المحرر موضوع: كارثة عفرين من منظور آخر  (زيارة 320 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل صلاح بدرالدين

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 945
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
كارثة عفرين من منظور آخر
« في: 19:25 30/11/2020 »
كارثة عفرين من منظور آخر
                                                                   
صلاح بدرالدين

   
   منذ ان عادت العلاقات الى طبيعتها السابقة بين قيادة ب ك ك والنظام السوري وتحديدا بعد توسط المرحوم جلال الطالباني الذي توج بوصول اللواء – آصف شوكت – صهر الأسد ورئيس المخابرات العسكرية الى السليمانية لمرتين متتاليتين بأواخر 2011 وبداية 2012 وابرامه اتفاقية جديدة مع المسؤول الأول حينها لمنظومة العمال الكردستاني – مراد قرايلان – وصفت انها كانت في غاية السخاء ومفتوحة من دون حدود وخطوط حمر لحاجة النظام السوري آنذاك الى قوة عسكرية لها الصبغة الكردية من خارج البلاد تتمكن من لجم الاندفاعة الكردية السورية نحو المشاركة بالثورة ، وتستطيع اشغال الطرف التركي وتخلق له المتاعب لان تركيا كانت قد فتحت الأبواب على مصراعيها للمعارضة السورية منذ اندلاع الثورة على طول الحدود المشتركة الممتدة نحو تسعمائة من الكيلومترات .
   وبحسب المعلومات المتوفرة من أكثر من مصدر مطلع فان الجنرال شوكت قد منح قيادة ب ك ك وعودا مضاعفة من دون الرجوع الى رئيسه ويفسر ذلك على انه كان يمهد للعمل لحسابه الخاص كرئيس قادم محتمل يبحث عن حلفاء للاستقواء بهم واستخدامهم لمآربه الخاصة وهذا ما جعله محط شبهات عائلة الأسد ومستهدفا لانه كان يشكل خطرا عليهم الا أن تم تصفيته في يوليو 2012  مع جنرالات  خلية الازمة شملت وزير الدفاع ومسؤول مكتب الامن القومي ووزير الداخلية الوحيد الناجي باعجوبة .
  وبحسب ذات المصادر فقد تم الاتفاق باللقاء الثاني على بعض التفاصيل من بينها ارسال مايمكن من المسلحين واختيار منطقة جبل الاكراد – عفرين لطبيعتها الجبلية الحصينة وتوفر المواد التموينية وقربها من الحدود التركية وفي خطوط التماس من مواقع المعارضة السورية وكذلك الحلفاء من قوات النظام وميليشيات حزب الله في – نبل  والزهرا -  كمركز أساسي لتمركز المقاتلين وتخزين السلاح وبناء التحصينات وفتح مراكز التدريب وقد كان هذا الموضوع بالذات موضع اهتمام بالغ وسعادة لامثيل لها من جانب قيادة ب ك ك حيث تراءى لها أن نسخة جديدة متطورة من – قنديل – بل اهم واوسع وأكثر أمانا توفرت لهم فوضعوا كل ثقلهم وخلال أعوام في توفير ظروف التمركز الامن والفاعل والمنتج هناك .
   قادة ب ك ك وخصوصا في مركز – قنديل – كان يتباهون فيما بينهم وامام أنصارهم بالانتصار الاستراتيجي وتحقيق انجاز تاريخي هام لم يكن بحسبانهم من تجلياته انتقال الالاف من مسلحيهم الى سوريا خصوصا المناطق الكردية والمختلطة  واستلام مقدرات ومواقع ومدن وبلدات ومناطق بأكملها واسلحة وعتاد وحماية وتسهيلات من نظام الاستبداد الاسدي طبعا هذا قبل ان يغدق عليهم المحتلون الامريكان مئات الملايين من الدولارات ومختلف أنواع الأسلحة الحديثة .
   نشوة النصر أسكرت قادة مركز قنديل وتلامذتهم من الصف الثاني من مسؤولي ب ي د والمسميات الأخرى الذين انتشروا وبدؤوا بإقامة المنظمات والإدارات وفرض التجنيد الاجباري حتى على القاصرين من النساء والرجال والفصائل المسلحة كيف لا وقد كان في حساباتهم أنهم عثروا بغفلة من الزمن على محافظات سورية بكاملها وعلى معظم الشريط الحدودي مع تركيا وعلى مقربة من البحر الأبيض المتوسط  واستولوا على آبار النفط وعلى أغنى المناطق في البلاد بشريا ومن حيث الموارد وتحولت ادارتهم الى بقرة حلوب لمركز قنديل تدر عليه المال وتصدر اليه القوى البشرية من الشابات والشباب الكرد السوريين ليصبحوا وقودا في حروبه العبثية ضد الحركة الكردية بالمنطقة وفي خدمة الاجندة الإقليمية والدولية وبدأوا بفتح الحوارات مع القوى العظمى والكبرى من أعضاء الناتو ومع روسيا .
