المحرر موضوع: أطـفال غـيـورون يتآمـرون فـماذا يعـمل الناضجـون ؟  (زيارة 1470 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

متصل Michael Cipi

  • عضو مميز متقدم
  • *******
  • مشاركة: 5234
    • مشاهدة الملف الشخصي
أطـفال غـيـورون يتآمـرون فـماذا يعـمل الناضجـون ؟
 
بقـلـم : مايكـل سـيـﭘـي / سـدني ــ 

طيلة فـتـرة طـفـولتي في كـركـوك لم أخـرج إلى الشارع للعـب ، ولمّا إنـتـقـلـنا إلى ألـقـوش / عام 1958 وأنا في الصف الرابع الإبتـدائي ، رأيتُ بـيئـتها مناسِـبة لـتربـيتـنا الـبـيتـية ومن كـل الـنـواحي الإجـتماعـية وفـيها تخـرّجـتُ من المرحـلة الإعـدادية عـلى ضوء اللـمـﭘـة والفانـوس مع المنـقـلة الفحـمية الشـتائية .
كانت الحـياة بسيطة واللعـب مع الأطفال في الـدربونة ــ ألـولا ــ ممتعاً بالألعاب المتـيسّرة ( دعابل ، سيـفـونات ، كـعاب ، ﭼارِﮒِ ، مصراعة ، قـتّا وﭘـيـت ، قـفـز عـلى الظهـر مثل موانع ، ﭽَـهايِ أي إخـفاء الـذات في زوايا المحـلة ، كــْـيَـلّاثا ، ﭘُـرصونـْـﮒِ ..... ) وأنا مولع ومتمكـن من الـتهـديف بالـدعابل ــ ﭽـقة ، ﭽـقة وشـبـر ، ﭽـقة مع حـفـرة نسميها عُـنّ ــ وأربح الكـثير من ثـروة الأطفال والمتمثـلة في :
(1) سـيـفـونات : غـطاء قـناني المشروبات الغازية (2) دعابل : كـرات زجاجـية صلـدة قـطـرها سنـتمتر ونـصف تـقـريـباً ــ خـلـينا نسميها قـذائـف للـرمي عـنـد اللعـب ــ (3) ﭼارِﮒِ : أوراق الـدفـتـر المـدرسي نظيفة ومطوية نعـتـبرها نـقـوداً .
ولكـوني هـدّافاً ماهـراً بالـدعابل ، فـقـد ربحـتُ كـمية كـبـيـرة من السـيـفـونات وضعـتها في ــ ﮔـونية رز ذات 50 كـيـلـو ــ فإمتلأت إلى نـصفها ، مع عـدد كـبـيـر من الـدعابل .     
وبمرور الأيام بـرزتْ مهارتي بـين أطفال المحـلة في التهـديف بالـدعابل ( ﭽـقة ــ نـقاجا ) وخاصة طريقة مَسكـتي للـدُعـبُـلـّة عـنـد الرمي يُطـلـقـون عـليها ــ سـوري ــ مما أثار إنـتباهم في حـينها حـيث يكـون الكـفان متـقابلين تـقـريـباً بحـيث أن أصابع الكـف الأيسر تكاد تـلـف من أسفـل حـول مثيلاتها مع رسغ الكـف الأيمن ، والـدُعـبُـلـّة تُحـصر بـين ثلاثة أصابع (1) الإبهام الأيسر من يسار الـدُعـبُـلـّـة (2) الإبهام الأيمن خـلـفها وموازيا وملامساً للأيسر ومتراجـعاً عـنه قـليلاً (3) الوسطى من أصابع الكـف الأيمن تكـون من يمين الـقـذيفة وملامسة لإبهامها ، وإنّ هـذا الأصبع الأيمن ( الوسطى ) هـو رامي الـدُعـبُـلـّة بقـوة نحـو دُعـبُـلـّة الخـصم كي يصطدم بها فـيربح . وعـليه كان يلعـب معي فـقـط كـل مَن عـنـده روح المجابهة والتحـدّي . وتـتـم اللعـبة عادة بـين إثـنين أو أكـثر في آن واحـد حـيث يتم الإتـفاق مقـدّماً حـول تـسلسل اللاعـبـين : الـبادىء الأول ثم الثاني ثم الثالث وهـكـذا .   
وفي عـصر أحـد الأيام جاءني إثـنان من رفاق المدرسة / محـلة ( ألـقـوش ) أتـذكـرهما الآن ، طلـبا مني اللعـب ( ثلاثـتـنا سـوية ) وكـل منا لحـسابه الخاص ( لا شـراكة ) ، ووفـق عـقـلـيتـنا كأطفال فإن ثـروتـنا الـدعابُـل كانـت بمثابة آلاف الـدولارات الـيـوم . و تـقـتـضي اللعـبة من كلِ لاعـب أن يـركــّـز ويُـوجّه قـذيفـته ّنحـو دُعـبُـلـّة الخـصم الأقـرب إليه فـيرميها لـيصدمها ( يَـﭽُـقــّها ) فـيربح ، وعـنـدها يحـق له رمية أخـرى نحـو الخـصم التالي أي الثالث ... وإن لم يصدمها ينـتـقـل دور اللعـب إلى اللاعـب الـذي بعـده  ....... والمهم إني وافـقـتُ عـلى اللعـب معـهما بحُـسن نية الأطفال .   
