المحرر موضوع: العراقيّون وخداع النفس العميق!  (زيارة 876 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل رعد الحافظ

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 673
    • مشاهدة الملف الشخصي
العراقيّون وخداع النفس العميق!

مقدمة :
يوم 13 ديسمبر 2003  إعتقلت القوّات الأمريكيّة التي حرّرت العراق من قبضة أبشع طاغية دموي عرفه الكوكب الى يومنا (صدّام حسين) , الذي كان مُختبئاً يومها في قبو صغير (حفرة) في مزرعة قريبة من بلدته الأم تكريت .كان أوّل ما طلبه هذا الديكتاتور من مُعتقليه الإبقاء على حياتهِ وعدم تسليمهِ لأيدي العراقيين أنفسهم!
فهل كان هذا التصرّف طبيعي تلقائي لأجل البقاء والحفاظ على النفس؟
أم هو نتيجة علمهِ بطبيعة شعبهِ العراقي الذي يميل الى القتل والسحل والتنكيل في مثل هذه الظروف؟
لماذا فكّر صدّام بأنّ أعداءه الأمريكان أرحم له بكثير ,من الشعب الذي حكمه مايقارب 35 عام بالنار والحديد؟
ربّما ساعتها إستحضر في ذهنهِ المشوّش مشهد العائلة الملكية في العراق يوم إنقلاب ( أو ثورة لو شئتم ) 14 تموز 1958 .
وما حصل يومها للثلاثة الكبار ,أقصد الملك الشاب فيصل الثاني و خاله (الوصي السابق على العرش) عبد الإله ,ورئيس الوزراء نوري السعيد بالاخص المصير المشؤوم لهذا الأخير!
على كلٍ بعد دقائق من إعلان نبأ إعتقال الطاغية صدام ,عمّت شوارع وساحات العراق فرحة شعبية كبرى .اُطلقت حينها الحناجر وأبواق السيارات والأعيرة النارية فرحاً وإبتهاجاً بهذا الحدث الجلل!
بالطبع وكالعادة ,لم يشكر سياسي أو إعلامي عراقي واحد الأمريكان على هذا الإنجاز ,بل أشاروا بأصابعهم بعلامة النصر كأنّهم هم صانعوه!
***
أحداث من الـتأريخ العراقي القريب!
خلال الحرب العالمية الأولى ومشاركة الرجل المريض (الدولة العثمانية) بتلك الحرب الى جانب ألمانيا ,وبعد سلسلة معارك طويلة في العراق وإنسحاب الجيش العثماني المهزوم وتركه عشرات الإلوف من الأسرى,
بالتحديد  يوم 11 مارس 1917  الساعة الرابعة عصراً دخلت القوّات البريطانية (ضمن حملة بلاد الرافدين) بغداد من بابها المُعظّم وسط المدينة ,دون قتال يذكر!
بعدها بإسبوع أصدر قائد القوات البريطانية (الجنرال مود) بيان بغداد الذي وردت فيه عبارته الشهيرة (جئنا مُحررين لبلادكم لا غُزاة فاتحين)!
الجدير بالذكر أنّ الجنرال مود توفي بعد عدّة أشهر بمرض الكوليرا ,وقد اُطلق إسمه على الجسر الحديدي الذي أنشئه الإنكليز في بغداد  1918 .
ثمّ تبدلت تسمية (جسر مود) الى (جسر الملك فيصل الأوّل) عام 1941 بعد تطويره .وفي عام 1958 تغيّرت التسمية الى (جسر الأحرار) !
المهم في هذه القصة الذي أوّد جلب الإنتباه إليه هو طريقة تفكير وتصرّف القسم الغالب من الشعب العراقي تجاه الأحداث التي تخص حياتهم ومستقبلهم!
فخلال 400 عام من الحُكم العثماني القذر بكلّ المقاييس للبلاد الناطقة بالعربية يقول الدكتور أشرف مؤنس (رئيس قسم التأريخ بكلية التربية جامعة عين شمس المصرية) ,فإنّ العثمانيين لم يتركوا خلفهم سوى الكوارث .ويضيف أنّ إنتصارهم على المماليك في مصر مثلاً ,لم يكن سوى إنتصار دولة إسلامية عثمانية على دولة إسلامية أخرى كانت قائمة بالفعل .فهذا بالتأكيـد ليس فتحاً مُبيناً ,إنّما هو غزواً وإحتلالاً آثيماً .
