المحرر موضوع: عدو الله  (زيارة 832 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل بولص آدم

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1185
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
عدو الله
« في: 20:13 23/01/2020 »
عدو الله


بولص آدم

  وقف قس القرية على صخرة في بستان شموئيل، بينما كان هذا، يحفر تحت شجرة اللوز الى أسفل،  يحاول بمسحاة بيده حفر وأزالة تراب تحت صخرة تنضح قطرات ماء وقال لنفسه:
ـ هنا  تحت التراب عين،الرب وحده يمنعني من شق طريق الماء!
 صرخ القس فجأة:
ــ شُمو يا شُمو، أنت تعلم جزاء الخطيئة، توقف قلت لك، توقَّف!
تسمر شموئيل في مكانه ورأى الى القس الذي لم ينتظر رداً ونزل من فوق الصخرة وأختفى خلفها..
 فكَّر شموئيل بأن لا فائدة، فالقس سيعود ثانية، رمى مسحاته جانبا وانتحب، فألى متى يبقى تحت رحمة السقي بالمداورة على مياه القرية، كان الوقت الممنوح له قد أصبح أقصر مما للآخرين، بعد ان أتُّهِم بالتواطؤ مع المبشرين في محاولتهم فرض ما كان غريباً على الدير، أرتقى الصخرة ناصعة البياض، أخرج كيس التبغ من عٌبِّه، لف لفافة تبغ، سحب منها نفسا عميقا ونفث دخانها في زرقة جبل كارة في البعيد، حيث يسبح في الضباب، وصدى صوت القس في رأسه فأزداد الضباب سُمكاً، نظر الى السماء المثقلة بالغيوم ووجه كلامه اليها:
ــ يا أيها القدوس هناك، أكسِر رقبته!
 لم تمضي سوى ثلاثة ايام، كان قداس الأحد التالي، وبعد أن أنفض الجميع وتفرقوا، خرج القس من دير القرية القديم على مهل، شاكرا يسوع المسيح على كٌلِّ نعمة وانحدر مع الطريق الضيق بين الصخور، حيث ألتفت على نفسها أفعى رقطاء ثخينة، كان الجميع يسميها ب أفعى الدير، أخرج القس رقاقة خبز جافة من جيبه وكلّم الأفعى بصوت أجش هامس:
 ــ تَعالي الي يامخلوقة الربِّ، حتما أنت جوعى، أقبلت ألأفعى بهدؤ نحوه، أمتلأ القس رحمة وأدمعت عيناه، مَدَّ الرقاقة اليها، مَطَّت أفعى الدير نفسها، أصدرت فحيحا ولدغته من كفه!
  فعلت حكيمة القرية كل مابوسعها من أجل أنقاذ القس ، شرَّحت مكان اللدغة بسكين كانت في نار الحطب، ووسط صراخ القس مٌعرق الجسد، كانت تلهج بأسم المار وتصلي ساكبة ماء السماق على ذلك الجرح، تعصره وتمسح الدم بطرف شال أسود يلف رأسها، قال القس:
ــ صلي يامارثا، أُذكري أسم المار المقدس، كَرّري ولا تمَلي..
 دَخَلَ القسُّ في غيبوبة لم يفق منها أبداً..
 في المقبرة وتحت المطر، كان شموئيل، أشد الباكين والنائحين على روح القس، البكاء كان مريرا..
وضع شرطي الخيالة الوحيد في القرية يده على كتف شموئيل وقال:
ــ كفى، قسنا المحبوب حبيب المار سيبقى حياً والأفعى ستموت!
 قال شموئيل:
ـ تعال معي ياأخي لنبتعد، خُذ بندقيتك واتبعني، هناك تحت صخرتي البيضاء، أطلق علي رصاصة رحمة..
 ركض شمويل نحو الصخرة والآخر تبعه، عند وصولهما، بَرَكَ شموئيل وصرخ في وجه يوئيل الواقف قبالته ممسكاً ببندقية صيد ثقيلة:
ــ أُقتُلني في مكاني، أنا هو من طلب من السماء كسرَ رقبة القس.
 ركَلَهُ يوئيل ركلةً قوية، مَدَّ اليه البندقية وقال بغضب:
ــ انهض يا عدو الله، خذ البندقية وأبحث عنها، في قداس الأحد، نُريدٌ رأس الأفعى على طبق!