المحرر موضوع: الجزء الثالث ( الساعات الأخيرة لمفاعل تموز 1 واحداث عشناها )  (زيارة 906 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Husam Sami

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1085
  • الجنس: ذكر
  • ماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
سهل نينوى وتكالب المستعمرين بين الواقع والطموح
الجزء الثالث
( الساعات الأخيرة لمفاعل تموز 1 واحداث عشناها )

تم تكليفي مع افراد مختارين من كل قسم كلّفنا بالمهام الأمنية في حالة حدوث الغارات من مهام اللجنة الأشراف على الملاجئ وابقائها في حالة جهوزية إضافة لتوجيه العاملين أليها والعمل على البدائل عند مفاجئة الطارئ كالاحتماء بالكتل الكونكريتية والتي كانت على شكل مثلث مثقوب من الداخل تم صفّها بتناسق وصولاً لأقرب ملجأ او الاحتماء بالسواقي والتي تم تهيئتها كمواضع افراد كذلك التنسيق مع الأقسام التي لها علاقة ( الإطفاء ، الطبابة ) وبحكم مرافقتي للمشروع ومنذ البداية وكوني واحد من ستة من اول مجموعة أوكلت لنا مهمات ( استلام وتسليم ) فقد تم احتسابنا من الكادر الفرنسي بطلب منهم لحين تسليم الموقع للجانب العراقي وعلى هذه الاعتبارات تم اختياري لتلك اللجنة ( الجدير بالذكر لا يوجد أي امتياز لأي لجنة وهي عديدة تم اشراكي بها فقد كان " تكليف " وليس تشريف لم احصل منه إلاّ على وجع الرأس والمشاكل مع المدراء وصولاً إلى " د . همام عبد الخالق " الذي وقد كنت اعرفه مذ كان لايزال مدير مكتب د . عبد الرزاق الهاشمي رئيس المعهد ) كانت المجموعة تجتمع في موقع في مدينة الضباط قرب شارع الربيعي ، سمعنا اول تفجير هرعنا نحو الشرفة لنرى سحابة الدخان علمنا انها صادرة من الموقع ، انتفضنا نحن ومدير الإدارة والذاتية للوصول للموقع لتأدية المهام المكلفين بها لا تتصوّروا مقياس سرعة السيارة اللاندكروز حينها لم نكن نحس بها إلاّ وهي تبتلع الطريق ... وصلنا إلى النقطة الأولى خارج ( السدّة الترابية ) طلبوا منّا ان نحتمي بملجأ موضعي لحين صدور الأوامر للدخول كون الرباعيات فوق السدّة كانت لا تزال في حالة رمي وخوفاً ان تسقط علينا اغلفة الرصاص المرتد منها فيقتلنا .. بعد هدوء الرمي جاءت الأوامر بإدخالنا فوراً فهرع كل واحد منّا إلى موقعه هرعت إلى بناية الموقع وانا اول شخص يدخلها من الخارج ناهيك عن الخفر الموجودين من كادر المفاعل فوجدت شخصاً واحداً باقي وفي حالة صدمة سألته عن ( الفنيين والمهندسين ) الخفر فقال لي ان احدهم كان مصاباً فتم نقله إلى الطبابة للعلاج وذهب قسماً منهم معه وحالته مستقرّة كان المفاعل في حالة انهيار تام من الجهة الشمالية والباقي منه كان بناية المكاتب والمختبرات من ضمنها مختبري فما كان مني إلاّ ان اكمل مهماتي في تقييم حجم الدمار والبحث عن اذا كان هناك من الفنيين الخفر وكانت اول مهمة ان أتجه إلى ما كنّا نعتبره ( الملجأ ) والذي يقع في ( - 15 م ) تحت الأرض وهي مساحة مخصصة لتشعيع النماذج التي يراد تشعيعها والتي تقع امام قلب المفاعل . نزلت السلالم فوجدت دماء على جدران المحيطة بها فعلمت ان هناك من حاول النزول إلى الملجأ وهو مصاب أكملت الطريق إلى ان وصلت إلى الباب الذي يدخل الغرفة فوجدت صعوبة في فتحه لأن هناك عائقاً من الداخل يعيق فتحه فتصوّرت انها جثة احد الفنيين كون الغبار لا يزال يعيق النظر وعندما ازحت الباب قليلاً لاحظت جسماً معدنياً كبيراً يسدّه فتأكدت انه صاروخ اخترق أرضية الموقع من نقطة ضعفه واستقر خلف الباب ومن حسن حظ الفنيين انه لم ينفجر وإلاّ كان قد دمّر البناية كلها فوق رؤوسهم وكان عدد الخفر حينها ( 7 اشخاص ) تأكدت بعدها انه تم اخلائهم جميعاً إلى الخارج عدا واحد قرر البقاء لحين انجلاء الموقف بقيت في الموقع بعد تبليغ الإدارة لأرى ما يمكن عمله ولأكون الدليل لأي فرقة معالجة متفجرات تدخل لمرافقتهم لأنني اعرف تفاصيل المفاعل من ( الفه إلى يائه ) ، طلبت اخلاء الفني الأخير منتظراً فريق معالجة المتفجرات للدلالة على موقع الصاروخ بالفعل تم التحاق ( ضابط بدرجة  نقيب وعنصرين ) من الفريق لمعاينة الوضع ، اول ما ان وصلوا بادرني النقيب بالسؤال : كيف وصلت إلى هنا وهل كنت ابان الضربة موجود ... ؟ فأجبته لم اكن موجوداً ووصلت بعد الضربة مباشرةً ... فقال لي : الله سترك فالأرض مزروعة بألغام ضد البشر ولا اعرف كيف تخلصت منها ... وهنا استوقفتني الذاكرة لأول هجوم على المفاعلات وكيف ان هناك يداً كانت تنتشلني من مواقف مرعبة حاسمة للحياة . الخسائر البشرية في هذه الغارة وفاة ( فني فرنسي ) واحد حيث كان في المناوبة وكان في جولة تفقدية للمفاعل ( داخل البناية ) حين حدثت الغارة ...
 اخذت الفريق إلى موقع الصاروخ الغير منفجر وهنا كان لا بد ان يتخذ آمر الفريق القرار بالابتعاد عن الموقع واخلائه فوراً لحين معالجته . فتم اخلائنا وانتظرنا إلى اليوم الثاني لحضور المختصين ... لم يستطع المختصون ان يحلّوا شيفرة التفجير لتعطيلها بسبب انها كانت متطوّرة وغير معروفة لديهم لذلك اضطرّوا إلى الدخول إلى الصاروخ من مكان اختراقه بعمل حفرة كبيرة لإخراجه وتم ذلك بجهد هندسي كبير حيث تم ابعاده ودفنه بعمق مع متفجرات أخرى لغرض تفجيره وتم ذلك . بالمناسبة كان الصاروخ حسب تسمية آمر الفريق بـ ( البرينة أي الثاقب ) أي انه لا ينفجر فور ملامسته الأرض انما يحفر ليستقر في العمق المطلوب ثم ينفجر اما بتفعيل آلية التفجير عن بعد لاسلكياً او بتفعيل آلية الانفجار فيه بالتوقيت الزمني وهو من الصواريخ الذكية المتطوّرة الصنع حينها ... وهنا كان لابد ان نتساءل لماذا لم ينفجر هذا الصاروخ المزوّد بهكذا تقنية ... ؟
الجزء الرابع والأخير سنجيب على تساؤلنا هذا مع ختام الموضوع وربطه بسهل نينوى ... الرب يبارك حياتكم واهل بيتكم جميعاً
اخوكم الخادم  حسام سامي    25 / 8 / 2020


