صورة ومثال الله في الإنسان
غريغوريوس النيصي ( 335م- 394 )
إعداد / وردا إسحاق قلّو
ليس الجمال الإلهي إشراقاً خارجياً لوجه أو لمظهر جميل ، بل هو يقوم في الغبطة التي لا توصف لحياة الكمال . وكما أن الرسامين في استخدامهم للألوان من أجل رسم
شخصية على لوحة ، يضعون لمساتهم بحسب طبيعة الموضوع ، لكي ينقلوا إلى لوحتهم جمال النموذج الأصلي ، فلكم ، تتصوروا – بذات الطريقة – عمل من جبلنا ! إن
الألوان التي تتصل بجماله لهي الفضائل التي يضعها ويزهرها في صورته ، لكي يظهر فينا القدرة التي هي قدرته .
إن مجموعة الألوان المتباينة في هذه الصورة ، والتي تمثل حقاً ، لا تتصل في شىء بالأحمر والأبيض أو أي خليط من الألوان ، ولا بالأسود الذي يستخدم في تضليل الأهداب
والعيون ، وبعض الجرعات تبرز الظل المحفور بالخطوط ، ولا تتصل عامة بما يستطيع الرسامون ابتكاره أيضاً . فبديلاً عن كل ذلك ، تطلعوا إلى الطهارة ، إلى الحرية
الروحية ، إلى الغبطة السماوية ، إلى الإبتعاد عن كل شر ، وإلى عمل كل شىء ، به يأخذ التماثل بالله شكلاً محدداً فينا . إنه يمثل هذه الألوان قام الخالق برسم طبيعتنا وفقاً
لصورته الخاصة .
فإذا فحصتم الخصائص الأخرى للجمال الإلهي لوجدتم ، على هذه النقاط أيضاً ، ان التماثل قائم تماماً في الصورة التي نحن عليها ، إن الله هو أيضاً روح وكلمة : ( في البدء
كان الكلمة ) , وبحسب القديس بولس فإن للأنبياء ” روح المسيح ” ناطقاً فيهم ، والطبيعة البشرية ما عادت أبداً بعيدة عن هذه الصفات : ففي داخلكم تجدون العقل والفكر ،
تماثلاً بمن هو حقًاً روح وكلمة .
ان الله أيضاً محبة ونبع للمحبة . قال القديس يوحنا السامي المقام : ( المحبة ” تأتي ” من الله ) و ( الله محبة ) . إن مصمم طبيعتنا قد وضع فينا أيضاً هذه الخاصية : ( بهذا
يعرف الجميع إنكم تلاميذي ، إذا أحببتم بعضكم بعضاً ) إذا غابت المحبة ، تشوهت كل قسمات الصورة فينا .
( غريغوريوس النيصي ، خلق الإنسان ، الفصل الخامس )