الخوف يلاحقنا ويقلق حياتنا
وليد حنا بيداويد
كوبنهاكن
08/04/2020
منذ نعومة اظفارنا كنا نخاف عقاب الوالدين اذا غضبوا من انفسهم ان نكون نحن الضحية، كنا نخاف المجهوزهكذا نخاف الوحدة في الظلام لربما مسكون بالجن، ونخاف الغرباء ودخلاء الليل، فلم نكن نحسب ان الاتي خو درس الحساب القاسى سيكون العقاب والضرب على الجماجم والرقاب بلا شفقة وبلا اخلاق وهو الماسى خلافا للقانون وبلا احترام.
وذهبنا للابتدائية فخفنا عقاب معلم الحساب وارهابه على راس كل تلميذ يجلس في الزاوية بلا حساب فكان يعلم الصغارالضرب(بالجلاليق) هكذا جلاق زائد جلاق يساوي اثنان جلاقان وضرب بالوسطى على راس كل طالب نجمع مجموع الجلاليق ثم نقسمها على اثنين ناقص رؤؤس ابناء المعلمين فتحصل على النتيجة هكذا نحصل المعادلة الحسابية، هكذا كان يعلم معلم الحساب درسه من دون رحمة ولا شفقة ولا تربية عائلية ولا ضمير وعطف ابوي. وهذه عشرة ضربات على اليد اليسرى زائدا عشرة على اليد اليمنى مضروب بمجموع ايادي الصغار 26 تلميذ ، تعال يا جميل احسب النتيجة لامك .
تعال انت هنا.. فضرب على راسه في الوسطى اثنان منها بقوة بلا رحمة وبلا احساس ولا ضمير ابوي، فداخ الصغير الورد فوقع على الارض واجهش بالبكاء المرير وبصوت عال في ذلك الشتاء القارص اللعين وغير الرحيم فخاف الصغار الاخرون من العقاب ان يطالهم، هل نسيتم ايها الصغار انه درس الحساب انه العقاب ودرس من دروس الخوف ولا في يوم القيامة! قم انت يا سليم فابوك هو صديق قديم للعائلة ..نعم يا معلمي الكبير، اذا احسب يا سليم احسب- اشتريت هذا للكبيرة... وسعره وهذا للاصغر منها..... وسعره وهذا للوسطى .....وسعره اما للحلوة ....فقد اشتريت هذا وسعره وله....اشتريت هذا وسعره، زائدا ونصف كيلو قيمر مع عسل زائدا عشرة بيضات للفطور الصباحي كان ذلك ليوم الاحد ، احسب يا سليم احسب كل هذه اشتريتها يوم امس فكم صار سعرها فنحسبها هكذا يا سليم نجمعها وانتم (الطلاب) اسمعوا نضع الاحاد اسفل الاحاد والعشرات اسفل العشرات، اما هو فقد حجز تلك المدفاة النفطية الوحيدة في ذلك الشتاء القارص حجزها ليحمي بها مؤخرته، والصغار ساكتون ينتظرون بشغف سماع صوت الجرص بانتهاء ذلك الدرس اللعين درس الخوف ليلعنوا بدورهم المعلم ودرسه الحسابي كما في كل يوم ، فزرع في نفوسنا نحن الصغار الرعب والخوف والارهاب وكره درس الحساب وكره المعلم يوم ولد الى يوم الرحيل غير ماسوف عليه لا أتمناه له، بل بطول العمر ينعم ، فجاء معلم الحساب اللعين اتذكر ذلك جيدا جدا وكانه اليوم يتجدد الخوف فينا بسبب كورونا، جاء في اليوم التالي يلبس حذائه الجديد ليلعب كرة القدم في مؤخرات التلاميذ الصغار بلا رحمة ولا شفقة، فنفض حذائه المترب قليلا ببناطيل الببراعم الصغار الفقراء التي حرصت امهاتهم ان تغسلها ليظهروا لهم ليظهروا بهندام نظيف وجميل بما يمكن من نظافة وفزرع معلم الإرهاب ودرس الحساب اللعين الارهابي والخوف في قلوبنا فكبر معنا الخوف ويتجدد في زمن كورونا.
فرحلنا الى المتوسطة وهذه المرة مسؤلية اكبر واهتمام اعظم فنحن قد كبرنا قليلا وتخلصنا من السجان اللئيم ودرس حسابه اللعين والخوف لا يبارحنا فيلاحقنا حتى في المنام ، كيف سنجتاز هذه المرة مرحلة المتوسطة ليقرر بعدها مصيرنا، فتجاوزناها بسهولة ويسر وبتفوق لا يصدقان الى الثانوية، وما هي الا بضع سنوات سيتقرر مصيرنا الى العسكرية او الجامعية او الهرب في دجى الخوف والمجهول.
وكبرنا وكبر الخوف فينا يلاحقنا ويحيط بنا ويملئ عقر البيت وزواياه وفي الوظيفة وفي الشارع
وفي كل مكان، هناك حرب لم تنتهي اثارها وفتيل اخر يشتعل نارها، فتخاف حتى ان تسال نفسك تخاف من عواقب الطريق وفي تركيا يسالك كبير الجندرمة الارهابي الكوردي الكرمانجي هل انت اشوري ام كلداني او سرياني؟
لا تعرف ماذا يريد ويخطط هذا ابن ال .... من حجة لكي لا ينجز ويعرقل معاملتك القانونية فالخوف يتجدد في جوفك ان لا تحصل على الاقامة فما عليك الا بسرعة البديهة ولابد ان تجيبه بجواب دبلوماسي وحقيقي ومقنع غير مبالغ به وهو انه (لا فرق بيننا اننا كلنا واحد وجميع التسميات هي لشعب واحد) فيستشيط غضبا فتحتار من اسباب غضب هذا العميل التركي الساقط وتخاف ان يسبب لك اشكالا فتدخل في قلق وخوف اخر.
فتخرج من هذه المحنة مع كبير الجندرمة التركي وتغادر تركيا لتصل الى ارض الميعاد بعد معاناة ، ارض الاستقرار لربما فتخاف هذه المرة ان لا تحصل على الاقامة رغم صراحتك ومعاناتك فتعيش حالة من القلق والخوف فتحصل عليها وبعد ذلك تتخلص من الخوف فيرافقك القلق الى باقي ايام حياتك واليوم يتجدد الخوف في نفوسنا مرة أخرى ، فيلاحقنا فقد كان معلم درس الحساب يرهبنا واليوم كورونا يقلقنا فألى متى يا رب سينتهي خوفنا ويتلاشى قلقنا.