المحرر موضوع: يوم الخمسين، وحلول الروح القدس وتأثيره في المسيحية الباكرة.  (زيارة 271 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سلام الراوي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 639
    • مشاهدة الملف الشخصي
المعرفة عن يوم الخمسين ومغزاه وتاثيره في حياتنا.
:

المدينة المقدسة اورشليم، تعجّ شوارعها بالنشاط والحركة. اللاويون يرنمون مزامير الهَلِّل ( ‏المزامير ١١٣ إِلَى ١١٨‏). فيما الدخان يتصاعد من المذبح في الهيكل. أما الزوار فقدموا من كل حدب وصوب. فمنهم، قدِم من عيلام وبلاد ما بين النهرين، ومنهم من كبّدوكية وبنطس ومصر وروما. فَلِم حضروا؟.  اتوا للأحتفال بـ (يوم الخمسين). والمدعو ايضا ( يوم البواكير. ‏عدد ٢٨:‏٢٦‏)‏. وهذا الاحتفال السنوي المبهج، وسم نهاية حصاد الشعير وبداية حصاد الحنطة. وفي هيكل يهوه الله اجتمع بانتظام كل اليهود المتدينين قادمين من شتّى انحاء المعمورة. لتقديم الذبائح والعبادة وللاحتفال بالاعياد الموسمية. فقد امر يهوه الله قائلا:-(ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي ٱلسَّنَةِ يَظْهَرُ جَمِيعُ ذُكُورِكَ أَمَامَ يَهْوَهَ إِلٰهِكَ فِي ٱلْمَكَانِ ٱلَّذِي يَخْتَارُهُ.‏ ‏تثنية ١٦:‏١٦‏). فضلا عن ذلك، كانت اورشليم مقر السنهدريم الاعلى. وهو المحكمة اليهودية العليا والمجلس الاداري المركزي. نحو الساعة التاسعة صباحا من ذلك اليوم الربيعي. عام ( ٣٣ ب.‌م )،‏ يقع حدث بارز، سيُذهل الناس لقرون عدة. فبدون سابق انذار، يصير:-( دَوِيٌّ مِنَ ٱلسَّمَاءِ كَمَا مِنْ هُبُوبِ رِيحٍ شَدِيدَةٍ. ‏اعمال ٢:‏٢‏). فيملأ الصوت القوي بيتا يجتمع فيه حوالي (١٢٠) تلميذا من تلاميذ يسوع. ثم يشهد الحاضرون ظاهرة عجيبة. إذ تظهر ألسِنة كأنها من نار ويستقرّ واحد على كل منهم. ( فَيَمْتَلِئُ ٱلْجَمِيعُ رُوحًا قُدُسًا)، ويبتدئون يتكلمون بلغات اجنبية. وعند مغادرتهم البيت، يندهش الزوار الاجانب الذين يصادفونهم في طرقات اورشليم، لأنهم كانوا يتكلمون معهم، (كُلُّ وَاحِدٍ كَانَ يَسْمَعُهُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِلُغَتِهِ. اعمال ٢:‏١-‏٦‏).‏ يشكل يوم الخمسين، نقطة تحول في تاريخ العبادة الحقة، اذ يشهد على تأسيس الجماعة المسيحية الممسوحة بالروح القدس، اي ( اسرائيل الروحي. غلاطية ٦:‏١٦‏). اضافة الى ذلك، تخبرنا الرواية أنّ بطرس الخائف وناكر سيده، القى خطابا حينذاك أمام الجمع المحتشد، مستعملا أول (مَفَاتِيحِ مَلَكُوتِ ٱلسَّمٰوَاتِ)، التي تفتح الباب أمام مجموعات مختلفة لنيل امتيازات خصوصية.‏ (وَأَنَا أَقُولُ لَكَ:‏ أَنْتَ بُطْرُسُ،‏ وَعَلَى هٰذَا ٱلصَّخْرِ سَأَبْنِي جَمَاعَتِي،‏ وَأَبْوَابُ هَادِسَ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا.‏ ١٩ سَأُعْطِيكَ مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ ٱلسَّمٰوَاتِ،‏ فَإِنَّ مَا تَرْبِطُهُ عَلَى ٱلْأَرْضِ يَكُونُ ٱلْمَرْبُوطَ فِي ٱلسَّمٰوَاتِ،‏ وَمَا تَحُلُّهُ عَلَى ٱلْأَرْضِ يَكُونُ ٱلْمَحْلُولَ فِي ٱلسَّمٰوَاتِ.‏ متّى ١٦:‏١٨،‏ ١٩‏)‏. فالمفتاح الاول، افسح المجال لليهود والمتهودين ليقبلوا البشارة ويُمسحوا بروح الله القدس، فيُصبِحون جزءا من اسرائيل الروحي، ويحصلون على رجاء الحكم ملوكا وكهنة في الملكوت\ الحُكم. قارنوا:- (‏رؤيا ٥:‏٩،‏ ١٠‏)‏. ومع الوقت، كان هذا الامتياز سيُمنح للسامريين والاممين\ الوثنيين ايضا. فماذا نتعلم من هذه الاحداث المثيرة في يوم الخمسين سنة  ٣٣ ب.‌م؟‏.
