ولكن هناك نقطة مهمة : هذه هي من اصعب وأعسر النقاط وهنا سوف أستشير رأيك فيها عسى ولعله نصل الى نقطة مقبولة او مقنعة ومفيدة للجميع ! النقطة هي مشكلة تخلف وعدم ادراك البعض لأسس الحياة الصحيحة وعلم المنطق والمؤثر الرئيسي في تغير وتطوير الأحداث وغيرها كالعامل الاقتصادي مثلاً وعالم اللاهوت وغيرها ! الموضوع معقد ومتشابك ومن الصعب طرحه بأي طريقة تقنع الجميع او الاغلب لا بل قد يقودنا الى تنافر وتباعد اكثر ! حتى لا اعقد الموضوع المذكور سأتي ببعض الأمثلة البسيطة حتى تكون الفكرة واضحة .
كالأشخاص الذين ينسبون كل شيء الى الإرادة الإلهية ، مثل الكوارث والامراض وطرق علاجها ووووالخ ! كيف سيكون النقاش مع الهؤلاء دون ذكر الحقيقة والتي هي عدوة افكارهم ومعتقداتهم ! مشكلة القومية والطائفية التي هي في الحقيقة موروث يقترب الى الدين وبذلك يكون من المحرم اختراقه او محاولة تغيرها وهي بالتالي أفيون الشعوب والتقدم والتطور والتحرر ! كيف ستتعامل مع هؤلاء المتجمدين في هذا القالب .
مشكلة الاديان نفسها وانت سيد العارفين تأثير ذلك على اغلب تصرفات البشر المؤمنون به فكيف سيكون الحال معهم ( انظر مصائب العالم الاسلامي نتيجة تلك العقلية ) !
أفكار الانسان المتحرر في مسألة حقوق المرأة ( مثلاً ) ونظرته الى الاخرين وافكارهم ومعتقداتهم ورغبته في الانتماء الى هذا الطرف او ذاك وتأيده لهذا الطرف او ذاك وهكذا !
هناك عشرات الأمثلة والتي تقودنا بسبب عدم تأييدنا لها الى نزاعات شخصية اكثر مما هي اختلافات الآراء وكل ذلك بسبب الجهل او التخلف ( مع تحفظي لهذا الوصف ) او عدم الدراية لسبب او آخر ووووووو الخ فكيف سيكون الحل مع هذه المعضلة والتي نحن فيها وبشكل مباشر يومياً ! كيف نستطيع او تستطيع ان تغير من هذه الأفكار الخاطئة دون التأثير الشخصي على أصحابها او مالكيها فكرياً وإيماناً !
تحية طيبة وأتمنى ان نصل الى نقطة تقربنا من البعض في كل شيء وليس الأفكار فقط .
هذه الأسئلة يمكن تقسيمها الى عدة اقسام:
1-الفقرة التي تخص العالم الإسلامي فهذه ضع عليها علامة X، فهذه دول دكتاتورية ولا يشملها كل ما قلته. صفات مثل هذا كافر و مرتد، هذه لا يمكن انهائها هكذا بسهولة. ولكن دعنا نبقى ضمن النقاشات ضمن المنتديات، المنتديات الحوارية.
2-النقاط التي تشير فيها إلى بعض النقاشات التي تحدث هنا مثل القومية فهي انت تستطيع أن ترفضها أيضا لان غرضك ليس كريه وبغيض وإنما لأنك ترى بأن هذا سيكون الافضل، لأنك مثلا تجد بأن هذا سيؤدي الي التركيز على نقاط انت تجدها اهم وأفضل للاخرين. وبنفس الطريقة يستطيع شخص آخر ان يطرح العكس ليقول بأن التمسك بالقومية سيكون الأفضل وهذا أيضا انطلاقا من اغراض ليست كريهة وبغيضة وإنما يجدها خيرة مثل ان القومية ستساعد على التمسك باللغة الام وبارض الأجداد الخ.
