المحرر موضوع: العالم الصامت  (زيارة 769 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل آدم دانيال هومه

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 120
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
العالم الصامت
« في: 19:51 01/06/2020 »
لقد كتبتُ هذه الخاطرة جواباً على رسالة تلقيتها من الفنان التشكيلي الآشوري العالمي حنا الحائك من مدينة القامشلي وأنا في قريتي المنسية ولطو (تل نصري) على ضفاف نهر الخابور أثناء العطلة الدراسية الصيفية حيث كنت في الصف العاشر وكان هو مدرس مادة الرسم في دار المعلمين بالحسكة.

العالم الصامت
مهداة إلى الأخ (الغريب الحزين)
كيف سيصل إلى أذنيك صوتي بين نقيق الضفادع وعواء بنات آوى؟. إن بيني وبينك بحر لا متناه من الظلام لا ينوس فيه وميض نور. هام فيه زورق محطم الشراع، يرنو إلى الأفق البعيد. يودّ لو يهتدي للمرفأ الصخري في حدقة الفجر الجديد.
ملأت أحشائه الزوابع، يشقّ طريقه زاحفاً إلى رصيف الحياة. يراهق في أعصابه الضلال فتخور قواه ويتداعى تحت أقدام الريح، ويكرع الخلاص من ثقوب الأمل، وتفحّ أنفاسه حقداً مستعرا على الخنازير اللاهية في مزرعة الحياة.
ماذا حصدتَ من قمح بلادك غير قبض ريح؟.
لقد كنتَ تأمل أن تزرع في أرضها بذار سعادة أزلية لا تميتها دوامس الليالي، وتغرس فيها شجيرات تثمر الجواهر والياقوت. لكنك جنيت أزهار شقاء. أجل أزهار شقاء. وجمعت تلك الزهور في مزهرية عناصرها لا تموت ولا تزول. لكنها اضمحلت يوم تحطمت على كتلة الدماء. وجثوت على ركبتيك تجمع حبات قلبك، زهرات شقائك، من بين ثنايا التراب الحزين. وسرت تلوك الدروب بصندل قديم. وعندما تعطش تكرع الماء بصندلك ذو الرائحة العبقة.
صندلك مصنوع من بخور معابد الهند.
إنك تجوب بحور الجليد... وكلما شددت الرحال إلى بلاد نائية فيما وراء الزمن لتنقب عن المجهول، لتحقّق المستحيل، لتكتمل إلهاً، تجد نفسك مشلولا. آنذاك تتدفّق شلالات اليأس من علياء نفسك وتنصبّ في سواقٍ طويلة... طويلة عليها قامت صفصافة جذلى تغني نشيد الدهور.
وتلتوي على جراحاتك تداعب دمها المتخثر بفعل صقيع الأجيال. ويعانق الموت السخيف كل أطراف حياتك التافهة.       
إن شباكك قويّة مصنوعة من خيوط الإيمان والأمل. مشبوكة بالعزم والإرادة. لكنك تلقيها في مياه لزجة يكثر فيها الاخطبوط. وأولادك يتضوّرون جوعاً إلى التراب المرّ. يصارع في أحشائهم السقم، وتسحقهم أقدام الموت الدنيئة.
تأمّل الشمس في قبّة الفلك. إنها تسقي السماء من دمها، وتكلل هامة الأرض بتيجان سناها. لكنها غريبة عن الأرض والسماء. ولا تلبث الأرض الخبيثة أن تحفر للشمس قبرا بفأس الغروب، لكنها لا تني أن ترتمي هي نفسها فيه.
وتبقى الشمس نيّرة تثمل الكون من خمر ضياها، وتطئ بأقدامها صدر الموت والزمن.
كم من غريب عن العالم الصامت، لكنه ملحده في زوايا صدره.
كم من حزين على شواطئ العالم الصامت يقف أمام وجه العاصفة ضاحكا ملء شدقيه.
ها قد أتيتك اليوم، أخرس الكلوم، وجاءتك روحي من الأزل. فاملأ كأسي مداما من حصرم كرمك. واشعل لي مصباحا فإني أمقت الظلمة. وليكن زيت سراجك عسل الأرواح.
إني تعِب! فافرش لي ندى القلوب العمياء.
أنا جائع... وجائع.... وجائع. لا تشبعني غير جماجم الذئاب الضارية.
لا تدعني في بلقع أنتظر حلول الربيع. لأنني رقدت مائة جيل في مقبرة وأنا في انتظار يوم عرس بهيج دون جدوى.
هنالك... في أعمق أعماقك أحرف أقوى من الموت والقدر. منبثقة من قلب الغابر السحيق. متموّجة في كيانك. وقد دفنتها في ظلال جنانك. وجعلت ذواتك كلها تأتي صاغرة وتقبّل أطراف تلك الحروف بخشوع وحنان.
قد تكون كلماتي هذه نفحة ناي في عاصفة هوجاء. ولكن لا ضير. فإن لم تستطع طيور الحقل، أو لم ترد، سماعها فبلابل شجيرات وادي العقيدة ستتلهى بخصلات صداها.
أنا لا أقول بأن تشتعل الجبال. تكفيني جمرة في كل تل رماد.

،،،،،،،،،
964 / 11 / 30





غير متصل اخيقر يوخنا

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 4982
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: العالم الصامت
« رد #1 في: 19:05 03/06/2020 »
رابي ادم دانيال
شلاما

خاطرة جميلة بقلم شاعري ،،احسنت
تقول ( لقد كتبتُ هذه الخاطرة جواباً على رسالة تلقيتها من الفنان التشكيلي الآشوري العالمي حنا الحائك من مدينة القامشلي وأنا في قريتي المنسية ولطو (تل نصري) على ضفاف نهر الخابور) انتهى الاقتباس

نود ان تزيدنا معرفة باعمال وافكار ونشاطات الفنان التشكيلي الاشوري العالمي حنا الحاءك ،،،،ان امكن ،،،،تقبل تحياتي