تألّفت نواة الجماعة المسيحية من ١٢٠ تلميذا تقريبا اجتمعوا (كُلُّهُمْ مَعًا فِي ٱلْمَكَانِ نَفْسِهِ). في عُلّية حيث مُسِحوا بالروح القدس. قارنوا:-(‏اعمال ٢:‏١‏). وهكذا باتت الجماعة تضم آلاف الأعضاء المعتمدين. ولم تكن هذه الزيادة سوى انطلاقة هيئة منظمة، لا تزال آخذة في التوسع حتى يومنا هذا. فالجماعة المسيحية اليوم المؤلفة من رجال ونساء أتقياء، هي الوسيلة المستخدمة للكرازة (‏ بِبِشَارَةِ ٱلْمَلَكُوتِ .‏ .‏ .‏ فِي كُلِّ ٱلْمَسْكُونَةِ شَهَادَةً لِجَمِيعِ ٱلْأُمَمِ قَبْلَ نِهَايَةِ نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ.‏ متّى ٢٤:‏١٤)‏.‏ لا شك أنّ الحماسة دبت في اليهود والمتهودين على السواء يوم الخمسين سنة ٣٣ ب.‌م.‏ واللغة المشتركة المحكية كانت اليونانية او العبرية، ولكن المدهش:-( كُلُّ وَاحِدٍ كَانَ يَسْمَعُ [ٱلتَّلَامِيذَ] يَتَكَلَّمُونَ بِلُغَتِهِ.‏ ‏اعمال ٢:‏٦‏)!‏. ولا بد أنهم تأثروا بسماع البشارة بلغتهم الأم!. فاليوم لا يُعطى المسيحيون قدرة عجائبية على التكلّم بألسنة، الا ان كثيرين يخصصون الوقت والجهد لايصال رسالة الملكوت الى كل الجنسيات بلغاتهم قدر الامكان. وغالبا ما تترك جهودهم أثرا بالغا في سامعيهم. ( وقف بطرس ) ليخطب في الحضور الآتي من مختلف اصقاع العالم. (‏اعمال ٢:‏١٤‏)‏. فأوضح لكل الراغبين في الاصغاء أنّ القدرة العجائبية على التكلم بلغات متنوعة وهبها الله اتماما لنبوة يوئيل‏:-( أَسْكُبُ رُوحِي عَلَى شَتَّى ٱلْبَشَرِ. ‏يوئيل ٢:‏٢٨‏). ولا عجب في ذلك. فيسوع قال لتلاميذه قبل صعوده الى السماء:-(‏ سَأَطْلُبُ مِنَ ٱلْآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعِينًا آخَرَ)،‏ ثم حدد هوية المعين بوصفه ( رُوحَ ٱلْحَقِّ. يوحنا ١٤:‏١٦،‏ ١٧‏).‏ ختم بطرس خطابه بحزم، قائلا:-( فَلْيَعْلَمْ يَقِينًا كُلُّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ أَنَّ ٱللهَ جَعَلَ يَسُوعَ هٰذَا ٱلَّذِي عَلَّقْتُمُوهُ عَلَى خَشَبَةٍ رَبًّا وَمَسِيحًا.‏ اعمال ٢:‏٣٦‏). صحيح انَ معظم سامعيه، لم يشهدوا اعدام يسوع على خشبة الآلام، غير أن الأمة بمجملها، حملت مسؤولية هذه الجريمة الاشنع على الاطلاق!.‏ مع ذلك ناشد بطرس اخوته اليهود باحترام واسلوب يمس قلوبهم.  فهدفه، كان حملهم على التوبة لا ادانتهم. وماذا عنهم؟. هل استاؤوا من كلماته؟ كلا على الاطلاق. فقد ( طُعِنُوا فِي قُلوبِهم)، وسألوا قائلين:-(مَاذَا نَصْنَعُ؟‏).‏ وعليه ساهم اسلوب بطرس اللبق كما يبدو في بلوغ قلوب كثيرين وتشجيعهم على التوبة. قارنوا:-(‏ اعمال ٢:‏٣٧)‏.‏ وعلى غرار بطرس، بامكاننا نحن ايضا، أنّ نتكلّم باسلوب يمس القلوب المهيأة لقبول كلمة الله وبشارة ملكوته. فالذي هو مدعو من قبل الاب يهوه يلبي الدعوة دون تأخير:-(لا يقدر احد ان يأتي اليّ إنْ لم يجتذبه الآب الذي ارسلني.‏  يوحنا ٦:‏٤٤‏). فمستقيمو القلوب، يتجاوبون مع حقائق الكتاب المقدس عندما نتحدث معهم باسلوب ايجابي وليس باسلوب ادانة.
نطلب منك ابانا السماوي يهوه، ان تمنحنا روحك القدس، لينير الطريق امامنا ولنميز الحق عن الباطل ونطبق مشيئتك لتفرح بنا كابناء مطيعين، باسم الابن الطائع يسوع المسيح آمين.
 المصادر:
١- الكتاب المقدس.
٢- مكتبة برج المراقبة الالكترونية
.‏