المحرر موضوع: مذكرات بيشمركة / 97 ( ب )! أسرار الجبال ..  (زيارة 400 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سعيد الياس شابو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 253
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
مذكرات بيشمركة / 97 ( ب )!
أسرار الجبال ..
سعيد الياس شابو / كامران
2020.08.08
تعتبر الجبال وأنا أقصد البعض من  جبال كوردستان العراق وما يجاورها  .. من أهم المعاقل للشريحة التي أختارت  تلك المواقع الحصينة والشامخة مواقع للعيش في القرى المشيدة على المقربة منها منذ القرون .. وذلك لتوفر شروط العيش فيها أي القرى وأهاليها التي تكيفت مع وجود مصادر المياه والمراعي والحماية المتوفرة عند الشدائد والصولات العدائية ، وقلما تشاهد جبل .. دون وجود ينبوع ماء في أسفله أو في وسطه أو على أعلى  قمته  وجبل كوليت نموذجا !!! وقلما تشاهد من ان الجبال قد كشفت على جميع أسرارها لأهاليها والدخلاء من زوارها المتنوعون .
فعندما أستقلتنا سيارة الزفيق خيري القاضي ( أبو ريبين ) العبور من جبل ( هيبت سلطان ) في منطقة كويسنجق ، كانت الرحلة مريبة ، وحينها وسبق وأن رأينا الجبال ( كيوه ره ش ، آسؤس ) في منطقة رانية ، فأيضا لهما أسرار وأسرار لا يجيدها من عاش مئة سنة بالقرب منها ، وعندما شاهدنا جبل ( قنديل ) في منطقة قلعة دزة الحدودية في البداية كان أسطورة ! وعندما قطعناه ذهابا وإيابا .. تبين من أن الأنسان لا يجيد السر الجبلي ومطباته بالشكل المطلوب ، وعندما عشنا في سفح جبل ( مامندة ) وصعدناه .. فلم نعلم عن أسراره سوى القليل جدا ، وهكذا بخصوص جبال ( نوكان و داوداوه ) الحدودية مع إيران ، وهكذا مع جبل ( كيله شين ) المشترك  في منطقة ( شنؤ ) الإيرانية  وأسراره الكثيرة في مختلف المواسم ، فأما جبال منطقة وقرية ( كليشم ) التركية الأيرانية والقريبة من العراق وهي الأخرى أهل المنطقة لا يتجاوزون حدودهم المحدودة  لكثرة الجبال اللمساء والخالية من الأشجار بحكم كثرة تساقط الثلوج وتواجد الكتل الثلجية على مدار السنة !!! . فجبال منطقة ( نيكول وشبتة وبالوتة وكؤستا الحدودية بين الدول الثلاث وهي الأخرى تبقى أسرارها مخفية .. وكم مرة أستفسرنا من القرويين .. هل تمكنتم من الصعود الى جبل ( سونئ / ستونئ ) في الأراضي التركية والحدودية مع العراق ؟ يقال من أن أضواء أربيل ليلا مرئية بسبب علو الجبل .. ! فلا أحدا يجيد بالسر ذلك وقطعا لم يتسلق أحد الى القمة !
وعند مقرات كوستا وجبالها الشامخة عند تسلقها وأخبار التقدم .. ثمة جبال شاهقة ومخفية وكاتمة أسرارها عن العيون ، فأما الجبال تلو الجبال بين مقرات كوستا وقرية آري فلا تحصى ولا تعد وفارضة الصمت لكي لايكشف أمرها وسرها !! وجبال ( خواكورك ) الشهيرة والشاهقة وفي ذات مرة توفى راعي  تاركا الماعز والأغنام في تلك الجبال .. وهي تبعثرت في تلك الجبال خوفها من الذئاب والحيوانات المفترسة ، فقصدت الجبال  لتتكاثر فيما بعد في تلك الجبال وأصبحت الماعز جزء من الماعز الجبلي بمرور السنين !
وجبال ليلكان ، برادوست ، ده راو ،  آودلكيوي ، كؤليت ، كؤشينة ، حصاروست ، حسن بك ، الأسود ، سكران ، مامه روت ، هندرين ، كاروخ ، ملكان ، ده ره شير ، ده ره دار ، هه ورئ ،  بني هرير ، سفين ، زيتي ، شيرين .. وعند جسر ريزان ثمة نفق هوائي بطول وعرض مترا واحدة ويتمكن الإنسان من الدخول اليه للحظات قليلة لسره العجيب الغريب .. اي في الصيف يخرج منه الهواء البارد كالسبليت ! وفي الشتاء هواء حار فلا تشعر في فصل الشتاء وكأنه حماوة السارة والصوبة !! )!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! وعشرات الجبال الأخرى تسلقناها دون معرفة أسرارها ومقاومتها للأوضاع البائسة .
