الشخصية المهمة – قصة قصيرة
أخفي بإتقان في حقيبتي الصغيرة أوراقي التي تحتوي على مقالاتي و مواضيعي المختلفة التي أكتبها في الجريدة ..؟؟
و أتقدم بخطوات سريعة نحو قاعة المحاضرات لكي لا أتأخر على بداية المحاضرة التي أشعر فيها بملل شديد و يأخذني الوقت و تنتهي المحاضرة و أخرج من قاعة المحاضرات و علامة الملل و الاستياء على وجهي و ألتفت لكي أجد زميلاتي في الدراسة يتحدثن بمختلف الأحاديث و يشاركهن عدد من الطلاب و جزء من هؤلاء الطلاب أعرفهم و جزء أخر منهم لا أعرفهم حيث أن انشغالي في عملي الصحفي لا يترك لي وقت كافي لكي أتعرف على زملاء دراستي و تركتهم لكي أتقدم بخطوات سريعة خارجا من الجامعة لكي أذهب للبيت و أدقق مواضيعي التي يجب أن تنشر اليوم في الجريدة و هذا اليوم هو مشابه لبقية أيامي حيث يتركز عملي على الذهاب إلى الجامعة و عملي الصحفي و لكن القدر قد يغير حياتك في أي لحظة و هذا ما حدث حيث عندما قمت بزيارة الجريدة وجدت رئيس التحرير ينتظرني و يريد التحدث معي و كنت أتوقع أنه سوف يشكرني و يسمعني بعض كلمات المديح و الشكر و لكنه بات حديثه مختلف للغاية و بدأ حديثه و من هنا تبدأ مجريات القصة
رئيس التحرير يقول لي
حسين...أنت ناجح في العمل و لكنني عاتب عليك
قالت له
أستاذ أنا دقيق في عملي و نادرا ما يظهر لدي أخطاء في مواضيعي و مقالاتي
قال لي رئيس التحرير
أنت كاتب ناجح و تكتب بعدد هائل من الجرائد و المجلات و أخاف أن الشهرة تجعلك تغادر جريدتنا
قالت له
أستاذي العزيز أنا لن أغادر فأنتم من اهتممتم بي و رعيتم موهبتي في الكتابة
قال لي رئيس التحرير
و لذلك أنا أريد منك أن تغير نظام عملك
نظرة إلى رئيس التحرير و علامات الاستغراب ظاهرة على وجهي و قالت له
ماذا تقصد أستاذ أرجوك وضح لي
قال رئيس التحرير
أنت عندما بدأت الكتابة كنت تكتب أسمك الثنائي ولا تضع صورتك و أسلوبك هذا أنت تتبعه مع الجرائد و المجلات الأخرى
قال له
نعم أستاذ كلامك صحيح و لكن هذا الأمر يحدث لأنني كاتب عادي و أنت تعلم أيضا أنني رغم نجاح بعض كتاباتي إلا أنني ما زالت أعتبر كاتب هاوي ولست مسجل في نقابة الصحفيين حتى
قال لي رئيس التحرير
و هذا ما عليك أن تفعله سوف تغير أسلوبك و تظهر صورتك في جريدتنا و تضع أسمك الثلاثي و أما بشأن باقي الجرائد و المجلات فأنت حر بالتعامل معهم
قالت لرئيس التحرير
أنا أحترم رغبتك و سوف أنفذ ما تقول لأنني أحترم كل كلامة تنطق به
و خرج رئيس التحرير و أنا معه من غرفته و بعدها خرجت أنا من مقر الجريدة متوجها لبيتي لكي أجهز لرئيس التحرير صورة صغيرة لي لكي يتم وضعها في الجريدة في العدد القادم و لكي أحصل على قسط من الراحة بعد يوم شاق من العمل و الجهد
