ في مجلس النواب من قبل مكون واحد وهو المكون الشيعي، وتسريب فيديو لرئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي واضح جدا ـ  وأعتقد هنا بأن هذا التسريب  كان تعمدا لبغاية بعيدة المدى ـ وبناء على فقدان الثقة بين المكونات العراقية، والتي بموجبها كانت المحاصصة  وهذا إختراق للدستور ـ صارت المقاطقة للجلسة من قبل الأكراد والسنة والبعض من كوتا المسيحيين، وبالتالي أصبح الخلاف ليس مقصورا على الحصص والميزانية والمناصب، وإنما تعداه الى مستقبل العراق الموحد الذي أصبح مهددا، فلو أحسنا الظن بالجميع وحرصهم على وحدة العراق، فهل يصح أن نحسن الظن أيضا بالدول الإقليمية أو غيرها بعدم السعي الى ذلك؟؟؟
إذن القرار ولو أنه غير ملزم للحكومة التي هي أساسا حكومة تصريف الأعمال، وتصريحات وزير خارجية أمريكا بومبيو بأن السياسيين العراقيين يقولون في السر عكس ما يصرحون به في العلن، وموقف الشعب العراقي الرافض لخلق أزمات جديدة للوطن، كان أساسا قرارا للإستهلاك الإعلامي لإرضاء الجارة أيران والفصائل الموالية لها في الداخل العراقي، وهذا تأكد بعد يومين فقط من التصويت على القرار من خلال العديد من النواب والخبراء بأنه في حالة تطبيقه على أرض العراق، ستكون له عواقب أمنية وإقتصادية وسياسية كبيرة جدا والخاسر الوحيد سيكون العراق أرضا وشعبا.
إصرار مكون واحد في العراق لتطبيق القرار وإستخدام المصطلحات التي عفا الزمن عليها مثل الإستكبار العالمي والكرامة والمروءة والتحدي والقضايا العربية المصيرية،  أصبحت في حكم الماضي، ولسنا مجبورين كعراقيين أن ندفع ضراب الآخرين، فمن يريد أن يبقى على نفس المفهوم السابق فالطريق مفتوح أمامه بعيدا عن شعبنا العراقي ومستقبله الموعود.
شباب ساحة التحريرفي بغداد وباقي الساحات العراقية المنتفضة في كل المحافظات، اليوم هي أمثلة حية للتطور والمستقبل الذي نبغيه.     
وعن موقف شعبنا الكلداني السرياني الآشوري، أقول بأن الفدرلة وحسب إعتقادي ستكون لها آثار إيجابية كبيرة عليه، فمن ناحية يمكن تطوير مطالبه القومية أولا وسيتمكن من جديد أن يعود الى مناطقه آمنا ومستقرا، وتمثيله في السلطات الإدارية سيكون أكبر.
قد يقول البعض من القراء بأن طرح هكذا موضوع هو سابق لأوانه، ولكني أشعر بأنه سيتحقق قريبا نتيجة لقراءتي للمشهد السياسي الجديد في العراق، بعد الأحداث الأخيرة التي عصفت بوطننا يمينا ويسارا.
دعوة لأحزابنا السياسية ومؤسساتنا القومية بمختلف توجهاتها، أن تستعد لهكذا إحتمال من الآن،  لنتحاور ونتاقش وننسى الماضي وكفانا من التأخير الذي بات صفة لنا دائما، الآخرين لن ينتظرونا لنحسم أمرنا، لنكن على قدر المسؤولية لكي لا يلومنا الجيل القادم.