المحرر موضوع: مازال شبح الثامن من شباط الأسود مخيِّما على العراق  (زيارة 618 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل خالد جواد شبيل

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 70
    • مشاهدة الملف الشخصي
مازال شبح الثامن من شباط الأسود مخيِّما على العراق
خالد جواد شبيل
كلما حلّ شهر شباط تحلّ معه ذكرى أليمة في الثامن منه وكلما حل رمضان تحلّ في الرابع عشر منه ذكرى معتمة تعكر بهجة الشهر المبارك! هي ذكرى واحدة في التأريخين من عام 1963..
يوم اغتيلت ثورة تفجرت في الرابع عشر من شهر تموز عام 1958، حين قاد الضباط الأحرار انقلاباً ثورياً بانت ملامحه الأولى منذ البيان الأول الذي إذيع فجر ذلك اليوم حيث قُضي على النظام الملكي العميل، وأعلن قيام الجمهورية العراقية، لتخرج الجماهير بشكل عفوي الى الشارع، وكانت البهجة بإزالة كابوس حكم عميل واستبشر الشعب بكل طبقاته وفئاته -لا سيما المسحوقة والفقيرة والمستغلة من فلاحين وعمال وكسبة - خيراً من هذا التغيير..
وفعلا فقد أنجزت الثورة بقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم - الذي حاز على ثقة الشعب - الكثير من المنجزات لصالح الفئات المسحوقة، من بناء المدارس والمستشفيات وضمان السكن وتمليكه للفقراء، وقانون الإصلاح الزراعي وقانون رقم 80 في تحديد وتخصيص الآبار النفطية للشركات الأجنبية والخروج من حلف بغداد وتحرير العملة العراقية من سطوة الاسترليني، بما يعزز الاستقلال السياسي والأقتصادي ناهيك عن التحولات الاجتماعية العميقة من تشجيع الصناعات الوطنية ومشاريعاً هامة للبناء والتعمير وبناء دور الثقافة ومناصرة المرأة العراقية وتشريع قانون الأحوال المدنية التقدمي الذي يعد مع القانون التونسي في طليعة قوانين دعم العلاقات الأسرية وضمان حق المراة الذي أرعب بعض رجال الدين المشبوهين.. ودعم قضية فلسطين ومساعدة الثورة الجزائرية وكل حركات التحرر في العالم..   
لا شك أن هذه التحولات العميقة الثورية قد وحّدت أعداء الثورة من رجعيين ومُلاً ك الأراضي والبرجوازية الكمبرادورية والقوى القومية عربية وكردية التي تضررت مصالحها ومراكزها السياسية والاقتصادية وتحالفت مع الزعيم جمال عبد الناصر الذي ناصب الثورة العراقية العداء مذ سمع بها وكان في موسكو حيث قال: الشباب العراقيون مندفعون قوي وسرقوا الأضواء مننا !! ومع شركات النفظ المتحالفة مع الشاه للتأمر المكشوف بقيادة عبد السلام عارف ، ومن ثم مؤامرة عبد الوهاب الشواف في الموصل، ومن ثم أحداث كركوك المؤسفة..
لقد ساعد على استمرار التآمر سياسة الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم ونزعته الفردية وابتعاده عن أصدقائه الحقيقيين من شيوعيين وديمقراطيين والزج بهم في السجون بينما كانت حركات القوى الرجعية والقومية مكشوفة، وارجع العسكريين المعادين للثورة الى مواقع في الدولة والمؤسسات العسكرية مما مهد الطريق للقيام بالمؤامرة، ولم ينفع تحذير الشيوعينين لقاسم من أن مؤامرة كبيرة ستنفذ ولم يعمل ما يلزم لاجتثاث المتآمرين الذين نجحوا بتنفيذ انقلاب دموي رجعي قومي مدعوم من أمريكا وشركات النفط ومن عبد الناصر تحديدا .. في يوم الجمعة الثامن من شباط الموافق الرابع عشر من شهر رمضان..
لقد استبسل الشيوعيون واليساريون في الدفاع عن الجمهورية ولكن دون جدوى فانعدام السلاح والعتاد لم يسعفهم.. لقد تبوأ البعثيون والقوميون الناصريون على مقاليد الحكم ثم انفرد البعثيون وميليشياتهم المسماة الحرس القومي في القتل وفق قانون رقم 13 السيء الصيت في إبادة الشيوعيين، ناهيك عن اعتقال الألوف من خيرة القوى الحية من الشعب رجالا ونساء وحتى أطفالا لتمتلا السجون وتفيض وتستخدم الملاعب والمدارس والمكتبات العامة لتكون مراكز تعذيب وانتزاع الاعترافات بالقوة بأساليب بربرية بشعة خاصة في قصر النهاية والنادي الأولمبي ومركز شرطة الفضل والأعظمية...الخ، ولم تبق عائلة لم يطال أحد أبنائها وبناتها الاعتقال..
في الثامن من شباط نستذكر البطولات الملحمية للشيوعيين واليساريين من رجال السياسة التقدميين وكبار العسكريين  والعلماء والأطباء والمهندسين والمعلمين والعمال والفلاحين والكسبة ومن كل فئات الشعب الذين صمدوا وبرهنوا على حيوية الشعب العراقي والذين أورثوا الأجيال الصاعدة بطولات وتضحيات ملحمية..
لم تكن ثورة الرابع عشر من تموز خالية من الأخطاء وخاصة إعدام العائلة المركلية والخدم والطباخ! بسبب يرجع الى رعونة عبد السلام عارف وتهوره كما تشير بعض المؤشرات والقرئن حين بارك المجزرة وكان فرحا جذلا بتنفيذها..
منذ القضاء على الجمهورية الأولى لم يعرف العراق الاستقرار سوى فترة سنتين من حكم طيب الذكر الرئيس عبد الرحمن عارف.. ثم جاء البعث  ثانية في السابع عشر من تموز عام 1968 بانقلاب مشبوه ليعيد ممارساته الدموية وليفتح مشاريع المقابر الجماعية،،،، ثم سلموا العراق للأمريكان على طبق من ذهب رغم توفر الجيش الشعبي والتسليح الممتاز للجيش العراقي، لقد تركوا الأسلحة في مخازنها وذهبوا الى بيوتهم إيثاراً للعافية.. في حين ذهب القائد الضرورة ليقبع في حفرة ويخرج منها أغبر منكوث الشعر ولم يستخدم رشاشين ومسدس كانت معه على الأقل دفاعاً عن النفس!!
واليوم ينتفض الشباب العراقي سليل التقاليد الثورية ضد حكومة الإسلام السياسي الفاسدة، العميلة المزدوجة للأمريكان ولإيران والغارقة الى أُذنيها في الفساد والجريمة..
 لقد سطر المنتفضون ومازالوا أروع البطولات وجادوا بأرواحهم ودمائهم في بغداد البطلة والناصرية البطلة والنجف البطلة أمام الذيول الأسفال من ملثمين أولاً، ومن أصحاب القبعات الزرق ومن على شاكلتهم من أرباب الجرائم ولم يعلموا أن يوم النصر آت قريب!!
السابع من شباط /فبراير2020