المحرر موضوع: فدرلة العراق أفضل من سقوط الدولة !!  (زيارة 353 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل أوشانا نيسان

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 322
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
فدرلة العراق أفضل من سقوط الدولة !!
أوشــانا نيســان
العراق على مفترق الطرق ويتجه نحو المجهول رغم مرور 99 عام على تشكيل الدولة العراقية. حيث كثيرا ما يقرأ المواطن، عددا من الاسباب وراء فقدان ثقته بالدولة العراقية القديمة منها والجديدة، من دون ذكر العلل  الحقيقية وراء الازمة المستفحلة. رغم أنني ومن خلال دراستي لتداعيات الاجواء السياسية المتدهورة لما يقارب من قرن من الزمان، أتضح لي ولغيري من المتابعين، أن أزمة النظام السياسي العراقي أكبر بكثير من المألوف. وأن مفردات الخطاب الوطني في العراق لم تتجاوز حدود مصالح أحزاب السلطة يوما. النهج الذي حول العراق الى  مجرد عنوان ضمن الايديولوجيات الحزبية الخاصة بتحزيب المجتمع وتقزيم هويته الوطنية، لاعتبارات في طليعتها هاجس زعماء العرب وخوفهم من تاريخ العراق القديم. أذ على سبيل المثال لا الحصر، وكما تنشر الكاتبة هالة قضماني في صحيفة ليبراسيون الفرنسية بتاريخ 20 تشرين الثاني 2019 من أن:
- عادل عبدالمهدي لم يفهم المطالب ( تقصد مطالب المحتجين والمتظاهرين وسط العراق وجنوبه منذ بداية أكتوبر 2019) حاله حال سائر المسؤولين الفاسدين..وتضرب مثلا لتعاطي الحكومة العراقية مع تزايد حالات الانتحار بين الشباب التي وصلت الى أرقام مفزعة خلال العاميين، من خلال أقامة حواجز أسمنتية عالية على طرفي نهر الفرات لمنع الشباب من رمي أنفسهم في النهر. أنتهى الاقتباس.
صحيح أن نهج التغيير في الحالة العراقية يصعب تفسيره بعدما أقتصر تاريخيا، على تغيير الاشخاص والنخب الحزبية الحاكمة فقط، دون المساس بتغييرأحوال الشعوب أو الشرائح المتضررة. ولربما أزداد أحوال الناس سوءا، عندما تحول الانقلابيون الجمهوريون منذ عام 1958 الى مستبدين جدد لاأكثر ولا أقل. أذ بدلا من تعزيز الامن والاستقرار مع مضاعفة فرص العمل للشباب والمتخرجين في العراق الجديد بعد عام 2003، تحاول الحكومة أقامة الحواجز الاسمنتية لمنع الشباب من رمي أنفسهم في النهر. ولكي لا يبقى الحديث عن التغيير نظريا، سأحاول تدوين ما يمكن تدوينه من سلبيات النظام بشقيه السني أولا والشيعي ثانيا وأزمتهما المستفحلة:
1- ظلت الشوفينية العربية أو الافراط في عروبة العراق بمثابة المسمار الاخير في نعش التعددية العراقية. حيث لم يكتف النظام العراقي السني خلال 82 عام من عمر الدولة العراقية  بالمراهنة على عروبة العراق وحدها، بل أستمرعلى القول علنا،" أن عروبة العراق مسلمة لا يمكن تجاهلها أو حتى محاولة البرهنة عليها. فهي واقع يمتد لالاف السنين ويمثل بنيّة العراق الثقافية والحضارية والبشرية، يكتب  د. لقاء مكي على صدر موقع الجزيرة نت. رغم أن مضمون القول لا يتفق مع تاريخ الشعوب العراقية القديمة والعريقة وعلى رأسها شعبنا الاشوري وحضارته العريقة قبل مجئ الاسلام الى العراق بأكثر من 6000 سنة. لربما بسبب حقيقة الانتماء الى جوهرالحضارة العراقية الاولى في وادي الرافدين، ظل أنتماء الشعب الاشوري الكلداني السرياني على المحك منذ مجزرة سميل عام 1933 وحتى السقوط في 9 نيسان 2003.
أذ على سبيل المثال، خلال كتابة الدستور العراقي الجديد عام 2005، حدث خلاف شديد بين العرب السنة من جهة والسنة الاكراد وبقية المكونات العراقية الاصيلة من جهة أخرى، حول النص الرسمي الموجود في دستور النظام السني العراقي الذي أصّر على ( أن العراق بلد متعدد القوميات والاديان والمذاهب وهو جزء من العالم الاسلامي والشعب العربي في العراق جزء من الامة العربية). وكحل وسط وتلبية للاعتراضات الجدية تم أعادة صياغة مضمون نفس المادة ( 3) من الدستور العراقي بالشكل الاتي:
( العراق بلد متعدد القوميات والاديان والمذاهب، وهو جزء من العالم الاسلامي وعضو مؤسس في جامعة الدول العربية وملتزم بميثاقها).
