عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


مواضيع - Jamil Rafael

صفحات: [1]
1
تقسـيم شـعبنا فاشل ، والمصر يراوح مكانه
ــــــــــــــــــ

جميـل روفائيـل

   ليس خافيا أن انقسامات شـعبنا ترافقت ما مـا حصل في كنيسته الموحدة  ( المشـرق ) من انقسـات  مذهبية  وطائفية  نتيجة  تدخلات  خارجية  ، وترسـخت  هـذه  الإنقسامات  نتيجة  تأجيجها  من قبـل  كبار  رجال  الدين  في طوائفنا كافة ، المستحدثة والسائرة على النهج القديم ، وبتشجيع  من نفوذ  القوى الخارجية  التي كانت  السبب في المحنة  الانقسـامية  .

   واسـتمرت  هـذه الحالة  نتيجة  الإنغلاق  المتواصل الذي ظـلّ  قائما  بين  طوائفنا المذهبية ،  خصوصا ان الأحاديث ظلت دينية  ، لأن  الحديث  في الشؤون القومية   لشـعبنا حتى سنوات قريبة  كان جريمة  تعاقب  عليها  القوانين  الحكومية  ،  والمؤسـف  أن  البعض  ،  خصوصا من كبار رجال الدين  ، لـم  يهتـموا  بإزالة  التراكمات  المشـتتة  لشـعبنا  الواحد  ،  بـل  حاولوا  أخيرا تأجيجها  من خلال  تحويلها  الى  تسميات  قومية  ،  فصار  الانتماء  الى  الكنيسة  الآثورية  (  الآشورية  )  يعني  القومية  الآثورية أو الآشورية  والكنيسة  الكلدانية  يعني  القومية  الكلدانية  وكذلك  الكنيسة  السريانية  الذي  صار  يعني  القومية  السريانية  . . وهـو أمر غريب لم يشـهده شـعب  آخر  بأن  تتحول تسميات طوائفه  الدينية  الى  تسميات  قومية  . . لكن المسـر أن البعض  أدرك عـدم صوابه فالتـزم التسمية  الموحدة  بينما البعض الآخر لايزال مصرا يراوح مكانه وأملنا أن يعيـد النظر في موقفـه  ويتخلى عن تـشتـيت شـعبنا  . .

   والأدهـى أن  البعض  الذي  واصل اصراره  على  ابتداع  القوميات  ، قـد  سـار  على  منواله  البعض  المغترب من شعبنا  من غير رجال الدين ، هـذا البعض المغترب  الذي  وان  ظـلّ  هـو على شـئ من  الارتباط  بجذوره في أرض آبائه  وأجداده ، فقـد انمـزج  هـذا  الارتباط  بتأثيرات الظروف  الخارجية  المحيطة  بـه  ، وفي كل الأحوال فـإن هذا الارتباط ، مهما كان نوعه ،  لن  يتجاوز  جيله  الحالي  لأن  أولاده  وأحفاده  سـيفقدون  كل  صـلة  لهم بلغة  وتراث  ومذاهب أرض  آبائهم  وأجـدادهم  . . وأيضا  صرنا نسـمع أخيرا أن هـذا البعض  يطالب بـ ( كعكة  )  الداخل وهـو يعلم جيدا أنـه يلاحق  السـراب لأن هـذه ألـ ( كعكة ) هي فـقط للمحافظ على وحـدة شـعبنا في الداخل ، أما ( كعكة ) الرافض لوحدة شـعبنا في الداخل فهي في الخارج حيث كبار دعاة الانقسام والتشتت وأصحاب الوعود التي ظلت وعـودا وستبقى كذلك  كما  يبـدو  .

    ويبـدو  أن  البعض  من  كبار رجال الدين لطوائف شعبنا لايزال  يعتـقد  ، بضرورة سيره على النهج القديم ، وأن أوامره مهما كانت فهي مطاعة  لدى اتباع طوائفه  من دون تمحيص أو اعتراض ، على رغم مـا أفرزته  الوقائع  بأن  اتباعه  يطيعون فقط أوامره  التي تكون ضمن المجال  الديني  ، وفي غير ذلـك فلا يجدون  ما يستوجب عليهم الإلتزام بـه . . فشـعبنا على اختلاف طوائفه ، والمقصود داخل العراق ، صار واعيا بقضاياه  وأن الخيار الذي اختاره هـو مقت الانقسام والتشتت والضعف  والهزال والمصير المجهول ، ولهذا كان خياره في اختيار  ممثلي  شعبنا في برلمان اقليم كردستان هو انتخاب المؤمنين بوحدته ، وحتى الرسالة التي بعثها أحد المطارنة الى قسس ابرشيته في اقليم كردستان لقراءتها في الكنائس  من اجل التصويت  لقائمة معينة  لم يقرأهـا إلاّ  قس واحد  فقط يعمل ضمن كنيسة  المطران  نفسه ، بينما تجاهل بقية  القسس قراءتها لأنها أمر غير ديني . . فهل  يتعظ  هـذا  المطران  وغيره مـما رسـى  عليه أمر هـذه الرسالة غير الدينيـة .

   من حـق رجال الدين كافة التعبير عن آرائهم واقتراحاتهم خارج المجالات الدينية ، ووضعها في مجال التفاهم  والحوار  وقناعة  شـعبنا ( داخل العراق صاحب القضية ) على أن يلتزموا بالتالي موقف غالبية شـعبنا في الداخل . . وفي هـذا الإطار أيد الكثيرون ونحن أيضا دعوة  سيادة المطران لويس  ساكو الى الحوار والتفاهم وعدم  الاصرار  على تسمية موحدة واحدة  ، كما وقف الكثيرون من شعبنا ونحن أيضا  الى  جانب  اقتـراح الأب  الباحث  ألبير  أبـونا في شـأن ( القومية الآرامية ) . . وأبدينا رأينا  بأن  التسمية  الموحدة  المركبة  (  كلداني  سرياني  آشوري  )  ليست  مثالية  ، ولكننا  أيدناها  باعتبارها  توفيـقية  مرحلية جامعة  راهنة  للأسماء  المتداولـة  وردا  ضروريا مرحليا  لاسـقاط محاولات  التقسيم  والتفرقة  والتشتت  والهزال والعودة  الى  الماضي  البغيض  ، هـذه المحاولات الخارجية التي بلغت  درجة  جعل  شـعبنا  في الداخل  في  حيرة  من أمـره  ومصيره  مما  يجعله يضطر  الى  اللحـاق بدعاة  التشـتت  وبالتالي افراغ  العراق  مما  تبقى  فيـه  من  شـعبنا . . أسـوة كما فرغت البـلدة  التي ينتمي  اليها  زعماء  التـقسـيم  من أهلها  الأصليين  وأصبح نصفها مسرحا لهيمنة  من لاينتمون الى  شعبنا  والنصف الآخر من شـعبنا ولكن من غيـر  سكانها  الأصليين  . .

    ونؤكـد  بوضوح  وجلاء  أن  موقفنا  الشـخصي  هـو  البقـاء  مؤيـدا  للتسمية  المركبة  ( كلداني سرياني آشوري ) أسـوة  بموقف غالبية  شـعبنا داخل العراق   الذي  بـرز في  انتخابات  محافظتي  نينوى  وبغـداد  ومن ثـم بنتائج  كوتا  شـعبنا  لانتخابات  برلمان  اقليم  كردستان  ،  وذلـك  لقطع  الطريق  أمام  محاولات  التقسيم  والدفع باتجاه افراغ  العراق  نهائيا  من  شـعبنا  ،  وسيبقى موقفنا  هـذا  قائما  حتى  التوصل  الى  تسمية  قومية  غير  مركبة  لشعبنا  تكون  مقبولة  من  معظم  شعبنا  داخل  العراق  الذي  لـه  الحق  وحـده  بتقـرير  مصيره  بعيـدا  عن  كل  تدخل  خارجي  .

   ونوضح أيضا ، أن  التجارب  أثبتت  أن الاعتماد  على الخارج فاشل دائما وهو سبيل الضعفاء ، كما أن تشكيل تنظيمات  بعبارات  رنانة مثـل ( عالمي ) غير  مفيدة  واقعيا  لدى شعبنا داخل العراق ، وإلاّ  ماذا يمكن أن  نقول  عن ( الاتحاد العالمي  للكتاب والأدباء الكلدان ) حيث عند النظر  الى أسماء  السادة  أعضاء  هيئته  التأسيسية  يظهر أن 7  منهم فقط هم من داخل العراق بينما  18  الباقي من خارج العراق ، فكيف يمكن أن يدوم هذا الاتحاد فعالا في العراق إذا كان فقط أقل من ثُـلث  أعضائه من داخل العراق  ، وأن أكثر من الثُـلثين  هم من الخارج  الذي ينتمي الى  الجيل الذي غادر  العراق خلال العشرين سنة الأخيرة تقريبا وبقيت بعض أرتباطاته بأرض آبائه وأجداده ، ما يعني أنه  بانتهاء هـذا  الجيل لن يكون لهذا الاتحاد أعضاء في الخارج ، بينما لا ضمان ، والحالة هذه ، لبقاء  القلة  من أعضائه  وأولادها التي هي في الداخل في اطار هذا الاتحاد . .

      وفي هذا المجال كان على الداعين لهذا الاتحاد الذي  أكـد  انعـزاليته  حتى عن مديرية الثـقافة  السريانية في وزارة الثـقافة لاقليم كردستان ، أن يأخذوا درسا من تجربة مصير  ( الاتحاد الآشوري العالمي  ) الذي تأسس منذ أكثر من خمسين سنة  في أميركا ولا يزال يراوح مكانه  من دون أن يحقق  أي هدف له من أهدافه الرنانة داخل  العراق  ، فلم يرجع  أحد  من أعضائه  الى  ديار آشـور ولم يستطع  أن يجد  مؤيدا  له داخل العراق ، وظل عالميا وسـيبقى حتى ينتهي وجوده ، من دون أي فعل داخل  العراق  ، وبقي نشاطه مقتصرا على ( المؤتمرات العالمية ) خارج العراق التي سرعان ما يعتري مقرراتها الرنانة النسيان  وتـذهب  مع  الريـح  . 

   وازاء هـذا ، وانسجاما مع نهجنا القائم على الوثائق التاريخية  ومواقف  الجهات  الخبيـرة  المحايدة  تجاه  خلافات شـعبنا ، فإننا سنتناول في موضوعنا  المقبل  ما كتبه مصدران تاريخيـان  لغـويان  محايـدان  تجاه  أمور  شعبنا  القومية ، همـا :   الأول : ( المنجد في اللغة العربية المعاصرة ، والمنجد في الإعلام ، الصادر عن دار المشرق التابع للآباء اليسوعيـين في لبنان ـ الكاثوليك ) والمصدر الثـاني ( الموسوعة  العربية  الميسرة  الصادرة  عن  دار الشعب ( القاهرة ) ومؤسسة  فرانكلين  للطباعة والنشر باشراف محمد شفيق غربال ) . 


2
وحدة شعبنا الحالي ، نتاج لاندماجه القومي
ـــــــــــــ
جميـل روفائيــل
    الإندمـاج لغويا ، يعني ( اتحاد شـيئين أو أكثر وامتزاجهما وانصهارهما ببعضهما ، وتحولهما إلى شـئ واحـد ) فكيف ينطبق هـذا الأمر على اندماج الآشوريين والآراميين والكلدانيين والسـريان وبقـايا الشـعوب العراقية القديمة ، ببعضـها ، والذي نـراه ماثـلا في شـعبنا ( مهما تعددت تسميانه المتداولة اليوم ) بخصوصياته الواحدة المتميزة عن غيره من الشعوب في اللغـة والعادات والتقـاليد وصولا إلى مواصلة السكنى في مناطق  من   بلاد بـين النهرين التي اسـتطاع الحفاظ عليها ، على رغم الظروف الصعبة التي واجهها  وعمليات التهجير ومحاولات الغير الإستيطان في أراضيه عبـر العصـور  .

يشـير الاب البير ابونا  في موضوع نشره في المواقع بعنوان  ( مـن نحـن ؟ ومـا قوميتـنا ؟ )  الى مجموعة  الأقوام  التي برزت في أرض بين النهرين وأثّـرت فيها والذين منهم ( السومريون ، البابليون الآموريون الذين ينتمي اليهم حمورابي ، الآشوريون ، الدولة البابلية الحديثة ـ الكلدانيون ، الآراميون الذين جعلوا لغتهم لهذه الأرض وما حولها ، السلوقيون ، الفرس ـ الأخمينيون والفرثيون والساسانيون ) . . ويقـول : ((  وفي هذا الخضمّ من الأعراق والجنسيات والقوميات اتي مرّت بهذه البلاد ، هل يستطيع انسان اليوم ، مسيحيًا كان أم مسلمًا ، أن يؤكّـد انتماءَه الى عرق معيّن  او الى قومية لا يرقى اليها أي شك ؟  قالوا اننا ننتمي الى القومية  الكلدانية او السريانية او الأشورية – حتى اذا رفعنا  أو  من بينها وجعلناها قومية مثلثة الأضلاع - . فمن ذا الذي يستطيع  ان يؤكد انتسابه الى هذه القومية دون أخرى ؟  ومن ذا لذي يمكنه  ان يربط حاضره  بأقوام عاشوا قبل اكثر من ثلاثة آلاف سنة او حتى ألفي سنة في هذه البلاد؟ وهل ثمة انسان عاقل يسعه ان يقدم البراهين  على ذلك الانتساب ؟  كلٌّ منا يتمنى الانتساب الى اجداد عباقرة  وأسلاف جبابرة  اشتهروا في تاريخ البشرية ، ولكـن  ...  إنها أمنيات عذبة ، غير انها قد لا تمتُّ الى  الحقيقة التاريخية بصلة  قريبة او بعيدة  ، إنما اخترعتها مخيّلاتنا الخصبة  وأنتجتها عواطفنا الخـلاّقـة،  ولكن أيـن  الحقيقـة ؟   فأيـن توارى السومريون  الأذكياء ؟ واين اختفى الأكديون ؟ وكيف زال نفوذ الاشوريين العظام  وتلاشت سيطرة البابليين  والدول الأخرى التي كانت تـتباهى  يومًا وتـتفاخر بسلطتها وقوتها وسيادتهـا على هذه البلاد  العريقـة في الـقدم . ))  .

    أمـا المطران لويس سـاكو ،  الذي نشـر موضوعا في المواقع بعنوان ( التسميات )  فيـقول : (( لا يزال أمامنا مجال لتوحيد التسمية بعيدا عن كل التاثيرات الخارجيّـة ، التسمية الحالية غير موفقة البتة ، لذلك بالامكان تبني  مثلاً : تسمية موحدة  كالاراميين أو سورايي، أو كلدانيين  أو اشوريين أو السريان. ما نحتاجه هو التوافق وهذا قرار بيدنا.. اتـفاق معقول للتسمية وبشكل جماعي و ليس فردي أو فئيوي . ))  . 

    واسـتنادا إلى هـذه  الآراء وغيرها المشـابهة لها ، فـإن  القناعة تـتوافر  بأن شـعبنا الحالي هـو نتـاج اندماج شـعوب وأقوام برزت في بلاد بيـن النهرين منـذ آلاف السـنين ، وليس في شـعبنا أي انتـماء نقـي الى أي  قوم مـن اقـوام بيـن النهرين القـديمة  ، ولـكن في مجـال خـلو شـعبنا  من تسـمية موحدة لـه فـإن دعـاة تقسـيم شـعبنا وتجزئـته وإضعافه يظهرون لإعـلان قوميات لهـم محاولين تمرير رغباتهم  بالذرائع المختلفـة ، ما يتـطلب التأكيـد على أن شـعبنا يتكون من قومية واحدة  لاغيـر ، أمـا الجهات التي تبقى على مواقفها  سـواء كانت آشورية أو كلدانية أو سريانية . . ألخ  فهي وشـأنها  . .  ومـا يؤكـد ما تطرقنا اليـه بعدم النقـاء الكامل لشـعوب بيـن النهرين الحالية  وجـود حتى مسـلمين عراقيـين منـهم الدكتور تيسـير الآلوسي يشـيرون الى أنـهم من أصل سـومري ، وشـخصيا التـقيت بمسـلم شـيعي في كوبنهاكن  بالدانمارك بحضور مجموعة من أبناء شـعبنا هناك  قـال لـي إنـه واثـق من أن أصوله تعـود الى الآشـوريين . .

     ولـذا فبالنسبة لشـعبنا ليست المشكلة في التسمية الموحدة (  كلداني سرياني آشوري ) القائمة حاليا ، وإنـما هي في محاولات البعض تقسـيمنا الى قوميات عـدة بادعـاء أن الشعب يتكون من قوميات متعـددة ،  ووقوفهم ضد التسمية الحالية على أسـاس أنها مركبة  . . نعم إن هذه التسمية هي مركبة وغير واقعية بشكلها  وليست مثالية لأنها توفيقية لاغيـر ولتأكيد وحدة شـعبنا لابـدّ  منها راهنا ،  ويمكن تبديلها بتسمية غير مركبة إذا أكد  دعاة التقسيم والقوميات المتعددة تخليهم عن موقـفهم الحالي والقناعة بتسمية موحدة والقبول مسبقا بالتسمية الموحدة التي تحظى بموافقة أكثرية شـعبنا داخل العراق من خلال اسـتـفتاء عام لشعبنا يتم  باشراف هيئـة محايـدة  . . لأنه ما جدوى تغييرها بغيـر مركبة في وقت لايزال دعاة التقسـيم يرفضون أي تسمية موحدة لشـعبنا ولا يقتنعون باندماجه القومي ؟

  وإزاء هـذا ، فإنـنا نشـير الى قسـم من المصادر التأريخيـة التي بحوزتـنا والتي توضح لنـا  الإندماج القـومي لشـعبنا الحالي . .  ونبـدأ  منـذ عهـد الملك الآمـوري حمورابـي ( حكم من 1792 ق.م. ـ 1750 ق.م. ) وهـو سـادس ملوك سـلالة بابل الأولى مـن بين ملوكها الأحـد عشـر الذين حكموا نحو 300 سـنة وكان حمورابي ( حكم 43 سنة ) الأطول حكمـا بينـهم ، وجـاء في كتاب ( كنوز المتحف العراقي ، المطبـوع في دار الحرية ببغـداد عام 1972 ، للدكتور فرج بصمة جـي ص 41 ) أنـه "  . . وجّـه ( حمورابي ) همّـه إلى الشـمال وقضى على دولة آشـور القديمة وابـن شـمشي أداد ( اشـمي دجان الأول ) ووحـد العراق بقسـميه . . " .

   ويواصل الكتاب نفسـه في ص 51 ، أن  "  الملك الآشوري  أداد نيراري الثـالث ( حكم من 912 ق.م. ـ 891 ق.م. ) استطاع اخضاع بعض الأقاليم المجاورة ، ثـم تحالف مع بابل . . ( وهـو ابن )  الملك الآشوري شمشي أداد الخامس الذي تزوج  مـن أميرة بابلية تدعى شـمورامات  فكان لها أثـر ظاهر في تحسين العلاقات  بين بابل وآشور ونشـر الثقافة البابلية في الشمال ، لاسيما عبادة الإله ( البابلي ) نابـو ، وقـد تولت الوصاية ( لمدة خمس سنوات بكل مقاليد الحكم ) على ابنها أداد نيراري الثالث ( حكم من811 ق.م. ـ 781 ق.م.) وأحرزت شهرة عالمية وقد ذكرتها المصادر الأغريقية باسم سميراميس . . واتخـذ الملك الآشوري تجلاتبلاسر الثالث ( حكم من 745 ق.م. ـ 727 ق.م. ) سياسة التهجير ونقل الشعوب من مكان إلى آخر ودمجهم مع بعضهم ، ليجعل منهم أمة موحدة ذات لغة واحدة وعادات متشابهة ، فنقل جماعات كبيرة من سكان سوريا وفلسطين ( الآراميين ) وأسكنهم بابل وآشور ورحّـل جموعا من البابليين وأسكنهم في الشـمال والغـرب . .   

   وبعـد هـذا التهجير والنقـل وما سبقه مـن اختلاط بين بابل وآشور ، أصبح الإندماج القومي ( الآرامي البابلي الآشوري ) شـبه كامل ،  وغـدت المناطق والمدن والبلدات في بلاد بين النهرين تجمع حاملي الأسماء الثلاثة ، كما صارت نينـوى مختلطة ( آشورية بابلـية آرامية ) وأصبح الملوك الآشوريون ، مثل الشـعب ، مـن دماء مزيجة مـن الأسماء الثلاثـة ، فهـم مـن آبـاء آشـوريين ومـن أمهات بابليات وآراميات .

   وفي هـذا الإطار ،  يقـول كتاب ( كنوز المتحف العراقي ص 55 ) "  . . وفي أواخر حكمه عيّـن سنحاريب ( حكم من 705 ق.م. ـ 681 ق.م. ) ابنه أسرحدون من زوجته الآرامية البابلية نقيـة وليا للعهـد دون اخوته الذين يكبرونـه . . وعيّـن أسرحدون ( حكم من 681 ق.م. ـ 669 ق.م. ) ابنه الصغير آشوربانيبال  ( حكم من 669 ق.م. ـ 629 ق.م. ) وليـا للعهد وذلـك إرضاء لأمـه نقيـة . . "  ويبدو واضحا تأثيـر الآراميين والبابليين في الحياة الآشورية في عهد الامبراطورية الآشورية الثانية نتيجة الاندماج القومي الذي حصل  ، وأحـد الأدلـة الجلية على هـذا الإندماج انتشـار اللغة الآرامية في بلاد آشور ، وحول ذلـك يقـول الأب ألبيـر أبونا في كتابه ( أدب اللغـة الآرامية ص 31 ) نقـلا عـن المستشرق رينـان "  لايمكننا أن نشـك في أن السـواد الأعظم من الشعب الآشوري كان يتكلم اللغة الآرامية ( أصل اللغة السريانية الحالية )  . . فالآرامية كانت مستعملة لدى الموظفين الكبار في البلاد الآشورية الذين أرسلهم سنحاريب للتفاوض مع  حزقيـا الملك . . ولمّـا أعقب الحكم الفارسي الحكم الآشوري ، حافظت اللغة الآرامية على مكانتها الرفيعة وأهميتها الكبرى . . "  .
    ومـن أدلة أهمية الآراميين والآرامية ، الحكيم أحيقار ، الذي كان كاتبا ومستشـارا ، أي  بمثابة رئيس الوزراء في أيامنا الحالية  ، للملكين الآشـوريين سنحاريب وابنـه أسـرحدون ، وقصـته التي كتبها باللغة الآرامية اشتهرت في العالم القديم ولا تزال شهيرة حتى اليوم . 
 
    وبالنسـبة للعهد البابلي الأخير ( الكلداني ) يقـول كتاب ( كنوز المتحف العراقي  ص 59 ) " . . قتـل رجال الدين الطفل لباشـي مردوك ( الملك الكلداني ) بعـد  أربعة أشهر من وفاة والده الملك نركلصر ( حكم من 559 ق.م. ـ 556 ق.م. ) وعينـوا بدله الرجل الورع والتقـي نابونيـد ( نبونهيـد ) ( حكم من 556 ق.م. ـ 539 ق.م. ) ولعله من رجال الدين من أصل آرامي . .  وقـدّم نابونيد الآراميين في الحكم والإدارة . . "   وقضية نابونيـد دليل على أنه لـم يكن كل ملوك العهد البابلي الأخير من الأسـرة الكلدانية ، وأن هـذه الأسـرة الحاكمة لـم تكن تحظى بقبـول عـام مـن البابليين . . وتقتضي الإشارة إلى أن الكلدانيين انسحبوا من شمال بين النهرين وكل بلاد آشور بعـد سـقوط نينـوى مباشـرة ،  لأن المنطقة أصبحت من حصة حلفائهم الميديين الذين شاركوهم في القضاء على دولة الآشوريين ، ولـم يكن للدولة الكلدانية أي علاقة بهـذه المنطقة طيلة عهـدها ، ولذا اتجهت  الدولة الكلدانية  نحو الغربأي جنوب سـوريا  وفلسطين  .

     ويتناول السـيد بنيامين حداد  في كتابه ( القطر البحري ـ بيث قطرايي ـ الأصول الأولى للكلدوآشوريين السـريان ، طبعة بغداد 2006 ، ص 70 و 71  )    "  هناك الكثير من المؤرخين مـمن يعـزون أصل الكلدانيـين إلى الآراميين ، وصاحب كتاب كلدو وآثور ( المطران أدي شـير )  يعتبر الكلدانيـين والآثوريين شـعبا واحدا مستندا إلى مراجع عديدة  "   
   أمـا الدكتور يوسف حبي ، فيقول  في ترجته لكتاب الباحثة الفرنسية مرغريت روثـن الذي جعل عنوانه ( علوم البابليين ، منشورات وزارة الثقافة والاعلام ،  الجمهورية العراقية  ، طبعة  1980 ،  ص  5 ) "  . . أما أهم بحوثها ( مرغريت روثن ) فهو ما أقدمه اليوم لقرائنا الكرام ، تحت عنوان ( علوم البابليين ) بدلا من العنوان الأصلي ( علوم الكلدانيين ) "   

    وفـي شـأن قضية اللغة الكلدانيـة ، يقـول المـؤرخ العراقي طـه باقـر ، في كتابه ( مقدمة في تأريخ الحضارات القديمة ـ الجزء الثاني ، طبعة بغداد 1956 ،  ص 277  )   "  وهناك تسمية مغلوطة تطلق على الآرامية وهي الكلدانية ، ومنشـأ  هذه التسمية مـما ورد في سـفر دانيال من استعمال الكلدانيين للآرامية ، ولكن الواقع أن اللغة الكلدانية التي تكلم بهـا الكلدانيون ( أي البابليون في العهد البابلي الأخير ) إنـما كانت البابلية المتأخرة المشتـقة من الأصل الأكـدي "  وهـذا توضيح مـن مؤرخ ضليع بلغات بلاد بين النهرين  القـديمة في شـأن الخطأ اللغوي والتأريخي الحاصل لدى البعض من اطلاق الكلدانية على لغة السـورث ( الآرامية ـ السريانية ) الحالية ، والخطأ نفسـه نجده عند الذين يطلقون الآشورية على لغة السـورث ذات الأصل الآرامي حاليا . 

   وخلاصة الموضوع ، مـادام شـعبنا   في داخل العراق  يعيش مرحلة حاسمة مـن تأريخه التي يمكن القول إنـها الحـد الفاصل بين البقـاء والفنـاء ، فينبغي أن تحسـن نيات كل أطرافه بجميع تشـعباتها واتجاهاتها ، ويكف مـن يسـير منه بحسب التوجيهات التشـتـتية الآتية لـه من الخارج ،  ويفكر مليا في التخلي عـن الإنعزالية  ، والتـزام الوحدة الموصلة نحو شـاطئ السلامة والديمومة جغرافيا وتأريخيا واجتماعيا وحضاريا وثـقافيا ولغويا ودينيا وانسانيا . .  بين مختـلف أطراف هـذا الشـعب الذي بدأ اندماجه الكامل  منذ نحو ثلاثة آلاف سـنة ، هـذه الأطراف التي لـم يعـد يفـصل بينها غير المذاهب الدينية والمواقف السياسية ،  والتي مـن الخطـأ استخدامها في ترسيخ التفـرقة والتباعـد والتشـرذم ، وكل مـا يقـود إلى الحاق الأضرار بالجميع .
 

3
ختاما لآرائي مع الأخوة القوميين الكلدان
ــــــــــــــــــ
جميـل  روفائيـل

   بدايـة  ،  إنني أرى بأني استوفيت الغرض من مواضيعي في هـذا الشأن ، في قول رأيي  سـواء في التسمية الموحدة لشعبنا أو تسـمية ( القومية الكلدانية ) التي أعتبرها بداية للتقسيم والتجزئة والضعف والتي يسعى اليها البعض من شعبنا خصوصا  الذين قطعوا علاقاتهم التواجدية  والمصيرية  مع أشقائهم في العراق ، ولـهذا أنا مع التسـمية الموحدة المتفق عليها بين كل أطراف شـعبنا  مهما كان نوعها بما فيـه ( القومية الكلدانية ) على رغم قناعتي أن الكلدان القدامى  تاريخيا هـم جزء من الشـعب الآرامي وأن التسمية الكلدانية الراهنة هي مذهبية مسيحية  وحديثة العهد   ، لأن المهم في رأيي هـو ترسيخ وحدة شـعبنا التاريخية واللغوية والثقافية  والاجتماعية والمصيرية  ، وضمن هـذا الإطار فتحت نقاشا مع الأخوة وتناولت أدلة موثوقة بخصوص آرائهم وأهملت الرد على محاولات البعض لإثارتي باتجاه سجال عقيم وما ورد منهم  ضدي من خلال توجيه العبارات غير اللائـقة والاتهامات وادعات من نسج الخيال  التي لاعلاقة لها بالاراء والأدلة التي تناولتها . .  وعبارات مثـل : تخرصات ، جهلاء ، هذيان ، اتزان ، زمن الدولار ، بعثي عمل في جريدة الثورة ـ وعلى هذا الاتهام الذي يحاول البعض بين وقت وآخر إثارته  والقرع على طبله قلت سابقا وأقول الآن أنني خلال عملي في الثورة لم أكن لا بعثيا ولا شيوعيا ولكن كانت علاقاتي على رغم عملي في الثورة وثيقة مع الشيوعيين ويشهد على ذلك أعضاء حاليون في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي  وآخرون بارزون في هذا الحزب  وقادة حاليون في أحزاب وجمعيات شعبنا   ومعارفي في النوادي والجمعيات التي كانت لي علاقة معها في ذلك الوقت ، وأيضا أؤكد بأنني لم تكن لي أي علاقة وفي أي يوم من الأيام مع تنظيم البعث في تللسقف وأهل تللسقف يعلمون جيدا هذا  ، مع احترامي لغالبية الذين اضطروا لأسباب مختلفة الانضمام لتنظيم البعث رغما عن ارادتهم  سواء في أنحاء العراق أو تللسقف ـ  . .  راجيا اللـه عـزّ  وجـل  أن يسـامح الذين اعتادوا توجيه انواع الاتهامات الباطلة لي   ومشيرا الى أن ما ذكره بعضهم عن الأعمار والذاكرة  ، وأوضح لهم  بأنها  بيـد اللـه وقـوة الذاكرة هي من نعمه  التي لايفـرق بها بين كبيـر السـن وصغيـره    .

    ومع ثقـتي أن التسمية المركبة ( كلداني سرياني آشوري ) ليست مثالية وأنها حلا وقتيـا مؤقتـا من أجل ترضية أطراف التسميات  المتداولة حاليا والمؤيدة لوحدة شـعبنا وتأكيد الوحدة الرسمية لشعبنا ريثما يتـم التوصل الى تسمية غير مركبة دائمية .  . ويبدو لي ، أن دعاة الوحدة ، من حيث المبـدأ  ،  ليست لهم  أي اشكالية مع أي اسم موحد  ،  ما يعني أن المشكلة هي مع الأخوة  دعاة تجزئة  شعبنا  الى ثلاث  قوميات  . . ولـذا فإنـني اقتـرح مقـدما كل من مؤيدي الوحدة  ودعاة التجزئة  الاعلان عن تعهـدهم  بقبول تسمية موحدة  لشـعبنا بكاملـه من دون أي شروط  قبل بـدء  أي  محادثات  بين أطراف  شـعبنا   ( لا يشـارك فيها أهلنا في الخارج لأن وجودهم القومي واللغوي والثقافي والاجتماعي وحتى المذهبي . . مع شعبنا المتوارث هو مؤقت ويبدأ بالزوال مع جيلهم الثاني حتى يزول نهائيـا . . إذن  لماذا تـدخلهم في أمور شعبنا في داخل العراق التي لن يواصلوا الارتباط الدائم بهـا ؟ )   في هـذا  الشـأن  . 

    وأؤكـد بأنـني مع آراء سيادة  المطرانين لويس ساكو وربان القس ، وأيضا مع آراء الأب الباحث ألبيـر أبونا والسيد عبداللـه النوفلي  . . في قضايا وحدة شـعبنا وضرورة التوصل الى تسمية غير مركبة دائمية  وثابتة لشـعبنا . . ومع قناعتي بأن الأب أبونا لايذكر مسـألة تاريخية إن لم يكن متأكدا منـها ، ولكن ما ذكره عن تعاون الآراميين مع البابليين بالاستيلاء على نينوى  وتدميرهـا سنة 612 ق.م. ، وأيضا مساعدة الآراميين للفرس الاخمينيين من بلاد ايران  للإستيلاء  على بلاد الرافدين  سنة 539، بقيادة كورش الفارسي ، واحتلال  بابل  وتهديم  مبانيها الجميلة والعبث بمعالمها . . يحتاج الى مصادر تاريخية قـديمة توثـق ما ورد في هـذا الكلام خصوصا أنه  بالنسبة لبابل أن آخر ملوك العهد البابلي الأخير ( الكلداني ) نبونهيـد  لم يكن من عائلة نبوبولاسر الكلدانية ولا من أفراد القبيلة الكلدانية وإنما كان آراميا يعود أصله الى منطقة حران وانه قام بابراز الآراميين في أجهزة الدولة على حساب الكلدانيين ، فكيف يمكن أن يتعاون الآراميين مع مع الفرس الايرانيين ضد ملك منهم  واسقاطه هو ودولته على رغم انه عمل خلال حكمه على منحهم سلطات واسعة في ادارة الدولة ؟  وثـم أن المعروف تاريخيا  بأن الميديـين هم الذين تعاونوا مع البابليين في الاستيلاء على نينوى وتقاسموا مع نبوخذنصر أملاك الدولة الآشورية  ، وأن اليهود تعاونوا مع الفرس في اسـقاط العهد البابلي الأخير . . فنرجو من الأب الفاضل أبونا توضيح هذه الأمور استنادا الى وثائق تاريخية قديمة  للفائدة  العامة  . . 

   وأقول للأخ الذي رد بموضوع عنوانه ( نقاش أم هذيان )  على ما ذكرته بعدم دقة بعض ما ذكره  من اقتباس من الكتاب المقدس في موضوعه ( تغيير  التسمية القومية الكلدانية  تجني على الكتاب المقدس )  فإن الكتاب المقدس الذي بحوزتي يضم في مجلد واحد كل العهد القديم وكل العهد الجديد  ، وهو من اصدار المطبعة  الكاثوليكية  ـ بيروت عام 1960 ، ولأنني من أتباع الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية فأرى واجبا عليّ  أن أعتمد على طبعة كاثوليكية من الكتاب المقدس . . وتـقول طبعة  الكتاب المقدس التي أشرت اليها  في سـفر الملوك الثاني  ،  الفصل الرابع والعشرون ، فقـرة 2 : (  فقـال الملك ليوآب  رئيس الجيش الذي معه طُـفْ  في جميع اسباط  اسرائيل  مِـنْ  دان الى بئـر سبع واحصوا  الشعب  لكي اعلم  عـدد الشعب . )
   وكان  السيد الكاتب قد ردّ  عليّ ، بما يلي :  ثم يستمر الكاتب المحترم ـ يقصد أنا ـ  في مغالطاته ليقول:   ويقول السيد الكاتب ـ يقصد أنا ـ أيضا ( و يذكرالكتاب المقدس في ( 2مل2:24) " فارسل الرب عليه غزاة الكلدانيين وغزاة الاراميين وغزاة الموآبيين وغزاة بني عمون وارسلهم على يهوذا ليبيدها .....الخ")  نقول: ان هذا الكلام غير موجود في سفر الملوك الثاني ( مل  2  24 : 2) الفصل الرابع و العشرون، الفقرة الثانية ، ولهذا لا نتناوله، و على السيد سعد أن يذكر موقعه بالضبط ، إذا كان موجوداً لكي نوضح رأينا فيه." انتهى الاقتباس  . . ويضيف السيد الكاتب :  اقول للسيد جميل بأن يجهد نفسه قليلاً و ليستعمل نظاراته كما استعملها انا في القراءة و ليبحث و ليدقق في المكان المطلوب والمحدد و المبين و سوف يجد الكلام حتماً  قبل ان يستعجل في احكامه المزاجية. و ارجو منه ان يتأكد من المعلومة قبل ان ينتقد الآخرين بها وبعكسه فالعتب و النقد  مردودان عليه.  . . وأقول أنا للسيد الكاتب :  ليس لي رد عليك  سوى أن أنقل القرار الى القراء الافاضل وأطلب منهم فتح الكتاب المقدس حيث الملوك الثاني ، الفصل الرابع والعشرون ، فقرة 2   ليحكموا فيما اذا كان ما طلبته أنـا منك  أن تذكر موقعه بالضبط هل هو نقاش أم هذيان ؟

   أمـا بالنسبة لآيـة النبي ارميا ، فقد نشر الاخ الكاتب عنها  في المواقع كما يلي : ( و نقرأ في الآية ( ار32:28) " لذلك هكذا قال الرب هانذا ادفع هذه المدينة ليد الكلدانيين و ليد نبوخذنصر ملك بابل فيأخذها."  . فقلت في موضوعي ( مناقشات أخرى مع الأخوة القوميين الكلدان ) مايلي : وجوابنا : أن نبوءة ارميا ، الفصل الثامن والعشرون ( ار  28 ) ينتهي بالفقرة 17 ، ولا توجد فيه الفقرة 32  . . ثـم عاد في موضوعه ( نقاش أم هذيان ) ليقول : (  أما الآية: (" لذلك هكذا قال الرب هانذا ادفع المدينة ليد الكلدانيين و ليد نبوخذنصر ملك بابل فيأخذها." ) فهي موجودة في (ار 28:32  ) للعلم  . . علما أن نسخة الكتاب المقدس التي بيدنا تذكر أيضا  الآية المذكورة  في  (ار 28:32 ـ بحسب ما صحح السيد الكاتب موقعها ـ وليس كما كان ذكر سابقا في  ار 32:28  )   وهي بالنص نفسه مع اختلاف بسيط في بعض الكلمات ، إذ ذكرتها نسخة الكتاب المقدس التي بيدنا ، كما يلي (  فلذلك هكذا قال الرب هـآءَ نذا أجعلُ هذه المدينة في أيدي  الكلدانيين وفي يـد نبوكدرَصّـر ملك بابل فيأخذُهـا )  . . ورجائي من القراء الأعزاء العودة الى موضوع الأخ الكاتب ( تغيير  التسمية القومية الكلدانية  تجني على الكتاب المقدس )  في المواقع ليجدوا الرقم الذي ذكره السيد الكاتب فيه ، ثم ليحكموا هـل أن جوابي له :  أن نبوءة ارميا ، الفصل الثامن والعشرون ( ار  28 ) ينتهي بالفقرة 17 ، ولا توجد فيه الفقرة 32  ، كان نقاشا سـليما أم أم هـذيان ، كما وصفه الأخ الكاتب   ؟ .

   وأخيـرا ، اعتـاد البعض أن يثير بين وقت وآخر مسألة كوني مشرفا اعلاميا على موقع تللسقف ، وأؤكد في هذا المجال أن اشرافي الاعلامي ليس تنفيذيا ابدا في موقع تللسقف ، وأنا لا أحذف موضوعا أو أصحح موضوعا أبدا الاّ  بعد موافقة الأخوة الاداريين في داخل العراق وخارجه وغالبا ما أترك لهم حرية الحذف أو التصحيح بعدما أوضح لهم رأيي ، والمواضيع التي يتم حذفها أو يجري فيها التصحيح هي  التي تتضمن كلمات غير لائقة وغير جديرة بالنشر واطلاع القراء الكرام عليها . . أما المواضيع التي لها علاقة بالامور القومية فإن موقع تللسقف ينشرها بنصها الكامل الذي يصله ، وأنا اقترحت ذلـك على الاخوة الاداريين انطلاقا من قناعتي بحرية الرأي والاعتـقاد وتبادل النقاشات بصورة موضوعية بما يخدم الكلمة الاعلامية المفيـدة  . . وأنا أطلب من الأخوة مؤيدي القومية الكلدانية أن يكتبوا في موقع تللسقف وغيره من المواقع اذا كان موقع تللسقف قد رفض نشر موضوع  لهم أو حذف من نص موضوعهم كلمة واحـدة . . وبهـذا أختـم نقاشاتي مع الأخوة القوميين الكلدان ولـن يكون لي أي رد عليهم مستقبلا ، إذ بالنسبة لي أوضحت آرائي ومواقفي ولست في حاجة لمواصلة المزيـد . . وتحياتي لهـم جميعـا .






4
بصراحة وهدوء  مع الأخوة القوميين الكلدان
ــــــــــــ
جميـل  روفـائيـل

    بدايـة ، يهمني جدا ما ورد في المقالات التي كتبها أخيرا سيادة  المطران لويس سـاكو مـن أن "   لا أود ان اتدخل في السياسة، لكن على من يود الكتابة ان يعتمد العلم والدقة  واللياقة بعيدا عن التعصب الذي هو شر وبيل  وعن المصالح  في المال والمناصب  التي تقسم ولا توحد ، تبعد ولا تجمع.. كما أدعو الى عدم التجريح والطعن خصوصا بالرموز الدينية واطلاق التهم، من هو أكثر اطلاعا من البطريرك او الاسقف الذي يزوره الكبير والصغير،المسؤول والمفكر واليوم معظم رجال الدين يحملون شهادات عالية، ثم ما علاقة الفاتيكان بالتسميات اليوم ؟ هذا شان داخلي.. هذا الاسلوب  غير اللائق لا يخدم..   لا يزال أمامنا مجال لتوحيد التسمية بعيدا عن كل التاثيرات الخارجيّة. التسمية الحالية غير موفقة البتة، لذلك بالامكان تبني  مثلاً :   تسمية موحدة  كالاراميين أو سورايي، أو كلدانيين  أو اشوريين أو السريان. ما نحتاجه هو التوافق وهذا قرار بيدنا.. اتفاق معقول للتسمية وبشكل جماعي و ليس فردي أو فئيوي . .  لنحافظ على صفاء الكنيسة  وجامعيتها وشموليتها، ولا نحصرها في لغة واحدة وقومية واحدة وشعب واحد. رسالتها  امتداد لرسالة المسيح  الذي من أجل الكل.  .  كما ادعو المهتمين بالجانب القومي الى الصبر والتروي  واستخدام ذكائهم ومعرفتهم ومحبتهم للتغلب على الاختلافات وتذليلها والارتفاع فوق المال والمناصب، رأفة بشعبهم وخدمة له،  وان يعوا بان هزيمة فريق اامام فريق تعني هزيمة الاثنين. هناك هجمة غير مقبولة على الكلدان،  الكل حر، في ابداء الراي لكن ضمن اللياقة الادبية !! المهم لابد من الحوار والتفاهم  على أسس متينة.. من له اذنان للسماع فليسمع.  "  .  
  وجوابي لسيادة المطران لويس سـاكو :  إنـني معـه في كل ما ذهب إليـه ، لأن عباراتـه تدل بوضوح على الرغبة  الكاملة في وحدة شـعبنا من خلال اسم قومي ثابت ومتـفق عليه ، وليس الأسماء الوقتية المرحلية الحالية سواء المركبة  منـها  أو  الدعوات الانقسامية  .

   وبخصوص موضوع الأب ألبـير  أبـونا الذي عنوانه  "  هويتنا القومية "  والذي جاء فيه  "   منذ نحو خمس سنين، نشرتُ في كل عدد من مجلة "بين النهرين" مقالة عن الآراميين. وحاولتُ  في هذه السلسلة من المقالات أن أسلّط الضوء على هؤلاء الأقـوام. فتطرقتُ الى أصولهـم والـى انتشارهم  في مختلف مناطق الشرق الأدنى والأوسـط، والى تكوينهم دويلات عديدة لم تتوصّـل الى تشكيل وحـدة قوية تضـمُّ جميع هذه الدويلات، أو معظمها، في دولة واحدة قويـة أو امبراطورية شبيهـة بالامبراطوريـة الكلدانية – البابلية او الآشوريـة. كانت سوريا، والحق يُقال،  دولة آرامية ذات شـأن ،  . .  إن ما أرفضه رفضًا قاطعـًا هي هذه التسمية المثلثة (كلدان – سريان – آشوريون) التي بها يحاولون التعبير عن قوميتهم، وهم بذلك إنما يعبّرون عن خلافاتهم في هذا الاختلاف الفاضح. ومتى كانت القومية مثلثة؟  . انها تسمية ان دلت على شيء فهي تدل على مدى انقساماتنا وتأرجحنا في شأن أصلنا، وترددنا في اختيار قوميتنا الحقيقيـة.  "  .
وجوابي للأب ألبير أبـونا ، الذي كنت ألتقيـه باستمرار في السبعينيات من القرن الماضي  للإستفادة من آرائه خصوصا في مجال الشعب الآرامي ،  وأنشر أخبار أبحاثه في جريدة  الثورة ، والذي  أنا أيضا معجب بكتبه واحتـفظ بها جميعا ، لأنها مراجع واقعية وموثوقة . . وبالنسبة للتسمية المؤقتة المثلثة ( كلدان سريان آشوريون ) أنا أيضا لاأجدها ممثلة لشـعبنا قوميا ، ولكنها منسجمة مع الواقع المتداول حاليا وجامعة له ، علما أن السريان هم الورثة الشرعيون للآراميين وان الكلدان جزء من الآراميين ، واستخدام الآراميين فقط  أو السريان والكلدان في التسمية المثلثة الموقتة الراهنة يمثل معنى آراميا  واحدا ، ولكن لابد راهنا لمثـل هذه التسمية المثـلثة وإن كانت غير واقعية تاريخيا لأنها أفضل من ترك شعبنا سائبا من دون اسم قومي مؤقت ، ولذا يمكن استخدام هـذه  التسمية كجامعة توحيدية راهنة ريثما يتم التوصل الى تسمية دائمية ثابتة  متفـقا  عليها .

      وأؤكد ، بأنني لا أكتب كلاما إن لم أكن واثـقا منـه ، وعندما قلت في مواضيع سابقة بوجود تحفظ من عـدد من السادة  المطارنة  على ما تناوله  بيان سينودس مطارنة الكنيسة الكاثوليكية  الكلدانية بخصوص الشـأن القومي الذي لاعلاقة لـه بالمهمات الدينية ، انبرى بعض الأخوة الكتاب لوصف كلامي بأنه غير حقيقي . . ومما قلته عن هـذا التحفظ ما جاء في موضوعي ( تحول سياسي لبيان الاساقفة الكلدان ) :   " نحـن لايهمنـا مـاجـرى بين الأسـاقفة مـن نقاشـات وتحفظات بخصوص موضوع القومية الكلدانية ، لأن الذي نتـناوله هـو البيـان الصادر عـن اجتماع الأساقفة "  . . كمـا قلت في موضوع ( رجال دينـنا ،  طاعتكم دينية ،  تجنبوا خلافاتـنا )  :   " شـخصيا ، وبوضوح ،  لـم أكن راغبا أن يصدر سينودس مطارنة الكنيسة الكاثوليكية  الكلدانية بيـانا ـ وإن كان عليه تحفظ من عـدد من المطارنة ،  بحسب معلوماتي ـ  ويكون مصيره الفشل في التطبيق . . أو يتـدخل أي مطران لهذه الكنيسة التي أنتمي إليها ،  في قضية وتكون النتيجة الخيبة . . " . . وأدون بعض ما جاء في البيان الثاني اللاحق عن سينودس السادة  المطارنة ، إضافة الى ما تفضل به ثلاثة من المطارنة بعـد انعـقاد السينودس ، وأؤكـد أن مطارنة آخرين سنسمع مواقفهم في أوقات لاحقـة . .

     البيان الثاني للسينودس المنشور في المواقع بتاريخ 17 / 5 / 2009 بخصوص الأمور التي تدارسها مجمع أساقفة البطريركية الكلدانية  وتشكيل اللجان لمتابعتها  ، وبتوقيع المطران جاك اسحق  أمين سـر مجمع أساقفة البطريركية  الكلدانية  العام المنعقد  5 أيار 2009 ، فقـد تطرق الى :  هجرة المسيحيين وتنظيم حياة الكهنة في العراق والعلاقة مع الكنائس  الشقيقة  وموضوع الجماعات  المسيحية  الوافدة  الى  العراق  وتعيين محاسب قانوني  للبطريركية  والابرشيات  وشؤون المعهد الكهنوتي البطريركي  وكلية بابل  الحبرية  ووضع ابرشيتي  اربيل والموصل الشاغرتين  والحاق قرية مار اوراها  وديرها اداريا  ورعويا بابرشية القوش  والنيابة  البطريركية في السليمانية  بابرشية  كركوك اداريا ورعويا  ودراسة  مشاريع تنموية  لتطوير الخدمات  في القرى  المسيحية  وانشاء  معهد تقني  وجامعة وحفر آبار مياه لتطوير الزراعة . . ألخ هـذه هي الأمور التي  تناولها البيان الثاني ( 17 / 5 / 2009 ) ولايوجد فيـه ما يشير  الى القضايا القومية  أو  متابعتـها  .

   وبعـد أيام من انعقاد السنودس أصدرت مطرانية الاشوريين الكلدان في ارومية وسلامس بايران عن اطلاق  موقع الكتروني جديد استهلـته بما يلي "  اطلقت مطرانية الكلدان – الاشوريين في اورميا، وسلامس بأيران، مؤخراً موقعاً الكترونياً على الانترنيت يحمل اسم "اورمي"، يتحدث الموقع باللغات الانكليزية، السريانية، والفارسية.  وقال رئيس اساقفة اورميا وسلماس توماس ميرام في كلمة الافتتاحية للموقع "انا مسرور لأعلن عن افتتاح الموقع الالكتروني (اورمي). أمل ان يكون هذا الموقع  جسر لنشر المحبة، والاخبار الجيدة بيننا وضمن مجتمعنا في أورمي و سلماس".. . واضح من الخبر المطرانية تفضل تسـمية  (  الكلدان – الاشوريين ) لابرشـيتها .

    وثـم جاء موضوع سيادة المطران لويس ساكو ( التسـميات ) الذي يقول فيـه
:  لا يزال أمامنا مجال لتوحيد التسمية بعيدا عن كل التاثيرات الخارجيّة. التسمية الحالية غير موفقة البتة، لذلك بالامكان تبني  مثلاً :   تسمية موحدة  كالاراميين أو سورايي، أو كلدانيين  أو اشوريين أو السريان. ما نحتاجه هو التوافق وهذا قرار بيدنا.. اتفاق معقول للتسمية وبشكل جماعي و ليس فردي أو فئيوي . .  

  وقبـل أيام جاء تصريح سيادة المطران ربـان القس المدبر البطريركي لابرشية اربيل للكلدان مطران العمادية  ، الذي :   قدم شكره الى القيادة الكوردستانية وبرلمان كوردستان وكل الذين ارادوا ان يوحدوا هذا الشعب لان الشعب الكلداني السرياني الاشوري هو شعب واحد ولغته وتراثه وعبادته واحدة وان كنيسته ارادها سيدنا يسوع المسيح له المجد ان تكون واحدة  . .

  وفي هـذا المجال نشير الى فقرة من المقال الأخير  للسيد غسـان شـذايا مؤسس المجلس القومي الكلداني  الذي عنوانه ( في اميركا .. نحن أمة واحدة اشوري/كلداني/سرياني ) يقول السيد شذايا : . . بالمناسبة كان القس (في حينها) سرهد جمو احد الحاضرين في الاجتماع والموافقين على هذه التسمية الموحدة وكذلك المطران ابراهيم ابراهيم الذي كان يطالبني وبشكل مستمر بأن اقنع الاشوريين بقبول تلك الصيغة الجامعة (آشوري/كلداني/سرياني) التي اقترحتها على الجميع، وبعد اقناعي القيادات الاشورية الوحدوية في شيكاغو بتلك الصيغة واهمهم في حينها، المرحوم السناتور جون نمرود، حصل الاجتماع وتم الاتفاق على تلك التسمية الموحدة.
 
     أمـا بخصوص موضوع ( رسالة من كلـداني أصيل إلى سيادة الرئيس مسعود البارزاني ) للسيد حكمت يونان ججو ـ السويد . . نقـول : إن كل أتباع الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية هـم أصـلاء ، لافـرق بينهم في الإصالة مهما اختلفت قناعاتهـم .

  أما موضوع الأخ سيروان شابي بهنان  كاتب وباحث آكاديمي   أربيل –  عينكاوا  -  العراق ، الذي عنوانه ( الاخ جميل روفائيل يطالب الكلدان بانتظار النتائج المحسومة مسـبقا!! ) فأنـا أشكره جزيل الشكر على الهدوء والطيبة في موضوعه ، وأؤكد له لكي تكون الأمور على حقيقتها بأنني مثله تماما من أتباع الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية ولست كاتبا آثوريا كما كرر في موضوعه وإنما أنا كاتب مؤمن بوحدة الشعب (  الكلداني السرياني الآشوري ) القومية ولست أبدا ضد من يختلف معي في القضية القومية التي هي قناعة اجتماعية إضافة الى أدلة تاريخية . .  ولكن أسألك أخ سيروان : إذا كانت النتائج محسومة مسبقا لانتخابات برلمان اقليم كردستان ، فلماذا تخوضها ( قائمة الكلدان الموحدة ) لتمنح الشرعية  لنتائجها ؟ وثـم أخ سيروان أنت في عنكاوا واعتـقد أنك ستشارك في هذه الانتخابات في حين أنا من سهل نينوى وليس لي حق المشاركة ،  وستكون أنت مطلعا على سير العملية الانتخابية فلماذا لا تنتظر العملية الانتخابية لتعطي تـقيـيمك لها كشاهد عيـان ؟ وأنت كاتب وباحث أكاديمي ولك زملاء أساتذة جامعيين وأكاديميـين في انحاء محافظة أربيل وستكون على صلة بالمراقبين الدوليين لهذه الانتخابات ويمكنك اعطاء أدلتك عن حدوث تجاوزات  لهؤلاء المراقبين لكي يتم تثبيتها رسميا ، بعد التحقق منها ، على الصعيد الدولي ؟  

  ورأيي في  موضوع  للسيد وديع زورا  الذي عنوانه  " رسالة الى فخامة  رئيس اقليم كردستان المناضل مسعود البارزاني الجزيل الاحتـرام  "  أن " أمثال هذه الرسائل التي تعتمد على دعم البعض من رجال الدين وترديد قسم من عبارات ناطق ( القوميين الكلدان ) لاتـفيد  لأن رجال الدين ليسوا مؤسسات قومية وغالبية اتباعهم لايلتـزمون مواقـفهم  إذا كانت  خارج مهماتهم الدينية  . .  ويمكن أن يختلفوا بينهم على هذا الجانب غير الديني كما حصل بعد فترة قصيرة من بيان السينودس  . . ورأيي هـو نفسه بالنسبة للآخرين الذين كتبوا رسائل الى سيادة رئيس أقليم كوردستان الاستاذ مسعود البرزاني   .

        وبخصوص موضوع السيد منصور توما ياقو  الذي عنوانه  " انفال للكلدانيين في دستور اقليم كوردستان العراق "  أرى أن استخدام عبارة أنفال المرتبطة تاريخيا بجرائم القـتـل والابادة والتهجير الصدامية هي دخيلة في الموضوع لأنه شتان بين ما قـام به صدام وما تولاه برلمان كردستان المستند على قناعة شعب بتوحيد كلمته وصيانة قوته ووجوده ومستقبله ، هذه القناعة الرافضة لرغبات عدد من اصحاب النفوذ في الخارج الذين قطعوا صلاتهم بديار ابائهم واجداداهم ، ولذا يسعون الى اكمال تدمير هذه الديار وجعل مصير أهلها وكنيستهم الكاثوليكية تحت رحمة خارج العراق . .

       وأخيرا ، أود أن أوضح للأخوة الذين يردون على مـا أكتبـه ، بأنني سـعيد جدا بردودهم إذا كانت في إطار ما أوضحته بحسب معلوماتي وقناعتي تجاه مـا كتبـوه ، أما إذا  تجاوزت ردودهم  ، سـواء بكلام لا يستند على أدلة ووثائق تتناول إطار المناقشة بيننا أو اتخذت سجالا بأسلوب الاتهامات البعيدة عن الموضوعية في الكتابة والنهج الأخوي الذي ينبغي أن نتحلى بـه جميعا مهما تباينت قناعاتـنا . . لا أجد حاجة للرد عليهم وأترك ذلـك لحكم القـراء الأعـزاء .  .
    أما بالنسبة لقرية صوريا فأنا أوضح ، بأنني لا أعرف اطلاقا  الشهيد البطل يونان هرمز مروكي رحمه اللـه والشهيدة البطلة  ليلى رحمها اللـه . . وإنما معلوماتي عن القرية أنني مررت بـها مرات عـدة بين عامي 1966 و 1968 حين كنت معلما في فيشخابور ، كما زرتها مرتين بين عامي 2007 و 2008 مع الأخوة من المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشـوري وآخرين وشاهدتها وقـد عادت عامرة بجهـود رابي سـركيس أغاجان  ،  ولذا أعرف أنا تـتكون من الأخوة الكرد ( المسلمين ) واتباع الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية (  وأن الطرفين المسيحي والمسلم قدما شهداء خلال المجزرة البعثية ) وأن معظم أتباع الكنيسة الكلدانية في داخل القرية حاليا  بمن فيـهم مختارها السيد ألكسـن ، هـم مع التسمية الموحدة لشـعبنا . .

    وبالنسة لما كتبه السيد ناصر عجمايا   في موقع تللسقف وعدد من المواقع الأخرى ، أرجو القراء الأعزاء قراءة   المقدمة التوضيحية التي وضعها اداريو موقع تللسقف ،  في داخل تللسـقف ،  ( القريب من الشـيوعيين في تللسـقف )  في بداية أحد مواضيعه المنشورة بتاريخ 7 / 7  / 2009   ، للوقوف على حقيقة الأمـور  .

 

5
مناقشات أخرى مع الأخوة القـوميين الكلدان
ـــــــــــــــ
جميـل روفائيـل

  اعتـاد الناطق باسم ما يسـمى (  الهيئة  العليا  للتنظيمات الكلدانية )  على الإسـترسال  في الضجيج  وتضخيم الأمور ( وجعـل من الحبـة كبـة ) في محاولة  لتغطية  عجزه ،   عن ذكر  أدلة ووثائـق  لمصادر تأريخية تؤكد  مـا ينشـره في رسائله وبياناتـه . . وفي مجال هـذا الضجيج  والتضخيم ،  قـرأنا في الأيام الأخيرة  ، بيانا  لـه  في  المواقع    يقـول  فيـه  :  "  نود ان نعلن لجميع ابناء شعبنا الكلداني بأن جميع التنظيمات الكلدانية الســياســية والثقافيـة والاجتماعيـة قـد انســحبت مـن مايســمـى ( بالمجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري ) وانضوت الكيانات السياسية تحت لواء الهيئة العليا للتنظيمات الكلدانية كالمجلس القومي الكلداني والمنبر الكلداني بقيادته الجديدة وبقرار من مكتبه التنفيذي وكذلك الدكتور حكمت داود حكيم الذي كان يعمل لدى المجلس المشار اليه بصفة مستشار قانوني ، من اجل الحفاظ على هويتهم القومية ، ولكي لا يساهموا في اندثارها واحتواء تسميتنا . وعلى ضوء ذلك نود ان ننبه جميع ابناء قوميتنا الكلدانية الشرفاء بأن التنظيمات الكلدانية لاعلاقة لها بالمجلس المذكور منذ مطلع الشهر الخامس الماضي ولا يحق لأي جهة التكلم بأسم الكلدان بأستثناء الهيئة العليا للتنظيمات الكلدانية واحزاب الكلدان السياسية
الشرف والعزة للمخلصين من الكلدان والمجد والخلود لشهداء شعبنا . "  . .

    وإزاء هـذا  البيان  ، نوضح الأمور التي  جاءت  فيـه على حقيقتها ،  اسـتنادا  إلى معرفتنا  وعلاقتنا الوثيقة بـ ( المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري )  بأنـه :  كان يوجد  في المجلس الشعبي ثلاثة  تنظيمات  كلدانية  ، هـي ، (  المجلس القومي الكلداني ) وقـد انسـحب فعـلا ، و ( المنبـر الديمقـراطي الكلـداني / العراق ) ولـم ينسـحب ، و ( جمعية الثـقافة الكلدانية ـ عنكاوا )  انسحبت لأسباب خاصة بها لاعلاقـة  لهـا  بالقضية القومية  أو ما يسـمى ( التـنظيمات الكلدانية  )  وبدليل  أنها  ليسـت  مع تسـمية ( القوميـة الكلدانيـة ) ولهـذا لـم تعلـن تأيـيدها  لهـا  ولـم تنضـم إلى مـا يسـمى  (  التنظيمات  الكلدانية  )  وأما الدكتور حكمت حكيم ( الشخص الذي يعـلن نفسـه تنظيما ) فهـو كان موظفا  بعنـوان مسـتشار  في المجلس الشـعبي ، وقـد تـمّ  تجميد  صرف راتبـه  الشهري  قبل أكثر  من شـهر من تاريخ  صدور البيان ( 20 / 6 / 2009 )  الذي نحن بصـدده  ، ولهـذا فـإن  المجلس الشعبي قـد قطع علاقته مع موظفـه  الدكتور حكمت حكيم  قبـل أكثر من شـهر  من إعلان  الدكتور حكيم من جانبـه ذلـك . .

    وإن القـول بـأن  كل التنظيمات الكلدانية  التي كانت في المجلس الشعبي "  انســحبت   وانضوت  تحت لواء الهيئة العليا للتنظيمات الكلدانية   "  إدعـاء  تدحضه الحـقيقة ، فـإن ( المجلس القومي الكلداني  هـو الوحيد الذي انضوى تحت ما يسمى ( الهيئة العليا للتنظيمات الكلدانية ) ، أما إطلاق الدكتور حكمت حكيم على نفسه تنظيما فهـو بعيد عن الحقيقة لأنه لم يكن في المجلس الشعبي كتنظيم وإنما كموظف جرى تجميـده  ، بينما  ( جمعية  الثـقافة الكلدانية ـ عنكاوا ) لاعلاقة لها بهذه الهيئة ، في حين أن الإدعاء بوجود قيادة جديدة ( للمنبر الديمقراطي الكلداني / العراق ) هـو إدعاء لا يختلف عن تنظيم الدكتور حكمت حكيم المتكون من شخص واحد لاغيـر .

    أمـا ما جاء في البيان ، باستخدام كلمة ( الشرفاء ) فقط على داعمي ( القومية الكلدانية ) في ( نود ان ننبه جميع ابناء قوميتنا الكلدانية الشرفاء بأن التنظيمات الكلدانية ) و ( الشرف والعزة للمخلصين من الكلدان ) فـإننا نحيـل هـذا الإدعاء إلى كل أتباع الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية ، ليحكموا على هـذا الذي ورد في البيان الذي نحن بصدده . . ومن جانبنا قلنـا ونقـول :  إن كل أتباع الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية هـم شرفاء ( لغويا : شرف ، علو ومجـد ، شعور بالكرامة والاباء وعزة  النفس . . شريف ، ج شُـرفاء وأشراف ، ذو شرف ، منتسب الى الاشراف ، نبيل ، من سلالة كريمة ، رفيع المستوى ) سـواء أيّـدوا القومية الكلدانية أو لم يؤيدوها ، لأننا نكره التعصب والتطرف من أي جهة كان . . إن كل أتباع الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية هـم بقناعتـنا شـرفاء من دون تفـريق أو فصل أو تميـيز ، لأن ( القضية القومية ) هي مسألة رأي واعتـقاد وقناعة ، ولا علاقة لهـا بعبارة ( شرف ، شريف ، شرفاء ) لا لغـويا ولا اجتماعيـا .

    وفي الحقيقة ، لاتهمنـا مواصلة الدكتور حكمت وغيره الضجيج ، لأننا على ثـقة تامة ، بأن الاسم الموحد لشعبنا في دستور اقليم كردستان أصبح حقيقة راسخة ، وأنه أيضا سيشمل الدستور العراقي بعد اجراء التعديلات فيه انسجاما مع قرار غالبية أبناء شـعبنا المؤمنين بوحدة شـعبهم الذين سيدخلون البرلمان العراقي الجديد  الذي يتم انتخابه بداية العام المقبل ، وسيطلبون تعديل تسمية ( الكلدان والآشوريون ) التي تعني التقسيم والتجزئة ، والتي تـم اقحامها في الدستور العراقي في آخر لحظة  بضغط من  بعض كبار رجال الدين في كنائسنا . . وأيضا ، لايهمنا ضجيج ( دعاة القومية الكلدانية ) لابـل يريحنا ، لأنـه يوفر لنـا المجال لدحض  ادعاءاتهم  غير الموثوقة ، من خلال قيامنا بتقديم الأدلة  والوثائق التاريخية  التي تظهر  الحقيقة أمام الرأي العام وتجعله على بينـة من الأمور بشـكلها الناصع السـليم 

    وأما بالنسبة  لموضوع السيد  ناصر عجمايا ( ياكردستان العراق . . ليلى خمو الكلدانيـة . . تناديك ـ بقلم وكيل  ليلى في الانسانية ناصر عجمايا ) والذي بـدأه  بعبارة ( مصطفاه ، مسعوداه ، نيجيرفاه ) . . نقول ، إن هـذه العبارة بعيدة عن واقعنا وليست ملائمة لشـعبنا والذي يفهم التاريخ من شـعبنا لايستخدمها في مجاله ، لأنها تخص ( تداولا يتعلق بما أشيع في حينه من أن امرأة مسلمة من مدينة عمورية ( وهي مدينة بيزنطية في آسيا الصغرى ) كانت قـد أهـينت من قبل حكام المدينة وأهلها البيـزنطينيين ( غيـر المسلمين ) فـصاحت ( وامعتصماه ) نسبة الى الخليفة العباسي المعتصم ، فجهـز المعتصم جيـشا كبـيرا بقيادة المرتزق التركي  ( الافشين ) عام 838 م الذي دخلها بعد حصار 13  يوما وعمل الافشـين وجنوده السيف في أكثرية أهاليها وسـاق منهم ثلاثين ألف أسير ، ولم يبق منها  بعـد ذلـك إلاّ  الأثـر . . فشتان بين قضية مدينة عمورية وقضية تسمية شعبنا ، لأنهما قضيتان متناقضتـان .

    وثـم أنا متأكد  أن السيد ناصر لم يشاهد قرية صوريا أبدا ، سواء قبل الجريمة النكراء التي استهدفت سكانها الآمنين أو بعدها . . أو هـذه الأيام بعـدما تـمّ  تعميرها وعودة أهلها اليها بجهود رابي سركيس أغاجان . . وإنما كل معلوماته عنها هـو ما قرأه هنـا وهناك  عن هـذه القرية الباسلة التي قسم من سكانها هم من أتباع الكنيسة  الكاثوليكية الكلدانية وليس كلهم ، ولو بقيت الشهيدة ليلى على قيد الحياة من يستطيع الجزم أنها كانت ستؤيد  التسمية الانقسامية ( القومية الكلدانية ) خصوصا ـ بحسب معلوماتي المؤكدة ـ أن معظـم  سكان قرية صوريا اليوم ليسوا مع تسمية ( القومية الكلدانية ) . . ولكن يبدو أن بعض الأخوة من القوميين الكلدان ، بعدما فقدوا تأييد غالبية الأحياء من أتباع الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية ، صاروا يلتجئـون إلى الأموات ويدّعـون أنهم وكلاءهم . . وهـم بذلك آمنـون على ادعاءاتهم لأن الأموات لاينطقـون .

    أما قول السيد ناصر ، بأن ( . . كل الشرفاء الكلدان والواعون لم يقبلوا بتغيير القومية الكلدانية . . ) فإنني لست بحاجة للرد على هذا القول ، أكثر من أن في قرية السيد ناصر وقريتي تللسقف عشرة تنظيمات كل رؤسائها هم من أهل القرية ومن التابعين للكنيسة الكاثوليكية الكلدانية التي يعتـز  بها كل أهل تللسـقف ، وبين هذه التـنظيمات فقط تنظيمان يقبلان  بالتسمية ( القومية الكلدانية ) فهل بمقاييس السيد ناصر أن من كل أهل تللسقف فقط أن الداعمين لهذين التنظيمين هم شرفاء ؟ وأن الداعمين للتنظيمات الثمانية الأخرى  ليسوا شرفاء . .    ويبـدو أن السيد ناصر لـم يسـتثن  حتى أعضاء منظمة الحزب الشيوعي في تللسقف والذين يؤيدونـها ،  على رغم أنه يعتبر  نفسـه  في كتاباته ومجالسـه بأنـه  شيوعي ، علما أن الشيوعيين لايتدخلون في الخلافات حول التسميات القومية ولكنهم من حيث المبدأ يؤيدون التسمية الموحدة  باعتبار أن الخالد تومـا  توماس هـو أول من دعـا إليها من خلال التسمية ( كلدوآشور ) وأن منظمة الحزب الشيوعي لشعبنا تسمى ( كلدوآشور ) وهي عضو في لجنة  التنسيق  بين أحزاب ومؤسسات  شـعبنا  التي من بيـن مهماتها السعي الى تسمية  موحدة  لشـعبنا .
 أنا لن أسترسل أكثر ولكن أترك السيد ناصر وآراءه  لتقييم أهل تللسقف ، سواء الذين هم في داخل تللسقف أم في استراليا حيث هـو . . راجيا منه أن يذكر  كم يؤيده من أهل تللسقف في استراليا ؟ وبعده أجاوبه على العدد الذي يذكره لأن لديّ  المعلومات الكاملة عن تأييده من أهل تللسقف في استراليا . . وبالنسبة لي أقول كل أهل تللسقف بمن هم داخلها أو خارجها والسيد ناصر الداعم للقومية الكلدانية وأنا المؤيد للتسمية الموحدة لشعبنا هـم شرفاء من دون استـثناء . . ولا يهمنا كيف يفكر السيد ناصر فهو وشأنه وحـده .

     وبخصوص موضوع كتبه السيد ناصر عجمايا بعنوان "  الى مسؤلي وخادمي شعب كردستان بمختلف قومياته "  ورأيي في الموضوع ، أن ( مسؤولي نعرفها ، ولكن خامي شعب . . هو اصطلاح جديد كان ينبغي على الكاتب توضيحه لكي نستفاد منه ونستخدمه نحن أيضا إذا اقـتـنعنا بـه ) .

   وعن موضوع السيد  سعد توما عليبك الذي عنوانه (  تغيير التسمية القومية الكلدانية تجنّي على الكتاب المقدس ) يقول الكاتب : (  ، نراهم قد جحدوا و شوهوا الكتاب المقدس بمضمونه و آياته التي جاء ذكر الكلدانيين فيها 84 مرة ، و هذا العمل لا يأتيه إلاّ فقد ايمانه بالخالق و بالأنبياء و بالله. ) . . وجوابنا أن :  ذكر الكلدانيين في الكتاب المقدس 84 مرة صحيح  وقد يكون أكثر ، ولكن أكثره بالذم لعهد الدولة الكلدانية في بابل ( وسنوضح ذلك تفصيلا في موضوع مستقبلي تلبية لتناول السيد سـعد عليبك هذا الموضوع من دون توضيح ) ، ونـدعوا  السيد سعد الى الكتابة في المواقع عن محتوى هذه 84  مرة ليطلع عليها القراء الكرام ، ومن جانبنا نذكر احدى هذه المرات ، وهي :  ( نبوءة  دانيال ، الفصل الرابع ، الفقرات من 28 ـ 30 ) :  وفيـما كانت الكلمة  في فـم الملك  اذ  وقع  صوت  من السماء أن  لـك  يقـال يا  نبوكدنصر الملك  إن المُـلك  قـد زال  عنـك  فتُـطرد  من بين الناس وتكون سكناك  مع وحوش  الصحراء  وتُـعلف  العشب  كالثيـران  وتـمر  عليك  سبعة  أزمنة  الى  أن  تعلم  أن  العلـي  يتسـلط  على  مُـلك  البشر  ويجعـل  لـه  من يشاء  وفي تلك الساعة  تمت  الكلمة على  نبوكدنصر  فطُـرد  من  بين  الناس  وأكل  العشب  كالثيـران  وابتـلّ  جسمه  من  نـدى  السماء  حتى  طال شعره  كريش  النسور  وأظفاره  كمخالب  الطيور  . 

    وايضا للسيد سعد توما عليبك وكل الأخوة  القوميين الكلدان ، رجال دين وغيرهم ، ندعوهم لقراءة سفر التكوين ، الفصل العاشر ، الخاص بأنساب مواليد بني نوح الذين كونوا شعوب الأرض بحسب العهد القديم ، ليتأكدوا أنه لايوجد ذكر للكلدانيين بين هذه الشعوب في حين جاء ذكر الآشوريين والآراميين ضمن الساميين . . فماذا نفعل لكم ، هل نُـزوّر الكتاب المقدس ونضيف القومية الكلدانية  في فقراته تلبية  لرغباتكم  ؟ أم نطلب فرض قومية لـم  يذكرها حتى الكتاب المقـدس الذي تدعـون الى الأخـذ  بـه . .  كما تفعـلون أنتـم  ؟  نعـم ماذا نفعـل إذا لم يكن من ذكر للقومية الكلدانية لا في الكتب  المقـدسة  ولا  في المدونات والوثائق  التاريخية  !  !  .

 ويقول  السيد  سعد  (يقول الكتاب المقدس( تك7:15)  "وقال له انا الرب الذي اخرجك من اور الكلدانيين ليعطيك هذه الأرض لترثها . ) . . نقـول : أولا ( النص الصحيح  في الأخير هو : لأعطيك هذه الأرض ميراثا لك ) ولكن هل أن ( أور الكلدانيين ) هي أور السومرية ؟ لايوجد توضيح لذلك في الكتاب المقدس ( العهد القديم ) إذ  في القديم كانت كثير من المدن تبـدأ  بـ ( اور التي تعني المدينة ) ولا يزال قسـم منها عامرا حتى اليوم مثل اورشـليم  ( القدس ) ،  وكانت دولة العهد البابلي الأخير ( الكلداني )  قد توسعت الى جنوب سوريا وفلسطين ، فيمكن أن تكون هذه المدينة في جنوب سوريا أو فلسطين ، إضافة إلى أنه ليس شرطا أن تكون كلمة الكلدانيين ذات صلة بالكلدانيين الذين حكموا في بابل لأن اليهود كثيرا ماكانوا يطلقون على المنجمين اسم ( الكلدانيين ) . . ومما يدل على ما ذهبنا اليه ، ما ورد في سفر التكوين ـ تك ـ الحادي عشر من 27 ـ 32 النهاية ( الذي تجاهله السيد سعد على رغم كون الفصل 11 من التكوين قبل الفصل 15 منه ) حيث جاء فيه : وهـذه موالـيد تارح ، تارح ولد ابرام وناحور وهاران ، وهاران ولد لوطاً ( وكلنا نعلم أن لوط الذي هو ابن أخ ابرام عاش في فلسطين ، فكيف يكون العم من أور السومريين وابن أخيه من فلسطين ؟ ) ومات هاران قبل ابيه في ارض مولده في اور الكلدانيين ( هاران والد لوط ، ولوط مؤكد أنه ولد في فلسطين ، فكيف تكون اور التي مات فيها والده هي اور السومريين ؟ ) . . وأخذ تارح ابرام ابنه ولوط بن هاران ابن ابنه وساراي كنته امرأة ابرام ابنه فخرج بهم من اور الكلدانيين ليذهبوا الى ارض كنعان فجاءوا الى حاران واقاموا هنـاك . . ( كل هـذا يوضح أن  اور المذكورة في العهد القديم هي ليست اور السومريين ، لكن الأخوة القوميين الكلدان لايشيرون أبدا الى هذا النص ) .

ويقول السيد الكاتب أيضا ( و يذكرالكتاب المقدس في ( 2مل 2:24) " فارسل الرب عليه غزاة الكلدانيين وغزاة الاراميين وغزاة الموآبيين وغزاة بني عمون وارسلهم على يهوذا ليبيدها حسب كلام الرب الذي تكلم به عن يد عبيده الانبياء.  ) نقول : هـذا الكلام غير موجود في سفر الملوك الثاني ( مل  2  24 : 2 ) الفصل الرابع والعشرون ، الفقرة الثانية ، ولهذا لانتناوله ، وعلى السيد سعد أن يذكر موقعه بالضبط ، إذا كان موجودا ، لكي نوضح رأينا فيه
        ويقول السيد سـعد أيضا ( و نقرأ في الآية ( ار32:28) " لذلك هكذا قال الرب هانذا ادفع هذه المدينة ليد الكلدانيين و ليد نبوخذنصر ملك بابل فيأخذها." ) . وجوابنا : أن نبوءة ارميا ، الفصل الثامن والعشرون ( ار  28 ) ينتهي بالفقرة 17 ، ولا توجد فيه الفقرة 32 ، ولهذا على السيد سعد أن يكون دقيقا في الأمور التي يكتبها ، ولا يتصور أن ما يكتبه يمكن أن يمـر على القراء من دون وجود من يدقـق فيـه حرفيـا .

       وكان  السيد سعد توما عليبك قد نشر ايضا موضوعا بعنوان " نحو تدويل قضية الكلدان  "  . .  ورأينا فيـه أن نبدأ بالتدويل الذي طلب الكاتب بعرضه عالميا ( مع افتراض انه سيُـعرض ) على حكومات وبرلمانات دول العالم ومنظمات حقوق الانسان وهيئة الامم المتحدة والفاتيكان . . فنقول للسيد الكاتب أن هذه الجهات التي ذكرها هـو ( باستثناء الأمم المتحدة ) رأيها دائما هو استشاري وليس الزاميا . . أما بالنسبة للأمم المتحدة فإنها تتبنى القضايا العالمية كانتهاك سيادة الدول على أراضيها والتطهير العرقي والإبادة الجماعية . . وليس الأسماء القومية ) وهـذا التبني في انتهاك سيادة الدول على أراضيها والتطهير العرقي والإبادة الجماعية ، يكون بموافقة أكثرية أعضاء الأمم المتحدة ليتم عرضها على محكمة العدل الدولية التي اختصاصها النظر في النزاعات بين الدول بقبول الأطراف المتنازعة . . أما التظاهرات التي دعا إليها الكاتب المحترم فهي حق ويمكن القيام بها مهما كان عدد المشاركين فيها ، ولا أعتـقد بوجود اعتراض من أحد داخل العراق وخارجه على هـذا الحـق . . أما بخصوص بعض ماورد في الموضوع ، ومنـه قول السيد الكاتب  " . . .  السيد سركيس آغاجان لتنفيذ هذا المخطط من خلال قيامه بتأسيس ما يسمى المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري و الذي انفق عليه ملايين الدولارات من اجل كسب بعض السذج و المعوزين ليتم استخدامهم في مشروع الغاء التسمية القومية الكلدانية من دستور الاقليم تحت ذريعة المشاريع السياسية المستقبلية الوهمية  " . . نقـول : هـل أن السيدين الدكتور حكمت حكيم وضياء بطرس اللذين عملا في المجلس  باسمه الكامل الدائم ( المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري )  وقبضا منـه  همـا أيضـا ضمن بعض السـذج والمعوزيـن الذين ورد ذكرهم في الفقرة أعلاه ؟

    أمـا عن موضوع السيد سـعد توما عليبك الذي عنوانه (  هل يستطيع الآشوريون كسب ثقة الكلدان؟ ) فهو تكرار لما اعتاد السيد سـعد على ترويجه بعيدا عن الحقيقة ، ونوضح باختصار ، أن ما بـدأ فيه الموضوع (بعد فشل كافة محاولات المؤسسات الآشورية في جعل القومية الكلدانية  طائفة دينية وتحويل أبنائها الى آشوريين . . ) هـو اتهام من دون دليل صائب ، صحيح يوجد بين الآشوريين متطرفين  مثل السيد سعد توما عليبك يصرون على تسمية ( القومية الآشورية ) كاصرار السيد سعد على تسمية ( القومية الكلدانية ) ولكن غالبية أتباع الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية وغالبية أتباع الكنائس الآشورية هم مع وحدة شعبنا تسمية ومصيرا . . ويبدو  أن السيد سعد المقيم في استراليا لايعلم أن غالبية أهل بلدته عنكاوا التي تـتبع الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية هـم مع وحـدة شـعبنا تسـمية ومصيـرا ، أمـا اتهامه ( للمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ) بأنه ( . .  و المعروف اليوم بالمجلس الشعبي الآشوري الآشوري الآشوري ،  والذي اصبح رقماً آخراً يضاف المؤسسات الآشورية . . )  فهو اتهام التجني على الحقيقة لأن رئيس المجلس الشعبي السيد جميل زيتـو هو من أتباع الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية ونائبه الأول السيد ملـك شمس الدين كيوركيس هـو من أتباع الكنيسة الآشورية  ونائبه الثاني السيد سـالم يـونو هـو من أتباع الكنيسة السـريانية ، وهكذا بقية أعضاء هيئة رئاسته . . وكلهم مؤمنون بوحدة شعبنا تسمية ومصيرا ، أما من يريد تقسـيم وتجزئة واضعاف شعبنا مثل السيد سعد توما عليبك وبعض أتباع الكنائس الآشـورية  ، فإنه سيبقى دائما مع قلة قليلة تصيح ولا أحـد يلتفت إلى مثـل هـذا الضجيـج   .
 
    ونتناول باختصار مقال السيد طلال يلدو الكلداني / تلكيف ، الذي يسـعدنا أنه من بين أهل تلكيف الأصليين أبا عـن جـد والذي بقي صامدا في تلكيف ولم يهاجر إلى خارج العراق . . ولكن لكي نعرفه بصورة كاملة ـ ومن اجل الغاء أي شك بأن اسمه حقيقة وليس وهما مزورا ـ نرجوه نشر صورته في المواقع ضمن مقال يتناول فيه عرضا يفيد القراء لاسئلتنا التاليـة : كم عـدد أهل تلكيف الأصليين الذين لايزالون صامدين في تلكيف حاليا  مثله  ويرفضون الهجرة إلى الخارج ؟ ولأنـنا نعرف عشائر تلكيف العريقة  : كلشو و سيسي ودخـو وعبـرو وجربوع . . ألخ ولنا أصدقاء أعزاء منها ، فهو الى أي عشيرة ينتمي ؟ وهـل أن كل أهل تلكيف الصامدين معه في بلدتهم العزيزة يدعمون القومية الكلدانية أم أنهم منقسمون مثل أهل البلدات والقرى الأخرى التابعة للكنيسة الكاثوليكية الكلدانية بين تأييد التسمية القومية الموحدة ( كلداني سرياني آشوري ) والتسمية القومية المنفردة ( كلدانية ) . .  أما موضوعك ـ سيد طلال ـ الذي نحن بصدده لن نتناوله لأنه ضمن نهج الهزل ، ونحن نتناول دائما ( الجـد وليس الهـزل ) .

6
مناقشة : أين حـقكم أيها الأخوة القوميون الكلدان ؟
ــــــــــــ
جميـل روفائيـل

   شـخصيا ، أكتب عن قناعتـي ولسـت أبـدا ضـد ذكر الحقائق ، مهما كان نوعها ، لكنني أريد أن تسـير الأمور ضمن العرض الموضوعي ، حتى إذا شـاء أصحابها مرافقـتها بالصراخ والضجيج . . مادام أصحاب الكتابات يريدون ، ولايهـم إن كان ذلـك بقناعتهم الذاتية أو بتوجيه ،  فرأيهم محترم ويخصهم وحدهم . . لكن عليهم أن يدركوا أن الحقيقة تظهر سـريعا لأنـه لايمكن اخفاؤها دائما . . وأقول أن من حق كل انسان أن يختـار القومية التي يقتـنع بها ، ولكن ليس من حقـه أن يرغم برلمانا منتخبا ـ خصوصا بحسب العرف القائم في العراق ـ أن يلتـزم رسميا القومية التي يرغب فيـها .

   ولكـن أيضا ، كما أن لهـم الحق أن يقولوا كلمتهم ، فلغيرهـم  الحق نفسـه في قول كلمتـهم وتوضيح الأمور كما يجدون صحتها وحقيقتها . . وشـخصيا أعتبر هـذا النهج صائبا وليس لي أي موقف سـلبي تجاه الرد على رأيي ومناقشته ضمن الإطار الذي نحن بصـدده ، لأن الابتـعاد عن هـذا الإطار يعني ضعف الحجة وعـدم القـدرة على تـثـبيت الأمور وجعـل القارئ الكريم على اطلاع بالحقيقة وترك الخيار لـه في الحكم وترتيب النتيجـة . .

   وفي هـذا الموضوع سـأتناول قسما من المنشور في المواقع  بصورة مختصرة ( علما بأنني أنقـل العنوان والفقرة نصا وفق المواقع ، ولا علاقة لي بمـا قـد يظهر في المنقول من أخطاء تعبيرية ونحوية وإملائية . . لأنني لست مخولا من أصحابها باجراء أي تعديل عليـها ) وسأتناول في مواضيع مستـقبلية ما ينشـر أيضا ، متى  وجدت حاجة لذلـك .

   بداية ، أسـأل رافضي الاسـم الموحد لشـعبنا : هـل قرأتم المقال الأخير للسيد غسان شـذايا ( المقيم حاليا في الولايات المتحدة والذي أعتـقد أنه بالأصل من تلكيف ) مؤسس المجلس القومي الكلداني والمنشور في المواقع بعـنوان ( الكلدان والآشوريون والسريان قومية واحدة لا ثلاث ) وهـو الداعي الأول لهذا المجلس والمشارك الرئيسي في وضع أسـسه ، ومـما يقوله :
    (  خلال الفترة التحضيرية  لاحصاء سنة 2000 للسكان في اميركا وكوني احد اعضاء اللجنة الاستشارية لمكتب الاحصاء الامريكي قمت مع مجموعة من ممثلي الكلدان والاشوريين في اميركا بتبني مصطلح الاشوري/الكلداني/السرياني لجميع ابناء هذه الأمة الوحدة وتوثيقه في نيسان 1999  كمصطلح نهائي غير قابل للتغيير في جميع احصاءات اميركا القادمة ومنها احصاء 2010 القادم . . هناك البعض الذي ينشر المقالات ويدعي وجود "قومية" كلدانية واخرى اشورية وغيرها من الخزعبلات اللغوية من دون اي اعتبار لماهية مقومات القومية كما يعرفها علماء الاجتماع والانثربولوجيا وهي: اللغة المشتركة، التاريخ المشترك، الثقافة المشتركة من عادات وتقاليد وقيم، واخيرا الدين المشترك . . لنرجع الى امتنا المهزومة بانشقاقات ابنائها وفقر وعقم افكار المؤتمرين على احوالها واقول شعبنا الاشوري الكلداني البابلي كان ومنذ الازل يعلم بكونه ابناء امة واحدة قسمته الصراعات الدينية . . في النهاية يجب العمل على توحيد تسمية الامة الواحدة في الوثيقة التشريعية - دستور كردستان - ومن دون الواو المفرقة . . الكلدان /السريان/الاشوريون قومية واحدة لا ثلاث. كفى اختراع قوميات كنسية . رحمة بهذا الشعب الضعيف والمغلوب على امره . لا تكونوا خرافا للاخرين واسودا على ابناء جلدتكم فهذا الشعب في طريقه للزوال والانقراض اذا لا يتم توحيد الجهود كأمة واحدة ويد واحدة  ،  نتصارع في الافكار والأراء .. نعم.. ان نكون شعب ضعيف صغير العدد وكثير الانشقاقات والصراعات .. لا..  كفى ان نكون سخرية للاخرين. ) . . ولا تعليق لي على المقال ، لكن علي أن أقول أن السيد شـذايا أعلم من غيره بالأسس التي قام عليها المجلس القومي الكلداني .

       وفي شـأن موضوع غبطة البطريرك عمانوئيل الثالث دلي المنشور في المواقع بعنوان ( فخامة رئيس اقليم كردستان المناضل  مسعود البارزاني الجزيل الاحترام ) . . لا تعلـيق لي عليه احتراما للمركز الديني  لصاحب الموضوع  والذي أنا دينيا من أتباعه  ، على رغم أن هكذا  رسالة ليست من  مهمات  رئيس الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية  التي مهماته  هي دينية فقط . . ولكن في مواجهة استمرار رئيس الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية التدخل في الشؤون القومية وغيرها من الأمور غير الدينية ،  ومحاولة فرض ذلك على المنتمين الى كنيسته أدعو الجهة التي أطلعتني على وثيقة بخطه وتوقيعه والتي لم يمض عليها الاّ  فترة قصيرة ويؤيد فيها التسمية الموحدة لشعبنا إلى نشر هذه الوثيقة توضيحا للحقائق ، كما أدعو ( المجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري ) الى تشكيل لجنة من أتباع الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية تتولى نشر مؤلفات وكتابات ووثائق وتصريحات غبطة البطريرك دلي منذ كان تلميذا كهنوتيا وقسا ومطرانا وبطريركا . .  ولا مانع لديّ  بالمشاركة في عضوية هذه اللجنة .
   
   وفي موضوع بعنوان " رسالة من الهيئة العليا للتنظيمات الكلدانية إلى رئيس اقليـم كردستان المناضل مسعود البارزاني "  . . وبداية أن كلمة التنظيمات تعني الجمع أي أكثر من اثنيـن . . وهـذا ـ بحسب ما قرأتـه عن هـذه الهيئة ـ أنها تضم فقط تنظيميـن كلدانيـين ، همـا : حزب الاتحاد الديمقراطي الكلداني والمجلس القومي الكلداني ـ أمـا المنبر الديمقرطي الكلداني فقـد أعلن تنظيمه في العراق عـدم علاقته بهـذه الهيئة في بيانات ورسائل ، وأكـد أن ( الكلدان السريان الآشوريين ) شعب واحد وقومية واحدة ولهـذا فهـو مع الاسـم الموحـد ، أمـا الدكتور حكمت حكيم فهو شـخص وليس تنظيما ولهـذا فإن ادراجه ضمن التنظيمات يتنافى مع الواقع الموجود . . وفي المحصلة لايمكن اطلاق تنظيمات على تنظيميـن ولا يمكن بحسب المتعارف عليه أن يكون لتنظيمين هيئة عليـا . . والمتعارف عليه أنه بالنسبة للناطق إما أن يتم اختياره من أحد التنظيمات أو أن يكون خارج التنظيمات كشخص توفيقي . . أما أن يكون هو كشخص تنظيما فهي سابقة كلدانية لم نسمع بها من قبل .

    ومـما ورد  في الرسالة :  "  فوجئنا يوم أمس عند التصويت على مشروع دستور اقليم كوردستان بالتغيير الذي حصل بشكل مفاجئ على مضمون المادة / 5 من المشروع من خلال رفع الواوات التي كانت بين الكلدان  والسريان والآشوريين لتصبح نص المادة المذكورة بدون تلك الواوات  "  . . وسؤالنا نحن على هذه الفقرة من الرسالة ، هل تفاجأ أيضا صاحب الرسالة بالشكل نفسـه حين حصل تغييرا في ليلة واحدة في مسودة الدستور العراقي بالغاء الاسم الموحد لشعبنا الذي كان متداولا في  حينه وتم وضع مكانه ( الكلدان والآشوريون ) ، أم أن تلك لم تكن مفاجأة لـه ـ كما أعتـقد ـ  لأنه كان مطلعا على كل شئ ، وربما كان نفسه طرفا فيما حصل ، لكنه تفاجأ الآن لأنه من الذين يقبلون الانتقائية بالشكل الذي تعجبه ؟

وورد أيضا في الرسالة "   ان الوجود القومي والهوية القومية لا يمكن أن تفرض فرضاً وتحت اي ظرف من قبل اي طرف على طرف آخر، كما أن الهوية القومية من غير الجائز تحديدها بقرار سياسي من قبل هذه الجهة أو تلك لأرضاء هذا الطرف أو ذاك، ومن هذا المنطلق اعلن مجمع اساقفة الكلدان في بيانهم الختامي الصادر عن مجمع اساقفة الكنيسة الكلدانية المنعقد في عنكاوة/ أربيل يوم 5- 5-2009  الموقف التالي:
 ( يعلن الاساقفة تمسكهم الراسخ بقوميتهم الكلدانية وحقوقهم المشروعة بموجب الدستور العراقي الاتحادي المادة: 125 - - - وعلى هذا الاساس يطالب الاساقفة الكلدان ادراج هذه المادة من الدستور الاتحادي في دستور اقليم كوردستان )  "  . .
 ونقول لصاحب الرسالة : نحن معك فيما ذهبت اليه بعدم الفرض ، لكن لانقبل  ما تبيحه من فرض تدخل الأساقفة الكلدان في أمر ليس شأنهم الديني . . الدستور هو خاص باقليم كردستان ومن حق ممثلي الشعب المسيحي في برلمان الاقليـم أن يقرروا التسمية التي يريدها ناخبوهـم . . أما أنت ومن معك ومن شاء من أساقفة الكلدان داخل  الاقليـم وخارجه  فلكم الحرية بكتابة أي قومية لكم ترغبون فيـها من المعترف بها رسميا في منطقـتكم  .

 وأيضا ورد في الرسالة "   اسمح لي ياسيادة الرئيس ان اسألكم، هل انتم راضون بازالة قومية يمتد عمرها اكثر 7500 عام في تربة العراق، والمتمثلة بالوجود القومي الكلداني، الذي اكتشف السنة والشهر واليوم والساعة والدقيقة والثانية والذي مازال العالم يعمل بموجبها منذ الالاف السنين؟ هل انتم راضون بازالة الشعب الكلداني من تربته؟ ذلك الشعب الذي سن اول تشريع قانوني في تاريخ البشرية ونشر العدالة بين بني البشر، الا يستحق هذا الشعب من عدالتكم الاعتراف بوجوده كقومية ؟  الا تعتقدون ياسيادة الرئيس ان اهمال حقوق الكلدان يتنافى مع الاعلان العالمي لحقوق الانسان، ويتقاطع مع المبادئ الاساسية لميثاق الامم المتحدة، ويتعارض مع المعاهدات والاتفاقات الدولية التي قامت جميعها على اساس حق الشعوب والامم والقوميات صغيرها وكبيرها في تقرير مصيرها؟  "
  ونقول لصاحب الرسالة : هـذا الكلام من دون أدلة تاريخية ، إذا كان لديك أنت أو غيرك أدلة موثوقة تفضلوا واذكروها . . أما أدلتنا الموثوقة فتقول : أن بلاد الرافدين كان يسمى في بعض المصادر العربية والسريانية ( كلدو وآشور ) في اشارة إلى الجنوب الكلداني و الشمال الآشوري ، وأنه بعد انتهاء سلطان الدولة الاشورية ( الذي دام نحو ثلاثة آلاف سنة حكم خلالها 117 ملكا ) ، آلت أملاكها في شمال بلاد الرافدين إلى الميديـين  الذين شاركوا جيوش نبوخذنصر في اسقاط نينوى ، أما نبوخذنصر وجيشه فقـد انسحب الى الى بابل وخضع له جنوب العراق ولكي يوسع مملكته فقد اتجه غربا نحو جنوب سوريا وفلسطين ، وأن العهد البابلي الأخير ( المسمى الكلداني ) فقد دام  حكمه ( 88  عاما حكمه 6 ملوك ، تولى بينهم  فيها نبوخذنصر ووالده نبوبلاصر 64 عاما  وحكم رجل الدين الارامي نبونهيد الذي يعود أصله الى منطقة حران ولا علاقة له بنبوخذنصر والقبيلة الكلدانية المنتمية إلى الشعب الآرامي 17 عاما ،  فيما حكم الملوك الثلاثة الآخرون 7 أعوام ) . . ويبدو أنه  لايوجد في  حساباتكم للتاريخ أي فرق بين 88 عاما وأكثر من 7500 عام . . ومن أين أتيتم بهذا الرقم أكثر من 7500 عام ؟ أما اذا طلبتم منّـا فنحن سنذكر المصادر التي اعتمدنا عليها ومنها مصادر مديرية الآثار العامة ـ بغداد . .
     أما عن كون الكلدان قبيلة من الشعب الآرامي ومتى ظهروا للمرة الاولى يقول ، السيد  بنيامين حداد  في كتابه ( القطر البحري ـ بيث قطرايي ـ الأصول الأولى للكلدوآشوريين السـريان ، طبعة بغداد ، وهو من منشورات مركز جبرائيل دنبو الثـقافي التابع للرهبانية الأنطونية الهرمزدية الكلدانية  2006 ، ص 36 )  "  . .   والكلدانيون هـم مـن القبائل السامية ، ويقـال أن اسمهم قـد أشـتق من قبيلة كلـدة ، ويعدهم المؤرخون فـرعا مـن الآراميين ، نزحوا مـن سوريا ( من أعالي الفرات ) إلى جنوب العراق ، وقد ظهروا لأول مرة في عهد شـمشو ـ أيلونا ( حكم بين 1687 ق . م . و 1650 ق . م . ) خليفة حمورابي وأسـسوا مملكة دعيت بيت ياكيني امتـد نفوذها إلى ساحل الخليج العربي كما ذكرنا . . وفي ص 70 و 71  من كتابه يضيف السيد بنيامين حداد : كما أن هناك الكثيـر من المؤرخين مـمن يعـزون أصل الكلدانيين إلى الآراميـين ، وصاحب كتاب كلدو وآثور ( المطران أدي شـير )  يعتبر الكلدانيين والآثوريين شـعبا واحدا مستندا إلى مراجع عديدة  . .  وفي ( ص 79 ) يقول : سـمى اليونان الآرامية آشورية وسماها اللاتين سريانية ، فالسريانية والآشورية صيغتان أو لفظتان لاسم لغة واحدة   " . .
 والأب د . ( المرحوم ) يوسف حبـي يعتبر علوم عهد الدولة الكلدانية في بابل جزءا صغيرا من علوم البابليين ، ولهذا يقول في تقديم كتاب الباحثة الفرنسية مرغريت روثـن الذي ترجمه الى العربية عام 1980 " . . أما أهم بحوثها ـ مرغريت روثن ـ فهو ما أقدمه اليوم لقرائنا الكرام ، تحت عنوان ( علوم البابليين ) بدلا من العنوان الاصلي ( علوم الكلدان ) . . " .

  وعن الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية ، يقول المطران لويس ساكو في كتابه ( خلاصة تاريخ الكنيسة الكلدانية ـ كركوك  2006 ، في الصفحات 39 و41 و42 ) : "  في القرن الثامن عشر ، وتحت تأثير بطريركية آمـد وبمعاونة الرهبان الكبوشيين والدومنيكان ، انضم معظم أبناء كنيسة المشرق في الموصل وسهلها الى الكثكلة . . فثبت البابا بيوس الثامن يوحنا هرمزد رسميا بطريرك بابل على الكلدان وكرسيه في الموصل ، كان ذلك في الخامس من تموز 1830 ، مع العلم أنه لاتوجد علاقة كنسية ببابل وأن الكرسي البطريركي كان في المدائن ( ساليق وقطيسفون ) ، أي بغداد ، ربما لكونها ( بابل ) عاصمة الكلدانيين . . وفي عام 1844 كان زيغـا أول من نال الفرمان العثماني الذي يعترف به بطريركا على الكلدان ، ومنذئذ ثُـبتت الكنيسة الكلدانية قانونيا كملة ـ لغويا مِـلة ، جمع مِـلل : شريعة أو دين : مِـلة الاسلام ، مِـلة اليهود "  . 
    وفي حوزتـنا المـزيد المزيد من المصادر الموثوقـة ، من زمن العهـد البابلي الأخير ( الكلداني ) وقبله وبعـده تفنـد ما ورد في الرسالة التي نحن بصددها من أن الكلدان قومية يمتد عمرها اكثر 7500 عام في تربة العراق ، ومن هذه المصادر كتاب ( المؤسسة البطريركية في كنيسة المشرق ، ـ تأليف سيادة المطران ( غبطة البطريرك ) عمانوئيل دلي ـ المطبوع في بغداد عام 1994 ( لا أدري هل قرأه صاحب الرسالة أم لا ؟ ) ـ والذي هو ( في الأصل اطروحة لنيل درجة الدكتوراه سنة 1958 في فرع الدراسة القانونية في جامعة اللاتران بروما ) والذي يقول سيادة المطران ( غبطة البطريرك )  دلي في حاشـية ببدايتـه ( ص 5 ) :  "  ليس من الضروري أن ينتمي اليوم جميع أبناء هذه الكنيسة الكلدو اشورية الى القبائل الكلدانية والاشورية المذكورة في التاريخ القديم ، إن الكلدان والاشوريين تاريخياً يشكلون جماعة واحدة تشترك في تراث ديني ولغوي وعرقي وقومي نشأ في تربة حضارة بلاد مابين النهرين ، فضلنا في كتابنا هذا تسميتها كنيسة المشرق ، كما جاء في المصادر وذلك للسهولة وللامانة التاريخية للحقبة المحدودة في بحثنا . " . . ونحن  لن نذكر المزيد من  مصادرنا إلاّ بعد أن ينشر صاحب الرسالة في المواقع التي نشر فيها رسالته ، مصادره وأدلتـه الموثوقة  بأن الكلدان قومية يمتد عمرها اكثر 7500 عام في تربة العراق ، واذا  لـم ينشر صاحب الرسالة مصادره وأدلته  فهذا دليل على عجزه عن توثيق ما ورد في رسالته والدفاع عنـه .
 
وورد في الرسالة  "  سيادة الرئيس، هل يجوز التصويت على الحقائق الموضوعية؟ واذا كان الامر غير جائز، وهذه حقيقة مطلقة، اذن فكيف صوت برلمان اقليم كوردستان وازال المكون الكلداني من الوجود، وفي هذا السياق اسأل سيادتكم، هل يجوز او حتى يسمح لاي من اعضاء مجلس النواب العراقي ان يقدم مقترحاً الى مجلس النواب للتصويت على الغاء القومية الكوردية في العراق؟ وهل يجوز التصويت على وجود جبل متين وكَاره في كوردستان العراق؟ وهل - -؟ وهل - - -؟  "  . . ونحن نسأل بخصوص هذه الفقرة : ماهي الحقائق الموضوعية التي يتحدث عنها ، لكي يكون التصويت جائزا أو غير جائز ،  و لكي نبدي رأينا  ، لأنه أشار اليها  بشكل مبهم ؟

وورد أيضا في الرسالة  "   واخيراً اناشدكم ياسيادة الرئيس باسم مليون و200 ألف كلداني في العراق وموزعين في كافة دول العالم بوقوفكم على مسافة واحدة تجاه مكونات شعبنا من الكلدان والسريان والاشوريين. وانا شخصياً لا اشك بذلك على الاطلاق من لدن سيادتكم، وارجاع الواوات حيث كانت، وكما تؤكدون عليها في كافة تصريحاتكم وخطاباتكم وكلماتكم ولقاءاتكم التي دائماً نتابعها باهتمام شديد وحينها يمكننا القول لا تملقاً، عاشت العدالة، عاشت الديمقراطية، عاش أقليم كوردستان.  " . .
 ونحـن نسـأل صاحب الرسالة : من أي مصدر حصلت على أن الكلدان في العراق ودول العام عددهم مليون و200 ألف ؟ وأيضا نسأل : كم عدد أتباع الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية الذين يؤيدون دعوتكم إلى قومية كلدانية ؟ وثـم ـ للعلم ـ أن الدستور الذي صادق عليه البرلمان الكردستاني وتم ادراج الاسم الموحد لشعبنا بطلب من غالبية أعضائه المسيحيين هو فقط لاقليم كردستان وليس لأنحاء العالم . . وحول الولايات المتحدة الأميركية ( وهي دولة في أنحاء العالم ) يقول مؤسس المجلس القومي الكلداني السيد غسان شذايا : تم تبني  مصطلح الاشوري/الكلداني/السرياني لجميع ابناء هذه الأمة الوحدة وتوثيقه في نيسان 1999  كمصطلح نهائي غير قابل للتغيير في جميع احصاءات اميركا القادمة ومنها احصاء 2010 الـقادم . .  ما يعني أن الولايات المتحدة تعمل رسـميا  بموجب التسمية الموحدة لشعبنا ، وليس الكلدان قومية والسريان قومية والآشوريين قومية  ـ بحسب السيد غسان شـذايا ـ

7
رجال دينـنا ،  طاعتكم دينية ،  تجنبوا خلافاتـنا
ـــــــــــــــــ
جميـل روفائيـل
    قلنـاها مرارا ، وقالتـها الغالبية العظمى من المسيحيين ( الكلدان السريان الآشوريين ) أن طاعتـنا لرجال دينـنا واجبـة عليـنا ولا خلاف ، سواء لنـا مع رجال دينـنا أو بينـنا ، عليـها . . وقلنـاها أيضا مع الغالبية العظمى من مسيحيي شـعبنا : يـا رجال دينـنا ( من كل طوائفـنا ومذاهبـنا المسيحية ومن دون اسـتثـناء )  نتـذرع اليكم ونرجوكم أن لا تصبحوا ، أنفسكم ومهماتكم ، طرفا في خلافاتـنا ، لأن ذلـك لـن يكون في مصلحة طاعتكم من قبلنا وسنختلف معكم إذا ولجتـم هـذا السبيل العكـر . . وهـو مالا نريـده لكـم ولنـا . .

  لكـن ، ومع تألمنـا ، رأينـا جليـا أن البعض من رجال دينـنا ، خصوصا مـن هـو في الخارج وفقـد ارتباطـه بأرض آبائـه وأجـداه ، هـو وأقـاربه والغالبية الكبرى مـن أهـل بلدتـه ، وآثر بداية حياة جديدة في الخارج ستؤدي بـه حتما إلى فصم كل ارتباط مستـقبلي لـه بالأرض التي تنتمي جذوره إليها ، ويصبح مثـل كـل المهاجرين ، مـن ارلنـدا وانكلتـرا وايطاليا والصين واليابان . . ألخ ويكـون ارتباطه بالنسبة لأولادنا وأحفادنا لايتعدى المذهب الكاثوليكي أو غيره من المذاهب المسيحية العراقية  ـ  مع من يحافظ منه عليه من أولاده وأحفاده ولا يغيـره ـ كارتباط أولادنا وأحفادنا مع مسيحيي ايطاليا والكونغو والبرازيل والصين وكوريا الجنوبية . . ألخ . .

   هـذا البعض في الخارج ، وفي مقدمته البعض من رجال مذاهبنا ، أبـاح لنفسـه أن يتدخل مستغلا أنواع نفوذه ، في سـلب قـرار شـعبنا غيـر الديني  ، وبرز هـذا التدخل راهنـا في موضوعات خلافية غيـر دينية داخـل شـعبنا ، مـن دون أن يكون واقعيا مع واجبـه ويترك ذلـك لقـرار الشعب وحـده ، ما يوحي بأن هـذا البعض اعتبر نفسـه ونفـوذه فـوق شـعبنا وإرادته  وقراراتـه ، وهـذا الإعتـبار هـو أشـد المصائب إيلاما ونفـورا . . لأنه ليس من حق رجال الدين بحسب أسس الدين  المسيحي الواردة في الإنجيل والتي علينا أن نعرفها جميعا ، التدخل في قضايا موضع خلاف هي خارج مهماتهم الدينية ، ولما كانت القضية القومية قضية اجتماعية شعبية عامة غير مرتبطة بالدين ، فليس من حق رجال ديننا التدخل والضغط فيها وانما من واجبهم ترك الاختيار لشعبهم للبـت فيها . . أي أن أتباعهم هـم معهم من دون جدال في الأمور الدينيـة وهـم ـ رجال الدين ـ  مع هؤلاء الأتباع في قراراتهم الأخرى .

 وقـد يكون هـذا البعض من رجال الدين ظـنّ  أن في مقـدوره أن يواصل ما بـدأه مع الدستور العراقي ،  فتشـبث ، هـو ومن اختاره ناطقا ،  بأن الدستور العراقي ذكر الآشوريين والكلدان ، وينبغي اتباع النهج نفسه في دستور اقليم كردستان ، متجاهلا أنـه  ذريعة لاتسندها الوقائع ، خصوصا ونحن نعلم أن البرلمان العراقي غيّر النص الذي كان يحتوي على تسمية موحدة بتسمية ( الآشوريين والكلدان ) قبل يوم واحد فقط من اقرار الدستور وجرى ذلك  بضغط رجال دين صار أمـره معروفا ومتـداولا . . ناسـيا أو متناسـيا أن ظروف شـعبنا وتمسكه بحقوقه قـد تغيّـرت كثيـرا  وأن برلمان كردستان لابـدّ أن  يسلك  السبيل الصائب الديمقراطي الشعبي ، الذي  يسـتند على رأي غالبية ممثـلي شـعبنا فيـه إضافة إلى موقف شـعبنا بصورة عامـة . .   

   واللافت ، استنادا الى عضو برلمان كردستان روميو هكاري في تصريحه المنشور في العديد من المواقع الذي قال " لدي وثائق تثبت ان المطارنة الذين جاءوا الى هنا، اعترفوا اننا  شعب واحد، وهناك وثائق اخرى لمناصب اكبر منهم ، موقعين على مذكرة بأننا شعب واحد ،  ويطالبون فيها بالحكم الذاتي"  وزاد " ليس من الجيد على الكاهن ان  يتحدث في اتجاهين، انا لن اتدخل في شؤون الكنيسة انا كسياسي واجبي احترم الكنيسة ، المفروض من الكنيسة ان تعمل لصالح ابناء شعبنا ،  وان لا تتدخل في السياسة للحفاظ على علاقات الاحترام بين السياسة والدين " وشخصيا ، أنـا مطلع على ما يشبه هـذه الوثائق  وهي بخط اليد والتوقيع ،  وأؤكدها ولكن لايمكنني ذكر تفاصيل أكثر عنها وعن موقعيها لأنني ست حتى الآن مخولا من الجهة التي وفرت ليّ الاطلاع عليها بذلـك ، ولـذا تجنبت وأتجنب التحدث عنها  . .

    صحيح أن أتباع الكنيسة الكاثوليكية هـم الغالبية بين أتباع الكنائس المسيحية في العراق ، ولكن أنـا من أهالي قرية تللسـقف ، التي يزيد عدد سكانها حاليا عن عشرة آلاف نسمة ، وأعرف وضعها جيدا ، حيث فيها  اليوم مقرات للتنظيمات التالية : 1 ـ الحزب الديمقراطي الكردستاني 2 ـ هيئة شؤون المسيحيين 3 ـ هيئة الحراسات 4 ـ ممثـلية المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري 5 ـ الحزب الوطني الآشوري 6 ـ حزب بيت نهرين الديمقراطي 7 ـ الحركة الديمقراطية الآشورية 8 ـ حزب الإتحاد الديمقراطي الكلداني 9 ـ المجلس القومي الكلداني 10 ـ الحزب الشيوعي العراقي . .  وعلى رغم أن مسؤولي وأعضاء كل هذه التنظيمات هـم من أهل تللسقف  وأتباع الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية ، فإنـه  ـ وبحسب علمي ـ  لايوجد بين كل هذه التنظيمات إلاّ  تنظيمان يؤيدان جعل التسمية المذهـبية الكلدانيـة تسمية قومية وهما ( حزب الإتحاد الديمقراطي الكلداني والمجلس القومي الكلداني ) وأيضا بحسب معلوماتي ، فإن غالبية السكان في كل القرى التي تتبع الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية  في سهل نينوى واقليم كردستان هي على شاكلة تللسقف نفسها تقريبا من حيث التنظيمات ومعارضة جعل التسمية المذهبية الكلدانية تسمية قومية . . 

   شـخصيا ، وبوضوح ،  لـم أكن راغبا أن يصدر سينودس مطارنة الكنيسة الكاثوليكية  الكلدانية بيـانا ـ وإن كان عليه تحفظ من عـدد من المطارنة ،  بحسب معلوماتي ـ  ويكون مصيره الفشل في التطبيق . . أو يتـدخل أي مطران لهذه الكنيسة التي أنتمي إليها ،  في قضية وتكون النتيجة الخيبة . . كمـا أنني تجنبت الكتابة قبل قرار البرلمان الكردسـتاني  ، متجنبا  سجال عقيم ـ سلكه الناطق وتبعـه آخرون ـ لا طائل منـه  مع مواقف البعض  غير القائمة على الوقائع  ،  لأن كل الذين كتبوا مؤيدين تقسيم شعبنا وتجزئته بالواوات لم يخرجوا عن ترديد أن الكلدان هم الأكثرية وبيان سينودس مطارنة الكلدان والدستور العـراقي . . وكلها حجج غير واقعية لأنها لم ترغب بالطلب مثلا باستفتاء عام لشعبنا والقبول بقـراره أو انتظار نتيجة انتخابات برلمان كردستان بالنسبة للمقاعد الخمسة لشـعبنا ، ولاحظت أن هذه الكتابات تندرج في صيغة فرض أمـر على شعبنا ، رغب بذلك أو لم يرغب ، ولهذا تجنبت الكتابة لأقول كلمتي وقناعتي بعد المصادقة على الدستور الكردستاني .

    رأيـي ، بالنسبة لأخوتي الكتاب الأعزاء ، وأدرك أن القضية القومية هي شـأن يهمهـم وحقهم الطبيعي والإعتـقادي والقناعي ، واحترمه بالنسبة لهم من دون أي شـك أو اعتـراض ـ طبعـا من غير رجال الدين الذين لا أعترف إطلاقا بولوجهـم في مثـل هـذه الأمور ، خصوصا ذات الصفة الخلافية منها ، كما هي القناعة القومية ، بين أطراف شـعبنا فيها ـ أن يتجنبوا في كتاباتهم الإتهامات والضجيج والصياح غير المجـدي ، وإدعاءات التشبث برجال الدين والدستور العراقي والمحكمة الدسـتورية . . ألخ وهي أمور للإستهلاك الوقتي لاتجديـهم فائدة ، لابـل تضرهم أكثر ممـا تنفعهم ، أن ينتظروا انتخابات البرلمانيـين الكردستاني والعراقي ، وهي قريبة ، وحينئـذ يكون للطرف الفائز فيها من شـعبنا ، الموحـد أو المجـزء ، الحق في الإدعاء بتمثيـل شـعبنا والحسم ديمقراطيا ، انسجاما مع برنامجه الإنتخابي والثقـة الممنوحة لـه من غالبيـة شـعبنا .

8
لماذا أنا قريب من  بيت نهـرين الديمقراطي ؟



جميـل روفـائيـل

 
     حقيـقة ، أنـا لسـت بعيـدا عـن أي مـن أحـزاب شـعبنا ( الكـلداني السـرياني الآشـوري ) فعـلاقاتي مـع كلهـا جيـدة ، ولكـن تـأييدي لهـا هـو بدرجـات متـفاوتة وذلـك وفـق مـا أجـد في ممارسـات كـل منـها قـربا مـع أفكـاري القـومية وقضايـا شـعبنا الراهنـة والمصـيرية وسعيها الجـدي بحسـب متطلبات حاجـات شـعبنا الآنيـة  . . إلاّ  أنـه بصـراحتي المعـهودة ، أقـول بجـلاء إن أقـرب هـذه الأحـزاب إلـيّ  هـو "   حـزب بيـت نهـرين الديمقـراطي   "  لمـاذا ؟  . .

      والمقصود هـو أحـزاب شـعبنا داخل أرضها التاريخية المتواصلة في بلاد الرافـدين ( العراق ) ، لأنني لا أعتـرف بأي أحزاب وتنظيمات سياسية وقومية تدعي الإنتماء إلى شـعبنا ( الكلداني السرياني الآشوري ) وتكون مقراتها ومؤسساتها العليا في بلدان المهجـر ( وهـذا لايشـمل أحزاب شـعبنا في سوريا ولبنان التي  تأسست لتمثـل مصالح شـعبنا الراسخ في البلديـن )  . . لأنها ( أحزاب المهجر ) في حقيقتـها طارئة بعيدة عن أرض الواقع وتحمـل الأعباء المضنيـة ومتفرجة هي وقادتـها من فوق التلال . . وإلاّ  لكانت نزلت إلى ساحة العمل الجدي وساهمت في السـراء والضـراء . . وهـذا يعني أنها نشـأت نتيجة أمور عاطفية وقتية أو خيوط متهرئة لاتزال باقية عند قادتها الذين غادروا أرض آبائهم منذ أمـد ليس ببعيـد أو بسـبب مصالح خاصة . . ولهذا فإن ضررها أكثر من نفعها لأنها قائمة أصلا على صراعات مذهبية واسمية ومناطقية وعشائرية بينـها وتـتدخل   بـأمور لاتعنيـها في شـؤون شـعب الأرض الذي انفصلت عنـه واقعيـا  .

    شـخصيا ، لا أعتـمد  في تقـويمي للأحـزاب من خلال محتويات صفحـات أنظمتـها الداخلية أو البيـانات التي تصدرها وحتى تصريحات قادتـها ، لأنـني اسـتنادا إلى تجـاربي الطويلة صـرت على علـم بـأن كـل هـذا هـو أمـور نظرية لكسـب التـأييد الجماهيـيري ، أو " عسـل ودبس للدعـاية  وتـرويج  للبضـاعة   "  . .

    وإنـما  أقـوّم  الأحـزاب بنـاء على ممارسـاتها على أرض الواقع  ومـا تقـدمه من عمل ظاهـر للجميع  ومتواصل ودائم لمصلحة شـعبنا الآنية والمسـتقبلية ، أي الممارسـات اليومية الواضحة والثابتة التي لاتتغير مع اتجاهات الرياح ورغبات المكاسب السياسية والمصالح الشخصية لقادتها ونوعيـات الهالة الخادعة التي يودون الظهور بـها .

   ومـن هـذا المنطلق ، أود الاشارة الى الحقيقة التي رأيتها وتابعتها في "  حزب بيت نهرين الديمقراطي  "  فهذا الحزب لم الاحظ أنه يستعطف  حزبا اخر قويا ونافـذا أو رجال دين أو جهات خارج أرض العمل المصيري   لنيل مكاسب خاصة  له على حساب مصلحة شـعبنا ،  وهو كان دائما المبادر  لتأسـيس لجان التعاون بين أحزاب وتنظيمات شعبنا ومنها "  لجنة التـنسيق  "  لاحزاب وجمعيات شـعبنا من أجـل التعاون المشترك بينـها   لتحقيـق الاسـم الموحد الرسـمي لشعبنا  ومجالات أخرى تصب كلها في فائدة شعبنا منها :  التأيـيد الكامل للحكم الذاتي لشعبنا ( الكلداني السـرياني الآشـوري ) في مناطقه التاريخية التي يسكنها حاليا والمرتبطة جغرافيا مع بعضها البعض . . وهـو إنجـاز عنـدما يتحـقق سـيكون لشـعبنا وجـودا ثـابتا أرضـا وحقـوقا وسـلامة دائمـة .

    ويعـني هـذا في مجملـه وغيـره ، صيانة حقوق شعبنا واستقـراره الدائم في ارضه وارض آبائه وأجداده التي تـمت  صـيانـتها مـن كل شـائبة  منذ الاف السنـين . . كمـا ان  "  حزب  بيت نهرين الديمقراطي  "  كان دائما المبادر والمتعاون ـ بحسـب امكاناتـه ـ  في المساعدة  لإنهاء أي محنة حلت بشعبنا مثـل قضايا المهجرين من الموصل  والمرحلين من وسـط العراق وجنوبـه ،  وزيارات قادتـه ومسـاعداتهم في هـذا المجـال معـروفة ومنـشـورة  . .

قضـية الإسـم

    ولابـدّ  من الاشارة الى نوعية الاسم "  بيت نهـرين  "  وهي عندي مسألة  مهمة جدا واختيار رائع من بيـن الاسماء  ،  رأيت فيها  دلالة على الوعي الكامل لمؤسسي هـذا الحزب ، بحيث تكون تسـمية حزبهم بعيدة عن كل ما يـدل على  شـؤون التسميات التي يمكن أن تعتبر ممزوجة  بين القومية والمذهبية  ،  وهو ما يثير عدم الرضا لدى  الكثيـرين من مثـل هـذه  التسميات الممزوجة  ، خصوصا اذا كانوا  لاينتمـون  الى قطاع احدى هـذه التسميات الممزوجة وانـما الى غيـرها  .

   أمـا تسمية "  بيت نهرين  "  التي تعني الارض الواقعة جغرافيا بين نهري دجلة والفـرات وهي بالنص التسـمية الدولية المتداولة  "  ميسـوبوتاميا " التي عاش فيها الشعب " الكلداني السرياني الآشوري " في كلها او قسـم منها منذ وجوده وحتى اليوم . .  فهي تسـمية شمولية واقعية تاريخية ،  ماضيا وراهنا لهذا الشعب ،  بعيدة عن أي علاقـة بالتسميات المازجة بين القومية والمذهبية ،  التي هي في كثير من الاحيان موضع خلافات وجدالات . .

   ولـذا فليس في مقـدور أحـد أن يثـير حـول تسمية "  بيت نهرين "  أو  "  بيـن النهرين "  خلافا او جدالا  ،  لانه لاتوجد فيها ثغرات يمكن الولوج منها لاثارة أي ذريعة أو حجـة أو ما يمكن أن يكون تهمة ما ، وهذا الاخـتيار السليم للتسمية وفّـر للحزب مجالين مهمـين ،  الاول : انها جعلت الحزب مـرتاحا من كل الصراعات ذات العـلاقة بالتسـميات  ، والمجال الثاني :  وفـرت له صفة الوساطة والتجميع والتحدث في شـأن كل ما يدخل في مصلحة شعبنا وتجميع كلمتـه ،  وهو ما حصل ولا يزال فعـلا .

  وفي هـذا المجـال . .  قـد يتـبادر إلى ذهـن البعض تسـاؤل ، وهـو سـؤال  شـرعي ، وأقصد بـأنه مـادمـت على هـذا القـرب والتـأييد مـن " حـزب بيت نهرين الديمقراطي " فلمـاذا لاأنتـمي إليه عضـوا عـاملا فيـه ؟ !

   وهـنا أؤكـد عـدم  وجـود أي عـارض أو مـانع لهـذا الإنتـماء مـن حيث المبـدأ أو الإجراءات الواقعية الأخـرى . . وإنـما السـبب الوحيـد هـو ماذكرتـه مـرارا في كتابات سـابقة لـي ولقاءات مواقـع معـي ، إذ أنـني منـذ نحـو أربعيـن عـاما آليـت على نفسي موقفـا راسـخا وثابتـا لاعـودة عنـه ، وذلـك لأسـباب خاصة وقناعات ذاتية وظروف كانت قائمة في ذلـك الوقت ، بـأن لاأنتـمي إلى عضوية أي حزب طوال حياتي ، مهـما كان نـوع الحزب وأهـدافه ومقاصـده .

    وكمـا كنت أكـدت أيضا في كتابات ولقاءات معي ، فـقد بقيت مصـرا على هـذا الموقف وملتـزما بـه حتى أثنـاء عملي في جريدة " الثورة " على رغم الإغراءات الكثيـرة التي قدمت لـي والمكاسـب المتنوعة التي كنت سـأحصل عليها في حـال انتـمائي إلى البعث ، كمـا حصل وارتقى إلى وظائف عالية كثيـرون بانتمائهم إلى البعث  على رغـم أنهم كانوا أدنى منـي درجة خلال العمل الوظيفي في جريدة " الثورة " وهـذا أحـد التأكيدات على قراري الثابت القطـعي الدائم مـن كل الأحزاب ، وطبعا باعتـباره عامـا شـاملا ، فإنـه يسـري أيضا على " حزب بيت نهرين الديمقراطي " 

التعـاون الإنتـخابي

       وسـاهم "  حزب بيت نهرين الديمقراطي "  عمليا بكل ماهـو ضروري منه لتأيـيد ودعـم اللوائح الانتخابية التي ضـمت الاحزاب والتنظيمات والشخصيات المنضـوية ضمن  "  لائحة عشـتار الانتخابية  "  لمجالس المحافظات  ، حيث حققت اللائحة ، نتيجـة هـذا التعـاون ،  حضورا مهما بفوزها في محافظتي الموصل وبغداد  ، وهي اللائحة التي سـيؤكد ممثلوها في مجالس المحافظتين بأنهم يمثـلون  الشعب "  الكلداني السرياني الآشوري "  بكاملـه  وخدمة حاجاته في مرحلته الراهنة التي تستوجب الاعتراف بوجوده الواقعي  الواضح المعالم وبأنه مكون اساسي من بين مكونات الشعب العراقي ،  له مثـلها جميعا الحقوق والواجبات نفسـها  .

   وبالمنسـبة ، فـأنا عادة لاأعـتبر الفـوز والخسـارة داخل مجال شـعبنا قضية مهمة من الناحية الإنتصارية ، لأنـني أحسـب شـعبنا بكامله كيانا واحدا فلا منتصـر فيـه  ولاخاسـر  من الناحية الواقعية ، فـأي فـوز يحقـقه قسـم منـه هـو فـوز لكل هـذا الشـعب مـادام الفـائز سـيعبر عـن حاجـات وتطلعات كل الشـعب " الكلداني السرياني الآشوري "  وليس المصلحة الذاتيـة الخاصة لجـزء منـه  . . ولهـذا  كائـنا مـن كان الفـائز ولائحتـه فـإنه  يقتـضي اعـتبـار  وجـوده   بـأنه يمثل الشـعب "  الكلداني السـرياني الآشـوري  "  كله  بعيـدا عـن أي حسـابات أخـرى . . وهكـذا الأمر بالنسبة لقوائم شـعبنا لانتخابات برلمان اقليم كردستان التي تجري في تمـوز المقبـل .

     أمـا أولئـك الذيـن ينظـرون إلى الأمـور بصـور  أخـرى ، فـأرى أن لهـم نظـرة قاصـرة ومجالات تفكيرية تـدور حـول مصالح حزبيـة خاصـة لاتعبـر في حقيقـتها عـن مصلحة شـعبنا الآنيـة وقضايـاه المسـتقـبلية ، وهـذا يعـني أن أمثـال هـؤلاء لايمكن أن يمثـلوا شـعبنا بكاملـه وعليـهم إعـادة النظر في مواقـفهم وحسـاباتهم ، وإلاّ  فـإن حركة شـعبنا الصاعـدة نـحو حقوقـه وتـوحيـد  كلمتـه وجمـع شـمله باتـجاه أمـوره المصيرية المشـتركة السـائرة  بسـرعة في مجـالاتها الصحيحة ،  سـتجعل أصحاب المصالح الذاتية والحزبيـة الخاصة في آخـر الرُكـب ويفـقدون حتى مصالحهم الخاصـة . .   


9
وجواب أخير هادئ للسيد فاروق يوسف خيا
ـــــــــــــــ
جميـل روفائيــل

    وأنـا أيضا أشـارك الأخ فاروق ، كما جاء في مقـدمة رسالته الهادئة جدا لي ، بأن جوابي سيبقى محصورا في إطار الثوابت المشتركة في الآراء المختلفة لتعـزيز وحدة  كل الأسماء المتداولة  من كلداني أو سـرياني أو آشوري أو سورايا أو  آرامي . . ألخ لشعبنا الواحد في كل جذوره وخصائصه  المندمجة عبر ثلاثة آلاف سـنة . . وعلى رغم أن الأخ فاروق لم يتبع السياق الزمني الضروري لمواضيعي فإنني سأجاريه في تسلسل رسالته من أجل الإنسجام بين فحوى الرسالة وجوابـها .

    نعـم ، أنا مقتنع بأن مصلحة شـعبنا تكمن في تجمعه في رقعة جغرافية واحدة وفي وضع خاص  من الحكم الذاتي الجغرافي والإداري . . وهذا لن يتحقق إلاّ  ضمن  أراضي اقليم كردستان ، بسبب وضع العراق الإداري هـذه الأيام . . ولو كتبت الموضوع قبل فصل دهوك عن لواء الموصل في سبعينيات القرن الماضي وتشكيل محافظة دهوك الذي أدى إلى تشتيت شعبنا بين محافظة نينوى واقليم كردستان ، لطالبت بتجميع شعبنا ضمن لواء الموصل ، ولكن هذا هو واقع الحال الراهن ، فإما بقاء شعبنا مشتـتا ، أو تجميعه في منطقة جغرافية واحدة ولا مجال لذلك غير اقليم كردستان . . شريطة ـ كما أكدت ـ أن يكون في وضع خاص من الحكم الذاتي الجغرافي والإداري ، أي من دون هيمنة أحـد عليه . .  الفقـرة ضمن موضوع ( لست ضد التزام الكلدانية قومية ولكن . . ) المنشور 13 / 5 / 2009

   بالنسبة ، لما أوردته أنت عن المنطقة الخاصة ، أولا ، أن مفهوم المنطقة الخاصة لايختلف جوهريا عن المنطقة والرقعة الجغرافية ، لأن المهم هـو ضمان حقوق شـعبنا ، وثانيا ، أن الفقرة التي تناولتها ـ أنت أخ فاروق ـ  وردت  في موضوع ( الأخوة في المنبر الديمقراطي الكلداني ) المنشور في الشهر العاشر عام 2004 بمناسبة انعقاد المؤتمر التأسيسي للمنبر في أميركا ، وثالثا ، ذكرت أنا المنطقة الخاصة لأنه هي كانت المتداولة أثناء كتابة الموضوع ولم يكن مفهوم الحكم الذاتي المتداول حاليا قـد ظهر بعـد ، والكاتب عادة يتحدث عن الواقع المتوافر له لأنه محال عليه أن يعرف ما سيطرأ في  المستقبل .

   وحول الفقرة التي أوردتها ـ أنت أخ فاروق ـ في شأن الفرض ( وتعني باللغة : أوجب ، ألزم ، ما يؤدي إلى أمر كنيجة ضرورية )  البعثي ليكتب المسيحي في الحقل القومي ( عربي ) والفرض الكردي الضمني ( وتعني باللغة : ما هو غير مذكور ومعبر عنه صراحة ، لكنه ثابت افتراضا ، يؤيد الشئ ضمنيا )  ليكتب المسيحي ( كردي ) ، الفقرة مأخوذة من موضوع منشور في 3 / 2 / 2005 بعنوان ( الإنتخابات العراقية . . لاديمقراطية ولا نزيهة . . والعون فرعون ) أي مضى على نشره أكثر من أربع سنوات ، وثـم ألا  يوجد فرق بين الفرض البعثي الواجب والفرض الكردي الضمني ؟ وأيضا أنت أخ فاروق ألا  تريد ضمنيا أن يكتب كل أهل تللسقف في الحقل القومي ( كلداني ) وأنا أريد أن يكتب كل أهلها اسما موحدا لشعبنا ، على رغم أنه من من المحال لك ولي أن يتحقق ما نريده ضمنيا .

   أمـا عن  فقرة المنطقة الجغرافية وتحديدها . . التي تناولتها ـ أنت أخ فاروق ـ  فإن هذه الفقرة من موضوع ( الأخوة في المنبر الديمقراطي الكلداني ) المشار اليه اعلاه والمنشور عام 2004 . . وثـم ما هو التناقض في الفقرة ، هل الدعوة الى المنطقة الجغرافية وتحديدها يتناقض مع أفكاري الأخرى ؟  أم أن قولي بأن مستقبل العراق يسوده الغموض ويدعو إلى التشاؤم أكثر من التفاؤل ، والثقة تتضاءل سواء بالعرب أو الأكراد المحيطين بشعبنا . . ، هل في هذا الكلام ما يتناقض مع أفكاري على رغم أنه يعود الى عام 2004 ؟ أؤكد لك أن ثـقتي الكاملة هي في شعبنا وحده دائما وأبدا ، واذا وجدت ـ أخ فاروق ـ في مكان ما من كتاباتي أسحب ثـقتي من شعبنا حينئذ أنا سأقول لك قبل أن تقول أنت أنه  حصل تناقض عندي ، ولكن اطمئن أن هذا لن يحصل أبـدا . .  أما عن ( . . اعتبار المسيحيين في المنطقة الكردية كردا . . ) التي نقلتها أنت بخط كبير ووضعت تحتها خطا لتنبيه القارئ إليها . .  فجوابها موجود أعلاه في قضية الفرض الضمني ،  علما أنها من موضوع تم نشره  عام 2004 بعنوان ( المنطقة الآمنة وسعيد شامايا وانطلاق موقع تللسقف  ) .

   وبالنسبة لفقـرة  ((  كـما أن ما لايقل عـن خمسين قرية مسيحية ( كلدانية آشورية سريانية ) في المنطقة الكردية لا تزال ( تـحتلها ) جماعـات كردية تسكن فيها وتستغـل أراضيها ، والجهات الحكومية الكردية تغـض الطرف أو عـلى الأرجح تماطل ، وهو أمر ترسخ تفسيره بأنه موقف غـير ودّي تجاه شعـبنا يدخل ( ضمن هدف أستيطان قرانا من قبل الكرد الى ما لا نهاية ، وجعـل أبناء شعـبنا لاحول لهم ولا قوة غـير الهجرة والتشتت في أنحاء الدنيا ، ومن ثـم الذوبان في شعـوب أخرى والفناء العـرقي المتوارث والقومي الأصيل  ) وترفض الجهات الكردية الحاكمة تحديد المنطقة الكلدانية الآشورية السريانية في أقليمها ،  بهدف أبقائها قرى متناثرة ( لا سبيل لها غير الأذعـان للقوي ) كما ترفض الجهات نفسها منح هذه القرى نوعـا من الصلاحيات الذاتية الخاصة من النواحي الأدارية والأجتماعـية والثقافيـة  )) التي أوردتها أنت أخ فاروق ، فهي في  موضوع ( المنطقة الآمنة وسعيد شامايا . . ) المنشور في  عام 2004   .

    سأوضح لك قضية هذه الفقرة ، إن ماهـو موجود فيها كنت قد سمعته من بعض الأطراف ، أي قائم على السـماع ، ولهذا عندما ذهبت للمرة الأولى إلى العراق في 2006 ، أردت التأكد من صحتها ، فقمت بجولة في عدد من قرى شعبنا في محافظة دهوك برفقة الأخ الفاضل روئيل داود جميل، القيادي في الاتحاد الديمقراطي الكلداني وأخي باسم ، فوجدت في ديره بون جماعة من الإيزيدية وعندما سألت عنهم  أوضح أهل ديره بون أنهم من أبناء الإيزيدية الذين كانوا فيها قبل هدمها من قبل نظام البعث المقيت ، وفي جانب من فيشخابور وجدت جماعة كردية أعتقـد أنها كانت من عشيرة الميراني في محافظة نينوى التي طاردها نظام البعث وقال لي أهل فيشخابور أنه بعد أن شـردهم البعث  نقل مجموعات عربية لتستوطن في فيشخابور وفي 1990 عندما انتهت سيطرة صدام على مناطق كردستان هرب العرب ولم يعـد أهل فيشخابور وبقيت القرية فارغة فجاء هؤلاء الأكراد وسكنوا وتوجد حاليا محاولات تفاهم لمغادرتهم ، ووجدت قرب قرية قره وله  أيضا مجموعة من الأكراد وسألت أهل قره وله فقالوا أنهم حلوا مكان العرب  الذين كان البعثيون قد اسكنوهم هنا لحراسة انابيب النفط الممتدة الى تركيا وبعد هروب العرب في 1990 جاء هؤلاء الأكراد وسكنوا مكانهم  إذ لم يكن أهل قره وله قد عادوا بعد إلى قريتهم ، وفي بيرسفي وجدت مجموعات كردية ساكنة قرب القرية وعندما سألت أهل القرية قالوا إنه عندما هدم البعثيون بيرسفي وقرى الأكراد حولها أنشأ البعثيون مجمعا سكنيا كبيرا أسكنوا فيه الذين تم تهديم قراهم فسكن الأكراد في المجمع بينما أهل بيرسفي لم يرغبوا وغادروا المنطقة ولم يبدأوا بالعودة إلاّ  في 2005  . . هذه حقيقة الأمر . . وعندما ذهبت الى العراق في 2008 قمت بجولة أخرى في المنطقة برفقة عدد من الأخوة في المجلس الشعبي وتبين لي أن قضية وجود هذه المجموعات الكردية وغيرها إما تـم حلها بتعويضهم من قبل حكومة اقليم كردستان واعادتهم الى أماكنهم أو اسكانهم في أماكن أخرى أو في طريقها إلى الحل ، علما أن البعثيين كانوا قد دمروا 183 قرية لشعبنا .

   وتقـول أخ فاروق ( ان هذه التناقضات في الاراء لا تخدم مصلحة ابناء شعبنا الكلداني والسرياني والاشوري الذين يؤمنون بالعيش المشترك والعلاقات المبنية على احترام الاخر مع اخوانهم العرب والكرد في ظل عراق ديمقراطي اتحادي موحد ... ) بالنسبة  لي لا أجد تناقضات وقد أوضحت ذلـك أعلاه ، أما بالنسبة لـك سـيد فاروق فأرى أنك وضعت أمامك قبل البدء في الموضوع ( تناقضات ومحاولات اثباتها ) ولهذا استخدمت الإنتـقائية وبما يناسب بحثـك عن التناقضات في اختيار المواضيع واقتباس الفقرات منها . . ولكي لا أدخل في سجال التناقضات معك ، أترك الأمر لحكم القـراء الكرام .

   بالنسبة لما ذكرته أنت عن الدكتور حكمت حكيم ، فهذا رأيك بـه وهي قضيتـك ولست في حاجة لإدخال الدكتور حكيم ( وهو لم يرد على ما كتبته عنه )  في قضية تخص رأيك القائم على التناقضات في مواضيعي ، مع قناعتي أنك لست ناطقا باسمه وهو شخص قانوني متمكن وليس بحاجة لتوكيل الآخرين للدفاع عنه ، فقد تطرقت أنا إلى الدكتور حكيم بعشرة أسطر فقط  نصفها مقتبس من موضوع منشور له أخيرا ، أما أنت فقد كتبت 28 سطرا عـنه ، علما بأنني أعرف الدكتور حكمت حكيم ويعرفني بشكل أفضل من المعرفة بينكما ، ويعرف جيدا أنني أختـلف معه في أمور منذ سنوات واتفق معه في أخرى وفي كل الأحوال فإن الإحترام متبادل بيننا ، فالإختلاف في الرأي ظاهرة صحية مقبولة مادام الإحترام متواصلا دائما . .

   وتقـول ((واذا ما راجعنا المبادئ الاساسية التي قام عليها موقع تللسقف .. (الذي أكن له كل الفخر والاعتزاز ) .....نقرأ في الفقرة الحادية عشر منه :  11 " ـ  وحفاظـا على نظافـة الموقع ونقائه ضمن أهدافه القوميـة الوحدويـة ....، فأنـه يرفض كل أشـكال المهاتـرات أو الأنتقـادات ذات الطبيعـة الشـخصية ، ولـن يسـمح بنشـر أي مادة فيـه تؤثـر على كرامـة أي شـخص  وأحـترامه  الأجتمـاعـي "...........(5)  ربما يحيد قليلا صاحب الدار في خضوعه للشرط اعلاه ... فما يكون المثل الشعبي المناسب لهذه الحالة ,,اعزائي القراء وانتم حكيمين بالامثال .... .  ))   . . أؤكد لـك  أن موقع تللسقف يحافظ دائما على نقائه ، وأن التطرق إلى آراء الأشخاص التي يعبرون عنها كتابة وموقفهم من الأمور العامة المتداولة ، ليس مهاترات وانتقادات ذات الطبيعة الشخصية إطلاقا ، وأرجو أن تعيد النظر في معرفتك بمعنى المهاترات والإنتقادات ذات الطبيعة الشخصية التي تؤثر على كرامة الشخص واحترامه الإجتماعي  لكي تقف على حقيقتها ، وقد أبديت أنت وجهة نظرك الخاصة بكتاباتي واعتبرتها تناقضات واعتبرها موقع تللسقف ضمن الإطار الخارج عن مجال المهاترات والانتقادات الشخصية ولا ضرر من موضوعك إطلاقا ، علما أن موقع تللسقف يطبق ضوابطه على أصحاب الدار مثـل غيرهم ، إن لم يكن أحيانا أشـد .