  لقد كان من أحد الأهداف الرئيسية للاتفاق المبرم بين ( شوكت – قرايلان ) ليس مواجهة تركيا عسكريا واعلاميا وسياسيا في اللعبة المرسومة فحسب بل تحويل القضية الكردية السورية الى مجرد ملحق بتلك الصفقة وتغيير وجهتها من موقعها الوطني الموضوعي الحقيقي ضد نظام الاستبداد الاسدي الذي يعتبر العدو الأول للشعب الكردي في سوريا ومسبب مأساته وحرمانه واضطهاده نحو تركيا وفي وضع كما ذكرنا سابقا تحتضن فيها منذ عام ٢٠١١ المعارضة والثوار السوريين وبالرغم من كل المآخذ على سياسات الحكومة التركية وعدم قيامها حتى الان بحل القضية الكردية في تركيا واتخاذها مواقف مضرة بالكرد والحركة الكردية في اكثر من مكان الا أن سوريي المعارضة وبينهم الكرد ليس من مصلحة قضاياهم الأساسية المشتركة استعداء الدول المحيطة بسوريا وليس من وظيفة الكرد السوريين الحلول محل الاشقاء من كرد تركيا لتصفية الحسابات مع حكومة انقرة وينطبق ذلك على الاشقاء في العراق وايران أيضا .
   لم يكن هذا الهدف المشترك ( تصفية القضية الكردية السورية ) لطرفي الاتفاق ( النظام و ب ك ك ) جديدا في المرحلة الثانية من تعاونهما منذ ثمانية أعوام بعد انقطاع منذ اتفاقية أضنة ١٩٨٩ بل شكل أساسا ومنطلقا لباكورة التقاء الطرفين عبر كل من – أوجلان وجميل الأسد – الشقيق الأكبر للدكتاتور المقبور حافظ الأسد منذ بداية ثمانينات القرن الماضي حيث تم حفظ زعيم العمال الكردستاني الدرس الأول : " ليس هناك شعب كردي بسوريا ، وعلى الكرد المتسللين العودة الى موطنهم بالشمال ، ولاوجود لقضية كردية سورية " .
  للامانة التاريخية يجب القول أن الاشقاء في إقليم كردستان العراق كان لهم مواقف مختلفة بشأن انتقال مسلحي ب ك ك الى سوريا ففي حين كان انصار الاتحاد الوطني بزعامة الطالباني من المشجعين والفاعلين بهذا الاتجاه بالتنسيق مع ايران طبعا كان الحزب الديموقراطي والاخ الرئيس مسعود بارزاني وحسب معلوماتي تحت ضغوطات إيرانية هائلة الى درجة التهديد من اجل اغماض العين وعدم التعرض لانتقال المسلحين الذين عبروا من خلال مسارات عديدة بينها – فش خابور – و – ربيعة – وحتى مطار بغداد وكان بالإمكان سماع أصوات عديدة هنا وهناك بالاقليم تعتقد أن توجه هؤلاء الى الغرب قد تخفف ضغطهم على مناطق بالاقليم وقد يتم تفريغ – قنديل – منهم والخلاص من أفعالهم ومخاطرهم المحدقة بشعب كردستان العراق .
  وفي حدث ذي صلة يحضرني ماكان يجري في سجن المزة العسكري في عامي ١٩٦٠ – ١٩٦١  بين معتقلي قادة – الحزب الديموقراطي الكردستاني – من مداعبات ساخرة واطلاق نكت وذلك في سبيل التخفيف من وطأة الاعتقال التعسفي الظالم فقد علمت من بعض – النزلاء – مثلا أن الراحل رشيد حمو أوصى افراد عائلته بجلب كيس من ( القضامة ) الصلبة خلال الزيارة للعم اوصمان صبري الذي لم يكن لديه سن صالح واحد ، وتوجه العم الى – العفرينيين - المعتقلين بالقول وعلى سبيل المزاح : " أنتم مشكوك باصولكم القومية تتكلمون التركية بنكهة كردية فيجب ان نتفق مع الحكومات الغاصبة بالاستغناء عن عفرين مقابل إعادة شنكال الينا " ومن المؤكد انه لم يكن ببال أحد من هؤلاء بان ب ك ك سيتسبب في خسارة كل من عفرين وسنجار .
    الفعل وردة الفعل
   اذا كانت غالبية الكرد السوريين مع الغالبية الشعبية السورية ترفض سيطرة مسلحي ب ك ك على مقدرات المناطق والمدن والبلدات بالطريقة التي تمت فيها فكيف بالطرف التركي الذي يعتبر هؤلاء أعداء سيتقبل وجودهم جيرانا على الطرف المقابل من الحدود ؟ نقول ذلك حتى نظهر للعيان ان اللعبة مكشوفة من خطوتها الأولى وأن ب ك ك كان على معرفة بذلك وهو من استحضر الطرف التركي الى عفرين وبقية المناطق والمدن ومازال الحبل على الجرار عن سابق إصرار كجزء من الاتفاقية مع نظام الأسد وبكل اسف انجر بعض مثقفينا الى اللعبة تحت ضغط المشاعر وصور لهم ان العدو الرئيسي لم يعد نظام الأسد وانطلت اللعبة على الكثيرين حتى أن البعض من الذين لهم حاجات خاصة في مناطق ( الإدارة الذاتية ) يزايد ويستجمع بكل طاقته أشد عبارات الشتائم ضد تركيا كجواز مرور وكأن القضية الكردية ستحل بالاقوال النابية من دون الأفعال النضالية المنظمة المدروسة .
