ماذا يحدث في الغرب ؟.. وما الموقف من تركيا ... تعقيبا على رد الاخ Gabriel Gabriel المحترم .
تضمّن الرد بعض الاراء احاول الاجابة عليها حسب فهمي..
يقول الاخ كابرييل : " الغرب الذي يتصوره العالم الشرقي مسيحياً لم يعد كذلك " ...
اعتقد ان الغرب لا يزال مسيحيا ، وان الايمان المسيحي بدأ يعود اليه بعد فترة طويلة من الأفول والغياب بسبب محاولات " الليبراليين" المستميتة في ابعاد الانسان الغربي عن الايمان المسيحي ... ولتحقيق غرضهم هذا استعملوا كافة الطرق المتاحة لديهم ، بما فيها سن قوانين غريبة بأسم الحرية وحقوق الانسان ....
ولكي نكون منصفين ، ان الليبراليين الاوائل كانوا مسيحيين مؤمنين ، ولا زال قسم منهم كذلك لحد الان... لكن ، وبمرور الوقت ، برز من بينهم فئة تتحالف مع احزاب او مجاميع اخرى لها نفس الاهداف في محاربة المسيحية ، كُرها او لقاء ثمن مدفوع ... استطاع هؤلاء شراء وسائل اعلام عملاقة والتأثير على اساتذة الجامعات بهدايا ومنح سخية ... والنتيجة كانت فوزهم في الانتخابات لتصبح احزابهم ونفوذهم على رأس الحكومات الغربية ..
وكانوا ( ولا يزالون ) يؤثرون على الرأي العام وخاصة على فئة الشباب بتقديم لهم بدائل ماكرة خادعة تغازل احلامهم وجموحهم التوّاق الى الحرية وكسر المفاهيم البالية . ومتخذين من اخطاء الكنيسة في الماضي ، وتقاعسها وانغلاقها على نفسها في الحاضر ، أسلحة تفنّنوا في استعمالها لخداع لانسان الغربي ..
لقد مهّدوا أرضية صالحة لظهور ادباء يتحدثون عن " عبثية الحياة " ... ويقدمون عوض المباديء بدائلا سهلة جاهزة غير مكلفة ، وهي البحث عن " اللذة الآنية " ، و just be happy بعد ان تغيّرت مفاهيم كثيرة عن الحياة بعد المآسي التي انتجتها الحرب العالمية الثانية ...
لم تكن " ثورة الجنس " ، والتمرد السلبي ، والطباع البوهيمية الرافضة مثل الهيبس ، وخلق جماهير مهووسة بأغاني البيتلز والروك.، عفوية ... بل كان هناك من يقترحها ويمولها ويرعاها.. ولها شخصيات كارزمية تبهرها مثل Timothy Leary الاستاذ في جامعة الهارفارد العريقة ، والمدافع العنيد عن توزيع حبوب LSD " حبوب الهلوسة " ... وصفه الرئيس الامريكي آنذاك " ريتشارد نيكسون " بأنه أخطر رجل على امريكا ، ثم سُجن اكثر من مرة لاتجاره بالمخدرات !!! ، ثم وجدنا مثلا المغني الشهير John Lennon وهو يقيم حفلات لدعم " البروفسر " الماجن المخبول " ، ومن ثم ليغني لنا اغنيته المشهورة Imagine التي تدعو الى السلام بإنكار الله !!... لم يكن ذلك عفويا ... بل عملا ممنهجا لاسقاط الغرب بأية وسيلة كانت ...
ولنا ان نقف طويلا ونتأمل ... كيف لاغنية " السلام " الجميلة هذه ان تحارب " رئيس السلام " ؟ .. ما الدافع ؟ ...
كما شهددت فترة الستينات ظهور معابد لـ "عبدة الشيطان " ... حرصوا على تسمية معابدهم بـ " الكنائس " امعانا في الخداع مثل: Process Church of the Final Judgment
... و Church of Satan .... و Church of Scientology.
