الواقع السياسي وضرورة عقد مؤتمر كلداني عام
وديع زورا
لا شك أن التكنولوجيا التي وصل العالم اليها في القرن الواحد والعشرين ، وما يشهده العالم من تقدم تكنولوجي في مجال المعلومات ، اصبح الوعي والمعرفة المعلوماتية تشكل نظم الحياة وسلوكياته المجتمعية ، فلم يعد مقصوراً على النخبة المثقفة فقط ، بل تعدى الجميع بفعل ظهور الانترنيت والقنوات الفضائية والثورة المعلوماتية المنفتحة على عموم البشر.
ان الانسان الكلداني اخذ يميز ما يدور من حوله من امور في الساحة العراقية ، وأصبح له رؤى ودراية يفرز الايجابيات والسلبيات على حد سواء ، يترقب عن ما ستفعله التنظيمات السياسية الكلدانية نحو تصحيح مسار الغبن الذي لحق بالكلدان على عقود من الزمن الغابر ، من خلال تقديم الحلول الناجعة لمعالجة المشاكل وقضاياهم المصيرية لمواكبة العملية السياسية في العراق ، على امل ان تزول لهجة النواح والندب والعويل على واقعنا المؤلم دون الاجادة الواقعية والموضوعية.
ان الشباب الكلداني ينقسم الى قسمين : الاول يجهل العلوم السياسة ، والثاني يملك المعرفة المتميزة في الامور الحاصلة على مجمل الساحة الكلدانية والعراقية ، متشوقاً للانخراط في العمل السياسي ، لكنه يرى في التنظيمات السياسية الكلدانية علّة الكسل والخمول الفكري والسياسي ، فانخفض مستوى المشاركة السياسية من حيث العدد والنوع ، وعليه أدت الى التباعد بين القيادات السياسية والجماهير ، بسبب ضعف العمل العلني المعلن من جهة ، وعدم تجدد وتجديد خطابها السياسي المساير للتطور الحاصل على الوضع السياسي العراقي السلبي ، وفي غياب ترتيب اوضاعها بفقدانها لاستراتيجتها العامة وخطابها السياسي المؤثر الفاعل ، ناهيك عن الضعف الحاصل في طرق وأساليب عملها وبنائها التنظيمي ، مما أدى الى النمو الحاصل لظواهر الانتهازية ومآربها الشخصية ، تحقيقاً لمكاسبها المادية بحب الذات بعيداً عن نكرانه المطلوب ممارسته على أرض الواقع ، مما جعلت الجماهير الكلدانية تبتعد كثيراً عن التنظيمات السياسية ، مما أدى الى تراجع كبير لتلك التنظيمات بشكل ملفت للنظر.
ان برامج معظم التنظيمات السياسية الكلدانية قد تجاوزها الزمن بكثير ، ولم تعد تتلائم مع متطلبات عصرنا الحاضر الذي نعيشه ، ومن ثم فان تلك البرامج باتت لا تصلح للخطاب السياسي الكلداني المؤثر على الساحة السياسية ، لذا فالحاجة الملحة تتطلب المراجعة والتعديل والتجديد بما يجعلها تتناغم وتنسجم وتتعايش مع طبيعة القضايا المطروحة على الساحة السياسية القومية والوطنية. فالحاجة أصبحت ماسة وضرورية جداً قبل فوات الأوان ، لأن يعمل كل تنظيم على اعادة النظر في برنامجه وتنقيحه وتعديله وفق متطلبات العصر والزمن ، بتضمينه رؤى وأفكار جديدة تتناسب مع متغيرات وتحديات العصر ، حتى تستطيع تلك التنظيمات مواجهة التحديات في المرحلة الراهنة ، داخل الوطن بمراعاة الأوضاع العامة والخاصة للفرد الكلداني على أسس قومية ووطنية وإنسانية ، وبموجب التحديث والتجديد لبرامج التنظيمات ، مقارنة بأدائها السياسي العملي لخدمة الجماهير الواسعة لإنهاء معاناتها بأقرب وقت ممكن.
فلا يكفي أن تتضمن برامج التنظيمات السياسية الكلدانية مطالب معينة ، وإنما لابد من برنامج عمل وتواصل مستمر ومقنع لتحقيق ما تؤمن به من أفكار وأهداف ورؤى. فالأفكار الملاصقة لمصالح الجماهير الغفيرة لا تموت ولكنها بحاجة الى وقت وعمل دءوب ونضال مستمر ومتواصل ، كي تختمر لتعطي ثمارها بعد عمل جاد بتخطيط سليم لقوى النضال الحقيقية صاحبة المصالح العامة بعيداً على النوايا والأهداف الفردية القاصرة ، ولهذا باتت غالبية قيادات هذه التنظيمات السياسية في عزلة تنظيمية بعيدة عن قواعدها ، بسبب غياب الديمقراطية السياسية الداخلية الحزبية في صفوفها كونها غيبت الرأي الآخر مستبدة بآرائها ومصالحها على حساب رفاقهم وجماهيرهم.
لذلك لا بد من العمل الفاعل والمؤثر ، لعقد مؤتمر كلداني عام يشارك فيه المهتمين بالشأن القومي الكلداني خارج الاملاءات ، يصاغ وفق التصورات الجديدة ، باعتماد أسس الديمقراطية السياسية السليمة النوايا والأهداف ، مع تلاقح الافكار والآراء بحسن النوايا والأهداف النبيلة ، التي تتيح اطلاق المبادرات والمصارحة مع الوسط الشعبي الكلداني ، مع نبذ العقل الجامد بحوار عقلاني مؤثر ، بالبحث عن البدائل الاخرى الممكنة لتحقيق نتائج افضل في ظل موازين القوى الراهنة.
من هنا اصبح عقد مؤتمر كلداني عام في الوطن يستقطب كل القوى الحزبية السياسية الملتزمة والمستقلة ، لتشكيل هيئة سياسية جديدة شاملة للجميع في الداخل وعموم دول الشتات ، أنه مطلب جماهيري حقيقي معبر عن إرادتهم وأهدافهم ونواياهم ، كضرورة موضوعية في هذه الظروف العسيرة التي يمر بها شعبنا الكلداني . بموجب التطورات الحاصلة في ساحة العمل السياسي .