المحرر موضوع: حديث مع فايروس الكورونا  (زيارة 1218 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل شمعون كوسا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 200
    • مشاهدة الملف الشخصي
حديث مع فايروس الكورونا
« في: 22:54 23/03/2020 »
حديث مع فايروس الكورونا
شمعون كوسا
 
استيقظتُ البارحة في يوم مشمس .  صباحي كان اختتاما لِليل طالت ساعاته قبل ان ينجلي ، حيث كان مسرحا لكوابيس تتناوب فيها افكاري وهواجسي ومخاوفي وتحليلاتي ويأسي ، داخل نفق مظلم يحتضن كل ما نتعرض له هذه الايام . 
 جلستُ على حافة السرير وكأني قادم من رحلة مرهقة استغرقت وقتا طويلا ، واجلت بانظاري هنا وهناك متطلعا دون تركيز الى اشجار الحديقة واسيجتها . بعد تفكير بسيط قلتُ في نفسي : أليس من المؤسف ان تكون هذه الحديقة بكل ما فيها ، محتلةً من قبل عدو خطير غير منظور ؟ أليس مرعبا ان تكون حارتي ،  ومدينتي ، وبلدي ، والعالم باجمعه ، محتلا تماما من قوة فتاكة لا يراها احد . انه عدوّ لا يحتاج الى المناورة ، لانه يحيط بضحيته من كل الاتجاهات دون ان تشعر أوتنتبه لذلك . 
وانا منهمك  بهذا الواقع المخيف ،  احسستُ  وكأن شيئا يتحرك قرب الشباك . حدسي أرشدني الى أن القافز قرب الشباك هو فايروس الكورونا ،  بحركة تلقائية تراجعت استعداداً للهرب ، غير اني سمعت صوتا غريبا قادما من خلف الشباك يدعوني للتريث ويقول : إطمئنّ ولا تخف ، انا فايروس كورونا ولكني لست مكلفا بإيذائك ِ، لا اريد ان اهجر المنطقة دون فتح حديث معك ، انت الذي يلذّ لك السماع ، والردّ ،  والمناقشة .
لم انطق بحرف واحد ، ولم ابارح مكاني ، فابتدأ الفيروس وقال:
اعرفُ بانك قد اغلقتَ الابواب على نفسك  وكأنك تنفذ حكما صدر بحقك في اقامة جبرية ، خشية لقاء احد من جماعتنا او مواجهته !! انت فرد من المليارات التي تخشانا . البشرية برمّتها تصاب بالرجفة من عنصر يعتبر من اصغر الجزيئات في الطبيعة .  هل بحثتَ عن معرفة  حجم الفايروس ؟ قلت له : كلا.   قال : العالم بقاراته ومحيطاته وجزره ودوله العامرة بالمليارات من السكان ، يخشي فايروسا قطره اربعمائة نانو فقط ، والنانو هو جزء من الملميتر الواحد ، بعد تقسيمه على مليون .
اين جبروتكم ؟ اين صناعاتكم ؟ اين مفاعلاتكم ؟ اين صواريخكم ؟ اين طوربيداتكم ؟ اين غواصاتكم ؟ اين فرقاطاتكم ؟ اين مقاتلاتكم الجوية ؟ اين اسلحتكم للدمار الشامل ؟ اين جيوشكم الجبارة وعتادها الحديث؟ أين راداراتكم ؟ أين مراصدكم الجوية؟ أين مختبراتكم العلمية المتقدمة ؟ أين اساطيلكم ؟ هذه الامكانيات كلها مجتمعة عاجزة عن إيقاف الوباء.
قلتُ له : بما انك عالم بكل هذا ، ألا تشرح لي لماذا آلَ بنا الامر الى هذه الحال ؟
