المحرر موضوع: تَـثَـأْثُـؤ ((خوف))  (زيارة 490 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل jean yazdi

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 83
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
تَـثَـأْثُـؤ ((خوف))
« في: 00:46 23/11/2020 »
     
تَـثَـأْثُـؤ  ((خوف))

  جان يزدي

وقف لوهلة أمام المرآة..لتستحضر ذاكرته
مقولة : (لا يدري و لا يدري بأنه لا يدري)
فيخاطب نفسه قائلاً: يبدو أن خبرة العمر
لا فائدة منها ...الأصح لا قوة فيها كما كنت تتخمن..!؟
كيف و أنت تبكي من طيف ذكرى أو سماع أغنية تلامس واقعك
و كم مرة تناءيت عن الغسق خَشْيَةً و هرباً من أطروحاته المُتكررة
وكم تمنيت بأن لا يغرب الشروق..!
كادت البصقة ان تنطلق من فاهه بعد هزة رأس يمناً و يسارى
ندماً أم خوفاً أم أسفاً لا زال لا يدري..!؟
لكن نقيضه الثاني هَمَس بصَوْت خَافِت قائلاً
لا تـتَـثَـأْثَـأَ لست أنت من شاخ  لست أنت المتشائم ..
بل العالم قد شاخ ...ألا ترى بأن
كل الأشياء فقدت بهجتها و تبدو فارغة
كل الأزقة أصبحت مُوحشة لا سحر فيها
المُدن أصبحت باهتة لا راحة فيها
الشوارع مُظلمة لا تسمع أصواتاً مألوفة
سوى بكاء و صراخ في كل زوايا المدينة
خطر وفوضى و تحشيش  و صوت بوليس أزعر سئم مهنته الليلية..!
حتى الحانات و المقاهي لم تعد كذي قبل
قد ولى الزمن الجميل..!
الغناء مشمئز كله جنون.. تطرف...عنصرية...
المآذن تطبل للحقد ..الأجراس ترقص للتنمر
 و الملائكة تقف  ذاهلة ...!
ماتت جميع الكلمات المقدسة
في عالم الحروب و صمت القوانين....
لا بل الطبيعة أصبحت مذعورة من أشياء و غرائز
غير مألوفة ككلب متغطرس يرغب بالزواج
من  أنثى رنة  قاصرة .
لم يعد للزمن ألوان ...
ياليت كل الأشياء بقيت كما كانت و لم تتغير... كالأسماء.
فالأمور لم تعد تتعلق بالماضي أو فقدان الأيام الجميلة
بل بغُربة قلوب تبتعد عنا حتى أصبحنا في وحدة قاحـلة ..
و كم تفزعني عبارة (كان يامكان لم يعد أحداً كما كان) .
فالماضي أصبح كالزجاج المكسور يجرح كل مَـن يلمسه
ليبقى القلب فقط يتألم ...!
يتابع لوهلةٍ أُخرى شروده وهو يتمتم مع نفسه و كأس نبيذه بيده
لست انت من شاخت أحلامه بل العالم قد شاخ.
كم أريد أن أغفو على صدر الأمل و أحتضن الأُمنيات الجميلة
أريد أن أُحاكي الصدى و أجلس على أعتاب الحنين
منتظراً شيء ما...!؟
تمر دقائق و ربما ساعات و ينحسر النبيذ من الكأس
و يحترق التبغ تلو الآخر و العيون عالقة بأمل زائف
في عالم متشرذم همه الوحيد....فوضى و لا شيء آخر ...!
ليقول: ما الذي تصنعه الأقدار بنا
أية روحٍ فقدناها في هذه الحياة..... بسبب هذا العالم القاصر
و هذا الحظ التافه الذي عكر صفوة الجميع
و لصق بنا أخذاً دور الكلب الوفي ..لا نريدك..!
يُغفل بنفسه عن هذا  العالم و غطرسته هارباً في متاهات الدقـائـق 
ليلتهي بذكريات الطفولة ...محاكياً ماضي لن يعود.. كيف كنا نسرق الرمان
و التوت البري من بستان جارنا و كيف كان يُفضح  أمرنا
باللون الليلكي العالق على ستراتنا البيضاء كقلوبنا
كم كان عالمنا بريء عندما كنا نلتقط قطعة خبز
من على الأرض لنضعها جانباً مع قبلة إعتذار .
لم تعد للبراءة  قيمة في عالم ليس بريئاً.
يهز برأسه مرة أخرى  شبه مستسلم ولكنه دارياً
بأن العالم قد شاخ في الشر.... و ليس نحن.
           
جان يزدي