   بالنسبة للأستاذ سعيد شامايا ، بداية أنا واثق لو كان قد وقع البيان لكان رأي السيد فاروق مغايرا فيه ، ما يعني أن السيد فاروق رأيه قائم على موقف الآخرين من الجهة التي ينتمي إليها وليس له موقف راسخ وثابت من الأمور في كل الأحوال ، ورأيي بالنسبة لخلاف السيد سعيد مع زملائه في المنبر من الخارج هـو صائب إنطلاقا من المبدأ الذي أعتبـره صائبا  (( بأن أهلنا الصامدين في الداخل أدرى بشؤونهم ولهذا لايحق لأهلنا في الخارج التدخل في أمور شعبنا في الداخل . )) وهذا الموقف هو نفسه في الفقرات التي اقتبستها أنت من مواضيعي المنشورة عام 2004 وهي بحسب اقتباسك من موضوع (  رأي في المنبر الديمقراطي الكلداني ، المنطقة الآمنة وسعيد شامايا . . ) ولا حاجة لمزيد من التوضيح . . وهو الموقف الذي اتخذته أنا من كافة تنظيمات شعبنا في الخارج ومنها المؤتمر الآشوري والإتحاد الآشوري العالمي ( لاحظ  مواضيعي ) وغيرهما . . والموقف نفسه اتخذته أثناء الخلافات داخل المجلس القومي الكلداني حيث وقفت مع أعضائه في الداخل الذين لهم الحق في البت بأمور المجلس وعارضت محاولات أعضاء المجلس في الخارج بالهيمنة عليه .

    نعـم ، أنا لا أرتاح لاستخدام الأسماء المذهبية والقومية لشعبنا في المسميات السياسية ، من كل الأنواع والأشـكال لأنها مبعث تفرقة وتشتت ، ومنها الاسم الكلداني الذي أشرت أنت إليه ،  فـأنا مؤمن دائما بوحدة شـعبنا وأفضل أي اسم موحد له ، مثـل ( كلداني سرياني آشوري . . أو غيره ) انطلاقا من حرصي على وحدة شـعبنا وقناعتي بقضية اندماجه القومي ،  ولكن في حال عدم وجود الاسم الموحد فقد قلتها على رؤوس الأشهاد وأقولها دائما وفي كل المجالات ، فإن خياري هو ( آشوري ) لسبب واضح أنه بعد سقوط نينوى على أيدي التحالف الكلداني ـ الميـدي ، فإنه مباشرة  انسحبت الجيوش الكلدانية إلى مواضعها الأصلية في وسط العراق وجنوبه استنادا على تقسيم أملاك الدولة الآشورية بين الطرفين المتحالفين ، فكانت حصة الدولة الكلدانية من منطقة بغداد الحالية وجنوبها وغربا حتى فلسطين ، أما حصة الطرف الميدي فكانت من منطقة جنوب بغداد الحالية وشمالا ، أي أن مناطق شعبنا الحالية حول الموصل واقليم كردستان بقيت آشورية على وضعها تحت الحكم الميدي ، وأن الدولة الكلدانية واسمها وكل ما ينسب إليها لاعلاقة تاريخية له بمناطق شعبنا الحالية . . وهو موضح في كتاب ( كنوز المتحف العراقي ، للدكتور فرج بصمه جي ) ص 57 وص 58 . .  ولكن مع هذا لاخلاف لي مع القومية الكلدانية والثابتين على القناعة بها ، أسوة بعدم وجود لي خلاف بين المقـتنعين بالقوميات : السريانية وسورايا والآرامية والكردية والعربية والتركمانية . . ألـخ . . 

   والافت أن السيد فاروق ينقـلنا على كتاب صدر لي عام 1973  أي قبل 36 سنة بعنـوان ( أضواء على قرار منح الحقوق الثقافية للمواطنين الناطقين بالسريانية ) ويقتبس منه الفقرة التالية ((" وكون الاثوريين بقايا الدولة الاشورية او الارامية مسألة غير مستقرة بعد لعدم وجود وسائل علمية تجزم بذلك . والسبب هو تعدد الأقوام التي سكنت المنطقة وكثرة تداخلهم في ما بينهم وعدم تغطية التاريخ للأحقاب الزمنية القديمة تغطية كلية ودقيقة لذا ارى ان تسجيل التاريخ وفق مستمسكات قليلة وفي ضوء خافت عملية يتخللها الكثير من الحدس والتخمين "  )) ونقل عبارة (  وكون الاثوريين بقايا الدولة الاشورية او الارامية مسألة غير مستقرة  ) بالأحرف الكبيرة ووضع تحتها خطا لكي يلفت إليها نظر القارئ . . والغريب أنـه لم يكمل النص الموجود في الصفحتين 61 و 62 من الكتاب ، حيث لم يدون العبارات التالية التي تأتي بعد ( الحدس والتخمين ) مباشرة والتي تقول (( أما أنا فلا أنفي كون الآثوريين من بقايا الآشوريين لعدم وجود ما ينفي ذلك نفيا قاطعا ولا أجزم بأنهم هم لأنني أفتقر إلى الدلائل الثابتة والعلمية ـ أدور يوحنا : مجلة التراث الشعبي ، العددان الثاني والثالث ، تشرين الأول وتشرين الثاني 1970 ص 202 ، وكلمة الآثورية ليست دخيلة ـ على ما أعتقد ـ حيث استعملت في كثير من الكتب التاريخية بدلا من كلمة الآشورية ـ جميل ))   ويبدو لي أن السيد فاروق لايميز بين كلمتي الآثورية ( وهي على الأرجح راهنا ذات مدلول مذهبي ديني مثل الكنيسة الكلدانية ) والآشورية ذات المدلول القومي ، وأيضا أنا لـم أؤيد أو أنف أنهم بقايـا الدولة الآشورية حيث أوضحت ذلـك في العبارات التي حذفها الأخ فاروق من اقتباسه ( المقصود حتى عام 1973 ) ، وهذا يدل على حرصي على الجزم بالأمور التأريخية بعد التأكد من توافر وثائق ومدونات قديمة أصلية . . لأن البحث التاريخي ليس لعبة ورغبات . 

    وأيضا ـ لعلم القارئ الكريم ـ أن القسم الذي اقتبس منه السيد فاروق مكتوب في بدايتـه ( نصوص من المحاضرة التي ألقيتها في النادي الثقافي الآثوري بتاريخ 16 / 5 / 1971 مع بعض الإضافات والحذف ، اقتضتها التطورات التي طرأت على الموضوع بعد القرار التاريخي الخالد الذي منح الحقوق الثقافية للمواطنين الناطقين باللغة السريانية وإضافات أخرى نتجت عن مطالعاتي بعد القاء المحاضرة ، فوجدت من المفيد اضافتها ليكون الموضوع أكثر دقة وكمالا مع محاولة المحافظة على أصل المحاضرة بقدر الإمكان ، آملا أن يكون فيها ما يوضح للقارئ الكريم الدور الذي لعبته اللغة السريانية بالتعاون مع شقيقتها العربية في خدمة الحضارة الإنسانية وتقدمها ـ جميل روفائيل ـ اسم هذا القسم ـ الذي اقتبس منه السيد فاروق ـ دور اللغة الآرامية ـ السريانية ـ في الحضارة الإنسانية ) وهو يدور حول لغتنا السريانية وتأثيرها في الحضارات المختلفة ،  وللعلم أنه في وقت صدور هذا الكتاب كان حديث شعبنا عن الأمور القومية ممنوعا ، فأنا أعرف ثلاثة أشخاص تـمّ  إعدامهم لأنهم كانوا يروجون لقضايا شعبنا القومية وأعرف فتاة استدعاها الأمن وحقق معها وهددها بأقسى العواقب لأنها وقعت في زلة لسان خلال إلقائها كلمة في نادي أور ببغداد فبدلا من أن تقول آثورية قالت آشورية ، وكنّـا في حينه نعتبر القرارات التي صدرت عن مجلس قيادة الثورة بتدريس اللغة السريانية وتأسيس قسم في كلية الآداب للغة السريانية وتأسيس مجمع اللغة السريانية والإعتراف بالعطلات الرسمية للمسيحيين وإعادة تخطيط الحدود الإدارية والعفـو عن القائمين بحركة 1933 ، قرارات جيدة جدا أما تراجع السلطة البعثية عن هذه القرارات  فهو عار على السلطة نفسها وقد كتبت موضوعا عن هذا التراجع وصدام لايزال في السلطة ونشرته في صحيفة الحياة التي أعمل فيها وقد أقوم بإعادة نشره في المواقع قريبا للفائدة .

   وأخيرا ، تقول أخ فاروق : (((   وفي الختام أتمنى ومن كل قلبي لكاتبنا القدير أن يسير على النهج الذي اتخذه لنفسه في قوله : " هـذا هـو الأسـلوب الصائب ، وخصوصا انا شـخصيا أسـعى إلى مواصلة نهجـي الذي أرغبـه وهـو ( مسك العصا من المنتصف بما يحقق توازنها ). .  واطلب من كاتبنا القدير أن يستمحيني عذرا لإبداء رأيي ولا أقول نصيحتي ( وللعمر وقارا ) والذي هو:  إذا ما اختل توازن العصا ..فلم يبقى بالعمر  من السنين الكافيات , لإعادة الموازنات. ))) وجوابي : شكرا لتمنياتك لي ، أما المقصود بمسك العصا من منتصفها فهو بخصوص علاقات الإحترام التي أكنها لكل تنظيمات شعبنا وعدم انتمائي الكامل لأي منها ، وهو واضح من إدراجها في الموضوع الذي أخذها منه السيد فاروق  ، أما قضية العمر ( والأعمار بيـد اللـه )  فيصبح وقارا عندما يُـحسن صاحب هذا العمر التصرف ولا فرق في ذلك بين كبير العمر  وصغيره فالمهم هو حسن التصرف ، واختلال التوازن في العصا لم يحدث من جانبي وإن حاول البعض لغايات في أنفسهم إظهارها مختلة ، والتوازنات قائمة عندي ويلاحظها كل  من ينظر إليها بعينينه الاثنتـين . . ومع أسمى تقديري واحترامي للأخ فاروق على رسالته بكل ما فيها مادامت تمثـل الرأي الذي تراءى لـه .



10
وجـواب هادئ توضيحي للسيدين فاروق يوسف خيا وطلال يلدو ( 1 )
ــــــــــــــــ
جميـل روفائيـل

   نشـر السيد فاروق يوسف خيا موضوعا في موقع عنكاوا العزيز ، بعنوان " رسالة هادئة جدا . . إلى السيد جميل روفائيل ، وأكتب هذا الجواب لـه منهيا الموضوع من جانبي ومن دون جواب آخر مني حتى لو كتب رسالة أخرى لأنني لاأرغب في السـجال ، لأن خير الكلام مـا قـلّ ودل . . وأشكر الكاتب العزيز على أمرين : الأول ، اعترافه بأنني كاتب قدير ، والثاني ، على ما كلفته الرسالة الكثير من الوقت والعناء في البحث والقراءة في معظم ما نشرته على مدى السنوات السبع الماضية . . كما جاء في بداية رسالتـه .

    ولكـن أيضا عليّ  أن أذكره في جوابي بأمرين : الأول ، أنـه لـم يدون تاريخ المواضيع التي اقتبس منها ليكون القارئ العزيز على علم بالفترة الزمنية التي تـمّ  نشر الموضوع فيها  وهو مدون في مجال في حقلي بموقع تللسقف خارج مجال مطالعة القراء ، الذي يبدو أنه لم يتمكن من الوصول إليه وكان في إمكانه أن يطلبه مني مباشرة أو من إدارة موقع تللسقف خصوصا أن الأخ فاروق من تللسقف ويعرفني جيدا كما أنه يعرف المشرف على الموقع في تللسقف . .

    والسبب في أهمية الإشارة إلى تاريخ النشر ، أن كتابة  أي موضوع ترتبط ، أولا ، بالثوابت التي يؤمن بها الكاتب وبالنسبة لـي هي الإسم الموحد لشعبنا ، وثانيا ضمان حقوقه كاملة ، وثالثا أن يكون في منطقة جغرافية واحدة تعزز وحدته ووجوده وبحيث تكون منطقة حكم خاص يشكل شعبنا الغالبية السكانية فيها بعد تبلور فكرتها والسبيل الأسلم لها حيث لم يتطرق الأخ فاروق إلى أي من المواضيع التي كتبتها بخصوصها والمدون قسم منها من قبلي أدناه ، ورابعا عدم تدخل رجال الدين من كافة مذاهب شعبنا وطوائفه وأماكن وجودهم في أمور خارجة عن مهماتهم الدينية من النوع الذي لايجمع عليه كل أتباع مذهبهم ويتعارض مع شؤون المذاهب الأخرى  لأن  مثل هذا التصرف يؤدي إلى تشتت أتباعهم وتباعد قسم من أتباعهم عنهم وهو ليس في مصلحتهم ومصلحة مهماتهم الدينية الموحدة ، وخامسا ، ان أهلنا الصامدين في الداخل أدرى بشؤونهم ولهذا لايحق لأهلنا في الخارج التدخل في أمور شعبنا في الداخل .


    أمـا الأمر الثاني ، فإن السيد فاروق استخدم نوعا من الإنتقائية في اختياره لقسم من مواضيعي ، إذ أهـمل المواضيع التي تشكل تكملة وتوضيحا لاحقا للمقالات التي اختار منها . . وسأدون في مكان آخر أسماء المواضيع التي اقتبس منها وقسما من من المواضيع التي تجنبـها .

   وبالنسبة لما ذكرته  عـن أهمية ارتباط أي موضوع بالفترة الزمنية التي تم ّ نشره فيها ، فإن هذه الأهمية تأتي لأن الكاتب لايمكنه الحصول أو معرفة أكثر من المتوفر له في فترة كتابة الموضوع ، إضافة إلى الإطار الذي هو مسموح به من الأنظمة في البلد الذي يكتب فيه ، وهنا المقصود بالنسبة لي العراق  في الغالب  . . وفي شأن المتوفر للكاتب في فترة كتابته للموضوع وأحداث التغيير الضروري بناء على ما يُـستجد في مجال الموضوع . . يعطي الباحث التاريخي العراقي الشهير طـه باقـر درسا بليغا حين يذكر ذلـك  في كتابه ( مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة ، الوجيز في تاريخ حضارة وادي الرافدين ، المطبوع في بغداد عام 1973 ) . . وأنا شخصيا يسعدني أنني تعرفت على المرحوم طه باقر وتعلمت منه الكثير خلال مؤتمرات المؤسسة العامة للآثار والتراث في بغداد التي كان يحضرها على رغم تـقاعده وتقدمه في العمر ، إذ كان متعلقا بهذه المؤسسة التي كان مديرا عاما لها بين عامي 1959 و 1963 إضافة إلى أنه كان أفضل قراء زمانه في الكتابات المسمارية للغات العراقية القديمة وترجمتها ، فقد اختص بها خلال دراسته في أميركا في أربعينيات القرن الماضي . . كما يسعدني أنني تعلمت الكثير من مسؤولي المؤسسة العامة للتراث والآثار حيث كنت مسؤولا عن متابعتها خلال عملي في جريدة الثورة ، ومن هؤلاء المسؤولين : المرحوم فؤاد سفر ، والدكتور بهنام أبو الصوف الذي كان مديرا لقسم التنقيبات الآثارية وأرافقه في جولاته إلى المواقع الأثرية ، والسيد علي مهدي الذي كان مشرفا ميدانيا على احياء مدينة بابل الأثرية وكان يوضح لي الكثير من أمور هذه المدينة العراقية القديمة الخالدة بشهرتها وأهميتها  .

    يقـول الأستاذ طـه باقـر في كتابه المشار إليه أعلاه :  (  مضى  على كتابي الموسوم " مقدمة في تأريخ الحضارات القديمة "  ـ الطبعة الأولى 1951 والثانية المنـقحة 1955 ـ نحو ثماني عشرة سنة ،  وهي  فتـرة طويلـة  بالنسـبة الى مـااستجد من اكتشـافات آثارية ومـا استـتبع ذلـك مـن بحـوث ودراسات جديدة في حضارة وادي الرافدين أضافت الكثير من الآراء والإستـنتاجات الأساسية عن تـأريخ هذه الحضارة الذي مـازال يكتـنفه الكثير من القضايا والمسائل التي يستـلزم حلـها متابعة التـنقيبات والتحريات الآثارية والدرس والبحث ، وأن مـاأسفرت عنـه الدراسات والبحوث في غضون هـذه الفتـرة استـوجب إعـادة النظر في كثير مـن المواضيع والأوجه عـن تـأريخ هـذه الحضارة ، وكنت أواكب مـايستجد مـن استـنتاجات وتغيـيرات في الموضوع ، فتجمعت لـديّ  مـادة جديدة وغزيرة حتمت عليّ  أن أعيـد كتابة  مؤلَّـفي السالف الذكر في كتاب جديد ضمنته كـل مـااستجد من دراسات وبحوث . .  وأن كتابي هـذا  ثمرة اشتـغالي في حقل الآثـار والتأريخ ، تنـقيبا وبحثـا وتدريسا ونشرا طوال أكثر من ربع قرن مـن الزمـان  . . .  "  . 

     أليـس هـذا مأثـرة وعظـة لمـن يكتـب بموضوعية  :  طـه  بـاقر ، المـؤرخ الثـقة والضليـع في قـراءة اللغـات القديمـة ، يلغـي كتابـا لـه  لأنـه  مـرّ  على تـأليفه 18  عـاما ، ويكـتب مـواده  مـن جديـد ، في حيـن يعتـمد البعـض من كتابنا  على الخلط بين ماهـو مكتوب في كل زمـان ومكـان بحسب ما يلائـمهم  . . 

    أسـماء المواضيع التي اقتبس منها السيد فاروق وتواريخ نشرها  :
ـ 1 ـ الأخوة في المنبر الديمقراطي الكلداني ، منشور في الشهر العاشر 2004 عند انعقاد المؤتمر التأسيسي للمنبر في مشيغـان بأميركا ، وتوجيه الدعوة لي لحضوره ولكن لم أحضر لأسباب خاصة .
ـ 2 ـ رأي في المنبر الديمقراطي الكلداني ، منشور في 2004 في ضوء مؤتمره التأسيسي
ـ 3 ـ الإندماج القومي الكلداني السرياني الآشوري ، في رسالة للمنبر أثناء مؤتمره 2004
ـ 4 ـ المنطقة الآمنة وسعيد شامايا وانطلاق موقع تللسقف ، أثناء حضور السيد سعيد المؤتمرالتأسيسي 2004
ـ 5 ـ  الإنتخابات العراقية . . لاديمقراطية ولا نزيهة . . والعون فرعون ، منشـور فـي 3 / 2 / 2005
ـ 6 ـ وأخيرا يونادم : من فمك أدينك ، منشور في 22 / 9 / 2008
ـ 7 ـ بمـن نثـق هذه أعمالكم ، منشور في 24 / 10 / 2008
ـ 8 ـ نحن آشوريون ( كلدان سريان آشوريون ) منشور في 12 / 6 / 2008
ـ 9 ـ تحول سياسي لبيان أساقفة الكلدان ، منشور في 7 / 5 / 2009
ـ 9 ـ لست ضد التـزام القومية الكلدانية ولكن . . ، منشور في 13 / 5 / 2009
ـــــــــ
أسـماء قسـم من المواضيع التي تجنب السيد فاروق الإقتباس منها وتواريخ نشرها  :
ـ 1 ـ الإندماج القومي ( الكلداني السرياني الآشوري ) في رسالة إلى المنبر الديمقراطي الكلداني بمناسبة مؤتمره التأسيسي المنعقد في مشيغان في الشهر العاشر 2004
ـ 2 ـ قراءة في معاناة الواقع القومي لشعبنا ، منشور في 27 / 5 / 2005
ـ 3 ـ شعبنا . . الإعلام والفضائيات ورجال الدين ، منشور في 16 / 6 / 2005
ـ 4 ـ وحدة شعبنا وأخطار التشتت والتمزق ، منشور في 5 / 9 / 2005
ـ 5 ـ الأسس التأريخية والإجتماعية لوحدتنا القومية ، منشور في 18 / 12 / 2006
ـ 6 ـ رأي في مؤتمرات الخارج ووفودها إلى الداخل ، منشور 11 / 1 / 2007
ـ 7 ـ دعوا الصامدين في الداخل وشؤونهم ، منشور 21 / 2 / 2007
ـ 8 ـ ترسيخ الوحدة القومية يستوجب مراعاة الواقع ، منشور 7 / 5 / 2007
ـ 9 ـ شعبنا ما للداخل للداخل وما للخارج للخارج ، منشور 19 / 9 / 2007
ـ 10 ـ أنا مع تجميع شعبنا وضد تقسيم العراق ، منشور 24 / 10 / 2007
ـ 11 ـ الحكم الذاتي وكردستان وفضول الإتحاد الآشوري ، 15 / 5 / 2008
ـ 12 ـ الحكم الذاتي كما فهمته من سركيس أغاجان ، منشور 2 / 9 / 2008
ــــــــــــــــ
  ولأجل عـدم إطالة الموضوع على القارئ الكريم  وجعله مرهـقا ، فإنني سأجعله بقسـمين ، يكون الثاني كله مخصصا لجواب فقرات المواضيع التي تناولتها رسالة الأخ فاروق يوسف خيا ، أما ما تبقى من القسم الأول هـذا فسيحتوي إيضاحا مختصرا للسيد طلال يلدو المنشور في موقع عنكاوا العزيز بعنوان ( رد على مقال الاستاذ جميل روفائيل تحول سياسي لبيان الأساقفة الكلدان ) . . وأوضح للأخ طلال  :

   ( أنا لا أقول أبدا أن الكلدان لايتجاوز عمرهم الخمسمائة سنة لأنه خطأ تاريخي لا أرتكبه ، وإنما أقول أن المذهب الكلداني المنتشر حاليا لايتجاوز عمره الخمسمائة سنة وهو من اختيار روما وبدأ في قبرص ، ومن خلاله ظهر الإسـتعمال الراهن لتسمية الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية ، وشتان بين المذهب الديني والقومية ) ، وأنا موضوعي هو عن تحول سياسي لبيان الأساقفة الكلدان ، وهو منسجم مع موقفي الدائم في الإعراب عن معارضتي لتدخل رجال الدين لكافة مذاهب شعبنا في الأمور الخارجة عن مهماتهم الدينية والتي لا تلقى إجماعا من اتباعهم ومن المذاهب الأخرى ، لأنها تؤدي إلى التشتت وانحيازهم هم أنفسهم إلى فريق واحد من أتباعهم وهذا يضر بمنزلتهم التي ينبغي أن تكون جامعة شاملة تجاه أتباعهم والمذاهب المسـيحية الأخـرى ، وواضح من عبارة لكافة مذاهب شعبنا أن المقصود هـو : الآثوريين ( الكنيسة الشرقية ) والكلدان والسريان وغيرهم على حـد سـواء .

   نعـم ، توجد مجموعة من التيارية وغيرهم في تلكيف حاليا وغالبيتهم من أهل قرية بدرية الذين طردهم نظام البعث المقيت من ديارهم وأسكن العرب مكانهم ، ولكنهم قاموا  بشراء بيوت أهل تلكيف نقدا ، واللوم الذي وجهته للأخوة أهل تلكيف واضح وهو في أربعة  أمور : الأول ، إخلاء تلكيف من أهلها الأصليين الذين تعاقبوا السكنى فيها منذ آلاف السنين والذين كانوا يمتلكون موقع الصدارة بالنسبة لمسيحيي العراق ففقدوا منزلتهم العراقية السامية المتميزة وأصبجوا مهاجرين مشتتين في ديار الغربة . . والأمر الثاني ، مساهمة قسم من رجال الدين من أهل تلكيف الذين هم في الخارج من خلال نفوذهم الديني في هذه الهجرة الجماعية . . والأمر الثالث ، أن غالبية أهل تلكيف باعوا أملاكهم إلى غير المسيحيين من أجل الحصول على أكبر ثمن لأملاكهم وبذلك جعلوا اليوم أكثر من نصف تلكيف مملوكة منازلها وأملاكها لغير المسيحيين وهذا أدى إلى فقدان تلكيف لمنزلتها المسيحية المتوارثـة . . والأمر الرابع ، لم أذكر أو أقصد أبدا أن يعطي الإنسان كل ما يملك لشخص من دون مقابل فهذا مستحيل وإنما قصدت أنه كان يجب تفضيل المسيحي على غيره وإن كان ما يمكن أن يدفعه من سعـر أقل أي أن لا يضع البائع بيته وأملاكه بالمزايدة ليستولي عليها الطامعون .

   وتقول أخ طلال "  إذا كنت تبكي ولكن لسبب آخر هو استياء من وظفوك واشتروا قلمك بأبخس الأثمان من ما يحصل من فشل مخططاتهم في احتواء الكلدان وأنت من المجندين لهذا العمل . . "  وتوضيحي لك أن هذا اقحام اتهام لاعلاقة له بما كتبته  لأنني لم أبـك في موضوعي على شئ وإنما أبديت رأيي وهو حقي  . . وأؤكد لك وعلى رؤوس الأشهاد ، أولا : أنا دائما في كل ما أكتبه أعبر عن فكري ورأيي وتجاربي وأبحاثي الشخصية . . وبالتأكيد أنا مدرك لحقيقة أن رضى كل الناس غاية لا تُـدرك ، فهناك من يرتاح وهناك من يستاء ، وهذا مبدأ ثابت أعرفه جيدا من دون أن يؤثر على النهج الذي سلكـته واعتبـره قـويما وسليما لسبيلي الحياتي والكتابي ( وللّـه في خلقه شؤون وشجون ) ولتجنب الإلتباس فإن المقصود بهذا القول الحكيم هو كل الناس من دون استثناء للإختلافات القائمة بينهم طبيعيا ، وثانيا أقول لك بجلاء : أن ما أوردته ضدي هو اتهام ، وفي إطار دفاعي عن نفسي أرجو أن تأتيني بدليل واضح وثابت بعيدا عن الإتهام المجرد المزور ، أنه في كل حياتي هناك   من استطاع  أن يشتري قلمي بثمن باهض أو بخس أو أي ثمن آخر ، سواء في عملي الصحافي في الفضائيات والصحف والكتابة في المواقع وعلاقاتي الإجتماعية ، وأؤكد أنني أتحداك وأعطيك الحرية الكاملة وإلاّ  فإن اتهامك لي عار من الصحة ومردود عليك بالكامل .

   وأخيرا ، تقول "  أنه طلب منا أن لانرد على مقلاتك حتى لانعطيها وزنا . . "  هذا الكلام مناف للحقيقة ، فإن مقالاتي والحمد للـه  لها وزنها وقراؤها ويتم نشرها في أحد عشر موقعا وبينها موقع عنكاوا العزيز الذي تدل أرقام عدد القراء فيه لمقالاتي أنها من بين مقالات الكتّـاب الأكثر قراءة . . وأشك في أنك لاتعلم هذه الحقيقة ولكنك تتعمد تجاهلها وهذا الأمر يخصك أنت ، إذ أن الذين قرأؤا مقالي الذي تناولته أنت في موقع عنكاوا وحده بلغ عدد قرائه ( 951 )  ومقال ( لست ضد التزام الكلدانية قومية ولكن . . ) بلغ في موقع عنكاوا ( 845 ) وبإمكانك جعل الرقم 900 قارئ فقط 9 أو 90 بحسب رغبتك ولايهمني ذلك لأن عدد قراء مقالاتي مثبت في موقع عنكاوا لاتستطيع تغييره ، أما عدد الذين قرأوا مقالـك الموجه لي فإنهم بلغوا 180 قارئـا .

     
 


11
لسـت ضـد التـزام الكلدانية قومية ولكـن . .
ـــــــــــــــــــ
جميـل روفائيــل

    يتـوهم مـن يتصور أنني ضـد القوميـة الكلدانية أو التـزامها مـن قبـل مـن يرغب بذلـك والدفاع بموضوعية عـن موقفـه ، فهـذا رأيه وحقـه محتـرم ومصان بالنسـبة لـي  كمؤمن بحرية  الرأي والمعتـقد ، وهـذا موقفي في كل كتاباتي واتـحدى مـن يجـد في كتاباتي غيـر ذلـك ، وفي المجال نفسـه أحترم مـن يرى أن قوميتـه آشـورية أو سـريانية أو كردية أو عربية أو تركمانيـة . . على رغـم أن لـي آراء مسـتندة على الحقائق التأريخية التي توصلت إليها وأشـرت إلى قسـم منها في كتاباتـي ، والتي قادتـني إلى القناعـة بـأن التسـمية ( كلداني سـرياني آشـوري ) تلائم الإندماج القومي المتوارث لهـذه المسميات وتوفـر الوحدة وتضمن الحقوق وتصون المستقبـل .

    والواقـع ، أنـا لاتهمني كتابات المواقع التي تبتـعد عن المناقشـة الموضوعية والتـبادل البناء للرأي ، وتلجـأ إلى التهجم والإتهامات الجوفاء ، في الوقت الذي اقـرأ بنهـم مع فائق الإحترام كتابات الأخوة حبيب تومي وسمير اسطيفو شـبلا ونـزار ملاخـا وغيرها من التي تمثـل التعبير عـن الرأي واللجوء إلى المصادر ، على رغـم اختلافي مع الكثير مـما تتضمنه ، فـأنا كما ذكرت لاخلاف لـي مع القومية الكلدانية والثابتـين على القناعة بهـا بعيدا عـن التـذبذب واللعب على حبـال عـدة  معـها ،  وكثيرا مـا عبـرت عـن رأيي الخاص مع الأخوة الملتـزمين بالقومية الكلدانية في تللسـقف وغيرهم ـ  وغالبيتهم أعتـز بقرابتي العائلية معهم ـ فأسـتمع  إلى قناعاتهم واحتـرمها ، وتسـتمر علاقتـنا وثيقـة ، فالإختلاف في الرأي ظاهرة صحية إذا عـرف المختلفون الأسلوب الصائب في التفاهم والإحتـرام المتبادل . 

    لكـن ، رأيي بصورة عامة ، أولا ، إنني واثـق من الإندماج القـومي الكلداني السرياني ( الآرامي ) الآشـوري ومن الصعب الفصل بين الإنتماءات الثلاثة قوميا بالنسبة لشـعبنا المتحد تأريخيا ولغـويا وثـقافيا واجتماعيا  وعادات وتقاليد ومشـاعر ووجودا جغرافيا . . ألخ ، وأن الفصل الوحيد الممكن بينها هـو بحسب المذاهب الدينية التي لاعلاقة لهـا بالقومية ، ولهـذا فمـا دام العـزل القومي صعبا فمن الأفضل جمع الأسماء الثلاثة موحدة لكي تنسـجم مع الحقائق الجلية لهذا الشعب في وحدته ودفاعه الموحد عن مصالحه الآنية وشؤونه المستقبلية ، وثانيا ، أما بالنسبة للقومية العربية فعلى رغم أنها من الجنس الذي يطلق عليه السـامي أسوة بشـعبنا ولكن لايوجد رابط تأريخي بين الإثنين خصوصا أن الأجناس البشرية عموما متكونة من شـعوب متباينة ، وثالثـا ، بالنسبة للأخوة الكرد فإنه لاتوجد رابطة قومية  لشـعبنا معهم لأنهم من الشعوب الهندو ـ أوروبية مثل الفرس والأفغان بينما شـعبنا ينتمي إلى جماعة الشـعوب السامية ، ورابعـا ، بالنسبة للتـرك ( الأتراك ) فهم بالأصل قبائل من آسيا الوسطى كالأذربيجانيين ولذا فلا علاقة  انتمائية أو مناطقية لهم بشـعبنا .

   وأوضح  قناعتي ، بأن الأفضل لشـعبنا ،  أن يجتمع شـمله ضمن اقليم كردستان ، بدلا  من أن يكون مشـتـتا ، قسـم منه في محافظة نينوى والقسم الآخر في اقليم كردستان ، ولمـا كان الأسهل ضم مناطقنا ( سـهل نينوى  )  إلى اقليم كردستان لكونها في رقعة جغرافية واحدة ، بينما مناطق شـعبنا في اقليم كردستان مبعثـرة ومن المستحيل جمعها وفصلها من أجل ضمها إلى محافظة نينوى ،  ولذا فإن مصلحة شـعبنا في جمع شـمله تكمن في وجوده كاملا ضمن اقليم كردستان وفي وضع خاص من الحكم الذاتي الجغرافي والإداري .

   وأيضا ، فـأنا دائما ضـد تدخل كنيستنا الكلدانية أو أي كنيسة أخرى لشـعبنا ( الكلداني السرياني الآشوري ) في الأمور السياسية والقضايا الخلافيـة ، كما هي قضية الإنتماء القومي ،  لأن الكنيسة موحدة لكل المؤمنين بها ، وان اصطفافها مع فريق سياسي أو قومي منهم ، يفقدها صفة الموحدة ، ومن هذا المنطلق عارضت بيان اجتماع أساقفة الكنيسة الكلدانية المنحاز إلى الفريق الداعي إلى القومية الكلدانية ، متجاهلا سائر المعتـقدات القومية للآخرين من المنـتمين إلى المذهب الكاثوليكي الكلداني .

    وأنـا ضد كل تدخل من شـعبنا في الخارج في أمور شـعبنا  داخل الوطن العراقي ، لأن ظروف الطرفين متـباينة ، كمـا أن شـعبنا في الخارج ستـفقد أجياله المقبلة علاقتها بوطن آبائها وأجدادها ، بينما شعبنا في الداخل مرتبط مصيره ومستقبله بحياته وحقـوقه وظروفه المتنوعة وتكاتفه داخل الوطن وهـو يعرف مصلحته أكثر بكثير مما يمكن أن يعرفها البعيدون عن الوطن . . يمكن لأهلنا في الخارج ابداء آرائهم من خلال الكتابات في المواقع ولكن مـن دون تدخل مباشـر في شـؤون الصامدين في أرض الآباء والأجداد .

    وإزاء هـذا فـأنا ضد وجود أحزاب وتنظيمات سياسية لشعبنا البعيد عن الوطن من النوع الذي يسعى لتشكيل فروع له داخل الوطن وفرض هيمنته وكلمته ، لأن ذلـك يربك شـعبنا في الداخل ويجعل كلمته خارج إرادته ، وما حصل من تأثير للقادمين من الخارج ، رجال دين وغيرهم ، على قرارات المؤتمر الثاني للمجلس القومي الكلداني ، وكذلك الموقف الصائب والشجاع الذي اتخذه السيد سعيد شامايا ورفاقه في المنبر ، في التصدي لمحاولات تسيير المنبر في الوطن والإدعاء بتجريد السيد شامايا من حقوقه ، بشكل يتجاوز ويلغي  مقررات المؤتمر التأسيسي للمنبر نفسه ، كما جاء في توضيح لجنته التنفيذية في الوطن ، دليل على خطورة تدخل أهل الخارج في شؤون شعبنا في الداخل ، وكأن الجالسين في مشيغان أوصياء بأموالهم على رفاقهم في الداخل ومعاقبتهم إذا خالفوا أوامـرهم .

   والحقيقـة ، بحسب فهمي لبيان الهيئة العليا للتنظيمات الكلدانية ، ومع احترامنا لموقعيه وعدم اعتراضنا لأي تجمع مفيد للقوى الكلدانية ، أن تسمية البيان بالهيئة العليا لاينسج مع واقعه ، لأن " جمعية الثقافة الكلدانية "  التي مركزها الرئيسي في عنكاوا لم توقعـه ، كما أن هيئة المنبر الديمقراطي الكلداني في الوطن رفضته وهـو بذلـك لايمكن أن يمثل كل التنظيمات الكلدانية في الوطن خلافا لعنوانه ، لأن البيان لايتضمن واقعيا غير توقيع السيد أبلحد أفرام ( أمين عام حزب الإتحاد الديمقراطي الكلداني ) المعروف بثبات موقفه من القومية الكلدانية ، بينما السيد ضياء بطرس ( السكرتير العام للمجلس القومي الكلداني ) غير واضح في نهجه فمرة مع الاسم الموحد وأخرى مع القومية الكلدانية ، في حين أن توقيع الدكتور نوري منصور ( سكرتير المنبر الديمقراطي الكلداني في الخارج ) غير شرعي لأنه خارج الوطن والبيان مرفوض من هيئة المنبر في الوطـن .

    وأمـا توقيع الدكتور حكمت حكيم الذي يذكر أنه (  شخصية وطنية كلدانية مستـقلة ) أي لايمثل غير نفسه كشخصية ولذا لاعلاقة له بالبيان غير الحشـر لأنه يتناقض مع عنوان البيان الذي يشير أنه للتنظيمات الكلدانية وهو شـخص وليس تنظيما ، علما أن كثرة تذبذب مواقفه تدعو إلى العجب العجاب ، فهو مع الاسم الموحد لأنه أيّـده  في المؤتمر الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ( الأول ) الذي هو أحد أعضائه ومن الهيئة التي أعدت البيان الختامي للمؤتمر الشعبي الذي أقّـر التسمية الموحدة ( كلداني سرياني آشوري ) وهو حاليا يقبض راتبا ويسكن منزلا على حساب المجلس الشعبي وهو بذلك موظف لدى المجلس ينبغي أدبيا أن يكون في إطار توجيهاته . . وهو مع التسمية القومية  الكلدانية ودعواتها الدينية والحزبية بما يتناقض مع مهماته في المجلس الشعبي ، التي ينبغي أن يتخلى عنها وعن عطاءاتها إذا اتخذ  موقفا مخالفا لهـا . . وهكذا جعلنا نحتار بين أحبائه الأول ومنزله وحبـيبه الأخير ومنزله ومـن بينهم وحبهم ومنازلهم . . وما علينا إلاّ  التشبث بالقول : عيش وشوف .

   ولهـذا نـرى ، أن بيان ما تسـمى بالهيئة العليا للتنظيمات الكلدانية هـو تشـتيت لهـذه التنظيمات ، كمـا كان بيان الأساقفة الكلدان تشـتيت لوحدة المنتمين إلى المذهب  الكلداني ، ولانـدري مـاهي الغايـة مـن هـذا التشـتيت ، سـواء بالنسبة لقسم من التنظيمات الكلدانية أو زعامة الكنيسة الكلدانية ، وإن تطرق إلى سـمعنا أن بيان الكنيسة لايعبـر عـن رأي كل السادة المطارنة ، فبينهم من تحفظ عليه ومنهم مـن آثـر السـكوت إتـقـاء لإثـارة الضجة حول فشـل الإجتماع الأخير للأساقفة أسـوة بالإجتماعين السابقين لـه . . مـع أملنا بأن تبقى كنيسـتنا الكلدانية موحدة بعيـدة عـن كل تصرف يؤدي إلى إلحاق الضرر بوحدتـها  .     

12
تحـوّل سـياسي لبيان الأسـاقفة الكلدان
               ـــــــــــ
جميـل روفائيـل

   المفـروض بقـرارات أي كنيسـة ، أن تكون ممثلـة لرغبة رعاياها إذا تجاوزت الأمور الدينية ، وهـذا بالتأكيد  يشـمل كنيسـتنا الكلدانية ، التي اتخذت  قرارا سـياسيا يتجاوز مهماتها الدينية ـ بحسب البيان الصادر في 5 / 5 / 2009  عن اجتماع أساقـفتها في عنكاوا  ،  بمطالبتها إدراج  القومية الكلدانية  في دستور إقليم كردستان ، مستندة في ذلـك على مـا هـو مدون في الدستور العراقي الإتحادي المادة 125  ،  علمـا أنه ليس خافيا على المتابعين بـأن محتوى هـذه المادة دخـل الدستور بتأثيـر كبار رجال الدين في الكنيسة الكلدانية على المسؤولين في الدولة الذيـن حـالوا دون تضمين الدستور العراقي اسـما موحـدا لشـعبنا ( الكلداني السـرياني الآشـوري ) . 

    نحـن لسـنا مـن حيث المبـدأ ضـد القوميـة الكلدانية والمطالبة بادراجهـا في أي مجـال ، إذا قـامت بذلـك الأحـزاب السياسية التي تتخـذ الكلدانية قومية ضمـن مبادئها الأساسية ، فهـذا مـن حقها ، كما هـو حـق أي فـرد مـن شـعبنا في تبني الإسم القومي الموحد ( كلداني سـرياني آشـوري ) قومية لـه أو الكلدانية أو الآشورية أو السريانية أو العربية أو الكردية أو التركمانية  . . ألـخ ، ولكنـنا نـرى أن ولوج الكنيسـة في هـذا المجـال الشـائك غيـر الديني سـيثير البلبلـة ويضـر بالإلتـفاف حـولها   كخيمة دينيـة ، خصوصا أن مسـألة المعتـقد القومي لايـزال غيـر مستـقر داخل شـعبنا ، فـأنا ـ  مثلا  ـ أعـرف أشـخاصا في قريتي تللسـقف تحولوا بيـن ثلاث  تسـميات قومية خلال السنوات الخمس الأخيـرة ، وهـذا بالتأكيد لايقتصر على تللسـقف وإنـما بحسـب معلوماتي يشـمل بلدات وقـرى أخـرى  .

     والحقيقـة ، أن تصرفات دعـاة القومية الكلدانية السـائر على نهج أهـل الخارج ، ومنهم رجال الدين ، الذين قـال عنهم أحد الكتاب في موقع عنكاوا أخيـرا "  . . . ومـع   ذلك ماذا كانت جدوى تدخل هولاء المطارنه ( يقصـد مطارنة أميركا )  وغيرهم من رجال الدين بالشان السياسي بعد سقوط الدكتاتور في 2003 ماذا حققوا لشعبنا في تدخلهم هذا .؟؟ سوى زيادة بؤرة الانشقاق والخلاف والتباعد بين ابناء شعبنا ليس الا .. لانهم بعيدين عن واقع شعبنا ومعاناته وهم يعيشون في امريكا في بحبوحة من حياة مترفة وسعادة ومال وووو.... فلماذا لا تدينوا هذا التدخل ؟؟ اليس المطلوب من رجال الدين بشكل عام الابتعاد عن السياسة وماربها الدنيئة ، لكي يحافظوا على تقديرهم ومكانتهم واحترامهم وقدسية كهنوتهم  ..؟؟ ..؟ اليست السياسة كما تقولون خط احمر لا يحق لرجال الدين تجاوزه .. ام ان مطارنة امريكا مباح لهم ان يصولوا ويجولوا في مقدرات شعبنا ومستقبله ..  "

        هؤلاء الدعـاة اتجهوا نحو اختراعات لاوجود لها في التأريخ منـها :  العلم الكلداني والشـعار الكلداني واللغة الكلدانية والتقـويم الكلداني ويوم الشـهيد الكلداني . . وفي ظاهرة تتواصل فيها نتاجات الإختراعات الآتية من الخارج وخصوصا أميركا  في مزايدة مع ماهـو متداول حاليا مـن هـذه الأمور  . . واللافت أن غالبية دعـاة القومية الكلدانية  يجاوبون بصورة مبهمة حيـن سـؤالهم ، فمثلا حينما كنت في تللسـقف أخـذ أحـد دعاة هـذه لقومية يشـدد على التـزامه بهـا لأنـها الأصل ، فسـألته : وكيف عـرفت أن القومية الكلدانية هي الأصل ، فأجاب : منـذ كنت صغيرا كنت أسمع مـن والدي أنـنا كلدان ، فقلت لـه : وأنـا كذلك كنت أسمع مـن والدي أنـنا كلدان . . لأن والدك ووالدي كانا يقصدان المذهب المسيحي الكلداني الكاثوليكي حيث أنـهما لـم يكـن قـد تطرق إلى سـمعهما أن الكلدانية تعني شـيئا غير المذهب الديني لكل أهـل تللسـقف . . ومـا كنّـا نسـمعه مـن آبائنا يؤكد أن الكلدانية مذهب ديني لاغيـر  . .

       وكثيرا مـا نقرأ في بيانات دعاة القومية الكلدانية  أنهم يؤمنون بأن الكلدان والسريان والآشوريين  شعب واحد وأنهم يعملون  من اجل تقوية الاواصر بينهم وتمتـينها وتوحيد الصفوف والعمل من اجل تحقيق مصالح شعبنا العليا عامة  ".  .   ويقرون تسمية ( الكلداني السرياني الآشوري ) كتسمية سياسية توافقية مرحلية و ليست تسمية قومية لضمان دعم الحقوق القومية لشعبنا . .   ويؤكدون في الوقت نفسه  على تثبيت الهوية القومية للكلدان في مشروع دستور إقليم كوردستان اسوة بدستور العراق الدائم . . والسؤال : أي شعب في الدنيا يتكون من قوميات منفصلة في القوانين ؟ وكيف يعملون على تقوية الأواصر وهم يشتـتون كل شئ وحدوي بما في ذلك الرموز التأريخية ؟ وكيف وأين  يقرون تسمية كلداني سرياني آشوري مرحلية وهم في المرحلة الحالية يتجاوزون هذه التسمية ويصرون على تثبيت اسم مذهبهم الديني  الذي  يعتبرونه قومية ؟
 

    وأيضا  ،  نحـن لايهمنـا مـاجـرى بين الأسـاقفة مـن نقاشـات وتحفظات بخصوص موضوع القومية الكلدانية ، لأن الذي نتـناوله هـو البيـان الصادر عـن اجتماع الأساقفة  ، إذ مـن المعلوم أن موضوع قومية شعبنا هـو قضية سياسية حاليا  ، ولهذا فهو موضع خلاف بين أتباع المذهب الكلداني ، فهـل استطلع  اسـاقـفتنا مواقف أتباع أبرشياتهم مـن هـذا الموضوع الحسـاس قبل اتخاذ قرارهـم  ؟  أم أنـهم اكتفوا بتأثير عـدد محدود مـن الأساقفة القادمين مـن أميركا واستراليا ومـن يسـير على منوالهـم . . لكن الذي يقتضي ذكره أن كنائسنا المسيحية عموما في العراق ، ومنها كنيستنا الكلدانية ، تسلك منذ نحو نصف قرن  نهجا لنيل رضا الحكام مهما أضـرّ  ذلك بأتباعها ، وخصوصا في زمن الطاغية صدام حسين حيث كانت تسكت عن جرائمه تجاه أتباعها لقاء ما يمنحها من أموال ، وهي ، الكنائس نفسها ، متهمة بالمساهمة  في الهجرة الكبيرة لأتباعها إلى الخارج . 

     ومـن المعلوم ، أن هؤلاء الأساقفة الذين يروجون منـذ مدة للقومية الكلدانية  ، عـرفوا بتدخلاتهم في شؤون ( الكلدان السريان الآشوريين ) داخل العراق ، على رغم أن غالبيتهم تنتمي إلى بلدة لـم يعـد لسـكانها الأصليين  وجود في العراق ، وهـم قطعوا صلتهم بالعراق باستثناء تدخلات باعثة على التشتت والفرقة ،  ليس بين مسيحيي الداخل جميعا وإنما بيـن أتباع مذهبهم بالذات ، ما يجعل تدخلاتهم أمرا غير مقبول البتـة ، إذ أن الأهمية السابقة للبلدة كانت وفرت للعديد مـن أبنائها الذين انخرطوا سابقا في سلك الكهنوت مكانة رفيعة في مجال المناصب الدينية . .  وزادوا  مـن تأثيرهم بعـد مغادرة العديد منهم إلى الخارج أسوة بسكان بلدتهم ، وذلـك نتيجة ماتوفر لهم مـن علاقات وأموال . .

   ويؤلمنا مـاكنّـا نسمعه بأن أهل البلدة المعنية كانوا قبل مغادرتهم يبيعون أملاكهم في بلدتهم لغيـر المسيحيين لأسباب قيل أنها الحقد والجشع في الحصول على المبلغ الأكبر ، وذلك على رغم وجود عشرات الآلاف مـن أبناء شعبنا مشردين أثناء البيع نتيجة هدم نظام البعث المقيت لـ  183  قرية لشـعبنا ، وكان كثير من هؤلاء المشردين يتوقون للسكنى في هذه البلدة ، ولكن عـدم قدرتهم على منافسة غير المسيحيين في الشراء حال دون رغبتهم ، وكانت المعلومات تشير إلى أن هؤلاء رجال الدين أنفسهم الذين غادروا العراق ، يساهمون في توفير مجالات الهجرة لأهل بلدتهم ، ولكنهم لم يطلبوا من أهل بلدتهم مقابل مساعدتهم أن يبيعوا أملاكهم للمشردين المسيحيين ،  كما أنهم لم يساهموا ماديا في مساعدة المشردين على شرائها أسوة بدعمهم المادي للأحزاب المسيحية الإنعزالية لتشجيعها على التشـدد  . 

      يبـدو أن بيان الأساقفة لـم يأخذ درسا من نهج ( المرجعية السياسية ) الذي سلكه قسم مـن رجال الدين غير المسيحيين والذي تصاعدت المعارضة عليه ، وفي هذا المجال يهمنا أيضا طلب حكومة اقليم كردستان من وسائل الإعلام عدم نشر خطب المساجد ، وما أشار إليه الرئيس مسعود البارزاني خلال اعلانه عن موعد الانتخابات في اقليم كردستان في جلسة مجلس النواب الكردستاني ، بعـدم استغلال المساجد ودور العبادة كدعاية للأحزاب المشاركة في الإنتخابات ، ما يعني بقـاء رجال الدين ضمن إطار مهماتهم الدينية وعدم الإنجرار إلى الصراعات السياسية  . 

    ولو أخذنا واقع البلدات والقرى التي تتبع المذهب الكلداني الكاثوليكي ، سواء في سهل نينوى أو مناطق اقليم كردستان ، لرأينا أن الأحزاب التي تطالب بالقومية الكلدانية تشكل أقلية سياسية فيها ، في حين أن الأحزاب الداعمة لوحدة شعبنا واسمه الموحد ( كلداني سرياني آشوري ) تمثل الغالبية ، وأن نتائج الإنتخابات البلدية في محافظتي نينوى وبغداد دليل على ذلك . . إذن ، هل من الصواب أن يتضمن بيان الأساقفة الكلدان قرارا غير ديني لاتقبله الغالبية من أتباع مذهبـهم  ؟  . . إننا ، باعتبارنا أتباع المذهب الكلداني ، نمقت انعزالية أي طرف مسيحي على أشقائه ، وندعم الإسم الموحد لشعبنا  ، لأننا ندرك أن التسمية الكلدانية برزت كاسم لمذهب مسيحي منذ نحو  500 سـنة ولاعلاقة لها بالشؤون القومية . 

    وإزاء هـذا يهمنا انصراف كافة رجال الدين لمذهبنا إلى واجباتهم الدينية التي توحد الشمل نحو الفضيلة والصلاح وأن تكون قراراتهم ولقاءاتهم مع المسؤولين الحكوميين منحصرة أحاديثها ضمن شؤون المسيحيين العراقيين الدينية التي هي موضع اجماع كل المذاهب المسيحية . . وإزاء هـذا إنني كأحد أتباع المذهب الكلداني الكاثوليكي ، ومع اعتزازي بتبعيتي الدينية لـه ، فإنني أرفض ما جاء في بيان الأساقفة من تدخل سياسي ، لأنني أريد من قيادة كنيستنا أن تكون موضع وفاق وانسجام بين كل المسيحيين داخل العراق ، وأؤكد التزامي الدائم بكل مايصدر عن القيادة الكنسية الكلدانية من قرارات دينية ، ولكن في الوقت نفسه سأعارض أي قرار غير ديني لايحظى باجماع أتباع المذهب الكلداني ، لأن فهمي لديني ومذهبي يحتم علي الأخذ فقط من رجل الدين مايتعلق بالدين  ، وفي غير ذلك لا التـزام تجاهه دينيـا .

13
رأيي كإعلامي وعراقي في إهانة بـوش
ـــــــــــــ

جميـل روفائيـل

    سـألني العديد مـن الأصدقاء عن رأيي كإعلامي بالفعل الذي أقـدم عليه الإعلامي منتظر الزيدي وهـو يحضر مؤتمرا صحافيا ممثـلا عن قناة البغدادية . . فكنت أجاوبهم  بأن مهمة الإعلامي عنـد مشاركته في المؤتمرات تنحصر في أمرين : الأول تقديم سـؤاله إلى القائم بالمؤتمر ، وغالبا في حال رؤساء الدول يتم تقديم السؤال مسبقا مكتوبا ولا يحق للإعلامي تلاوته أو الكلام ،  ومهما كان جواب المجيب  ، سـواء اقتنع السائل بـه أو لم يقتنع ، ليس من حقه مناقشة الجواب إلاّ إذا خوله بذلك صاحب المؤتمر . . والأمر الثاني إن مهمة الإعلامي في المؤتمرات هي الإسـتماع لأجوبة صاحب المؤتمر على أسئلة الصحافيين والإسـتفادة منها ، وفيما عـدا  هذين الأمرين ليس من حق الإعلامي القيام بأي فعل قـولا أو عملا مهما كان نوعـه موزونـا أو طائشـا .

     وعـند كتابة الإعلامي تقريره عن المؤتمر الصحافي ، عليه أن ينقل أجوبة صاحب المؤتمر بأمانة ووضعها بين قوسين صغيرين إذا كان ينقلها لصحيفة مكتوبة ، أمـا إذا كان ينقلها للتلفزيون أو الإذاعة صـوتا فعليه قبل ذكر الجواب أن يقول ( وعلى سؤال . . أجاب قائلا ) وبعـد قائلا ينبغي أن يكون النص بصوت صاحب المؤتمر أو يتلوه هـو ( الإعلامي  ) كما قاله صاحب المؤتمـر .

     لكـن أيضا من حق الإعلامي ، عند كتابة تقريره عن المؤتمر ، سواء للجريدة أو للإذاعة والتلفزيون ، أن يقـدم رأيا في المؤتمر ، سلبا أو إيجابا ، سواء يكون معبرا عن رأيه الشخصي أو نقلا عن خبير معروف يذكر اسمه أو من دون أن يذكر اسم الخبير أو المعلق ويعوض عنه بعبارة ( ويرى المراقبون ) . . وإلى هنا تنتهي علاقة الإعلامي بالمؤتمر الذي حضره ، إلاّ  في حالة حصول حادث جديد مرتبط بالمؤتمر نفسـه فيمكن الإشارة اليه والإستشـهاد بـه .

    أما رأيي كعراقي في فعل الإعلامي منتظر ، فأقول : إذا كان تصرف كعراقي غاضب وحاقد على أفعال الأميركيين  ، فيكون قد استغل عمله المهني في تصرف خارج إطاره وهـذا لايجوز ، ولكن إذا ارتضى أن يتحمل مسؤولية هـذا الإستغلال وعواقبه وتبعاته ، فيجوز له هـذا الفعل مع استعداده لتحمل كل المسؤوليات المتعلقة به ، بما فيه الحكم القانوني القضائي ، ويبـدو أن منتظر اختـار هـذا المجـال . 

   وهـنا يقتضي أن أقول : رأيي الشخصي كعراقي ، على رغم كل الأخطاء المحيطة بفعل الزيدي فإنه أعطى درسا بليغا لبوش كي يدرك أن ما ارتكبه الأميركيون مـن آثام في العراق ، نتجت عنـه ردود فعل راهنة وتأريخية حاقدة وغاضبة عليه شـخصيا  من العراقيين . . أتذكر كيف استـقبل العراقيون الدبابات الأميركية بالزهور والهلاهل في أول دخولهم بغداد ، وهو ما نقلته الفضائيات في حينـه ، وبتـقديري أن ذلـك لم يكن حبّـا بهم وإنما فرحا بانتهاء صدام وعهده المقيت . . وظنّـا من العراقيين أن الأميركيين سيصححون الأوضاع السيئة بكل ما يقابلها مـن الجيـد والحسـن .

    ولكـن الذي حصل كان غير الذي توقعه العراقيون ، فقـد جعلوا العراق مرتعـا للصوص وقطاع الطرق والإرهابيين ومجرمي العـهد الصدامي . . كلنـا سـمعنا ورأينا بالفضائيات والصور التي تناقلتها مختلف وسائل الإعلام ، كيف كانت تقف دبابتان أمـام بوابـة المتحف العراقي وينظر جنودها ويضحكون على براعة اللصوص في إحداث ثـغـرة في حائط المتحف ودخلوهم وأخراجهم ما طاب لهم من الآثار وذهابهم من دون أن يعترضهم جنود المحررين الأميركيين . . وكيف ترك الأميركيون الحدود من دون حراسة وحلّـوا كل القوات المسلحة من الشرطة والجيش ، وتركوا العراق بلا حكومة . . ألخ ما يعني أنهم تركوا العراق غابة يسرح ويمرح فيها أنواع الحيوانات والكواسر والبشر الشواذ كيفما يشاءون وأينما يشاءون من دون حسيب أو رقيب . . فماذا يعني هـذا غير تدمير العراق وجعله مشاعا لكل من هـبّ  ودب ؟ . . فهل هـذا لايجوز قانونا دوليا وأخلاقا أميركيا وسلوكا إنسانيا ؟ فكيف لايتحول العراق بعد كل هـذا إلى مـا حـلّ بـه . . وكيف لايحقـد العراقيون على بوش ويتصرف بعضهم معه بكل الوسائل التي ليسـت مسـوّغة ومسـموحة ؟ !

    ولابـدّ مـن التطرق إلى تجربتي الشخصية مع الأميركيين . . فحال بـدء العمليات الأميركية لإزالة حكم صدام ، بدأتُ أنـا بكتابة مواضيع عـدة نشـرت معظمها في جريـدة ( المؤتمر ) العراقي التي كانت تصدرها المعارضة العراقية في لندن ، ومن هذه المواضيع : ( محررو العراق أهلا بكم ) و ( خيرا ، يا مستقبل العراق ) و ( إرهابيون وناكروا الإحسان ) و ( السيد بريمر . . مع التقدير ) . . . ألخ  وبعد أن ظهرت حقيقة الأميركيين ، نشرت مواضيع عـدة عن مساوئهم في جريدة الحياة بينها موضوع ( التدخل الأميركي في العراق ) و ( الإنتقائية العربية بين التدخل الأميركي في كوسوفو والعراق ) . .

    الحقيقـة ، لـي تجربة مـرة مع الأميركيين ، فقـد رأيت بعيني ما حصل في منطقة البلقان ( يوغوسلافيا السابقة ) في البوسنة وصربيا وكوسوفو ومقدونيا . . من تهجير وموت وعذاب وتدمير البلدان ووحدتها وقصف المدارس والمستشفيات والجسور والقطارات وباصات نقل الركاب . . الذي تتحمل مسؤوليته بصورة رئيسية الإدارات الأميركية مباشرة أو غيرها بالنيابة عنها ، ونقلته إعلاميا صحافيا وإذاعيا وتلفزيونيـا بحقيقتـه الكاملة .

    ومـن الأمور اللاأخلاقية التي أتذكرها عن الأميركيين وحلفهم الأطلسي ، أنـه عـند توقيع اتفاق ( كومانوفو في 10 / 6 / 1999 ـ و كومانوفـو هي مدينة في شمال مقدونيا محاذية للحدود الجنوبية لصربيا ، حيث لم يستطع لا الأميركيون ولا الحلف الأطلسي تجاوزها لدخول كوسوفو على رغم القصف العنيف لصربيا وكوسوفو على مدى 77 يوما إلاّ أن تخاذل الرئيس الروسي في حينه بوريس يلتسين واحتواء قرار مجلس الأمن 1244 لأنهاء الحرب مع صربيا على بنود تؤكد عودة كوسوفو إلى صربيا بعد فترة قصيرة ، وهي البنود التي انقلبت عليها أميركا فيما بعد وحرضت الألبان لإعلان الإستقلال من جانب واحد في 17 / 2 / 2008  على رغم عدم اعتراف الأمم المتحدة بـه وبذلك ليس استقلالا  شرعيا ، وذلك لكي يبقى كوسوفو محمية دائمية لها تستغله للقواعد الحربية البريـة والمحطات الإستخبارية )

     أقول : عند توقيع  إتفاق كومانوفو ، لأنهاء القصف الأميركي الأطلسي على صربيا وكوسوفو في مقابل إنسحاب القوات الصربية من كوسوفو ، وبعـد إنتهاء التوقيع وتوجه الجنرال الصربي الذي وقع الإتفاق للخروج دفعه الضابط الإنكليزي الذي وقع الإتفاق معه ،  ممثلا عن الأميركيين والحلف الأطلسي ، نحو الباب بتصرف لا أخلاقي بقصد إهانته قائلا  له : إذهب الآن عند سيدك ميلوشيفيتش  . .  فنظر إليه الجنرال الصربي وقال : عار عليك وعلى شرفك العسكري أن  تفعل هذا بعد توقيع الإتفاق ولو فعلته قبل التوقيع لخرجت رافضا الإتفاق طالبا استمرار الحرب لكي تعلم أنت وأسيادك الإميركيين من هـم الصرب  ولكن أسفاً فعلته بعد التوقيع ، وخرج الضابط الصربي . . علما أن الأميركيين وحلفهم الأطلسي لم ينفذوا من هذا الإتفاق إلاّ  ما هو لمصلحتهم في حين رفضوا تنفيذ كل ما هو لمصلحة صربيا فيه مثل عودة قسم من القوات الصربية الى كوسوفو وعدم إعلان استقلال كوسوفو وإنما إنهاء إشراف الأمم المتحدة عليه بعد سنوات قليلة وإعادته إلى السيادة الصربية . 

    ومـن أخلاق الأميركيين أذكر أيضا (( أفاد الناطق باسم الإدارة الدولية لكوسوفو ديريك شـيبل يوم 20 / 3 / 2004 ، بأن حصيلة الأحداث التي وقعت في كوسوفو في ثلاثـة أيام  ( 17 و 18 و 19 / 3 / 2004 ) التي شنها الألبان ضد الصرب ، هي : قتل 28 شخصا صربيا وجرح أكثر من 700 آخرين بعضهم في حال خطرة ، وحرق 110 بيوت للصرب وتدمير أو إلحاق أضرار جسيمة بـ 25 كنيسة وديرا أرثوذكسـيا صربيا مسجلة ضمن الآثار التأريخية لدى منظمة اليونسكو وهي تحت حماية الأمم المتحدة ، كما لجـأ 900 صربي إلى القوات الدولية كفور طلبا للحماية نتيجة هجمات الألبان عليهم )) هذا التصريح صادر عن الإدارة الدولية التابعة للأمم المتحدة ولا يمكن أن يشك بـه أحد لأنه رسـمي دولي ، وقـد نشرته أنا بنصه ضمن تقرير مفصل عن الأحداث التي يتعلق بها في الصفحة الثامنة من جريدة الحياة التي أعمل فيها بتاريخ  21 / 3 / 2004  كما تحدثت عنه في راديو مونت كارلو وبي بي سي لندن وقنوات تلفزيونية عـدة ، وأيضا تناقـلته وسائل إعلام عالمية كثيرة . . والمهم ليس نشر الخبر ولكن على رغم أن الألبان الذين قاموا بما تحدث عنه الناطق الدولي صورتهم كاميرات التلفزيونات المحلية والعالمية ولكن لم يتم تقديم أي ألباني للمحاكمة ، لأن أميركا وصفت ما حصل بأنه ( صراع عرقي يحدث في كل بلد ) . . في حين أن محكمة لاهاي لاتزال حتى اليوم تحكم بعشرات السنين سجن على الصرب بتهم إضطهادهم للألبان على رغم عدم وجود أي أدلة واسـعة  لذلك ، بناء على رغبة أميركا ، بينما الألباني الكوسوفي راموش خيرالدين ( أحد قادة جيش تحرير كوسوفو ) برأته محكمة لاهاي بناء على طلب أميركا من 37 تهمة جرائم حرب منها قتل وتهجير وتعذيب واضطهاد الصرب وغيرهم ، فهل يمكن في أي عدالة ، غير العدالة الأميركية ! أن 37 تهمة موجهة لشخص بأدلة  ضحايا وشهود أن لاتثبت منها ولا تهمة ؟ وبعد كل هذا وغيره في البلقان والعراق ، أليس من حق الناس في البلقان والعراق أن يكرهوا الزعماء الأميركيين ؟ ومن هـو المذنب في هذا الكره غير ممارسات الأميركيين أنفسهم ؟!! .

    هـذا لا أكتبه اليوم في المواقع لحادثة حصلت لبوش في العراق ، وإنما أعيد تذكيره بعدما تحدثت عنه بجلاء ودون خوف أو وجل ، لأنه حـق ، كتابة في جريدة الحياة ، وإذاعة مونت كارلو وغيرها وتلفزيونا الجزيرة وأبو ظبي وغيرهما . . هذه حقائق والساكت عن قول الحقيقة هو شـرير أعمى ، وإذا كان إعلاميا فإن لـم يقـله فهو إمـا جبـان أو مأجور . . وما كنت يوما بشهادة المنصفين من هذا الفصيل . . ومـن الشهادات الكثيرة التي قيلت بحقي ، أنقل واحدة منها للإشارة وليس الحصر ، الشهادة التي كتبتها ( جريدة السفير اللبنانية ) بقلم أحـمد المغربي في نيسان 1999 أثناء عمليات القصف الأميركية الأطلسية لصربيا وكوسوفو في موضوع بعنوان ( جميل روفائيل : المراسل إيقاع الحدث ) أقتطف من الشهادة هـذا الجـزء الصغير :

    ((  على مدار السنوات الطويلة للحروب في البوسنة والهرسك ، ظل صوت جميل روفائيل مراسل إذاعة مونت كارلو يأتي من سكوبيا ، ويبدو أن المكوث طويلا في المحل الواحد أعطى روفائيل ما يلزم من الخبرة والدراية في الشأن البلقاني المتشابك ، عـند بـدء الضربات الأطلسية . . أيـا كان الأمر فإن خطوة السلطات في بريشتينا عاصمة كوسوفو بـدت وكأنها اللحظة المنتظرة للمراسل جميل روفائيل ، إرتفع صوته من إذاعة مونت كارلو تارة من البلقان وتارة من الحدود مابين كوسوفو والبلقان ودائما على إيقاع الحدث وصولا إلى صناعة الصورة للحدث ، استبق جميل روفائيل وبيومين كاملين إقرار خافيير سولانا وقيادة الحلف الأطلسي بحدوث تصفية عرقية . . أذاع روفائيل أخبار المجازر والتصفيات ووصف الوحدات العسكرية التي نهضت بها . . جمع روفائيل أخباره استنادا إلى شبكة علاقاته داخل بريشتينا والتي يبدو أنه نسجها في دقـة الخـلد ودأبـه أثناء مكوثه المديد في البوسـنة ،   أيضا ثمـة هامش للتذكير بأن تلفزيون الجزيرة التقط جميل روفائيل وكذلك بعضا من الوجوه الأخرى في مونت كارلو محمد كريشـان الذي يقدم برنامج حصاد اليوم والمراسلين على الجزيرة ، يبـدي البعض الضيق من الإختزال الإعلامي الذي حققته محطة الجزيرة ويتساءل آخرون عـن سطوة إذاعة مونت كارلو لعلها لحظة مناسبة للنقاش ـ  أحمـد المغـربي ))

    لكـن ، هـذا لايعني أنـني لم يكن لـي معارضون نشروا الكثير من المواضيع ضـدي أذكر منهم واحدا كمثال هو ( عبداللـه صالح الرشيد من الرياض ـ السعودية ) الذي كتب رسالة إلى جريدة الحياة التي أعمل فيها بعنوان ( يبكون تدمير الجسور ) ولأن الجريدة واثـقة من صواب نهجي  وصدق ونزاهة ما أكتبه فقد حوّلت لي رسالة هذا الشخص قبل نشرها  ، كما كانت تحول لي رسائل غيره ، طالبة مني أن أكتب الرد عليها ليتم نشره مباشرة في مكان واحد مع رسالة السعودي ، وبعد أن كتبت الرد ، نشرت الحياة في 2 / 6 / 1999 الرسالة وردّي . . وأدناه أجزاء من الرسالة وردّي عليها :

     (( يبكون تدمير الجسور . . : أفرزت حرب البلقان على يد الصرب حفنة من المراسلين عاشوا على حساب معاناة أهل البوسنة والهرسك ومن ثـم إقليم كوسوفو الجريح ، هؤلاء المراسلون يصدق فيهم قول الشاعر مصائب قوم عند قوم فوائد ، وهنا يبرز إلى الذاكرة جميل روفائيل الذي يرى نفسه مرة خبيرا بشؤون البلقان ومرة صحافيا ومرة مراسلاً تلفزيونياً وهو في الواقع محابياً ومحامياً عن الصرب ، لمست ذلك عيانا وأنا أراه يبكي تدمير الجسور في صربيا . .  وعلى كثرة ما أرى هذا المراسل في القنوات الخليجية لم أسمع منه كلمة تعاطف صريحة ولم أر أنه أجرى مقابلة مع أحد ضحايا التطهير العرقي من ألبان كوسوفو بل أراه يترجم وينقل أقوال الصحف الصربية كل صباح عن الحملة الأطلسية . . ولهذا المراسل وأمثاله نقول : ان للباطل جولة وللحق جولات وانه على الباغي تدور الدوائر ، عانت البوسنة والهرسك من مغالطاته الكثيرة في ذروة محنتها قبل خمس سنوات . . وسبق لسفير البوسنة والهرسك في المملكة العربية السعودية أن كشف فيضا منها في مقال طويل نشره في جريدة الحياة ، بقي في النهاية أن أسأل روفائيل هل يرضيه الواقع المزري لشعب كوسوفو ؟ وهل تغيضه الحملة الأطلسية التي ستعيد الحق إلى أهله ؟ وماذا عمل له شعب البوسنة والهرسك وكوسوفو حتى يقف ضدهم   ـ   الرياض عبداللـه صالح الرشيد )) .

وتم نشر ردّي التالي في وقت واحد مع الرسالة  في جريدة الحياة ( 2 / 6 / 1999 ) ومما جاء في ردّي :  (( . .  للحقيقة لايمكن أن أكون محابيا ومحاميا عن الصرب ، إذ طردني الصرب منذ 1/ 7 / 1993 بأمر من أمن بلغراد وبختم أحمر على جواز سفري . . وليتك رجعت إلى عدد جريدة الحياة 5 / 7 / 1993 الصفحة الولى وقرأت ـ بلغراد تطرد مراسل الحياة بعد اتهامه بالإساءة الى الصرب ـ وأعداد أخرى تناولت ما لحق بي من ضيم وما كتبه الأستاذ جهاد الخازن رئيس تحرير جريدة الحياة  في حقله اليومي ـ عيون وآذان عني في 10 / 8 / 1994 . . ليس عيبا أن أبكي تدمير الجسور والمصانع ،  ليس في صربيا وإنما في أي مكان من العالم ، لأنني إنسان لا أتشفى من مصائب تلحق بالناس المساكين من دون ذنب ، سواء في البوسنة أو صربيا أو كوسوفو  وغيرها . . علما بأنني إعلامي ومن واجبي أن أن أنقل وجهات النظر المختلفة بغض النظر عن موقفي الشخصي ، الغريب أن السيد عبداللـه يقول إنه لم يـر مقابلة أجريتها مع أحد ضحايا التطهير العرقي ، ولعلني الصحافي الأول الذي تابع التطهير العرقي في كوسوفو منذ بداياته وأجريت مقابلات منها على سبيل المثال : في أعداد الحياة 28 / 6 / 98 نازحون بالآلاف ينتظرون الإغاثة الدولية الغائبة و 29 / 6 / 98 كلهم جيش تحرير كوسوفو ولا حاجة لمتطوعين أجانب و 30 / 6 / 98 شهادات الجرحى قصة تصدي البندقية للقذائف والصواريخ و 5/ 7 / 98 الحرب في كوسوفو كما يرويها أطفال المدرسة الإبتدائية . . ولمعرفة المزيد المزيد أرجو السيد عبداللـه تصفح أعداد جريدة الحياة ولكن بعيـن بصيـرة ، ويبدو أن السيد عبداللـه متابع لكتاباتي منذ خمس سنوات ، التي ردّ على بعضها السفير البوسني في السعودية مرتيـن ، وللتذكير فإن أحد الردّين كان في 22 / 7 / 94 على مقالي ـ مشكلة البوسنة معقدة والتقسيم شـر لابدّ منه ـ ومما يؤكد موضوعية هذا المقال أن التقسيم إلى الكيانين الصربي والمسلم ـ الكرواتي حصل فعلا بعد سنة وخمسة أشهر من كتابتي المقال . . والرد الآخر للسفير كان في 28 / 8 / 95 على موضوعي ـ على رغم التنديد صار التطهير العرقي أمل السلام في البلقان ـ . . ومما يؤكد صحة موضوعي أنه حتى اليوم فإن نتائج التطهير العرقي في البوسنة لاتزال على حالها كما كانت أيام الحرب البوسنية  . . كل ما أوضحته يؤكد أنني لاأقف ضد شعب البوسنة والهرسك ، بل أنا مع كل حقوقهم الشرعية ، من دون إنحيـاز أو نفـاق )) .

   وأخيـرا . . أقول بوضوح ، إن ما قام بـه الإعلامي الزيدي خطـأ جسيم لايليق بإعلامي يحترم مهنته والوسيلة الإعلامية التي يعمل فيها . . ولكن في الوقت نفسـه ، أنا كإنسان عايش آثـام الأميركيين في العراق وأماكن أخرى ، أقول : مرحى لـك يا منتظر ، فقـد فعلت حسنا ورائعا ، لأنك جعلت الأميركيين والعالم على إدراك بما يستحقه الأميركيون ، فقد استقبلهم العراقيون بالزهور والهلاهل لأنهم أزاحوا عن صدور العراقيين صدام وجرائمه الذي ضرب أبو تحسين وغيره تمثاله وصورته بأحذيتهم . . ولكن عندما كرر الأميركيون شرور صدام بالعراق لم يبق أمام العراقيـين غير أن يعاملوا رئيسهم بالشكل الذي عاملوا صدام . . والضرب بالأحذية على الحكام الظالمين بالعراق مكرر  منذ أيام الملكية ، وهـو أسلوب يبدو أنه أصبح متداولا في العراق ، وإن لـم يكن حضاريا ، لكنه صار تقليديا سواء نـال الرضـا أو لـم ينـل . 

14


فـائق بطي . .  تذكرت أنت وجعلتـني أتذكـر
ــــــــــــــــــ

جميـل روفائيـل

    تابعـت بشـغف الحلقات الأربع التي بثّـتها ( قنـاة عشـتار ) مع أشـهر صحافي معاصر ملتـزم في العراق بقـلمه الذي ظلّ  محافظا بشـموخ على أسـلوبه القـويم في كل العهـود التي مـرّت على العراق منـذ خمسـينيات الملكية وحتى اليـوم . . بعـنوان ( آخـر الفرسـان الأربعة ) والمقصود بالفرسـان الأربعة  أشـقائه الثلاثة بديع وكمال وسـامي وهـو . . وبديع كان أكبرهم ، وهـو الوحيد الذي لم أتعـرف عليه لأنـه ـ بحسب علمي غادر إلى الولايات المتحدة واسـتقر هناك  قبل أن أتحرك صحافيا ، أمـا كمال فقـد كانت علاقتي وثيقة بـه من خلال رئاسته لتحرير صحيفة ( بغداد أوبزرفر ) التي كنت أنشـر فيها وألتـقي معـه باستمرار ونتحدث في كثيـر من الأمور ، وسـامي كان في الوقت الذي تعرفت عليه يعمل في كلية بغداد وقد جرت معرفتنا أثناء لقائنا في دار عائلة من جيراني كانت بيننا صداقة جوار وزيارات . .

    وأمـا فائق ، الذي بدأت لقاءاتي معـه أثناء وجوده في هيئة رئاسة نقابة الصحـفيين العراقيين ، وتوطدت هذه الصداقة حين سـافرنا معـا إلى يوغوسلافيا لعقـد اتفاق بين النقابة العراقية واتحاد الصحـفيين اليوغوسلاف ، خصوصا أنـنا كنّـا لوحدنا من دون أن يكون معنا طفيلي من الذين طرأوا على الصحافة في تلك الفترة ( وإن كنت تعرفت عليه ، وأنا طالب ، من كتاباته في البلاد أثناء وجوده في مصر حيث كان بالنسبة لي ، هـو وسلوى زكو ، من أفضل من كنت أقـرأ لهم في ذلك الوقت وأتذكرهم ، إذ كنت أنا أيضا أنشر في البلاد قسـما من كتاباتي الأولية في حيـنه التي كانت تتناسب مع مرحلتي الحياتية والكتابية تلـك ) .

    ويسـعدني ، أن الأخ فائق تطرق إلـيّ بالوضوح نفسـه الذي تحدث به في كل حلقات حكاية عمره ، خلال تناوله رحلتنا سـويا إلى يوغوسلافيا عام 1976 ، وسـعادتي أيضا أنه على رغم معاناته بعد فترة قصيرة من تلك الرحلة ، أنه لايزال يحتـفظ  بالصورة التي تجمعنا مع مرافقنا اليوغوسلافي ( وكان أستاذا في الصحافة ) عند ضريح الجندي اليوغوسلافي المجهول فوق مرتفع ( أفـالا ) جنوب بلغراد والتي تـمّ  عرضها خلال حديثـه مرتين . . وهي الصورة التي لاأزال أنا أحتفظ بها أيضا على رغم ملاحقتي من قبل أجهزة الأمن العراقية منذ 1990 وعدم تمكني من دخول العراق حتى سقوط النظام المقيت ، إضافة إلى طلب السفارة العراقية في بلغراد عام 1993 طردي إلى خارج صربيا ومنعي من دخولها ما اضطرني للإنتـقال إلى سـكوبيا . . وقال الأخ فائق عن رحلتـنا معـا بحسب ما استطعت أن أدونـه :

    ((  قسـم مـن الذين كانوا يأتون ( مع الوفود الصحافية ) عناصر غير صحافية باسم صحـافيين ، ولغايات خاصة ، بـس قسـم آخر كانوا صحافيين وكانوا متعاونين ، أذكر مرة من المرات ، كان لقـاء بين نقابة الصحـفيين العراقيين ونقابة الصحـفيين في يوغوسلافيا ، وكان معي محرر جريدة الثورة ، وكان من المعنيين بالعمل النقابي ، ذهبنا إلى يوغوسلافيا على أساس نوقع اتفاق بيننا وبينهم ، اتفاق تعاون بين النقابتين ، جاء معي صديقي جميل روفائيل ، ذهبنا إلى يوغوسلافيا على أساس نوقع اتفاق تعاون بين النقابتين ، عندما قرأت البيان الختامي الذي وضعه اليوغوسلاف لنوقـعه ، في ذلك الوقت كان موضوع فلسطين ، ولازم نذكر في أي بيان يصدر عن نقابة الصحـفيين حول قضية فلسطين ،  فقـلت لنقيب الصحـفيين ( اليوغوسلاف )  يجب أن يتضمن البيان عن قضية فلسطين وحق الشعب الفلسطيني ، وإذا عندكم علاقات مع اسرائيل فهذه ليست مسألتنا ، نحن نريد أن نثبت هـذا في اتفاق التعاون ، المهم رضـوا وقالوا نحن نوقع ، والمهم بعدما رجعنا إلى بغداد ، بعد كم يوم جاءني الأخ جميل روفائيل وقال لي : إقـرأ هـذا الشـئ ، قلت ما هـو ؟ قال : إقـرأه ، قلت : جميل شـنو هـو ، قـال : إقـرأه هـو تقـرير عـن زيارتنا ، قلت : جميل هـاي أنـا ليس لـي علاقة بـها ، قـال : لا هذا فائدة إلـك ، قلـت : لاتوجد كل فائدة لي أنـا عملت الواجب علي ، قـال : لا ، أفضل لأن هـم قالـوا  لي نريد إعلام عـن زيارتكم  ، يريدون معلومات عـن هذه الزيارة ،  المهم قرأته ، قلـت : صحيح هـو شـهادة ولكن هذا شـئ ليس على خاطرهم هـذا شـئ أنـا معـتـقد بـه ))  .

    الحقيقـة ، أن مـا ذكره الأخ فائق هـو الحقيقـة بعيـنها ، ككـل ما تحدث بـه مـن أمـور في حلقـاته الأربع ، وهـو ملخص عـام لمـا دار بينـنا من حديث في شـأن القضية التي تناولها  ، علمـا أنـه تـمّ  اختياري للسفر مع الأخ فائق من قبل نقابة الصحفيين العراقيين لأنـني  كنت عضوا في ( لجنة العلاقات الخارجية بالنقابة ) وأثبتّ  جدارة في مؤتمرات النقابة التي أشرفت على راحة ضيوفها ، وكان غالبية أعضاء لجنة العلاقات الخارجية من ذوي الإتجاه اليساري ، إذ كانت ترأس اللجنة عضو مجلس النقابة سلوى زكو ومن أعضائها سـعود الناصري ( جريدة الجمهورية ) وفالح عبدالجبار ( طريق الشعب ) وهم يساريون ، وكنت أنا ( الثورة ) وسـعيد القدسي ( التآخي ، العراق ) من غير المنتمين سياسيا ، بينما كان الآخرون من وكالة الأنباء العراقية وألف باء  وغيرها من البعثيـين أشـباه الصحافيين  ( وبالمناسبة لأن كثيرين لايزالون  يستبعدون أن يكون قـد عمل  في الثورة من لم يكـن بعثيا ، أوضح أنـه في ذلك الوقت 1976 كان كثيرون يعملون في الثورة من دون الإنتماء للبعث ، منهم على سـبيل المثال لا الحصـر : عـزيز سـباهي ( رئيس القسم الزراعي في الجريدة وكان شيوعيا معروفا ) و يوسف متي  ( محرر حقل حديث الناس ، وكان سابقا عضوا في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي وهو قاص وأديب مشهور ، وقتل البعثيون عام 1963 ابنه خلدون ولهذا كان يوقع حقله باسم أبو خلدون وكان قد التحق بالثورة الكردية وأصبح قاضيا للثورة باسم خضر لأنه بالأصل محامي وعاد إلى بغداد بعد بيان آذار 1970 وعمل  في الثورة وكان دائما محافظا على فكره اليساري ) و غازي العبادي ( محرر القسم الأدبي ، وهو قاص وناقد معروف ) ورياض شابا ( رئيس قسم التحقيقات ) وانعام كجه جي ( رئيسة قسم المنوعات ) ونزار عباس ( في القسم الأدبي ) وحسب اللـه يحيى ( في القسم الأدبي ، وهو شقيق الشهيد وعد اللـه النجار عام 1963  في الموصل ) . . ولم يحصل ضغط في الثورة للإنتماء إلى البعث إلاّ بعد عام 1978 حين أصبح هاني وهيب مديرا عاما للثورة ، ولهذا ترك الثورة غالبية غير المنتمين للبعث بين 1978 و1980 وبينهم أنا ، في حين أضطر الآخرون للدخول في تنظيم الصف الوطني التابع للبعث من دون واجبات حزبيـة .

    وأواصـل ، وحين تـمّ اختياري لمرافقة عضو مجلس النقابة  الزميل فائق ، جاء ذلك لأنني في لجنة العلاقات الخارجية وصحافي معروف وغير محسوب على الإنتماء ، وتـم طرح اسمي في مجلس النقابة وكان نائبا للنقيب صاحب حسين السماوي ( نائب رئيس تحريـر الثورة في حينه ) وجرى أخذ رأيه باعتباري محررا في الثورة ، فجاوب : أنا موافق جميل جيد . . وكانت سـعادتي كبيـرة حين تم إبلاغي بأنني سأكون مع الأخ فائق في رحلة وليس معنا طفيـلي أو  من هـم مزعجون .

   عنـد عـودتنا ، كما كان المعمول به في الثورة ، ذهبت عند السيد صاحب حسين السماوي لأعلمـه بعودتي ، فقال لـي كيف كانت سـفرتكم ؟ قلت جيدة وأن الأستاذ فائق كان ماهرا في المحادثات مع اليوغوسلاف ، قال : كيـف ؟ فأوضحت له إدخال قضية فلسطين في الإتفاق ، فقال : هذه مسألة مهمة وأن جهود الزميل فائق مشكورة الأفضل أن تكتبها في تقرير عن الرحلة وتقدمها للنقابة ليكون لها علم بها لأنه لاأعتقد أن الزميل فائق سيذكرها حين اجتماع مجلس النقابة  ، قلت : أستاذ بس أنا ما عندي شئ آخر أكتبه لكي يصبح تقريرا فكل الأمور كانت جيدة وتعاوننا كان على أحسن مايرام وأن إدخال فلسطين تم من قبل الأستاذ فائق باعتباره عضو مجلس النقابة وكنت أنا في غالب الأحيان مسـتمعا ومؤيدا لـه  ، فقال : هذا كافي لتكتبه  ، أكتب عن تعاونكم باعتبارك أنت في الثورة جريدة البعث وهو في الإتجاه الآخر وجهود الأستاذ فائق في توقيع اليوغوسلاف على قضية فلسطين  في الإتفاق ، قلت : صـار أستاذ . . فكتبت التقرير في شأن تعاوننا ونجاح مهمتنا ومهارة الإستاذ فائق في المحادثات وإدخال قضية فلسطين في اتفاق التعاون على رغم تحفظ اليوغوسلاف الأولي على ذلك ، وذهبت إلى النقابة وسلمت على الأخ فائق وحصل ما ذكره باختـصار في لقاء عشتار معه . . ثـم مباشرة سلمت التقـرير إلى سكرتير النقابة ضيـاء حسـن .

     وهنـا يسـرني أن أذكر ، أن كثيرا ما كان يتصور الأصدقاء اليوغوسلاف أنـنا أخـوان ، باعتبار اسـمه فائق روفائيل واسـمي جميل روفائيل . . وبالمناسبة ، كثيرا ما يعتبرني قسـم من العراقيين الذين ألتـقي بهم بأنني أحد أبناء روفائيل بطي ، وطبعا أوضح لهم الأمر مع اعتـزازي بروفائيل بطي ومكانته السياسية والأدبيـة والصحافية وكذلك أبنائه الذين تشرفت بالتعرف عليهم فائق وأخويه كمال وسـامي . . وكانت رحلتي مع الأخ فائق أكثر من ممتعة ومفيدة ، فقـد حدثني خلال استراحاتنا بالفندق في بلغراد عن الكثير ممـا ورد ( حتى ذلك التأريخ 1976 ) في لقائه مع عشتار بتفاصيلها وأمورا أخرى  من غيـر التي وردت في لقائه مثل حياته بعد عودته من مصر ومشاكله مع الأمن ومنها عندما وضع الأمن في زمن عبدالكريم قاسم قنبلة في حديقة مبنى جريدة البلاد لإيجاد ذريعة لاتهام أصحاب الجريدة . . وغير ذلك ، ومع أنـني لـم ألتـق  بالأخ فائق منذ مغادرته العراق بعد رحلتنا بسنة أو سنتين ، إلاّ أنـني كنت أتابع وضعه من خلال أحاديثي الهاتفية مع الصديق المرحوم سـعود الناصري خصوصا بعد انتقاله إلى لنـدن .

      لاشـك ، إنـها التـفاتة مهمة من عشـتار أن تلتـقي في أربع حلقـات مع عراقي ملتـزم ومعروف وشهير مثل الأستاذ فائق بطـي الذي عـانى  معاناة الخارج وعـاد إلى الوطن شـامخ الـرأس ، هـذه المعاناة الخارجية وغربتـها   التي يتـشبث بها البعض ويروج  بأساليب متنـوعة  للحاق بـها  على رغم كوارثها . .  وأيضا من العجب العجاب من المسؤولين الرئيسـيين عن عشـتار أن يكرروا إعـادة عرض الأغاني المزعجة المستوردة  ذات الجواري وما شـابهها  واللقاءات التي نراها تافهة من فرنسا وستوكهولم وأميركا في حيـن يتجاهلون إعادة  عرض مواضيع مهمة ورائعة مثل لقاء الأستاذ فائق ولقاءات منبر عشتار وبرامج العودة إلى الطبيعة وطبيبك على الهواء وكاليري عشتار ومواد الباحث بنيامين حداد . . والأتعس أن نسمع بأن عشتار تفتـقر إلى المال في الوقت الذي نـرى بـذخـا غيـر اعتـيادي في صرف المال لسـبعة مراسـلين لعشتار فـي الخـارج ( شيكاغو وديترويت والسويد وكندا وفرنسا واستراليا ولندن ) كل منهم يقـدم ما معـدله  بيـن مادتيـن وسـت مـواد أسبوعيا إضافة إلى ذلك الطلب منهم في كتاب بتحية طيبة في 4 / 12 / 2008  إجراء لقاءات حتى مع الأطفال من كافة الأعمار لتقديم التهاني بمناسبة ذكرى تأسيس القناة وأعياد الميلاد ،  والشراء المتنوع غير المفيد من الخارج ( أغاني ، أفلام ، كارتون ، عبقـريات ، رياضة . . ألخ ) والبخـل في الصرف لانتاج البرامج في الداخل على أسـس المثـل الشعبي المتداول ( قـس البـيت مـا تنـباس إيـده  ) أم هناك سبب آخر متعمد خارج إطار هذا المثـل لانعرفه حاليـا لأنه من غموض الأسـرار التي قـد تنكشـف يوما وتزول علامات الإسـتـفهام ؟ !!!

    ما أقولـه ليس  غريبا وللمرة الأولى ، فقـد قلت نفسـه أو ما شـابهه حين لقـاء عشتار معي أثناء وجودي في العراق الصيف الماضي وكررته في كتاباتي  ، لأنـني أرى أن من حقنا ـ غيري وأنـا ـ أن نبدي رأينا ونقـول كلمتنا ، مـا دمنا نرى أن عشـتار هـي ملـك لكل شـعبنا ( هي وأي فضائية أو وسيلة إعلامية لشعبنا وقلـته في قناة آشـور كتابـة وللمسـؤولين فيها بأن وضع آشور صار ينـذر بنهايتها القريبة ، فأجابني أحد مسؤولي زوعا في حينه إذا تحقق ما تقول ستكون كارثة ، قلت حذرت والباقي عليكم ) أجل عشتار هي ملـك لكل شـعبنا ، وليست ملكا لأولئك القـلة المستـفيدين من نعمها في مقـر عشتـار . . الذين ـ كما نشـعر ـ أنهم لايقـرأون ولا يسـمعون ما يُـكتب ( جميل وغيره ) وما يُـقـال عـن عشتار ، أو على الأرجح أنـه لا يهمهم . . ولكن إلى متى !  سـنـنتـظر لنـرى . 

   

   


15
رأيي : المرشح والمنتخب بمجالس المحافظات ليس من شـعبنا
ـــــــــــــــــــــــــــ

جميـل روفـائيـل

    هـذا الموضوع طارئ وآنـي ، تطلبت الظروف كتابتـه . . وهـو خـال من كل ما يمت بصلة إلى ما يُـطلق عليه لغة الدبلوماسـية ، أي لغة اللباقة والمهارة  والبراعة في الكلام مع الآخرين ، وذلك لأن الذين سأخاطبهم وأتناولهم فيـه  ليسـوا من النوع الذي يمكن التفاهم معـه ، فهم عندما تسـلم عليهم يردون التحية بأحسـن منها ولكن في قلوبهم تكمن الضغائن والأحقاد والشرور بكل فصائلها . . إنهم الطائفيون والعنصريون الذين واللـه ما هادنتهم يومـا ، وما هادنت ابن شـعبنا الذين هـادن جورهـم . . وقسـما لـن أهادنـهم في فكري وقلمي  ما دمت في الحياة لأنـني لا أهـل لـي ولا أصدقاء  أكثـر من شـعبي ( الكلداني السـرياني الآشـوري ) ومصلحتـه . . وقرأت الكثير لأخوتنا من شـعبنا  ، يشير إلى الحاجة إلى مقاطعة كل ما يمت لانتخابات مجالس المحافظات بصلـة بعد مصادقة مجلس الرئاسة على قرار البرلمان الجائـر بحق شـعبنا ،  وسأكون سعيدا ومباركا إذا تمسـك من قالوا حق  المقاطعة بكلامهم . . أما من يتراجع منهم عن كلامه ـ ونأمل أن لا يتراجع أحـد ـ فلا عتـاب لما سـنتكبه عـنه ، ولكل حال ووقت ما يتطلب من حديث .

    الرجـولة ، هي كمال الصفات المميزة للرجل والمعبـرة عن شـجاعته وعزمـه وقـوة شـكيمته ، وعادة يوصف من لايلتـزمها بأنه " يفتـقر إلى الرجولة " . . وأي أمر يتطلب الرجولة أكثر من الحـق ، وأي حق هـو أفضل من حقوق الشعب بكامله ، ومتـى هُـضمت هـذه الحقوق ماذا يبقى مـن الحق وأين تُـصبح الرجولة وماذا يبقى من الإنسان نفسـه ؟ ؟ مجرد هيكل خـال من مشاعر الإنسان والإنسانية النبيلة . . نعـم شـعبنا معروف بأنه حليم ومهـادن ، ولكن الحكماء يقولون : إتـق غضب الحليم . . ومـن حق شـعبنا الحليم أن يغضب اليوم ويرد الصاع صاعين على الذين سـلبوا حقـه . .

      نعم إنـه لايستطيع أن يقاتلهم فهم أقوى منه عددا وعـدة وسـلاحا وفتكا أهـوج ، ولكن وسـائل الرد كثيرة بالمواقف الصارمة الرجولية ،  إستنادا إلى المستطاع ، وفي هذه الحال التي شـعبنا يخوض غمارها لاجدوى من الهوسات والإستنكارات ونقلها من وسائل إعلام شعبنا ، فعادةً الأشرار واللصوص يقهقهون عندنا يشاهدون هوسات البعض من أبناء شعبنا واستكاراتهم الممزوجة بالآهات والدموع والمناشدة والتوسل وكل أساليب الضعفاء المقهورين . . آه وألف آه على الذي علم شـعبنا هذا النهج التايـه وروّج لـه ونقله ونشـره مفرحا الأشرار لأن من أرادوا النيل منهم لاحول لهم ولا قوة إلاّ البكاء والعويل في الشوارع والطرقات وسطوح المنازل وقرع الأبواب وهـم يمدون الأيدي كالمشـعوذين . .

      أجـل ليغضب شـعبنا هذه المرة ويقاطع ترشيحا وانتخابا مهزلة العنصرين والطائفيـين ، ولتكن شـعاراته : من يتـرشح ومـن ينتخب إنه اسـخريوطي طارئ على ( الكلدان السريان الآشوريين ) لأنـه  لـم يـتم القبول بالحق المسيحي كاملا كما قدمه ديمستورا وهو ثلاثة مقاعد في كل من مجلسي محافظتي نينوى وبغداد  . . هـذا هو الصحيح البديل عن هزيل واحد بين أكثر من 30 شخصا في مجلس نينوى  وهزيل آخر في مجلس بغداد بين أكثر من خمسين شخصا . . ما الداعي لوجود هذا الهزيل ؟ الأفضل ليعرف العالم أن شـعبنا سيقاطع ويرفض ويضرب بقدمه كل صدقة لأنه لايقبـل الصدقات وإنما حقـه نـدا بنـد ، وإلاّ ( مالازم ) . . ليعرف العالم أنه يرفض صدقة الأشرار والآن سيقاطع ويقاطع حتى يحصل على الحكم الذاتي في أرضه التأريخية ، أرض آبائه وأجداده ، الأرض التي يعيش فيها شـامخ الرأس بعدما سلمت من كل الأشرار وبمن فيهم الشرير صدام الذي عادت إلى الحياة القرى التي دمرها وشرد أهلها رغم أنفه وأنف بعثه وأنف كل والاه وسار وراءه وأيضا رغم أنف كل الطائفيين والعنصريين الذين يراهنون على التضييق على شعبنا لدفعه قسرا أم طوعـا على الهجرة . . موتوا بغيضكم فلم يحصل على مرادهم السابقون ولـن يحصل عليه اللاحقون . . وموتوا بغيضكم وبئس شروركم  .

   كانـت جدتي ، رحمها اللـه ، عندما تسمع أن أحدا منح شخصا شـيئا تافها ، تقول : ما هـذا ، هل هـو برنوطي ؟ وكلمة برنوطي ، كما يبدو أنها غير موجودة في قواميس اللغة لأنها كلمة موصلية عامية تطلق على كمية صغيرة من دقيق التبغ يضعها أشخاص من كبار السن وخصوصا النساء في أنوفهم ليعطسوا في حال إنسداد أنفهم أو وجود ضيق في تنفسهم ، وكما ذكرت يبدو لي أن هذه التسمية هي شعبية موصلية بدليل إنتشارها في الموصل والقرى المجاورة لها ، وكانت عائلة مسيحية صغيرة في الموصل تبيع التبغ ، ويأخذ الناس منها مجانا دقيق التبغ لاستعماله برنوطي فصار لقب هذه العائلة برنوطي ، وأتذكر وأنا صغير السن أن شخصا من عائلة برنوطي ترشح لأحد مقاعد المسيحيين الثلاثة في الموصل لانتخابات البرلمان العراقي عام 1955 ، فكنت أسمع من المسيحيين يقولون : هل يوجد مجنون ينتخب   برنوطي ويترك نجيب الصائغ وتوفيق السمعاني ومتي سـرسم ؟ .

     حلّـت هذه اللوحة من الذكريات أمامي ، بعدما عـدت من رحلة عمل لأيام عـدة في بلغاريا ، وفتحت الكومبيوتر كعادتي قبل أن أتحرر من ملابس السفر التي كنت أرتديها ، وبدأت أبحث عن ردود الفعل على قرار برلمان المحاصصات الطائفية العنصرية الذي خشي أن لاتعمل الأقليات إنقلابا على نظامه  السئ الصيت من خلال وجود 12 مقعدا لها بين حوالي 450 مقعدا في مجالس المحافظات العراقية ( عدا إقليم كردستان وكركوك حيث لن تتم فيها الإنتخابات ) فأنقصوها إلى ستة مقاعد موزعة بين أربع أقليات ( مسيحيين وأيزيدية وصابئة وشبك ) وجعلوها برنوطي تعمل عطاسا فقط في العراق من دون القيام بانقلاب . . ماشـاء اللـه على الذكاء الخارق للعقلية المتخلفة من نتاج الديمقراطية اللعينة التي منحها الأميركيون لهكذا نماذج وعقليات وعنصريين وطائفيين برعاية أميركية لاينطلي بؤسها إلاّ على أشباه الطائفيين بأنها ديمقراطية للعراق وللعراقيين . . والعراق والعراقيون أبرياء من أصحاب هذه العقلية وهذه العنصرية وهذه الطائفية وهذه الديمقراطية  ، براءة الذئب من دم إبن يعقوب . .

    أمـا أنتم يا أيها اليونانيون القدماء الذين أوجدتم كلمة الديمقراطية قبل نحو 2400 عام فارتاحوا حيث أنتم لأنكم لو عدتم إلى الحياة لخجلتم ممـا شـوّه الآخرون ما أردتم أن يكون خيرا للإنسان والإنسانية إلى أبـد الآبدين . . لكن هبوب رياح السَـموم في زمن تعلو فيه مصالح الأميركيين والأوروبيين على كل القيم والأخلاق والإنسانيات والحقوق . . حتى لـو قادت أميركا وأوروبا من خلال هـذا المطاف الأعمـى إلى الهاويـة التي أخذ منـذ مدة يحذر منها خبراء الشـؤون الدولية .

    ولكي لاأطيل في موضوع أردته طارئا وآنيا ، أقول : كفانا تصديق كلامهم المعسول ، لأنه مجبول ( سـم في الدَّسَـم ) وافتراءات فاقت كل ما ابتكره النازي غوبلز من كذب ، مثل : ما ورد على لسان الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية العراقية اللواء الركن عبدالكريم خلف وهو في بيروت ( بعدما بعثوه من هم على شاكلته أو استدعوه في حقدهم على المسيحيين  ) ليتحدث في محاضرة بمعهد  الدراسات الستراتيجية في بيروت ويقول هذا الكلام في بداية تشرين الثاني 2008 ( أي الشهر الذي نحن فيه ، بعد إعلان المنظمات الدولية ووزارة الهجرة والمهجرين العراقية أن عدد المسجلين لديها من الذين هجروا من الموصل يزيد عن 2300 عائلة ) ليردد هذا الناطق ( نوع الحق ) الذي تقوله حكومته العراقية ، بالنص : ويبدأ أولا بالمعزوفة الخداعية التي سـمعناها من كل الطائفيين والعنصريين ، وهي (( إن المسيحيين هـم مكون رئيسي وأساسي في أرض العراق وهذا هو التأريخ فلا يقـدر أحد على تجاوزه أو نكرانه أو تغييره . . ناهيك عن كون المسيحيين هم دائما نقطة إلتقاء لجميع العراقيين ، وفي كل الأزمان يكونون عنصر حل للشعب حتى في أيام الدولة العباسية وإلى يومنا هذا ، ولا داعي للتعريف بالوطنيين من المسيحيين الذين خدموا العراق في كل المجالات الإنسانية والإجتماعية والسياسية . . . )) 

     ثـمّ  يبدأ بوضع قطرات السم ، ويقول ((  الكل يعرف أن الحكومة يهمها ضمان أمن وسلامة الشعب العراقي بكل أطيافه ، وخاصة المسيحيين هذا الطيف الجميل والرائع . . . تألمنا كثيرا بأحداث التهجير . . . وكانت إجراءات عاجلة من الحكومة ووزارة الداخلية . . لوقف هذه الموجة الدنيئة على الفور واعتقال مسببيها . . وتم إيقاف التداعيات في وقتها لكن حجم وهول الكارثة بسبب الإشاعات القوية التي كانت تضغط على الأخوة المسيحيين ونفسيتهم فكان هناك هاجس عند الأخوة المسيحيين بأن هذه العملية سوف تطال الجميع في الموصل . . وبالفعل هُـجر ما يقارب الألف عائلة معظمهم هاجروا طوعا دون أن يتعرضوا للتهديد أو إعتداءات مباشرة ومسلحة وكل ذلك بسبب الضغط النفسي الهائل الذي مورس على المسيحيـين بالموصل . . وأنا كنت متابعا للقضية بحكم عملي في عمليات وزارة الداخلية . .  وكلمة أخيرة أوجهها للأخوة المسيحيين بعدم المضي وراء الإشاعات والتهويل بالأمور ولتكن ثقتكم بالحكومة قوية فهي المسؤولة عن ضمان أمن جميع العراقيين بالمساواة )) أسأل كل من يقرأ هذا التصريح أن يفكر مليا ويعطي رأيه بهؤلاء الحكام ، أما أنا فرأيي معروف بأنه لم تكن لي ثقة بالأمس بهم ولن تكون اليوم أوغدا . . ثـمّ  ألـم أكـن على حق حين نشـرت تحقيقا بعنوان ( مسـيحيو الموصل يحمّـلون الأميركيين وسـلطات محلية مسـؤولية تهجيرهم ! ) بكل الصفحة 15 من جريدة الحياة ليوم الجمعة 31 / 10 / 2008 ؟ ونشـرته المواقع مشـكورة أيضـا نقـلا عـن جريدة الحياة .

        وثـقتي الوحيدة هي بشعبي ( الكلداني السرياني الآشوري ) وموقف التحدي الذي يتخذه والمستقبل الشامخ الذي يضعه نصب عينيه بالصمود في أرضه وحكمها ذاتيا بنفسه ، لأنـه لا خلاص لـه من الأشرار بغير ذلك . . والمستقبل شاهد سيقول كلمته . . وتبّـاً لأولئك المحدودي الأفق والتفكير الذين يتصورون الحكم الذاتي إنـه العيش في منطقة صغيرة وداخل قفص ، في حين يعتـبرون التشتت في كل مكان في العراق من الشمال حتى البصرة حياة فاضلة . . ونـم قريـر العين رغم شـرورك يا صـدام فلا يزال بيـننا من يـردد كلماتك عـندما سُـئلت عن سبب تدميرك 183 قرية لمسيحيي العراق وقدمت أراضي غيـرها من قراهـم لشـذاذ الآفاق للإستيطان فيـها . . إن مشكلة شـعبنا لاتـزال مع ضيق التفكير والتـقدير في صفوفه كما هي مع المعتـدين عليـه . . لكن عـزم الخيرين سـيبقى دائما مفتاح الفـرج  نحو المستقبل الشامخ الصامد السعيد لمعاناة هـذا الشعب مـن كارهيه وأيضا من سـوء فهـم  بعض أهلـه وتقـديرهم للراهـن والآتـي   .

     ولن أكتفي بالكلام الذي تناولته  للناطق باسم وزارة الداخلية العراقية ، وأضيف عليه هذا الكلام المعسول لرئيس ( ما يسمى ب) مجلس النواب محمود المشهداني الذي يقول في كلامه المنشور يوم 4 / 11 (( . . إن المسيحيين في العراق لايحتاجون إلى كوتـه فهم مطلوبون ويحضون بمحبة واحترام الجميع ، وأن مقعد واحد خصص لهم لايعني أن هذا استحقاقهم فالكل بحاجة إليهم . . وإن ماحدث في الموصل كانت عملية سياسية مقصودة كنا قد حذرنا قبل وقوعها . . ولا خوف على المسيحيين وليس هناك خطرا عليهم فهم سكان العراق الأصليين ولكنني أخشى أن يستمر الخوف لديهم . . . )) مَـن تخـدعون مَـن . . صـرنا نقـرأكم جيـدا بـدل أن نقـرأ الممحي منكـم  .

    أمـا أنتم أيها المتظاهرون في ديار الغرب فأقول لكم ولمن ينقل صوتكم ومن يظهره  ومن يعرضه ، أن كفاكم نهجا لايقل خداعا عن حكومة بغداد والناطقين باسمها ، لأنكم ، وهذا عار ، تستغلون محنة أهل الموصل وآلامهم لأغراضكم ومصالحكم . . أجل تستغلونها لتفـريغ العراق من شعبه ( الكلداني السرياني الآشوري ) وهذه نماذج غيض من فيض : 

   نشرت وسائل الإعلام بتاريخ 18 / 10 / 2008 ، بناء على أصوات التظاهرات والبيانات  ( وكانت أحداث الموصل بدأت يوم 7 / 10 / 2008 ) (( نددت الحكومة الألمانية ولجنة حقوق الإنسان في البرلمان الإتحادي والكنيسة أمس بما يتعرض له مسيحيو العراق من قتل وتهجير واضطهاد من أطراف مسلحة ، ودعوا الحكومة العراقية إلى تأمين مزيد من الحماية لهم ، ووصفت الحكومة الألمانية مايحصل في حق مسيحيي العراق ، وخصوصا ما يجري حاليا في مدينة الموصل ، بأنه " إنتهاك خطير لأبسط المبادئ الإنسانية . . وأصدرت لجنة حقوق الإنسان في البرلمان الإتحادي بيانا طالبت فيه الحكومة بالعمل في صورة منفردة على استقدام لاجئين عراقيين إلى ألمانيا حتى قبل حصول اتفاق على ذلك داخل الإتحاد الأوروبي ، وطالبت اللجنة بأن يقر مؤتمر وزراء داخلية الولايات الألمانية مثل هذه الخطوة في اجتماعه المقرر عقده بعد حوالي شهر . . ورحبت الكنيسة الكاثوليكية في ألمانيا ببيان لجنة حقوق الإنسان البرلمانية وحضت الحكومة على تقديم لجوء فوري للاجئين العراقيين . . . )) المهم هنـا بالنسـبة للمتظاهرين وأصحاب البيانات استـقدام لاجئين . .

    ونشـرت وسائل الإعلام عـن الإجتماع الموسع الذي عُـقد في 19 / 10 / 2008 في قاعة آشور بانيبال بمدينة يوتيـبوري السويدية ، وذلك ( حسب ماذكره البيان ) حول التطورات وعملية التهجير والقتل التي طالت أبناء شعبنا في الموصل . . وحضر الإجتماع : كنيسة مريم العذراء للكنيسة الشرقية القديمة ، كنيسة مار كوركيس لكنيسة المشرق الاشورية ، نادي حمورابي ، جمعية نينوى النسوية ، نادي آشور بانيبال ، جمعية عشتار ، اتحاد الاندية الاشورية في يوتيبوري ، الحركة الديمقراطية الاشورية منظمة يوتيبوري ،  الجمعية الخيرية الاشورية في السويد . . وقد توصل المجتمعون إلى ( وهذا نص أحد البنود التي توصل إليها المجتمعون بحسب البيان الذي تم إعلانه ) : (( وقـد تطرق الحاضرون في الإجتماع أيضا حول التطورات والمشاكل التي يواجهها ابناء شعبنا طالبي اللجوء في السويد وقضية الرفوضات والطرد التي تصدرها دائرة الهجرة بحقهم )) وأنا أقول لكم : ما علاقة هذا بمحنة المهجرين من الموصل ؟ أليس هذا إستغلالا لمأساتهم لقضايا ناس لا علاقة لهم بها ، ولو كنتم محامين عن هؤلاء المرفوضين بالسويد كان عليكم أن تبحثوا قضيتهم في مجال خاص بهم وليس باستغلال مآسي أهل الموصل ؟ أهل الموصل المهجرين ليسوا بحاجة لهكذا بيان منكم أو لإعلانكم أيضا في هذا البيان عن (( تكوين لجنة خاصة لاقامة مظاهرة في مدينة يوتيبوري احتجاجا على ما يحدث لابناء شعبنا في الموصل ))  ماذا تريدون من المظاهرة ألا يكفي ما ورد في هذا البيان  في شأن قضية الرفوضات والطرد التي تصدرها دائرة الهجرة . . وإنما تريدون دعمها في الشارع لينقل مراسلو عشتار صوركم وتملقكم في أحاديثكم ؟ آه كنت أتمنى لو كان آشور بانيبال حيّـا لطردكم من قاعته وقال لكم بأعلى صوته : إن أهل الموصل يريدون أن يعرفوا كم جمعتم من التبرعات المالية لهم التي أعلنتم عنها وليس أن تعلنوا من عشتار كم تبرعتم من الإدانات والإستنكارات والكلام الفارغ ؟ . . سـأكون في منتـهى السـعادة لـو كتبتم ردودكم ليصبح المجال وافـرا لفتح كل الأبـواب على كل مصاريعـها ولـن نسـكت حتى ننشـر كل الأمـور على الحبـال في مهـب الرياح ، إنطلاقـا مـن متطلبات مصلحة شـعبنا التي هـي فـوق كل إعتـبار . 

   ونشرت وسائل الإعلام في 1 / 11 / 2008 (( شهدت مدينة هلمسـتاد السويدية ، السبت ، تظاهرة للتضامن مع مسيحيي العراق واستنكارا لاعمال العنف التي استهدفتهم في مدينة الموصل . . وقال مهند عزيز أمين سر النادي الآرامي الذي نظم التظاهرة . . رفع المتظاهرون مذكرة إلى المجلس البلدي في مدينة هلمسـتاد والبرلمان السويدي والبرلمان الأوروبي دعوهم فيها إلى الوقوف بوجه الجرائم التي يتعرض لها المسيحيون في العراق ، وأضاف عزيز أن المتظاهرين طالبوا بتسهيل إقامة العراقيين في بلدان المهجر المختلفة وناشدوا الضمير العالمي بتقديم المساعدات العاجلة إلى شعبنا المهجر في الداخل . . . )) المهم من التظاهرة كما يبدو  بالنسبة لمنظميها . . تسهيل إقامة . .

    أكـرر هـذا غيض مـن فيض ، والسـاكت عن الحق شـرير أخـرس . . ودعوتي إلى أخوتي الكتاب الأوفياء لشعبنا وأمتـنا أن يشـرّعوا أقلامهم كالرماح للدفاع عن حقوق شعبنا ومقاومة التخاذل والتصدي لكل من يتعامل مع مجالس المحافظات ترشيحا أو إنتخـابا وأن لاسـكوت عن كل من يسـتغل محنة أهلنا في الموصل لمآرب خارج إطار قضيتهم وتقديم العون الواضح لهم ، أجل لكل من يستغلهم لغرض خاص أو إعلام في غير وجهـه الصـائب ومحلـه الصحيـح والمفيـد والمثمـر . . الحق حق وكفى مجاملة أو سكوتا .

16
مسيحيو الموصل يحمّلون الأميركيين وسلطات محلية مسؤولية تهجيرهم!
مسلمون يحرسون منازلهم وهيئات محلية ودولية تتولى إغاثتهم ...

جميل روفائيل     الحياة     - 31/10/08//
أثارت أعمال التهجير التي تعرض لها مسيحيو مدينة الموصل (390 كلم شمال بغداد) اهتماماً واسعاً محلياً ودولياً، لكونهم من أقدم سكان المدينة ويشكلون مكّوناً رئيسياً فيها.

وساهمت التصريحات المتناقضة التي صدرت عن السلطات في الموصل ومحاولاتها نفي المعلومات المتداولة من داخل الموصل وأحاديث المهجرين، في زيادة الشك في صدقية تعامل الأطراف الحاكمة بحسب المحاصصات الطائفية والعرقية، مع هذه القضية ذات الأبعاد الوطنية والإنسانية، كما أن عدم مبالاة القوات الأميركية المنتشرة في الموصل بما يجري ساعد في غموض الصورة ووضع المسيحيين في حال من فقدان الثقة وعدم الاطمئنان إلى وجود من يحميهم، بحيث بات السبيل الوحيد لنجاتهم هو فرارهم إلى ضواحي الموصل الشرقية والشمالية التي تنتشر فيها البلدات والقرى المسيحية والأديرة والكنائس.
2200 عائلة
أبلغ عادل ميخا رفوكا مسؤول لجنة الهجرة والمهجرين في المجلس البلدي لقضاء تلكيف «الحياة» أن «نحو 2200 عائلة (حوالى 11 ألف شخص) مسيحية غادرت الموصل في موجة الهجرة الحالية وتم تسجيل غالبيتها لدى الجهات المختصة الحكومية والإنسانية (حتى الاثنين 27/ 10) في أقضية تلكيف والحمدانية والشيخان ذات الغالبية السكانية المسيحية وفي محافظتي دهوك وأربيل، إضافة إلى أكثر من 400 عائلة أخرى توجهت إلى سورية ولبنان. وبحسب المعلومات، لا يزال يوجد داخل الموصل أكثر من 7000 عائلة يحميها جيرانها وأصدقاؤها المسلمون الذين إمّا نقلوهم إلى بيوتهم أو أرسلوا أولادهم لحراسة دورهم وتوفير حاجاتهم الغذائية، بانتظار تطور الأوضاع، إذ من الصعب أن تستمر حبيسة البيوت بحراسة المعارف المسلمين، علما أن الموصل كانت تضم أكثر من 20 ألف مسيحي عام 2003 وبسبب المغادرة المتواصلة للمدينة نتيجة عمليات القتل والاعتداءات بات عددهم قبل الهجرة الأخيرة في حدود 10 آلاف إلى 15 ألف شخص».

وأضاف: «شكلت هذه الموجة عبئاً على سكان القرى المسيحية في المنطقة، الذين توافد عليهم الآلاف من مسيحيي العراق في السنوات الخمس الأخيرة، بينهم 2800 عائلة استقرت في قرى قضاء تلكيف من ضمنها مئات العائلات من الموصل نفسها، وزاد من تفاقم محنة النازحين حالياً أن منظمات الإغاثة لم تهتم بهم منذ البداية بسبب التعتيم الإعلامي الذي مارسته السلطات في محافظة نينوى (الموصل) وفي بغداد، ما جعلنا نشكل لجنة في كل قرية من ممثلي الأحزاب وكاهن القرية ومختارها، لمعالجة أمور القادمين الخاصة بالسكن والمواد الغذائية والدراسة... واضطررنا في البداية إلى جعل الكثير منهم في ضيافة الأهالي بعدما اكتظت الكنائس والأديرة والقاعات بهم، قبل ان يتولى فرع الهيئة الطبية الدولية في أربيل تقديم المساعدات والمواد الغذائية لهم، إضافة إلى منح وزير مالية إقليم كردستان سركيس أغاجان (من طريق غرفة عمليات المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري) 250 ألف دينار عراقي (225 دولاراً) لكل عائلة، ووزارة الهجرة والمهجرين العراقية (منحة رئيس الوزراء نوري المالكي) 300 ألف دينار (265 دولاراً) لكل عائلة، وقدمت جهات إنسانية محلية ودولية مساعدات مالية وغذائية ومواد إغاثة أخرى متنوعة، ومن هذه الهيئات الهلال الأحمر العراقي ومنظمة الصليب الأحمر الدولي ومنظمة الإغاثة الإسلامية الدولية وحكومة اقليم كردستان والشيخ عبدالله عجيل الياور عن العشائر العربية في محافظة نينوى».

وأوضح مسؤول لجنة الهجرة والمهجرين في المجلس البلدي لقضاء تلكيف، أنه «حضر الأربعاء في 15/ 10 مع ممثلي الأقضية والنواحي والمهجرين، اجتماعاً في ناحية برطلة في قضاء الحمدانية ضمّ وزراء الحكومة العراقية للدفاع والتخطيط والصناعة والهجرة والمهجرين وقادة عسكريين وأمنيين من بغداد والموصل وعدداً من أعضاء البرلمان والناطق العسكري للقوات العراقية، الذين تفقدوا المهجرين واستمعوا منهم إلى الوضع العام في الموصل الذي رافق ارتكاب الجرائم، وقدم الناطق العسكري اعتذاره عن التصريحات الخاطئة التي كان أدلى بها في شأن هول الكارثة، موضحاً أن ما صرح به في خصوص المبالغة سببه معلومات غير دقيقة تم تزويده بها من الموصل وسيتم فتح تحقيق في شأنها».

وبالفعل، وصل الى الموصل بعد عودة الوفد لواءان من الجيش والشرطة، إضافة إلى مجموعات عسكرية وأمنية أخرى انتشرت بكثافة في أنحاء المدينة وخصوصاً في مناطق وجود المسيحيين، الذين يبدون رغبة في العودة في حال التأكد من تحسن الوضع الأمني، فيما عاد كبار السن والنساء من نحو 200 عائلة إلى منازلهم في الموصل لمعاينة الوضع.
شهادات واقعية
يقول شماس حنا (45 عاماً) وهو نزح إلى بلدة ألقوش (40 كلم شمال الموصل): «إن ما حصل حالياً كان منظماً وبالاتفاق بين جهات إجرامية وعناصر من السلطة، غايته إخلاء الموصل من المسيحيين بدليل أننا رأينا عربات للشرطة وعليها مكبرات الصوت تجوب الشوارع وتخيّر المسيحيين بين اعتناق الإسلام أو دفع الجزية أو الرحيل أو مواجهة القتل، كما رأينا شباباً من دون أي قناع يلصقون بيانات على جدران المساجد والكنائس وأطراف الشوارع تتضمن الخيارات نفسها وإقامة نقاط تفتيش في شوارع المدينة وفحص الهويات لمعرفة المسيحيين، وكل هذا يجري علناً عكس حالات القتل والخطف السابقة التي كانت متفرقة ومتباعدة، واخترنا الهروب ما دامت الأوضاع أصبحت خطيرة تسودها الحيرة والغموض».

 وأضاف: «من الصعب أن نثق بسلطات الموصل ما لم تُتخذ إجراءات جذرية وشاملة فيها، لأنها كانت السبب في كل محن الموصل ومن الصعب التصديق أنها ستغير سلوكها، مع اعتقادنا بأن الأميركيين يدعمونها لأن تصرفاتها تمنحهم الذرائع لبقاء قواتهم في المدينة... وقد علمنا بنشر قوات كبيرة من الجيش والشرطة ولكن لا تزال الإجراءات دون المستوى الذي يضمن الاطمئنان، حيث ان عمليات اعتقال المشتبه بهم تسير ببطء ولا يتعدى عدد المعتقلين بضع عشرات من الأشخاص على رغم أن أفراد عصابات الإجرام يعدون بعشرات الآلاف وهم معروفون لدى الشرطة، ولم تعرض الحكومة معلومات واضحة عن أي معتقل أو عن اعترافاته ليقف الناس على الحقيقة... ولا تزال التهديدات متواصلة فقد تم توزيع منشورات تهديدية جديدة للمسيحيين مساء 25/ 10 في حي العربي الذي تسكنه أعداد كبيرة من المسيحيين، والكل يعرف أن الأمن لن يسود الموصل ما لم تتم حملة تصفية جذرية للمجرمين والعناصر الحكومية والأمنية المتواطئة معهم، وهذا ما تتجنبه الحكومة في بغداد دائماً لأسباب مجهولة لدى عامة الناس، ولهذا تهدأ الأمور فترة ثم تعود أعنف مما كانت عليه، منذ خمس سنوات وحتى اليوم».

وشكر شماس حنا جيرانه وأصدقاءه المسلمين الذين زاروه في ألقوش للاطمئنان على وضعه وعرض مساعداتهم عليه، وأكد أن الكثير من المسلمين يزورون معارفهم المهجرين في مختلف القرى باستمرار، ويقدمون لهم صورة عن الوضع في الموصل، وهم المصدر الرئيس لمعلومات المهجرين عن أحوال الموصل الحالية.

ويؤكد نعيم أبلحد (النازح إلى بلدة قره قوش بغديدا 25 كلم شرقي الموصل) وهو موظف حكومي: «تمت أعمال القتل والتفجير والتهديد علناً، وعندما كنّا نراجع السلطات لم نكن نحصل على غير الوعود الكاذبة، ونحن حالياً في حال من عدم الثقة ولا يمكن أن نصدق ما نسمعه من السلطات إلاّ بعد مرور وقت مناسب وتنفيذ اعتقالات ومحاكمات علنية للمجرمين وإبعاد المسؤولين الحكوميين والأمنيين الذين تثبت علاقتهم بالجرائم التي حدثت».

وقال عضو برلمان إقليم كردستان روميو هكاري لـ «الحياة»، ان «برلمان الإقليم طالب السلطات بالإسراع في إعادة المهجرين إلى المناطق التي غادروها نتيجة الاعتداءات، وذلك في جلسته التي استمع فيها إلى تقرير قدمه هو (روميو) عن أوضاع المهجرين بعد زيارة قام بها برفقة زميله العضو في البرلمان جمال شمعون للكثير من القرى التي لجأوا إليها، وخصص البرلمان مئة مليون دينار (حوالى 90 ألف دولار) لمساعدة النازحين». ورفض هكاري محاولات بعض الجهات الربط بين الاعتداءات التي يتعرض لها المسيحيون وبين مطالبتهم بحقوقهم في التمثيل في المجالس البلدية ومنطقة الحكم الذاتي، خصوصاً أن مدينة الموصل ليست ضمن منطقة الحكم الذاتي التي يطالب المسيحيون (الكلدان السريان الآشوريون) بها. وأكد هكاري، أن مجلس النواب العراقي سيوافق قريباً على مطلب المسيحيين (الكلدان السريان الآشوريين) بتخصيص مقاعد ثابتة (كوتا) لهم في مجالس المحافظات يتم انتخاب ممثليهم من جانبهم «على رغم التأخير الذي حصل في إقرار هذا الحق بسبب الخلافات بين النواب الأكراد والنواب الشيعة على أمور أخرى لا علاقة للمسيحيين بها».

ومع ذلك لا يزال الغموض يخيم على الجهة القائمة بالاعتداءات ضد المسيحيين، فمحافظ نينوى (سني) دريد كشمولة ونائبه (كردي) خسرو كوران تفقدا النازحين ونفيا أن تكون للحكومة علاقة بما يحصل، وخطباء الجوامع في الموصل دعوا إلى وضع حد لمسلسل استهداف المسيحيين، والحزب الإسلامي في الموصل دعا الحكومة إلى التدخل الفوري للحد من اغتيال المسيحيين، ووجهاء أحياء في الموصل تعهدوا بحماية المسيحيين... وحتى الفصائل الإسلامية المسلحة دانت ما يجري من تهجير للمسيحيين، ومنها (جبهة الجهاد والتغيير) التي تتكون من 8 فصائل مسلحة بينها (كتائب ثورة العشرين وجيش الراشدين وكتائب محمد الفاتح) أعلنت رفضها الأعمال المسلحة التي تستهدف المسيحيين في الموصل... اما تنظيم «القاعدة» فقد أصدر بياناً نقلاً عن أبو عثمان الأنصاري أحد قيادييه في الموصل نفى علاقته بعمليات التهجير وأكد وجود مراسلات بينه وبين الطائفة المسيحية، واعتبر الجيش الإسلامي «أن ما يجري للنصارى يدخل ضمن محاولات تشويه صورة المجاهدين وسيقوم المجاهدون بملاحقة الأشرار الذين يقفون وراء هذه الجرائم وإنزال القصاص العادل بهم». أما الجهة التي أطلقت على نفسها «جبهة الدفاع عن حقوق المسلمين» وأعلنت مسؤوليتها عن استهداف المسيحيين فهي غير معروفة ولم يسمع أحد بها قبل الآن، ما يدعو إلى الشك في حقيقة وجودها أصلاً.
اسماء ضحايا
أسماء المسيحيين الذين تأكد اغتيالهم بحسب تقارير المستشفيات في الموصل حتى 12/10/2008، علماً انه يوجد نحو خمسين مسيحياً آخرين من المخطوفين والمفقودين لا يعرف مصيرهم:

1- بشار نافع سعيد (28/9 مهندس اغتيل أمام داره في حي البلديات) 2- حازم توما يوسف (4/10 اغتيل في محله في باب السراي) 3- إيفان انويا يونادم (4/10 اغتيل بالقرب من منزله في حي التحرير) 4- زياد كمال (معاق 6/10 اغتيل في حي الكرامة) 5- امجد هادي بطرس (عامل بناء 7/10 اغتيل خلال عمله في حي الصديق) 6- ولده حسام أمجد هادي بطرس (7/10 اغتيل مع والده خلال عملهما في بناء أحد الدور في حي الصديق) 7- خالد جرجيس السماك (7/10 صيدلي اغتيل في حي المحاربين) 8- جلال موسى عبدالأحد (8/10 اغتيل قرب منزله في حي النور) 9- واركيس ألطون (12/10 اغتيل في محله في حي الإخاء) 10- آرا ألطون (12/10 اغتيل خلال وجوده في محل عمه واركيس في حي الإخاء) 11- ريان نافع بشير (12/10) 12- الدكتور طارق القطان (12/10) 13- نافع بشير جموعة (12/10) (هؤلاء قتلوا خلال فترة التهجير الحالية).

 (أسماء أشخاص قتلوا قبل ذلك في فترات متفرقة)


14 - المطران بولص فرج رحو 15 - فارس جرجيس خضر 16- رامي حكمت بولص 17 - الأب يوسف عادل عبودي 18 - الأب رغيد عزيز كني 19 - وحيد حنا ايشوع 20 - بسمان يوسف داود 21 - غسان عصام بيداويد 22- الأب منذر السقا 23 - الأب بولص اسكندر (عثر على جثته مقطوعة الأجزاء) 24 - سمير الشماس 26 - ماثيو شمعون بطرس 27 - بسام يوسف الياس 28 - باسم حنا عبو 29 - فوزي اوكينا 30 - خالد كوركيس ساكو 31 - فادي ميخائيل حناني 32 - نعمت متي جدو 33 - نزهت صليوا يونان 34 عبدالكريم هرمز بحودا 35 - توما هرمز كني 36 - عامر جميل قطان 37 - البير يوسف كوركيس 38 - شكيب بولص اسحق 39 - خيري بولص القس اسحق 40 - غسان الموصلي 41 - سنابل نوئيل الطباخ 42- ايمن ايشو 43 - فارس ايشو 44- رائد ابلحد 45 - عبد الخالق باكوس 46 - راني يوسف حنا 47 و 48 - مازن ابونا وأمه 49 - هيثم خضر 50 - اردوان جميل يونان 51- سركون صباح يعقوب 52 - فارس دانيال زيتونة 53 - هيثم حازم غزالة 54 - جميل حنا سيفو 55 - رعد جميل ميخا 56 - زيد وليد البراق 57 - انمار اكرم رفو 58 - زهير يوسف اسطيفو 59 - لؤي سلمان نعمان 60 - فادي حبش 61 - ثامر نجيب عزوز 62 - اكرم عزيز يوسف 63 - نمرود عيسى اسطيفو 64 - هاني يوخنا نعوم 65 - ريمون فارس شمعون 66 - فراس موفق هادي 67 - رعد ايشوع نعوم 68 - نيسان صليو شموئيل 69 - خالد بولص توما 70 - بسام صبري جرجيس 71 - ميسر رفو جبو 72 - ابراهيم منصور كيخوا 73- صفاء صباح خوشي 74 - رغد مرقس 75 - منتهى سليمان النجار 76 - سعاد سعيد ابراهيم 77 و 78 - دليلة وابنتها 79 - تغريد عبد المسيح 80 - حلا عبد المسيح 81 تارا بطرس هدايا 82 - ياسمين بوداغ موشي 83 - سناء توما 84 - فالنتينا بشير فرج 85 - منال سعدالله متي 86 - ماروسا جرجيس 87 - هيلدا زهير اسطيفان 88 - اسماعيل يوسف صادق (قاضي في محاكم الموصل ) 89 - صباح هرمز بوتاني 90 - يوسف نبيل اسماعيل 91 - كوركيس بريخا يوحنا 92 - رعد القطان 93 و 94 - صابر خليل داود وشقيقه.
الموصل والتاريخ
تمثل الموصل إحدى أقدم مدن العراق، إذ نشأت بعد سقوط نينوى (612 ق. م.) حيث انتقل إليها من تبقى من سكان نينوى الآشوريين وسموها (حصنا عبرايا) أي (القلعة التي على الضفة الأخرى) من دجلة ، وعند دخول المنطقة ضمن الدولة العربية الإسلامية (637 م) أطلقوا عليها اسم الموصل لوقوعها على الطريق الموصلة بين الشام وبلاد فارس، ولها ألقاب عدة من بينها : الحدباء والخضراء والفيحاء وأم الربيعين ، وانتشرت فيها المسيحية منذ القرن الأول الميلادي، وظلت راسخة على رغم الاضطهادات التي تعرض المسيحيون لها، وقد توافر لهم الأمان في القرن العثماني الأخير والعهد الوطني الملكي الذي تلاه، فأصبحت مقراً لبطريركية الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية في العالم ومركزاً رئيساً في بلاد ما بين النهرين لزعامات الكنائس الشرقية، وكانت نسبة المسيحيين فيها خلال العهد الملكي في حدود 25 في المئة من سكانها بدليل أنه كان يمثلهم نائبان أحدهما كاثوليكي والآخر أرثوذكسي في مجلس النواب العراقي من مجموع سبعة نواب يمثلون المدينة، في حين كان يمثل نائب واحد القرى المسيحية المحيطة بها، علما أن التمثيل المسيحي الكلي في مجلس النواب العراقي كان ستة نواب من بين مئة نائب يتكون منهم المجلس في ذلك الوقت، والنواب المسيحيون الثلاثة الآخرون، كان اثنان منهم يمثلان مسيحيي بغداد وواحد لمسيحيي البصرة، ولم يتأثر وضع المسيحيين العام بالإجراءات المشددة التي اتخذتها السلطات العسكرية في العهد الملكي لقمع الحركة المسلحة الآشورية التي اندلعت في مناطق المسيحيين بجوار مدينة دهوك عام 1933.

لكن الوضع المسيحي في الموصل بدأ بالتعرض للمعاناة ابتداء من عام 1960 إثر انتشار التسيب والفوضى بعد نحو عام من عمر الانقلاب الجمهوري وحكم عبدالكريم قاسم نتيجة هيمنة الاتجاهات المتطرفة والعنصرية على المدينة بسبب النزوح الكبير من الأرياف الجنوبية إليها حيث كان غالبية هؤلاء النازحين من غير المتعلمين ومن مجتمعات مغلقة ليست لها تجربة العيش المشترك مع الديانات غير الإسلامية إضافة إلى فقرها الذي استغلته العصابات الإجرامية والأفراد من أصحاب المصالح السياسية والاقتصادية، وبعد عمليات القتل والاضطهاد التي عمت المدينة ضد المسيحيين في ذلك الوقت أضطر الآلاف منهم للانتقال إلى بغداد وتكونت منهم أربعة أحياء كبيرة في جنوب شرقي بغداد هي الغدير وبغداد الجديدة وتل محمد والنعيرية وغادر الكثير منهم العراق بعد ذلك، كما استقرت البطريركية الكلدانية وزعامات الكنائس الشرقية ومؤسساتها في بغداد.

وخلال السنوات السبع الأولى من حكــــم البعث الذي تولى السلطـــة عام 1968 توافر الأمان لمسيحيي الموصل وجوارها وغيرهم من مسيحيي العراق كما صدرت مراسيم جمهورية بمنحهم كامل حقوقهم الدينية والثقافية واللغوية والاجتماعية، إلاّ أنه منذ 1975 بدأت تطالهم سياسة «التعريب»، فتم تهديم 183 قرية لهم ومنع أهلها من العودة إليها، فاضطروا إلى التشتت في المدن والقرى في شمال العراق أو الرحـــيل إلى بغداد وخارج العراق، وبعد عام 1990 وفي خضم مزايــدات صدام مع الأنظمة الدينية في المنطقة وإعلانه تطبيــــق «الصحوة الإيمانية» في كل أنحاء العراق وإدخال مادة الدين الإسلامي ضمن المناهج الدراسية لكل طلبة مدارس العراق وفرض تأدية الامتحانات فيها كمادة أساسية واستيلائه على قسم من أراضي القرى المسيحية التي لم يلحقها التدمير وتوزيعها على المستوطنين الذين جاء بهم من وسط العراق وجنوبه، عمّ الاستياء المسيحيين من سوء حياتهم في العراق وهاجر الآلاف منهم إلى دول العالم ما أدى إلى نقصان عددهم في العراق من ثلاثة ملايين إلى أقل من مليون، ومع انتهاء حكم صدام بعد سنوات قليلة من تطبيق «صحوته الإيمانيــــة» ومغادرة غالبية المستوطنيـــن القرى، عاد الكثير من المسيحيين إلى ديارهم وتمت إعادة الحياة لـ125 قرية من بين 183 قرية مدمرة، بجهود وزير مالية إقليم كردستان سركيس أغاجان والمؤسسات السياسية والاجتماعية والثقافية وانتشار الوعي القومي (الكلداني السرياني الآشوري)، كما عاد الكثير من مسيحيي الموصل إليها لمواصلة حياتهم وأعمالهم فيها، لكن عدم استقرار الأوضاع في الموصل أدى إلى استئناف النزوح الكبير منها.
 

صورة صفحة جريدة الحياة التي نشرت الموضوع

http://www.ankawa.com/sabah/kopyofalhayat.pdf










17
بمـن نثـق بمـن ، هـذه أفعالكم !
ـــــــــــــ

جميـل روفائيـل

    تابعـت خلال الأيام الأخيـرة ماينشـر ومـا يذاع ومـا تعرضـه القنوات عـن أخبار الموصل ، وحاولت أن أخرج ضمن إطار نتيجـة ترشـدني إلى حقيقة ما يحـدث ولـم أفـلح . . النتيجة الوحيدة التي خرجت بـها بالنسبة للمؤسسات العراقية الحكومية والعسكرية هي التناقض بين الوعـود الطيبة ومحاولات إخفاء الحقائق . . إلاّ  أنني أيضا  وقـفت على حكمة لشـعبنا تقول : عندمـا يعجز أهـل القرية في القضاء على ذئاب منطقـتهم ،  ينبغي أن يعملوا من أجل  تكريس قدراتهم في الحفاظ على سـلامة أغـنامهم .

     تابعـت أيضا ، زيارة الوفد الحكومي برئاسة وزير الدفاع عبدالقادر العبيدي ولقائه في برطلة مع المهجرين والمهتمين بأمور شـعبنا ، والحقيقة أن ما سـمعته من العبيدي كان أكثر من رائع وواقعي وتشخيص موضوعي لما حصل وللحـال ، وهـنا لاأتجرأ على إتهام العبيدي بالخداع فأنا لاتجربة سـابقة لي مع أقواله وأفعاله ، ولهذا أنطلق تجاهه من معيـار الصدقية وأقول إن العبرة ليسـت بمـن يصدر الأوامر ، وهنا أقصد العبيدي من موقعه وزيرا للدفاع ، ولكن بمن ينفذها على الأرض ، لأن مافائـدة الأمر إذا أرسله الوزير ووضعه الموظف على الرف مختـلقا الذرائع ، وما أسهل إختلاق الذرائع في أيامنـا هـذه ! 

    أمامي في ملف خاص بالكومبيوتر تصريحات كثيرة . . منها للناطق باسم الحكومة العراقية علي الدباغ وأخرى للناطق باسـم وزارة الدفاع محمد العسكري ، وغيرها لوزارة الهجرة والمهجرين ومحافظ نينوى ونائبـه والناطق باسـم قيادة عمليات نينوى . . ألخ وكلها أثبتت الوقائع أنها منافية للحقيقة ، وهنـا يكمن الخلل ياسـيد الوزير الذي ينبغي وضع اليـد عليه وجعله الخيط الذي يوصل إلى آخـر الخَـرَز ، وهـو : لماذا كل هؤلاء أسـاءوا للحقيقة ؟ إذا كانت الإسـاءة من تلقاء أنفسهم فكلهم مذنبون بشكل أو بآخر بجرائم الموصل ، وتقتضي محاسبتهم وطردهم من مواقعهم وجعلهم عبرة لغيرهم من خلال تنـفيذ القانون بأمانـة . . أمـا إذا كان هناك من زودهم بهذه المعلومات الخاطئة وورطهم باعلانها ، ينبغي الكشف عنه ، ويرجح في هذه الحال أنه من الموصل ، ويعني أنه مهما كان منصبه وشأنه فهو أحد الإرهابيين لابـل ضمن دائرة أخطرهم ، وإلاّ  لماذا تعمد في إخفاء المعلومات الصائبة وهو يعرفها جيدا لوجوده  في محيط الحدث ؟ ومهما حاول التبرير فذاك إنـما  يمثـل التهرب من اقتراب الحبل للإلتفاف حول عنقه . . وأثبتت الحقائق العراقية أنه كم يعشش حاليا في العراق من هـذا النوع  ضمن التركيبة الحاكمة نفسـها ؟ !

