المحرر موضوع: مقاطعة الطيرهان ومشاهيرها في تاريخ كنيسة المشرق - الجزء الاول  (زيارة 772 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل نمير لوسيا

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 47
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
مقاطعة الطيرهان ومشاهيرها في تاريخ كنيسة المشرق - الجزء الاول
ܛܒܼܝܼܒܼܹ̈ܐ ܕܛܝܼܪܵܗܵܢ ܒܥܹܕܬܵܐ ܕܡܲܕܢܚܵܐ
الطيرهان
الطيرهان مقاطعة في بيث كرماي ( ܒܹܝܬܼ ܓܲܪܡܲܝ) ومرعيث ( اسقفية في كنيسة المشرق ) تابعة لابرشية بيث كرماي التي كانت قاعدتها كرخ سلوخ العريقة ( كركوك الحالية ) . كانت منطقة الطيرهان تمتد بين تكريت والسن ( بالسريانية شّنا ܫܸܢܵܐ مدينة على ضفة دجلة الشرقية تحت ملتقى الزاب الصغير بدجلة شمال مدينة بيجي وكانت مركز اسقفية بيث رامان ܒܹܝܬܼ ܪܵܡܵܢ) وليس لدينا اية معلومات عن مركز هذه الاسقفية الشهيرة. تسمية الطيرهان قديمة قد تعود الى العهد الساساني الا انها استمرت الى اواخر القرن السابع الهجري ، وما لا يقبل الشك فان هذه المنطقة المُطلّة على ضفة دجلة الشرقية كانت ذا ارض زراعية خصبة وهواء نقي تنعشه مياه دجلة السريعة المُنحدرة جنوباً مما اسهم في ظهور قرى وبلدات زراعية عامرة بالسكان وغنية انتشرت فيها الكنائس والمدارس التي هّذبت ابناء هذه المنطقة بالعلوم الدينية والدنيوية .
سكان مقاطعة الطيرهان
ليس بحوزتنا الكثير من المصادر التي تلقي الضوء على التركيبة السكانية لمنطقة الطيرهان الا اننا نستنتج من سياق الاحداث التاريخية المدونة وخصوصا حملات ملوك آشور على قلعة تكريت في القرنين التاسع والثامن قبل الميلاد بأن قلعة تكريت بيرتا ( ܒܝܼܪܬܵܐ= القلعة اوالحصن) ومحيطها كانت مسكونة من قبل قبيلة آرامية بدوية قوية لقِبت بعدئذ بأسم بيرتايا ( اهل القلعة ) نسبة الى الكلمة الارامية بيرتا حيث فرضت نفسها بالقوة في هذه المنطقة ومع بزوغ فجر المسيحية في ربوع ما بين النهرين نستقي من المصادر التاريخية السريانية بأن الغالبية العظمى لسكان هذه المنطقة كانوا من السريان الآراميين وخصوصا في بلدات الطيرهان ( ܛܝܼܪܵܗܵܢ) التابعة لكنيسة المشرق كالجُبيلة ( ܓܒܼܝܼܠܬܵܐ ) وحطرا ( ܚܛܵܪܵܐ ) وآوانا ( ܐܵܘܵܢܵܐ ) واما في تكريت قلعة مفريانية الكنيسة السريانية الغربية والقرى التابعة لهذه الابرشية كبلدة كرمي و بلدة الخصاصة وبلدة عقرونتا فقد امتزج آراميي تكريت مع القبائل العربية المسيحية النازحة كبني تغلب وبني اياد وبني نمر وآخرين في القرنين الخامس والسادس الميلادي وشكلوّا مزيجا ً سريانيا-عربيا جميلا ومع الاجتياح العربي للمنطقة والتغييرات الكثيرة في تركيبة سكانها لم يحدث تغييراً جذريا وسريعا على سكان المنطقة فقد استغرق اكثر من مئتي عام لأفول نجم هذه المنطقة السريانية الآرامية مع بناء عاصمة جديدة للخلافة العباسية في منطقة الطيرهان في زمن الخلفية العباسي المعتصم عام (٨٣٦ م) في سامراء والتوسيعات الكثيرة التي قام بها ابنه المتوكل ( ٨٤٧-٨٦١ ) .