في هذه الحالات فكما قلت انت ايضا فإن الاحتكام للمنطق ضروري جدا. هذا سيعني ان يطرح كل شخص أفكاره كفرضيات ومن ثم يحاول ان يدعمها باستعمال حجج منطقية ويحاول اقناع الآخرين بها.
السؤال هنا هو: لماذا الاحتكام للمنطق صعب عندنا؟
وقبل ذلك من أين جاء المنطق؟
كان في قديم الزمان شخصان في اليونان القديمة يتجادلان وكل واحد منهم يقول بانه يملك الحقيقة وهذا استمر إلى أن قال أحدهم" وهل تستطيع أن تبرهن ذلك" عندها بداء المنطق بالتطور وعلى أساس المنطق ظهرت مناهج علمية وتم اشتاق قوانين ودساتير الخ، وهذه العملية عندما نحن نتحدث عنها بأنها استغرقت 2000 سنة في أوربا، فنحن فقط ننظر ونتحدث عن تاريخ في زمان الماضي وعن مكان وهو أوربا التي نحن لم نعش فيها، الشرقيين لم يعيشوا عملية تطور المنطق ولم يروا كيف سارت هذه العملية. ولكن الاوربيين عاشو وراوا بأم عينهم كيف تطور المنطق ببطئ، فهم عاشو هذا التطور وكان جزء من حياتهم، يتحدثون عنه في الساحات وفي الإعلام وفي الكتب والمناظرات الخ، ولهذا أصبح المنطق جزء من حياتهم وأصبح جزء من ممارساتهم وثقافتهم. اما في الشرق فالمنطق لا يشكل شئ يعيشونه، ولهذا يبدوا للكثيرين غريب جدا. المنطق اذن لم يكن جزء من الشرق، ففي الشرق ظهر تعود بين الكتاب حول "انت قم بتجميل كتاباتي وانا بالمقابل اقوم بتجميل كتاباتك".
وهذه كانت إحدى الأسباب حول لماذا هناك صعوبة. ولهذا هناك أيضا تشتت وتبعثر عند استخدام المنطق. فالشرقين يتعاملون بعاطفة مع المواضيع التي تتطلب موضوعية، ويتعاملون بموضوعية مع المواضيع العاطفية. الزواج مثلا هو موضوع عاطفي يتعاملون معه بموضوعية، التكاليف الربح الخسارة الخ. السياسة موضوع موضوعي ولكن يتعاملون معها بعاطفة، علاقات حب وكره، هناك من يحب الماركسية ويكره الراسمالية الخ.
وماذا عن البقية؟ هناك نسبة قليلة التي تميل الي الشرح واستعمال المنطق ولكن هذه النسبة بحد ذاتها الاغلبية فيها يستعملون معرفة عفا عليها الزمن ولم يعد احد يعترف بها. في الشرق وللأسف الشديد هناك العديدين عندما يكتبون فإنهم يصورون أنفسهم مصلحين اجتماعين او منقذين، هذه الأفكار الغريبة الأطوار لا وجود لها في الغرب. في النقاشات في الغرب هناك فقط طرح مواضيع للمناقشة لغرض تحريك الفكر وتبادل الافكار، وكل شخص يعرف مسبقا بأن هناك من سيتقبل أفكاره وهناك من سيرفضها، وهنا عليه أن يأتي بحجج أقوى لاقناع الآخرين. في الغرب ليس هناك من يكتب ويصور نفسه مصلح اجتماعي او منقذ.
ولكن هل هناك مشاكل أخرى؟
اكبر مشكلة هي مشكلة تقبل افكار الاخر. هذه الفقرة في الشرق عبارة عن تنازل الذي لا أحد مستعد بأن يتقبله. في الغرب قضية تقبل افكار الاخر لا تعني اطلاقا بأن الذي يتقبلها أصبح يؤمن بها، بل هو يتقبلها لكي تصبح عملية مناقشتها ممكنة. وأفضل مثال قد يكون المواضيع المتعلقة بالدين، اذا طرح شخص افكار معينة منتقدة، فهنا سيكون على الآخرين تقبل هذه الأفكار، فتقبلها لا يعني الإيمان بها، وإنما لغرض ان يكون هناك إمكانية مناقشتها، إذ لو لم يتقبلها الآخرين من البداية، فهل يمكن أن يكون هناك مناقشة؟ كلا. وهذا يشمل كل المواضيع وليس الدين فقط.
