وبخصوص الترجمة، ان هناك شعب يتكلم العربية وبحاجة ان يصلي بالعربية، كما ثمة شباب كلدان لا يعرفون غير الانكليزية او الفرنسية ويريدون ان يصلوا بها، ما المشكلة؟
السيد ماهر يوسف مسؤول اعلام البطريركية
سؤالك ما هي المشكلة؟
انا هنا ساعتبر ما قلته بالفعل سؤال وساتعامل معه كسؤال اقدم له انا إجابة، اي انني لن اقوم بانتقاد سطر معين ولست اكتب كتدخل في محتوى الموضوع. وانا شخصيا مع نقاش يحوي أسئلة واجوبة، بمعنى حوار بدلا من انتقادات.
اجابتي هي لك حول سؤالك ما هي المشكلة وارجوا ان تنقلها إلى جميع من في البطريركية.
ان الحديث في أن هناك من يتحدث السورث وهناك من يتحدث العربية والإنجليزية والفرنسية الخ، بمعنى ان هناك نسبية (لا أحد يمكنه القول من هو على حق ومن هو على باطل) ، ومن ثم القول بأن ليس هناك مشكلة في ذلك هو قول ناتج من فرضية خاطئة جدا. هذه الفرضية تقول بان هكذا نسبية ثقافية لغوية ستبقى دائما هكذا كما هي ولن تتغير وبالتالي لا أحد يمتلك مشكلة. ولكن المشكلة هي أن هذه الفرضية خاطئة للغاية، لكون ليس هناك في هذه الحياة اية إمكانية لأية نسبية ثقافية وإنما الأمور ستتجه مع الوقت حتما وبكل تأكيد وبشكل لا يقبل اي شك نحو الامبريالية الثقافية. والتاريخ مليئ بالامثلة. وفي انه مع الوقت ليس هناك نسبية ثقافية وإنما امبريالية ثقافية هو موضوع تم مناقشته من قبل فلاسفة وخبراء.
وهنا في البداية انا ساشرح النسبية وماذا تعني والى اين تؤدي...وساشرح هل هناك نسبية اصلا.
النسبية من يستعملها يقع في موقع مضحك للغاية, ولكن ايضا في موقع خطير جدا.
ولاعطي امثلة: في الغرب من يدافع عن القيم الغربية ويرفض الثقافات الاخرى بالاخص التي تاتي من الشرق الاوسط وشمال افريقيا فان هناك من يعارضه ايضا , وهؤلاء المعارضين هم نسبيين في الضرورة, فهم يقولون بان من حق كل مجموعة ثقافية بان تعيش وفق ثقافتها ومعاييرها, اذ ليس هناك مجموعة تملك حقوق افضل من مجموعة اخرى. وهذا الشئ يقولونه ويزينونه بمصطلحات مثل "تحقيقا للحيادية والمساواة"، وهو بالمناسبة نفس شعار البطريركية تجاه موضوع اللغة " هناك من يتحدث السورث والعربية والإنجليزية والفرنسية الخ ونحن نمارس حيادية ومساواة".
طيب هذا ما يقولونه انا ايضا لا امتلك خلاف معه واتبناه ايضا. واقول مثلهم بان النسبية لا تفضل مجموعة على اخرى لان كل شئ نسبي. فالنسبية لا تستطيع ان تقول من هو على صح ومن هو على باطل, لماذا؟ لان كل شئ نسبي. وهذا سيعني بان من حق شخص غربي ان يتصرف ايضا وفق معاييره الثقافية الغربية ويقوم بالدفاع عنها لكي لا تختفي مثل قيم الحقوق الفردية وحقوق الانسان حسب الرؤية الغربية. ودفاعه عنها يتطلب ايضا بان يرفض كل الثقافات الاخرى التي تعارض هذه القيم.
كما نلاحظ فان هكذا تصرف يقوم به غربي هو لا يتعارض اطلاقا مع النسبية, بل هو يحققها, لان النسبية لا تستطيع ان تقول من هو على صح ومن هو على باطل, والكل يستطيع ان يتصرف حسب معاييره الخاصة, وهكذا تصرف كل حسب معاييره تشمل الشخص الغربي اللذي يدافع عن القيم الغربية ايضا.
السؤال هنا هو: هل سيقبل هؤلاء النسبين المدافعين عن الثقافات الاخرى الغير الغربية بهكذا حق لشخص غربي يدافع عن القيم الغربية بطريقته بما ان كل شئ نسبي؟ الجواب كلا. هم لن يقبلوا. لماذا؟ لان النسبية عبارة عن اكبر نكتة سخيفة. فهل انا اعارض النسبية هنا في شرحي لحد الان؟ الجواب كلا, فالنسبيون الثقافيين يعارضونها بانفسهم, هم لا يقبلون بان يقوم اشخاص غربيين بان يدافعوا عن قيمهم وبان يتصرفوا حسب معاييرهم الغربية. وهنا تماما في هذه النقطة تنهار النسبية.
من يلاحظ الشرح اعلاه سيجد حتما ازدواجية في تعامل النسبيين, هكذا قارئ سيتسال, اذن كيف يتم تنفيذ شعارات "الحيادية والمساواة" من قبل النسبيين الثقافيين ضمن هكذا ازدواجية حتمية كما في الشرح اعلاه؟ والى ماذا تؤدي؟
الى ماذا تؤدي النسبية؟
النسبية لا تستطيع ان تؤدي سوى الى امبريالية ثقافية. وهذا الطريق هو حتمي جدا. هو حتمي لدرجة انه لا يحتاج اصلا الى مناقشة.