   وهكذا كما تابعنا جميعا تركيا تعلن السيطرة الكاملة على عفرين في  18 مارس/ آذار 2018 وقبل ذلك وتحديدا في يناير – كانون الثاني 2018 ينسحب الروس تسهيلا للهجوم التركي المتفق عليه ، ولم يصمد مسلحو ب ك ك تحت مسمى – قسد – رغم التحصينات والأسلحة المكدسة وبالرغم من ادعاء احد قادتهم
أن متطوعين أمريكيين وبريطانيين وألمان حاربوا تنظيم داعش في الرقة، إلى جانب القوات التي يقودها الأكراد، متواجدون في منطقة عفرين للمشاركة في التصدي للهجوم التركي ولم تنفع مناشدات مسؤولي ب ي د للنظام السوري بنجدتهم ونشر قوات الجيش النظام السوري امام الاحتلال التركي تنفيذا للاتفاقات السابقة مع دمشق والاتفاق الأخير بين ( شوكت – قرايلان ) في حين صرح وزير الدفاع الأمريكي – جيمس ماتيس " ان لدى تركيا مخاوف امنية مشروعة وابلغتنا مسبقا بغاراتها الجوية على مدينة عفرين مضيفا ان تركيا شريك مهم لبلاده في حلف شمال الأطلسي " وبالنتيجة من يلام على كل ذلك ؟ اليس سياسات ب ك ك وملحقاته أدت الى هذا التدهور الكارثي على حساب عذابات ومعاناة وتهجير أهلنا من جيايي كرمانج  ؟  . 
 وللتذكير فقط منذ آذار 2016 بدأ تطبيق الجزء الأهم من  التنسيق العسكري بين قوات - قسد - المتمركزة في حي الشيخ مقصود بمدينة حلب وقوات الأسد والاحتلال الروسي بشكل واضح، مع بدء قسد عمليات عسكرية للتوسع على حساب الثوار في منطقة السكن الشبابي والسعي للسيطرة على طريق الكاستيلوا المنفذ الوحيد للأحياء الشرقية المحررة بمدينة حلب، حيث شهدت المنطقة معارك ضارية مع الثوار هذا قبل ارتمائها باحضان القوات الامريكية فيما بعد  .
    مصارحة أهلنا في – جيايي كرمينج – جبل الكرد
   عفرين بنظري بمثابة القلب من الجسد الكردي السوري ولن تقوم قائمة لشعبنا الا بتعافي ذلك القلب أهلنا بعفرين ومنطقتها يستحقون الحرية والخلاص من الاحتلال التركي ومن تسلط وعبث قطعان الغوغاء من الفصائل المسلحة التي تجردت من كل القيم الوطنية والأخلاقية . ولايستهين أحد بثقل الكارثة ومن حق أهلنا هناك النضال بكل السبل والاشكال المشروعة من اجل الخلاص كما من حق بنات وأبناء الجبل المتواجدين خارج المنطقة التحرك والبحث عن كل ما يحقق الهدف النهائي بتنظيم الفعاليات والنشاطات والتواصل مع المجتمع الدولي .
  وبحسب متابعاتي فقد لاحظت جنوح بعض الافراد نحو الانعزالية والمغالاة وتحويل كارثة عفرين الى قضية " عفرينية " بحتة ومن بين هؤلاء أناس لم يكونوا يوما ضمن الصف الوطني الكردي السوري مما يثير الريبة ، نعم من حق أهلنا هناك أن يلوموا الأحزاب الكردية الى درجة الإدانة ب ي د لتسببه في وقوع الكارثة والانكسي لسكوته وعجزه بل مباركته الامر الواقع الراهن ومن حقهم العمل على إعادة بناء الحركة الكردية الموحدة الشرعية لتواجه التحدي الراهن والتحديات المقبلة .
  يعلم الجميع أن عفرين ليست وحدها تحت احتلال الجيوش الأجنبية وتسلط الميليشيات المتنوعة فكل المناطق السورية ومن ضمنها المناطق الكردية محتلة أو ليست حرة ولا تدار من قبل أهلها ومواطنيها من السكان الأصليين وأكثر من نصف سكانها – كما عفرين – مهجرون ونازحون كما أن مأساة عفرين جزء من المآسي الكردية السورية ومعاناتها سياسية لاتنفصل عن الحالة القومية الكردية العامة ولن تجد الحل النهائي الا بإيجاد تسوية للقضية الكردية في سوريا في ظل نظام ديموقراطي تعددي في كل الجغرافيا الوطنية بعد رحيل المحتلين وتحقيق السلام .