وفي ذات يوم وفي وقت المساء قدمت الينا من قرى غير قريبة على المقرات ثلاث قرويين مع ست بغال .. قاصدين مقر القاطع لأستلام حصتهم التموينية المتوفرة .. وما إلا دقائق بدا الرفيق الخفر بتوزيع وجبة العشاء .. بحيث الأخوة القرويين واقفين بالسرة حالهم حال البيشمركة الأنصار .. مستلمين حصتهم كل ثلاثة أشخاص  في ( إناء / ماعون ) من اللحم المقلي والمحمس بالبصل والبهارات .. وكلما تناولوا لقمة فأشادوا بطعم اللحم والطباخ دون أن يسألوا ما هو نوعية اللحم .. كما الرفاق أختاروا السكوت والرضى طالما لم يسأل منهم  أحدأ !!.
مفرزة الرفيق أبو حكمت / يوسف القس حنا ..
ونحن أقتربنا من الأسبوع الأول من شهر أيار مايو من عام 1985 ميلادية من القرن المنصرم واثناء تناولنا  وجبة الغذاء مع الرفاق الخال أبو حكمت وخيري العراقي الذي كان يغدرنا بالأكل ، أي يتناول الطعام بسرعة .. وكلما قلنا له .. خيري أكل خبز مع الرز / التمن .. لكي تشبع ! إلا أنه رافضا وغير آبها لما نقوله .. ورادا فيما بعد ... وكيف بي من أن أمضغ لقمة خبز .. بينما أنا أتناول أربع ملاعق من الرز المطبوخ !! ونقسم الرز في الإناء على ثلاثة أقسام .. إلا أنه حافرا بملعقته تحت حصتنا  لتقع كمية من الرز الى وسط الماعون ليسحبها بملعقته وكأنها مجرفة عامل البناء .. وهكذا على طول الخط .
ونحن مستمرين في الغذاء .. فطرح الرفيق أبو حكمت من أن أرافقه .. بس لمدة طويلة والى منطقة ليلكان البرادوستية ومقرات القيادة والمستحدثات من الزيارات !! أبديت أستعدادي ورغبتي وبعد يوم تهيأت مفرزة الرفاق والبعض من الرفاق الذين أتذكرهم .. أبو حكمت ، مام خضر روسي ، أبو دشاد ، أبو راستي ، خيري العراقي ، حمه ريش ، هزار روست ، أركان ، هؤشنك أخو هلؤ ، هزار دشت أربيل ، وكاتب السطور كامران وحوالي خمس رفاق آخرين لا تسعفني الذاكرة من معرفة أسمائهم الجميلة .
الجبل .. برادوست .. يقابله عن بعد جبل قلندر
.......................
بعيد تناول وجبة الغذاء تهيئنا وتحزمنا حاملين هموم الطريق المحفوف بالمخاطر وتدريجيا نحو قرية ريزان .. ونيل قسطا من الراحة وفي العصرية .. بدئنا بالصعود التدريجي والطريق الذي لا يشبه الطريق في صخوره وتعرجاته وصعداته وكأنه غير سالك أبدا .. وبين الحين والحين الرفاق المدخنين يتناولون قسطا من الراحة ونحن كذلك والحديث المتنوع والحذر الشديد .. لكون الطريق هذا يمر عبر أخطر منطقة حدودية شائكة بالألغام والكمائن وعبر بلدة ( ميركسؤر ) مباشرة .
الدليل .. الرفيق هزار روست وهو من أهالي المنطقة وعارف بتضاريس وتعرجات المنطقة زائدا الأتفاق مع عديله وهو آمر سرية الفرسان  أو آمر المجموعة ( الجاش ) والذين قدموا لنا الكثير عند إستقبالهم لنا في المسكن ومن ثم الأدلاء بالمعلوات بخصوص الكمائن وما شابه ذلك .
وكلما أقتربنا ليلا من البلدة .. فمسكني الرفيق العزيز أبو راستي ..  (كوره كامران ) هاورئ / رفيق .. هاي وين مودينا ؟! ويقصد الى أين نحن في هذا المكان المحفوف بالمخاطر ؟! ومجاوبا كاتب السطور .. أبو راستي ولا يهمك .. طالما معانا أهل البيت ! وأستمرينا وتأخرنا متعمدين بعض الوقت .. تحسبا للطواريء .. أبو راستي .. والله أخاف لا يصير بينا مثل ( ممؤ )!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!.
كامران .. لأبو راستي .. هسه مو أحنة سوية ؟! ، بس نشعر بالخطورة فيحترق الأخصر مع اليابس ! بلغنا مسكن الأخ النجيب آمر السرية عديل هزار روستي وبمسكنه أستقبلنا جميعا ..
 وجماعته .. ملتمين حولنا مرحبين بنا بحذر شديد .. تناولنا وجبة العشاء الدسمة ويبدوا كان لهم علم بقدومنا اليهم كضيوف .. وحوالي في الساعة الثانية والثالثة بعد منتصف الليل خرجنا من بلدة ميركسؤر ( بلدة الرفيق الشهيد فاخر ميركسؤري ) ، ومعنا الدليل من الأخوة الى أن تجاوزنا الخطوط الحمراء ، ويبدو كان هناك كمين للعساكر والجحوش  في وقت مبكر ومن ثم أنسحب  لكثرة وقت الأنتظار دون وقوع الفريسة في الفخ !!
