المحرر موضوع: الدكتور علي الوردي .. والماركسية [ ٤ ] حول طبيعة. الانسان - و النمط الآسيوي  (زيارة 646 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل هرمز كوهاري

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 139
    • مشاهدة الملف الشخصي
الدكتور  علي الوردي .. والماركسية
[   ٤   ]
حول  طبيعة. الانسان   - و  النمط الآسيوي

       تقديم
هرمز  كوهاري

 
هنا يناقش  د.  الوردي. الماركسية  منطلقا من الطبيعة البشرية  في  الانسان والعادات والتقاليد  التي غرزت فيه  وتربى عليها  منذ الصغر  فأصبحت كالنقش على الحجر  كما يقال  ، مدعومة بالترغيب   والترهيب  ومن الصعب تغييرها .

أ - حول  طبيعة الانسان :

يقول  د الوردي   " اختلف المفكرون منذ عهد الإغريق حول الصفة الرئيسية  التي تميز بها الانسان عن الحيوان  ،فمنهم من اعتبروا موهبة التفكير هي الصفة المميزة للإنسان ، ولهذا 
سموه  ب " الحيوان العاقل " ، ومنهم اعتبروا مقدرته على النطق، ولهذا سموه ب"  الحيوان
الناطق "  ومنهم من اعتبروا طبيعته  الاجتماعية  ولهذا سموه  ب"  الحيوان الاجتماعي  "،
وجاء الماركسيون اخيرا  فاعتبروا الصفة المميزة للإنسان  هي مقدرته على صنع الأدوات ، ولهذا سموه  ب " الحيوان الصانع  " او على حد تعبير بليخانوف : " حيوان يصنع  ادوات  ".

 " الف انجلز  في هذا الموضوع كتابا  صغيرا  عنوانه : "دور  العمل في تحول القرد الى
انسان   وفحوى رأيه  ان تطور الانسان من القرد استغرق زمنا طويلا جدا ، وكانت بداية هذا
التطور قد حصلت في اليد اذ ان الانسان الاول الذي كان شبيها بالقرد  ، او هو القرد  ذاته ،فقد استغنى عن الاستعانة بيده في المشي  وصار يخصص اليد بالتدريج  للعمل والإنتاج ، وعندما صنع الانسان  اول   سكين من الحجر تمت بذلك  الخطوة الحاسمة  في تطوره، حيث اصبحت يده متحررة  وصار بوسعها اكتساب المهارات المتزايدة والمرونة المتنامية شيئا فشيئا . "

" وفِي رأي  انجلز  ان هذه المقدرة الجديدة  في الانسان الاول - اي مقدرة العمل والإنتاج - أسهمت بالضرورة في تمتين  الصلات بين أعضاء المجتمع  وذلك بإكثارها  حالات المساعدة المتبادلة  وبتوضيحها  ادراك  فائدة  التعاون  لكل فرد ، ومنذ ذلك الحين  أصبح أفراد المجتمع في حاجة لأن يقول أحدهم للأخر شيئا ما، فخلقت الحاجة  عضوها ، وبذا  تحول الفم الى عضو للكلام  حافزا أساسيا  لتطور الدماغ  ، وبذا تحول دماغ القرد شيئا فشيئا الى دماغ الانسان ."
"خلاصة فرضية  انجلز في تطور الانسان  هي انه كان في بداية امره  قردا ! ، او شبيها
بالقرد ثم بدأت مقدرته  اليدوية في  صنع الأدوات بالظهور اولا  فادى ذلك  به الى التعاون الاجتماعي ، وأدى التعاون  بدوره  الى نمو مقدرة النطق  في الانسان ، وأدى ذلك اخيرا الى نمو التفكير  فيه ."