تخيلته يبتسم ويقول لي : إن الوباء هذا ، انتم الذين اوجدتموه وجلبتموه على انفسكم . قلت له كيف ؟ قال : لقد ابتعدتم كثيرا عن الطبيعة التي وهبكم الله اياها . لقد لعبتم  بمكوناتها وحوّرتموها ، معتبرين انفسكم العقل الذي لا يتوقف ولا يحول دون تقدمه  اي عائق ، في التطور والابتكار والتحوير ، وكأنكم اردتم الحلول محل الخالق.
من جهة اخرى ، ان أنانيتكم هي التي عصبت ابصاركم ، وافضت بكم الى ما انتم فيه . في الزراعة لم تحترموا الارض وبحثتم عن مضاعفة محاصيلكم بأي اسلوب كان  لان هدفكم كان الفائدة والمال . في الصناعة ، ذات الهدف حدا بكم الى عدم الاكتراث للهواء الذي تستنشقونه ، لان المطلوب هو المزيد من الانتاج والاسراع فيه ، فاصبحت طائراتكم تلوث البيئة ، وعرباتكم المتنوعة لها حصتها المثلى في بث ثاني اوكسيد الكاربون ، ووقودكم بالرغم من مساعيكم لتنقيتها لم تقم الا بزيادة الطين بلة  ، واسلحتكم ، والدمار الذي تسببت به ، والويلات التي تسببها لحد الان ،  ناهيك عما لعبت ، كل هذه مجتمعةً ، من دور في التغير المناخي وزيادة الحرارة التي أدّت الى ذوبان البحار المتجمدة في كلا القطبين.
رغبتكم في تغيير جينات الطبيعة ، في الحيوان والنبات وحتى الانسان ، تتولّونها دون التفكير في العواقب. الهدف عندكم هو الحصول على النتائج ، كيف لا وان الانسان اصبح سيد الكون وكيف لا يسمح لنفسه العبث في كل شعيرات الخليقة . كِدتُ انسى  ان اكلمك عن نفاياتكم العادية التي حائرون انتم  اين تدفنوها لانها تلوث مياهكم . والطامة الكبرى في نفايات صناعاتكم النووية والاشعاعات التي لا تبارحها. لقد لوّثتم كل شئ ، البيئة بارضها ، ومائها ، وهوائها ، وطعامها. وتقولون من أين أتانا هذا الوباء ؟
قلت له : الا تعتقد بان هذا الوباء هو عقاب للبشرية ؟ قال لي : إذا كان هذا عقابا ، ليس الله هو فارضَه عليكم ، لأنكم انتم وحدكم وبحريتكم الكاملة  سبّبتموه ، ووفّرتم له البيئة المناسبة تماما لذلك .  والان وبالرغم من رأسكم الكبير ، المليئ بمشاريع وارقام ، لا تتوصلون الى معرفة  تركيبته ، وما الذي من شأنه ان يوقفه ويعالجه ، لان الوباء مزيج معقد من عبثكم وعجرفتكم .
قلت له وما الحل ّ ؟ أجابني بشئ من الحكمة وقال : يجب ان تبدأوا من الصفر . انكم خليقة جميلة وسط طبيعة خلابة . حافظوا على تقدمكم الايجابي ، ولكن قبل ان تتصرفوا من جديد ، وتصنعوا وتعالجوا ، عودوا لأخلاقكم الحميدة . عودوا لمبادئ وقيم نسيتموها ، لان الانانية والمصلحة والمال قد اعمت ابصاركم . فالذي يتحلي بضمير حي وحقيقي ، ويقيم وزنا لهذه القيم ، سوف ينبذ كل تصرف سئ لا يخدم البشرية وهذه النقطة الجوهرية المهمة. 
العودة يجب ان تكون صادقة وليس قرارا يتخذ في العشية ويُنسى في اليوم التالي كما قد تعودتم . 
تعمّقوا مليّا بهذه الافكار، لانكم تجهلون ما سوف يريكم الدهر من ويلات اخرى قد تعجزون  أمامها.
جعلني هذا الفايروس الحكيم ، ادخل في تأمل عميق جدا لما سرده لي من حقائق مصيرية ، حقائق بسيطة منعتنا انانيتنا من رؤيتها. 


