نواب الكوتا المسيحية، وحدويون أم انفصاليون؟
جيفارا زيا ترتقي مسالة التسمية بين ابناء شعبنا الى مستوى ربطها بقضية الوحدة القومية، فالكثير يعتقد ممن يعمل في الشأن القومي بمختلف اشكاله بانه يتعثر عند السعي او النضال من اجل الحقوق القومية لشعبنا بمسالة التسمية وتعددها، بل هناك تصور بانه اذ لم تحل مسالة التسمية فلا يمكن نيل الحقوق، وبالمختصر قد يظن البعض ان الحقوق مرتبطة بالتسمية اكثر مما هي مرتبطة بذلك الشعب.
ولكون هذا الموضوع شائك واخذ فترة طويلة من المناقشات والتفسيرات الى ان وصل ليكون موضوعاً جدليا في الغالب عند الدخول به، ولكن تبقى الغاية السامية بانه يدل على الوحدة القومية لشعب اصيل في بلاد النهرين او على الاقل ركيزة لهذه الوحدة يطمح كل ابناء الشعب بان نخرج ونتبنى اسم يدل على هويتنا وارثنا ومستقبلنا.
بعد اندلاع الاحتجاجات في اكتوبر ونتيجة لضغط المتظاهرين بدأت مؤسسات السلطة في العراق بالقيام ببعض الاصلاحات ومنها البرلمان وبتشكيل لجنة التعديلات الدستورية وغيرها من الامور.
وما يخص ابناء شعبنا من الدستور هو التسمية لما لها من اهمية كما ذكرنا في الوحدة القومية وتثبيت الحقوق. وبالفعل لم يخطئ نواب الكوتا المسيحية بتوجيه مذكرة لتعديل الفقرة بادراج اسم السريان الى باقي الاسماء (الكلداني والاشوري) مع حذف الواوات الفاصلة، وفعلا هذا موقف وحدوي يشهد له لانه جاء بعد سلسلة من الفعاليات والحوارات من قبل المهتمين والحريصين على وحدة شعبنا بمختلف المؤسسات بتبني التسمية المركبة (الكلداني السرياني الاشوري) كدليل لوحدة الشعب وفي مرحلة معينة يعيشها البلد على اقل تقدير ضمن مخاض التقسيمات والتشتيتات الموجودة بين مكونات المجتمع العراقي بصورة عامة، لتكون التسمية المتفقة لمرحلة ما رغم وجود اطراف وشخصيات متحفظة على الاسم المركب.
ولكن بعد فترة 15 يوما بالتحديد تم تبديل المذكرة من نفس نواب الكوتا بشكل مغاير للمذكرة الاولى تماماً حيث تم ادراج اسم السريان ولكن هذه المرة مع المحافظة على وجود (واو) الفاصل بين التسميات وتصبح (الكلداني والسرياني والاشوري) ليرسخوا التقسيم بتشكيل ثلاث انتماءات قومية ليس لها علاقة ببعض الا بالمعتقد الديني المسيحي، وباتت المشتركات بين ابناء الشعب الواحد من تاريخ ولغة وثقافة ومصير منفصلة عن بعضها رغم ان كينونتها واحدة، فهي نفس التاريخ ونفس الثقافة ونفس اللغة التي يمتلكها هذا الشعب وهي دليل لهويتهم كمكون اصلي في البلاد.
بالرغم من معاناة شعبنا والمآسي التي يعيشها بسبب استهدافه المستمر ووضعه المنكوب فأن ممثليه في مجلس النواب يشرعنون تشرذمه وليزيدوا من عناصر استضعافه من خلال نهجهم الانفصالي وليس الوحدوي الذي يدعون ويجاهرون به، وهذا عبارة عن اضافة حلقات جديدة من التشتت الناجم من التلوث الفكري الذي اصاب عقولهم بسبب إما ايمانهم بالانفصال او عدم مقدرتهم على التوحيد بدلا من حرصهم على مبادئ القضية القومية لشعبنا واثبات مكانته وشأنه في البلاد. وحتما هذا السلوك سيعدم او على افضل الاحوال سيقلل من عوامل مواجهتنا لتحديات للبقاء دون الاندثار سواء في الوطن او بلدان المهجر.