المحرر موضوع: بواكير حب.... الأستاذ سالم الجبوري  (زيارة 540 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل فهد عنتر الدوخي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 750
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
من الماضي البعيد....خواطر...من رفوف...السنين....!!!
__________________________________________

يظل..يراودني..يدور حولي..ويجول في مخيلتي..كما تدور الذرات حول محورها...ذلك اليوم..من ايام الستينات..حين كنت طالبا..بالثانويه...عدت من الدوام..وترجلت من السيارة التي تقلنا يوميا الى الثانوية...كنت ضجرا ومستاءا...اشعر بالملل والحيرة..في يوم ربيعي ينذر بهبوب عاصفة مطرية صاخبة..اسرعت الخطى الى البيت..مستعجلا الوصول الى غرفتي..وسريري..لشدة مابي من الاعياء..والضيق..والنفور من كل شئ..القيت كتبي بانزعاج كبير..على مكتبتي..وتناثرت بلا انتظام...ورميت نفسي على السرير بلا تروي..وتمددت مختبئا تحت الغطاء..وكأنني اقاطع الدنيا برمتها..لم يخطر ببالي أكل ولا شرب..ولم اسال احد عن شئ..بعد ان اغلقت باب غرفتي بالقفل باحكام.....
تلذذت بشئ من الدفئ..وانا انام بكامل ملابسي..واكتشفت ذلك بعد الاسترخاء..وتكاسلت النهوض لتبديل ملابسي ..وتمنيت ان انام لساعات طويلة..كي ارتاح..ويمر وقت..اريده..ان يمر..وينقضي...كان السبب في تضجري ونفوري..انني قضيت يوما دراسيا..فاشلا بأمتياز..لم انتبه الى اي من المدرسين..ولأي مادة من فصول ذلك اليوم..ولم افهم حتى كلمة واحدة مماتحدث به المدرسين..كنت شاردا..اطارد رؤى تتراقص فوقي..وتدور حولي..وتملأ جرارات رحلتي..وتتغلغل بين صفحات دفاتري..!!!...كان جسدي جالس على كرسي الدراسة...وعقلي واشباحي تدور هناك..في القرية..في المكان الذي تعلقت به كل حياتي وكل كياني..وتكومت فيه كل عواطفي..ومشاعري..بل وتركت قلبي يئن فيه...هناك...فشغلني كل هذا الشغف الخيالي..والروحي عن متابعة اي فصل من فصول اليوم في الدروس..المخصصة هذا اليوم..تحت الغطاء وفي سرير النوم..استسلمت لاحلامي البضة والطرية الوردية..على انغام ذلك الانين الحزين..لصوت قصبة في السقف الخارجي للبيت..اسلمت لسانها للريح..وراحت تطلق لحنا حزينا طالما احببته..مثل لحن ناي بيد راع في تلال الربيع..يعزف لنفسه..وهو يرعى غنمه..بأنتظار المساء..ليعود الى اهله في نهاية يومه..اطربني جدا..وفاض بي شعور بالوجد والشجن..والحنين..الى شئ اريد..ان اراه..ان اكحل عيوني بلقياه..لم انم..كنت ساكنا كبقية اشياء..وانتظر بصبر دفين حلول المساء..المساء..ليس اكثر..ولماذا...لأذهب الى هناك كي اراها..!!..في تعليلة المساء الروتينية..مثل كل يوم..!!
حينها..ادركت..انني اعيش بواكير حب مبكر..زرع في قلبي ونفسي كل اشكال النوى..والحيرة..والأضطراب...ذالك الحب الذي كان نزوة طفولية فاشلة...اربكت اقدامي على الطريق..وكلفتني خسارة كبيرة..وحرمتني من الوصول الى كثير..من اهدافي ...على دروب...الحياة.....!!!...انها الرجولة..المبكره..والطفولة المتأخره..في صروف الاقدار...