(إنظر الرابط الأول)!
في العراق بالذات كان العثمانيّون  يقودون البلد نحو الإنقراض جراء الأمراض والتخلّف .كانوا تقريباً يستعبدون الطائفة الشيعية رغم أنّها الطائفة الأكبر ,نظراً لأنّ الأتراك العثمانيين هم من السنّة المتشددين!
مع ذلك ,بعد حوالي ثلاثة أعوام من تحرير العراق من العثمانيين ,قامت ما سميّ بـ (ثورة العشرين) في شهر مايو 1920 .الغريب في هذا الموضوع أنّ الشيعة كانوا الجزء الأكبر من القائمين بالثورة وأنّ مرجعياتهم الدينية عبر فتاويهم بالجهاد كانوا عصب تلك الثورة!
فهل هذا تصرّف طبيعي ضدّ مَن حرّرهم من ظلم العثمانيين؟
ألا يحق لونستون تشرشل (رئيس وزراء بريطانيا الأشهر) ,بعد ذلك عندما يُسأل عن العراق
يقول : أواه من العراق يالهُ من بركان ناكر للجميل!
يقول : العراق وُلِدَ في لحظة من لحظات الغضب!
(إنظر الرابط الثاني)!
***
الخلاصة :
يقول د.عبد الخالق حسين في مقاله الموجود رابطه أدناه ما يلي :
[.. الإحتلال كلمة وشيء مَقيت بغيض بالطبع ,لن نتجادل في ذلك!
كما أنّ الحرية والسيادة الوطنيّة هي حُلم كلّ شعب حيّ نابض بالحياة!
لكن أن يفقد الإنسان حصافته وقدرته على التمييز بين الخير والشرّ ,بين ماينفعه أو يضّره ,عندما تختلط لديه المفاهيم وتلتبس الإمور ,ويصبح مُحرّره هو عدّوه الأوّل ,فهذا بالتأكيد شيء آخر ,لن يجلب لذلك الإنسان سوى الشقاء ولبلدهِ البلاء] !
ثمّ يوّضح د.حسين لاحقاً مستعيناً (بفكرة د.شاكر النابلسي) الفرق بين الإستعمار القديم (الإحتلال) والحديث (الإحلال) ويضرب مثلاً بما حدث من تحرير أمريكا والغرب عموماً لألمانيا وإيطاليا من النازية والفاشية عقب الحرب العالمية الثانية .ثمّ ما حصل في العراق عام 2003 !
على كلٍ صدّام حسين كان يشتم ويلعن أمريكا طيلة سنيّ حكمهِ لكنّه عندما وقع في أيديهم توّسلهم البقاء أسيراً لديهم .لأنّه يعلم ماينتظره من شعبهِ المظلوم!
كما أنّ الساسة الجُدّد في العراق لحدّ الساعة يخشون إعلان صداقتهم لأمريكا التي سلّمتهم الحُكم في الواقع على طبق من ذهب ,وأسقطت معظم ديون العراق .بل أنّهم يسموّن قواتها التي مازالت تساعدهم ضدّ الدواعش الاشرار ..قوات إحتلال!
فمتى سيتصالح العراقيّون مع أنفسهم ويفرّقون بين ماينفعهم ويضرّهم؟
متى سنتوقف عن نكران الجميل وتكرار نفس الأخطاء لننتظر نتائج أفضل؟
متى سينتهي زمن الغباء الوطني وأدعياء الوطنيـّة الأنذال والمتاجرين بالدين وشعاراتهم الجوفاء؟
و لِمَ لا ينبغي علينا أن نحلم ونفكر وننهض مثل شعوب العالَم الحُرّ؟
[ إنّ أعمال الفضل الكبيرة ,لا توّلد الإعتراف بالجميل ,بل التعطش للإنتقام] ... هكذا تكلّمَ زرادشت ـ فريدريك نيتشه !
***
الروابط
الأوّل / العربية ـ 400 سنة من حُكم العثمانيين للعرب كوارث ومآسي!
1/ https://www.alarabiya.net/ar/culture-and-art/2019/12/14/400-%D8%B3%D9%86%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D8%AD%D9%83%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AB%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D9%84%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8-%D9%83%D9%88%D8%A7%D8%B1%D8%AB-%D9%88%D9%85%D8%A3%D8%B3