غير متصل كوركيس أوراها منصور

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1091
  • الجنس: ذكر
  • الوحدة عنوان القوة
    • مشاهدة الملف الشخصي
الأخ الفاضل حسام سامي المحترم

تحية وأحترام ... أتذكر ذلك اليوم المرعب، وعرفنا فيما بعد حجم ودقة الضربة التي جاءت في صميم (قلب) مفاعل تموز، لقد كانت هذه الضربة خسارة كبيرة للعراق الذي صرف الكثير من جهد علمائه ومهندسيه وفنييه وأمواله كي يبني هذا المفاعل الدقيق والضخم وكي ينتج هكذا سلاح مرعب ورادع.

الدول الكبرى أنتجت الأسلحة النووية كي تستخدمها للردع ولتركيع الأعداء أثناء المفاوضات، (السلاح النووي) هو سلاح ردع أكثر من أن يكون للهجوم والفتك بالبشر وهو عنوان قوة وسلاح ردع معا، وتستخدمه الدول الكبرى في حسابات الترهيب والترغيب الى جانب الردع في المفاوضات سواءا كان ذلك في أوقات السلم أو الحرب، والدول التي تمتلك الأسلحة النووية تحضى بالأحترام من قبل الأعداء قبل الأصدقاء، ويعمل لهم الأعداء ألف حساب قبل التفكير بشن الحروب أو حتى التحرش بالاخرين.

