المحرر موضوع: تحايلت على فايروس الكورونا  (زيارة 1054 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل شمعون كوسا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 201
    • مشاهدة الملف الشخصي
تحايلت على فايروس الكورونا
شمعون كوسا

غدونا نسمع ونرى الغرائب في هذه الازمان . كان اسم كورونا يُطلق على احدى  سيارات تويوتا ، والان اضح الفايروس  يحمل هذا الاسم ، كأن الاوبئة لم يكفِها انتحال اسماء الطيور والحيوانات ، كانفلونزا الطيور وانفلونزا الخنازير وغيرها . من يدري  ، لربما  في نفس هذا  السياق ، سنسمع يوما  بفايروسات ارقى مرتبة ، تحمل اسم المارسيدس  أو الروس رايس ، طالما التطور والتلوث يسيران جنبا الى جنب.
اضطررتُ للخروج في خضمّ أزمة الكورونا ، متحدّياً التعليمات التي كانت تدعو الناس للإعتكاف داخل البيوت ، والتوصيات التي كانت تقضي بتجنب الجمهرة ، والابتعاد عمّن يعطسون فيطلقون العنان لكمّْ هائل من رذاذ الريق وفضلات الطعام الاخرى التي ترشها افواههم . بهذا الخصوص وبين قوسين ، أعادتني الذكريات الى ايام  معهد ما يوحنا الحبيب ، حيث كان احد التلاميذ إذا تكلم ،  كان كلّ حرف يتفوه به ، تصاحبه كمية من جزيئات الريق ،  والمصيبة كانت تقع إذا ضحك هذا الرشاش . كنتُ اقول مازحا لزملائي آنذاك : عند الاضطرار للتكلم مع هذه الشخص ، يجب التزوّد بواقية مطرية (شمسية) واحدة على الاقل . والمصيبة كانت تبلغ اوجها  عندما كان ينفخ اخونا فمَه تهيؤاً للانفجار من شدة الضحك ، فانه كان قادرا على إرواء مساحة لا بأس بها من الحديقة  !!!
عودةً الى موضوعنا ، تركتُ البيت وبدأت السير في شوارع شبه مقفرة ، كنت ارى نفسي وكأني في يوم انكسفت فيها الشمس ، او في حالة طوارئ . قلتُ ، سأختار اقصر المسافات للوصول الى موعد مهم كنت قد ارتبطت به. بضع خطوات ، كانت كافية لوضعي أمام حاجز منيع للفايروسات . لم يكن خوفي من شئ سوى عدوى الاصابة بفايروس الكورونا.  وضعتُ احدى كماماتي  واخترقت الحاجز مسرعا . حاولتْ بعض العناصر ملاحقتي ولكنها فشلت لاني  كنت قد نجحت في اجتياز المنطقة المحرّمة.
لم اكن قد إلتقطت انفاسي  كاملا ، عندما اوشكت الوقوع في كمين آخر . قلتُ ، سأختار طريق البساتين محاولة منّي للالتفاف على منطقة الخطر  ، فاتجهت الى اقرب بستان مسيّج . قفزت فوق السياج  ولكني وجدت نفسي في وجه فايروسين كانا يتربصان بيّ ،   فالتصقا برأسي على الفور. بحركة قوية من يديّ استطعت إبعادهما . غذّيتُ السير نحو مخرج آخر لم تكن هذه الدوريات قد بسطت سيطرتها عليه.  بالرغم من وضعي المتأزم ، لم تكن تبارحني ذكريات الماضي .  ذكّرني الموقف بايام  العراقيين المؤلمة . اعادتني  هذه الموانع والنقاط الخطرة ، الى ايام حملات الجيش الشعبي وكمائنه في الشوارع . كلّما كنا نسمع بحملة وشيكة ، كنّا نستكشف الطريق قبل الخروج من البيت . ولقد اضطررت عدة مرات  للعودة من نصف الطريق ،  لاني لمحتُ مجموعة مسلحين منهمكين  في ايقاف السيارات والمارّة ، لاكمال العدد المطلوب ، غير آبهين بحالة الشخص ، اذا كان سليما او معاقا .
ولكي لا ابتعد عن موضوعي ، سلكتُ طريقا ضيّقا . معتقدا بان الفايروسات سوف لن تهتدي اليه  . بدأت اغني كي اقنع نفسي بان الوضع طبيعي . لم يطل موّالي كثيرا عندما أحسست بمخلوق قد التصق بيّ . بدأت اركض وانفض جسمي واحرك يداي بكل الاتجاهات  ، تأكدتُ من وضع الكمام ووليت هاربا.
