المحرر موضوع: مذكرات بيشمركة / 89 إنسحاب شيخ وسان !  (زيارة 330 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سعيد الياس شابو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 253
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
مذكرات بيشمركة / 89
إنسحاب شيخ وسان !
سعيد الياس شابو / كامران
2020.06.10
في العشرين من شهر آذار من عام 1983 ميلادية من القرن المنصرم  تحركت مفرزة كبيرة تقارب بين الثلاثين والأربعين من المقاتلين الأنصار البيشمركة لحزبنا الشيوعي العراقي وبقيادة الرفيق مام خدر كاكيل والرفاق الآخرين  .... والقوة مشكلة من السريتان في سريشمة وروست ، متوجهة الى ذاك الصوب .. أي الى بشت آشان  وليوزة من طرف ومقر قاطع أربيل في شيخ وسان من طرف آخر .
أنطلقت المفرزة المتحزمة لتتحرك في المساء المتأخر وعتمة الليل .. لكي يبدأ مسيرها الليلي وهي منطلقة من المقرات ومتجهة نحو الطريق العلوي للقرى جيزان و جيزلنكئ ، بحيث أنظم الرفيق رنجبر الى المفرزة وحتى شارع العبور ، وبعد عبور الشارع المفعم بالخطورة وبالرغم من برودة الطقس والثلوج الكثيفة التي سقطت بالشتاء وكثرة الأمطار الموسمية وصعوبة العبور من النهر الهائج والقادم من عدة أتجاهات أي مناطق حاج عمران وجومان وكلالة والجبال والوديان في طرفي النهر .. إلا أن عزيمة الثوار وهي قاهرة للطبيعة . وبالرغم من أن كان هناك جسرفي المنطقة بحيث تعلوه ربيتان عسكريتان مسيطران على الجسر والمنطقة إلا أن خيارنا كان العبور من النهر ! وفي عشية عيد نوروز ، وعند العبور تبقى الإجتهادات والخيارات لكل شخص من أن يقرر في تلك اللحظة .. كيف يعبر .. بكامل ملابسه وعدته أو منزوعا منها وملفوفة على شكل شدة يربطها على  ظهره أو عنقه !! المهم عبرنا بقدرة قادر .. مياه نهر ريزان والنهر الفائض كادت مياهه المجنونة من أن تغدر بنا لو لا تماسك الأيدي مشكلة طاقة وقوة إضافية .
وبعيد عبور النهر وسلامة الجميع ، بحيث كانت الكتل الثلجية الصغيرة لا تزال تجد موقعا على ضفتي النهر وحواليه ، وما الحسابات الكثيرة إلا وأنت مرغم بالعبور وتحمل كل العواقب الممكن تحديها وتجاوزها والوقوع بها في الحالات السيئة !
وفي الصباح الباكر بحيث أصبحت الرؤية الواضحة تحدد الأشياء . بلغنا الشارع وقرية رزوكريان ( الفحامة ) وكانت القهوة أي الجايخانة تستضيف روادها ، ولقت أبصارنا على بيشمركة الأخوة الأتحاد الوطني ( أوك ) وكانوا بكامل عدتهم ، وكانت النظرات المشحونة الغير حميدة بين طرفينا هي السائدة بالرغم من سلامنا وردهم للسلام !!
وفي ره زوكه ريان تفرقنا الى مفرزتين ، نحن الثمانية كنا قاضدين قاطع أربيل  بقيادة الرفيق أبو علي الشايب .. أتجهنا نحو اليمين أي بأتجاه قرية ( دركلة ) ومفرزة  الرفيق خدر كاكيلي قصدوا اليسار ومتجهين الة قرية ( ليوزة ) ومقر الرفاق روستم وحاجي جمال وأبو دلشاد والرفاق الآخرين . ومتحدثا وطالبا مني  خدر كاكيلي أي من كاتب السطور من أن ألحق معهم وأنه أي مام خدر بعد حين وهو الآخر يروم زيارة القاطع ! إلا إنني لم أقتنع بالتوجه الى المنطقة أي ليوزة وبشت آشان  ! فهم واصلوا بطريقهم الى ليوزة ونحن الى دركلة  بحيث تناولنا وجبة فطور عند بيوت الرفاق وعند رؤية قرية دركلة تمنيت من أن أسكنها في حال السلام والأستقرار لو أمكن !
وعبر المناطق والقرى والجبال والوديان الجميلة وصلت مفرزتنا الى مقر القاطع بحيث الرفاق الذين لم نكن نراهم لسنين وربما منذ التحاقهم لأول مرة .