وأعـرف مقـدماً ورفاقيّ يعـرفان أنّ كـل واحـد منهما عـلى إنـفـراد لا يمكـنه مقارعـتي في هـذه اللعـبة وليس في الأمر تباهـياً من جانبي ، ولا هـو عـيـبٌ في الخـصم لأن القابليات متـباينة والكـفاءات مخـتـلـفة فلا غـرابة من فـوز لاعـب وخـسارة آخـر في أية مباريات محـلية أو عالمية .
بـدأنا نلعـب بالتسلسل المتـفـق عـليه ، الأول يرمي عـلى الهـدف الـقـريب ، ثم الآخـر يخـتار الهـدف الأقـرب والثالث بـدَوره يـركــّـز لكي يربح أيضاً وهـكـذا ، إنه فـن اللعـب فلا غـرابة إذا واجَـهـنا الصعـب .
إلاّ أنّه لـفـتَ إنـتباهي أمر غـريـب ينافي أصول وفـنـون اللعـبة ، مما أثار شكـوكي في طريقة لعـب صديقيّ وغايتهما ! ...... فـما هي ؟ :
(1) حـين يكـون دور أحـدهما ليرمي قـذيفـته ، فالمتـوقع منه ــ وهـكـذا يجـب أن يكـون ــ أن يُهـدّف نحـو الخـصم الأقـرب إليه ( صاحـبه أو أنا ) فإذا صدمه ــ يَـﭽُـقه ــ سيربحه ثم يُـهـدّف مباشرة نحـو الآخـر ، وإنْ لم يصدمه ينـتـقـل دَور اللعـب إلى اللاعـب التالي ، ولكـني لاحـظـتُ أنّ كـليهما ( كل عـلى إنـفـراد ) لم يكـن يُـوجّه قـذيـفـته إلى صاحـبه الأقـرب ! وإنما نحـو دُعـبُـلـّـتي الأبعـد وكأنهما متـفـقان سـراً ضدي ، فأكـون الخـصم المشـترك لكـليهما !
(2) في تسلسل اللعـب المتـفـق عـليه ، هـناك اللاعـب الأول وبعـده الثاني ثم أنا الثالث ، فلاحـظـتُ عـنـدهما فـناً شـيطانياً ! اللاعـب الأول يريـد مساعـدة صاحـبه الثاني ( خـفـية ) كي يربحـني وهـما شـريكان . فـيـبـدأ اللعـب ويرمي دُعـبُـلـّـته " لا لـتـصيـب الثاني صاحـبه " وإنما لـتـقـف بـين قـذيفـتي وقـذيفـته ! ويصبح محـطة وسطية كـجـسر لصاحـبه الثاني الـذي سـيرميه كأول مرحـلة من أجـل الإقـتـراب مني وتسهـل أمامه إصابة دٌعـبُـلـّـتي أنا الثالث فـيربح . والخلاصة : من بعـد الرامي الأول ، تكـون الضربات النهائية لصالح اللاعـب التالي الـذي هـو ( صاحـبه الثاني ) فـيقـلل من فـرصتي أنا الثالث ... ويـمكـن تـصوّر المشهـد الأخـير للـدعابل عـلى خـط وكما يلي : قـذيفة الثاني هـو الرامي النهائي ــ قـذيفة الأول صارت في الوسط ــ أنا الثالث الأخـير الخاسر. 
إذن ، جـماعـتي رفاق المدرسة ــ الأطـفال الأبـرياء ــ كـل منهما يعـرف نـفـسه في اللعـب لـوحـده معي ولا يمكـنه مقارعـتي ، لـذلك وضعا كـليهما خـطة تآمر سـرية قـبل مجـيئهما عـندي ( يتعاونان كـليهما ضدي ) بهـدف ربح دعابلي بطريقة لا أخلاقـية فـيتـقاسمانها بـينهما . والآن نـقـول : إذا كان بإمكان الأطفال التخـطيط للإيقاع بصديقهم الطفـل ، فـما بالهما بعـد نـضوجـهما ؟ .
المهم في لعـبتـنا ، رغـم أني إكـتـشـفـتُ تلك المعادلة الماكـرة منـذ الـبـداية ( خـطة سـرية / تآمـر وتعاون إثـنين ضد واحـد ) ولكـني لم أهـتم ، فإستمريتُ اللعـبَ معـهـما مستـنـداً إلى ثـقـتي بمهارتي ، فكانت الـنـتـيجة أني ربحـتُ كـل دعابلهم ، ولم يلعـبا معي بعـد ذلك الـيـوم .   