    ومن العسير أن يسمح موضوع محدود المجال أن ألـوج تفاصيل كل التصريحات التي تعمدت إخفاء الحقائق ، ولكن لابـدّ  من التطرق إلى نماذج منـها :
   نشرت صحيفة الدعـوة الصادرة في بغداد وهي  لسان حال ( حزب الدعوة الإسلامية ) الذي يقوده رئيس الحكومة نوري المالكي في عددها ليوم 14 / 10 / 2008  موضوعا جاء فيه  "  منذ أن انتشرت اشاعة مغرضة بين صفوف المسيحيين وفي مناطق سكناهم والناس اخذوا الرحيل على عجل لكن بمرارة واضحة . . مع ان الحقيقة تقول ان الضحايا من المسيحيين لايتعدى عددهم اصابع اليد الواحدة على مدى ستة اشهر . . وأن معظم هؤلاء الضحايا لم يقتلوا بسبب ديانتهم وانما هم ضحايا الارهاب الاسود الذي يضرب الموصل ولو قسنا الامور بتعقل لوجدنا القضية عادية نسبة الى ضحايا الديانات الاخرى من سكنة المدينة الصابرة المبلاة . .  "   ( (  ونقـول نحن : لانـتهم المالكي مباشرة بما كتبته جريدة حزبه ، ولكن من حقنا على الأقـل أن نطلب منه كي يسأل جريدة حزبه ، وهو أدبيا وأخلاقيا مسؤول جماهيريا عما تكتبه ، كيف ولماذا كتبت هذا الكلام وهل هو من عندها أم هناك من أوحى بـه إليها لتكتبه ؟ ) ) .
     وأيضا ، لا ألوم نفسي عندما لاأثـق بالأقوال ، فقـد قرأت في 22 / 10 تصريحا للمالكي يقول : وصلنا إلى العصابات التي هجرت المسيحيين في الموصل . . ( ( شخصيا لا أرد على المالكي ولكن أقول : عندما يبلغني زميلا من العاملين معي صحافيا في منطقة البلقان بأن فلان توعد وغيره أكد سيعمل . . أجاوب الزميل : لن ننشر الآن وإنما تابع حتى ظهور النتيجة وسننشر فيما إذا تبـين ما يؤكد صدق فلان في توعده أو عدم صدقه ، وفيما عمل فلان أو لم يعمل . . لأننا لسنا أهل دعاية للأقوال وإنما أهل تثبيت للأفعـال . . ومن هذا المنطلق فأنا أيضا على النقيض من الذين يختلقون المبررات  بسبب ضغائن خاصة بهم لتمريـر عدم إعتـرافهم بجهود وأفضال مـن  يحقق إنجازا وعملا مفيدا لشـعبنا سـواء كان من شـعبنا أو خارجه .  )) .

    ونشـرت وكالة ( أكي ) الإيطالية للأنباء في 13 / 10 / 2008 تصريحا للمستشار الإعلامي لوزارة الدفاع العراقية اللواء الركن محمد العسكري  ،  قالت فيه الوكالة : فنـد العسكري الأنباء التي تحدثت عن هجرة جماعية للمسيحيـين عـن مدينة الموصل ، مؤكـدا أن " عـدد العوائل المهاجرة لايتجاوز 175 عائلة فقط . .   "  ( (  ونقول نحـن : هل يكفي الإعتـذار الذي قـدمه العسكري بعد تفـقد الوفد الوزاري برئاسة وزير الدفاع وكان العسكري ضمن الوفد ؟  أجـل ، هل يكفي الإعتذار عن هذا النص  أم عليه أن يوضح كيف ولماذا قـدّم هذا التصريح ، وإذا كان هناك من خدعه وقدم لـه معلومات مزورة أن يذكره ليتـم التحقيق مع المـزور . . أمـا الإعتـذار والسـكوت ، فبالتأكيد ليس إلاّ  مـزيدا من الإخفـاء للحقائق . )) .

     بتأريخ 14 / 10  "  أعلن السيد خالد عبدالستار الناطق الرسمي لقيادة العمليات العسكرية ، أن  قوات  الجيش تمكنت مساء الاثنين ( 13 / 10 ) من القاء القبض على أربعة إرهابيـين ينتمون إلى دولة العراق الإسلامية في الموصل دون ذكر المنطقة ، وأنه بعد التحقق معهم تبـين أن لهم اليـد في ترحيل العوائل المسيحية من الموصل . . " ((  والسؤال إلى السيد خالد عبدالستار : هل تصدق أنت بالذات أن كل ماحصل لمسيحيي الموصل قام به أربعة أشخاص ؟ إذا أكدت بالأدلة أنك تصدق فإننا سـنقول لك ونحن أيضا نصدق وذلك  رغما عنّـا . .  ولكـن في قـرارة أنفسـنا لانصـدق ، لا . . ولا )) . وهـنا عليّ أن أذكر تصريحا قرأته في 21 / 10  للبيريجادير جنرال توني توماس القائد العسكري الأميركي في محافظة نينوى يوعد بسحق الجهات التي وراء تهجير واغتيال المسيحيين في الموصل . . ( ( قرأت هـذا التصريح مرات عدة وفكرت مليا ، ولم أجد ما أعلق عليه غير صـح النـوم ياجنـرال بريجاديـر أميركي . . فقـد قرأت موضوعا في نفس يوم تصريحك 21 / 10 يقول : انضمت 600 عائلة مسيحية الى العائلات الاخرى التي اضطرت الى النزوح من مدينة الموصل خلال الاسبوع الماضي اثر تهديدات لهم بالقتل أو اعتناق الاسلام ، ويأتي هذا النزوح المتزايد مع ارتفاع عدد القتلى  المسيحيين الى 14 قتيلا على الاقل . . )) .

    قبـل أيام ، أبلغني بعض الأصدقاء من داخل العراق وخارجه ، بأنـه إذا رغبت في المتابعة الجيدة والواضحة لوضع المهجرين من الموصل والمواقف الحزبية والعرقية والحكومية تجاههم عليك بمشـاهدة قناة الحرة ـ العراق وقناة الشرقية ، حقيقة اسـتغربت للمعلومة لأنني نادرا ما أشاهد هاتين القناتين ،  وكنت أجاوب الذين يطلبون هذا مني : ولماذا ليس قناة عشتار التي أشاهدها أنا دون توقف ، إذ لديّ في مكتبي ثلاثة تلفزيونات كل واحد منها له سـتالايت خاص ، أحدها أتابع من خلاله المحطات التلفزيونية المختلفة في منطقة البلقان إنطلاقا من عملي الصحافي مسؤولا لمكتب جريدة الحياة في المنطقـة . . والآخر أتابع من خلاله بصورة متواصلة قناة عشتار . . والثالث أتنقل بواسـطته  على مختلف القنوات العربية والعالمية وبعـد نصيحة الأصدقـاء خصصت هذا التلفزيون لمشاهدة الحرة ـ العراق والشرقية . . ولكي لاأدخل في تفاصيل أجوبـة  الأصـدقاء  أختصرها في ثلاث كلمات ( تابع القناتين وشـوف ) . .

     ولا أنكر أن نصيحـة الذين وجهوني نحو القناتين كانت مفيدة . . ومـما شـاهدته : نـدوة جمعت رئيس مؤسسة حمورابي لحقوق الإنسان وليم  وردا مع ثلاثة من نواب البرلمان العراقي بأعـراق واتجاهات مختلفة ، أسـامة النجيفي سـني من الموصل ، وعبدالخالق زنكنه كردي من شـمال العراق ، وقيس العامري شـيعي من جنوب العراق . . وكانت الندوة مكرسـة للمهجرين من الموصل وحقوق المسيحيين في العراق . . وسأتناول فقرة من هذه الندوة التي استغرقت ساعة وأعيدت بكاملها ثلاث مرات ، وتنـاولي للفقرة سيكون إستعراضا لأنني لاعلم سابق  لي بكل من النجيفي والعامري ، أمـا وردة فلم ألتـقيه أبـدا وإن كنت مطلعا عليه بصورة وافية من خلال وجوده في إعلام الحركة الديمقراطية الآشورية ، وأمـا زنكنه فلـي معرفة سـابقة واسعة بـه حيث عملنا معـا في صحيفة التـآخي فترة خلال عامي 1974 و1975 عندما كان صاحب امتياز الجريدة عزيز عقراوي وكان زنكنه مديرا لتحرير الجريدة وكنت أتولى تحرير ( الصفحة الآشورية ) فيها وكان الأستاذ زنكنه قـد منحني الحرية الكاملة في التصرف بتحرير الصفحة وتوطدت بيننا الصداقة وكنا أحيانا نذهب للسهر في النوادي معا وللتأريخ كان زنكـنه  خلال أحاديثنا مؤيدا بالكامل لحقوق شـعبنا بالشـكل الذي  كان متحمسـا لحقوق الأكراد . .

      خلال الندوة أكـد وردا بالأدلة والشهود أنه تـم أخراج أصحاب البيوت الثلاثة التي جرى تفجيرها بفارق دقائق بينها ، وارغامهم على الوقوف في الشارع والنظر إلى بيوتهم وهي تُدمر ، وبعد ذلك تم الطلب من أصحابها مغادرة الموصل حالا وإلاّ  كان مصيرهم كمصير بيوتهم  ، وقد استغرقت العملية كلها وقتا أبلغ خلاله الجيران الشرطة بما يحدث ولكن    الشرطة  لم تحضر إلاّ بعـد إكمال الجريمة ومغادرة الإرهابيين  . . فهل هذا التأخر يمكن وصفـه بغيـر التواطؤ مع المجرمين الذين ارتكبوا ما حصل لمسيحيي الموصل ؟  وهـل هذا التأخير وغيره مثل استخدام عربات الشرطة في إعلان بيانات الإرهابيين بمكبرات الصوت لايمثل دليلا قاطعا على مشاركة أو على الأقل تواطؤ سـلطات الموصل في الجرائم ضد المسيحيين  يتطلب التحقيق وكشف الأمور على المـلأ الذي يريد معرفة الحقيقة . .؟ 

    أمـا النواب الثلاثة المشاركين في الندوة فعلى رغم أنهم جميعا دانوا الجرائم عموما ضد المسيحيين ومنها الجرائم التي طالتهم في الموصل  ، فإنـهم انهمكوا في  تبادل الإتهامات بين أعراقهم في الجرائم التي ارتكبت ضد مسيحيي الموصل  ، فاتهم النائب السني أسـامة النجيفي  قوات البيشمركة الكردية بارتكاب الجرائم لبث الحقـد لدى مسيحيي سـهل نينوى الواقع إداريا ضمن محافظة نينوى  ،  وأشـار إلى وجود أدلة لـديه تثـبت ذلـك وعندما جـرى الطلب منه لذكر هذه الأدلة امتنع مشيرا إلى أنها حاليا لدى الأجهزة التحقيقية وستكشف في الوقت المناسب  . . وردّ عليه النائب الكردي عبدالخالق زنكنه بأن هذه دعاية عنصرية ضد الكرد لايمكن أن تنطلي على أي مسيحي هدفها إثارة الفتـنة بين المسيحيين والأكراد  مشيرا إلى مـا جـرى مـن  قتل المسيحيين في الدورة ببغداد والبصرة حيث لايوجد أكراد ، وأكد مرارا أن الكرد يدعمون حقوق المسيحيين دائما ، لكن زنكنه عجـز عن إعطاء جواب واضح مقنع على سـؤال لمقدم الندوة عن سـبب تصويت النواب الكرد ،  ومنهم زنكـنه نفسـه ،  لأجل إلغاء المادة خمسين   . .
    أمـا النائب الشيعي قيس العامري  فقـد  كان صريحا وواضحا عندما قال إن نواب الإئتلاف ( الشيعي ) صوتوا لإلغاء المقاعد البرلمانية المخصصة للمسيحيين لأن الأكراد يعتبرون الشبك الشيعة ضمن قوميـة الأكراد وليس مكونا له خصوصياته  أسـوة بالمسيحيـين كما يعتبرهم الشيعة وهو خلاف شديد بين الشيعة والأكراد حول قضية الشبك  ، وأنهم سيصوتون ضد أي قرار يُـعرض على البرلمان لمنح المسيحيين مقاعد خاصـة  مالـم يتراجع الكرد عن رفضهم منح الشبك مقاعـد خاصـة أيضا . .  وبالنتيجة فإن تصريحات النواب الثلاثة  دلت على أن المسيحيين هم ضحية الخلافات والمساومات والمزايدات بينهم وهـو أمـر غريب وعجيب وغير مقبول في كل المجتمعات البشرية باستثناء المصالح الأميركية والطائفية والعرقية والمحاصصات الحكومية في العراق . . ويؤكد   الموضوع الذي قرأته في 22 / 10   هذه العلة وجاء فيه بأن ـ : رفضت لجنتا الأقاليم والقانونية في مجلس النواب أمس اقتراحا كرديا بتمثيل المسيحيين في شكل مستقل عن الأقليات الدينية والقومية في قانون مجالس المحافظات وتخصيص المادة 50 الملغاة من القانون للمسيحيين فقط . . ـ أكرر ما شأن المسيحيين بالشبك والشيعة والسنة والأكراد .؟

     وبحسـب القـول المأثـور ( عـيش وشـوف ) صـرنا نتعـرف على أسـماء جديـدة ، منـها :  " جبهة الدفاع عن حقوق المسلمين "  التي ادعـت مسؤوليتها عن اسـتهداف المسيحيـين ، وفي صفوف المسيحيـين قـرأنا بيانات أصدرتها جهـة أطلقـت على نفسـها  " التجمع الوطني لمسيحيي الموصل "  وبيـدي الآن البيان رقم 4 لهـذا التجمع  الصادر في 11 / 10 / 2008  ويبـدأ في أعـلاه بعبارة ( بسم الله الرحمن الرحيم ) وتوقيع ( الدكتور عادل إبراهيم يعقوب )  ولا أريد الحديث عن مضمون هذا البيان ولكن عندما نلاحظ في أعلاه عبارة ( بسم الله الرحمن الرحيم ) سنعرف بأن مسيحية الذي يكتب هذه البيانات ويصدرها  لاتختلف عن مسـيحية  الذي ظهر في التلفزيون بلحيتـه الكثـة وباسـم ( أمير المجاهدين عبداللـه كلانا ) . . ولا غرابـة هذه الأيام أن نقـرأ عـن أسماء جديدة  ( جبهة الدفاع عن حقوق المسلمين ) و (  التجمع الوطني لمسيحيي الموصل ) وأسـماء أخرى ربمـا ظهرت ولم نطلع عليها أو سنطلع عليها ، فكل شـئ ممكن ، ولكن المهم أن هـذه  الوريقـات الصفـراء  لن تنطلي على شـعب أصيل ذي الأمجـاد  كشـعبنا الذي  يقـرأ الممحـي  ، وهـذا  هـو الأهـم الذي يهمـنا .

    ونكرر القول : أيها الحكام ، ابدأوا عصرا جديدا إذا كنتم حقا ارتديتم رداء جديدا في علاقتكم مع شـعبنا . .  نحن حتى اليوم لانعرف من قتل ومن شـارك بجريمة الشهيد المطران بولص فرج رحو الذي شوهدت سبع سيارات تقطع الطريق عليه وتقتل مرافقيه وتعتقله  ، على رغم  تصريحات الإستنكار والإدانة  الكثيرة جدا التي سمعناها من الكبير والصغير في العراق وخارجه . . وسـؤالنا : هل كان يوجد الجـن في السيارات السـبع ؟ إذا تثبتون أنه كان فيها الجـن فسـوف نسكت ونطالب بمحاكمة الجـن لما حصـل وأمرنا للـه ، وإذا لاتستطيعون إثبات وجود الجن في السيارات ، إذن اعلنـوا من كان في السيارات وحاكموهم بعدالة وعلقوهم على مشانق في الشارع الذي كانت سـياراتهم تسرح وتمرح فيـه  بمن فيـها من دون رقيب أو حسـيب ، واشـفوا قليلا مـن غليـل الذين أذرفـوا الدمـع غـزيرا على المطران ومرافقيـه  . . واذكروا أيضا مـن إغتال 93 شهيدا آخر في الموصل قبل الشـهيد المطران رحو  وبعـده  معلوم بالأسم ومكان الإغتيال وتاريخ ارتكاب الجريمة ، علما أننا لانكتفي بالإقتصار على الموصل من دون الشهداء المسيحيين في أنحاء العراق ، ولكن كتحصيل حاصل مؤقت على الأقل أذكروا قتلة الشهداء المسيحيين في الموصل إرضاء للمسيحيين وليس كفاية لهـم . . أسامة النجيفي وحارث الضاري يتهمان قوات البيشـمركه ونحن لا نؤيد ولا نكذب لأننا لانملك دليلا يمنحنا إمكانية التأييد أوالتكذيب وإذا فعلنا ذلك سـنكون من المنحازين وهـو مـا نرفضه بالمطلق ، لكن بالتأكيد الحكومة تملك ، وإذا لا تملك فهي حكومة من الصم البكم العمي الذين لايفقهـون . . ويهمنا أن نعرف ، فإذا كانت الحكومة تعلم لماذا لاتعلن الحقيقة وتسـتريح من الأقاويل ونرتاح نحن من التفكير . . وإذا كانت لا تـفـقه إذن من حقنا أن نسـأل ما فائدة اسـتمرارها في الحكم والبقـاء ؟

   كيف نثق وبمن نثق عندما نقـرأ عن قتلة في أعلى المناصب الحكومية . . ليس لديّ المجال لذكر الكثير ولكن أشير إلى خبـر  قرأته في 23 / 8 /  جاء فيه : ( أصدرت محكمة الجنايات المركزية في الكرخ حكما غيابيا بالإعدام شنقا على أسـعد الهاشمي وزير الثقافة السابق في حكومة نوري المالكي ، بعد إطلاع المحكمة على أدلة قطعية تثبت مسؤوليته عن مقتل أولاد . .  ، يذكر أن الهاشمي كان إماما لأحد الجوامع السنية في بغداد وتسلم   منصب وزير الثقافة . . ) وفي خبر آخر باليوم نفسه يقول : ( أكدت مصادرعسكرية عراقية أن عملية المداهمة التي نفذتها قوات من الجيش لمقر وزارة العمل والشؤون الاجتماعية  أسفرت عن اعتقال ما يقارب 85 شخصا من عناصر حماية الوزارة  يشتبه بتورطهم بتنفيذ اعمال عنف . . )  تكفي هذه الاشارة وإن كان في جعبتي المـزيد لوقت الحاجة أيضـا . 

    وهكذا . . بمـن نثـق بمـن . . ومـن نصدق مـن . . طالما سـمعنا بالأقوال وتأكيدات الأقـوال ، إن المادة 50 أو ما يشـبهها سيتم التصديق عليها قبل 15 / 10 ، وأحسـبوا أيها القـراء الأعزاء تأريخ اليوم وكم مـن الأيام مـرت على موعد الأقوال وموعد إجراء انتخابات مجالس المحافظات يقتـرب ونواب المحاصصة وشبيههم ديمستورا يدرسـون ويشـكلون اللجان ويختلـقون الأعـذار . .  وتابعـوا يا كلدان سـريان آشـوريين ( مسيحيين ) ! ! !  ولكن إياكم والإحبـاط  والمـلل لأنه ما يسـعى أعداؤكم إليـه . . على رغم إدراكهم أنفسـهم أنهـم  خائبـون وأن مكائدهم لـن تصيب إلاّ صـدورهم ، لأن هذا الشعب الصامد يصرخ في وجوههم : بدلّـوا أقوالكم بالأفعال وسنمنحكم في المقابل ما تطلبونه منّـا مـن ثـقـة . 

   لـن أتجنى على أحد إذا قلت : لـم نعـد نثق بالأقوال لأنه لم يتبعها أفعال ، ليتكم أيها الحكام  تعطوننا أفعال من دون أقوال ، لأننا سـئمنا عن سـماع الأقوال إلى حد الإشمئزاز والنفور . . وفقدنا الثقـة بالحكومة وأجهزتها ، وعليكم أن تعطونا الثقـة أولا إذا كنتم تريدون  أن نبدأ عصر الثقـة معكم ونترك جانبا تجربتنا المـرة معكم التي من الصعب علينا أن ننساها ، ولكن يمكن أن نتعامل معكم بعبارات عبدالكريم قاسم التي كرهنـاها في حينه ،  وهي " عفـا اللـه عمّـا سـلف " .  . وفي كل الأحوال ، أليس الأفضل لكم وللمسيحيين  اللجـوء إلى لجنـة تحقيق دوليـة لتبيـان الحقيقة ، ومـا الضرر الذي يخيفكم مـن ذلـك إذا كنتـم أبرياء كمـا تدعون ، فاللجنـة تعطيكم البراءة التي لاشـك فيـها وتشـخص الجاني وتعطي المسيحيين  الإطمئـنان وتعلمـهم بالمجـرم ، وما الضرر بهـذه اللجنـة ، ألـم تحقق لجـان دولية في أحداث يوغوسلافيا السابقة وقتلـة الحريري وغيـره مـن شـهداء لبنـان ومشاكل دارفور في السودان وروانـدا . . ألـخ فلمـاذا تخافون ؟ البـرئ يكون دائما شـامخ الرأس ولا يخشـى أحدا ، وإذا كنتـم أبـرياء شـاركوا المسـيحيين  في طلب لجنة تحقيق دوليـة حياديـة  وارتـاحوا وأيضا يسـتريح المسيحيون  وتنـتهي الإتهامات والشـكوك والقـال والقيـل .

      لكنـني أرى أنـه  ، رغم كل المأسـاة وكل الإجحاف بحق شـعبنا ، فقـد خرجنا بنصـر مهـم وهـو أن الشـعب ( الكلداني السـرياني الآشـوري ) الصامد في أرضه ودياره . . نعـم وألف نعـم الصامد في أرضه ودياره . .  عـرف طريقه جيـدا . . عـرف طريقه وتوحـد ، توحـد في لجانه وغـرف أعمالـه  لمواجهة المحنة  والسهر والتحرك على كل الأصعدة بهـمم  عالية صلبـة ،  وان ضيافته للمهجرين من الموصل ، وتقديمـه لهم كل ما في إمكانه  ، منازله وقاعاته وكنائسه وأديرته  ، أفرشته ، مشاركتهم في طعامه ومائه ، بتبرعـاته ، و . . و . . ، وليس بالإستنكار عبر الكلام والرجاء من رب العالمين مسـاعدتهم كما يفعل المتفرجون على تـلال الخارج  ومن ينقـل أصواتهم . . وكفانـا ملـلا وألمـا فقـد سـئمنا حتى الرؤية والسماع من كثـرة التكرار والإعـادة والمناويـل  . . وتقتضي الإشارة إلى أن منحة رابي سركيس  البالغة 250 ألف دينار عراقي لكل عائلة مهجرة من الموصل ، تـمّ  ويتواصل توزيعها باشـراف مباشر من قبل غرفة العمليات التابعة للمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري لتشمل كل المناطق التي لجـأ إليها أبناء شـعبنا القادميـن من الموصل . . ما اقتضى التأكيد لكي يكون واضحا ما كتبتـه في موضوعي السـابق عـن هـذه المنحـة وتوزيعـها .

    . . وفي المهجر ، لعلـنا نـرى بصيص أمـل ونحـن نتابع أخيـرا خبرا رائعا  عن  تشكيل لجنة في السويد لجمع التبرعات لأهالي الموصل المنكوبين ، ولكن الأهم والأروع هـو أن نقـرأ سـريعا أخبار إمتـداد هـذه اللجنة لتشـمل باقي دول أوروبا وأيضا كنـدا وغالبيـة الولايات المتحدة  الأميركية ومناطق أسـتراليا وأن يكون ذلك خلال أيام ، أيـام فقط لاتـتعدى الأسـبوع في كل الأماكن التي أشـرنا إليـها . . وخيـر البـر عـاجله . . وخيـر الناس مـن نفـع النـاس . . وننتظر ما تجمعـه هذه اللجنة من تبرعات ولمن ترسـلـها وكيف يجـري توزيعـها ومـدى مشـاركة أهل الإسـتنكارات والتظاهرات في التبـرع  . . ليس من الحق إعطـاء الحكم المسـبق ،   فـما أشـرنا إليه ننتظـره وسـنقول رأينا بنتائجه قريبـا ، وأملنا أن يكون ما نقـرأ إيجابيـا بقـدر طموحنا من هكذا عمـل مثمـر  في التعـامل مع المحـن .

   ولابـدّ من إشـارة ، إلى ما نشـره الصديق نـزار عسـكر في كلامـه الموجه إلـيّ بعنوان " هـل حقـا لانـنقل الحقيقة ؟ " أجاوبه وأقول : لـديّ كل الأدلة على أنكم حقـا  لاتنـقلون الحقيقة ، وإن كنتـم بدرجات متفاوتـة في ذلـك ،  وكل ما قلتـه في موضوعي السـابق لـي أدلة عليـه ، ومـا دمتم قـد أردتم فتح الباب فسـنفتحه على كل مصاريعه في الوقت المناسب ، وما كتبـته أنت يؤكد ما قلتـه أنا ، ومـن ذلك أنكم لا تقومون سـوى بإداء واجبكم المهنـي ، ومهنة تعني بقواميس اللغة ( وسيلة العمل والكسب ، نوع العمل الذي يمارسه شخص ليكسب معيشته ) أي أنكم تؤدون ما يطلب منكم لكسب معيشتكم  ، هـذا يعني أن هناك من يوجهكم إلى هـذا النهج . . إذن أذكره  صديقي نزار على المكشـوف لنوجه كلامنا له ونحن نقول كلمة الحق من دون النظر إلى الشخص ، فالمسؤولية ينبغي أن تقال لكائن مـن كان . . وعتابي على موقع قناة عشـتار الذي نشـر ردّك على ما كتبته في الوقت الذي رفض نشـر الموضوع الذي تضمن الأسـطر المعدودة التي قمت أنت بالرد عليها بموضوع طويل على رغم أنني أرسلته إليه مرتين ، ولتذكير موقع قناة عشتار لا يهمني أبدا سـواء نشر مواضيعي أو وضع  الفيتو عليها ، فقبله وضع الفيتو عليها موقعان سياسيان ، أجل لا يهمني ذلك ما دمت أنشر مواضيعي في أحد عشر موقعا ، وأن عدد الذين قرأوا موضوعي الذي رفضه موقع عشتار ، خلال عرضه ليومين في موقع عنكاوا وحده 1671 قارئ كريـم عدا الذين قرأوه في المواقع العشـر الأخرى . . ولكن يا صديقي نزار أسألك : هل يجوز أدبيا لموقع قناة عشتار أن ينشر ردك على موضوع رفض نشـره ؟ هل يفعل هـذا من يفهم فقط أوليات أصول الإعلام والنشر ؟ ! وأؤكد إصراري على كل ما قلته وأقوله وتمسـكي بـه  ، ولا يهمني سـواء ظن البعض أنهم سـيعاقبونني من خلال عدم نشـرهم  مواضيعي . . ما شـاء اللـه على هكذا عقـاب وكان اللـه في عونك يا جميل . .
وموضوعي المقبل سـيكون : ليس باستنكاركم وتظاهراتكم وحدها يا أهل الخارج !   
واستجابة لطلب أحـد الأعزاء بوضع إيميلي في آخر مواضيعي ، أدونه أدناه  مع الإمتنان
    jamilrafael@yahoo.com

 
 

18
المسـؤول عمّـا يحدث في الموصل معروف ، أيها المنافقون !
ــــــــــ

جميـل روفائيـل


     كـل الأعراف الدولية تقـول : الحكومة التي تفشل في تنفيذ مهماتها تنسحب من الحلبـة وتفسح المجال لغيرها ، والوزير الذي يخفق في عمله يقدم استقالته ويرتاح ويـريح . . لكـن في هذا الزمان العراقي ، حيث يتبجح العنصريون والطائفيون بالقول : نحن الدولـة والدولة نحـن . . تصبح كل الآثام مباحة من سـرقة النفط من آباره وبيعه للناقلات الدولية واستلام ثمنه في وضح النهار . . إلى قيادة الميليشيات وفرق الموت وقتل الناس ليل نهـار . . فالقانون لايطالهم لأنهم هم القانون وسلطاتهم لاحدود لها ،  سـواء لبسـوا العمائم أو وضعوا في أعناقهم الأربطة أو حرموها . . وهنيئا للأميركيين الذين أتحفوا العراق بهكذا إكتشافات لنماذج ، ولعنة وألف لعنة للديمقراطية التي جاءوا بها ، والتي لو عـاد اليونان القدماء إلى الحياة ووجدوا مالحق بحكم الشعب الذي أرادوه مـن تشـويه متعمـد ، لسـحبوا منه فورا كلمتهم الديمقراطية ، ووضعوا مكانها ( الفوضى الأميركية ) بختم أشـخاص يدعون زورا أنهم يمثلون الأمم المتحدة ، لكنهم في الحقيقة قد تـمّ إختيارهم من قبل أميركا على شـاكلتها لاغيـر .


    بدايـة ، نحن ، اهل قرى سـهل نينوى ،  نعرف أهـل الموصل ومسلميها جيدا وغالبيتهم تـتألم مثلنا لما يحدث لشـعبنا من القلة الباغية المحسوبة على الموصل ، سـواء كانت أفرادا أو جماعات أو سـلطات ، وقـد سـمعنا أن بين الأفاضل من مسلمي الموصل  مـن طلب من جيرانه وأصدقائه ومعارفه المسيحيين الإنتـقال إلى بيتـه أو أرسل أولاده لحراسة دور المسيحيين ومنهم مـن ينقل الطعام للمسيحيين المحصورين في بيوتهم . . نعـم كل هذا نعرفه  ولنـا بين مسلمي الموصل أصدقاء أفاضل نعتـز بهـم ونفتخـر  . . ومـا نكتبه في غضبنا يخص البغـاة المجرمين ، وهـم  كلهم من حثـالات  مجتمع الموصل  سـواء كانوا  حكاما أو لصوصا أو أولاد شوارع . . فكلهم تجمعهم صفـة الإرهابيين والمأجورين والحاقدين والطائفيين والعنصريين وأصحاب الضغائن الشـريرة وشـذاذ الآفاق وبئس الخلائق . .  وهؤلاء الذين يتناولهم غضـبي واستيائي وحنقي  وسخطي وثورتي . . وهـو كله لابـدّ  منـه فالمأساة كبيرة والجرم بشـع ومن غيـر الممكن على شـخص له شـعور متبادل مع أشقائه وأخوته ، أن لا يعتـريه الغضب وما يناسـبه من كل الكلام المبـاح . . 

     وقـد سـئمنا قراءة الأخبار التي تُنقل عن الموصل من غير مسيحيي الموصل ، لأنها   مؤطرة بالكذب والنفاق ومحاولات الضحك على الذقون . . لكن قـدرنا يفرض علينا ، رغما عن إرادتنا ، أن نقـرأها . . بيـن يـديّ  أخبار تقـول : " دريد كشمولة ( محافظ نينوى )  ، تفقـد النازحين إلى بغديدا وكرملش وبرطلة وتلكيف وتللسقف . . ألخ ليتـفقد أوضاع المهجرين من الموصل . . وحضر في تللسقف ـ هـو ومن معه ـ  مجلس العزاء المقام على روح الشهيدين أمجد وولده ( أمجد هادي وولده حسام اللذان كانا يعملان في أحد الدور قيـد الإنشاء في حي الصديق ) اللذين استشهدا في الموصل على أيدي الزمر المجرمة وأدان محافظ الموصل السيد دريد كشمولة إرهاب وقتل المسيحيين مؤكدا بأن التحقيق والمتابعة مستمرة لتقديم المجرمين إلى العدالة " .

     واستـلموا يا مسيحيين ( واستبشروا سعادة فإن السيد المحافظ أعلن : أن التحقيق  والمتابعة مستمرة . . ) ولم يقل إنزال ألوية الجيش والشرطة في كل أنحاء الموصل واعتقال المجرمين وتعليقهم على أعواد المناشق ـ وأعلن جهارا أنني من المتحمسين لإنزال العقوبة بحسب مبدأ العين بالعين والسـن بالسن وأنا مقتنع بأن عدم تنفيذ عقوبة الإعدام بالقاتل هو استهانة بدم القتيل أينما كان في أصقاع الدنيا ، وليقل من يشاء أن جميل روفائيل ضد الحضارة والتمدن والرحمة  والمبادئ الأوروبية ـ  أجل أعواد المشانق في الأماكن عينها التي قتلوا المسيحيين فيها  . . ولا أحد يمكن أن يصدق أن سلطات الموصل لاتعرف المجرمين وأماكن وجودهم ،  ولو شـاءت لتمكنت من استئصال جذورهم في سـاعات ، كما سأل أحد الأشخاص في تللسقف السيد المحافظ الذي سكت وكأنه لم يسمع السؤال . .  ولكن السلطات ، الراعية زورا لأمن المواطنين وأمانتهم التي في أعناقها ، وبكل القناعات ليست راغبة في ذلك لأن المجرمين منها وهي منهم . . وبجلاء أيضا ، الزمر المجرمة بكل الأعراف ، هي : الحكام الذين لايحافظون على أرواح الناس الذين يتحملون قانونا وشرعا مسؤولية أمنـهم . .

     ولا ندري تفسيرا لتفقـد السيد المحافظ للمهجرمين ، إذ كما علمنا أن أي جهة حكومية أو غيـرها  لم تقدم أي مساعدة مالية أو عينية أو حتى معنوية للمهجرين ، باستـثناء  جهتيـن فقط لحـد كتابة هذا الموضوع الأثنين 13 / 10 تسلم المهجرون المساعدات منهما ،  وهما رابي سركيس أغاجـان الذي قـدّم لكل عائلة 250 ألف دينار عراقي ( ما يعادل 200  دولار ) ومنظمة إغاثة إنسانية دولية مقرها أربيل قدمت لكل عائلة ، بحسب عـدد أفرادها ، أفـرِشـة ( دواشك ) وبطانيات وأدوات المطبخ والأكل ومواد غذائية وأواني للماء . . وقرأنا أن وزارة المهجرين والمهاجرين أنشـأت مخيما مؤقتا من 100 خيمة في ناحية برطلة . . وسـؤالنا لماذا فقط في ناحية برطلة وليس في كل مكان حيث يوجد المهجرون . . هل أن خدمات الوزارة هي للتباهي والإعلام والدعاية أم أنها لكل المهجرين حيثما وجدوا . .

    وهـنا ، لنـا ملاحظة نجد لزاما علينا أن نسـجلها ، ما دمنـا نكتب بمشاعر المتألـم وفضول الصحافي الباحث والمنقب عن الحقائق والهموم والشـجون ، فقـد علمنا بوجود ثلاث جهات حتى الآن تتولى الإهتمام بأمور المهجرين ، ولكن ومن خلال استفساراتنا من جهات عـدة باعتبارنا نمثل إنفتاحا على سـائر التيارات والموجات وصديقا وأخا لكل أفراد شـعبنا ، علمنا بأن جمعية الإغاثة الدولية تقوم بتوزيع مساعداتها عن طريق لجنة في كل قرية ممثلة بشكل مناسب لأطراف سكان القرية متكونة من ممثل القرية في المجلس البلدي للناحية أو القضاء ومختار القرية وممثلي هيئة الكنيسة وغيرهم وهي الآن بصدد تشكيل لجان دائمة ممثلة للقرى وليس لجهة وحدهـا أو حزب معين . .

         في حين أننا قرأنا أن المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري  شكل غرفة عمليات للإغاثة وأن هذه الغرفة تألفت من خمسة أشخاص هـم في حقيقة أمرهم ممثلو المجلس في عموم سهل نينوى وسـؤالنا هو :  أولا ، كيف ستقوم هذه الغرفة بعملها ومثلا في خط قائممقامية تلكيف لايوجد غير ممثل واحد وهو من بلدة واحدة ؟ وثانيا ، هل أن مقر هذا الممثل هو غرفة تدير الإغاثة في كل بلدات وقرى القضاء ؟ وثالثا ، إذا كان الأمر كذلك فنرى أن مقرا واحدا لغرفة لكل القضاء لن يكون قادرا للقيام بهذه المهمة الجسيمة كما ينبغي ، علما أننا لم نسمع بقيام غرفة أو غرف المجلس لحد الآن بأي مساعدة أو تقديم معونة  ؟ ورابعا ، بحسب علمنا أن المجلس الشعبي هو لكل الشعب الكلداني السرياني الآشوري باتجاهاته وأشكاله التي تريد التعاون معه بحسب أهدافه الخالية من المنطلقات الحزبية ، وإذا كان الأمر كذلك وهو مانراه ، فلماذا بهذه القضية الشعبية الخطيرة لايشـكل المجلس غرفا في كل بلدة وقرية يوجد فيها مهجرون وتضم هذه الغرف على قدم المساواة ممثلون عن البلدة أو القرية مثلا من ممثل المجلس والقس وممثل البلدة في مجلس القضاء أو الناحية  والمختار ومدراء المدارس أو من ينوب عنهم بترشيحهم هـم  وشخص من هيئة الكنيسة والأحزاب المنضوية إلى هيئة رئاسة المجلس وممثل عن المهجرين . . وإذا كان موجود مثل هـذا  التمثيل ، وأنا لم أسمع به على رغم علاقتي الوثيقة برئاسة المجلس وبسكان من بلدات وقرى سهل نينوى ، فلماذا لم يعلن المجلس عنـه كما أعلن عن أسماء الأشخاص الخمسـة ؟ 

      وبالنسـبة للجنة شـؤون المسيحيين ، فالحقيقة لا أريد في مجال هذا الموضوع أن أدخل بتفاصيل أكثر مما تتطلب قضية المهجرين ، ولكن ـ بحسب علمي ـ أن هذه اللجنة تقوم بمهمات جسيمة ومتشـعبة من تبليط الشوارع والقناطر وإنشاء المرافق العامة وبناء البيوت واختيار مستحقيها وتوزيع المساعدات المالية والعينية وغير ذلك إضافة إلى مهماتها ومساعداتها المتنوعة هذه الأيام للمهجرين . . وهذا يعني واقعيا أنها لجنة شـؤون  شعبية عامة لاعلاقة لها بالحكومات والعواطف والأحزاب وخلافاتها والأمور الطائفية وما إلى ذلك ، ولهـذا فهي إنسانية وخيرية ومستقبلية لشـعبنا الكلداني السرياني الآشوري بكامله . . وبناء على كل هذا ، أليس من الواجب أن تتكون هذه اللجنة من شخص يمثل وضعها الحالي وقس القرية وأحد أعضاء هيئة الكنيسة يختاره أعضاء الهيئة أنفسهم أو يتناوبون بينهم عليه وممثل البلدة في مجلس القضاء أو الناحية  ومختار القرية ومدراء المدارس أو من ينوب عنهم باختيارهم  وممثل المجلس الشعبي والأحزاب الممثلة في هيئة رئاسة المجلس وممثل لأهل العلاقة مثلا الآن المهجرون . .   بدل أن يكون تكوين اللجنة من عدد من الأفراد ربما تـمّ اختيارهم بحسب الأهواء أو لارتباطات حزبية  وسياسية وغيرها لسنا بصددها الآن ؟ هذا ما نراه ، إنطلاقا من أن المؤسسات الشعبية ينبغي أن تمثل الشعب بصورة صحيحة ، وإن لم تكن كذلك فإنها لـن تؤدي مهماتها بصورة صحيحة وتكثـر حولها أقاويل هي في غنـى عنـها . .  أما الشؤون الحزبية فأمرها آخر ليس لنا علاقة بـه . . أليس كذلك ؟

      لقـد سجلنا رأينا إبتـغاء للمصلحة العامة . . ومـاقلناه نحن سـمعناه ومن جهات عـدة وذات إتجاهات وأفكار متباينة ، ما يعني أن هذه الأمور مطروقة وقد سـمعنا منها الكثير أثناء وجودنا في قرانا الحبيبة وتأكدت لنا من إتصالاتنا خلال اليومين اللذين سـبقا كتابة هذا الموضوع . . ونرجو أن لا نجد من يقول : إذا كان الأمر موجودا لماذا لايوصلونه إلى ذوي الشـأن أو يطلبون التحقيق بـه . . وجوابنا : ثـقـة الناس تـتأتى من خلال تلبية رغباتها وليس من خلال التحقيقات التي يمكن أن تسودها أنواع التشويهات والتلاعبات . . ونؤكد أن كلام الشوارع والمجالس أخطر أثـرا ومفعولا من ذرائع التحقيقات ودوائرهـا .     

    ونعـود إلى موضوعنا عن المسؤولين عمّـا يحدث في الموصل . . ونقـول أيضا ، إن المجرم هو أي قاضي لاينزل حكم القانون العادل بالمجرمين الفاعلين والمحرضين والمتواطئين والغامضين عيونهم . . والمذنبون هم أولئك الأفراد من الشرطة والجيش الذين عليهم واجب ملاحقة المجرمين ، ولكنهم يديرون ظهورهم لقافلة المجرمين . . فكيف الحال إذا كان بينهم أفراد من الشرطة والجيش يسلمون عرباتهم المصفحة وغير المصفحة للمجرمين ، كما أفاد مسيحيو الموصل ورأوا بعيونهم هذه العربات وعليها مكبرات الصوت وهي تجوب شـوارع  الموصل وتنادي بأصوات قذرة :  على المسيحيين أن يغادروا الموصل وإلاّ  فإن مصيرهم القتل . . مع توزيع بيانات بالمعنى نفسه في الشوارع والمحلات . . وشخصيا لا أستبعد ، بناء على حوادث العراق ككل ، إن المنادين بمكبرات الصوت هم من أفراد الشرطة والجيش أنفسـهم . . ولا فُـضَّ  فـوك أيها القائل : حاميـة حراميـة . .

   ويجب أن أكون واقعيا وصادقا وصريحا ، فلا أستثني نائب محافظ نينوى خسـرو كوران الذي ذهب إلى عدد من قرى شـعبنا يذرف دموع التماسيح ، ولا شـئ غيـر ذلـك . . والناطق باسم وزارة الدفاع العراقية محمد العسكري الذي قال في برنامج سـاعة حرة ( لقناة الحرة ـ العراق ) وهو جالس على كرسي وثيـر في وزارة الدفاع  : إن المعلومات التي تنشر ويتم تداولها عن عدد المسيحيين المهجرين من الموصل مبالغ  فيها . . هكذا بكل بساطة حكم الناطق العسكري على المعلومات من دون أن يكلف نفسه السفر إلى حيث المهجرين ليرى بأم عينـيه وثـم من حقه أن يقول ما يشـاء ، ولكن أن يكذب المعلومات وهو جالس في بغداد من دون أن يرى شيئا من الموجود في الموصل وجوارهـا ، فحقا أنه ناطق ينطق على هـوى مـن لقـنه وليس على معاينة الحقائق كما يتطلب أمـر كل ناطق باسم أي جهة كان . . وأيضا الناطق باسم غرفة عمليات الموصل خالد عبد الستار الذي يعلن بدم بارد عدد القتلى من المسيحيين . . وهنـا أيضا صدق القائل : عـداد العصي ليس مثل الذي يتلقـى جلده  ضرباتها وآلامها . . 

    وقـرأت أيضا ، أن خطباء الجوامع في الموصل يدعـون لوضع حـد لمسلسل استهداف المسيحيين . . إنها دعوة جيدة ، ولكن أليس الأهم أن ينظف هؤلاء الخطباء مساجدهم أولا من الذين جعلوها أوكارا للجرائم وأعمال القتل ، وحينـئذ لـن يكون هنـك من يقـتل المسيحييـن . . وقـرأت أن الحزب الإسلامي بالموصل يناشد الحكومة للحـد من اغتيال المسيحيين وذلك  على لسان يحيى عبد محجوب رئيس لجنة العلاقات والإعلام في مجلس محافظة نينوى والناطق الرسمي باسم الحزب الإسلامي العراقي ودعا إلى التدخل الفوري للحد من اغتيال المسيحيين . . وأقول : أنتم الحكومة ياحزب الإسلامي ، فهل تناشدون أنفسكم . . عجيب أمركم ، لماذا لاتتخذون إجراء بدل المناشدة التي ليس فعلها أكثر من كلام عابـر . . وإذا كان الأمر بالمناشدات والإدانـات  ، وهو ما يفعله أيضا البعض من أصحاب الأسماء والألقاب الرنانة مـن شـعبنا . . فقـد سـئمنا منـه ولذا نحن أيضا نناشد أصحاب المناشدات والإدانـات أن يسـدوا أفواههم فذاك أفضل لهم ولنـا .

    وقـرأت أيضا ، أن وجهاء أحياء في الموصل يتعهـدون بحماية المسيحيـين . .   وأن ( جبهة الجهاد والتغيير ) التي تتكون من ثمـان فصائل مسلحة بينها ( كتائب ثورة العشرين و جيش الراشدين و كتائب محمد الفاتح ) أعلنت رفضها الأعمال المسلحة التي تستهدف المسيحيين في الموصل . . وأن ( تنظيم القاعدة ) أصدر بيانا نقلا عن أبوعثمان الأنصاري أحد قياديـيه في الموصل  نفى علاقته بعمليات التهجير وأكد وجود مراسلات بينه وبين الطائفة المسيحية . . ونفـى الأكراد بشـدة اتهامات وجهتها إليهم أطراف سياسية ومنها النائب عن مدينة الموصل أسامة النجيفي بالتورط في القضية  واتهم الأكراد ( جهات عربية متطرفة ) بمحاولة إفراغ الموصل من المسيحيين والشبك . . وأن شيوخ عشائر ورجال دين مسلمين ذهبوا إلى الحمدانية وبعشيقة للقاء العائلات المهجرة والتنديد بما تتعرض لـه  . . و . . و . .  إذن قـولوا يا أيها الذين تنفـون وتتهمـون . . قولوا الحقيقة ، إذن من هـو المجـرم إذا كنتم كلكم أبـرياء ؟ أليس من حقنـا أن نقـول نحن : تقتلـون وتشـيّعون . . وإلاّ  مـن هـو القـاتل أيـها المنافـقون . . نعـم ونعـم منافقـون ومنافقـون . . أما نحـن فما عليـنا إلاّ الإعتماد على أنفسنا وحماية أرواحنا بمنطقة آمنـة خاصة نتحكم بـها وحـدنا حكمـا ذاتيـا ، فلـم يبـق لنـا مـن منـفذ آخـر . . أبـدا .

   وأخيـرا ، أمـا أنتـم يا أهلنـا في الخارج ـ وأنا لازلت واحدا منكم حتى أنفصل عنكم وأعـود إلى حيث الأهل والمصيـر ـ كفـانا استنكاراتكم التي نعرف جيدا أنها فقط للإستهلاك الإعلامي وإيجاد عمل لمراسلي قنـاة عشـتار لاغيـر . . كل استنكاراتكم لاتقابل همـة من يقـدم بطانية أو غرفة أو رغيف خبز أو علبـة دواء . .  لمهجـر من الموصل . .  المهجرون يريدون نتـاجا عمليا وثمارا منكم إن كنتم حقـا تشـعرون بمأساة أهلكم في الموصل . . شـكلوا لجان جمع التبرعات وارسـلوا  الأموال السريعة للمسـاعدة . . وأقول جهارا بأنني لم أقرأ  في موقع أو أسمع في كل ضجاتكم مع ما يُـنقل من المهجر إلى قناة عشتار حتى اليوم  خبرا عن أي تبرع منكم وفي كل ديار الشـتات ، وإن كان هناك خبـرا من هـذا النوع  ولم ألاحظه دلونـي عليه جزاكم اللـه خيـرا . . كل الذي قـرأته استكارات إعلامية ( ما شـاء اللـه ) من : جمعية . . مجلس . . إتحاد . . حركة . . حزب . . أحزاب . . كاتب . . شـاعر . .  فنان . . ألقاب وألقاب وصولا إلى الدكتور والبروفيسور والأكاديمي . .  وهكذا ، وبعـده ، أليس من الحق أن أقول وباختصار  :   كفـوا أيـها الأخـوة عن أساليبكم المزعجـة  البالية التي عرفناها جيدا  . . ونشـكركم .

19
احتجاجات في أوساطهم على الغاء المادة 50 من قانون الانتخاب ... مسيحيو العراق يتّحدون في «انتفاضة» للحكم الذاتي... ووعود برلمانية وحكومية بالتجاوب
جميل روفائيل     الحياة     - 10/10/08//

تشهد التجمعات السكانية المسيحية في شمال العراق، تظاهرات حاشدة تطالب بالحكم الذاتي للمسيحيين العراقيين الذين يتجمعون في التسمية القومية المركبة (الكلدان السريان الآشوريين) تخلصاً من التسمية الدينية وفروعها المذهبية المؤثرة سلباً على انتمائهم القومي المتوارث، وتفقدهم خصوصيات السمة القومية اللازمة لتثبيت وجودهم المتميز في تجمعاتهم الحالية التي يبلغ عددها نحو ثلاثمئة بلدة وقرية تكاد تكون مغلقة لهم وحدهم في سهل نينوى وما جاورها من إقليم كردستان إضافة إلى مناطق متفرقة من محافظتي دهوك وأربيل، والتي يحاولون من خلالها الحفاظ على ما تبقى من وجودهم في العراق بعدما امتدت الهجرة الطوعية والقسرية بتشتيت أكثر من مليوني شخص منهم في مختلف الدول والقارات خلال السنوات الثلاثين الأخيرة، إثر قيام النظام العراقي السابق بالتدمير الكامل ل 183 من قراهم، تمت إعادة بناء 125 قرية منها خلال السنوات الخمس الأخيرة ورجع الكثير من سكانها إليها ليبدأوا حياتهم فيها من جديد.
وانطلقت هذه التظاهرات، التي صاروا يطلقون عليها «انتفاضة الحكم الذاتي» من بلدتي بغديدا (قرة قوش) مركز قضاء الحمدانية (جنوب شرق الموصل) وتللسقف كبرى قرى قضاء تلكيف (شمال الموصل) وامتدت إلى مدينة دهوك في إقليم كردستان ذات الوجود المسيحي الكبير في داخلها وعشرات القرى المحيطة بها. 

وقال روميو هكاري، الأمين العام لـ «حزب بيت نهرين الديموقراطي» وعضو برلمان اقليم كردستان في تصريح لـ «الحياة» «إن إلغاء المادة 50 من قانون انتخابات مجالس المحافظات، يعتبر إجحافاً بحق شعبنا، وانتهاكاً للدستور العراقي الذي يضمن الحقوق والحريات المدنية والسياسية لكافة مواطني العراق، ويعتبر مساساً بالديموقراطية التي تشبث بها دستورنا، وإخلالاً بمساواة العراقيين أمام القانون، كما أن الاحتجاج بمسألة عدم وجود إحصاءات دقيقة لشعبنا الكلداني السرياني الآشوري والمكونات الأخرى كالإيزيديين والشبك غير مجد ولا يبرر هذا الغبن بسبب عدم وجود تلك الإحصاءات لدى الإخوة من القوميات الأخرى العرب والكرد والتركمان، لأنها تواصلت تقديرية لكل العراقيين على مدى السنوات الأخيرة».

واضاف هكاري «لقد أحدث هذا الإجراء المجحف، ردّة  فعل قوية لدى أبناء شعبنا في الوطن وفي بقاع العالم، ونحن نأمل بل نثق بأنه ساهم في توحيدنا من أجل الدفاع عن حقنا، والتمسك بالحكم الذاتي وإقراره في الدستورين العراقي والكردستاني، بما يوفر لشعبنا حريته وحقوقه ويجنبه أية مشاكل ومتاعب بسبب محاولات البعض تهميشه».
بداية التظاهرات
بدأت التظاهرات، احتجاجاً على القرار الذي اتخذته غالبية أعضاء البرلمان العراقي في 24 أيلول (سبتمبر) الماضي بإلغاء المادة 50 من قانون انتخابات مجالس المحافظات التي تمنح الأقليات القومية حق التمثيل النسبي (نظام الكوتا) الخاص بها في هذه المجالس. وتطورت بسرعة إلى المطالبة بمنطقة للحكم الذاتي للكلدان والسريان والآشوريين، التي يقول عنها رئيس المجلس الشعبي جميل زيتو، بأنها «أصبحت هدفاً لشعبنا، الذي لن يهدأ حتى تتحقق ويعترف بها الآخرون أسوة بما يسعون إليه من أجل ضمان حقوق شعوبهم».
ويضيف زيتو: «إن الحكم الذاتي بات اليوم مطلباً جماهيرياً ملحاً لغالبية أبناء شعبنا وأحزابنا السياسية ومؤسساتنا القومية والدينية والمدنية في الوطن والمهجر».

وإضافة إلى التظاهرات، تصاعدت وتيرة مذكرات رجال الدين المسيحيين والمنظمات السياسية والاجتماعية (الكلدانية السريانية الآشورية) الموجهة إلى القيادات الدينية الإسلامية والسياسية والحكومية العراقية، وساهمت أيضاً حملة عالمية في جمع آلاف التواقيع للمسيحيين وغيرهم من المغتربين العراقيين وتقديم المذكرات إلى المؤسسات الحكومية والدولية تأييداً للمطالب المسيحية العراقية، وتابعت جهات إعلامية مسيحية في العراق وخارجه بكثافة التظاهرات والحملة المحلية والعالمية المؤيدة لها.
وفي شأن الاحتجاجات والتحركات الدولية، تقول الكاتبة والأكاديمية كاترين ميخائيل (وهي من بلدة ألقوش في سهل نينوى) المقيمة حالياً في واشنطن والتي تشارك في حملة الاحتجاجات الدولية «إن إلغاء الفقرة الخاصة بمنح الأقليات مقاعد في مجالس المحافظات، بادرة مريبة ومحاولة تستهدف تهميش دور المكونات العراقية الصغيرة في عملية اجتثاث مرحلية لتفريغ العراق من أهله الطبيعيين، ليصبح مستوطنة للطائفيين والعنصريين».

وأثّرت هذه  الحملة المحلية والدولية، بقوة في مجالات عالمية نافذة، فبعث المرشح الديموقراطي لانتخابات الرئاسة الأميركية المقبلة باراك أوباما، برسالة إلى وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس في 26 أيلول الماضي، يقول فيها «أكتب عن قلقي إزاء سلامة المسيحيين في العراق وغيرهم من الأقليات الدينية غير المسلمة التي لا تزال تواجه صعوبة كبيرة في ضمان أن تكون ممثلة تمثيلاً كافياً في المؤسسات الحكومية العراقية، ووفقاً للتقارير الصحافية، فإن قانون الانتخابات الجديد الذي أقره البرلمان العراقي، أُلغي فيه إلغاء قانون الكوتا الذي كان من شأنه أن يحتفظ بعدد محدد من مقاعد المجالس المحلية للأقليات الدينية غير المسلمة».
وأعرب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق ستيفان ديمستورا، عن قلق الأمم المتحدة إزاء إسقاط المادة 50 الداعمة لحقوق الأقليات، وقال» أؤكد استغرابي وخيبة أملي. يجب إعادة هذه المادة بأقصى سرعة ممكنة. لأن حماية حقوق الأقليات هو شرط أساسي لعراق ديموقراطي».
تأثيرات محلية سريعة
وأسفرت الحملة المحلية والدولية، عن تأثيرات واسعة وسريعة على الصعيد العراقي، فقد التقى نائب رئيس  المجلس الإسلامي الأعلى عمار عبد العزيز الحكيم رئيس ديوان الوقف المسيحي عبدالله النوفلي، حيث أعرب الحكيم «عن دعمه وتأييده لتمثيل أوسع للأقليات الدينية في العراق بمجالس المحافظات ومؤسسات الدولة الأخرى، كونهم يمثلون شريحة واسعة من مكونات الشعب العراقي».
وقال الناطق باسم مكتب السيد مقتدى الصدر في بغداد صلاح العبيدي في 30 / 9 / 2008 «  إن السيد يدعم وبقوة مطالب المسيحيين والأقليات الأخرى لضمان المقاعد في مجالس المحافظات».

وأكد رئيسا البرلمان محمود المشهداني والحكومة نوري المالكي، في لقاءات تلفزيونية وصحافية «قرب مراجعة جديدة لقانون انتخاب مجالس المحافظات» وأشار المشهداني الذي ينتمي إلى «الحزب الإسلامي» إلى أنه  ناشد عضو هيئة الرئاسة العراقية طارق الهاشمي الذي ينتمي إلى الحزب نفسه  «استخدام صلاحياته ونقض قرار البرلمان بحذف المادة 50 من قانون انتخابات مجالس المحافظات، وطلب إعادة المادة نفسها أو معالجة الأمر بما يماثلها ويضمن حق المسيحيين والأقليات بمقاعد خاصة محددة في القانون»، كما أوضح المالكي، أنه بعث برسالة إلى مجلس النواب ومفوضية الانتخابات «لإيجاد حلول تزيل القلق والشعور بالظلم والغربة لدى المجتمعات الأصلية التي تشعر بالفخر لكونها عراقية».
عرّاب الحكم الذاتي
يقود حركة الحكم الذاتي للكلدان والسريان والآشوريين في العراق  وزير مالية إقليم كردستان سركيس أغاجان، وهو آشوري معتدل يتجنب الظهور في وسائل الإعلام، وقال لـ«الحياة» إنه يجري اتصالات مع أوساط محلية ودولية لتوضيح الحكم الذاتي الذي يسعى إليه، ونيل تأييدها، وهو يشمل منطقة البلدات والقرى المسيحية الكلدانية السريانية الآشورية في سهل نينوى وأخرى تماثلها من ناحية الانتماء الديني والقومي متاخمة لها في محافظة دهوك، وأن مسألة الاعتراف الرسمي بهذا الحكم الذاتي منوطة بالاستفتاء الشعبي الحر النزيه الذي هو سيد كل قرار، والدستور العراقي يسمح بهكذا استفتاء».
بنود الحكم الذاتي المنشود
أسس الحكم الذاتي للشــــعب الكــــلداني السرياني الآشوري، بحسب المذكــــــــرات التي تمّ إبلاغ الحكــومتين العراقية والكردستانية والجهات الدولية ذات العلاقة بها:

 1- يحق للشعب الكلداني السرياني الآشوري في مناطق تواجده التاريخية أن يشكل منطقة الحكم الذاتي.

2- تحدد حدود منطقة الحكم الذاتي ضمن المناطق المرتبطة مع بعضها البعض في سهل نينوى ومحافظة دهوك في المناطق التي يشكل فيها الشعب الكلداني السرياني الآشوري الأغلبية وسترسم حدود جديدة لتلك المنطقة لتجسيد وحدتها الجغرافية.

3- يحق لسكان القرى والقصبات والمدن المرتبطة بعضها مع البعض الآخر ضمن مناطق تواجد التاريخية التي لا تشكل جزءاً من منطقة الحكم الذاتي أن يطالبوا الانضمام إليها بأغلبية أصوات ساكنيها.

4- تكون اللغة السريانية اللغة الرسمية لمنطقة الحكم الذاتي إلى جانب اللغتين الكردية والعربية.

5- يكون لمنطقة الحكم الذاتي برلمان منتخب من قبل أبناء شعبنا (الكلداني السرياني الآشوري) ويقوم هذا البرلمان باختيار وزير أول يكون مسؤولاً عن إدارة شؤون منطقة الحكم الذاتي.

6- يقوم الوزير الأول باختيار الحكومة ويصادق عليها برلمان المنطقة وفقاً للقانون.

7- يعد برلمان منطقة الحكم الذاتي دستوراً لهذه المنطقة ويكون نافذاً بعد تصديقه من قبل أغلبية سكان المنطقة عن طريق الاستفتاء.

8- تتمتع حكومة منطقة الحكم الذاتي بسلطات كاملة باستثناء المجالات التي تعتبر سيادية.

9- ستكون لحكومة منطقة الحكم الذاتي الشرطة وقوى الأمن الداخلي الخاصة بها وسيكون لهم شعارها الخاص، وينظم ذلك بقانون.

10- ستكون لحكومة منطقة الحكم الذاتي محاكمها الخاصة للحل والفصل في المسائل والقضايا التي تهم الشعب الكلداني السرياني الآشوري ومنها المتعلقة بالأحوال الشخصية مثل الزواج والطلاق ... الخ.

11- يقر برلمان منطقة الحكم الذاتي علماً وشعاراً لهذه المنطقة يرفع فوق البنايات العامة داخل هذه المنطقة إلى جانب الأَعلام والشعارات الرسمية.

12- تخصص لحكومة منطقة الحكم الذاتي موازنة خاصة لغرض إدارة حكومة هذه المنطقة.

13- يتمتع ساكنو منطقة الحكم الذاتي من غير الشعب الكلداني السرياني الآشوري بالمساواة مع جميع سكان المنطقة من ضمنها حق حرية المعتقد والدين ومشاركتهم في برلمان وحكومة منطقة الحكم الذاتي.

14- ترتبط الامور التي لها خصوصية قومية ودينية لأبناء شعبنا الذين يقطنون خارج منطقة الحكم الذاتي مباشرة بالمؤسسات المركزية للحكم الذاتي ولهم الحق الكامل في التصويت والترشيح والمشاركة في انتخابات برلمان الحكم الذاتي.

15- يكون لأبناء شعبنا الكلداني السرياني الآشوري (من حملة الجنسية العراقية) في كل دول العالم الحق الكامل في عملية التصويت والترشيح في انتخابات برلمان الحكم الذاتي، كما هو الحال مع مجلس النواب العراقي والمجلس الوطني الكردستاني.

16- الجزء الذي يقطنه ابناء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري والذي يقع خارج حدود منطقة الحكم الذاتي سيكون له الحق الكامل بنيلهم الادارة المحلية وضمن اطار المحافظة التي يسكنها.


20
الحقوق بطريقة القس عنتـر والمعارض المعارض
ــــــــــــــــــــ

جميـل روفائيــل

   كنت تهيـأت لكتابة مقال آخـر ، لكـن موضوع الأخ سـمير اسطيفو شـبلا " حَـذارِ سيحاولون امتصاص غضب شـعبنا " حفّـزني على تأجيله واختـيار مـا أكتبـه الآن . . والحقيقة أن موضوع الأخ سـمير مهم ونابع عن مشـاعر قومية وثقـة بالصمود والنصر ، كمـا هي عادة مواضيعه ، ومنها "  إنشـاء لجنة للمصالحة مطلب شـعبي " وهذان الموضوعان يسـتندان على موضوعه " تنازلوا عـن كراسيكم أيها القادة " الذي كنت قرأته قبل نشـره وأجبته برسالة خاصة ، جاء فيها " قـرأت موضوعكم بـإمعان ، وهـو رائع وفي وقته المناسـب . . . "  .

     وأقـول بوضوح ، كثيـرا ما أتذكر مأثرة سـمعتها مـرارا عـن القس ( المطران قرياقوس موسيس ، الذي كان يخدم في كاتدرائية أم الأحـزان في عقد النصارى  ببغداد ، ومعروفا بلقب ( قس عنتـر ) لضخامة جسمه وقوته الطبيعية ومقارعته لكل ضيـم  ، هـذه المأثرة تقول " ذات يوم ، بينما كان القس عنتر مغادرا كاتدرائية  أم الأحزان ، جاءه أحـد شـقاة رأس القرية المعروفين في ذلك الوقت ، وسأله : هل صحيح أن مسيحكم أوصاكم بأنه ـ مـن ضربك على خدك فقـدّم الآخر ـ ، أجاب عنتـر ( وكان لايزال قسا قبل أن يرسم مطرانا من قبل البطريرك بولس الثاني شـيخو ) : هذا صحيح ، فقال الشقي : أريد أن أضربك على خدك ، فأجابه : تـفضل . . فضربه الشقي بكل قوته ، وأردف الشقي : الآن قـدّم الخـد الآخر ، فأجابه القس عنتر : تفضل أيضا . . وبعدما انتهى الشقي من إثمـه وأراد الإبتعاد وقـد أخذته النشـوة لأنـه تمكن مـن القس المعروف بأنـه رديف الشـهم  عنـتـر ، نظر القس عنتر إليه مليا  ووجده في متناول يده وأن في إمكانه أخذ حقه بيـده منه ، فقال للشقي : توقف لاتذهب لإننا طبقنا جزءا من قول السيد المسيح وعلينا تنفيذ الجزء الآخر . . فـرد الشقي : ما هـو ؟ قال القس عنتـر ، إنـه ـ بالكيل الذي بـه تُـكيلون يُـكال لكم وتُـزدادون ـ وهجم عليه القس عنتر ـ هجوم الفرسان في قصة سيرة عنتـرة بن شداد ـ  واقـتنصه بسرعة الصقر  بين يديه الفولاذيتين ، وهو يصيح به ـ هذا هو الكيل تفضل ـ ورفعه فوق رأسه وقذفه على بعـد مترين . . وترك القس عنتر الشقي يئـن مـمدا على الأرض مكررا عليه ـ هل عرفت الآن ، أيها الغبي ، الجزء الآخر من وصية سيدنا المسيح التي يستوجب علينا الإلتزام بـه ؟ ـ

   حقـا ، كان القس عنتـر ـ رحمه اللـه ـ  جديرا  بهذه الشهرة الطيبة الناتجة عـن المواجهة في محلها ومن موقع الثـقة بالنصر . . شـخصيا لم أكن على علاقة معه ، على رغم صداقاتي القوية مع العديد من رجال الكنيسـة ، لكن رأيته مرات عـدة خلال مروري قـرب كاتدرائية أم الأحزان وكان مهيـبا وقـورا قوي الشكيمة بعزم وثقـة بالنفس ، وكنت أسلم عليه ، ولكنني ، دومـا ، كلما رأيت اسمه في صحيفة أو كتاب أُسـرع بقـراءة ما هـو مكتـوب حوله . . إنـه رمـز لشـعبنا بالمأثرة المتداولة عنـه .

    مـا أحوجنا هذه الأيام إلى أن نلتـزم مأثـرة القس عنتـر ( مأثـرة لغويا : مكرمة متوارثة ، مفخرة ، فعل حميـد ، عمل نبيل ، مآثـر بطولية ) . .  فلا مناشـدة ولا رجاء ولا توسـل ولا وضـع الأعناق والخـدود  تحت رحمـة الآخريـن ،  فالتواضع والجنوح إلى السـلم والعلاقات الأخوية مع كل شـعوب العراق هـو هـدف سـام يتصف بـه شـعبنا ، ولكن تُحتّـم المرحلة التأريخية الحاسـمة التي يخوض هذا الشعب غمـار شـدائدها ، عـدم التخلي عمّـا لديه من قوة كامنـة تبـرز حين ينهض مـن أجل قضاياه المصيرية . . لقـد أثبـتت الأيام الأخيـرة أن الشـعب ( الكلداني السـرياني الآشـوري ) ينطلق بأغصان الزيـتون مـن عـرين القـوة ومـروج مآثـر أبائه وأجـداده وقادتـه الإيثـاريـين . . وليتواصل هـذا الشـعب في إنتـفاضته الراهنة وصولا إلى الحكم الذاتي مـن دون أي عـنف  ، ولكن من منطلق الحكمة والتحسب لكل خطـوة والوقاية من كل عثـرة صغيـرة كانت أم كبيـرة وتجنب كل ما قـد يسـبب الخسـارة ، فطول الوقت لا يـهم ، والإنتظار لايمـل ، والعمل لايَـكِـل . . مادامت النتيجـة : مـن سـار على الدرب وصـل  .

   كـم تغمـرني السـعادة ، حين أجـد تنظيمات شـعبنا متفقـة ـ على رغم الخلافات المتشـعبة بينها والتي هي في حقيقتها ظاهرة صحية ـ للسـير صفا واحدا من أجل الدفاع عـن قضايا شـعبها المصيرية ، وفي هـذا المجال شـعرت بامتنان "  للإتحاد الديمقـراطي الكلداني " ورئيسـه الصديق الكريم أبلحد أفرام ، حين قـرأت في تصريحه الذي نشـر أخيرا قولـه ( علينا  توحيد صفوفنا وكلمتنا وخطابنا السياسي وترك الخلاف على التسمية في هذه المرحلة لأنـنا سوف لن نتوصل الى حل بشأنها بالقريب العاجل ونتفق على توحيد مواقفنا الاخرى خدمة لمصالح شعبنا والدفاع عن حقوقه وبذلك يمكننا الوقوف بوجه من يحاول تهميشنا ) إنـه قول حكيم يشـعر بمسـؤولية تأريخية نحـو شـعبه ، كـم هـو حـريّ بالإقتـداء والتماثـل بـه . . فقـد جسـده حزبـه إلى واقع حين شـارك في كل مسيرات حقوق شـعبنا التي إنطلقت في الأيام الأخيرة ملتـزما الأعلام والشعارات الموحدة على رغم أنه قد لايكون متفقـا مع كلها كليـا . .

      أجل  إن الأخ أبلحد  يعتـرف بوجود الخلاف وهو حقيقة نؤكدها نحن أيضا ، ولكنه يوضح بأن الخلاف ماكان يوما مانعـا أمام السـير جنبا إلى جنب . . وفي سـياق هذا الكلام ، فإنه بيـني وبين الأخوة في ( الإتحاد الديمقراطي الكلداني ) خلافات في أمور جوهرية عـدة  مع إتفاق في قضايا رئيسية كثيرة ، وسـبق أن كتبت نقدا عنيفا للإتحاد على رغم أن العديد من قادته هـم بين أقـرب أهل تللسقف إلـيّ ، وكل ذلك لم يكن يوما حائلا دون المحبة المتبادلة ، وما ذهبت مـرة إلى تللسقف وكان الأخ أبلحد أفرام في دهوك إلاّ  وتبادلنا الزيارات ، أما الأخ روئيل جميل فكلما كنت في تللسقف فإن لقاءاتنا متواصلة وكم دعاني إلى بيتـه في ديره بون ولا يمكنني نسـيان معروفه في مرافـقتي إلى العـديد من قـرى شـعبنا التي أُعـيد بناؤها لأرى عـودة الكثير مـن أهلها إليـها ، وأما الأعزاء أقربائي فإن أواصـر القـربى والزيارات بيـننا هي دائما في أوثـق أشكالها متانـة . . وكـذا الأمـر بالنسـبة ( للمجلس القومي الكلداني ) فإن محبة القربى بيني وبين قادته في تللسـقف هي دائما في أجلى معانيـها  . . وأيضا ( المنبر الديمقراطي الكلداني ) فإن سـعيد شـامايا هـو أحـد أعـز وأقدم أصدقائي ورغم خلافي معه في العديد من قضايا المنبر فقـد بقيت صداقتـنا في منجى عن هذا الخلاف . . أوردت هـذا فقـط لأشـير بوضوح إلى خطـأ أولئك الذيـن يحسبون خلافاتهم مع الآخرين هي من النـوع الذي لايمكن تجـاوزه . لأنهـم أسـمى مـن الكـل ، ودائمـا غيـرهم مخطئـون ! .

     وأنـا أتهيـأ لإرسـال هذا الموضوع إلى المواقع ، شـاهدت لقاء في قناة عشـتار مع الأخ كبرئيل موشـي كوريـة مسـؤول المكتب السياسي للمنظمة الآثورية  الديمقراطية  ، وسـررت من اللقاء وأيضا لـما كنت قرأته عـن وفـد المنظمة ومواقفـه في أمريـن مهميـن : ألأول ، لأنـه يرتبط بعلاقات طيبة مع كل تنظيمات شـعبنا ويسـعى إلى توحيد الخطاب القومي لتحقيق المطالب التي ناضل من أجلها شـعبنا خلال عقـود طويلـة لرص الصفوف والعمل سوية لأجل تحقيق الحكم الذاتي الذي هو الضمانة الوحيدة لنيل حقوقنا المشروعة كاملة داعيا الجميع إلى نبـذ الخلافات وتغليب المصالح الوطنية العليا على المصالح الشـخصية ، وثانيـا ، أكـد دعمه لضمان وحدة الهوية والإنتماء القومي لشـعبنا الكلداني السرياني الآشـوري وصيانة كافة حقوقه القومية بمـا في ذلك حقـه المشروع في الحكم الذاتي في مناطقه التأريخية التي يقطنها في الوقت الراهن وتثبيت ذلك في الدستورين العراقي الإتحادي  وإقليم كردستان العراق  . . وأثنـى على الجهود والإنجازات التي تـم تحقيقها من قبل المجلس الشـعبي الكلداني السـرياني الآشـوري وتنظيمات وأحزاب شـعبنا المتحالفة معه للنشـاطات التي يقومون بـها في مختلف المجالات  . . شـخصيا لاأعرف أحدا في هذه المنظمة وليسـت لي أي علاقة معـها ، ولكنني وجـدت لدى قـادتها الحس القومي الأصيل والتـفهم لأهمية المجلس الشـعبي الكلداني السرياني ألاشـوري كمظلة لتعاون أطراف شـعبنا من أجل حقوقنا المصيرية التي في طليعتها الحكم الذاتي ، وهـو حـس وإدراك وشـعور كـم تمنيـت أن أجـده متوافرا عـند بعض الأخـوة الذين لايزالون يختارون الإنعـزال في داخل وطنهم العراق غيـر آبهيـن بأنهم أولى بالمسـؤولية والمحاسـبة التأريخية مـن الأخـوة الذين يقيـمون خارجـه .

    تطرقت أعـلاه إلى عـدد مـن مواقف تنظيمات شـعبنا ،   بهدف الحض على  تقـويم  الخطأ الجسـيم الذي يقع فيه أولئك الذين يحسـبون علاقاتهم مع الآخرين بمعايـير مواقفهم الحزبية ، فمن كان مع مواقفهم فهـو ( حبيـبهم ) ومن وجدوا في نهجه مالايرضيهم فهـو عـدوهم ونادوا لـه ( بالويل والثـبور ) . . وبحسـب مقـولة ، إمّـا معـي فقـط  وإلاّ  فأنت عـدُوّي . . وبالمناسـبة ، أود أن أوضـح بأنـني مـن جانبي لا أجـد أفكاري على خلاف مع مـبادئ ( الحركة الديمقراطية الآشـورية ) وسـتثبت الأيام حقيقة مـا أقـول ، ولكن لاأنكـر أنـني أختـلف مع ممارسـات قسـم من قادتـها الذي يُصـر على الإنعزالية عن بقية أطراف شـعبنا من خلال التشـكك في قضايا هي جديرة بالبحث والتـفاهم واللقـاء والإبتـعاد عـن ذرائع الإتهامات  . .  وكـم تألمت عـندما رأيت كل أطراف شـعبنا المـذهبية والسياسية والفكرية والمناطقية قـد تجمعت في مسـيرات حقوق شـعبنا الأخيرة ، باسـتثـناء الأخـوة فـي زوعـا الذيـن سـلكوا طريق السـير والتظاهر وحدهـم ، غيـر حاسـبين مـا لذلك مـن ضـرر معـنوي وجماهيري عليهم قبل غيرهم ، لأن إبتعادهم لـم يقـلل مـن الصفوف الطويلـة للحشـود الجماهيرية في تظاهرات بغـديدا وتللسـقف ودهوك . .

       ولكن خشـيتي أن يكون في زوعـا مـن يـروج ( مهزلة ) بأن كل هـذه الآلاف المؤلفة المطالبة بالحكم الذاتي  هـي (  إمـا مأجـورة . . أو  أنها سـارت بسبب ضعف وعيها القومي والسياسي واندفاعها العاطفـي  ) . . وأن جميل روفائيل كتب هذا الموضوع عن التظاهرات لقـاء أجـر . . وللـه في خلقـه شـؤون ! ! ونحـن لنـا حديث ذو شـجون . .   ومـا لنـا في هـذا السبيل غيـر أن نريح أنفسـنا بإعادة قراءتنا لقصص شـهرزاد وشـهريار في ألف ليلة وليلة وبوليسـيات أرسين لوبين وروايات الجريمة لأغاثـا كريسـتي والأفعال الخارقة لأفلام جيمس بونـد . . ونبتعد عن قراءة ما كتبه حكيمنا أحيقـار ، لأنه يزيد ألمـنا ضراوة عندما نـرى البون الشـاسع الناتج عن التـشتت الذي صار يتـلذذ البعض بـه اليوم وبيـن الصفاء والأخوة والإتحاد الذي دعـا إليه هـذا الوفي لشـعبه فـي إحـدى فتـرات أروع أيـام عـزّه .

  لكن بقناعتـي ، أنـه يخطئ  من يعتـقد أن جموع ( الشعب الكلداني السرياني الآشوري ) التي شـاركت في إنتفاضة شـعبنا الحالية هـم كلهـم من المؤيدين لهـذا الحزب أو ذاك الشـخص ، وإنما هـم يؤيدون حقوق شـعبهم والنهج الصائب الذي سـلكه الداعـون لهـذه المسـيرات والشعارات المصيرية الصادقة التي رفعـوها ، والتي تؤكدها  النقاط السـت عشـرة الواردة في مذكرة المطالب التي رفعها المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري إلى حكومتي العراق المركزية واقليم كردسـتان العراق ، والتي يسـتوجب من كل مخلص لشـعبه أن لايعارضها بالمطلق ( لأنـه معارض لاغيـر ) وإنما إذا كانت لـه وجهة نظر في كلها أو قسـم منها أن يوضح رأيـه بجلاء ويكشـف ما يجـده الأفضل ويدخل في نقـاش هدفـه الوصول إلى الأصلح والأسـلم . . هـذا هـو السـبيل الموضوعي القويـم الذي لايمكن لأحـد نقـي اليـد والقلـب أن يتجنـبه أو يتهـرب منـه  . . وفي غيـر هـذا النهج يبقـى الحكم الأخيـر الفاصـل  بين الصالح والطالح مـن حـق الشـعب وحـده ، نعـم الشـعب ( وأقصد الشعب الكلداني السرياني الآشـوري ) الناهض هـذه الأيـام من أجـل حقوقـه وسـلامته ومسـتقبله والـذي لـن يرحـم في قـراره  ( أسـخريوطا ) في صفوفـه . . 

   وفـي هـذا الشـأن ـ والكلام هو للعظة واتقاء الشـبه وليس موجها ضـد أحـد أو جهـة معيـنة ـ  يحضرني أسـلوب ( حاكـم عـربي يُلقـب بالمعارض الدائـم ) حيث أنـه قبل أن يبـدأ أي اجتماع للقمة العربية يعلن أنه معارض لقرارات المشاركين في القمة ، وعندما يسـأله البعض : كيف تعارض قبل أن تسمع ما يقترحونه ويتكلمون بـه وتناقشـه أنت ، يجيب الحاكم المعارض المعارض : لا حاجة لكي أسـمع فإنـهم لـن يـأتوا بشـئ فيـه خيـر للعرب وفلسـطين . . وغالبيتنا تتذكر المسرحية المصرية التي  تتـناول إجتماعا لقضية مهمة  ويظهر فيها  أحد المدعوين إلى الإجتماع  ، ويرفض دخول قاعة الإجتماع لكنه يُـعلن من خارجهـا أنه يعارض ما سـيسفر عـنه الإجتماع ، وعندما يعيدون السؤال عليه ؟ يجاوب : أعـارض كل ما يطـرحونه على طاولتـهم . . هـذا النـوع مـن الممارسـات يوصف عـادة  بـ ( المعارضة مـن أجل المعارضة ، أو ، المعارضة مـن أجـل : خـالف تُـعرف ) . . وأملنا أن يأتي يـوم لانجـد في صـفوف ( الشعب الكلداني السرياني الآشوري ) هكـذا معارضة أو معـارض للمعارضة فقـط  .

   وبحسـب إطلاعي ، أنـه لاغرور في القوة الحزبية إلاّ  لقادتها الدكتاتوريـين فقـط ، فكم مـن رئيس حزب لـم يكتـرث لأخطائه هـوى من خلال المتطلبات الديمقراطية حيث تتوافر الديمقراطية في النهج الحزبـي . . وكم مـن دولة تراجعت منزلتـها لأن حكامها إمتلأوا غـرورا في تصرفاتهم ،  ودولة عـادية تصاعدت منزلتها لأنها سـلكت السبيل القويـم ، وفي هذا المجال سـأذكر مثلا قد لاتكون له علاقة مباشرة بما نحن في صـدده ، وهـو أن الصين تنجح اليوم حيث تفشل الولايات المتحدة . . وبالأرقام الصينية التي تحكي عجبا  ، فإن الصين عندما فازت عام 2001 بتنظيم الألعاب الأولمبية كان دخلها القومي 1,3 تـرليون دولار في السـنة ( التِـرليون يسـاوي مليون مليار ) في حين دخلها السنوي أصبح اليوم 3,6 ترليون دولار ( وقـد توقعت هـذا خلال زيارتي الصحافية  للصين عام 1993  وأنـا أعمل في جريدة الحياة  ، وكتبت عنه في موضوع واصفا مشاعري وأنا أسـير متباهيا وألتـقط الصور فوق سـور الصين العظيم ومواضيع أخرى نشرتها بعد عودتي إلى يوغوسلافيا )  وهذا التطور ليس فقط بسبب تطورها في الصناعات الخفيفة الرخيصة التي تصدرها بكثرة إلى أنحاء العالم ، وإنما أيضا من خلال نجاح مشـاريعها في الدول الأخرى ، فهي اليوم أنجح بلد صناعي يعمل في الدول الأفريقية ، ويقول البنك الدولي إن للصين استثمارات في 36 دولة أفريقية يفوق مجموعها استثمارات أميركا وأوروبا معـا ، وقال سـياسي أفريقي عن نجاح الصين في أفريقيا " الصين تعامل الدول الأفريقية على قـدم المساواة ، أمـا الدول الغربية فتعاملنا كمستعمرات سـابقة "  . .

     وقوة الصين لم تعـد سياسية واقتصادية وإنما عسكرية أيضا فإن موازنة الدفاع الصينية هي هذه السنة حوالي 60 مليار دولار أي بزيادة 40 في المائة عن السنة السابقة   ، وبحسـب الإحصاءات الدولية فإن الصين ستـتقدم هـذا العام على ألمانيا إقتصاديا وثـم على اليابان في غضون عامين وتسـبق الولايات المتحدة إقتصاديا في فترة لا تتجاوز العشر سـنوات . . أوردت هـذا كله فقط لأقول : إن الغـرور لايفيد الدول ولا الأحزاب ، فالولايات المتحدة في تراجع مستمر لأنها لاتريد التخلي عن غرورها بأنها القـوة العظمى الوحيدة في العالم على الرغم من التـقـدم السـريع لكل من الصين وروسيا والهنـد والبرازيـل  . . وكذلـك الأحـزاب التي ( تسـتنكف ) من الجلوس مع غيـرها بذريعـة  "   أنـها هزيلـة وهامشـية وتابعة ومأجورة . .  "    ولكن بالنتيجة فإن غـرور الأحزاب ( الإستـنكافية ) لـن يضـر غيـرها . . ويحضرني بهذا الخصوص عبارة قالها بطرس بطرس غالي لوزيرة الخارجية الأميركية آنئـذ المعروفة بتعجرفها وغرورها مادلين أولبرايت حين أصـرت وحيدة بين كل دول مجلس الأمن على عدم تجديد ولايته أمينا عاما للأمم المتحدة من أجل إحلال كوفي أنان مكانه ـ لأنه ، كما ذكرت بعض المعلومات الصحافية في حينه أن أولبرايت أرادت مكافأة أنان لأنه تخلى عن زوجته أم ابنه جوكو وتزوج من يهودية صديقة لأولبرايت ـ   فقال غالي مخاطبا أولبرايت : فلتعلم هذه القروية أن التاريخ يروي لنـا قصص امبراطوريات حكمت ثـم تهالكت . .   واللبيب مـن الإشـارة يَـفهـم .   

    وأخيـرا ، كـم تألمـت وأنا أقـرأ وأشـاهد تظاهرات شـعبنا عـن بعـد ، لأنـني لـم يسـعفني الحـظ لأكون أحـد السائرين ضمـن الجموع المطالبة بحق شـعبها وأجيالها اللاحقـة  في بغـديدا وتللسـقف ودهـوك ، لأفتخـر يوما بأنـني كنت أحـد الذين رفعـوا شـأن ( الشـعب الكلداني السـرياني الآشـوري ) شـعب الحضارات وصولات الأمجـاد   في أرجـاء الدنيـا ، وليس بمقـدوري إلاّ  أن أحيـي كل مـن تمكن أن يكون واحـدا مـن الآلاف وكـل مـن اشـتاق ليكون واحـدا منهـم ولكنـه لأسـبابه لـم يتمـكن . . لكـن المهـم أن قلوبنا ، مـن اشـترك ومـن اشـتاق ، تخفق بحب واحـد بعـدما انطلق ( القُـمقُـم )  مـن وعائـه ولـن يكون محبوسـا بعـد اليوم ، ومأثـرة القس عنتـر ستكون بين وسـائله . . أما مـن أراد الإسـتمرار على مسـلك المعـارض المعـارض  فهـو وشـأنـــه .


21
ينبغي أن تـتواصل إنتفاضة شـعبنا بالتصدي والحزم
ــــــــــــــــــــــــــ

جميـل روفائيـل

  سـألني العـديد من الأخوة مـاذا تـنتظر ولماذا لاتكـتب . . أجبـت لأنـني أريـد أن أقـف على الأدلة وأعـرف الحقائق وأكتـب بمـا ينبـغي واقعـا بعيـدا عـن العاطفـة والعبـارات الإنشـائية . . فالعاطفـة تـزول مـع إضمحلالـها والعبـارات الإنشـائية مـا كانت يـوما إلاّ  سـردا للكلمـات ، ومـا عمـرت الكلمـات بيـتا يـوما . . وكانت (  إنتفاضـة ) الشـعب ( الكلداني السـرياني الآشـوري ) المتواصلة حاليا  الرد الواقعي المناسب لما حصل ، والإنتفاضة تعني لغويا ( حركة شـعبية تتميز بالقـوة . .  إنتفاضة شـعب مظلوم ) .

    وإزاء هـذا ، ومـا رأيتـه وسـمعـته  ، مـن أصحاب الكراسـي في البـرلمان والمناصـب في الحكومـات ،  مـن أبنـاء شـعبنا ( الكلداني السـرياني الآشـوري )  وغيـرهم  ،   مـن تبـريرات وكلمـات التـهرب من تبعـات ما حصـل وإلقـاء المسـؤولية على الغيـر . .   خرجـت بنتيجـة مفـادها أن مـن يناشـد أو يتوسـل أو يـرجـو كائنـا مـن كان مـن أهل الجـاه والسـلطان لقضـية مصيرية تخص هـذا الشـعب  فـإنه لايمكن أن يحسـب بعـد الآن  مـنه ، لأنـه يدعـو إلى الحـق والحقـوق بالمنحـة وأسـاليب العـطف الباليـة  على أهـل الذمـة ويجعل شـعبه يواصـل سـبل الخنـوع والرضـا بالقطـرات ولا يهمـه مـا يقـود ذلـك إلى الإضمحلال التدريجـي والـزوال الذي خضـع  لـه هذا الشـعب  وأوصله إلى ما وصل  إليـه مـن مكانة متـدنية لـدى البعض مـن المهيمنيـن ،  إلى حـد إعتـبارالمنتميـن إليه  مواطنيـن مـن الطبقـة العـاشـرة وإتـمام  مسـاومات الكبـار على أشـلائـهم  ومعـاناتـهم  . .

      وينبـغي أن يعـي أبناء هذا الشعب مهماتـهم الراهنـة  بأن يسـلكوا السـبيل  الجديـد  الذي  بـرز  في إنتـفاضـتهم  ضـد سـلب الحـق الأدنـى الذي كانوا  قـد حصـلوا عليـه للتمثيـل في مجالس المحافظات بحسـب إختيـارهم وليس إسـتجابة لرغبـات الآخريـن وعطاءات صـدقاتـهم في لوائحـهم الإنتخابيـة . . ومنـذ الآن ، على الكبـار أن يثـبتوا مواقـفهم مـن خلال الأفعـال وليس الأقـوال ، فمـن يقـف إلى جانب حقـوق هذا الشـعب  فهـو صـديق لـه إلى حـد الأخـوة في السـراء والضـراء ، ومـن يديـر ظهـره لحقوقـه  فهـو على النقيض مـنه  إلى حـد التصنيـف بالعـدو . . وعلى أبنائه  أن يـدركوا بعـد الآن أن علاقاتـهم مع الشـعوب والأعـراق العـراقية تتحـكم بهـا مصالحهم المصيـرية بعيـدا عـن كل العـواطف الفرديـة والكلمـات المعسـولة وسـلامات السـوق ووعـود التسـويف . . لا مناشـدة ولا رجـاء ولا عطـف ولا تملـق ولا فُـرشة لتـرضيـة الآخـرين بعـد الآن . . فقـد كفـى الشـعب ( الكلداني السرياني الآشوري )  هـزالا وهـوانا على عتـبات الآخـرين ، فـإما المسـاواة وإلاّ  فـلا . . ولتكـن نتيجة إنتـفاضته الحاليـة درسـا لأنها جعـلت الكبـار يقـرون بمـا فعـلوه مـن إثـم  وأن  يوعـدوا بإيجـاد مخـرج سـريع لأنفسـهم مـن المستـنقع الآسـن الذي وجـدوا أنفسـهم فيـه . .

    الدعـوة إلى الإنتفاضـة والحـزم ، لاتتعارض مـع النهج  المتسـم بالإعتـدال ، لأن السبيل الذي يرتـأيه هذا الشـعب هـو السـلمي الشـرعي المعتـرف بـه عراقيـا ودوليـا لعرض المظالم والمطالبة بالحقوق المسـلوبة ، والتأكيـد أمام الآخرين أنـه ليس خاليـا مـن القـوة كما يعتـقدون ليـتلهـوا بـه كما يشـاؤون  . . واللافت أن البعض المعروف ( بجـر أذيال الخيـبة ) من هـذا الشـعب يخشـى حتى الظهور خلال التظاهرات في تحسبات لتأثيراتها على إسـترسال أحلامه الوهمية عـند البعض من أصحاب الجـاه الذين يوعدون ولا ينفـذون حتى بالوزارات واللجان  ( المزهرية الديكورية  ) . . وإلاّ  فمـا تبريـر هذا  البعض  لعـدم تلبيـة تنظيماته  حتى الدعـوات التي وُجهـت لها  للمشـاركة في الإجتماعات التحضيرية للتظاهرات ! . .  قـد تحـدث أخطاء ، ولا أحـد معصوم مـن الخطأ ، ولكـن الخطـأ حتى إذا وصل حـد  التجاوز والإستـغلال أحيانا ،  فإنـه يعالج بالتفاهم والحوار وليس بارتكاب خطـأ أجسـم . .  ولابـد مـن القـول بوضوح : إن الذرائع السياسية غيـر مقبولة أبـدا في القضايا القومية ، فالأمور القوميـة تخص الشـعب بكامله ومـن يتخلف عـنها يكون قـد إنفصل عـن صـف شـعبه مهمـا حاول التبـرير لمسلكه  واختـلق مـن الأعـذار ، فـإن المسـوغات هـنا لاتنفع لأنها واهيـة وتعـود سـهامها نحـو رمـاتها .

     ولابـدّ  أيضا أن نذكر ، بأن القناعـة بما هو موجود اليوم للشـعب ( الكلداني السرياني الآشـوري ) من أمور تعليمية وثقافية واجتماعية وإدارية ليست في محلها  . . لأن هـذه الموجودات تعود إلى  1972  ومثـبتة  بقـانون صدر في 26 / 4 / 1972  عـن أعلى سـلطة عراقية في ذلك الوقت وهي ( مجلس قيادة الثورة ) وينص على ( أن تكون اللغة السريانية لغة التعليم في كافة المدارس الإبتدائية التي غالبية تلاميذها من الناطقين بهذه اللغـة ، وأن تدرس اللغة السـريانية في المدارس المتوسطة والثانوية التي غالبية تلاميذها من الناطقين بهذه اللغة ، وأن تدرس اللغة السريانية بكلية الآداب بجامعة بغداد كإحدى اللغات القديمة ،  واستحداث برامج خاصة باللغة السريانية في إذاعة الجمهورية العراقية ومحطتي تلفزيون كركوك ونينوى ، وإصدار مجلة شهرية باللغة السريانية من قبل وزارة الإعلام ، وإنشاء جمعية للأدباء والكتاب الناطقين بالسريانية وضمان تمثيلهم في الإتحادات والجمعيات الأدبية والثقافية في القطر ، ومساعدة المؤلفين والكتاب والمترجمين الناطقين بالسريانية ماديا ومعنويا بطبع ونشـر إنتاجهم الثقافي والأدبي ، وتمكين المواطنين الناطقين باللغة السريانية من فتح النوادي الثقافية والفنية وتشكيل الفرق الفنية والمسرحية لإحياء وتطوير التراث والفنون الشعبية  ـ  كما أصدر مجلس قيادة الثورة بتاريخ 25 / 6 / 1972 قانونا بتأسيس مجمع اللغة السريانية )  ولا يزال القانونان نافـذين  ، ضمن مـا لم يصدر قـرار بألغائـه مـن قوانين ذلك النظام ، وقـد تـم تنفيذ هذين القانونين وغيرهما لسنوات عـدة  ( وحتى المسـؤولين في الإدارة والبلديات في قضاء تلكيف وناحية ألقوش وغيرهما كانوا من أبناء هـذا الشـعب  )  إلى أن ( بلع  صدام كل ذلـك ضمن ما بلـع وهو كثيـر ) ولكن البلـع السياسي السـلطوي لايشـكل من الناحية الشـرعية إلغـاءً للحقـوق  . .

     وقـد أوردت هـذا فقط للإعلام بأن الرضا بالقليل الموجود حاليا ليس إلاّ القناعة بما كان موجودا  للشـعب ( الكلداني السـرياني الآشـوري )  قبل أكثر من ثلاثين عامـا . . فهل هـذا الرضا يتـوازن مع مـا أصبح متوافرا حاليا لغيره  من شـعوب العراق  ؟ !  وباستـثناء  ماهـو موجود لـه  فإن هـذا الشـعب  لم يحصل على شـئ حتى الآن غيـر ( الكلام المعسـول والوعود الرنانة ) وأن إنتفاضتـه  المطالبة بالحكم الذاتي ليسـت إلاّ  لنيل حقوقه التي تقـربـه  مـن المسـاواة مع غيـره وليس جعلـه على مستوى واحد   بالكامل معهـم . . ومن يقـف على الضـد من الحكم الذاتي ، من المنتمين لهذا الشـعب ،  فهـو في صـدقية الأمر يقف على الضـد من حقوق شـعبه ، وإن إدعـى غير ذلك ،  وإلاّ  لماذا لايجلس مع العاملين من أجـل الحكم الذاتي ويقـول رأيـه بموضوعية وعلى طاولة إجتماع كل الخيرين من أبناء شـعبه  بما يـراه الأصلح والأنفع ، فهذا هـو سبيل الصواب بعيدا عـن كيل التهم وإدعاءات النفاق لتبـرير ما لايمكن  وصفه بغيـر الخداع لنـوايا ذاتيـة لايمكن أن تخلو من رغبـات السـوء لمضامين  صيانة هذا الشعب من الإنهيار باتجـاه  لائحـة  الشـعوب البائـدة . 

  أقول بجلاء ، وليس على قـول الحـق مـن حـرج ،  لـم أعـد في حاجة إلى الثقـة بمـا سـمعت مـن وعود اللقـاءات مـع ذوي الشـأن والهيمـنة  ،  بأنـهم سـيعملون بإيجـاد حـل لمـا حصـل ،  ومعالجـة الموضوع بأي طريقـة ممكنـة  ، إمـا بإضـافة مقاعـد على مـاهو مقـرر حاليـا في المجالس أو تخصيص عـدد معيـن من المقاعد للشـعب ( الكلداني السرياني الآشوري )   لأجل الترشـيح لها ضمـن لوائـح الكبـار الذيـن اعتـادوا على الهيمنـة ولا يـريدون التخلي عـنها  ، أي وفـق المثـل الشـعبي   ( تيـتي تيـتي ومثـل مـا رحـت جيـتي . . وعـادت حليمـة على عـادتها القديمـة ) ولدحـر هـذه الألاعيـب يـنبـغـي تصعيـد هـذه  الإنتـفاضة  والإصـرار على إعـادة الحـق بكاملـه وكمـا كـان بالأصل ، أي إعـادة المـادة  50  بحسب صياغـتها  قـبـل حـذفـها ، على رغـم أنـها تمثـل الحـد الأدنـى لحـق  الشـعب  الكلـدانـي السـريانـي الآشـوري في المجـال الإنتـخـابـي والتمثـيلـي الوطـني  . . لأن أي تغيـيـر في هـذه  المـادة أو المشـاركة في الإنتـخابـات بصـيغـة مقـاعـد ( مـمـنوحـة )  غيـر مقـبـولـة إطـلاقـا  ، لأنـها تشـكل إنتصارا  للمهيمنـين  من دون حـق لمـا فعـلوه مـن إثـم  . 

     وليعلـم الذين اعتـادوا الهيمنة على الآخرين ،  أن هـذا الشـعب الأبـي لـم يعـد يقبـل  بالصـدقـات أو المنـح  مـن أحـد وإنـما ينـتـزع  حقـه إنتـزاعا إذا تـوانى الآخرون في الإلتـزام بالمـواثـيق والأعـراف الإنسـانيـة ،  فالحـق لايـمـنح وإنـما يـؤخـذ . . والتـصـدي للظلـم والإسـتهانـة بحـق الشـعـوب   ولّـى زمانـه ، ولامسـاومـة مـع إعـادة المـادة 50  أصـلا وكـما كـانـت  ومـن يـقـبـل بالمسـاومـة فـإنـه يقـبـل بـذل هيـمنـة الآخـريـن عليـه خـارج أطـر الحـق والديمقـراطيـة والقـوانيـن والدسـتور . . وهـذا القبول المهين لايـمـكن أن يـرضـاه أي شـخص أصـيل  وفـيّ  لتـراثـه وودائـع آبـائـه وأجـداده الأمـاجـد وحقـوقـه الإنسـانيـة الكريمـة . . ولابـد مـن المضـي بالـزخـم الشـعـبي الـراهـن حتـى إعـتراف الذيـن يحـاولون إسـتخدام سـطوتـهم بالهيـمنـة على أمـور العراقيـين ،  بـأن الشـعب ، الذي سـلبوا حقـه ،   أصـيل ولـه مـا لهـم مـن الحقـوق والواجبـات بالعـدل والقسـطاس .

    ومادام  الآخـرون تمـادوا في غيّـهم حتـى جعلـوا الشـعب ( الكلداني السـرياني الآشـوري )   يدرك أن الإنتفاضـة أصبحت واجبـا لامناصـة منـه ، وينبغي أن تسـتمر على زخمـها باتجـاه الحـكم الذاتـي  في منـاطقـه التـأريخيـة التـي يعيش فيـها حاليـا ،  هـذا الحـق الذي لـم يعـد يحتـمل التأجيـل والتسـويف  وانتظار إدراك مـن لايـزال في صفوفـه  يتشـبث بأذيـال الطائفيـين مواصلا الوقوف خارج صـفه المطالب بكامل  حـقوقه  الشـرعية  . . لأن تأجيل الحكم الذاتي الذي يطالب به  لـم يعـد مقبولا  بعـد الذي ظهـر مـن العـداء لحقـوقه ، ويجـب فـرز أصدقاء الشـعب ( الكلداني السـرياني الآشـوري )  مـن أعـدائه داخل العـراق وخارجـه مـن خلال الإصـرار  على  الإعـتراف بـالحكم الذاتي عـاجـلا في الدسـتوريـن العراقي والكردسـتانـي وإيـداع ذلـك لـدى المؤسـسات الدوليـة كوثيـقـة تأريخيـة رسـميـة  لايمـكن التـلاعـب بـها مـن قبـل أي شـريـر . . هـذا هـو سـبيل  الواجـب الآنـي لأنتفاضـة أبنـاءهـذا الشـعب  ، بعيـدا عـن كل شـعاب  الخداع .

    فكلمـا مـرّت الحـوادث والممارسـات والأيام ، إزدادت لـديّ  القناعة بـأن الشـعب (  الكلداني السـرياني الآشـوري )  في العراق ،  إذا أراد الإسـتمرار والبقـاء بعـزة وكرامة مثـل الشـعوب الأخرى في بلاده ، لابـدّ  أن يـراعي أمـورا عـدة ، مـن بيـنها ، أولا : الوحـدة ثـم  الوحدة . . وثـمّ  الوحـدة . . إسـما وهـدفا ومصيـرا ووجودا . . فقـد كان السـبب الرئيسـي لضياع حقـوقه ولا يـزال ، يكمـن فـي عـدم وجـود إسـم قـومي لـه ، مـا أتـاح فرصـة ذهبيـة للسـاعين إلى تهميشه  بوضـعه ضمـن الأقليـات ذات المسـميات الدينيـة كالإيـزيدية والصابئـية ، وصـار إسـمه  في الدسـتور والتعاملات الرسـمية ( الأقليـة المسـيحية )  وفي عـرف الحاقدين مـن الطائفيين والعنصريين وغـلاة الرجعيين والعروبيـين ( جماعة المسـيح ) و ( أهـل الذمـة ) وصـولا إلى ( الكفـار ) . . ونحـن ،  في الوقت الذي ندعـو  إلى التكاتـف ،   لانـريد  أن نشـخص ونضـع النـقاط على الحـروف . . ولكنـنا نقـول بأعلـى صوتنـا ، فقـد آن الأوان وقـد انتفض هـذا الشـعب  ولـن يسـامح بعـد اليـوم  نـاخـرا مـن داخـله ،  ولابـد مـن الإفـراز داخـله  كمـا في خارجـه .

    وثـانيا :  الكـوتـا لـن يتخلى هذا الشـعب عـنها ، ولكـن مـا اسـتجد مـن وضـع جديـد داخله  بانتـفاضته ، لـم يعـد ممكنا أن يقتصـر على قضـيض الكوتـا ، وإنـما اسـتوجب الإمتـداد إلى كامـل حقـوقه ، أسـوة بالشـعوب الأخـرى في إدارة شـؤونه بكل نواحيـها وسـيادة كلمتـه في تطويـر بلداتـه وقـراه وأراضيه وإعـلاء شـأنها من خلال حصة  منطقته الواضحة بحدودها الجغرافية والإدارية والقضائية والامنيـة  من ميزانية الدولة العراقية  ،  بحسـب نسـبتها السـكانية قياسـا لمجموع سـكان العـراق    . . وهـو ما لايمكن أن يتحقـق إلاّ  بتوحيـد مناطقه في سـهل نيـنوى ومـا يجاورها مـن مناطقـه في إقليم كردسـتان وتحقيق الحكم الذاتي المعتـرف بـه محليـا ودوليـا لهـا . .  أمـا ما يسـمى بالإدارة الذاتيـة أو الإدارة المحلـية وما شـابه هاتيـن الإدارتين ، فقـد أثـبتت الأحـداث ، أن كلهـا خـدعة ونتيجتـها اسـتمرار هذا الشعب  على وضعه الراهـن تحت هيمنـة الآخريـن ، يتـرحمون عليـه كيفما يحلـو لهـم . .

   وأقـول أخيـرا ، إنـني كتبت هـذا الموضوع لما لـه من أهميـة آنيـة . . ولكـن مـن دون التخلي عـن حقـي بالإجابة لكل ما جـرت كتابتـه مـن أمور وردود وافتـراءات أحيانا  بخصوص المواضيع التي كتبتها أخيـرا حول وثيـقة المخابرات  والحكم الذاتي وغيـر ذلك . . وسـأجاوب كلها واحدا واحدا في مواضيع مقبلة غايتها  التوضيح والقول  الصائب  وكلمات الحـق والصراحة مسـتندا على ما بحوزتي من معلومات موثوقـة  . . مع تأكيدي بأن غالبية ما تمت كتابته مـن مقالات موجهة إلـيّ ،  كان ضمـن إطار الموضوعية وتبادل الرأي وصولا إلى الأصلح والأفضل ، ولكن أرى ضرورة أن لا أهمل أيّـا منها ،  سـواء الدسـم المفيـد أو الهزيل الهـش ، وإلى مواضيع مقبلـة .


22
وأخيـرا يونادم : مـن فمك أُدينك
ــــــــــــــــ
جميـل روفائيـل

     اسـتجابة لرغبة عـدد من الأصدقاء ، سـيكون هـذا الموضوع الأخير عن يونادم كنـا ، وسيقتصر على مناقشة قسـم من أقواله التي لايمكن نفيـها ، نظرا لورودها في المقابلة ( الرسمية لزوعا أورغ ، وحوار عامر بولص ) وأيضا المتابعة التي قامت بها صحيفة بهـرا لسان حال الحركة الديمقراطية الآشورية  لجولته في أميركا ، وعلى رغم توقفنا  فإننا نقول بوضوح وإيمان : إن من حقك يا يونادم أن تعبر عن آرائك ومواقـفك في كل مايحلو لـك بكل حرية ، وفي حـال وجـود ما يتطلب توجيـه إتـهام أو نقـد لاذع  ينبغي  أن تسـتخدم الشـجاعة والتشـخيص  بالإسـم أو بالإشـارة الواضحة ليكون مفهـوما من المقصود بكلامك  لكي لايتـدخل أحـد من غيـر المعنيـين مادام الكلام لايخصـه  بالـذات ، أو أن تتحدث بالشـكل الواقعـي غير الشـامل الذي تفضل وأوضحـه الأخ الدكتور وديع بتـي حنـا  بقـوله ((  . .  فان الاستاذ يونادم كنا كان سيكون اكثر دقة لو اضاف الى ذلك ان هنالك شريحة ليست مأجورة او قاصرة في الوعي السياسي والقومي , بل اجتهدت ووصل اجتهادها الى هذه القناعة وترى فيها خيرا لشعبنا , دون ان ننكر ان هذه الشريحة لايمكن تمييزها بسهولة وبالعين المجردة عن غيرها , ولذلك ولان الانسان بطبيعته يحكم على الظواهر ويصفها بسماتها الغالبة وليس باستثناءاتها الخاصة , فيكفي ان تصف لوحة معينة بلونها السائد دون الاشارة الى كل زاوية صغيرة فيها  )) . .

      هـذا هـو الأسـلوب الصائب ، وخصوصا شـخصيا أسـعى إلى مواصلة نهجـي الذي أرغبـه وهـو (( مسك العصا من المنتصف بما يحقق توازنها )) . .   ولكن إذا عاد السيد يونادم  إلى أسلوبه التهجمي بالشكل الواضح أو الشـامل الذي يخصني شخصيا ويلحق الضرر ، من دون ذنب ،  بسـمعتي . . فإنـه ليس ثمّـة من مَنـاص ممكن لـي غيـر العـودة إلى أسـلوب ردّي الراهـن إنطلاقا من مبدأ الدفاع عن النفس والنهج الذي آراه مناسبا . . والبادئ أظلم . . وقـد أَعـذَر من أَنـذَر . .  علمـا أن غالبية الذين كتبـوا في شـأن ما تناولتـه ، أدخلوا في نفسـي السـرور والأمل بالإتفـاق لما فيـه الخير لشـعبنا من خلال  أسـس التوضيح والتوجيه البنّـاء نحـو الأفضل ، وسـيكون موضوعي المقبل والأخيـر في هذه القضية توضيحا لرأيي إيجابـا أو سـلبا فيـما تطرقـوا إليـه مع شـكري الجزيل لهـم مقـدما . .  وأمـا القلـة المتبقيـة ( الذين يتباهـون بألقاب ومعارف لايملكونـها ) فإنني أحسـبهم على قول حكمائنا ( لاحقـل خال  من الـزُّوان ) . 

     وكمـا قلت ، سـأكتفي بمـا نشـر في بهـر وحوار السيد عـامر مع يونادم ، لأن لاأحـد يستطيع نكران ماورد في هذين المجالين ، ولـن أعتمد شـيئا مصورا بالفيديو ممـا عرض في عـدد من المواقع ، لأنه كما ذكر السيد أنطوان دنخا الصنا وهو شـاهد عيان وسـماع ، فإن الفيديو ( هـو سـاعة واحدة فقط من أربع ساعات ونصف الساعة التي هي مدة الندوة والعشـاء ) .

  استخدمتَ أنت عبارة ( الكلداني السرياني الآشوري )  فقط . . و نقول إن هذا الإستخدام إيجابي لأنه التوجه التوافقي لحل قضية الاسم الرسـمي الراهن لشـعبنا ،   فنحن سبق أن التـزمنا بهذا الإسم رغبـة بانهاء أزمة التشـتت بين الأسماء التي جردتنا من أي اسـم قومي حيث وجدناه حلا مـرضيا للجميع في هـذه الأزمة الخطيرة ( وذلك من دون التضحية برأي أي طرف وبانتظار ظروف مؤاتية  للتوصل إلى حـل  نهائي للإسم القومي ) لأن المرحلة الراهنة حاسـمة ومن دون وحدة شـعبنا خلالها فإنه يتـم الضياع ، وإذا حصل ذلك لاسـمح اللـه ، مـن العسـير إحياء الميت بعـد ذلك . . ولـذا نأمل أن يؤكد يونادم إلتـزامه هذا الاسم أسوة بالأطراف التي توحدت لإقراره  في الدستورين العراقي والكردستاني ليكون نافـذا بصورة رسمية  في  كل المجالات الوطنية والقومية والسياسية وغيرها من الشـؤون العامـة لشـعبنا وعلاقتـه بالشـعوب والمجتمعات الأخـرى .

    ( بهـرا 449 ،  ص 2 ) يقـول ( . . . وأوضاع أبناء شـعبنا في أرض الوطن ، والوسائل الفعالة لضمان رجوع النازحين والمهجرين منهم إلى مناطقهم التي هجروا منها قسـرا ) هـذا الكلام مبهم جدا وغير واضح ويقـدم استنتاجات كثيرة ومتباينة ، منـها : هل يقصد عودة النازحين والمهجرين من أبناء شـعبنا في أرض الوطن ( فقط من دون الذين غادروا إلى الخارج ) وثـم هل يقصـد أن يتـرك أبناء شـعبنا الذين عادوا إلى قراهم منهين الهجرة وتدمير القرى  التي إرتكبها بحقهم  صدام اللعين وليعـود وضع شـعبنا كما أراده صدام ؟ وهل هذا كان السبب لعدم قيام الوزيرة باسـكال ايشـو التي إختارها السيد يونادم للنازحين والمهجرين في الحكومة العراقية بعدم بناء بيت واحد في قرى شـعبنا التي هدمها صدام أو مسـاعدة  نازح واحد من أبناء شـعبنا للعودة إلى دياره وأملاكه التي أرغمه صدام على تركها ؟ كل شـئ ممكن في هـذا الزمان ولكنـنا لانجـزم وإنما ننتظر جوابا واضحا من دون لـف ودوران على اسـتفساراتنا . .

    ( بهرا 449 ، ص 2 ) تقول ( كمـا أكـد كنـا على الثوابت التي قامت عليها الحركة ومازالت أمينة عليها ، وسـعي الحركة الحثيث والدؤوب في مـا يخص سهل نينوى لتحقيق الحكم الإداري الذاتي الذي سيضمن مناطق آمنة لأبناء شـعبنا . . ) هنـا نسـأل : ما الفـرق بين تعريف وخصوصيات الحكم الإداري  الذاتي الذي يقول كنا أنه من مسـاعي الحركة وبين الحكم الذاتي الذي ندعو نحن إليه ؟ أللـهم إلاّ إذا كان الفرق أنـنا نريده لمناطق شـعبنا التاريخية التي يعيش فيها حاليا ـ أي في سهل نينوى واقليم كردستان ـ أما هو فيريده فقط في سـهل نينوى ما يعني فصل شـعبنا في سهل نينوى عـن شـعبنا في كردستان ، أي تشتـيته بين منطقتين ، أما السبب ـ إذا كان الأمر كذلك وهو على ما يبدو ـ فهو ضمن حسابات يونادم . . شخصيا لا أعتقد ـ وكما أعرف من علاقاتي بالأخوة بالحركة ـ أن هذا التقسيم بين مناطق شعبنا هو من الثوابت التي قامت عليها الحركة . .  وعلى كل حال ، ليتـنا نـقرأ التوضيح ؟ . . ويجدر أن نذكر أن المادة 125 من الدستور الواردة في الفصل الرابع ، ألإدارات المحلية ، التي ردّدها يونادم مرارا ، يقول نصـها (( يضمن هذا الدستور الحقوق الإدارية والسياسية والثقافية والتعليمية للقوميات المختلفة كالتركمان والكلدان والآشوريين وسائر القوميات الأخرى وينظم ذلك بقانون . )) وهي لايوجد فيها مايشـير إلى إدارة ذاتية ـ كما يردد يونادم ـ وإنما هي خاصة بالإدارة المحلية لورودها تحت هذا البند من الدستور ، والإدارة المحلية لاتعطي شيئا جديدا لشعبنا لأنها تتضمن الموجود غير الفعال  حاليا بسبب خضوعها للقرارات الأعلى من الجهات المركزية . . ولإزالة الغموض والتلاعب وسـوء الفهم حول هذه المادة ، سيكون مفيدا جدا لـو أن الدكتور القانوني حكمت حكيم يوضحها تفصيلا ومدى فائدتها لشعبنا في مقال خاص ، لوضع النقاط على الحروف ووقف التفسيرات الكيفية لهـا .   

    ( بهرا ، ص 2 ) ( . . . وبدوره شكر السيد كنا كل الجهود المبذولة من قبل الجميع هناك لخدمة قضايانا القومية وفي مقدمتهم المؤسسات والفعاليات والأنشطة القومية والإجتماعية والشبابية ) السـؤال : أين يقصد هنـاك ، وماذا يقصد : هل هناك في الداخل أم هنـاك في الخارج ؟ وثـم من هم هؤلاء وكيف وبماذا خدموا ، أليس من حق القارئ أن يعرف  مادام يقـرأ لكي لايكون الكلام مبهما بحسب الأهـواء ؟

   ( بهرا 449 ، ص 2 )  ((  وعن الحكم الذاتي وموقف الحركة ، أكـد على ( أن الحركة ليست ضد أي طرح يخدم أبناء شعبنا إذا توافرت فيه المصداقية ووضوح الرؤية والتي يضمنها الدستور والمواثيق الدولية . لأننا لانتعامل مع وعود لا أساس لها دستوريا وتثير عواطف أبناء شعبنا وتخدم اجندات موضوعة مسـبقا لخدمة اي طرف من الاطراف أي كانت ) مؤكدا حق أبناء سهل نينوى في الاختيار بعد توفر المناخ المناسب سياسيا وامنيا وفي اجواء الديمقراطية الحقيقية وإذا كان لابد من الاختيار فإن موقفنا واضح نريد أن نكون جزءا من الكل )) . .  (  الحركة ليست ضد أي طرح . .  ) إذا كان صحيحا ما تحدثت بـه يا يونادم ، لماذا عزلت الحركة عن كل لقاءات أطراف شـعبنا في مجال الحكم الذاتي ، وأليس جلوسك مع الآخرين من أطراف شـعبنا وتوضيح  شكل المصداقية والرؤية . . . أفضل من  أن تذهب إلى أميركا  وتتحدث هناك على هـواك ؟ أي وعود وأي أجندات تقصـد ، تفضل وضّح ، نحن لا نتعامل مع المعنى في قلب الشاعر ، نحن نريد وضع النقاط على الحروف وتسمية الأمور بأسمائها ؟  وأعتـقد أن الذي يذهب إلى أميركا ويتحدث مع أناس لايعنيهم الأمر بصورة مباشرة هـو الذي يثير عواطف الناس وأيضا أحقادهم على البعض من أبناء شـعبنا  وليس الذين يجلسون ويناقشون ويتبادلون الرأي ويعرضون مواقفهم في جولات حيث   شعبنا صاحب القضية  وفي قراه ولا يتكلمون بلفظة سوء على أحـد؟ (  ومؤكـدا حق أبناء سهل نينوى في الإختيار . . )  ومن قال بغير ذلك لتؤكده يا يونادم . . إن المطالبين بالحكم الذاتي دائما يقولون بحق كل شـعبنا في مناطقنا التأريخية في سهل نينوى وما يجاوره من مناطق شعبنا في اقليم كردستان بالإختيار من خلال الإستفتاء الشعبي الحر والديمقراطي . . فما هو الجديد الذي أنت أتيت بـه في هذا المجال ؟ ومـن قال نريد حكما ذاتيا منفصلا عن الحكومة العراقية المركزية ولا يكون جزءا من العراق ككـل ، فمـا الجديد الذي أضفـته أنت غير الإدعاء لنفسك  ما قاله  غيـرك مرارا وتكرارا ؟

   ( بهـرا 449 ، ص 2 ) وتضيف بهرا في استعراض أحاديث السيد يونادم ( . . مؤكدا أن الحركة ملتـزمة بكل طروحاتها ومواقفها وتعمل من أجل تحقيق وحدة شعبنا من خلال اتصالاتها المكثفة ومن خلال قنواتها في الداخل والخارج من أجل التهيئة والتحضير لمؤتمر يضم القوى والفعاليات والمؤسسات والأحزاب وشخصيات قومية وأكاديمية وأعضاء منتخبين في مناطقهم ومجالسهم وليس من خلال أشخاص معينين أو موظفين مدفوعي الإجر مسبقا ) ،
وسـؤالنا : ماذا عملت الحركة وأنت تقودها من أجل وحدة شـعبنا . . بوضوع لم نجد غير أنك عزلت الحركة وأبقيتها وحيدة ولم نـر شيئا حققته الحركة بزعامتك لوحدة شـعبنا لابل تعمل أنت باسم الحركة لمنع وحدة شعبنا من خلال الدعوة إلى حكم ذاتي ـ وبالأحرى تخلط بين الحكم الذاتي والإدارة الذاتية والإدارة المحلية ، وتثير الزوابع في الفناجين ـ  في سهل نينوى معزولا عـن مناطق شعبنا في كردستان ، وقولك ثابت وواضح في بهرا ومنـقول أعلاه ؟ أما المؤتمر فقـد كفى شـعبنا تجربة مع مؤتمراتك بعد أن انخدع بك ووقف مع المؤتمر العام الكلداني السرياني الآشوري في بغداد للفترة من 22 ـ 24 تشرين الأول 2003 ومن ثـم شـعر بالمصيدة وانسحب وبقيت وحدك لذلك المؤتمر ، فهل تعتـقد أن أحدا آخر ينخدع بك وبمؤتمراتك مرة أخرى ، سـتكون متوهما إن اعتـقدت ذلك  ؟  وأي قنوات هذه التي أبقيت أنت للحركة وأي جهات صادقة أبقيتها على الثـقة المتبادلة  معك ، نرجوك وضحها ، لأنها لايمكن أن تكون سـرا فالإتصالات والمؤتمرات بين الأطراف السياسية وغيرها لا تجري سـرا إلاّ  إذا كانت لها غايات سـرية ، كلامك يتطلب التوضيح ؟

    وبالنسبة لحوار السيد عامر مع يونادم الذي يشمله كل الكلام أدناه ، يقول عن ذهابه إلى أميركا  ( . . ودعوتنا من خلال لقاءاتنا لمواصلة دعم العراق . . ) ونسـأل : هل شـعبنا  لـم يعـد بحاجة إلى أي دعم سياسي أو إنساني أو قانوني أو إعماري أو إقتصادي . . ألخ فأهملته واكتفيت بالدعوة لمواصلة دعم العراق من دون الحاجة لذكر شـعبنا ، هل من جواب لسبب هذا التجاهل لشعبنا ؟  وأيضا ، عندما تقول ( . . فإن شعبنا في المهاجر بحاجة إلى توضيحات لدور الإعلام المضلل . . ويدفع هكذا إعلام مضلل باتجاه إفراغ البلاد من شعبنا ، سواء من خلال زرع الإحباط في النفـوس او جعل شعبنا سلعة وأداة لتمرير اجنـدات الآخرين . . ) ونقول لك يا يونادم : أنت رئيس حزب ( حركة ) لماذا تخشى أن تكشف حقيقة ما تريد قوله ، شخص مثلك يجب أن يكون شجاعا في قول كلمة الحق ، ولكن لا نستطيع أن نقول غير وا أسـفاه على الحركة التي تقودها بهذه الشجاعة ؟

     ويقـول يونادم أيضا ، عن اتحاد الجمعيات الآشورية الأمريكية ( . . وان تأسيس اتحاد الجمعيات جاء لنصرة ودعم قضايا شعبنا العادلة ، وانطلاقا من ذلك فان حركتنا تولي اهتماما خاصا بأنشطة الاتحاد . . ) وسـؤالنا : ماذا قـدّم هذا الإتحاد لشعبنا على مدى 75 عاما من عمره ، هل بنى بيتا في قرية لشعبنا أم قام بمشروع أو حقق إنجازا لحقوق شعبنا ليهتم به يونادم اهتماما خاصا . . بحسب علمنا أن إنجازاته الوحيدة كانت في تسهيل هجرة شعبنا من العراق إلى أميركا ودول أخرى لاغير ، ماذا تقول يا يونادم عن هذا الإنجاز الذي ذكرته للإتحاد الذي تهتم بـه ؟ . . ويقول يونادم أيضا بالنص ( وكانت فرصة مناسبة لنا كضيف شرف . . أن أوضح لهم تصوراتنا وتطلعاتنا ومطالبنا . . للعمل بجدية صوب توحيد جهود مؤسسات  شعبنا ـ الكلدانية السريانية الآشورية ـ في المهجر الأمريكي على طريق وحدتنا القومية ولرفع قدراتنا في المهجر ) وسـؤالنا لك يا يونادم : متى توضح تصوراتك . . ألخ لشعبنا في الداخل ، لتعرف أنت ما يريد ويعرف هو ما تريد ويعلن موقفه منك بحضورك ؟

     ويقول ( . . وانعكاساتها على الواقع المعاشي للعراقيين عموما وعلى شعبنا ايضا ، ثم التشرد والتهجير للأسباب أعلاه وتوجهاتنا كحكومة عراقية للمساهمة في المعالجة اضافة الى دورنا في مجلس النواب والتشريعات عموما ، ثم تلـك التي تخص حقوقنا القومية والدينية في الدستور والمراجعة الدستورية وما نـنوي تضمينه من مبادئ . . ) بصراحة يونادم ، أنا لاأعرف إنجازا حققت أنت لشعبنا في مجلس النواب والدستور . . فهل تتفضل وتساعدني في معرفته ، وشكرا سـلفا ؟ . . وتقول ( . . وان الحقيقة كالشمس لاتحجب بغـربال  ) أنـا معك في هـذا الكلام ، ولهـذا كتبت ثلاثة مواضيع موجهـة إليك لأكشف حقيقتـك التي تحاول حجبها بغـربال مـهتـرئ  . .

      وتقول أيضا ( . . فمن المؤسف ان البعض ذهب الى طريقة انتقائية ـ بعد تقطيع الكلمات ـ . . نعم تحدثنا بالتفصيل ولكن ما نقل على لساني عدا كونه غير دقيق فانه جاء ضمن حملة مبرمجة وفيه الكثير من الدس والإفتراء بحقي . . وهذا عيب يسجل على كتّاب يعتبرون انفسهم اصحاب اقلام حرة ، واكثر عيبا من ذلك عندما تخرج التصريحات والكتابات عن آداب الكتابة واللياقة في وقت يدعي بعضا منهم بانهم من " عشاق " الحركة الديمقراطية الآشورية دون سكرتيرها العام ، وهذه اسطوانة مشروخة مفضوحة لاتنطلي على احد ، وهي محاولات بائسة ومتكررة لدق الاسفين وزرع الشقاق في الحركة لكنها ستصطدم بوحدة الموقف والنضج في النهج والممارسة من لدن القيادة . ) . . وأنا أقول لك يا يونادم ، لقـد جاءتني رسائل كثيرة من مؤسسين وقياديين تركوا الحركة . .  وجوابا على ما ذكرته أنت أعلاه ،  سأنشر فقط رسالة واحدة منها ـ لضيق المجال ـ  وردتني من أحد قياديي زوعا الذين استـقالوا  قبل فترة  ، وهذا نصها . .  تقـول الرسـالة :
( من الذين قدموا استقالتهم ، بنخس القس من مؤسسي الحركة وعضومكتبها   السياسي      وأيضا عضو اللجنة المركزية ومسؤول المكتب العسكري للزوعا وليـم اشـعيا  لشعورهما بالمرارة والاحباط بعد قيام القيادة المتنفذة بالحركة والتي سيطر عليها نينوس بثيو(كيوركيس رشو) والسيد يونادم كنا بتفكيك وحل فوج الحركة الديمقراطية الآشورية والذي كان قد تم تشكيله بقرار رسمي من قبل الجبهة الكوردستانية عام 1993 وفعلاً كان المكتب العسكري للزوعا قد قام بتشكيل الفوج الذي كان مقره في منطقة فيشخابور بعد موافقة قيادة منطقة دهوك التابعة لوزارة شؤون البيشمركة ، ذلك الفوج الذي كان تعداده 316 مقاتلاً آشوريا وكان يقوده ضباط آشوريون مشهود لهم بالكفاءة والاخلاص أمثال المقدم يوسف بنيامين والنقيب مارسيا زيا والنقيب شمائيل ايشا جهينشة والنقيب انطوان بالاضافة الى آمر الفوج المرحوم يوحنا باليوس وكوادر متقدمة من الزوعا أمثال سامي عوديشو هاول ، جميل وردا مندو ، ادور خوشابا المعروف بأبو ناصر وغيرهم ممن استقالوا من الزوعا بعد تفكيك الفوج بحجة عدم توفر المال اللازم لاستمرار تمويله مادياً علماً كما أوضح مسؤول المكتب العسكري وليم اشعيا  بأن رواتب الفوج كانت تدفعها قيادة منطقة دهوك بالاضافة الى الاموال التي تم جمعها من المهاجر بإسم الفوج  بعد أن قامت القيادة المتنفذة في الزوعا بالترويج لضرورة مساعدة الفوج من اجل جمع الاموال في الوقت الذي كانت هي تحاول تحجيمه وحله بعد أن اصبح حقيقة واقعة والذراع العسكري للحركة ولكن تم تفكيكه خشية من البدء بضم اعضاء الفوج الى عضوية الزوعا والذي يعني بالتالي حضورهم في المؤتمرات اللاحقة حيث ستكون لهم اصواتهم المؤثرة في الانتخابات وهذا ما كانت تخشاه القيادة الثنائية رغم أن السيد وليم أكد حقيقة أن السيد يونادم كنا كان يرغب في توسيع الفوج والمحافظة عليه إلا أنه انصاع لرغبة نينوس وتم تفكيك الفوج والذي كان له تأثير سلبي من الناحية المعنوية على الزوعا وبعد ذلك توالت استقالات منتسبي الفوج من قياديي الزوعا والكوادر المتقدمة فيه ، أي تم التضحية بالفوج فقط من اجل السيطرة والاستحواذ على قيادة الزوعا علماً بأن الفوج المنحل كان قد لعب دوراً مشرفاً اثناء المعارك التي اندلعت بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني عام 1994 بعد ان كان يعمل  كقوات حفظ السلام وبشكل نال اعجاب الجميع لا سيما في قاطع شقلاوة ،)) ، عزيزي رابي جميل تستطيع الإطلاع على كتابات السادة بنخس القس وشمشمون خوبيار علماً بأن اسماء قياديي الزوعا التي تركوا صفوفها هي (د. خوشابا ملكو ، بنخس القس ، د. لنكن مالك ، د. وليم أشعيا ، د. هرمز القس زيا بوبو ، شمشون خوبيار ، يلدا مرقص ، أثرا داود، بولص دنخا ، أدور حنا مشكو )  ويمكن أن تستفسـر من قياديي الزوعا المستقيلين جميعا لتبيـان اسباب استقلاتهم لوضع النقاط على الحروف وتوضيح الحقيقة   ، تقبل استاذ جميل التقدير والمحبة التي اكنها لك ولكل شرفاء شعبنا  ) . .

    أمـا قولك ، ( أما " الجعجعة دون الطحن " فهذه حقيقة لحد الآن ، . . ) وهنا أسـألك : أولا ، بالنسبة للحكم الذاتي ، أليس التصرف الواقعي هو في توضيحه لجمهور شـعبنا وثـم السعي لتثبيته في الدساتير . . وهل بمفهومك أنه ينبغي كتمه عن شـعبنا حتى تثبيته في الدستور؟ إذا كان مفهومك هكذا وهذا ما ألاحظه أنه ينبغي على التنظيمات السياسية ومنها زوعا أن لاتعلن عن برامجها للشعب ولا تعمل دعايات إلاّ  بعد انتخاب ممثليها في المجالس ومنها مجلس النواب ، أي لانراك أنت حتى تجلس في مجلس النواب ؟ وأيضا أسألك : ماذا حققت جعجعاتك لشعبنا على مدى أكثر من خمس سنوات في مجالس الحكم والنواب ، غير صيحات الوعود من دون أن نرى أي ناتج لها ؟ جاوب أنت يامن قـرأتَ فقرات من الدستور أمام نواب البرلمان العراقي بعدما حُذف منه في اللحظة الأخيرة الإسم القومي الموحد لشعبنا الذي كنت أنت روجت لـه  ، ولقيت فعلتك هذه ، التي دلت على وجهين لك أحدهما منافق دفاعي أمام شعبنا والآخر مصلحي شخصي أمام النواب للحفاظ على مكاسبك الخاصة ،  لقيت استنكار شعبنا ومنهم أنا شخصيا حيث كتبت في حينه موضوعا بعنوان ( إنـه ليس دستورا لعراقنا . . ونرفضه كاملا ) ؟ أما عن قولك ( . . عـدا انقسم شعبنا إلى فريقين . . ) فأسـألك وعليك أن تكون لك شجاعة الجواب : وضح من يعارض الحكم الذاتي غيرك ومعـك بعض المحسوبين حاليا إنتماء أوتأييدا لزوعتـك ؟  وتقول ( . . وبالتأكيد بأن من يرتضي لنفسه أن يكون شـاهد زور للتعتيم والتستر على ما يتعرض له شـعبنا من مظالم أو ضغوطات أيا كانت دينية ، قومية أو سياسية أو غيرها فان لعنة التاريخ ستلاحقه ومن الصعب عليه وعلى غيره تلميع اسمه حتى لو طلي بالذهب . ) وأقول لك يا يونادم : إن كلامك صحيح بالكامل وأنا أؤيد كل حرف وكلمة فيه ، ولكن مع الأسف ينطبق عليك بالذات فلم أجد في كل ما نشرت بهرا عن نشاطاتك في أميركا وأيضا هذا الحوار الذي أنا بصدده الآن ، أي شئ عن أنك طلبت شيئا مفيدا واضحا مما ذكرته الآن من الذين التقيت بهم من أميركا ، جاوب إن كنت فعلت شيئا وحققت إنجازا واذكره مفصلا ونشكرك سـلفا ، وقـد أبلغني السيد عبـد فرنسي الذي حضر ندوتك في ديترويت ـ أذكر اسمه وبإمكان من يرغب التأكد منـه ـ أنك خلال ندوتك في ديترويت ـ كما قال عبد فرنسي بالنص ـ أنك  نفيت أن يكون على شـعبنا اضطهاد أو قتل أو تهجير أكثر ممـا تتعـرض لـه باقي مكونات الشعب العراقي . . وأسألك بماذا تـرد على عبد فرنسي والذي يؤكد أن هذا النفي منك سـمعه كل الحاضرين في تلك النـدوة ؟ أنـا أنقـل وأستشـهد وأكتب وأدلـك على المصدر وننتظـر جوابك الواقعي وليس الكلام الإنشـائي الذي همه فقط إتهام الآخرين ، ولكن لابـد من أن تظهر الحقيقة ( كالشمس التي لايمكن لغـربال حجبـها ـ كما تـقول أنت )  سـواء لـك أو عليـك .

   وتقول ( أما وجهة نظرنا وكما قلنا بأننا سنلتزم بالأسس الدستورية والقانونية وبما يلبي مطالبنا المشروعة دون أية  مزايدات أو توجهات وشعارات . . ) وأسـألك أيضا : مَـن مِـن المطالبين بالحكم الذاتي قال أنه لن يلتزم بالأسس الدستورية والقانونية . . ومن زايد عليك على رغم مزايداتك أنت على الآخرين . . جاوب وشـخّص واذكر الأسـماء ، الكلام هـو في ملعبـك وحـدك  ؟ .
 
 
 
     


23
يونادم في وثائق مخابرات صدام وبيت وأرض من الأكراد ، من المأجور؟
ـــــــــــــــــ

جميـل روفـائيـل

   مـن هنـا نبـدأ ، ولـم أكـن راغبـا في نشـر مـا أعـرفه ، ولكـن عـندما يتهـجم عليّ  يونادم مـن دون ذنب  ،  فعليـه أن ينـزل الساحة على المكشـوف ويقـول ما لديـه في شـأن إن كنت يومـا مأجورا لأحـد ، كمـا أطلق عليّ ،  ضمن شـمولية كلامـه  عـن المطالبين بالحكم الذاتي ،  بأنـني إمـا مأجـور وأعـمل مقابل ثمـن . . أو ضعيف الوعي القومي والسياسي والإندفاع العـاطفـي  . .

       وسـأثبت أنـه  شـتان مابيـن وصـفك لـي (( ومعـك  مُـريـدك الذي سـأظهر في مقال مقبل أين هـو مـن إدعائه بأنه باحث أكاديمي مسـتقل )   ومـا هي عليـه حقيقتي دائمـا بشـهادة كل الذين يعرفونـني منـذ بـدأت العمل القومـي  في النادي الثـقافي الآثـوري عام 1972  ، باسـتـثـناء أنت لم تكن تعـرفني ، لأن أرفع مـاوصلت أنت  إليه أنـك  بلغـت  هامش القوميين من شـعبنا من خلال فـرع النادي الثـقافي الآثـوري الذي أنشـأه  طلبة شـعبنا الذين كانوا يدرسـون في جامعة السليمانية  في وقـت متأخر  مـن السـبعيـنات  في السـليمانية . . وسـأؤكد لـك ولكل الأخـوة في زوعـا ومن سـمع كلامـك أو قـرأه أنـك مثـل العطـار . .

    وكمـا قلت في موضوعي السابق ،  سأكـون متحديا معـك كمـا يتـطلب الدفاع عـن   حقـي ،  ولأنـني مضطر لمـا أقدمـت أنـت عليـه مـن إتـهام باطل  فـي حقـي ، أن  أكشـف لـك وللقـراء ( غيـض مـن فيـض ) مـما هـو مكشـوف عـنك والذي تدور الأقاويـل بـأن غيـر المكشـوف هـو أكثـر بكثيـر . .  ولتبيان حقيقتـي سـأتـناول أيضا  بعض  الأمور الخاصـة بـي . .  أنـا الذي تصفني بالمأجـور لأن لـي رأيـا وموقفـا من الحكم الذاتي تختـلف أنت معـه . . ويبـدو أن مـن يختـلف يونادم كنـا معـه فينـبغي ـ فـي عقليـة يونادم وفكـره ـ أن يكون مأجـورا . .  وهـذا هـو أنـت يـا يونـادم . .  تفضـل إقـرأ  : ـ

    عـندما  كنت وزيرا في حكومة إقليم كردستان ، هيـأت لك حكومة الإقليم  دارا حكومية في أربيل  لتسكنه كوزير ، وبعـدما انتهت مـدة توزيرك استـغليت علاقاتك كوزير سـابق ورئيس لحـزب وعضـو في مجلس الحكم ، وطلبت من حكومة اقليم كردستان تمليكه لـك وسـجلته باسـمك وأصبح ملكا ليونادم كنـا ،  والآن يسـكنه قسم مـن عائلتك وأنت تنـزل فيه عـندما تذهب إلى أربيل  . . أجـل قمت بهـذا على الرغم مـن حصولك أيضا من حكومة إقليم كردسـتان على قطعة أرض سـكنية في دهـوك  ، إضافة إلى امتيازات أخـرى من حكومة الإقليم سـنذكرها في وقت آخـر . .  مـاذا تصـف حصولـك على بيـت درجة أولى وقطعـة أرض جيـدة وغيـرها مـن حكومة إقليم كردسـتان ؟ ؟
 

    مـن الوثائق التي وصلتـني عـنك لنشـرها في موقع تللسـقف وامتـنعت في حيـنه عـن نشـرها وأكشـفها الآن  اسـتجابة لاتـهاماتـك لـي لأضـع إحـدى صـورك أمـام القـراء  ، هـذه الوثيقـة  . . : ـ
جمهورية العراق
رئاسـة الجمهوريـة
جهـاز المخـابـرات
بسـم اللـه الرحمـن الرحيم
إعلام م 40 / 6 / 9    سـري للغـاية  العدد 3441  التاريخ 7 / 10 / 2000
السيد م . ش 3  المحترم
إعلامكم 3603 في 7 / 10 / 2000
طيـا قائمة بأسماء مصادرنا النوعية  المتميـزة  المتواجدة في المنطقة الشمالية
للتفضل بالاطلاع . . . مع التقدير
المرفقات    قائمة  ( موجود توقيع تحت هـذا )   وكذلك ( يوجد لإجراء اللازم وتوقيع تحتـه   ) .
قائمة بأسماء المصادر النوعية المتواجدة في المنطقة الشمالية  . . .
الأسم الكامل    . مكان تواجده .     عملـه .    الهدف المـدفوع تجاهـه
    حسـب الوثيقة ـ 1 ـ  ( وهو الإسم الأول في القائمة )  (  الاسم الكامل )  يونادم يوسف كنـه . ( مكان تواجـده )  أربيل . ( عملـه ) وزير الصناعة المزيف (  المزيف : هكذا مكتوب في الوثيقة  ) في حكومة مسعود البارزاني مسؤول علاقات  زمرة الحركة الديمقراطية الاثورية . ( الهـدف المدفوع تجاهـه )  نشاطات زمر العملاء في المنطقة الشمالية وخارجها ( هـذا الجزء من الوثيقة الصادرة من جهاز مخابرات صدام  ، موجود  صورته في نهاية  هـذا الموضوع ، من أجل الحقيقة  ، وهو بحسب ما نشـرته صحيفة  هـاولاتـي  الصادرة في مدينة السليمانية  مصورا عن النسخة الأصلية ، كما نشـرت الصحيفة الوثيقـة بكاملها مع كل الأسماء الموجودة فيها ـ   توجد في القائمة اسماء رجال ونسـاء عربية  وكردية وتركمانية ومسيحية  وايزيدية من الشخصيات الكبيرة  الى سواق سيارات الإجرة  ، ولـديّ  كلها ، لا أرى حاجـة لذكرهـا  ـ  وقـد ترجمت الصحيفة الوثيقة إلى اللغة الكردية ، ولا أرغب بنشـر كل الوثيقة لأنني لا أريد أن أكشـف أسـماء أخـرى )  .

    إن هـذه  الوثيقة التي عثـر عليها بعـد زوال  نظام صـدام . . تأكيـد  عـلى تعـاونك يا يونادم  في تلـك الأيـام مـع أجهـزة البعث ، إسـتـنادا لمـا نشـرته صحف كردية ، ووردت إلى موقـع تللسـقف مقالات عـدة تـتحدث عـن تلك الأمـور ، ونشـرت مواقع عنـها ، ولكنني أبلغـت الأخـوة في موقع تللسـقف لعـدم نشـرها ،   وهـذا يـوضح النظرة السـليمة التي نـرى فيها الأمور . . أمـا أنـت  فأي وجـه  تملكه  وأي نفس لديـك لكي  تلصـق الآثـام بالناس من دون وجـود إتهام تعتـمد عليـه أو خيط رفيع من دليل تـتـشبث بـه . . وأنـا لسـت آسـفا على سـلوكك ولكنـني أشـفق على التنظيم الحزبي الذي تسـيره وأنت تـتصف بـهذه الأمور  الغريـبة الأطوار  . . ولا أسـتبعد أن تكون بهـذا السـلوك الوصولي الشـائن قـد بلغـت ما وصلتـه مـن مناصب سـياسية وحكوميـة ! .
 