للاسف استطاعوا ايقاع فنانين كبار ومشاهير في حبائلهم ... وهم لا يسمحون لـ " المرتد " بالافلات منهم لان مصيره القتل بالتعذيب او باستهداف عائلته !!...كل ذلك كان لكسب المزيد من الشباب والتأثير عليهم ... وكان ان شكّلوا عصابات ارهابية لاغتيال من يقف في طريقهم او من يحاول فضحهم ، او ذلك الذي يحاول ان يبشّر بالايمان المسيحي بينهم ..كما حدث للفتاة الامريكية Arlis Perry ( موظفة في الجامعة ومتزوجة حديثا ) بعد استدراجها وقتلها والتمثيل بها داخل الكنيسة بعد وقت الصلاة العصرية ، او قيامهم بعمليات اغتيال عشوائية للفتيات لارهاب المجتمع ... وصفهم وصفا دقيقا الصحافي والكاتب الامريكي المبدع Maury Terry في كتابه الوثائقي الشهير The Ultimate Evil …
اقول ، لم تكن هذه الافعال الا حصاد لما زرعته هذه الفئة الليبرالية من الاحزاب ... وجعلت من حصادها للشباب الضائع قوته اليومي ( خبزهم كفافهم اليومي ) !!!.. مخدرات وجنس وضياع .. ولم تعد افلامنا تخلو من مشاهد الجنس والعنف ...حتى افلام الكارتون ولعبات الفيديو لاطفالنا .... أُضيف اليها حديثا ما يدعو للتعاطف مع " مثيلي الجنس " ..
لكن الايمان المسيحي يعود الى الغرب الآن وبقوة ، من روسيا الى امريكا ...وهذا وعد من الرب " وابواب الجحيم لا تقدر عليها " ... لكن الحرس الليبرالي القديم لا يسلّم بالامر بسهولة ... انه يقاتل بكل قواه ... ونرى ذلك واضحا في الحزب الديمقراطي الامريكي والاحزاب الاوربية الحاكمة الان .... تصوّر بلغ الكذب معهم ( خاصة وان معظم وسائل الاعلام تعمل لصالحهم ) ان يُرعبوا الانسان الغربي بإفهامه ان اليمين المسيحي أخطر من داعش عليهم ...هذا ما قاله الحزب الاشتراكي الفرنسي والاحزاب الشبيهة في الغرب ...كل ذلك ، كي يحافظوا على ديمومتهم وبقائهم في السلطة ...
هل الايمان اقوى لدينا نحن الشرقيون ؟ ... للاسف اني اشك في ذلك ...هل يمكن اختصار الايمان بالذهاب الى الكنيسة ايام الآحاد والدفاع عن " المذهب " ؟ ... أهذا هو الايمان ؟
ثم ، ومن باب الحرص على " الايمان " نهاجم هذا الكاهن او ذاك او نتشاحن فيما بيننا ؟... هل الايمان لا يكتمل إلا بإلباس المسيح الرداء المذهبي او القومي ؟؟.. عن اي ايمان نتحدث ؟.. وما قيمة مثل هكذا ايمان ؟
اننا نستخدم الدين ( وليس الايمان ) لابراز ذواتنا .. ولـ " الكشخة " والمناكفات المملة التي لا صلة لها بالمسيحية ...
وهناك الكثير من السياسيين عندنا يعتبرون المسيح عثرة في مشاريعهم الايدولوجية ... إن كنا ونحن ضعفاء على مثل هذا الحال من الايمان ، ماذا لو كنا دولا قوية كالغرب ؟؟
اي ايمان هذا ونحن منقسمون قوميا ومذهبيا ومناطقيا ووو...؟؟ ونعجز عن ايجاد اية وسيلة تجمعنا ؟؟.....نحن نخدع انفسنا والآخرين عندما نزايد ونقول نحن افضل من غيرنا.... الايمان المسيحي " محبة ".. وهي عملة نادرة فيما بيننا...
اني اخاطب طبقة مثقفة جدا ، تكره الطائفية بلسانها ، تهاجم الكنيسة التي قسمتنا الى طوائف ، لكن البعض ، في لحظة ما ينسى كل ذلك ويُعلن عن طائفيته !!!
تأملتُ طويلا في جملة كتبها احد الاخوان الذي اعزّه واحترم كتاباته ... لم أشأ ان ارد عليه في حينه بسبب احترامي له اولا ، وكرهي للجدال الطائفي ثانيا ... كتب يقول : " في عام 1054م إنشقت الكنيسة الشرقية عن الغربية وانبثق المذهب الأرثذوكسي في الشرق " ...
قلتُ في نفسي ، ماذا لو قلتُ له : " انشقت الكنيسة الغربية عن الشرقية وانبثق المذهب الكاثوليكي " ؟ ... خاصة وان الكنيسة تأسست في الشرق اصلا قبل ان تمتد الى الغرب !!!
ألم يكن من الاجدر به القول : " اختلف المؤمنون فيما بينهم وكانت النتيجة ان انقسمت " الكنيسة الواحدة " الى شرقية ارثوذوكسية وغربية كاثولوكية ؟؟ ...
اعتقد ان هذا الكلام لن يستسيغه الكثير ممن لهم حس طائفي ، وما اكثرهم ! .. اني لا ادافع ... لكني احاول ان اكشف ....
ذكرتُ ذلك مثلا كي نطيل النظر في أنفسنا لنعرف مقدار ايماننا .. لم اذكره هنا لاثارة الجدال البيزنطي الطائفي ...وانا غير مستعد لذلك ..