هنا يقول الوردي :  ان الانتقاد الذي يوجه الى فرضية أنجلز  هذه هو  انها نتيجة التأمل  المجرد ، فليس هناك قرائن  او ادلة علمية  تدل  على ان الانسان  الاول مر في تطوره بمثل تلك المراحل  التي ذكرها انجلز ، ومن الممكن  تشبيه فرضية  أنجلز  بالنكتة التي تروى  عن الملا نصر الدين ، فهو قد  وقف  في مكان ما وأعلن للناس  انه يقف في منتصف الارض  ، وتحداهم انهم  اذا لم يصدقوا قوله  فليذرعوا الارض ! انه كان موقنا  ان الناس عاجزون  عن ذرع  الارض  !!.

ثم يضيف الوردي  :  الواقع ان الباحثين قد عثروا  على كثير من الأدوات البدائية  التي صنعها الانسان  في عصوره  الاولى ، والمتاحف مليئة بهذه الأدوات ، ولكنهم  في الوقت نفسه  لا يعلمون هل  ان مقدرة  الانسان على صنع الأدوات  سبقت مقدراته  الاخرى  ام كانت مترادفة  معها .تلك  من القضايا التي  لا يمكن  ألَّبت فيها، وهي اقرب الى طبيعة التخمين  منها الى التثبت  العلمي .

ويضيف الوردي ايضا  ويقول : وهناك انتقاد اخر يوجه الى أنجلز  هو انه عندما جاء بفرضيته لم يكن قد درس نظرية داروين دراسة وافية  ، وهي النظرية التي أصبحت  الان مقبولة في مختلف جامعات العالم - الرأسمالية منها والاشتراكية ، فالمعروف عن داروين  انه لم يقل بأن الانسان  قد تطور عن القرد ، بل قال : بأن الانسان  والقرد تطورا من جد واحد ، وكذلك لم يقل  داروين بان العضو  في الحيوان او الانسان  تطور من جراء الاستعمال ، بل قال ان التطور هو نتيجة ما سماه ب " الانتخاب الطبيعي ".

هنا يحدثنا د الوردي عن حادثة تدل على مدى تعصب بعض  الماركسيين  في العقيدة  ما دام ان قائلها أنجلز  احد مؤسسي النظرية الماركسية !! فلنستمع اليه :
يقول الوردي : حدث لي ذات مرة ان دعيت  لالقاء محاضرة عامة حول طبيعة الانسان  في احدى المدن العراقية  ، وعندما بدأت  بإلقاء المحاضرة  انبرى لي شاب غاضب متحمس ، وأخذ يتكلم  من غير استئذان  منتقدا المحاضرة  ، فطلب منه المشرف على الاجتماع تأجيل الانتقاد الى ما بعد انتهاء المحاضرة ، فلم يوافق وأصر على الكلام  واتُهم المحاضرة بانها"  تفسد العقول  "ء! وكان سبب غضبه  انه وجد في المحاضرة ما يخالف فرضية أنجلز  في تحول الانسان  من القرد !، فهو يعتبر تلك الفرضية صحيحة تمام الصحة !! وكل من يخالفها  لابد ان يكون  ذَا غرض سيّء " !

ب— النمط   الآسيوي  :

يقول  الوردي : في عام ١٨٥٤ اطلع ماركس على دراسات جديدة حول بعض المجتمعات الشرقية ، فلفت نظره ان هذه المجتمعات  تعيش في نمط للإنتاج  يختلف عن اي نمط من الأنماط التي تتميز بها المراحل الخمسة، وقد اطلق ماركس عليه  اسم"  النمط الآسيوي للإنتاج"
 ان النمط الآسيوي. في رأي ماركس هو وسط بين المشاعية البدائية  الخالية من الصراع الطبقي  ومرحلة الرّق التي يكون فيها الصراع فيها شديدا ، ويتميّز هذا النمط بالخصائص التالية :
اولا :  انه مجتمع قروي يعيش على الزراعة والصناعات اليدوية  العائلية  في شبه اكتفاء ذاتي : ثانيا -غياب الملكية الخاصة ،
ثالثا : قلة ظهور التمايز الطبقي  فيه وضعف  الصراع الطبقي ،وبالتالي ضعف التطور  الاجتماعي  فيه .
رابعا:  وقوعه تحت سيطرة  حكومة مركزية  قوية مستبدة  تمتلك الارض وتشرف على نظام الري .
ويميز ماركس بين النمط الآسيوي ومرحلة الرّق من حيث دور الرقيق  القسم الأكبر من السكان ، وهو الذي يقوم بالانتاج في الغالب ، اما في النمط الآسيوي فالرقيق يكون  في الغالب جزءا من العائلة  وليس له اهمية كبيرة في الانتاج  الزراعي أو المهني .