    ولكي نؤكد للقراء  من هـو المأجور ، أنت أم أنـا ،  فلابـدّ  أن أوضح بعض الحقائق عـن نفسـي ( ومن لـه رأي فيها  فليـتفضل ويوضح  ويقـول علنـا )   . .
      لقـد عملت موظفـا محـررا في جريدة الثورة  ( حيث كنت في التعليم ،  واطلع  طارق عـزيز وكان رئيسـا لمجلس إدارة الجريدة وتحريرها ، على كتاباتي المتفرقـة في الصحف والمجلات ، فطلب من شخصين إبلاغي بأنـه يـود أن أعمل في الثورة ، وذهبت في اليوم التالي لمقابلته وأبدى ترحيبه بأن أعمل في الثورة ، وأجبتـه بأنني أرغب في ذلك ولكن أود أن أكون دائما مستقلا وأن لاأصبح بعثيا أو أي حزب آخر ، فأجابني قائلا : أنا طلبتك لتعمل صحافيا ولم أطلبك لتعمل بعثيا ، وسترى أن أكثر من ثلاثة أرباع العاملين في الثورة ليسـوا بعثيين ، وإذا طلب أحد منك أن تصبح بعثيا أرفض وقل أبو زياد قال لي ذلك ، قلت شكرا متى أبدأ العمل ، قال : من اليوم  في قسم المنوعات الذي يرأسه خليل الخوري وفيه عادل عبد الجبار وإنعام كجه جي وعلاء خليل ناصر ، وأضاف وسأكتب   إلى  وزارة التربية والتعليم  لنقل خدماتك للجريدة لمؤهلاتك الصحافيـة ) . . واتحـدى من يأتيني بموضوع كتبته ومدحت بـه صـدام أو بعثـه ،  رغم هـداياه السخية  ( لوعـاظ السـلاطين )  التي كنّـا على علم كامل بـها . 
     وكان عملنا في الثـورة  يوفـر لنا  مجال الإتصال بـأي مسـؤول والحصول على الأقل على بيت حكومي أو قطعة أرض  في المكان الذي نرغب فيـه ، وكثير من زملائي حصلوا على ما أرادوا من خلال هـذا الباب ،  ولكن هـذا لـم أرغبـه  أبدا ولـم يكن لـي مسـكن غيـر غرفـة من بيت  والدي في تللسقف ،  وحتى أثناء عملي في الجريدة وأنا في بغداد كنت أسـكن دائما دارا  بالإيجار أدفعـه من راتبي . .

      وأزيدك علما بأنـني في أواخـر عام 1979 إنعقـد في بغداد ،  بضيافة نقابة الصحافيين العراقيين ، مؤتمر لصحافيـي دول عـدم الإنحياز بحضور نحو مائـة صحافي من مختلف أنحاء العـالم ، ولأنـني كنت عضوا  في لجنة العلاقات الخارجية لنقابة الصحافيين العراقيين وعضوا في كل مـن  إتحاد الصحافيين العـرب ومنظمة الصحافيين العالمية ، فقـد كنت مـرافقا لهـم وأنام معهم في فندق القـناة ببغداد ( وكان العديد من أبناء شـعبنا يعملون في الفندق آنئـذ ويتذكرون ذلك )  وأرافق الصحافيين المشـتركين في المؤتمر  في كل مهماتهم وجولاتهم ، وفي اليوم الأخير للمؤتمر أبلغـتني نقابة الصحافيين العراقيين  بأن ( السيد الرئيس ) صدام حسين يريد اللقاء بالصحافيـين في القصر الجمهوري  عصر غـد وأنهم بعـد اللقاء مدعوون للعشاء معه في إحدى قاعات القصر ( وكان صدام حديث العهد بتسلم الرئاسة ولهذا استغل وجود هذا العدد الكبير من كبار صحافيـي العالم لعمل دعاية له في أنحاء العالم )  وأخذتهم في الوقت المحدد إلى القصر الجمهوري ودخل صدام  القاعة التي كنا فيها ( وكان تلفزيون بغداد ينقل بصورة مباشرة وقائع ما يحدث )  وكنـا واقفيـن  واحدا بجانب الآخر وسـلم على الموجودين واحدا واحدا بمصافحته وكان يسـير بجانبه سـعد قاسم حمودي الذي كان في حينه نقيـبا للصحافيين العراقيين ورئيسا لاتحاد الصحافيين العرب  ورئيسا لتحرير جريدة الثورة ، وعـندما وصل إلـيّ ذكرت له اسـمي وصفتي مع الوفد فظلّ يمعن النظر إلـيّ  لأنه بالتأكيد كان قـرأ مواضيعي في الثورة  وهـو  يواصل النظر  إلـيّ  قال سـعد قاسم حمودي :  جميل هـو  أحد أفضل صحافيي الثورة ، فـرد صدام أعـرف وسـألني هل تحتاج شـيئا ، قلت ( شكرا سيدي الحمد للـه ) وقاطعني قائلا : إذا احتجت شـيئا في المستقبل أكتب لي ، قلت : شـكرا سيدي بكل تأكيد سأكتب . . وبعد المؤتمر عـدت إلى الجريدة واجتمع حولي الزملاء الصحافيين ومنهم  الزميلة إنعام كجه جي وكانت رئيسة قسم المنوعات في الجريدة ( وهي الآن في باريس )   وقالت لـي : حظـي ،  أنت عندك عقل ، قـل أنا سـاكن  بالإيجار وحالا يقول لمرافقه أكتب يعطوه بيت في المكان الذي يناسبه ، قلت مازحا مع إنعام : إذا واجهته مرة ثانية تعالي معي وقولي له أنت عوضا عني بيت لك وبيت لي . . وضحكنا جميعا . .
    وهذه  حادثة أخرى ، في 1989 ( أنا كنت في يوغوسلافيا ) جاء صدام حسين إلى بيتـنا في تللسقف ، ونزل مع مرافقيه وحمايته بطائرات هليوكبتر في سـاحة ( بيادر )  شرق بيـتنا ودخل مباشرة بيتـنا وبعد خروجه من بيتـنا توجه إلى الطائرات وغادروا من دون دخول أي بيت أو مكان آخر في تللسقف ( ما يعني أنه جاء متقصدا بيـتنا لغرض مـا اعتـقد أهلي أنه لغرض الرجاء منـه  للإفراج عن أخي لطيف الذي كان محكوما عليه بالسجن المؤبد بقضية سياسية مع عـدد من شباب تللسقف  في سجن أبو غـريب ، ويعرفه الكثير من الأخوة في زوعا الذين كانوا في السجن معه  )  وجلس صدام في غرفة  والدتي نحو ثلاثة أرباع الساعة وكان حوله والدتي وأخي متي وزوجتي أميرة وأولادي وعائلة أخي متي  ، ونظر إلى الصور المعلقة في الحائط فأشـر إلى صورتي وقال أعرفه ، فقال متي إنه أخي جميل مراسلكم في بلغراد قال صدام أعرف ، ثـم نظر صدام أنحاء الغرفة ولم يجد صورته فيها  ولكنـه بـدا طبيعيـا  وسـأل هل تحتاجون شـيئا أو لكم مطلب ، أجابت والدتي وأخي : مجيئك إلى بيتـنا هو أهم شئ عندنا ونطلب من اللـه سلامتك . . وظل يكرر ولم يطلب أحد من بيـتنا شـيئا ولـم يذكر له عن لطيف الذي لو ذكرته أمي وقالت مثلا أريد هديتـك لأرى إبني لطيف المسجون قبل أن أموت . .  فإنـه إعتمادا على تصرفات صدام لكان أصدر أمرا بالعفو عنه فورا . . وغادر صدام البيت  ومن دون أن يطلب أهلي شيئا منـه . . هؤلاء نحن يا يونادم أصحاب فكر ونرفض المأجوريـة   . .

   وأزيدك علما أيضا أنـني ، حين انتقلت إلى بلغراد  للدراسات العليا في الصحافة والعلاقات الدولية  وكنت أيضا مراسلا للثـورة  وإذاعة بغـداد وصوت الجماهير ووسائل إعلامية عراقية أخرى ، وعـندما واصلت السفارة  العراقية في يوغوسلافيا الضغط عليّ  لكي أنقـل لهـا أخبارا خارجة عـن مجال عملي الصحافي ، تركت العمل في وسائل الإعلام العراقية وتحولت إلى وسائل إعلامية عالمية منذ 1990 ، وطلبت السفارة العراقية من نظام ميلوشيفيتش الذي كان حليفا لصدام ، أن يتـم طردي من بلغراد ، وهذا ما حصل عام 1993 فانتـقلت إلى سـكوبيا رافضا أي تنازل للسفارة العراقيـة في بلغـراد . .

   وللعـلم ، ولرغبتي بالعودة النهائية إلى تللسقف ، فقـد  شـيدت في ربـع  بيت المرحوم  والدي ، الذي هو حصتي ،  خمسة دكاكين وقاعة ، لتساعدني في المعيشة عند عودتي ، في حين أهداني أخي مـتي معظم القطعة الأميرية التي خلف دارنا التي قـدّم منذ أكثر من عشـر سنوات طلبا لاستملاكها ، وشيدت عليها دارا هي في مرحلة الإكتمال لأسـكنها عنـد عودتي النهائية إلى ديار آبائي وأجدادي التي يجهـد الخيرون من أبناء شـعبنا كي تحصل على الحكم الذاتي الضامن للرسوخ والحقوق والحـد مـن معاناة الهجـرة والتـشـتت  .
 
      ولكـن ينـبغي أن أوضح رأيي بالحركة الديمقراطية الآشورية وأؤكـد أنـني مـا كنت يوما بعيـدا عنـها ، لأنني واثق مـن أنـها نشـأت في سـوح الدفاع النضالي عـن شـعبنا وأنـها في حقيقتها تمتلك مبادئ تـنصب في مصلحة شـعبنا ، ولكنـني في الفتـرة الأخيرة بدأت أفـرق بين حرصي على زوعـا واستغلال يونادم لمبادئ  زوعا بما يرضي غروره الذاتي وينسـجم مع نزعات مصالحه الشـخصية كقائد وحيد أوحد لزوعـا ، ما أدى إلى خسـران  زوعـا العديد من قادتها  بعـدما صـار عسـيرا عليهم  أن يتحملوا سـلوك يونادم  وأيضـا فقدانها على الصعيد الشـعبي داخل العراق  نحو سبعين في المائـة من التأييد الذي كانت تحظى بـه قبل أربع  سـنوات ،  وهذا الكلام لا أدونـه جـزافا وإنـما سـمعته من أخوة  جمدوا عضويتهم في زوعا وأيضا من أخوة لايزاون يتحملون معانـاة تسـلط يونادم  . . ومـن بقي من قادة زوعا التأريخيين فلعلهـم ينتظرون  إنعقاد المؤتمر المقبل للحركة حيث لايحـق ليونادم الترشيح لمنصب السكرتير العام ، إلاّ  إذا فرض نفسـه بوسيلة مـا أو قسـرا على زوعـا ، مـا يعـني إذا تمكـن يونادم مـن ذلـك فلـم يبـق أمامنـا مـن سـبيل سـوى التـرحم على هيـبة زوعـا وأمجادها    . . 

   وينبغـي أن أذكرك يا يونادم ، بأنني قبل ثلاث سنوات ، حيث كنت معروفا أكثر من الوقت الحالي بتأييدي لـزوعا ومناهضتي لمعارضيها ، وكان يصفني الكثيرون في أحاديثهم وكتاباتهم ولقاءاتهم عبر البالتاك بأنـني ( أقبض من زوعا ثمنـا لمواقفي ) وذات مرة كانت ندوة على البالتاك عـن الإنتخابات يشـترك فيها أكثر من ثلاثين شـخصا  وكنت مع الأخ اسـحق اسـحق الضيفين الرئيسـيين فيها ، وصدفة اتهمني البعض كتابة على البالتاك بأنني أقبض من زوعا ، وسـألت الأخ اسـحق اسـحق  : أسـتحلفك باللـه ، هـل رابـي  يونادم أو أنتم أو زوعـا أو أي فـرد من زوعا عضوا أو قريبا منها ، دفعتم لـي مالا أو هدية جـراء تأييدي لـزوعا  أو حتى مكافأة على مواضيعي التي أكتبها في بهـرا  ؟ . . أجاب الأخ اسـحق : إطـلاقا . .

      وأنا الآن أسـألك يونادم كما سألت الأخ اسحق  وعلى رؤوس الأشـهاد : هل دفعتم لي يوما بأي شكل من الأشكال مـالا  أو مكافـأة  أو أي شـئ آخـر ؟ وإذا كان جوابك   بـ (  لا  )  وينبغـي أن يكون كذلك  . . إذن كيف تقـبل على نفسـك أن تـتهمني بأنـني مأجور وأنت تـدرك بـأن الذين اتهموني بأنـني مأجـور لديك ،  قـد تجـنوا على الحقيـقة . . وبالمناسبة أتحداك على المـلأ  أن تأتيني بدليل ، مهمـا كان فضـفاضا ، أنـني كنت يومـا في كل حياتي مأجـورا لشـخص أو تنظيم أو أي جهـة مهـما كان نوعها وشـكلها ومكانها في العـراق وخارجـه . .    وإلـى موضـوع مقبـل .


24
يـونادم ، أؤيـد الحكم الذاتي ولست مأجـورا
ــــــــــــــــــــ

جميـل روفـائيـل

    بدايـة ، الدفاع عـن النفس حق شرعي ،  وقـد اعـتدت دائما على عـدم السـكوت عـن حقي حيـن  يمسـني أحد بسـوء من دون أن أرتكب ذنبـا ، ومـن ذلك  عـندما    صـمت يونادم وإعلامه . .  فكتبت موضوعا بعنوان ( مهـلا سـيدنا ، أنا كلداني المذهب فقط ولسـت خائنا ) . .   وللسبب نفسـه أكتب الآن  وأنـا أعتـبر السيد يونادم كنّـا قـد ألحق بـي ضـررا ، سـواء كنت مقصودا بصورة مباشـرة بكلامه أو لـم أكن ، إذ أن بشمولية عباراتـه فقـد امتـد ماقـاله إلـيّ ، وبهـذا يكون قـد ألحق بـي الضرر من دون أن أرتكب أيّ إثـم تجاهه أو تجـاه غيره ، إذ  إنصب غضبه عليّ ، كما انصـب على غيـري ،  لأنني عبّـرت عن قناعتي الشخصية مؤيدا أمـرا يخص شعبنا بعـدما أدركت حقيقـته ، وهـو الحكم الذاتي ، الذي أجـد  فيه النفع الكامل لشعبنا وتجسيدا لتطلعاته التأريخية . . مـن دون أن أذكر كلمة تمس معارضا للحكم الذاتي . .

    وفـي المقابل ، فـإن من حق يونادم ، كمـا هو حـق غيـره ، أن يعبـر عن قناعاته بمـا يراه مناسبا في المعارضة أو التأييد . . أمـا أن يسـتغل موقعه كسكرتير عـام للحركة الديمقراطية الآشورية زوعـا وعضو في البرلمان العراقي ، لأجـل  إعتـبار كل من لايسايـر موقفه الخاص بالحكم الذاتي ، بأنـه مأجـور ، فهذا يدل على إنتهازيته إلى حـد الضحالة السياسية والإفـتـقار إلى اللياقة السلوكية في العلاقـة  مع الآخرين ، وهـو مالـم أكـن أتـوقع أن أسمعه مـما يسمى ( هذيان شـوارع ) وأما أن أسمعه من شخص له مواقع يونادم ، فإنه يثـير الإستـغراب والإستفهام  مـن أمـر هذا المسؤول السياسي لمـا بات يتسـم بـه مـن غرابة وغـرور  ، ويتـناقض مع التوجهات الديمقراطية التي أصبحت هدفا يسعى إليه العراقيون ، ويتعارض مع تطلعات شعبنا ( الكلداني السرياني الآشوري ) لتوحيد صفوفه والعمل المشترك بين كـل أطرافه في شـأن القضايا المصيرية التي يتوحد حولها الجميع وتـتظافر الجهود بنيات صافية لتجاوز القضايا الخلافية حفاظا على تضامن شـعبنا تجاه التحديات التي يواجهها في هـذه المرحلة المصيرية من تأريخـه . .

    وسـأقول لك أمـرا ، إن كنت لم تتطلع عليه يـا يونادم ، فكثيرا ما تأتي إلى موقع تللسقف مواضيع تعارض وتنـتقد بشدة  كـلاً من الحكم الذاتي والمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ، ويسألني الأخوة في الموقع ـ  وكلهم من قرانـا في سهل نينوى ـ باعتـباري المشرف الإعلامي على الموقع ، عن رأيي في نشرها ، فأجاوبهم أنشروها كاملة ومن دون حذف حـرف منها مـادامت تعبـر عن الرأي والقناعة الشخصية ولاتمس بأذى أي شخص ، لابل مرات كثيرة أقوم بنشرها شخصيا إذا لاحظت أن نشرها تأخر . . وحتى المواضيع التي تخص أقوالك في أميـركا وأرسلها الأخ أنطوان دنخـا الصـنا وغيـره  ، قلت للأخوة في الموقع انشروها ليطلع عليها القـراء ( لأن ناقـل الكفـر ليس بكافـر ) ، أمـا جريدة بهـرا التي تصدر عن الحركة الديمقراطية الآشـورية  فلها حقل خاص في موقع تللسقف يمكن أن يطلع أي قـارئ من خلاله على كل أعدادها التي صدرت  . .    وبإمكانك يونادم ومن يرغب للتأكد أن يطلع على كل  ذلك ، وغالبيتها موجود لكتاب الموقع الذين صورهم في الصفحة الرئيسية للموقع أو في حقل ( قضايا شعبنا ـ أخبار ونشاطات ) ، وإضافة إلى ذلك فكثيرا ما أبحث شخصيا في موقع زهريـرا التابع للحركة ،  وإذا وجدت فيـه موضوعا يخص نشاطات زوعا ، ولم يكن قد وصل إلى موقع تللسقف ، فآخذه من زهريـرا وأنشـره  ،  وغالبية هـذه المواضيع يمكن أن تلاحظها في حقـل موقع تللسـقف (  قضايا شعبنا ـ أخبار ونشاطات  ) هذه إشـارة فقط ليعلم الأخـوة القراء أي بـون شـاسع جعلت تصرفاتـك يـا يونادم تفصـل بيـنك  وبين سـبيلنا نحن الذين لانملك أي موقع قيادي باستـثـناء ما نعتـبره حـقـنا في حرية التعبيـر عـن آرائـنا ومواقفـنا بجلاء . 

      وفـي المقابل ، الكل يعلم بأنـني من كتاب موقع زهريرا منـذ تأسـيسه ، وعلاقتـي مع الأخوة العاملين فيه جيـدة جدا ، ومـع هـذا فكل مواضيعي التي تخص لقـائي مع الأستاذ سركيس لـم ينشرها الموقع ، وأنـا لاأعـاتب الأخوة في الموقع لعدم نشـرها ، لأنـني أعلـم بوجود تعليمات عليهم تنـفيذها هـي فوق قناعتـهم بحرية الرأي والتعبيـر التي أنـا متأكـد مـن توافرها عنـدهم ، ولكن أعاتبـهم على مـا يبـدو أنـه ليس لديهم القـدرة لإبلاغـي  بالإشـعار الذي  يسـمى إعلاميـا ( الإعتـذار عـن النشـر ) . . وللمقارنـة بالمناسبة ، فإن موقع قناة عشتار الفضائية القريب من رابي  سركيس ، نشـر حتى المواضيع التي تنقل أقوال السيد يونادم في الولايات المتحدة  والمواضيع التي يبعثـها الكتاب لـه وتـتـناول الحكم الذاتي بأسلوب سـاخر ونقـد شـديد  . . والسـؤال : كيـف يمكن تفسـير موقف إعلام يونادم وإعـلام غيـره ؟ !

   ولكـي أعطي  الصورة الواضحـة ، من أجل أن لايتصور أحـد بأنني أدون الكلام جزافا ، أنقـل النص الذي نشـره السيد أنطوان دنخا الصنا ، ولـم يصدر عـن يونادم أو وسائل إعلامه ما ينفـيه ، ما يعني أن النقـل صائب وموثـوق . . يقـول يونادم عـن المطالبيـن بالحكم الـذاتـي  :
((  . . .  حيث المطالبين به نوعان النوع الاول مأجور ويعمل مقابل ثمن للمطالبة بالحكم الذاتي دون معرفـته بما سـتؤول اليه النتائج لان موقفهم مدفوع الثمن اما النوع الثاني يدافعون عن الحكم الذاتي ولايعرفون ماذا يجري خلف الكواليس بسبب ضعف الوعي القومي والسياسي والاندفاع العاطفي ))  .

    ولأنـني ، لا أعتـقد أن يونادم لايعرف معنى  كلمة ( مأجـور  ) حيث أنا واثـق بإمكاناته اللغـوية العربية بنـاء على  بعض أحاديثه التي أسمعها من القنوات الفضائية ، ومـع هذا أوضح كلمة ( مأجـور ) كما وردت في قواميس اللغة العربية تجنبا لكل إلتـباس : ـ ((  مأجـور : مدفوع الأجـر ، مايتـم لقاء أجـر ، عمل مأجور ، مستخدم لقاء أجر ، خادم مأجور ، مرتَـهَـن ومقـيّـد بارتباط شـائن ومشبوه ، مرتبط برشـوة ، عميل مأجور ، الذي يخدم مصالح معينة تفـرض عليه ، عـميل سـرّي )) .
    فهـل يقبل أي شخص يحتـرم نفسه ، أن يأتيه إتهام بهذه الصور من دون أن يرتكب ذنـبا ؟ . . . ولكي لايتهرب يونادم من اعتـبار أنني أحد المقصودين بعبارتـه ، أقول : لقـد تزامنت تصريحاته  ونشرها مع قيامي بنشر عدد من المواضيع مع رابي سركيس أغاجان ( الذي صبّ يونادم غضبه عليه ، وسأبين لاحقا في موضوع آخر ، بأن يونادم قد ظلمه وأسـاء إليـه ، وهـو بـرئ مـن كل ما قالـه عـنه بحسـب ماتوفـر لي من معلومات عـن رابي سـركيس  من خلال جلستي الطويلة والصريحة معـه )  . .

    ولا أعتـقد أيضا ،  أن يونادم لايعـرف معنى كلمة  ( جعجعـة ) لأنـه سيكون الأمر في منتـهى الغرابة إذا استـعمل شـخص بمسؤولياتـه  كلمة  ولا يـدرك معناها . . وعلى كل حال سـأوضح لـه بـأن ( جعجعة ) لغـويا هي مصـدر من ( جعجع ) وجعجـع ـ جعجـاع : كثيـر الكلام قليل العمل ، يثـرثـر ويقول كلاما كثيرا لا طائل تحتـه ولا فائـدة منـه ،  و ( جعجعة ) كلمة يوصف بـها مـن يعِـد ولا يَـفـي ، والمثـل الشـعبي القـديم  في شـأنها يقـول ( أسـمع جعجعـة ولا أرى  طِـحنـاً ) الطِّـحْـن هـو الدقيـق  والجعجعـة هي صوت الرَّحَـى . .  والآن مـن حقي أن أحتـكم إلى القـراء بصورة مبدئيـة  قبـل أن أدخل التفاصيل في مواضيع مقبـلة  : هـل يونادم كنـا يجعجـع أم السـاعين إلى الحكم الذاتي الذي يوفـر منطقة جغرافية لشـعبنا وحقوقا ذاتيـة وقراريـة ومؤسـساتية  متساوية مع  كل الأطراف العراقية الأسـاسـية إضافة إلى أنـه يضمن لشـعبنا الرسـوخ والإسـتقـرار في الديار التأريخيـة  للآباء والأجـداد ؟ ؟  وأيضا مـن حقي أن أضـرب بـك المثـل الشـائع ( جَـنَـت على أهلها بـراقـش  ) ولأنك حـاذق باللـغة  فلسـت بحاجة إلى تفسـيره لـك . .

    أجـل لقـد تزامنـت تصريحات يونادم مع هـذه المواضيع التي نشرتها ، إنطلاقا من جلستي مع رابي سركيس ،  وأبديت فيها  بوضوح  وعلى المـلأ  قناعتي القائمة على مواقفي القومية وإيماني الراسخ والدائم بقضاياه وما وقفت عليه أثـناء جولاتي في قرى شعبنا لسماع الآراء أثناء زيارتي الأخيرة للعراق ؟ وهنـا أقول ليونادم ( المثـل العليا والرأي الصائب هـي حيث قرانا والصامدون فيها ، وليس في بلدان الهجرة والإغـتراب كمـا يـبدو أنـك تراها يا يونادم ، إلاّ إذا كنت تهئ لمستقبلك عندما تـتخلى زوعا عنك فـتهرب سريعا   )  .  . وهـنا نذكّـر أنه منـذ تسـعينات القـرن الماضي وحتى الآن  ، تـرك العـراق أكثـر من نصف القيادات المعروفة للحركة  ، وأسـباب ذلـك كمـا هـو متـداول ،  يعـود   كلـه إلى يونادم  كنـا .

   ومـن دون الحاجة لأي ذريعة منك يايونادم ، لأنه  بحكم شمولية عباراتك أنا أحد المقصودين بها ، وحتى فرضا لو حاولت الحفاظ على ماء وجهك وادعيت بأنني لست مقصودا ، ولكن كيف يمكن الجزم بأن المئات الذين سمعوا عباراتـك أو قرأوها ، وقرأوا أيضا مواضيعي لايعتبرون أنك ترد على ما كتبـته أو على الأقل  يتصورون بأنني ضمن من شملتهم عباراتـك ( المأجور ويعمل مقابل ثمن . . لأن موقفهم مدفوع الثمن ) أو يعتبرونني من النوع الثاني الذي ذكرته ( يدافعون عن الحكم الذاتي ولا يعرفون ماذا يجري وراء الكواليس بسبب ضعف الوعي القومي والسياسي والإندفاع العاطفي ) .

      وقـد يتـذرع يونادم أو أحـد آخـر أو يتسـاءل باحث عـن الحقيقة . . بـأن جـريدة بهـرا  وكذلـك موقع زهـريرا  ، لـم يتطرقـا في تقاريرهما عـن زيارة كنـا لأميـركا وجولاتـه وكلماته فيـها ( بهـرا الأعداد  448  و449 و 450 و451  ، زهـريرا تقـرير شـامل واحد أعـده  السـيد حنـا خـوشـو )  إلـى الإتهامات التي تناولها كتاب عديدون في المواقع  وتحـدث عـنها  المغتـربون  في أميركا  ، وهـذا التـذرع  صحيح ولا ننكـره لأنـنا نكتب بموضوعية من منطلـق الدفاع عـن النفس . . ولكنـنا في الوقت نفسـه مـن حقنـا أن نتسـاءل بأنـه إذا لـم يكـن مـا نشـر عـن هـذه الإتهامات  صائبـا وموثـوقا ، فلماذا لـم ينفـها يونادم في جولاتـه بعـد نشـرها ، أو على الأقل وفي أضعف الإيمان أن تكتب بهـرا وشبكة موقع زهريرا ما يوضـح   تنصل يونادم منـها أو  الإشـارة إلى ذلـك وفـق الأسـلوب الدبلوماسـي ، مثـل  "  إن النقل لـم يكن دقيقـا وصائبا كما ذكره يونادم "  إذن أليس من حقنـا أن نذهب في دفاعـنا  بجـرأة  ونقـول  مع القائلين في كل زمان ومكان ( عندما يعجز المـرء عـن الإتـيان بحجة يسـكت ، والسـكوت علامـة  الرضـى  ودليل على الموافقة والقبـول  ) .

   ولكـي أكـون متحديا معـك كمـا ينبـغي في حقـي ، أقـول لـك على رؤوس الأشـهاد ، أتحـداك ، إن اسـتطعت أن تـثبت بـأي دليل ، بـأنـني في كل حياتي كنت مأجـورا لأحـد . .  ولأنـني مضطر لمـا أقدمـت أنـت عليـه مـن إتـهام باطل  فـي حقـي ، أن  أكشـف لـك وللقـراء بعض  الأمور الخاصـة بـي ، ولأتـناول بعـدها ( غيـض مـن فيـض ) مـما هـو معـروف  عـنك والذي تدور الأقاويـل بـأن الذي مـايـزال مخفـيا  عـنك  هـو أكثـر بكثيـر . . 

  أقـول بوضوح ، إنـنا سنبقى على عهدنا بالوقوف إلى جانب زوعا في السراء والضراء ، مادامت زوعا على حقيقتها ( للشعب الكلداني السرياني الآشوري ، ومن هذا الشعب  ومع هذا الشعب وفي خدمة هذا الشعب ) أما إذا أصبحت أنت  طارئا على زوعا وخطرا على مبادئها وشعبيتها ومستقبلها ، بسبب ما ظهر منك من محاولات لسرقتها وجعلها ( زوعا يونادم كنا ) فبيـننا وبين زوعا سيكون فاصـل  شاسع  ،  واللبـيب تكفيـه الإشـارة .

    وفي موضوعي المقبل سأذكرك يا يونادم  بحقائق قد تعرفها أو  لاتعرفها ، لأبين أن محاولاتك المزايدة عليّ وعلى غيري من العاملين في  المجالات التي تفـيد شعبنا وتخدم مصالحه ورسـوخه في دياره ، ينطبـق عليها القـول المأثـور (   من كان بيتـه من زجاج عليه أن لايضرب بيوت الآخـرين بحجـر ) والبادئ أظلم . . وسأواصل الكتابـة في هـذا الشـأن  حتى أوضح كل الحقائق والأمور  ( ومـن فمـك سـأدينـك ) . . وقـد قال حكيم شـعبنا أحيقـار منـذ 27 قـرنا  : احـص أقـوال فمـك ، ثـم أطلقها نصيحـة لأخيـك ، إن دمار الفـم أشـد خطـرا من دمار الحـرب ، لأن الكلمة هي كالطيـر ، إذا أرسـلتها فلن تسـتطيع اصطيادها ثانيـة . .
 

   

25
زيتو ينفي ما نسب إليه بـ " الحكم الذاتي لسهل نينوى "
ـــــــــــــــــــــــــ

جميـل روفائيـل

    إزاء ما تنـاوله عـدد  من المواضيع  المنشـورة في المواقع أخيرا  ( ومنـها المواضيع  المدون نصـها أدنـاه ) . . ولتـوضيح الحقيقة ، فقـد اتصلت بالأستاذ جميل زيـتو رئيس المجلس الشـعبي الكلداني السـرياني الآشـوري ، واسـتفسـرت منـه عـن النص الحقيقي لتصريحه الذي أثـار التسـاؤلات ، فـأجاب موضحـا :
      "    أؤكـد أنـه لـم يـرد إطلاقـا وأبـدا عبـارة سـهل نيـنوى ضـمن تصـريحي لوكالة نيـوزماتيـك  ، وإنـما أكـدت على عبـارة الحكم الذاتـي في مناطقـنا التأريخيـة ، وتـثبيـته في دسـتور إقـليم كردسـتان والدستـور الإتحادي العـراقي "

    وأضاف الأسـتاذ زيتـو  "   لقـد اتصـل بـي  السـيد نبيـل الخوري  من وكالة  نيـوزماتيـك  العالميـة ، وأكـد لـي بـأن عبـارة سـهل نيـنوى لـم تذكـرها أنت في تصـريحك ، وقـد دخلت سـهوا في التصريح عـند إعـداده   للنشـر ، وسـنقوم بتصـحيح مـا تـمّ  نشـره   وجعلـه الحكم الذاتي في مناطقـنا التأريخيـة ،  كـي  يكـون مطابقـا لمـا  جـاء في تصـريحك   "

     وأكـد الأسـتاذ جميـل زيتـو في توضيحـه لنـا ، قـائـلا  "  إن رأينـا مطابق تمـاما لـرأي رابي سـركيس أغاجـان عـن الحكم الذاتـي ، وملـتـزم بالإطار الـذي  تناولـه في حديثـه الذي نشـره السـيد جميل روفائيـل عـن توضيح رابـي سـركيس  بخصـوص الحكم الذاتي لشـعبنا الكلداني السـرياني الآشـوري الـذي يسـعى إليـه  . . وكل مـا نشـر وينشـر منسـوبا إلـيّ  خـارج هـذا الإطار لايعبـر عـن رأيـي أو رأي المجلس بـأي حـال مـن الأحـوال "  .
ـــــــــــــ

وننشـر فيـما يلـي مـا نشـرته المواقع نقـلا عـن وكالة نيوزماتيـك ، ونضع خطا تحت العبارات التي دخلت في التصريح سـهوا ( إسـتنادا إلى فهمنـا عـن حقيقة تصريح الأسـتاذ جميل زيتـو من خلال اسـتفسـارنا منـه  ))  ونسـجل بجانبها بين قوسـين العبارة الصحيحة التي نـرى أنـه  أدلـى بـها :   
  (( المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري يطالب بإقامة حكم ذاتي في منطقة سهل نينوى  ((   مناطقـنا التأريخيـة ))  MarkoGabriel Marko    أغسطس 28, 2008,    نيوزماتيك/ دهوك 

      طالب رئيس المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري، جميل زيتو، البرلمان العراقي، والمجلس الوطني في إقليم كردستان العراق بـ"تثبيت حق الحكم الذاتي لمسيحي سهل نينوى  (( لمناطق شـعبنا التأريخيـة ))  في دستوري العراق وإقليم كردستان العراق".
      وأكد زيتو في حديث لـ"نيوزماتيك"، اليوم الأربعاء، أن "من حق مسيحيي منطقة سهل نينوى  ((  مناطق شـعبنا  التأريخيـة ))  أن يتمتعوا بحقوقهم الإدارية والسياسية في مناطق تواجدهم الأصلية"، كاشفا أن "المجلس قدم مذكرات لبرلماني العراق والإقليم بهذا الصدد".
         وبيّن زيتو أن "مطلب الحكم الذاتي يتوافق مع مبادئ العراق الجديد، الفيدرالي التعددي الديمقراطي"، موضحا أن "إقامة حكم ذاتي في منطقة سهل نينوى  ((  مناطق شـعبنا التأريخيـة  )) هي مطلب حضاري ويسهم في تحسين أوضاع أهالي المنطقة  ((  هـذه المناطـق ))  ".
      وأشار رئيس المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري إلى أن "منطقة سهل نينوى  ((  مناطقـنا التأريخيـة ))   ذات الأغلبية المسيحية تعاني كثيراً من الإهمال وقلة الخدمات بسبب السياسات المركزية في الإدارة"، مضيفاً أن "السياسات المركزية لا تخدم عملية التطور والتنمية في العراق" حسب تعبيره.
        وكشف زيتو أن "المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري يستعد لخوض انتخابات مجالس المحافظات" مشيرا إلى أن "مشروعه الرئيسي هو العمل على إقامة منطقة حكم ذاتي في منطقة سهل نينوى   ((  مناطقـنا التاريخيـة )) ".
      وتأسس المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري عام 2007 وهو تجمع يضم سبعة أحزاب سياسية وشخصيات مسيحية ومقره الرئيسي في دهوك.
        يذكر أن منطقة سهل نينوى تقع شمال مدينة الموصل، 405 كم شمال بغداد، وهي منطقة محاذية لحدود محافظتي دهوك وأربيل، وتتكون من قضائي، الحمدانية، وتلكيف، ونواحي، بعشيقة، وبرطلة، والقوش، ويتراوح عدد سكانها مابين 150 ألف و200 ألف نسمة، بحسب مصادر غير رسمية   (( وهي المنطقة التي نطالب لها بالحكم الذاتي إضافة إلى مناطق أخـرى متاخمة لـها من محافظة دهـوك  ))  .  " 
ــــــــــــــ

    كمـا نشرت المواقع مواضيع عـدة  متـفرقـة  لكتاب عـديدين  . . ولتوضيح الحقيـقة  أعـددنا هذا الموضوع . .  ومـما نشـرته المواقع الموضوع أدناه :

    (( ردا على قسم من مقالة الاستاذ جميل روفائيل  alqoshnaya33   عضو جديد
هل هذا التصريح من ضمن التصاريح التي رفضها الاستاذ سركيس اغا جان ووضعها في قائمة المغردين خارج السرب
لآشوريون يطالبون بالحكم الذاتي في العراق 
السبت 30/08/2008
طالب رئيس المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري جميل زيتو البرلمان العراقي والمجلس الوطني في إقليم كردستان بـ "تثبيت حق الحكم الذاتي لمسيحيي سهل نينوى في دستوري العراق وإقليم كردستان العراق. واعتبر زيتو أن من حق مسيحيي منطقة سهل نينوى أن يتمتعوا بحقوقهم الإدارية والسياسية في مناطق تواجدهم الأصلية، كاشفا أن المجلس قدم مذكرات إلى برلماني العراق والإقليم بهذا الصدد. وقال زيتو ان "مطلب الحكم الذاتي يتوافق مع مبادئ العراق الجديد، موضحا أن إقامة حكم ذاتي في منطقة سهل نينوى "مطلب حضاري ويسهم في تحسين أوضاع أهالي  المنطقة  )) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
 (( الرجاء ، الأفضل بالنسبة للمواقع ،  عـندما تنشـر هكذا ردود وأمور مهمـة  ، ينبغي أن تكون مرفقـة بالإسـم الصريح للكاتب ، فنحن نكتب كل شئ واضحا وجليا بالأسماء الكاملة . . وينبغي على من يـرد علينا أن يكتب أيضا باسـمه الصريح . . مـع كل إحتـرامي وتـقـديري لجهود مواقعـنا الإعلاميـة  ـ  جميـل روفائيـل  ))
ـــــــــــــــ
   ومـن المنشـور هـذا الموضوع أيضـا  ، الذي ننشـره بنصـه ونكتب رأيـنا فيـه
:
 

  مقالات المديح في السيد القائد  sinan y shabilla     

اثارت المقالات التي نشرها السيدين جميل رفائيل وحبيب تومي في مدح السيد سركيس  استيائي واستياء صديقي الذي تسائل وهو غاضب من مغزى كل هذا المديح ، وهل قبض هؤلاء الاشخاص مبالغ لقاء هذه السيل الهائل من كلمات المديح ، فأجبته وانا واضع يدي تحت رأسي بأن كل شي ممكن في هذا الزمن وسبق ان اشترت الاموال اكثر من مجرد كتاب يكتبون في موقع بل اشترت مواقع و قنوات بكاملها فلما الغرابة ، فسحب نفسا من سكارته واجابني انه يشعر بالاسف لان الاموال اشترت اكثر احزابنا وشخصياتنا التي حسبناها انها شخصيات مخلصة لقضايانا وها اننا نجدها تسطر كلمات المديح وكأننا امام احد شعراء الخليفة ، حتى اخال نفسي اسمع صوت اكياس النقود وهي ترمى امامهم. اخبرته بأني لا اقل عنه استيائا من هذه المقالات التي لا استطيع حتى ان اكملها للنهاية لما فيها من مديح غير مبرر، فكلا الكاتبين ركزا على بساطة السيد سركيس اغاجان وكيف انه لا يحب ان يمدح الناس به ، ولكني اتسائل اذن لماذا طبع السيد اغاجان عشرات الصور له  ووزعها على الناس في بعض الاحتفالات  لكي يحملونها كما كان صدام حسين يفعل من قبل ، ولماذا دفع الكثير من الاموال لمطربين من ابناء شعبنا لينظموا اغاني المديح له وكلنا يتذكر اغنية (رابي سركس )، هل بعد كل هذا يجرء احد ان يقول ان السيد اغاجان انسان لا يحب ان يمدحه الناس وهو الذي حول قناة عشتار الى منبر لمدح (انجازاته) والدعاء له بطول العمر، علما ان جميعنا يعرف ان هذه الاموال ليس من الجيب الخاص للسيد اغاجان بل انها امول ارسلت خصيصا لمساعدة المسيحيين في العراق،والتي (للاسف) لا يعرف المسيحيون حتى الان كم هي وكم صرف منها، كنت اتمنى وخاصة من الاستاذ جميل روفائيل لو انه لم ينزل الى هذا المستوى من الكتابة، واتمنى في المرات القادمة ان لا يضعف امام مكارم السيد القائد لا هو ولا غيره من ابناء شعبنا.

سنان شبلا 

   رأيـي في مـا هـو منشـور ( جميل روفائيـل )
    أنـا ( وأيضا أنـا واثـق أن الأخ حبيب تومـي انطلق من الأسس نفسـها التي انطلقت منها في مواضيعي التي يشير الكاتب إليها ) لـم أمدح السـيد سـركيس أغـاجـان ، كقائـد كما يدور في مخيلة الكاتب المسـتاء ( غيـر المعروف لـي قبل   موضوعه هـذا  واعتـقد لغالبية القـراء )   من كلمات الحـق والإعتـراف بجهـود هـذا الغيـور على شـعبـه الكلداني السـرياني الآشـوري   جهـلا  أم حقـدا ، وعلى رغـم أنـني لاأدري أيـن يقيـم هذا الكاتب ولكن بكل تأكيـد أنـه من الذين  يغلـقون  عيـونهم ويصـمون آذانـهم ( أسـوة باللاهثيـن وراء مغانـمهم السياسية ومصالحهم الخاصة ومنهم الذي يصـف بالمأجوين  من يختلـفون معـه في الموقف والرأي  ) فإنـه يعتـبر مـن يشـير إلى صاحب الجهـد الهـائل في إنـقاذ الآلاف من أبنـاء شـعبنا الصامـد في ديـار آبائـه وأجداده من التشـرد والبطالة والفاقـة والعـوز وحقـد الإرهابيين وجـرائمهم . . ومـن يـشير أيضا  بقناعـة وثـقة  إلى كلمة الحق التي ينبـغي أن تقـال للعـدل والإمتـنان والتأريخ . . يقـول عـنها هـذا الكاتب بأنـها تثيـر اسـتياءه  واسـتياء صديقـه الذي هـو على شـاكلتـه في نكـران الجميـل والنظـر إلى الأيـادي البيضاء بعيـون تغطيـها الغشـاوة السـوداء . . علمـا بـأن صاحب أسـوأ  سـلوك ، في عُـرف الحكمـاء ،  هـو مـن يشـك في الناس إلى حـد الإتـهام المغـرض مـن دون أن تكون لـديه ذرة مـن الأدلـة باسـتثناء المعايـير المسـتندة على الكـره والبغض  النابع عـن الذات ، وهـو مـا يطلق عليـه بعـرف القانون ( شـاهـد زور ) الذي يمكن أن يجلس  بسـببها في  قفـص الإتهـام وتصبح النتـيجة ( على الباغـي تـدور الـدوائـر ) . . وجـوابي على قـوله  "  كنت اتمنى وخاصة من الاستاذ جميل روفائيل لو انه لم ينزل الى هذا المستوى من الكتابة  "  أجـاوب  بجـلاء وأقـول :  إنـني لـي كـل الفخـر والإعتـزاز ، كصحافي يـدرك أيـن تكمن الحقيقـة وكيـف يعـطي لكـل ذي حـق حقـه  ، أن أنقـل الحقيـقة واضحـة عـن الفاضـل  سـركيس أغاجـان وكـل مـن يـخدم شـعبـنا بتـفـان وإخـلاص ووفـاء ونكـران ذات وسـهر وجهـد . . وفـي عيـون الحـاقدين والحاسـدين ألـف ألـف عـود . . وأكتـفي بهـذا القـدر لأن هكـذا فاقـد البصيـرة لا يسـتحق المـزيـد ، لأتـركه يسـحب مع صـديقه نفسـا من سـكارتـه ـ كـما يقـول بنفسـه عـن صديقه )   

     للعـلم رجـاء ، نظرا لأهميـة توضيح مـا تطرقت إليـه أعـلاه ،  فقـد ارتـأيت تأجيل مواضيعي الخاصة  بالدفـاع عـن نفسـي والتي أؤكد فيها  ليونادم كنـا بأنـني  أؤيـد الحكم الذاتي ولسـت مأجـورا ، كمـا وصـف يونادم الذين يختـلف معهم في الرأي وتقـييم  الأمـور   . . إلى مـا بعـد نشر هـذا الموضوع .
 

26
الحكـم الذاتي ، كما فهمته من سركيس أغاجان
ــــــــــــــــــــــ

جميـل روفائيـل

      لاأخفـي بأنـني قرأت وسمعت الكثير عن الحكم الذاتي الذي يسعى إليه رابي سركيس أغاجـان  ، بين مؤيد ومعارض ،  وتفسيرات متباينة بعضها تقـتصره على مناطق شـعبنا ( الكلداني السرياني الآشوري ) في سهل نينوى ، وأخرى تعتبـره سبيلا من أجل استقطاع جزء من محافظة نينوى لضمه إلى اقليم كردستان ، وغيرهما تضعه ضمن الخطط الأميركية الرامية تفكيك وحدة العراق . . وهكذا دوليـك ، فقـد كنت بين وقت وآخر عندما أنتهي من قراءة موضوع أو سماعي رأيـا ، أردد مع نفسي : ياليت شـعري مـا الصحيح  ! ! . . وأدون فيما يلي ما فهمته من رابي سركيس في شـأن الحكم الذاتي . . وآمـل أن أوفق في نقلـه كما تحـدث عـنه ، إذ أن  ما أكتبـه قائـم على ذاكرتي لأنـني لـم أسـجل  شـيئا ولم أستخدم ورقة وقلمـا طيلة مـدة لقـائي معـه ، كما أشرت إلى ذلـك في موضوع سـابق عـن هـذا اللقـاء  . .

     ولكثـرة ما قرأته وسـمعته ،  فقد قلت لرابي سركيس : إن كثرة تباينات مايقـال عن الحكم الذاتي ، تجعل الباحث عن حقيقـته يضيع في متاهات وشعاب . . فليتـني أسمع منكم توضيحا وافيا ومفصلا عن ماهيـة الحكم الذاتي لشعبنا الذي تبذلون جهودا مضنـية من أجلـه ؟

    قـال : سـأوضح لك كل ماطلبتـه ، ويمكن أن تستـفسـر عمّـا شئت وتبدي رأيك موافقا أو معارضا أو مغيّـرا ، فنحن نتحدث ونتـفاهم عن كل مايفيد شعبنا ويوفر له الأمن والإستقرار والقرار الذاتي المستقـل في دياره التأريخية التي صانها ولايزال يحافظ عليها متمسكا  بهـا بصلابـة . .
   وأخـذ رابي سركيس يشرح ويوضح ، من دون أن يتطرق إلى اسم أي تنظيم أو شخص ،   مؤيدا لما هو مطروح في المجال العام عن حق شعبنا بالحكم الذاتي أو معارضا لـه . . ومعتبرا أن من حق كل شخص من شعبنا الصامد في مناطقه التي تدخل ضمن إطار الحكم الذاتي إبداء رأيه الذي  سيكون حاسما في القبول أو الرفض ، فالإستـفتاء الحـر النزيه سيوضح جليا ما الذي يريده شعبنا ، ونحن مع قراره في النتيجـة . .

    وقـال : بداية ، إن الحكم الذاتي الذي ندعو إليه ، لـم نطرحه أبدا تحت تسمية ( الحكم الذاتي لسهل نينوى ) فإدخال عبارة ( سهل نينوى ) في الموضوع يعود لاجتهادات البعض ونحن لاعلاقة لنا به ولم نذكره يوما إطلاقا ، وهو على الضـد تمـاما ممّـا ندعو إليه ، فعبارة ( سهل نينوى ) مضافة إلى ( الحكم الذاتي ) هي دخيلة ولا نصيب لها من الصحة أبدا بالنسبة لمـا نسعى إليه من الحكم الذاتي . .
   وأضـاف : أمـا القول بأن يكون الحكم الذاتي ضمن إقليم كردستان أو أنه محاولة لضم سهل نينوى إلى الإقليم ، فهذا أنـا لم أذكره أبدا أيضا  في أي مجال وليس شأنا يخص الحكم الذاتي ، وبوضوح أنا لم أدع إليه ولن أدعـو ، لأنه  بعيد عن مشروع الحكم الذاتي الذي نسعى إليه . . وأمـا من يذكر هذا الأمر ، سواء كان من المؤيدين للحكم الذاتي أو من المعارضين لـه ، فإنه لايعبر عن رأيي إطلاقا ، لابل لايمثـل مايقوله أي شئ من رأيي ولايمـت إليه بصلـة . . فـأنا أضع مصلحة شـعبنا ( الكلداني السرياني الآشوري ) في المقام الأول  من المهمات التي أقوم بـها ، وهـي فوق كل إعتـبار آخـر عنـدي  . .
    قلـت : إذن رابي سركيس ، ماهو الحكم الذاتي الذي تسعون إليه ، مناطقا وحقوقا ومستقبلا ؟ !

     وانتظـرت بعض الوقت ، حيث بسـط خريطة خاصة بمنطقة الحكم الذاتي  على المنضدة التي أمامنا ، وقال : هذه هي حدود الحكم الذاتي الذي نسعى إليه . . ويمكن أن تـقـف من خلالها على منطقة الحكم الذاتي الذي  نريد تحقيقـه ، بكاملهـا . . تـتفحصها جيدا وتستفسر عمّـا ترغب بخصوصها . .
     ونظـرت مليا إلى الخريطة ، شمالا وجنوبا وشرقا وغربا ، وأسماء للبلدات والقرى الداخلة فيها ، حيث منطقة الحكم الذاتي ، ورأيت الخريطة تشـمل  سـهل نينـوى ومناطـق أخـرى متاخمـة لـه مـن محافظـة دهـوك  . .
   وبعدما تفحصت الخريطة شاملا ، قلت : الآن عرفت منطقة الحكم الذاتي ، ولي في شأنها أسئلة عـدة  . . أولهـا : توجد ناحيتان ، كل سكانهما عرب ، ويبدو لي أن هؤلاء لن يقبلوا الإنضمام إلى منطقة الحكم الذاتي ، إحداهما النمرود التي في قضاء الحمدانية والأخرى وانــه في قضاء تلكيف ، وهما بمحاذاة مناطق شعبنا بعد انتهائها ، فكيف سيكون أمرهما ؟

     قـال : فيـما لـو تحقـق الحكم الذاتـي لشـعبنا ، فـإن حدودا إدارية جديـدة سـيتم رسـمها لهذه المناطق ، لأنـه بموجب المـادة 140 مـن الدسـتور ، فـإن العـديد من المناطق في محافظات عراقية عـدة سـوف تحصـل تغيـيرات على حدودها الإدارية  . .
   وسألـت : وماذا بالنسبة إلى الإيزيدية والشبك والقـلة من العرب الموجودين في بعض مناطق شعبنا ، علما بالنسبة للإيزيدية وقبل أن توضحوا ، كنت قبل أيام أتحدث مع شخص إيزيدي من قرية دوغات وسألته عن موقفهم من الحكم الذاتي ، فأجاب : نحن ستكون لنا فوائـد منـه  كما ستكون لكم ، فإن موقـفنا هو معه لأنـنا سنستـفيد منـه . .

   قـال رابي سركيس : إن هذا الإيزيدي مطلع على الحكم الذاتي ، وهو أجاب ما أردت أن أقوله ، وهو : إن كل الموجودين في مجال الحكم الذاتي ، سواء كانوا إيزيدية أو شبكا أو عـربا ، فإنهم سيحصلون على المكاسب والحقوق نفسها التي يحصل عليها شعبنا . . ولـي معلومات بوجود تفهم جيد لدى الأخوة الإيزيدية والشبك وحتى بعض العرب  بخصوص الحكم الذاتي وهو يحظى برضـاهم  . .
     قلـت :  ألذي ألاحظـه أن الخريطة تشمل منطقـتين ، إحداهما في إقليم كردستان والثانية خارج الإقليم في محافظة نينوى ، فكيف سيتم دمج المنطقتين في كيان واحـد ؟

     أوضـح قائلا : الإسـتفتاء الشعبي العام هو سيد كل قرار ، والدستور العراقي يسمح بهكذا استـفتاء ، وهـذا الذي نريده وهو الذي يقـرر النتيجة النهائيـة . .
   قلـت : والتبعيـة كيـف  ؟
   أوضـح أيضا  :  التبعيـة كأي منطقة للحكم الذاتي في دول العالم ، وهي كثيرة  ، لهـا برلمانها وسـلطاتها التنفيذيـة والقضائيـة  وغيرها من الأمور الخاصة إضافة إلى ميزانـيتها بحسب نسـبة  عدد سكانها قياسا لمجموع سكان العراق التي يتم تحديدها ضمن تخصيصات الميزانية المركزية للدولة العراقية بين حصص المركز والأقاليم ومناطق الحكم الذاتي . . وبذلك لاتوجد لمنطقة الحكم الذاتي لشعبنا تبعية لأي منطقة أخرى ، فهي لها إطارها الخاص كما هي حال الأقاليم ، ضمن الدولة العراقية ، ولاقرار لأحد عليها غير شـعبها  إلاّ  بحسب سلطات حكومة الدولة العراقية وأقاليمها ومناطقها للحكم الذاتي التي يحددها الدستور الفيديرالي العراقي ، بالنسبة لكل طرف ، حكومات الدولة والأقاليم ومناطق الحكم الذاتي .
   قلـت : إذن رابي سركيس ، كما فهمت أن الحكم الذاتي سيوفر لنا الحقوق الكاملة ، كما توفر الأقاليم وسلطات الدولة العراقية لحقوق المواطين العراقيين . .

    قـال : ينبغـي أن يكون كذلك الحكم الذاتي ، أن يكون لشعبنا القرار الذاتي بالحقوق الكاملة في منطقـته التأريخيـة  المعترف بها دستوريا عراقيا وحقوقـا دولية . .
      قلـت : وهنـا يتـراءى لي استفسـار ، وهـو هناك  قرى لأبناء شعبنا غير داخلة في منطقة الحكم الذاتي منها في شرقي زاخو والعمادية وصبـنا ونهلـة ومحافظة أربيل . . فهـل يتـم التخلي عنها أم مـاذا في شـأنها ؟

   قـال : أكيـد ، فكّـرنا في هذه البلدات والقرى لأننا لايمكن أن نتخلى عنها ، ووجدنا أن وضعها بعيد عن منطقة الحكم الذاتي وهي متفرقة في منطقة واسعة ، ومن غير الممكن جمعها لوجود مناطق واسعة لغير شعبنا فاصلة بينها . . ورأينا أن تكون هذه البلدات والقرى مرتبطة بمنطقة الحكم الذاتي من نواحي المؤسسات الدينية والتعليمية والثقافية والخصوصيات القومية ، في حين أن تبقى مرتبطة إداريا بمنطقة تواجدها وهي إقليم كردستان ، إذن ستكون هذه البلدات والقرى ذات نوعية من خصوصيات نظام الكانتونات ( الوحدات الإدارية القومية المعمول بها في الأنظمة الأوروبية ) من خلال أنها تكون مشمولة بالقضايا القومية والدينية والثقافية بامتيازات ومكاسب منطقة الحكم الذاتي لشعبنا ، في حين تكون من النواحي الإدارية  خاضعة لإقليم كردستان .

    سـألت : مـاهي مواقف الأطراف المحلية والدولية من تحقيق الحكم الذاتي في إطـار  منطقة جغرافية لشعبنا داخل العراق ؟

      قـال : الأطراف المحلية ، أي الحكومتان العراقية وإقليم كردستان لهما علم كامل بما تهدف إليه مساعي المطالبة بالحكم الذاتي لشعبنا ولكن لايوجد حتى الآن جواب رسمي نهائي منهما حول الموضوع ، أما الأطراف الدولية فإن ممثـلي الأمم المتحدة لهم معلومات وافية عن الموضوع وأظهروا تفهما جيدا لحـق شعبنا بنيل حقوقه كاملة ، وبالنسبة للدول فتوجد إتصالات مع الكثير منها وأظهر العديد منها مواقف إيجابية تجاه حق الشعب ( الكلداني السرياني الآشوري ) في العراق بضمان حقوقه الإدارية والثقافية والإنسانية من خلال منطقة للحكم الذاتي خاصة بــه في أرضـه التأريخيـة  . .
 وقلـت : وكيـف ترى مجال تحقيق الحكم الذاتي لشعبنا زمنـيا في حـال نجاح المسـاعي   وتـفهم الأطراف العراقية الأخرى لـه ؟
     قـال : نحـن حاليا نواصل المساعي ولن نتوقـف أبـدا ، وأملنا كبير بالوصول إلى هدفنـا وأن لايكون ذلـك ببعيـــد  ؟

     وقـد أسـعدني أمرا مهمـا ، وهو أن رابي سركيس يحتفظ بوثائق مؤرخة  وموقعة من ذوي العلاقة ـ شاهدتها وتصفحتها وقرأت ما أردت منـها ـ  توضح التأييد الواسع الذي يحظى بـه حق الحكم الذاتي من شعبنا إضافة إلى أدلة تؤكد المساعي مع أطراف محلية ودولية كلها متفهمـة  لمشروعيـة ما يصبو إليه شعبنا من ضمان لوجوده في أرضه ودياره التأريخيـة .

    وبعـد هـذا التداول الواسع مع رابي سركيس في شأن الحكم الذاتي ، تراءت لـي إستفسارات مع نفسي : إذا كان الحكم الذاتي منطقة جغرافية واضحة ومترابطة لشعبنا ، وإذا كانت هذه المنطقة غير خاضعة لأي منطقة أخرى وقراراتها يتحكم بها شعبها وحده وأنها منسجمة مع النضالات التأريخية لشعبنا وتطلعاته المستقبلية بالبقاء والرسوخ والحياة السعيدة في أرضه الكريمة التي ورثها عن آبائه وأجـداده . . وإذا كانت جهدا لشعبنا يتمـيـز بـه رابي سركيس أغاجـان بسهره المتواصل من أجله . . وإذا كان التحقيق النهائي للحكم الذاتي من خلال نتيجة إستفـتاء حـر ونـزيه . . فمـا هـو السـبب الذي يبـرر  تـذرع   البعض من شعبنا للتـشكيك بـه أو معارضته . . خرجت مع نفسي غير مـدرك السبب ، ومرددا في داخلي : لايمكنني أن أقول لهـذا  البعـض غيـر عبارة أجدادنا المتداولة التي وصلتـنا . . سـامحهـم اللـــه . .
ملاحظـة مهمـة  :
 كنت أود مواصلـة  قسم من الأمور الأخرى التي تهم شعبنا ،  وتداولـت في شـأنها مع رابي سركيس  ، ولكـن ارتـأيت تأجيلـها مؤقتـا . .  وأن أبـدأ في الموضوع المقبل ومواضيع عـدة سـتليه الدفـاع عـن نفسـي مؤكـدا ليونادم كنـا بأنـني  أؤيـد الحكم الذاتي ولست مأجـورا ، كمـا وصف يونادم المؤيديـن للحكم الذاتي ، ولأقـول لـه أيضا  إلى حـد النصيحة ،  بالوقائع والأدلـة أن يكف عن غـروره ومـزايداته واستغلال مواقعه على من يختـلف معهم في الرأي والموقف  ( لأنـه مـادام بيتـه مـن زجـاج فعليـه أن لايـرمي الحجـارة على بيـوت الآخـرين ، لأنـها سـتـرتـد على بيـته  ) . .

27
نبـذة عن الحفيدة الأميركية لإنعام كجه جي
  ـ جميل روفـائيــل

الحفيدة الأميركية
رواية عربية (عراقية)
المؤلفة: إنعام كجه جي
صدرت عن "دار الجديد" في بيروت، تموز 2008.
ــــــــــــــــــــــــ



    هاجرت زينة بهنام من العراق وهي مراهقة وعادت اليه وهي في الثلاثين، مترجمة مع الجيش الأميركي. عودتها باللباس الخاكي المموه والسترة المضادة للرصاص كانت صدمة لجدتها العجوز رحمة، أرملة العقيد العراقي التي ظلت تلمع أزرار بزته العسكرية بعد وفاته، مثلما كان يفعل في السادس من كانون الثاني، كل عام، تاريخ عيد الجيش.

      زينة تعتقد أنها تقوم بعمل عظيم. ورحمة مصرّة على أن أميركا أفسدت حفيدتها ولابد من تصويب تربيتها لكي تكون جديرة بالتاريخ الوطني للعائلة الكلدانية التي تعتبر أن العراق موطن عظام الأجداد.

        تنام زينة في مطبخ قصر صدام في تكريت. تترجم وثيقة زواجه وهويات زوجته ساجدة. تشارك في المداهمات الليلية لبيوت العراقيين. تشهد وقائع الإذلال والموت اليومي لرفاقها. تربط شريطاً أصفر على نخلة في امنطقة الخضراء، وتنتهز الفرص للذهاب الى البيت القديم والاستماع الى حكايات الجدّة التي تدير حكومة من القديسين والقديسات الذين لا يعصون أوامرها.

             لكن "الحفيدة الأميركية"، رواية إنعام كجه جي، ليست صراعاً بين شخصيتين فحسب، بل هناك طاووس، المرأة الشيعية التي رافقت العائلة على مدى سنوات وصارت فرداً منها. وهي كانت قد أرضعت زينة في طفولتها، وبهذا صارت زينة أُختاً بالرضاعة لمهيمن، إبن طاووس، حسب الشريعة الاسلامية.

             والمشكلة ليست في أن قلب زينة يخفق لمهيمن بل في أن هذا الأسير السابق في حرب إيران هو اليوم مقاتل في جيش المهدي. ما رأي النقيب دونوفان حين يعلم أن لمترجمته أخاً في المقاومة؟

                إنها رواية الحلم الديمقراطي الذي انقلب كابوساً، ترويها إمرأة ولدت في بغداد وكبرت في ديترويت، بلغة شديدة التركيز مثل اليوميات السريعة للجنود الذين لا يعرفون هل تطلع عليهم شمس اليوم التالي.
ــــــــــــ
              إنعام كجه جي كاتبة وصحافية عراقية تقيم وتعمل في باريس. صدرت لها عدة كتب حققت نجاحاً بالعربية وترجمت الى الفرنسية والايطالية واليونانية. وجاء كتابها "كلام عراقيات" الصادر بالفرنسية عن منشورات "لو سيربان آبلوم" في قائمة أفضل المبيعات في مكتبة فناك في باريس عند صدوره عام 2003. كما حققت روايتها السابقة "سواقي القلوب" اهتمام الصحافة والنقاد.
  ملاحظـة :
ـــــــ  للحصـول على الروايـة عبـر الأنتـرنيت يمكـن الإتصـال بالـرابـط
 
 www.neelwafurat.com/itempage.aspx?id=lbb166253-129003&search=books 



28
رابي سركيس يدعم مشروعا إقتصاديا لشعبنا
ــــــــــــــــــــــ

جميـل روفائيـل

    الـذي لاحظته من رابي سـركيس ، أنه لايهمه المديح والثـناء الذي يسـمعه من محدثه حول أهمية إنجازاته لشعبنا ( الكلداني السرياني الآشوري ) لأنه يرى أن كل المنـتمين لهذا الشعب هم أشـقاء ، وهـو أحد هؤلاء الأخوة  الذين بإمكانهم العمل وتقديم المفيد ، وليس المهم الشكر والثناء بين الأشقاء على ما يقدمه أحدهم من فوائد للآخـر ، لأن التعاون المثمر بينـهم  واجب وعرفان وفـاء تقتضيه رابطة القربى الوثيقـة . . ولهـذا فإن رابي سركيس يقوم بواجبه الذي يستطيع إداءه تجاه أخوتــه   .

    قلـت : كان وجودي الحالي حيث شـعبنا الصامد مثمرا جـدا ، فقـد تمكنت بمساعدة الأخوة في هيئة رئاسة المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ، من تحقيق أحـد أهـدافي المتعلقة بمعرفة حقيقة واقع شعبنا من خلال الجولات والرؤية الميدانية ، فالأقاويل متشعبة وما ينقـل عن السماع قد لايكون الصورة الكاملة الجلية ، ولذا قضيت أياما من الصباح حتى إرخاء الليل لسـدوله ، متجولا  في بلدات وقرى شعبنا ، التي منها : بغديدا وكرملش وبرطلة وبحزاني وفيشخابور وباجدا وديربون وقرولـه وبيدارو ونافكنداله وميركه صور وبيـركا وليفـو وبيرسفي ودشـتتاخ وشرانش . . ورأيت المساكن الرائعة والكنائس والمزارات والقاعات والشوارع المعبدة والمشاريع العملية الإنتاجية الموجودة فيها التي تحقـقت بفترة زمنية استثنائية لاتـتعدى السنوات الأربع الأخيرة بجهودكم . . والتقيت مع السكان فيها واستمعت إليهم حيث تحدثوا بصراحة وقناعـة . .

   قـال : وماهـي ملاحظاتهم عن المتوفر لهم حاليا ، ومطاليبهم التي يتطلعون إلى تحقيقها لاكتمال مايصبـون إليه من حياة كريمة في ديارهم المتوارثـة . .
   أجبـت ، لأنكم لاتريدون أن أنقـل لكم الثناء والشكر والإمتـنان الذي لاحدود له وسمعته من الكل على حـد سـواء ، فإنني أوصـل إليكم بأمانة مطاليبهم المتركزة في إنشاء مشاريع زراعية وانتاجية وسياحية تـتفق مع طبيعة مناطقهم وامكاناتها ، تـتيح  لهم العمل والإنتاج وتضمن متطلبات العيش والحياة والإستـقرار وعـدم التفكير بالرحيل إلى أماكن أخرى داخل العراق وخارجه من أجل مورد الرزق وسبيل العيش ، أنقـل لكم هذا ، إنطلاقا ممـا لاحظته بحرصكم على السماع والإصغاء أكثر بكثير من رغبتكم بالكلام والتحـدث . .

    قـال : كـل هذه المطالب مشروعة ونابعة عن الحاجة والقناعة الكاملة بضرورة الإستـقرار الدائم في ديارهم المتوارثة عن آبائهم وأجدادهم ، وأنـا معهم في حقهم وضرورة الإسراع بتلبية هـذه المطالب . . إذن نتبادل الرأي في أنسـب المشاريع التي يمكن تحقيقها لهـم وتؤدي النتائج المثمرة التي يتطلعـون إليـها . .
    قلـت : نعـم . . بداية ينبغي أن أقول بأن الأخوة في هيئة رئاسة المجلس الشعبي قاموا ويقومون بتـلبية قسم من مطاليب سكان القرى ، مثـل توفير المياه الصالحة للشرب وجهود العيادة المتنقـلة ومتطلبات المولدات الكهربائية والتزويد بمضخات لسحب المياه من الأنهار والجداول وسقي الأراضي وإعانات أخرى متنوعة . . ألخ وقـد شاهدت هذا بعيني . .  ولكن المطلوب هو مشاريع شاملة وعامة في كل بلدات وقرى شعبنا ، تحل مشاكل الجميع على المدى الطويل وتؤدي إلى زيادة  ثـقتهم بالإستقرار ، وأن تدعم خطواتها بمتابعة إعلامية واسعة من قناة عشـتار لتوضيح مايجري لشعبنا الصامد في الداخل ونقل ذلك لأخوته الذين يترقبون سماع أخباره الواقعية الطيبة في الخارج وينتظرون الفرصة الملائمة للتخلي عن معاناة الغربة واللحاق بإخوتهم في الداخل بحياتهم الجديـدة . .

    قـال معقـبا : هـذا هـو مانريده ونسـعى إلى تحقيقـه . . إذن ماهي المشاريع التي رأيتها الأنسب خلال جولتـك والأضمن فائدة ونجاحـا ؟
   أجبـت : مناطق شـعبنا عموما زراعيـة ، وحياة شـعبنا المتوارثة زراعية ، ولهـذا فينبغي الإهتمام بانعـاش الزراعة وضمان انتاجها حتى في السنوات التي ينحسر فيها المطر ، كهـذه السنة ، وهـذا لن يتـم إلاّ  من خلال توفير الماء ، والسبيل المتاح إليه هو في حفـر الآبار الإرتوازية بشكل واسع يحقق التعاون بين الفلاحين الذين تتجاور أراضيهم في بئر واحدة بتقسيم مياهها بينهم ، وبحيث يكون في أراضي كل قرية من الآبار بحسب العدد الذي يلبي حاجات كل سكان القرية الراغبين بـها ويرضي الجميع ، فإذا إنحسر المطر شتاء يمكن الإسـتفادة من مياهها عـن طريق  الـرش المستخدم  في تركيا واليونان ودول أخرى  لـسقاية حقول الحنطة والشعير وغيرها ، وفي الصيف يمكن الإستفادة من مياهها في زراعة المحاصيل الصيفية إضافة إلى حقول الأشجار الإقتصادية مثـل الزيتون . .

    قـال : هـذا جيد وحل مناسب ، ولكن هل يوجد مايؤكـد وجود المياه الجوفية الكافية والدائمية في كل مناطق شـعبنا ، وهل يتوافر ما يضمن نجـاح هذا المشروع الحيـوي ؟
    قلـت : نعـم ، استفسرت بصورة مفصلة من خبيـر في تللسـقف  يعمل رئيسا للدائرة الجيولوجية في محافظة نينوى وله اتصالات من خلال العمل بدوائر الري والمياه الجوفية وغيرها من المؤسسات ذات العلاقة في محافظات نينوى ودهوك ، ويملك خرائط بعمق المياه الجوفية الكافية بوفرة لمثـل هكذا مشاريع ، فهي مثـلا  في تللسقف بحدود 85 مترا وتلكيف 75 مترا وألقوش 180 مترا وبغديدا وكرملش وبرطلة 170 مترا ، ويرجح أن تكون في مناطق فيشخابور وديربون لاتتجاوز المائـة متر . .  وهكذا في المناطق الأخرى ، وأن التقديرات الأولية تشير إلى إمكانية كل بئر سقاية مـالايقـل عن عشرين دونما ( الدونم الواحد يعادل 900  متر مربع ) ، وتوجد مؤسسات حكومية وشركات أهلية تقـوم بحفر الآبار الإرتوازية . . وأن تجارب أولية بحفر عدد من الآبار في ألقوش وتللسقف وأماكن أخرى  بجهود فردية لسقاية المزارع أعطت نتائج ناجحة جدا ، ولهذا فالمؤشرات مشجعة جـدا ونأمل خيـرا .

    قـال : إذا كانت الأمـور هكـذا جيدة ومشجعـة ، فلنبـدا على بركـة اللـه حالا ، وأرى أن يكون الإنطلاق من تللسقف وألقوش لوجود تجارب أولية وخبرات وثـم التقـدم نحو البلدات والقرى الأخرى ، وأقتـرح أن تقوم أنت بمهمات المشرف الميداني على الترتيبات وتستفيد من إمكانات الخبير الذي ذكرته وغيره وأن تكون علاقتك بهيئة رئاسة المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري وتعـدون  تقارير بخطواكم وحاجاتكم لي مباشرة لتلبـيتها فورا . . وأن تبـدأ أعمال الحفـر بأقرب وقت . .
    أجبـت : شـكرا جزيلا على ثـقتـكم رابي سركيس بـي ، التي هي أرفع وسام أحصل عليه ، ولكن يؤلمني أنني لاأستطيع الإضطلاع بمهمة الإشراف على هذا المشروع الكبير لأنني حاليا في الخارج ، وإنني مقتـنع دائما بأن الذي يتولى أي مهمة لشعبنا الصامد في دياره ينبغي أن يكون في داخل العراق لكي يكون بإمكانه القيام بواجبه على الوجه الأكمل ، ولكـن سـأتابع خطوات المشروع من خلال الإتصالات الهاتفية المستمرة مع القائميـن به كافـة  . . وأنـا طوع أمركم لأي مهمة تعهدون بـها إلـيّ  لخير شعبنا عندما أعود نهائيا وأستـقر في تللسقف ، وآمـل أن يكون ذلك قريبـا . .

    قـال : إذن كيف تـرى أن تكون الخطوات الأولى وصولا إلى بدايـة العمل واسـتمراره  ، باعتـبارك مطلعا على الأوضاع التي يمكن أن تحيط بهـذا المشروع ؟
    أجبـت : أقتـرح أن يكون المتابع الميداني أحد الأخوة من المجلس الشعبي ، وأن يضع خطة للبداية مع الخبراء وأصحاب العلاقة كمرحلة أولى في تللسقف ، حيث تـتم دراسة كاملة تشمل عمق المياه الجوفية وآراء الخبراء بهـا واجراءات الجهات الإدارية في المحافظة والقضاء والمجالس المحلية في شأنها ، وإعداد لائحة أولية بأصحاب الأراضي المتجاورة الراغبين في بئـر مشترك لهم ، وتكاليف حفر البئر وملحقاته من مضخة سحب ومتطلبات توزيع الميـاه بين المشتركين وغير ذلك ، وبعد إكتمال الدراسة من كل جوانبها وتوافـر مؤشرات  نجاح المشروع ، يجري  تشكيل لجان شعبية تضم مختار القرية وممثلي التنظيمات فيها وممثل عن كل مجموعة راغبة بالبـئر وثـم حفر الآبار بالتتابع . . ويتم إعداد تقارير دورية مباشـرة  لكم لإطلاعكم والإستفادة من إهتمامكم وملاحظاتكم وتوجيهاتكــم  . .

     قـال : رأيـكم ، يبدو لي بكامله جيدا كإطار عام وأساس للعمل ،  وأنـا معه دائما بدعمه وكل متطلباته التي ترضي شعبنا وتفيده في تحقيق مايصبو إليه من حياة كريمة واستـقرار . .   وطلب من الصديق الذي كان معنا إبلاغ المجلس الشعبي للبدء الفوري بخطوات المشروع بالشكل المناسب الذي تـم عرضه . .   

     وانتـقلنا في حديثـنا إلى مجالات لإنجازات  أخرى  لشعبنا الكلداني السرياني الآشوري ،  وصولا إلى المطلب التأريخـي في الحكم الذاتـي . . وسـأتناول قسـما منها في الموضوع  المقبـــل  .
ــــــــــــــــــــ
ملاحظــــة  : ـ حظـي الموضوع  السابق عن لقائي مع رابي سركيس ( كما عرفته ، من هو سركيس أغاجان ) باهتمام كبير ، حيث كتب بعض الأخوة متابعات له في المواقع واستلمت  العـديد من الرسائل عن طريق بريدي الألكتروني وحدثني آخرون بالهاتف في شأنه ، وإنني إذ أشكر الكل على هذا الإهتمام وأعـرب عن امتـناني لملاحظاتهم القيمة بكل أشكالها حوله ، فإنني سأحاول إجابة ملاحظاتهم واستفسـاراتهم في موضوع خاص أنشره عندما أجد وقتـأ لذلـك .
     

29
كما عـرفته ، من هـو سركيس أغاجـان
ــــــــــــــــــــــ
جميـل روفائيـل

    غـادرت حفل افـتـتاح مجمع ( النور ) السكني المتكون من خمسين بيتا في تللسقف التي أنجـزت بدعم رابي سركيس اغاجان ، والحفل في منتصفه ، السبت 26/ 7 / 2008  بعدما أبلغني صديق هاتفيا بأنني مدعو في الحادية بعد الظهر من قبل رابي سركيس للغداء معه في عـنكاوا ، وكانت بانتظاري سيارة المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري لنقلي ذهابا إلى عينكاوا وإيابا إلى تللسقف .

    في الطريق ، والسيارة تقطع السهول والقرى والروابي ، قادني التفكير إلى نوع هذه الدعوة ، التي لم أجد من المناسب الإستـفسار من الصديق المتصل عن تفاصيلها ، واعتـقدت أن الأمر قـد يكون المشاركة مع آخرين في حفل غداء يقيمه رابي سركيس على شرف غبطة  بطريرك الكلدان مارعمانوئيل دلـي بمناسبة وجوده في عـنكاوا في ذلك الوقت ، وأن رابي سركيس توخى دعوتي كي يكون لي مزيدا من التعارف معه ، حيث كانت المرة الوحيدة التي التـقيته خلال المؤتمر القومي في عنكاوا ( 12 و 13 آذار 2007 )  عندما توجهت نحوه بعد إلقاء كلمتي وصافحته وتحدثت معه لنحو عشرة ثواني اقتصرت على السلام والتحيـة .

    وعندمـا وصلت عـنكاوا كان الصديق بانتظاري ، فانتقلت إلى سيارته ، وقال : نذهب إلى بيت رابي سركيس  . . وبعد عشر دقائق كنّـا أمام باب المنزل الذي لم أجد قربه أي حراسة  ، باستـثـناء الشخص  الذي فتح لنا الباب الخارجي  ـ واعتقد أنه من شـعبنا ـ وهو يرتدي ملابس مدنية عادية من دون أي سلاح ، ومع انفتاح الباب لاحظت رابي سركيس بجانبه واقفا ، وتبادلنا القبلات الأخوية والتحيات كأننا نعرف بعضنا منذ عشرات السنين ، وأخذني ، مع الصديق الذي كان بانتظاري ، إلى داخل المنزل ، وجلسنا في غرفة الضيوف ، ثلاثـتنا فقط  ، رابي سركيس والصديق وأنا .

    وبسـرعة ، نظرت في أرجاء المكان ، كما هي عادة الصحافي حين يقابل مسؤولا ، وخرجت بنتيجة أن هذا الرجل يمكن التحدث معه بعيدا عن الرسميات ، قياسا بالحياة البسيطة التي يعيشها والتي تختلف حقا عن الهالة الواسعة المعروفة عنه ، فغرفة الضيوف متواضعة بسـعتها ومقاعدها وموجوداتها ، فـهي لاتـتسع لأكثر من ثمانية أشخاص ، والمنزل بكامله هو بالحجم الذي يكفيه مسكنا واستقبال ضيوف قلائل ، لأنه من نوع منازل متوسطي الحال ، وهو لايزيد أبهة عن منازل أقاربي وأصدقائي في تللسقف ، إذن رابي سركيس بسيط جدا في كل حياته الخاصـة  . 

   بدايـة ، سألني مستفسرا : كيف كانت رحلتك من تللسقف إلى عنكاوا . . أجبت : مريحة جـدا . . وأضفت : كنت ضمن المدعوين لافتتاح المجمع السكني الذي تحقق بدعمكم في تللسقف ، وغادرت الحفل لكي أكون عندكم في الموعد المحدد ، إن الخمسين بيتا التي يتضمنها المجمع قد حلّت جزءا من مشكلة المنازل للنازحين الى القرية ، حيث كان لايتجاوز عدد سكان تللسقف قبل خمس سنوات  الخمسة آلاف نسـمة بينما يزيد عدد سكانها حاليا عن الإثني عشر ألف نسمة . . ،  قال معقبا  : سننظر في شـأن بناء عدد  آخر من المساكن ، فإن تللسقف تستحق الإهتمام  فهي مهمة في تاريخها ورسوخ شعبنا  . . ، وأضاف مستفسرا أيضا : كيف حال الأمن في تللسقف ، هل عدد الحراس يكفي ؟ . . أجبت : الآن يكفي عـددهم  ، الإجراءات الأمنية الموجودة فعالة وناجحة ويأمل أهالي تللسقف أن تتواصل كذلك بدعمكم وحرصكم على سلامة القرية وسكانها وتطورها . .   

   ثـمّ ، بادرته بالسؤال : كيف ترغب أن يتم لقاؤنا ، هل نسجله أم نكتب ؟ ردّ قائلا  : اطلعت على الكثير من كتاباتك وآرائك الهادفة واقتراحاتك الواقعية لشعبنا ، لذا الأفضل أن نكرس لقاءنا لتبادل الرأي والبحث في أفضل السبل التي تفيد شعبنا في وحدة كلمته وجمع شمله واستقراره في أرضه ودياره التأريخية والحد من داء نزيف الهجرة الذي أضّـر به كثيرا وتثبيت حقوقه التي تضمن بقاءه ومستقبله الراسخ بعيدا عن أي هيمنة من خارجه أو فرض قرارات غيـره عليـه .

    أجبته : إذن ، مادام لقاؤنا بهذا الشكل الطبيعي ، فنحن لـن نحتاج إلى التسجيل والأقلام والأوراق . . وأضفت : هل شاهدت اللقاء الذي أجرته معي فضائية عشتار وتـم بثـه قبل أيام ؟ . .  قال : علمت به ، لكن كنت مشغولا في حينه ولم يتوفر لديّ الوقت لمشاهدته ، وهو موجود عندي في التسجيل وسأشاهده . . قلت : في اللقاء ستجد إنتقادا شديدا ، ولكنه هادف وصريح ونابع عن الحب ، لنهج عشتار وبرامجها خصوصا ما يأتيها من مراسليها في الخارج الذي لاينقل حقيقة الوضع المأساوي المخيم على حياة غالبية اللاجئين الجدد الذين يعملون بأشغال مرهقة وغير مناسبة كالتحميل وأعمال الحفر  وغسل السيارات في محطات التبعبئة والتي أصيبوا جراءها بأمراض خطيرة كالفقرات . . قال : ثـق ، وأنا أيضا لست راضيا عن الوضع الراهن للبرامج في القناة . . قلت : إذن نأمل كلانا حصول تغيير جذري في برامجها  ، حيث أبلغني فعلا الأخ أرازميك مدير عام القناة ، بعد اللقاء معي ، بأنه سيحصل تغيير شـامل في نهج القناة وموادها وأسلوبها خلال فترة قصيرة جـدا .

    واتخـذ الحديث سبيلا آخر ، وقلت :  كيف توفق بين مهماتك المتشعبة في المسؤولية المالية لإقليم كردستان والمشاريع الإعمارية والخدمية والشؤون القومية والحقوقية لشـعبنا . . قال : من خلال التنظيم وأيضا السهر ومزيد من الجهـد وتحمل التعب عندما يتطلب الأمر ، وبهذا تسير المهمات بكل أنواعها على مايرام . . وقلت :  أنا معجب بقدرتك على إقامة علاقات وثيقة مع كل رجال الدين داخل شعبنا على رغم تبايناتهم المذهبية ، إضافة إلى أسلوبك الصائب في السعي إلى التعاون والتفاهم  مع كل أطراف شعبنا . . أجاب : لـم أجد داخل شـعبنا من يكره التعاون والتفاهم في سبيل مصلحة شعبنا ومستقبله ، نحن كلنا أخوة أبناء شعب واحد ولنا هدف واحد ، فقد نختلف في آرائنا وتوجهاتنا ولكننا متفقون دائما في إطار مصلحة شعبنا وهو مايجعلنا نأمل أن نتوصل إلى السير معا بكل ما يتعلق بقضايانا المصيرية . . وأضاف : لقـد سلكت نهج شعبنا منذ كنت في النضال المسلح ضمن التـنظيمات الآثورية خلال العهد المباد ، وهو نهج مصلحة شعبنا الذي واصلت السير بموجبه ولن أتخلى عنه أبدا ، وإنني أكرس كل علاقاتي المحلية والدوليـة لما يفيد شـعبنا .   

    وقلت : زرت برفقة الأخوة في المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ،  العديد من القرى التي كانت قد  دمرت في العهد المباد ، وعادت الحياة وأهلها إليها بفضل دعمكم ، ولكن لاتزال بعض القرى التي شهدت إقبالا كبيرا من النازحين إليها تحتاج إلى المزيد من البيوت لإسكان العائدين من أهلها . . أجاب : سنبني المزيد من المساكن ، وبرنامجنا أن لا نترك نازحا عاد إلى قريته من دون بيت ، ولن نتوقف عن البناء حتى يصبح لكل أبناء شعبنا بيوتا . . قلت : سمعت شكاوى من أهالي قسم من القرى بحصول بعض المحسوبية في توزيع البيوت  . . ردّ على ذلك : أنا مع التوزيع بالحق ووفق ضوابط وأسس تسري على الجميع وتتولاها لجان أمينة على مهمتها ، وسأنظر بحزم في أي شكاوى تصلني ، فأبناء شعبنا كلهم عندي سواسية ولن أسمح إطلاقا بأي تمييز بينهم في مجال حقهم سواء في الحصول على مسكن أو في أي مجال آخر يتعلق أمره  بي . . وأضاف :  شخصيا أتجنب التدخل في توزيع البيوت ، مهما كانت الأسباب ، حتى أن مرة علمت بقضية شخص أعتقد أنه من تللسقف أو باقوفا بأن له وضعا خاصا يستحق حصوله على بيت ، ولكن كي أتجنب التدخل في التوزيع وطلب إدراج اسم هذا الشخص على رغم قناعتي بوجوب مساعدته ، فقد رأيت من الأفضل أن أبني له بيتا خارج مجال البيوت المبنية للتوزيع ، وبذلك أساعده ومن دون أن آخذ بيتا من البيوت المبنية وأعطيه له وأحرم غيره منه ، هكذا أريد أن تكون العدالة قائمة في توزيع البيوت للمستحقين من دون تحيز أو محسوبية أو أي علاقات أخرى .

    تطرقـت أحاديثـنا  إلى أمور كثيرة ، وقـد طرحت عليه إقتراحات عـدة لمشاريع إقتصادية وثقافية وإعلامية تخص شـعبنا وافق عليها كلها ، وطلب من الصديق الذي كان معنا للشروع بتنفيذها فورا ( سأتناولها في مواضيع مقبلة )   كما تطرقنا باسـهاب إلى موضوع الحكم الذاتي لشعبنا وأوضح رابي سركيس بصورة مفصلة مشروعه للحكم الذاتي ، وأجاب بالتفصيل على استفساراتي في شأنه ، وخرجت باقـتناع أن الحكم الذاتي الذي يسعى إليه هو الأفضل لحقوق شعبنا واستقراره ومستقبله ، وأن الذين يشككون به أو يعارضونه ، فإنهم في أحد مجالين : إما لايفهمون حقيقة هـذا الحكم الذاتي  أو أنهم  لايريدون فهمه لغايات خاصة بهـم (  وسأتناول بالتفصيل والوضوح مشروع رابي سركيس للحكم الذاتي ، كما فهمته منه شـخصيا ، في مواضيع مقبلـة ) .   والحقيقة أ ن لقاءنا تناول أمورا أخرى عـدة ، كلها تخص شـعبنا ( قسم منها سأعرضه في مواضيع مقبلة وقسم آخر أترك الحديث عنه وإيضاحه لوقت آخر مستقبلا أراه مناسـبا لذلـك ) فجعبتي اختـزنت الكثير الكثير من لقائي المهم مع رابي سركيس ، وسـأطلق  كلما أرى حاجة لذلك جزءا من محتويات هـذه  الجعبـة . 

     الرائـع في رابي سركيس ، أنه يحفظ بعناية في ملفـات  كل ما لديه من وثائق ذات شأن ، وقد اطلعت على مجموعة من هذه الوثائق ووجدتها تاريخية ، وأنه يمكن تكوين دراسة  حولها باعتـبارها تؤرخ للجهود التي بذلها رابي سركيس من أجل قضايا شعبنا والتي تجعله أحد العاملين التاريخيين لحقوق شعبنا ووحـدتـه . . لقـد كانت أحاديثنـا وافية ومتـفقة في كل المجالات التي تخص شعبنا وتناولناها . . لكـن يشـهد اللـه ، وقاية من ظـن السـوء لـدى البعض ، أن رابي سركيس  لم يسألني عن حاجة خاصة بي أطلبها ، كما أنني لم أعرض شيئا يخصني أو يوفر مصلحة شخصية لي بأي شكل من الأشكال . . كما أنني لم أتطرق ولم أرغب معرفة  ـ كما يتشبث البعض ـ  مصادر الأموال التي تساعده على تنفيذ مشاريعه الخاصة بشعبنا لأن الذي يهمني هو مايقوم به وليس مساعيه لتوفير الأموال التي هي من شأنه . . فقـد كانت غاية كلانا من أحاديثـنا ما ينفع شـعبنا لاغيـر .

     وتطرق حديثنا قليلا إلى تللسقف وحاجاتها ، كنموذج لغيرها من بلدات وقرى شـعبنا ، لأنني منها ، فقال : سمعت كثيرا عن تللسقف وكثرة عودة أهلها الذين كانوا غادروها   وأهميتها ومستقبلها الجيد ضمن مجال شعبنا ، وقد مررت بجانبها ولم أدخل فيها . . فقلت : آمل أن تشرفنا بزيارتها حين أكون فيها في رحلتي المقبلة إلى العراق  ،  وهذه دعوة أوجهها لكم لتدخل بيتي الذي انتهيت من بنائه هذه الأيام ، لتكون ضيفي كما أنا الآن ضيف أخوي عندكم . . فأجاب : قبلت دعوتك وسأزورك في دارك بكل تأكيد ، وأتجول في الوقت نفسـه في تللسقف لأراها جيدا . . وقلت : إنني أخطط لترك الغربة نهائيا والعودة إلى تللسقف العام المقبل لأساهم في خدمة شـعبنا عن قرب . . فقال : أهنئك على قرارك ونحن بانتظارك ، فشعبنا يرحب بكل أبنائه ويحتاج إلى جهودهم في بناء هذه المرحلة الحاسمة من تأريخـه .

     وتخلـل لقاؤنا غـداء على مائدة في جانب من قاعة الضيوف ، كنّا نحن الثلاثة هو والصديق الذي معنا وأنا ، فقط حول المائدة ، وكان غـداء تميز بالبساطة المتكونة من الرز ولحم الدجاج والمشويات والسـلطة  والفاكهة . .

  وبعـد ثلاث ساعات من الحديث المهم ، الهادئ والصريح والهادف بلغتنا السريانية ،  ودعـته ولكنه أبـى إلاّ  أن يرافقني إلى خارج الدار حتى دخلت السيارة وظل واقفا رافعا يده مودعا إلى أن تركت السيارة الساحة الصغيرة أمام منزله . . وغادرت وأنا معجب بالبساطة التي وجدتها من هذا الرجل ، والتي لم أكن أتوقعها من شخص يتمتع بهذا القدر الكبير من الإنجازات التي حققت له الجاه  والمقام الرفيع في أوسـاط شعبنا في كل مكان وأيضا  في المجتمع الكردستاني والعراقي ككل . .

     هكـذا عرفت رابي سركيس أغاجان وأنا على قناعة بأن تأريخ شعبنا الحديث سيسجل اسمه في أنصع صفحاته وأكثرها إجلالا . . ففي عصرنا الحالي ، لكل شعب رموزه ، الهند المهاتما غاندي وفيتنام هوشي منه وجنوب أفريقيا نلسون منديلا . . وشـعبنا ( الكلداني السرياني الآشوري ) سيذكر باعتزاز ما حققه رابي سركيس أغاجان ويدونـه مع إسمه بفخـر إلى جانب كل العاملين من أجل شعبنا عبر التأريخ  .

30
14 تموز والشواف وتلكيف وألقوش والعم حمزان 

جميل روفائيل
             ألذكريات , من التذكر والأستذكار والذكرى , بمعنى الحفظ في الذهن ونقله باللسان أو القلم أو القلب عند الإقتضاء , ما يجعله صدى لسنين ماضيات يُـستفاد منه في التاريخ والعبرة ووصولا الى حقيقة الأمور بعيداً عن التشويه والتزوير أو التغيير تعمـدا أو نسيانا .. وبذلك فالذكريات تختـلف في جوهرها عن التحليل والتعـليق الذي يخضع عادة للرأي الشخصي وفـرز العواطف والقناعة الذاتية عند الإستـنتاج واستخلاص التقيـيم والتقويـم ...
     وإزاء هذا فإن ما نكتبه ونطرحه هو ( صدى السنين ) الذي يأتي على علاته بكل مكوناته ومضامينه , ليقول هذا ما كنت عليه فخذوا الحقيقة ( من رأس العين ) قبل أن تسلك المجرى ويتداخل فيها ما جابهته أو جابهها من غريب .. هذا الصدى هو من النوع الذي يطلق عليه صحافيا بالتحقيق أو الريبورتاج الذي يمثل صورة واقعية لما هـو موجود من دون رتوش أو تلوين .. وهو ما ندونه والعهدة على الراوي كاتب هذه السطور .
        يوم نقلت لنا موجات المذياع ونحن في قرانا في ذلك اليوم الصيفي المحرق حرارة , النبأ الذي كنا ننتظره بشغف ، واستبشرنا أن عراقنا سيغدو بلاد أمن ومحبة وخير وفيـر وعسل غيـر مغشـوش الى أبـد الأبدين . .  ومع الأيام الأولى ازداد هذا الأمل ترسخا والهدف اقترابا .. ووجدنا حتى بعض العرب في القرى المجاورة لتللسقف ، الذين كان الرأي السائد عنهم بأنهم لصوص وحرامية وشـقاة هاربيـن ،  يظهرون في طرقات تللسقف وهم بهيئة تؤكد أنهم بدأوا حياة جديدة مناقضة تماما لما كانوا عليه .. الكل يتصور أن العراق قد ولد من جديد .
     لكن جارنا في تللسـقف بطرس ، الكبيـر السـن ، الذي لقبه ( حمزان ) لبساطته المعهودة , جاءني ليقول لي بأنه لن يتسرع ويلتـزم باعتقادي واعتقاد الاخرين بالولادة الجديدة للعراق , مشيرا الى أنه قد حَلـُم الليلة بشخص يقول له ( لاتصدق يا حمزان أن الملوكية " الملكية "  تـُصبح جمهورية ) .. فقلت له أنا لاأصدق الأحلام , فردّ بأنه يصدقها لأن ( أحلامه دائما تـتحقق مثـل أكـُف القديسين ) .
         كنت في ذلك الوقت شابا تخرج للتو من دار المعلمين الأبتدائية في بعقوبة ولازلت أنتظر تحقيق إحدى رغبات ذلك العمر بأن أُصبح معلما ويكون لي الراتب الشهري .. وبعد أيام معدودات وفي يوم الأحد بعد أسبوع من الحدث العظيم أخذنا بنادق الصيد , مجموعة من المعلمين ومن الطلبة نصف المعلمين مثـلي ومن العمال والفلاحين وأجّرنا سيارة باص خشبية ( وهو المتوفر في ذلك الوقت في قرانا ، أعـتقـد أن صاحبـها كان كـروما ـ كريـم ، الذي صار يـروج أن اسـمه عبدالكريم كأسـم عبدالكريم قاسـم ) وذهبنا الى الخوصر الواقع الى الشرق من قرية باقوفا لنصيد الدراج والسمك ونسبح في أماكن تجمع مياه الخوصر كعادتنا كل يوم أحد , وفي هذا الأحد لنضيف الى كل هذا ،  إحتفالا  مناسبا بالحدث ( البهي ) الذي كحّـل عيوننا و ( أثـلج ) صدورنا  في هـذا  القيظ الفـريد  .
     والفرحة تغمرنا , رأيت عن بعد فلاحين عرب يسقون زرعا لهم من مياه الخوصر , فاتجهت نحوهم ومعي كاميرتي من نوع ( بوكس ) أسود وأبيض , الموجود في ذلك الوقت .. وبعدما سلمت عليهم أردت أن أعرف , هل أنهم ايضا من أهل الفرحة مثـلنا ( بالخير ) الذي حصل .. قلت لهم : أنا صحافي أريد  رأيكم بما حصل في العراق .. فأجابوا بلهجتهم الفلاحية ( اللـه يديم الخير الجديد .. احنا بخير) وأجريت لقاءات معهم وصورتهم وأرسلت التحقيق الى ( جريدة ألجمهورية ) التي كانت قد صدرت حديثا ويعمل فيـها الإعـلامي والكاتـب الصديـق فـؤاد قـزانجـي (  طبعـا كان شـابا صغيـرا في ذلـك الوقت ويكتب قضايا تحقيقـات وليس أمـورا تأريخيـة كمـا يكتب هـذه الأيـام )  ..
       ومـرّت الأيام  والوضع ثـورة , والشعب سعيد بما تحقق , وبعد فتـرة جاء عبدالسلام عارف ( نائب القائد العام للقوات المسلحة ووزير الداخلية ) الى الموصل , وأجـرنا كل الباصـات الخشـبية الموجودة في تللسـقف في ذلـك الوقت وذهبنا إلى الموصـل وبرفقـتـنا زيـا  نكارا ومعه آلاتـه الزرنة والمزوج والطبـل , وقصـدنا ساحة الطيران بالموصل لنستقبل ( رسول الثورة ) ونسـتمع الى خطابه المهـم  ..
      وألقى عبدالسلام خطابا أتسم بتلميحات ضد عبد الكريم قاسم , وعلمنا بوجود ظواهر أن ( الثورة ) بدأت تـتهيأ ( لأكل رجالها ) , كان عدد الذين حضروا لاستقبال عبد السلام والاستماع الى خطابه يقدر بما لايقل عن نصف مليون شخص من أهل الموصل والقرى والبلدات التي حولها .. كان الوقت شهر آب والحر على أشده و ( تـنكرات ) الماء لاتسد حاجة شرب الموجودين , فجاءت ( بيكبات ) وألقت آلاف قوالب ألثلج في ساحة التجمع .. وأتذكر أن قوالب الثلج كانت كثيرة بحيث ظلت في الأرض فأخذ العشرات من اهل تللسقف الموجودين قطع الثلج ووضعوها في قماش ( لافتات ) شعارات الثورة الذي قاموا بطيه مثل الأكياس وأخذوا الثـلج الى تللسقف واستخدموه في تبريد ( بيكات ) العرق مساء .. فقد كان الثـلج في ذلك الوقت عزيزا جداً في القرى لعدم وجود الثلاجات .
  وطفت الخلافات على واجهة الثورة , وطرد عبدالكريم زميله عبدالسلام , وتصاعد التآمر الداخلي والخارجي على الثورة , وبدأت الاضطرابات وكان التفافنا نحن حول ( الزعيم الأوحد ) عبد الكريم , وصار عبد الكريم يوصف بأنه يسير على خطى كاسترو كوبا وسوكارنو اندونيسيا ونهرو الهند .. كنا نثق بهذا لأن العاطفة كانت تحكم مشاعرنا , ولم نكن نفكر بان كاسترو قاد ثورتين شعبيتين , أولاهما فشلت والثانية نحجت وبهذا فهو نتاج نضال ثوري قاده الى الحكم وليس إنقلاب ساعات وسيطرة على السلطة , وسوكارنو رجل نضال سياسي ضد الإستعمار الهولندي وليس أيضا نتاج انقلاب عسكري , وأن نهرو مناضل ذاق مآسـي المعتقلات والسجون وصاحب كتاب بعنوان ( لمحات من تاريخ العالم ) يمثـل رسائل كتبها من السجن الى ابنته انديرا يحلل فيها الوضع التاريخي الذي يمـر العالم فيه فترة زمانه وليس رئيسا جاء من آمر لواء عسكري الى صادر للأوامر من ( عرين ) في وزارة الدفاع .. 
     كان الشعب وضع ثقله لحماية الثورة و( قائدها ) عبدالكريم قاسم , وسارت الأمور بخير والتفاؤل سيد الموقف وقرانا مبتهجة بخلوها من المتآمرين ودفاعها عن الثورة الى حد ربط مصيرها بها , وكانت الفرحة متواصله في مناطقنا , وأتذكر ان عشرات العائلات من تللسقف كانت تقصد كل يوم أحد ( بيندوايا ) وتقضي اليوم بكامله هناك مع الأصدقاء من القوش والجلوس تحت ظلال الاشجار الكثيفة في بستان بيندوايا الواسع , والتـنعم بثماره خصوصا المشمش بعد التفاهم مع العم رزقو ( مسؤول البستان , الذي كان شخصا بحدود الستين من عمره ومن القوش , وكان يجمع مزاجا بين العنف واللين ) فيستخم العنف مع الذين ( يعتدون ) على أشجار البستان بكسر أغصانها وأخذ ثمارها من دون علمه , ويظهر المودة واللين مع الذين يتعاملون معه  بالتفاهم , ويضعون بيده نصف دينار ( وهو مبلغ كبير في ذلك الوقت ) حال الدخول ويتفاهمون معه  على شراء الفاكهة من البستان والسباحة في ( الصكرا ) وهو مجرى الماء في آخر البستان الجنوبي على شكل شلال صغير وتجمع الماء في منطقة مناسبة للسباحة .. وام يكن في ذلك الوقت أي كازينو أو مقهى في منطقه بيندوايا وإنما كانت توجد قرية لايتعـدى عدد بيوتـها الثمانيـة ، أعتقد ان سكانها آثوريون على المرتفع الشرقي لمجرى الماء  , وكانت بيندوايا بكاملها ملكا للدير , وطبعا العـم رزقو مسؤولها المطلق الصلاحيات فيها . . ولكن كل هـذا انتهى عام 1975 حين امتدت إليها يـد البعث العنصرية فطردت أهلها الموجودين فيها وسلبتها من الدير وأعطتها لعرب غـرباء عـنـها .  .

     والسـؤال الذي سـمعـته هـذه الأيـام كثيـرا : هـل يتـعـاون مسـؤولو ديـر السـيدة لجعـل بيـندوايا قريـة عـامرة ومنطقـة سـياحية واقتصادية مهمـة لشـعبنا ، أم يواصلون عـنادهم للإحتـفاظ بـها أرضـا مـن دون خيـر ، لا الديـر يسـتفاد منـها ولا يسـمحون لأبنـاء شـعبهم أن يسـتفادوا منـها ؟ ؟ على كل حـال نـنتظر بعـض الوقـت لنكتـب عـن النـتائج والحقائـق . . 
    وسارت الاحداث ( ثورة ) هادئة واطمئنان عام , لاتوجد في قرانا أي اشكال حراسة الثورة , فقرانا موالية للثورة ومدافعة عن 14 تموز من دون ( مقاومة شعبية ) أو ( لجان الدفاع عن الجمهورية ) التي كانت منتشرة في غالبية المدن والأقضية والنواحي في تلك الأيـام , ومنها مدينة الموصل , وكانت الشعارات المرفوعة خلال المسيرات في أنحاء العراق ( ماكو مؤامرة  تصير وعيون الشعب مفتوحة ) , والتي توحي بأمرين , الأول وجود تآمر قومي عربي – رجعي على الثورة لوضعها في عهدة فصيل عبدالسلام عارف الذي تم عزله وتحجيمه ( الى حد ما ) ورعاية ( قائد الأمة العربية وسيد وحدتها ) جمال عبد الناصر .. كانت أغاني الاذاعة و ( التلفزيون الذي كان يصل فقط الى أنحاء بغداد وضواحيها ) وطنية , وأتذكر منها ( وطن حر .. أمة حرة ) لفاروق هلال و ( ويلي ليتجاوز الحدود ويلاقي فيها الأسود ) لمحمود عبد الحميد ( كما اتذكر اسمه لأنه توفى من زمان ) و ( كرد وعـرب فد حزام ) لأحمد الخليل ومائدة نزهت و ( مرحى ياقائدنا ) اعتقد كان يغنيها أحمد الخليل ( بالمناسبة أحمد الخليل كان وطنيا مخلصا بفنه طوال حياته الى أن توفي في أواخر الثمانينات من القرن الماضي , وهو كما أعتقد من أصل كردي ) ، أما أغاني  فاروق هلال ومحمود عبدالحميد فهما على النقيض منه  ، إذ  تبدلت مع تبـدّل عبدالكريم ، فأصبحت أغنية فاروق هلال المشهورة ( أمة أمة عربية . . ) ومحمود عبدالحميد ( لاشرقية ولا غربية ) .   
     وفي مطلع اذار 1959 قيل لنا ستقوم مسيرة ضخمة في الموصل يشترك فيها قادمون من كل أنحاء العراق , هدفها اظهار قوة الشعب في صد أي تآمر على الثورة , وأجّـرنا كل الباصات الخشبية الموجودة في تللسقف وذهبنا الى الموصل للمشاركة في التظاهرة التي أُطلق عليها ( مسيرة أهل السلام ) إذ جاء قطار كامل مخصص لنقل الذين يشـتـركون في المسيرة  من بغـداد  الى الموصل أُطلـق  عليه ( قطار السلام ) .. وكانت تظاهرة ضخمة حقا وتجمعت  في ساحة كبيرة في جنوب غربي مدينة الموصل والقى فيها خطباء من ( أنصار السلام ) كلمات , وأتذكر من بين الذين القوا الكلمات راهب سرياني أرثوذوكسي ( أعتقد اسمه افرام عبودي ) أصبح فيما بعد مطرانا في الهند بعدما تمكن بطريرك السريان الرجاء بعد تبـدّل عبدالكريم  لإخراج  الراهب من العراق إنقاذا له من الإعتقال  ، ورجل دين مسلم من عشيرة ( المتيوت ) أي هو ( متيوتي ) ألقى كلمة أيضا .
     لكن هذه التظاهرة لم تقـدم فائدة – كما  ظهر – إذ في السادس من آذار 1959 ( أي بعد أربعة أو خمسة أيام من التظاهرة ) قامت مؤامرة الشواف في الموصل , ولكن نظرا ليقظة الشعب وأيضا ولاء القوات المسلحة تـمّ القضاء على التمرد بعد ثلاثة أيام من اندلاعه , ومن الذين قتلهم المتآمرون خلال التمرد ( الشهيد كامل قزانجي ) وهو مسيحي محامي شهير كان ينتمي الى الجناح اليساري من الحزب الوطني الديمقراطي بقيادة كامل الجادرجي , وكان من أنصار السلام وقد أبعده النظام الملكي عام 1957 عن العراق مع توفيق منير ( مؤلف كتاب حركة السلام في العراق على حقيقتها – الصادر عام 1954 في بغداد ) وأسقط النظام الملكي عنهما الجنسية العراقية لنشاطهما وشهرتهما السياسية اليسارية .. وخلال اليوم الثاني للتمرد ذهبت مع مجموعة من أهل تللسقف باتجاه الموصل ووصلنا الى ( تل قوينجق ) وكان على التل مئات الاشخاص من المدافعين عن الثورة ضد التمرد , وأتذكر أنّ شخصا من المقاومين للتمرد في داخل الموصل جاء الى تل قوينجق وأبلغ الموجودين فوق التل بأنه تمت محاصرة المتمردين في مناطق معينة وسيتم القضاء عليهم خلال 24 ساعة , وهذا ما حصل فعلا .
      واتذكر حادثـتين متناقضتين في قرانا خلال هذا التمرد , إحداهما في تلكيف والأخرى في القوش , ونبدأ من تلكيف .. فقد كان قد لجأ إلى تلكيف  تهربا من مشاكل التمرد الحاكم أمجد المفتي ومدرس الثانوية عمر الشعار ( من الموصل ) , وهما شخصان رجعيان ولكن يبتعدان عادة عن مشاكل التمرد والاحزاب  ومعروفان بأنهما من أهل  (الكيف والونسة ) , وجاءا الى تلكيف لعلاقتهما الوثيقة مع عائلة تلكيفية ( طبعا أنا أعرف العائلة جيدا وأعرف بحسب السماع  شكل العلاقة ) وخلال وجودهما عند العائلة التـلكيفية عرفت بهما جماعة من أهل تلكيف ( كان بعضها من الشيوعيـين ) وأرادت اخراج أمجد وعمر من البيت , فخافا وهربا الى مركز شرطة تلكيف وطلبا الحماية , وخلال وجودهما في المركز تجمع المئات من أهل تلكيف محاولين مهاجمة المركز لإخراجهما وخلال هذا الوقت صدفة مررت أنـا بتلكيف فوجدت حقا أن الأمر فوضى , وللتاريخ رأيت عددا من قادة الشيوعيين ومنهم معلم مدرسة تلكيف يونس يوسف صادق ( وهو من تللسقف وساكن تلكيف )   يسعون لتهدئة الجموع المحتشدة ولكن من دون جدوى , وسمعت في اليوم التالي أن المركز ( وكان مفوض المركز شخص من بيت السبعاوي  في الموصل وكان ومن رجالات العهد الملكي ويتسم بالامبالاة ) قام بتسليم أمجد وعمر الى الجموع وأخذهما عدد  من الاشخاص في سيارة باتجاه الموصل وقتلا بعد مسافة قصيرة من تلكيف . .

       ولكن حتى اليوم لم استطع معرفة طريقة قتلهما ومن قتلهما بالتاكيد وكيف تم ذلك ومن كان الاشخاص الذين كانوا معهما بالضبط , ولكن من الناحية العقلانية أرى أن المسؤولية عن قتلهما يتحملها الاشخاص الذين كانوا معهما بالسيارة بعد اخراجهما من المركز باتجاه نقلهما الى الموصل . وظلت القضية متداولة بعد قتلهما وحيكت حولها أحاديث وأسماء كثيرة , وفي أواخر تموز 1959 ( إثر بداية تغيرات عبد الكريم قاسم ) تـمّ القاء القبض على عدد من الأشخاص بتهمة قتلهما بينهم معلم مدرسة تلكيف ( وهو من تللسقف ) ميخائيل كوركيس عتوري كما جرت محاولة لإلقاء القبض على المعلم يونس يوسف صادق ولكنه ظل هاربا , وقد تم الحكم بالإعدام على أربعة أو خمسة أشخاص من الموقوفين وبالسجن على آخرين بينهم ميخائيل كوركيس وغيابيا على يونس يوسف , ومع انني لاعلم لي بالقائمين الرئيسين بالقتل ولكنني أجزم من خلال أحاديث الناس أن الشهود كلهم كانوا ملقنـين ومزورين ولم يشاهدوا شيئا مما تناولته شهادتهم أمام المجلس العرفي العسكري الأول الذي تمت فيه دعوى القضية , والذي كان برئاسة الضابط ( الحاقد جدا على الشيوعيين ) شمس الدين عبداللـه والمدعي العام الضابط ( الحاقد جدا ايضا على الشيوعيين والمعروف بسوء أخلاقه ) راغب فخري ، ولهذا فان ميخائيل كوركيس ويونس يوسف لم تكن لهما علاقة بالموضوع اطلاقا , كما أن قسما من المحكوم عليهم بالإعدام ان لم يكن كلهم ، لم تكن لهم علاقة أبدا بعملية القتل , وقد تـم التـنـفيـذ  بكل الذين حكم عليهم بالإعدام بعد انقلاب 8 شباط 1963 الأسود .
      ومنذ ذلك الوقت , وللحقيقة منذ 1960 , استغلت الرجعية بالموصل مقتل أمجد وعمر , واشـتد التضييق على أهل تلكيف , وأخذت تلكيف تفرغ من أهلها بسبب ازدياد الهجرة منها الى الخارج , وشرع العرب بالسكنى فيها .. وحتى وصلت حال تلكيف الى ما هي عليه الآن .
      أما حادثة القوش فهي مغايرة , فقد صادف أن كان مفتش المدارس الإبتدائية عبدالمحسن توحلة ( وهو رجعي من أتباع العهد الملكي ) موجودا في القوش خلال تمرد الشواف , فلاقى كل الاحترام والتقدير والبقاء معززا مكرما في القوش حتى إنتهاء التمرد وعودة الوضع الطبيعي الى الموصل ، ورافق عدد من معلمي القوش عبدالمحسن توحلة الى داره في الموصل وهو يتمتع بكل الاحترام , وبعد ذلك بنحو ستة اشهر أصبح عبد المحسن مديرا للمعارف ( التربية ) في لواء ( محافظة ) الموصل وكان الرجل دائما يتـذكر هــذه الحادثة وكـرم اهـل القوش معه , ويصفهم ( بالكرام  أبناء العشائر ) .
     ومعـلوم أنه بعد تمرد الشواف , تشكلت لجنة ثلاثية للمعارف ( تربية ) لإدارة شؤون المدارس في الموصل , برئاسة بهنام شماس توما ( جاء من بغداد )  وعضوية ( الشاعر والكاتب المدرس الثانوي )  يوسف الصائغ و ( المعلم ) حسن عمر الأفغاني واستمرت بالعمل نحو ستة أشهر وتم الغاؤها بقرار من عبدالكريم قاسم وتعيـين عبد المحسن توحلة مديرا لتربية ( معارف ) لواء الموصل وهكذا استمر الوضع جيدا في العراق , حتى بـدّل عبدالكريم ( الكير ـ  كير السيارة ) كما كان هو يقول , بعد خطابه في شهر تموز 1959 في افتتاح كنيسة ماريوسف في الخربندة ببغداد , والذي هاجم فيه ( بشكل غير أخلاقي وعبارات لا تليق برئيس حكومة مثـله ) الشيوعيين , بذريعة أحداث كركوك , التي أثبتت الحقائق أنه لم يكن للشيوعيين ضلعا فيها وإنما كانت من تدبير المخابرات الانكليزية والتركية بالتعاون مع الرجعية المحلية وخصوصا الرجعية التركمانية .. وقال الناس في حينه ( انتهت مرحلة ثورة 14 تموز وتحولت الأمور الى انقلاب , ولم يبق للثورة من وجود , بفضل عبدالكريم نفسه ) .
     وشرع عبدالكريم في اعتقال الشيوعيين والتضييق عليهم , وهو ما هيـأ الفرصة للبعثيين والرجعيين لمحاولة قتله في تشرين الأول 1959 في منطقة رأس القرية ببغداد , ومع هذا لم ( يعد الى رشده وعقله ) ولم يعدم الذين أطلقـوا عليه الرشاشات وأصابوه في كتفـه ،  وظل يردد عنهم ( عفا اللـه عما سلف ) وبحيث صار يسري هـذا العفـا اللـه على البعثيـين وغيرهم باستـثناء الشيوعيين , ويبدو  أن هذا ( العفا اللـه ) كان من أجل تسليم الأمور كاملة  للبعثيـين والرجعيين  للتآمر عليه وعلى الثورة , ولكي يرتبوا بحرية لإنقلاب 8 شباط 1963 , ويحدث ما حصل وهو معلوم . .

      وبعد ذلك , جاءني ذات يوم جاري العـم حمزان وقال لي : ( هل رأيت يا عزيزي جميل , مؤكدا الآن , أن ما حلمت به بأن الملوكية لن تصبح جمهورية , كان صحيحا ) قلت له : صحيح عمي حمزان وألف صحيح .. وكلما كنت بعد ذلك أتذكر قول جاري حمزان , أردد : رحم اللـه ثورة 14 تموز  ورحم معها عمي حمزان .               

31
قرانا والخير و( الأنجيليين )

جميـل روفائيـل
     عندما يتم تقييم السنوات لما حصل فيها من تقدّم معين , فإنه عادة ما يقول الخبراء والمدركون لحقائق الأمور , هناك سنوات لا تحسب إلاّ بالأيام , وأيام تحسب بالسنوات , فيقال سنة ( جوفاء من دون خير ) لا تساوي يوما , وفي المقابل يقال يوم ( مملوء بالخير والإنجازات ) بسنة ... وبلداتـنا وقرانا في هذه الأوقات هـي ( يـوم بسـنة ) ... كيـف ؟ ! !  الأرقام والحقائـق تـتحدث ، وهــذا جـزء صغيـر منـها :

  صباح السبت ( 28 / 6 / 2008 ) وصلت الى العراق عن طريق الجسر التركي – العراقي على الخابور والذي يتم الدخول من خلاله الى اقليم كوردستان , بوابة العراق على تركيا , دخلت بعد غـيـبة امتدت منذ انتهاء مؤتمر عنكاوا ( القومي الكلداني السرياني الاشوري ) في آذار 2007 . . .  بعـد هـذا الغياب الطويـل الشـاق  , عـدت لأرى ما جـرى  خلال هذه الفتـرة . .

      كم هو رائع أن يكون الدخول وبعد اجتياز نقطة الحدود العراقية , بوقـوع  النظر من ناحية الغـرب على قرية ( قره وله )  هذه القرية التي كانت تضم خمسة عشر منـزلا لأبناء شعبنا عندما امتدت اليها يـد البعث الشريرة عـام 1975  وهدمتها وشردت كل أهلها , أما اليوم ففيها نحو خمسين بيـتا بعـدما رعـتها  عيـون الغيارى من أبناء شعبنا وأعادتها بهية رائعة شامخة بأهلها الصامدين أنفسهم الذين هـرعـوا إليها وشـرعوا إعادة مجدها الزراعي ، على رغـم كـل المصـاعـب التـي انتصـروا عليـها بعـزمـهم وإيمانـهم بحقـهم فـي هـذه الأرض وخيـراتها   ...

     ومع هذا النظر نحو الغرب للعائد أو الزائر من شعبنا لأرض آبائه وأجداده .. المليئة  فخرا وحبورا وايمانا بالمتواصل , اليـوم بسـنة ...  تمتـد مسيرة  السيارة , وبعد قليل تظهر مـن ناحيـة الشرق قرية ( بيدارو ) وقد كبرت أضعاف ما كانت عـليه بفضل أهـلها مـن شعـبنا الذيـن عادوا اليها ووسـعـوها حتى التصقـت بزاخـو ( زاخوتا ) البلدة التي يدل اسمها العائد لشعبنا على أنها ظهرت للوجود بفضل أهمية شعبنا التاريخية .. وليـتك يا ابن بيدارو الخالد ( الخوري بولس بيدارو ) تعود الى الحياة لتعيش ازدهار بيدارو الذي طالما  تمنيـته .

   وهكـذا على يمين ويسار الطريق بين الخابور وتللسقف , محطتي الاخيرة .. فيشخابور ( الرابضـة بخيـلاء فـوق ضـفة ميـاه دجلـة النقيـة ) وديربون ( التي كان  أطلق عليـها كاهـنها الصنديـد يوسـف شـليطا القدس الجديدة ) وصوريا ( الباسـلة ، قريـة الشـهداء والمتـحدية دائمـا للقتـلة الأوباش )  وبيرسفي ( صاحبـة التـأريخ العريـق والأمجـاد التي طفـقت الآفاق ) . .  وغيرها كثير . . كلها عادت أكثر عددا بيوتا وسكانا وصخبا فرحا وعـزة .. شعب الأمجاد لن يموت ونهضته أقوى بكثير من معاول الاشرار .. وعـيون الحاقدين البعثيـين ومن على شـاكلتهم  فيها ألف ألف عـود ..

    في تللسقف ( تـلاسـقـيـبا ـ التـل الشـامخ ) بلدتي , بلدة الأمجاد التـي يشـهد تـلّـها ومحتـوياته ومطبوعـات دوائـر الآثـار العراقيـة وكتـب الرحالـة  ، إمتـدادها الى أيام آشورناصربال وسـرجون وسـنحاريب ونبوخذنصـر  ومرورا بأفرام ونرساي ومخطوطـات أديـرة ألقـوش  .. زادت عمرانا كثيرا بهـمة أهلها العائدين إليها .. وبفضل الخيرين من شعبنا الذين أضافوا إليها خمسين بيتا جديدا اكتمل عمرانها لتستقبل بعد أيام خمسين عائلة من أهل تللسقف .. هذا إضافة إلى معمل الكحول الطبي والمشاريع الزراعية التي تـتواصل  قدما إنتـاجا واتسـاعـا  .. ( ولابـدّ  مـن موضـوع خـاص قـريـبا عـن أسـواق تللسـقف  ومدارسـها ومراكزهـا الطبيـة ومقـرات منظماتـها الحزبيـة والشـبابية  و . . و . . وأسـواقها  ومخـازنها ومحـلاتها التي تـزيـد عـن المائـتـين عـددا والتي تجـد فيـها ـ كمـا كان يقـول أجـدادنا ـ كل حاجاتـك مـن الأبـرة حتـى سـكة الفـدّان ) .

   حياة تفوح  بحلاوتها وعطـرها عند الإلتقاء  مع الاصدقاء في تللسقف وشقيقاتها .. الصديق لطيف بولا جاءني من القوش ومعه صديقان آخران , لطيف كعادته عندما يأتـيني ومعه نتاجا جديدا له أدبيا أو فـنيا .. هذه المرة جاءني ومعه قصيدة ليلقيها بمناسبة تأبـين سيقام في أربيل أو بعشـيقـة لصحافية قتـلها المجرمون الإرهابيـون قبل شهر في الموصل .. قصيدة رائعة بمحتواها ولغتها وضـبط وزنـها الشـعري ، تؤكد قوة احساس شاعرنا الذي نفتخر به لطيف بولا .. وأحاديث الصديق الأخ لطيف عـن إنجازاتـه لانهايـة لهـا ، هـذه المـرة بشّـرني بأنـه قـد أعّـد ديـوانـين شـعـريـين جديـديـن  ، أحدهمـا بالسـريانية والآخـر بالعربية ، للطبـع قريـبا .

    الصديق ، الكاتـب المعـروف في قضـايا شـعبنا ، ثامـر توسا , الموجود في القوش لزيارتها بعد غـيبة طويلة ومضـنيـة ، كمـا أكـد خـلال أحاديثـه في كل مكان حـلّ فيـه , جاءني الى تللسقف لنتحدث طويلا في روعة شعبنا الذي يعيش في أرض آبائه وأجداده .. ثامر بعد ما أكد لي رغـبته في العودة النهائية إلى أرض الآبـاء والأجـداد ، قال لي : ليت كل أبناء شعبنا المغتـربين يعودون ولو أياما إلى أرض آبائهم وأجدادهم ليروا أي خطأ جسيم ارتكبوه بمغادرة هذه الارض وأي خطأ أجسم يرتكبونه عندما لا يعودون اليها . .

وحديثـنا احتوى لومًا لأولئك العائشـين في الخارج الذين لا يقدمون الحقيقة عندما يجـري سؤالهم عن الحياة في الخارج ، ويقلـّبون الحقائق تغطية لغرورهم  بتجنب الإعتراف بخطـئهم .. فيخدعون الذين هم في الداخل بتوفـير الرغبة لهم للحاق بهم .. إنه غـرور أجوف كالسنوات التي . .  سـنواتها بيـوم .

    وخـلال الأسـبوع الأول مـن وجـودي في ديـارنـا ، ديـار العـز ، ديـار الآبـاء والأجـداد . .  تـأكدت أن مـن الصعب على أي شخص , بعيد عن ديار شعبه , أن يدرك حقيقة ما هـو موجود في هـذه الديار , ومعرفة أمور هـذا الشعب الصامد  من جوانبها كافة , ما لم يتفهم واقعها , وهـذا لن يحصل إلا بالعيش مع أهل هـذه الديـار ورؤية حوادثها وسماع آراء الذين هي من شأنهم وموقفهم من مستقبلها .. لأن هذا العيش حتى لو كان مؤقـتا , يؤدي إلى تجنب النقل المشوش والمخالف للحقيقة .

       مـِن الذين التقيتهم في الأسبوع الأول من وجودي في ديار آبائـنا وأجدادنا , مختار قرية تللسقف يونس حنا يلدو , الذي كان بيننا حديث طويل , ومما قاله لي : علـى أهـلـنا خـارج العـراق أن يدركوا أن ديارنا هـنا بخير وكـل الخيـر  , وضرب مثلا قرية ( أو كما  فضّـل أن يسميها , بلدة ) تللسقف , فقال . .

       إن تللسـقف ، كان فيها أواخر وقـت صدام خمسة آلآف نسمة , أما الآن ففيها حوالي ثلاثـة عشـر ألف وخمسمائة نسـمة , أي بزيادة ثمانية آلآف وخمسمائة نسـمة , ولهـذا فلـم يلحقها أي ضـرر عندما هاجـر منها الى الخارج حوالي ألف شخص خـلال السـنوات الخمس الأخيـرة .  .

           المختار يونس كان قـد ذهب الى اميركا منـذ نحـو عـام , وقضى في اميركا أشـهرا عـدة , وعندما شاهـد الوضع السيء للمهاجرين هناك , وأن وضعه سيكون بمثـل هـذا السـوء لـو بقـي هنـاك  , لأنه – حسب قول المختار يونس – يعطون مساعدة ( على شـكل صـدقـة )  للاجيء الجديد وبصورة مؤقـتة فقط ثمانـمائة وخمسين دولارا شهريا . .  وأن هـذه الصدقـة ، لا تكـفي حتى لمصاريف الأكـل ، وعلى اللاجيء أن يعـمل فـي ( السـتور ـ مخـزن ) يحمـل الصناديـق وينقلهـا مـن مكان لآخـر  ويمسـح الأرض وينظـف ( السـتور ) لكي يستطيع أن يعيش , وقال المختار يونس : إن كرامتي لاتقـبل هذا العيش الردئ  , ولهذا رجعت الى تللسقف وأنا أبدي اسـتغرابي من الذين يركضون وراء الهجـرة غيـر مهتـمين بعـواقبـها . . أسـوة بالمثـل الشـعبي القـديم  ( حلاوا مـوسـلا شـيرينـا ) أي ( حـلاوة الموصـل حلـوة ) راكضـين ومتحمليـن المتاعـب من أجـل  الحصـول على قليـل مـن أكلـة الحلاوة ، وتاركيـن العسـل والزبيب ودبس الزبيب ( ميـبختـا ) المتوفر بكثـرة في القـرى والأكثـر فائـدة صحيـة للإنسـان مـن الحـلاوة التي تباع في دكاكين الموصـل وقـد تجمع عليها الذباب وما يحمله معـه مـن الأوسـاخ والأمـراض .

      ومادمنا في الهجرة , فإنني في كل مكان ذهبت إليه في شـمال العـراق  سمعت تعجبا , من أن يترك الذي يريد الهجرة دينه المسيحي ومذهبه , ويتحول الى أديـان من النوع الذي نسـميه في ديـانتـنا المسيحية ( بِـِدََََََع ـ بـِدعـة ) أي عـقيدة مسـتحدثة تخالف الإيـمان ، بـاسم ( الانجيليين ) و ( شـهود يهـوه ) و ( السـبتيـين ) تحمـل سـمات اليهوديـة وألاعيـب الصهيونيـة ، لكي يحصل على الهجرة . .  الناس في شـمال العـراق  يقولـون : يا حيف يتـركون دينهم لكي يذهـبوا الى ( حياة السوء في الغـربة  والهجرة الحالية التي لا تختـلف عـن المذلـة  ) .

     وبعـد وصولـي تللسـقف بيـوم ، جاءنـي أحـد الأصدقاء ، وهـو مدرس ثانويـة تللسـقف ، وخـلال الحديث ، قـال : اليـوم اسـتلمت راتبي لشـهر حـزيران ويسـاوي بالدولار ألـف و 125 دولار . . وأضاف قائلا : أيـهما أفضـل أنا الجالس مرتاح في تللسقف ولا نداوم أنـا وزملائي المدرسـين والمعلميـن  بالمعدل أكثـر من 120 يوما في السـنة وحوالي خمس سـاعات يوميـا في كل يـوم دوام  . . أم أولـئك المدرسـين والمعلميـن الذيـن تـركوا العراق ودينـهم المسـيحي بعـدما أصبحـوا أنجيليـين وشـهود يـهوه وسـبتـيـين . . ونسـمع كل يـوم أخبـار غيـر سـارة عـنهم وعـن المصاعب التي تواجـههم . .

    ومـادمـت أنـقل الصـورة التي وجـدتـها في مناطق شـعبنا في شـمال العـراق ، علـيّ أن أقـول بـأنـني وجـدت إسـتياء شـديدا مـن بـرامج قنـاة عشـتار  ونـهجها ، خصوصا ما يتعلـق بعكس صورة مشـرقة للمهاجـرين تخالـف حقيقـة وضـعهـم السـئ ، كمـا أنـها ـ على حـد مـا قالـه الكثيـرون مـن شـعبنا في شـمال العـراق لـي : بأن قناة عشـتار مادامت تـتـرك شـعبنا في الداخـل وتـهتـم بالمهاجرين في غالبية  برامجهـا فالأفضل أن تنـتـقل إلى أستراليا أو أوروبا أو كنـدا أو أميـركا وتجعـل شـعبنا الصامـد داخـل العـراق يرتـاح من برامـجها التي لاتـناسـبه . .

     وقال أكثـرية  الذيـن تحدثـوا معـي في هـذا الشـأن ، بجـلاء وأدلـة :  كـأن قنـاة عشـتار هي مضـادة ومعارضـة لإنجـازات الأسـتاذ سـركيس أغـا جـان وما يقـدمه مـن مسـاعدات لأجل شـعبنا الصامد في ديـاره  . . فإن إحتـرام الأسـتاذ سـركيس الذي حقق مكانـة رفيعـة عـند شـعبنا ،  ليس في التملـق أو الإفتـعال الذي تلجـأ إليـه قنـاة عشـتار من خلال رفـع صـوره وكتابـة اسـمه . .  وإنـما بتـوفير برامج ميـدانيـة حيّـة ومأخـوذة مـن الواقـع ، توضـح إنجازاتـه ومشـاريعـه ومواقـفه الكثيـرة والمتـنوعـة التـي تـرفض التخلـي عـن أرض الآبـاء والأجداد البواسـل والهجـرة للعيش في الغـربة والشـتـات والضياع  . .  وأن أبناء شـعبنا في العراق صاروا لايشـاهدون هـذه القنـاة إلاّ قليلا جدا لعـدم فائدتـها لـهم وابتـعادها عـن تطلعاتهم  . .

     ومـن بيـن هـذه الآراء التي سـمعتها  أيضـا  في قناة عشـتار ، أنـني كنت ظهـر الإثنـين 7 / 7 / 2008 جالسـا في مقـر فرع نينوى للحزب الوطني الآشـوري مـع عـدد من الأخـوة أعضاء الفـرع ، رنّ هاتفي النـقال ، وإذا مكالمة لـي مـن ملبـورن في أسـتراليا ، وسـألني  المتصل من ملبورن : هل تشاهد الآن قناة عشتار ، أجبت : لا ،  أضاف : إفتح القناة إذا تتمكن وشـاهد هذا البرنامج ( السـئ ) الذي  يعرضونه الآن من قناة عشتار ، فـرجوت الأخوة في الوطني الآشوري أن نشـاهد القناة ، وفتحـوا القناة ، وحقـا كان برنامجا غيـر لائـق بقنـاة محتـرمة لشـعبنا مثـل عشـتار بحسـب رأيي ورأي الأخـوة في الوطني الآشـوري . . وهكـذا دواليـك عـن الآراء في قناة عشـتار التي يـرى غالبية من تحدثـوا معـي عـنها داخـل العراق بأنـها سـتـفقـد شـعبنا في داخـل العـراق إذا واصـلت السـيـر على نـهجهـا الخـاطـئ الحـالـي . .

      وأنـا أنقـل هـذه  الآراء بصراحة ووضوح ، آمـل أن تلـقى الإهتـمام الذي تسـتحقه مـن المشـرفين على هـذه القنـاة . .  ولكي تـتأكد قنـاة عشـتار مـما دونتـه  يمكن أن تطلب من جهـة حيادية خارجيـة ( وليس تملقيـة مسـتفيدة مـن القنـاة بشـكل مـا )  لتـنظـيم إسـتفتـاء عـنها بخصوص رأي شـعبنا داخـل العـراق بـها لتـقف على الحقيـقة ولتـدرك بأنـني أنقـل الآراء حولـها إنطلاقـا مـن حبـي لهـا ورغبـتي بأن تكون مـمثـلـة معبـرة عـن تطلعـات شـعبنا في العراق ، وأن يتـواصل تـعلق شـعبنا بـها وثـقـتـه بـها كمؤسـسـة إعـلاميـة خاصـة بشـعبنا وقضاياه الراهنـة والمصيرية ومسـتقبله الشـامخ الراسـخ في ديـاره التأريخيـة  ، وليـتها تشـكل لجنـة توجيـهية لـها مـن الخبـراء ومؤسـسات شـعبنا في الداخـل لتضع خطـة مرحليـة لهـا يجـري تقيـيمها بيـن وقـت وآخـر ، لرسـم أسـلوب ناجح ومثمـر ومفيـد ومقبـول لـدى أبنـاء شـعبنا الصامديـن في ديـار العـز والكرامـة .   

    وخلال الأسبوع الأول من وجودي في تللسقف ، جاءني أحـد أقـربائـي  ، وسـألـته ماذا تعـمل الآن ؟ فأجـاب : أنا منـذ أشـهر عـدة أعمـل  مدرسـا للأحيـاء في ثانوية تللسـقف ، فقلت لـه : أنت متخرج من الكلية قبل 25 سـنة كيف تعينت الآن ، فأجـاب : كل العاطلين تـم أو يجـري بالتسـلسـل تعـيـينهم . . وقال : وحتى أخي المتخرج منذ نحـو 20 سـنة من المعـهد الزراعي تـم تعـيـيـنه مراقبـا للحـدائق . . وأضاف موضحا : تـم تشـكيل لجـان للنظـر في أمـور كل العاطليـن ، بحسـب إمكاناتـهم ، حتى الذين لا يعرفون القراءة والكتابة يجري تعيـينهم بأعمال مناسـبة لهـم  . . وقريبا ـ كما يظهر ـ سـيكون العراق بدون عاطلين . . لأن الحكومة تـرى أن القضاء على البطالة يسـاعد في القضاء على الإرهاب والجرائم .

       وخـلال الأسبوع الأول من وجودي في ديار الآباء والأجداد , هـذا قسم صغير أيضـا ممّـا رأيته : وصلت الى تللسقف السبت , ومساء اليوم نفسه تزوج في تللسقف الأخوان لينوس ولورنس لطيف عبوش , أي أن الأخوين لينوس ولورنس تـزوجا في وقت واحد وأقـامـا حفلـة موسـيقى ورقص وبهجـة  اسـتمرت حتـى مطلـع  فجـر اليوم التـالي  في إحـدى أكبـر قاعـات  تللسـقف .  .

      وفي اليـوم التالي ( الاحد ) 29 / 6 / 2008 الساعة العاشرة صباحا , ذهبت الى كنيسة ماركوركيس في تللسقف , وشاهدت جمعا كبيرا فرحا وبأجمل الملابس شكلا واحتراما  في الكنيسة  , حيث جرى عماذ الاطفال : جوناثان بهاء متي , واندرو روني عادل , وملاك سعد منصور , وفادي ثائر يوسف , وعذراء نصير ياقو , وستافرو ميثاق سالم , وروند رباح يونو , وسيدرا وسام يوحنا ..

    وقام بمراسيم العماذ الأب فارس ياقو مروكي القس بطرس , في أجواء الفرح والهلاهل والتقاط الصور التذكارية . . وهـي أجـواء قيـل لـي إنـها تـتكـرر كـل أسـبوعيـن بمثـل هـذا العـدد وأكثـر مـن أطفـال الخيـر والبـركة فـي كـل بـلدة وقـريـة مـن ديـار الصمـود والرسـوخ والخيـر والعطـاء . .

        وفي اليوم نفسه , الأحد , جرى حفل التـناول الأول لأكثر من سـتين طفلا في القوش , وتولى قداس التـناول المطران ميخائيل مقدسي , وخلال ذلك شهدت ألقوش حفلات رائعة , كما أقام قسـم من أوليـاء أمور الأطفال الذين تناولوا القـربان المقـدس  للمرة الأولى , حفلات في القاعات مساء  تخللها الفرح والسعادة .

    وخلال هـذه الفتـرة من وجودي في تللسـقف ،  زرت  مقـر فرع نيـنوى للحزب الوطني الآشـوري ، وكان لـي حديث طويل بخصوص قضايا شـعبنا ( الكلداني السرياني الآشـوري ) مع مسـؤول الفرع سركون القس سـليم ونائبه عدنان اسحق ومسـؤول تنظيم الفرع عوديشـو بوداغ ومسـؤول محلية تلكيف ولسـن خمـو ومسـؤولة منظمة إيـتانـا النسـوية جانيت سـليم ، وكان عـدد من أعضاء الفرع قـد زارونـي في داري في تللسـقف بعـد فتـرة قصـيرة من وصولي تللسـقف .

    وخـلال هذه الفتـرة أيضا ، حضرت ورشـة عـمل عـن التوعية لإنتخابات المجالس البلدية المقـرر إجراؤها في تشـرين الأول المقبل  ، أقامتـها جمعيـة نسـاء الكلدان بالتعاون مع المفوضـية العليا المسـتقلة للإنتخابات في قاعة كنيسـة ماركوركيس في تللسـقف ، وتـولـت قناة الموصلية الفضائية تغطيـة الأمور والإقتراحات التي تـناولـتها .   

      وهكذا تواصلت الأفراح كل يوم , في قرية أو بلدة لشعبنا في ديار الآباء والأجداد .. الفرح يتواصل والأمان يستمر ، والبيوت في قرى شعبنا وبلداته لاتحتاج الى إقفال الأبواب .. والنوم على سطوح المنازل حيث النسيم العليل والسماء الرائعة النجوم . .  والأرض التي على رغم حـرّها هذه الايام فإنها غيـر مزعجة لأن حرّها لذيذ ,   فـفي هـذه  الأرض عبـق أمجاد الآباء والأجداد .

    وفـي هـذا الأسـبوع  سـلمني أحـد الأصدقاء نسـخة من العـدد 87  من جريـدة بيـت نهـرين التي يصدرها حزب بيت نهرين الديمقراطي ، حيث كان يجري تـوزيع العـدد في ألقـوش وتللسـقف وفيـه موضوع لـي عـن قضايا شـعبنا الراهنـة  . . كمـا وصلـني العدد الجديد من جردة السـهل الأخضر التي تصـدر في تللسـقف . . وجـاءني الصديق الشـاعر الفنـان عصـام شـابا فلفـل فـرحا ومعـه العـدد الأول ـ السـنة الأولـى ـ حزيـران 2008  من مجلـة ( نجـم تللسـقف )  الثـقافية الأدبيـة التي تحتـوي على 90 صفحـة ويصدرها مركز أوجيـن منّـا الثـقافي في تللسـقف ووعـدت الصديق عصام ( رئيس تحرير المجلة ) بكتابة موضوع لعددها الثاني  . . كمـا جاءني الصديق باسـل شـامايا ليهديني العـدد الجديد من مجلـة ( بيـرموس ) التي تصدرها منظمة الحزب الشـيوعي العراقي في ألقـوش وفيـه موضوع لـي عـن ذكريات وحوادث  تعود إلى ماقبـل خمسـين عـاما .

   وخـلال هـذا الأسـبوع ، زارنـي أخـوة وزرتـهم  في منظمات وأحـزاب : الشـيوعي في تللسـقف وألقوش ،  ومحليـة قضاء تلكيف لحزب الإتحاد الديمقراطي الكلداني ومنظمة قضاء تلكيف  وتللسـقف للحركة الديمقراطية الآشـورية . . وخـلال الأحاديث معهم وجـدت أجـواء تبشـر باسـتمرار التـفاهم مـن أجـل التـقارب لكل مـا هـو خيـر لتوحيد كلمة شـعبنا إسـما وعمـلا وتجمعـا مسـتقبليـا . . وأؤكـد أن كل أحـزاب ومنظمـات شـعبنا في الداخل تعـارض التطرف واتشـتـت وتـقف بحـزم ضـد الهجـرة وتعمـل من أجـل حصـول شـعبنا على كافة حقـوقه التي تضمن حياة أفضل لـه ورسـوخا دائميـا في أرضـه الكريمـة أرض آبائـه وأجداده على تعـاقب العهـود والدهـور والأجيـال . . الخيـر والمسـتقبل المشـرق يتـراءى أينـما تحـل في ديـار شـعبنا في شـمال العـراق . .
       وابشري , يا ديارنا ، ديار العـز . .  فإنك صامدة باقية راسخة كريمة لأهلك , وأهلك أوفياء لك , وستكونين عامرة بهية دائمة .. أما إن انفصل عنك قسم ضئيل وغادرك فإنه لا تاثير له في رسوخك وديمومتك , أنت وأهلك مادام الوجود باقيا ..
       فالجذور الممتدة الى آلاف السنين أصبحت جزءا ثابتا مع ثبات الارض .. ولا خوف عليها من أي عارض .. لأنها أقوى واصلب من كل العوارض .

     شخصيا سأقضي هذا المرة نحو شهر في تللسقف .. وعيوني محدقة الى عودة لا حساب للأشهر فيها .. وإنما حسابها أيام بسنوات .. وياخيـر دوم , ويا أهل الخير دمتـم دائما وأبـداً .
         
 


32
نحن آشوريون و ( كلدان سريان آشوريون )
ــــــــــــــــ
جميـل روفائيـل
   
      وردتنـي قبـل أيام  رسـالة مـن صديق عـزيز  عـضو في قيادة أحـد الأحزاب ذات التوجهات الآشورية خارج العراق  ، يطلب رأيي حـيث يتـم حاليا الإسـتعداد لإجـراء تعديلات في برنامج هـذا الحـزب ،   مـن بيـنها نـص يقـول  " التسـمية القوميـة التي نؤمن ونتمسـك بهـا هي الآشــوريـة ولا مجال للمساومة أو التـنازل عنهـا. فالتـاريخ ليس مُلكاً لأفراد أو مؤسسات يحق لهـا التلاعب به وتزويره سـاعة تشـاء (أياً تكن هذه المؤسسات)  . . . إننـا غـير مسـتعدين للتنسـيق والعمـل في المجـال القومي مع دعاة القوميـات الجـدد والذين لا يعترفون بالتسـمية الواحدة الموحدة أو الذين يسـتعملون في كتاباتهم ( الأسـماء المركبـة )  وبنفس الوقت ،  نعتبر أن أي لقاء مع دعـاة القوميـات الجـدد، هو مسـاهمة بشكل أو آخـر للمـزيد من حالات التفـتيت والإنشـقاق ضمن البـيت الآشـوري  .   "  هـذا مقـتطف  مما يطلب صديقي رأيي فيـه . . 

