المحرر موضوع: حوار طريف بين خادم وغُلام في زمن زرادشت !  (زيارة 697 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل نيسان سمو الهوزي

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 3606
    • مشاهدة الملف الشخصي



حوار طريف بين خادم وغُلام  في زمن زرادشت  ! 
بما إننا دخلنا في سلسلتنا الاخيرة بعض الازقة والملتويات الغير مُحببة والغير مستغاثة للبعض فلا بأس من تغير النغمة ، وتلطيف المناخ الثقافي بين الكبار من الكلدان والاشوريين والسريان ، فلا مانع من ذكر هذا الحوار اللطيف ، الذي قرأته قبل عقود طويلة ولكن لا يحضر لي إسم الكاتب او الكِتاب ( لعد راح انسبَهُ لإسمي  ! ليش اللي كتبَهُ افضل مني ) !  تقول الاسطورة بأن الحوار جرى بين خادم مَحَلي وغُلام خواجي وذلك عندما إلتقيا صُدفةَ خارج باحات القصر لإبعاد القطط والكلاب عن القصرين . ( الحوار قديم واعتقد من الأسطورة الزرادشتية ( هي اصلاً اغلب أساطيرنا زرادشتية ) .   ... حتى لا يتهموننا بالزندقة نبتعد شوية ، بَس ابتعدنا كثيراً !!!!!!
وجب الذكر بأن الخادم كان عبيد الملك وخادمه الأعمى والغُلام كان خادماً مُطيعاً لإقطاعي خواجي او يمكن كان إفرنجي ( يعني صومالي ) كان قصره يلاصق قصر الملك .
الخادم  : انا اعمل خادماً للملك ، وأكون معه طول النهار ، وحتى أحياناً في الليل ، لا بل حتى أحياناً  لا يَخْلد مَلِكُنا قبل ان تلمس فقرات ظهرهُ  أناملي الذهبية . وما عَمَلُك انت !
الغُلام : انا اعمل غُلاماً لِوَلي نْعمَتي ، فأقضي له طلباته اليومية واحصل منه على اجر كبير ومحترم ولكنني لا أقوم بتدليكه . في احيان قليلة يطلب مني تدليك حصانه او فقرات عنق عقليته وهي بدورها تُكَرِمني على ذلك بشكل مُرض .
الخادم : انا ثوابي يَسير ولكنني لا أخدم من  اجل الإجارة ،  بل لأن جدي كان يعمل بنفس المكان والعمل فأوصى سلالتنا بالاستمرار في تلك الخدمة حتى ان كانت دون مقابل .
الغُلام : هذا يعني بأنك لم تعمل حساب المستقبل ولَم تُدَخّر بعض المال لليوم الأسود !
الخادم : وما نافعه  ذلك المال وأنا بأمان في قصر الملك !
الغُلام : وماذا فارضين رحيل الملك غداً لسبب من الأسباب !
الخادم : سأعمل نفس العمل مع الملك الجديد !
الغُلام : وماذا إن شاء الملك الجديد بإستبدال كل الطاقم القديم بحديث !
الخادم : فالك ولا فال الشيطان يارجل ! كل الأمراء والأميرات والمُقَربين الذين قد يكون منهم الملك القادم  يعلمون بقصتنا وسلالتنا الخادمة للملك ، فلا يمكن ان يستغنوا عني في اي حال من الاحوال !
الغُلام : وماذا عن اولادك ! هل يخدمون في القصر ام لهم مِهَن اخرى !
الخادم  : لا نحن عائلة خادمة للملك وليس لنا اي فرع آخر . كل ذُريتنا السابقة  واللآحقة تخدم الملك ولا شيء آخر ! وأولادك انت !
الغُلام : لا  ، أولادي يعملون في مهن وأعمال حرة ، ولهم حياتهم الخاصة ، ولكن عندما يحتاج ولي نعمتي احدهم في خدمة ما فيهرعون لتلبية طلبه او طلب احد أفراد حاشيته ، وغير ذلك فهم احرار في مِهنتهم وعملهم !
الخادم  : وكيف تقضي يومك في خدمة ولي نعمتك !
الغُلام : في الصباح أهيأ له الحمام الساخن ، ومن ثم احضر له وللحاشية الترويكة ، وبعد جلي الصحون ابدأ بتحضير الغداء وبعدها تنظيف القصر ، وفِي العشية أقوم بتحضير العشاء وبعدها تبدأ فترة المساج الى ان يخلد ملكي ( هذه الرئيسة اليومية ) . وانت كيف يكون نهارك !
