المحرر موضوع: امتحان كورونا القاسي  (زيارة 526 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سـلوان سـاكو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 454
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
امتحان كورونا القاسي
« في: 06:53 23/03/2020 »
امتحان كورونا القاسي
اِجتازَ العالم خلال الخمسين سنة الماضية الكثير من الحواجز في مرثون سريع لتخطي عتبة العلم والمعلوماتية بشكل مهول وغير مسبوق، الذكاء الصناعي، الأجهزة الذكية بأطيافها الواسعة، الإنترنت، نظام ال Online، البرمجيات، التطبيقات، الأتمتة، التجارة الإلكترونية، العملة الافتراضية، هندسة الحاسوب، كل هذا يوازي من حيث الدلالة المعرفية ألف سنة مضت. ولكن تبين في خضم كابوس فيروس كورونا إن الإنسان هشّ ضعيف وقابل للتكسر والتهشم في أي لحظة، مسربل برداء من الخزف والخوف والقلق، يمخر عباب البحر بمجاديف من ورق، حيث تغير العالم روحانياً نحو الأسوأ، الغرب ذاته تغير كثيرا، واتجه بتجاه الإلحاد بمنحة خطير، ليس ذلك الإلحاد الذي ساد فترة الخمسينات والستينات من القرن المنصرم، الذي كان قائماً على المناقشة والديالكتيك والفلسفة والأفكار الماركسية، إلحاد اليوم بارد عدمي بدون معنى. تحول إنسان اليوم إلى ما يشبه الآلة بدون مشاعر وقيم واخلاق، ومنظومة دينة تربطه بالخالق بحزمة من الشرائع والنواميس. إنسان اليوم ضائع في وسط لجة من التقنيات مانفكت تزداد يوم بعد آخر  ودوامة لولبية من العزلة تشدك نحو الذات المزيفة ونحو الفردانية في سرعة فائقة تتَّجه إلى أسفل. تأمل ماذا يحصل الان أليس الكل متساويٍ؟، الفقير الغني العَالِم الجاهل الضعيف القوي الكل سواسية أمام الفيروس. إنسان اليوم تعيس ومغرور وخائف من فيروس مجهري مجهول مع كل التكنولوجيا المتوفرة التي أرستها المعرفة والعلم. الأوبئة موجودة مع وجود الإنسان نفسه، ومن بداية أول قبس لشعاع نور الشمس، لا بل تكونت الطبيعة ذاتها من البكتريا والطحالب والبروتين والحمض النووي والهيدروجين وأكسجين، وغيرها من المكونات الأولى للحياة.
أن الأوبئة  موجودة منذُ القِدم، خذ مثلاً سفر العدد 14  إِنِّي أَضْرِبُهُمْ بِالْوَبَإِ وَأُبِيدُهُمْ، وَأُصَيِّرُكَ شَعْبًا أَكْبَرَ وَأَعْظَمَ مِنْهُمْ. وفي سفر التثنية 28 يُلْصِقُ بِكَ الرَّبُّ الْوَبَأَ حَتَّى يُبِيدَكَ عَنِ الأَرْضِ الَّتِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِلَيْهَا لِكَيْ تَمْتَلِكَهَا. إذا لماذا لا نقول إن هناك رسائل Messages من عند الله تُنذر البشر من هلاك حقيقي بعد أن تركوا كل شيء وراءهم وجروا وراء الماديات وعبدوا الأصنام الجديدة وقدسوا الأوثان العصرية... قَدِّسُوا رَبَّ الْجُنُودِ فَهُوَ خَوْفُكُمْ وَهُوَ رَهْبَتُكُمْ.. إشعياء 13:8...وَتَكُونُ زَلاَزِلُ عَظِيمَةٌ فِي أَمَاكِنَ، وَمَجَاعَاتٌ وَأَوْبِئَةٌ. وَتَكُونُ مَخَاوِفُ وَعَلاَمَاتٌ عَظِيمَةٌ مِنَ السَّمَاءِ. لوقا 21...
هل يأخذ بشرّ اليوم عبرة وحكمة ودالة من كل ما يحصل على هذا الكوكب البائس، ويعود إلى الثوابت والقيم والعبادة الحقة والصلاة الحارة. من يذهب اليوم  إلى الكنائس في الغرب، أليست فارغة من المؤمنيين؟، من يعرف في عموم أوروبا وأمريكا وأستراليا وكندا، اسرار الكنيسة، سر التجسد، سر الأفخارستيا، الأقانيم الثلاثة، الخلاص، المعمودية، مسحة المرضى، أليست اليوم هي في منظور الإنسان الغربي نوع من الفلكلور والطقوس التكميلية فقط والسيد المسيح بائع بيتزا. من يعرف شيء عن الصوم الكبير الذي نحن فيه، من يسأل عن الكاردينال بيل الذي يقبع وراء القضبان الأن في ولاية مالبورن بتهمة هو بريء منها براءةَ الذِّئب من دم ابن يعقوب... لأَنَّهُمْ سَفَكُوا دَمَ قِدِّيسِينَ وَأَنْبِيَاءَ، فَأَعْطَيْتَهُمْ دَمًا لِيَشْرَبُوا. لأَنَّهُمْ مُسْتَحِقُّونَ. رؤيا يوحنا 6:16. أين هو الإيمان الأقل من حبة الخردل حتى... لَوْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَل لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهذَا الْجَبَلِ انْتَقِلْ مِنْ هُنَا إِلَى هُنَاكَ فَيَنْتَقِلُ، وَلاَ يَكُونُ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَيْكُمْ متى 20:17... أليست  المثلية الجنسية هي الصفة الطبيعية في الغرب اليوم والسمة الأبرز... أليست صالات القمار وبيوت الدعارة أهم من دور العبادة. إنسان اليوم فاقد الرجاء والمحبة والخلاص والثقة بالله، أرتفاع  نسبة الانتحار بين صفوف الشباب، انتشار الكآبة النفسية في صفوف المجتمع المتمدن بكثرة، تفشي ظاهرة الإدمان، ازدياد نسبة الطلاق، كل هذا يضعنا أمام أسئلة وجودية جدية جديرة بالتفكير والتأمل.   
يجب اليوم مع تفشي الفيروس أخذ العَبرة والدرس والحكمة وهنا مكمن التحدي مع هذه المحنة التي ألمت بالبشرية جمعاء، وتكون دعوة من  القلب أن تنزاح هذه الغيمة الكورونيا السوداء من على كاهل هذا الإنسان المُتعب المُتهالك وينهض من رماده مجدداً.