المحرر موضوع: عَهَد البطولَة الزائفّ  (زيارة 538 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سـلوان سـاكو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 454
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
عَهَد البطولَة الزائفّ
« في: 07:59 15/09/2020 »
عهَد البطولَة الزائفّ
لا نذيعّ سرًا إذا قلّنا إنّ أفشل مشروع مرّ في هذه الحقبة الزمنية الحساسة والخطيرة من تاريخ العراق الحديث سواء كانت أفكارًا أيديولوجية، أو عمل سياسي، أو برنامج نهضوي عرفته البلاد ما بعد التغير، هو الأحزاب المسيحية العراقية بكافة أشكالها وتنوعاتها وفروعها، إذا جاز ليّ  التعبير. فمع كل المُتغيرات والمنعطفات والمعطيات الجيوسياسية التي حصلتّ على أرض الواقع لم تكن هناك إرادة حقة للتيارات والحركات المسيحية في فعل شيئًا حقيقيًا للوطن، لِمَا تحمله من عناصر النكوص وازدواجية المعايير والخطاب الفارغ، والذي فقدّ خلال السنوات الماضية الكثير من مصداقيته، فلم يعدّ أحدٍ يثق بهذا الطيف الواسع من السياسيين، بعد أن انكشفت الكثير من الحقائق التي كانت غائبة عن الناس.
 من عام السقوط في 2003، تبين إن الجميع نمور من ورق لا أكثر، يخضعون للمصالح الشخصية فوق أي أعتبار وطني ومصلحة عامة، زِمَامَهم ليسَ بأيديهم. يعود كل ذلك إلى شيء جذري هو قلةّ التجربة السياسية في المرتبة الأولى، الحنكة والدهاء في المرتبة الثانية، وعدم المعرفة  بالأدوات اللازمة لتحقيق وخلقّ وعيًا سياسيًا يخدم المصالح الوطنية ثالثًا.
جاءت الأحزاب والحركات والفعاليات بين قوسين المسيحية منها لتزيد من الإخفاقات العديدة التي حصلت في بلاد ما بين النهرين، لتجرّ وراءها أَذْيال الهزيمة والخيبة والعار، والتي ما فتئت تزداد يوماً بعد آخر.
ماذا قدمت الحركة الديموقراطية الآشورية( زوعا) خلال هذه الفترة من عمر العراق الجديد غير تشبث الزعيم الروحي لهذه الحركة يونادم كنا بكرسي البرلمان المكسور، ماذا فعل المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري، والذي هو بالأساس صنيعة كردية، غير اِنقسام  وتشظي  يُضاف على الإنقسامات الموجودة أصلًا داخل هذا البيت المتصدع الجدران. ماذا قدمت حركة بابليون الشيعية بالأصل، والتي يقودها ريان الكلداني المصنف على لائحة الإرهاب، غير إعتداءات وسرقة طالت المسيحيين قبل غيرهم، ماذا فعلَ المحسوبين على التيار القومي المسيحي خلال السبعة عشر عاما الماضية، سؤال طبيعي الكل يسأله، من كان في داخل الوطن أو خارجه.
يجب على جميع السياسيين أو أشباه السياسيين أن يخجلوا ويُحاسبوا أنفسهم على الأخطاء التي إرتكبوها عن قصدًا وتعمدًا، ففي عالم السياسة لا يوجد خطأ غير مقصود، فكل إخفاق وقرار غير صحيح مهما كان بسيطًا هو عبارة عن سلسلة من الاخفاقات السابقة والقرارات الغير مدروسة تكورت بالتدريج مثل كرة الثلج التي تكبر مع السقوط الحر من أعلى الجبل.
هناك من دون شكّ فراغًا كبيرًا في المنظومة السياسية المسيحية، فالمسألة أبعد من ذلك بكثير، ليست شخصانية، أو حقد وحسد على أحد، المسألة تخص شعب مازال يعيش على أرض وطن يلعق جراحه الكثيرة إلى اليوم. الثابت الوحيد، وبدون تفاصيل أكثر وشرح أدق، وعلى كل الأصعدة والنواحيّ هو فشل الخِطاب السياسي المسيحي في تطوير منهج أو سياق أو آلية عمل تقوم وفقَّ خطط مدروسة وعملية  لتنهض بالمستوى المطلوب والآمال المعلقة عليهم في صياغة سياسات ناجعة ومستقبلية، وبلورة أفكارًا جديدة تعطي ثمارها للسياسي ذاته وللشعب الذي ذهب وأعطى أصواته لهم، من خلال صناديق الانتخابات خلال  العقد الأخير من تاريخ العراق المنكوب.
يظل هناك بارقة آمل مع كل ما حصل ويحصل، من مراوغة وخداع وتهكم ومصالح شخصية، ويبقى تصحيح الأخطاء والمسّاو السياسي لهذه القوى المتناحرة بينهم ممكن إذا كانت هناك عزيمة حقيقية وتضحية وبعض التنازلات من قبل الفرقاء السياسيين، وأن يصعد جيلًا جديدًا مُثقف ومُتعلم، يؤمن بعدالة قضيته ورسوخ هويته الوطنية والقومية وإنتمائه لأرضه وأرض آبائه وأجداده، من خلال الانتخابات البرلمانية المُبكرة التي التزام بإجرائها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، للنهوض بالعمل الجماعي لتحقيق أفضل حل لهذا الشعب المُهمش والمسكين، والذي لم يرَ الراحة والسكينة منذُ أَمَدًا بَعِيدًا وفترة طويلة، فبين حرب وحرب كانت هناك حرب.