غير متصل وليد حنا بيداويد

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 3064
    • مشاهدة الملف الشخصي
رد: حديث مع فايروس الكورونا
« رد #1 في: 01:56 25/03/2020 »
كاتبنا المرموق شمعون كوسا المحترم
بعد التحية
جميل عبرت في تساؤلاتك عن المجرم الفاعل الذي تسبب في الألوف من الضحايا والاصابات ضد البشر والحجر والنباتات والاقتصادات وضدالفقراء والدول والبشرية جمعاء.
نتمنى لا تقيد الجريمة ضد فاعل مجهول ويكتشف ليقدم للعدالة الدولية.
فهل سيحصل ذلك فعلا ويقدم للعدالة لينال جزاءه العادل؟ هذا ما استبعده لان المجرمين الذين تسببوا في  كارثة العراق وقتل شعبه وحصاره لسنوات  ضحاياه بالملايين فؤلئك طليقون في تكساس و واشنطن
فمن هو مسبب الكارثة الدولية هذه المرة يا ترى؟
تمنياتي ان نعيش جميعا بسلام وراحة البال ورحم الله من سقط ضحية الاجرام
محبتي


غير متصل شمعون كوسـا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 219
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: حديث مع فايروس الكورونا
« رد #2 في: 12:10 25/03/2020 »
اخي وليد بيداويذ
هذا الدمار غير المنظور يأتينا من قرارات قادة افضت بهم عنجهبتهم وانانيتهم الى عدم الاكتراث بالطبيعة والناس العاديين . مشاريع ضخمة تضر في البيئة ، استثمارات كبيرة تجلب الاموال للقائد ومن لف حوله والضرر الذي سيصيب الناس من جرائها ليس مهما لان الشعب في الكثير من الحقبات كان شبه قطيع خرفان يتبع وينفذ لانه يعرف بان مصيره الذبح . قرارات من لا يحملون مبادئ ، من لا يؤمنون بما خلقه الله ، قرارات اناس لا يتراجعون عن نعت انفسهم بآلهة لان لهم المال والقوة والجيوش وبما انهم لا يؤمنون بشئ فلا يردعهم رادع . هذا الجرثوم غير المنظور هو نتاج الالاف من هذه التصرفات في كل مكان . حفظنا الله من اوبئة قادمة بما ان التجربة الحالية نجحت في ارهابها وحجز المليارات  من الناس في بيوتهم .  شكرا على اطلالتك الجميلة

متصل افسر بابكة حنا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 495
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: حديث مع فايروس الكورونا
« رد #3 في: 14:48 25/03/2020 »
استاد شمعون كوسا المحترم
تحية وتقدير



يا ايها
اليفن المُجيد
صدقت ان نطقت
بما يفيد
وإن اتيت بشيءٍ
ليس فيه جديد
نعم
يا ابن شقلاوا
هذه الأرض حبلى
بفتاك
شريرٍ
بغيضٍ
بالغل مصفود
ما انفك يستعجل الختام
بنهمه
كميؤوس من الحياة
يستدني الموعود
استخف بالكون
مستهزئا
وان جد الجد
لم يجد به ما يذود
ولم يشفع له الجبروت
فهوى منكسرا
متشظياً
وباب العافية
 موصود
لعمري لم ار جاحدا
كجاحد النعم
في الصعودِ
محسود
يريك الله عجائباً
في حكمه
ان شاء
لشمتت بحالك
القرود
فعلام يا ابن ادم
لا تتعظ
الا ترَ
كيف يقام لحدكِ
الحدود
تراب الأرض منك
فرفقاً بارضٍ
ما برحت بلطفها
تجود
كل شيء بالميزان مثقلٌ
ان اثقلتها بريشة
لا تسود
اضعاف ما احيق بها
من الفاجعات
بنهمها
اليك تعود


افسر بابكه حنا
 



غير متصل شمعون كوسـا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 219
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: حديث مع فايروس الكورونا
« رد #4 في: 18:31 25/03/2020 »
اخي لفسر
ايها الشاعر الفيلسوف
كم يلذ لي ان اتمعن بما تنضده من شعر
شعر كلماته يقودها المغزى العميق قبل ان تكون سجعا او قافية
يا ابن شقلاوا الذي رسمت خطا يهتدي به هواة بني جلدتنا
اذا بدأ شيطان الشعر يدغدغهم.
شكرا لك يا ابن بابكا الوقور

غير متصل سامي ديشو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 941
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: حديث مع فايروس الكورونا
« رد #5 في: 12:44 27/03/2020 »
الاخ شمعون كوسا المحترم

مقالة معبِّرة وهادفة بكل معنى الكلمة، ونقاش شخصي بينك (وأنت تمثل البشرية) وبين الفايروس، هادئ لكنه عميق بمعناه وبالتالي نتائجه.

نعم اخي شمعون، نحن البشر، نحاول تغيير القوانين الطبيعية بقصد الاقتصاد والربح والرفاهية، دون الاكتراث لقوانين الطبيعة، وبالتالي يصبح هذا التغيير وبالاً على البشرية جمعاء، وهذا ما نلمسه اليوم.

أحسنت النقاش من باب التساؤل والمعرفة بسبب الخوف، لكن غريمك الفايروس، ربح النقاش والمنازلة، لأنه ببساطة على حق، بسبب انتهاكاتنا لقوانين الخالق والطبيعة.

عاشت اناملك التي تسطّر دائما، مواضيع هامة وهادفة. لكن التساؤل: هل هناك من يستجيب لهكذا نداءات؟ تحياتي...

سامي ديشو- استراليا 

غير متصل شمعون كوسـا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 219
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: حديث مع فايروس الكورونا
« رد #6 في: 16:36 27/03/2020 »
اخي سامي

شكرا على اطلالتك الكريمة . صدقني هذه هي الحقيقة . لقد عبثت يد البشر كثيرا بقوانين الله في اتلطبيعة ولم تدع مجالا لم تمسه . كيف تريد ان تبقى الطبيعة على سجيتها . جشع الانسان في القيام بتحويرات ومشاريع تخدم مآربه وربحيته فقط ، اوصلتنا الى هذه الحالة في ولادة كائنات مثل هذا الفيروس الذي هو خليط غير منطقي لكل الخلل الذي سببه الانسان . وقانا الله مما سيأتي اذا استمر البشر بذات العنجهية والركض وراء المادة بعيدا عن قيم ومبادئ وفضائل.