بدأتِ السماءُ تمطر ، فقلت لعلّ المطر سيخفف من نشاطها ، ولكن المطر لم يغير شيئا . كانت بعض الفايروسات قد اختارت الاشجار مسكنا  . هبطتْ عليّ بعض منها بصورة مفاجئة ، خِلتُها  وكأنها تسألني عن سبب خروجي ونقطة اتجاهي ، فقلت لها :  انا رجل مريض وسوف لن تجنوا  فائدة من إيذائي ، لاني قد نلتُ نصيبي من الامراض المزمنة ، فبدأت الفايروسات تضحك وصارت تحوم حولي ، هربت من جديد ونجوت .
بالرغم من اهمية موعدي ، تندمت كثيلرا  لخروجي في هذا اليوم ، لاني ، في وسط هذا العدوان الكثيف ، سوف لن افلح في انقاذ جلدي . قررتُ العودة ، معتبرا بكل ثقة باني سوف لن اتعرض للملاحقة او المحاسبة من نقاط سبق وان عبرتها .
ارتأيت سلوك طريق مقفر . قطعت مسافة لا بأس بها دون الاصطدام باي كائن من هذه الكائنات الخيّرة ، غير ان حالة اطمئناني لم تدم كثيرا ، لاني ابصرت  سربا كاملا من الفايروسات يتّجه نحوي. تأكدت من جديد من وضع كمامتي ،  وسرت دون اكتراث وكأن الموضوع لا يخصني . ولكني تفاجأت بخليّة  كاملة تتجه نحو انفي وبعض منها اتخذ اذاني وشعري هدفا. 
كانت قد ضاقت بي الحيل ، وفي حيرتي قلت في سرّ نفسي : لو كان هؤلاء  بشرا ، لكنت قد رشوتهم ، ولكني  لم اجد مفرا اخرا غير الهرب  من جديد ، والقيام بحركات سريعة بيديّ ورجلي وكل جسمي وكأني في حالة رقص هستيرية. قلت سأختار وضعية الانبطاح  ، علّها عند رؤيتي ، سترأف  بحالي او تعتبرني  قد فارقت الحياة . تمددت على الارض فعلا ، فهبّت اعداد كثيرة لتفحص الوضع . حبستُ انفاسي قليلا ، لاعباً دور الجثة الهامدة ، ولحسن الحظ ، قبل ان اختنق ، شعرتُ  بان الاخوة كانوا قد غادروا المنطقة .
إذا كانت وضعية الانبطاح انقذتني هنا ، هل سيكون  بوسعي الوصول الى البيت متدحرجا ؟!!  إستأنفتُ سيري ، وصادفت شخصين  يركضان نحوي ويحذراني من الاستمرار ، لان مجموعات كبيرة من هذه الفايروسات ومن اصناف خاصة ، كانت تتأهب لهجوم شامل . ارشدني هذان الشخصان الى طريق وَعِر لم تكن الفايروسات قد اهتدت اليه .  سلكت هذا الطريق  وانا حريص على عدم احداث ايّ حركة تجلب الانتباه ، فاستطعت أخيرا ، وبعد سير بطئ الدخول الى البيت .
شكرتُ الله على اجتياز الخطر . عند المساء ، احسستُ بحرارة وضيق نفس ، فقلت حتما انها الكورونا اللعينة ، فاتصلت بطبيب اتاني الى البيت ، وبعد الفحص قال لي ، ليست الكورونا ولكنها الانفلونزا !!! 
لقد قمت بالمستحيل كي لا اصاب بالكورونا ، فرأيت نفسي طريح الفراش جرّاء انفلونزا لم تكن بالحسبان .   أودّ الاختتام بالقول : إن الإعلام يبالغ  كثيرا في هذا الموضوع بالذات ، بحيث اصابة شخص واحد أمست  تطغي على الاخبار كلها . يتم نسيان الاف الاموات الذين يذهبون ضحية حرب او أمراض اخرى ،  الملايين الذين يخطفهم السرطان سنويا ، مئات الالاف من الذين يموتون جراء مختلف الانفلونزات الموسمية، أليست هذه حالات مهمة ؟ الا تحمل اجسامنا نِسَباً مختلفة من كافة الامراض،  قد تظهر او لا تظهر في فترة من حياتنا ؟ لقد تعطلت الحياة كاملا ، في بعض المدن بسبب هذا الفايروس ،  علما بانه لم يذهب لحدّ الان غير ثلاثة الاف شخص في العالم كله بما فيه الصين . اين آلاف الاطفال الذين يموتون جوعا ؟ اين الاهتمام والحرص بعشرات الالوف ممّن شردهم هذه الايام  سلطان تركيا ، في هذا البرد القارس كالكلاب ، ليواجهوا حدودا مغلقة .
من جهة اخرى ، اقول : لقد تقدّمنا  في العلم وتطورنا ، ولكن الاخطار والامراض تطورت وتنوعت معنا . في ايامنا يحذّرون الناس من التصافح ، قد يأتي يوم سيصبح مجرد النظر خطرا على صحة الانسان . كان الله بعون الاجيال المقبلة . لا اريد القول : اين الايام التي كانت الطبيعة تسيّرنا ، ولا نأبه لا للفايروس ولا لغيره ، كنا نُمضي اياما سعيدة ، لاننا كنا نأخذ الحياة ببساطة ودون تعقيد رغم صعوبتها.
 .