     



غير متصل Eddie Beth Benyamin

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1627
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
استاذ مايكل

للمذاكرة فقط :

حينما كنا صغار بالعمر لعبنا الالعاب التي ذكرتها وربما العاب اخرى . دعابل لهجة بغدادية فبلهجتنا كنا نسميها تبل . شوارع محلتنا كانت مبلطة  فكنا نلعب التبل والعاب الاخرى على شارع مبلط عدا كرة القدم ولعبة ﭘُـرصونـْـﮒِ  لكي لا نكسر قير الشارع .

بالنسبة للعبة السيفون فهذه تسمية انكليزية Syphon  فبالتاكيد سمعها العراقيين واطلقواها على غطاء قنينة المشروبات . فمثلا غطاء كنا نسميه قبغ وهذه تسمية تركية Kapak . كنا نشرب مشروب النامليت حينما كان بائعها ياتي عندنا وبعدها نلعب بسيفون القنينة . احد الاصدقاء سأل بائع النامليت مصدر هذا الاسم فقال نام متأخر NAM LATE .   

معلومة اخرى : العراقيون سمو الرز" تمن " وهي كلمة انكليزية . حينما رست سفينة انكليزية محملة بالرز في ميناء البصرة طلب قبطانها من عاملي الميناء عشرة رجال لتفريغ الحمولة .  بعدها سمعوا قول القبطان "Ten men to unload " ومن ذلك اليوم ولحد هذا اليوم يسمون الرز " تمن / Ten men ". وشكرا
   

متصل Michael Cipi

  • عضو مميز متقدم
  • *******
  • مشاركة: 5234
    • مشاهدة الملف الشخصي
أخي  Eddie Beth Benyamin
لقد أغـنيتَ المقال ... فـشكـرا
نعم ، كـثير من الكلمات ليست أصيلة بلغـتـنا ، فـقـد تـراها ذات أصل تركي ، كـردي ، إنـكـليزي ، أو أية لغة أخـرى
الغاية من المقال ( كما  تلاحـظ ) هي ، كـيف أن أطفالاً بعـمر الزهـور عـنـدهم قابلية عـلى الغـدر والتخـطيط للقـيام بمؤامرة ، طبعا عـلى مستـوى الأطفال ....
فـكـيـف بهم حـين يكـبـرون ؟

متصل Odisho Youkhanna

  • عضو مميز متقدم
  • *******
  • مشاركة: 20793
  • الجنس: ذكر
  • God have mercy on me a sinner
    • رقم ICQ - 8864213
    • MSN مسنجر - 0diamanwel@gmail.com
    • AOL مسنجر - 8864213
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • فلادليفيا
    • البريد الالكتروني
الأخ مايكل
تحية ومحبة
قديماً كان الأطفال يعملوها وكانت تقع برأس ألكبار
والأن يعملوها ألكبار وتقع برأس ألصغار وألمساكين
وانت ذكي ماشالله وتفهما وهي طايره
أحترامي
may l never boast except in the cross of our Lord Jesus Christ

