إدراكات مُغفلة
جان يزدي
عندما كنت صغيراً
ما كنت لأُدرك بأن كل الأُمنيات
سوف يبتلعها بحر الخيبات
و لم أُدرك و أنا يافع بأنني كلما أغضبت أمي
كنت أعاقبها على صبرها لجميع سهواتي التافه
و رغم ذلك كانت تلطمني بإبتسامة الأمهات الرائعة
فلم أكن لأُدرك حتى ذلك...!
و عندما انتظرت حبيبتي طويلاً
لم أُدرك بأنها لن تأتي
و قلت غداً و غداً لم تأتِ...
فلم تأتِ حبيبتي...!
فوقفت عند ذلك الزمن الذي
كان يمضي و أمالي ملتصقة بتاريخ لربما
يأتي و لم أكن لأُدرك بأنه لن يأتي....!
و يومها لم أكن لأُدرك بأنني إذا أحببت
سيكون فقط كخبر عاجل في عيون غيري
و لكن في قلبي رواية لا تنتهي.
و عندما غادرت الوطن
لم أُدرك بأنني لن أعود مجدداً...
و عندما ودعت الصفصاف
لم أُدرك بأني لن أراه أخضرٌ مرة أخرى
أُحرق الصفصاف
و أصيب أملي بالشلل..!
و لا زلت لا أُدرك بأن الأمل هو خبز الفقير.
و عندما كنت أحلم بحب بسيط
إسمه إستقرار
لم أكن لأُدرك بأنه
سيصبح أسير قوارب على أبواب الموانئ و القارات.
كنت اعتقد بأن الإشتياق لا يتكرر دائماً
كجداول الربيع و لم أكن لأُدرك
بانه يتكرر بل أكثر من ذلك
يتكرر بكثرة ___كأُطروحات الليل ....كل ليل .
و اليوم أدرك تماماً
بأن أبي عندما قطع شجرة السنديان خلف بيتنا
ليصنع من خشبها سرير عرسي
أدرك بأن ولدي سيصنع من نصفها الثاني نعشي
و اليوم أدرك بأن كل حبات المطرلو تحولت لحبر
لن تكفي لأُدرك كل إدراكاتي المغفلة .