غير متصل وليد حنا بيداويد

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 3064
    • مشاهدة الملف الشخصي
رد: تحايلت على فايروس الكورونا
« رد #1 في: 17:29 03/03/2020 »
الكاتب القدير شمعون كوسا المحترم
بعد التحية

فيروس  كورونا الغير مرئي زرع في البشر هذا الكائن العملاق بعقله وفكره وعظيم كبريائه الفارغة وصلافته وتعاليه، زرع في البشر مرض جنون البقر فلا يعرف الانسان ماذا يفعل لكي لا يصاب بهذا المرض.
هكذا هو البشر لا يتنازل للاخر واليوم خضع لهذا الفيروس
ابعدنا واياكم والجميع والبشرية جمعاء، الامراض والفيروسات ومنها الفيروسات الكبيرة المرئية ذو الرجلين التي اصابت العراق كالتي في المنطقة الخضراء
احترامي

غير متصل شمعون كوسـا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 219
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: تحايلت على فايروس الكورونا
« رد #2 في: 11:59 04/03/2020 »
اخي وليد

شكرا لمداخلتك التي اعتز بها . الانسان بالرغم من عظمته يبقى ضعيفا وحياته عبارة عن طريق محفوف بالاخطار وعلى اية حال نهايته هي السقوط فالموت. الحياة مليئة بالاوبئة والفايروسات ولقد تعرضت البشرية للطاعون للملاريا ، للتيفوئيد ، للتدرن ، للجدري والانفلونزات العصرية والسرطان والايدز وغيرها ، ولقد ذهب الملايين ضحايا هذه الاوبئة والامراض . هذه هي الحياة ولا يجب ان يخضع الانسان لحالة الرعب التي خلقتها وسائل الاعلام. يجب ان يحتاط على قدر الامكان ويعيش حياة طبيعيةلاسيما وان هذا الفايروس لا يقتل الا الذين انعدمت مناعتهم.حفظك الله

غير متصل نيسان سمو الهوزي

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 3606
    • مشاهدة الملف الشخصي
رد: تحايلت على فايروس الكورونا
« رد #3 في: 19:53 04/03/2020 »
الاستاذ شمعون كوسا : لا نقدر ان نتدخل في تفاصيل تعامل الانسان مع الأزمات العالمية ومنها القتل والتشريد مقارنة بالفيروس الجديد ( هذا موضوع معقد ومستمر منذ ادراك البشر للشر ) ولكن الفيروس الجديد هو فعلاً افة سريعة الانتقال والعدوى وقد يشل حركة مزن ودوّل بأكملها وقد يقتل الملايين من الكهلة او ضعيفي المقاومة لأسباب بسيطة وهذا هو الخطر فيه . اما الأمراض الاخرى كالسرطان والايدز وغيرها فقد تحدث الانسان عنها بشكل وافي وكبير لعقود طويلة وهي يدخر المليارات لاكتشاف داء لها ولكن الفرق هنا هو سرعه وسهولة انتقال الكورونا عن باقي الأمراض كالمذكورة !
كذلك تكمن الخطورة في صعوبة إيجاد الاسرة الكافية لعزل المصاب في الكثير من الدول وخاصة الفقيرة اذا ما انتشر المرض ! فكماترى في ايران لا يسمحون بالحجر على المريض بحجة انها طريقة غير فعالة ولكن في الأصح هو عدم قدرتهم على إيجاد الأماكن الكافية الخاصة في عزل المريض ( يعني يكذبون مثل كل مرة ) في حالة انتشار المرض بشكل كبير وسريع سوف تعجز اكثر الدول المتقدمة في إمكانية الرعاية والعناية والعزل الصحيح وهنا سوف تكون الافة طردية في طريقة انتشارها وهذا هو الخطر الحقيقي فيه !
اتمنى ان يتخلص الانسان منها بأقل الخسائر ! بالمناسبة حسب وصفك لخارطة سيرك تذكرت حركات بروسلي السريعة ! شنو كنت لاعب تايكواندو في السابق ! ههههه
تمنياتنا بالصحة للجميع . 

غير متصل شمعون كوسـا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 219
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: تحايلت على فايروس الكورونا
« رد #4 في: 11:55 05/03/2020 »
اخي نيسان

اشكرك على اطلالتك التي اعتز بها. فعلا كما ذكرت ان  الخطر يحدق بصورة خاصة  بالمتقدمين في السن لا سيما الذين قد اختارت الامراض المزمنه اجسامهم مستقرا لها . هذا صحيح ولكنهم قد بالغوا كثيرا . في بعض المدن قد شلت الحياة . وانهم يتخبطون في تصرفاتهم ، يمنعون سوقا مفتوحا ويرخصون سوبر ماركتا كبيرا . وهل بوسعهم ابعاد الممرضة والطبيب والمعلم بصورة منتظمة ؟ والى متى . انه فايروس جديد يجهلون خواصه ، هذه مشكلتهم . ارجو بان يكتشفوا لقاحا سريعا فعالا وهذا يتطلب مدة سنة تقريبا . حمانا الله من كل سوء . اما عن التايكواندو والجودو فانا لم امارسهما ولكنه يقال باني كنت سريع الحركة في صباي. حقظك الله