وتسبق قرية شيخ وسان .. قرية باليسان وتحيطهما جبال ومرتفعات مطلة على المنطقة من جهة الشرق ، وما وراء تلك الجبال ثمة وادي سحيق وعاصي ومحيط بالجبال والذي تعودنا على ذكر أسمه لأكثر من مرة .. ألا وهو وادي  ( مه له كان ) الشهير والعاصي والجميل بطبيعة تكوينه والمقاوم لكل الحكومات ! فأما من جهة غرب القريتين أو القريتان فجبل ( هه ور ئ ) وجبل هوري وهي سلسلة ممتدة تطول من ا لشارع الممتد بين شقلاوة وسيساوة ومتواصلا الى مناطق عليا جغرافيا وتلك القرى والمناطق الجميلة والى أن يبلغ مناطق ( جيوة )  ومنطقة بيتواته والى أن يبلغ بالقرب من منطقة ( جوارقورنة ).
والمنطقة برمتها أي وادي آلانه وقراه العديدة كانت مناطق تابعة لبيشمركة الأحزاب المتمثلة باجود من طرف .. ومن الطرف الآخر حزب الأتحاد الوطني الكوردستاني ، بحيث تتواجد ومتمركزة قوات أوك بالدرجة الأساسية في قرية باليسان و شيري العليا والسفلة و كاني برد وقرى أخرى ومفارز جوالة صاعد نازل  وكانت تصادف مفارزنا مع أوك في تلك القرى قبل التشنج الحاصل فيما بينها !
فأما قوات جود والمتمثلة بالأحزاب الأشتراكي الكوردستاني السوسياليست ، الديمقراطي الكوردستاني البارتي . والشيوعي العراقي ، حشك  ، والمتمركزين في قرى شيخ وسان . توتمة ، بناوي ، وملكان ومفارز جوالة صاعد نازل ! أي كنا جوارين غير حميدين ولا نحبذ  بعضنا البعض  الآخر أي أحزاب جود وأوك !!
وكان ربيع تلك السنة ممطرا وحركة المفارز مستمرة والتشنجات والصدامات والعداء واللقاءت جلها غير حميدة ولا تبشر بالخير! لابل كان الطين يزيد ويزداد  بله تدريجيا في الآونة الأخيرة ، ومن ثم كانت بعض العوائل والتي لها بيشمركة أنصار تنتهز الفرص للقيام بزيارات لأولادها ومحبيها وهي قادمة من المدن والبلدات حاملة معها وفي علاليكها وقدورها وفي أكياسها وصناديقها ما لذ وطاب .. لكون البيشمركة محرومين من الكثير من المواد الغذائية والضروريات الأخرى ، وسأكتفي بسرد القليل القليل جدا منها !
المدرسة الوحيدة في قرية شيخ وسان والتي كان التدريس فيها معطلا نتيجة الحرب العراقية الأيرانية وسيطرة قوات المعارضة على تلك القرى أي نحن وأوك ، وغياب المعلمين من تلك المارس مع الفرارية منهم والذين أختاروا القرى الكوردستانية المحررة مواقع سكناهم وبحماية البيشمركة !! وبالرغم من كونهم طلقاء وتحت حمايتنا إلا أن البعض الغير القليل كان يستفزنا وينتفدنا ويحاربنا والقول لهم أي أنكم معارضين النظام وتتحاربون وتتقاتلون فيما بينكم !!
فأما نحن البيشمركة النصار والقادمين من مختلف بقاع العراق الغير فدرالي كنا نستغل البعض من أيام الربيع للتنزه والتمتع لساعات في الربيع وحاملين ما في جعبنا من المجود والمقسوم ونستأنس أنفسنا ونتنفس الصعداء وننسى الحرمان والأوضاع البائسة والقادمة من جميع الجهات ، هناك من هو نصير ويستشهد إبنه  ، أخيه ،  وأقاربه في جبهات الحرب بين العراق وإيران ، وهناك من ينتظر الفرج والذهاب الى إيران أو وقف الحرب !!

وكان قرار قيادة قوات جود بالأنسحاب من المنطقة  .. نزل  كالصاعق على رؤوس الأنصار والبيشمركة ومشكلا التذمر عند الكثيرون دون أن يعلموا ويعوا  حقيقة ما هو البقاء في المنطقة وخاصة بعد سقوط بشت آشان في الأول من أيار وما يليها من مخطط جهنمي للإيقاع بقواتنا !
...