وفي العاشرة صباحا بلغنا طلائع من البيوت لقرية ليلكان والعزيز ( ره شؤ ) من أهالي قرية ليلكان البرادوستية وأهلها الطيبين ، وفور وصولنا القرية بينما البعض من الرفاق في المؤخرة  ( ليستنشقوا ) القليل من الدخان عبر سيكائرهم السومرية البغدادية ، وبعد دقائق جلبوا لنا طاسات من الشنينة الباردة ( الماستاو / دؤ ) لكي نكسر ونروي عطشنا المزمن والمستفحل وكل على طريقته الخاصة وضميره ! ومن بين المتأخرين الرفيق العزيز أبو راستي .. وأنا رافع الطاسة ومستمر بالشرب وكنت ناوي من أن تكون للجعب / للكعب ، إلا أنني تريثت بعد سماع صوت أبو راستي متوقفا عن الأحتساء .. ليكون ما بقى في الطاسة من حصة الرفاق ومنهم أبو راستي .. وبمجرد دخوله الغرفة وسلامه .. فقدمت له الطاسة المنصفة .. وهو رافظا أياها .. ( كوره ده برؤ  .. وه حشى .. ئه من باشماوه ى توو ده خؤمه وه !! ويقصد .. دروح بابة قابل آني أشرب الزائد عنك !! وتسيء علاقاتنا لأكثر من سنة ونيف من العمر الأنصاري  البيشمركايتي على أثر هذا الكلام  .
بات مكوثنا مع الرفاق وعوائلهم بحيث إتخذنا من إحدى الغرف موقع تحركنا والمنام فوق السطح ونسيم الربيع الصباحي المنعش ، والرفاق الآخرين أختاروا المقر في جبل ليلكان لمبيتهم ، وأيام ونحن نتجول ونتحرك على كافة الأصعدة بعد زيارات واللقاء بوجهاء من أهل القرية ومودتهم لنا .

الخال أبو حكمت .. ومن الصغر وبحكم العلاقات العائلية تعودنا من أن نسمي الرفيق أبو حكمت بالخال ، وهكذا أستمرت طيلة سنوات النضال والى أن فقدناه ، ولأبي حكمت وهو أصلا أبو جميل .. علاقات متشعبة وواسعة وشاسعة مع من لاقاه وتعامل معه ، ولا يعقد الأمور مهما كانت .. وهنا لست بصدد المدح ولا التلميع بقدر ما أتناول المواضيع من زواياها الحقيقية ، أبو حكمت سيساسي منذ الأربعينات من القرن المنصرم ودخل السجون والمعتقلات لسنوات مع رفاق دربه في سجون ( نقرة السلمان ) ، وأطلق سراحه في ثورة تموز  1958 ، وفي أوائل الستينات ألتحق بالجبل الى عام 1970 بين التنظيمات الداخلية والكفاح المسلح ، وفي عام 1974 أختير ليكون عضوا في المجلس التشريعي والتنفيذي الكارتونيان في أقليم كوردستان العراق الى جانب رفاقه من الأعضاء والوزراء الذين يمثلون الحزب الشيوعي العراقي .. ومن ضمن الرفاق في المجلس التشريعي الرفاق نجم الدين مامؤ ، أبو حكمت ، أبو تارة ، خيري القاضي ، محمود بشدري / أبو دارا  وربما الرفاق الآخرين !!
والرفاق الوزراء في الأقليم .. الرفاق عادل سليم وزيرا للمواصلات ، أحمد حامد وزير الأشغال والأسكان . وبواسطة الحزب وعن طريق منظمة عنكاوا للحزب والرفيق أبو راستي تعينت بأجور مؤقتة كمراقب عمل في الأشغال وأنتسبت الى منطقة خليفان وجسور كلي عليبيك ، وهذا كان في خريف من عام 1975 بعيد أنهيار الحركة الكوردية ! ومن ثم لم أستفيد من العمل هناك .. فلجئت الى البرق والبريد والهاتف وتعينت بالواسطة عبر صديق لصديق والدائرة تابعة لوزارة المواصلات وللمواضيع قصص كثيرة مضحكة ومبكية  !!.
العلاقات الحميمية بين الرفيق أبو حكمت والشيخ كريم خان ..

لذا  .. لأبو حكمت علاقات متشعبة مع أعضاء المجلسين الكارتونيين التشريعي والتنفيذي في كوردستان ومنهم الآغوات ورؤساء الفرسان ( الجحوش ) والمنتمين من الأعضاء الآخرين الى حزب السلطة الغاشمة والدكتاتورية ، ومن تلك العلاقة مع الشيخ كريم خان الرجل الأقوى في عشيرة أو عشائر البرادوستيين والمسموعة كلامه عند عشيرته و السلطات العراقية ونظام الحكم برمته .