ومن الجدير بالذكر ان مقولة النمط الآسيوي التي جاء بها ماركس اختفت من الكتابات الماركسية في عهد ستالين ، ولم يعد يذكرها احد  واتجه تفكير الماركسيين في ذلك العهد الى التزام  الخط الواحد ذي المراحل الخمس في تفسير التاريخ .
كان المفكر الماركسي المعروف سيغال  قد اصدر كتابا صغيرا بعنوان " تطور المجتمع منذ بدء التاريخ  " عمد فيه  في تفسير تاريخ المجتمع  البشري  كله على اساس النمط الواحد. ثم اصدر ستالين  بعدئذ كتابا نحا فيه منحى سيغال ، وكان بعنوان"  المادية الديالكتيكية والتاريخية  " وقد صار هذان الكتابان  لدى الماركسيين  بمثابة. "  الكتاب المقدس " !
حيث اعتبروه  الدستور الخالد الذي لا يجوز الشك فيه .

وقد صدر  في البلاد العربية  في تلك الفترة كتاب لماركسي  عربي اسمه(  بندلي جوزي )  التزم  فيه الخط الواحد كذلك ، حيث قال : " ....ان امّم الشرق  قطعت في حياتها الطويلة  وستُقطع ذات المراحل او الأدوار الاجتماعية التي قطعتها  الامم الغربية .. "

ظلت فرضية الخط الواحد مسيطرة على اذهان  الماركسيين طيلة عهد  ستالين ، ولما زال ذلك العهد بدأت  مقولة النمط الآسيوي تظهر  في الكتابات  الماركسية من جديد ، وأخذ بعض الماركسيين  يدرسون تاريخ البلاد  الشرقية  في ضوئها وخرجوا من ذلك بنتائج  تختلف  عما كانوا يستنتجون من قبل  .

يبدو لي على اي حال  ان الماركسيين في دراستهم  للمجتمعات الشرقية  أصبحوا الأن
  فريقين :  فريق من طراز كوتلوف  ما زال بلتزم  الخط  الواحد  التزاما حرفيا، وفريق يحاول  دراسة  تلك المجتمعات  في ضوء ما جاء به ماركس حول النمط الآسيوي .

كنت أتوقع أن يظهر  في الماركسيين فريق ثالث  يحاول دراسة  المجتمعات المختلفة  حسبما تملي عليه  الوقائع المحلية  بغض النظر عما جاء به ماركس أو غيره ، ولكن  هذا الفريق  لم يظهر  بعد- مع الأسف الشديد!

صدق ماركس حين قال  " ان ماركس ليس ماركسيا  " ء!!

        (   يتبع  )

      بين  الاشتراكية  والشيوعية
==============================


   

غير متصل lucian

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 3345
    • مشاهدة الملف الشخصي
اقتباس
هنا يناقش  د.  الوردي. الماركسية  منطلقا من الطبيعة البشرية  في  الانسان والعادات والتقاليد  التي غرزت فيه  وتربى عليها  منذ الصغر  فأصبحت كالنقش على الحجر  كما يقال  ، مدعومة بالترغيب   والترهيب  ومن الصعب تغييرها

الاستاذ هرمز كوهاري

انا كنت سابقا قد طرحت نقطتين ابدت تعجبي من الماركسية:

- جعل مشكلة البشر بانها المساواة بدلا من الفقر.
-  جعل مسؤولية اعادة التوزيع بانها من مسؤولية الراسمالي وليس من مسؤولية الدولة وهذا من اجل خلق حالة عداوة مع الراسمالي.