الخادم  : انا ولي نعمتي يشرب القهوة الصباحية قبل الفطور ، ومن ثم يبدأ الفطور ، وبعدها تنظيف القصر قبل تحضير وجبه الغداء ، وبعدها أطلُ على الزروعات وأسطبلات الاحصن واغلب الأحيان يكون ولي نعمتي في هذه الأثناء قد انتهى من قيلولته ، فأسرع لتهيئة الحمام  له ، وبعد ان ينتهي من الشاور ابدأ في تهيئة مائدة العشاء مع المشروبات الروحية ، وبعد ان يسدُل منتصف الليل يخلد للراحة ، وفِي احيان قليلة يطلب مني مساجاً لعضلاته السفلى او لفقرات عُنق ورقبة وَلية نعمتي !
الغُلام : وهل لك خدمة أو اعمال خارج القصر !
الخادم  : احياناًيطلب مني ولي نعمتي بتنظيف حوالي القصر وابعاد مواء القِطط ونباح الكلاب السائبة التي تتجمع حول الأسوار قاصدة رائحة المشاوي الى باحات بعيدة . وانت هل لك واجبات خارجية !
الغُلام : نعم انا أيضاً مثلك أقوم بعَيّن المهمة ، ولكن لا أقوم بإبعاد الكلاب بل بإصطيادها او قتلها ، ولي نعمتي يؤمن بأن الكلاب السائبة تكون أحياناً حتى اخطر من الذئاب ، وخاصة على حياة الأطفال وبعض الحيوانات الأليفة وحتى المارة والحُراس . خاصة ان الأطفال لا يمكن لها ان تُفَرّق بين الكلب المؤذي والكلب الأليف . في يوم قام كلب بِعَض أحد الحُراس نجى من عَضتهِ بإعجوبة ، بالرغم من إن الحارس كان يَطعُم نفس الكلب ولسنوات طويلة .. لهذا امر ولي نعمتي بِتصفيتها ......
الخادم : يعني لا فرق كثيراً بين عملي اليومي وَعَمَلُكَ !
الغُلام : لا هناك فرق كبير . فأنا أجني في احيان كثيرة على عطية من الزوار وكذلك انام في غرفة خاصة وليس مع باقي الخدم !
الخادم : لا اننا لا نحصل على الإكرامية ،  لأننا اصلاً لا حاجه لنا بِها ، لان جميع أفراد العائلة يعيشون ليل نهاراً في القصر ! اما بالنسبة للنوم فهناك اسطبلات كثيرة وفارهة .
الغُلام : بصراحة يا صاحبي إنني أشفق عليك وعلى عائلتك كثيراً على هذا الوضع المزري الذي انتم  فيه !
الخادم : لا بالعكس ، فنحن مرتاحين ولا ارى اي فرق بين حالي وحالك غير مسألة الهِبة الذي يكرمون بها عليك ، وغير ذلك فنحن في كل الاحوال نعمل كخامدين مُطيعين لا حول ولا قوة لنا .
الغُلام : لا هناك فرق كبير . فولي نعمتي  رجُل حُر وانا أيضاً أتحرر أحياناً ، واولادي خارج القصر ولا يخدمون إلا اذا كانت هناك حاجة لهم !
الخادم : يعني في النهاية خدم وكلما أراد ولي نعمتك فهم خداماً له أيضاً !
الغُلام : نعم ولكن الوضع يختلف معي ومع عائلتي قليلاً !
الخادم : والله يا صاحبي يقول المثل : لو ما اتشابهوا ما إتلاكوا  ! فنحن خدام وتابعين وإن اختلفت الطريقة والاسلوب !
الغُلام : يعني هناك فرق قليل ! فأنا أحياناً اشعر بنفسي كبير وكبير جداً يعني ، يعني ، هيك مثل البَغل الضخم ، وهذا  يسعدني طول النهار الى فترة النوم فأذهب وأخلد للنوم في حضيرة الحمير !
الخادم : ألم اقل لك يا اخي لا فرق بيني وبينك ! صحيح قالها المَثل .
الغُلام : سامحتك الألهة يا آبو كُلَيّب الحِمار !
الخادم : هَها هَها هَها ، سامحتك العزة والهُبَل يا ابو ورقة البَغل !
هههههههه ، قَرْقَرا  الاثنين سويةً ، أحدهم كان يقطُرُ بغلاً والآخر حماراً الى الحضيرة  .
لا يمكن للشعوب المتخلفة أن تتقدم دون البدأ من نقطة الصفر .
ملاحظة : الكاتب لا يسمح بالتعليق على الكلمة فيرجو عدم الإحراج ...
نيسان سمو  23/05/2020