    فأجبـته بتوضيحات مفصلة أورد هنـا منـها  : كل الذي ورد في رسـالتكم ـ صديقي الفاضـل ـ  بخصوص التسمية القومية لشـعبنا صائب بالنسبة لي شـخصيا ، فأنـا واثق بـأن قوميتي آشـورية ، ولكـن نحن في مرحلة يعـتقد فيها الكثيرون من شـعبنا غير ذلك ، ولـو أيدتكم في موقفـكم فهـذا يعنـي أنني سـأبتعد عـن كل الذين يختـلفون معـي في إعتـقادي ، وأسـاهم  بذلـك في إنقسـامات شعبنا في الوقت الذي هـو فيه أحـوج   ما يكون إلى وحـدته . . ولـما كنت من السـاعين لوحدة شـعبنا لـما في ذلك مـن أهـمية مصيرية لـه ،  حيث لابـدّ من ذلك في مرحلتـه الراهنة لتجنب فوات الأوان وضياع كل شـئ ، لا يسـعني إلاّ أن أقول لكم إنكم بتعديلاتكم على برنامج حزبكم تساهمون في زيادة الأخطار التي يتعرض لها شـعبنا وتـنضمّـون إلى صـف المتشـددين الذين يعملون للإضرار بمصالح شـعبنا ، ولـذا لايمكن أن أؤيـدكم لأنني أرى أن مصلحة شـعبنا تـتعارض مـع ذلـك . .   إذ يجـب عليـنا  التوخـي بتجـنب  إحـداث أي  انقسـامات جديـدة  داخل شـعبنا في مرحلتـه  الراهنـة ،   وأنـا حالـيا مـع القـول المأثـور  (  خطـأ شائـع  خيـر مـن صحيح  ضائـع ) .   
 
    فقـد  واجـه شـعبنا ( الكـلداني السـرياني الآشـوري ) خلال تأريخه الطويـل فتـرات صعبة ، تمثـلت في الزوال النهائي لكياناتـه السياسية وفرض سـيطرة الآخرين عليه منـذ سـقوط دولته في العهد البابلي الأخيـر عام 539 ق . م . وتعرض منذ ذلك الوقت وحتى اليوم إلى موجات من الإضطهاد والقـتـل والترحيل من قسـم كبير من مناطقـه لأسباب عرقـية وديـنية واجتماعية وحقـدية ، مـا تسـبب في تراجع متـواصل ملحوظ في عـدده ، وبحيث صار أقلية بعدما كان غالبيـة سـكانية ، ونتـج عـن كل ذلك اسـتيطان في أراضيـه  تميـز بعدم الشرعية في معظم الأحيان . .

    ولا نـود الإتـيان بشـواهد على ذلـك ، لأنه يتطلب استعراضا طويلا  ، ولكن المهم أنـه رغـم كل تلك المآسي والمعـاناة ، فإن شـعبنا ظل صامدا مقاوما عنيـدا في رفضه لكل التحديات ، وتمسـك بالممكن المسـتطاع في سـهل نينوى وما جاوره شـرقا وغـربا وشـمالا ، وبقـيت أمتـنا محتفظة بوجودها وثقافـتها ومآثرها وبعيـدة عـن اللحاق بالشـعوب التي يتـناولها وصف ( سـادت ثـم بـادت ) .

   وتـتعرض أمتـنا منذ نحـو نصف قـرن ، لموجـة جديدة من الأخطار التي لاتقـل عنـفا ونوعيـة عـن أقسى مـا شهدته في تأريخها ، وأدت إلى نقص واضح في سـكان شـعبنا داخل العراق ونسـبته وفاعليـته في أرض آبائـه وأجداده ، وأسـفرت عـن منحـى ورغبات ذاتية لـدى الكثيرين باتجـاه الهجرة إلى الخارج ، على رغم المآسي الخاصة التي تصيب المهاجرين مـن متاعب وكوارث حتى الوصول إلى ملجـأ الغـربة  ، ومـا يحتمه ذلك مـع مرور الأيام مـن فقـدان للهوية وضياع لتماسـك الأسـرة وخسـارة لأزكى الصفات وأنقاها  وانقـطاع بالأهـل والأقارب والموروثـات .

    ولكـي نكـون واقعيـين ، عليـنا الإعتـراف بأن قطاعات من شـعبنا هي الأخرى سـاهمت في تلك الكوارث ، من خلال أخطاء كثيرة إرتكبتها ، مثـل اللجوء إلى المواجهات غير المدروسـة مع الأطراف الظالمة والتي جاءت بنتائج سـلبية زادت الكارثة هولا  وخسارة ، هـذا إضافة إلى الأفق الضيق الذي كثيرا ماسـاد شعبنا نتيجة الإنجرار وراء الخلافات المذهبية والتـشدد العشائري والمناطقي والتكتلات المتـزمتة  والتباهي في أشـكال الأسماء ومدلولاتها والإندماج الزايد  غير المبرر مع الأقوام الأخرى مـا أدى مع تعاقب الأجيال إلى الفقـدان الكامل للهوية . . ومـا إلى ذلك من التسيب القومي الصائب والممارسات الخاطئـة . .

      ويكفي أن نشير ، اليـوم على سـبيل المثـال لا الحصر ،  إلى أن خلافات نوابنا في البرلمان العراقي فرضت على شـعبنا العريـق  في قراراته تسمية دينيـة ( مسيحيـين ) خلافا للآخرين من اقوام العراق وشعوبه الذين يتـباهون في أروقة البرلمان وخارجها  بأسـمائهم القوميـة . . وفي التطرف نرى من هـو في الخارج يطالب بإقليـم آشـوري في داخل العراق وبحيث يضم آراض لـم يعـد اليوم أي وجود لشـعبنا فيها ، ولـو سـلمنا بإمكان عـودة شـعبنا إليها لوجـدنا أن الداعين إليها يرفضون التخلي عن مواضعهم الوثيـرة حيث هـم في الخارج مـن أجل مستقبل شـعبهم الذي يملؤون العنان صراخا من أجله ، أليس هـذا من غرائب العجائب ! ! . . ونـرى أحزابا تـتزايد في إستدراج عواطف شعبنا إليها من دون برامج واقعية مثمرة ، وطوائف  تستغل الولاءات الدينية المتوافرة لهـا غير آبهـة بأن ما تروجه لايخدم غير إنقسـامات شـعبنا . . وكلها مؤلم بعواقبه ونتائجه .

       ورحم اللـه ملك العراق صاحب العقل الحصيف فيصل الأول الذي حقق للعراق في مدى 12 سنة في حكمه من خلال حكمتـه  المشهورة ( أطلب ما هو ممكن وبعدما تحصل عليه أطلب المزيد من الممكن وهكذا دواليك حتى تحقق كل  ما تصبو إليه )  فأنجز للعراق الروائع  بشهادة مؤيديه ومعارضيه ، وكـم هـو حـريّ  بشـعبنا اليوم أن ينظر إلى قضاياه مقـتديا  بسـداد الرأي عـند هـذا الملك الجدير بالتـقدير والإعتـزاز . 

    وفي المرحلـة الراهنة البالغة الخطورة ، يقتضي أن نعيد حسـاباتنا من خلال دراسة الأخطاء المدمرة التي وقع فيها شعبنا وزادت من مآسـيه ، ونتخلى عن كل تطرف ونتجنب كل ما يتجاوز الإعتدال الضامن لأفضل الممكن المتاح ، لأن التطرف مـا كان يوما إلاّ  وبـالا على أصحابه . . نعـم كل منّـا لـه رأيه الذي يعتبـره الصائب ويعتـز به ، وهـذا حق طبيعي ، ولكن في الوقت نفسـه ينبغي أن ندرك بجلاء أن غيـرنا له رأي ويملك الحق الذي نملكه في الصواب والإعتـزاز ، إذن فالصواب والإعتـزاز هي أمور نسـبية وليست مطلقة لأنـها  مرتبطة إرتباطا نسبيا بصاحب الأمر وبمقدار ما يتعلق به وبمن يشـاركه الرأي نفسـه  . . ولكي نختصر البون الشاسع الذي  يفصل بيننا مـا علينا إلاّ  الرضـا بالأمر الواقع والتخلي عن هوامش من رأي كل منّـا وصولا إلى نقطة التلاقي اللازمة لحل المعضلات وضمان المصلحة الأسمى لنـا في إسـتمرار البقـاء .

    نعـم ، لانـنكر تحديات الخلافات التي تواجه شـعبنا في قضية وحدة كلمته من خلال الإتفاق على اسم قومي لـه للإستخدامات الرسمية والإحصائية والعلاقات مع الآخرين ، وما يحققه هـذا الإتفاق مـن قوة وأهمية وجوديـة في التعامل مع الجهات الرسمية والمظهر العام لشـعبنا في المجتمعات التي يكـوّن جزءا من مجالاتها ، وهذه مهمـة ينبغي أن تـدركها الأطراف المؤثرة في جمع شمل شـعبنا والتي تتمثـل في التنظيمات السياسية والإجتماعية والثقافية والمؤسسات الدينـية . .

     ويقـتضي الأخـذ في الإعتـبار مـا تـم تحقيقه مـن تـقدم  خلال السنتين الأخيرتين ، عندما أدرك الأوفيـاء لشـعبنا الأهمية الملحة لوحدته  فعقـدوا اللقـاءات وشـكلوا هيئة تنسـيقية ،  ووجدوا أن السبيل الأفضل سلوكا للوصول إلى هدفهـم المشـترك  هـو في تقـديم تنازلات متقابلة من كل الأطراف وصولا إلى تسـمية رسمية ( كلداني سرياني آشوري ) التي لا تستـثني الإسم المتداول لأي طرف وتؤدي إلى حـل مؤقت لايلحق إجحافا بأحد ولا يمثل نصرا كاملا منفردا لجهـة معيـنة ،  وإنما إنتصارا  للجميع في مواجهة معاناة الفرقة والتشـتـت وتـرك المجال لكل طرف أن يستخدم الإسم الذي يرتأيـه في أموره الداخلية الخاصة ، وجاء مؤتمر عـنكاوا في آذار 2007 والمجلس الذي انبثق عـنه تتويجا لهذه المساعي التي يبـدو أن ينـعة ثمارها باتـت قريبـة .
 

    وفـي هـذا المجال  ، تقتضي مراعاة الجهود الحثيثـة التي ظهرت أخيرا لمواجهة الكارثة الراهنة  في تجمعات شـعبنا وقـراه داخل العراق ، والتي تسـاهم فيها جهات داخلية وتدعمها بالمال أطراف خارجية خيّـرة ، وقـادت هـذه الجهود إلى نتائج مهمة في إعادة الوجود للكثير من بيـن  183 قرية كان دمـرها النظام البعثي الصدامي المقيت وشـرد أهلها ، إضافة إلى بناء المساكن في العديد من قـرى وبلدات سهل نينوى التي تشهد هجرة معاكسـة لعـدد كبير من أهلها الذين كانوا غادروها لأسباب متـنوعة إلى بغداد والبصرة ومدن أخرى في وسط العراق وجنوبـه ، وبدأت مجاميع كثيرة من شـعبنا حياة جديدة في ديارها الأصيلـة . 

    هـذه الجهود رائعة من دون شـك في إنقـاذ شـعبنا من الأخطار واسـتقراره ورسـوخه في دياره ، لكن الضمان الدائم لنجاحها يتطلب  الإهتمام بأمرين ، الأول إيجاد سـبل العيش الدائم في هـذه القرى والبلدات للصامدين فيها ، لأن بناء المسكن لايكفي وحـده للبقـاء والحياة الضامنة . .  والأمر الثاني السعي السريع لإيجاد البديل عن نزيف الهجرة إلى الخارج من خلال الحياة الأفضل الحافلـة  بالأمن والعمل ،  والتوضيح للأطـراف الدولية بـأن سلامة شـعبنا ليست في توفير سـبل استـقبال المهاجرين وإنما في تقديم العون المعنوي لمعالجة الحيف الذي يتعرضون له داخل العراق ، إضافة إلى الإنـتباه بعدم وجود ما يمنـح المشروعية لهجرة أي فرد من سهل نينوى واقليم كردستان ، وأن الدعايات الملفقة في شأن الإضطهاد التي يروجها بعض الأشخاص من شعبنا المقيـم  في الخارج ،  ينبغي أن يتم التحـري عن حقيقـتها في أرض الواقع داخل العراق للتأكد من زيفها وأغراضها اللئيمـة . .

        نحـن بهـذا لانلغـي الهجرة لمـن هـو محـق بهـا مـن المهـدديـن  فعـلا ، ولكنـنا نجـد من الجناية فسـح المجال لمـن ليس مهـددا  لكـي يزاحمـه بهـا ويأخذ ما لا حـق له بـها ، نحـن ندرك أن أبواب الهجرة صارت ضيقة جدا وتـزداد ضيقا يوما بعـد آخر وقـد توصد نهائيـا قريبا . . لـذا نرى العدالة في أن يأخذ المظلوم الموجود  منـها وحـده لأنه المحق بـها .

 
 


33
المؤتمر الآشوري والسيد أدورد أوراها
ــــــــــــــــــ
جميـل روفائيـل
     بدايـة ، أنـا لست من هواة مشاحنات ( الإتجاه المعاكس ) ولا أجـد فائدة في اللجوء إلى ( الديماغوجية ) في التوصل إلى حلول تخص قضايا الشعب الذي ننتمي إليه ، مثـل العبارات التي استخدمها السيد أدورد أوراها في موضوعه ( إلى السيد جميل روفائيل ) المنشور في موقع ( كتابات ) الشهير بتأريخ 20 أيار 2008 ، والتي شكلت قسما كبيرا من مطلع موضوعه وأماكن في متـنه ، وذهب زمانها في استهواء الجماهير واستغلال ميولها والتأثير فيها لغرض استمالتها لقبول رأي مـا وتكوين إتجاه عاطفي .   " ويمكن الإطلاع عليها من خلال الرابط :   
http://www.kitabat.com/i39089.htm

      ولـن أرد بشئ على العبارات التي وردت في رد السيد أدورد أوراها  . . وإنمـا فقط أوضح أمرين : الأول ، أنـا صحافي معروف في أشهر وسائل الإعلام العربية المكتوبة والمرئية والمسموعة منـذ 38 عـاما ولاأزال حتى اليوم أعمل مسؤولا لمكتب جريدة . . في منطقة البلقان ، ولم أكن أبدا لاجئا في أي دولة ولم أتسـلم مساعدة إطلاقا من أي جهة أو منظمة ووجودي في المنطقة  كان ولا يزال للعمل الصحافي الذي هو مصدر رزقي الوحيد ، ولهـذا لا أملك جواز سـفر لأي دولة في العالم غير الجواز العراقي على رغم وجودي في الخارج  منذ 28 عامـا وقـد  عُـرضت عليّ جوازات دول أوروبية عـدة  ومنها سويسرا عندما كنت ملاحقا من نظام صدام المقيت ولكنني رفضتها ، ولي أوراق تشهد بذلك ، مقـتـنعا بإقاماتي من خلال عملي الصحافي في دول البلقان وتوافر لديّ فـيـزا ( شينغن ) الأوروبية للتـنقل التي أحصل عليها من اليونان حيث أن عملي  يشملها لأنها دولة بلقانية ، وسبب رفضي هو هدفي بالعودة إلى قريتي في سهل نينوى وأمل أن تـتحقق قريبا . .

   وثانيـا ، أنـا لست منتميا إلى أي حزب أو تنظيم سياسي وعلاقتي مع كل  تنظيمات شعبنا داخل العراق جيدة ، ومـا أكتبه في شؤون الشعب الآشوري نابع من نظرتي إلى وضعه الراهن والسبل الواقعية لجمع شمله في منطقة جغرافية واحدة شمال العراق وتمتـعه بحقوقه التي تضمن استمرار وجوده ورسوخه في أرض آبائه وأجداده التي تمكن بدمه وعرق جبينه من الحفاظ عليها وصيانتها ، على رغم الكوارث والمحن عبر عهود الإضطهاد والمآسي التي حلّت به ، وأن يقـرر الصامدون اليوم في هذه الأرض مصيرهم بالشكل الذي يجدونه مناسبا لحياتهم الراهنة ومستقبل أجيالهم من دون تدخل أحد خارج مجاله ، بمـا في ذلك الفريق من شعبه الذي غادر هذه الأرض الكريمة خارج العراق واستقر في بلدان المهجر ، وأقام له ولأولاده وأحفاده  حياة ضمن مجتمعات جديدة .

   ولكي يكون القـراء الأفاضل على بينـة من فقرة موضوعي التي حفزت السيد أدورد أوراها لكتابة ردّه . . أرجو الإطلاع عليها  بالنص كما تـم نشرها في 13 موقعـا ، عـادة أنشر فيها مواضيعـي ، من خلال الرابط أدناه  :

  http://www.telskuf.com/articles.asp?article_id=15906
     وتوضيحـا لما كتبته ، أقول ، أنـا لا خلاف  لي مع أي  فرد من شعبنا الآشوري داخل العراق يؤسس حزبا أو ينضم إلى حزب داخل العراق فهذا حقه وقراره ، وفي الوقت نفسه لا إعتراض لي على أي  شخص يمت بصلات لهذا الشعب ويعيش خارج العراق  في تأسيس حزب خارج العراق أو الإنضمام  إلى حزب خارج العراق فهذا حقه وقراره أيضا . . ولكن الأمر يختلف ويصبح غير مقبول عـندما يشكل البعض من المستقر خارج العراق حزبا ويسمح لنفسه من خلاله  التدخل في شؤون جزء من الشعب العراقي  وتخويل نفسه أمـر البت في قراره ومصيره . . أليس هـذا تدخلا لشخص أو جماعة في أمر لا يعنيهم ما داموا خارجه ؟ وهذا واضح بموضوعي الذي ردّ عليه السيد أوراها  ،  فهل في هـذا الكلام ما يتعارض مع حقيقة أنه لايحق لشخص أصبح غريبا أن يتصرف في الدار التي تخلى عنـها ؟ 

    وأؤكـد ، منافاة مع الحقيقة  ما يدعيه السيد أدورد أوراها ، بأن  " المؤتمر كيان سياسي اشوري عراقي تاسس في العراق و له مقره الدائم في بغداد، ويقوم منتسبين ومؤازرين المؤتمر المتواجدين في العراق بأقامة علاقات ونشاطات سياسية وثقافية واجتماعية لخدمة ابناء شعبنا الاشوري. كما وان تنظيمات ومؤازرين المؤتمر الاشوري العام منتشرين في جميع محافظات العراق " وأجدد تأكيدي بعـدم صحة كل هذا الإدعاء ، وإلاّ ليذكر لنا السيد أدورد عناوين مقرات هذا المؤتمر في بغداد والمحافظات ويورد لنا اسم شخص واحد فقط من كل مقر ؟ وإن عجز وتذرع ، فهذا دليل منه على عدم صحة ما ذكره .

    أمـا طلبكم يا سيد أدورد أوراها لكي أزيد إطلاعي على التركيبة السياسية الآشورية ، فأقول : إن كنت تقصد شيكاغو وغيرها من أماكن إستقرار الذين غادروا ، فلست في حاجة لكي أدوخ رأسي بهذا . .  وإن كنت تقصد الساحة العراقية ، فـأنا أدرى بها  من الذين غادروها نهائيا ، فقد  كنت منذ 1971 أحـد ناشطي النادي الثقافي الآثوري وكاتب في مجلـته ( موردنـا آتـورايا ) وكنت أيضا عضوا فاعلا في الجمعية الثقافية للناطقين بالسريانية وعضو هيئة تحرير ( ثـم سكرتير تحرير ) مجلتها ( قـالا سـوريايا ) ومجمع اللغة السريانية وجمعيات واتحادات ونوادي أخرى  لأبناء شعبنا  منـها رئيسا للنادي الجامعي السرياني . . ولهـذا فلا أقبل المزايدة عليّ من شخص أو أشخاص  لا يفكرون حتى بالعودة  إلى أرض آبائهم وأجدادهم  .

   أمـا في شأن إقليم آشور ، فأؤكد أنه  طرح غير واقعي وكلام أجوف مهما تذرعوا  خصوصا إذا جاء من قبل أناس ليس من حقهم هذا التدخل ما داموا لم يعودوا واقعيا من سكان العراق ، لأنه لايستند إلى أساس سليم التطبيق  وهو محاولة من  جماعات  لإثارة الضجة المضرة بالشعب الآشوري داخل العراق  ، من خلال ما يقوله السيد أدورد أوراها بأنهم عملوا (  على إيصاله إلى الأوساط السياسية العراقية والدولية المؤثرة في المعادلة العراقية ) لأن ـ كما تفيد المعلومات ـ أن أحدا من هذه الأوساط لم يجاوبهم ولم يصرح  شيئا في شأن ما أوصلوه ، ما يعني عدم الإهتمام بهذا الهراء وإلقائه في سلة المهملات ، لأن أصحاب هذا المشروع  يريدون إقامته في مناطق لم يعد يسكنها آشوريون . . وأكرر نصيحتي لأصحاب المشروع  أن يطالبوا بإقامته  حيث هم ويريحون أنفسهم ويخلصون الشعب الآشوري المتبقي في العراق من أضرار هذه البلبلـة الوهمية التي لا طائل منـها .

   أمـا المادة 125 من الدستور العراقي ، فقد أوضحت نصها في موضوعي السابق ، وأن تفسيرها وتنفيذها منوط بالجهات العراقية ذات العلاقة ، وكذلك أوضحت المادة 140 الخاصة    بالمناطق المتنازع عليها وهي تعالجها على  مراحل تشمل التطبيع  وإجراء إحصاء سكاني ثـم الإستفتاء  ، ففي داخل العراق توجد آراء متباينة بخصوص كيفية  تطبيقها ولا أريد الدخول في جدال هو من شأن خبراء القانون ، وأنا واثق ممـا قلته في موضوعي السابق  بالنص (  ومـع أنني شخصيا لست من الراضين لاقتصار الحكم الذاتي على سهل نينوى وحـده ، كما يشاع حاليا ، من دون مناطق وبلدات وقرى شعبنا الأخرى ، إلاّ أنه  ليس من الصواب أن أرفض الحكم الذاتي بالمطلق وأهاجمه ، وإنما الصائب أن ألتزم به وأظهر ملاحظاتي في شأنه سـاعيا إلى تصحيحه بما يزيد من فائدته لشـعبنا ، وأظهر وجهة نظري بأن الحكم الذاتي لمنطقة معينة من تجمعات شعبنا سيكون مبتورا أي مفيدا جزئيا وليس عـاما شامل المنفعة  ، ولهذا ينبغي تطويره إلى صيغة أخرى مثل الوحدات الإدارية الذاتية ( الكانتونات ) المنتشرة أوروبيا كحل لقضية الأقليات ، تـشمل كل أماكن تجمعات شعبنا ، متجمعة ومتفرقة ، كبيرة وصغيرة ، وتتمتع كلها  بسلطات ذاتية متساوية الحقوق ، توفر العلاقة بينها جميعا وتضمن  وحدة شعبنا في مجالاته الادارية والثقافية والمشاعر القوميـة .  )  .

     ولكن بوضوح كما قلت في موضوعي السابق أيضا  ( . . . إن الخلط بين الحكم الذاتي والإنضمام إلى إقليم كردستان غير صائب . . . ) صحيح لايوجد في دستور إقليم كردستان إشارة إلى الحكم الذاتي ( لشعبنا ) لأن هذا ليس خيار الكرد وإنما خيار الشعوب التي ترغب فيه ، ومسألة النظر في تعديل دستور إقليم كردستان بهذا الخصوص تتم فيما إذا جرت  الموافقة عليه من قبل الراغبين فيه  . . وإذا كان سادة المؤتمر الآشوري يختزنون ضغائن ضد الكرد لقضايا خاصة بهم أو حوادث أكل الزمان عليها وشرب وصارت  من أمور الماضي بالنسبة لجيلنا الحالي ، فأنا لست مع الفصيل الذي ينظر إلى الوراء ، لأنني دائما أحدق نحو الأمام والمستقبل لما هو في مصلحة شعبنا الآشوري أولا وأخيرا .

   وأمـا في شأن  أن يعلمني السيد أوراها مبدأ المواطنة ، فأقول له : دع معلوماتك هذه لمواطنة أهل المؤتمر الآشوري حيث هم  ، فأنا قانع بما أعرفه عن المواطنة العراقية ، ولعلمك أنا كنت عام 1979 في الولايات المتحدة بمهمة صحافية وعرض علي كثيرون في ديترويت وشيكاغو وسانتييغو البقاء في الولايات المتحدة وحصلت لي إحدى الأخوات العراقيات المقيمات في ديترويت قبولا من إحدى جامعات ديترويت لدراسة الماجستير والدكتوراه في إختصاص التربية وعلم النفس ولم أوافق وقررت الرجوع إلى العراق مؤقتا والإنتقال بعد عام إلى يوغسلافيا للدراسات العليا في العلاقات الدولية والعمل الصحافي أيضا . . هذا للعلم فقط مع امتناني وإحترامي وتقديري لكل المغتربين العراقيين سواء في أميركا أو أنحاء العالم الذين لايتدخلون في الأمور المصيرية الخاصة بأبناء شعبنا الآشوري الصامدين في ديار الآباء والأجداد .

    ونأتي إلى رسالة السيد إيشايا إيشو إلى الأمين العام للأمم المتحدة ، التي هي المسبب في الموضوع الذي كنّـا كتبناه . . وأقول : إن التهم التي وجهها للسلطات الكردية والبشمركة في رسالته لاتهمني شخصيا لأنها بينه وبين تلك السلطات ، ولكن بالنسبة لي أنا من تللسقف إحدى البلدات الرئيسية في سهل نينوى ، وفي تللسقف توجد مقرات علنية ومعروفة ومفتوحة دائما لأحزاب : الحركة الديمقراطية الآشورية والوطني الآشوري والإتحاد الديمقراطي الكلداني والشيوعي العراقي والديمقراطي الكردستاني ( ولو فتحتم مقرا للمؤتمر الآشوري العام لعمل مثلها من دون إعتراض أحد )  وكل منها يعمل بمبادئه  وبكل حرية  وهي تـتـزاور باستمرار وتتباحث في الأمور التي تهم البلدة والمنطقة . . ولـم أر  خلال زياراتي لتللسقف والبلدات والقرى الأخرى في سهل نينوى ولم أسمع من أحد شكوى بوجود تهديدات من الكردستاني أو أي حزب آخر . . وهل يجوز أن يـروج السيد إيشايا ومن معه في الخارج أمورا عن سهل نينوى وإقليم كردستان من دون المشاهدة  منذ سنوات ؟ 

   ونـرد باختصار على الأمور الخمسة التي طلبها السـيد إيشـايا إيشـو من الأمم المتحدة ( على رغم من عدم وجود له حق قانوني  بعرض نفسه ممثلا لشعبنا الآشوري داخل العراق ، من دون أن يخوله أحد بذلك ، وإذا كان لديه تخويل أو تفويض فليتفضل بنشره ) :
   الفقرة 1 ـ   هل من المعقول المطالبة بإجراء استفتاء في المحافظات العراقية الشمالية ؟ وعلى ماذا يطالب حتى الأكراد باستفتاء فيها ؟ هناك استفتاء واحد فقط بالنسبة لشعبنا يشمل أقضية سهل نينوى ( الشيخان ، تلكيف ، الحمدانية ) وسيتم من قبل كل الساكنين فيها حاليا من الآشوريين ( الكلدان السريان الآشوريين ) والإيزيدية والشبك والعرب وغيرهم ، ونتيجته ستقرر الوضع المستقبلي  لها  ، وليس من حق أحد خارج سكانها التدخل المباشر فيه  .
    الفقرة 2 ـ لماذا ينظر الأمين العام للأمم المتحدة في مطلب المؤتمر الآشوري العام بإقامة إقليم آشوري في شمال العراق ، والأقاليم تقام في منطقة جغرافية مناسبة تسكنها غالبية من شعب واحد ؟ فأين هي المنطقة الجغرافية المناسبة للإقليم في شمال العراق التي تسكنها غالبية آشورية اليوم ؟  ثـم لماذا يا أهل المؤتمر الآشوري تجلسون في أبراجكم الوثيرة في الخارج وتطالبون بأمور لا واقع لها ؟ عودوا إلى دياركم واطلبوا ما شئتم بألف رحب وسـعة .
   الفقرة 3 ـ ليست محافظة نينوى وتوابعها وحدها مرتبطة إداريا بالمركز ، فكل محافظات العراق ( باستثناء دهوك وأربيل والسليمانية ) مرتبطة بالمركز وسيشمل غالبيتها استفتاء في شأن رغبتها  بالإنضمام بينها وتشكيل أقاليم أم لا ، والحق نفسه يسري على سكان سهل نينوى وغيره الذين هـم وحدهم بكل أعراقهم أصحاب الحق بالقرار  .
    الفقرة 4  ـ لا أدري ما هو الضرر إذا كانت محافظة دهوك في السابق أحد الأقضية التابعة إداريا لمحافظة نينوى ، فإن محافظات تكريت والنجف والمثنى ( السماوة ) الحالية كانت في السابق أقضية تابعة لمحافظات أخرى ، فلماذا التعمد في عزل دهوك وحدها ؟
   الفقرة 5 ـ تطالبون إدراج محافظة دهوك ضمن المناطق المتنازع عليها ، على رغم من أن نتيجة أي استفتاء فيها معروفة مسبقا لغلبة السكان الكرد فيها ، فهل هذا طلب معقول ؟

      وأخيرا ، هل يوجد إنسان واقعي يطلب أمرا يعرف مسبقا أنه خاسر فيه ؟ وهل تعتقدون أن بان كي مون سيستجيب لطلبكم من دون استفسار ؟ وماذا سيكون مصير طلبكم والرسالة التي تضمنته غير سلة مهملاته  عندما يقف على الحقيقة ؟ فكروا يا أهل البلبلة قبل إثارة الزوابع في الفناجين الفارغة . . غريب أمركم . . غريب . . ولا حاجة لكي أسترسل في المزيـد .




     

34
الحكم الذاتي وكردستان وفضول الإتحاد الآشوري
ـــــــــــــــــــــ


جميـل روفائيـل

   أخـذ البعض في الفتـرة الأخيرة يتحرك بوسائل مختلفة ، سواء بمذكرات إلى منظمات دولية أو كتابة مواضيع في بعض المواقع الإعلامية لشعبنا ،  يعرض  أمورا  ذات أهمية قومية لشـعبنا ( الكلداني السرياني الآشوري ) والتعمد لتشويه ماهيـتها  من دون التحري عن حقيقـتها ، لا أريد الدخول في سـجال مع هـذا النفـر  ولكنني أود تقديم توضيح يخص قضيتي الحكم الذاتي لشعبنا وتجمع مناطق شعبنا في وحدة جغرافية واحدة ضمن مجال إقليم كردستان ، اللتيـن أخـذ هذا البعض يتناولهما بالتهجم والإتهام بعيدا عـن واقع البحث والحوار وعرض الرأي والفكر المفيـد القابل للفهم والإستـقصاء والنقـاش .

     لنبـدأ بالحكم الذاتي ، الذي أخذ البعض يهاجمه بذرائع واهية منها لوجود من  يدعمه ، ولكن لماذا هذا ( الحسد والحقـد ) من شخص أو أشخاص  يتخذون  موقفا  معيـنا  من قضية مصيرية ومهمة راهنـا لشعبنا ، خصوصا انهم ينـتمون إلى شعبنا أصلا  ، وليس المهم أنهم على صواب كليا أم لا فهذه مسألة تخضع لقناعات الآخرين ، ولكن المهم أنهم يسعون  من أجل إنجاز ما يرونـه خيـرا  لشعبنا ، هـذه هي  الحقيقة مـن دون رغبة لـديّ  أن أكون مدافعا عن شخص أو أشخاص بالإسـم  ، أو معارضا بالهوية لأي إنسان .

   ومـع أنني شخصيا لست من الراضين لاقتصار الحكم الذاتي على سهل نينوى وحـده ، كما يشاع حاليا ، من دون مناطق وبلدات وقرى شعبنا الأخرى ، إلاّ أنه  ليس من الصواب أن أرفض الحكم الذاتي بالمطلق وأهاجمه ، وإنما الصائب أن ألتزم به وأظهر ملاحظاتي في شأنه سـاعيا إلى تصحيحه بما يزيد من فائدته لشـعبنا ، وأظهر وجهة نظري بأن الحكم الذاتي لمنطقة معينة من تجمعات شعبنا سيكون مبتورا أي مفيدا جزئيا وليس عـاما شامل المنفعة  ، ولهذا ينبغي تطويره إلى صيغة أخرى مثل الوحدات الإدارية الذاتية ( الكانتونات ) المنتشرة أوروبيا كحل لقضية الأقليات ، تشمل كل أماكن تجمعات شعبنا ، متجمعة ومتفرقة ، كبيرة وصغيرة ، وتتمتع كلها  بسلطات ذاتية متساوية الحقوق ، توفر العلاقة بينها جميعا وتضمن  وحدة شعبنا في مجالاته الادارية والثقافية والمشاعر القوميـة . 

    الحكـم الذاتي لايزال فكرة عامة وهو بذلك لم يأخذ إطاره الواقعي ، ولـذا فمن الصواب إغنـاؤه  بالأفكار والإقتراحات  وليس معارضته ، لأن إبداء الرأي يعني التطوير نحو الأفضل ، والمعارضة التامـة  تعني الهـدم ، وبالتأكيد الوفي لشعبنا لايهدم ما ينفعه وإنما يدفعه باتجاه  الأفضل ، وبالنسبة للمعارضة ، فعلى الرغم من وجود مواقف داخل العراق غيـر واضحة المعالم  والنوايا ، فإن المشكلة الأكبر مـن  المعارضة أنـها  تـتركز في مجالات سياسية  خارجية غيـر مؤثرة في الداخل لكنـها تـتعمد الضجة الخارجيـة تعـويضا عـن إفلاسها الداخلي حيـث الواقـع  . .

    واللافت أن هذه الجهات الخارجية المعارضة للحكم الذاتي  ، بنوعيها السياسي والشخصي ، معروفة بتشجيعها إلى حـد التحريض أحيانا ،  لمن لايزال في أرض الآباء والأجداد بتركها والتـشتت مثلها في الخارج ، على رغم أن بينها من يدعـي  بالوطنية العراقية والحزبية اليسارية والتوجهات القومية لشعبنا ، التي تدحضها الوقائع والأفعال وما تنشره في المواقع من تحريض على الهجرة ودفاعها في الخارج عن كل من يطلب عونا منها لهجرتـه ، وبالمناسبة أنـا لسـت ضـد الهجرة بالمطلق ، إذ أن المهـدد في بغداد والبصرة لايمكن لأحد الإعتراض على السبيل الذي يختاره لإنقاذ نفسـه ، ولكن الدفاع عن هجرة الذي يعيش أو هو بالأصل من سهل نينوى أو من مناطق إقليم كردستان ،  يؤدي إلى هضم حـق المهـدد ومزاحمتـه  في حصوله على الهجرة مـن قبـل من  ليس محقا بـها مثلـه .

   إن هـؤلاء المعارضين للحكم الذاتي ، لايقولون ماهـو البديل الذي يريدونه عـنه  لكي تـتم مناقشته ، ولـذا يبـدو أن معارضتهم هـي للمعارضة لاغيـر . . وبخصوص الإستمارات التي أثاروا ضجة حولها ،  فالذي  تأكدنا منـه من مصدر موثوق محايـد  في سهل نينوى أن الإستمارات التي تولت أمرها ثلاث أطراف ، إثنتان لشعبنا وواحدة كردية كانت اختيارية ولـم يرغم أحد على توقيعها ، وأنها استخدمت مـدة ثلاثة أيام ثـم أهملت قبل أسبوع من من تاريخ بـدء نشر ما يتعلق بالقضية في 6 / 5 ، ولم تقدم إلى أي جهـة .

   ومـا دام هؤلاء المعارضون لايقدمون البديل للحكم الذاتي ، فنحن نريد أن نوضح لهم ، بأن الحكم الذاتي هو مسألة حقوق إنسانية معترف بها عراقيا لشعبنا ( المادة 125 من الدستور العراقي ، التي تنص على ضمان الحقوق الإدارية والسياسية والثقافية والتعليمية ) كما أنه معترف بـه دوليا لسائر الشعوب ، ولهذا فهو قضية منفصلة عن الأمور السياسية والجغرافية الأخرى ، وإن الخلط بين الحكم الذاتي والإنضمام إلى إقليم كردستان غير صائب من أي جهة جاء ذلـك ، هـذا رأيي على رغم أنني أرى أن من الأفضل  تجميع قـرى وتجمعات شـعبنا في منطقة جغرافية واحدة ، وهذا لايمكن أن يتحقق إلاّ من خلال إنضمام سـهل نيـنوى  إلى اقليم كردستان .   

    وتوضيحا  أن  رأيي هـو مـن خلال القناعة بأن قـوة شعبنا تتـعزز وصموده يزداد رسوخا بهذا التجميع ، والذي لاسبيل إليه إلاّ إقليم كردستان بسبب الواقع العراقي الراهن والذي لايتراءى عنه بديل في المستقبل المنظور ، مع الأخـذ بحقيقة أن هذا الإنضمام هو متعلق بقضية عراقية عامة خاضعة للمادة 140 من الدستور العراقي ومايدور في شأنها بين القوى العراقية بخصوص تصحيح السياسات الإستيطانية وعمليات فصل المناطق وتشتيت الأعراق غير العربية لغايات عنصرية التي مارسها النظام البعثـي المقيت ، علما أن تطبيق هذه المادة  أي التغيرات الجغرافية في المناطق العراقية لا تخضع لرأي أي شـخص وإنمـا يقـررها  الإستـفتاء الحر لسكان المناطق التي سيجري تنفيذها فيها ، ولهذا فإن قضية إنضمام سهل نينوى إلى إقليم كردستان لاتـرتبط بموقف  شخص أو جهة معينة ، إيجابا أو سلبا ، لإثارة ضجة غير مبررة حولها ، وإنما ستكون بحسب ما يقرره أولئك الذين يعيشون في أقضية هذا السهل من شـعبنا وغيره من الأقوام في استـفتاء عام .

   أمـا محاولات البعض من الذين هـم في الخارج  وقطعوا صلتهم واقعيا بكل ما يمت للأرض التي رحلوا عنها ، إتهام  هـذا وذاك مـن الصامدين في أرض الآباء والأجداد  ، فهـو غير مقبول  ،  إذ أن لهؤلاء الصامدين  من الحقوق في أمـور شـعبنا  مـا لأي شخص آخر في الخـارج  ، وكل  إتهام يوجه من الخارج  لأي منهـم هـو باطل ومـردود ولا يستند إلى أسس شرعية ، وبـدل الإتهام يمكن إبداء الرأي في الأفكار  والأعمال بموضوعية وهـدف بنّـاء لمصلحة شعبنا ، وهـو أسلوب مرحـب بـه ومقبول في كل المجالات والأوقات ، أما أسلوب الإتهام والهـدم فهو ضـار وغير مثمر ، وحاله حال كل إجـراء سـلبي بلا هدف إيجابي .

   إذ أن الذي  يقيم  في الخارج ، وهذا يشملني أنا أيضا ، فإنه  لاصـوت له  بهذا الإستفتاء إلاّ إذا عـاد إلى دياره فيها ، ولهذا فإن كلمة الذي  في الخارج ينبغي أن لاتتجاوز إبداء الرأي ، ومازاد عـن ذلك مثل التهديد والوعيد وإبراز العضلات وإدعاءات العظمة والبت في القرارات من خلال تنظيم التظاهرات وإجراء الإتصالات الدولية وتقديم المذكرات  ، فهذا  فضول ، والفضول يعني : مـن يتـدخل في ما لا يعنيـه من  أمـور الآخرين .

   وبلـغ التصرف غير اللائق درجة لاتحتمـل بالبعض الذين قطعوا كل صلة لهم بأرض آشور وبابل باستـثناء الصراخ المزعج الذي يتوهمون حين يعتقدون أن هناك من يسمعهم لأن سرعان ما تنكشف حقيقتهم الخداعية ، ومـن هؤلاء المدعو إيشـايا إيشـو ، الذي يتصور أن الإدعاء بالأسماء الكبيرة مثـل رئيس  الهيئة التنفيذية للمؤتمر الآشوري العام ( ما شـاء اللـه ) وتقـديم مذكرة للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ـ من دون أن يخوله أحد بالداخل في ذلـك ـ  سيجعل منـه شخصا مهمـا . . الكـل يعلم أن هذا الإسم الكبيـر  ( المؤتمر الآشوري العـام ) هـو مثل إسم كبير لقرية مهجـورة ، فهــذا الإسم مقره في شيكاغو ،  ولا يملك من أعضاء غير ما لايتجاوز عـدد الأصابع موزعين هـنا وهنـاك في الخارج  من أقاربـه والمطرودين من بعض التنظيمات داخل العراق ،  وهـو لايملك أعضاء ولا مقرا واحدا  في أي مدينة أو بلدة أو قرية عراقية  . . إذن مـن يمثل إيشايا إيشو ليقدم مذكرة إلى بان  كي مون ؟ وهـل يتـصور إيشايا أنه لايوجد من يوضح حقيقـته  لبان كي مون لكي يلقي ورقـته في سـلة المهملات ؟ . .

   أنـت يا إيشـايا ، غريب أمـرك عندما  تجرء ـ  بحسب الفقرة 2 من رسالتك إلى كي مون ـ  أن تطلب  ( النظر في مطلب المؤتمر الآشوري العام  ودعمه بإقامة إقليم آشور في شمال العراق ) ومؤتمرك مقره في شيكاغو وليس له نفر واحد في أرض آشور وأنت أيضا في شيكاغو ؟ ألأصـح  أن تطلب إقامة هذا الإقليم في شيكاغو حيث مؤتمرك الوهمـي وأنت تسـرح وتمرح ؟ هـذه هـي حـدود حقـك اليوم لاغيـر . . وفي غير هـذا ،  تفضل إرجع إلى أرض آشـور واطلب ما تشـاء مـن أمور واقعية وغير واقعية  ولن يكون بإمكان  أحـد  الإعتراض عليك .

   وللمعلومـات فقـط  ، أن إيشـايا إيشـو بالأصل من سرسنك ( محافظة دهوك ،  التي يطلب في رسالته إلى  بان  كي مون أيضا إدراجها ضمن المناطق المتنازع عليها . . ولا يزال أمرها غير محسـوم ، كما يقـول ،  أي أن إيشـايا سيحسم  أمرها بالإستفتاء وهو في شيكاغو ـ فهل هـذا  كلام معقول ؟  ) وغادر العراق منـذ أواسط السبعينات من القرن الماضي ، وانتهى به المطاف في أميركا ، واستمر يبدل أشكال قمصانه ، فانضم إلى ( الإتحاد الآشوري العالمي ) ثم تقـرب من تنظيمات شعبنا داخل العراق وعندما لم يحصل منها على مآربه تركها واتصل بالعديد من التنظيمات الآشورية لتشكيل ، ما سـماه ( المؤتمر الآشوري العام ) ولم يلـق تجاوبا سـوى من ثلاثـة أشخاص ( لدينا أسـماؤهم لكشفها عـند الضرورة ) وحـاول التـقرب من الأحزاب الكردية ولم يهـتم به أحد . . فلـم يبق أمامه إلاّ الصياح وتقديم المذكرات لعلها تشـفع صـفر  يديه  . . ونقولها بوضوح : لو كان إيشـايا إيشـو مخلصا للنقاط الخمسة التي إدعاها في رسالته إلى بان كي مون لعـاد إلى سرسنك وأقام فيها هو واتحاده ودافع بحق عن أرض آبائـه  وأجداده  ، لا أن يستـقر  في شيكاغو ويقطع صلته بسرسنك وكل أرض الآباء والأجداد ، ومن هناك يصيح معتـقدا أنه سـيجد  من يسمعه  وأن  خداعه سـيشفعه . .

   لانـزيد عـن إيشايا إيشو وإن كنـا نملك الكثير عـنه ممـا يوضح ماهيـته ، ولكنـنا نشير إليه ، كنموذج لكل من  يعلو صوته مثله في الخارج  للهدم والإضرار بمستقبل شـعبنا ، بعـدما  قطع صلته بأرض هذا الشعب ، ويريد أن تخلو الأرض من أهلها وتلحق به ، فيشبع غليـله ويعـوض عـن نقصه عندمـا لن يبقى من يلتزم الأرض ويكشف بؤس الأدعياء ، أمثالـه ،  زورا وبهتـانا . . ولكـن هيهات بيـن التحقيق  لـه ولغيـره   وهـذه النوايا السـود .

35
أسـتاذ أغاجان ، تعمير القرى لايكفـي للإستـقـرار
ـــــــــــــــــــــــ
جميـل روفـائيــل

   لاشـك أن مجـرد  تـذكر  183 قريـة لشعبنا ( الكلداني السرياني الآشوري ) بالكمال والتمـام ، دمرتهـا عنصرية البعث وطغيان صدامه ، تبعث على أشـد الألم وتؤدي إلى الإستغراب مـن بلاهـة تفكير مـن لايزال من شعبنا مخدوعا بذلك الحزب المقيت الذي نادرا مـا ذكر التأريخ مجرما عاتيا بحق شعبنا شبيها لـه ، وأيضا من سذاجة  من يحن على مسؤول مسيحي أو مسؤولين مسيحيـين فيـه لـم يعصر قلبه أو قلبهم شـفقة على الدمار الذي لحق من دون أي معصية أو ذنب ، بمـن هـم على دينه أو دينهم من شعبنا ، مـن هـذا الحزب ونظامه السئ الصيت . . سواء من يحاكم أو مـن نجوا من العقـاب . .

   وإزاء هـذا الدمار الجذري على الهوية ، بحـق شعب تأريخي أصيل  ، فـإن تصحيح الوضع وإعـادة هـذا العدد الكبير من القرى إلى الحياة من جديد ، هو عمـل جبار حقـا ، ومن يضطلع بـه أو يسـاهم في مشروعه العظيم يتحمل عبئـا جسـيما ، سواء كان من شعبنا أو غيره ، ولـذا يستحق كل الثـناء والإكبار والإمتـنان ، والإدراج في صفوف عظماء شعبنا الذين ساهموا في أمجاده وعملوا من أجل رسوخ وجـوده . 

    ولأنـني أفضل دائما التأشير على صاحب كل عمل تجاه شعبنا بمـا يستحقه ، فأذكر اسم المحسن لعدم ضياع حقه ، ولا أتجاهل اسم المسئ لأن العدالة تتطلب الكشف عن المجرم . . وأيضا لكي لايختلط الحابل ( الصائد بالحبالة ) بالنابل ( النبل : الفـضل والسمو ) . . ومـا دمت في مجال إعادة الحياة لـ 183 قرية دُمـرت لشعبنا ، فإن الوفاء ، وأنا أحد أبناء هذا الشعب ، ينبغي أن أذكر اسم الأستاذ سركيس أغاجـان الذي يجري هـذا البناء والإعمار من خلال مساعـيه . . أقول مساعيه ولا أقول مـاله ، لأنني مدرك بأنه ليس قادرا ماليـا على تحمل عـبء هـذا الإنجاز الكبير ، ولكن ـ كما يبدو ـ أن له مـزايا  قادرة على توفير المال من أهل الخير للقيام بهذا العمل التأريخـي . . وانني سـأتناول في هذا الموضوع أولا  جهود الإعمار والثـنـاء عليها . .  ثـمّ أتطرق إلى أسباب عـدم كفاية الإعمار للإستـقـرار وأستعرض مـاأراه مناسـبا  بكيفية معالجة هـذا ( العـدم كفايـة ) .

    وأنـا لاأتحدث جزافا أو عـن عاطفة وتملق ، وإنمـا أكتب عمّـا رأيته بعيني ، وإن كان جزءا من الكل ، فزيارة كل قـرى شعبنا التي جرى ويجري إعمارها يتطلب وقـتا وجهدا ، لـم يكن متوفرا لـي بوجودي لفترة نحـو شهر في العراق خلال إحدى زياراتي ، ولهذا فقـد أخترت عينـة من هذه القرى المدمرة التي عادت الحياة إليها بجهود الأستاذ سركيس ، وكانت لي جولة بالقرى المحيطة ببلدة زاخو ، والتي كانت ناجحة ومفيدة بمعلوماتها بفـضل مسـاعدات الأخ الفاضل روئيل داود جميل سكرتير المكتب السياسي لحزب الإتحاد الديمقراطي الكلداني لمتطلبات الزيارة ومرافقـته المشكورة لـي في كل مراحلها خصوصا وأنه من أهل المنطقة ولـه علاقات ممتازة مـع سـكانها .

  والأمـر لـم يقتصر على القرى المهدمة ، وإنما أيضا القرى والبلدات الأخرى ، خصوصا في سهل نينوى ، سـواء تلك التي حاول الطغيان البعثي تدميرها بأسلوب خبيث آخر من خلال نقـل جلاوزته للإستـيطان  فيها ، أو التي سلمت من هذا الإستيطان بسبب زوال النظام العنصري قبل استكمال مشروعه الخبـيث  في كل قرى وبلدات سهل نينوى . . فقـد شمل البناء والإعمار غالبـية هذه القرى والبلدات أيضا لتسهيل عودة أهلها إليها  الذين كانوا تركوها لأسباب مختلفـة ، هـذا إضافة إلى اتخاذ إجراءات أمنية لوقايتها من شرور صنوف الطائفيين والعنصريين الإرهابيين الذين وفـرت مصالح الوجود الأجنبي لهم ، فرص الظهور وارتكاب الجرائم ، ليستغل الأجنبي ذلك من أجل تمريـر استمرار بقائـه .

     كـل هـذا الذي حصل في قرى شعبنا وبلداته بفضل مساعي الأستاذ سركيس ومـن يدعم جهوده بالأموال ، إنجاز عظيم لا أرى أن من المصلحة  أن ينكره أحد ينظر إلى قضايا شعبنا بمنظار واقعي . . وهـنا لابـد من القول ، ان التـنافس بين فئات شعبنا السياسية حـق شرعي ونهج صحي ، سواء كان هـذا التـنافس بأهداف هذه الفئات نحو توفير الأفضل لقطاعات شعبنا ، أو من خلال الخدمة الأوسع لقضايا شعبنا في ترسيخ وجوده وعودته إلى دياره وتوحيد مكوناته والقبول باسم موحد توفيقي مرحلي له في المجالات الرسمية ومتطلبات التعامل مع الشعوب الأخرى . . أمـا استغلال الأمور القومية لشعبنا من أجل المكاسب السياسية للأحزاب والفئات المتنافسة فهو أمر غير مقبول إطلاقا ، لأن مصالح شعبنا المصيرية هـي فوق كل إعـتبار .

     ولكـن . . لقـد تأكد لنـا من خلال جولاتنا في قرى وبلدات شعبنا ولقاءاتـنا فيها عندما نكون داخل العراق ، واتصالاتنا المستمرة في شأن قضاياها أثنـاء  وجودنا خارجه ،   حقيقة أن البيوت تأوي الناس وتنقذهم من التشرد ومآسي الظروف ، ولكنها لايمكن أن تجلب لهم العيش ومتطلبات الحياة الإقـتصادية ، ولابـد من حل مناسب ـ  بقـدر الإمكان ـ لذلك ، يوفر لهم الإستقـرار والإطمئنان للمستـقبل .

    ومـن المعلوم ، أن قرى شعبنا وبلداته كلها قامت على أسس زراعية ، فسكانها كانوا دائما يعتمدون في معيشتهم على المنتوج الذي يحصلون عليه من زراعة الأراضي المحيطة بـها ، سواء كان إسقاؤها ديـما أو سـيحا ، ولكن مع إزدياد عدد سكانها أصبحت أراضيها الزراعية المحدودة لاتـوفي بمتطلبات هذه الزيادة ، مـا أدى إلى نزوح قسم من أهلها  عنها قبل تدميرها ، إلى أنحاء العراق حيث يتوافر العمل لهم ، ومـع إعادة بناء هذه القرى حاليا والعودة الكبيرة إليها سواء برغبة ذاتـية أو بسبب الظروف ، فإن عدد سـكان غالبيـتها  تضاعف مرات عدة عمّـا كان عليه عند تدميرها من قبل النظام البعثي . .

   وأدت هذه الزيادة السكانية إلى جعل أراضي هذه القرى  التي لاتـزال على حالها مـن دون أي تطوير لزيادة منـتوجها  ، غير كـافية إطلاقا لمعيشة العائدين ، خصوصا أن غالبية العائدين كانوا قد نشـأوا خارجها وتعودوا على أعمال كانوا يزاولونها في المدن تختلف في معظمها عن الأعمال التي يمكنهم القيام بها في هذه القرى ، ما يتطلب إيجاد وسائل توفر متطلبات العمل والعيش للعائدين ، خصوصا إذا أخذنا في الإعتبار الكوارث الطبيعية كالجفاف الذي تعرض له الموسم الزراعي  هذا العام وجعل الفلاح يخسر المال الذي صرفه في زراعة أراضيه والأمل الذي كان يراوده بمحصولها  ، فخرج خاسرا كل شئ المال والجهد والأمـل . 

ومـع أن غيري من الخبراء قـد تكون لهم أفكار أفضل وأكثر جدوى وفائدة من التي أعرضها ، ولكن هذا لايمنع أن أقدم مـا لديّ  من مساهمة في هذا المجال ، حيث أرى أن يولي الأستاذ سركيس إهتماما لرعاية الجانب الزراعي الذي هو الأسهل والأشمل والأكثر نفعا في توفير متطلبات الحياة ، جنبا إلى جنب مع جهوده في إعمار القرى وتوفير المساكن للنازحين ، لأن غالبية أهل القرى والعائدين إليها ، لهم أراضي زراعية فيها ، ومن ليس له يمكن أن يتشارك في العمل فيها مع من ليست له القدرة وحده للقيام بمستلزمات زراعـة أراضيـه  . . وفي هـذا المجال يـؤدي  توفير المياه للأراضي الزراعية في هذه القرى إلى  زيادة كبيرة في خيراتها وإيجاد الفرص لتضاعف العمل فيها ، لأن تربتها خصبة والظروف المناخية صالحة جدا لمختلف المحاصيل الزراعية ، ولكن مشكلتها هي في إعتمادها على ظروف مياه الأمطار ، بسبب بعدها عن الأنهار والجداول ، ولـذا لم يبق من سبيل أمامها لحصولها على المياه التي تحتاج إليها في مختلف فصول السنة غيـر الآبار الإرتوازية .

   وقـد علمنا من مصدر جيولوجي ، أن المياه الجوفية متوفرة بشكل كبير في مناطق قرى شعبنا ، وأن هذه المياه هي على شكل طبقات تـتزود باستمرار من الأمطار والثلوج ، ولهذا فهي وفيرة المياه التي ليس وجودهـا على مسافات عميقة ، فمثلا أن الطبقة التي تبدأ من الجبال  الواقعة شـمال ألقوش وتمتـد حتى بلدة تلكيف ، فإن عمقها هو عند الحافة المحاذية للجبل بحدود 185 مترا ، ويصل العمق عـند جنوب ألقوش وبناية دير السيدة إلى 200 متر ، لكنه بعد ذلك ترتفع الطبقة نحو سطح الأرض حيث يتراوح عمقها بين تللسقف وتلكيف مـن 75 إلى 80 مترا فقـط . . وأن دير السيدة يعتزم حفر بثر ارتوازي وقد طلب من خبراء جيولوجيين في الموصل إختيار المكان الأفضل  لهذا البئر ، ووجد الجيولوجيون أن المكان الأنسب ليكون موقعا لهذا البئر هـو عند سفح الجبل  قرب بداية الفتحة ( كلي ) المؤدية إلى  دير الربان هرمزد ، لأن عمق المياه الجوفية فيها 185 مترا وأنها منطقة مرتفعة يمكن أن يتوزع منها ماء البئر بالسواقي والأنابيب  بانحدار إلى كل أراضي الدير إضافة إلى  بناية الدير ، وأن الدير سيبدأ قريبا بحفر البئر ، وأنـه قرب هذه المنطقة توجد بئـر إرتوازية حفرتها بلدية ألقوش لتوفير الماء الصالح للشرب لسكان البلدة في حال حصول عـطل في إسالة الماء التي تزود ألقوش  . 

   وأبلغنا المصدر الجيولوجي بأن منطقة برطلة ـ كرمليش ـ بغديدا تملك أيضا مياهـا جوفية وفيرة على عمق مابيـن 150 و 200 متـر ، وكذلك منطقة غرب زاخو حيث فيشخابور وديربون . . حتى باختمـة فإن مستوى المياه الجوفية فيها أقرب إلى سطح الأرض بسبب قربها من نهر دجلة ووجود بحيرة سد الموصل بجوارهـا ، أما مناطق العمادية وغيرها فهي غزيرة المياه الجوفية لكثرة العيون والجداول فيها إضافة إلى وفرة الثلوج . . وأشار المصدر إلى أن في إمكان البئر الإرتوازي سقاية عشرين دونـما ( الدونـم الواحد يعادل 900 متر مربع ) على مـدار السنة  وأن دائرة زراعة ألقوش حفرت بئرا في منطقة الكنود بين ألقوش وتللسقف عمقها 65 مترا فقط وهي ذات مياه غزيرة تكفي لسقاية كل منطقة التشجير ( الغابة ) التي أقامتها على سـفوح مرتفعات الكنود ، وأن الأهالي في ألقوش  حفروا ستة آبار لإنشاء مشاريع زراعية في أراضيهم  . . وأنه توجد في برطلة ستة آبار إرتوازية ، إثنتـان منها لسقي المزروعات  وواحدة  تستـغل للمسبح وأخرى لحاجات الشقق السكنية وإثـنتان لايجري إستغلالهما حاليا لكنهما صالحتان للإستعمال في أي وقت ، وفي كرمليش توجد بئر إرتوازية واحدة للشرب وبئـران للمزارع ، وفي بغديدا توجد أربعة آبار يستـفاد منها للشـرب . 

    وبحسب المعلومات التي توافرت لنـا ، فإنه توجد شركة سورية تملك حفارات في المنطقة  لحفر الآبار الإرتوازية ، وأن لها سـعرا محدودا هو عشرة آلاف دينار للمتر الواحد ( عمقـا ) أي حوالي ثمانية دولارات ( سعر صرف الدولار الواحد  حاليا 1225 دينار )  وبعمليات حسابية بسيطة يمكن معرفة أن بئر الدير سيكلف 1500 دولار ، والبئر في ألقوش يكلف 1650 دولار ، ومن تللسقف إلى تلكيف يكلف 800 دولار ، أما سـعر مضخة سحب الماء ( وهي عادة مضخة كهربائية يتـم تغليفها بالنايلون و إنزالها بواسطة سلك حتى مستوى  منطقة الماء ) فإن سـعر الحجم الإعتيادي 200 دولار ، ويتصاعد السعر مع زيادة  قدرة المضخة على سحب الماء حتى يصل بالنسبة لأفضل الأنواع إلى 400 دولار ) ، علما أنه يمكن الإستعاضة عن المضخة الكهربائية في المناطق المستوية بالمضخة الهوائية التي تعتمد على عمود بارتفاع مناسب مرتبط بعتلات وفي أعلاه مروحة تدور بواسطة الرياح وتتولى تحريك المضخة من خلال العتلات التي توصل حركتها إليها ، واستعمال المضخات الهوائية منتشر في المناطق المنبسطة في  سوريا وأنحاء أوروبا ، واستخدام المراوح الهوائية منـتـشـر  أيضا  لتوليد الطاقة الكهربائية في أماكـن كثيرة من العالـم  .   

    وإزاء ما تقـدم يبدو أن كلفة البئر الإرتوازي ليست كبيرة قياسا بمردودها الإقتصادي ، إذ أن مياه البئر يمكن استخدامها لسقي المحاصيل الشتوية عند شحة الأمطار أو انقطاعها  كما حصل في شتاء العام الحالي ، وأيضا يمكن الإستفادة منها في أنواع المزروعات الصيفية حيث أن الأمطار لاوجود لها خلال الصيف في مناطق شـعبنا . .  ولم تكن الآبار الإرتوازية مستخدمة لدى شعبنا لأسباب عدة ، منها أن هذه الآبار لم تكن مستعملة قبل تدمير قرى شعبنا من قبل البعث العنصري أي قبل نحـو  ثلاثين عاما ، وأن عدد السكان في قرى وبلدات شعبنا في ذلك الوقت كان قليلا ومردود الأراضي الزراعية كافيا لـه ، وأن الآلات الزراعية المستخدمة في ذلك الوقت كانت يدوية مناسبة للأرض وطبيعة الفلاح ، وتكاليف المعيشة في ذلك الوقت كانت بسـيطة ، كمـا ان التـقليد كان في ذلك الوقـت متوارثا بالإعـتماد على  ( الرزق ) الحاصل من الأمطار ، إضافة إلى أن الكهرباء لم تكن وصلت إلى القرى والأرياف العراقية  ولم تكن المولدات الكهربائية  معروفة الإستعمال آنئـذ .

    وفـي إطار ما تقـدم نـرى أن إنتشـار استخدام الآبار الإرتوازية ، باعتبارها تجربة جديدة في مناطق شعبنا ، تحتاج إلى توعية إضافة إلى  رعاية من جهـة متمكنة ، كما هي حال الجمعيات المساعدة مثـل ( جمعية كابي ) والجمعيات التي يمكن أن يشكلها أبناء شعبنا في الخارج لدعم أشقائهم  الصامدين في أرض الآباء والأجداد  والهيئة التي يشرف عليها الأستاذ سركيس أغاجان التي قـد تكون الأكثر قدرة في هذا المجال لأنها على علاقة بكل قرى وبلدات شعبنا من خلال عمليات الإعمار ونشاطاتها الأخرى المختلفة التي تقوم بها وبالتعاون  مع  هيئات (  المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ) باعتبارها مؤسسات مستقلة عن أي إنتماء حزبي في الوقت الذي يضم مجلسها مختلف أطراف شعبنا المستقلة والحزبية وبتـنوع أفكارها ، كما يمكن أن يطلب المجلس من هيئاته في الخارج السعي لتشكيل جمعيات تـتولى جمع التبرعات لهذه المشاريع وغيرها .

     ولا نعتـقد بوجود صعوبة في مساهمة هيئة الأستاذ سركيس في هذا المشروع المهم ، لأنه ، إستنادا لما أوضحناه في كلفة حفر البئر ، فإن نحـو ثلاثين بئـرا تـتطلب كلفة  توازي متطلبات بناء بيت واحد ، وأي قرية مهما كانت كبيرة لاتحتاج أكثر من سـتين بئرا ، أي مايساوي كلفة بيـتين فقـط ، إذ أنه مادام في إمكان البئر الواحد سقاية عشرين دونما ونادرا مايوجد في قرى شعبنا من يملك قطعة واحدة في مكان واحد بهذه المساحة ، لذا فإن في الإمكان أن يشترك عدد من الفلاحين المتجاورة أراضيهم في الإستفادة من البئر الواحد وتقسيم ساعات الحصول على الماء بما يتناسب مع مساحة قطعة أرض كل منهم .

   إنـه مجرد إقتراح ، نراه مفيدا للإستقرار والإستفادة الإقتصادية المتواصلة من الأرض الزراعية وتشغيل الأيدي العاملة والتخلص من معـاناة  مشكلات الجفاف وغيرها . . ويمكن دراسة الإقتراح بجوانبه المختلفة ، إضافة إلى أفكار أخرى ،  من قبل هيئة الأستاذ سركيس  و ( المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ) وأهل القرى الذين سيستفادون منـه ومن غيـره ،  والأخذ بالنتيجة الأفضل والأجدى والأكثر فائدة التي تـتوصل إليها الدراسة . . فالذي نتوخـاه هـو خير شعبنا ومصلحته ، واستقراره  الذي هو هدف كل مخلـص لـرسوخ هذا الشعب في دياره أولا وأخيـرا .

     

36
نص محاضرتي في الدانمارك عن حال شـعبنا
جميـل روفائيـل

حال شـعبنا ( الكلداني السرياني الآشوري ) ماضيا وحاضرا ومستـقبلا

   إنـه شـرف عظيم وفخـر حياتي ، وقـد تلقـيت بسـعادة وامتـنان دعـوة منظمة الحـزب الشـيوعي في الدانمارك ، لكي أتحدث إليكم ، أيـها الأخـوة الأفاضل كمـا تحدث قبـل قليـل الأخ الكريـم الترميذا الدكتور عصـام الزهيري في عـرض لأمجـاد شـعب عريق رائع الأخلاق والأعمال وسـامي العلوم والثقـافة كمـا شـهد بحقـه الشـريف الرضي في قصيدته الخالدة أرأيت مـن حملوا على الأعـواد . . نعـم أن أتحدث إليكم ونتـعاون في مـا نملكه من معلومات وأفكار ، في شـأن شـعب شـقيق للشـعب المندائي ، حيث سـأٌكثف مآثره التي تملأ ألواحه وتماثيله ومنحوتاته ورقمـه وأبحاثـه قاعات وعنابر المتاحف والمكتبات ، ولـذا سـتكون أوراقي العـدة  شـبيهة بمـا يقـول عنـه علماء الفيزياء بالضغط الهائل للكون في هيئة صغيرة قبل ما يطلقون عليه الإنفجـار العظيم . . حيث تكون بداية كل شـئ . . والآن نحن من هنـا نبـدأ . .   

   عـندما ننظر إلى وضع العراق الحالي مـن النواحي القومية والتأريخية ، نجـد أن أقـلياته تشكل أقدم شـعوبه ، وأقصد على وجـه التحديد ( الكلدان السريان الآشوريين ) والصابئة المندائيين والإيزيدية ، فإن ( الكلدان السـريان الآشوريين ) يعودون إلى الموروث الذي شـكله إندماج الأقوام الأكدية والآمورية والآشورية والآرامية ، والمندائيين يعودون بصورة رئيسية إلى الآراميين ، والإيـزيدية إلى خليط مـن هذه الأقوام مضافا إليه جماعـات ميديــة .

    ويتـركز بحثي حول الشـعب الذي اعتـز بالإنـتماء إليه وتمتد معه جذوري ، وهـو مايمكن أن نجمعه في تسمية مركبة توفيقـية راهنة مؤقـتة ، هي ( الكلدان السريان الآشوريين ) وإن كنت شخصيا مقـتـنعا ، إستـنادا إلى معلوماتي العرقية والتأريخية والمناطقية ، أن التسمية الأسلم شـمولا لقوميتي ومن هـم مثلي هي ( آشورية ) ولكن للتوفيق المؤقتي سأستخدم في بحثي هذا ( الكلدان السريان الآشوريين ) الذين هم قوميا إندماج عرقي ولغوي وحضاري ، غلب عليه قوميا العرق الآشوري ولغويا تجميع بين اللغة الأكدية بفرعيها البابلي والآشوري في إطار الآرامية التي اتخذت بعد المسيحية تسمية السريانية .

   لاشـك أن ( الكلدان السريان الآشوريين ) هم أهل العراق ، والأصح تأريخيا ( بلاد بين النهرين ) الأوائل ، الذين سـاهموا في وضـع أسـس أمجاده وصانوها ، مـن دون تجاهل غيـرهم من سـكنة هـذه الأرض القـدماء الذين منهـم ( السـومريون ) في جنوبــه ، و ( السوباريون ) في سهله الشمالي و( الحوريون والميديون ) في جباله الشمالية .

   ليسـت خافية المآثـر العسكرية والحضارية للإمبراطوريات والدول التي أقامها البابليون والآشوريون والآراميون ، والتي تواصل سلطانها العسكري والسياسي حتى نهاية العهد البابـلي الأخير المسمى الدولة الكلدانية عام 539 ق . م . حيث توالى بعد ذلك على حكم بلاد بين النهرين ، الفرس الأخمينيون والسلوقـيون المقدونيون والفرس الفرثيون والفرس الساسانيون ، إضافة الى حكم قسم من مناطقها الشمالية والغربية من قبل البيزنطيـين ، حتى أصبحت غالبيـة هذه البلاد ضمن الدولة العربية بدءا مـن عام 633 للميلاد .

    لكـن ( الكلدان السريان الآشوريين ) سجلوا ظاهرة نادرة في التأريخ الإنساني ، حيث أنهم ، في مقابل الزوال النهائي لسلطانهم العسكري والسياسي ، فإنهم شكلوا صعودا كبـيرا في سلطانهم الحضاري واللغـوي ، ولعل من أسباب ذلك جذورهم الثقافـية الراسخة التي يمثـل  ممـا وصلنا منـها  قصة أحيقار وكتابات أخرى تالية مثـل مؤلفات مـارا بن سـرابيون ، فأصبحت لغتهم في كل العهود الفاصلة بين نهاية العهد البابلي الأخير ودخول بين النهرين في إطار دولة عربية ، أي على مدى أكثر مـن أحد عشر قرنا لغة الثقافة والتجارة والشعوب والحكومات من تخوم الهند إلى الحبشة كما يؤكد ذلك المؤرخون ومنهم الأب ألبير أبونا والمصريون نجيب ميخائيل إبراهيم ومراد كامل وحمدي البكري والمستشرقان الفرنسيان رينان و لفنسـون . .

    وإلى ذلك ، يقول أيضا المؤرخ العراقي الشهير طـه باقر  " وهذا أعظم وأغرب انتـشار تحرزه لغة وحروفها الهجائية لم يسـندها سلطان سـياسي ، وأخذ  اليهود خطهم المسمى بالمربع وكذلك العرب الأنباط والخطين البهلوي والسنسكريتي من الخط الآرامي " . . ولـذا فإن فضل الآرامييـن على الحضارة الإنسـانية بالنسبة لنصف العالم الشرقي لايقـل عن فضل اليونان بالنسـبة لنصف العالم الغربي ، إن لم يكن يزيـد . .

     والمعروف أيضا أن عـرب الحضر كانت لغتهم وحروف كتابتهم آرامية ، وعرب الحيرة ( حيـرتا ، المخيم أو المعسـكر )  كانوا يتحدثون الآرامية إلى جانب العربية ـ وعلى رأي المؤرخ فيليب حـتي ـ  أن "   غالبية قبائل العرب كانت مزدوجة اللغة بين العربية والآرامية "  وأن الكثير من أسماء المواقع القديمة في منطقة إنتشار الآرامية هي آرامية ولايزال معظمها يعرف حتى اليوم بهذه التسميات ، ويعود أحد العوامل الرئيسية إلى مواصلة الآرامية ( السريانية ) زخمها الحضاري  ، إلى مراكزها العلمية والثـقافية الكثيرة والتي منـها على سـبيل المثال لا الحصر ، الـرها ونصيبـين وأنطاكيـة وجنديشابور وحـران ( إحدى مدن المندائيين ) .

     كمـا يشير المؤرخون إلى أن الآداب السريانية كان لها تأثيرا  في شعر عدد من مشاهيـر الشعراء العرب قبل الإسلام ، منهم امـرؤ  القيس ويزيد بن عبد المدان  وحنظلة الطائي وأياس بن قبيصة والبراق وكليب بن ربيعة والمهلهل وعمرو بن كلثوم وقـس بن سـاعدة . . وأن السـرياني بـود قد ترجم ( كليلة ودمنة ) حوالي عام 750 م ، أي قبل ابن المقفع بأكثر من قرن ونصف القرن ، والترجمة السريانية موجودة حاليا بعدما طبعت من قـبل المستـشرقين للمرة الأولى عام 1876 وأن النسخة السريانية تعتبر خير ما يمثل الصورة القديمة للنص على رأي المستشرق ديلاسي أوليري .

    وواصل الآراميون ، الذين صار يطلق عليهم السريان بعد المسيحية ، أهميتهم التأريخية والحضارية في القرون الإسلامية الأولى ، حيث كان حيـز الحرية للأعراق والديانات والإبداع الثـقافي جيدا ، وفي هذا يقول المؤرخ العراقي حسين قاسم العزيز "  وقـد نبغ فـي مصر وسوريا ومابـين النهرين رجال علم وأدب من الطراز الأول في الآداب السـريانية واليونانية في القرن الأول الإسـلامي "  .   

     وفـي إشارات سريعة ، في العهـد الأموي ،  ترجم الطبيب السـرياني ابن آثـال العديد من كتب الطب إلى اللغة العربية بتوجيه من معاوية ابن أبي سفيان ، وترجم ماسرجويـه كتبا من السريانية إلى العربية لمروان بن الحكم . .  وفي العصر العباسي ، فإن ما بلغـته البصرة من أهمية كمركز رئيسي لدراسة الأدب والنحو العربي جاء ، بدرجة كبيـرة ، لتأثـرها بالأكاديمية السريانية التي كانت قائمة آنئذ في جنديشابور ( حاليا مدينة في الأحواز ، وبقيت أكاديميتها زاهرة في القرون الثلاثة الأولى من الحكم العربي ) . .

     ونجـد في العصر العباسي ، أسماء سريانية لامعة ، منها يوحنا بن ماسويه وحنين بن اسحق وابنه اسحق وحبيش بن الأعـسم ويحيى بن البطريق وثابت بن قرة وأسرة بختيشوع ويحيى بن عـدي وابن زرعـة ، وكانت لبيت الحكمة الذي أسسه الخليفة المتفتح للأفكار والحضارات المأمون أحد أشهر المنارات العلمية الزاهرة في التأريخ الإنساني ، ويرى المؤرخون أن فلسفة كل من الكندي والفارابي وابن سـينا نشـأت في أسسها إستـنادا إلى المصادر السريانية ، حيث أن الفارابي درس المنطق على يد السرياني أبو بشر متي بن يونس ومن ثـم السرياني يوحنا بن حيلام ( يحيى بن حيلان ) حيث كانت السريانية في ذلك الوقت الجسر الرابط بين الأغريقية والعربية ، وترى المستشرقة الألمانية سيجريد هونكة أن الخوارزمي عـرف الأرقام والحساب الهندي الذي اشـتهر بنشره من خلال الرياضي السرياني سـيفيروس سـيفوخت ( سـاويرا سـابوخت ) .

    والمؤكـد لدى المؤرخين ، أن الخط العربي يعود بأصله إلى الآرامي ( السرياني ) وهـذا يتضح جليا من الخط الكوفي الذي هو أصل الخط العربي والذي أشـتق منه الخط النسخي ومن ثم الخطوط الأخرى كالفارسي والرقعة والثلث والديواني . . ويقول الأسـتاذان عبدالمجيد النعيمي ودحام الكيالي في كتابهما ( الإملاء الواضح ) أن "  العرب أخـذوا الشـكل ( وضع الحركات ) والإعجام ( وضع النقاط ) عن السريان ، ومن أوائل من فكروا في هذا الأمر : علي بن أبي طالب ( رض ) وأبو الأسود الدؤلي " . .

    وتأثيـر السريانية على اللغة العربية كبير ، فالذي يقلب صفحات القواميس العربية ومنها المنجـد ، يجد مئـات الكلمات العربية مكتوب بجانبها بين قوسين ( سـريانية أو آرامية ) أي أن أصلها آرامي سرياني ، حتى أن اللغوي إبراهيم السامرائي يرى أن وزن ( فاعول ) العربي أصيل في الآرامية أكثـر منه في العربية ، مثل : سـاطور وشـاقوف ولاعـوب وشـاغـول وعـامود . 

    لكـن السريانية ، بدأت تـصيبها الأعطاب ويخفت لمعان أنوارها مع تراجع التسامح لـدى الحكام العباسيين ومن انفصل بكيانه عنهم أو تلاهم في السلطة ، وذلك إبتداء من عهد الخليفة المعتصم الذي يقال أنه كان أميـا  وسـمح بتغلغل أخواله الأتراك وهيمنتهم على أمور الدولة رويدا رويدا ، باستـثـناء بقع تسامحية متفرقة مثـل فترة حكم الأتابكة في الموصل  . . وهكذا تصاعد التدهور حتى إنتهاء العهد العباسي  ، وخضوع العراق كليا للحكم الأجنبي ، فـتقـوقعت آداب السريانية في الأديرة والكنائس واقـتصرت آدابها على الجوانب الدينية ، مع ظهور بعض الإختراقات ، كما حصل في القرنين الثاني عشر والثالث عشر على يـد عدد من الكتاب المشهورين كأبن الصليبي وميخائيل الكبير وابن العبري وعبديشوع الصوباوي . . واعتـصمت السـريانية  لغة محكية في الأرياف والجبال .

    وعادت الآداب السريانية إلى الظهور من جديد مـع أواخر القرن الثامن عشر ، حين توجهت نحوها دراسات محلية واستـشراقية وأخذت المطابع بنشر نفائس مخطوطاتها ، وشهدت نهضة واسعة في الفترة الأخيرة من العهد العثماني نظرا لبعض نوافذ الحرية التي ظهرت فيه ، وتواصلت هذه النهضة متطورة مع العهد الملكي نظرا لسياسته المنفـتحة على الديانات والثقافات ، ولذا نجد في هـذا  العهد أسماء سريانية لامعة في مختلف مجالات الحيـاة الإجتماعية والسياسية  والثقافية . .

    فـفي المجال الإجتماعي ظهر منهم أبرز الأطباء والمهندسين والمدرسين والموسيقيين والعاملين في المنظمات الإنسانية ، ونظرة مثلا إلى الموصل ، نجد أن أول الأطباء كانوا جورج أوسي والمدرسين نافع بزوعي وسامي رسام والموسيقيـين حنا بطرس وبشـير والد الفنانيـن الشـهيرين جميل بشيـر وأخيه منير ، ومـن اللغويـين والصحافيين الأب أنستاس ماري الكرملي وروفائيل بطي وتوفيق السمعاني وجوزيف ملكون وآخرين كثيرين . .

    وكنتيجة لمعاناة الشـعب العراقي عموما ، خصوصا الأقليات القومية وفي مقدمها الشـعب ( الكلداني السـرياني الآشـوري ) حيث في 1933 تعرض لمذبحة رهيبـة معروفة في تأريخ العراق باسـم ( مذبحة سـميل ) أصبحت ضرورة تأريخية ووطنيـة لبـروز أحـزاب تدافع عـن حقوق هـذه الأقلـيات ، ولابـدّ  كمحصلة لذلـك أن يكون بيـن قادة هـذه الأحـزاب وفي المجالات السـياسية  مـن بيـن الذيـن ينتمون إلى هـذا الشـعب . .

         فـفي المجال السياسي يكفي أن نشير إلى يوسف سلمان يوسف فهـد مؤسس الحزب الشيوعي العراقي وقائده حتى استشهاده بإعدامه مـن قـبل النظام الملكي عام 1949 ، إضافة إلى أن وجود قياديين في كل الأحزاب الوطنية وغيرها مـن السريان منهم الشهيد كامل قزانجي الذي قـتله المتآمرون في مؤامرة الشواف بالموصل عام 1959 وعبداللـه ليون الذي أغتاله الرجعيون في الموصل عام 1960  وأيضا الكاتب والمؤرخ والصحافي والسياسي جرجيس فتح اللـه المحامي  وآخرون .

    وفي النضال ضد الدكتاتورية البعثية يبـرز القائد السياسي والنقابي والميداني توما توماس الذي تـشهد له ولبطولات الآلاف من رفاقـه الشهداء والأحياء جبال كردستان وسـهول وروابي بلدات وقـرى شـعبنا ، وينبغي في هذا المجال أن لاننسى بطولات القائد هرمز ملك جكو ومـن كان معه مـن المناضلين  مـن الأخـوة الإيزيديـة وأبنـاء شـعبنا ( الكلداني السـرياني الآشـوري ) .

   وقـد سـعى أبناء شـعبنا ( الكلدان السريان الآشوريين ) الإستـفادة من  الحيـز الضيـق الذي توافر لهم  من الحقوق الثقافية والإجتماعية  لسنوات عـدة بعد عام 1970 في تأسـيس النوادي والجمعيات والإتحادات وصدور مجلات ( موردنا آتورايا ـ المثقف الآثوري ) للنادي الثقافي الآثوري ، و ( قالا سريايا ـ الصوت السرياني ) لجمعية الثقافة السريانية ، و ( حوياذا ـ الإتحاد ) لاتحاد الأدباء والكتاب الناطقين بالسريانية ، ومجلة مجمع اللغة السريانية وبيـن النهـرين التي أنشـأها المرحوم العلامة الأب يوسـف حبّـي . . لكـن كل ذلك تدهور منذ 1979 مع اسـتفحال طغيان صدام الكامل على رئاسة الجمهورية وكل مرافق العـراق ،   واستخدام جنونه في الداخل والخارج والحروب ،  ومـا  لم يذكر التاريخ شـبيها لجرائمه وبشاعـتـه . 

    وحلت مع جنون صدام النكبة الكبرى بشعبنا حيث تـم بطغيانـه تهديم 183 قرية لشعبنا معروفة بالأسماء والمواقع وتشريد أهلها ، والعمل على استيطان ( شذاذ الأفاق ) في القرى والبلدات التي لم يتم تهديمها ، ما أدى إلى موجة هجرة شعبنا الى الخارج لم يشـهد تأريخه مثيلا لـها ، ما جعل ناقوس الخطر متواصل الدق والقرع حتى اليوم ، وهو ينذر بأن أقدم شـعوب العراق يقـترب من إنتهاء وجوده في العراق مـع اسـتفحال جرائم الطائفيـين السـياسيين ونظـامهم المتخـلف المسـتـند إلى الرعاية الأميركية التي يناسـبها  . .

       ويبقى الأمل بالحفاظ على مايمكن حمايته من خلال جهـدين ، الأول مسـاعي إعادة الحياة إلى قرى شـعبنا في دياره الأصلية وتوفير العمل والأمان والإدارة الذاتية  فيها وهـو ما يبرز فيها جهود الخيرين في الداخل والخارج الذين يظهر ـ وللأمانة الإشارة ـ في طليعتهم اليوم سركيس أغاجـان . . والجهد الآخر هو ظهور جمعيات تدعو بجدية إلى العـودة المعاكسة إلى الديار والإستـثمار في مشاريع إنتاجية في هذه الديار . . والتي ظهرت لهـا بعض الثمار الناجحة ، وإن كانت بطيئـة بسـبب الظروف .

      ونقولها على رؤوس الأشهاد ، أن الطائفيين ومـن يدعمهم ويؤيدهـم ويسـتعطفهم  هـم جميعا في صف واحد على الضد من وجود شعبنا واستمراره في البقاء والعطاء ، وأقصد بوضوح خليـط  ( بدري و صدري و دعوي وقاعدي وصدامي وأميركاني ) وأنـهم جميـعا فـي عـداء مـع مصيرنا المستقبلي وارتباطنا المتواصل منذ آلاف السنين بأرض بيـت نهـرين وعراق اليوم ، وأن تصـدينا وتحديـنا لهـم  مرهـون بحماية أنفسنا منهم   كلهـم ، ولا حماية مؤكدة لنـا من دون وحدتـنا وطرح خلافاتـنا المذهبية والمناطقية والعشائرية والحزبية جانبا وقبول السبيل التوفيقي الوسط الذي يجمعنا على الأقل في المرحلة العصيـبة الراهنة . . وفي غير ذلـك ،  سـيذكر التأريخ من يتـمادى  في غيّـه بأنه كان زوانا طرشـا عـن قرعات الناقوس وآهاتـه . . ولات سـاعة منـدم .   

37
رأي ،  قداسـة البابا والتعميد وحال المسـيحية
ـــــــــــــــــــــ
جميـل روفائيــل

   لاأجـد نفسـي مخطئـا إذا عبّـرت عـن رأيي في قضية مسـيحية ذات أهمية كبيرة ، وأتدخل فيها لأنني كاثوليكي المذهب ، ولـو لـم أكن كذلك ربمـا  لمـا تجـرأت الكتابة في هذه القضية وأمثالها إطلاقا . . وأكتب مدركا أن هناك مـن سيعترض على كلامي لما قـد يراه أكبر من حجمي المتواضع ، لأنـه يخالفني الرأي أو تغلب العاطفة لديه . . لكنني في كل الأحوال سـأكتب متأنيا لكي لا أغضب أحـدا  مـا أستطعت إلى ذلـك مقـدرة .

    لقـد دفعني لمـا أكـتبه ،  الخبر الذي نشرته وسـائل الإعلام ونال ردود أفعال متباينة ، بيـن الإرتياح والتذمر ، وشخصيا لست مـن أي مـن الطرفين لأنني أعتبر أن الأمر لايسـتحق أهمية بمـا فيها حتى الإعلان عنـه ، والخبر يقـول " عشـية الفصح البابا بنديكت السادس عشـر اختار أن يعمد سـبعة شـبان بينهم الصحفي المصري المسلم مجـدي علام ( 55 عاما ) المقيم في إيطاليا "  . . وأن التعميد تـم خلال قـداس عيد الفصح الذي رعاه قداسـة البابا بنديكت السادس عشر في ساحة القديس بطرس وبثـت وقائعـه شبكات التلفـزة في 67 بلدا .

    الحقيقة لا يهمني غير المسلم ، فـإن بلدان غيـره وهـي  ايطاليا والكاميرون والصين والولايات المتحدة والبيرو ، لاعلاقة لـي بـها ، ولكن لأنني وشـعبي ( الكلداني السرياني الآشوري ) ومسـيحيين آخريـن في منطقـتـنا نعيش حاليا أقلية بين المسلمين ، ولنا معهم أمور حياتية متنوعة فمن الواجب أن نجد في كل مـا قد يؤدي إلى عدم إرتياح المسلمين ، كلهم أو بعضهم ، إجراء ليس مسـتحبا عندنـا  ، مهمـا وجد فيه صاحبه أمـرا عاديا ، لأنه ينعكس علينا سـلبا بسـبب  اسـتغلاله من قبل الذين يتصيدون كل فرصة لتـنفيذ حقدهم ، حتى إن أخـذ المتفهمون من المسلمين  بحقيقـة أنـنا لاعلاقة لنا بـه ، ولنا  أمثـلة حصلت تجاه المسيحيين في العراق ولبنان ومصر وأماكن أخرى ، بسـبب تصريحات ورسوم وغيرها من دون يكون لمسيحيي منطقـتـنا علاقة بها أو حتى إرتياح لهـا . 

     نحـن نعلم العدد الكبير للمواقع والمجموعات التي تهاجم كتابة وتحلل " دم الكفار مـن الصليبيين "  إلى حـد وجود فضائيات تساهم بكل إمكاناتها مع هـذه " الجوقة " ولـذا ، فـإن "  الوقاية مـن شـر هذه الجوقة خير من أي وسيلة أخرى معها " . .  ولكـي أشير إلى بعض مـاقرأته في المواقع "  الحـاقـدة  "  أنقـل أجـزاء من أحـد مواضيع موقـع ( منـتديات الجامع الإسلامية ) الذي عنوانه ( ما يخفيه الفاتيكان في قضية مجدي علام ) بقلـم محمد جلال القصاص . . تقول مقتطفات بالنص  من هـذا الموضوع الطـويل :
( الخبر أن صحفيا مصريا ترك الإسلام واعتـنق النصرانية ، وعمده بابا الفاتيكان . . اعلى سلطة دينية في النصرانية ، وقـد ناشد بابا الفاتيكان المسلمين للعودة للحوار بين الأديان . والخبر أن صحفيا مصريا ـ مجدي علام ـ يحمل الجنسية الإيطالية ، وحائز على بعض الجوائز من الدولة الصهيونية . .  وأن دعاة النصرانية  ملـئوا  الفضاء فرحا وسرورا بـردّة مجدي علام . قلنا ونحن فرحين : لم يرتد شيخ من شيوخ الإسلام  . . بـل عدو يحبكم منذ الصبا . . وأن في تعميده حماقة ، أو حقد أدى إلى حماقة إذ لو بقي كما كان يـنتسب للإسلام ويطعن فيه لكان أشـد علينا من أن يرفع صليبكم ويدهن بالزيت قساوستكم . . وصدق الشيخ الشعراوي حين قال : يأخذون سفهاءنا ونأخذ فضلائهم . . إن الفاتيكان وكل عبـاد الصلبـان منهزمـون . . أخي كل ما أقول إذا لم تستح فافعل مـا شئت ، وهؤلاء النصارى قليلي الحياء ، لـو أنهم ينظرون إلى من يسلم من علمائهم من أمثال غاري ميلـر  و  يوسف أستس و  إبراهيم أحمد فيليبس وغيرهم من علمائهم . . ) .

   وحتى موقع قناة الجزيرة ، نشر في 30 / 3 / 2008 ( تـم رفعه من الموقع بعد يومين ) موضوع  من الجزائر كتبه مراسله تسـعديت محمـد حول مسلمين جزائريـين ، أحدهما محمـد أزواو والآخر اسـمه العيـد شـمومة ، وبحسب إدعائهما ، أنـهما تركا الإسلام فترة بسبب دعايات دير للأنجيليين في جبال المدية وسـط الجزائر وتحـولا إلى المسيحية وبعـد فترة عرفـا الحقيقة وعـادا إلى الإسلام . . لكن الأغرب أن الموقع فسح المجال لبث سموم الحقد على المسيحيين  تحت عنوان ( تعليقات القراء )  التي بلغت أكثر من ثمانين في المائة من التعليقات ، ولكن عشرين في المائة منها كانت إمـا حيادية أو كارهة لهذا النهج من موقع القناة ، ومنها التعليق التالي الذي كتبه ( شخص مسيحي كما يظهر من اسمه ) جورج راجي الحداد ، الذي نصـه "  أولا من السخافة أن أرد على الذين ينتـقدون المسيحية فهي أكبر من هيك بكثير ولـن ننزل إلى هكذا مستوى . . ثانيا أسـأل إدارة الجزيرة : هل هذه هي رسالتكم التحريض وهل أنتم فرحانين بهكذا مواضيع . . عيب عليكم وروحو شـوفو مواضيع ثانية فيها افادة للبشرية . . أعتـقد هذا هو دوركم وخاصة في هذا المجتمع العربي التعيس . "  .   

       رأيي أنا ، أن قيادة دولة قطر ( الراعية لقناة الجزيرة ونشاطاتها )  تبدو في غالب الأحيان متناقضة في مواقفها  ، فهي مثلا وافقت على بناء أول كنيسة ( وهي كاثوليكية )  في قطر على مساحة 22 ألف متر مربع وأن أمير قطر الشيخ حمـد بن خليفة آل ثـاني تبرع بثمـن الأرض  وتـم إفتتاحها في 14 / 3 / 2008 بحضور نائب رئيس الوزراء القطري ، وقد أعطى أمير قطر موافقته لبناء خمس كنائس أخرى  على رغم احتجاجات المتطرفين  . . ومـن جهة أخرى جعلت قطـر قناة الجزيرة وموقعها ( مسرحا ) لأشكال المتشـددين الإسلاميين وجعلت مديرها العام وضاح خنفر ( وهو من أصل فلسطيني يحمل جنسية جنوب أفريقيا ) وإسـلامي معروف ، وأيضا جعلت أكثرية مراسليها من الإسلاميين ( بعـدما أزعجـت غير الإسلاميين منهم فتركها معظمهم ) ويكفي أن نعطي مثالا لمراسليها تيسير علوني ( سوري يحمل الجواز الإسباني ) الذي حكم عليه القضاء الإسباني بتهمة الصلة بتنظيم القاعدة ، ومصـورها سـامي الحاج ( سوداني ) الذي أعتـقله الأميركيون في أفغانستان وهو حاليا  في سـجن غوانتانامو  لتعـاونه مع أسامة بن لادن . . وشخصيا عملت حوالي ثلاث سنوات في قناة الجزيرة وتركتها بعدما وجدت أن التعـامل مـع عدد من العاملين فيها  لمراسل ينقـل الحقيقة غير ممكن  . . وقـد أوضحت تفاصيل ذلك بالأسماء والحوادث  في أحـد مواضيعي في المواقـع . . علما أنـني عملت بعـد ذلك لأكثر من عام ( 2005 و 2006 ) في الجزيرة للأطفال ( وهي تختلف في التعامل عن قناة الجزيرة لأنها منفصلة عنها إداريا  ) وتخليت عن العمل فيها بسـبب إلتزاماتي مع جريدة الحياة التي أعمل مسؤولا لمكتبها في منطقـة البلقـان . 

   وهـنا أسأل كمسيحي كاثوليكي : هـل نحن بحاجة لإعطاء المجال للحاقدين من أمثال هؤلاء  وغيـرهم ؟ نحـن نعلم أن الكثير من الكنائس في البلدان العربية والإسلامية نـأت بنفسها عـن تصريح سابق لقداسة البابا نفسه خلال محاضرة له في ألمانيا وهو نفسه حاول التوضيح تخفيفا من الجدل الذي أحدثه ، وكذلك شجبت الكنائس قضايا الرسوم والأفلام التي يعتبرها المسلمون مسيئة بحق دينهم وحقهم ، ولكن ذلك لـم يفد في إطفاء غليل الحاقدين الذين وجدوا فرصتهم سانجة ، وكلنا نعلم ماذا كانت نتائجها على المسيحيين في الكثير من البلدان العربية والإسلامية . . وإذا كان في إمكان أصحاب الرسوم والأفلام توفير حماية شرطة لهم في بلدانهم الأوروبية ، فـنود أن يعلموا أن هذا غير متوفر في البلدان العربية والإسلامية ، حيث لن نكشف سـرا أو نتهم أحدا إذا قلنا ، أنه ليس مستبعدا حتى أن توفر الشرطة الفرصة للحاقدين ضد المسيحيـين . . وأرجح أن كثيـرين غيـري مـن قراء هـذا الموضوع تصلهم عشـرات الرسائل يوميا مثلـي مـن أنـاس يطلقون على أنفسـهم ( جـروب لااله إلاّ اللـه ) تتضمـن أشـكال الإسـاءة للديانة المسيحية والتهجـم على رموزها وتهـديد معتـنقيها . . أمـا ماذا تعني كلمة ( جروب ) فيبدو أنه في أدمغـة أصحابها لأن قواميس العربية لاتـتضمن هكذا كلمة .

   معظمنـا يعلم الضجة التي أثارتها رواية ( آيات شيطانية ) للكاتب البريطاني الجنسية الهندي الأصل سلمان رشدي ، فهل من اللائق أن تسمح السلطات الألمانية ( لجماعة ألمانية لا أدري نوعها ، ولكن بتقديري من الجماعات االتي تنتهج فوضى التعبير لإثارة الضغائن والمشاكل ) بعرض مسرحية مأخوذة عنها في مسرح قرب العاصمة برلين إعتبارا من 30 آذار ( مارس ) الماضي . . وشخصيا قرأت هذه الرواية قبل سنة من خلال ترجمة عربية لها ووجدتها حقا متـدنية المضمون والأسلوب الروائي ، واستـنـتجت أن الضجة التي أثيرت حولها هي السبب في شـهرتها لاغيـر .

     نحـن نـرى ، أن رفع لواء "  الحوار بين الأديان "  هو هش من أساسه ، وأن هذه الهشاشة تصل حـد الإنهيار مع أي هـزّة  ، وأن مشكلة المسيحية ليست أبدا مع الذين يدركون " سـماحة "  الدين الإسلامي ، ولكنها مع الذين يكفّـرون كل من ليس مسلما ، لابـل وحتى من هو مسـلم ولكن ليس على شاكلتهم ، ويحللـون قـتله ،  إذن المعاناة هـي مع هـؤلاء ومع تصرفـات البعض من الديانات الأخرى الذيـن يلتـقون مع هـؤلاء " المكفّـرين "  بتوفير المجال لهم . . ولهذا المهم هو في سـد الطريق على هؤلاء أولا ومـن ثـم لن تكون هناك عقبة أمام " حـوار الأديان والحضـارات "  .

    أمـا كيف يكون سـد طريق الحقد وبث السـموم  على هؤلاء ، فـأرى . . أن يبادر قداسة البابا وبالتعاون مع رؤساء الطوائف المسيحية الأخرى ( غير الكاثوليكية ) ومع المراجع الإسلامية المدركة لسماحة الدين الإسلامي من كافة المذاهب الإسلامية إلى عقد مؤتمر " لتقييد حرية الحاقدين والمفسدين "  من كل الديانات والمذهب ، وتشكل لجنة  عمل فاعلة وسريعة وجدية  للتحرك  باتجاه الأمم المتحدة والمنظمات العالمية ودول العالم ، لإصدار قرار دولي ملزم للجميع يضع حدودا وضوابط واضحة لحرية التعبير ، سـواء في أماكن العبادة أو النشر أو الصحافة والإعلام والمواقع ، وإنزال عقوبات صارمة وسريعة بحـق المخالفين للقرار الدولي وغلق المواقع التي تخالفه ، وإنهاء الفوضى القائمة حالـيا تحت غطاء " حرية التعبير " التي هي في الحقيقـة " فوضى التعبير " علما أن كل فوضى هي " فقدان التوازن وغياب السلطة والغرق في التضعضع والإضطراب والإنفلات في كل شئ "   وهذه هي حقيقة ما يطلق عليها جزافا " حرية التعبير " اليوم . . وبإنهاء هذه الحال السيئة سيكون إرتقاء السلم الأصوب في الإصلاح . . علما أن إغلاق أي موقع ليس صعبا على شركات الأنترنيت التي تتحكم في مجالات المواقع التي تقوم بالترخيص لها ، ولا يمكن لأي موقع العمل من دون مجال على شبكة الأنترنيت .

     وفي رأيي أيضا ، أن الواجب يتطلب في الصدارة " الحفاظ  على الموجود القائم فعلا  في المسيحية "  وفي حال توافر إضافات جديدة طوعية ينبغي أن تـتم مـن دون ضجيـج ، إذ من المؤلم أن نرى المسيحية عموما ، وضمنها المذهب الكاثوليكي ، في تراجع متواصل في أوروبا وأميركا حيث ينبغي أن تكون معاقل المسيحية ، أمـا أسباب ذلك فلست في حاجة لإظهارها وإن كانت غالبيتها واضحة للعيان . .

    سـأثير أمثلة لهذا التراجع ، كما قلت قبل قليل ، أن أحد أسبابه هـو " فوضى حرية التعبير "  وكصورة لذلك أذكر الدانمارك ، حيث الرسوم التي أفادت غليل الحاقدين ، كنت قـبل فترة هناك وأحدق في المخازن ولاح لي ( حذاء نعـال من الإسفنج ) وعليه صورة لمريم العذراء ، واستغربت أن أجد هذا في دولة تعتبر مسيحية . .  وقرأت  في 27 / 2 / 2007 في  بي بي سي ومواقع أخرى بناء على ترويج يهودي اسرئيلي وصهيوني عالمي أن المخرج جيمس كاميرون أنهى فيلما وثائقيا عن كشف قبر المسيح وأسرته ( زوجته وأولاده ، مذكورة أسماء )  بالقرب من القدس  ،  وقـرأت أيضا  أن  إعلانا للترويج   لمحطة تلفزيون ( بلوج تي في ) الموجهة للشباب  في بلجيكا عرضت في محطة ( آر تي إل ) الرئيسية وصالات السينما البلجيكية إعلانا تلفزيونيا  يظهر المسيح كشخص  هـبّـي ( فوضوي ) يتعرف على نساء  نصف عاريات في أحـد الملاهي الليليـة ، وأن  مسابقة للفن الديني في أستراليا كان من بين الرسوم التي عرضت فيها صورة لأسامة بن لادن في شكل يشـبه المسيح وتمثال لمريم العذراء وعلى رأسها برقع . .

       وهـناك أيضا إباحـة كـل المسيـئات في الدول الأوروبية والولايات المتحدة باسـم ( الحرية الشخصية ) فتـنشر الفساد بكل أنواعه الذي يتعارض مع مبادئ المسيحية من دون حسيب أو رقيب ، والأدهى أن رجال دين مسيحيين تورطوا فيها ومنهم في سـان ديجو بولاية كاليفورنيا الأميركية حيث وافقت الكنيسة الكاثوليكية ( الخبر منشور في 7 / 9 / 2007 من قبل وكالات غربية )  على دفع مبلغ 198 مليون دولار لتسوية 144 قضية ضد بعض رجالها الذي اتهموا بارتكاب انتهاكات جنسية وكانت الكنيسة الكاثوليكية في لوس انجلوس الأميركية قد وافقت أيضـا  قبل ذلك بشهرين على دفع مبلغ 660 مليون دولار لتسوية 508 قضية انتهاكات جنسية  ، ولـديّ الكثير من هذه الأنواع والممارسات  ، إضافة إلى أن قسما مـن الكنائس سمحت بأسـوأ الحرام كزواج المثـليـين  . .   وهكذا دواليك ، مـا أثار الإستياء لدى الكثيرين من أتباعها .

     وقـرأت في أحد المواقع الإسلامية ، أن ثُـلث سكان العاصمة البلجيكية بروكسيل تحولوا إلى الإسلام ، وأنه بحسـب التوقعات فإن الإسلام سيصبح الدين الأول في بلجيكا بحدود ثلاثسن سـنة ، وأن لندن في طريقها لتصبح مدينة مسلمة ، وأن  في إيطاليا حاليا أكثـر من مليون ونصف المليون من الإيطاليين الذين تخلوا عن المسيحية وتحولوا إلى الإسلام . . وهكذا تناول الموقع غالبية الدول الأوروبية . . وعندما قرأت في الصحف والمواقع الغربية  بتاريخ  ( 9 / 9 / 2007 )  خبرا بعنوان ( بريطانيا تنحط أخلاقيا ؟ ) يقول :  "  أظهر استطلاع للرأي أجرته هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي ، أن ثمانية من بيـن كل عشـرة أشخاص فـي بريطانيا يعتقـدون بأن بلادهم تـنحط أخلاقـيا لأن الديـن ( المسيحي ) لايولي أهمية في إرشاد المعايير الأخلاقية للأمـة . . "  يمكـن أن نعـرف لماذا تنهـار بريطانيا ومثلها غالبية دول  أوروبا وتـتخلى الغالبية من سكانها  عن الأخلاق والمثل التقليدية المتوارثة  ( وهي الآن الأكثرية في المجتمعات الأوروبية )  التي تقود التدهور العام وهـروب البعض نحو دعايات الديانات الأخرى .

     ليس مهما لـديّ  أن تكون الأرقام التي ذكرها الموقع الإسلامي موثوقة أم لا ، ولكن الوقائع تؤكد بعض الأدلة حول ذلك . . مثلا ، كنت قبل فترة في سويسرا وذهبت كعادتي غالبا كل يوم أحد لحضور القداس في الكنيسة الكاثوليكية في بلدة كلوتين ( ضاحية زيورخ ) فكان عدد الحضور بحدود الأربعين شخصا ، وبالصدفة ألتقيت مع صديق عراقي مسلم ، في مدينة زيورخ  وكان يوم جمعة ، فأخذني إلى ( مسجد ) مركز الشيخ زايد الإسلامي ، وكان عدد المصلين حوالي  ثلاثمائة  شخص عرب ومن بلدان إسلامية وسويسريون ، وقال لي إمام المسجد أن عدد المسلمين في كانتون زيورخ يبلغ سبعين ألفا ولهـم أحدعشر مركزا إسلاميا مثل هذا المركز ، وأنه  " يشهر إسلامه في هذا المركز ما معدله خمسة سويسريين أسبوعيا " . .  كما علمت مـن  مصادر موثوقة أن جماعات دينية مسيحية ( غير كاثوليكية )  عرضت على المسلمين في الدانمارك وبريطانيا بيـعهم  كنائس قديمة لها ( بحجة أنها لـم تعـد  في حاجة إليها لخلوها من المصلين منذ فترة ) وهذا الخبر يؤكد أولا مشكلة الديانة المسيحية في أوروبا ، وثانيا لماذا عرضها على المسلمين وليس مثلا على الحكومات ومؤسساتها للإستفادة منها كمتاحف لشؤون مسيحية  إذا كـان لابـدّ  مـن بيـعها  ؟  .

    ومهما تكن حقيقة هذه المعلومات ، لكـن بتقديري ، أن إعـلان  الفاتيكان الذي نشـر في 30 آذار ( مارس ) الماضي يشكل صدمة لوضع المسيحية المستقبلي ،  والذي يقول "  إن الإسلام تجاوز الكاثوليكية ، حيث تشكل نسبة المسلمين الآن أكثر من تسعة عشر في المائة من مجموع سكان العالم مقارنة بأقل من سبعة عشر ونصف في المائة للكاثوليك "  لكن الفاتيكان يعلن " على أية حال أن المسيحيين من مختلف الطوائف ككل لايزالون أكثر من المسلمين ، وأوضح الفاتيكان أنه أخذا في الإعتبار كل الطوائف المسيحية بما في ذلك الكنائس الأرثوذكسية والأنجليكانية والبروستانتية فتكون نسبة المسيحيين 33 في المائة من سكان العالم ، وذكر الفاتيكان أنه بينما يبدو عدد الكاثوليك بالنسبة لسكان العالم ثابتا تقريبا فإن عدد المسلمين يزداد بسبب المعدلات الأعلى للمواليد " . . وشخصيا أرى أن عدد المواليد هو أحد الأسباب الرئيسية ، وليس السبب الوحيد ، ولكن حتى هذا السبب يمكن معالجته لأنه مرتبط بالتدهور العام لسلوك المجتمعات المسيحية الغربية ، حيث أدى الفسـاد العام إلى العزوف عن الزواج ، وحتى إن حصل الزواج فإمـا طفل واحد أو لا ، لأن غالبية الزيجات صار نصيبها الطلاق وإنجاب الطفل سيؤدي إلى دعاوى قضائية في شأن حضانته . . ولهذا صار التعويض في تبني أحد الزوجين  لطفل من أفريقيا أو من البلقان أو أماكن العالم الأخرى . . ولـذا فإن الزواج والإنجاب والمشاكل المسيحية  وغيرها صارت كلها شبكة واحدة يؤدي ضبطها وإصلاحها إلى خطوات مهمة صائبة في حل معضلات المسيحية ، وبالتأكيد أن أوروبا والولايات المتحدة هي مفتاح هذا الحل ، لأن التراجع المتواصل للمسيحية في أوروبا والولايات المتحدة ، سيكون زلزال الكارثة الذي لاتفيد معـه كل الطوارئ  .

   المشـكلة تكمن في أن الذيـن يعيشون في دول أوروبا الوسطى والشمالية والولايات المتحدة ( وهي بلـد لملـوم مهاجرين ) يتصورون أن مشاكل العالم كله يمكن حلـها بموجب نماذج بلدانهم ، وهـم بذلـك يتجاهلون الفروق بين المجتمعات والعقليات والحضارات ، مـن دون أن يدركوا أن في أوروبا نفسـها تناقضات سـواء داخل دولها أو مناطقها ، وأن بين الولايات المتحدة وأميركا الجنوبية فـوارق جمّـة ، ولكـن رغم ذلـك فإنـه ـ كمـا يبـدو ـ أن مصالحهم لاتـتطلب معالجة جذور المشاكل وإنـما التركيز على قشـورها مثـل ( الحـوار بيـن الثـقافات ) وكأن مشـاكل العالم يحلها عـدد مـن الأشـخاص يجلسـون ( ويصدرون البيانـات ) والنـاس تطيع لأنهم يمثلون النخب وكفـى . . نعـم أن النخب مهمـة ، ولكن مـن دون إهمال إستـئصال جذور المشاكل وهـم الأشـخاص الذين يثيـرون والوسائل التي توفر لهـم إندلاعها وانتشـارها .

    وأخيـرا . . عـذرا سـيدي قداسـة البابا ، فلـولا كونـي أحـد الذين يشـاهدون المعاناة لمـا ولجت دهاليزها ، وإن كنت اليوم بعيـد  بعض الشئ  عـن حومة المكابدة ، ولكنني لاأستطيع الإنفصال عـن الذين يقاسـون منـها ، سـواء كنت قريبا منها أو بعيدا عنها . . ولا تعميـد مجـدي علام ولا الترحيب بتحول تـوني بلير مـن المذهب المسيحي الأنغليـكاني إلى الكاثوليكي ( نشـر في 23 / 12 / 2007 ) يخفف المعاناة ، وهـو أيضا لـن يعظّـم شـأن الكاثوليكية التي هي عظيمة الأسس لأنها لاتـزال مذهبا لحـوالي  17 في المائة مـن سكان الأرض ، ولـذا فالأهمية في صيانتها وصمودها والمنتمين إليها أمام عواصف هـذا الزمان . . وفـي كا الأحوال فالديانة المسيحية هي في مبادئها الأساسية علاقة بين الإنسان وربـه ، وليست للدعاية والنشر والترويج   "  وإذا صـليتـم فـلا تكونـوا كالمـراءِيـن فإنـهم يُـحبون القيـام في المجامـع وفـي زوايـا الشـوارع يُـصلون ليَـظهروا للنـاس . . . " .

38
قدوتـنا المطران بالصمود والتحدي وزيادة الكيل


ـــــــــــــــــــــ
جميـل روفائيـل

    لاأريـد أن أشـير إلى عظمة شـهيدنا المطران بولص فرج رحـو ، لأن كل العبارات  تبـدو خافتة عـندما تتوجه نحو عـبق عبيـره الذي مـلأ  الأركان عطر القوة وعـزيمة   الرسـوخ والثبات  ، ومنحها الأمل نحو متانة السبيل في الأرض وهـدى الإيمان وإلتزام المبادئ وصمود البطولة والفكر في مقارعة الأوغـاد . . لقـد قرع المطران رحو الأجـراس في حياته ودقّ النواقيس في استشهاده وأشـعل نباريس العنفوان ليضئ لنـا درب صيانة وطـن سـومر وأكـد وبابل وآشـور وديار السريانية وأمجادها اللغوية والثقافية والعلمية . . وبـذل الأنفس مـن أجل المبادئ والنقـاء  والعطاء وتحدي أهـل الشـر . . يـا عظيم التضحية والسخاء والشـموخ الأبدي . . ويامثـال الآباء والأجداد الكرام ، لقـد قلت جهـارا وفعلت وضوحا ونفذت حقيقـتـك التي لاحدود لهـا بين السماء والأرض .

   نعـم ، أيـها الأصيل هذا هـو السبيل المجرد من كل نفـاق ، المانح  درسـا بليغا بـأن "  تظاهرات ومسيرات الإستـنكار ورفع أعلام مزايدات صدام الدينية  والرجاء مـن حكومة الطوائف والميايشيات ووعود المحتلين "  التي يلجـأ إليها البعض مـن ذوي الأفـق الضيق ، مـا هي إلاّ البـؤس والضنـك الذي لايقـود إلاّ  إلى المزيد من الخذلان والخـنوع وجـر  أذيال الخيـبة ومواصلة إفراغ الأرض بحثـا عـن  الغـربة والتوجه نحـو فقدان الوطن والهوية والثقافة وكل المأثورات واللهاث حيث فجاج الجهـات .

   لـم يقـتلـك ،  أيـها الصنديد طرف شرير ، وإنما شـارك في قتلك كل الأشرار . . وفي مقدمهم وبوضوح أولئك القابعون في ( المنطقة الخضراء ) والذين سـرقـوا الحكم لينفـذوا ( حاميها حراميها ) في الموصل وغيرها . . لأن المحتلين الذين يثيرون الفوضى لايستحقون غير اللعنات ، والسلطات التي ترعى الميليشيات والعصابات المسلحة ليست غيـر فصيل من الأوبـاش ، والحكومة التي لاتحمي مواطنيها إنـه مـن العـار عليها البقـاء ، والأحـزاب ( والمقصود المحسوبة على شـعبنا ) التي ترفض وحدة القوم الذي تنتمي إليه ، تسمية ومصيرا قوميا ، مفضلة مصالح ذاتية ومراكز سياسية فهي ليسـت منّـا لأنها تفـرق شـملنا وتمزق كلمتـنا . . والأشخاص الذين مـن قـرى شـعبنا في سهل نينوى وإقليم كردستان الذين لايوجد عليهم أي تهديد حقيقي وانتقلوا إلى تركيا وسورية ولبنان والأردن ركضا وراء هوسـة ( المخادعين في الخارج ) ويسـتغلون دمـاء المطران رحو وغيـره من الشهداء لتقـديم معلومات عن أنفسهم منافية للحقيقة إلى لجان الأمم المتحدة وغيرها مـن أجل ( أوهام الغربة ) فإن هؤلاء ليسـوا غير استغلاليـين من دون ضمير ليت اللجان تكشـف إفـتراءهم وتردعـهم هـم وأولئـك المرائـين  في الخارج المنافـقين في تـشجيع الباطل ، وهـذا رأيي المتجرد  من كل  إسـتـثـناء .   

    ولكـي لايفسـر كلامي في غير مقصده ، فأوضح بأنـني لسـت ضـد الهجرة والإغتـراب من حيث المبدأ لأن هذه الحـال ليست مقـتصرة على أبناء شعبنا وغيرهم من العراقيين ، لأنـها ظاهرة عالمية قديما وحديثا وهي حاصلة اليوم بالنسبة لكل شـعوب العالم ودول دنيانـا ، وهـي شـأن يتعلق برأي كل إنسان وتحديده لوضع حياته ، ولكن قصـدي هـو عدم جواز إستغلال دماء الشهداء من أجل رغبات شـخصية والإفـتـراء بإعطاء  المبررات ـ كما وصلتني معلومات بالأسماء حصلت في تركيا وسوريا ـ ما يشكل مزاحمة واعتداء على حق من هو حقيقة متعرض للإرهاب والتهديد  والتهجير ومـن العسـير أن يجد مأوى لـه داخل العراق ، فيكون مضطرا على المغادرة لأنه لا سـبيل لـه غير ذلـك ، كما هي حال أبناء شـعبنا من سكان البصرة وبغداد والموصل الذين ليسوا من المغادرين لشمال العراق خلال همجية صدام وظروف قبلها واضطروا لسكنى هذه المناطق في السنوات الخوالي وبإمكانهم الرجوع إلى ديارهم معززين مكرمين خصوصا أن جهات خيّـرة وفـرت سـبل راحة العائدين  مـن منازل وغيرها ، إضافة إلى أن  الكثيرين من أهل هذه المناطق الذين غادروا أخيرا  إلحاقا ( بموضة الأقاويل والمظاهر )  من دون أي خطر عليهم ، مسـتغلين دمـاء الشـهداء  لمزاحمة  أصحاب الحق من خلال تقـديم معلومات عن أنفسـهم منافية للحقيقة ، إنـه تصـرف منـهم  لايمـت إلى الأخـلاق بصـلة .   

    وللوضـوح أيضا ، فإن هـيبة كراسي برلمان بغداد والتملق للحكيم والمالكي والصدر والدليمي وباقي الشـلة مـن أجـل ( ديكور ) وزارة لايسـاوي قيد أنملة في مقابل أي ضرر مهما كان بسـيطا يصيب فـرد من شـعبنا . . إن شـلة هؤلاء الطائفيين وإن تصارعوا بينهم ، فهم تجـاه  دينـنا وشـعبنا موحدون في التعامل معنا بأننا ( أهل ذمة ) وبشـر من الدرجة الثانية ومـا بعـدها ، ويتوهـم مـن منّـا يعتـقد غيـر ذلـك . . والذين خدعتهم بعض المظاهر والإدعاءات عليهم بعد إنكشاف الحقيقة  أن يدركوا ، أن الإعتـراف بالخطأ أول خطـوة على طريق إصلاحـه . . ومـا مؤتمرهم الأخير  الذي سـموه   ( المصالحة الوطنية ) إلاّ مـائدة لئـام  لإعادة تقسـيم الغنائم بين أزلام السـلاح ، يتـوهم أيضا من يتصور أنه سيكون لشعبنا منـه  قصاصة منفعـة ، وأما البعض البعيد عـن الطائفيـة الذي أضطر لحضوره بضغوط فإنـه سـيجد نفسـه ضمن حلقة تعيسة فارغـة مـن كل مفيـد . 

    لقـد أعطـانا الشـهيد المطران رحـو درسـا بليغا ، بأن نكون شـوكة تـفقع عيون كل من يريد الشـر بشـعبنا . . لأن من العبث  طلب الرحمة والعون والرجاء والمودة مـن الذئاب ، إذ  يجعلها ذلـك أكثر شراسة وبطشا وخبثـا وحقارة . . فقـد حانت سـاعة الحسـم ، أما الأقوال والتسامح والخضوع ، كلها أمور جوفاء تذهب أدراج الرياح  ولاتـمت إلى الواقع بصلة عندما يستدعي داعي الشجاعة ، ومن يحث شـعبنا على المسامحة ينبغي رفضه  ، ومن يطلب منـه السكينة يجب مقـته ، ومـن يقترح على شعبنا الرحيل عن دياره يقـتضي صب  اللعنات عليـه  . . والأكثر شـهامة وصمودا بينـنا هو مـن يعـود إلى دياره متحديا كل وغـد يريد النيل منـا . . ومـن لايستطيع العودة لظروفه فلـه العذر ، ولكن عليه زيادة إرتباطه بأرض آبائه وأجداده وعطاءاته لدعم صمود الصامدين فيها . . مـع وجوب التخلي عـن ( مهـازل ) التجمعات في الخارج التي ليست أكثـر مـن صـور مخادعة توفر مادة باهتة لاستفادة البعض من  مراسلي الصحافة والتلفزيونات . . ومـن يعتـرض على قـولي عليـه أن يوضح مـا قدمـته مئـات المسـيرات والتجمعـات فـي أوروبا وكنـدا وأميركا وأستراليـا ،  التـي سـمعنا وقرأنـا عـنها ورأينـا صـور ( عنـترياتها ) الكتابيـة والكلاميـة في الفضائيـات ، وبتـقديري أنـها ليسـت أكثـر مـن ذر  الـرماد في العيـون ونـوع مـن الخـداع وغـايات أخـرى لـدى الداعيـن إليـها  .

   لقـد أثـبتت الأيام ، أن لاخيـر في الإستنكارات والإدانات ، لأن الوقحاء المجرمين لايكفون عن شرورهم إلاّ  باجتـثاثهم من الجذور ، فهم عقارب لا يفيد معهم غير سـحق رؤوسهم وقطع دابر سمومهم . . والعمل المثمر ليس  مظاهر الشوارع وأقمشة اللافتات المكتوبة بمختلف الألوان ، ولذا مـن اللازم ترك ما لاينفع والبحث عن النافع ، والمفيد ليس سـوى التحدي من خلال التمسك بالأرض والديار والوجود ، والحراسة الذاتية والتمنطق بأنواع الأسلحة حيث يكون ذلك ضمانا للسلامة والبقاء مـن دون التصرف بطيش وإنما من خلال الرأي السليم في تجنب الخسارة ، والضرب عندما يكون النصر أكيدا في الدفاع عن النفس وأخـذ الدنيـا غـلابـا .

     نحـن لانقصـد أبـدا أن نتصرف مثل عدونا الحاقد المتعطش إلى الدماء والقتـل على الهـوية ، فنحن دينـا وأخلاقا وسـلوكا شعبيا إجتماعيا نمقـت القتـل وكل الأساليب الإرهابية  ، ولكـن المقصود إتخاذ إجراءات الدفاع ، حيث يكون ذلك مفيدا ومضمونا ، ولنـا اليوم أمثلة في الكثير من قرانا وبلداتـنا ، خصوصا ما هو منـها في سـهل نيـنوى . . وكما أشرت في موضوعي السابق ، فإن أبناء شـعبنا لايستطيعون تقديم شـئ لأنفسهم إذا ظلـوا متفرقين ضعفاء ، وعليهم السعي إلى القوة الضامنة للحفاظ على أنفسهم وتأكيد  بقائهم . . فالشعب الذي يتـكل على الأقدار في بقائه فهو ليس جديرا بالحياة ، لأن الحياة تحتاج إلى العـزم والمثابرة وتحطيم القيود وعـدم الإسـتجابة للمتخاذلين الآملين بعـودة المجرمين إلى جادة الصواب .

    ولابـد مـن أن يسـعى شعبنا  إلى القوة ، وهذا يتطلب غلبة  الرأي الصائب الذي لايقـدم على إجراء من دون ضمان ترجيح الربح على الخسارة ، والربح لن يكون بالقـتال والمغامرة ، وإنما بالتخطيط الصائب لبلوغه ، وبالنسبة لشعبنا فإن هذا التخطيط ينبغي أن يسـتـند على الوحدة القومية تسمية وقـناعة  والكلمة الموحدة تجاه القضايا المصيرية وتوفير المنطقة الجغرافية التي تجمع الوجود وتحميه وتحصين هذه المنطقة بحسب طبيعة وظروف ومتطلبات  كل مرحلة ، فقـد حلت نكسات كثيرة بشعبنا خلال القرن الماضي نـتـيجة التحركات غير المستـندة على التقويم الصائب لظروفها ، ونحن هنا لسـنا بصدد التـباكي على ما حصل ومضـى ، وإنما نحن نـود أن نسـلك في مرحلتـنا الراهنة السـبيل المدروس المؤدي إلى ما يحقـق النصـر الممكن المتـاح  لحياة شـعبنا .

    ومـن الخطأ عـدم الإستفادة من المكاسب المهـيأة  لشعبنا حاليا  مـن منطقة جغرافية وتعمير المنازل وتوفـير متطلبات الحياة الضروريـة  والجوانب العملية  فيها إضافة إلى الإدارة الذاتية مـن حكومية وتعليمية وثقافية واجتماعية وشـؤون الأمن . . وفي استشهاد المطران بولص فرج رحـو قدوة لشعبنا لاستلهام  أسـمى الدروس وأنقـاها في ترك الخـنوع وسحق المذلة والسير برأس شـامخ محدق نحو سـماء الإباء والتحدي في التمسك بالديار وصيانة الإرث وزيادة الكيل في خذلان الحاقدين ورد كيدهم إلى نحورهم  . .  وفي ذلك كتابة أروع نصر من خلال المبادئ والصمود والقيـم التي تأبـى الإستسلام للأشرار .

   

39
كفى شـعبنا شـهداء وطوائف يا أهل الكلام !   
 
ــــــــــــــــــــــ
جميـل روفائيـل

     اعتـدت دائما أن أكتب بصراحـة ، ولكن هـذه المرة سـأكتب بصراحة وبعض الغضب . . وليرضى عني مـن وجـد فـي مـا أقوله حـق ، وليغضب مـن لايزال متشـبثا بآمـال الأقـدار وسـاكنا بانتظار أن يهـتدي الإرهابي أو هناك مـن يهدي المجرم إلى سـبيل الصواب بالغـفر لـه أو طلب الرحمـة منـه  . .

   بدايـة ، كان إنطباعي دائما عـن المطران بولس فرج رحـو ، أنـه يتميز بالرصانة والوقار والإنصراف بهمة إلى أمور دينـه وخدمة رعيتـه ، وأنـه اتخـذ مواقف إيجابية مع الكل ولـم يطلق كلمة سـوء ضد أحـد حتى تجاه الإرهابيين ، ولايوجـد لـديّ  مـن وسيلة أسـاعده سـوى البقـاء مع أمـل أن يظهر سليما مـن جديد بين رعيتـه ومحبيه ، وأن ينعـم الشـهداء الثلاثة الذين كانوا بمعيته بنعمة الـرب ورحمته وجناتـه الأبدية . 
 
     وثـمّ ، لقـد قاسـى شـعبنا من همجية صـدام وعنصرية بعثـه الكثير الكثير مـن فتـك الحروب وإعدامات وحـدات الجيش باتهامـات الجبـن والخذلان وهـدم القرى وتغيـير الطبيعة الجغرافية والسكانية في غالبية القرى والبلـدات التي لـم يتمكن مـن تدميـرها  مـن خلال  نقـل مجاميع مـن شـذاذ الآفاق أصحاب الرشـاشات والبلطـات والعصـي الحديدية  للإستـيطان  والذين لايزالون يتحكمون في عـدد منـها وكأنهـم سـادة أصلاء لهـا منـذ عهـود أكـد وآشور وبابل  ، وأهلـها أذلـة ( أهل الذمـة ) عليهم الطاعـة والخضوع وإلاّ  بيـع الموروثات والأملاك للسـادة المفـروضين والرحيل إلى  بقـاع الدنيـا الواسـعة . .   

        ولـو اسـتمر صـدام في السـلطة لعاميـن آخريـن لكـان ما تبـقى مـن قـرى الآبـاء والأجـداد قـد أصبح  أيضـا  مـن آلام هـذه الأيـام وذكريات الغـد ونسـيان الأحفاد الذيـن فقـدوا الديـار واللغـة والتـقاليد والتـأريخ وكـل الإرث في ديـار الهجرة  والغربـة  . . ولأصـبح شـعب أكـد وآشـور وآرام في سـجلات الشـعوب البائـدة ولغـة المسـيح وأفـرام ونرسـي وابـن العبـري ضـمن أوراق اللغـات المنقرضـة . 
     
   ولكـن أهل الكلام لايرونـه ولـم يسـمعوا بـه !  لا بـل كان البعض منهم  حتى في الكنائس لايتورع  عـن الطلب من الموجودين الصلاة لأجل طول عمر صدام ونصرته ، إضافة إلى الوسائل  الممجـدة لصدام وعدله وإحسانه للمسيحيين ، لأن الرئيس المؤمن باللـه صدام  جـدد بنـاء كنيسـة في القرية الفلانية ( غير مهتمين بأن القرية خلت مـن سكانها وأصبحت الكنيسة مهجورة بلا قس ولا مصلين ) أو أنـه أعاد تعمير الدير الفلاني ( ولا يهمهم أن الدير الذي كان يعـج بالرهبان والميتم والمكتبة العامرة وكثرة الزوار أصبح بقس وراهبين لاغير )  . . وإزاء هـذا وغيره كـان الأوفياء لشـعبنا يقـولون فيـما بينـهم : أي  مستـقبل سيكون لشعبنا عندما تتحكم بأمـره هكذا أفكار  ، حيث لا إهتـمام حقيقي  بحياة شـعبنا  وبقـائه  واستـقراره الـذي لـن يكون  إلاّ  بالتـركيز على حقيقتـه القوميـة وتجمعاتـه السـكانية والجغرافية .   

   ولا نريـد أن  نطيل ، لأنـنا لسـنا مـن دعاة البكاء على الماضي وإنـما جعله دروسـا وعبـرا ، وإن كنـا لانتطرق إلى آلامـه  جزافا وإنما لنـا شـهادات موثوقة ومؤكدة عنـه وجعبـتنا بحسـرة  تختـزن الكثير منـه  . .  نعـم ، إن آلامنـا جسيمة لأن لائحـة شـهداء شـعبنا التي بدأت منـذ فوضى الإحتلال الأميركي للعراق ( ولا نتحدث الآن على اللوائح الكثيرة السابقة لذلك ، لأنـنا نريد موضوعنا أن يكون مركزا على هذه الفوضى ) ظلـت متواصلة ولا تزال ولا نرى نهاية قريبة لهـا مـادام الإحتلال موجودا ومشـجعا للطائفية السياسية الدينيـة التي تناسب وجـوده  ( وهـو موجود إلى أجل غير منظور ) وأمور شـعبنا يتحكم بـها رجال لايزالون لـم يتخـذوا دروسا وعبـرا مـن تفجيـرات الكنائس وقتـل القسـس والمؤمنين ، مـن دون ذنـب غيـر هويتـهم المسـيحية . .

     ورغـم كل هـذا لايزال البعض ومـن مختلف طوائفنـا  لايريدون فيـنا غير ميسحيين مثل الأميركيين والإنكليز وأهل البرازيل ،  وليس شرطا أن يكونوا  مسـيحيين  في العراق مـا دامت أرض اللـه واسعة للمسيحيين  . . ويتـزعم   شـعبنا أشـخاص همهـم أن يتـفقوا دائما على أن لايتـفقوا في شـأن إسـم لشـعبنا حتى في برلمان المحاصصة الطائفية السياسية  في بغداد  ( الذي أخجل شخصيا منـه ومـن العلم الذي فرضه للعراق  بذريعـة المؤقت )  وإلى حـد لا يهمهم أن يخلوا  نص بيان الكتل البرلمانية الذي نشرته وسائل الإعلام مـن أي إشارة لوجود شـعبنا في العراق ، إذ يقـول ( . . مصالح كل المكونات الإجتماعية فيها ـ كركوك ـ مـن عرب وكرد وتركمان إستنادا للدستور . . ) أمـا شـعبنا الذي هو أقدم كل شـعوب أرض الرافدين الموجودة حاليـا  سـكنا  وحضارة ومجـدا  ، فهـو مهمـل ، وطبعا بفضل ( جـر الطول والعرض بيـن تبايـن  القـادة  حول التسمية القومية الرسمية لشـعبنا )  وذلـك على طريقة اللبنـاني الغريب الأطوار المتحالف مع حزب اللـه ضد شعبه المسـيحي ميشـال عـون الذي صـرح مؤخرا (غياب لبنان عن القمة العربية ـ  رئيس لبنان دائما مسيحي ماروني مثـله ـ  ما دام حضوره سيكون عبر  حكومة فاقـدة للشرعية ـ حسب رأيه فاقدة الشرعية ولـو أنها مسـتندة على أكثرية برلمانية   ) .

 
    وطبعـا يتوهم مـن يتصور أن الآخريـن هـم المذنبون في خلـو البيـان مـن ذكـر لشـعبنا ، المذنبـون هـم مـن شـعبنا الذين فضلوا أن يتركوه  مـن دون اسـم ، لأن   الإسـم القـومي الجامـع الشـامل لاينسـجم ومصالحهم  ، فانقسـموا بيـن مـن يريد لشـعبنا تسـمية ( مسـيحي ) أو على الأقـل ( سـورايا ) المرادفة واقعيا للمسيحي ، وآخرون يريـدون تكريس الأسماء الطائفية ( كلداني وآثـوري وسرياني ) . . وكسبيل لإحتواء هـذه الضجـة المفتعلة ، اقتـرح الأوفياء تسـمية جامعة  ـ على الأقـل رسمية لاتسـتثني أحدا  ـ في المؤتمر القومي في عنكاوا الذي انعقـد في آذار العام الماضي 2007  ( كلداني سرياني آشوري ) وانبثـق عـن المؤتمر هيـئة قومية غير سياسية ولا حزبية ولا طائفية باسـم ( المجلـس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ) ومـع هـذا فقـد أخذ الراغبون في التشتت مـن سياسيين وطائفيين بوضع العراقيل أمامه ويرفضون الإنضمام إلـى المجلس  بذرائع واهية مثل التبعية لفـلان وضم شعبنا لـذاك .
   
     أقـول بوضوح ، إذا اسـتمرت حالـنا على مـا كانت عليه بالأمس ولاتـزال اليـوم  ، فـأنا لاأرى غيـر بقائنـا متفرقين يتلاعب بنـا الآخرون قتـلا وتشريدا ومهانـة ، لأن الضعيـف لايمكن أن يحقق إنجـازا حتى لنفسـه ونهايتـه الزوال ، وحتى مـن يدعون أنـهم نمـور ، فحقيقتهم ( مـن ورق لاغير ) لأنـهم نمـور على شـعبهم فقـط . . لأن رجـال الدين يكونون أقوياء عـندما يكون مؤمنيهم أقويـاء متكاتـفين ، والأحزاب تكون قويـة عـندما يكون شـعبها موحـدا في مسـائله المصيرية . . وأسـأل أين نحن اليـوم مـن هـذا وذاك ؟ ولابـد مـن التأكيد أن شـعبنا قـادر على التمييز والفـرز والإختيار ، ولا أريد أن أسبق الأيام لكي لا أتـهم بالموالاة لهذا وذاك ـ على رغم أنني لـم أكن يوما مواليا لأحد  لا شـخصا ولا حـزبا سوى  شعبنا ومـن خلاله ـ بالتأكيد ـ ممتـنا  وداعـما لمـن أراه مفيـدا لشـعبنا شخصـا أو حزبـا أو صديقـا .

    ولكـي لا أطيل هـذه المرة ، كما أعتـدت عليه في كتاباتي ، فأقـول : القـوة  تعنـي أن نتـفق على قضايانا المصيرية ، وهي في المرحلة الراهنة الإسـم القومي والمنطقة الجغرافية التي تضمن إستـمرارية بقـاء شـعبنا وتحصين تجمعاته السكانية . . هـذه كلها لـن تتحقق إلاّ  إذا تجردت مـن النعرات الطائفية ومسمياتها والتخلص مـن الذين  يسـعون إلى مزجها بشؤون دينية أو مكاسب حزبية أو زعامـات مناطقية . .

    ولنبـدأ بالإسم القومي ، نحن جميعا نتكلم لغـة واحدة ونكتب ( بألب بيث ) موحدة  ويشـملنا تأريخ واحد سـواء كانت عاصمته أور أو بابل أو نينوى أو أورهاي أو نصيـبين . . ألخ وتراث وتقاليد وعادات وصولا إلى عظماء وشـهداء وأبرار وآلام ومآسـي هـذه الأيام ، ولا خلاف بينـنا إلا بالإنتماء المذهبي الذي تصاعد منـذ ثلاثة قـرون لاغير وخمـد ثـمّ بـرز مـن جديد في الأيام الأخيـرة لأسـباب غير خافية  ، وكلنا نعرف أن الديانات ومذاهبها حسـابها عـند اللـه ، فلماذا ندخلها هي ومتعلقاتها مـن أطر  تفسيرية ومسميات وقادة ورجال فـي الأمور القومية ومسمياتها التي لاعلاقة واقعية لهـا بـها ، الإلتـزام الديني والإنتماء السياسي مـن الأمور الشخصية ، لكن القومية هي رابطـة  وحدوية جماعية للمصالح المتوارثة والراهنة والمستـقبلية المشتركة ، ولـذا لها إطارها الخاص المصـان  تعاونيا وتضامنيا للمشتركين فيها ، ولذا فأولى مقوماتـها هو الإسـم المشترك ، ومادامت الخلافات قـد واجهت الإسـم القومي بأسباب الفرقة المتوارثة ، فما هـو الضرر أن نجمع الأسماء الأكثر إنتـشارا لقطع الطريق أمام الشـامتين ، مـن دون الإهتمام بماهيتها الطائفية أو التداولية أو الزمنية ، مـادام همنا توحيد الكلمة وجمع الشـمل وإنهاء هيمنة  الغرباء عن شعبنا المتصيديـن للعثرات ، وجعل الإسـم توفيقيا مـن ( كلداني سرياني آشوري ) ، ولماذا معارضة هـذا الإسم مادام رسميا ولايرغم أحـدا على التخلي عـن قناعاته المخالفة لـه في المجالات غيـر الرسمية .

    ونأتـي إلى الجانب الآخر القومي المصيري ، وهو المنطقة الجغرافية ، مناطق شـعبنا كانت بالأصل موحدة في محافظة الموصل إلى مـا قبل أقل مـن أربعين عـاما ، باستـثـناء تلك الموجودة في محافظة أربيل ، وجرى تقسـيمها بعـد إستـحداث محافظة دهوك ، وإذا أخذنا القرى الموجودة في محافظة دهوك فهي مبعثرة ومـن المستحيل إستقطاعها مـن محافظة دهوك وضمها إلى تجمع مـع  قـرى محافظة نيـنوى ، إذن لـم يبـق أمام شـعبنا إذا أراد التجمع غير إنضمام قراه في سـهل نينوى إلى إقليم كردستان ، وهو الحل الوحيد لجعل شـعبنا قويا موحدا في منطقة جغرافية واحدة ، سـواء مـن خلال محافظة أو منطقة إدارية أو حكم ذاتي أو كانتـونات ، لايهم شـكل الضـم وإنـما المضمون الذي يجمع شـعبنا المنقسـم حاليا بين محافظتي دهوك ونينوى .

   قـد يـرد معترض ، لماذا لانشكل إقليما أو محافظة مرتبطة بالإدارة المركزية في بغداد ، أقـول ، شـخصيا من حيث المبـدأ لست ضـد الفكرة ، ولكـن تنفيذ أي فكرة يتطلب وجـود مقومـات لـه ، الواقـع أن بلدات وقرى شـعبنا لاتشكل بمفردها منطقة جغرافية موحدة أو حتى شـبه موحدة ، إذ  كيف يمكن التقريب بيـن بلدات شعبنا وقـراه في قضاءي زاخو والعمادية ، وأيضا حتى في سـهل نينوى أين هو الربط بيـن خط تلكيف ( وإن كانت  تلكيف تقريبا خرجت مـن الحساب بفضل الذين باعـوا أملاكهم  للغرباء ورحلوا )  ألقوش ومـا يحيط بـه  مـن قرى لاعلاقة لشـعبنا بـها  مـن جهة ،  وخـط بغديـدا برطلة مـن جهـة أخرى ، إذن أي إقليـم أو محافظة يمكـن أن يشـكل شـعبنا مـن هـذا الواقـع الفاقـد للمقومـات  ؟ وبوضـوح أرى أنـه خطأ تأريخي الإقدام على عـزل أو إهمال أي منطقة شـعبنا كبيرة كانت أم صغيـرة .

    وأمـا مـا تتخيلـه فضائيات  وبيانات أحزاب واتحادات الذيـن يقبعـون في الخارج مـن أجل الكلام  عـن إلإقليم الممتد في مثلث بيـن الزاب ودجلة وقائلين إن مـن يرغب مـن غير شـعبنا أن يخضع فيبقى ومـن لايخضع يرحل ، فهؤلاء لاننـاقش خيالهـم ، لأنـهم على الأقل لـو كانوا مؤمنين بمـا يروجونه  للإستهلاك الخارجي ، لكانـوا عـادوا إلى ديارهم الكريمة والمجـال صـار فسـيحا أمام كل عـائد وسـاع مـن أجل شعبنا بوفـاء وإخلاص . . والأدهى أن هؤلاء ليس لهم غير الضجيج  ( غير الخاضع للضرائب ) ولـذا فلـم نسـمع أنهم سـاهموا بدولار واحد لدعـم صمود شـعبنا في الداخل .

   ومسـك الختـام ،  أن سـلامة شـعبنا هي في ترسـيخ وحدته القومية وتوحيـد منطقـته الجغرافية ، وفـي هـذا يكمـن الجـد والعمل والفرز المستـقبلي  ، أمـا أن نغفـر عـن الإرهابيين ونطلب الرحمة منـهم ونصلي مـن أجل هدايتـهم ونوقـد   الشـموع لنضئ لهـم السبيل الصائب . . فهـذا يمكن أن يكون كلاما عابـرا وليس العمل الذي يحتاجـه شـعبنا الراغب حقـا بالحياة والبقـاء والرسـوخ . . ومـن يبني مئـات  المساكن للنازحين مـن مناطق الإرهاب  ويعمر لإستـقرار عموم شـعبنا   ويسـعى لجمعه   وحمايتـه  مـن جرائم الإرهابيـن . . لـه كل الثنـاء وخلود الإسـم في تأريخ شـعبنا سـواء كان داخـل العراق أو خارجـه ، ومـن شـعبنا أو غيـره ، لأنـه مـن صنف العمل والإنتـاج  وليس مـن أهـل الكلام والفوضـى   .       

