المحرر موضوع: كورونا يدق المسمارالاخير في نعش الصحافة المقروءة!!  (زيارة 572 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل أوشانا نيسان

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 322
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
كورونا يدق المسمارالاخير في نعش الصحافة المقروءة!!

أوشـــانا نيســان

تصّرجائحة كورونا المستجد/ طاعون العصر، أن تعتبر نفسها الوباء أو الكارثة الخامسة في تاريخ البشرية خلال أكثرمن 1500 سنة خلت. الكارثة هذه لم تفلح فقط في أطفاء أضواء معظم الشوارع الرئيسية في أكبر بلدان العالم وعلى رأسها زعيمة العالم أمريكا والصين وروسيا وانكلترا، وأنما ستنجح لامحالة في أطفاء أنوار معظم الصحف الورقية أيضا شرق المعمورة وغربها. الكارثة الخامسة التي جاءت بعد الكوارث الاربعة التي غيّرت مجرى التاريخ:
1- جستينيان عام 541 م حيث قضى الوباء على نصف سكان الارض
2- الطاعون الاسود عام 1331م  حيث أفنى الطاعون أكثر من 200 مليون شخص
3- الجدري عام 1519م وأفنى 95 % من سكان أمريكا الاصليين
4- طاعون لندن عام 1664م  قتل 20% من سكان عاصمة لندن
5- أما جائحة كورونا المستجد/ كوفيد- 19 والتي يتداعى العالم أمامها اليوم، فأنها كارثة بحق أذ لم أشهد بحياتي يقول مواطن عمره ( 90) عام مثل هذا الوباء ونحن في زمن متطورقياسا بالماضي أو بالمعنى الاخر والعالم كله في زمن العولمة.

صحيح أن وباء كورونا أظهر الجانب الخفي أوبالاحرى الجانب الحقيقي لجشع الانسان وغطرسته بعيدا عن قيمه وثوابته الانسانية السمحاء، ولكن نادرا ما يتحدث القارئ عن دورهذا الوباء في تقزيم أن لم نقل قبرالصحف الورقية نهائيا. رغم دور الصحافة تلك في خلق الاجواء الفكرية الملائمة لآخصاب بذورالانظمة الديمقراطية ضمن المجتمعات البشرية عموما، وبالتالي دورالصحافة في أبراز تداعيات الازمات الاقتصادية قبل حدوثها بوقت طويل. كل ذلك من خلال سعي الناس للحصول على المعلومات الحقيقية المنشورة على صدر صفحات الصحف الورقية بأعتبارها صحافة موثوقة.

" العالم يثق بالصحف الورقية أكثر من الصحف الالكترونية" هذا هونتائج الدراسة التي أجرتها الشركة الفرنسية " تولونا" المتخصصة في الابحاث الاستطلاعية المسحية عبر الانترنيت. حيث استطلعت أراء 10700 مستهلك في 10 دول وهي: الولايات المتحدة الامريكية، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، أيطاليا،نيوزيلاند، جنوب أفريقيا، أسبانيا، البرازيل واستراليا. علما أن الدراسة أجريت في عام 2019 وقبل ظهور وباء كورونا بما يقارب من ستة أشهرودخول العالم مرحلة غير مستقرة. في وقت ظهر الحديث عن أنتهاء زمن الصحافة الورقية ومغادرة المشهد الاعلامي الورقي كليا وأستبدالها بالنسخ الالكترونية. تماما كما بادرت صحف عالمية مشهورة وعلى رأسها:
صحيفة الاندبندنت والتلغراف البريطانيتين، وصحيفة كريستيان ساينس مونيتور ومجلة نيوزويك الامريكيتين. هذا وبالاضافة الى صحف عربية مشهورة وعلى رأسها:
( غلق مكتب صحيفة "الحياة" في بيروت بعد 70 عاما من الصدور وتوقف جريدة" السفير" اللبنانية جراء مصاعب مالية وترادع التمويل كثيرا بعد 42 عام من الصدور أيضا).
 