نحن توارثنا طوائفنا ... والمتطرف فينا لا يختلف عن المتطرف المسلم وهو يقول " اشكر الله على نعمة الاسلام " في معرض حديثه عن عملية ارهابية ...
الغرب المسيحي لا يفكر بالطريقة التي يفكر بها المسيحي الشرقي ؟؟...
هذا صحيح ، ولاسباب ثلاث : الاول ، لانه على رأس السلطة وليس مثلنا ( مكوّن ) ، ووضعهم الامني غير وضعنا ... والسبب الثاني ، لأن موروثه غربي بينما موروثنا شرقي ، واعتقد ذلك مفهوم للجميع .... والسبب الثالث هو تقاعسنا وفشلنا في عرض قضيتنا على العالم ...
هذه المقدمة كانت اجوبة لبعض مما جاء في الرد ... وكانت أيضا تمهيدا تسهّل علينا معرفة حقيقة الغرب بتركيا ..
مرّ الغرب في فترة من الظلام في العصور الوسطى ، بسبب الاقطاعيات والنزاعات القومية وفساد الكنيسة وتدخلها في السياسة وما رافق ذلك من الامراض الفتاكة والفقر الشديد ...ثم اضيف اليها النزاعات المذهبية بعد ظهور حركات " الاصلاح الديني "..
وكان " العامل الطائفي " يقع ضمن اطار المصلحة الذاتية للدولة او الاقطاعية....لذا ، فإن حظ " آل عثمان " كان كحظ الـ " كـ..." كما يقول المثل العراقي ... إذ كان الغرب دائما حريصا على تقوية تركيا والتحالف معها !!!.... والسبب انها متاخمة لروسيا ( المختلفة مذهبيا ) والقوية في عدد سكانها وفي قدرتهم القتالية ( سواء كانت قيصرية او شيوعية او بوتينية ) ... الغرب يدرك جيدا ان من اهم الاسباب الرئيسة التي أسقطت القائد الفرنسي الكبير نابليون بونابرت والالماني ادولف هتلر هو تورطهم في الهجوم على روسيا ....
تصوّر ان الغرب ، وبعد ان رأى بأن روسيا على وشك اكتساح تركيا في حرب القرم 1853 – 1856 ، سارع بارسال قواته العسكرية لمساعدة تركيا !!!
اعتقد ان الرئيس الامريكي ترامب ادرك هذه الحقيقة ، وحاول جاهدا ان يبني علاقة خاصة بالرئيس بوتين لمكافحة الارهاب التي ترعاه تركيا الآن ... لكن الحزب الديمقراطي وجّه اليه تهمة الخيانة والعمالة لروسيا !! ( وهذا يحدث لاول مرة في تاريخ امريكا ) واستمر التحقيق معه لسنتين !!.. وهناك من حزبه الجمهوري ايضا من لا يؤيده في التقرب الى روسيا... بالمقابل فإن روسيا نفسها تتخبط في سياستها الخارجية وخاصة بشأن علاقاتها مع ايران وسوريا وتركيا...
لكن البركة تبقى في رعونة اردوغان ... ارجو ان يستمر في غيّه لكي يفهم الغرب ، وأولهم فرنسا ، حقيقة هذا الارهابي ...
الغرب تهمه مصالحه فقط ؟؟؟ ... هذا صحيح مائة بالمائة ...
لكننا لسنا استثناء ... لا اقصد الاخوة المسلمين الذين أثبتوا عن جدارة انهم مستعدون لبيع اوطانهم من اجل جيوبهم ، وهل هذا يحتاج الى أمثلة او شروحات ؟؟ ... انني اتكلّم عنّا نحن المسيحيون ، نحن لسنا استثناء ...
الفرق بيننا وبين الغرب هو ، اننا الشرقيون ( مسلمون ومسيحيون ) نغلّف شراهتنا ولهاثنا خلف مصالحنا بشعارات براقة جميلة ، كما اننا لا نتأمل في المرآة جيدا كي نرى انفسنا على حقيقتها ... في حين ان الغرب يتحدّث عن " مصالحه " بكل ما في الكلمة من قساوة الحقيقة العارية ...
كان الاجدر بالمسيحيين الشرقيين ان يكونوا اكثر الناس التصاقا بالمباديء ، خاصة وانهم يتعرضّون الى هجمة بربرية اسلامية واضحة للعيان ... لكنهم ، للاسف الشديد " اخترعوا مبادئا " لتغليف مصالح فئوية دنيئة يبيعون فيها شعبهم ... دعنا نقول لانفسنا : " لنخرج العمود من اعيننا اولا كي نرى جيدا القذى في أعين الآخرين " ...
متي اسو