و في اليوم التالي كالعادة ذهبت إلى الجامعة و مرت ساعات الجامعة حيث أنني أرغب بالانتهاء من الدراسة و الذهاب إلى مقر الجريدة و أسلم صورتي الصغيرة لرئيس التحرير حيث أنني متفائل لتقدمي في عملي الصحفي و دعم رئيس تحرير الجريدة لي و لحسن الحظ سلمت الصورة لرئيس التحرير و شكرني للغاية و توجهت أنا وهو إلى غرفة تصميم الجريدة لكي تدرج صورتي في الجريدة و انتهى اليوم و في الصباح اليوم الجديد و أنا ذاهب إلى جامعتي أجد أشخاص كثيرين ينظرون اتجاهي استغربت للغاية لهذا الأمر و عند قرب وصولي للجامعة أجد عدة طلاب يجتمعون نحو و هم فرحين و مبتسمين و يقولون لي
أنت صحفي مشهور ..؟؟
أنت تكتب بهذه الجريدة..؟؟
أنت شخصية مهمة ..؟؟
شعرت بالارتباك و لم أعرف ماذا أقول لزملائي الطلاب و بهذه اللحظة أدركت بأنني وقعت في مأزق حيث يبدو أن صورتي و وضعي لأسمي الثلاثي جلب الأنظار نحوي و ركز دائرة الضوء باتجاهي و بعد نصف ساعة من تجمع عدد من زملائي الطلاب تمكنت من الهروب منهم و الذهاب بأسرع وقت ممكن إلى قاعة المحاضرات و إذ أجد فتاة واقفة أمام باب القاعة و هي تبتسم لي و تقول لي
مرحبا يا عزيزي
أرتسم على وجهي الخجل و احمرت خدودي و قالت لها
مرحبا
و بعد تحيتي لها وجدت يدها تمسك بيدي أمام جميع طلاب الجامعة و هي مبتسمة و علامة الفرح و البهجة على وجهها و أنا شعرت بالارتباك و بدأ جسدي يرتجف و قالت لها
عفوا يجب أن أدخل إلى قاعة
و سحبت يدي و دخلت مسرعا إلى قاعة لكي لا أوجه فتاة أخرى تمسك بيدي و ذهبت لكي أجلس إلى أخر مقعد في القاعة لكي أبتعد عن زملائي الطلاب و إذا وجدت أن عدد كبير من زميلاتي الطالبات يتجهون و يجلسون في المقاعد الخلفية و مرت ساعات الدراسة و أنا استلم الابتسامات من هذه الفتاة و تلك و الخوف و الخجل يكاد يقتلني و بعد انتهاء وقت الدراسة
خرجت من القاعة و إذ أجد طالبات من أقسام الجامعة ينظرون نحوي و بدأ علامات الغضب تظهر على وجهي و اختفت علامات الخجل و قالت لهن
يكفي أنتن لا يهمكم من أكون أنتم تعشقون منصبي و عملي
و بعد قولي للطالبات لهذه الجملة وجدتهن جامدين كالصخور و توجهت بخطوات بطيئة لكي أخرج من الجامعة و أذهب لعملي في الجريدة و عند وصولي للجريدة توجهت إلى غرفة رئيس التحرير و دخلت عليه و علامات الغضب ظاهرة بوضوح على وجهي و عندما شاهدني رئيس التحرير أطلع على وجهي و بدا بالضحك و قال لي
جيد لقد تعلم الدرس
قالت له
أي درس تقصد
قال لي رئيس التحرير
أنه درس عن مهنتنا فأنت كاتب ناجح و أتمنى لك التوفيق و لكنك منعزل عن واقع حياتنا و لذلك أدخلتك فيه
قالت لرئيس التحرير
و لماذا أدخلتني فيه
قال لي رئيس التحرير
لأنك سوف تصبح نائبي منذ هذه اللحظة و عليك أن تدرك عملنا
بعد أن انتهى رئيس التحرير من جملته أدركت لماذا طلب مني أن أعطيه صورتي و أن أضع أسمي الثلاثي لأنه أراد أن يدخلني في هذا الدرس و كان قصده أن يجدني أنني أهتم لهذه المهنة أم أنني مهتم بالشهرة و بإعجاب الآخرين بي و الحمد الله كانت مجريات الأحداث معي و حققت النجاح و إيقاف أي شخص عند حده و هذا ما أراده رئيس التحرير أن يعلمني به و لكن بطريقة غير مباشرة
حسين علي غالب- إقليم كردستان المستقل
babanspp@maktoob.com
http://nakeal.myfreebb.com