الدول الكبرى لا تسمح للدول النامية أو الدول التي تحكمها النظم الدكتاتورية بامتلاك هكذا أسلحة فتاكة ومدمرة، وربما يسمح لهذه الدول بالتفكير لبناء المفاعل النووية أو تخصيب اليورانيوم ولكن يجب أن يكون ذلك بموافقتهم (الدول الكبرى) وتحت أشرافهم وأن يكون هناك برامج رصد وترقب ومراقبة، وهناك وحدات خاصة لدى أجهزة المخابرات الغربية مختصة في متابعة صناعة الأسلحة النووية والذرية، ولهم جواسيس حتى داخل هذه الدوائر والمصانع الحساسة، وهذه الأجهزة تراقب كل العاملين في هذا المجال وخاصة (العلماء والمهندسين والتقنيين ) الذين توفدهم الدولة للتدريب ونقل التكنولوجيا، حيث يتم تتبعهم بصورة سرية ويوقع بهم أحيانا بطرق الأغراء وغيرها، لذلك فان الموفدين للدورات التدريبة الى الخارج يخضعون قبل سفرهم لدورات أمنية متشددة لتوعيتهم من أحتمالات قيام المخابرات الغربية للأيقاع بهم ويعلموهم الطرق المستخدمة من قبل هذه الأجهزة.

في النهاية بقي أن أقول (( نحن كمسيحيون فخورين بالقول بانه كان لنا الدور المشرف في أعلاء شأن العراق العلمي والمساهمة الفعالة والمخلصة في تطوره، وشخصكم الكريم ومجال عملك الفريد خير مثال، ويوجد الكثيرين من أمثالكم وفي مجالات أخرى كثيرة، سواءا في مجالات العلم والأنتاج والتطوير أو الطب والأبداع أو الخدمة في المجالات العديدة الأخرى.

ألف الحمد لله على سلامتك - وبالتأكيد فان نياتك الطيبة وأمانتك العلمية والعملية وأخلاصك في عملك للعراق كانت كفيلة كي ينجيك الرب يسوع وتحضى بهذه السلامة الربانية )).

تقبل سلامي وأحترامي

كوركيس أوراها منصور

غير متصل Husam Sami

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1085
  • الجنس: ذكر
  • ماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الأخ الفاضل كوركيس اوراها المحترم
سلام ومحبة
بداية نشكركم على مشاركتكم موضوعنا هذا سنجيب على مداخلتكم بالنقاط التالية :
1 ) اقتباس : هذا المفاعل الدقيق والضخم وكي ينتج هكذا سلاح مرعب ورادع.
لا ارغب في احراق الجزء الرابع والأخير لأنني سأتحدث عن هذا الموضوع ضمناً ... انتظره مع التقدير .
2 ) اقتباس :  نحن كمسيحيون فخورين بالقول بانه كان لنا الدور المشرف في أعلاء شأن العراق العلمي والمساهمة الفعالة والمخلصة في تطوره،
نعم كان هذا بالفعل احد العوامل الرئيسية التي استدعتنا للكشف عن مواهب المسيحيين اولاً وعن اخلاصهم ووفائهم لوطنهم الأصلي وتفانيهم في سبيل رفعته لا يهمهم من يحكم ولا من يدير دفة القيادة فيه بل يهمهم ما يعملونه لهذا الوطن ( العراق ) الذي ابتلى بأستعمار متلاحق وتبعية مذلّة مذ سقوط دويلاته ابتداءً من ( الآشوريين والكلدان ... إلى ان تبنوا المسيحية ... واخيراً المناذرة ) انهم (( المسيحيون العراقيون الأصلاء )) اصحاب النخوة والغيرة التي توارثوها من مبادئهم الانسانية الراقية ... انتمائهم للعراق فطري وليس قومي لأن العراق موطئ قدم الله بلاد الرافدين الذين كانوا من اربعة انهر غذت جنة عدن بمياهها والأرض التي خرج منها ابو الشعب ( ابراهيم ) انها الأرض المقدسة لهذا تكالبت عليها جميع قوى الشر لتمزيقها وكان شعبها الأصيل اول مبتغاهم ...
3 ) مهما ابتعد المسيحي العراقي جغرافياً عن بلده فلن يستطيع ان يتخلّص من موروثه لأنه مجبول فيه وهذه ميزة الأصلاء
4 ) نخوة الأصيل هي ما تحركه للدفاع عن شعبه مهما اختلف معهم في الفكر ( السياسي ، القومي ، العقائدي ... الخ )
5 ) لك شكري وتقديري على موقفك الرائع في طلبك الرجاء لي وامنياتي بالمثل لكم ولجميع الأخوة ... الرب يبارك حياتكم جميعاً واهل بيتكم ويحفظكم من كل شر وشبه شر
اخوكم    الخادم حسام سامي  27 / 8 / 2020