40

8 شـباط ، مـا أشـبه اليوم بالأمس ـ 2
ــــــــــــــــــــــ
جميـل روفـائيـل

 اتـصل بـي أحـد الأصدقـاء ليقـول لـي : إن القسـم الأول مـن موضوعي عـن 8 شـباط كان طويـلا وحبـذا لـو جعلتـه حلقتـين . . رأي الصـديق صائب ، ولكـن نشـرته في حلقـة واحـدة لأنـه يتعـلق بفتـرة عبدالكريم قاسـم ومـا فيها مـن خيـر وألـم ، ولـم أرغـب تقسـيمها حفـاظا على ترابـط التـناول ، أمـا في شـأن الطول فإنـني مـع القـول : إذا أطعمـت فاشـبع ، وإذا ضربت فـأوجع ، وإذا  كتبـت فاوضـح . . ومـع فإنـني مـع الإيجاز ومـن دعـاة "  خيـر الكلام مـا قـلّ  ودلّ  "  عنـدما تكون قلـة الكـلام وافيـة لإعطـاء الدلالة ، وقليلـه يـدل علـى كثيـره . .
      ونبـدأ في القسـم الثاني ـ وهـو الأخير ـ  مـن حيث انتـهينا في القسـم الأول ، إذ  كنت في حيـنه مديـرا لمدرسة خانصـور ( القريبة مـن الحدود السورية ) في ناحية الشمال ـ قضاء سـنجار ، والحقيقـة كنت في أقصى درجات الضجر في اليوم الثاني بعـد إذاعة الإنقـلابيين لنبـأ إعـدام قاسـم ومـن معـه ، وتصاعـد تصفيات الحقـد البعثي مـع بيـان الحاكم العسكري للإنقلابيين رشـيد مصلح التكريتي ( تـمّ إعدامـه عـام 1970 مـن قبـل نظـام بعـث 1968 بتهمة التجسس ) . . وكان اليوم الثاني للإنقلاب السبت ولا يوجد دوام بسـبب الحـدث المشـؤوم ، وأنا جالس في البيت أسمع الراديو جاءني فراش المدرسة خضر حسين قائلا : إن صاحب الدكان المصلاوي ( نسيت اسمه ) دخـل المدرسة ، وكان بيتـي يبعـد عـن المدرسة نحـو عشرين مترا ، فذهبت وقلت لصاحب الدكان  خيـرا ، قال : جئت لأمـزق صور عبدالكريم قاسم الموجودة في المدرسة ، قلـت له : أنت إلى مـا قبل يوميـن كان دكانك مملوءا بصور عبدالكريم وكنت تقول أنك قاسمي ، أجاب : لا ، أنـا بعثـي ، قلت لـه : أهلا وسهلا ، مـع بـدء الدوام سأطلب من الفراش إفراغ كل الإطارات مـن صور عبدالكريم ، قـال : لا أنـا أمزقها اليوم ، قلت : افعل مـا تشاء . . وأخذ ينـزع الصور ويشتم ويدوسها بأحذيتـه ، فقلت في نفسي : هنيئا لك ياعبدالكريم وأنت في الآخرة ( بقاسميك الأوفياء ) . .
       وأخـذت الذكريات تجول في ذهني . . وتذكرت منـها ، بعد يوم مـن محاولة اغتيـال عبدالكريم من قبل البعثيين في تشرين الأول 1959 كنت أتطلع إلى مكتبات شارع النجفي بالموصل ووصلت إلى مكتبة ( العسلي ) المعروفة بأنها مكتبة البعثيين والقوميين ، ووجدت صاحب المكتبة وعدد مـن خلانـه يجمعون التواقيع لشـجب ( عملية إغتيـال الزعيم القومي الأوحد عبدالكريم قاسم التي قام بها الفوضويون الشيوعيون ) بالنص أتذكره جيدا وهو مـا كان مكتوبا في أعلى أوراق جمع التواقيع ، وكان صاحب المكتبة وخلانه يصيحون ( ندعوكم للتوقيع وشجب محاولة الفوضويين الشيوعيين لاغتيال الزعيم القومي الأوحد . . ) .
    وعصـر ذلك اليوم ، كـان معاون أمـن قضاء سنجار ( القاسمي ) يؤدي واجبه تجاه الإنقلابيين ( بعدما علم بانتصارهم وإعدام قاسـم )  مع مفـوض شرطة ناحية الشـمال ، بتفقد الوضع في قرى الناحية ، وطلب المعاون منـي ومـن معلم المدرسة ( وهو من كاني ماصي ) خوشابا شـمعون مرافقـته إلى سنجار ، فقلت لـه لماذا ؟ قال : بعض الأسئلة وتعودان حالا ، قلنا : وهل نأخذ بعض الملابس ، أجاب : لا أبدا ساعة وتعودان ، قلنا : خيرا . . 
     وصلنـا سنجار وأدخلونا  في قاعة كبيرة في شرطة سنجار ، كان فيها نحـو عشـرة أشخاص عرفنا بعضهم ، وسألناهم عـن وقت وصولهم هنا ، أجابوا قبل ساعة ، وحسب قولهم لأسئلة بسيطة وحتى الآن لاشئ ، قلنا :  وهذا ما قالوه لنـا . . وتواصـل التجميع وخلال ثلاثة أيام وصل العـدد الخمسين ، غالبيتهم مـن المعلمين والباقي مـن الفلاحين . . ويبـدو أنهم استخدموا العدالة لأنهم اختاروا مـن كل قرية تمكنوا مـن الوصول إليها شـخصا أو إثنين والقـرى التي ليس فيها مدرسة أخذوا فلاحا لكي لايعودوا فارغين ، بعض الموجودين كانوا بـعيدين كليا عـن الشيوعية مثل منيـر ( مسيحي ) معلم سنوني وخـدر ( يزيدي ) مدير مدرسة بـارا ، وكمـا تبين أن معاون الأمـن ( القاسمي ) كان عـادلا ، فقـد اختار الذين اعتـقلهم بأعداد متساوية بالنسبة للأديان والقوميات . . وللتأريخ أقول ، أثبت أهل سنجار إيزيدية ومسلمين ومسيحيين كرما معـنا فقـد كانوا كـل صباح وظهر ينقـلون لنـا الطعام مـن بيوتهم ويقولون أنتـم ضيوفنا لاتأكلوا طعام الشرطة ، كمـا أن أميـن عبـدو ( وكان من وجهاء سنجار ، وهو عـم ووالد  زوجة الشخصية الكردية سامي عبدالرحمن الذي استشهد قبل نحو ثلاث سنوات في تفجير إرهابي استهدف مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني في أربيل ) مـن الذين عملوا كثيرا للإفراج عنّـــا .
    ومضـت الأيام ، وكل الذين جمعوهم ، ظلّـوا في قاعـة شرطة سنجار مـن دون أي سؤال ، ومـن دون أن يستطيعوا رؤية معاون الأمـن بعد إعتـقالهم ، وكل الذي كان يصل مـن الشرطة ووجهاء سنجار ، أنـه لايوجد شاهد ضد أي منكم ولا بـدّ  مـن الإفراج عنكم ، وبعـد أكثر مـن شهر ، أبلغتنا الشرطة جميعا أن نهئ أغراضنا ونرتدي ملابسنا الإعتيادية ، سألنا الشرطة : هل حلّ الفرج ؟ أجابوا : لانعرف هذا مـا طلبوا أن نبلغكم بـه ، وخرجنا حيث كانت سيارات بانتظارنا ، وبعـد مسيرة قصيرة عرفنا أننا باتجاه الموصل . . وكانت محطتنا في الموصل سرداب مركز للشرطة ( أعتقد اسمه الفاروق ) وعلى رغم سعة السرداب فقـد صار لكل شخص نحو متر واحد طولا وأقل من نصف متر عرضا لكثرة تدفق حشر الناس فيه ، نحن من سنجار ومن الموصل وألقوش وبرطلة وتلعفر وغيرها .
     وبحسـب ما علمنا فقد كان من أفضل مراكز الإعتقالات بالموصل راحة وسماحا بالزيارات ، بفضل مسؤوله المفوض حاجم ( هذا اسمه ) الشاب الذي لايتجاوز عمره 25 سنة مـن أهل الجنوب ، الذي كان في منتهى الطيب والخلق والإحترام والبقاء في المركز باستمرار خشية أن يحدث إضرار بالمعتقلين . . لكن ذات يوم جاء إلى المركز ( العريف سمّـير ـ رئيس عرفاء الإنضباط العسكري في لجنة التحقيق ) وكنّا سـمعنا به وبأنه أسوأ البشر  خلقا وهوايته ضـرب الناس بالعصي والبسـطال لاغيـر وكان كل الطيبين في الموصل يتجنبون التصادم معه وقاية لشـره ، وطلب من الشرطة إخراج كل المعتقين إلى ساحة المركز ، فاستجابت الشرطة على مضض ، وفي تلك الأثناء كان حاجم يأكل في مطعم قريب ، فأسرع إليه أحد الشرطة وأبلغه بما يحدث ، فترك حاجم الطعام وجاء مسرعا إلى المركز ، واتجه نحو العريف سـمّير وقال له : ماذا تفعل ؟ أجابه سمّير : مـو شـغلك ، فصاح به حاجم : كيف مو شغلي أنا مفوض هذا المركز ومسؤول عن هؤلاء الناس ، وألتفت إلى شرطة المركز وقال لهم : أخرجوه خارج المركز قبل أن أفرغ طلقات مسدسي في رأسه ، فشكرناه ، فأجاب : لا أحتاج إلى شكر لأن هذا واجبي . . لكن الذي حصل بعد ثلاثة أيام استدعى مدير شرطة المحافطة  المفوض حاجم ولـم نشاهده ، وقيل لنـا أنـه تـمّ تسفيره إلى جنوب العراق .
    وخـلال وجودنا في مركز الشرطة ، لـم يجـر أي تحقيق معنا ، ولهـذا تـمّ نقل غالبيـتنا إلى القطاع الثاني للحرس القومي الذي كان يقوده سـالم مـلا علو ، وكنـا سمعنا قبل نقلنا بأنه بالرغم مـن سوئه كأي مقر للحرس القومي ، إلاّ  أنه أفضل مراكز الحرس القومي في الموصل ، وكانت عـادة تحال إليه القضايا البسيطة ، وذهبنا إليه وكان فيه بعض الذين  يمكن التفاهم معهم ومنهم سالم ملا علو نفسه وأشخاص من عائلة شيخو وشخص كان كما تبين يكتب الشعر اسمه محسن عقراوي ( وهو كردي مستعرب ) لكن كان يوجد شخص في منتهى السوء يسمونه حازم الأعور ( كان مشهورا باغتيال الناس لقاء مبالغ زهيدة في عهد قاسم ، وتم إعدامه بعد أيام قليلة مـن حركة 18 تشرين 1963 التي قام بها عبدالسلام عارف ضد البعثيين ) وأبلغونا في القطاع بوضوح بأن  الذي يأتي هنا يجب أن يعترف أنه شيوعي سواء بالطيب أو بالضرب ، ونقترح أن يعيد كل منكم كتابة هذه الورقة ويوقعها  من دون تعذيب ويعـود الى المركز ، ملخص الورقة ـ كما لازلت أتذكر ـ انتميت الى الحزب الشيوعي وأنا الآن أتبرأ منـه بعـدما عرفت أنه حزب عميل ومجرم . . قلنا ولكن سننكرها ونقول الحقيقة إذا تم التحقيق معنا في مكان آخر أو استدعتنا المحكمة بنـاء عليها ، قالوا : بعدما تخرجون من القاطع قولـوا مـا تشـاءون ، وبعد ثلاثة أيام عـدنا إلى مكاننا في مركز الفاروق .
     وبعـد عودتنـا ، علمنا أنه سيتم أخـذنا إلى لجنة التحقيق في شأن ورقة قاطع الحرس القومي ، وعريف سمّـير هو مسؤول انضباط اللجنة ، والذي يذهب إلى اللجنة عليه أن يعرف أمرين : إما أن يدفع أهلـه مبلغا مـن المال  للعريف سمّـير ويعطوه اسمه ليسلم مـن عصاه وبسـطاله ، أو أن يسـتعد ( لحمام ) جيد منه ، وغالبيـتنا آثـر حمّـام الضرب لنحو عشرة دقائق ( حيث أن الضرب لم يكن يستغرق أكثر لكثرة ضيوف عريف سمير كل يوم ) على ( دفع الإتـاوة ) لهـذا المجرم ، وأخذونا إلى اللجنة ( وكانت في مبنى دائرة ري الموصل في الساحل الأيسر ) واستلمنا عـند مدخل اللجنة العريف سمير وقادنا إلى غرفة واسعة وأخرج من جيبه ورقة بأسماء الذين دفعوا الإتـاوة وقرأ أسماءهم وطلب مـن جندي كان معه نقلهم إلى غرفة مجاورة ، ثـم أخذ الباقين وأنا منهم واحدا واحدا إلى غرفة أخرى ليقضي حوالي عشرة دقائق بين شتائمه وكلماته البذيئة وعصاه الغليظة وبسـطاله الجديد ، ليعود بعدها إلى الغرفة التي تـم نقل دافعي الإتـاوة إليها ، ثمّ أخـذوا كل واحـد منـا إلى مفوض شرطة يقوم بالتحقيق ( كان كما أتذكر أكثر من خمسة مفوضين يتوزعون كل واحد في غرفة ) ويسأل اسـمك عمرك إقامتك شغلك . . وبعدها أعمالك في الحزب الشيوعي العميل ، الجواب : لم أعمل . . ولكن يوجد اعتراف موقع من قبلك ، الجواب : هذه قصته . . هل يوجد لك شئ آخر تقوله : نعم لم تسألني حول الدقائق العشر مع شتائم وعصا وبسطال عريف سمّير . . قال المفوض : هذا لايخص التحقيق . . يقول المتهم : جيد شكرا ، ينادي المفوض شرطيا : خـذه هو والأوراق عند حاكم التحقيق ( كان في غرفة مجاورة ، وهو من عائلة كشمولة ، نسيت اسمه ) الحاكم : أجلس وأقرأ إفادتك . . بعد القراءة ، الحاكم هل أنت أدليت بها ومن دون ضغط : نعم : الحاكم : وقع أمامي . . شرطي خذه انتهى . . العودة إلى غرفة أخرى ، ثـم إلى مركز الفاروق . . وانتظر . .
     أمـور كثيرة حصلت في مركز الفاروق ، بين الضار والمفيد والمؤلم والباعث للفخر . . أذكر ذات يوم جاء عبد كرموش الخشاب إلى سرداب المركز يهـدد  إثنين من عائلة الشهواني بالموصل هما : سـوعان وشقيقه الأصغر منه طارق ، موقوفان بتهمة قتل سعدو أخو عبد كرموش أثناء تمرد الشواف ، فنهض بوجهـه سـوعان وكان ضخم قـوي الجسم وطوق رقبته بيديه  وكاد يقضي عليه خنقـا لولا جهود الموقوفين بتخليص عبد من قبضة سوعان ، وسمعنا بعد فترة أنهما أحيلا إلى المجلس العرفي بالموصل الذي حكم على  طارق  بالإعدام وسوعان بالسجن وبعد وقت قصير علمنا أن طروقي إبن عبد كرموش أختطف وعثـر على جثته خارج الموصل علما أن طروقي  هذا كان مجرما شهيرا بالقتل حيث  قيل أنه قتل مالايقـل عن مائة شخص خلال الإغتيالات التي حصلت في الموصل خلال السنوات الثلاث الأخيرة من حكم عبدالكريم قاسم  ، أما عبد كرموش فقد تـمّ إطلاق النار عليه في الموصل ولم يمت لكنه أصيب بشلل كامل ومات بعد فترة قصيرة . .
      ومن الأخبار التي سمعناها بتفاصيلها من المعتقلين الجدد في مركز الفاروق ، إعـدام الشـهداء سلام عـادل ورفاقه الذين كانوا معتـقلين في قصر النهاية ( الملكي سابقا ) واللافت أنـني قرأت قبل نحو أربع سنوات حلقات عـدة  لحديث طويل أجرتـه جريدة الحياة مع حازم جواد وزير داخلية الإنقلابيين الذي قـال إنه كان المسؤول العسكري للبعث أثناء الإنقـلاب وأنه وضع خطتـه وهو كان رئيس مـا سـمي بمجلس قيادة الثورة ،  أشـار  خلال حديثـه بأنه تفاجـأ حين علم بإعـدام سلام عـادل ورفاقه لأنه لم يعلم بذلك وعـندما سأل عرف بأن صالح مهدي عماش الذي كان من قادة الإنقلاب هو الذي أمر بإعدامهم بتصرف شخصي . . وأنا أقـرأ حديثـه الطويل قلت مع نفسي : حقيقة هؤلاء كانوا فالتون كل واحد منهم كان حكومة همه أن يصب شـره على الشعب العراقي . . وأيضا تذكرت تصريح  علي صالح السعدي الذي كان من زعماء البعث في حينه ونائبا لرئيس الوزراء أحمد حسن البكر في حكومة 8 شباط  ، الذي قال بعد  حوالي سنة من هذا  الإنقلاب : ليعلم الجميع جئنا في هذا الإنقلاب إلى السلطة بواسطة قطار أميركي . . وصدفـة التـقيت علي صالح السعدي  ( وكان ترك السياسة ) عام 1974 أو 1975 ( لا أتذكر بالضبط ) في مأتـم عـزاء ابـن أخيه الذي كان يعمل معنا في جريدة الثورة ، في داره الذي أعتـقد كان في شـارع فلسطين ، وخلال أحاديث متشعبة سألته : هل صحيح ما قرأناه لك حول القطار الأميركي ، أجاب : قلت الصحيح ولا أريد أن أزيد الآن . .
       وسمعنا أيضا ونحن في مركز الفاروق ،   عـن  صمود المعلم بنيامين أمام تعذيب الحرس القومي له  ، إذ كان بنيامين  يقـود  حركة عسكرية تنطلق من معسكر فايدة ( بين الموصل ودهوك ) للسيطرة على الموصل ، وكذلك صمود طالب عبدالجبار الذي كان مسؤولا عن لجنة الموصل المحلية للحزب الشيوعي ، وكذلك سمعنا عن حركة العريف حسن سريع الذي سيطر  على معسكر الرشيد ببغداد وكاد  يقضي على  حكم انقلابيي 8 شباط لولا أخطاء وقع فيها بعض رفاقـه في الحركة وأنه عندما جرت محاكمته   سأله الحاكم : كيف يصبح العريف عقيد ( في إشارة إلى أن حسن سريع  وهو عريف وضع على كتفيه رتبة عقيد ) فأجابه حسن : صار هذا ، لأن قبله العقيد حمل ولا يزال رتبة مشير ( في إشارة إلى أن عبد السلام عارف كان عقيد وأصبح بعد 8 شباط يضع رتبة مشير ) ، كما أتذكر ذلك الكردي الطيب الذي كان يعمل عاملا في مخبز  وهو عضو في محلية الموصل للحزب الشيوعي الذي أعتـقل وكان نصيبه معنا في مركز الفاروق .
    ونظـرا للزحام في مركز الفاروق ( حيث كانت المراكز والملاعب والدوائر الحكومية التي أتخذت معتقلات قد إمتلأت لكثرة جمع الناس من دون تحديد ) فانفتحت قريحة بعثيي الموصل بفتح مراكز جديدة خارج الموصل ، وكان أحدها في مستوصف المدينة الآثارية الحضر ، حيث أن المعتـقلات في ذلك الوقت كانت أهم من المراكز الصحية . . وجرى اختيار عدد من الأشخاص من كل مركز ، وفي مركز الفاروق كان الإختيار لا على التعيين ، تعال أنت تعال أنت وأنت أيضا . . خذوأ أغراضكم لنقلكم إلى معتـقل الحضر ، قلنا لهم ما السبب : قالوا لأن الدنيا صيف حار والسرداب مزدحم جدا ونخشى عليكم من الحر والإختناق . . وانتـقلنا  إلى الحضر . .   
    كـان الجو في مستوصف الحضر مختلفا بأشخاصه ، فقـد التـقيت بأشخاص طالما سمعت بهم وتمنيت لقاءهم ، المربي الوطني الذي لم يرضخ في حياته لظالم يحيى قـاف ، كنت أعرف ابنـه سـعد جيدا ، كان يحيى قاف رائد تعليم الأميين في الموصل وقضى معظم خدمته مديرا لمدرسة القحطانية الإبتدائية وكان يعلم الذين لايعرفون القراءة والكتابة مـن الموجودين في معتـقل الحضر ، ومن الموجودين كان جرجيس فتح اللـه الذي كنت مطلعا على كتاباته من خلال جريدته ( الحقيقة ) وكان موسوعة في الأمور التأريخية والسياسية والإعلامية . . والحقيقة كان الأكثر قربا إلى إهتماماتي وكان يهمني أن أستمع إليه وأسأله مستفيدا من هدوئه وصدره الرحب باستمرار ، ومن الموجودين أيضا يوسف الصائغ وكان يقضي غالبية وقته بكتابة الشعر ورسم الأشخاص وخصوصا الفلاح الشعبي الخمسيني رشيد حلبي وكنت أعرف يوسف الصائغ بشكل أعتيادي حين كان عضوا  في  لجنة مديرية تربية الموصل التي  تشكلت برئاسة بهنام شماس توما وعضويته هو وحسن عمر الأفغاني بعد مؤامرة الشواف 1959 ولكن في الحضر توثقت الصداقة بيننا ، وكذلك تعرفت في الحضر على المحامي ادريس علي خان الذي كان متابعا لقضايا عشائر شـمر في المحاكم ولهـذا كان على إطلاع واسع بتأريخ وأحوال العشائر العراقية . .  ومن الذين جذبوا انتباهي ذلك الفنان الكردي الشـاب ( مع الأسف نسيت اسمه ) المولع  بعمل بيادق الشطرنج من لـب الصمون إذ كان يجمع  لب الصمـون الزائد ثـم يضيف إليه السكر ويعجنه بصورة جيدة ويعمل أولا البيادق البيضاء ثـم يضيف إلى العجين المتبـقي رمـاد السكاير ليجعل لونه أسود ويخلطه بصورة جيدة ويعمل البيادق السوداء ويتركها حتى تجف جيدا فتصبح صلبة وبحيث من المتعذر معرفة أنها ليست أصلية ، ثـم يأخذ القطعة الجيدة من قميص أبيض  عتيق    ويعمل فيها المربعات المطلوبة ويقدمها هدية لمن يريد تعلم لعبة الشطرنج .
     ولـم أمكث أكثر من عشرين يوما في معتـقل مستوصف الحضر ، حيث كانت قـد بدأت عملية الإفراج عن الموقوفين بقرارات يصدرها الحاكم العسكري للمنطقة الشمالية ( كان لقبه الصقلي ) الذي مقره في قيادة الفرقة في كركوك ، وكنت ضمن الوجبة الثانية التي يطلق سراحها من الحضر وأخذنا عريف شرطة ونحن  في طريقنا  الى الموصل  توقف العريف  ظهرا  في إحدى القرى العربية أمام مضيف الشيخ أو المختار ( لا أتذكر ) الذي هيأ لنـا طعاما سريعا وتناولنا الغداء وودعناه وواصلنا طريقنا الى الموصل حيث سلمنا العريف إلى مديرية شرطة الموصل التي بعد إجراءات استغرقت حوالي نصف ساعة أطلقوا سراحنا . .
       فأخذت سيارة في الحال إلى تللسقف ونزلت أمام بيتـنا ، وعندما دخلت فوجئوا ، وقالوا : هل هربت ، قلت: لا أطلقوا سراحي . . وبقيت فترة في تللسـقف ثـم ذهبـت إلى محطة كي ثري ( قرب حديثة ، حيث كان والدي يعمل ) وبقيت فترة وذهبت إلى محطة تي وان حيث كان عمي يونو وأقاربي يعملون وبعد فترة ذهبت إلى بغداد عند أقاربي وصادف أثناء وجودي في بغداد إنقلاب عبد السلام عارف على البعثيين في 18 تشرين 1963 ورأيت وأنا في منطقة البتاوين كيف كان الحرس القومي البعثي يترك سلاحه وملابسه في المقرات ويهرب . . كمـا وصلني خبـر أن القائمين بانقلاب تشرين كانوا يعتقلون البعثيين ويودعوهم المعتقلات التي جعلها البعثيون مكتظة بالشيوعيين والوطنيين ، فيسـتقبلهم الموقوفون من الشيوعيين والوطنيين بالأغنيـة العراقية الشهيرة ( سـبحان الـلي جمعـنا بغـير ميعـاد . . ) . 

41

8 شباط  ، مـا أشـبه اليوم بالأمس ـ 1

ـــــــــــــــــــــ
جميـل روفائيـل

    للـمرة الأولـى ، أكتـب  عـن 8 شـباط 1963 ، لأنـني أرى أن الأمـور تسـير فـي العـراق فـي الطريـق المؤلـم الـذي شـهدته تلـك الأيـام . . قـد يكـون مـا أتـناوله معروفـا فـي غالبيـته لمـن هـم في عمـري مـن القـراء وأكبـر ، ولكـنني أرى أنـه سـيفيد أولئـك الـذين لـم يعـاصروا تلـك الفتـرة . .  ولأنـني أيضـا لسـت مـن هـواة تدبيـج العبـارات الإنشـائية فـي مـدح مـا أقبـله وذم مـا أخالفـه فـي الأمـور ومنـها السـياسية ، أو الدخـول في تحليـلها وأنـا واثـق بـأنني لسـت متـمكنا مـن إعطـاء الشـؤون حقـها . .

       ولأن القضـايا لا لاتعـالج بالأقـوال الإنشـائية وفضـائل الثـناء  الجوفـاء ،  وصـب الـذم إنطلاقـا مـن الإكـراه ، والتحليـلات المزاجيـة . . وإنـما مـن خـلال إيـراد حقيقـتها ونتـائجها والإتعـاظ بعبـرها ، وبـذلـك أرى أن الموضـوع الـذي يسـتعرض حقبـة تأريخية ينبـغي أن يكون موثـوقا بكـل الجوانـب التـي يتـناولها . .

        وأود أن أشـير إلـى أنـني أكتـب الآن  للتـأريخ فـي الأمـور التـي أتنـاولها ، ولـذا لسـت بصـدد تبـرئة الشـيوعيين مـن أخطـاء وأفعـال ارتكبـوها ، متـنوعة منـها : مـا جـاء عـن قصـد ، أو فـرض عليـهم ، أو حصلـت بسـبب ضغـوط سـوفيتية ، أو أحقـاد ومنافسـات سـياسية أو حتـمتها الظـروف عليـهم ، أو تصـرفات شـخصية وانعكاسـات للتسـيب . . وقـد شـخصوا هـم الكثيـر منـها واعتـرفوا وانتـقدوا غـالبيـتها فـي مؤتـمراتهم وبيـاناتهم ، ويبـدو أنـهم تجاهلـوا قسـما منـها لأسـباب تخصـهم هـم .

      ولكـي أحـقق الـربط الضـروري ، سـأقـدم فـي القسـم الأول لمحـات للفتـرات التـي عشـتها مـدركا أمـورها قبـل 8 شـباط 1963 ، ثـم أخصـص القسـم الثـاني لمـا قاسـيته ورأيتـه وسـمعتـه وقـرأته موثـوقا لمـا نتـج وأعقـب مأسـاة 8 شـباط ، وللتـأريخ أقـول ، وأنـا الـذي عشـت الفتـوة والعتـبة الأولى مـن شـبابي مـع الأيـام الأخيـرة للعهـد الملكـي ، حيـث كنـت معـاديا وحاقـدا على ذلـك العهـد منـذ بـدأت مرحلـة الدراسـة المتوسـطة واشـتركت فـي تظاهـرات عنيـفة ضـده ومـزقت بالإشـتراك مـع أصدقائـي في تللسـقف صـور الملـك فيصـل الثـاني  كلمـا دخلـنا بيتـا ووجـدنا صـورته فيـه ،  لأنـني كنـت أنظـر إلـى عهـده مـن زاويتـه السـياسية المسـايرة لرغبـات الإنكلـيز مـن دون جوانبـه الأخـرى  . .

       لكـن ،  اكتـشـفـت مـع الأيـام ، أن سـبب حقـدي على ذلـك العهـد كــان " لاتعـرفني إلاّ  بعـدما تجـرب غيـري "  فقـد أقنعتـني الأيـام أنـه كـان ، بصورته العموميـة ، مـن أفضـل العهـود ( كعهـود ، وليس فتـرات قصـيرة منـها )  التـي جـاءت بعـده حتـى اليـوم ، أمنـا وعـدالة إجتماعيـة وقضائيـة وقانونيـة وبعـدا عـن الطائفيـة واحتـراما للمواطنـة ( كـان للمسـيحيين دائمـا سـتة نـواب بيـن مئـة عضـو يتكون منـهم مجلس النـواب في ذلـك الوقـت ، وعضـو أو عضـوان في مجلس الأعيـان المتكـون مـن أربعيـن عضـوا ، وعضـو أو عضـوان فـي كـل وزارة ) وضـآلة فـي الرشـوة وسـرقة أمـوال الدولـة . .

   نعـم ، كانـت هنـاك أحزاب يقـول النـاس عنـها ( للسـنة ، لأن رئيسـها سـني ) كالإتحـاد الدسـتوري لنـوري السـعيد ولكـن بالحقيـقة ربـما كـان عـدد الشـيعة فيـه أكثـر مـن السـنة  وفيـه مـن المسـيحيين والإيزيـدية وغيـرهم عـدد ليس  قليـلا ، و ( للشـيعة ، لأن رئيسـها شـيعي ) كحـزب الأمـة الإشـتراكي لصـالح جبـر ولكـن في حقيـقته كـان يضـم مـن السـنة أكثـر مـن الشـيعة وكـان فيـه أيضـا مسـيحيون ( أعـرف منـهم الصحافـي التلكيـفي اسـكندر المعـروف ) وأيزيـدية وغيـرهم ، وكانـت هنـاك عشـرات الأحـزاب العلمـانية العـلنـية والسـرية .  .

    ولكـي  لا أطيـل وأتشـعب والجَـعبـة تختـزن الكثيـر ،   ، أذكـر أن الكاتـب اليسـاري علـي الشـوك كتـب في أحـد أعـداد جريـدة ( الحيـاة ) أدلـة مؤكـدة علـى طيـبة نـوري السـعيد ونـزاهتـه ومقـته للرشـوة والمحسـوبية وبسـاطته واحتـرامه لملكيـة الآخـرين ،  وأتـذكر أن النـاس كانـوا يشـتمون الأميـر عبـدالإلـه لأنـه كـان يملـك معمـلا ( لنسـيج الخـام الأبيـض ) لتـدبير أمـوره ، ولكـن بعـد الإطاحـة بالملكيـة لـم يسـتطع أحـد أن يثـبت أن فيصـل الثـاني أو عبدالإلـه أو نـوري السـعيد كـان يملـك أكثـر ممّـا يـوفـر مـن رواتبـه ومخصصـاته . .

    ونشـر أخيـرا  طبيـب عـراقي  ( نسـيت اسـمه ) كـان شـارك فـي معالجـة عبدالكريـم قاسـم مـن جـروحـه إثـر محاولـة إغتـياله ( شـارك فيـها صدام )  فـي تشـرين الأول 1959  يعيش حالـيا فـي الأردن ،  كتابـا يتـناول ذكرياتـه  ويقـول فـي إحـدى فقـراته : حضـرت إفتـتاح فيصـل الثـاني وبعـده عبدالكريـم قاسـم  معـارض فنيـة . . هـذا العـراق لايعرفـه سـوى  أصحابـه ، فالجيـل الحـالي لـم يسـمع مـن العراق إلاّ  أخبـار الحـروب والقتـل  والجثـث بـلا رؤوس . . أيـن ذلـك العـراق ملـك وبعـده زعيـم يحضـران حتـى افتـتاح معـارض فنيـة ؟ عليـنا أن نبكـي أنفسـنا في عـراق اليـوم وننـتظر عراق الغـد ، لنـرى ! .

    وأنتـقل إلـى العهـد الجمهـوري ، وأقـول بثـقة  أن عبـدالكريم قاسـم بشـخصه كـان نزيـها عفيـفا إلـى أبعـد الحـدود ، وأنـه جـاء بقـوانيـن وطنـية تأريخيـة إقتصـادية وعمـرانية ووطنيـة واجتماعيـة ( للمـرأة ) وغيـرها ، لكنـه بالتقديـر الـذي تكـوّن لـديّ عـنه ، أن  قاسـم  كـان عسـكريا فـذا  صالحـا لكـل مناصـب القـوات المسـلحة ، ولكـن لـم يكـن أهـلا لتـولي السـلطتين السـياسة والإدارية ،  ولـذا فـإن فتـرة الريـادة الوطنيـة والشـعبية عـنده لـم تتـجاوز السـنة الأولـى مـن حكمـه . .

   لأنـه ( وسـأقدم أمثلـة لكـل مـا أذكـره ) كـان عنـيدا إلى حـد التخبـط المزاجـي يقـرر مـن دون التحقـيق فـي حيثـيات الأمـور ،  وعاطفيـا ينخـدع بسـرعة حتـى فـي القـرارات الخطيـرة ، ويعتـمد على المنـافقين ويتجنـب الأوفيـاء ، ويـرى في بـث الإنقسـام بيـن الآخـرين قـوة لـه ، وهمـه مسـك العصـا بمنتـصفها وتغمـيض عينـيه لكـي لايـرى الذبـاب الـذي يسـقط  والأوسـاخ التـي تـتجمع عليـها ، لاتهمـه الفوضـى داخـل القـطار وهـو يواصـل سـيره على السـكة والزعيـم ( هـو ) ملتـزم بمقولتـه "  عفـا اللـه عمّـا سـلف  "  ،  ومغـرور بنفسـه راغبـا الإطـراء وتشـبثات السـلطة إلى حـد الإعتـقاد بفـشـل ذريـع لكـل مـن يتحـرك ضـده  . .

    وبذلـك ، فهـو واقعيـا يشـكل السـبب الرئيسـي فـي فسـح المجـال  لكـل الفوضـى التـي حصـلت فـي عهـده الـذي امتـد لأقـل مـن خمس سـنوات ، ومهـد لمأسـاة 8 شـباط  . . وأقـدم أمثلـة أراهـا تـدعم الصـورة المتـكونة عـندي على قاسـم وممارسـاته فـي السـلطة ( والحقيـقة ، أنـا لـم أكـن قريـبا منـه ، وإنـما لـديّ  أفكـار  مـمّا  تابعـته عـن بعـد فـي وقـت قاسـم وبعـده ،  سـماعا وقـراءة وصحافـة وإذاعـة ولقـاء مـع معـارف فـي بغـداد  لهـم نـوع  مـن الإطـلاع الواقعـي  . . ) .

   إنـه كـان عنيـدا . . ، مثـلا ، بعـد حـوادث كركوك في تموز 1959 ، جاءتـه امـرأة تركمانيـة مـن كركوك تشـرح لـه وتبكـي وتمثـل ( جرائـم الشـيوعيين ) وفـورا زمجـر وغـضب ، وعلـى رغـم كـل التوضيحـات وطلبـات التأكـد مـن الحقيقـة قبـل الإسـراع في إجـراءات قـد تكـون لهـا نتائـج وخيـمة ،  التـي تحـدث  بـها  كـل مـن فاضل عباس المهـداوي ووصفـي طاهـر وطـه الشـيخ أحمـد مـع قـاسم  ، فقـد ظـلّ متمسـكا بعنـاده بشـكل بـدا  لهـم وكأنـه كـان ينتـظر ذريعـة وأصـدر أوامـر متـتالية بأقـالة  كبـار العسـكريين الشـيوعيين والوطنيـين الأوفيـاء  فـي الجيش ( منهـم داود الجنـابي قائـد الفرقة الثالثـة التـي مقـرها ـ فـي حينه ـ كركوك ) والشـرطة ، وأطلـق أيـادي  غـلاة  الرجعيـين والمتآمـرين عليـه بالـذات في الشـرطة والأمـن ، الذيـن كانـوا يتلهـفون لمثـل هـذه الفرصـة ، فـي كركوك والموصـل باعتـقال مـن يشـاؤون بذرائـع  إرتكـاب جرائـم في كركوك  وخلال تمـرد الشـواف 1959 في الموصل . .

    وتمـادى فـي عنـاده ، إلـى حـد أنـه لـم يكتـف بـأوامر الإقـالات والإعتـقالات ، وإنـما ذهـب لافتـتاح كنيسـة مـار يوسـف الكلدانيـة في بغداد وألقـى خطـابا إرتجاليـا تـم نقلـه مباشـرة  بأمـر منـه  مـن محطـات الإذاعة والتلفـزيون العراقية ، مـلأه بعبـارات الإتـهام والوعيـد والعـقاب والتحـذير للشـيوعيين نـادرا مـا يمكـن أن يصـدر مثلـه علنـا  مـن رئيس دولـة مهمـا كـان  عـدوا  للشـيوعية ، وإطـلاقه في مناسـبة دينـية لا عـلاقة لـها بهـذه القضـية وبمثـل هـذه الأمـور .

    وعلمـت فيمـا بعـد أن الذيـن حرضـوا علـى عمليـات السـحل التـي حصلـت أثنـاء تمـرد الشـواف في الموصل لـم يكونـوا شـيوعيين وأن مـن كان يلقـب نفسـه رئيس السـحالة إسـمه عبدالسلام وتـأكد فيـما بعـد أنـه كـان يعمـل للإستخبـارات البريطانيـة . . كمـا علمـت مـن مصـادر عـدة بيـنها تركمانيـة  أن عمـلاء الإنكليـز فـي شـركة نفـط كركوك هـم الذيـن رتبـوا لكـل مـا حصـل فـي كركـوك ومـا تبعـه ، وهـذا يؤكـد مـا قرأتـه فـي مذكـرات البطـل الراحـل تـوما تومـاس ، وكـان قيـاديا شـيوعيا في كركوك أثنـاء حوادثـها ، بـأن الشـيوعيين كانـوا ضـد كـل مـاحصـل وأن الذيـن أثـاروها هـم مـن الرجعيـين والمندسـين مـن فصـائل  الحاقـدين  التـركمان وغيـرهم .

      وعـاطفيا كـان قـاسم  ينـخدع  ويتـأثر ويتصـرف بسـرعة . . ، فهـو مثـلا ، فـي خريـف 1958 حصـل تجمـع  لمئـات عـدة مـن الطلبـة الراسـبين أمـام مقـره فـي وزارة الدفـاع  وهـم يهتـفون لـه ، فـأطل عليـهم مـن نافـذة مقـره وطلبـوا مسـاعدته ، فـأبلغـهم حـالا  بأنـه سـيصدر قـرارا  بزحـف كـل الطلاب الذيـن لـم يجتـازوا صـفهم واعتـبارهم ناجحيـن إلـى الصـف التـالي ، وهـذا  مـا حصـل مجـردا مـن التـفكير بالعـواقب الأخلاقيـة والنفسـية والعلميـة ،  حيـث انـتقـل كـل طـلاب العـراق الراسـبين وغيـر المـداوميـن والمشـاركيـن فـي أي دراسـة أو إمتحـانات في صـفهم إلـى الصـف التـالي ، وأنـهى الدراسـة  آلاف الطلبـة الـذين لـم يداومـوا يـوما في الخامس الأعـدادي مـن خـلال بكـالوريا لـم يشـاركوا فيـها  ،  وأصـبح حالـهم محسـوبا دراسـيا  مثـل غيـرهم الذيـن واظبـوا على الدراسـة وكـل متطلباتـها .
   ويعتـمد على المنافقـين . . ، فقـد حدثـني الملحـق العسـكري في بلغـراد عـام 1983 ( وهـو بعثـي منـذ كان طالبـا في الثانوية ) أنـه ، هـو وعـدد مـن الضـباط ( كان هـو في عام 1959 برتبـة ملازم أول ) الذيـن طـردوا مـن الجيش إثـر تمـرد الشـواف ، كـانوا قـدموا  في صـيف 1959 وثيقـة بالـولاء لعبدالكريم قاسـم طالبـين مقابلتـه ، فاستـدعاهم  إلى وزارة الدفـاع ، وعـندما دخـل القاعة التي كانـوا ينتظـرونه فيـها ، فأخـذوا له التحيـة وتقدمـوا واحـدا بعـد آخـر لتـقديم قسـم الولاء لـه مرفوقـا بعبـارات سـيدي وقائـدي وزعيـمي . . فقـال لهـم : مـاهـي مطالبـكم ؟ فأجـابوه : سـيدي عـودتنا إلى الجيش لخدمتـكم والدفاع عـن أوامـركم ، فقـال لهـم : أنتـم مـن اليـوم تعـودون إلى وحـداتكم مـع احتسـاب مـدة بقـائكم خارج الجيش خـدمة لكـم ، فصـفقوا وهتـفوا ( نحـن فـداء لزعيـم العراق والأمـة العربية الأوحـد ) ، وأضـاف قاسـم : وهـل مـن مطالب أخـرى لكـم ؟ أجـابوا : سـيدي أكيـد يوجـد شـيوعيون في وحداتـنا وسـيعادونـنا ويثـيرون لنـا المشـاكل ، فقـال لهـم : إعتـبارا مـن الغـد أكتبـوا مباشـرة تـقارير لـي عـن كـل مـن يسـئ إليـكم وسأنـقله ، ( فصفقوا له وهتـفوا . . ) وهكـذا لكـل مـا طالبـوا بـه . .

     وأضـاف الملحـق العسـكري في بلغـراد شـارحا لـي مـا تبـع ذلـك وقـال :  فـي اليـوم التـالي  التـحقنا بوحـداتنا ومعـنا أوامـر موقعـة مـن قاسـم ، وبـدأنا بكتابة التـقارير على كـل مـن نشـك فيـه ، وبعـد أيـام أصـبحت عشـرات الوحـدات العسـكرية تحـت سـيطرة البعثيـين والقوميـين  . 

    وحـدثني سـامرائي ( وكان أثنـاء الحديث عام 1972 متـقاعدا ) عمـل معـاونا لمدير الشـرطة العـام ومحافظـا للكـوت وكـان قبـل ذلـك  في وقـت عبدالكريم قاسـم مديـرا لشـرطة البـلدة ( مدينـة الموصـل ) في محافظة الموصل ، واشتـرك في إحـدى محـاولات اغتـيال قاسـم عـندما كـان في زيـارة لمنطقـة بمحافظـة الكـوت ( لـم يكن بعثـيا وإنـما محسـوبا على القوميـين ) أنـه  ( مـن أجـل إيقـاع قاسـم في المشـاكل واسـقاطه ) فقـد كـان  القوميـون والبـعثيون ومنـهم وزير داخليـته  أحمد محمد يحيـى ومحـافظ الموصل عبداللطيف الدراجي ومدير شـرطة محافظة الموصـل اسـماعيل عبـاوي وقـادة في الجيش والأمـن ورجـال ديـن . . حركـوه للقيـام بعمليات ضـد الأكراد ورفض التـفاهم معهـم ، وكذلـك أثـاره  قادة يكرهونـه  في الحكومة والجيش والأمـن للمطالبـة بالكويـت .

    وكـان يـرى في بـث الإنقسـام . . ، قـوة لـه ، أي كلمـا زاد العـداء بيـن الأحـزاب العراقيـة يضـعفها كلهـا مـا يجعلـها خاضعـة لنـفوذه   ،  حتـى الحـزب ( الوطنـي الديمقـراطي ) بقيـادة كامـل الجادرجـي ، الذي كـان يعتـبره أقـرب الأحزاب إليه ، عمـل على تقسـيمه بتحريـض وزيـره المفضـل ( للمالية ) محمـد حـديد وجماعـته للإنسـحاب  منـه وتشـكيل حزب آخـر حظـي بدعـم قاسـم الواسع ،  كمـا أقنـع داود الصائغ ( شـقيق المطران داود الصائغ وعـم يوسف الصائغ ) وكـان قيـاديا شـيوعيا قديـما لكنـه  توقـف عـن العمـل الحزبـي قبـل 14 تمـوز 1958  ، بتشـكيل حـزب بأسـم ( الحزب الشـيوعي العراقي ) وأعطـاه رخصة جريدة لحزبـه  باسـم ( المبـدأ ) ومسـاعدات مالية ضخمـة ، ورفض إعطـاء إجـازة للحزب الشيوعي الأصـيل وألغـى بذرائع واهيـة صـدور صحيفتـه ( إتحـاد الشـعب ) . . وحتـى الذريعـة  السـخيفة بعثـور رجـال الأمـن  على قنبلـة في حديقـة مقـر صحيفـة ( البـلاد ) لورثـة روفائيـل بطـي استـغلها مـن أجـل تعطيـل هـذه الجريـدة التأريخيـة  لأنـها كانـت ذات نهـج يسـاري  ، وصـارت هـذه القضـية  ضـد البـلاد  متداولة بسـخرية  بيـن الصحافيـين والسياسـيين في ذلـك الوقت .

    كمـا سـمح لمرجـع الطائفة الشـيعية عبدالمحسـن الحكيم ( والـد عبدالعزيز الحكيـم ) بـإصدار فتـوى تحريـم الشـيوعية ، وكذلـك أتـاح المجـال  لعـدد مـن رؤسـاء الكنائس المسيحية بدخـول المعمـعة واستـغلال مجالاتـهم الدينـية ( لـي أمثلـة كثيرة على ذلـك ) لمحاربة الشـيوعيين . .

   ومـن الأمـور التي تداولهـا العراقيون في ذلـك الوقـت ، أن صـالح زكـي توفـيق ( كان برتبـة لـواء في الجيش في العهـد الملكي ، فنقلـه قـاسم  إلى وظيفة مدنيـة عاليـة أسـوة بكـل الضباط الذيـن كانوا يحملـون رتـب أعلى مـن زعيـم التي كان يحملهـا قاسـم حيـن قيـامه بثورة 14 تمـوز ) وكـان مديرا عـاما للسـكك الحديدية ويكتـب مواضـيع في الصحف ( قيـل أنـه كان يطلـب مـن شـيوعيين في السكك كي يكتبـوها لـه ويضـع هـو فقـط اسـمه عليها ) تعطـي إرشـادات وطنيـة تـقدمية لصيانة ثـورة 14 تموز ، وبعـد حـوادث كركوك أحالـه عبدالكريم قاسم على التـقاعد ، فذهـب صالح زكي توفيـق إليـه مستـفسـرا عـن السـبب ، فقـال لـه قاسـم : لأنـك تكتب على النهـج الشيوعي ، فأجابـه صـالح : أنـا أكتب هكذا لأنـه نهجـك ، فقـال قاسـم : أنـا بـدلت الكـيـر ( مغيـر سـرعة دفـع السـيارة ) ، فأجابـه صالـح : وأنـا مـن الآن بـدلت عشـر كيـرات ، فقـال قاسم : غـدا عـد إلى وظيفـتك ، فعـاد صالح زكي توفيق إلى وظيفتـه مديرا عـاما للسـكك  وأول إجـراء إتخـذه فصـل كـل الذيـن كان يطلب منـهم كتابة المقالات لـه ( لأنـهم فوضويـون )  وبـدأ بكتابـة مقالات ( قيـل أنه طلب مـن أعـداء الشيوعيين كتابتها لـه ) تـناقض كـل مـا كـان  ينشـره باسـمه  سـابقا .

    وكـان عبدالكريم قاسـم يدعـي  أنه يمسـك العصا مـن منتصفها . . لأنـه ( إبـن الشـعب البـار وفـوق الأحزاب والميـول والإتجـاهات ) وهـذا مـا جعل الأشـكال والألوان يتجمعون حوله ويحصلون على المناصـب الرفيعـة  في الحكومة  والجيش والأمـن والإدارة على أسـاس أنـهم ( قاسـميون ) وكـان كثيرا مـا يؤثرون عليه لتغيـير وعـوده وقراراتـه ، ومنـها ، في مؤتمـر عـام 1959  لأتحاد الأدبـاء العراقيين وكـان يرأسه الشاعـر محمد مهـدي الجواهري ، ألقـى كلمـة منقولة مباشـرة مـن محطات الإذاعة والتلفزيون العراقية ، ومـما قاله فيـها : ( سـنأخذ منكـم رئيسـكم ـ الجواهري ـ  لنعينـه وزيرا للثقـافة والإعلام ) وكـان المتوقـع أن يصدر في مسـاء اليوم نفسـه مرسـوم بتعييـن الجواهري وزيـرا  ، لكـن ( القاسـميين ) تجمعـوا حولـه كالذبـاب مـرددين : إن الجواهري أخطـر مـن الشـيوعيين . . وأقنـعوه بالتخلي عـن وعـده الذي انتشـر في العـالم كلـه ، وخضـع  للقاسميين  متـناسـبا عنـاده .

    وكـان عبدالكريم قاسـم يجـاوب ( المهـم أن قطـار العراق يواصـل مسـيره . . ويعني بقيـادته ) عـندما ينقـل له أحـد ، مثـلا ، أخبـار جرائـم القـتل والإعتـداءات والفوضـى وتجاوزات موظفـي الإدارة والشرطة . . ألخ  ، التي ترتكبها عصـابات البعثيـين والقوميـين والأخوان المسـلمين وغيرهم مـن السـاعين لإسـقاط قاسم في مناطـق مختلفـة مـن العراق ، وكثيـرا مـاكان  للبـعيدين عـن مكتبـه يخـرج   قميصـه الذي كان لابسـه  أثنـاء محاولة إغتيـاله ( 1959 ) وعليـه دمـه ،  والذي كـان يحفظـه في خـزانة فـي مكتبـه ليقـول : وانـا حـاولوا قتـلي .

        وأمـا بالنسـبة للبعثـيين الذيـن اشـتركوا بمحاولة إغـتـياله وحكـمت عليـهم ( محكمـة الشـعب ) التي كان يرأسـها فاضـل عبـاس المهداوي ويتـولى الإدعـاء العـام فيـها مـاجد محمد أميـن ، بالإعـدام والسـجن بفتـرات متباينـة بحسـب مقـدار مشـاركتهم في الإغتـيال ، فقـد عفـا عـنهم قاسـم ( إنطلاقا مـن شـعاره عفـا اللـه عمـا سـلف ) وذلـك عنـدما جـاءه ( عام 1960 )  ملـك المغـرب محمـد الخامس ( جـد محمـد السـادس ملـك المغـرب الحالـي ) وطلـب مـنه العـفو عنـهم ، فاسـتجاب حالا لطلب الملـك الذي لقبـه قاسـم ( بالملـك الشعبي )  واحتـراما لمجيـئه أهـدى قاسـم للجيش المغربي سـربا مـن الطائرات العسـكرية .

    وكـان قاسـم مغـرورا . . ، ويشـجع الإطلاق عليـه ألقـاب الزعيم الأوحـد وابـن الشـعب البـار . . وغيـرها ويطـري على مـن يؤلـف الأغـاني التي تمجـده مـثـل ( مرحى يا قـائدنا . . ) التـي كتبـها معلـم مصلاوي ( نسـيت اسـمه )  كـان يدعـي القوميـة  عـام 1959 . . وظـل قاسـم يتماطـل بذرائع ووعود  طيلـة عهـده فـي إجراء الإنتخابات النيابيـة لكـي يبقـى الأوحـد . . وكـان يعتـقد بفشـل كـل مـن يتحـرك ضـده ، ولهـذا رفض القيـام بـأي إجـراء وقائـي رادع على رغـم أن مؤشـرات كثيـرة كانـت تـدل على قـرب قيـام حركـة رجعيـة ضـده قـبل أكثـر مـن شـهر مـن 8 شـباط ، إذ كـان المتـآمرون قـد نظمـوا إضـرابات للطلبـة وسـائقي سـيارات الإجرة وغيـرها تهيئـة لتحركـهم ، كمـا أن الإنضـباط العسـكري الذي كـان آمـره عبدالكريم الجـدة  اعتـقل نائـب رئيس قيـادة البـعث علي صـالح السـعدي وغيـره مـن زعمـاء التـآمر قبـل فتـرة مـن 8 شباط  ، وقدمـوا معلـومات عـن قـرب موعـد التحـرك لإسـقاط الحكم ، ولكـن قاسـم رفض إتخـاذ إجـراء رادع مهـم ضـد المتآمـرين ، وكـان يجـاوب دائمـا : دعهـم يتحركون مثـل الشـواف ليلقـوا مصـيره . . وحتـى عـندما تجمـع مئـات الآلاف مـن المواطنيـن أمـام وزارة الدفـاع طالبيـن السـلاح للدفـاع عـن الثـورة ، والتـقاهم وهـو في طريقـه إلى مقـره بالوزارة فـي السـاعة الأولى مـن التمـرد ، كـان جـوابه لهـم : المتآمـرون أطفـال قلائـل سـينتهون فـي أقـل مـن سـاعة . .

   وحـال بـدء مأسـاة يـوم الجمعـة 8 شـباط 1963 اغـتال المتـآمرون قـائـد القـوة الجويـة ( وكـان القـائد العسـكري  التـقدمي الوحيـد الـذي لـم يحيـله قاسـم على التـقاعد ، لكنـه أبقـاه مـن دون صـلاحيات حيث جعـل قاسـم صلاحيات القـوة الجوية بيـده مباشـرة ) جـلال الأوقـاتي ، فـي منـزله على رغـم وحـدة الجنـود التـي كانـت تحرسـه  ، وأخـذ ( قاسـميو قاسـم ) الـذين كانـوا فـي وزارة الدفـاع  للدفـاع عـنها  ، يتركـون الوزارة مـع حلـول ظهـر ذلـك اليـوم المشـؤوم ، حتـى أحمـد صالح العبـدي ( رئيس أركان الجيش والحاكـم العسـكري العـام ، الذي كـان معروفا بمعاداته للتـقدميين  ) و كـان يذكره قاسـم  في مجالسـه بقولـه ( إنـه عبـدي الوفـي ) غـادر وزارة الدفـاع ، وعـندما لاحظـه قاسم وهو يغـادر قـال لـه ( حتـى أنـت يـاعبـدي تغـادر ) فـرد مـرافـق العبـدي  على قاسـم ( أسـكت وسـد حلقـك ) . .

    ووجـد قـاسـم نفسـه وحيـدا في وزارة الدفـاع مـع عـدد مـن الشـيوعيين والتـقدمييـن ، بيـنهم : وصـفي طاهـر والمهـداوي وطـه الشـيخ أحـمد والجـدة ومـرافقه قاسـم الجنابـي . . وبحسـب مـا توافـر مـن معلومات  فـإن قاسـم ظـل يحـدق في السـماء ، فقـال لـه المـهداوي ( لات سـاعة منـدم ) فاتصـل قاسـم في اليـوم الثاني السـبت للإنقـلاب  بالتلـفون بعبدالسلام عارف الذي كـان فـي مبنـى الإذاعة والتلفـزيون  فـي الصالحيـة  حيـث المقـر المؤقـت لقـيادة المتـآمرين  عارضـا الإستسـلام ، ورفـض ذلـك وصفي طاهـر والجـدة وانتـحرا مـع آخـرين رفضـوا الإستسـلام . .

   وجـاءت  دبـابات إلـى وزارة الدفـاع  يـوم  السبت ،  ونقلـت قاسـم ومـن معـه إلى مبنى الإذاعة  والتلفـزيون ( وهـذا مـا حدثـني بـه أيضـا الملحق العسكري نفسـه في بلغـراد الـذي كـان ضمـن الذيـن قابـلوا قاسم عام 1959  وقدمـوا لـه الولاء وأعـادهم إلى الجيش  ، والذي كـان في مبنـى الإذاعة  ضمـن مجموعـة مـن  العسكريين البعثيـين القياديـين  المشـاركين في الإنقلاب وحاضـرا محاكمة قاسـم  ) وحاكمـهم بسـرعة شمس الدين عبداللـه  ( رئيس المجلس العرفي العسكري الأول طيلـة  عهـد  قاسـم ، والمشـهور  بـإصدار أحكـام الإعدام  ضـد التـقدميين الذيـن يحيلهم الحاكم العسكري العام العبـدي إلى مجلسـه لمحاكمتـهم  ،  وكان المتـداول عـن شـمس الدين عبداللـه أنـه عنـدما يذكر المهداوي ووصفي طاهر لقاسم خلال حكمـه  عـدم عدالة شـمس الدين في أحكامه  ، كان قاسـم يجـاوب : أنـا واثـق مـن عـدالته وإخلاصـه )  وقـال قاسـم في مبنـى الإذاعة لعبدالسلام : أنـا عفـوت عـنك وينبـغي أن تـرد بالمثـل ، فـرد عبدالسلام الكل هـنا يرفضون العـفو عـنك . .

    فتـم إعـدامهم  جميعـا حـالا ( باستـثناء قاسم الجنابي ، لأن حردان التكريتي الذي تذكر فضـل الجنابي عليـه اخـذه وأخرجه قائلا إنـه مرافق لاغيـر ، ونقـل الجنابي إلى أحـد المعتـقلات ثـم أطلق سراحه بجهـود حردان ) وقيـل ـ الملحق العسكري لـم يؤكـد لـي هـذا رغـم استـفساري منـه عنـه ـ بحسـب مـا تداول النـاس ، أنـه تـم وضـع جثـث  الذيـن أعدمـوا ( وأيضا وصفي والجـدة ) في أكيـاس مـع أثـقال ورميـت في نهـر دجـلة . . أمـا ماجـد محمد أمين فقـد كان مختـبئا ( وكان متزوجا مـن شـقيقة محمد سـعيد الصحاف ، ولماجـد الكثير من الفضل على الصحاف ، وعـندما علم الصحاف بمحل إختـباء مـاجد ذهب ليـبلغ المتآمرين بمكانـه ، فعلمت أختـه بذلـك وأسرعت إلى زوجها ماجد لإعلامه ) فأسـرع  ماجـد إلى كـراج نقليـات النهضـة  مرتديا الملابس العربية لإخفـاء شـخصه وركب باصـا أهليـا متجهـا إلى منطقة العمارة حيـث أخـواله ، لكـن في الطريق تـم التعـرف عليه فانتحـر . . وبالنسـبة لصـدام فقـد كـان في ذلـك الوقـت لاجئـا في مصـر وسـاكنا في شـقة بالقاهرة مـع عبدالكريم الشـيخلي ( المشـترك معه في محاولة اغتـيال قاسم عام 1959 ) وكـان عبدالكريم في ذلـك الصباح ( الجمعة 8 شباط ) ناهضا يستمع الأخبار مـن الراديو وعلم بالأحداث ، فأسـرع إلى صـدام الذي كان لايزال غـارقا في نـوم عميق وأخـذ يصـيح بـه ( صـدام ثورة صدام ثورة ) . .

 ونتـرك تنـاول بقيـة  مـا جـرى وأي أضـافات أو تصحيحـات أو ملاحظـات واعتـراضات للذيـن لهـم معلـومات . . وأمـا أنـا ، فسـاواصـل مـا عشـته ورأيتـه وسـمعتـه فـي حلقـة مقبلـة  . . فقـد كنـت فـي حيـنه فـي قـرية للأيزيديـة في قضـاء سـنجار قـرب الحـدود السـورية  . .   ولكـن في ختـام هـذه الحلقـة لابـد أن أقـول قناعـتي بصـراحـة : إن عبدالكريـم قاسـم لـم يكـن أكثـر مـن شـهيد تـهاونه  وممارسـاته وأخطـائه    . .   فـي حيـن أن كـل الآخـريـن   ( وعـددهم بالآلاف )  مـن التـقدميين والأوفيـاء الذيـن قتـلوا أو أعـدموا   إعتـبارا مـن فجـر يـوم 8 شـباط 1963 وتبعـاته في الأيـام والأشـهر التالية هـم شـهداء الوطنيـة والإخـلاص لثـورة 14 تمـوز 1958 . 
     

42
شـتان بيـن البطريـرك والكردينـال وأمـور أخـرى !
ــــــــــــــــــــــــــــــ
جميـل روفـائيـل

    بدايـة . . أرجو العلـم ، كمـا بيـنت مـرارا فـي كتابـاتي بـأنني أحتـرم كـل رجـال الديـن مـن دون استـثناء لأحـد منهـم ، وهـم دائمـا عـندي بمنـزلة واحـدة مـن الإجلال والإكرام والمهابـة ، وإن ظهـرت منسـجما أو مختلفـا مـع قسـم منهـم فـذاك بدرجـات متـباينة وأن مـردّه  إلى ممارسـات رجـل الديـن غير الدينيـة لاغيـر ،  أي تدخلـه  في مـا لا يعنيـه  ، وهـو أمـر لاصلـة  لـه بدرجتـه الكهنـوتية والأكليريكيـة المتـعلقة بواجباتـه الدينـية المسـتمدة الأوامـر والصلاحيـات الإنجيليـة المطاعـة مـن قبلـي وغيـري  إلتـزاما بالتـبعية الرعـوية  ، أمـا مـا عـداها ـ إن حصـل تدخـل منـه ـ فمـن واجبنـا الدينـي إفهـامه بأنـه تجـاوز مجـالاته وأضـر بمهمـاته ومكانتـه  ورعيـته . 

     ومـع أنـني لسـت ضليعـا بالواجبـات والمهمـات الدينـية المسـيحية  ،  لأنـها ليسـت مـن إختصاصـي ،  ولكـنني مطلـع على قضـايا دينـي بقـدر مـا أفهـم  أناجيـل  سـيدنا المسـيح لـه المجـد  ورسـله بتعاليـم رسـائلهم  الواردة فـي كتـاب ( العهـد الجـديد ) الـذي بـدأت بقـراءته مـع ( العهـد القديـم ) المـرفق بـه منـذ تعلـمت القـراءة وجعلتـه مـرافقـا لـي فـي حياتـي أينـما كنـت ، كمـا أنـني شـغوف بالإطـلاع على مـا يتيسـر لـي مـن النشـرات والمجـلات الدينـية . . ولكـن مـع مقـت التشـدد  والجـدال الدينـي والمذهبـي والتـدخل فـي أمـور الديـن ورجـاله ، لأنـني أعتـبر الديـن والمذهـب علاقـة بيـن الإنسـان وربـه فـي ثـوابه وعـقابه  .

    وبالنسـبة لي ، فـإن إحتـرامي الفائـق لرجال الديـن ، وقناعـتي فـي ذلـك ،  فـإنه نـاتج أيضـا عـن إلتـزامي بموروثـي العائلـي الـذي ينبغـي أن أصونـه ، إذ أن الـذي أعلمـه أو رأيتـه ، أن والـد جـدتي لأبـي كان القس بولس وكذلـك والـد جدتـي لأمـي كان القس حنـا ، وأن جـدي جبـو كـان شـماسا وشقيقـه الوحيـد أيليـا كان قسـا ، فـي حيـن أنـه كان لجـدي جبو ثلاثـة أبنـاء أكبـرهم كوركيس كـان قسـا وثانيـهما يونـان شـماسا وأصغـرهم والـدي شـماسا أيضـا . .

    وهـذا  الـذي ذكرتـه كررتـه مـرارا بكتابـاتي  إنطلاقـا مـن صـيانة الإرث الـذي وصلـني مـن دون أن تكـون لـي علاقة باختـياره وهـو مـالايحـق لـي تغيـيره ، ويشـمل بالإطـار العـام :  أولا إسـمي بصيغـته الكاملـة وثانيـا مذهبـي الكلدانـي الكاثوليكـي المسيحـي وثالثـا قوميـتي الآشـورية . . مـع إحتـرامي وإجلالـي لكـل الأسـماء والمذاهـب والقنـاعات القوميـة وقبـولي بصيغـة توفيقـية مرحليـة قوميـة لإسـم موحـد رسـمي لكافـة التسـميات المتـداولة لشـعبنـا .

    لكـن ، أرى أن التـمييز بيـن الطاعـة الدينـية مـن جهـة والمـمارسات مـن جهـة أخـرى ، واجـب لتـجنب الوقـوع في ( فـخ ) الإستـغلال مـن أي مصـدر كـان . . كمـا أن بيـان الحقيقـة مـن الضـرورات الدينيـة والإنسـانية والإجتماعيـة متـى اسـتدعى الواقـع ذلـك ، ففـي الديانـة المسيحيـة لايوجـد معصـوم مـن الخطـأ غيـر سـيدنا المسـيح له المجـد وأن القديسـين هـم الـذين تـوفوا بالطهـارة والفضيلـة وهـذا ينطبـق أسـاسا على الرسـل والشـهداء مـن أجـل الديـن قبـل الإنشـقاقات المسيحية الأولى والمقبوليـن مـن كـل المذاهـب والكنائس ، وغيـرهم هـم ( طوباويّـون ) بحسـب وصف السـيد المسيح في عظتـه التـي تبـدأ بكلمة ( طوبـى ) وبحسـب معلوماتـي أن الطوباويـين الذيـن نسـمع عنهـم يخصـون الكنيسـة الكاثوليكية وحـدها حيـث يقـوم البـابا باحتـفال كنسـي بمنـح صفـة الطوبـاوي .

   ولكـي لا أبتـعد عمّـا أنـا بصـدده في شـأن البطريـرك والكردينـال ، أقـول ، أن ( بطـرك ) بحسـب ( قاموس المنجد في اللغـة العربية المعاصـرة  ، الذي تشـرف على مادتـه وطبعـه الجهـات الكاثوليكية في لبنـان ) هـو : لقـب يطلـق في الكنيسـة الرومانيـة والكنائس الشرقية على أسـاقفة الكراسـي المهمـة ، رومـا والقسـطنطينية والإسـكندرية وأنطاكيـة وأورشـليم .

   وفـي انسيكلوبيديـا ـ دائرة معارف ( الموسـوعة العربيـة الميسـرة ) التـي تشـرف عليها ( مؤسسة فرانكلين الأميركية للطباعة والنشر ) بطريـرك : ـ  يطلق على بعض  الرؤسـاء الدينيـين ،  الذيـن تمتـد سلطتـهم إلى عـدد مـن الأسـاقفة ، والبطريركيـات في الأصـل ثـلاث :  الغربيـة ،  وعلى رأسـها أسقف رومـا وأنطاكية واسكندريـة ، وفي القرنيـن الرابع والخامس أضـيف إليها القسطنطينـية وأورشـليم ، وكانـت البطريركية الغربيـة تشـمل جميـع بـلاد أوروبا غـربي البلقـان ،  ثـم بطريركيـة القسـطنطينية وتشـمل الإمبراطورية البيزنطيـة ،  ثـم بطريركية أنطاكيـة ،  وتشـمل سـوريا والعراق ، وعنـدما انتصرت المونوفيزيـة في مصـر وسورية في القرنين الخامس والسادس ،  نشـأت كنائس جديدة ، وقامـت إلى جانـب البطريركيات الخمس القديمة بطريركيات أخـرى ،  واتحـدت 14 بطريركية مـع رومـا ،  أربع مـن الطقس اللاتيني منـذ زمـن الصليبيـين ،  وهي ،  القسطنطينية ،  واسكندرية ،  وأنطاكية ،  وأورشـليم  ، وبطريرك كـل واحـدة منـها أسـقف للكاثوليك المحليـين مـن الطقس اللاتيـني ، وسـتة رؤسـاء  للطقـوس الشرقية  ،  ولهـم السـلطة البطريركية الكاملـة :    اسـكندرية ( الطقس القبطـي ) وأنطاكيـة :  ثلاثـة بطاركـة السـرياني والمارونـي والروم الكاثوليـك ، وبابـل : ( الطقس الكلدانـي ) وكليكيـا ( منطقـة في جنوب غربي تركيا ، كانت مملكة مستـقلة مـن 1198 ـ 1375 )  ( الطقس الأرمـني  ) ،  وأخيـرا يطلق اسـم بطريرك في الكنيسـة الغربيـة تـشـريفا على أربعـة أسـاقفة :  في الهنـد ( بطريرك الهـند الشرقية ) ،  وأسـقف لشبونـة  ، وأسقف البندقيـة ،  وبطريرك الهـند الغربية  ،  وأنشـأ القـيصر في  الكنيسـة الروسـية الأرثوذكسـية بطريركيـة موسـكو ( 1589 ) وأطلق أيضـا  اسـم بطريرك على أسقـفي بلغـراد وبوخارست ، إلى جانـب هؤلاء جميعـا  يوجـد أيضا في مصـر  بطريرك للأقبـاط الأرثوذكس ،  وآخـر للأقبـاط الكاثوليـك ،  وبطريرك يعقـوبي لأنطاكيـة وأربعـة بطاركـة أرمـن .

   أمـا ( كردينـال ) بحسـب ( قامـوس المنجد ) فهـو ،  كـل واحـد مـن الأحبـار  الذيـن يؤلفـون المجمـع المقـدس .   وبحسـب ( الموسـوعة العربية الميسـرة ) فـإن ( كردينـال ) هـو :  عضـو أعلـى هيئـة في الكنيسـة الكاثوليكية ، ويلـي في المرتبـة البابـا مباشـرة ، يسـاعد الكرادلـة البابـا فـي إدارة الكنيسـة ، وهـم بمثابـة مجلس استـشاري لـه ، وهـم الذيـن يختارون البابـا ، ومنـهم يختـار ،  ومنصـب الكردينـال منفـصل عـن الوظائف الكنسـية ، فليس بـلازم أن يكون أسقـفا ، ويقـوم الكرادلة بإدارة مجالس مختلفـة خاصـة بشـؤون الكنيسـة العالمية ، ويرأسـون المحاكم الكنسـية العليـا ،  ويتـولون أعمـال السكرتاريـة في المسـائل البـابوية ، لباسـهم وقبعاتـهم حمـر فاقعـة اللـون ، كـان أقصى مـا يمكن أن يصـل عـددهم إليـه سـبعين كردينالا ، وذلـك بمقتـضى القاعـدة التي وضعـها البابـا سـيكستس الخامس ( 1585 ـ 1590 ) ولكـن زيـد عـددهم أخيـرا .

   ولأن الموضوع يخص أسـاسا غبطـة البطريرك مار عمانوئيـل الثالث دلـي ( الـذي منـحت له صفة كردينال بصورة رمزية فقـط حيث لا يحق له المشـاركة في إنتخاب البابـا الجديـد واتخاذ القرارات لتجاوز عمره السـن القانونية للكرادلة العامليـن )  ولوجـود مـن بحثـه وتأليـفه كتـاب مهـم فـي هـذا المجـال بعـنوان ( المؤسـسة البطريركية فـي كنيسـة المشـرق ) المطبـوع في بغـداد 1994 ، أرى أهميـة فـي إشـارة موجـزة الآن لفقـرة مـن الكتـاب ( علـى أن أخصص موضوعي المقبـل كامـلا   لفقـرات أنقـلها بالنص وحرفيـا  مـن هـذا الكتـاب تخص بطريركيـة الكنيسـة الكلدانيـة والمقـام الرفيـع لإسـم بطريـرك هـذه الكنيسـة  العريقـة  بالقـدم والمآثـر فـي أرضها الأبيـة بيـن النهـرين . . فـإلى موضوعـي المقبـل هـذا ) .

 يقـول المطران ( البطريرك ) دلـي فـي ص 138 وص 148    "  ان لفظـة البطريـرك مركبة مـن مقطعيـن مندمجيـن معناهـما : أب ورئيس ولايـة ، بهـذا المعنـى اتخذها آبـاء كنيسـة المشـرق ، وبهـذا المعنى  فهمـوها ونسـبوها إلى رئيس كنيسـتهم الأعلـى . . بعـد هـذا العرض السـريع والموجـز نشـير باختصـار الى ذكر بعض الأوصاف التـي كانـت تطلق على هـذا الأب الروحي ، منـها : الأبـوية ، القـداسة ، الكهنـوت ، الكاهـن العظيم ، العفـة ، الغبطـة ، الأب الطوباوي ، الأب الموقـر والقديس المبارك ، محـب اللـه ، منتـخب اللـه ، محـب المسـيح ، الأميـن ،  رجـل اللـه العظـيم ، الأب الروحـي ، الأب الرئيس والمدبـر والسـيد الجالس على كرسـي أدي ومـاري ، راسـم الأحبـار ، رئيس الرؤسـاء ، صاحب الأبـوة الكبـرى ، سـيد السـادة ، ينبـوع الكهنـوت ، إمـام أئمـة الأمـة الصادقـة ، راعي الرعـاة ، عاقـد التيجـان ، مكمـل الأسـرار الشـرعية ، حامـل المفاتيـح السـماوية ، هـادي أمـة المسـيح ، حافـظ الأمانـة ، موحـد الأمانـة ، المؤتـمن على الأسرار اللاهوتية ، تـاج النصرانيـة . . وكان الجائليـق  البطريـرك  بدوره ينـعت نفسـه بالكلمات المتواضعة كقـوله : الضعيف أو الحقـير أو الخادم الصغيـر أو الخاطئ أو الغـريب  "  .

   ولـديّ مصـادر أخـرى عـدة فـي مجموعتـي  مـن الكتـب والمجلات المتواضعة   وأنـا فـي الغربـة اللعـينة ، تتحـدث عـن البطريـرك والكردينـال لكنـها مصـادر لشـعبنا ، مـا قـد يؤدي تنـاول مـافيـها إلى شـكوك  بالتحيـز لمضمونـها مـن قبـل البـعض لأخراج هـذا الموضـوع  عـن مجـاله العلمـي والبحثـي  الحقيقـي ، ولـذا أكتـفي بالمنجـد والموسـوعة العربيـة الميسـرة ، باعتـبارهما مصـدرين علميـين للبحـث العـام ، تـمّ تـدويـن معلوماتـهما بجهـود  فريـق عمـل إختصاصـي  وبمراجعـة دقيقـة مـن قبـل خبـراء  ، وأستـند عليـهما في البحـث والتحليـل الـذي أنـا بصـدده .

     بـابـا رومـا ، بكـل ألقابـه  مثـل الحبـر الأعظم ،  هـو بالأصـل بطريـرك وأسـقف رومـا والبابويـة وظيفـة شـرف وولايـة للرئاسـة العليـا  للكنيسـة الكاثوليكية  ، وتعتـقد الكنيسـة الكاثوليكية منـذ القـرون الأولـى أن البـابا معصوم مـن الخـطأ فـي أمـور الإيمـان وآداب الديـن متـى قدمـها بنـوع إحتـفالي باعتـباره معلما عـاما للكنيسـة الامبراطورية الرومانية فـي الغـرب ، ، وأن كـل مـا يطلـق عليـه غيـر ذلـك هـو تسـميات غيـر أصيلـة ، ربـما إتخـذها فـقط رغبة في التـمييز عـن غيـره مـن البطاركـة عنـد الإشـارة إليـه ، وليس وحـده  مـن البطاركـة الـذي يسـمى ( بـابـا ) فـإن بطـريرك الأقبـاط الأرثوذكس يسـمى أيضـا بـابـا وهـو الآن ( البـابا شـنودة الثـالث ) والبطـريرك اليعقـوبي لأنطاكيـة يطلـق عليـه الحبـر الأعظـم وهـو حاليـا ( أغناطيـوس زكا الأول عيـواص )  وبطريـرك موسـكو يوصـف بالكرسـي الرسـولي وهـو اليـوم ( اليكسـي الثـاني )  . . وهـكذا غالبيـة البطاركـة الآخـرون خصـوصا غيـر الكاثوليـك حاليـا .

   هـذه الأمـور نفسـها تنطبـق أيضا على الصـفات التـي يتـمتع بـها بطريـرك بابل (  الطقس الكلـداني ) وهـي موثوقـة مـن خلال تسـميته التاريخيـة (  بطريرك ) على مـدى قـد يمتـد إلى 1800 عـام أو أكثـر (أسـوة ببطريـرك رومـا وغيـره مـن بطاركـة العالـم  )  وكمـا أن بطريرك رومـا ( البابـا ) هـو رئيس مجموعـة  أسـاقفة اللاتيـن فـإن بطـريرك بابـل هـو رئيس مجموعـة أسـاقفة الكلـدان . . إذن فمـا هـي الحكمـة مـن التخلـي عـنى خصوصيـات بطريـرك الكلدان  ( جماهيريا وإعلاميـا ومـا لـه مـن إنعكاسـات حتى على الصلاحيات الدينـية ) لمصلحـة رتبـة ( كردينـال ) الأقـل شـأنا  والتـي  مهمتـها بمثابـة مجلس استشـاري لبطريرك رومـا ( البابـا الكاثوليكـي )  يقـوم أعضـاؤه بإدارة مجالس مختلفـة وأعمـال السكرتاريـة فـي المسـائل البابويـة ؟ 

        علمـا أن المذهـب الدينـي هـو طريقـة ونـهج وممارسـات  لمعتـقد  يعبـد بـه الإنسـان ربـه ، والإلتـزام بـه يعـني الأخـذ بالإطار العـام للمذهـب فكـرا وتفسـيرات  وصيانـة  ، وواضـح  أن كـل هـذا منفصـل عـن الخصوصـيات الذاتيـة والأمـور الهامشـية للمؤمنيـن بـه ، مـا يعـني أن المذهـب الدينـي لايمنـع التـعلق بالمآثـر المتميـزة لجوانب تأريخيـة واجتماعيـة ومناطقيـة لجـذور ملتـزمي هـذا المذهـب .

     لقـد أخـذت آراء عـدد مـن المتابعيـن قبـل كتابـة هـذا الموضـوع ، كمـا هـو نهجـي فـي غالبيـة المواضيـع التـي أنشـرها ، وتـوافـرت لـدي ملاحظـات عـن هـذه الموجـة غيـر الطبيعيـة فـي الأوسـاط السياسية والإعلامية . .  أهمـها :
 
   ـ  قـد يكـون برغبـة مـن غبطـة البطريـرك دلـي نفسـه ، لأنـه لو شـاء أوقـف إسـتخدام صفـة الكاردينـال لـه وأكـد على إسـتمرار صفـته " بطريـرك بابـل على الكلـدان "  ( كمـا ورد في كتابـه ـ  المؤسـسة البطريركية في كنيسـة المشـرق ص 145 ـ عـن الكتاب السـنوي الذي ينشـره الكرسـي الرسـولي سـنويا وهـو التـقويم الحبـري )   إذ مـن الأصـول أن يسـأل الصحافي الشـخص الـذي يقابلـه عـن الإسـم والصفـة واللقـب الوظيفـي الـذي يريـد تقديمـه للقـارئ أو المسـتمع بموجبـه ، وإذا لـم يسـأل الصحافـي لسـبب مـا فيمكـن أن ينـبهه غبطـة البطريـرك بأنـه يفضـل تقديمـه ( بصفتـه البطريركيـة فقـط ) . .
     ويوجـد في هـذا المجـال درس مهـم إذ أن البطريـرك المارونـي نصراللـه صفيـر حصـل على صفة كاردينـال منـذ نحـو عشـر سنوات ، ولـم ترافقـه هـذه الصفة إطلاقـا ، فـأنا أتابـع الصحافة اللبنانيـة يوميـا منـذ 17 عـاما باعتـباري مسؤولا لمكتـب صحيفـة ( الحيـاة ) اللبـنانية  في منطقـة البلقـان ( التي مركـزها الإداري  والمالي  في لنـدن ) وأتابـع أيضـا القنـوات الفضائيـة اللبـنانية لعملـي في العـديد منـها ( ولا زلـت مراسـلا لتلفـزيون الحيـاة أل بي سي )  فلـم أجـد مـرة  أن ورد مـع اسـمه لقـب ( كردينـال ) فـي صحيفـة  أو فضائيـة ، وأتحـدى الآن وعاليـا مـن يأتـيني بصحيفـة أو مجلـة لبنانيـة فيـها كلام للبطريرك صفيـر أو أحـد مطارنتـه أو قسـسه أو رعيـته . . ألخ  يذكره بلقـب ( كردينال ) بـدل ( بطريرك ) .
      وعـندما كنت في بيـروت لاحظـت أن  اللبنانيـين يشـيرون إلى البطريرك صفيـر  بكلمة واحـدة هي ( بطـرك ) مـن دون اسـمه  ، وعـندما أبديـت استـغـرابي لأحـد الزملاء الصحافيين المارونييـن  لعـدم  ذكـر اسـمه ومرافقـته  بكلمـة ( غبطة ) وغيرهـا مـن عبـارات الإحتـرام والفـرح والبهجـة المتـعارف عليـها بالنسـبة  للبطريـرك ، أجـاب : لمـاذ الإسـم مادامـت الكلمـة أصبحت خاصـة التـداول  بالبطريـرك صفيـر  وواضحـة الدلالة لكل اللبنانييـن ، ولمـاذا عبـارات الغبطة وغيـرها مـادامـت كلمـة بطريـرك تحمـل أسـمى معـاني السـمو والجـلال . . أنقـل  هـذا بالمناسـبة وأقـول إنـه حـقا درس لمـن يريـد أن يتعـلم ويـدرك الحقائـق ويستـفيد .

    وبيـن الآراء التـي وردتـني ، أن هـذا التـرويج تشجعـه الحكومة ( الطائفية ) العراقيـة في محاولة خـداعية لتبيـيض وجهـها خصوصـا خارجيـا ، ظنّـا منـها أن الصفـة تفيـدها دعائيـا لنـفاقها وريائـها  ( بالوطنيـة والديموقراطيـة والسـياسة غيـر التمييـزية بيـن العراقيين . . )  ونشـر مكثـف لأخبـار ومعلومـات  :  فـلان هـنأ الكردينـال ، وفـلان استـقبل الكـردينـال . . وهكـذا دواليـك . 

    ومـن الآراء التـي وصلتـني بهـذا الخصوص ، إن الأمـر لايتـعدى قـلة وضـوح وإدراك مـن العـراقيين ، خصوصـا لأن مثـل هـذه الصفـة لـرجل ديـن عراقي جديـدة عليـهم ، فلـم تسـبق لهـم تجربـة مثـيلة لهـا ، ولهـذا تداولـوها بنـوع مـن الإفـراط فـي رفـع الشـأن إلـى حـد الإعجـاب والتـشدد . . وهـو أمـر نجـده فـي كـل جـديد عـراقي نتيجـة الظـروف والتـباهي بألقـاب الحكـام المتنوعـة والغريبـة  التـي شـاعت في السـنوات الخمسـين الأخيـرة . 

        وأيضـا مـن الآراء مـا أشـارت إلى مسـؤولية وسـائل إعـلام شـعبنا خصوصـا قنـاة عشـتار والمواقـع ، لكـن مسـؤول إداري بأحـد مواقـع شـعبنا الألكتـرونيـة  أوضـح رأيـه ـ مـن خلال تجربتـه في موقعـه ـ  بـأنه ليس مـن حـق أحـد سـواء مواقـع أوصحافـة أو تلفـزيونات  التـلاعب أو تعـديل الأسـماء والألقـاب التـي تصلهـا لأن مسـؤولية هـذه الأسـماء والألقـاب يتحملـها أصحابـها وكتاب مواضيعـها  . .   لكـنه  أضـاف بأن  غالبيـة هـذه المواقـع تمـر بمشـكلة مـع الكثيـر مـن المواضيـع التي تصلـها ، فـإن نشـرتها فهـي هابطـة  الأشـكال والأنـواع والأفكـار واللغـة والأخـلاق . . وإن رفضـتها ( فتـقوم الدنيـا ولا تـقعد بالإتهـامات )  وإن حـذفت مـنها عبـارة تـنم عـن شـتيمة أو وصـف غيـر مناسـب أو تعبيـر غيـر لائـق وحـتى  إن قامـت المواقـع بتعـديل خطـأ لغـوي أو نحـوي  فتـنهال هواتـف ورسـائل العـتاب  للموقـع بالتحيـز وعـدم إحتـرام حريـة الرأي والتعبيـر والديموقراطية . . وكـأن هـذا  البعض يعتـبر الإحتـرام والحريـة أمـور  معـنوية  سـائبة مـن دون حـدود أو ضوابط أو أصول ، لابـل منـه مـن يـرى  أنـها شـأن خاص لاحسـاب عليـه حتـى لـو تجـاوز الفوضـى .   

   ومـن الآراء التـي وصلتـني ، خصوصـا مـن داخـل العراق ، اتهمـت أهلـنا فـي الخـارج بتـرويج صفـة ( كاردينـال ) لأسـباب عـدة ، منـها مـا يكـون سـطحي المعاييـر مـن خلال تفضيل القشـور على اللبـاب والهوامش على الأساسـيات . . ومنـها مصلحيـة خصوصـا مـن أحـزاب ذات إتجاهـات طائفيـة مسـتفيدة مـن بعـض كبـار رجـال الديـن ، وانقطـاع الصلـة المتسـعة للمغتـربين  بتـراث العـراق . .  وأيضـا ترويـج التسـمية مـن قبـل رجـال ديـن كبـار ومـتنفذيـن داعميـن  المحاولات المتـداولة بخصوص مـا يقـال عـن مسـاعي  لنقـل مقـر بطريركيـة الكنيسـة الكلدانيـة إلى ديتـرويت بالولايـات المتحـدة حيـث تـتداول المعلـومات عـن شـراء قطعـة  أرض واسـعة بتـعاون عـدد مـن الأغنيـاء الذيـن نزحـوا مـن إحـدى بلـدات شـعبنا قبـل عشـرات السـنين ولحـق بهـم كـل أفـراد البلـدة تقريبا خلال السـنوات الأربعيـن الأخيرة ، ويجـري دعـم  ذرائـع نقـل البطريـركية على أنـه ( طبيعـي ) بعـدما غـدت الولايات المتحـدة ( سـيدة ) دول العـالم وتـم نقـل رئاسـات دينيـة عالميـة كثيـرة إليـها ومنـها الشرقيـة الآثوريـة التي صـارت مراكزها شـيكاغو .

   وبهـذا الخصـوص ، قـال لـي أحـد المتصليـن مـن أبنـاء شـعبنا في الخارج : يبـدو أن هـذا البعـض ـ الـذي نعـرفه ـ يعتـقد أن مؤسـسات الكنيسـة الكلدانية متعـلقة بأهـل مدينـة أو بلـدة أو قريـة ، ينقـلونها مثـل الخيـام حيثما يرحلـون ، وينسـون أن عهـد وراثـة بيـت أبـونا للكرسـي البطريركي انتـهت مـن زمـان ، وأن البطـريركيـة الكلدانيـة هـي لكـل أتبـاع الكنيسـة الكلدانيـة  الكاثوليكية ، وأنـها نشـأت فـي أرض بيـن النهـرين وستبـقى إلى الأبـد في ربـوع هـذه الأرض .  . ومـن يفكـر بغيـر هـذا لايعـدو أن تكـون أحلامـه زبـدا يتلاشى سريعا ويـزول .

      لكـن ، وأنـا أكتـب هـذا الموضوع ، قـرأت برقيـة مطارنـة الشـمال ، بأسـطرها القليلـة الأربعـة وعبـاراتها الوفيـرة الدلالات ،  المرسـلة بموجـب العـنوان الحقيقي ( غبطـة البطريـرك مـار عمانوئيـل الثالث دلـي الكلـي الطوبـى ) فـزاد هـذا العـنوان مـن ثـقتي ويقـيني  وقناعتـي بـأن فـي كنيسـتنا الكلدانيـة قـادة حمـاة أمنـاء  علـى الديـن والمذهـب  والإرث  والإصـالة والثـبات   والبقـاء ،  يشـد مـن عضـدهم ويسـير بهـدي سـبيلهم القويـم ، شـعب صامـد يتحمـل مسـؤولية النهضـة الجـديدة لشـعبنا بكـل مسـمياته وبلـداته وقـراه وإنجـازاتـه التـي تـتألق بنـاء  وعطـاء وبهـاء ورسـوخا وشـموخا ،  حيـث ديـار الأجـداد والآبـاء الأبـاة ورايـات تضحياتـهم في ردع الأعـداء وفـؤوس  الأعمـار علـى مـدى آلاف السـنين . .

     ومـن دون أن أزيـد فـي هالـة الفخـر والإعتـزاز وتنـفس الصـعداء والإشـباع مـن قـراءة البرقيـة  لإزالـة  الجـوع النفسـي الـذي  كـان يقلـقنـي . . رددت مؤكـدا لقناعـتي : إن مـآثـر شـعبنا فـي أرضـه الرافـدين هـي ثابتـة كالطـود الذاهب صـعدا فـي مواجهـة أولئـك الذيـن يعيشـون حسـابات أحـلام أوهامـهم . . ومباهـج اليـوم تتسـع  يانعـة بشـرى خيـر وهنـاء ومسـرة  والغـد بروائـعه  لناظـره قريـب . 

43
هـل مهمـة عشـتار تحريض شـعبنا على الهجرة ؟ !

ــــــــــــــــــــــــــــ
جميـل روفـائيـل


    التحـريض ، لغـويا يعـني الإغـراء والإنجـذاب وإثـارة الرغبـة   . . والتحريض يتـم بصـورة مباشـرة  مـن خلال الطلـب ، أو بصـورة غيـر  مباشـرة  بـإظهار مـا يثـير الرغبـة للإقتـداء والسـيطرة على الحـواس والمشاعـر  والتـأثير فـي الإستـمالة وجعلـه يتـقبله حتى مـن دون أي تفكيـر أو البحث عـن الحقيقة  . . هـذه   مقـدمة قـد تفيـد وتوضـح لاحقـا مـا نحـن بصـدده  .  .

      منـذ نحـو سـتة أشـهر ،  وأنـا  أجـد لزامـا علي الكتـابة عـن " الحـالة المترديـة  التي أصبحـت  فيـها قنـاة عشـتار ، حتـى غـدت لاتحتـمل  "  ثـم  أتوقـف مراهنـا على إمكانيـة أن يعيـد المسـؤولون عنـها النظـر فـي النـهج  الـذي أوصلـوا القنـاة إليـه ويجعلـوها فـي المسـار الصائـب الـذي ينبـغي أن تكـون فيـه ، ولكـن مـن دون جـدوى ، فالعـلة تـتـفاقم والقـروح تـزداد قيحـا . . وصـرنا نسـمع : هـل مـن فضائية أخـرى لشـعبنا مـن داخـل الوطـن لكـي نتخلـى عـن رؤيـة عشـتار ؟ وهـل أن عشـتار تمـارس دور البائـع الوحيـد لسـلعة مـا فيفـرض مـا يحلوا لـه   للمضطـر  عليـها  ؟ .   

      أعـتدت منـذ أكثـر مـن عشـر سـنوات ، أن أقضـي ليلـة رأس السـنة واليـوم الأول مـن السـنة فـي مسـكني ،  حيثـما كنـت ، مسـتمتعا بالمشـاهد التـي تنقـلها الفضـائيات والتلفـزيونات المحليـة والإذاعـات . . ولأنـني مرتـبط بكـل أفكاري وسـلوكي بشـعبنا داخل العراق ، الـذي هـو بحـق  الصـامد المواصل لرسـالة الآبـاء والأجـداد والـذي يصـون إرث شـعبنا قوميـا ومناطقيـا ولغـويا واجتماعيـا وأخلاقيـا . .  فإنـني  أتـوجه إلى الفضائيـة الأكثـر توصيـلا لـي بمـا أؤمـن بـه ، وكنـت أتـنقل سـابقـا بيـن قنـاتي عشـتار وآشـور ، ولأن آشـور توقفـت فضائيـا لأسـباب ماليـة ، فلـم يبـق ( الملـح )  غيـر عشـتار ، وإذا  هـذا ( الملـح  فسـد ) فـإنـها الكـارثة .

    لكـن عشـتار تصـرفت ـ منـذ فتـرة ـ  كالفضائيـات التـي تعمـل خارج العراق  وتـروج  أنـها لشـعبنا ، فجعلـتنا مـع برامـج لاعلاقة لـها بشـعبنا ، وتصـورت شـخصيا أنـها ( زخـة ) صيـف عابـرة ، لكـنها إمتـدت وتحولـت غيمـة داكنـة لانهايـة لـها ،  ومـن ذلـك  ( الحفـل الغـنائي الكبيـر المقـام على شرف قنـاة عشـتار ـ باريس )  الرنـان الصـوت والأجـوف المحتـوى بالنسـبة لمـا كـان مأمـولا مـن فضائيـة عشـتار بهـذه المناسـبة الوحيـدة كل عـام . . ألـم يكـن الأفضـل أن تنـال عشـتار مثـل هـذا الشـرف مـن أربيـل أو عنكـاوا أو دهـوك أو ألقـوش أو باختـمة . . ألـخ ؟ أم كـل مـا لـدى شـعبنا في العـراق لايـمنح الشـرف لعشـتار مثـل باريس ؟ يـاللغـرابة ! ! والأنكـى أن عشـتار أظهـرت ـ وهـي تواصـل  نقـل ( حفـل الشـرف )  في العاشـرة بتـوقيت باريس ـ سـاعـة حائـط لنحو دقـيقة وهـي تشـير إلى الرقـم 12 وهـو وقـت الإنتـقال مـن العـام 2007 إلى 2008  بتوقـيت العـراق ، الحقيقـة لـم أفهـم معـنى هـذا العـرض ، فهـل أن إحتـرام شـعبنا في عـرف عشـتار تكفيـه دقيقـة فـي مقـابل سـاعـات لبـاريس ؟ أم أن شـعبنا في العـراق لايعـرف وقـت إنتـقاله مـن العـام المنصـرم إلى العـام الجديـد أو لايملـك سـاعات  فتـفضلت عشـتار بـإعلامـه ؟ أم لسـبب آخـر مـن نـوع ( المعـنى في قلـب الشـاعر ) ! ! . .

        وأسـتطيع التـأكيد ، أن تسـعين في المئـة ( لكـي أكـون أميـنا لمـا أؤكـده فـي حـال فـاتـني شـئ )  إن لـم يكـن مئـة فـي المئـة  ، لمـا عرضـته عشـتار ليلـة رأس السـنة كـان مـن خـارج العـراق ، وكـأن شـعبنا ( الكلـداني السـرياني الآشـوري ) أصبـح فـي عـرف عشـتار مـوزعـا فـي العالم ولـم يبـق لـه وجـود  فـي العـراق ليحـظى باهتـمام عشـتار ؟ أو  تعـتـقد  أنها تنطلق من العراق بصورة شـبيهة بالفضائيات التي تبـث مـن دبـي ، وأن  شـعبنا  فـي الداخـل لـم يعـد يمـلك  مـا يسـتمتع بـه فـي رأس السـنة  فـأنعـمت عليـه  بكـرمها الخـارجي  بمـا فيـه عقـارب سـاعة منتـصف الليـل  . .  أمـا مـا تفضـلت بـه عشـتار فـي أول أيـام العـام الجـديد فسـأتطرق إليـه بعـد قليـل . .

    لكـن اللافـت العجيـب أن عشـتار وجـدتـها الوحيـدة التـي إنعـزلت فـي هـذا النـهج مـن بيـن فضـائيات العـراق ، التـي سـأشـير سـريعـا إلى قسـم منـها :  ( كردسـات ) كانـت خـلال معـظم الليـل  فـي بـث مباشـر لجمـوع النـاس  رجـالا ونسـاء كبـارا وصغـارا وبيـنهم مـن هـم بـزي بـابـا نويـل وهـي تنـقل أفـراحهـم وأحاديثـهم  فـي شـوارع مدينـة السـليمانية . . و ( كردسـتان ) نقـلت حفـلا عائليـا رائعـا فـي فنـدق خانـزاد فـي أربيـل ، ولقـاءات مـع المواطنيـن  فـي شـوارع أربيـل ، وبعـد منتـصف الليـل نقلـت مقتطفـات مـن احتفـالات مناطـق عـدة مـن العـالم . . و( الشـرقيـة )  قضـت الليـل كلـه فـي إتصـالات مـع مـدن العـراق وأوضـاع المسـتشفيات وأول طفـل عـراقي ، أعـتقد اسـمه  ، عـلاء حسـين  ولـد فـي العـام الجـديد وأحيـاء  مسـيحيي البصـرة المناسـبة وسـط دعـوات بعـودة الأمـن والاحتـفالات فـي أربيـل . . ألـخ وعـرجت لدقائـق علـى العـراقيـين فـي كـل مـن عمـان ودمشـق لتـنـقل إنطباعـاتـهم  . .     و ( العـراقية ) قضـت الليـل فـي إحتـفالات ولقـاءات وأفـراح وهـدايا داخـل العـراق . . وكـذلـك ( الديـار ) وكـل الفضـائيات غيـر المتشـددة طائفيـا . . وهكـذا كـان حـال كـل هـذه الفضـائيات فـي أول أيـام العـام الجديـد .

   أمـا عشـتار ، فقـد واصلـت نهـجها فـي اليـوم الأول مـن العـام الجـديد ، الـذي اسـتهلته بإعـادة كـل مـا عرضـته خلال الليـل وكـأنها تقـول ( هاكـم وسـيان  شـئتم أم أبيـتم ) وثـم وضـعت أغـاني عـدة لاعـلاقة لشـعبنا في العـراق بـأي منـها ،  والبـرنامج الوحيـد مـن الداخـل الـذي جـاء غريبـا فـي خضـم عرضـها  كـان للأطفال لحوالي نصـف سـاعة بعـنوان ( بـابـا نويـل فـي بيرسـفي ) لا أدري هـل وضعتـه بخـطأ مـا أو مـن أجـل ( الكحـل فـي العيـن ) وبـعده احتـفالات برأس السـنة الميلاديـة داخـل العـراق لحوالـي دقيقتـين حيـث عرضـت أشـخاصا يتكلمـون مـن دون أن يتـم سـماع صوتـهم ( هكـذا كـان بكـل تأكيـد وأنـا واثـق لأنـني رفعـت صـوت التلفـزيون إلـى أقصـى علـوه ولـم أسـمع شـيئا ) . .

        وثـم ـ ومـع عـدم وجـود لـي أي موقـف سـلبي مـن البـرامج الدينـية إذا كانـت بصـورة متناسـبة مع غيـرها  مـن البرامـج فـي مـدة العـرض ووقتـه  وبشـكل لايظهر فيـه التكلـف ولا تبـدو دخيلـة ـ  مـع أملـي  أن لايكون في إعتـقاد عشـتار أن  شـعبنا فـي العـراق  لايوجـد لـه  حاليـا مـن إرث غيـر القداديس  ،  فعـرضت أولا ( إحتفاليـة في كنيسـة مـار قـرداغ بمناسـبة أعيـاد الميـلاد ورأس السـنة فـي شـورش ) وبعـده مباشـرة  ( مراسـيم القـداس الإحتـفالي الذي أقيـم بمناسـبة عيـد رأس السـنة الميلاديـة الجديـدة فـي كنيسـة مـارت شـموني فـي برطلـة )  منـذ الخامسـة مسـاء بتوقيـت العراق ولمـدة سـاعة واحـدة وثلاثـة أربـاع السـاعة ، أعقـبتها بأغنـية أعتـقد أنـها كانـت كردية فحلـت السـابعة مسـاء بتوقيـت العراق موعـد نشـرتها الأخبـارية  العربيـة وقـررت أن أبقـى معـها فعسـى ولعـل تكـون خاتـمة مطـاف الكـآبة ، لكـن الـذي حصـل بعـدها ، وهـو ( عشـتار فـي فرنسـا )   وضع حـدا  لمـا تبقـى لـدي مـن  كـل الآمـال ومياديـن الصـبر . .  وحيـنها تذكرت حكايـة ( الحـلاق الثـرثار للمنفلوطـي ) وتخليـت عـن عشـتار خشـية أن يكـون الـذي يأتـي أعظـم ،  لأنتـقل إلـى محطـات أخـرى . . وبـدأت كتابـة هـذا الموضـوع الـذي رأيـته لازمـا ،  منـهيا رهـاني بالتـأجيل والتسـويف مـع فضائيـة عشـتار ( فقـد طفـح الكيـل ) .

    وهـنا مـن حـقي أن أتسـاءل :  ألـم يكـن ربـع سـاعة على شـرف عشـتار مـن باريس كافيـا بـدل حجـز المشـاهد لسـاعات فيـها ؟ لكي  يسـتمتع المشـاهد برؤيـة مـا يجـري فـي ديـاره داخـل العـراق ولقطـات مـن أنحـاء العـالم ؟ فلـم تكـن باريس وحـدها الرائعـة في هـذا المسـاء فكـل العـالم رائـع مثلـها وربمـا أكثـر منـها ، وديـارنـا ( وهـذه حقيقـة آمنـت بـها وسـأبقى أؤمـن ) أروع منـها جميعـا  . . وبوضـوح نحـن لاتـهمنـا الحفلات التـي تقـام على شـرف عشـتار ، لأن الـذي نـراه مهمـا هـو حفـلات عشـتار علـى شـرف المواطنيـن الصـامدين مـن شـعبنا داخـل العـراق ( على أن لاتكـون مـن  نـوع : ذر الـرماد فـي العيـون  ، كمـا هـي الحـال في  عرض أغنيـة شـعبية يتيـمة أو  قـراءة نشـرة الأخبـار باللغـة السـريانية مـن قبـل مذيـع أو مذيعـة بالملابس التراثيـة )    .

    أيـهما كـان الأفضـل ، أن تجـوب عشـتار فـي قـرانا وبلـداتنا وتنـقل مظـاهر الفـرح فيـها ، أم تقضـي غالبيـة الليـل الوحيـد في السـنة في غنـاء ورقص بضـعة أشـخاص ( أرجـح أن غالبيـتهم قطعـت أو هـي فـي سبيـل قطـع صلاتـها مـع ديـار آبـائها وأجـدادها ) علـى شـرفها في باريـس ؟ . . وأؤكـد  بقناعـة ، وغيـر شـاكّ  برغبـة المسـؤولين في عشـتار بـبقـاء شـعبنا داخـل العـراق ، ولكـن يبـدو لـي أن هؤلاء المسـؤولين هـم إداريـون وليسـوا إعلاميين يحسـبون لكـل كلمـة أو حركـة  مـن وسـيلتهم  الإعلاميـة حسـابها وتداعياتـها التـأثيرية  فـي   شـعبنا  داخـل العراق على البقـاء أو الهجرة ، فبحسـب علمـي ـ وقـد لايكـون مطابقا للواقع تمامـا ـ فـإن مديـرها هـو مهـندس فنـي والمشـرفين الآخريـن بيـن مخرجيـن للبرامـج ومذيعيـن . . وهـذا خطـأ جسـيم ، لأن لا الفنـي ولا المخـرج ولا المذيـع هـو متمـكن مـن التخطيـط الإعـلامي لوسـيلة إعلاميـة . . كمـا أن الإعلامي لايمكـن أن يكـون  مهندسـا فنيـا ولا مخرجـا أو مذيعـا .

       وبالمناسـبة ، كنـت قبـل نحـو أربـع سـنوات فـي  بيـروت بدعـوة  للمشـاركة فـي دورة تدريبـية لتـلفزيـون ( الحيـاة أل بـي سـي ) الـذي أعمـل مراسـلا لـه ، وزرنـا عـددا مـن القـنوات التلفـزيونية اللبنـانية فلـم أجـد في أحـدها مشـرفا  إعلاميـا   أو رئيسـا للتحريـر لـم يعمـل بمنصـب إعلامـي بـارز لمـدة تزيـد عـن عشـر سـنوات فـي إحـدى الصحف  . .  وهنـا يتـبادر إلى ذهـني تسـاؤل عـن سـبب عـدم إختـيار بديـل إعـلامي ( للإعـلامي ) جورج منصـور عـند إنـهاء مهمتـه رئيسـا للقنـاة ، وكـذلك بالنسـبة للإعلامي والكاتـب سـعدي المالـح عـندما تخلـى عـن رئاسـة تحريـر القنـاة ؟ . . ولمـاذا لايفكـر المسـؤولون عـن عشـتار بعقـد نـدوة  لمجموعـة مـن الخبـراء والإعلاميـين كـل سـنة أو سـنتين  لمناقشـة الوضـع العـام لمسـيرتها ووضـع الإقتـراحات لتطويـرها ، كمـا تفعـل وسـائل الإعـلام الجماهيرية في أنحـاء العـالم ؟

    هنـاك أمـور عـدة فـي عشـتار تبعـث للتسـاؤل : لمـاذا إهمـال فنـون وكفاءات شـعبنا  داخل العراق  وهـي متميـزة وكثيـرة ، فـي حيـن تلاحـق  الذيـن يلجـأون منـهم  إلى الخارج  وتروج  عشـتار نفسـها لـكل منهـم  بالفـنان الكبير والصـوت الشـجي اللامـع وتوجـه لـه الدعـوة وتغـدق عليـه الأوصاف والأمـوال   وتشـتري  بمبالغ باهضـة أغاني هـؤلاء  التي يصورونـها بيـن جسـور أستراليا وحمـام سـاحات أوروبـا وغابـات أميركا و برؤوس حليقـة على طريقـة الزنـوج وخصلات الشـعر المتـنوع الألوان واللحـى الخيطيـة ؟ وإلى هـذه الغرابـة مـن عشـتار قـال لـي أحـد الفنانيـن الرائعيـن الصامديـن في سـهل نيـنوى ( لأن مطربـة الحـي لاتطـرب ، وقس البيـت مـا تنبـاس إيـده ) . .

      وأسـأل المتـنفذين في عشـتار : هـل تسـتطيعون إنكار كفاءات الصامديـن في الداخـل النقيـة فنيـا وموسيقيـا وكلمـات ولحـنا وإداء  ؟ وهـل أليس الأفضل إعلاميـا واجتماعيا وثقافيـا وأخلاقيا أن تصور ـ بـدل الخـارج ـ  غالبيـة الأغاني التي تعرضـها القنـاة بـأزيـاء ألقـوش وبرطلـة وبخـديدا وكرملش وقـرى زاخـو وعمادية وغيـرها  وبيـن الأطفـال الرائعيـن لشـعبنا في الداخـل وحيـث إصـالة  أمجـاد مـدن وآثـار آشـور ومناظـر جبـال وتـلال بلـدات شـعبنا وقـراه وأديرتـه ومآثـره ومئـات البيـوت التـي تـم بنـاؤها بتـوجيه مـن الأسـتاذ سركيس أغـاجان فـي دير مارأوراها وفيشـخابور وديربون وبيرسـفي . . ألخ  والتـي  يتـم بنـاؤها حاليـا مثـل الخمسين بيـتا للنـازحيـن في تللسـقف وقـرى أخـرى ؟   مـا رأيكم بهـذا الكـلام ؟ وإذا كنتـم تـرون فيـه الصحـة لمـاذا تـتعمدون تجاهلـه ؟

   شخصـيا ، لاخـلاف لـي مـع أحـد فـي قنـاة عشـتار ، لابـل أكـن لهـم جميعـا كـل التـقدير والإحتـرام ومتطلبـات وفـاء الصداقـة للعـديد منـهم ،  لكـن القضـية التـي نحـن بصـددها ليسـت شـخصية وإنـما مرتبطـة بمصلحـة عـامة لشـعبنا ولـذا فهـي منعـزلة عـن العـلاقات الخاصـة . .  وقـد تحـدثت بصـورة سـريعـة مـع المسؤولين في القـناة  الـذين إلتـقيتهم في آذار الماضي خـلال الموتمـر ( الكلـداني السرياني الآشـوري ) فـي عـنكاوا ، وأشـرت بوضوح إلـى الرسـائل المسـتمرة  أسـفل الشـاشة وأضرارها ، خصوصا أن بعضـها يحمل عبـارات غيـر لائقـة أو أن عرضـها مـع القداديس ليس مقبـولا أو يحجـب الكتابات التوضيحيـة للبرامـج والمـواد المقـدمـة . . فـأجابنـي أحدهـم بـأن وارد هـذه الرسـائل أنقـذ القنـاة مـن ضائقـة ماليـة تعـانيـها . . فقـلت ، لابـأس ولكـن يجب أن تخضـع للرقابـة فـي محتـواها وعرضـها وأوقـات وجودهـا ، فقـال المسـؤول : هـذا صحيـح . . وانتـهى حديثـنا بسـبب ضـيق الوقـت ، والحقيـقة إنـني لاحظـت بعـد ذلـك حـذف الرسـائل أثنـاء القداديس والصلـوات الدينيـة .  .

     وحـتى مراسـلي القنـاة  خـارج العـراق ، كلهـم أو غالبيـتهم أصدقائـي وزملائـي ، ولكـن الأمانـة تـتطلب أن أقـول بـأن ملاحظاتـي عنـهم فـي حجـب الحقائـق كثيـرة وأسـلوبهم غيـر مقبـول فـي أمانـة النـقل الإعلامي لا أدري مـن  المسـؤول عـنه ، هـم أو توجيـهات مركـز القناة  ؟ فإظهـار الوجـه المشـرق وحـده  ليس صائبـا خصوصـا عـندما يكـون بعيـدا عن الواقع ، وملاحظاتي عن المراسلين   تطول وتطـول . . وقـد نجـد لهـم فرصـة خاصـة فـي وقـت آخـر . 

    بصـراحة ، لاأدري مـدى علاقـة الأسـتاذ سركيس أغـاجان بقنـاة عشـتار ، وإن نمسـمع كلامـا بأنـه المـمول لهـا ، وإنطلاقـا مـن هـذا السـماع فنـقول : إذا كـان مـا يجـري هـو توجيـه منـه فإنـه حقـا مأسـاة ، أمـا إذا كان هـو يعلـم بـه ويسـكت عنـه فالمشـكلة كبيـرة ، وإذا كان لايعـلم بـه لأن  مسـاعديه لاينقلـون لـه حقيقة وضع قنـاة عشـتار ، فهنـا يمكن أن نقـول : إنـه التسـيب غيـر المقبـول إطلاقا . . ولا أدري هـل سـيقـرأ الأسـتاذ سـركيس هـذا الموضوع أم هنـاك مـن سـيحجبه عـنه ؟ وآمـل بالتـأكيـد أن يقـرأه فقـد يجـد فيـه مـا يفيـد .

44
الوقايـة والعبـر من درس تللسـقف

ـــــــ
جميـل روفـائيـل

         أثـار الإنفجـار الإجرامي الذي وقـع في تللسـقف قبـل أيـام  ، ومـا سبقـه مـن أعمـال شـريرة  مماثلـة في تللسـقف نفسـها وبخديـدا وتلكيـف والعـديد مـن بلـدات وقـرى شـعبنا الأخـرى ، الإستـنكار الشـديد والتسـاؤلات في شـأن إجـراءات الوقايـة اللازمـة التـي يمكـن أن تحـد مـن تفاقـم هـذه الشـرور  بقـدر المسـتطاع .

          لكـن الرضـوخ لتـداعيـات الوضـع الواقـع لأمـر مـا ليس بالسـبيل الصائب ، لأنـه يؤدي إلـى اسـتمرار السـوء واستـفحاله ، وهـو بذلـك كالمـرض الـذي يتـم  تـرك شـفائه للقـدر ، مـا يسـفر عنـه في غالـب الأحيـان أن تعشـعش العلـة وتـتوسع ويـزداد خطـرها وإيلامـها ، والسـبب الرئيسـي في كـل ذلـك هـو الإهمـال    .

    وسـبق أن كتبت موضوعيـن ، أحدهمـا بعـنوان " انفجـار تللسـقف . . الدروس والعبـر "  ذكرت فيـه "   يقـتضي الأخـذ بمـا يؤكـده حكماؤنـا في شـأن الحـذر الدائـم مـن اللـص لأنـه خبـيث لاموعـد ولانهـج لـه ، ويدعـونه ( حـرامي ) لأنـه ينـتهك كـل المحرمـات والذمـم ويعـتدي على كـل الممنوعـات والحصانـات . . فالأمـر صـار يتطـلب اليقظـة والإنتـباه والتـيقظ والإستـعداد والتـأهب للوقايـة والإحتـراز . . فـدرس تللسـقف بليـغ وعبـره  تسـتوجب الحـذر الحـذر .  "  .

    وكتبت موضوعـا آخر بعـده بفتـرة ، بعـنوان :  "  المجلس الشـعبي والنـزوح والأمـن ودعـم أغـاجان "  قلـت فيـه "  وبالنسـبة للأمـن ، إذ كمـا نعـلم ، تكتـنفه الكثـير مـن المتطلبـات ، ولهـذا توجـد تجربة في شـأنه  برعايـة السيد سركيس أغاجـان  ، ويمكـن الإستـفادة منـها  وتعميمـها ، ومـن المفيـد أيضـا الإستـفادة مـن الخبرة العسكرية للأخوة الكـرد ، خصوصا أن لهـم مقـرات في كـل بلداتـنا وقـرانا ولـهم نقـاط مراقبـة وتـفـتيش على كـل الطرق شـمال الموصل ، وبحسـب مـاأراه فـإن هذه البلـدات والقـرى سـترسـو   في نهاية المطاف ، وقـد لايكون ذلـك بعيـدا ، كلهـا أو على الأقـل غالبيـتها ، في منطقـة إقليـم كردستان ، وهـو الأنسـب لهـا ـ برأيي ـ إعتمـادا إلى الأوضـاع الجغرافية وأيضا لجمع شـمل شـعبنا في منطقـة إدارية واحـدة ، كمـا كانت في الأصل ،  قبـل أن يقسـم نظام البعث العنصري لـواء الموصل إلى محافظتـين ، وبذلـك أصبح قسـم من شـعبنا في محافظـة نيـنوى والقسـم الآخر في محافظة دهـوك ، وهـو مـا ألحق ضررا فادحـا بوحدتـه الإقـليمـية والإداريــة  .   ويقـتضي الأخـذ في الإعتـبار ، أن شـعبنا ليس عشـائريا ، وأن بلـداته وقـراه ، على رغـم توحـدها الدينـي ـ باستـثـناء بلدات عـدة لـم تعـد كمـا كانت قبـل تسـلط البعث المقيت ـ فـإن لـها إنقسـامات مذهبيـة وسـياسية ، مـا يتطلب مراعاة ذلـك وعـدم وضع الأمـن بيـد الكنائس أو الأحزاب لمحاذير ليست خافيـة ،  قـد تـؤدي إلى الإستـياء والإضرار بالعمليـة الأمنـية ذاتـها . . أمـا الأمـوال اللازمة لمتطلبـات الأمـن فيمكـن أن تسـاهم فيـها  الحكومة المركزيـة والقوات الأميركيـة  وجهـات غيـرها  محليـة ودوليـة ، أسـوة بالمناطـق العراقية الأخرى .  "  .

    لـكن ، على رغـم التـفاؤل الذي أبديتـه في هـذين الموضوعيـن ، إلاَُّّّ ََُّّّّّّ أنـه يؤلمنـي القـول : إن الأمـور الأمنـية لتللسـقف وقـرى شـعبنا القريبـة منـها بقيـت على حالـها مـن عـدم الإهتـمام ، مـا أدّى إلى اسـتمرار الخطر وفقـدان الحمايـة في أقـل متطلباتـها مـن الموت والأذى وتدميـر الممتلكـات ، ومـا ينتـج عـن كل ذلـك مـن فقـدان الطمأنيـنة لـدى السـكان الودعـاء الذيـن اتسـموا دائمـا بطيـب الخلـق والمسـالمة والعمـل المثمـر وكسـب العيش الحـلال .

    نـعم ،  يمكـن لقريـة صغيـرة تضـم عشـرات عـدة مـن المنازل أن يتحكـم أهلـها في أمنـها ، إلا  أن  ضـبط كـل أمـن  بلـدة كبيـرة  مثـل تللسـقف ، تـقع في أرض منبسـطة ولـها أكثـر مـن عشـرين مدخـلا بيـن معبـد وتـرابـي كلـها سـائبة ، وتـمتـاز القريـة بـأنها سـوق تجاريـة للـمنطقة  يدخلـها المئـات مـن أشـكال النـاس يوميـا ، ليس بالأمـر الهيـن ، ولابـد  أن يكـون الإشراف على أمنها ، خططـا وتـنفيذا ، مـن مهمـة السـلطات الحكوميـة ، سـواء المركزيـة أو في إقليـم كردسـتان ، مـع الإستـعانة بالسـكان ومعرفتهم بالبـلدة  ووضعـها وأهلـها  .

      إذن ،  لابـد  مـن عمـل مـاهو ممكـن  لدرء خطر الإرهـاب ،   إلتـزاما بالقـول المأثـور " مثـقال وقـاية خيـر مـن قنطـار عـلاج " ، ومـن الأمـور التـي نـراها مفيـدة في هـذه الوقايـة ، إغـلاق غالبيـة المداخـل التـرابيـة أمـام العـربات  وجعـل دخـولها  القريـة مقتـصرا على المداخـل المعبـدة وهـي ثلاثـة مداخـل ، ووضـع عـارضـات ونـقاط تـفـتيش فيـها يكـون بيـن أفـرادها عـدد مـن سـكان تللسـقف والقـرى المجـاورة لمعـرفة العربـات والموجـودين فيـها ، وبحيـث يتـم التـفتيش الدقـيق لأي عربـة غيـر معـروفة هـي أو سـائقـها ، وبـهذا تـتوافر الوقايـة إلى حـد مـا مـن المتـسللين الأشـرار   .

    فحسـب المعلومـات المتـوافرة ، فـإن السـيارة التـي تـم بواسـطتها إرتكـاب التفجيـر الإرهابـي ألأول في 23  نيسـان 2007 دخلـت القريـة مـن إحـدى الطرق التـرابيـة الجنـوبيـة وكانـت مـن نـوع صـالون محملـة بأكيـاس الجبـس ، أمـا العربـة الأخيـرة فقـد دخلـت القريـة مـن الطريـق المعـبد الشـرقي وكانـت مـن نـوع ( لـوري ) متوسـط الحجـم محملـة بالتبـن وظـل يـدور سـائقها بـها بسـرعة بطيـئة مـرات عـدة حـول المنـطقة التـي اسـتهدفها  والواقعـة بيـن مـقـر " الحـزب الديمقـراطي الكردسـتاني " ونـادي الموظفيـن وديـر الراهبـات وبيـوت السـكنى والمحـلات التجاريـة ، حـتى زاد مـن سـرعتها وفجـرها على مسـافة نحـو خمسـة أمتـار مـن النـادي ، وسـببت أضرارا جسـيمة في النادي وديـر الراهبـات والمباني الأخـرى القريبـة وتحطيـم زجـاج الشـبابيك وواجهـات المحـلات في كـل المناطق الشـمالية والشرقية والغربيـة للقريـة .

     لكـن لحسـن الحـظ ، فـإن الخسـائر بالأرواح كانـت قليلـة ، إذ انحصـرت في وفـاة إمـرأة في نحـو الخمسـين مـن عمـرها كانـت في طريـقها إلى روضـة الأطفـال التـي تعمـل  فراشـة فيـها وإصابـة شـديدة بطالـب جامعـي واحـد تـم نقلـه إلى مسـتشفى دهـوك ، فـي حيـن أن الإصـابات الأخـرى كانـت بسـيطة واقتصـرت معالجـتها بإسـعافات في طبابـة تللسـقف ، أمـا السـبب في قلـة الإصـابات فيـعود أولا إلـى حدوث الإنفجـار في السـابعة والنصف صـباحا وهـو وقت مبكـر بالنسـبة لعمـل المحـلات ، وثـانيا لأن سـلوك الإرهـابي بالـدوران في المنطقة  أثـار الشـك لـدى الموجوديـن وغالبيـتهم كانـوا مـن طلبـة كليـات الموصـل بأمـرهـذه السـيارة  الغـريبة عـن القريـة  فهـربوا بعيـدا عـنها .

    ومـع أنـه كمـا يبـدو مـن طبيعـة  العمليـن الإرهابيـين  وحصـولهما في منطقـة واحـدة قـريبـة مـن مقـر " الحـزب الديمقـراطي الكردسـتاني " أن المسـتهدف الرئيسـي هـو  هـذا المقـر ،  لكـن هـذا الواقـع لاينـبغي أن يعـتبره   البعـض سـببا في حـصول العمـل الإرهابي ، لأن مـا حصـل في بغـداد والموصـل وأماكـن أخـرى مـن اسـتهداف لأبناء شـعبنا  ورجال دينـهم وكنائسـهم يؤكـد بطـلان ذرائـع حـزب مـا أو شـخص معيـن ، وإنمـا المسـتهدف هـو القريـة   وسـكانها ، وهـنـا تكمـن الحقيـقة ، وأي محـاولـة لحـرف هـذه الحقيقـة بـهذا الحـزب أو ذاك ، تـدخل فـي مجـال تبـرير الإرهـاب ذاتـه وغـاياته المقيـتة ، وهـو مـا يقتـضي الإنتـباه إليـه والتـركيز عليـه كإرهـاب لاغيـر .

   لكـن ، مثـل هـذه الأعمـال الشـريرة هيـهات لـها أن تحـد مـن عزيـمة أهـل تللسـقف وشـقيقاتـها في الصمـود والبقـاء في أرض الآبـاء والأجـداد ، فـإن هـذه القـرى والبلـدات راسـخة الجـذور بأهلـها ، الذيـن صمـدوا على عـواتي الأشـرار لمئـات السـنين ، وقـد أخفـق حتـى الطاغيـة صـدام مـن القضـاء على أهلـها وتشـويه طبيـعتها المتـوارثة  مـن خـلال محاولاته نقـل مجاميـع مـن جلاوزتـه مـن وسـط العـراق وجنـوبه واسـتيطانهم  فيـها  . .

   فقـد ذهـب صـدام إلـى غيـر رجعـة مـن دون أن  يحقـق أحلامـه العنصـرية ، كمـا ذهـب كثيـرون مـن الأشـرار قبلـه ، وسـيذهب كـل مـن يـأتي بعـده ويحـاول تكـرار أحـلام صـدام وغيـره مـن الأشـرار ، بـأي وسـيلة قـذرة وإجراميـة كانـت ، لأن تللسـقف وكـل شـقيقاتها راسـخة الجـذور ، وهـي مـع أهلـها  أقـدم وجـودا في ديـار بيـن النهـرين مـن بعـض الغـرباء الذيـن اسـتوطنوا هـذه البـلاد خلال الألف وخمسـمئة سـنة الأخيـرة ولايزال أمثـالهم يتسـللون هـذه الأيـام لإلحـاق الأذى  بـأهل هـذه البـلاد الأصـليين ومـن هـم معهـم مـن الطيـبين الـذين يحبـون الحيـاة الكريمـة لهـم ولغيـرهم ويعمـلون بعـرق جباهـهم لكـل مـا هـو مثمـر ومفيـد .

   وفـي هـذا المجـال ، يطيـب لـي أن أردد مـع الشـاعر والفنـان الصامـد الإبـن البـار  للعـزيزة  ألقـوش الباسـلة دومـا لطيـف بـولا  فـي قصـيدته ( يـا تللسـقف صـبرا صـبرا ) التـي يقـول فيـها ( القصيـدة كاملـة منشـورة في حقـل لطيـف بـولا في موقـع تللسـقف )  :
سَلوا شعبي في العراقِِ ِ، ودِجلةَ والفُراتَ
مَن عَكَّرَ صَفْوتَنا وَحَقَنَ الشوائبا
وهذه "تلسقفُ" في مرابع نينوى
كَلَّلتها شَمسُ الصَّبا بإكليلٍ مُذَهَّبا
كعروسٍ قد طرَّزت أثوابَها في الربيع ِ
وعشتارٌ أُمّـا ً لها وتموزٌ صار أبـا
لتطربَ "تلسقُفَ" عمالها فلاحيها
أصداءُها وتشكرَ المربيَ المُهذبا
قد أفزعَ الخفافيشَ نواقيسُ الحريةِ
كيف ترضى أن يكون "للعبيدِ" مطالبا
قد نسيت أو تناست أنَّ هذا المستعبدَ
ذات يوم ٍحضاراتٌ كانت له مشاربا
مجداَ لكلّ ِ قطرةِ سقت ترابِ الوطن ِ
وأهلنا في محنة ِ"تلسقفَ" مُخاطبا
صبراً صبراً لنُحرقَ جيش الدجى بصبرنا
أنّى له ضبعُ الليل ِهذا الجرمَ يُكذّبا
إذا ظَنَّ سيفَ الحق ِهذا اليوم مُغَيَّبا
كان الشعبُ للأوغادِ في التاريخ ِمُحاسبا
أو أن نحيا كالأحرارِ في وطن ٍ مُحرّر ِ
أو نموت في ثراه ولن أحيا مُغتربا

    ومـن دون شـك أن السـبب الرئيسـي لظهـور الإرهـاب في بلـد مـا ، تـتحمل مسـؤوليتـه أجهـزة  السـلطات الحاكمـة المعنـية بشـؤون الأمـن وصيانـة حيـاة المواطنيـن وأملاكـهم  ،  لأن الأشـرار موجودون  في كـل مجتمـع  ،  ولكنـهم  "  يطفـون على السـطح "  عنـدما يجـدون الأمـور تلائـمهم  مـن فلتـان أمنـي وضيـاع الحـزم وسـوء الإدارة واضطـراب الأوضاع وفسـاد الحكـام وديمقـراطية الفوضـى  .

    لاأحـد  يسـتطيع أن ينفـي أن النظـام الـذي يتحكـم بالعـراق ، بعراقيـيه وأجانبـه ، مسـؤول عـن المسـاوئ التي يـرزخ تحـت كوارثـها الشـعب العراقي ، والمعلومات التي تـتضح يومـا بعـد آخـر شـاهد على ذلـك ، فـأية حكومـة هـذه التي يصـدر عنـها مثـل هذا الخبـر الـذي قرأتـه وأنـا أكتب هـذا الموضوع ، والـذي يقـول : 

     شـرطة كربـلاء تـتهم جيش المهـدي باغتـيال المئات مـن الأرواح  . . لكـن نائـب محافظ المدينـة ( كربـلاء ) جـواد الحسـناوي نفـى ذلـك واتـهم قـوات الأمـن العراقيـة في المقـابل بقتـل عـائلتين . . شـخصيا أرى كـلا التصريحيـن صحيـح ، لأن الطرفيـن ، جيش المهـدي وقـوات الأمـن ، يحكمـان في بلـد يسـوده القتـل والإرهـاب . . وقبلـه بأيـام قـرأت أن وكيل وزارة الصحة متهم بالإرهاب واسـتخدام سـيارات الإسـعاف ومبنـى الوزارة لاختطاف الناس  . . وهكـذا دواليـك .

   لاتـهمني شـخصيا الجهـة التـي تقـوم بالإرهـاب ، لأن الإرهـاب هـو واحـد ، أسـوة بمـا كان عليـه الشـر الصدامي  . . وأي حكومـة لاتستـطيع حمايـة مواطنيـها فهـي غيـر جديـرة بالبقـاء يومـا واحـدا في السـلطة . . فكيف الحـال عـندما تكـون طوائـف الحكومة نفسـها ضـالعـة  حتى سـمت رأسـها في الإرهاب ؟ !

   ومـا علـي فـي الختـام إلا  أن أردد :
        مـوتوا بغيـضكم أيـها الحاقـدون الطائفيـون والعنصـريون الفاسـدون ، فشـعبنـا ليس جاليـة أو طـوائف دينيـة ، وإنمـا هـو أصـيل تمتـد جـذوره إلـى أجـداده ( الكلـدان الآشـوريـين السـريان وأمجـادهم في بابـل ونيـنوى وكـل شـقيقاتهمـا  ) الذيـن طفـقت مـآثرهم كـل آفـاق زمانـهم ولاتـزال نبراسـا يضـئ الـدرب لكـل باحـث عـن العـلوم والمعـارف فـي أرجـاء الدنيـا حتـى اليـوم . . ومـع كـل هـذه الآفـاق نؤكـد : شـعبنـا سـيبقى إلـى الأبـد راسـخا فـي أرضـه وديـاره وبلـداته وقـراه . . ومـن لايعجبـه هـذا كائنـا مـن كـان ، مـا عليـه إلا أن يمـوت بغيضـه وسـوء حقـده  .


45

أنـا مـع تجميـع شـعبنا وضـد تقسـيم العـراق ـ 1

ــــــــــــــــــــــــــ
جميـل روفـائيــل

    كثيـرا مـا تردنـي رسـائل مـن أصدقاء وغيـرهم ، وأيضـا كثيـرا مـا أقـرأ اسـتفسارات عنـي في المواقع . . وأحيـانا أهمل الـرد إذا رأيت النـقد أو الإسـتفسار ينـم عـن محاولة لتشـويه الحقائق عنـي ماضـيا وحاضـرا ، حتى لـو تطلب ذلـك لجـوء المشـوهين  إلى أوهـام الخيـال . . لكـن مـا كتبـه الأخ الكريم ثـامر تـوسا في مواقـع عـدة عـن حسـن نيـة والسـعي إلى إثبـات الحقـيقة ، بعنـوان " أسـتاذ جميل روفائيـل هـل أفهـم أنـكم مـع تقسـيم العـراق ثـم ضـم قـرانـا إلى إقـليـم ( كردسـتان ) ؟  إضافـة إلى رسـائل عدة اسـتلمتها في المجـال نفسـه . . يدخـل في مجـال الحـوار الموضوعي وإبداء الـرأي الـذي لابـد مـن الإجابـة عليـه . .

     كـل هـذا ، جعلـني أكتب " بصـدر مفتـوح " ودون مؤاربـة أو مجاملـة لأحـد ودون خشـية لأنـني مقتـنع مـمّا أنـا أؤمـن بـه ولـي القـدرة للدفـاع عـن هـذا الإقـتـناع . . وبصراحتي التي أثـق وأعتـز بـها ، موضحـا الحقيقـة حتى لـو تطلب ذلـك كشـف مـا ينبغـي علـي كشـفه مـن "  أوراقي الخاصـة " . . وبـعد هـذا فمـن لـم يقـتنع أو يتعمـد الإسـترسال بخـلافه ، فهـذا شـأنه ، ولـن أصـفه بأكثـر مـن " راغـب في التـزوير والحقـد " أمـا الحـوار وتبـادل الأفكار والإختـلاف معـي في الرأي . . فهذا ظـاهرة صحيـة وأهلا ومرحبـا دائمـا وأي وقـت .

     بدايـة . . مـن أنـا ، وبـاختصار : أعتـز بقريتـي تللسـقف ، وكنت أتمنى أن أعيش كل حياتـي في أزقتـها وحقـولها وهوائـها وأهلها ، ولكـن ظروف العمل وغيرهـا جعلتـني أردد " مـا كل مـا يتمنـى المـرء يدركـه . . "  ولكـن أنـا راجـع  إليـها خلال العـام المقبـل . . وأيضا أعتـز بكـل قـرى وبلـدات شـعبنا أسـوة بتللسـقف ، وأتمـنى أن يرجـع إليـها كل سـكانها وتكون دائمـا عـامرة مزدهـرة ، وفي نيتـي نشـر كتاب بعنـوان " نهضة قـرانا الجديـدة " . .

    ولأنـني لاأخفي معتـقداتي وأفكاري إضافة إلى إعتـزازي بـها ، أقـول : إنـني بدأت شـبابي بالإنتـماء إلى " الحزب الشـيوعي العراقي " لحوالي أربع سـنوات ثـم تركت الإنتمـاء التنظيمي لأسـباب خاصة وآثـرت أن أكون مسـتقلا  بـإتجاه يسـاري دائـم وثقـة بالحـزب الشيوعي العراقي واحتـرام مسـلكه واعتـزاز بمناضليـه . . لأنـه أقـرب الأحـزاب السـياسية العراقية  إلى أفكاري العلمانية وأكـثرها ـ  كمـا يـبدو لـي ـ  ثبـاتا في المعتـقدات والمواقف والإلتزامات الوطنيـة وتمثيـلا لكل أنحاء العراق  ودفاعـا عـن الحقـوق القومية للشـعوب العراقية ومنـها شـعبنا . .  وبسـبب أفكاري جـرى اعتـقالي ثلاث مـرات ، إحداها خمسـة أيام وأخرى أسـبوعان والثالثـة لحوالي سـتة أشـهر ، ومثـلت أمـام المحاكم مرتيـن منـها مـن دون الحكـم  بالسـجن . . وفصلت من وظيفـة التعليـم لنحـو سـنتين التي عملت فيـها أولا قبـل الدخـول إلى الجامعـة والعمل في الصحافـة  . .

     التـأييد الذي  ذكـرته ينحصـر في الحـزب الشـيوعي العراقي ، ولاعلاقـة لـه بالأحزاب اليسـارية في أمـاكن أخـرى خـارج العراق وأنحـاء العـالم ، التي  غـالبيتها لـم تـعد يسـارية سـوى بالإسـم الذي تصـبغ وضـعها المشـوه بـه ، أمـا ممارسـاتها  فهـي أبعـد مـاتكون عـن اليسـارية ، وإلاّ  مـاذا يمكن أن نقـول عـن يسـارية حزب العمال البريطاني أو الإشتراكي الفرنسي أو اليسـار الإيطالي . . ألـخ التي فقـدت كل عـلاقة لـها بمصالح العمال والإلتزامات الإشـتراكية والمبادئ اليسـارية . . مـايجعلـني أتطلع إلى حـد التوقـع بحـدوث نهضـة  شـعبية عالميـة تعيـد حقيقـة اليسـارية وتـنقذها مـن الإسـتغلال الذي لحـق بـها وشـوّه  واقـعها  . 

    وبـقيت دائمـا وحتـى اليوم محتـفظا في مجـال السياسة العراقيـة العـامة  باتجـاهي اليسـاري ، وغالبيـة  أصدقـائي مـن الشـيوعيين واليسـاريين  ( وفي الصـدارة أيضـا الأوفيـاء مـن أمتـنا لشـعبهم  )  عـلى رغـم عـملي فـي جريـدة " الثورة " وغيـرها مـن وسـائل إعلام الحكومة البعـثية ، متجاهلا الإغراءات المتـنوعة التي كـان الـذي يرضخ لـها  مـن العامليـن في الثورة ، فإنـه يحصل على مـا يرغـب مـن مناصب الدولـة ، وبقيـت على وضـعي عـند انتـقالي الى يوغوسلافيا في العـام 1980  وبعلاقة طبيعـية مع مسـؤولي السـفارة العراقية في بلغـراد  لعملي مراسـلا للثورة ووسـائل إعلاميـة عراقيـة أخـرى . .

      ولكن بعـدما تجمع في السـفارة  مجموعة مـن أسـوأ  السـيئين الذيـن حاولـوا اسـتغلال عملي الصحافي لمجالات أخرى  منذ  1990 ،  فقـد تصـديت لهـم  وتحولت إلى جريدة " الحياة " وغيرها من وسـائل الإعلام العربية والدولية ، فتصاعدت مشـاغبات السـفارة ضدي لـدى نظـام ميلوشـيفيتـش  باعتـباري أشـكل "  خطرا على كل مـن الأمـن الصربي والأمن العراقي " حتى صـدر أمـر طردي مـن صـربيا عـام 1993 فانتـقلت إلى مقـدونيا مواصلا عملي الصحافي مـن دون أن أتمكن مـن دخـول الأراضي الصربية إلاّ  بعـد إطاحـة ميلوشـيفيتش في تشـرين الأول عـام 2000  . . كمـا صـار متـعذرا عليّ  منـذ 1990 الذهاب إلى العراق بعـدما أبلغـني أهلي بوصول إشـعار إلى منظمة البعث في تللسـقف بإبلاغ الجهات الأمنيـة في حـال وجودي في العراق أو تللسـقف . 

    أمـا بالنسـبة لانتـمائي في مجـال شـعبنا ،  فـأنا مقتـنع بـأن كـل بلـدات وقـرى شـعبنا في شـمال الموصل وشـرقها وغربـها تعـود بأصلها إلى الشـعب الآشـوري ، وهـذا يعـني أنـني واقعـيا  آشـوري القوميـة ، وذلـك مـن دون تجاهـل مسـألة الإندماج القومي الذي حصـل بيـن كـل سـكان العراق القـدماء ( وفي صـدارتهم  الآشوريـون والآراميون ـ أمـا  الكلدان الذين شـكلوا دولة العهد البابلـي الأخير ودويلات مـدن قبلـها في جنـوب العراق فهـم إحـدى  قبائـل الشـعب الآرامي وليسـوا شـعبا بحـد ذاته )  . .

      وإنطلاقـا مـن هـذا الإندماج والإنقسـامات المذهبيـة المسيحية المؤثـرة الراهنـة وحـلا  لقضـية الإسـم القومـي الرسـمي الموحـد لشـعبنا ، فـلا أجـد ضـررا مـن أي تسـمية مركبـة توفيقـية تعبـر عـن الإعتدال  مـن التسميات الثـلاث ( الكلدانية   الآشـورية السريانية ) احتـراما لمواقف الجميع  ، ولأن الأمـور الحاسـمة تسـتوجب التـنازلات والمسـاومات والتوجـه نحو ضرورة جمع شـمل شـعبنا وتوحيـد كلمتـه في المرحلة المصيريـة الراهـنة ، ريثـما يتـم القـبول بتسـمية واحـدة غير مركبـة . .

       لكـن أنـا ضـد إطلاق تسـمية ( سـورايا ) في أي مجـال قومي لشـعبنا ، لأنـها ذات مدلـول ديني شـامل للمسـيحيين ، ولا يمكن أن تكون تسـمية قوميـة ، لعـدم إمكانية إسـتخدام  تسـمية واحدة بصـورة صائبـة  في المجالين الديني والقومي في الوقت نفسـه ، وإن تـرويج البعض لتسـمية ( سـورايا ) لتكون تسـمية قومية لشـعبنا ، هـو أسـلوب مبطـن لتجريد شـعبنا من سـماته القومية الخاصة المتميزة عـن غيـره مـن الشـعوب ، ووضعه في الإطار الديني ، بغيـة تشـتيـته قوميا بين الشـعوب الأخرى ، وهـو نهج في منتـهى الخطورة  . 

    وانطلاقـا مـن إلتـزامي القومـي لشـعبنا ووحدتـه ، فقـد كنت عضـوا في العـديد مـن  مؤسـسات شـعبنا القومية والثـقافية والإجتماعيـة مثـل :  النادي الثـقافي الآثـوري ومجلتـه المثقف الآثوري  والجمعيـة الثقافيـة للناطقيـن بالسـريانية ومجلتـها قـالا سـريايا ( منـذ صدورها وحتـى انتـقالي إلى يوغوسلافيا عضو هيئة تحرير أو سـكرتير تحريـر )  ونادي نيـنوى والنادي الجامعي السـرياني ( عضـوا ورئيسـا )  ومتـعاونا دائمـا مع تلـك التي لـم أكـن عضـوا فيـها مثـل : مجمـع اللغـة السـريانية وإتحاد الأدباء والكتاب الناطقيـن بالسـريانية وجمعية الفنانين الناطقين بالسريانية ونوادي بـابل والإخاء والتـعارف والرياضي الآثوري ونـمرود والرافدين  وسـنحاريب وأور وعشـتار . . ألـخ   

     وكنت في هذه الفـترة أعمل محررا في جريدة الثورة ، وسـعيت مـا أسـتطيع عليه في إبراز نشـاطات  مؤسـسات ونوادي شـعبنا وكتابة مواضيع  فيها عـن تأريخ أمتـنا وحضارتها ، وتولـيت  لبعـض الوقـت أيضـا  الإشراف على قضايا شـعبنا ( الكلداني الآشوري السرياني ) في جريـدة التـآخي ( وأيضا عندما تغيّـر اسـمها إلى العراق ) وأقـوم بإعداد المجلة الثـقافية السريانية لتلفزيون كركوك ، وسـعيت بقـدر الممكن المتاح أن تكون في إطار حقائـق شـعبنا ، والذيـن كانوا يتابعـون هـذه المجـالات ، أعـتقد أنـهم لاحظوا ذلـك   . . وكـان الهدف المقصود وحدة كلمة شـعبنا وإثبـات  وجوده بحسـب ظروف ذلـك الوقت ، فالتوقف عـن العمل هـو موقف سـلبي في كل الأحوال  لايسـتفيد منـه غيـر الأعـداء ، ولـذا فلـكل ظـرف متطلباته وحاجاتـه ومسـتلزماته التي ينبـغي مراعاتها في العمل القومـي لمواصلة المسـيرة سـريعا أو بطيئـا لأن المهـم هـو عـدم توقـفها أو تراجعـها . 

