المحرر موضوع: الأنانيــة الســـياســـية .  (زيارة 1041 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل النوهدري

  • عضو مميز متقدم
  • *******
  • مشاركة: 24150
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
الأنانية السياسية :
بقلم / خالد احمد الطّـراح :
تلعب الجينات دورا مؤثراً في السلوك البشري ، وتعتبر عاملا مهما في التوارث بين
الأجيال ، فكثير من السلوكيات والطباع كالعاطفة والشفقة والطغيان والكرم والبخل والإبداع والكراهية والحب تنتقل من جيل إلى آخر، لكنها تتفاوت بثقلها وبروزها ، بعد قراءة متكررة  لم تكن سهلة ، لكتاب بعنوان « الجينة الأنانية » لريتشارد داوكنز استطعت كتابة سطور مختصرة لكتاب يتناول التطور البشري ( نظرية التطور) من جوانب اجتماعية وانثروبولوجيا. رغم ما يحمله الكتاب من تحليل وسرد توصيفي للسلوك البشري « وقانون الأنانية الكونية »، فإن الكاتب حصر الهدف من كتابه « كانذار » لمن يسعى إلى « بناء مجتمع بتعاضد أفراده بسخاء بعيدا عن الأنانية لما فيه الخير العام » ، يناقش المؤلف ملاحظات فرضية متعلقة بالتعليم والطباع المتوارثة جينيا وعدم إمكانية «تعديلها » ، ويبين أنّ الإنسان
« ليس مجبرا على الامتثال» للطباع المتوارثة أو « البرمجة الجينية » ، عرض الكتاب أمثلة عنْ « السلوك الأناني والسلوك الإيثاري ظاهريا » معتمدأًعلى أمثلة متنوعة كأفعال الإيثار لدى الأمهات تجاه الأبناء ، وعدد الكاتب أمثلة حول السلوك والطباع الأنانية وتأثيرها في الحياة البشرية ، وركز المؤلف أيضا على نظرية داروين للتطور وكيف يمكن أنْ تتحول البساطة إلى تعقيد وتحول الطباع القبيحة إلى سلوك وطباع تسيطرعلى الإنسان ، بينما يتمكن آخرون من التكيف في عدم الامتثال للجوانب الجينية ، خصوصا حين تكون جينات أنانية تؤثر سلبيا في سلوكيات الإنسان والعمل ، توارث الطباع القبيحة أو الجميلة والأنانية في التفكير والسلوك والتخطيط لا يجد الإنسان أمامها من مفر سوى التعايش مع محيطه حتى لو كان محيطا أنانيا، لكن لو سيطرت الأنانية على العمل السياسي والقرارات نصبح أمام كارثة جينية تجعل التطوير والإصلاح مستحيلا ! مقاومة الجينات الأنانية تصبح مهمة مستحيلة ، خصوصا عند من يرى كل شيء بعيونه وليس بعيون الآخرين ، ولا يمتثل للتغيير والتصحيح للرأي الآخر والنصيحة ! الأنانية ممكن أنْ تشل الأداء السياسي ، كما يمكن أيضا انْ تئد روح تصدير العمل الإصلاحي للأجيال القادمة ، وهي ظاهرة كويتية خطرة تفتح الأبواب للمتنفذين والمفسدين والعابثين في مصير البلد والأجيال القادمة ! بتقديري ، ما وصلنا إليه من درجات متقدمة جدا من الفساد السياسي والاقتصادي والمالي لعبت فيه بالتأكيد مصالح فردية وجماعية في ضوء طغيان جينات أنانية في التغاضي عن ما يجري على الساحة منذ سنوات وعدم الاستماع للرأي الآخر حتى لو كان إلى جانب « المصلحة العليا » للبلد ، ولعل ما تشهده الكويت هذه الأيام يبرهن على أنّ هناك مجاميع تستغل جينات البعض لمصلحة مستقبل مجهول لا علاقة له بمصلحة الدولة ولا للشعب فيه رأي ! الله يستر من جينات سياسية قد تفجر
لنا بلاوي لسنا بحملها من جديد ! الأنانية السياسية ممكن أنْ تقود إلى تدمير شامل للمجتمع وتشل مؤسسات الدولة أكثرمما هي عليه حاليا وتدفع إلى عدم الاستقرار.
مقبول إلى حد ما التعامل مع الجينات الأنانية على المستوى الفردي والاجتماعي ، ولكن
ليس على المستوى السياسي ، فالفرق والتأثير كبير بين الأنانية البشرية
والأنانية السياسية ! .
المصدر / جريدة القبس .