ابصر النور وترعرع في تلك المدن والقرى الكثيرة المُتناثر على ضفة دجلة الشرقية القريبة من تكريت الكثير من الجثالقة و المطارنة والاساقفة والملافنة ومؤسسي الاديرة الذين سطعت نجومهم في سماء تاريخ كنيسة المشرق وكان لهم دوراً حيوياً ومؤثراً في مسيرتها منذ نشأتها وحتى بعد الاجتياح العربي الاسلامي لما دُعي بعدئذ بالعراق ومن ثم انكماشها من هذه المقاطعة بعد انتصار العباسيين وتحول مقر الخلافة من دمشق الى بغداد ومن ثم انتقال مقر الخلافةالعباسية الى سامراء القريبة من تكريت بعد ان اتخذها المعتصم بالله عاصمة له في زمن جاثليق كنيسة المشرق ابراهيم الثاني المرجي ( ٨٣٧ - ٨٥٠ ) ومن ثم زوالها تدريجياً نتيجة للمضايقات التي تعرض لها مسيحيو تكريت . فقد تعرضت تكريت لنكبات كبيرة زعزعت كيانها بعد ان حاصرها السلطان محمد غياث الدين ابن ملكشاه حيث اضطر معظم سكانها السريان الى مغادرة تكريت بعد سقوطها واللجوء الى المدن والقرى القريبة وسكن المفريان نفسه الموصل وبعد الاجتياح المغولي لفارس والعراق امر هولاكو عام ١٢٥٨م بأبادة التكريتيين المسيحيين بحيث لم ينجُ منهم سوى القلائل من الشيوخ والعجائز واما الصغار فقد أسروا وبعد ذلك تلت الاضطهادات الناجمة عن التقلبات الكبيرة في السياسة المغولية منذ دخول محمود غازان (١٢٩٥- ١٣٠٤) الاسلام والقرارات التي اتخذها بتدمير الكنائس وقتل كبار المسيحين ومع ان تلك القرارات لم تُطبق في جميع المناطق اذ سلم مسيحيو الموصل بعد ان رشو حاكمها فان كنائس اربيل لم تسلم من ذلك وابيد مسيحييها ومع الاسف فانه يصلنا من كتابات الاقدمين اية معلومات تصف اوضاع بقية ابرشيات كنسية المشرق في ذلك العهد المُظلم من تاريخ المنطقة.
لم يكن لسقوط الامبراطورية الساسانية وانهيارها على يد الفاتحين الجُدد التأثير السريع على المقاطعات الوسطى والشمالية كما كان على ابرشيات بيث آرامايي ( ܒܹܝܬܼ ܐܵܪܵܡܵܝܹ̈ܐ ) الجنوبية حيث بُنيت هناك اولى المدن الاسلامية كالبصرة والكوفة ، فنمط الحياة الفارسي احتاج لقرنين حتى يبرز محله التأثير العربي الاسلامي في مقاطعة الطيرهان لعدّة اسباب اهمها ان هذا الاجتياح الذي رافقه انتقال موجات من المهاجرين الى المناطق المحررة تمركز في المناطق الجنوبية اولاً بالاضافة الى تكريت في الوسط والموصل في الشمال كحواضر اما البلدات والارياف فكانت بعيدة عن هذا التأثير نوعا ما وكان لا يزال السريان يحتفظون بالاكثرية العديدية في المقاطعة ككل حتى بداية القرن التاسع ولكن تغيير ذلك مع انتقال مركز الخلافة