   أمـا دينـيا ، فـأنا راسـخ في مسـيحيتي ومؤمن باسـسها ، مـن دون التفريق بيـن مذاهبها القائمـة التي يعـود أسـاسها إلى ( كنيسـة المشرق ) التي حمل بشـارتها الرسول توما وهو في طريقه إلى الهـند وثـم أرسـى دعائمها أداي وماري  ، أمـا ماحصل من إنقسـامات مذهبية فيـها فأعتـبره تفسـيرات هامشـية لمضمون الإنجيل ، شـخصيا أعتـرف بأنـني لسـت متعمـقا فيـها لأنـه تهمني الديانة نفسـها وليس تفرعاتـها ، وكل الكنائس الموجودة في العراق حاليـا والتي تـعود جذورها وغالبيـة طقوسـها إلى كنيسـة المشرق الأولى ، أعتـبر لافـرق في أمـور تأديـة الشـعائر الدينيـة فيـها جميعا . . 

       ولكـن رغـم هـذا ، فـأنا إعتمـادا على الوراثة التي أصـون واقعها ، فـإن مذهبي في التبعيـة الدينية هـو الكنيسـة الكلدانيـة الكاثوليكية ، التي انتـقلت إليـها  تللسـقف ومناطق عراقية أخرى في فتـرات متباينة ، وذلـك بعـد استخدامها رسـميا للدلالة على مجموعة من أبنـاء كنيسـة المشـرق الذيـن انتـموا إلى الكنيسـة الكاثوليكية ،   حيث كانت بداية انتشـارها في   قبرص عام 1340 في زمن البابا بنديكتس الثاني عشـر  في مجـال  الأسرى الذين كـان جاء بهم ملوك الروم من منطقة أرزن ( في أرمينيا ـ شرق تركيا حاليا ) إلى  الجـزيرة  ، و تـم إقـرار التسـمية رسـميا  في عام 1445 خلال إنـعقاد  مجمع فلورنسـا في زمن البابا أوجين الرابع ، ومـن ثـم  توسـعت أماكـن الأخـذ بـها ، حتـى وصلت إلى  قـرانا عـام 1828  عندما اتحد الكرسـيان الكاثوليكيان في ديار بكر والموصل .

    وفي المجـال الديني المسـيحي ،   أرى أن   الديـن ومذاهبـه ، هي  قواعـد إيمانية ثابتـة غيـر محصورة بقوميـة واحدة  ولا تحتاج إلى منطقة جغرافية ، وإنـما تمتـد إلى قوميـات متـعددة أفكارا وتبعيـة وأسـماء وتمازجـا من دون حدود مع الديانات والمذاهب الأخرى ،  وإن حقوق الديانات  ومذاهبها  الأسـاسية تنحصر في وجود الحرية والتسـامح  لهـا لإداء شـعائرهـا الخاصـة بـها  ، ولهـذا لايمكـن أن يكون اسـم  مـا   دالا ً  في الوقت نفسـه على المذهب الدينـي والمدلول القومـي .  .

      ومن الخطـأ أن يدعي أي حزب يحمل تسـمية مذهبية  أنـه يمثـل كل المنتـمين إلى ذلك المذهب  ويورد أعـدادا ونسـبا مئـوية لحجم المذهب بين مسـيحيي العراق أو إقليم كوردسـتان أو منطقة مـا ومدعيا التحدث باسـمهم جميعا  في الوقت الذي قـد يكون أعضاؤه ومؤيـدوه من أصحاب هذا المذهب لايتجاوزون الثلاثـة في المئـة على أكبـر تـقدير . .

      ويقـع في الخطأ الجسـيم  أي زعيـم لمذهب يخرج عن مجالـه الديني ويتـدخل في الأمور القوميـة والسـياسية سـواء بالإنتـماء إلى التنظيمات أو الدعـم باسـتغلال مركزه  الديني   . . وعلى رغم قلة هؤلاء الزعماء الدينيين الذيـن يتجاوزون مهماتهم الدينـية بالتدخل في الشـؤون  القوميـة والسـياسية  ، إلاّ  أنـهم يمثـلون خطرا جسـيما ، لأن غالبيـتهم في الخارج ويملكون إمكانـات مؤثرة  ماليـة ودعائيـة وسـاحة واسـعة للتحرك ، غيـر آبهيـن بابتـعاد  قسـم من إتبـاع مذهبـهم عـنهم وحتـى عـن كنائسـهم ،  وبذلك تحولوا من جامع لأتباع مذهبهم حولـهم إلى مشـتت  ومفرق لهـم ، إلى حـد قـد يؤدي هـذا إلى إنقسـامات في المذهب الواحد . . وبسـبب هـذا أقولها بوضـوح أنـا أفرق بتـعاملي وكتاباتي بين رجل الدين الصالح الملتـزم بواجبـه الديني وبيـن رجل الدين الطالح الذي يتصرف على هواه خارج مجال إلتـزاماته الدينيـة .

   أمـا بالنسـبة لقضـايا شـعبنا ، فأقـول : إنـني ضـد تقسـيم العراق لأن التقسـيم يعنـي التدمير والنزاعـات ، وقـد تابعـت تقسـيم يوغوسـلافيا مـن خلال عملي الصحافي في منطقة البلقـان ، ومـا حصل من حروب دامية ونزاعات متـنوعة مؤلمـة لاتزال مسـتمرة على ضراوتها حتى اليوم ، ولا يمكن أن أقبل  بحصـول هـذا فـي  العراق ، ولا أرى أن أي عـراقي يمكن أن يقبـل بـه باسـتثناء المرضى بـداء الطائفـية والولاءات الخارجيـة . .

     ولكن أقـول بـأنني مع مراعـاة الأمور القومية ، ونظرا لخصوصية الشـعب الكردي فـأنا مـع حقـه في مكانة متميزة ضمـن دولة العراق الواحدة مـن خلال نـوع مـن الترتيـبات الفيديرالية ، مـع حصول كل الشـعوب العراقية الأخرى ، وفي صدارتـها شـعبنا ، على حقوقها في شـؤونها الذاتية  بحسـب المعـايير المعتـرف بـها دوليا ، وهـذا يعـني حصرا بالشـعوب والمجالات القوميـة ، أمـا إقليم الجنوب الشـيعي  وإقـليم الوسـط السـني  وما إلى ذلـك ، فـأنا ضـده على طول الخط لأنـها أقاليـم طائفية دينية وليـست قوميـة ، وحقوق أي طائفة دينيـة هي في ممارسـة الشـعائر الدينـية بحرية كاملة ضمـن إطارها وخصوصياتها ، ومـا عـدا ذلـك أنـا ضـده دائما وأبدا لأنـه يسـبب الكوارث . . وحتى ، وبوضوح ، أنـا ضـد أي علاقات أو حتى تعاملات خارج أروقـة المؤسـسات الرسمية والحكومية مـع الأحزاب الدينية والطائـفية ، سـواء كات إسـلامية أو شـيعية أو سـنية أو مسـيحية أو أي ديانـة أو طائفـة دينية أخرى .

   وبالنسـبة لوضع شـعبنا الجغرافي ،  فـأقول بجـلاء واختصـار  : إنـني مـع تجميـع شـعبنا في مجـال إداري واحـد ، وهـذا لا يمكـن أن يتـحقق إلاّ  بانضـمام كـل قـراه وبلـداته  إلى إقليم كردسـتان  . . وسـأوضح هـذا الأمـر بإسـهاب  ووقائـع  في القسـم الثـاني مـن هـذا الموضوع . .

46
المجلس الشعبي والنزوح والأمن ودعم أغاجان
ـــــــــــــــــــــــ
جميـل روفائيـل

   كمـا أرى ، أن "  المجلس الشـعبي الكلـداني السـرياني الآشـوري "  هـو المنظمـة الأكثـر ملاءمة لتمثـيل كل أطراف وفصائـل شـعبنا في القضايا العـامة ، لأنـه بمثابة بـرلمان ، لا يشـترط على أحـد ، مستـقلا أو حزبيـا ، التخلي عـن شـئ مـن قـناعاته ، ولا يفـرض على المشـاركين معـه في مهماتـه أي شـروط  باستـثـناء مـا يؤمـن بـه كـل شـعبنا ، وهـو أنـنا شـعب واحـد ، وإن فرضـت الظـروف عليـه أسـماء عـدة . . ولكـن هـذه الأسـماء ليسـت عائقـا أمـام ما يملكه مـن خصائص الشـعب الموحـد التي تجـمع كـل تسـمياته  في خـانة واحـدة  ،  هـي التـي تسـمى لغـويا  ( بيـن قوسـين ) . .

       وفي هـذا الإطـار فـإن هـذا المجلس هـو أفضـل واجهـة ظهـرت حتى الآن لتمثـيل شـعبـنا قوميـا ، لأنـه لايسـتغل القومية لأغـراض سـياسية ولا يسـعى لتكريس التسـميات المذهبيـة على أسـس قوميـة ولا يوفـر المجـال لبعض رجـال الديـن المسـيحيين الذيـن يـرومون  التـدخـل خارج مهماتهـم الدينيـة   فـي الشـؤون السـياسية والقوميـة والحكوميـة . 

    أجـل ، هـذه هي صفـة " المجلس الشـعبي الكلدانـي السـرياني الآشـوري "   لأنـه انـبثـق عـن 0 المؤتمـر الشـعبي الكلدانـي السـرياني الآشـوري " الـذي كان  تجمعـا اختـياريا لشـعبنا مـن دون أي شـروط أو التـزامات . . مؤتمـرا  شـعبيا على رغـم الأخطـاء التـي أحاطـت بـه ، وتحدثـنا عنـها في مواضيـع سـابقـة ، والتـي تدخـل في مجـال ( الهفـوات غيـر المقصودة ) المصاحبـة لبدايـة كـل عمـل كبيـر ، كمـا كـان هـذا المؤتمـر ، ولكـن عنـد حسـاب إيجابـيات المؤتمـر ونتائجـه الكبيـرة قياسـا بوضعـه وظروفـه ،  تصـبح تلـك الهفـوات أمـرا عـاديا طواهـا النسـيان بعـد المؤتمـر ، لأنـها لـم تعرقـل ولـم تؤثـر سـلبا  . 

    ولكـن ـ بتـقديري ـ أن أعضـاء المجلس الشـعبي ارتكبـوا خطـأ جسـيما حيـن آثـروا عـدم اختـيار السيد سـامي المالـح رئيسـا للمجلـس ، وبذلـك  لـم يلتـزموا  ضـرورات التـنسيق والتـرابط بيـن المؤتـمر والمجلـس ، لأنـه مـادام السيد سـامي رئيسـا للمؤتمـر فكـان ينـبغي أن يكـون رئيسـا للمجلس ، للعـلاقة الوثيـقة بينهـما ووجـوب عـدم الفصـل في رئاسـتهما ، خصوصـا أن كلاهمـا حديث التـأسيس ويقـتضي  دعمـا مشتـركا لهمـا وبيـنهما  لإنجـاح هدفهـما الواحـد  .

    ومـع  أنـني كنت خـلال المؤتمر معـارضا لتولـي السيد سـامي رئاسـته ، لا لأنـه ليس كفـوءا ، فهـذا لايمكنـني إتهامـه بـه لأنـه أثبـت كفـاءة وجـدارة ـ مـع زملائه شـيرزاد شـير وحـازم كتـو وآخرين الذيـن بذلـوا جهـودا مضـنية  لعـقد المؤتمر ـ  ولكـن عارضتـه لسـبب واحـد لاغيـر وهـو أنـه مقيـم في الخـارج ومـادام  المؤتمر أصلا لقضـايا أمـور الداخل ، فينـبغي أن يكون رئيسـه مـن الداخـل . . ولكـن الآن مـادام السيد سـامي قـد أختـير رئيسـا للمؤتمر ،  فكـان الأنسـب أن يتـم اختـياره أيضا رئيسـا للمجلـس  .

   وهـذا الـرأي  والإختـيار لـن ينتـقص أبـدا مـن أهميـة السيد جميل زيتـو والآخرين الذين معـه في المجلس ، فـإن شـعبنا غنـي بطاقاتـه أصحـاب التضحيات للعمل في سبـيل قضايـاه ، والسيد جميل زيتو أحـد المتصـدرين  لهـذه الطاقات المهمـة ، وإن كنت لـم ألتـق بـه شـخصيا ، فـإنني سمعـت عـنه الكـثير ، إذ  ابنـة شـقيقه متزوجة مـن أحـد أقاربـي ، وهو كما علمـت يتميز بصفات فاضلة وإخلاص لشعبه ( الكلداني السرياني الآشوري ) والتـزامه بعاداتـه وتـقاليده وتراثـه . . وتكـفيه مفخرة ـ هـو وكـل مـن إلتـزم السبيل نفسـه ـ انـه ترك هولنـدا ـ كمـا علـمت مـن بعـض الأخـوة ـ  حيث كان يقـيم وعـاد مع عائلـته إلى ديـار الآبـاء والأجداد التي حبـها لايفوقـه حـب وأمجادها وروائعـها وجمالـها وخيراتها . . لا يضاهيه مجـد وروعـة وجمـال وخيـر . .

    ولكنـه ، لـم يكن لينتـقص مـن عملـه واخلاصه لشـعبه ، لـو أنـه أخـتـير نائبـا للرئيس ، يتـولى مهـات الرئيس طيلـة مـدة غيـاب السيد سـامي ،  وهـو بذلـك كـان حافـظ على الإرتبـاط بيـن المؤتمر والمجلس ، وفي الوقـت نفسـه كـان توافـر لـه المجـال ليـؤدي مـا يقـوم بـه حاليـا  مـن مهمـات   .

    ونعـود إلى المجلس ، وبحسـب المعلومات المتوافرة أن أعضاءه  سيجتمعـون قريبا ، والحقيقة مـن خـلال مـانراه ونسمعه مـن وسـائل الإعلام ، فـإن المجلس يعـمل بصورة جـيدة ووفـق الممكن الموجود لـديه  ، لكنـه أقـل بكثير مـما يقتـضي أن  يقوم بـه في متطلبات شـعبنا الراهنة . . و ينبغي العلم أن في زمانـنا هـذا ، يعتـبر توافر الإمكانـات المالية شـرطا أسـاسيا لإمكانية العمل . . فبـدون المـال لايوجـد عمـل وكل الأمانـي والإقتراحات والخطط تصـبح خارجـة عـن مجـال التـحقيق  .

    وحقيقـة ، لا علم لـي بمـدى التعـاون والعـون المالـي الذي يوفره ، أو يمكن أن يوفره ، السيد سركيس أغاجـان للمجلس ومهماته ، ولكن بحسب انطبـاعي عـنه  خلال المؤتمر أنـه حريص على دعم كل جهـد يدخل في مصلحة شـعبه ، ومـن هـذا المنطلق لا أشـك في أن السيد سـركيس  يدعـم المجلس أو أنـه مستـعد لدعـمه ، إذا تحـرك المجلس نحـو مهمـات ضمن الإطار العـام المفـيـد لشـعبنا  . 

    وإزاء هـذا ، كمـا أعلـم وألمـس ، أن في صـدارة المهمـات التي يحتاجـها شـعبنا هذه الأيام ، يـأتي إسـكان النـازحين وتوفيـر حاجاتـهم حيث الشـتاء يطـرق الأبـواب ، وثـم قضـية الأمـن التـي تـتطلب وجـود حراسـة منظمـة بموجب إلتـزامات عسـكرية في كل بلـدة وقريـة مهـددة أو يمكـن أن تهـددها الجماعـات الإرهابيـة ، وهـذه البلـدات والقـرى كلهـا تـقع في سـهل نيـنوى .

     ويبـدو  لـي  ، أن المجلـس يمكـن أن يسـاهم  بهـاتين المهمتـين ، الإسـكان والأمـن ،  بالتـعاون مـع  تنظيمـات شـعبنا المختـلفة  ومنظمـات الحزب الديمقـراطي الكردسـتاني  ، باعـتبار أن المجلس  جهـة يمكـن أن تجمع حولهـا الجميـع ، لأنـه ليس تنظيمـا سـياسيا ولا إنحيـاز لـه لأي طـرف ، وإنـما هـدفه مصلحـة شـعبنا بكل مؤسـساته وأطرافـه لاغيـر ، وهـو بذلـك صـالح للتعـاون مـع الكـل . . فـفي الإسـكان الذي يتـولى السيد سركيس أغاجـان مهماتـه ، يمكـن للمجلس أن يتـعاون معـه فـي هـذا المجـال ، بـما يـرى السيد سركيس إمكانية اسـناده إلى المجلـس للقـيام  بـه .

    وبالنسـبة للأمـن ، إذ كمـا نعـلم ، تكتـنفه الكثـير مـن المتطلبـات ، ولهـذا توجـد تجربة في شـأنه  برعايـة السيد سركيس ، ويمكـن الإستـفادة منـها  وتعميمـها ، ومـن المفيـد أيضـا الإستـفادة مـن الخبرة العسكرية للأخوة الكـرد ، خصوصا أن لهـم مقـرات في كـل بلداتـنا وقـرانا ولـهم نقـاط مراقبـة وتـفـتيش على كـل الطرق شـمال الموصل ، وبحسـب مـاأراه فـإن هذه البلـدات والقـرى سـترسـوا  في نهاية المطاف ، وقـد لايكون ذلـك بعيـدا ، كلهـا أو على الأقـل غالبيـتها ، في منطقـة إقليـم كردستان ، وهـو الأنسـب لهـا ـ برأيي ـ إعتمـادا إلى الأوضـاع الجغرافية وأيضا لجمع شـمل شـعبنا في منطقـة إدارية واحـدة ، كمـا كانت في الأصل ،  قبـل أن يقسـم نظام البعث العنصري لـواء الموصل إلى محافظتـين ، وبذلـك أصبح قسـم من شـعبنا في محافظـة نيـنوى والقسـم الآخر في محافظة دهـوك ، وهـو مـا ألحق ضررا فادحـا بوحدتـه الإقـليمـية والإداريــة  .

      ويقـتضي الأخـذ في الإعتـبار ، أن شـعبنا ليس عشـائريا ، وأن بلـداته وقـراه ، على رغـم توحـدها الدينـي ـ باستـثـناء بلدات عـدة لـم تعـد كمـا كانت قبـل تسـلط البعث المقيت ـ فـإن لـها إنقسـامات مذهبيـة وسـياسية ، مـا يتطلب مراعاة ذلـك وعـدم وضع الأمـن بيـد الكنائس أو الأحزاب لمحاذير ليست خافيـة ،  قـد تـؤدي إلى الإستـياء والإضرار بالعمليـة الأمنـية ذاتـها . . أمـا الأمـوال اللازمة لمتطلبـات الأمـن فيمكـن أن تسـاهم فيـها  الحكومة المركزيـة والقوات الأميركيـة  وجهـات غيـرها  محليـة ودوليـة ، أسـوة بالمناطـق العراقية الأخرى . 

    وفـي هـذا أرى أن المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ، هـو الأنسـب لمثـل هـذه المهمـات ، خصوصا أن مؤتـمره كان مدعوما من كل الأطراف تـقريبا ، حتى أن غالبية الجهات السياسية التي تحفظت عـن حضوره لـم تعارضه من حـيث المبـدأ ، وإنمـا لم تشارك فيـه لأسـباب تـنظيميـة ، ويبـدو أنـه توجد حاليـا بوادر لمراجعة المواقف والمشاركة في المجلس ، استـنادا إلى قـرار المؤتمر بتخصيص عشـرة مـن  مقاعد المجلس الأربعـين للأحزاب .

    وشـخصيا أرى ، أن التعاون والتنسـيق بين السيد سركيس والمجلس ضروري ، وأنـه أفضل مـن يمكن أن يدعـم المجلس  ، أمـا الآراء السياسية لقسـم من الأحزاب في شـأن ذلـك ، فإنـني أرى مـن الخطـأ الجسيم والضار جـدا بشـعبنا ، أن تـتداخل في قـضايا مهمة ، كما هي الحـال في إسكان النازحين مـن شـعبنا وتوفير الأمن للبلـدات والقـرى التي تـتطلب ذلـك ، فمثـل هـذه المجالات ليست ميدانـا للكسب الحزبي ولا للمنافسـة السياسية ، ومـن لايلتـزم بذلـك فهو لايـراعي  كما يجب متطلبات شـعبنا  في ظروفه الراهنـة ، مهـما أدعى وتحدث وتـذرع  ، لأنه عـندما تحـوق  المخاطر فلابـد مـن كـل الأوفيـاء التحـلي  بالشجاعة والتضحيات لمواجهتـها . 
ــــــــــ
مـلاحظـة :
  كنـت كتبـت في الموضوع السـابق فـي شـأن إتصـال  الكثـير مـن الأصـدقاء والقـراء بـي  ومعـاتبتـي  على شـحة كتـاباتي . . وقـلت أنـا معهـم ، وأقـول  "  العيـن بصيـرة واليـد قصـيرة  "  . . فكثيـرا مـا أقرر كتابـة موضوع ، ولكـن ظـروف عملـي ترغمـني على الإنشـغال عـن ذلـك ، ولمـن أراد التـأكد مـن ضخـامة عملـي يمكنـه ملاحظـته فـي جريـدة ( الحيـاة ) بحسـب الـرمز
http://www.daralhayat.com
وعـندما تنـفتح الصفحة ، يوجـد في أعـلى جهتـها اليسـرى كتابـة ( بحـث متـقدم ) وتحتـها مسـتطيل فارغ للكتابـة ، فيكتـب فيـه بالعربـي ( جميل روفائيل ) وينقـر على كلمـة ( ابحـث ) الموجودة بجانب المستـطيل ، فتظهـر عنـاوين مجموعـة مواضيـع مـن كتـاباتي ، . . هـذا طبـعا عـدا مـا أكتـبه بتـوقيع ( سـكوبيا ـ الحياة ) أو مـن دون إسـم ، وعـدا أيضـا عملـي في راديو ( مونـتي كارلو الدولية ) وإذاعـة لنـدن ( بـي بـي سـي ) ومجـالات إذاعيـة وتلفزيونيـة أخـرى  متـفرقـة . . وأعتـقـد أن الـذي يـلاحظ هـذا العمـل ، وهـو سـبيل عيشـي الوحيـد ، يعـذرني على شـحة مواضيعـي .  . فـأنا أعيش مـن عملـي الصحافي لاغـيـر ، ولا جـواز سـفر لـي إطـلاقا غـيـر الجـواز العـراقي . 

   ولكـن مـع نشـر موضوعي السـابق ، فـقـد حصـل خـلل فـني في موقع جريـدة الحيـاة  http://www.daralhayat.com/ مـا جعـل فتـح البحث غيـر ممكـن . . لكنـه   تـم تصليـح الموقـع  والأمـل أن لايعـود الخلـل مـن جـديــد . . فـمعـذرة مـن كـل القـراء .

47
شعبنا  . .  مـا للداخل للداخل ومـا للخارج للخارج
ـــــــــــــــــــــــــ
جميـل روفائيـل

       يهمني من هذا الموضوع ، فـقط مـا يخص شعبنا ( الكلداني الآشوري السرياني ) سـواء مـن كانـوا منـه  داخـل العـراق أو مـن نـزحوا إلى خارج العراق واستـقروا حيث أصبحـوا  أو لـم يستـقروا ،  لأن قسـما من الذيـن هـم  في الخارج ، صـار لا هـمّ لـه غـير إثارة المشكلات  والإضرار بقضايا شـعبنا في الداخل ، مـن خلال التدخل في أمور لـم يعـد لمـن فـقـد صفة الوجود في الداخل حق التدخـل فيها ، إلاّ  إذا كان الأمر من قبيـل " التدخل في مـا لايعنيه " وإزاء الأضرار التي يسـببها هذا القسـم ، والتي أثـارت الإستـياء الشديد في الداخل ، وجعلتـنا كثيرا مـانسمع أهل الداخل يرددون " ليت أهلـنا في  الخارج يساعدوننا بما يفيـدنا ، ويبتعدون عن أحزابنا وقضايانـا  التي هي من شـاننا وحدنـا  "  .

     لقـد تجنـبت فنـذ فتـرة دخـول خلافات  في كتابـاتي وعلاقـاتي ، حتى مـا يتعلق بالرأي ، مـع أي شـخص وجهة في شـعبنا ، وتوجهت نحو (  خيـار الإعتـدال  ) الذي طالما دعـا إليـه الصديق عوديشـو ملكـو ، مؤمنـا بصورة مطلقـة بحرية الرأي والتـعبير ووجهة النظـر وطريقة التـفكير ، لـي ولغيـري من أبنـاء شـعبنا . . وأن الحكـم في القـرار النهائي يبـقى للإعتـقاد الذي يسـود عموم جمهـور شـعبنا ، ومصمـما على عـدم إنتـمائي أو تـأييدي المطلق لأي تنظيم سـياسي داخل العراق ، مـا دمـت موجودا خارجه  . . فمـا للداخل للداخـل ومـا للخارج للخـارج ، ولكل منهـما خصوصياتـه وظروفـه وأسـسـه وعلاقـاته  . . ومـن هـذا المنطلق أعبـر عـن رأيـي بقضـايا مهمـة ومصيريـة لشـعبنا في هـذا الموضـوع .

   والمقصـود بالداخل هـم الصامدون مـن شـعبنا في ديـار الآبـاء والأجداد داخل العراق ، وبالخـارج هـم المغتـربون من شـعبنا في أنحـاء الدنيا الذين اتخـذوا جنسـية البلـد الذي حلّـوا  فيـه وقـرروا الإستـقرار والبقـاء الدائم فيـه أو في غيـره مـن بلـدان العالم ( إغتـراب دائـم ) وعـدم العودة إلى ديـارهم في العراق . . ويستـثـنى مـن بين هؤلاء الذيـن جـاءوا إلى الخارج لفتـرة مؤقتة ( إغتـراب مؤقـت ) وحصلوا على جوازات سـفر أجنبـية أو لـم يحصلوا  وهـم في سـبيل العودة إلى ديارهـم في العراق ، فهـؤلاء يمكن إحتسـابهم على نـهج أهـل الداخل مـا داموا غير راغبـين بالإستـقرار والبقـاء الدائـم في الخـارج .

    وبحسـب هـذا المنظور ـ الذي أراه ـ فـإنه ليس مـن حـق أهل الداخل من شـعبنا الإنتـماء إلى أحزاب وتنظيمات سـياسية مقراتها وكل قياداتها أو غالبيـتها في الخارج ، لأنها لاتفيـدهم في حقوقهم وعلاقاتـهم اللازمة داخل العراق وقـد أثـبتت الوقائع في السـنوات الأخيرة أن أحزاب شـعبنا في الخارج يسـود غالبية ممارسـاتها التطرف وطرح قضايا ومطالب غيـر واقعية تضـر بالخط السـليم الذي تسـلكه أحزاب الداخـل  في علاقاتها فيـما بيـنها وبيـنها وبيـن الأقوام والأطراف الأخرى مـن غيـر شـعبنا داخل العراق ، خصوصا في شـمال العراق ، الذي صـار مصير شـعبـنا ومستـقبله مرتبطا بـه . . والمقصـود واضح أعـلاه وهـو الإنتمـاء الحزبـي فـقط  ، أمـا التـأييد الفكـري والكتابـة وإبـداء الرأي فـي كل وسـائل الإعلام والإتصال  فهـذا حـق للجميـع مـن دون إستـثناء ، لإختـلافه تمـاما عـن مسـألة الإنتمـاء التنظيمـي السـياسي . 

    وبالمناسـبة ، نسـمع كثيـرا إنتـماء أشـخاص مـن شـعبنا في الخـارج إلى تنظيمـات سـياسية واجتماعيـة  خاصة بالبـلدان التي يقيمـون بـها ، وبيـنهم مـن يرشـح ضمـن لوائحـها للمناصب القـيادية الحزبيـة والإنتخابيـة  للبرلمـان والمجالس البلديـة والحكوميـة وغيـرها ، كمـا هي الحـال في الولايات المتحـدة وكنـدا وأستـراليا والسـويد وهولنـدا وبلـدان أوروبية أخـرى ، وهـذه ظاهـرة صحيـة ورائعـة ، لأن الذي استـقر في بلـد مـا فـإنه أصـبح بحكـم الواقع  مرتبـطا بـه  في كل أمـوره ومـن حقـه أن يبـت في قضـاياه ، إضـافة إلى أن هـذا الشـخص المنتـمي بالأصـل إلى شـعبنا ، فـإنه سـيفيد قضـايا شـعبنا داخـل العراق وخارجه ، مـن خلال وجـوده في مؤسـسات ذات شـأن في البلـد الذي هـو فيـه .

وفـي رأيي ،  أيضـا ،  أنه يمكن أن يشكل من يشـاء من أهل شـعبنا في  الخارج  او ينتمي إلى الأحزاب ، شريطة أن لايعتـبرها أحزابـا لداخـل العراق ، ولأجـل هـذا التفريـق  أن يضيف  إلى تسمية  الأحزاب التي يشـكلها   " . . . في المهجر "  ويكون الإنتماء إلى هذه الأحزاب مقتصرا على أهل الخارج  ، وأن يهتم هذا التشكيل والإنتماء بالأمور الخاصة بهؤلاء الناس في المهجر لاغـير ،  وبكل ما يجدونه ضروريا  لهم  . . وهو أمر يخصهم وحدهم ولا يحق لأحد الإعتراض عليه ، أمـا التدخل في أمور الداخل ، فـلا ولا ، لأن مجالها ليس من شأنهم إطلاقا ، باسـتـثناء ـ إذا شاءوا ـ  المساعدات العامة والإرتباطات غير السياسية ، كالثقافية وإنشاء المشاريع والزيارات الإجتماعية والسـياحية  وتبادل الخبرات .

    وتأكـدت من صحـة هذا الموقف ، مـن خلال العلاقات الودية التي أقمتـها شـخصيا مع كل الأحزاب والتنظيمات السـياسية  ـ ذات الوجود الفاعل في السـاحة العراقية ـ لشـعبنا وقياداتـها داخل العراق ، وكنت في لقاءاتي مع الكل أحرص على احترام الآراء والمواقف الخاصة بها ، مع احتفاظي بـآرائي ومواقفي الخاصة بـي ، وفي الوقت نفسـه داعيا إلى وحدة شـعبنا في الإسـم والمعاملات الرسمية والعلاقات الوطنية والسياسية العراقية ، إضافة إلى التـقارب بين أطراف شـعبنا السياسية والمذهبية والمناطقية بأقصى مـا هو ممكن ، وأن هذا لن يتحقق إلاّ من خلال تجنب التطرف والتشـدد ، والإتجاه نحو الإعتـدال والتخلي عن قسـم من الخصوصيات بهدف التوصل إلى التـقارب المنشود . . وللتأريخ أقول : إن الكل داخل العراق  متـفق  من حيث المبدأ على هـذا مع تفضيل البعض ـ خصوصا طرفان أحدهما كلداني والآخر آشوري  ـ  بتغيير الأسلوب الذي تـتبعه لجنة التنسيق التي تـتبنى إقرار الإسـم الموحد حاليا . 

    لنسـأل بكل وضوح ، عشرات الأحزاب والتنظيمات السياسية التي أسسها مغتربون ومهاجرون عراقيون استـقروا في البلدان التي حلّوا فيها ، وليس هناك مايدل على وجود برنامج لهم للعودة إلى ديارهم  وديار آبائهم وأجدادهم . . لابـل أنهم لايكتـفون بهجرتهم هـم ، بـل يحرضون أيضا من لايزالون صامدين في أرض الآباء والأجداد على مغادرتها واللحاق بهم . . هـذا الكلام لنـا أدلة بالمئات عليه ولا نطلقه جزافـا  .

       يتصـرف البعض من أهل الخارج وكأنه يعيش في أرض آشـور ، يسير بين روابيها ويتجول في حقولها ويشرب من مائها وينام في رحابها ويتـنفس هواءها . . ويعمل من أجل ازدهارها ، على رغم أن حقيقته مناقضة لكل ذلـك ، فهو ابتعد عن روابيها وتخلى عن حقولها ونسي طعم مائها وينام في رحاب غيرها ويتـنفس هواء لايمت إلى آشور بصلة . . ومع كل هذا يزاحم الصامدين في هذه الأرض فيما ليس له حق فيه ويصرخ في أبواقه ظنّـا منه أن علـو الصوت يجعله الآمر الناهي ، غير مهتم بأن مـاقاله تلاشى في دوامة الريح ، لأن آشور يصونها الصامدون فيها ، الذين يمقتون الطارئين من الخارج  أصحاب السموم ، لحرصهم على ديار الحكيم أحيقار القائل "  إن دمار الفم أشد خطرا من دمار الحرب  "  .

   هـذا الذي ذكرناه ، غيض من فيض ، و كنـا نود أن نعطي بعض التلميحات لما نراه ضـارا بالشعب ( الكلداني الآشوري السرياني )  وبمصالحه القومية والدينية والوجودية والحقوقية في مستقبل أرض آبائه وأجداه حيث دياره  والصامدين في ربوعها . . ووضع بعض النقاط على الحروف ، لعله يكون أكثـر فائـدة وتشـخيصا  ، ولكـن رغبـتـنا أن يكون الموضوع في مجـال العموميـات ، خصوصـا أن الحقائق معـروفة وماثلـة لأعيـان وآذان كـل المتابعيـن ،  لأن غايتـنا هي  مصلحة كـل  الشعب ( الكلداني الآشوري السرياني ) الذي نفتخر بالإنتماء إليه والأمل من كل من ينتمي إليه أن يسعى إلى بقائه ورسوخه ، وشموخه حــيث دياره في أرض بابل  وآشور وسهل نينوى إلى أبد الآبدين . .

       وفي مجـال الآراء الإيجابيـة في هـذا الشـأن ، فـقـد تابعـت  مسـاء يـوم 25 / 5 / 2007  حلقـة برنـامج  "  دوراشـا  بتـيخا ـ  حـوار مفـتوح  "  مـن فضـائية سـورويو  ، الـذي يعـده ويقـدمه الأديب والإعـلامي  صـبري  يعقـوب إيشـو ، واشـترك في الحلقـة الأخـوة  : الدكتـور وديـع بتـي حنـا والدكتـور أدورد  ميـرزا  والأسـتاذ أكـرم اللـه ويـردي  والأسـتاذ جـوزيف  سـاووق  والأسـتاذ الكاتـب القـاضي زهيـر كاظـم عبـود .

      تـناولت الحلقـة قضـايا آنيـة مهمـة تخص شـعبنا . . وبشـكل  عـام  ،  كـان تحليـل  الأخـوة  المشـاركين في  البـرنامج  واضحـا  ومفيـدا  ،  وإن  كنـت أختـلف  معـهم في  العـديد  مـن آرائهـم  ،  لكـنني متـفق  معـهم  تمـاما  في أمـر  مهـم رددوه  مـرارا  ،  وهـو  تـأكيدهم  على  أنهـم  مـاداموا  يعيشـون  في المهجـر فإنـه  ليس  مـن حقـهم  أن  يقـرروا  الشـكل الـذي  ينـبغي  أن  يكـون  عليـه  الحكـم  الذاتـي  والأمـور  المهمـة  جـدا  التـي  تخـص  شـعبنا  في الداخـل  .   

    هـذا الـرأي صـائب  مئـة في المئـة  وواقعـي جـدا  ،  لأن  أهـل  الخـارج  مـن شـعبنا ،  على  الرغـم  مـن  أن  جـذورهم  مرتبـطة  بديارهـم  الأصليـة  في  العـراق  ،  ولكـن  الحقيقـة ،   أن  هـذا  الإرتبـاط  عـندما غـادروا  إلى  خـارج  العـراق ،  غـدا  إرتبـاطا  معـنويا  وشـعوريا  لاغيـر ،  وهـو  موجـود  عنـد  الجيـل الـذي  عـاش ردحـا مـن حيـاته في  ديـار  آبـائه  وأجـداده  داخـل  العراق  وعـند البعـض مـن أبنائـه  ،  ولايـزال يمتـلك مقـومات  هـذا الإرتبـاط بهـذه الديـار  مـن خـلال  وجـود  أقـارب  لـه  فيـها بيـنه  وبيـنهم الحنيـن  المشتـرك  وإستـمرار علاقتـه  بلغـته  الأصليـة  ، هـذا  إضـافة  إلـى صـلاته بتـأريخ هـذه  الديـار وعـاداتها وتـقاليدها وتـراثها وذكـرياته  المتـنوعة  فيـها . . 

     علمـا  أن  غـالبية الـذين غـادروا  إلى  الخـارج لـم  يـزوروا  الديـار  التـي  تـركوها  وأن  معلـوماتهم عـن وضـعها الحـالي لايتجـاوز  القـراءة والسـماع  والتـقديرات الخاصـة ، وهـي جميعـا لاتـعتبر  مـن  الناحيـة  الدليـلية  موثـوقة  لأنهـا ليسـت قائمـة  على  الملاحظـات  والتـأكيدات  الذاتيـة  ،  مـا يعـني أنـه  لايجـوز  الإعتـماد  عليـها  كمصـادر  للعـرض  والحكـم  على  الموجـود  . 

    وحقيقـة  ، أن صلـة ابنـاء شـعبنا في الخـارج بجـذورهم في أرض آبائهـم وأجـدادهم ، وقتـية  ،  وأنـها ستـتـقلص بالتـدريج حتـى  تـزول مـع الجيـل الرابـع للأحفـاد ومـايليـه ، نتيجـة عـوامل الإندمـاج  والإنصهـار مـع المجتـمع الجـديد الـذي إنضـموا  إليـه  ، ولهـذا فـإن إدعـاءات البعـض من الذيـن رحلـوا واستـقروا خـارج أرضـهم الأصليـة ( وأحزابـهم  القوميـة والتحريريـة )  بـحقهم فـي  التـدخل فـي كـل كبيـرة وصغيـرة تخـص مصـير أرض آبـائهم وأجدادهم ،  مـاهي  إلاّ  إدعـاءات  جوفـاء في حقيـقتها ، لاخيـر فيهـا ولاطعـم ولارائحـة   .

    إن  المشـاركة في العمـل والإنتـاج ، لاتكـون إلاّ  بالـوجود حيـث الحقـل وزرعـه ورعـايته  ،  أمـا الجلـوس فـوق  التـل والتـفرج على  العـاملين وإطـلاق الأصـوات العـالية والتـدخل فـي أمـر  الذيـن تـتبلل أجسـامهم بالعـرق مـن السـهر والتـعب ، مـن دون أي مسـاهمة حقيقيـة إلى  جـانب هـؤلاء البواسـل ، فهـو مـن الأمـور الخـارجة عـن المقبـول والمسـموح بـه تـقليدا  وشـرعا  .

    نحـن لسـنا  إطـلاقا مـع قطـع عـلاقة أبنـاء الشـعب ( الكلـداني السـرياني  الآشـوري ) في الخـارج مـع شـعبهم وديـارهم  في العراق  ،  لابـل  نـرفض هـذه  القطيعـة ولا نـقبلها مـن أيـن جـاءت وحصـلت ، لكـن الـذي نـعنيه هـو  أن العـلاقة  ضـرورية شـريطة  أن تكـون  محـددة  ضـمن  ضـوابط بعيـدة عـن التـدخلات السـياسية والمصيريـة   ،  وأن تكـون هـذه  العلاقـة بالشـكل الـذي تـدعم  الجـذور التـي تـربط الجانبـين  ،  خصـوصا أن أهـل الداخـل هـم بحاجـة إلى أشـقائهم في الخـارج في النواحي الماليـة وإقامـة المشـاريع المتـنوعة لإزدهـار قـراهم وبلداتـهم التـي عـادوا إليـها  ومسـاعدتهم في معاناتـهم  نتيجـة الظـروف التـي يمـر بـها العراق ، وأيضـا لاضـرر مـن  أن  يـقدم  أهـل الخـارج  النصيحـة  والمشـورة  لأهلـهم  في الداخـل  عـند  الحاجـة  إليـها ،  كمـا  هـي الحـال في الـزيارات واللقـاءات والمؤتمـرات ،  وفـي ذلـك كـل الفـوائد  والتـرحيب  والإمتـنان والعـلاقة  الوثيـقة  السـليمة  بيـن الأشـقاء  .

    وأخيـرا ، فـقـد اتصـل بـي الكثـير مـن الأصـدقاء والقـراء وعـاتبوني على شـحة كتـاباتي . . وأنـا معهـم ، وأقـول "  العيـن بصيـرة واليـد قصـيرة  "  . . فكثيـرا مـا أقرر كتابـة موضوع ، ولكـن ظـروف عملـي ترغمـني على الإنشـغال عـن ذلـك ، ولمـن أراد التـأكد مـن ضخـامة عملـي يمكنـه ملاحظـته فـي جريـدة ( الحيـاة ) بحسـب الـرمز
http://www.daralhayat.com
وعـندما تنـفتح الصفحة ، يوجـد في أعـلى جهتـها اليسـرى كتابـة ( بحـث متـقدم ) وتحتـها مسـتطيل فارغ للكتابـة ، فيكتـب فيـه بالعربـي ( جميل روفائيل ) وينقـر على كلمـة ( ابحـث ) الموجودة بجانب المستـطيل ، فتظهـر عنـاوين مجموعـة مواضيـع مـن كتـاباتي ، . . هـذا طبـعا عـدا مـا أكتـبه بتـوقيع ( سـكوبيا ـ الحياة ) أو مـن دون إسـم ، وعـدا أيضـا عملـي في راديو ( مونـتي كارلو الدولية ) وإذاعـة لنـدن ( بـي بـي سـي ) ومجـالات إذاعيـة وتلفزيونيـة أخـرى  متـفرقـة . . وأعتـقـد أن الـذي يـلاحظ هـذا العمـل ، وهـو سـبيل عيشـي الوحيـد ، يعـذرني على شـحة مواضيعـي . . مكـررا اعـتذاري وحتـى الوقـت الـذي أكـون فيـه بصـورة دائمـة في تللسـقف متـفرغا للكتـابة ونـتاجاتها بشـكل وفيـر . . وعـيـــش وشــــوف .

48
لطيف بولا ومصير نشيده القومي لشعبنا
ــــــــــــــــــــ

جميـل روفـائيــل

   بدايـة ، لا أقـدم  لطيف بـولا  كشـخص عـادي ، وإنـما مـن منظـور أنـه أحـد القـلائل الذيـن عـرفتـهم ويتـمتـعون بجـمع مواهـب عـدة فـي آن واحـد ويبـدعون فيـها كلـها  ، فـهو أديـب باللغـتين السـريانية والعربيـة ، نثـرا وشعـرا ، وهـو فنـان يعـزف عـلى آلات موسـيقية تراثـية رئيسـية  ، ويلحـن ويغـني مسـتوحيا الأنغـام الكنائسـية والشـعبية ذات الإصـالة والإرتبـاط بواقـع شـعبنا التـأريخي والقـومي والثـقافي والإجتماعـي . . وإضافـة إلـى كـل هـذا فـهو على الرغـم مـن عـدم إرتباطـه الحزبـي حاليـا  مـع أي طـرف لشـعبنا وغيـره ، فهـو  مـن المؤمنـين بوحـدة شـعبنا باسـم رسـمي مركب  راهنـا ( كلداني آشـوري سـرياني ) مـن دون التخـلي عـن اعتـزازه الراسخ بالتـراث الآشـوري القومـي والتـأريخي ، ومـع كـل هـذا فـإن لطيـف يفتخـر بـأفكـاره اليسـارية التـي إلتـزمها منـذ طفولتـه  . 

      يكتـب  لطيـف بـولا  أغـانيه بنفسـه متـعمدا أن يختـار كلماتـها مـن المتـداول المرغـوب ومعـانيها مـن رمـوز الإعـتزاز بمـآثر الماضـي وسـبل الحاضـر نحـو ترسـيخ وحـدة شـعبه ( الكلداني السرياني الآشوري ) وضمـان الحيـاة الأفضـل لمستـقبله  . . ويـؤدي الأغـاني وهـو ذلـك الولـهان بوديـان وروابـي وجـداول وأديـرة  وكنائـس  ومبـاني ديـار شـعبنا ، محـدقا إليـها بـارتباط أزلـي ومستـلهما  عظمتـها  ومتـنفسا شـذى نسـائمها العليـلة الباعثـة على فخامـة الإبـداع  وسـعادة الحـياة ، ومرتـديا أزيـاء الآبـاء والأجـداد مـن خـلال التـراث الألـقوشي والمنطقـة المحيـطة بـها  ،  الممثلـة  لعـراقـة شـعبنا  وإصالتـه وأمجـادها الدائمـة فـي صـيانـة تـراث شـعبنا منـذ عـهوده الآشـورية الشـامخة ومـرورا بفتـرات السـراء ،  والكفـاح الـذي صـان البقـاء فـي مقاومـة  الضـراء    .

    هـذا ليس مديحـا للـذي يجسـده  كـله  في قصـيدة  لـه ، يقـول فيـها :
سـلاما على الحقـل والجبـل والـوادي
فلقـاءنا  ألقـوش مقـرون بميـعاد
أنـا  المهاجـر الطـاو  ومن حبـك زادي
إن لـم أوفيـك حيّـا  أكيـد  بـرقـادي

    أجـل ليس مديحـا أبـدا  ، وإنمـا صـورة للواقـع الذي  يحيـط بالأديـب الفنـان الإنسـان لطيف  بـولا  ، الـذي كـان النجـم السـاطع في افتـتاح مؤتمـر عـنكاوا  القـومي ( الكلدانـي السـرياني الآشـوري )  بنشـيد الأمـة (  سـوغيـثا د أومثـا ) الذي كتـب شـعره بالسـريانية ولحنـه بنفسـه وقـدمه مـع فرقـة كرمليـش الفنيـة الـتي قضـى شـهرا  مرهـقا فـي تدريـبها المتـواصل  عـلى إدائـه ( ننشـر النشـيد كامـلا  بلغـته السـريانية وترجمتـه العربيـة ملحقـا بهـذا الموضـوع  ) الـذي كـان حقـا نشـيد الأمـة الذي  صـفق لـه المشـاركون فـي الجلسـة الإفتـتاحية مـرارا . . والـذي ـ أرى ـ أنـه  ينبـغي أن يتـم تبنـيه نشـيدا قوميـا لشـعبنا .

   وباختـصار التعريـف ، لطيف بولا من مواليـد ألقـوش عـام 1945 وحاصـل على البكالوريوس في اللغـة الأنكليـزية عـام 1971  ، ومـدرس اللغـة الإنكليـزية المتقاعـد حاليـا ، عرفتـه للمرة الأولى في 1973 عـندما كان يكتـب مواضيـع قوميـة  في الصفحـة الآشـورية لجريـدة التـآخي ، وحيـث عمـل أيضـا  محـررا  سـياسيا  للشـؤون الخارجية في جريـدة العراق ، وبـرز فـي كتابـة وتـقديم الأوبريتـات والمسرحيـات في نادي بـابل الكلـداني ببغداد ، وتوطـدت المعـرفة والصداقـة بينـنا  منـذ ذلـك الوقـت  وحتـى اليـوم .

    لكـن مـا أكتـبه ليـس عـُربونا للصـداقة ، فصـداقتي التـي أعتـز بـها  مـع كثيـرين هـي بمسـتواها مـع  لطيـف بولا  ، لكـنه الـواقع  ، لأن لطيـف لايحتـاج المـديح والإطـراء الأجـوف لـرفع  شـأنه لأنـه نتـاج نفسـه ، فقـد اكتـسب المعـرفة ذاتيـا  بالمجـالات التي يبـدع بـها اليـوم  ، فهـو تعـمق في السـريانية بمطالعـاته الخاصـة ، وزاد مـن معارفـه في العربيـة لغـة ونحـوا  وأدبـا وشـعرا باهتماماتـه الذاتيـة ، وأجـاد العـزف على آلات النـاي والعـود والكمـان والبـزق بمتابعـاته وجهـوده المتواصلـة ، حتـى صـار لـه منشـورا اليـوم ستـة دواويـن ومجموعـات شـعريـة سـريانية وعربيـة ، ومتـداولا لـه كاسـيتات عـدة  مـن عـزفه وغنـائه  ،  بيـنها  (  ملحمـة الشـهداء بهنـام وسـارة  )  وفيـديو كليـب    ( مـزاميـر  نيـنوى )  و ( أعـراس نيـنوى )  و( مـن بحـر التـراث )  وفيـلم عـن ( تـأريخ  ألقـوش ) . 

  ومـا أحـوجنـا اليـوم ، أن نعتـز  بنـهج لطيف بولا وكـل مـن على دربـه فـي الإلـتزام بـإصالة أمتـنا  وإرث الآبـاء والأجـداد ، لأنـنا مـن دون الإفتخـار بذلـك نكـون فـقدنا كـل مقـوماتنا الذاتيـة ، وأصبحـنا نسـتحق مـاقالـه حكيمـنا أحيقـار منـذ نحـو ألفيـن و 700 سـنة ، وأخـذه عـن تجاربـه في الحياة  ، ومـا أروع قـوله : (  مـن لا يفاخـر بـإسـم أبيـه وأمـه فـليـت الشـمس لـم تـشـرق عليـه ،  لأنـه رجـل شـرير . . الإنـاء السـليم  جميـل لـدى القلـب ،  والإنـاء المكسـور يطـرح خـارجا ) .   

  ورائـع أيضـا أن نقـرأ  هـذه الأبيـات  مـن قصـيدة طويلـة للطيف بـولا  ، عـنوانـها (  يا تـللسـقف صبـرا  ًصبـرا  ) :
قـد أثـقلَ نيـرُ الأمـسِ لقـرونٍ مَناكـبا
فـما  لنـا ومـن دون الشـهادة ِمَناقِـبا
أو أن نحيـا كالأحـرارِ في وطـن ٍ مُحـرّر ِ
أو نمـوت في ثـراه ولـن أحيـا مُغتـربا

   ولكـن . . ورغـم كـل مـاذكـرناه وغيـره كثيـر ، فإنـه لمـن عـجب العجـاب أن يكـون ظهـور لطيـف بـولا  وأمثـاله مـن أصحـاب الإصـالة في فنـون وآداب  شـعبنا ،  نـادرا  في محطاتـنا التلفزيـونية  والإذاعيـة ، وأن لا يلتـفت إليـهم  ذوو  الشـأن فـي مجـالات شـعبنا الفنـية والأدبيـة والصحافيـة  داخـل العراق ، في الوقـت الـذي نجـد هـذه المحطـات  والمجـالات تعـج بمـن لا فـن ولا أدب ولا مواهـب ذات شـأن لـه سـوى إقحـام  الدخيـل الممقـوت إلى وسـائلنا الإعـلامية ،  وحتـى أن نشـيده القـومي لـم يجـد مـن يهتـم بـه منـذ إنتـهاء مؤتمـر قـاعة حديـاب فـي عـنكاوا ، ولـم يقـل أحـد مـن ذوي الشـأن للطيـف ولـو مجاملـة بعبـارة ( مرحبـا ) . .  ومـا علـى الأوفيـاء لشـعبنا قوميـا واجتماعيـا وإصـالة وأخلاقـا إلاّ  التـألـم . .  ونقـولها بوضـوح (( إنـنا نخشـى يكـون حسـاد  مؤثـرون يعمـلون على تحجيـم بـروز دور  لطيف بـولا والإهتـمام بنشـيده القـومي وآدابـه وفنونـه الأخـرى .   .  وإن كنـا نتـمنى أن لا يكـون هـذا السـبب ، وإنـما أمـور عاديـة مـن قبيـل النسـيان واختـلاط الأوراق مـن دون قصـد وضيـاع الصـالح فـي خضـم ألاعيـب الطـالح  . . ))  .

سوغيثـا  دأومثـا
النشـيد الوطني القومـي للشـعب
الكلداني السرياني الآشوري
شـعر ولحـن لطيف بـولا

( ملاحظـة : الترجمة حرفيـة  مع بعض التصـرف البسـيط بالنسـبة للنـص السـرياني . . للعلم )

يـابرد  نهرين بشينا وشلاما
نبوص دبانخ أثـرا خاثـا
دقـلث وبراث قاري كيبوخ
دمتخريلوخ بأواهاثا
( يـاأبن الرافدين مرحى مرحى
انهض لنبني وطنا جديدا
دجلة والفرات يناديك
لتـذكرك بعدها الأجيال )

قالوخ بايش أخ نقوشـا
دمزلـزلوا بكل بنياثـا
بايذوخ نقـشت شموخ لشمشا
مطل أوذلا كل أثواثـا
( ليصبح صوتـك ناقوسا
يزلزل الجهات الأربع
وبأناملك طرز اسمك على الشمس
لأنها أبدعت كل الحروف )

قـو بلطله يوما
لأذ زونا كومـا
هـم كـيبه قـملي
بباثـا دظالومـا
( هيـا طلع النهار
على أنقاض الظلام
حتى الصخور صرخـت
بوجـه الطغـاة )

نبوص يا أكـارا
دعمـن كبارا
أمـد بلاخـه
دمشـارخ دارا
( انهض يا فـلاح
شعـبنا العظيـم
مع العمـال
لنـبدأ عصرا جديـدا )

حشّـن عـتـيقه
بوساما سنـيقـه
حويـاذا دأومثـا
اسـيا ودرمانـا
( جروحنا العميقـة
تـنـتظر الشفاء
ووحدة شـعبنا
هي الأسـى والبلسـم )

برسـو لشـانا
بكـو كل عدانـا
لشانـا دأومثـا
ومارن خيلانـا
( لقـنوا لغـتنا
وفي كل الأوقـات
لغة الشـعب
والسـيد الجـبار )

واليايلا ألن كلن سـورايه
جونقـه وخماثا وقاشه وعلمايـه
هايـو دشـتايه تاو ياطورايـه
كو هيمانوثـا دمشارخ خايـه
ديامخ لحوياذن كـو دما دسهذن
أخ أواهاثن مريمه قـذمايه
( واجب علينا كلنا السورايـه
فتيان وفتيات  وقسس وعلمانيـين
تعال ياابن السـهل ياابن الجـبل
لنـبدأ الحياة بايمان راسـخ
لنقسم على تـكاتـفنا بدماء شهدائـنا
وعلى طريقـة أجـدادنا العظـام )

درخشخ لقاما بكو حوبا وشلامـا
دلنـيشن راما بشـويلا دخايـه
كلن خا عما وكلن خا شـما
كلـدو سـريايه عـم أثـورايه
بطلا دحيروثـا مشارخ خيوثـا
دزاخخ لشوعباذا ونـيرا دنخرايـه
( لنمضي الى الأمام بمحبة وسلام
الى أهدافنا السامية عبر معتـرك الحياة
شـعب واحـد واسـم واحـد
كـلدان سـريان مع الآشـوريين
في ظلال الحريـة نزرع الحيـاة
لنـنتصر على العبودية ونـير الأجنبي )

مهيـرو بلاخه دأومتـا
دلا ربيوثـا ودلا شنـثا
مشـتخ كنـثا دمردوثـا
مذينايوثـن لاخومتـا
بسـومو ياشـوره
بدشـتاثا وطـوره
درو إيـذا بإيـذا
يا أنشـه وكـوره
من أديـو مشارخ قـيمتـا
( هـيا يا كادحي الشعب
دون كـلل وكسـل
لـنسقي جنـة الثـقافة
حضارتـنا  خالـدة
ابشـروا يا أطـفال
في السـهول والجـبال
ضعـوا يـدا بيـد
يا نسـاء يا رجـال
من اليـوم نصنع القيامـة )

أثـروخ ووله بقـرايا
يا أبـرم كـبارا
أثـروخ ووله بسـبارا
يا نـرسي كـبارا
بلخلـوخ تا نخرايـه
دارا بثـر دارا
ماثـوخ قرمتا بخشـكا
لا شمشـا ولا سـهرا
ايمن برأشت من شنـثوخ
دخازنـوخ بـدأرا
( وطنـك يناديـك
يا أبـرم الجبـار
وطنـك ينـتظرك
يا نرسـي الجبـار
كدحـت للغربـاء
جيـل بعـد جيـل
ووطنـك غارق في الظلام
لا شمـس ولا قـمر
متى تستـيقظ من رقـادك
كـي أراك عائـدا )

49
حقـائق وذكريات في أربعينية سـعود الناصري
ــــــــــــــــــــ
جميـل روفـائيــل

   تـوخيت في كتابة هـذا الموضـوع الـذي يتـناول أمـورا عـراقية ذات مجـالات متـنوعة وقـفت على تفاصيلـها  ويمكـن اعتـبار جـوانب منـها تـأريخية  ، أن أوضح مـن خلال حقائقـها  الدور البـارز للشـخصية الوطنيـة والإعلامية سـعود الناصري .

    سـمعت ، للمـرة الأولى ، بـاسم سـعود الناصـري في العـام 1964 ،  حيث كانـت تـقدم لـه إذاعة موسـكو العربية أغنـيات وطنيـة عـراقية ، وأصـبح اسـمه مـألوفا لـديّ  ، كـأي اسـم أشـعر بـالإعجاب تجاهـه مـن دون عـلاقة بيـننا  .

   ومـرت الأيـام ، وبـدأت أقـرأ  اسـمه في جريـدة ( الجمهوريـة )  منـذ  1970  ،  وأهتـم بكتابـاته ولكـن مـن دون أن يتـصادف بيـننا  لقـاء على رغـم أنـني كنت بـدأت منـذ ذلـك الوقـت العمـل في جريـدة ( الثـورة ) ومجـالات إعـلامية أخـرى ، وحصـل لقـاؤنـا الأول عـام 1976 عـندما أصبحـت عضـوا في لجنـة العـلاقات الخارجية لنقـابة الصحافيـين العراقيـين ، التـي كـان عـدد أعضـائها بحـدود الخمسـة  عشـر  بـرئاسة الصحافية ( عضـوة مجلس النقـابة ) سـلوى زكـو ( جريدة الجمهوريـة ) وكـان مـن أعضـائها أيضـا سـعود الناصـري ( الجمهورية ) وفالـح عبدالجبـار ( طريـق الشـعب ) ( وكان الثـلاثة : سـلوى وسـعود وفالـح مـن المحسـوبين على الإنتمـاء الشـيوعي ، بينـما كان أعضاء اللجنة  مـن وكالة الأنبـاء العراقية وألف بـاء وغيـري مـن الثورة يمثلون البعث  وكنت أنا وأعضاء مـن صحف أخرى بيـنها العراق نشـكل المسـتـقلين )  .

      إذ  كانـت النقـابة في حينـه التي يرأسـها سـعد قاسم حمودي ( بعثـي ) ونائبـه  فخـري كريـم ( شـيوعي ) وسـكرتيرها ضـياء حسـن ( مسـتـقل ) ومديـر إدارتها سـردار ( كردي مسـتـقل ) ، كـانت تضـم البعـثيين والشـيوعيين والمستـقلين ، ومنـذ ذلـك الوقـت توطـدت الصـداقة بيـني وبيـن سـعود وصرنا نلتـقي ( سـعود وأنـا وسـعيد القدسـي ـ جريدة العراق ـ وأحيـانا جهـاد زاير ـ العراق ) مـرة أسـبوعيا على الأقـل في أحـد مطاعـم شـارع السـعدون ، ونتـبادل الأحاديـث حيـث كـان سـعود ـ بحـق ـ بحـرا مـن المعـلومات وسـرد الأمـور الطريفـة .

    وفـي أحـد اجتماعـات اتحـاد الصحافيـين العـرب في بغـداد عـام 1977 أقـامت نقـابة الصحافيـين العـراقيـين حفـلا سـاهرا للصحافيـين العرب المشـاركين في الإجتمـاع في أحـد نـوادي منطقـة الكرادة الشـرقية ، وكـان سـعود وأنـا مـن الحاضـرين لعضـويتـنا في لجنـة العـلاقات الخـارجية التـي كـانت تـتولى الإشـراف علـى زيـارة الوفـود الصحافية الأجنبـية للعـراق ، وكـان سـعود بجـدارة نجـم الحفـل اللامـع ( إلـى جانب فـؤاد سالم وسـعدي الحلي ) حيـث حمـل آلـة العـود وظـل يغـني الروائـع لأكثـر مـن سـاعة بيـن إعجـاب الحاضرين .

     وكـان سـعود مـن عائلـة شـهيرة في المجاليـن الوطنـي والصحافـي ، فـقد عـرض علـيّ الصديق محمد مبـارك ( رئيس القسـم الثـقافي لتلفزيون بغداد ، وهو  أديـب ونـاقد جيـد ، وخـال الصحاف الذي عيـنه عندمـا كان رئيسـا لمؤسـسة الإذاعة والتلفـزيون ،  وظـل في منصـبه على رغـم أنـه كـان مستـقلا )  ، أن نـزور سـوية الشـاعر الكبير محمد مهـدي الجواهري ( وكانـت العلاقـة بيـنهما وثيـقة )  الـذي كان في زيـارة لبغـداد ( عـام 1977 ) ووجـدتها فرصـة رائعـة للقـاء الجواهري ( خصوصـا كانت تربطنـي صداقـة جيـدة مـع ابنـه فـرات الذي كـان صحافيـا في جريدة الجمهورية ) 

    واتصـل بـه محمد مبـارك وذهبـنا سـوية إلى داره  ( أعـتقد كانت في محلـة القادسية ) واسـتمرت زيارتـنا أكثـر مـن ثـلاث سـاعات ، لـم يكـن احـد غيـرنا في زيارتـه ، واسـترسل الجواهـري في الحـديث عـن ذكريـاته الخاصـة مـع الملـك فيصـل الأول والشـاعر معـروف الرصافي وعبـدالكريم قاسم ، وتطرق أيضـا إلى عـلاقته مـع والـد سـعود ( عبدالرزاق الناصري ) الذي وصفـه بالوطني الشـهم والصحافي الجـرئ . . حتـى قـال : ومـن حـق سـعود أن يفتخر لأنـه سـلك نهـج أبيـه في كـل روائعـه ، وعـندما ذكرت لسـعود مـاقاله الجواهري بحـق أبيـه . . أجـاب سـعود : كـانا دائمـا متـفقان في القضـايا الوطنيـة ويلتـقيان بصـورة  متـواصلة .

   وكـان سـعود مشـرفا على قسـم المنـوعات ( الصفحـة الأخيـرة ) في جـريدة الجمهورية  ( التي كان يرأس تحريرها في حينه سـعد قاسم حمودي )  ويبـدو أن وجـود شـيوعيين وديمقـراطيين في جـريدة الجمهورية كـان يثـير حفيظـة غـلاة البعـثيين ، على رغـم أن الجبهة كانت لاتـزال قائمـة ، فصـدر ذات يـوم مـن عـام 1978 قـرار مـن مكتـب الإعلام في القيادة القطرية لحزب البعث الذي كـان يرأسـه صدام بنقـل نحـو عشـرين صحافيا ( شـيوعيا وديمقراطيا كانوا مـن خيرة صحافيي جريدة الجمهورية ) مـن جريدة الجمهورية إلى وظائف عـادية في دوائر الدولة ، وكـان سعود الناصري الإسـم الأول في القائمة التي ضمـت أيضا سـهيل سامي نادر  ومحمد خلـف  ومظهر عارف ومحمد كامل عارف  وآخرين . .

     ودارت الشـكوك حول عـدد مـن البعثيين فـي الجمهورية  خصوصا حسـن العلوي ( الذي كان يرأس تحرير مجلة ألف بـاء التي كانت تصدر في حينه عـن دار الجمهورية )  وصادف صيف عام 1986 أن كان سـعد قاسم حمودي في زيارة لبلغراد ، وكانت علاقتي معه جيدة من خلال عضويتي في لجنة العلاقات الخارجية في نقابة الصحافيين العراقيين ، ومن ثـم رئاسته لتحرير جريدة الثورة حيث كان وافق على طلبي بالسفر إلى يوغوسلافيا للدراسة ومراسلة جريدة الثورة ، على رغم الإعتراض الشـديد من هـاني وهيب النداوي الـذي كان مديرا عـاما لجريدة الثورة في حينـه ، لأن العلاقة بيني وبين هاني كانت سـيئة .

   ورأيت الفرصة سـانحة عندما كنت ذات مساء أتجول مع سـعد لوحدنا  في بلغراد ،  لأسـأله عن هذه القضية ،  وطلبت منـه رأيه بسـعود الناصري ، فامتدحه كثيرا كإنسان وصحافي ، وقال سـعد : هـذه حقيقة على رغم اختلافي معه في الإنتماء الحزبي ، ثـم سـألته عن الشخص الذي تولى الدسيسة ضـد سعود وغيره من العاملين في الجمهورية ، فأجاب حسن العلوي ، فقلت لـه هل أنت متأكـد ؟ فقال : متـأكد لأنـني قرأت بواسطة طارق عزيز ( الذي كان نائبا لرئيس مكتب الإعلام القطري لحزب البعث ، وكانت علاقة سعد به وثيـقة منذ عام 1961 حيث كان طارق يعمل صحافيا في جريدة الحرية التي يملكها قاسم حمودي والـد سعد ) التـقرير السئ جدا الذي كتبه حسن العلوي وفيه طعن شديد بـي  ( بسـعد )  على أساس أفسح المجال للشيوعيين لنشر أفكارهم من خلال الصحف الصادرة عن دار الجمهورية  .

   وسـألت  أيضا ، لماذا ارتكب حسن العلوي هذا الجرم ؟ فأجاب سعد : كمـا أتصور كنت أنـا المقصود بدرجة رئيسية ، فقـد كان حسـن  يطمح إلى ازاحتي من جريدة الجمهورية ، معتمدا على ابن خالته وشقيق زوجته عـدنان الحمداني ( عضو القيادة القطرية ووزير التخطيط في حينه الذي كان من بين الذيـن أعدموا إثر تولي صدام رئاسة الجمهورية ) ولكن فشل حسن العلوي في ذلـك على رغم نقلي بعد فترة الى رئاسة تحرير جريدة الثورة ، لأن طارق عزيز وقف ضد تعيينه ( ولـم يستطع عدنان الحمداني عمل أي شـئ لأنه لم يكن في مكتب الإعلام ) حيث تـم تعيين ( لا أتـذكر أيهما قال سعد ) سـامي مهدي أو حميد سعيد رئيسا لتحرير الجمهورية   .

    ورفـض سـعود العمل بوظيفة إدارية ، واحتـفظ بكرامته ، وغـادر إلى موسكو حيث عمل في وسـائل اعلامية سـوفيتية ، وانقطعت إتصالاتي معـه ، واسـتمرت معلوماتي عـنه معتـمدة على ماكنت أسمعـه عـن نشاطاتـه الإعلامية  .

   وبقـي في موسكو حتى إنهيار الإتحاد السوفيتي ، فانتـقل إلى لنـدن وأخذ يعمل في وسائل إعلامية متنوعة خبيرا في الشؤون الروسية ، كما عمل في مجلة ( رسالة العراق ) التي كان تصدر عـن إعلام الحزب الشيوعي العراقي في الخارج  .

    وفـي لندن لـم يحدث اتصال بيننا حتى عام 2000 حيث اتصـل بـي هاتـفيا وأنا في سكوبيا ، طالبا مسـاعدة ابنه عمار الذي كان وصل إلى بلغراد لبقـاء بعض الوقت حتى يهيئ سـعود أمـر انتـقاله إلى المجر ، واتصلت بأصدقاء  لـي  في بلغراد وقـدموا له المساعدات التي احتاجها حتى مغادرته إلى المجـر ، وكنـا خلال هـذه الفترة على إتصال دائـم .

   وصادف خلال هذا الوقت أن نشرت مجلة ( رسالة العراق )  من دون أن تنتـبه إليـها ، دسيسـة  لنظام صدام للإسـاءة إلى سـمعتي ،  استكمـالا  لإدراج  اسـمي ضمن قائمة الأدباء الصحافيين  الذين غادروا العراق  والمرتدين التي نشرها عـدي عام 1996 ،  ومنعـي من استمرار الإقامة في بلغراد منـذ صيـف 1993  بنـاء على طلب السـفارة العراقية  مـن سـلطات ميلوشيفيتش بعدمـا رفضت محاولات السفارة لأكون عميلا لحزب البعث ، فحشـر إعلام صدام اسـمي رئيسـا لوفـد يوغوسلافيا إلى مؤتمر للمغتربين العراقيين  في بغداد بين أسـماء رؤساء وفود المؤتمر ، وكانت  الدسـيسة  قـد انطـلت على ( رسالة العراق ) فنشرتها أسـوة بوسائل الإعلام الأخرى  .

     وذات يوم أبلغتني الصديقة فكتوريا ( أم عصام ) من الدانمارك بذلـك واستـغرابها بـها لعلمها بانـه لايمكنـني الذهاب إلى العراق ، وأرسلت لـي المنشور ، فكتبت إيضاحا حالا نافيـا مانشـر وأرسلته إلى فكتوريا الذي سـلمته إلى منظمة الحزب الشيوعي العراقي في الدانمارك التي أرسـلته بدورهـا إلى مجلة ( رسـالة العراق ) .

   واتصـلت بسـعود هاتفيا ، باعتـباره يعمل في ( رسالة العراق ) إضافة إلى الصديق الصحافي فائـق بطـي ، فـأكد لي عدم ملاحظته اسـمي ، إذ لـم ينتـبه لـه لأن الخبر كان يتضمن أسماء عديدة ولـم يركز عليها ، لأنه لـو لاحظه لحذف إسـمي  بالتـأكيد  لمعرفته بأنـني ملاحق من قبل مخابرات البعث ولا يمكـنني الذهاب إلى العراق وأيضا أنـا ممنوع من الإقامة والذهاب إلى يوغوسلافيا ، وانتـقلت إلى مقدونيا ، فكيف أتولى رئاسة وفد دولة أنا مطرود منها ؟

   وفـي 2003 وبعـد إطاحة صدام ، التـقيت في العاصمة البلغارية صوفيا  بالصديق الصحافي ابراهيم الأعسم المقيم في لندن ، فأبلغـني أن سعود أصيب منـذ فترة بعجز كلوي كامل ويبحث عـن كلية لزرعها ، وبعد عودتي إلى سكوبيا اتصلت بـه ، فذكر لـي أن وضعه الصحي متـعب ومزعج لمراجعـة المستـشفى مرتيـن أسبوعيا لغسـل الـدم   ولكـن معنوياته عالية ويواصل العمل الصحافي بشكل جيـد . . وتواصلت اتصالاتنا بين فتـرة وأخرى . .

    حتـى قـرأت نعـي المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي ( 26 / 6 / 2007 ) لـه ، الذي جـاء فيه  " . . لقـد تـرك رحيل عزيزنـا أبو عمـار أثـرا عميقـا وغصة مؤلمة في قلوب رفاقـه وأصدقائه الذين عرفوا فيه إنسانا نادرا في طيبـته ونقـاء سريرتـه ، محبـا ومحبوبا مـن الجميع . . مثـالا ملهمـا في العطـاء الإنساني والمهني والإبداعـي  ، كاتبـا صحافيا مرموقـا ، وإذاعيـا ، وفنـانا ، عـاش منغمـرا في هموم شـعبه ووطنـه ، وملتصقـا بحزبـه ، رغم مـاقاسى مـن مرارات الغربة . . وداعـا سعود الناصري . . فتحت دربا للعـلا ، وعيناك ظلتـا دائما تـتطلعان إلى غـد أفضل ، وخلفت رفاقـا بنهجك يهتـدون ، ولذكرك الطيب يحفظـون " .
      فـكان خبـرا مؤلمـا وقاسـيا ،  ، ورغـم ذلـك أعتـبرت سـعود الناصري حيـّا    بـاعتباره مـن أبطال الحرية وصاحب ذكـر حسـن عنـد كـل مـن عـرفه . . وهـو أسـمى مـايجب أن يُـخلفـه الإنسـان .

50
أخي الدكتور وديع :  ضـرورة دفع العربة وصـيانتها
ــــــــــــــــــــــــــ
جـميـل  روفـائيـل
ـــــــــــ

لاأنكـر  أن  موضـوع  الأخ  الدكتـور وديـع بتـي حنـا  ( إلى الأستاذ جميل روفائيل ـ دفع العربة ضرورة ملحة ) جـاء بـأمور في غـاية الأهمية  ، بيـنها أولا ، مـايخص الخبـرات الشـخصية التي تكونـت عـندي نتيجـة تجـارب الحيـاة الكثيـرة والمتـشـعبة التي مـررت بـها خـلال حيـاتي بحلـوها وقسـاوتها التي أخـذت  تـتـنوع تـقلباتها منـذ  نحـو  خمسـين سـنة ، أي مـع الفتـرة التي تـلت مرحلة الدراسـة المتوسـطة .

  وثـانيا ،  الحـال غيـر المستـقرة  التي تخيـم على شـعبنا ( وأقصـد الصـامد داخـل العراق المصمم على صيانـة ديـار الآبـاء وإرثـهم ) نتيجـة أسـباب مفروضـة عليـه :  جانـب منـها داخلـي يعـود قسـم  منـه إلى مـوروثات عهـود الظلام . . وقسـم آخـر هـو إنعكـاس للإنقسـامات المذهبيـة . . وقسـم ثـالث أجـجته مصـالح اللاهثـين  وراء  النفـوذ . .
   وجـانب ثـان منـها خـارجي (  خـارج مجال شـعبنا داخل العـراق ) وهـذا يعـود قسـم منـه إلى استـغلال جهـات عـرقية وسـياسية  عراقية لظروف ومعـاناة شـعبنا وحـاجاته إلـى هـذه الجهـات فتـقوم  بفـرض شـروطها عليـه . .
       والقسـم الثـاني آت  مـن أطـراف مذهبـية ومناطقـية وسـياسية مـن شـعبنا التي ابتـعدت عـن موطـن آبـائها وأجـدادها بصـورة دائمـة ، ومـع ذلـك  فهـي لاتكـف عـن التدخـل  في أمـور قطعـت صـلاتها الحقيقـية بـها ، فتـوزع  الأمـوال لإثـارة الإنقسـامات وتشـكل الأحـزاب ( التـي لا يوجـد نفـر واحـد عضـو فيـها داخـل العراق ) وتعقـد المؤتمـرات في مـدن أميركيـة وأوروبية ولا يتضمـن مـايصـدر عـنها غيـر البلبـلة ، وتـروج الدعـاية المضـللة  بمـا لديـها مـن إعـلام وإمكـانات مـادية لإلحـاق الأذى  بقضـايا الصـامدين في الداخـل ومـا أنجـزوه لأمنـهم واستـقرارهم . . كـل هـذا الخضـم ، أخي وديـع ، عليـنا  أن  نلـوج شـعابه مـادمنـا صـممنا العمـل الموحـد المثمـر والكتـابة في النسـق  المفيـد  . 

    نعـم  ، الصحـافة أفـادتني ، إطـلاعا واختـلاطا واختـيارا  دقيـقا وموثـوقا  لعـرض مـا أكتـبه  ، وأنـا جعلـتني الـممارسة أقتـنع بـأن مـدى النجـاح فيـها يتـم  متـناسبا مـع درجـات الحس الشـخصي والمطالعـة والجهـد المبـذول في مجـالها العملـي ، والحقيـقة أحسـب بدايـاتي الصحافيـة تعـود إلى الخامـس الإبتـدائي حيـث كنـت نشـطا في عمـل النشـرات المدرسـية نظـرا لمقـدرتي باللغـة العربية ووضـوح  خطـي الكتـابي ،  كمـا كنت أسـتعير من مقهى القرية الصحف الموجودة فيها لقـراءة المعلمين وأقرأها وأعيـدها عـاجلا لآخـذ غيـرها  . .
      وتصـاعد إطلاعي على الصحف عـندما انتـقلت للدراسة في متوسـطة المثـنى  بالموصل حيث كنت يوميـا أذهب إلى المكتبة العامة لقـراءة الجرائد والمجـلات كما كان مدرس اللغة العربية في متوسـطة المثـنى  عمـر الطالب ( فيما بعـد الدكتور ) يرعى شـغفي بالمطالعة بتـزويدي بكتب مختارة أدبية وانسانية من مكتبته الخاصة وأقـرأ الكتاب خلال يومين وأعيـده ليزودني بآخر . . وبدأت الكتابة في صحيفتي ( البلاد ) لورثة روفائـيل بطي  و ( الحرية ) لقاسم حمودي منـذ 1957 وأنـا في مرحلة الثانوية . . وهكذا دواليك ، مع توقف فترة لظروف خاصة ، وحتـى اليوم . . صحافة وإذاعات وتـلفزيونات عراقية وعربية ودولية باللغة العربية ومـا فيها من تجارب وعبر وفوائد  وشعاب ودهاليـز لاحصر لـها قـد تمـلأ  كتـابا لتـدوينها  . . .

     والخبـرة الأخرى ، في أمور شعبنا ( الكلدانـي السـرياني الآشوري ) توافرت لـديّ  من مجـالات عـدة ناتجة عن الرغبة الذاتية بالتأريخ ، وكنت خلال دراستي دائما أحـد أفضل الطلاب باللغة العربية ودرس التأريخ ، وساعـدت الظروف هذه الرغبة عندما عملت في جريدة  الثورة حيث أسـندت إليّ  متابعة أخبار ونشاطات وزارة الإعلام وكانت المؤسـسة العامة للآثار والتراث ضمن مجالات الوزارة حيث أقصدها بصورة شـبه يومية ما جعلني أتعرف على كبار الباحثين في الآثار ومنهم فؤاد سفر وبهنام أبو الصوف وأسامة ناصر النقشبندي وعلي مهدي وفوزي رشيد وآخرون ، والإشـتراك في المؤتمرات والرحلات والتـنقيبات الآثارية والتاريخيـة  . .
     وزاد هـذا الجانب الخاص بشـعبنا والتراث ، علاقتي الوثيقة بالمرحوم الأب يوسف حبـي والمجالات التي وفـرها لي في مجمع اللغة السريانية من المشاركة والإطلاع والتعارف ، وأيضا إهتمام أسـتاذ التأريخ في الجامعة المستنصرية عندما كنت طالبا فيها الدكتور حسين قاسم العزيز ( رئيس تحرير جريدة الفكر الجديد اليسارية في حينه ) الذي شجعني على كتابة البحوث ونشرها ومنها ( أثر السريانية في الحضارة الإنسانية ) وأضف إلى هـذا عضويتي في الجمعيات والنوادي والمجلات التي تأسست بعد 1970 وأشـرافي على صفحة ( الثـقافة السريانية ) في جريدة التآخي و مهمتي بمتابعة كل مـا يتعلق بالشؤون ( الكلدانية السريانية الآشورية ) والثقافة السريانية لجريدة الثورة  . 

     ونعـم ، أخـي وديع ، لا أنـكر بـأنني أحـرص على الإمسـاك بـالعصا من المنتصف ، فقـد علمنـي كثـرة الإختلاط والمعرفة بالنـاس الذين لهـم أفكار وآراء واتجـاهات وميـول متـنوعة ومتشـعبة ، أنـه لابـد  من نهـج لايجعلـني متضـاد مع قسـم منهم فأفـقده  ، وهـذا لايعنـي عـدم الإختلاف ، فوجهات النظر المتباينة لا تفسـد العـلاقة عندما يتـم عرضها بصورة موضوعية وعقلانية . . وهكذا اليوم ، عندما أذهب إلى العراق فـأنا على علاقة طيـبة مع كل أطراف شـعبنا ، بمن فيهـم ـ  مثـلا ـ  قـادة " الإتحاد الديمقراطي الكلداني " على رغم اختلافي معهم في أمور جوهرية من مبادئهم تخص الجانب القومي ( الآشوري ) الذي ألتـزمه أنـا عن قناعة ، إضافة إلى التـزامي الخط الوحدوي والإسم الموحد لكل أطراف شـعبنا .

     وحاضـرا ، كانت لـي قبـل نحـو سـنتين إنتـقادات شديدة لقسم من ممارسات أطراف في شـعبنا ، ولكن عـندما زرت العراق في أيلول الماضي وكررت ذلك في آذار الماضي ، تأكدت أن أبناء شعبنا الذين يقيمون في الخارج ، ولـم يزوروا العراق منذ مغادرتهم لديارهم فيه ، فـإن معلوماتـهم لا تتجاوز القراءة والسماع والتـقديرات الخاصة ، وهي جميعا لا تعتبر من الناحية الدليـلية موثوقة لأنها ليست قائمة على الملاحظات والتأكيدات الذاتية ، مـا يعني أنه لايجوز الإعتماد عليها كمصادر للعرض والحكم على الموجـود .

    وبالمناسـبة ، فقـد وجدت منكم ومن الأخوة زملائكم في برنامج  ( الساحة المفتوحة ) الذي يعده ويقدمه الأخ صبري يعقوب إيشو لفضائية ( سورويو ) تفهما رائعا لواقع شعبنا عـندما أكدتم على أنكم مـادمتم تعيشون في المهجر فـإنه ليس من حقكم تقرير الشكل الذي ينبغي أن يكون عليه الحكم الذاتي والأمور الأخرى التي تخص شعبنا في الداخل ، وهو رأي صائب يتـفق تماما مـع قناعاتي ، لأن أهل الخارج مـن  شعبنا نتيجـة مغـادرتهم لديارهـم في العـراق ،  غـدا إرتباط جيلهم الحالي بديارهم الأصلية مقتصـرا على النواحـي  المعنوية  والمشـاعرية  التي تـوفرها  أسـباب مسـتمرة البقـاء عـندهم  ، منـها : اللغة والذكريات والحنين ووجود أقارب لهم  ، لكن حتى هذه الصلة ستـتقلص مع أجيالهم التالية بسبب عوامل الإندماج والإنصهار  بمجتمعهم الجديد وستـزول إعتبـارا مـن  الجيل الرابع  ومـايليه ، ولهذا فليس من حق أبناء شعبنا في الخارج التدخل في شـؤون مصيرية لشعبنا في الداخل لإنقطاع علاقتهم الحقيقيـة  مع هذه الشؤون . .
      ولكن هذا لايعني القطيعة التي أعارضها تماما ، حيث في إمكان الأوفياء في الخارج مـن شـعبنا ،  تقديم المشورة والأخـذ  بيـد  أشـقائهم في الداخل من خلال تكوين المؤسسات الصلاتية والدعم المادي لمساعدة شعبنا ( الكلداني السرياني الآشوري ) الذي يعاني من الأوضاع المأساوية الراهنة في العراق ، وإنشاء المشاريع التي تساهم في إزدهار القرى والبلدات التي عـاد إليها أهل الداخل والتي لاتـزال بحاجة إلى العمل والجهد للإستـقرار الدائم فيها .

   ولاشـك ، أخي وديع ، إن حالة التـشتت والتـشرذم وعدم الإتـفاق وفقدان الإنسجام الموجودة داخل العراق ، هي مشكلة ضارة جدا ، لكـن ـ وأقـولها بوضوح ـ إن قـادة من جهات سياسية واجتماعية داخل العراق أكدوا لي ، بالأدلة ، أن الذي يزيد هـذه الحال المؤلمة سـخونة هم أهل الخارج الذين يتـدخلون في كل صغيرة وكبيرة بإطلاق المشاريع القومية والجغرافية الخيالية وتأسـيس الأحزاب الخالية من أي قواعد في الداخل وتشكيل فروع حزبية ( يشترك فيها حتى رجال الدين ) تجمع الأموال لتنظيماتها في الداخل لقـاء السـير بحسب توجيهاتها التي تنـقل صراعات الخارج العرقية والمذهبية والعشائرية والمناطقية إلى أهل الداخل ، فتـقف حائلا ضد رغبات الداخل بالتـقارب ، لأن أهل الداخل مضطرون لمسايرة شـروط الداعمين بالمـال من الخارج .

   وأيضـا المشكلة هـي ـ  كما تـفضلتم ، وأنـا مع رأيكم ـ في السياسة للكسالى والمشتـتين والمتخاصمين والضعفاء . . ألخ ، وكيف لايكون الإداء قاصـرا ، إذا كان رئيس المجلس الوحدوي (  القومي . . ) قد هـرب إلى أستراليا مدعيا أنه يقـود مجلسه من هناك بـدل أن يذهب أسـوة بأهله وأقاربه إلى قريته التي تـم تعميرها وعـاد الكثير من سكانها إليها من داخل العراق وبينهم من عاد إليـها  من خارج العراق . .
      والأمـر نفسـه ينطبـق على رئيس ( المجلس القومي . . ) لأحد أطراف شعبنا الذي هرب إلى سوريا ليـقود مجلسه بواسطة ( البالتـالـك ) من هنـاك  ،  بدل أن يذهب إلى بلدته وهي آمنة دائما وعامرة  وبهية وإحـدى أجمل بلدات شعبنا وأعـرقها  وفيها ماشـاء من الأنترنيت والبـالتـالـك والهاتف ، لكنه وهو السياسي القومي المتـشدد لطائـفته ( ما شـاء اللـه ! ! ) يقـوم من سوريا بتشكيل ( مقاطعات قومية طائفيـة لمجلسه ) في أرجـاء الدنيـا  والسعي لزيادة عدد هذه المقاطعات وأنفارها بالمناصب الجوفاء  حيثما وجـد واحـدا أو إثنـين في المدن الأميركية والأسترالية والأوروبية من خلال ترغيب أبناء شعبنا بالهجرة ـ شـرعية وغير شرعية ـ للحاق بمقاطعاته وزيادة عدد أنفارها  . .

     وآخـرون ، شكلوا فرعا في الخارج لهذا الحزب أو ذاك (  لكي يعلو  شأنهم ) ويكون في إمكانهم مقابلة الوزير الفلاني من الدولة التي هم فيها ونشـر هـذه ( الفخفخـة ) معززة بالصور في المواقع . . والهدف الحقيقي للمقابلة هي خداع الوزير لتسهيل لجـوء أحـد أقاربهم أو من وعدوه بالمساعدة والقبول كلاجئ لقـاء عمولة . . ماشـاء اللـه ـ مرة أخرى ـ على مثل هذه الخدمة الكبيرة لشعبنا داخل العراق من قياديـيه القوميين والحزبيـين ! ! علما أنـا  لا أذكـر هذا الكلام  جزافـا أو على الماشي ، وإنما هو موثـق ومؤكـد  لـديّ  كله بالأسماء . .
        إذن ـ أخي وديع ـ كيف لايكون الإداء قاصرا ( وبوزن الريشة وأقـل ) لقـوى شعبنا السياسية مع وجـود أمثال هؤلاء النماذج القياديـين ؟ !! ونقولها بجلاء : من العار على قـيادي في حزب قومي لشعبنا أو وزير أو برلماني من شعبنا فقد منصبه أن يغادر إلى خارج العراق ، ويدعي أنه وفـيّ  لشـعبنا . . وأمـاكن آمنـة لشـعبنا في ديـاره شـمال العـراق ترحـب بـه وبغيـره إذا تعـذر بقـاؤه في بغـداد ،  وكـل قيـاديـي شـعبنا هـم بالأصـل مـن هـذه الأماكـن . 

   إن ما تـتذكره ـ أنت ـ عن حادثة ميخائيل غورباتشوف وأرمينيا وأذربيجان وناكورني كاره باخ ، هي عبرة لمثيلاتها اليوم التي يمـر بها شعبنا ( وقبل أن أذكر أمرا سمعته أنـا من غورباتشوف نفسـه ، أتطرق إلى هذه القضية التي تخصك أنت والتي ثارت بسببها حفيظة البعض في برطلة العزيزة من دون مبـرر ) . . فقـد وصل موضوعكم ( بطولة الإصطياد في المياه العكرة تقام في برطلة ) إلى موقع تـللسـقف ، فكتب لي الأخوة الإداريون للموقع في تللسقف ( علما أن موقع تللسقف يشرف عليه كاملا إداريون في تللسقف وألقوش ) عن رأيي في نشر المقال ( باعـتباري المشرف الإعلامي على الموقع ) وذكروا في رسالتهم أنهم يجـدون المقال موضوعي وبنـاء ومفيد وليس فيه أي نوع من التهجم على أحد وأنهم يرون عدم وجود ما يمنع نشره كاملا ، فـأجبتهم : رأيكم صحيح  تمـاما .

    وبعـد يـوم ، ورد إلى الموقع موضوع من الأخ ثـامر توسـا ـ وأستميح عـذرا الأخ ثامر لنشر هذا ـ  بعنوان ( إلى الأستاذ وديع بتي ، شباط القطط أقصر من ربيع الغزلان ) ونشر الموقع الموضوع بنصه الكامل باستـثناء صورة القـط المرفقة معه ، وكتبنا رسالة للأخ ثامر في 10 أيـار ، بأنه ( تـم نشر موضوعكم . . لأنه جـدي جدا ولم يسئ لأحد بالذات ، خصوصا أنه تمت كتابته كتعقيب على الضجة الظالمة من دون سبب التي أثيرت ضد الأستاذ وديع الذي كان جديا وواضحا في رده على الحملة التي جاءته من برطلة ، وأن موضوعكم جرى اعتباره في السياق نفسه من الجدية ، ولهـذا فـإن نشر صورة القط معه قـد يؤدي إلى صرف بعض النظر عن جدية الموضوع . . ) وأجاب الأخ ثامر ( . . . أكرر شكري وموافقتي على مـا أرتأيتـم . . )  وذكرت الآن هذه القضية فقط للتوضيح بـأن موقف قسـم  الأخوة في برطلة ربما كان جزءا من عدم وضع الأمور في نصابها الحقيقي ،  وهو إحدى المشكلات التي يعـاني منها شـعبنا في الداخـل  .

     وأعـود إلى غورباتشـوف ، في 1988 جاء في زيارة رسمية إلى يوغوسلافيا ( وكنت  لازلـت  في حينه مراسلا لوسائل الإعلام العراقية ) واستطعنا مجوعة من الصحافيين الأجانب الذيـن نملـك هويـات إعتـماد ، أن نلتـقي به خلال وجوده في مبنى هيئة الرئاسة اليوغوسلافية في بلغراد ، وسألناه عن إجراءاته لإحتواء المشاكل التي بـدأ يعاني منها الإتحاد السوفيتي ، فأجاب ( ارشدوني إلى مكان في العالم لاتوجد فيه مشاكل لأقصده وأعيش فيه ) وبعـد إنتهاء اللقاء تحادثنا نحن الصحافيون في شأن هذا الجواب وخرجنا بنتيجة ، أن الرجل ( ليس مؤهلا لقيادة دولة مـادام يتهرب من واقع بلاده وحـل مشاكله ،  وأن الإتحاد السوفيتي في خطر لوجود مثل هذا التفكير  لدى قيادته ) وقد نشرت هـذا في حينه في جريدة الثورة . . واليوم ،  إحدى مشكلات شـعبنا أن قادته يقـرون بوجود المشاكل إلى حـد البكاء على أطلالها  من دون التفكير بالحلول اللازمة لهـا  .

    وأنـا معـك  ، أن الصراع في شـأن التسمية لشعبنا هو شبيه بحكاية ( حسن وكجل ) فالكل يعتـرف "  بأننا شعب واحد بكل المقومات "  لكنه يوجد بينه  من ( يخترع إضافـة جملـة )  "  ولكننا نتكون من قوميات "  أو يرفض التسمية الموحدة ، بذرائع غريبة وحجج واهية ، وبذلك يرفض هذا البعض ( من أجل الرفض الذي يجد فيه مصلحته ،  أو لدواعـي العاطفـة المذهبيـة  )  حـل مشكلة مهمة ومصيرية لشعبنا ، وشخصيا قلت مرارا في كتاباتي ومحاضراتي وأحاديثي ، بأنني مقـتنع بأن قوميتي ( آشورية ) ولكنني لجمع الكلمة والوفاق الذي تتطلبه مرحلة شعبنا الراهنة لا يهمني شكل التسمية بقـدر ما يهمني وجود تسمية تجمعنا ( مادمنا من شعب واحـد ) على الأقل في المجالات التشريعية والرسمية والإحصائـية . . وقـد أكدت هـذا في مؤتمـر عنكاوا ، على رغم اعتـراضي   إضافـة ( سورايا ) على التسمية القوميــة ، إنطـلاقا مـن مدلولات سورايا الديـنية  لاغيـر . 

    نعــم ، إن الذين يريدون الشـر بنـا لايفرقون بين من يدعي من شعبنا أنه آشوري أو كلداني أو سرياني أو آرامي أو سورايا . . ألخ ، وإنما يستهدف الكل من دون تـفريق ، لـكن العجب العجاب أنـنا ، نحـن ،  نفـرق بين أنفسـنا . . وبمباركة من الزعامات الديـنية وقسـم نافـذ من القـوى والتيارات السياسية والإجتماعية لشعبنا . . وهـنا تكمـن أعـتى المأسـاة .

      وسـنبقـى ، أخي وديع ، نحن وكل الذين ينظرون بجميـع  أبصارهم إلى قضايا شعبنا ومصيره ، نسعى إلى رفع الحجارة التي يضعها البعض أمام مسيرة عربة شعبنا ، وصيانتها من كل أذى ووقايتها من الإنحراف عن مسيرتها الصائبة ، ونرى في ذلـك ضرورة ملحة ما استطعنا إليه جهدا وطاقة ، ولنا عظة في قول حكيمنا أحيقار "  إن  العيـون الصالحة لن تـظلم ، والآذان الصالحة لن تصـم  ، والفـم الصالح سـيحب الحقيقـة  وينطـق  بــها  ، الرجـل الرفيـع الخـلق الطيـب القلـب هـو كالقـوس القـوي   الموتـَّـر  بيـد  رجـل جبـار  "  . 

   وأخيـرا ، لقد تأخر هذا الموضوع كثيرا عن الوقت الذي كان ينبغي نشره فيه ، وكنت مضطرا على ذلـك ،  فأنا مرتبط بعملي الصحافي يوميا من الصباح حتى الرابعة بعد الظهر ومن دون أن أتمتع بعطلة في أي يوم من الأسبوع أو الشهر أو السنة إلا من خلال الإجازات الإعتيادية السنوية التي هي بحدود ثلاثين يوما ، مايعني أنني أوعد بإكمال الموضوع في يوم معين ولكنني مضطر للمخالفة إذا اقتضت ضرورات  عملي الصحافي لأنه واجب والسبيل الوحيد لمعيشتي فلا مصدر آخر لي للعيش إطلاقا . . ومعذرة لهذه الإضافة التي وجدتها ضرورية لتوضيح سبب تأخر إنجاز هذا الموضوع ونشره . ، فـأنا كثيرا مـا أوعـد كتابة أو كلاما ، وذلـك تعبـير عـن رغبـتي . .  ولكنـني عـندما أريد التـنفيذ ، ينطبق علـي القـول المأثور : العيـن بصيـرة واليـد قصيـرة  . 

51

النص الكامـل لأجوبـة وتوضيحـات يونادم كنـا


ــــــــــــــــــــــــ
جميـل روفـائيـل
ـــــــــ

     كنـت نشـرت أخيـرا موضوعـا بعـنوان ( سـؤال إلى يـونادم كنـا ينتـظر توضيحـا ) وأدنـاه مـايتـعـلق بـهـذا الموضـوع وأجـوبة الأسـتاذ يونـادم ، وأنشـر ذلـك كـاملا ونصـه الحـرفي ،  بنـهج الصحـافي  الـذي يديـر اللقـاء  ويطلـب الجـواب والتـوضيح  بمعـزل عـن أفكـاره الخـاصة وقـناعاته الـذاتية ، ويـقدم لقـرائه مـا توافـر لـديه بـأمانة  وثـقة وصـيانة المضمـون  . . ولـهذا فـإن اللقـاء يبـدو فـي قسـم مـن مقـاطعه  بلغـة كـلام عـادية وذلـك بسـبب حـرصي على لغـته الأصليـة بقـدر الإمكـان . 
        ولأنـني كنـت وعـدت في موضـوعي السـابق أن يـتناول المقبـل  أجـوبة وتوضيحـات السـيد يونـادم ، فقـد أجلـت الموضـوع الـذي كنـت أود نشـره متـناولا بعـض الأمـور التـي تضمـنها الموضـوع المهـم للأخ  د ـ وديـع بتـي حنـا  المنشـور  بعـنوان ( إلـى الأسـتاذ جميـل روفـائيـل ـ دفـع العـربة ضـرورة ملحـة ) ليكـون المقبـل على رغـم أنـني كنـت أفضـل  نشـره  فـي وقـت لايـزال موضـوع الأسـتاذ وديـع في واجهـة المواقـع ، للتـرابط  وتـداعي الأفكـار بيـن الموضوعيـن  ، ولأوضـح  بعـض الوقـائع التي علمـتني أن مـن الضـروري  دفـع العـربـة ولكـن بشـرط صـيانتها وعـدم تـغييـرها  . .  فعـذرا وأملـي أن نلتـقي معـه فـي غضـون أسـبوع .
ــــــــــــــــــ
   وفيـما يلـي النـص الكـامل لمـا دار فـي اللقـاء مـع الأسـتاذ يـونـادم وكيـف حصـل :
   بـعـد يـوم مـن نشـر موضـوع الأسـئلة ، تـلـقيت رسـالـة مـن الأخ  يـعقـوب يـعقـوب ، يقـول فيـها  :
 عزيزي  أدناه أرقام تلفون رابي يونادم كنا ويمكن لك الأتصال به متى ما شـئت وسؤاله عما تريد من أخبار وأستفسارت  حول الواقع القومي الكلدوآشوري السرياني أو الوطني وغيره
ولك كامل الحرية في نشر كل ما تراه مناسباً للنشر ويخدم قضية شعبنا
مع تقديري
ـــــــــــ
         وفـي اليـوم التـالـي اتصـلت مسـاء بـأحـد الرقـميـن ، ويـبدو أنـهمـا مـن أرقـام الأسـتاذ يونـادم  الخاصـة المحمولـة مـعه دائمـا للإتصـالات العـاجلة ، وأجـاب حـالا ، وبـدأ الحـديث  بيـنـنا هكـذا ( ملاحظـة  :  هـذه الإشـارة  ـ تـدل على كـلام جميـل ، وهـذه ـ  ـ  تـدل على كـلام الأسـتاذ يـونـادم في كـل المنشـور أدنـاه  ،  للعلـم رجـاء ) :
ـ     أنـا جميـل روفـائيـــل ؟
ـ  ـ     أهـلا ، أهـلا وسـهلا أسـتاذ جميـل ، هـلا بيـك ، أهـلا وسـهلا ، تـفضـل
ـ  كيـف أنـت رابـي ، كيـف صحتـكم  ؟
ـ ـ  اللـه يسـلمك ، رسـالتـك المفـتوحـة لـي قـرأتـها ، أهـلا وسـهلا ، أي وقـت أنـا حـاضـر ، لا فـقط تلـفون وإنـما أي مطـلب ، أهـلا أسـتاذ جميـل ، بـس عـن سـؤالك القضـية ( يقصـد قضـية اتـفاقـه مـع الأسـتاذ أبلحـد أفـرام حـول الأسـم الدسـتوري لشـعبنا )  التـي سـمعـتها ليس لـها أي أسـاس ، ولا أنـا متـفق بـأي شـئ فـي هـذا  الخصـوص .
ـ هـل أسـتطيع ، رابي يونـادم ، أن أسـألك الآن بعـض الأسـئلة ، هـل لـديـك وقـت  ؟
ـ ـ تسـمحلي الآن قليـلا ، أنـا على الهـاتف الآخـر مـع الدكتـور مهـدي الحافـظ ،  بعـد عشـر دقـائق  كـرر الإتصـال معـي ،  بعـيـني  .
ـ  واتصـلت ثانيـة  بعـد عشـر دقـائق ، وشـعـرت أنـه داخـل سـيارة يتحـدث حيث كنـت أسـمع ضوضـاء السـيارات  في الشـارع  .
ـ ـ  وبـدأ الكـلام بتـوضيح أنـه جـدا منـهمك في الإتصالات في شـأن إبعـاد شـعبنا عـن التمـثيل في مفوضـية الإنتخابـات ، وقـال : أنـا الآن في طريقـي إلى اليـوناني الـذي هـو مسـؤول الأمم  المتحـدة بخصوص المفوضـية  ( المستـقلة للإنتخـابات ) وسـألتـقي معـه بعـد قليـل باعـتباره ممثـل الأمين العـام للأمم المتحدة في الشـأن  الدسـتوري وهو متـفهم لهـذا الأمر لأنه سـبق أن تولـى مثـل هـذه  المهمـة أيضا في جنوب أفريقيا في وقت نلسـون مانـديلا  ودول أخرى ، وسـأوضح لـه كل الخروقات والمخالفـات وأحـاول أن يتـم اتخـاذ اجـراء ضـد ممثـل الأمم المتحـدة أشـرف قاضـي ، هـذا أولا ، ، وثـانيا ، بعـدين لـديّ  دعـوى في المحكمـة الإتحـادية وهـي شـكوى على البرلمـان ( العراقي ) على طـريقة انتخـاب اعضاء المفوضـية ،  الذيـن خـرقوا قـانون المفوضيـة الذي ينـص بـأنه يجـب أن تكون حياديـة ومستـقلة وغير منحـازة  ، ولكـن الذي حصل أنـها حزبيـة ومحاصصة طائفيـة وسـياسية ، وسـاكون شـديدا جـدا مـن أجـل هـذا الحـق ، لأنـها يجب أن تكـون فعـلا محـايدة ولا تكـون محاصصـات حزبيـة طائفيـة ،  والآن أنـا ذاهب لأحـرك دعـوى ضـد أشـرف قـاضي ( ممثـل الأمم المتحـدة ) الـذي كـان دائمـا يوفـر الغـطاء الشـرعي مـن الأمـم المتحـدة للأخطـاء .
ـ   أرجـو لك التـوفيـق ، هـل اسـتطيع أن أسـأل ؟
ـ  ـ  تـفضـل ، أهـلا  بكـل مـا لديـك مـن أسـئلة  .
ـ  مـاهـو جـوابكـم على مـاسمعـته بحصـول اتـفاق بينـكم وبيـن الأسـتاذ أبلحـد أفـرام ، بعـم طلـب تغيـير الفـقرة الموجـودة حاليـا في الدسـتور العراقي والتـي تنـص بخصـوص القوميـات العراقيـة ( والكلـدان والآشـوريين ) ؟
ـ ـ  هـذا كـلام بـاطل ليس لـه أي أسـاس مـن الصحـة ، قـد يكـون السـيد أبلحـد راضـي بـها ، لكـن أنـا لسـت راضـيا بـها ، هـذا أولا ، ، وثانيـا ، أنـا أقبـل فقـط بـأن نرجـع إلى كلمـة مختصـرة متـفق عليـها واحـدة أو التسـميات الثـلاث بـدون واوات أو فـواصـل بيـنها مـن هنـا وهنـاك ، الآن نحـن ننـتظر نتـائج اجتماعـات قوميـة أو مؤتـمر قـومي بحيـث يصـير تـوافق عليـها وليس إرادة لافـلان ولا عـلان ، لسـنا ( أنـا والسـيد أبلحـد ) متـفقين أبـدا ، ولكـن عـندما أنـا أعـربت عـن احتجـاجي على قضـية المفوضـية ( مفوضية الإنتخابات )  هـو ثـنـّـى علـيّ  ، وصحـت في القـاعة عليـه أن ينـهض ونهـض وتـعاون مـع موقـفي ، وذهبـنا معـا إلـى مؤتمـر وعملـنا بيـان ووقـعناه ، فهـذا الـذي حصـل وليس لـه عـلاقة بالدسـتور وبالتسـمية ، ولا أسـاس لهـذا الكـلام الـذي سـمعـته أنـت .
ـ   يـعني غـير صحيـح هـذا الكـلام ، ولا يوجـد اتـفاق بيـنك وبيـن السـيد أبلحــد فـي مجـال تسـمية شـعبنا ؟
ـ  ـ  أبـدا ،  وليس لـما سـمعـته أي أسـاس مـن الصحـة   .
ـ  للتـأكيـد  ، أكـرر السـؤال ، هـل موجـود اتـفاق مـا بيـنك وبيـن السـيد أبلحـد في مسـألة الإسـم القـومي ،  أو لايوجـد أي اتـفاق  بيـنكمـا  فـي الشـأن القـومي ؟
ـ  ـ  أبـدا لسـنا متـفـقين  بعـد ، لسـنا متـفـقين على أي شـئ  بخصـوص الأسـم القـومي ، هـو بحسـب مـا أسـتـقـرأ  أنـا الوضـع ، أنـه هـو يعجبـه  أن يبقـى ( في الدسـتور ) مثـل مـاهـو ، يعجبـه ، لكـن أنـا لا أريـد مثـل مـاهـو يـريد ، فسـوف أنـاضل لكـي لايبـقى مثـل مـاهـو ، ونتـفق على صيغـة أن تـدرج وحـدة شـعبنا ، شـعب واحـد ، الواوات لا أقبـل بـها أنـا ، هـو قـابل بـها ، فسـأحاول أقنعـه بـإسـم  مـن دون واوات وأن نتـفـق على صيغـة مختصـرة وسـهلة ، وإذا لا تـوجد صيغـة مختصـرة فتـكون ( الصيغـة ) على الأقـل مـن دون واوات ، التسـميات الثـلاث مـن دون  واوات .
ـ  وإذا لايقبـل مـن دون واوات ، أنت لا تقبـل أي شـئ آخـر ؟
ـ  ـ  أنـا رافـض ، رافض مـن جانبـي أي تسـمية  فيـها واوات .
         وهنـا انقـطع الأتصـال الهـاتفي بيـننا  ، وأعـدت الإتصـال فوجـدت أنـه أقـفل هاتفـه ، وعلمـت أنـه وصـل إلى مكتـب ممثـل الأمين العـام للأمم المتحـدة للشـأن الدسـتوري ، وتوقعـت أن يكـون الإجتمـاع بحـدود السـاعة ، واتصـلت بعـد سـاعة ، وجـاوب وقلـت لـه :
ـ  مرحبـا رابي ، أنـا جميـل ، أرجـو أن يكـون الآن لديـك وقـت أفضـل  ؟
ـ  ـ  ( فـأجاب )  أهـلا ، أنـا الآن في اجتمـاع  ،  وعـندمـا أنتـهي .
ـ  يعـني حوالـي نصـف سـاعة  .
ـ  ـ  لا أعـرف نصـف سـاعة ،  سـاعة ،  أكثـر ، لاأعـرف .
ـ  أخـابرك بعـد سـاعة لأتـأكد هـل يوجد لديـك وقـت .
ـ  ـ  حاضـر حـاضـر . 
       ( ثـم أتصلت مرات عـدة وكـان خطـه مقـفولا أومشـغولا ، وتخلصـا من الإحـراج  لكثـرة أشـغاله ، قـررت  كتـابة رسـالة إلى الأخ يعـقوب أعـلمه بالوضـع  ،  وكتـبت لـه رسـالة ، فـأجابنـي بهـذه الرسـالة  :
عزيزي رابي جميل
تحية طيبة وأرجو أن تكون بخير
تحدث معي رابي يونادم عن الاتصالات المتقطعة التي جرت بينكما وياسف جداً لعدم أستطاعته التواصل معك في الحديث   ،   فعلاً لقـد كان مشغولاً جداً في متابعة المواضيع
المتعلقة بمهامه في مجلس النواب وتلك المتعلقة بقضايا تخص شعبنا  وهو الأن في العاصمة الأردنية عمان يحضر مؤتمر أعمار العراق كونه نائب رئيس لجنة الاستثمار والاقتصاد في مجلس النواب وسيعود خلال اليومين القادمين وسأرتب لك لقاءاً  تلفونياً معه لتتحدث وتناقش معه وتستـفسـر عن كل المسائل التي تشغل بالك والمتعلقة بالهم القومي وحتى تكون الاجابات من الشخص الأول في زوعا وليس مني لأنني متوفر دائماً ومتى كان لك أي تساؤل فأنا في الخدمة وهذا واجبي  .  .  مرة اخرى تحياتي رابي جميل  وشكراً لأهتمامك
يعقوب يعقوب )
     ( وبعـد أيـام وصلتـني رسـالة أخـرى مـن الأخ يعـقوب ، يقـول فيـها :
 تحية طيبة رابي جميل
ارجو ان تكون بخير
عزيزي  .  .  عاد مساء يوم أمس رابي يونادم كنا من عمان وهو متواجد في بغداد الأن
وتحدثت معه اليوم حول حديثك معه وقال لي بأنه يمكن لكم أن تتصل به اليوم مساءاً على الارقام التي ارسلتها لك سابقاً
تحياتي رابي جميل
يعقوب  )
   (  واتصـلت  معـه مسـاء وتحدثنـا ،  وأجريت  اللقـاء كـاملا وكما يلـي :  )   

ـ  هـلو  ، مرحبـا رابـي يـونادم ، أنـا جميـل ،  أرجـو أن يكـون لديكـم المجـال كـي نكمـل الموضـوع  ؟
ـ  ـ  بسـيما  بسـيما رابـي جميـل ،  تفضـل ،  تفضـل أنـا حـاضر لكـل أسـئلتـك  .
ـ  شـكرا  ، هـل قـدمتـم اقـتراحـا أو هـل سـتـقدمون إقـتـراحا  إلى لجنـة تعـديل الدسـتور في شـأن تـغيـير النـص الحـالي الـذي يـذكر لشـعبنا  قوميـتين كلدانيـة وآشـورية ؟
ـ  ـ   أنـا شـخصـيا كعضـو مجـلس النـواب أمثـل شـريحة مـن مجتـمعي ، نعـم سـنـقدم  طلبـا بحيـث يـبـرز اسـم شـعبنا  كـأمة  وكشـعب  وكقـومية واحـدة  .
ـ   هـل سـتذكرون أسـما معـينا ( كلـدوآشـوريين سـريان ) أو ( كلـدان آشـوريين سـريان ) . . ألخ  ، هـل سـتذكرون الإسـم فـي الإقـتراح ؟
ـ  ـ  الإحتـمالات كلهـا مفتـوحة ،  وسـتظهر خلال الأيـام القـادمة ، لـن أصـر مـن طـرفي على اسـم ، وسـأتوجه بتسـمية قـد تصـار إلى التـوافق مـا بيـننا ، بيـني وبيـن مجموعـات وجهـات قوميـة أو مـراجع ضـمن شـعبنا وحتـى الزعمـاء الكنسـيين ، نتـفق على شـئ يؤكـد وحـدة شـعبنا كـأمة وكقوميـة واحـدة ، مـن هـذه الإحتمـالات ( كلـدوآشـوريين سـريان ) أو (  كلـدان سـريان آشـوريين ) هـذه كلهـا احتمـالات مفتـوحة  .
ـ  هـل هـذا يعـني ،  إمكـان قبـول الحركـة أو قبـولكم أنتـم بـأن يكـون الإسـم الموحـد الدسـتوري والرسـمي لشـعبنا ( كلـدان سـريان آشـوريين ) مـن أجـل قبـول أوسـع ؟
ـ ـ  في موقـفي كشـخص شـعبي ، أرى أن ( الآشـوريين ) هـو الأكثـر حبّـا ، ولكـن إذا جئـنا إلى التـوافق السـابق كـان على  ( كلـدوآشـوريين ) ،  والآن لايوجـد هنـاك التـوافق السـابق حـول هـذا الإسـم ، فـإن أغـلب الظـن التـوافق سـيكون حـول ( كلـدان سـريان آشـوريين ) .
ـ   كمـا أفهـم أنـه لامانـع لـديكم مـن  (  كلـدان  سـريان آشـوريين ) ؟
ـ  ـ  نحـن نقـبل بمـا يقبـله شـعبنا ، الآن على مـا يبـدو الوعـي القـومي لـه مواقـف ، فـلا أسـتطيع أن أفـرض شـيئا محـددا على شـعبنا ، مـن المـؤكد أن كلنـا أحفـاد بابـل وآشـور .
ـ  أنتـم ، طبعـا ، حركـة وحـدوية تسـعون إلى وحـدة شـعبنا ،  وكمـا تفضلتـم أنـه ليس لـديكم  فيـتو على اسـم وحـدوي معيـن 
ـ  ـ  ( مقـاطعا )  أبـدا
ـ  ( وواصلت أنـا السـؤال )  ولهـذا ، أليـس الأفضـل أن تـتخلى الحركـة عـن مقاطعـتها للقـاءات التـي تـدعو إليـها جهـات أخـرى ، وتحضـر الإجتماعـات وتعـرض رأيـها ، وذلـك أفضـل في كـل الأحـوال مـن المقاطعـة ؟
ـ  ـ  نحـن لـم نقاطـع أيـة جهـة قوميـة يكـون لهـا استـقلالية القـرار ونابعـة مـن بيـن صـفوف شـعبنا ، أمـا الأمـور التـي تنـظم وتحـاك مـن قبـل جهـات خارجيـة وتخـرب بـاسم قـوميتنا ، وتصـادر إرادة شـعبنا مـن خـلال هكـذا اجتمـاعات ، هـذا أمـر لا نقـبله ، وعـندما نشـك باستـقلالية القـرار والمرجعـية والتـمويل وغيـر ذلـك ، نكـون مضطـرين أن لا نحضـر ، واللـه يوفـق كـل هـذه الجهـات ،  لكنـه عـندما تكـون بعـض الجهـات نـابعة مـن إرادة شـعبنا ومـن رحـم الأمـة وتمتـلك استـقلالية القـرار فنحـن لـن نقـاطع أي جهـة .
ـ  أيـن تضـعون إذن ، بالنسـبة لمـا تفضلـتم بـه ، لجنـة التنسـيق التـي تضـم أحـزاب : الوطني الآشـوري و جمعية الثـقافة الكلدانية و بيـت  نهـرين الديمقـراطي  والمنبـر الديمقراطي الكـلداني ومنظمـة كلـدوآشـور للحزب الشـيوعي الكردسـتاني ، التـي تلـتقي دوريـا فـي أربيـل ؟
ـ  ـ  هنـاك العـشرات مثـل هـذه اللجنـة في أنحـاء العـالم في التسـميات والمسـميات ، والإنتخـابات في الوطـن قـد أعطـت جـوابها ، فمـع كـل احتـرامي للجهـات التي ذكرتـها ، لكـن الإنتخـابات في الوطـن أعطـت الجـواب ، عـندما أدلـى شـعبنا بصـوته وانتخـب قائمـة الرافـدين التـي ضـمت الحركـة ومؤازريـها ، نحـن نـرى بـان ( عـدم اعطـاء شـعبنا اصـواته لـهم ) سـببه أنـهم يـأتمرون بـأوامر خـارج شـعبنا ولا يحتـرمون إرادة شـعبنا .
ـ  وأيـن تضـعون أيضـا مؤتمـر عـنكاوا مـن هـذا الـذي تفضـلتم بـه ؟
ـ  ـ  المؤتمـر كـان برعـاية الأخـوان في الحـزب الديمقـراطي الكردسـتاني   ومـن أجـل أمـور تخـص اقلـيم كردسـتان ،  وكـان مؤتمـرا شـعبيا وليس مؤتمـرا قوميـا أو سـياسيا أو مؤسـساتـيا لشـعبنا ،  والشـعبي يعـني أنـهم أحـرار فـي قـرارهم ولكـن نحـن نمثـل حركـة سـياسية قوميـة لهـا تـأريخها ونضـالها وتضحياتـها ، وهـناك العـديد مـن مؤسـساتنا القوميـة في العـالم ، منهـا بـأسماء كلـدانية وسـريانية وآشـورية وأحـزاب لهـا تـأريخها أيضـا في النضـال ، كالمنظمـة الآثـورية الديمقـراطية والإتحـاد الآشـوري العـالمي وحـزب بيـت نهـرين وغيـرها ، هـذه يجـب أن لا تصـادر قـراراتها وتختـزل في مؤتمـرات شـعبية ، مـع احتـرامنا لجهـودهم ( مؤتمـر عـنكاوا )  هـم أحـرار في مـا قـاموا بـه ، لكنـه هـذا الجـانب (  القـائم علـى )  إعطـاء الشـعبية ومصـادرة الحـق للجهـات السـياسية والقـومية قـد يكـون غيـر مقبـول لهـذه الجهـات .
ـ  لـديّ  قضـية أريـد أن أسـتـفسر منكـم عـنها وأنـا واثـق بـأنك صـريح دائـما ،  وهـي : مـا مـدى صحـة المعـلومات عـن محـاولات قـامت بـها الحركـة  بالتـعاون مـع الإتحـاد الديمقـراطي الكلـداني لإقنـاع الجهـات الدوليـة المانحـة للمساعدات بـإنهاء إشـراف السـيد سـركيس أغـاجان على المسـاعدات الخـارجية المنوحـة للمسيحيـين العـراقيين ، ولكن تلـك الجهـات المـانحة رفضـت الطلـب المشـترك للحركـة مـع الإتحـاد الكـلدانـي وأبقـت الأمـوال في عهـدة السـيد سـركيس ؟ 
ـ  ـ   أؤكـد  ،  أن المصـادر والجهـات التـي سـمعت منـها قـالت شـيئا مـن دون أسـاس أو صحـة ،  ولكـن الـذي يجـرى أن المؤسـسات الحكوميـة المستلمـة هـي حكـومة إقليـم كردسـتان ، وإذا كـانت حكـومة أقليـم كردسـتان قـد أعطـت  الصلاحيـة للسـيد سـركيس بالتصـرف في هـذا المـال ، فهـذا لاشـأن لنـا في الأمـر ونحـن لـم نتـدخل بهـذا أبـدا ، مـن جـانبنا على الأقـل ، لـم نقـدم لأحـد هـذا الطلـب ، هـذا مـا يتـعلق بنـا وحـدنا ولا علـم لنـا بمـا يخـص الإتحـاد الديمقراطي الكـلداني وغيـره ، نحـن نتـحدث عـن أنفسـنا ولكـن على العكـس مـن هـذا علمـنا قبـل حـوالي أسـبوع أو عشـرة أيـام ، أن الجهـات الخاصـة بالحريـات الدينيـة أعلـنت أن هـذه المسـاعدات عبـر حكومـة اقلـيم كردسـتان ، ولكنـها لـم تـذكر السـيد سـركيس أغـاجان بالإسـم أبـدا ، ولكـن ذكـرت عبـر حكومـة اقلـيم كردسـتان ، نحـن لا علـم لنـا أنـه عبـر الإقلـيم أو عبـر غيـرهم ، لـم يـقل  يـوما مـا السـيد سـركيس أغـاجان بـأن هـذه الأمـوال هـي مخصـصة مـن الحكومـة الأميركيـة  ولـم تعـلن حكومـة الإقليـم أن هـذه الأمـوال     هـي مـن الحكـومة الأميركيـة ، الـذي كـان يشـاع أن هـذه أمـوال سـركيس أغـاجان ولا نعـلم مـن أيـن يـأتي بـها ، ولـم يصـرح يومـا مـا مـن أيـن يـأتي بـها ، وهـذه أمـور يعـني مجـرد تـوقعات أو تخميـنات ( نسـمعـها )   قـد تكـون غيـر صـائبة وغيـر دقيـقة ، نعـم كنّـا  نعـلم بـوجود دعـم لشـعبنا تـم تـقديمه مـن كـل الجهـات في العـالم ومنـها الأميـركان لإعـادة البـناء ولكـن بطريقـة مرمـوقة ، وبحيـث تكـون مصـدر رزق لأبنـاء هـذه القـرى ( التـي كانـت مـدمرة )  كـي يعيشـون ويكـون لهـم المدرسـة والمسـتوصف والشـارع والكهـرباء والمـاء وغيـر ذلـك مـن البـنى التحتـية ، لكـن لاعـلاقة لنـا بمـا يجـري .
ـ  هـناك سـؤال  يطـرح نفسـه  ،  أنتـم عضـو بـارز في لجنـة الإعمـار في مجلس النـواب ،  فهـل قمتـم بعمـل مشـابه لمـا تـقـوم بـه الجهـة  التـي تحدثـنـا  عـنها ؟
ـ  ـ  أنـا نـائب رئيـس لجنـة الإعمـار ،  التـي مـن واجبـاتها أن ترسـم سـياسة الإعمـار والإقتصـاد والإستـثمار في البلـد ، وقمنـا بواجبـنا بهـذا الصـدد بحيـث تحـوّل النظـام الإقتـصادي المركـزي في العـراق إلـى نظـام اقتـصاد السـوق ، والآن نحـن بصـدد قـانون النـفط والغـاز وبعـده سـتأتي قـوانين شـركات التـأمين وغيـرها ، ومـن جانـب آخـر نحـن نتـابع تخصيصـات الميزانيـة في البلـد وعـدد مـن الوزارات المعـنية بالإعمـار والإستـثمار والإقتصـاد .
ـ  نعـم ،  ولكـن أنـا  الـذي يهمـني هـو شـعبنا ،  لأنـني شـخص قـومي أعـتـز بقـوميـتي وأنظـر إلى مصلحـة المنتـمين إليـها قبـل كـل شـئ ،  وكمـا أعـرف أن الموقـف نفسـه الـذي ألتـزم بـه يسـود غالبيـة شـعبنا  ، أقـول مـاذا استـفاد شـعبنا أو يمكـن أن يستـفيد مـن هـذا الـذي تـفضلتـم بـه  مـن لجنـــة الإعمـار فـي البـرلمـان  ؟
ـ ـ  أرجـو أن يكـون واضحـا ، لايمكـن التـعامل مـع حالتـنا القوميـة  بمعـزل عـن الشـعب العـراقي ، إذا كـان الوطـن بخيـر فشـعبنا يكـون بخيـر ، وإذا كـان وطنـنا  مـدمرا وفي فاقـة وأزمـة فـإن شـعبنا سـيكون في فاقـة وأزمـة ، نعـم كـلامكم صحيـح  ،  ولكـن يجـب أن نـدفع بـاتجاه العمليـة السـياسية في البلـد بمـا يخـدم العـدالة ومصـالح الجميـع  ،  ولكـن مـع ذلـك وكمـا تـفضـلتم أن مناطـق شـعبنا تعـتبر الآن محرومـة نتيجـة مـا أصـابـها مـن سـياسات التميـيز العنصـري والتميـيز الدينـي ، فيجـب رفـع هـذه المعـاناة  وهـذا الحرمـان مـن منـاطق شـعبنا أسـوة بمناطـق أخـرى للإيزيديـة والشـبك ، نعـم شـعبنا هـو بحـاجة إلى رفـع المعانـاة  عـنه  ونحـن نسـعى لـذلك مـن خـلال اللجـان المعـنية .
ـ  مـاهي رؤيتـكم الخاصـة ، هـل أن الحـركة الديمقراطية الآشـورية ، هـي الآن داخـل العـراق أقـوى مـما كانـت عليـه قبـل سـنتين أو أضـعف ، وكيـف ؟
ـ  ـ  الحـركات السـياسية عمـوما في الوطـن ، هـي تحـت ضـغط وتـأثيرات الحالـة السـياسية والأمنـية العـامة في البـلد ، هـذا الكـلام صحيـح ، ولكـن مـن كـان يراهـن بـأنه  يتمكـن مـن شـراء  ذمـم النـاس ويضـعف الحركـة ، فـإنه قـد لاحـظ عكـس ذلـك ، ولربمـا الإنتخـابات الأخيـرة كـانت جـوابا في مدينـة عنكاوا التي فقـط في قصـبتها تحديـدا كـان للحركـة 48 ضـعفا لـما للقـوائم الأخـرى ، كـان هـذا التـأييد لنـا ، وهكـذا في تلكيـف وألقـوش وبغـداد وكـل مكـان ، ولكـن أقـول أن الوضـع العـام لكـل الحركـات السـياسية هـو وضـع صـعب جـدا بسـبب الظـرف السـياسي والأمنـي والإقتـصادي للبلـد ، يعـني الحيـاة العـامة هـي في أزمـة ، ليس الحركـة الديمقراطيـة الآشـورية فـقط ، كـل الحيـاة العـامة في أزمـة ن الحكـومة في أزمـة صـعبة جـدا ، كيـف سـنخرج وكيف سـنرى النـور في نهايـة النـفق ، هـذا أمـر شـائك جـدا ، أميـركا الآن تمـر بأزمـة بسـبب العـراق ، فهـذا صحيـح ونحـن أيضـا متأثـرون ، لكنـه قيـاسا إلى بقيـة التنظيمات والحركـات السـياسية الحمـد للـه نحـن بخيـر .
ـ  تـدور تسـاؤلات حـول الأسـباب التـي أدت إلى انقـطاع البـث الفضـائي لقنـاة آشـور منـذ فتـرة ،  نـرجـو أن نسـمع منـكم توضيحـا كامـلا لحقيقة الأمـر ؟
ـ  ـ  أود  التوضيـح  ،  أسـاسا قنـاة آشـور عملت منـذ أكثـر مـن 12 سـنة كقنـاة أرضـية في العـراق ، وبعـد  2005  استطعنـا عبـر عقـود مـع عـدد مـن الشـركات الإستـثمارية أن نجعـلها فضـائية ، وأخيـرا بسـبب الصعـوبات وتـفاقم الأوضـاع لـم تبـق آفـاق لهـذه الشـركات لتسـتثمر في القنـاة أو تحصـل على دعـم مـن خـلال الإعـلانات وغيـر ذلـك ، فبـقيت ( القـناة )  معتـمدة على التـبرعات مـن بعـض القـواعد والمؤازريـن وأحـد رجـال الأعمـال مـن شـعبنا الـذي دعمنـا في الأشـهر السـتة الأخيـرة ، ولكـن الوضـع المـالي الصـعب جـدا أثـّر عليـنا ولـم نتمـكن مـن إيجـاد الأمـوال الكافيـة لإسـتمرار القنـاة ( فضـائيا )  ، ونحـن الآن بصـدد المعـالجة ، لأن سـياسة حركتـنا تـرفض التـمويل المشـروط حتـى مـن أطـراف داخليـة ، لأنـها قنـاة عراقية مستـقلة غيـر منحـازة لأحـد سـوى وطـن العراق فقـط ، فهـذا هـو الـذي أدّى إلى تـوقف البـث الفضـائي بسـبب شـحة رؤوس الأمـوال لتغطيـة النـفقات ، ونـأمل أن تكـون المعـالجة قريبـة .
ـ  هـل تـتوقع أن تـتم المعـالجة بحـدود الشـهر ؟
ـ  ـ  لا أستـطيع أن أحـدد ، كمـا قـلت هنـاك معـوقات كبيـرة أمـام المستـثمرين ،  ومـع ذلـك سنسـعى لتـدبير الأمـر ، والعـودة إلى البـث الفضـائي .
ـ  كلمـة أخيـرة فـي أي شـكل تريـدها فـي ختـام هـذا اللقـاء مـع شـكري ؟
ـ  ـ  أشـكركم على المقابلـة ، وأشـكر رابـي جميـل مواقفـك التـي كانـت حقيقـة دائمـا مواقـف وطنـية جريئـة وصـريحة سـواء في الصـف القومـي ( الكـلداني السـرياني الآشـوري )  أو الموقـف الوطنـي بصـورة عـامة ، هـذا مـن جانب ، والجـانب الآخـر ، نحـن الآن في الوطـن نمـر في مشـكلة أزمـة حكـم التـي هـي مشـكلتنا ، المشـكلة ليسـت فقـط فـرض الأمـن بالقـوة ، ولكـن  كيـف السـبيل إلى تحقـيق السـلم في الوطـن ، والسـلم لـن يتـحقق بالقـوة وإنـما بتحقـيق العـدالة ، ونعمـل كـل جهـودنا لـرفع  الغـبن والإجحـاف الـذي بحقـنا مـن قبـل الأخـوة القـائمين بالحكـم الآن ، سـواء مـن الوضـع الأمنـي الصعـب أو السـياسات السـائـدة ، واستـعادة حقنـا في مسـألة المفوضـية التـي انتهـكت القـوانين في تشـكيلها ولـم تكـن كمـا يجـب غيـر منحـازة ومحـايدة ، هـذا الـذي حصـل في المفوضيـة .
وأود أن أقـول للأخـوة الـذين يقـرأون هـذه المقابلـة ، أنـنا بـذلنا كـل جهـودنا وسـنواصـل جهـودنا مـن أجـل معـالجة أمـور شـعبنا الصـعبة ، مـن حيـث الجـانب الأمنـي في منـاطق الـدورة والتصـرفات المشـينة التـي صـدرت عـن بعـض الجهـات المـارقة وبعـض اللصـوص الـذين اختـطفوا أبـرياء مـن أجـل المـال ، وسـنعمل مـن أجـل استـعادة الأمـن والإستـقرار فـي تلـك  المنـاطق وفـرض سـلطة القـانون هنـاك  إن شـاء اللـه قريـبا ، ونكـون جنـبا إلـى جنـب الأخـوة مـن عشـائر الدليـم والجبـور وغيـرها ، كمـا فعـلوا في منـاطق الأنبـار وحـرروا مناطقـهم ، وإن شـاء اللـه سـيكون لنـا ذلـك الـدور فـي منـاطقنا بالتعـاون مـع العشـائر الصـديقة تـأريخيا معـنا فـي هـذه المنـاطق ، وأشـكركم على المقـابلة .
شـكرا لكـم رابـي يـونادم  راجيـا لكـم التـوفيق ومـع السـلامة . 


     

52
ترسـيخ الوحـدة القـوميـة يسـتوجب مـراعـاة الواقـع
ــــــــــــــــــــــــــــــ

جميــل روفـائيــل
ـــــــــــــ
     ملاحظـة : الموضـوع المقبـل سـيـتـناول  أجـوبـة وتوضـيحات السـيد يـونادم كنـا عـلى الأسـتـفسـارات التـي وردت فـي موضـوعي السـابق بعـنوان (  سـؤال إلى يـونادم كنـا ينـتظر توضـيحـا )  . . للعـلم رجـاء .

تشـكل جهـود  ترسـيخ وحـدة شـعبنا ( الكلداني الآشوري السرياني ) والإتـفـاق علـى  إسـمه  الرسـمي الموحـد ، قضـية ملحـة في المرحلـة الحاسـمة الراهنـة والمصـيرية ،  مـا يتطلـب التـعامـل معـها بحكمـة سـديدة ، مـن أجـل عـدم  إضـاعة أي فرصـة  مهمـا كانـت مقاديـر الإيجابيـة التي يـُمكن الحصـول عليـها منـها ، فالمكاسـب تـؤخذ  شـيئا فشـيئا ، إذا تعـذر نيلـها دفعـة واحـدة .

     وليـس خافيـا ، أنـه عـلى رغـم إيمـان كافـة  أطـراف شـعبـنا بأنـه شـعب واحـد في واقـع التـأريخ والحقـائق اللغـويـة والإجتمـاعية والجغرافيـة والمصـير  ، إلا أن تجسـيد هـذا الإيمـان بإسـم رسـمي واحـد ينهـي مشـكلة التـجاذبات لايـزال  يواجـه مشـكلات صعبـة ، بسـبب الإنقسـامات المتوارثـة والأسـماء المتعـددة المتـداولة ، والتـي هـي في حقيقـتها تداعيـات حديثـة العـهد نسـبيا ،  امتـدت في مجـالات الحيـاة المختلفـة لأسـباب وظـروف خاصـة ،  وألحقـت أضـرارا  فادحـة بـأسـس الرابطـة القوميـة لشـعبنا ، وبحيـث تعـددت الأصـوات المنبثـقة عـن هذا الشـعب وتـباين  شـكلها عـند عـرض مطاليـبه لتـثبيتها رسـميا في القوانيـن الوطنيـة العراقيـة والإقليـمية  . . وقـد زادت  الأمـور تعـقيدا  بعـدما اختـلطت المصـالح السـياسية للعـديد  مـن تنـظيمات شـعبنا بالشـؤون المذهبيـة الدينـية واشـكالات  تـفسـيراتها وارتبـاطاتها بالأسـماء التـأريخية المماثلـة  .

       وإزاء هـذا الوضـع ، فـإن مصـالح الشـعب ( الكلداني الآشوري السرياني ) وحقوقـه ، هـي مـن مهمـات أطـراف هـذا الشـعب نفسـه  ،  إذ بالقـدر  الـذي يبـدو موحـدا في كلمتـه ومتـفقا في مطالبـه  تكـون اسـتجابة الآخـرين لـه ، ومـا الإخفـاقات التـي مـُني  بـها في تثـبيت حقـوقه الدسـتورية والإجتماعيـة ،  إلاّ  إنعكاسـا  لحـال  تبايـن المواقـف  في شـأن  الأطـر والتسـمية  التـي يقـتضي  أن تـقوم على أسـسها الحقـوق اللازمـة . .  إذ  كثيـرا مـا يسـأل الآخـرون عـند عـرض المطالـب عليـهم  :  هـل اتـفـقـتم  بيـنكم ؟ ! منـكم الإتفـاق ومـنّـا الإسـتجابة  .  .   إذن نحـن نتحمـل المسـؤولية وليس أحـد غيـرنا .
   
     واتسـمت مواقـف  زعـامات  شـعبنا  بالتـباين بيـن الإيجابيـة  والسـلبية . . فالأطـراف التي تـتعامل مع القضـية بمنظـور الواقـع الراهـن ، إلـتزمت   الإيجابيـة  المتسـمة  بالتـصرف الفعـال وتـقديـم التـنازلات  التـي  تـوفر أجـواء  الإتـفاق النجـاح   ، في حيـن أن السـلبية التي يغـلب عليـها التحـدي والإصـرار على الرأي والمقاطعـة الإبتـعادية عـن أطـراف أخـرى  ، مهـما كانـت أسـبابها وتبـريراتها ،  فهـي تسـبب في ضـياع  فـرص التـفاهم وتـترك الأمـور في خضـم حـال :  إمـّا  كـل شـئ أو لاشـئ  .  .   ومفـهوم لاشـئ  يقـود إلى الخسـارة الكاملـة  وربمـا الإنتكاسـة أيضـا ، وتتحمـل مسـؤولية ذلـك الأطـراف التـي تـتعمد المقـاطعة  ، لأن الأجـدى بـها أن تحضـر وتشـارك وتطـرح آراءهـا فقـد تـقنع الآخـرين فـي آرائـها أو يقـنعها الآخـرون بـرأيـهم ، أو تتـقارب  وجهـات النظـر لحـل توفيقـي يـذلل المصـاعب ويفـتح السـبل الممكنـة لهـدف الإتفـاق ،  وهـنا لسـنا في حاجـة إلى توجيـه الإتهـامات إلى جهـات معيـنة وإدراج الأسـماء ، لأنـنا نتـوخى مـن هـذا الموضـوع الحديـث بلغـة  المصلحـة العـامة  .

     إنّ  دروس السـنوات الأخيـرة  ،  تمنحنـا  الكثيـر مـن العـبر ،  فقـد  جـرت  محـاولات  لترسـيخ  شـمل  شـعبنا  ووحـدة  اسـمه  ، لكنـها واجهـت عقـبات أدت  إلى  اضمحـلال  الإتفـاق  في  شـأن قـراراتها ، مـا أسـفر عـن تمسـك أطـراف بـها إلى  حـد الإصـرار عليـها ،  وانصـراف أخـرى عنـها    واسـتمرارها  في  التـشـبث  بالتسـميات  العـدة المتـداولة ، وهـنا تـولدت القـناعـة لـدى قطـاع واسـع من شـعبنا بـأن الأسـلم في ردم الهـاوية هـو في ذكـر الأسـماء الثـلاثة الرئيسـية المتـداولة ( كـلداني آشـوري سـرياني ) على رغـم إشـكالات نوعـها في الإسـم الموحـد  والآراء المتـباينة في شـأن قوميـة كل التسـميات الواردة  فيـه ،  لكـن السـبيل يصـبح مقـبولا مـادام الوسـيلة الأكثـر إتاحـة للإتـفاق الـذي هـو الهـدف الأسـمى لتـطويق التـشـتت  الـذي سـبـبته العـهود العجـاف  .

   إن المهـم لـدى القطـاع الأوسـع مـن شـعبنا ، هـو ملازمـة الموضـوعية تجـاه كـل الأطـراف وتجـنب الإنحيـاز لأي منـها ، لأن  الصـوت السـاعي للإتفـاق هـو الأكثـر فعـالية في جمـع شـمل الأطـراف ووضـع أسـس التـفاهم بيـنها ، وذلـك مـع ثـقـتنا بـأن كـل فـرد مـن شـعبنا لـه رأيـه وقـناعاته التـي يعـتز  بـها ، ولكـن المصلحـة العـامة والقضـايا المصيـرية تهـون معـها الآراء والقـناعات الخاصـة ، مـادامت تـوفر الفرصـة لتـعزيز الوحـدة وترسـيخها والسـلامة العـامة لشـعبنا بكـل إنتـماءات أفـراده وتصـون مصـير الأحفاد  كقـوم متميـز يعتـرف الآخـرون بوجـوده وخصـوصياته المتـميزة .

       وفـي كـل الأحـوال فـإن تجـارب الأحـداث أكـدت ، أن  أبنـاء شـعبنا  ،  مهـما اختـلفوا  بيـنهم  ،  فـإنه  لـن يسـودهم  العـداء  لأنـهم ينتـمون إلى عائلـة متـوارثـة واحـدة  بكـل  خصوصـياتها  ،  وقـوة  أي  عائلـة  وعـلو شـأنها  ونفـوذ صـوتـها  ،  هـي  إنعكـاس  لمـدى الإحتـرام  المتـبادل  بيـن  أفرادهـا  وتوحـدهم  بـأتجـاه  كـل مـافيـه  الخيـر  والصـلاح  . . ولاخيـر وصـلاح  لشـعبنا  اليـوم  أفضـل  مـن  تكاتـفه  وإعـلاء  شـأنه بتـرسـيخ وحـدته وضمـان سـلامة  مصـيره  .  .

53
سـؤال إلى يونادم كنـا ينتظر توضيحـا
ــــــــــــــــــــ
جميــل روفـائيــل
ــــــــــــ

      تـرددت بعـض الشـئ في نشـر هـذا الموضـوع وأجلتـه لأكثـر مـن شـهر منتـظرا أن ألاحـظ مـا يـناقض مضمونـه ، وأخيـرا أيقـنت  بـأن الأمـانة للفكـر القـومي الخـاص بشـعبنا ومآثـره ومسـتـقبله  وسـبله الوحدويـة الصائبـة تسـتوجب عـدم السـكوت ، والسـؤال يخـص الأسـتاذ يونـادم كنـا مـن خـلال موقعـه في رئاسـة " الحركة الديمقراطية الآشورية "  ومكانتـه في البرلمـان العراقي ولجـانه . .

 والسـؤال  هـــو  :
حدثـني مصـدر مطلـع ، وموثـوق لـديّ  شـخصيا ، أثنـاء وجـودي في العـراق في آذار الماضـي ،  بحصـول اتـفاق بيـن السـيدين يونـادم كنـا  ( عضـو لجنـة تعـديل الدسـتور العـراقي )  وابلحـد أفـرام ( عضـو مراقـب في اللجنـة )  بعـدم إثـارة أي طلـب لـدى اللجـنة لإجـراء تعـديل بمـا ورد  بخصـوص المجـال القـومي لشـعبنا في الدسـتور العراقي ( ، والكلدان والآشوريين ، ) في المـادة الدسـتورية  الخاصـة بذلـك ، التـي نصـــها :
"   يضمـن هـذا الدسـتور الحقـوق الإداريـة والسـياسية والثـقافية والتعليميـة للقوميـات المختـلفة كالتركمـان  ،  والكلـدان والآشـوريين  ،  وسـائر المكونـات الأخـرى ، وينظـم ذلـك  بقـانـون  .  "  .

     وإنـني  ، إذ  أوجـه  هـذا السـؤال لخطورتـه فيـما يتـعلق  بـإصـرار الأسـتاذ  كنـا على الأسـم الموحـد (  الكلـدوآشـوري ) أو ـ أخيـرا ـ  ( الكلـدوآشـوري السـرياني ) وأيضـا لمـا نسـمعـه مـن حـرص الأسـتاذ  كنـا والحركة الديمقراطية الآشورية ، على وحـدة شـعبنا واسـمه الموحـد ، فإنـني أرى مـن الضـروري وضـع النـقاط على الحـروف في شـأن مـاسـمعتـه بخصـوص هـذا الإتفـاق ،  الـذي ـ  إن هـو تـمّ  حقيقـة ويجـري الإلتـزام بـه  ـ فهـو  ينـاقض  كليـا مـاهـو معـلوم ومعلـن مـن مواقـف الأسـتاذ  كنـا والحركة الديمقراطية الآشورية في مجـال وحـدة شـعبنا واسـمه الموحـد ، خصـوصا أن  الشـخص  المطلـع كشـف لـي عـن هـذا الإتـفـاق  بحضـور نحـو عشـرة أشـخاص  ،  وأكـد لـي مـرارا  مـن خـلال استـيضاحي لـه :  أنـه واثـق مـما يقـوله  ومطلـع  بالكـامل  على كـل مضـامين الإتـفـاق  ، وينقـل لـي الحقيقـة  بعيـنها  . 