غير متصل د.عبدالله رابي

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1273
  • د.عبدالله مرقس رابي
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الاخ مايك سيبي المحترم
تحية
مقالة هادفة لها بعد نفسي إجتماعي غرائزي.
مثالك التعليمي كان بمثابة الربط بين الابعاد الثلاثة اعلاه، وجئت بعملية الربط بطريقة مشوقة للقارىء.
بناء الشخصية يبدأ من الاسرة التي يعيش فيها الانسان منذ الطفولة،مع تركيبة استعدادية لدوافع معينة يمتلكها الفرد جينياً، وتقوم الاسرة بفعل التنشئة الاجتماعية ترويضها وصقلها بحسب ما هو سائد من قيم في المجتمع المحلي المحيط في الاسرةمن جهة، ومن جهة اخرى ما يحمله الوالدان من خصوصيات في الشخصية.وبعدها تظهر في سلوكهم في التعامل مع الاخرين في المجتمع، فالاثنين المخاصمين لك وبتدبير اكتشفته للايقاع بك لتخسر هو استعداد موجود في كينونتهم بقوة ،والاسرة صقلته كما يبدو وفق معطيات السلوكية للوالدين وهما على نفس الشاكلة. أي بمعنى استعداد الخدر والمؤامرة والغش والايذاء كلها مجتمعة ظهرت في سلوكهما.
تبقى التصرفات عند الفرد ملازمة له مع ظهور تغيرات نحو الاسوءاو الافضل ارتباطاً بالعوامل الخارجية الاخرى التي تنقلها وكالات التنشئة الاجتماعية الرسمية او خارج اطار الاسرة مثل المدرسة او الكنيسة او جماعة الاصدقاء او السفر وتغيير مكان السكن وغيرها ،انما تتحول الى اللاشعور عند الانسان مع تقدم العمر فهي لا تزول مطلقاً ، بل عندما تتوفر فرصة لزوال قوة العوامل المؤثرة في مواقف معينة تطفو على السطح ثانية.
وفقت جدا في المثال ،اذ قراءة سلوك الطفل يخدم المعنيين في البحث الاجتماعي والنفسي للتكهن بسلوك الفرد ومعرفة طبيعة الانسان من جهة اخرى، ولهذا بعد ان كانت النظريات في العلوم الاجتماعية هي السائدة في التنظير دون العمل الميدانيي اي الاستنباط التاملي للظواهر قبل القرن الثامن عشر ،تحول الى عمل ميداني بعد خروج الانثروبولوجيين مع بدا الانتشار للدول الاوربية في المجتمعات الخارجية ومنها البدائية في افريقيا والامازون ، فدرسوا المجتمعات البدائية الخامة التي لم تدخلها الحضارة الجديدة ، وعليها بنوا نظرياتهم عن الطبيعة البشرية وعند القدامى من البشر.
اسف على الاطالة
تحياتي الخالصة.

متصل Michael Cipi

  • عضو مميز متقدم
  • *******
  • مشاركة: 5234
    • مشاهدة الملف الشخصي
أخي Odisho Youkhanna
أجـدتَ تعـلـيـقاً ..... فـنـقـول : بعـد الصلـيـب هـناك قـيامة

متصل Michael Cipi

  • عضو مميز متقدم
  • *******
  • مشاركة: 5234
    • مشاهدة الملف الشخصي
اخي عبد الله
انت كتبت بالتفصيل من إختصاصك .....  شكرا لك ولتوضيحك

غير متصل بولص آدم

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1185
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
 الأخ مايكل سيبي المحترم
 شلاما
 قبل اشهر، كتبتُ بأنك تملك خزيناً من المواضيع الجميلة وكُنت أقصد مواضيع مثل هذه تحمل في المقالات التي تعبر عنها، نكهة أخرى.. نعلم نحن الذين خبرنا الأبوة بأن الطفل يتعلم من خلال القصص والألعاب وهكذا كنا أطفالا وهكذا عشنا طفولتنا، فالمرء يحتك ببراءة بالواقع ويتعلم من خلالها.. شكراً لك. أما عن سؤال يتضمنه عنوان المقال فهو يتحمل الخوض الموسع من مختلف الزوايا والفلسفية واحدة منها... ببساطة وبالنسبة للناضجين وللأسف، أحيانا يلجأون الى ( لو ألعب لو أخرب الملعب ).


متصل Michael Cipi

  • عضو مميز متقدم
  • *******
  • مشاركة: 5234
    • مشاهدة الملف الشخصي
أخي   بولص آدم
أحـيانا الكـلمات الـبـسيطة قـد تكـون خـير مُـعَـبّـر عـن أفـكار ثمينة