 الثاني / د.عبد الخالق حسين ـ يا له من بركان ناكر للجميل!
www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=176464

رعـد الحافظ
27 سبتمبر 2020



غير متصل lucian

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 3345
    • مشاهدة الملف الشخصي
السيد رعد الحافظ المحترم

مقال رائع.

في البلدان المتطورة تقوم الاجيال القديمة التي تملك خبرة علمية وتكنولوجية بتعليم وتدريب الاجيال الحديثة ونقل خبرتها لها في المعامل والمصانع والمؤوسسات والمختبرات  الخ. في بلد مثل العراق لا اعرف من يمتلك خبرة وفي ماذا حتى ينقلها لغيره.

اذا اجرينا مقارنات في مدى تعقيد الحياة خاصة العلمية والتكنولوجية ولغرض تطويرها لتكون قادرة على البقاء للدخول في منافسة الخ من مقارنات اخرى فانني اصل الى نتيجة بان العراقيين يملكون حل واحد وهو اجراء عقد طوعي مع احد البلدان الغربية لتقوم بادارة العراق وتعليم وتطوير شعبه وهذا لفترة لا تقل عن 200 سنة.

غير متصل رعد الحافظ

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 673
    • مشاهدة الملف الشخصي
الصديق .. lucian ...مرحباً بمرورك الكريم!
فكرتك رائعة بحُكم غربي رشيد للعراق لقرنين من الزمان ... رغم أنّي كنتُ أطرح مثل هذه الفكرة على إستحياء
خشية أدعياء الوطنية الأنذال وألسنتهم الوسخة ... لكنّها فعلاً من بين افضل الأفكار حول العراق !!!
تحياتي الدائمة
رعد الحافظ

غير متصل متي اسو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 926
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
الاستاذ رعد الحافظ المحترم
تحية عطرة