 في حين وللاسف الشديد، فقد جاءت رياح وباء جائحة كورونا منذ نهاية العام الماضي ولحد الان بما لاتشتهيه سفن الصحافة الورقية بشكل ملحوظ. حيث لولا قدرة الممولين في تغطية أكثر من 70 بالمائة من أجمالي المصروف الفعلي للصحافة الورقية، لآختفت خلال هذه المرحلة العصيبة نهائيا. رغم حدس القارئ العربي قبل الغربي، أن ما ينشر على الانترنيت أوالوسائل الاجتماعية الاخرى، مثلما لا يلتزم بالمعاييرالصحافية الاساسية كذلك لا يفرق بين الراي والخبر وبين الخبر الكاذب والصحيح عند النشر بسبب قدرة الناشر" المختفي" بالالتفاف على حقيقة الخبر ومصدره، وغياب حتى الرقابة الاخلاقية في النشر.   
أما ما يتعلق بالاسباب الحقيقية وراء تعثر الصحافة الورقية في هذا العصر، فأن المرحلة هذه لا تبشر بالخير وتحديدا في بلدان الشرق الاوسط للاسباب التالية:
1- غياب رغبة الممولين في الاستمرار على دعم عقود غير مربحة وغير أمينة بأستثناء الشركات السعودية الكبرى، جريدة الشرق الاوسط نموذجا
2- غياب القدرات التقنية أوالعلمية التي بموجبها يمكن دعم الصحافة الورقية ومساعدتها في ديمومة النشر والبقاء على وضعها في بلدان الشرق الاوسط . مثال على ذلك:
لجوء مجموعة من الصحف الورقية في الغرب الى أسلوب الدفع مقابل القراءة على الانترنيت ومنها، صحيفة فايننشال تايمز، تايمز، و تلغراف. بينما لجأت صحف ورقية أخرى الى وضع محتواها على الانترنيت وضخ المزيد من الاعلانات الرقمية التي تزاحم المحتوى.
3- تراجع أن لم نقل غياب دورالحكومات ودعمها لصحافة القطاع العام أمام نمو وازدهار دور القطاع الخاص الاعلامي/التجاري
4- تراجع دور الاعلام الورقي أو المكتوب أمام تنامي دورالفضائيات وحرصها الواضح في الانتقال من دور تلقي الخبر الى صناعة الرأي العام الجماهيري

أما النقطة الاهم وقبل غلق هذا الملف الحيوي، فأنه يجب الاشارة الى دور جائحة كورونا في تغيير عادات واسلوب حياة الشعوب في مرحلة يمكن تسميتها بمرحاة ما بعد كورونا. الامر الذي يكشف عن هشاشة النظام العالمي السائد وحاجة الكون الى نظام عالمي جديد يختلف عن سابقاته من حيث جوهره الانساني العادل وقدرته على مواجهة الازمات والتحديات التي تهدد البشرية مستقبلا. لذلك فأن الملامح الاكثر وضوحا في النظام العالمي المنتظر، يمكن حصرها بأعتقادي في:
- اعادة هيبة الدولة من خلال مركزيتها الاقتصادية الفاعلة
- أعادة مفهوم التضامن الدولي من خلال دعم وتمويل المشاريع الانسانية التي بموجها يمكن للزعامات الدولية ردم الهوة الفاصلة بين الدول الفقيرة والنامية وبين الدول المتقدمة والغنيّة
- تفعيل دورالانسانية في القرارات الدولية ضمن النظام العالمي الجديد. فزعيمة العالم الولايات المتحدة الامريكية تخاذلت عن تقديم الدعم والمساعدة الطبية لايطاليا، رغم أنها قبلة ما يقارب من مليوني مسيحي في العالم. في حين لم تتأخر دولة كوبا رغم الحصار الامريكي المفروض عليها منذ أكثر من نصف قرن متواصل، ولكنها هرعت في دعم أيطاليا ومساعدتها بهدف أنقاذها من طائحة كورونا
- العالم بعد كورونا سيثبت أنه بحاجة الى نظام عالمي أكثر أنسانية وأكثر واقعية ولاسيما بعد أنكشاف كارثية النظام الراسمالي خلال قرون وبروز زيف الاشتراكية التي أستغلها الاغنياء خلال 74 عام من عمرالاتحاد السوفيتي الاسبق.
- والنظام العالمي الجديد يعوزه أيضا السلطة الرابعة ولكنها ستكون رقمية وبأمكانها عرض أداء القطاعين الحكومي والخاص على حد سواء، للمحاسبة والمراقبة الشديدة
وفي ختام المقال رأيت مناسبا أن أختمه بما ذكره وزير الخارجية الامريكي الاسبق هنري كيسنجر في مقال نشره اليوم 5 نيسان الجاري في صحيفة"وول ستريت جورنال الامريكية بقوله:
" كورونا سيغير النظام العالمي الى الابد..وأضاف، العالم يعيش الآن فترة تاريخية، والتحدي التاريخي أمام قادة العالم هو إدارة هذه الأزمة وبناء المستقبل والفشل في تحقيق ذلك قد يؤدي إلى إشعال العالم، أنتهى الاقتباس.