الان اريد ان اتطرق الى نقطة اخرى التي هي بمثابة اغنية للماركسين، وهي النقطة التي تتعلق بالاخلاق وتسميتهم للراسمالية باللاخلاقية. اذ بالرغم من ان الاقتصاد بالنسبة لي ليس اخلاقي وليس لااخلاقي وانما لا علاقة له بالاخلاق، الا انني مع هذا احب ان ارد على هذه النقطة.

الشئ المختلف بين الراسمالية والاشتراكية يتوضح في الفرق الجوهري التالي:
في الاشتراكية يرفعون هدف ما بجعله فقط شعار وجعله رمز اخلاقي.
في الراسمالي يكون هدف معين جزء من نظام، جزء من system.

محاربة الفقر مثلا وتحقيق الرفاهية هي جزء من النظام وجزء من system في الراسمالية.

اما المساواة في الاشتراكية فهي عبارة عن اخلاق ومثل عليا يريدون وصولها.

ونفس الشئ ينطبق على الاخلاق. الاخلاق في الاشتراكية عبارة عن  شعار يتم رفعه.
اما في الراسمالية فهو جزء من نظام، وجزء من system يعمل جزء من هكذا نظام.

والان كيف يتم ذلك؟ هل هناك امثلة؟

نعم بالتاكيد. افضل مثال معروف اعلاميا هو محاولة شركة رويال داتش شل اغراق مرفق تخزين نفط عائم في اعماق البحر وذلك في عام 1995 والمعروف ب brent spar ، فقام الزبائن بمعاقبة شركة شل وقرروا عدم الشراء منها وهذا ما جعلها تخسر كثيرا لدرجة انها كادت ان تعلن الافلاس، وهذا ما اجبرها بان تغير قرارها.

الكثير من الشركات الان في دول غرب تقوم بالدعاية بانها تنتج بطريقة تحترم البيئة وهذا لكي يحترمها الزبائن.

فالاقتصاد في الراسمالية يتكون من منتجين وشركات وزبائن وسوق الخ وهذا بحد ذاته عبارة عن نظام، عبارة عن system وهذا يعمل بافضل قدراته التلقائية لخلق نظام اخلاقي. وهذا لان الكل يتبع "المصلحة الذاتية"، فالزبائن يعتبرون الحفاظ على البيئة مصلحة ذاتية لهم وبالتالي يعاقبون من لا يلتزم.

الراسمالية هي بالحقيقة نظام اخلاقي رفيع جدا.

بينما في الدول الاشتراكية لم يكن بمقدور احد ان يعاقب اي تصرف، ولم يكن للزبائن اي دور للتاثير على القرارات.


غير متصل نيسان سمو الهوزي

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 3606
    • مشاهدة الملف الشخصي
السيد هرمز : لا اعتقد هناك اختلاف جوهري في مسألة تطور الانسان بين مختلف العلماء في هذا الشأن ! قد يختلفون مثلاً على نوع القزد الذي تطور الانسان منه ام استعمل العصى قبل الحجر وهكذا اما السمألة الرئيسة فيجب ان تكون بعد استخدام الأطراف الأمامية لأغراض غير السير ! هنا امتلك الانسان سلاح اليد ومن هنا بدأ الصراع ومعه التطور او الانتاج ! فإذا كانت هناك حبة رمان على شجرة وبقربها عدد من القرود الجوعانة فستهرع علي الحبة جميع القرود وعندما يصل اليها احدهم قبل الاخرين حتماً بدأت محاولات نزع الرمانه  منه وهنا تبدأ عمليه الصراع ومنه تطور كل شيء ! فلا اختلاف كثير بين ماركس وانجلس ونظرية التطور وغيرهم من العلماء في هذا الشأن ! اما ماقاله الوردي فهو كلام شخص شرقي يعيش في مجتمع شرقي وهو محدود في حركته وكلامه ولا اعتقد له أساس علمي دقيق ! تحية طيبة