العباسية الى سامراء في هذه المقاطعة وما تلاه من بعد ذلك من انهيار البلدات المسيحية السريانية تدريجيا الواحدة تلوالاخرى فاكبر بلداتها الجُبيلة ( ܓܒܼܝܼܠܬܵܐ ) الواقعة شمال تكريت شرقي دجلة استملكها الخليفة المتوكل لأنجاز مشروع النهر الجعفري سنة ٨٦٠ ميلادية ومدينة حطرا ( ܚܛܵܪܵܐ ) الواقعة في جنوب الشرقي لتكريت كانت قد خربت في الربع الاول من القرن التاسع حسب ما يذكر توما المرجي صفحة ١٣٢ عندما يتكلم عن مار مارن عمه ويبدو انه لم يسلم من تلك البلدات الكبيرة من التوسيعات الكبيرة والتغييرات الجذرية في محيط سامراء في منطقة الطيرهان في زمن المتوكل سوى بلدة آوانا ( ܐܵܘܵܢܵܐ ) حيث ُتذكر على انها قرية مؤلف القاموس الشهير حسن ابن بهلول من القرن العاشر وبالرغم من كل ما رافق هذه التغييرات الكثيرة في تركيبة سكان المنطقة فان كنائس جديدة بنيت في سامراء بعد انتقال مقر الخلافة العباسية الى سامراء وانتقال كرسي كنيسة المشرق اليها في زمن الجاثليق ابراهيم الثاني المرجي وربما قرى جديدة استحدثت عوضاعن تلك التي طالتها المشاريع المائية الجديدة في زمن المتوكل وبالرغم من ان المعلومات شحيحة عن تركيبة المنطقة في هذه الحقبة الزمنية فان منطقة الطيرهان حافظت على اسقفيتها حتى بداية القرن الرابع عشر فعمرو بن متى يخبرنا في كتاب اخبار بطاركة المشرق انه في مراسيم صلاة الموتى للجاثليق الراحل مكيخا الثاني ( ١٢٥٧- ١٢٦٥ ) كان عمانوئيل اسقف الطيرهان حاضرا في صلاته واثناء رسامة الجاثليق يهبالاها الثالث المغولي ( ١٢٨١- ١٣١٧ ) كان اسقف الطيرهان بريخيشوع حاضراً اثناء رسامته ويذكر الاب البير ابونا في مؤلفه الثمين تاريخ الكنيسة الشرقية الجزء الثالث صفحة (٥٠) بان اسقفية الطيرهان كانت تابعة للابرشية الباطريركية في مطلع القرن الرابع عشر ولا نعلم متى اصبحت اسقفية الطيرهان تابعة للابرشية الباطريكية بعد ان كانت تابعة لابرشية بيث كرماي .
ܢܲܡܝܼܪ ܠܘܼܣܸܝܵܐ ܬܸܠܟܦܸܢܵܝܵܐ
Michigan USA
August 2020
المصادر
ا. كتاب الرؤساء لتوما المرجي ترجمة الاب البير ابونا
٢. ܬܫ̈ܥܝܬܐ ܘܫܪ̈ܒܐ ܡܘܬܪ̈ܢܐ ܕܥܠ ܐܢܫ̈ܐ ܘܝܚܝܕ̈ܢܐ ܕܗܘܘ ܒܕܪ ܒܕܪ ܒܥܘܡܪܐ ܩܕܝܫܐ ܕܒܝܬ ܥܒ̈ܐ ܕܥܒܝܕܝܢ ܠܚܣܝܐ ܡܪܝ ܬܐܘܡܐ ܐܦܣܩܘܦܐ ܕܡܪܓܐ
٣. الديورة في مملكتي الفرس والعرب لإيشوعدناح مطران البصرة ترجمة القس ( البطريرك ) بولس شيخو.
٤. كتاب المجدل - اخبار بطاركة كرسي المشرق لماري بن سليمان وعمرو بن متى الطيرهاني .
٥. تاريخ الكنيسة الشرقية باجزاءه - الاب البير ابونا .
٦. آرام تكريت - ابراهيم فاضل الناصري