المحرر موضوع: الرحلة الأخيرة إلى باريس  (زيارة 515 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سـلوان سـاكو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 454
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الرحلة الأخيرة إلى باريس
« في: 04:27 21/05/2020 »
الرحلة الأخيرة إلى باريس
في مشهد لا يفتأ أن يتكرر في السينما المصرية، يرفع الفنان كمال الشناوي سماعة الهاتف ويتصل بسكرتيرته قائلًا، احكزيلي يا منال على أول طائرة طالعة لباريس.
أنتهى كل هذا اليوم واصبح من الماضي الذي لن يعود قريبًا كما كان عليه الحال في السابق حتى قبل شهور خلت. ادلى قطاع النقل الجوي الدولي (إياتا) بدلوه في هذا المضمار حيث صرح المتحدث الرسمي قائلًا، أن عودة الحياة الطبيعية لحركة السفر والنقل والسياحة تحتاج على الأقل الى ثلاث سنوات، أيّ حتى عام 2023. نعم تغير الكثير خلال هذه الشهور الثلاث الأخيرة. وقطاعات واسعة تضررت بسبب الجائحة اللعينة التي ألمت بالأرض بشكلٍ كبير، ولكن يظل حقل الطيران المتضرر الأكبر لما يشكله من أهمية في حركة وسرعة التنقل بين الدول، على جميع الأصعدة والنشاطات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية. قبل كورونا من كان يفكر من الرؤساء والملوك والزعماء أن يجلس خلف طاولة فخمة ويجتمع مع نظرائه من القادة افتراضيًا عبر Skype، من كان يتصور أن تهبط كل الطائرات المُحلقة في الجوّ مرة واحدة، والمشكلة الأكبر التي لم تكن بالحسبان هي لا وجود لمواقف تتسع لجميع الطائرات الهابطة، من كان يفكر أن تُنقل صلوات العيد والاحاد عبرَ الفيسبوك.
الأكيد أنّ هناك تغيرات جذرية طرأت على العالم، الأهم من ذلك كلّه أنّها بلورات أفكار وانساق وخطط جديدة، تبدأ من دوري كرة القدم، ولا تنتهي بالسياسات العليا للدول العظمى. لن يقتصر التغيير على العلاقة بين الفرد ومحيطه حتمًا، بل على المجتمع ككل بأطر عامودية وأفقية في سلوكه وتفكيره ووعيه. سيكون السؤال المطروح الآن وفي المستقبل الى ايّ مدى سوف يصل إليه هذا التغير، هل نُشرع قتل الرحيم بشكل طبيعي دون وخز الضمير إيلاماً للمتوفي، هل نُضحي بكبار السن، هل نفقد البوصلة الأخلاقية ونظام السلم الأهلي وميثاق العيش المشترك والعقد الاجتماعي الذي يضبط إيقاع وحركة الناس، هل يأتي يوم نحسد فيه مملكة الحيوان على قانون الغابّ الذي يحكمهم؟.