إهمال حقوق الضحايا مستمر من قبل الكنائس، ذكرى اختطاف واستشهاد المطران بولص فرج رحو القادمة ستتعرض إلى النسيان كالعادة.
ان إحدى اهم اسباب عدم اهتمام ابناء شعبنا بأية حقوق لهم تتعلق باهمال كبير جدا بقضية التذكير وتخليد حقوق الضحايا من أبناء شعبنا، فالشعب الذي لا يهتم بالتذكير بالضحايا بينه ولا يقوم بالتذكير بحقوق الضحايا بينه هو شعب حتما فاشل وبالتالي سيكون حتما شعب لن يهتم بأية حقوق له تذكر، هذا الإهمال الكبير قامت به الكنائس بالمرتبة الأولى واعمال الكنائس هي بمثابة مدرسة تعلم الرعية حول كيف عليهم أن يتصرفوا. والنتائج لا نراها فقط فيما قلت أعلاه، إذ ان هذه النتائج اضرت الكنائس نفسها، فنحن نرى الان رغبة كبيرة عند عدة كهنة في ترك ارض الوطن والانتقال إلى الخارج، هؤلاء براي لا أحد يستطيع انتقادهم، إذ لماذا عليهم أن يبقوا اذا كانت اية تضحية سيقومون بها سيكون نتيجتها الإهمال بحيث ان لا احد من سيتذكرهم. هذا الفشل الذريع مسؤولة عنه الكنائس.
مدى أهمية التذكير بالضحايا والتذكير بحقوقهم عبارة عن اكبر موضوع في العالم، وقامت بدراسته عدة مراكز ابحاث حول العالم واشترك فيها الالاف من المختصين، وعلى أساس هكذا دراسات ظهرت عدة نظريات سياسية منها نظرية العدالة الانتقالية Transitional justice وغيرها. ولكن إذا تحدثنا عن هكذا مواضيع مهمة جدا وشرحنا لماذا الاهتمام بها مهمة للغاية تأتي أجوبة سطحية جدا من البطاركة مثل " كفى مزايدات".
انا اليوم ساعيد شرح لماذا الاهتمام بحقوق الضحايا مهم جدا وهذا حتى يكون ذلك محاولة لنشر الوعي بين القراء ليقوموا بمراقبة وتقييم مواقف البطاركة.لماذا احياء ذكرى الضحايا من اهم الاولوليات؟
1- لان الدفاع عن حقوق الضحايا عبارة عن دفاع عن حقوق كل المجموعة التي تعرضت الى اضطهاد. اذ لا يمكن القول بان هناك من يدافع عن حقوق اي اشخاص او مجموعات في الوقت الذي لا يستذكر الضحايا.
2- الدفاع عن حقوق الضحايا واحياء ذكراهم هي الوحيدة التي تمكن الوقوف ضد الاجرام الذي حدث في الماضي ومنع تكرار حدوثه, الذي تكراره سيؤدي دائما الى وقوع ضحايا جدد.
3- الدفاع عن حقوق الضحايا وتحقيق حقوقهم هي الوحيدة التي تمكن لمعالجة الالام الماضي.
4- الدفاع عن حقوق الضحايا واستذكار ذكراهم وتحقيق حقوقهم هي الطريقة الوحيدة التي تفتح الطريق الصحيح نحو تحقيق عدالة صحيحة.
5- المجموعات التي لا تهتم بحقوق الضحايا فان اية دعاوى جنائية التي تقدمها الى اية جهات دولية مثل مجلس الامن او الامم المتحدة فانها لن تفيد ولن يهتم بها احد. لن يهتم احد باشخاص هم بانفسهم غير مهتمين بقضاياهم.
6- لن تاخذ اية لجان تحقيق اية قضية انتهاكات التي وقعت في الماضي القريب بجدية عندما لا تقوم المجموعة التي تملك الضحايا بالاهتمام باحياء ذكرى ضحاياها بنفسها اولا.
7- ان الاهمال في احياء ذكرى الضحايا سيرسل رسالة بان امر وقوع مستمر للضحايا هو شئ غير مهم, ومن هنا فان عملية اية اصلاح مؤوسسي دستوري ستصبح مستحيلة.
8- ان رفع مستوى الوعي الاخلاقي في عدة مجتمعات تطورت كان مرتبط بشكل مباشر باقامة المتاحف والنصب التذكارية للضحايا واحياء لا يتوقف لذكراها. وهذه نجدها بوضوح في بلدان مثل المانيا.
9- لن تهتم اية ادارات حكومية او قانونية باية عمليات المحاسبة والاقصاص ضد المجرمين اذا كان هناك اهمال في احياء ذكرى الضحايا.
10 - رفع مستوى الوعي الاخلاقي هو الطريق نحو تحقيق المصالحة في اي مجتمع, وهذه مستحيلة بدون احياء ذكرى الضحايا.
11- عدم احياء ذكرى الضحايا سيؤدي الى ان تمتنع اية جهات اخرى عن تقديم اي اعتراف علني بالظلم والاظهاد والابادة الجماعية التي حدثت.
12- بناء ثقافة الديمقراطية هي عبارة عن عملية مستحيلة بدون اهتمام بحقوق الضحايا لان ذلك سيعني بان ليس هناك مكافحة للافلات من المحاسبة.
13- اهمال الضحايا وعدم تذكرهم من قبل المجتمع سيؤدي دائما الى شعور مستمر بالظلم والاهانة.
14- مبادئ حقوق الانسان كلها مبنية على اساس واحد فقط وهوالواجب الاخلاقي في تذكر الضحايا ومواجهة الماضي والاعتراف به.
هذه عبارة عن عدة نقاط ولكنها ليست كلها, فانا ذكرت بعضها لكي اختصر المقالة.
ان عملية احياء ذكرى الضحايا عبارة عن اهم حدث في عدة مجتمعات ويحضى باولوية قصوى, فهناك مئات الالاف الذين يحملون الشموع والورود وصور الضحايا يخرجون في مسيرات في الشوارع, هناك قداديس ضخمة يحضرها مئات الالاف تقام في كل كنائس تلك الشعوب ويتم تخصيصها فقط لاستذكار الضحايا بشكل واضح جدا ومركز جدا. هناك في مجتمعات زيارات للنصب التذكارية والمتاحف التذكارية للضحايا يصاحبها سموفنيات وحضور كبير جدا....الخ ولكن بامكان اي قارئ ان يبحث بنفسه حول كيف يتم احياء ذكرى الضحايا ومدى اهمية الحدث عند عدة مجتمعات.