ولهذا لنعود للمثال اعلاه: اذا انت او انا نمتلك افكار مختلفة عن القومية سيكون علينا أن نتحدث ليس كمصلحين اجتماعين وإنما اننا نملك فرضيات ونحن ندعمها بحجج لنقنع الآخرين، وهنا عندما تطرح أفكارك فعلي تقبلها في البداية وعندما اطرح أفكاري عليك تقبلها في البداية وهكذا فقط سيكون النقاش ممكنا. وفي كل الأحوال سيكون علينا اعتبار كل نقاشنا بأنه تحريك للفكر وتحريك للافكار وتبادل المعرفة. وما قلته أعلاه يشمل اي موضوع اخر. كل هذا سيبدوا وكأننا، انا وانت وضعنا شروط حول كيف نريد أن يكون نقاشنا وكيف عليه أن يبدو. وهذا بالضبط ما تفعله المنتديات الغربية الناجحة.
طيب، اذا كتب شخص ما موضوع فهل علينا أن نعتقد بأن نيته خيرة ام لا؟
النظرة إلى الاخر، هذه نقطة أخرى عويصة. الغربي عندما يلتقي شخص آخر لأول مرة فيخمن فورا بأن المقابل شخص يملك نية خيرة إلى أن يثبت العكس، وهذا هو اسلوب المنطقي في القانون، المتهم برئ إلى أن تصبح الاحتمالات في انه ليس برئ ضعيفة للغاية. أما الشرقي فإنه عندما يلتقي شخص ما لأول مرة فإنه يخمن فورا بانه يمتلك نية سيئة إلى أن يثبت العكس، طيب كم الفترة المقترحة ليثبت العكس؟ أربعة سنوات او عشرة؟ او عشرين؟
ولأن التخمين يكون فورا بأن المقابل يمتلك نية سيئة فلهذا هناك رياضة شعبية منتشرة وهي استخدام جمل مثل " مرتزقة... هذا يكتب لان هناك من يدفع له.... هذا شخص مدفوع الثمن... باع كل شئ بابخس ثمن.... خونة... وعميل... الخ" وهذه طبعا ممزوجة بكثرة التأثر بالعيش ضمن الثقافة العربية. هكذا يصبح النقاش مستحيلا.
الطريقة الصحيحة هي ان يكون من حق أي شخص طرح الأفكار التي يريد مناقشتها، وعلى الآخرين ان يخمنوا ويفترضوا من البداية بانه يمتلك نية خيرة. ولكن عندما يرى بقية المشاركين بأن هناك أشخاص يمتلكون اسلوب غرضه كريه وبغيض ويقومون بتكراره، فهنا هي من مسؤولية كل المشاركين في أن يتحملوا مسؤولية الدفاع عن منتدى جدي في الحوار والنقاش وبأن يقولوا لهؤلاء بأن اسلوبهم مرفوض تماما. وليس هناك حل آخر سوى تحمل المسؤولية.
هذه كانت نقاط رأيت ان اذكرها وهي بالنسبة لي أمثلة تجريدية شاملة. وكما قلت أعلاه، فإذا اقترح اخرين نقاط أخرى حول شكل المنتدى الذي يريدونه وشكل الحوار وطريقة النقاش التي يريدونها فعليهم ان يكتبونها في الاخير كقاعدة عامة بحيث هي تكون تشمل الشخص الذي يكتبها قبل أن تشمل الآخرين.
كان من المفترض أن يكون هناك شريط بعنوان ما هو شكل المنتدى والحوار والنقاش الذي تريده، بحيث كل شخص يشارك باراءه وافكاره وكل شخص عليه أن يعرف مسبقا بأن مقترحاته يجب أن تشمله مثلما تشمل الآخرين.