2- بعد أنهيار الطاغية في بغداد عام 2003 والفراغ السياسي الذي نتج عن السقوط، برزت نداءات وتحركات أصلاحية داخل التنظيمات الحزبية"الشيعية"، للتبرئ من تداعيات الاسلام السياسي "السني" ونهج معظم قياداته في أستغلال الدين للاغراض السياسية منذ عام 2005.  حيث ظهرهذا التحول الجذري جليا بعد أرتفاع حدة الفساد الاداري والمالي ودوره في تحجيم الاقتصاد وانعكاساته على مستقبل العراق الجديد. لاسيما بعد مجئ العراق في المرتبة 16 عربيا وفي ذيل قائمة الدول الاكثر فسادا في العالم، طبقا لتقرير منظمة الشفافية الدولية العالمية. الامرالذي مهد بشكل أو بأخر على اضعاف الشعور بالانتماء الوطني للعديد من القيادات العراقية ومن الوزن الثقيل، وبالتالي تسهيل مهمة ربط الوطن بالخارج. رغم أن حرص المواطن في الانتماء للوطن هو مؤشر لقوة الشعوب وتماسكها.
وفي الختام نستنتج أن منهج النظام القومي العربي السني ، نجح خلال 82 عام في تأجيل جميع دعوات التطور والتوجه نحو بناء دولة عراقية عادلة وديمقراطية، لآسباب كما نطقها النظام البعثي الشوفيني:
- تحويل مسألة تحرير فلسطين وقضيتها المعقدة الى قضية العراق المركزية. بمعنى أخر لا يحق لآي مواطن عراقي أن يتحدث عن العدالة والديمقراطية في العراق حتى التحرير
- استعداد قيادات الانظمة المركزية في بغداد وأخرها الطاغية صدام حسين، في فتح قنوات الحوار والتفاهم مع جميع دول الجواربما فيها التنازل عن سيادة العراق وغلق الحوار وتخوينه وطنيا. أذ على سبيل المثال، تنازل الطاغية عام 1975 عن شط العرب ومعظم المراكز الحدودية شرق العراق بهدف أسكات نداء شعوب الاقليم وحركته الوطنية  في التحرر من نير الشوفينية العربية
- هاجس القيادات السياسية العربية للانظمة المركزية وخوفها من تاريخ العراق القديم، رغم تاريخ العراق المشرف. أّذ مجرد الاقرار في الانتماء الى الحضارة الاشورية في وادي الرافدين، تحولت الى تهمة عقابها الاعدام، رغم أنها أقدم حضارة أنسانية متكاملة وجدت على سطح المعمورة
- أطلاق حملات تشويه تاريخ العراق القديم وتزويره كما حاول الطاغية صدام حسين أطلاق حملة تزوير التاريخ تحت عنوان " من نبوخذنصر الامس الى صدام حسين اليوم"
أما ما يتعلق بالنظام العراقي "الشيعي" بعد عام 2003، فأن ملف الفساد الاداري والمالي هو الملف الاكبر من بين الملفات التي تحضر بأستمرار في المشهد الاعلامي العراقي والعالمي على حد سواء. حيث بات الفساد وتحديدا في زمن كورونا حديث الشارع العراقي، بأعتبار الفساد هو الملف الذي يمس حياة المواطنين العراقيين جميعا.
وفي كلمتي الاخيرة أود القول، أنني حاولت جهدي أن أكون موضوعيا في طرح وجهات نظري حول العراق وتاريخه. أرجو أن لا تكون هذه الموضوعية قد حجبت أمكانية رؤية جانب من الجوانب المضيئة في تاريخ العراق القديم منه والجديد. حيث يعرف المؤرخون أن أصل اسم العراق طبقا لقول العلامة العراقي طه باقر" أن أسم العراق مشتق من كلمة تعني المستوطن، ولفظها أوروك. وان أول استعمال لكلمة عراق ورد في العهد الكيشي منتصف الالف الثالث قبل الميلاد أي بحدود 2400 ق.م". والسؤال هو:
هل يمكن لزعيم وطني يفتخر بتاريخه وأنتماءه لآقدم حضارة انسانية على وجه الارض، أن يربط مستقبل وطنه ويرهن ديمقراطية بلده وعدالته الاقتصادية والاجتماعية بمستقبل الدول المجاورة؟