كيف يتم اذن تنفيذ شعارات "الحيادية والمساواة" التي ينادي بها النسبيين الثقافيين؟
هذه عليها عدة امثلة. لناخذ مثلا مثالي عن الغرب. كان هناك تقليد في الغرب استمر لقرون حيث يضعون الصليب في المدارس. النسبييين الثقافيين قالوا نحن نمتلك اليوم عدة مجموعات ثقافية متعددة, ولكي نحقق "الحيادية" فعلينا ازالة الصليب من المدارس, وفعلا قاموا بازالته.
طيب الحيادية فهمناها, السؤال الان كيف تبدوا المساواة؟
ولكن نفس هذه المدارس تم فيها فتح غرف خاصة للطلاب المسلمين ليقيموا فيها صلاتهم, وهذه سماها النسبيين الثقافيين بانها ضرورية ليشعروا هذه المجموعات الثقافية باننا نمتلك "مساواة" في مجتمعاتنا.
هذه النسبية الثقافية لو استمروا بها بهذه الطريقة فانها ستؤدي في النهاية حتما الى نتيجة تاريخية وهي تحقيق امبريالية ثقافية اسلامية في الغرب.
هل هناك قارئ واحد يمتلك شك في شرحي بمثالي هذا بان النسبية تؤدي دائما الى امبريالية؟
انا بالنسبة لي متاكد بدرجة 100% بانه لا يوجد احد يستطيع ان يكتب سطر واحد كمحاولة لينتقد ما قلته.
الى ماذا يلتجئ اذن النسبين الثقافيين لحل ازدواجيتهم الواضحة جدا؟ الجواب: هم لا يستطيعون ان يمتلكوا سوى ادوات سياسية استغلالية, فهم يعتبرون كل شخص غربي يدافع عن القيم الغربية بانه متطرف ونازي, وكل شخص يدافع عن الثقافات الاخرى يسمونه بانه "خوش انسان"
ما قلته اعلاه ينطبق بحذافيره وتفاصيله على الكنيسة الكلدانية فيما يتعلق باللغة, وانا ساشرح التشابه.
لنقسم المنتمين الى الكنيسة الكلدانية الى قسمين, قسم يركز على لغة الام وقسم يرى بان اللغة غير مهمة ويرى لا باس باللغة العربية. لنرى كيف يتم التعامل مع الطرفين.
الكنيسة الكلدانية تقول باننا واجبنا هو التبشير بالمسيحية, اللغة هنا غير مهمة, ولكي نحقق "الحيادية" فاننا لن نقبل بالتركيز على اية لغة. ومن ثم تقوم الكنيسة بوصف كل من يريد التركيز على اللغة الام بانهم متعصبين , منغلقين على انفسهم ومتطرفين الخ.
طيب لقد فهمنا الحيادية التي تطالب بها الكنيسة , السؤال هنا كيف تحقق المساواة؟
الكنيسة تقول لكي نحقق المساواة فان افضل طريقة هي استعمال اللغة العربية بدعوى ان هناك من لا يجيد اللغة الام ولان البقية من يجيد لغة الام يجيد العربية ايضا. واي شخص يتبنى هذه الفكرة فان الكنيسة تسميه بالمنفتح على الاخرين, الشخص الجيد الحسن الاخلاق, شخص "خوش انسان".
اي ان ما تقوله الكنيسة في ان من حق كل شخص ان يمتلك خصوصيته باعتماد الكنيسة ايضا على النسبية هو شئ مستحيل, فنحن نرى ان الكنيسة لا تستطيع ان تمنح هذا الحق لكل شخص. فمن يقوم بالمطالبة بالتركيز على اللغة الام يتم تسميته بالمتطرف والمنغلق على نفسه الخ من صفات. ومن يدافع عن العربية وعدم اهمية التركيز على لغة الام تسميه الكنيسة بالمنفتح وبانه خوش ولد.
من هنا نلاحظ كيف تنهار النسبية في الكنيسة, وكيف ان هذه النسبية ستؤدي تاريخيا الى امبريالية لغوية تسيطر فيها العربية على كل الكنيسة الكلدانية, هذه النتيجة هي حتمية جدا, ولا يستطيع احد من الكهنة تغييرها فقط بكتابة انشاء غير علمي. نلاحظ ايضا كيف تضطر الكنيسة بسبب هذه النسبية الى الالتجاء الى عبارات سياسية لابعاد طرف والدفاع عن طرف اخر, نلاحظ كيف تقوم الكنيسة باستعمال عبارات متطرف ومنفتح ومنغلق, وكيف تستعملها. هذه كلها الحتمية التي تؤدي اليها النسبية.
لذلك كيف ستكون النتيجه؟ النتيجة واضحة جدا واثبتها التاريخ لعدة مرات، بأن طريق الكنيسة الكلدانية سيسير مع الوقت نحو خلق امبريالية ثقافية عربية سيقضي على كل ما تبقى من لغتنا الام ومن تراثنا، تراث أجدادنا.
انا اكون هكذا قد قدمت لك شرح كافي عن سؤالك "ماهي المشكلة". الان اذا كانت البطريركية ليست موافقة على شرحي، فعليها ان تقدم شرح يحوي منطق او ان تقوم بدحض ما قلته. ولكن ما ادحضته أيضا كان الادعاء بان البطريركية لا يهمها سوى التبشير وبانها تقف بمسافة واحدة من الكل، إذ من يريد العربية يتم اعتباره منفتح وخوش انسان ويتقبل الجميع الخ، ومن يدافع عن لغتنا الام السورث يتم اعتباره منغلق وقومي متطرف وبانه شخص غير مهتم بنشر رسالة السيد المسيح الخ. انا شخصيا أرفض قطعيا وصفي هكذا من قبلكم في المستقبل.