كالعادة ـ تتحفنا بمقالاتك المشوّقة والانيقة
كان للعراقيين فرصة ذهبية بعد 2003 لكنهم أهدروها.... ببساطة لان العراق كان يفتقر الى وجود عراقيين ... سنه وارتباطهم بالخارج ( تركيا ، السعودية  ووو ) ، ، وشيعة وارتباطهم بايران... والصراع الديني/ المذهبي طغى على كل شعور بالمواطنة الذي كان ضعيفا اصلا بسبب حكم الرئيس البعثي العروبي و" المؤمن كذاك " صدام حسين ...
تساؤلاتك الاخيرة .. ".فمتى سيتصالح العراقيّون مع أنفسهم ويفرّقون بين ماينفعهم ويضرّهم؟
متى سنتوقف عن نكران الجميل وتكرار نفس الأخطاء لننتظر نتائج أفضل؟
متى سينتهي زمن الغباء الوطني وأدعياء الوطنيـّة الأنذال والمتاجرين بالدين وشعاراتهم الجوفاء؟
"
سوف لن تكون هناك اجابات صحيحة لهذه التساؤلات المشروعة إلا بعد تحجيم السلطة الدينية والقضاء على سطوتها... باغلاق كل الدكاكين المذهبية .. وحل جميع الاحزاب الدينية والمذهبية والقومية ... بتحريم ظهور رجال الدين في وسائل الاعلام كافة ، ومنع مكبرات الصوت على المآذن التي تقلق راحة المواطن وتبث الكراهية الدينية ... بالغاء الدروس الدينية في المدارس  التي هي بمثابة تهيأة وتدريب للشباب  ليكونوا عنصريين  كارهين لبعضهم البعض عوض ان يكونوا مواطنين صالحين يمثلون مستقبل البلاد ...
قبل حوالي ساعة فقط ، كنتُ استمع الى مقابلة تلفزيونية مع برلماني عراقي سابق بخصوص ان امريكا هددت بغلق سفارتها في العراق بسبب استيائها من عدم قدرة العراق على حمايتها من صواريخ المليشيات الايرانية.... يبدو ان حضرة النائب من المعسكر " المنافس " الذي يقف ضد التدخل الايراني... لكن عوض ان يقوم باجابة صريحة ، كان عليه ( حاله حال الاخرين ) ان يعبّر عن وطنيته بقوله : " والله انعل ابو امريكا لابو ايران" ... وبعد ان ادّى الواجب الوطني بتلاوة البسملة ( لعن الاستمار والصهونية ) صرح بأن غاية ايران هو اضعاف العراق بترحيل الامريكان ليخلول الجو لهم !!!..... برلماني وكبير في السن وهذا حاله !!!...ولنا ان نخمّن ماذا يحوي هذا البلد ...
تحياتي ثانية
متي اسو 
 
     

غير متصل رعد الحافظ

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 673
    • مشاهدة الملف الشخصي
الصديق العزيز ... متي اسو ...مرحباً بحضورك الكريم!
بالطبع أوّل خطوة لإصلاح العراق ( وأنا دائماً أُكرر ذلك) ..أوّل فقرة في الدستور يجب أن تكون :
العراق بلد علماني ,ديمقراطي !
وفي تفاصيل هذه الفقرة يجب ذكر أنّ لا فرق بين الأديان أو حتى اللادينيين (يسمونهم خطأً الملحدين) ,وأنّ الدولة غير مجبرة على صرف أدنى معونة لبناء أيّ مركز ديني ,من يهتم بهذه الامور عليه تدبير أمره بنفسه ومع أمثاله!
وجميع دور العبادة الموجودة حالياً تُعرض للبيع في المزاد وإذا لم يشترها أحد سوف تقوم الدولة بتحويلها لمصانع أو مزارع أو أيّ نشاط خدمي او رياضي أو حتى ملاهي ودور سينما ...المهم تُنتج أموال للدولة ..لتصرفها على الشعب المحتاج!
من ناحية اخرى / يجب ان ينتهي زمن كون البلد ذو إقتصاد ريعي يعتمد 100% على إنتاج النفط (من باطن الأرض) ولا يوجد أيّ سبيل آخر للمساهمة في الدخل القومي ... بمعنى آخر أن الشعب العراقي سيكون صفري الإنتاج ...شعب مستهلك فقط!
المفروض تكون هناك زراعة وصناعة وسياحة ناجحة وباقي مجالات النشاطات الإنسانية!
***
 على كلٍ أؤيدك بأنّ الدين ورجال الدين هم العائق الأوّل أمام نهوض العراق
وعندي أنّ الجو (الحقير) يأتي بالدرجة الثانية ... لكن هذا بسبب التصحّر المتزايد / وهذا سببه الإنسان العراقي نفسه ومعالجته ليست مستحيلة ,فقط تحتاج تخطيط وعمل رشيد  وتعميق وتوسيع النهرين ...وساسة شرفاء بحق ليس كالشرفاء الموجوديين حالياً في الساحة!!!
تحياتي الدائمة
رعد الحافظ