 وهنـا ، لاحاجـة لـي لتوجيـه  السـؤال  إلى الأسـتاذ  أبلحـد  أفـرام  ،  لأن مواقـفه  معـروفة هـو  و  "  حزب الإتحاد الديمقراطي الكلداني  "  في هـذا المجـال ، فهـو ، وإن كـان أحيـانا يرتضـي بالأسـم الموحـد  (  كلـداني آشـوري سـرياني )  إلاّ  أنـه  كمبـدأ  يفضـل  (  على الأقـل في المرحلـة الراهنـة  )  إسـم ( الكلـدان )  قوميـة منفصـلة  ، وهـذا  الموقـف  ينطبـق  مـع  الحفـاظ  على  النـص  الدسـتوري  الحـالي  الـذي  يجعـل شـعبنا قوميـتين ( كلـدانية )  و ( آشـورية  )  والحفـاظ  عليـه وعـدم  إجـراء أي تعـديل  فيـه   . 

 أمـا  الأسـتاذ  يونـادم  كنـا  ،  فـإنه  كمبـدأ  ، مـع الحركـة الديمقراطية الآشورية ،  التـي  تلـتزم  الخـط  الوحـدوي  لشـعبنا  ،  وتـتمسـك  ،  حتـى  الوقـت  الحـاضر  ،  بالإسـم  الـذي  تبـناه   (  المؤتمـر العـام  الكلداني السرياني  الاشوري ) الـذي انعـقد  ببغـداد  في الفتـرة مـن 22 ـ 24 / 10 / 2003  ،  وهـذا يعـني أن مواقـف  الأسـتاذ  يونـادم  كنـا  في كـل المجـالات  الرسـمية  ينـبغي  أن  تكـون  ضمـن  هـذا  المبـدأ  الوحـدوي  للحركـة  . 

ومـع  اعـتزازي الشـخصي ،  أولا  بقـوميتي الآشـورية   كمـا  هـي  حـال الكثـير  مـن  أبنـاء  شـعبنا  ،  وثانيـا تـأييدي  للأسـم الموحـد  (  الكلدوآشوري )  حـال الإعـلان  عنـه  ولازلـت  غيـر  معـترض  عليـه كأسـم  موحـد  ،  وثالثـا  ولكـن أنـا أؤمـن  بخطـأ  النظـر إلى  القـومية  كـأمر  مـوروث  جـامد  في كـل المراحـل وهـذا مـن دون شـك يتـفق  أيضـا  مـع تبـني  الحركـة  الديمقراطية الآشـورية  للأسـم  الموحـد  (  الكـلدوآشـوري  )  وعـدم  اصـرارهـا   على الإسـم المـوروث  (  آشـوري  )  لضـرورات متطلبـات  وحـدة شـعبنا  في  المرحلـة  الراهنـة  .

ولهـذا  ـ  بحسـب  رؤيتـي  ـ  مـاهـو الضـرر  بتـبني  الإسـم  الموحـد  الأكثـر  قبـولا  ( كلداني سرياني آشوري ) خصـوصا أن الحركـة  نفسـها  أضـافت  أخيـرا  إلى (  الكـلدوآشـوري  )  الـذي  تبـناه مؤتمـر  2003  كلمـة  (  سـرياني  )  وأصبحـت  لاتمـانع  بـأن يكـون  الإسـم  الموحـد  (  الكـلدوآشـوري السـرياني )  الـذي  بـات  يقـتصر  اسـتخدامه على الحركـة ومؤيـديها  وهـو  قـريب  جـدا  مـن (  كلـدان آشـوريين سـريان  )    ،  وعلمـا  أيضـا  . . أن السـيد  يونـادم يوسـف كنـا  اسـتخدم  في إيضاحـه  المنشـور في موقـع (  شـبكة  زهريـرا الإخبـارية )  مع السـيد أبلحـد أفرايـم  سـاوا  الخـاص بإقصـاء تمثيـل شـعبنا من مجلـس المفوضيـة العليـا المستـقلة للإنتخـابات  بتـأريخ 28 / 4 / 2007 ، عبـارة ( مرشـح  شـعبنا الكـلداني السـرياني الآشـوري ـ المسـيحي ـ )  فـإذا كـان هـذا ممكـنا فـي مثـل هـذا الإيضـاح ، فلمـاذا الإصـرار على رفضـه ومقاطعـة  الحركـة للإجتماعـات الخاصـة القـائمة  بيـن العـديد مـن الأحـزاب الوحـدوية  لتبـني الإسـم الموحـد ( كـلداني آشـوري سـرياني ) في كـل مـن الدسـتورين : الفيديـرالي العـراقي وإقلـيم كردسـتان ؟ !  .

 وبالمناسـبة  ، فـإنـني  أود  التـأكيد  على  عـدم  وجـود  أي خـلاف شـخصي لـي مـع السـيد  يـونادم  الـذي  أكـن لـه كـل  الإحتـرام  والتـقدير ، وقـد  أيـدته  في  مواقـف  لـه  وعـارضته  في  أخـرى  ،  وكـل  ذلـك  إنطلاقـا  مـن نظـرتي  الخاصـة  إلى  أمـور  شـعبنا  القوميـة وقضـية  وحدتـه  واسـمه  الموحـد  ،  والموقـف  نفسـه  سـبق أن إتخـذته  مـع  مختـلف  شـخصيات  شـعبنا الحزبيـة والرسـمية  والفكـرية  والدينـية  ،  فـأنا  مـع  حقـّهم  عـليّ  كـكاتب قـومـي   بـأن  أكـن لهـم الإحتـرام  والتـقـدير  ،  ومـن  حقـي أيضـا  عليـهم  أن  أبـدي  رأيـي  في  مواقـفهم  تجـاه  قضـايا  شـعبنا القوميـة  ،  مـع  موقـفي  الراسـخ  بالمعـارضة  الكاملـة  لأي  شـخص  أو  جهـة  باسـتغلال  الأمـور القـوميـة  لمصـالح  دينـية  أو  مذهبـية  أو  مـزايدات  حزبيـة  وسـياسية  ،  أو خلـط  القـوميـة بالديـن  والمـذهب  الدينـي  ،  أو  خـلط  القـومية  بالأحـزاب والسـياسة  ،  لأن القـوميـة مبـدأ  اجتـماعي  متـعلق  بالأمـة  الواحـدة كلهـا وبكـل مكونـاتها  ومـوروثها  بصـورة  عـامة  ،  وشـتان  مـا بيـنها  وبيـن  الإتجـاهات  الدينـية  وتشـعبات  مذاهبـها  أو  الأحـزاب ومسـالك السـياسة ودروبـها  المعـلومة  الخاصـة  بـها لتحقيـق  أهـداف العـامليـن  في  أمـورهـا . 

وفـي كـل الأحـوال  ، وبـانتظـار توضـيح  الأسـتاذ  يونـادم  كنـا أو  القســم الإعـلامي  المركـزي  للحركة  الديمقراطية  الآشورية  ،  وبشـكل مـحدد  وكـامل على  مـاورد  في سـؤالنا  ،  وثـمّ  لـنا  عـودة  إلى  الموضـوع  نفسـه  ، وطبعـا في حـال ـ وهـذا لانتـوقعـه  ـ عـدم  التوضـيح مـن الأسـتاذ  يـونادم  أو الحـركة ضمـن  فتـرة  معيـنة  مناسـبة  ،  فيعـني  ذلـك  أن  من حقـنا  اعتـبار  مـا سـمعـناه  في  شـأن  الإتـفـاق  بيـن الأسـتاذين يونـادم  وأبلحـد  مؤكـدا  ،  وحيـنئذ  سـنقـول كلمـتنا  الواضحـة وبكـل  موضـوعية  وصـراحــة  . 

54
يومـان مع سركيس أغاجـان والحقيقة
ــــــــــــــــــــ

جميــل روفـائيــل
ــــــــــــ

عـندما عـدت مـن العراق في تشـرين الثـاني الماضـي ، كتبـت مواضـيع في الصحـف والمواقـع بخصـوص الوضـع الـذي وقـفت على حقيقـته في شـمال العراق ، واتصـل بـي العـديد مـن الأصـدقاء طالبيـن عقـد  لقـاء معـي مـن خـلال البالتـالك ، ولبـيت طلبـهم ، وأشـرت إلى إنجـازات مهمـة في بنـاء قـرى شـعبنا المدمـرة ، منـها التي زرتـها  :  بيرسـفي وفيشـخابور وديره بـون وديـانا ، وإعـادة أهلـها إليـها الذيـن وجدتـهم يعبـرون عـن إمتـنانهم للسـيد سـركيس أغـاجان مـن خـلال إشـرافه على الهيئـة التي تـتولى هـذه الإنجـازات المهمـة بروعـتها لشـعبنا في مرحلتـه المصـيرية الراهنـة .

وعـقـّب صـديق من بيـن الموجوديـن في لقـاء البالتـالك قائـلا : أكيـد أنـك تأثـرت بالسـيد سركيـس أثنـاء لقائـك معـه ؟  فأجبـته : لـم ألتـق مع السيد سركيس ولـم أراه وجهـا لوجـه حتى هـذه اللحظـة ، رؤيتـي لـه هـي فقـط مـن خـلال صـوره المنشـورة ، كمـا يـراه غيـري من النـاس ؟
         فـردّ  الصديـق : كيـف يمكـن أن تكـون 45 يومـا في شـمال العراق ولـم تلـتق السـيد سركيـس ؟  أجبتـه : ثـق لـم ألتـق بـه إطلاقـا ، على رغم أنـني قصـدت أربيل مرتيـن ، وأقمـت نـدوة في " جمعيـة الثـقافة الكلدانية في عـنكاوا " وقضـيت أيـاما عـدة في عنكـاوا ، التـقيت خلالهـا رؤسـاء ومسـؤولين قـياديين في أحـزاب شـعبنا ، إضافـة إلى نـواب في البـرلمانيـين الفيديرالي العراقي والإقليمي الكردستاني وشـخصيات قوميـة وثـقافية واجتماعيـة لشـعبنا ، ولـو شـئت لربمـا تمكـنت مـن اللقـاء بـه ، وذلـك إعتـمادا على عملـي الصحافـي في  " جريدة الحيـاة " والشـخصيات القريبـة منـه التي إلتـقيتها ، ولكـن لـم  أجـد ضـرورة   للقائـه لمجـرد اللقـاء مـن دون حاجـة ماسـة لذلـك ، والأخـذ مـن وقتـه الـذي ينبغـي مراعـاتـه   لمهماتـه الكثيـرة كوزيـر ماليـة في إقليـم كردسـتان ، والإشـراف أيضـا على  شـؤون تخـص المسـيحيين .

وقـال الصـديق بنـوع مـن العصـبية : كيـف يمكـن أن أصـدق بـأن جميـل روفائيـل لـم يلتـق سركيس أغـاجان خـلال وجـوده في أربيـل ؟ فأجبتـه : لـك يـاأخي  الحريـة والخيـار ، بـأن تصـدق أو لاتصـدق ، ولكنـني ثـق أقـول لـك الحقيقـة  .

 ومـرت الأيـام ، حتـى كـان آذار الماضـي ، ومشـاركتي في المؤتمـر ( الكلداني السرياني الآشوري ) في عـنكاوا ، وفـي قـاعة حديـاب حيث عـقـد المؤتمـر ، صـادف جلوسـي في الصـف الأول الـذي كـان يجلـس فيـه السـيد سـركيس ، وكنـت قريبـا منـه ، حيـث لـم يفصـلني عـنه سـوى الأخـوة بهنـام البـازي وبنيـامين حـداد وجـلال يلدكـو ، وعـندما ألقـيت مداخلـتي في الجلسـة الأولـى  ( المسـائية ) المخصـصة لمحـور ( توحيـد خطابنـا القومـي قضـية مصـيرية ) لاحظـت أن السـيد سـركيس يصغـي إلـيّ  بـانتـباه كبيـر ، ومـع إنتـهائها وجـدته يصـفق لـي بحـرارة ، وتـقديرا لموقـفه هـذا أثنـاء إلقـاء كلمتـي ، توجهـت أولا نحـوه وصـافحتـه وتحـدثت معـه نحـو 15  ثانيـة قلـت فيـها : أنـا الصحـافي . . . ، فـردّ  :  أعـرفك  جيـدا مـن كتاباتـك الصحافيـة ومواقـفك القوميـة ، فشـكرته ، وثـم عـدت إلـى مقـعدي الذي يبعـد عنـه نحـو متـرين   .

ولـم أتحـدث ثانيـة مـع السـيد سـركيس أغـاجان ، كمـا لـم ألتـقط معـه أي صـورة ـ باسـتثـناء الصور المـأخوذة خـلال أعمـال المؤتمر والتي أظهـر في العـديد منـها بقـربه في الصـف الأمـامي الأول للحضـور ـ  على رغـم أن عشـرات المشـاركين في المؤتمـر التـقطوا صـورا معـه  خلال فتـرات الإسـتراحة بيـن الجلسـات  ومـن دون أي صعـوبة ، وكـان في مقـدوري أن أنضـم  متى أشـاء إلى الذيـن يقـفون معـه مـن أجـل الصـور ، ولـم أفعـل ذلـك لأنـني لـم أجـد حاجـة ،  كـرأي شـخصـي لاغيـر ،  لأكـون ضمـن صـور جماعيـة معـه مـن هـذا النـوع  . . ولكنـني خـلال يومـي المؤتمـر كنـت أتابعـه بنهـج الصحافـي الذي يقيـّم الأمـور مـن وسـائل  الملاحظـة العـامة .

واظـب السـيد سركيس أغـاجان على حضـور كـل جلسـات المؤتمـر ، وكـان يأتـي إلى القاعـة قبـل بدء الجلسـة  بوقـت مناسـب ولا يغـادر إلاّ  بعـد إنتـهائها ،  ولـم يتـدخل بحسـب مـا رأيـت أو سمعـت إطلاقـا بـأي أمـر يخـص المؤتمـر وسـير أعمالـه ، ولاحظتـه يتابـع كـل مـايجـري في المؤتمـر كمشـارك مسـتمع لاغيـر ،  وكـان منسـجما مـع المشـاركين بصـورة طبيعـية لـم أجـد فيـها أي تصـنع أو تكلـف .

 لكنـه ، بعـدما أنهـى المؤتمر كـل عملـه وتهيـأ المشـاركون فيـه لمغـادرة القاعـة ، طلـب منـه عـدد مـن الحاضـرين  إلقـاء  كلمـة ، فاسـتجاب وألقـى كلمـة باللغـة السـريانية ، مسـتخدمـا اللهجـة العـادية المتـداولة  في مناطـق شـقلاوة وديانـا ، وهـي لهجـة شـخصيا افتـهمتها بصـورة جيـدة ، لكـن اللافـت ، كمـا لاحظـت ،  أن الكلمـة  لـم تصـوّر تلفزيونيا أو تسـجل ، على رغـم أن كاميـرات التلفـزيونات  سجلـت الجلسـة الختاميـة كاملـة ، لكنـها توقفـت عنـدما توجـه لإلقـاء كلمتـه ، وربمـا كـان ذلـك بطلـب منـه ومـن دون أن أعـرف شـخصيا السـبب ، كمـا أنـني لـم أستـفسـر ، لأنـني أعتـبرت الأمـر من شـؤونه الشـخصية .

وبكلمـة حـق ، أقـول :  شـخصيا وجـدت كلمتـه قوميـة ( كلدانية سريانية آشورية ) بأفضـل مـا يكـون ، فقـد تطـرق فيـها ـ كمـا لاأزال أتذكـر ـ إلى ضرورة أن يلتـزم الإنسـان ( الكلداني السرياني الآشوري )  ـ  ومـن دون أن يضـيف  كلمـة سـورايـا التـي وردت  فـي البـيان الختـامي للمؤتمـر ـ  بمصلحـة أمتـه ويعتـز بكـل مـا يتـعلق بـها ويضعـها في المجـال الأول لقـناعاته ، لايضحـي بمصالحهـا سـواء من أجـل التـقـرب للآخـرين أو إكتسـاب  المنصـب أو الأمـور الذاتيـة . .  وأكـد على أهميـة وحـدة شـعبنا القوميـة وحصولـه على حقوقـه كاملة وترسـيخ مستـقبله في أرض آبـائه وأجـداده ، واعتـبر العمـل في هـذا المجـال هـو الوسـام الأسـمى لكـل فـرد من شـعبنا . . وشـدد على وجـوب أن يتمسـك كـل فـرد من شـعبنا بقوميـته ، وأن لايضحـي بـها ويقـوم بتـغيـيرها إلى قوميـة أخـرى من أجـل تحقيق غـايات شخصـية .

وخـارج أروقـة مؤتمـر عـنكاوا ،  رأيـت بعيـني وسـمعت بـأذني انجـازات السيد سركيس أغـاجان  في إعـادة اعمـار  قـرى شـعبنا التي دمـرها النظـام البعثـي العنصـري وتوفيـر متطلبـات الحيـاة العصرية فيهـا مـن كنائس وقـاعات ومولـدات كهـرباء وشـوارع معبـدة   ـ  و بكـل تـأكيـد أن متطلبـات المصـاريف ليسـت من جيبـه وإنمـا مـن جهـات دوليـة مانحـة ، يتـردد في أوسـاط شـعبنا في الداخل ،  أنـها منظمـات مسـيحية حـددت الإطـار العـام للصـرف وأوكلت الأمـر إلى السيد سركيس لمكانـته في حكومـة اقليـم كردستان وعـدم إنتمائـه إلى جهـة سـياسية لشـعبنا ، وهـذا أدونـه بنـاء على ماسـمعته شعبيـا وليس رسـميا  ،  وقـد سـمعـت أيضـا مـن مصـادر موثوقـة أن أحـزابـا آشـورية وكلدانيـة اتـفـقت  على تـولي المهمـة بلجنـة مشـتركـة بيـنها وفاتحـت الجهـات المانحـة التـي رفضـت هـذه اللجنـة مؤكـدة اسـتمرار ثـقـتها بالسـيد سـركيس  ـ   وكـذلك  إعـادة أراضيها الزراعية  وبسـاتينها إلى أهلـها الأصليـين مـن شـعبنا واخـراج الذين استوطنـوها من خلال السـعي لدى حكومة اقـليم كردسـتان باعطائـهم التـعـويضات وحـل مشـاكلهم بـإعادتهم هـم أيضا إلى قـراهم الأصليـة . . ولكـن طبعـا أن  حـل مشـاكل المسـتوطنين من غيـر شـعبنا لاتـزال في بعض القـرى مـن دون إنجـاز  كامـل ، إلاّ  أن  الكـل يؤكـد أنـها تجـري بشـكل جيـد نحـو الحـل النـهائي .

و كمـا لاحظـت خـلال جـولاتـي  فـإن  ترتيـبات عـودة أبنـاء شـعبنا  وحـدها  لاتكفـي ، خصـوصا أن عـدد العـائلات هـو الآن  أضـعاف مـا كـانت عليـه هـذه القـرى بالأصـل ، فمثـلا فيشـخابور كـان فيـها 73  عائلـة عـندما دمـرها البعـثيون عـام 1975  ، في حين أن عـدد العـائلات التي عـادت إليـها زاد  عـن 200 عائلـة والعـدد في زيـادة متـواصلة ، ولأن  سـكان هـذه القـرى كـانوا  قبـل ترحيلـهم  يعـتمدون  فـي توفيـر متطلبـات حياتـهم على الزراعـة بدرجـة رئيسـية ، وأن الأراضـي هـي نفسـها فـي حيـن أن عـدد السـكان وحـاجاتهم تـزايـدت أضـعاف مـا كـانت عليـه سـابقـا ، فمـن المحـال عـلى محصـول  هـذه الأراضـي بوضـعه السـابق  تـلبيـة حـاجات  العـدد المضـاعف مـن العـائدين إليـها مـا يتـطلب إيجـاد مجـالات عمـل أخـرى إلـى جـانب الزراعـة لضـمان إستـقرار العـائديـن فيـها ،  وهـذا لـن يتـوافر إلاّ  مـن خـلال  إيجـاد مشـاريع انتـاجية  توفـر العمـل والعيش والإستـقرار الدائـم في هـذه القـرى . 

ومـن هـذه المشـاريع ،  على سـبيل المـثال  لا الحصـر :  معـامل عصـير الطماطـة والفـواكـه والطحيـنية ( الراشـي )  وزيـت الزيتـون ، وفتـح آبـار ارتـوازيـة مجـانيـة  في أراضـي  مـن يرغـب  بانشـاء مـزارع  وحقـول دواجـن وتربيـة الخـراف والعجـول والنحـل ، وأيضـا معامـل للخيـاطة والجلـود وأحـواض تـربية الأسـماك ، ومشـاريع  سـياحية  خصـوصا فـي الأماكـن  التـي توجـد فيـها أديـرة وكنائـس أثـرية وبقـايا تـأريخية مهمـة .

وهـذا  لايعـني الطلـب مـن السـيد سـركيس  بتـنفيذ  كـل هـذه المشـاريع ، لأنـه محـال ، ولابـدّ  مـن تعـاون مـن يمـلك إمكانـات ، سـواء مـن الموجـودين  داخـل العـراق أو المغـتربين ،  بتشـغيل أمـوالهم في مشـاريع انـتاجيـة فـي قـرى وبلـدات شـعبنا المختـلفة ، وقـد  رأيـت بـادرة مهمـة فـي هـذا المجـال فـي ألقـوش حيـث تـم  حفـر عـدد  مـن الآبـار الإرتـوازيـة والبـدء بـإقـامة  مشـاريع مـن خلالـها بيـنها زراعـة المئـات مـن شـتلات أشـجار الزيـتون ، وسـمعـت مـن أخـوة ينتـمون إلـى  ألقـوش وتللسـقف ومناطـق العمـادية وغيـرها الذيـن حضـروا مؤتمـر عـنكاوا أنـهم بصـدد إقـامة مشـاريع فـي مناطقـهم  ،   وآمـل أن يفـوا  بمـا أكـدوا لـي أنـهم سـيقومـون بـه .

الحقيـقة ، أنـه لاحظـت أعمـالا  إنشـائية  تخـص مبـاني لجهـات دينـية في ألقـوش وبلـدات وقـرى أخـرى في سـهل نيـنوى ولـم أتـناولـها ، لأنـني لـم أسـتطع معـرفة الجهـة التـي تـنـفـذها ، وقـد أتطـرق إليـها مستـقبلا ، إذا  وجـدت أهميـة لذلـك .

55
انفجـار تللسـقف . . الدروس والعبـر
ــــــــــــــــــ
جميــل روفـائيــل
ــــــــــــ

 أحـدث الإنفجـار الإرهـابي الـذي اسـتهدف  تللسـقف الإثنيـن 23 نيسـان أضـرارا جسـيمة في هـذه القريـة الوديعـة ذات الأكثـر مـن إثـني عشـر ألـف   سـاكن حاليـا ، التـي أنـا منـها ، ومـن تـاريخها الحـافل بالقـدم والتـراث والأحـداث ، وإصـالتها فـي الحـب الدائـم للعمـل والعـلاقات الطيـبة مـع الجيـران . . لكـن الإرهابيـين ، رغـم كـل هـذا  فقـد ارتكبـوا بحقـها أشـنع جـرم لايمكـن أن يقبـل إثمـه غيـر الـذين آثـروا ظـلام أحلـك عهـود الجهـالة ، واشـهروا العـداء للتـأريخ والعمـل والإنسـان .

وحـفـز  الإنفـجار الإجـرامي في تـللسـقف ، كـل البـلدات والقـرى التـي كانـت توصـف ( بالآمنـة ) إلـى مراجعـة حسـاباتها الأمنيـة  وسـد  كـل ثغـراتها التـي يمكـن أن يتسـلل الإرهابيـون منـها  ، لأن الإرهـابيين لايدركـون مفاهيـم احتـرام الوداعـة والطيـبة ، فقـد دلـت المعـلومات على أن المجـرم الأنتحـاري سـلك بسـيارته ذات الهيـئة  التجـارية الطـريق الجنـوبية التـرابية للقـرية المؤديـة إلى أراضـيها الزراعيـة الخاليـة مـن المراقبـة ، إنــه أسـلوب غـلاة اللصـوص الذيـن لاوازع ذمـة لهـم ولاشـفقة انسـانية لديهـم ، وإزاء  هـذا يقـتضي الأخـذ بمـا يؤكـده حكماؤنـا في شـأن الحـذر الدائـم مـن اللـص لأنـه خبـيث لاموعـد ولانهـج لـه ، ويدعـونه ( حـرامي ) لأنـه ينـتهك كـل المحرمـات والذمـم ويعـتدي على كـل الممنوعـات والحصانـات . . فالأمـر صـار يتطـلب اليقظـة والإنتـباه والتـيقظ والإستـعداد والتـأهب للوقايـة والإحتـراز . . فـدرس تللسـقف بليـغ وعبـره تسـتوجب الحـذر الحـذر .

    تسـبب الإثـم الإرهـابي في تـللسـقف ، بخسـائر كبيـرة في الأرواح والممتـلكات ،  إلاّ  أنـه  أيضـا أفـرز الصـورة البشـعة لمرتكبيـه ، فهـو دلّ  على أن همـهم القـتل مـن دون حـدود أو  تشـخيص للهويـة ، فقـد امتـزجت دمـاء رجـال ونسـاء وراهبـات وأطفـال تللسـقف مـع أشـقائهم مـن الأقـوام والأديـان الأخـرى ، منـهم عربـي مسـلم مـن قريـة قريبـة مـن تللسـقف وإيـزيدية مـن  قـرى سـريشـكة ودوغـات والجراحيـة وكـرد مـن مـدن وقـرى عـدة ، ومسـيحيون مـن بلـدات بعيـدة عـن تللسـقف . . لأن الإرهـاربييـن  هويـتهم الإيغـال في الإجـرام وهمهـم قتـل كـل إنسـان وإفنـاء كـل حيـاة . . ولكـن هيـهات لهـم أن يفلحـوا في طيشـهم   لإحبـاط عـزائم  إرادة  البـقاء ، وتللـسـقف شـاهـد قـريب على  خيـبتهم  وخـذلانـهم .

     فـقـد أظهـر الإجـرام الإرهـابي ، في الوقـت نفسـه ، عظمـة المقـت الشـعبي لـه ، إذ تـدفقت على الفضـائيات والمواقـع الإعـلامية وأهـل تـللسـقف آلاف رسـائل الإسـتنكار والتـضامن ، وهـذا  مؤشـر على  أن أعـداء الحيـاة لايفلحـون ولـن يفلحـوا ، لأنـهم يحـاولون التـشـبث بالعجلـة المناقضـة للقيـم وحتميـة التطـور والديمومـة للأصـلح ، فتـللسـقف راسـخة الجـذور وأهـلها أصــلاء ـ كمـا تؤكـد مكتشـفاتها الأثـرية ويحكـي تـأريخـها ـ مثـل شـقيـقاتها العـريقـات في جـوارها ، منـذ بـدأت الحضـارة تزدهـر في سـهل نينـوى وعظمـة الآشـوريين تسـطع ، وظلـت شـامخة بعمـرانها وإنسـانها ، على الرغـم مـن إضطـهادات محمـود غـازان وحماقـات تيمـورلنك وسـيوف نـادر شـاه وأوبئـة الطاعـون . . وسـتـبقى كـذلك متحـدية حقـد الإرهـاب والإرهابيـين  .

    وشـتان مابيـن  بيـن محبـي الحيـاة وكارهيـها ، فلـم يمـر غيـر يوميـن ، حتـى أخـذت  جـروح تللسـقف تـنـدمل وتشـفى ، ولـم يبـق منـها غيـر الذكـرى الأليمـة على الضحـايا وبـؤس الإرهـاب ، فعـادت الحضـارة  والكهـرباء ومـراكز الأنتـرنيت وموقـع تللسـقف الـذي ينطلق مـن داخلـها  والمحـلات التجـارية والمنظمـات الإجتماعيـة والثـقافية والسـياسية وابتسـامات أطفـال الإبتدائيـة وروضـة الراهبـات الذيـن لـم تسـلم بـراءتهم مـن الشـر اللعـين . . نعـم عـادت ابتسـامات أطفـال تللسـقف  وهـم يحـدقون  إلى  المسـتقبل الـذي سـيكونون هـم وأشـقاؤهـم الذيـن سـيولدون ،  جيلـه المقبــل .

     مـوتـوا بغـيظكم  أيـها الحاقـدون ، فـإن كـل مـافـي بـلدات وقـرى ومـآثر شـعبنا مـرّت  عليـها العـواصف الهـوجاء ، لكنـها تجـاوزت محـنـها وبقـيت رائعـة ، لأنـها قـائمـة على كـل مسـتلزمات المجـد والصـمود والبقـاء ، وسـتبقى كذلـك أبــد  الدهـر ، عـامرة بالحيـاة والعمـل والخيـر والمسـتـقبل ، زاهـرة بحقـوقها وعليـائها . . ونحـن لانـأمل وإنـما  نعـرض صـورة الأمـر الواقـع . .  وعـودة الحيـاة بكـل مباهجـها ، مـن دون نسـيان الضحايـا والعبـر ، إلى تللسـقف خـلال يوميـن ، يجعـلنا نـردد اليـوم ودائمـا :  مـوتـوا بغـيـظكم   وسـخطكم  أيـها الحـاقدون على تللسـقف وشـقيقاتـها مـن بلـدات وقـرى شـعبنا  وأخـواتها مـن بلـدات وقـرى الشـعوب الأخـرى المرتبطـة معـها بالحيـاة والمصـير ، مـوتـوا بغيـظـكم لأنكـم وحـدكم الخاسـرون . 

56

المعلوم وغـير المعـروف في مؤتمر عـنكاوا
ـــــــــــــــــــــــ
جميـل روفائيـل
ـــــــــ

        عـندما نشـرت موضوع  ( الغـالب والمغـلوب في مؤتمـر عـنكاوا ) أردت التـأكيد على أهمية المؤتمر بالرغـم مـن النواقص والسـلبيات التي أحاطـت بـه ، لأنـه بالحقيقـة كـان تجمعـا شـاملا متـنوعا ، وإن كـان التجميع فيـه غيـر ممثـل كمـا هـي عليـه الحـال الواقعيـة . . فهـو لـم يكـن لجهـة سـياسية معيـنة أو طائفـة مذهبيـة خاصـة أو  فئـات خياليـة التطـرف والتشـدد ، وخـرج بنـتائجه غيـر فاشـل أو خائـب ،  ومـع أن تسـمية ( سـورايا ) وردت في بيـانه الختـامي ـ بتـقديري ـ نقطـة سـوداء ، لأنـها دينـية أُقحـمت في المجـال القومـي  دون وجـه حـق ، إلاّ  أن مضـمون البـيان ـ وآمـل أن يقـرأه الكـل بإمعـان وحياديـة ، فهـو منشـور في آخـر هـذا الموضـوع  ـ احتـوى على أمـور ذات أهميـة كبيـرة في المرحلـة الراهنـة لشـعبنا ( الكلدانـي السـرياني الآشـوري ) .

         وتـأتي كتابـة هـذا الموضـوع ، توضيحـا لمواضيـع نشـرت في المواقـع ، موجهـة إلى مواقـفي مباشـرة ، كمـا هي الحـال مع موضـوع أخ فاضـل  نشـره بعـنوان ( الأسـتاذ جميل روفائيل جئتـك معـاتبا وربـما غيـري سينتـقـدك ) ومواضـيع أخـرى أشـارت إلى مواقفـي تلميحـا ، إضافـة إلى رسـائل بالأنترنيـت ومكالمـات هاتفيـة عـدة اسـتلمتها مـن أصـدقاء أعـزاء ، بعضـها معـاتب ، وغيـره مؤيـد ، وقسـم مطالب بالمزيـد مـن الإيضـاح لمـا جـرى في داخـل المؤتمـر وبيـن المشـاركين فيـه .   .  وسـأحاول  في هـذا الموضـوع إلقـاء ما   أسـتطيع مـن أضـواء في إطـار مـن الصراحـة ونقـل الحقائـق .

     وأرجـو أن يعلـم الجميـع ، أنـني عـندما أتحـدث عـن قضـايا شـعبنا ، في المؤتمرات واللقـاءات والكتابـات ، فـإنني أنطلـق مـن فكـري القـومي الـذي أؤمـن بـه ، وهـو : إقـتناع ذاتـي راسـخ مبنـي على أدلـة بالقوميـة الآشـورية ، ولكن مـع الإنفـتاح على القنـاعـات الأخـرى  بمـا فيـها  المخالفـة لـي ، والثـقة الكاملـة بـأن مرحلتـنا الراهنـة تتطلـب ترسـيخ وحدة شـعبنا اجتماعيـا وقوميـا واسـما رسـميا واحـدا متـفقا عليـه مـن قبـل الغـالبية إذا تعـذر ضمـان الكـل ، ويبـدو أن الأكثـر انسـجاما ـ راهنـا وظـرفا حاليـا ـ هـو مايجمع في إطار واحـد ( الكلدان الآشوريين السريان ) ولـن يشـكل هـذا الجمـع (  تسـمية مركبـة ) كمـا يحلـو للبعض أن يـُروج ، وإنمـا هـو ( تسـمية مرحليـة جامعـة ) وبتـقديري أنـها تـناسب أيضـا الذين يؤيـدون تسـمية ( الكلدوآشوريين السريان ) للتـقارب الكبيـر بيـن الشـكلين ، إذا آثـرنا الوفـاق وارتضـيناه بديـلا للجـدال والصـراع في وقـت أحـوج مـانحـن إلـى لـمّ  الشـمل والصمـود واثبـات الوجـود القـومي في مجتمعاتـنا وبيـن مجـالات الشـعوب الأخـرى المحيطـة بنـا ، والتـي لاتخـفى رغبـات أطـراف فيـها إلى إحتـوائـنا .

      وأعـود إلـى مؤتمـر عـنكـاوا  ومـا تلقـيت فـي شـأنـه . . فـأنا تحدثـت عـن موقفـي في ثلاثـة مواضيع قبـل ذهابـي إلى المؤتـمر ، وان مشـاركتي تمـت بنـاء على قناعـة بضـرورتها  وأهميـتها في الحفـاظ على مـايمكـن صيانتـه مـن الطابـع  القـومي الصحيح للمؤتمـر ، ولـم تحصـل بنـاء على دعـوة واسـتجابة ومشـاركة ( فوريـة وكلمـة شـكرا صـار منـي  ) وإنـما بعـد ثلاث مكالمات هاتـفية ورسـائل عـدة  مع مسـؤولين في الهيئـة التحضيريـة للمؤتمـر ، ولاتوجـد ضـرورة لتـدوين ماجـاء فيـها جميعا ، وسـأقتصر على الرسـائل الخمـس الأخيـرة بينـي وبيـن الهيئـة التحضيريـة  ، وهـــي  :
 ـ  (الاخ الفاضل جميل روفائيل
لكم الود و الامنيات
شكرا للتواصل و المشاعر النبيلة.
سنكون سعداء ان كنت تريد القدوم لتكون احد المساهمين في اعمال المؤتمر و في اطاره الواضح .
نحن نعتز بكل فرد من ابناء شعبنا و نحتاج الى كل الجهود التي تدفع الى خدمة القضية و توحيد الخطاب و الكلمة.
لكم الود ثانية  )
 
وجوابـا لهـذه الرسـالة بعثـت :
ـ (تحيـة أخـويـة قـلبـيـــة  مـع  أسـمى تـمـنــيــاتــي  لكــم  ولـزمـلائــكــم بالصحــة  والنجــاح  والتـوفيـق
شـكرا مـع الإمتــنـان عـلـى إهـتــمامكــم  بالجـواب  عـلى  رسـائــلـــي
وشـــــكـرا  جــزيــلا  علـى سـعـادتــــكـم لأكــون  أحــد  المســـاهـميــن  فـي أعـمال المـؤتــمر الــذي  تسـعـون لـعــقـده . . ـ
ولكـن الحقيــقـة  ليــس  واضحـا  لـي  الأمـر  والمـدى  المتـاح لــي  فـي  هــذه  المســاهمــة  :  ـ
ـ  هـل أنـــا  مـدعـــو  بصــورة رسـميــة  ،  وإذا كنـت كـذلـك ، فـفــي  هــذه  الحـــال  ينبـغـي  أن  أتـلــقــى  دعــوة  بـذلـــك  ؟  
ـ  هـــل  ســأكــون  عضــوا  عـامــلا  وفــاعــــلا  وأصــيـلا  داخــل المـؤتـــمر  فـي الحــق  بالكــلام والمشــاركــة فـي اللجــان والتــصــويــت عـلــى الــقــرارات ،  أســـوة بغـــيـري مـن أعضـــاء الـمــؤتـــمـر    ؟ 
هـــل  ســـأكــون  ضــيــفــا  كحــال  غــيـــري  مـن أعضـــاء  الـمـــؤتــمـر  فـي  كــــل  مـجـــالات  الـمــؤتـــمـر   ؟ 
ســـأكـون شـــاكـرا  لـكـــم  لــو  تــلــقـيــت  جــوابــكــم بالســرعــة  الـمــمــكـنـــة  عـلــى  هـــذه  الإســـتــفــســـارات  ،  كــي  تــتــضــح  الأمـــور  لـــي  ،  وأحـــدد  مــوقــفــي  النــهـائـــي  مـــن  حضـــور المــؤتــمر ،  الــذي أود  أن  يكـــون حــضــــوري فـيــه فــاعــــلا  ومــفــيــــدا  لـقـضــيـــة  شــعــبــنــا ( الكـلدانـي الآشــوري  السـريـانـي )  المـصــيــريـــة
ولـــكـــم  أزكـــى تحــيــاتــي العـطـــرة وخــالــص  تـمـنـــيـاتــي  بــالــنــجــــاح .
أخـــوكــم  جـميـــل  روفـائيـــل

ووصلـني الجـواب التالـي :
الاخ العزيز جميل
لك تحياتنا الحارة
نعم انك  تكون ضيفا عزيزا على المؤتمر كما كل المندوبين و سيكون لك من حقوق كما كل من يكون مندوبا و حاضرا. نحن سنعمل على الالتزام بمحاور المؤتمر و تنظيم المداخلات و المساهمات و الحوار بشكل حضاري و هادف و سيكون لكل من يريد المساهمة و التكلم كل الحق بذلك في اطار ضوابط تننظيم المؤتمر.
ما عليك الا ترتيب سفرك و اشعارنا بموعد قدومك و سنكون في رسم الخدمة بما يحقق فعل جاد يخدم شعبنا.
اعتبر هذا دعوة رسمية كما فعلنا مع الجميع من الخارج

وكتـبت جـوابـا :
 تحيـة طيـبة مع تـمنـيـاتي لكـم بالصحــة والـتوفيـق
أرجـو علمــكم بـأنــنـي سـأصـل عـنكـاوا بالسـيارة يـوم السبت 10 / 3  /   2007
للعـلم مع الأحـــترام والــتــقــديـــر
المخلـــص جميــل روفـائيـــل

وجاءتـني الرسـالة التـاليـة :
الاخ جميل روفائيل
تحية حارة
اهلا بك في بلدتك و بين اهلك و مؤتمرك الشعبي الذي يسعى ان يكون صوتا عاليا هادرا لشعبنا الواحد و لقاءا للحوار و توحيد الجهد و الكلمة و تثبيت حقوق شعبنا القومية دستوريا.
مع التقدير
ــــــــــــــــــــ

        واللافـت أن غالبيـة الذين كتبـوا في نقـدهم للمؤتمر ، سـواء في مواضيع منشـورة أو رسـائل لـي ، تنـاولوا  ( شـكوكهم في  نـوايا الجهـة التي مـوّلـت المؤتمـر ) وجـوابا على هـذا ماكتبـته في موضـوع سـابق ، بـأن ( تمـويل المؤتـمر لا يعـنيني ) لأنـني يهمـني الإنجـاز سـواء كـان للمؤتمر أو إسـكان العائـدين إلى ديارهـم وتوفيـر سـبل الحيـاة الكريمـة لهـم ،   أو أي عمـل نافـع آخـر . . ولهـذا لـم يخطر بـبالي أن أسـأل أحـدا عـن إسـم الجهـة التي تحملـت الأعبـاء الماليـة للمؤتـمر ، ولكنـني سـمعت صدفـة ـ ولـم أستـفسر عـن  مـدى صحـة ذلـك ـ  أن صـاحب فـندق ( هـه ولير بـلازا ) في أربيـل  الذي كنـت أنـا نـازلا فيـه  مـع غالبيـة المشـاركين القادميـن مـن الخـارج  ، قـد  تبـرع  باسـتضافة كاملـة  لنحـو  خمسـين شـخصا  حلـّوا في فـندقه . .
     ولعـلم الذيـن سـألوا عـن التمويـل أيضـا  ، أقـول وأنـا هـنا أتحـدث عـن نفسـي ، بأن  كـل مصاريف سـفري ، ذهابـا وإيـابا ، مـن مقـر  عملي  في  سـكوبيا ( مقـدونيا ) بالطائرة إلى ديار بكـر ( تركيـا ) وثـم بالسـيارة من ديـار بكر إلى الحدود العراقية ، وبالسـيارة أيضا مـن معبـر الخابور ( زاخـو ) إلى أربيل ـ عـنكاوا  ( والعـودة بالطريق نفسـه إلى سـكوبيا )  تحملتـها شـخصيا ولـم أسـتـلم أي شـئ مـن ذلك ومـن أي شـخص ، مايعـني أن المؤتـمر تحمـل بالنسـبة لـي مكوثي في الفـندق لمـدة أربعـة أيـام ، وكمـا قلـت أعـلاه سـمعت أن ذلك كان بالنسـبة لـي ولغيـري تبـرعا مـن صاحب الفـندق للمؤتمـر . 

      وتـنبغـي الإشـارة إلى أنـنا كنـا نحصل بوسـائل متـنوعة على أوراق مطبوعـة ، في شـأن البيان الختامي والمجلس الشـعبي  الذي سـينبثـق عـن المؤتمر ، وعلى رغـم علمنا أنـها لاتحمـل صـفة رسـمية ، إلاّ  أنـنا كنـا نعـلم أنـها مؤشـرات على وجـود أطـراف تعمـل لإبعـاد المؤتمر عـن مجالـه القومي وإضـفاء الصفـة الدينيـة عليـه ، ولـهذا فقـد ركـز القـوميون إقـتراحاتهم ومداخلاتـهم على ضـرورة الإلتـزام بالمسـيرة القوميـة التي إنـعقد المؤتمـر مـن أجلها . . وكمثـال لهـذا التـركيز ، أدون فيمـا يلـي نـص  غالبيـة مداخـلاتي الشـخصية ، للإطـلاع بوضـوح على مواقـفنا :

        مداخلتي في محور ( توحيد خطابنـا القومي قضيـة مصيريـة )
(  توحيـد الخطـاب القومي يكـون بتوحيـد كلمـة الشـعب ، أي القضـاء على كل عـوامل الإنقسـام والتـشـتت ، والتركيز فقط على الشـعب الموجـود في الداخل وحقوقـه كاملة ، وعـدم الخلط بينـه وبين أهلنـا في الخارج ، وهـذا لـن يتحقـق إلاّ :  أولاً باعتـبار شـعبنا واحـدا  ماضيا وحاضـرا ومستـقبلا ، وثانيـاً توحيده باسـم قومـي في المرحلة الراهنـة ـ كلداني سرياني آشوري ـ  . . كنت أتمنـى الآن أن تكـون أكثريـة هيئـة الرئاسـة مـن الداخـل ، وأن يكـون رئيس المؤتمر الأخ سـمير ـ سـمير خوراني نائب رئيس المؤتمر الآن لأنه مـن الداخل ـ وليس الأخ سـامي  ـ  سامي المالح رئيس المؤتمر الآن لأنه لايزال في الخارج ـ  وكلاهمـا عـزيز عليّ  )

        وفي محور ( آليـة تشكيل مجلس شـعبي أو ماشـابه ) قدمت المداخلة التاليـة :
(  المجلس الشـعبي هو بمثابة البرلمان للداخـل ، فـإن أعضاءه  يجب أن يكون كلهـم مـن الداخـل ، وينتخبون من القرى والبلدات والمناطق ومحلات المدن بـما يتـلاءم مع عـدد سـكان كل منها وبحيث لايزيد عن خمسـة ولايقـل عن إثنيـن ، ويمكن أن يكون لأهل الخارج برلمانـا خاصـا بهم يوحـد شـملهم ويرتبط بعلاقـات وثيقـة مع برلمـان الداخـل )
         وفي الجلسـة الليلية المصغرة حول المجلس ، أبديت رأيي بمـا يلـي :
ـ 1 ـ لايمكن أن يكون اسـم المجلس الشعبي ( سورايا ) لأنه يتناقض مع اسـم المؤتمر .
ـ 2 ـ لايمكن انتخابه من هـذا المؤتمر ، لأن هـذا المؤتمر لايمثل الشعب ( الكلداني السرياني الآشوري ) بصورة متوازنـة .
ـ 3 ـ المجلس الشـعبي يجب أن يكون من الداخـل فقـط .
ـ 4 ـ يمكن تشكيل مجلس آخر للخارج ، وإيجاد آلية تعاون بين المجلسـين .
ـ 5 ـ يكون انتخاب المجلس الشعبي ( الكلداني السرياني الآشوري ) من كل مناطق الداخل التي يوجد فيها أبنـاء شـعبنا ، وبنسـب متوازنة تقريبـا مع عدد سكان كل منطقة .
ـ 6 ـ إذا تـم انتخاب المجلس من خلال هذا المؤتمر لضـرورة مـا ، فينبغي أن يكون مؤقتا لمدة لاتتجاوز السـنة الواحدة ، لحين انتخاب مجلس نظامي مدتـه أربع سـنوات .
        وقدمت في الجلسـة الليلية أيضا المداخلة التاليـة :
(  وجـود الأحـزاب في المجلس ضروري جـدا ، لأن للأحزاب حضـورا في البرلمان الفيديرالي العراقي وبرلمـان إقليم كردسـتان والمؤسـسات الحكومية ، وبذلك فهي الأكثر قـدرة على نقـل صـوت شـعبنا إلى الأماكن المهمة التي توجـد فيهـا ، ولاداعـي لتخـوف البعض من وجـود الأحزاب مادامـت سـتعمل ضمن ضوابط المجلـس . ) . 

  وبخصوص محور ( آليات تفعيل العلاقة بين الوطن والمهجر ) كانت لي هذه المداخلة :
(  الذين استـقروا في الخارج ، قطعـوا علاقتهـم واقعيـا مع ديارهم في الداخـل ، وإذا كـان للجيل الحالي الخارجي بعض المشاعر اللغوية والقومية والذكريات  مع الداخل فـإن هـذه المشاعـر سـتـزول بالنسـبة لأجيالهم المقبلة ، ولهـذا فعلـى الذين اسـتقروا في الخارج أن يكفوا عن التـدخل في شـؤون أهل الداخـل ، لأن  مجال تفعيل العلاقة بين الطرفين يكون مـن خلال  الدعم الجماعي والفردي الذي يقدمـه أهل الخارج ، سـواء بامكاناتـهم الخاصـة أو علاقتـهم بالجمعيات والمنظمات العالمية ،  في مسـاعدات إعـادة بنـاء القرى المدمـرة وتقديـم العـون للعائدين إليها ، وإقامة مشاريع خدمية وانتاجيـة وسياحية وغيرها في هـذه القـرى لتوفير فرص العمل لسـكانها ) . 

       وفي محور ( تثبيت حقوقنا القومية دسـتوريا ) كانت لي هذه المداخلة :
(  يجـب أن يكون تثـبيت حقوقـنا القوميـة دسـتوريا ، وفي أي مجـال آخـر ، إسـما واحـدا لافواصـل بيـن كلماتـه ، لأن حـذف الواوات ومـا شـابهها ، تـأكيد للإسـم الواحـد ، مـع المحافظـة في المرحلـة الراهنـة على خصوصـيات الأسـماء المنـفردة التي لا تـدع أحـدا يشـعر  بغـبن ، ومـن واجبـنا نحـن المشـاركين في هـذا المـؤتمـر أن نـرسـخ وحـدة شـعبنا ونؤكـد توحـده الدائـم ،  ومـع  أن  تسـمية   ( الكلداني السرياني الآشوري ) ليسـت دقيقـة ولا أسـس علميـة تأريخيـة صحيحـة لـها ، ولكنـها الأنسـب لجمـع الشـمل  في المرحلـة الصعبـة الراهنـة ، أملـتها الظـروف الآنيـة والتحـديات المحيطـة التي تحـاول الإضـرار بالـوجود القـومي المتـوارث لشـعبـنا . ) .

       ولمحـور ( الإلـتفات إلى مشـكلة المهاجـرين والمهجـّرين في الداخـل والخـارج ) كنت هـيأت المداخلـة التاليـة ، ولكـن لـم تجـر مناقشـة هـذا المحـور ولـم توضـح رئاسـة المؤتمـر  السـبب   ، وربمـا ادّت كلمـة طويلـة ألقـاها رئـيس المؤتمـر ( خاليـة مـن أي فائـدة بحسـب رأيـي ) إلى إحتـواء الوقت المخصص لهـذا المحـور ، وفيـما يلـي هـذه المداخلـة التي لـم أقـم بـإلقـائـها لعـدم مناقشـة المحـور الخاص بـها :
(  أرى ضـرورة حـذف كلمة ( والخـارج ) لأنـها تدخلـنا في أمـور غيـر مبـررة ، وتجعلـنا نشـجع الهجـرة إلى الخـارج ، وهـذا ما أعارضـه أنـا بشـدة ، لأنـه واقعيـا لايوجـد حاليـا أي شـخص مـهجر إلى الخـارج مـن أبنـاء شـعبنا ، وكـل الذين أعـرفهم شـخصيا مـن أبنـاء شـعبنا الـذين غـادروا إلى سـوريا ولبنـان والأردن وتركيـا ن بعـد القضـاء على حكـم صـدام ، ذهبـوا برغبـتهم ولـم يرغمـهم  أحـد على ذلـك ، وحتـى الذيـن تركـوا بغـداد والبصـرة ومناطـق العـراق الأخرى غيـر الآمنـة قسـرا واتجهـوا نحـو خارج العـراق  ، أحوالـهم  المالية جيـدة بصـورة عـامة ، وكـان في مقـدورهم العـودة والسـكنى والعيش والعمـل معـززين مكرميـن في قـراهم وديارهم الأصليـة في شـمال العـراق ، كمـا فعـل الكثيـرون الذين عـادوا ويعيشـون الآن بـأمـان وكرامـة في ديارهـم الأصليـة ، إذن أؤكـد بـأنه لايوجـد بعـد سـقوط صـدام مهجـرين ومهاجـرين إلى الخـارج ، وإنـما يوجـد مـن ذهـب إلى الخـارج برغبتـه ، وهـذا لايحتـاج إلى مسـاعدة لأنـه سـلك هـذا السـبيل بقـناعتـه وهـو يتحمـل مسـؤولية مـا أقـدم عليـه ، أمـا الذيـن غـادروا قبـل سـقوط صـدام فهـم حاليـا مغـتربون وليسـوا مهاجـرين .
وأقتـرح توجيـه الشـكر لكـل الجهـات الحكوميـة والدينيـة والأهليـة والشـخصية التـي سـاهمت في تعميـر القـرى المدمـرة وإعـادة أهلـها إليـها وتوفيـر فرص الحيـاة والعمـل لسـكانها ، وحـث كـل مـن في إمكانـه المسـاهمة من غيـر المسـاهمين أن يسـعى إلى ذلـك . . وأيضا توجيـه التحيـة لكـل مـن عـاد إلى ديـاره الأصليـة ، فـلا حيـاة ولا بقـاء لشـعبنـا ( الكلداني السرياني الآشوري ) إلاّ  مـن خـلال حيـاة وبقـاء وصـيانة ديـار الآبـاء والأجـداد ، فطـوبى للذيـن عملـوا  ويعملـون  في سـبيل هـذه الديـار . ) .

         وفي محـاور ( البيـان الختـامي ) كانت لـي هـذه المداخلـة :
(  نحـن جئـنا إلى مؤتمـر يحمـل إسـما قوميـا ( كلداني سرياني آشوري ) وينبغـي أن يكون كل مـايصـدر عـن هـذا المؤتمـر مـن بيانـات وقـرارات وتوصـيات وطلبـات وتشـكيل مجالـس ولجـان ضمـن مجـال هـذا الاسـم وحـده ، مـن دون إضـافة أو نقصـان ، لأنـه لـو كـان للمؤتمـر إسـما آخـر ، كمـا هـي الحـال مـع ( مسـيحي ) و ( سـورايي ) ومـاشـابه ذلـك ، فـأنا شـخصيا وكثيـر مـن الجالسـين الآن في هـذه القاعـة ، مـا كان أحـد يـرانا حاليـا هنـا ، لأنـنا مـع اعـتـزازنا بدينـنا المسـيحي وتسـمياته مـن سـورايي  وغيـرها ، فإنـنا قـوميون نبحـث عـن حـق شـعبنا ضـمن مجالـه القومـي وحـده . . وشـخصيا أؤكـد أنـه سـيكون تجنـيا على هـذا المؤتمـر وتلاعبـا بأسـسه في حـال التلاعب بإسمه ، تنقيصـا أو زيـادة أو إضـافة مثـل كلمة ( سـورايي ) ولـو تـم تمـرير هـذه التسـمية الدخيلـة على قوميتـنا الآن على الرغـم مـن إرادتـنا ، فإنـنا سـنبقى نـقاومها ونعمـل على إنهـاء وجـودها ضـمن إسـمنا القومـي ، لأن معـناها الحقيقي دينـي مسـيحي ، ولـذا فـإن مكانـها الأصـيل هـو فقـط حيـث المجـالات الدينـية ، وأي كلمـة أو تسـمية دخيلـة أو مفروضـة لـن يكـون لـها البقـاء ضـمن اسـمنا القومـي ، لأنـها تسـتخدم بغيـر حـق  .) 

ــــــــــــــــــ

      وشـخصـيا  أؤكـد ، لاأدري كيف تـم إقحـام كلمـة ( سـورايي ) في البيـان ، فهي أصلا غيـر موجـودة أبـدا في ( مسـودة البيـان الختامـي للمؤتمر الشـعبي الكلداني السـرياني الآشوري ) التي تـم توزيعـها عليـنا بهـذا العـنوان  رسـميا مـن قبـل رئاسـة المؤتمـر ،
وباعـتـقادي أن حالـة  عـدم التـنظيم والإرتجاليـة التي خيمـت على المؤتمـر هي السـبب في ذلـك ، ومـع أنـني لاأعتـبر أن هـذه الحـال  كانت متعمـدة مـن الهيئـة التحضيرية ، ولكنـها مسـؤولة معـنويا عـنها ،  ولعـل سـببها يـعود إلى أنّ  غالبيـة أعضائـها  لاخبـرة لهـم بعـقد مثـل هـذه المؤتمـرات ومتطلبـات نجاحـها ، وكمثـال على عيـوب  التـنظيم ، في قريـتي تللسـقـف ( وأتنـاول تللسـقف لإطلاعي على وضعـها عـن قـرب )  اختـارت اللجنـة التحضيريـة شـخصا مثـقفا قديـرا ليشـرف على مشـاركة القريـة في المؤتمـر ، ولكـن هـذا الشـخص لـم يقـم بمهمتـه كمـا ينبـغي وربمـا كان مقصـرا أو لـه أعـذاره وأشـغاله الخاصـة التي حالـت دون أن يتمكـن مـن إداء مهمتـه ، وحتى حلـول موعـد إنعـقاد  المؤتمر بقيـت تللسـقف مـن دون المعرفـة بالذيـن سـيمثلونها ، فمـا كان مـن الهيئـة التحضيرية للمؤتمر إلاّ  أن تطلـب مـن شـباب  فريـق كـرة القـدم لقريـة تللسـقف ليسـتأجروا  سـيارات  لحضـور المؤتمـر ، والحقيقـة أن أعضـاء الفريق الذيـن حضـروا لاغبـار على طيبـتهم وأعتـز بقـرابتي العائليـة مـع العـديد منـهم ، ولكـنه  لامعلومـات لديـهم في الأمـور القوميـة حتى أن أحدهـم سـألني خلال المؤتمـر :  كيف نتصـرف ؟ فقـلت لـه : إجلسـوا بجانبـي وعـندما أرفـع يـدي أثنـاء التصـويت مؤيـدا أو معـارضا ،  أرفعـوا يدكـم أنتـم أيضـا ، وهـذا كـان شـأنهم ينظرون إلـيّ  ويتـصرفون كـما أفعـل . . فلـو كـان هنـاك تنظيمـا صحيحـا للمؤتمر لمـا كان  حصل هذا بالنسـبة لتللسـقف ، وليس مسـتبعدا أن يكون  حصل أمثالـه وربمـا أكبـر منـه  بالنسـبة لقـرى وأماكـن أخـرى . . والأنكـى من هـذا علمـت مؤخـرا أن ممثـل تللسـقف في المجلس الشـعبي سـيكون أحـد أبنـاء تللسـقف المقيـمين في أسـتراليا الـذي  كـان ضمـن وفـد أسـتراليا المشـارك في المؤتمر ، ومبدئيـا ليس لـي اعتـراض على تمثيـل هـذا الشـخص لتـللسـقف ، ولكـن ألا  يوجـد شـخص واحـد مـن بين أربعـة عشـر ألـف شـخص يسـكن داخـل تللسـقف حاليـا لكـي يمثـلها في هـذا المجلس ، بـدل شـخص مـن أهلـها يقيـم خارجـها  ؟ وثـم كيـف سـيكون هـذا الشـخص ممثـلا حقيقيـا لتـللسـقف يحضـر اجتماعـات المجلس بانتـظام  وهـو يعيش في أسـتراليا ؟ ! !

          وضـمن عيـوب  التنظيـم هـذه ،  لـم يكـن للمؤتـمر لجـانا لتـرتيب محـاوره ، وإذا كـانت هنـاك لجـانا فشـخصيا ، ومثلـي غالبيـة المشـاركين ، لـم يكـن لنـا علمـا بهـذه اللجـان وأعضـائها ، وحتـى الآن لا أعـرف مـن هـم الذيـن وضـعوا مسـودة البيـان الختـامي التي خلـت مـن كلمـة ( سـورايي ) ومـن هـم أعضـاء صـياغة البيـان الخـتامي الذيـن فرضـوا كلمـة ( سـورايي ) باسـتـثناء السـيدين حكمـت حكيـم وعبـداللـه النوفلـي اللذيـن تـمّت الموافقـة على إضافتـهما إلى لجنـة الصياغـة في اللحظـات الأخيـرة خـلال مناقشـة مسـودة البيـان الختـامي ، وتـردد  بيـن المشـاركين في المؤتمـر أنـهما محسـوبان على غبطـة بطريـرك الكنيسـة الكلدانيـة مار عمانوئيـل دلـي ، وأنـهما قـاما بـإجـراء التـغييرات التي  حصلـت في ( مسـودة البيان الختامي للمؤتمر الشـعبي الكلداني السرياني الآشوري ) وإضـافة كلمـة ( سـورايا ) . . علمـا بـأنـني كنت إلتـقيت السـيد النـوفلي خـلال إحـدى إسـتراحات المؤتمـر لدقائـق عـدة وتبـادلنا حديثـا عـاديا ، في حيـن لـم ألتـق أو أتحـدث أبـدا  مـع الدكتـور حكيـم .

        هـذا قسـم مـن أمـور مؤتمـر عـنكاوا أردت عـرضـها ليطلـع عليـها مـن يشـاء ، وأؤكـد قنـاعتي التي كتبـتها في رسـائل وغيـرها لعـدد مـن الذيـن تلقيـت رسـائلهم ، بـأن هـذا المؤتـمر لـم يـؤد ماكنـّا نـأملـه مـن مشـاركتـنا فيـه ، ولكـن أسـأل أيضا : هـل أن إنسـحابنا كـان سـيحقق فائـدة أفضـل مـن بقـائنا ؟ وألـم يكـن محتـملا أن يـؤدي إنسـحابنا إلى تـوفير الفرصـة للطـرف الآخـر لإحـداث مـايشـاء واسـتغلال الوضـع إلى حـد إصـدار بيـان ختـامي يحـدث إنتـكاسة في الحـركة القوميـة لشـعبنا بأدراج تسـمية سـورايا وحـدها ، وهـو مـا تـأكد لنـا مـن الأوراق التـي كانـت توزعـها جماعـات في أروقـة المؤتمـر والتـي أحتـفظ بنسـخ منـها  ؟ وألـم يكـن بـقاؤنا حتـى النهايـة وفّـر الحـفاظ على أمـور مصيريـة لشـعبنا وإدراجـها في البيـان الختـامي ؟ وألـم يكـن الأخ عـوديشـو  ملكـو  ـ  وهـو قـومي معـروف ـ محقـا حيـن قـال في إحـدى مداخـلاته في المؤتـمر : ليـس  أمـامنا أفضـل مـن القـبول بالوسـطية الممكنـة ؟ وأخيـرا ألـم يكـن  شـر البقـاء والقبـول أهـون مـن شـر الإنسـحاب وتبعـاته ؟

      والحقيقـة أن مـايروجـه البعـض بتـدخلات المشـرفين على المؤتمـر لإقحـام كلمة ( سـورايا ) وإضافـتها ، لـم ألمسـه إطـلاقا ، لابـل وجـدت أن كـل المشـرفين الذيـن إلتـقيـتهم لـم يكونـوا مرتاحيـن لإضافـة كلمـة ( سـورايا ) وأنـهم قبلـوا بـها على مضـض  إنطلاقـا مـن أمريـن : الأول ، تـأكيد حيـادهم ، والثانـي ، حرصـهم على وقايـة المؤتمـر مـن أي فشـل .

         وللتـوضـيح ، في رأيـي ،  أن المشـاكل التـنظيمية للمؤتمـر وعـدم التـوازن في تمثيـل المناطـق ، قـد إسـتفاد منـها  دعـاة ( سـورايا ) بحيـث حضـروا  مـن الداخـل بكثافـة وشـكلوا قـوة ذات شـأن داخـل المؤتـمر ،  صـار مـن الصـعب تجـاوزها ، هـذا إضـافة إلـى ظـروف العـراق الراهنـة  والتـي يتـأثر  شـعبنا فيـه بـها بأشـكال متـنوعة وعـدم إنجـلاء صـورة واضحـة لمستـقبله ، مـا وفـر سـلطة تأثيـرية قويـة إلى حـد المرجعيـة لرجـال الديـن مـن كل الطوائـف المسـيحية وفي كـل الأماكـن . . كـل هـذا يتطلـب التـعامل معـه بحكمـة ورويـة للحفـاظ  على مـاهـو مـمكن قـوميـا في المرحلـة الراهنـة وقطـع الطريـق أمـام ضـياع كـل شـئ وحصـول انتكاسـة ماحقـة ، وهـو  أمـر مـن الصعـب أن يدركـه الذيـن يعيشـون خـارج العـراق مـن دون زيـارات واطـلاع على الواقـع ( هـذه القضـية متشـعبة وسـأحاول أن أتـناولـها في موضـوع مقبـل عـن  العـلاقة بيـن الديـن والقوميـة والمجـالات الخاصـة لكـل منـهما ) .
ــــــــــــــــ
         ومـن أجـل الإطـلاع الأوضـح على البيـان الختـامي للمؤتـمر ، أعيـد نشـره أدنـاه بنصـه الحـرفي   الكامـل :
البيان الختامي  للمؤتمر الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ( سورايا )

     تحت شعار " مطالبتنا بحقوقنا القومية، نضال ديمقراطي لتعزيز الأخوة النضالية وبناء العراق الجديد "، وفي أجواء التفاؤل بالأمان والأستقرار، وفي ظل التجربة الديمقراطية الفتية في أقليم كردستان، ومن خلال التظاهرة الديمقراطية الحضارية الرائعة التي شارك فيها المئات من النشطاء والنخب السياسية المستقلة، وممثلي مختلف المؤسسات المدنية والثقافية والأجتماعية والأدبية والفنية والخيرية والشبابية التي جسدت حجم المؤتمر ومكانته وتوجهه الوحدوي، أنهى المؤتمر الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ( سورايا) الذي أنعقد للفترة من 12 – 13 آذار 2007، أعماله في عنكاوا/ أربيل.

         وأكد المؤتمر على نهج الحكومة العراقية في تحقيق المصالحة الوطنية، وشجب جميع أشكال الأعمال الأرهابية. وأستنكر التهجير القسري لكل مكونات شعبنا، مشددا شجبه لأي تدخل في شؤون العراق الداخلية.

       وربط المؤتمر بين نمو الوعي الوطني والقومي لشعبنا في كافة مراحل نضاله، وبين التحولات التي حصلت في العراق بعد 9 نيسان 2003، الأمر الذي فرض الحاجة الملحة لتوحيد جهود جماهير شعبنا، وتنظيم صفوفها، بهدف نيل حقوقها المشروعة في أرض الوطن، أسوة بغيرها من القوميات والشعوب الأخرى التي نالت حقوقها وفق القوانين الدولية، ومواثيق المجتمع الدولي، إستنادا لمبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها.

       وقرر المؤتمر تشكيل المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ( سورايا ) الذي سيتابع تنفيذ قرارات وتوصيات المؤتمر، وبذل الجهود من أجل توحيد الخطاب القومي. كما وأجمع المؤتمر على أحترام جميع تسميات شعبنا التي أتخذها عبر مراحله التاريخية.

      ومن هذا المنطلق، أعلن المشاركون في المؤتمر عن موافقتهم على تسمية كلداني سرياني آشوري ( سورايا ) كأسم لشعبنا في الدستور العراقي الأتحادي، ومسودة دستور أقليم كردستان.

      أكد المؤتمر على أن شعبنا جزء لايتجزأ من الشعب العراقي بمكوناته القومية والدينية، وهو شعب أصيل معروف بوطنيته وعراقته الضاربة في القدم.

        وشدد على أن نيل حقوقنا يصب في جدول العملية السياسية التي تسعى الى بناء عراق ديمقراطي اتحادي تعددي دستوري، يؤمن بسيادة القانون، تُراعى فيه حقوق الأنسان، والمواطنة العراقية الحقيقية، واضعا يده بيد أخوانه من العرب والكرد والتركمان والشبك والإيزيديين والصابئة المندائيين والأرمن، في سعيهم لبناء العراق الجديد، أعتمادا على مبدأ الحوار والتفاهم والتوافق والتعايش والشراكة في الوطن.

         وتأسيسا على هذا، يؤمن المؤتمر بأن العملية السياسية لن تسير قدما، ولن تكون متكاملة ما لم تنل جميع القوميات المتآخية في العراق حقوقها المشروعة في وطن واحد، وفـقا للدستور والقانون .

       وأكد المؤتمر على أهمية تثبيت كامل حقوقنا القومية المشروعة، بما فيها الحكم الذاتي ضمن عراق موحد.

        وأشاد بدور أحزابنا وتنظيماتنا السياسية في نشر الوعي القومي بين أبناء شعبنا، والنضال الدؤوب من أجل نيل حقوقنا والسعي الجاد للنهوض باللغة السريانية العريقة، رمز وجودنا القومي. وطالب بضرورة توحيد الجهود والتنسيق بين قوى شعبنا السياسية ومؤسساته المدنية والثقافية والأجتماعية والأدبية على أختلافها من جهة، وضرورة توحيد المؤسسات المدنية بكل أتجاهاتها، تحت مظلة واحدة، لاسيما المؤسسات الشبابية، التي هي عماد المستقبل، من جهة ثانية.

      وحث المؤتمر الحكومة العراقية وحكومة أقليم كردستان على الإسراع بحل مشكلة المهجرين، وضرورة إيجاد آليات كفيلة بوقف نزيف الهجرة خارج البلاد، التي تؤثر سلبا على وجودنا القومي، وتجعل مصيرنا محفوفا بالمخاطر. وطالب أيضا بتسريع معالجة آثار التغيرات الديموغرافية الحاصلة في مناطقنا التاريخية وإعادة القرى والأراضي المتجاوز عليها الى أصحابها الشرعيين، وضرورة حل هذه المشكلة في سياق المادة ( 140 ) من الدستور العراقي.

    وعبر المشاركون في المؤتمر عن شكرهم الجزيل لكل الذين ساهموا، في تقديم الدعم المادي والمعنوي، في سبيل إنجاح هذه الفعالية القومية الحضارية. وتمنوا أن يكون هذا المؤتمر خطوة في الآتجاه الصحيح، تدفع شعبنا الى الأمام، وترسخ جذوره في تربة الوطن.

        وأختتم المؤتمر الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ( سورايا ) أعماله في مدينة أربيل/ عنكاوا مساء يوم 13 آذار 2007، برفع مذكرتين، تم أعدادهما من قبل اللجان المختصة، حول المقررات التي تبناها المؤتمر، بخصوص التعديلات في الدستور العراقي، ومسودة دستور أقليم كردستان العراق.

ــــــــــــ

57

الغالب والمغلوب في مؤتمر عنكاوا الذي شاركت فيه

جميـل روفائيـل


تعـلمنـا من تجارب الحياة وحكم الأجـداد والآبـاء , سواء التي قراناها وسـمعناها أو عـشـنا مخاضها وذقـنا ما أفرزتـه من حـلاوة أو مـرارة , أن تبايـن الآراء هـو ظاهـرة صحيـة ما دام يخـلو من العـداوة والكراهيـة , لأن مجـالات التـفاهم متـوافرة فيـه  لحـل المشاكـل العالقـة والوصـول الى الـرأي الأسـلم الـذي يلتـقي في ربوعـه الكـل أو الغالبيـة , وبالتاكيـد فـإن هـذا الإلتـقاء لا يمكنـه تلبـية كـل أهـداف أي طـرف  مشـارك فيـه , ولكنـه في الوقـت نفسـه لـن يجعـل أي طرف خاسـرا  لكـل شـيء , فـلا غالـب فيـه ولا مغلـوب , أي أنّ  نتيجتـه خاليـة مـن تعـابير  الإنتصـار والقهـر , وإنـما إتفـاق على الإتفـاق .

           وضمـن هـذا الإطـار , يمكن أن يتّـم وصـف المؤتمـر ( الكلداني السرياني الاشوري ) الذي انعقـد في بلـدة عـنكاوا  يومي 12 و 13 / 3 / 2007 والـذي  كنـت أحـد أعضائـه في كـل جلساتـه وأديـت دوري , بحسـب ما وفرتـه لـي ضوابطه ومجالات السـماح من رئاسـته , في التعبـير عـن رأيـي في محـاوره المختـلفة الـتي جـرى بحثـها , وسـعيت , مع كل السـاعين فيـه , من أجـل خروجـه بنـتيجة ايجابيـة تسـاهم فـي التأكيـد على أن من يحملـون اليـوم أسـماء متداولـة ( كلدانية سريانية آشورية آرامية سورايا سوراي .... الخ ) هم شـعب واحـد , ماضيـا وحاضـرا وتاريخـا وأرضـا جغرافيـة وتقاليـد اجتماعيـة , ومشاعـر مصيريـة في السـراء والضـراء , وينبغي أن يكـونوا  كذلـك مستـقبلا وبتسـمية جامـعة شـاملة تـنهي مسـبـبات الفرقـة والـتـشتـت , وأن تصـان حقوق هذا الشـعب واسـمه الموحـد بصـورة كاملـة حسـب الشرعـية العراقـية والأعـراف الدوليـة , وتـتوافـر لـه متطلبـات اسـتمرار الحيـاة والبقـاء الدائـم ... وأن انعقـاد هذا المؤتمـر ( الـتجمع ) جـاء من أجـل هـذا الهـدف أو بالأحـرى الأهـداف السـاميـة   .

       ولكـي لا أكـون متـفائـلا أكثـر مـمّا ينـبغي أو متـشائما منغلـقا ضيـق الأفـق , أقـول بوضـوح , إنـني مرتـاح , على رغـم كل السـلبيات التي أحاطـت بهـذا المؤتمـر ( التجمع ) إعـدادا وانعقـادا ونتائـج , لأنـه لم يفشـل ... أؤكـد  لـم  يفـشل , ولـم يخيـب آمـال الواثـقين من إمكانيـة تجـاوز تراكمـات الماضي ومعاناتـها والوصـول إلـى الهـدف الممكـن في المرحلـة الراهنـة وتـرك الطمـوح للمراحـل المقبلـة .... وهـذا يعـني أن المؤتمـر نفسـه  خـرج منتصـرا  سـالكا السـبيـل  باتجـاه خطـوات أخـرى لقطـع مسـيرة الألـف ميـل , لأن التراكمـات كثيـرة ومتداخلـة وصلـدة , وازاحتـها تـتطلب الصبـر القـائـم علـى متـطلبات  الظفـر الأكثـر ضـمانـا وقبـولا ،  من خلال الجهود المضنـية ... والمهـم في كـل خطـوة أن تخلـو من نعـوت الـفشـل والإنتـكاسـات  .

           كتـبت ثلاثـة مواضيـع في المواقـع عـن المؤتمـر قبـل بدئـه , وتبادلـت الأحاديـث بالهواتـف والرسـائل مع العـديد من أفـراد هيأتـه التحضيريـة , وتحدثـت مـرات عـدة بـالشـكل الـذي  أعـتـبره  صراحتـي المعهـودة أمـام المشـاركين في المؤتمـر خـلال فترة انعقـاده , وتناولـت في ذلـك كلـه مارأيتـه من السـلبيات التي رافـقت هـذا المؤتمـر منـذ بـدء فكرتـه والإعـداد لـه والوضـع  الـذي لازم جلساتـه , وأؤكـد الآن بعـد إنتـهاء مشـاركتي , أن ما ملاحظتـه عـن قـرب ومن خـلال المشـاركة , قـد رسـخ قناعـتي بانـني كنـت   مصـيبا في تشخيـص السـلبيات التي تحدثـت عنـها , إذ أن غالبيـة هيئـته  التحضيريـة لم تكـن تملـك الخبـرة الكافيـة في شـؤون المؤتمـرات وأصـولها , أمـا هيئـة رئاسـة المؤتمـر فإنـها واصلـت الأخطـاء التي سـلكتها حينـما كانـت ضمـن الهيئـة التحضيريـة , وقسـم منـها كان أخطـاء جسـيمة تحمـلها المشـاركون في المؤتمـر على مضـض , أجـل تحملوهـا وسـكـتوا عنـها انطلاقـا من حـرصهم على عـدم فشـل المؤتمـر الذي كانـت تهـون أمامـه كـل السلبيـات ومعاناتـها . .  ولكـن أيضـا تسـجل لهـذه الهيـئة  مـأثـرة لـمّ  شـمل عـدد لايسـتهـان بـه مـن أهـل الفكـر والأبحـاث والمعـارف والأصـدقـاء  الـذيـن كـان جمعـهم بهـذا الشـكل ولأيـام عـدة فـي نـزل ( فنـدق ) واحـد مجـرد أحـلام تـراود الأذهـان وتمنـيات كثـيرا مـا تـذكـر  فـي  الرسـائل المتـبادلة ، أصـبحـت حقيـقة لنحـو أسـبوع بفضـل  مناسـبة هـذا المؤتمـر  .

    وأيضـا , ينـبغي أن لا نتجاهـل كلمـة الحـق , وهـي أن الهيئة التحضيرية التي تولـت الإعـداد لهذا المؤتمر وتمكنـت من عـقده , بذلت جهودا مشـكورة الى أبعـد الحـدود , وسـهرت وتحملـت المتاعـب والمشـقات , واضطـرت للتحـرك في شـعاب شـائكة من آلام الـتـشتـت والإبتعـاد , حتى اسـتطاعت  إحضـار  ما تمكنـت من جمعـه تحـت سقـف ( قاعـة حديـاب ) في عـنكاوا , كـي يتـمّ  هـذا المؤتمـر ويتحقـق الإتفـاق الـذي احتـواه بيـانه  الختامـي , والـذي شـكّـل خطـوة تحركيـة أماميـة مهمـة باتجـاه الأهـداف والآمـال الجسـام نفسـها التي سـعى إليـها رواد القوميـة ( الكلدانية السريانية الاشورية ) مهما كانـت التسـمية التـي عملـوا في ظلـها , وانطلقـت نحوها التجمعات الثقافية والادبية والفنية والاجتماعيـة والصحـف والمجـلات التي ظهـرت في إطـار المتـاح منـذ عـام 1970 بمسميـات ( الناطقيـن بالسـريانية ) , ومـرورا بمؤتمـر بغـداد عـام 2003 الـذي اقـترح تسـمية ( الشعـب الكلدواشوري ) , والوعي الذي اضافـته الحملة الاعلاميـة التي قامـت عـام 2005 تحـت شـعار ( منبـر وحـدة شـعبنا ) واسـتمرت أشـهرا عـدة فـي داخـل العـراق وخارجـه , وثـمّ  الإعـلان الوحـدوي ( الكلداني السرياني الاشوري ) الذي اصدرتـه مجموعـة من المثقـفين في ايلـول 2006  ,  والمجلـس التـنسيـقي الـذي شـكله العـديد مـن الاحـزاب والجمعـيـات ( الكلدانية الاشورية السريانية ) أواخـر 2006  ولايـزال يعمـل بمـا للمشاركيـن فيـه من خبـرة  ونشـاط , وأيضـا الدعـوات الإعلاميـة لترسـيخ وحدة ( الكلدان الاشوريين السريان ) الـتي تولتـها قـنوات عشـتار وآشـور وسـورويو  .   .

       كـل هـذا وغيـره , يمثـل عمـلا ترسـيخيا لوحـدة ( الكلدان الاشوريين السريان ) حقـقه مؤتمـر عـنكاوا بأفضـل صـورة توافـقيـة  ممكنـة من خـلال الوثيقـة التاريخيـة لبـيانه الختـامي , وهـو ما يشـكل نصـرا سـتؤكـد الأيـام القليـلة المقـبلة مـدى  حجمـه وفاعليـته والحـرص عليـه والحكـم الأكثـر واقعيـة علـى مضـمونـه والسـعي  لتطبيـقه بـرويـة  ووفـاء   ،  مـن الأمانـة التـأكيـد عليـه راهنـا إعـتمادا علـى المنظـور المتـوافـر  ،   والـذي هـو نتـاج جهـود  اللجنـة التحضيريـة لمؤتمـر عـنكاوا وجـاء  إنجـازا  رائعـا  يسـجل  بجـدارة للجماعـة الـتي هيـأت للمؤتمـر بكـل أشـخاصها وانـتماءاتـها  .  .  وأنـا فـي هـذه الإشـارة  أؤكـد كلمـة حـق لايمكـن لأي منصـف أن ينكـرها أو  يتجاهلـها ويـراوغ فيـها   .  .

        وفـي  مجـال الحـق  نفسـه كانـت اللوحـات الرائعـة فـي إفـتـتاح المؤتمـر وختـامـه  ، إداء غنـائيـا  ورقصـا تـراثيـا ، التـي أعـدهـا وبـذل مـن أجـل روعـتها الجـهد المتـواصل لأكثـر مـن  شـهر  ونفـذهـا الأديـب المبـدع والفـنان الأصـيل لطيـف  بـولا  وفرقـة كرمليـس  ( كرمـلـش  )  الجـديرة بكـل ثنـاء وتشـجيع  ، درة  متـألقـة أبـدى الكـل إعجابـهم بـها وتـمـنوا لـها كـل دعـم وتشـجيع لمواصلـة إمكـانـاتها الكبيـرة فـي الحفـاظ على الفنـون الكلـدانيـة السـريانيـة الآشـوريـة  وتـقـديـمها بالفخـر والهـيـبـة وتـأكيـد وحـدة التـراث والـتـقاليـد  العريقـة  لهـذا الشـعب ذي الأمجـاد الشـامخة دائمــــا   . 

            وتلقيـت أسـئلة كثيـرة في شـأن  تمثيـل المؤتمـر ( التجمـع ) للشعـب ( الكلداني السرياني الاشوري ) وجاوبـت الكـل بوضـوح وقلـت : لا الهيئـة التحضيريـة ولا الذيـن شـاركوا  فـي المؤتمـر كانـوا يمثـلون بشـكل صائـب كـل هـذا الشـعب , لا حضـورا ولا نوعيـة , لأنـه لـم  يتـم  اختـيارهم  بصـورة إنتخـابية  مباشـرة من قبـل الذيـن أعـتبروا ممثليـن لهـم , ولكـن كـل هـذا وغيـره من السلبـيات  نتـركه جانبـا ونغـض الطـرف عنـه راهنـا , ونعـتبره من الماضـي الـذي لافائـدة من النبـش في ركامـه وبحثـه إلاّ  عـندما يصبـح ذلك ضروريـا كمـا هـي الحـال مع عـقد مؤتمـر ثـان لمتابعـة الإنجـازات والمسـتجدات المكملـة لهـذا المؤتمـر , علـى أن لا يكـون طـرح السـلبيات التي ظهـرت خـلال هـذا المؤتمـر من أجـل  النقـد الإتهامـي والجـدال العقيـم , وإنمـا فـي إطـار  عـبرة مرشـدة الى مؤتمـر أفضـل  تمثيـلا وأسـلم صـوابا وأوسع رضـاء عنـه ... إذن  نضـع الآن كـل السـلبيات جانبـا الى حـد النسـيان المؤقـت , ونبـدأ  مـن البيـان الختامـي ومايليـه من العمـل والجهـد لتطبيـق مضامينه .
 
       يشـكل البيـان الخـتامي , الوثيقـة الرسـمية الوحيـدة لكـل ما يتعلق بهذا المؤتمـر , وكـل ما عـداه من تصريحـات وأمـور إعلاميـة ليس رسـميا بالنسـبة لمـا أسـفر عنـه المؤتمـر , وشـخصيا , مع اعـتزازي بآرائـي الخاصـة وكلماتـي ومداخلاتـي خـلال المؤتمـر , سـواء التـي تـتفق  مع  ما ورد في البيـان أو المخالفـة لـه , فإننـي أعتـبر البيـان بصيغتـه الكاملـة متوازنـا مرحليـا  وحـلا وسـطيا جيـدا ومضمونـا جامعـا لرضـا مخـتلف اتجاهـات الشعب ( الكلداني السرياني الاشوري ) التي شـاركت في المؤتمـر ، مـع قـناعتـي بـأن إضافـة كلمـة ( سـورايا ) لامبـرر لهـا وجـاءت دخيلـة وغريـبة  وغيـر متوقعـة  ،  خصوصـا أنـها مرادفـة لكلمـتي ( سرياني ) و ( آشوري ) معنـى  وحتـى ترجمـة دوليـة .

        علمـا أن  ممثلـي  الاحـزاب الذين حضـروا المؤتمـر  بصفتـهم الشـخصية وأدلـوا بآرائهـم على رغـم المقاطعـة المعلنـة لأحزابهـم ,  كـان وجـودهـم مفيـدا جـدا ،  ما يؤكد أن الاحـزاب لـم تقاطـع المؤتمـر أو تعـارض أهدافـه , وإنمـا إلتـزمت موقـفا كـان سـببه خـلاف في بعـض الأمـور التنظيميـة مع الهيئـة التحضيريـة .  . وأن الأحـزاب العاملـة فـي أرض الآبـاء والأجـداد العـراقيـة كلهـا تؤمـن بـأن الكلدان السريان الآشوريين شـعب واحـد ، إجتماعيـا راهنـا   ومصـيرا  مسـتـقبليـا ،  ولابـد مـن إسـم رسـمي موحـد لهـذا الشـعب  ، وأن الكـل  مسـتعد للتـفاهـم وإبـداء المـرونة وصـولا إلـى الحـل المقـبول والأصلح تـأريخيـا وتـرائيـا لـذلـك  ، وليـس بيـنها معـارض بالمطلـق لمؤتمـر  عـنكـاوا وقـراراتـه وهـي كلهـا  مسـتعدة لبحـث مشـاركتها  في المجلـس التـأسـيسي المنـبثق عـنه والعمـل بكـل إمكاناتـها لتـوفير فـرص النجـاح والتـنفيذ لـبيانـه الختـامي . . وهـذا مـا تـأكـد  لـي مـن لقـاءا تي  مـع رؤسـاء وقـادة هـذه الأحـزاب أثنـاء المؤتـمر وبعـده  .

       ويقـتضي أن يكـون الحكـم على البـيان الخـتامي , من خـلال القـراءة الكاملـة لنصـه , الـذي يمكـن إجمالـه : بترسـيخ حقيقة أن الكلدان السريان الاشوريين هم شـعب واحـد مع احتـرام كـل تسـمياتهم المتداولـة , ووجـوب تدويـن ذلـك باسـم ( كلداني سرياني اشوري – سورايا ) في الدسـتور الاتحادي ومسـودة دسـتور اقـليم كردسـتان , وأن يتـمّ  تثبـيت الحـقوق القوميـة المشـروعة لهـذا الشـعب ضـمن عـراق موحـد , ومن الامـور الرئيسـية الأخـرى الـتي أكـد البـيان  عليـها  قضيـة الإسـراع بحـل مشـكلة المهجـرين من هـذا الشـعب وضـرورة إيجـاد آليـات كفيلـة بوقـف نزيـف هجـرة ابنائـه خـارج العـراق , وإعـادة قـرى وأراضـي هـذا الشـعب المتجـاوز عليـها الى اصحابها الشـرعـيين .

          وقـرر المؤتمـر تشـكيل مجـلس تاسـيسي لمتابعـة تنفـيذ قراراته وتوصياتـه التي تضمـنها بيانـه الخـتامي , وبحيـث تـكون غالبيـة 75 فـي المئـة لأعضائـه من الداخـل وبأسـس تمثيليـة ومتوازنـة ومرضيـة للأحـزاب وأماكـن وجـود الشـعب الكلداني السرياني الاشوري , على أن يكـون هـذا المجلـس انتقاليا مؤقـتا , ويصبـح منتهيـا بعـد وضـع قانـون المجلـس الدائـم ( البرلمان ) ذي الفتـرة الزمنيـة المحـددة لكـل عمليـة انتخابيـة أصوليـة منظمـة لـه , وإجراء انتخابـات المجلـس الأول ومباشـرته لمهاماتـه كبرلمـان خـاص للشـعب ( الكلداني السرياني الاشوري – سورايا ) .

         وأقـول بوضـوح , إن اسـم كلداني سرياني اشوري ( سورايا ) يشـير على مـدى الانقسـام المقيـت الـذي لا يـزال ينخـر في صفـوف شـعبنا , خصـوصا أن  إقـحام كلمـة ( سـورايـا ) فيـه الـتي هـي بمعنـاها المتعـارف عليـه مرادفـة لكلمـة ( مسـيحي – مشـيحايا ) , وبمعناهـا التاريخـي الـدارج ( سرياني ) , وهـي فـي كلـتا الحاليـن كلمـة دخيلـة وغيـر مناسـبة للإسـم القومـي , إضافـة إلـى أنـها ستـثير حالـة من الإسـتغراب عـند ترجمتـها إلى اللغـات العالميـة , لأن ترجمتها هـي ( أسـيريان ) وهـي الترجمـة نفسـها للسرياني والآشـوري , وبهـذا تصـبح ترجمـة الإسـم القومـي للشعب ( الكلداني السرياني الاشوري – سورايا ) هكذا ( كلدان اسيريان اسيريان اسيريان ) , ولكـن بسبب ظهور نسـبة كبيـرة من المطالبـين بإضافـة سـورايا فـي العديـد مـن بلـدات وقـرى شـعبنا , فقـد تمـت إضافـتها على رغـم خطورتـها . . 

          وشـخصيا أخـشى أن يـؤدي إدخال  تسـمية ( سـورايـا ) في البيـان الختـامي  إلى تعميمـها ومن ثـمّ  تجريـد الشـعب ( الكلداني السرياني الاشوري ) من منزلتـه القوميـة وإدراجـه في الإطـار الديـني وتوزيعـه بحسـب الأهـواء بين قوميـات الشعـوب الأخـرى , وهـو أمـر لـو حصـل , فإنـه سـينهي الوجود القومـي لهـذا الشـعب , ويكـون انـتكاسـة ماحقـة تـؤدي إلى الفـناء  والتـوزع كطـوائف دينـية بيـن الشـعوب العـراقيـة الأخـرى , نأمـل ان ينـتبه لـها الذيـن أصـروا عليـها إذا كانـوا  حقــا  يتحلـون بالشعـور القومـي وقـوة البصيـرة فـي مواجهـة الأخطـاء  والأخطـار والمعـاناة فـي فقـدان الهـوية القوميـة  .

       أمـا نحـن الذيـن نـدرك خطـرها فـقد عارضناهـا بشـدة وأوضحنـا عواقـبها , ولكنـنا اضطـررنا لقبولـها فـي نهايـة المطـاف إنطلاقـا من حرصـنا على عـدم فشـل المؤتمـر , وقطـع طريـق الذيـن ربـما , وأكـرر ،  ربمـا ,  أرادوا من فرضـها إفشـال المؤتمـر من خـلال هـذا التشـويه على إحـدى قضايـا المؤتمـر الأكثـر حساسـية , وتحميـل مسـؤولية الفشـل على الحريصين لصيانـة الجانـب القومـي للشـعب ( الكلداني السرياني الاشوري ) .

       أجــل , مشـاكل  الشـعب ( الكلداني السرياني الاشوري ) ليسـت هيـنة لوجـود فـي داخلـه تـيارات مدعومـة بقـوة تعـقّد هـذه المشـاكل , ولكـن بتـقديري أن  السـير مع هـذه التـيارات بأسـلوب ( لا غـالـب ولا مغـلـوب ) هـو الأسـلم حالـيا مـع الحـذر الشـديد  مـن المكائـد  , لأنـه لا منـاص من  هـذا السـير  , عـلى الأقـل للـتمسك بـما يمكن الحفاظ عليه , خصـوصا أن الوعـي القومـي يـزداد عـددا ويتصاعـد قـوة , علـى رغـم المرحلـة الراهنـة التي تخـدم أحداثـها كـل ما هـو ضـار , وإنـنا قـد وقـفنا من خـلال المؤتمـر على أمـور كثيـرة كنـّا نجهـلها أو كانـت غـير واضحـة , ولمتطلبـات ما نـراه ضـروريا , لـن نكشـف الآن أكثـر مـمّا أشـرنا إليـه , ولكنـنا لـن نـدع الأمـور تسـير أكثـر نحـو الخطـر , وسـنقول المزيـد عـندما نجـد ذلـك مطلوبـا , أمـّا الآن فالرضـا بتوافـق ( لا غالـب ولا مغلـوب ) لايزال ممكنـا ومسـموحا بــه  إلى حـد مـا ووقـت مـا  .

58
اهتمام واسع بموضوع دعـوا الصامدين . .
ـــــــــــــــــــــ
جميـل روفائيـل
ـــــــــ
حظـي الموضـوع الـذي نشـرته في مواقـع :  عـنكاوا ، شـبكة زهـريرا ، بوابـة نـركال ، شـورايا ، نادي بابـل الكلداني في النـرويج ، النـاس ، بيت نهـرين ، تللسـقف  ، بعـنوان ( دعـوا الصامديـن في الديـار وشـؤونهم  ) باهتـمام  كبيـر . . فإضافـة إلى مـانشـر في مجالـه ، وكـان أحـدهـا بعـنوان مقـتبس منـه ، فـإن رسـائل وهواتـف عديـدة تسـلمتها مـن العـراق وخارجـه ، وهـي متـباينة في مواقـفها ، قسـم منـها يشـيد بالموضـوع  وقسـم آخـر أعتـبره غيـر منـاسب .

 وضمـن هـذه الإتصـالات كان ثلاثـة منها ، من القائمين بالمؤتمر ( الكلداني السرياني الآشوري ) الجاري الإسـتعداد لعـقده ، والثلاثـة من المقيمين في الخـارج ، إثنـان من الموجـودين حاليـا في عـنكاوا والثالث من الولايات المتحـدة ، والثلاثـة أكـن لهم كل الإحتـرام والتـقدير ،  ولايمكنـني أن أنكـر  ما أعـرفه عـنهم  مـن إلتـزامات قوميـة وحدويـة لشـعبنا ، وأنـا ـ وللتوضـيح ـ وكمـا هـو جلـي من كتابـاتي ، إنـني متـفق مـع القائميـن بالمؤتمـر في الهـدف ، ولكنـني وجـدت ، ولازلـت أجـد مـن حقـي  ( وهـو حـق لغيـري أيضا ومـن دون إستـثناء )  أن أبـدي رأيـي في الممارسـة والأسـلوب تجـاه هـذا المؤتـمر ،  إنطلاقـا من مواقـفـي القوميـة الوحـدوية واعـتزازي  بنجـاح القائميـن على المؤتمـر في تحقـيق القضـايا السـامية التي اعتـبروها برنامجـا رئيسـيا للمؤتمـر ، وهـو صـيانة الوحـدة والإتفـاق على الإسـم الموحـد والمطالبـة بالحكـم الذاتـي لمناطـق الشـعب ( الكلداني السرياني الآشوري ) .

    ومـن الضـروري ـ توضـيحـا للواقـع ـ  أن أقـتبس من مكالمـات  و رسـائل الأخـوة ( مـن الخـارج )  القائميـن  بالتهيـئة للمؤتـمر ، قـولهـم : " إن  تأريـخ  إنـعقاد المؤتـمر  والإسـتعجال بـه  ، مرتبـط بواقـع عمليـة تعـديل دسـتور العـراق واقـرار مشـروع مسـودة إقليـم كردسـتـان . . وأن أهـم أهـداف المؤتـمر هي الدعـوة الجماهيريـة والشـعبية لتـثبيت كـامل حقوقـنا القوميـة كشـعب واحـد في الدسـتور ، بمـا فيـه الحكـم الذاتـي في مناطقـنا التأريخيـة ، فكـان مـن المهـم جـدا تنظيـم هـذه التظـاهرة الشـعبية في الوطـن في الوقـت المناسـب ، وإن كـان ذلـك  سـيؤثـر  بشـكل أو بـآخر على بعـض الأمـور التي لـن تكـون أسـاسية وهـامة . . فقضـية شـعبنا هي الأهـم وعليـنا وضـعها فـوق أي اعتـبار آخـر . . وإن المؤتـمر سـيكون شـعبيـا وسـنحاول إختـيار المنـدوبين مـن قبـل النـاس في مناطقـهم . . فهـذه عمليـة شـعبية ونحـن لانوجـهها بمفهـوم أساليـب حزبيـة وطـرق ملتـوية بـل نـريد لهـا أن تكـون عمليـة شـفافة وتمـرين للجماهيـر كـي تـتحرك وتحـاور وتـتخذ مواقـف وتـتحمل مسـؤولية وسـنرى أن ذلـك سـيعطي نتائـج جيـدة ومتـميزة وتكـون عمليـة  ترسـيخ الوحـدة مـن خـلال العمـل والجهـد المشـترك وليـس من قـرارات فوقيـة وصخـب وصـراعات هـدرت طاقـات كبيـرة . . ألــخ " هـذا مـاقالـه لـي الأخـوة القائميـن بالمؤتـمر ، ومثلـه كثيـر قـالوه لـي  في  السـياق  نفسـه  .

    والحقيقـة ، لـم أشـاهد في كل هـذا الكـلام غيـر العـبارات الإنشـائية والشـعارات التي يجـري رفعـها عـادة مـن أجـل الدعـاية والإعـلان . . أمـا الشـرح الوافي المقـنع للعمـل الواقعـي الـذي يسـبق عـادة عقـد المؤتـمرات والخطـوات المتخـذة للوصـول إلى هـدفها المنشـود  بأفضـل مـاهـو ممكـن مـن الجهـد الملائـم والتـنظيم واختـيار المشـرفين والأعضـاء وأنـواع اللجـان وواجبـاتها ووضـع المبـادئ ودراسـتها وتبـويبها وأخـذ  الآراء في شـأنها وصياغتـها كمشـروع لعرضـه على المؤتمـر ، فليس موجـودا . .
      المتـوفر هـو عبـارات ( الجماهيـرية ، تـظاهرة شـعبية ، تثبيـت كامـل حقوقنـا ، أساسـية وهـامة ، قضيـة شـعبنا هي الأهـم ، المؤتمـر سـيكون شـعبيا ، إختيـار المندوبيـن من قبـل النـاس ، عمليـة شـعبية ،  عمليـة شـفافة ، تمريـن للجماهيـر ، . . . ألـخ  )  هـذه كلهـا من نـوع العـبارات والأقـوال الدعائيـة  المجـردة مـن المضـمون العملـي ،  لأنـها غيـر مرفـقة  بإجـراءات   واضـحة  للوصـول إلى معـانيها  وتحقيقـها ،   ولهـذا فهي من النـوع الذي يطلـق عليـه  وصـف معـنوية أي مجـردة من  الماديـة الملموسـة  ،
    ولأن للمؤتمـرات  ترتيـباتها وأصـولها ، سـواء كانـت شـعبية أوحزبيـة أو  غيـر حزبيـة أو دينـية أو مهنـية أو إجتماعيـة ، لأنـها ليسـت تظاهـرات وتجمعـات في الشـوارع يشـارك فيهـا مـن يشـاء ويحـدث فيـها المرغـوب وغيـر المرغـوب وتعـلو  فيـها أشـكال الشـعارات والهتـافات وتكـون عـادة أشـبه بسـحاب مـزنة تلقـي  مطـرا شـديدا وتثـير صخـبا لبعـض الوقـت  وثـم تعبـر    وتـزول  وكـأن شـيئا لـم يكـن  . . إذ  أن التظاهـرات والمظاهـرات لغـويا وعـرفا  هـي  "  تجمـع القـوم والخـروج إلى الشـوارع لإعـلان رضـاهم وتأييـدهم أو  سـخطهم  ومعارضـتهم مـن أمـر يهمـهم "  أمـا  المـؤتمر  فهـو  "  إجتمـاع  للبحـث  والتشـاور واتخـاذ القـرارات  فـي أمـر مـا ضمـن ضوابـط معلنـة وجليـة  ومنـفذة  في كل خطواتـه  . .    "  . 

      إذن  ،  لايجـوز  أن  يكـون  مـايقـوم  بـه  الذيـن  ذهبـوا  مـن  الخـارج  إلى  عنـكاوا  ويريـدون التحكـم بكـل الأمـور   "  مـؤتمـر  وتظاهـرة  شـعبية  في الوقـت  نفسـه  "  فـإذا  كـان  (  مؤتمـر  )  ينبـغي  أن  يلتـزموا  بقـواعد  وأسـس  عقـد  المؤتمـرات  ، وأمـا  إذا  كـان  (  تظاهـرة )  فهـذا  أمـر  آخـر  مختـلف  تمـاما  تظهـر  نتـيجـته  في  الشـوارع  وليـس  في  أروقـة  المؤتـمرات  . 

    ولأنـني  أريـد  ان  أكـون  موضوعيـا  في كتابـاتي  ، والبقـاء في إطـار  البعـد  عـن  الإنتـقائية  والإنحيـاز  ،  فقـد  كنت اطلعـت قبـل البـدء بكتابـة هـذا  الموضـوع  على موقـع المؤتمـر  المسـمى  (  المؤتمـر  الشـعبي  الكلداني السرياني  الآشوري   ) مـرات عـدة  ،  وقلـت  للأخـوة الذيـن اتصـلوا  بـي  :  إنـني  لـم  أفهـم  منـه  غيـر الإعـلانات والشـعارات ،  وأثنـاء كتابـة هـذا الموضـوع  عـدت إلى الموقـع  ( وأنا أقـول عسـى ولعـل أن أجـد إضافات ذات  شـأن  )  ولكنـني  أنهيـت الإطلاع خائبـا ، فلـم أجـد فيـه شـيئا ، باسـتـثناء  مـايلـي :

           الصفحـة الأولى ( الحقـل الأول ) عنوانه ( أهـلا بكم في موقع ) وفيـه صـور تـؤدي إلى مواضـيع : التدريب على نشـيد كتبه ولحنـه السيد لطيف بـولا   وضمنـه إشارة إلى  وجـود تمرينات على دبكـات شـعبية فولكلـورية كرمليسـية وأزياء فولكلورية في سـهل  نينوى ، وصـورة تؤدي إلى موضوع لقـاء نشـر في عنكاوا كوم مع الدكتور عزيـز رحيم صادق ، وصورة أخرى للقـاء قصير مع الأستاذ حـازم كتـو ، وصـورة أخرى عـن لقـاء موسع يوم الجمعة 23 / 2  في عنكاوا وهو لايفـهم منـه أكثـر من ورقـة قـرأها أحـد الثلاثـة الجالسـين على المنصـة أمام الجالسين كالتلاميـذ في قاعة المحاضـرات للإسـتماع إلى توجيهات الثلاثـة ، وصـورة للقـاء في شـقلاوة يوم 19 / 2  تـؤدي  إلى كلام أنـا شـخصيا لـم أفهم منه غيـر شـعارات رفعت هنـا وهنـاك عشـرات المـرات وأرى أنـه لـو  كـان الكلام نفسـه قـد قيـل في نـادي شـباب أدي شـير الإجتماعي في شـقلاوة فـإن مـابين 20 و30  شخصـا الحاضـرين لـم يفهمـوا منـه أكثـر مـما  فهمـت أنــــا  .
        أمـا الحقـول الأخرى المتبقيـة في موقـع المؤتمـر ، فـفيها  : الحقـل الثـاني ( لمـاذا هـذا المؤتمر ) فيـه كتابة بحـدود صفحـة واحـدة كلها شـعارات لاغير ، والحقـل الثالث  هـو ( أهـداف المؤتمر ) فيـه سـبعة أسـطر تحتوي على أربـع نقـاط بشـكل إعـلانات من دون الحديث عـن البرنامج الخاص بهـا ، والحقـل الرابـع ( شعارات المؤتمر ) والأسـم يـدل على المضمـون حيث يحتـوي على 12  شـعارا أو كمـا يقـال بالنسـبة للعـدد  12  دسـتة  ( دزّينـة )  شـعارات ،  والحقـل الخامـس ( محاور المؤتمـر ) يتضمن سبعـة أسطر مقسـمة بين سـتة أمور باسـم محاور وهي مبهمة لعـدم وجـود توضيح لهـا ، والحقـل السادس هو ( المؤتمر وقوى أحزاب شـعبنا السياسية ) وبحسب رؤيتي لـه أنـه كلام مـن يقـول فقـط ( أنـا وأنا وأنا  ولا غيـري في الدنيا ) ،  والحقـل السابع ( تمويل المؤتمر ) هـذا لايعنيـني  شـخصيا وإن تضمن عناوين حسـابات في البنوك التي ترسل بواسـطتها التبرعات  ونصيحتي لهؤلاء الذين بيـدهم الأمـور أن القضايـا المالية هي ذات حساسية كبيرة وتـفتح القيـل والقـال فمن الأفضل أن يكتبوا في هذا الحقل من هي الجهة المسؤولة عن الحسابات وضبطها  خصوصـا أن أحـد الحسـابات هـو في السـويد ( سـتوكهولـم )  وكـان الأحسـن  الإقتـصار فقـط على حسـاب أربيـل لأن الذي يحـوّل مبلغـا متبـرعا لافـرق لديـه إذا حـوّله على عـنوان سـويدي أو أربيـلي  مـادامـت الأمـور تجـري في داخـل العـراق وأيضـا  يفضـل  أن  يتـم تـدوين بين وقت وآخر ماهـو وارد وماهـو صـادر منـه وأوجـه الصرف بالتفصيل وكـم هـو المتـبقي بعـد تصفية هذه المرحلة من الحسـاب ، والحقل الثامـن ( القرارات والمذكرات والتوصيات والنداءات ) وفيـه أسـماء جهـات سـترسل لهـا مذكرات ورسـائل ، وأخيـرا الحقل التاسـع ( بوسـترات ) وكلهـا شـعارات لاغيــر .

    ولأنـني شـخصيا ضـعت في متاهـات هـؤلاء الذاهبـين من الخـارج ( ليس  المسـاهمة في حـل مشـاكل أهـل الداخـل وإنـما لتـولي كـل أمـور حلهـا ، على رغـم ـ  بحسـب ما أعلمـه ـ  لاتوجـد مشـاكل في الداخـل وإنما تبـاين رؤيـة  في بعـض الأمـور وتوجـد جهـود حثيـثة بيـن أهـل الداخـل للتـفاهم في شـأنها  )   أمـا مايسـمونه بمؤتمـر عـنكاوا  ، فـإنه حتى الآن ، لا أسـماء ولا لجـان  ولا أعضـاء مؤتمـر ، ولا  اجتماعـات تبحث وتـناقش ولا برنامـج واضـح  ولا مسـودة بيـان  ختـامي  ولا  . . ولا  . . ولا وجـوه واضحـة مـن الداخـل تشـارك بصـورة فعـالة في العمـل الذي يجـري . . وأهـل الخارج المهيمنـون لايقـدمون معلومـات ترضـي وتـقنع وتريـح  .

    وإزاء كـل هـذا ، فقـد  تعـذر علـيّ  أن  أجـد سـبيلا كـي  أتحـرك منـه لإفـادة موضـوعي هـذا ، غيـر الإعتـماد  على الأمـور التي يـزودني بهـا  معـارفي  مـن  الداخـل القريـبين  ممـا يجـري  أو المتابعيـن لـه ، والذيـن سـمعت منهم الكثير ، وأدون بعضـه مختصـرا :
  مايحـدث في جلسـات  مايسـمى باللجان هـنا  ، والتي إجتماعـاتها نـادرة وبحسـب رغبـة القادميـن مـن الخـارج ، يختـلف عـن كل إجتماعـات لجـان المؤتمرات التي يكون أعضاؤها سواسـية و يجلسـون حول منضـدة دائرية أو مستطيلة أو بيضوية وبشـكل متـقابل للمناقشـة وتبادل الآراء ، أما هـنا فيجلس على المنصة عـدد من الأشخاص وكلهم أو غالبيتهم مـن الخارج ووسـطهم  الرئيس ويتحدثـون بأوامـر فوقيـة  من المنصـة مع الحاضرين في القاعة أمامهـم والجالسـين  مثل التلاميذ أو المستمعين للمحاضرات ويستمعـون إلى توجيهات الجالسين على المنصـة ، وطبعـا فـإن الجالسين المسـتمعين الذين على أساس أنهم أعضاء لجنـة ، لاتوجد قائمة بأسمائهم لكي يعرف أحـدهم الآخر ،  بالنسبة للذين لاتعـارف بينهم ، وننظر بين الجالسين فلا نلاحظ  بينهم  الكثيـر  من الذين  نعـرف مكانتهم الثـقافية البارزة في الداخل ولا نعـرف سبب عـدم وجـودهم ،  وأيضـا لابرنامج للإجتماع وإنما أوراق بيضـاء يجـري توزيعـها  لتـدوين  مايتـم سـماعه  من الجالسين على المنصـة ، أما الدعـوات فلا يوجد فيها رسائل أو بطاقات وإنما بالتلفون أو عـندما يمر أهل الخارج في قرية خلال جولاتهم يلتـقون من يشـاؤون ويقولون له ( أنت صرت باللجنة تعـال يوم الجمعة الى عـنكاوا لحضور الإجتماع ) . . ومن الصعب تحمل هـذا الوضع حتى النهاية .

   ومن الأمور المهمة ـ  مـما سـمعته من الذين اتصلوا بـي من أهـل الداخـل ـ تأكيدهم أنـه لايجـوز عـزل الأحـزاب  وجعلهـا على الهامش  ، لأن الأحزاب لها تأثيراتها على ساحة شـعبنا ، واختـلافاتها الفكريـة ماكانـت يومـا حائـلا دون لقـاءاتها  خصوصا في الأمـور  الوحدوية ، حيث  عملت الأحـزاب  ولاتزال تعمل  مـا في وسـعها  من أجـل حقوق شـعبنا ( الكلداني الآشوري السرياني ) ، لـذا فـإنه ليس صائبـا أن يأتـي  أشـخاص  من الخارج ويريدون إزاحتها  مـن السـاحة  على أساس  أن  المؤتمـر للمسـتـقلين  ،
    هـذا مؤتمر يحمل اسـم قضايا وحدوية ومصيرية لشـعبنا فمن حـق كل مسـتقل أو حـزبي مـن شـعبنا  أن يؤدي دوره فيه ، طبعـا بالتمثيل المتـفق عليه بالنسبة للكل وليس بهيمنة أحد على الآخر سواء كان حزبيا أو مسـتقلا ، ولـو نحـن أهل الداخـل  ، مسـتـقلين وأحـزابا ،  نرى أن رئيس المؤتمر ينبغـي أن يكون مسـتقلا من الداخـل  مقبولا مـن الأطراف سـلوكا  وثـقـافة ، لأنـه لايجـوز أن يكون من الخارج  في حيـن أن  المؤتمر يخص بدرجة رئيسية الصامدين في الداخـل ،  ورئيسـه ينبغـي أن يكون موجـودا في الداخل للإتصالات والمتابعـة ، إذ  أن   الموجود في الخارج لايمكن أن يكون موجودا لتأدية المطلوب من الرئيس دائما ، وإذا أراد أحـد من أهل الخارج أن يكون رئيسـا ويؤدي مهمات الرئاسـة كما يقتـضي فعليـه أن يعـود ويسـتقـر حيث الصامدين وأهلا ومرحبا بـه رئيسـا وأكثـر من رئيس . .
    فلا يجـوز أن تخضع الأحزاب ويخضع المثـقفون ويرتضـوا أن يكونوا من دون دور سـوى إطاعـة عدد من الأشـخاص الذين جاءوا من الخارج  واختـيارهم  من أشخاص الداخـل بحسـب ماينـاسبهم . . وحتى الآن لاأحد يعرف ماهي اللجان وما مهماتها ومن هـم أعضاء المؤتمر وكيف سـيعقد المؤتمر وماهو برنامجـه ، وحتى لانعرف كم هـو عـدد الأعضاء وكيف ستوزع المهمات ويكون التصويت على القرارات والتـنفيـذ  . . كيف سـيخرج هكذا تصـرف بمؤتمر ناجح نجاحـا حقيقيـا  وهـو يتـعلق بقضـية مصيرية تخص الداخل الآن ومسـتقبلا  ؟  هـذا هـو السـؤال الذي يجـري تداولـه وسـماعـه بيـن أهـل الداخـل المهتـمين بقضـايا شـعبـنا . ) إنـتهى ما أدونـه مـن الكـلام الذي زودنـي المعـارف المطلعـون على هـذا المؤتـمر مـن أهلـنا فـي الداخـل . 

    وأكـرر حرصـي وأملـي في نجـاح المؤتمر ، وأن  كـل مـن يعمـل في سـبيل قضايا شـعبنا ( الكلداني الآشوري السرياني ) سـواء كان وجـوده في الداخـل أو الخارج فـإن جهـوده مشـكورة دائمـا ، مـع الأخـذ في الإعتـبار ،  أن مثـل  هـذا العمـل ينبغـي أن يكـون   خـدمة تطوعيـة  ، ضـمن حـدود الموقـع الذي يقيـم فيـه حاليـا كـل طرف وكـل مسـاهم ،   وبصـورة متجـردة  مـن الهيمنـة والمـزايدة ، لأن مادخلـت الهيمنـة والمـزايدة مجـالا  إلا ألحقـت بـه ضـررا فادحـا ومؤلمـا . .

   وأيضـا لنـا عـودة إلى المسـتجدات ، في وقتـها المناسـب .
  [/b] [/font] [/size]

59

دعـوا الصامدين في الديار وشـؤونهم
ــــــــــــــــــــ
جميـل روفائيـل
ــــــــــ

    تصاعـدت  في الآونـة الأخيـرة  ظاهـرة عـقـد مايطلـق عليـه ( مؤتـمر ) في مـدن أميركيـة وأوروبيـة ، بادعـاءات الإهتـمام بـأمور تخص الشـؤون الداخليـة للشـعب ( الكلدانـي الآشـوري السـرياني ) الصامـد في العـراق ، وسـبق أن كتـبنا رأينـا ، بـأن هـذه المؤتـمرات تمثـل تجـاوزا لحـق الصامديـن في ديـار الآبـاء والأجـداد بحـل مشـاكلهم وتنظيـم أمـورهم بحسـب مقـتضيات مصالحـهم وظروفـهم الخاصـة ، لأن المشـاركين في هـذه المؤتـمرات فقـدوا ارتـباطهم الحقيقـي مـع هـذه الديـار عـندما غـادروها إلى غير رجعـة ، حتـى إن كانـت لاتـزال لهـم بعـض الذكريـات عنـها ، فهي وقتـية من ناحيـة التواصـل العائلـي والمقـومات القوميـة والوطنيـة ، لأن هـذه المـقومات سـتندثر كليـا ، إن لـم يكـن عـند أولادهم ، فـإنه سـيكون واقعـا لامحالـة في مجـالات حيـاة أحفادهـم في المجتـمعات التي انـدمجـوا  معـها .

     وأكـدنا رأينـا  ، بأنـنا لانجـد خيـرا  في هـذه المؤتـمرات والأحـزاب التي يتـم تـأسيسها في الخـارج بـادعاءات الدفـاع عـن حقـوق الصامديـن في الداخـل ، وأوضحنـا بـأن مـن يصـر  عليـها ،  عليـه أن يجعـلها مقتـصرة على نفسـه ومـن معـه ومـن يرغـب بـها في الخـارج ، أمـا  الذي يمتـلك مشـاعر حقيقيـة تجـاه أرض آبـائه وأجـداده وصـيانتها ، فلمـاذا لايعـود إليـها ويقيـم فيـها أسـوة بـآبائه وأجـداده  سـابقا والصامديـن فيـها حاليـا  ، وأبـوابها حيـث هـي في شـمال العـراق مفتـوحة ومرحبـة بكـل عـائد إليـها ، سـواء كـان مـن وسـط العـراق وجنـوبه أو مـن بلـدان العـالم ، أمـا مـن يختـلق الذرائـع لعـدم العـودة وتـبرير مـايقـوم بـه ، فـإنه بجـلاء يتـدخل فـي مـالايعنـيه ، ومـن لايكـف عـن فعـل ذلـك ، فـهو يواصـل ضـرر التصـرف  الـذي يتعـمده تجـاه الذيـن هـم بـأمس الحاجـة إلى العـون في متطلبـات الصمـود والبنـاء والبقـاء .

    وعـندما نتحـدث عـن مؤتـمرات وأحـزاب الخـارج ، فـلا نستـثني أحـدا ، لأن الإستـثناء يعـني الإنتـقائية والتحيـز ، وهـذا مـالانرضـاه لنـا ولغيـرنا ، فنحـن لانـرى مؤتـمرا في الخـارج مفيـدا وآخـر ضـارا ، وإنـما نضـع الكـل في إطـار الضـرر ، والأدهـى أنـهم يتـباهون حتى بالمـدن الأميركيـة والأوروبيـة  التي يعقـدون فيـها مؤتمـراتهم ويطلقـون أسـماءها على أنفسـهم ووفودهـم   خلال لقاءاتـهم وإصـدار بيانـاتهم  عـندما ( يعـرضون بضاعـتهم ) في بلـدات وقـرى الشـعب ( الكلداني الآشوري السرياني ) وهـو بتـقديري يشـكل إسـتهانة  بأسـماء بلـداتنا وقرانـا التي هي مفخـرة هـذا الشـعب  بعـراقتها وأسـمائها  وصـمودها واعتـزازه  بـها .

    ويتمـادى هـؤلاء بالتـرويج لمؤتـمرهم إلى حـد الإدعـاء بـأنه الحـدث المنـقذ لمـا بقـي مـن الديـار والوحـدة والإسـم الشـامل ، وكـأن الصـامدين  أنـاس متـفرقون تسـودهم النـزاعات و " لا حـول لهـم ولا  حيلـة "  (  تطلق لغـويا على العاجـز تمـاما عـن القيـام بأمـر ) ولا يفـهم أحـدهم لغـة الآخـر ، فجـاء هـؤلاء ( الخيريـن ) ليصلحـوا  ذات البيـن ( العـداوة والخصومـة ) ويجمعـوا الشـمل ، ولايتـوانون حتى عـن فـرض رغباتـهم في شـؤون وشـجون مـن هـم  أصحـاب القضيـة  ويتـمتعون أصولـيا  بحـق السـيادة عليـها .

   وحيـث أنـنا عـندما تـقتضي الضـرورة نفضـل التشـخيص على حديـث  العموميـات ، وفي مجـال التشـخيص اللازم ، تطالعـنا هـذه الأيـام ،  أخبـار وبلاغـات نسـمع بعضـها وآخـر ينشـر هـنا وهنـاك ، بـأن ( وفـد لجنـة مؤتـمر ستوكهولـم ) يقـوم بـزيارة ثانيـة لـه إلى العراق ، مـن أجـل التهيئـة لعـقد " مؤتمر  واسع وشـامل لـلم  الشـمل وتوحيـد الخطـاب القومـي " في 12 و 13 آذار ( 2007 ) المقبل ، وان أعضـاء الوفـد  الستـوكهولمي  ( خلال اجتمـاع في جمعية  الثقـافة الكلدانيـة بعنكـاوا  في 2 / 2 / 2007 )  فرضـوا  هـذا الموعـد السـريع على رغـم طلب معظـم الحاضـرين تأخيـره  لشـهر أو شـهرين بغيـة توفيـر الفرصـة لعقـد  لقـاءات عـدة بيـن الأحـزاب والمدعـوين الرئيسيـين إليـه ، وإحـلال التفاهـم ومجـالات وسـطية للقـاء المواقـف والإتفـاق المسـبق على البيـان الذي يصـدر عـنه ، لكـي لايكـون سـاحة للجدالات العقيـمة وتعميـق الخلافـات وحصـول الإنسـحابات وبقـاء التوصيـات حبـرا على ورق بسـبب عـدم توفيـر المشـاعر الجديـة للتطبيـق ، خصوصـا مـابـدا  مصـداقا لهـذا الـرأي من إنسـحاب  ممثـل حزب الإتحـاد الديموقراطي الكلداني من إجتماع عـنكاوا بسـبب مـا اعتـبره مخالفـا لرؤيـة حزبـه .

       وكـما قـال لنـا  بالنـص ،  مصـدر حزبـي شـارك في هـذا الإجتمـاع ، أن ( الأخـوة القادميـن مـن السـويد يحاولون أن ينفـردوا بأمـور المؤتمر المنشـود . . غيـر مباليـن  بنظرتـنا إلى مثـل هـذا  المؤتمـر الذي نعتـبره مسؤوليـة وأهميـة قوميـة . . ومـن جانبـنا نؤيـد كليـا عقـد المؤتـمر على أن تكـون الأمـور واضحـة . . إنـهم يحاولـون أن يكـون المؤتـمر باسـمهم على أسـاس أنـهم مستـقلون وأن يكـون للحزبيـين دور التـأييد  والإستشـارة فقـط وهـذا مـالايمكـن أن يقبلـه  الحزبيـون  الذيـن  لهـم  وجودهـم  ودورهـم  في السـاحة الحقيقيـة لشـعبنا الكلداني الآشوري السرياني . . وهـم لكـي يمـرروا إنفـرادهم يستـعينون  بـأناس مستـقلين في الداخـل مـن النـوع الذي يضمنـون تأييـدهم الكلـي لهـم . . نحـن الحزبيـون  أكـدنا لهـم  أنـنا لسـنا ضـد المستـقلين القـديرين  الذيـن  باستطاعتـهم تحمـل المسـؤولية ولكنـنا نتسـاءل  عـن السـبب في تهميـش  الحزبيـين والتمسـك  بمستـقـلين بالكـاد  تـمّ  التعـرف عليـهم  وعلى بعضـهم مـآخذ  . . نحـن الحزبيـون لـلان لـم نرفـض  المشـاركة إنطلاقـا  مـن حرصـنا عـلى حقـوق شـعبنا ووحـدته ولكنـنا نصـر  على أن يكـون لنـا دورا  في التخطيـط . . فنحـن نـرى أن تقـوم لجنـة مشـتركة  حزبيـة  ومستـقلة بـزيارة  مـاهـو ممكـن مـن كـل قـرى شـعبنا ،  لأن مثـل هـذا المؤتمـر  الذي يبحـث  أمـورا مصـيرية  يسـتدعي التهيئـة  لـه جماعيـا  مـن خـلال التـثـقيف  والإتفـاق لا أن يذهـب القادمـون مـن سـتوكهولم إلى عـدد مـن القـرى ويلتـقوا  مـع مـن يرغبـون  ويفرضـوهم  على المؤتمـر ، لامانـع  مـن هـذه الزيـارات  ولكـن أن يكونـوا هـم مشـاركون مـع وفـود الأحـزاب وليـس المتصـرفون  وحـدهم بحسـب رغـباتهم . . حيـن تقـرأ بيـاناتهم  تشـعر  بامتـنان وراحـة  ولكـن  هنـاك  أمـورا  يتطلـب إدراكهـا وبنـاء المشـاركة على أسـسها  . . لأنـنا لانـريد أن تضـيع أصواتـنا  في المؤتـمر  وسـط أصـوات المئـات  مـن المختـارين  للتـأييد  الذيـن  سـيحضرون  ، مـا قـد  يضطـرنا  للإنسـحاب  على الرغـم مـن معرفتـنا  بأخطـار ذلـك  . . وقـد طلبـنا من  القادمين من سـتوكهولم  تأجيـل  الموعـد  لبعـض  الوقـت  لإتـاحة  الفرصـة  لأفضـل تهيئـة مقبـولة  ، ولكنـهم  رفضـوا  منطلقـين مـن أنـهم  أصحـاب القـرار وكفـى . . إن فـي الإمكـان  كتابـة  بيـان  واصـداره خـلال دقائـق  ، ولكـن  تطبيـق قضيـة  مصـيرية  لشـعب  لايمكـن  أن  يتـم  بالعجـالة نفسـها  . .  يوجـد  أشـخاص  اتصـلوا  بنـا  مـن اسـتراليا  وذكـروا أن ـ  . . . اسـم الشخص الذي اتصل بهم  ـ مـن مؤتـمر سـتوكهولم  دعـاهم  لحضـور  المؤتـمر  في 12 و 13 آذار  ، فقـلنا للمتصلين مـن اسـتراليا لاعلـم لنـا بذلـك . .  فهـل يجـوز أن توجـه  الدعـوات  ونحـن  المشـاركون في الإجتمـاع لانعلـم  بهـا ؟ وهـل يمكـن  ، مـا دمنـا نحتـرم أنفسـنا  ونعتـز بالمصـير الذي نشـارك بـه شـعبنا ،  أن نقبـل  بـأن  ينطبـق عليـنا  المثـل : يدعونـنا إلى الحصـاد ويرفضـون إعطـاءنا المنجـل ؟!! ) .

   هـذه حقـائق نقلتـها نصـا ممـّا  أبلغـني بـه المصـدر الحزبـي الـذي شـارك فـي اجتمـاع عـنكاوا واسـم حزبـه منشـور ضمـن الأحـزاب التسـعة في ( البـلاغ الصحـفي عـن اجتمـاع هـام في عـنكاوا ) وأنـا واثـق مـن سـلامة نقلـه لأنـني مقتـنع بموضـوعية هـذا الشـخص وصراحتـه وثـقافته الواسـعة . . وأنشـرها لأجـل إطلاع القـراء الكـرام على الإستـياء الحاصـل لـدى الشـعب ( الكلداني الآشوري السرياني ) الصامـد في ديـار الآبـاء والأجـداد ، مـن تصـرفات الذيـن يتدخلـون في شـؤونـه بمعـزل عـن رغبـاته وقناعـاته وظـروف قضـاياه  وحقـوقه الخاصـة بمعالجـة شـؤونـه .

    ونـود أيضا أن نشـير إلى تجـارب سـابقة وقضـايا تخـص الشـعب ( الكلداني الآشوري السرياني ) لنقـدم الأدلـة ونحـذر مـن الفشـل  الذي  نصفـه دائمـا  بالإنتكاسـة ، عـندما يكـون  سـببه  عـدم الإمعـان  في دراسـة  الأمـور  وتقـدير  نتائجـها  مسـبقا ، والـتزام  الشـروع بالمسـيرة على ضوء  مـاهـو الأفضـل لنجـاحها بقـدر مـاهـو ممكـن ، إعتـمادا على الظروف والإمكانـات   .

    شـخصيا ، لا أنكـر أنـني كنـت مـن مؤيـدي  المؤتـمر  الـذي  أقـر  تسـمية  ( الكلدوآشوري ) ومرتـاحا لكـل توصـياته  ،  ولازلـت غيـر معـارض لهـذه التسـمية  لأنـني  لاأجـد فيـها ، بالنسـبة لقـناعاتي ، مـايـبرر  معارضـتها ، ولكنـني عـندما قصـدت  شـمال العراق  في الخريـف الماضـي  والتـقيت مـع أصحـاب مختـلف الإتجـاهات  واطلعـت على الأمـور  عـن قـرب ووجـدت  الكثيـر  مـمن  لايمكـن الطعـن  في حرصـهم  على وحـدة  الشـعب ( الكلداني الآشوري السرياني ) لهـم تحفظـات تجـاه هـذه التسـمية  وأنهـم  يـرون  أنـه  مـن أجـل  الأشـمل قبـولا  يفضـلون تسـمية ( كلداني آشوري سرياني ) وهي تسـمية وحدويـة جامعـة لاتختـلف بشـئ  عـن ( الكلدوآشوري ) خصوصـا  بعـدما  تـم تعـديلها وأصبحـت  ( الكلدوآشوري السرياني ) . .

      ومـع أنـني قلتـها مـرارا وأنـا واضـح بـها مـن دون خشـية أو مجاملـة لأحـد ، بانـني عـن أبحـاث وحقائـق تأريخيـة واجتماعيـة  توصلـت إلى قناعـة شـخصية بـأن ( آشـوري ) هـي التسـمية الأكثـر واقعيـة لشـعبنا وقوميتـنا ، ولكـن لأنـني تهمـني صيانـة وحـدة الشـعب الـذي أنتـمي إليـه بخصائصـه وقوميـته ولغـرض الحفـاظ على شـمله بأوسـع مـاهـو ممكـن ، فـلا ضـرر مـن القبـول بتسـمية  ( كلداني آشوري سرياني ) في المجـالات الرسـمية والعـلاقات مـع الشـعوب الأخـرى ، كمرحلـة ضروريـة  راهنـة وحـلا  لمشـكلة مصيريـة ، وهـذا لايتـعارض مـع اختـيار أي  شـخص الأسـم القـومي الـذي يلائـم قناعـاته في غيـر تـلك المجـالات والعـلاقات .

   وإذا كـان البعـض يأخـذون على المؤتـمر  الـذي  تبـنى  تسـمية ( الكلدوآشوري )  مايسـمونه ( السـرعة وعـدم التحضـير  الوافـي  وهيمنـة إحـدى الجهـات عليـه ) فـإنه ،  أليـس مـايجـري اليـوم قائمـا على ( السـرعة وعـدم التحضـير الوافـي وهيمنـة إحـدى الجهـات عليـه ) ؟  وإذا كـان عـاقـدو  هـذا المؤتـمر المقبـل ،  يلومـون  ذاك  المؤتـمر على هـذه الأمـور  نفسـها  ،  فلمـاذا  يصـرون  على  سـلوكها  وعـدم التخلـي عنهـا ؟  أليـس  مـن الضـروري  اتخـاذ  تجربـة  سـابقـة ومـا أسـفرت وقيـل عنـها درسـا  لهذا المؤتمر  لضمـان  نجاحـه ؟ ! !

   نعـم  ،  سـمعنا وقـرأنا  أيضـا  عـن مبـررات  في  شـأن  السـرعة  التـي  انعـقد  بـها  مؤتـمر إقـرار  تسـمية  ( الكلدوآشوري ) ونحـن هنـا  لسـنا  في مجـال الوقـوف مـع تـلك المبـررات  أو ضـدها ، فالآراء  في شـأنها  متـباينة  ، ولكنـنا  مـع  ضـرورة الأخـذ  بتـلك التجـربة  وغيـرها  ـ إن وجـد ـ  في كـلا  مجـالي النجـاح والفشـل ، ومـن ثـم الإستـفادة  مـنها  في تحقـيق  الأفضـل  بالنسـبة  للمؤتـمر  الجـديد .

    ولـفت انتـباهي انسـحاب ( الحزب الديمقراطي الكلداني ) وعلى رغـم أنـني لسـت متـفـقا  كليـا أو مخـالفا كليـا مـع مبـادئ هـذا الحـزب ومواقفـه ، ولأنـني لاحظـت خـلال وجـودي  في شـمال العراق أنـه يملـك قاعـدة شـعبية لايجـوز الإسـتهانة بـها ، وأنـه يعمـل مـافي وسـعه مـن اجـل الشـعب ( الكلداني الآشوري السرياني ) والتـقيت رئيسـه السـيد أبلحـد أفـرام والعـديد مـن قادتـه  ، وتبادلـت الآراء معـهم ،  ومن الذيـن التـقيتهم أيضـا  السـيد  روئيـل داود الـذي رافقـني مـع عـدد مـن رفاقـه ، مـرات عـدة ، فـي زياراتـي  لقـرى شـعبنا ، ومـن خـلال كـل هـذه الأحاديـث خرجـت بنتيجـة  أنـه  لايوجـد بينـهم  مـن ينكـر أن  ( الكلدان الآشوريين السريان )  قـوم واحـد ، ولكـن لهـم وجهـات  نظـر  في ذلـك  ليسـت  مـن النـوع  الـذي لايمكـن التـفاهم معـها ، وبصراحـة ، أكـد لـي الكثيـرون منهـم  ،  أنـهم ليسـوا  ضـد  التسـمية  الموحـدة  ( كلداني آشوري سرياني ) ولكـن الأمـر يحتـاج إلى بحـث  ودراسـة  وتبـادل الـرأي  ضـمن إطـار المفاهيـم المشـتركة  ، وتـوجد بيـانات للحـزب مـع أحـزاب أخـرى تؤكد إلتـزام الحزب بهـذه التسـمية   ، منـها ( اتفاقيـة العمـل  المشـترك  المعـقودة  في 18 / 3 / 2004 والموقعـة  مـن  قبـل فـؤاد بوداغ رئيس المجلس القومي الكلداني  وأبلحـد أفرام أمين عام حزب الإتحاد الديمقراطي الكلداني وكيوركيس خوشابا أمين عام اتحاد بيت نهرين الوطني ويشوع مجيد هداية رئيس الهيئة التنفيذية لحركة تجمع السريان المستقل ) والتـي جـاء  في بدايـها :
     "  عقـدت  الأحزاب والمنظمات القومية المدرجة اسمائها لاحقا سلسلة من الاجتماعات واللقاءات خلال الفترة المنصرمة لصياغة نقاط اتـفاق للعمل المشترك لمواجهة التغييرات  والتحديات السياسية الكبيرة على وطنـنا الغالي وعلى شعبنا ( الكلداني السرياني الآشوري ) واستحقاقاته القومية والوطنية في ظل ظروف المرحلة الانـتقالية ، وتـم الإتفـاق على مايلي : ـ
1ـ على الساحة القوميـة :
أ ـ  نؤمن بـأن كافة التسميات القومية ( سرياني ، كلداني ، آشوري ) هي لشعب واحد ونعتـز بهـا جميعـا .
ب ـ اعتمـاد التسمية ( كلداني سرياني آشوري ) تسمية موحدة لشـعبنا خلال الفترة الإنتـقالية ، لحيـن الإتفـاق على تسـمية قومية موحـدة تقـرر من خلال مؤتمر قومـي عـام ، تحضـره كافة الفصائل والأطراف السياسية العاملـة في صفوف شـعبنا إضافة إلى ممثـلي كنائسـنا الموقرة والنخبة المثـقفة من أبنـاء شـعبنا ، شريطة أن تعبـر عن الطموحات القومية وتعمـل على توحيـد فئـات شـعبنا وحشـدها وتوجيهـها لخدمة شـعبنا داخـل وخـارج الوطـن . "  . . . ألـخ إلى نهايـة نـص الإتفـاق .

   ولابـد مـن التسـاؤل أيضا ، هـل هـو عمـل صـائب ؟  أن يهمـل القادمـون مـن الخـارج ،   الجهـود التي بذلتـها لجنـة تنسـيق العمل بين أحزاب ومؤسـسات الشـعب ( الكلداني الآشوري السرياني ) المتكونة مـن : الحزب الوطني الآشوري وجمعية الثـقافة الكلدانية والمنبـر الديمقراطي الكلداني ومنظمـة كلدوآشور للحزب الشيوعي الكردسـتاني وحزب بيت نهـرين الديمقراطي ، في عملهـا الوحـدوي والحقوقـي للشعب ( الكلداني الآشوري السرياني ) فجـاءوا ( مـن جاءوا )  ليعتـبروا  الأرض سـوداء جـرداء  ، لا  أحدا قبـل وصولهـم فعـل شـيئا  ،   فتجاهلوا هـذه اللجنـة وجهودها الكبيرة في خدمة قضيـة هـذا الشـعب القوميـة على الشـكل الأفضل وبخطوات مدروسـة ومتـتالية في إنجازاتـها بمـا يناسـب ظروف الداخـل التـي يعيشـها أعضـاء هـذه اللجنـة ومؤيـدوهـم كثيـرون  . . هـل يجـوز تجاهـل العمـل المثمـر الـذي اسـتغرق إنجـازه أشـهرا ، مـن أجـل عمـل مجهـول النتـائج   وحـتى  المقـاصـد ؟ ؟ ! ! !

   ولنـا عـودة إلى المسـتجدات ،  في وقتـها المناسـب . [/b] [/font] [/size]

60
رأي في مؤتمرات الخارج ووفودهـا إلى الداخل

ـــــــــــــــــــــــــ

جميــل روفـائيــل

ــــــــــــ
[/color]

 

     ملاحظـة : تـم النشـر في عدد من المواقع ، سـهوا وقعـت فيـه بالربط بين المؤتمر الاشوري الموسع الأخير ووفـد الأخ سـامي المالح وزملائـه ، وقـد علمت بعـد ذلك أن هـذا الوفد مرتبط بمؤتمر سـابق في ستوكهولم ولاعلاقة لـه بالموتمر الأخير ( الآشـوري الموسـع ) لـذا اقتضى التـنويه والإعـتذار    . .   

ـ   ـ  ـ

       بدايـة  . .  صـرنا نقـرأ بيـن وقـت وآخـر أسـماء أحـزاب وتنظيمـات تحمـل أسـماء متـفرقة للشـعب ( الكلدانـي الآشـوري السـرياني )  تعـقد مؤتمـرات في أميـركا وأوروبـا . . ألخ وتخـرج بمقـررات وبيانـات وإرسـال الوفـود إلى العـراق وغيـره . . ونحـن نؤكـد بحسـب قناعـتنا أن مـن حقـهم أن يعقـدوا مـايشـاءون ويقـولوا مـايتصـورون ويصـدروا مـايرغبـون ويرسـلوا مـن يرتـأون  . . فالحريـة مصانـة ومحتـرمة وينبغـي أن تـقرأ  وتسـمع . . وفي الوقت نفسـه ، مـن حـقي  أنـا ـ كمـا هـو حـق غيـري مـن دون اسـتثـناء ـ أن أبـدي رأيـي في هـذا مـن جوانبـه كافـة ، خصوصـا  أنـا مـن الشـعب الـذي يتحـدثون عـنه وأسـتعد للعـودة القريبـة إلى ديـاري لأسـاهم مافي مقـدوري مـع الصامديـن فيـها بالعمـل مـن اجـل الأفضـل الممكن لرسـوخ مستـقبلها . . ولـذا فقـد تابعتـهم وقرأتـهم    . .

 

       والآن أبـدي الـرأي الـذي أراه بكـل ذلـك مـن نـواحي التـقييم والفائـدة في ضـوء  مصلحـة الصامديـن مـن  شـعبنا الذين يواصـلون بنـاء أرض الآبـاء والأجـداد ( كمـا أراهـا مـن وجهـة نظـري ) أرض سـهل نيـنوى ومـا جـاوره شـرقا وشـمالا وغـربا ، لأنـه ( الصامـد )  الوحيـد الحامـي لمستـقبل شـعبنا ، أيـا كانـت التسـمية التي يرغـب هـذا الفـريق أو ذاك بـإطلاقها عليـه ، لأن الأشـاوس الراسـخين في هـذا السـهل ومحيطـه ، هـم وحـدهم الذيـن حافظـوا ومـع تعاقـب الأجيـال على وجـود هـذا الشـعب وتراثـه وخصوصـياته واسـتمرار بقائـه ، وهـم وحـدهم الذيـن يواصلـون هـذه الأمانـة ، أمـا أولئـك الذيـن غـادروا هـذه الأرض ولايـزالون يـأبون العـودة إليـها ، فهـم فصـلوا واقعـيا مصـيرهم عـن تلـك الأرض ،  وإن كانـت لهـم بعـض الذكـريات الواهيـة العالقـة   بـه نتيجـة الفـترة التـي عاشـوها في الأرض التي ودّعـوها ، ولكـن غالبيـة أولادهـم فقـدوا اي مشاعـر قوميـة وتراثيـة ولغـوية تجاهـها واحفادهـم لـن يجـدوا شـيئا يربطهم بـها . . وهـم بذلـك تـشـتـتوا وتفرقـوا  و( ذهبـوا  أيـدي سـَبـا ) كمـا يقـول الحكمـاء ، ولـم يعـد لهـم حـق بتـقرير مصـير الصامديـن في الأرض مـن دون أخـذ  رأي ذوي الشـأن وقناعـتهم وقبولـهم .

 

       نعـم ، يقتـضي تقيـيم هـذه المؤتمرات  ( منـها المؤتـمر الذي دعـا إليـه الإتحـاد الآشـوري العالمـي في 1 و 2 نيسـان 2006 في أمسـتردام / هولنـدا ، والمؤتـمر الآشـوري الموسـع من 15 إلى 17 كانون الأول 2006 في سـتوكهولم / السـويد )  وإن كـان تنفيـذ قراراتـها وتوصـياتها دائمـا حبـرا  على ورق  ، وسـرعان ماتذهـب ضجتـها أدراج الريـاح ، لأنـها لايمكـن أن تثـمر مـادامت تـزرع في غيـر الأرض الصالحـة لهـا ،  لأن  شـعبنا لـم يعـد قـادرا على تحمـل المـزيد مـن المؤتمـرات وبياناتـها الداعيـة عـادة إلى مـا يتـناقض  مع رغبـته   في الداخـل بإنـهاء التـفكك والتباعـد والتـقهقر ، ولـذا فالأولـى بالقيـمين على هـذه المؤتـمرات والذيـن يشـاركون فيـها ، التفكيـر جديـا بأمرهـا الذي يتطلـب عقـدها حيث ديـار الصامديـن وبالإتفـاق معهـم ، لأن المؤتمـرات ليسـت كلمـات متشـددة ومجامـلات عابـرة وأوراق تـوزع ومقطوعـات موسيقـية تعـزف  وولائـم طعـام  في ( البـروج العاليـة ) ثـم ترسـل الوفـود ( بذرائـع متـنوعة ) . . وإنـما المؤتـمرات هـي في واقعـها ـ إذا أردنـاها ناجحـة ـ إلتـزامات لتأديـة مهمـات  في مكانـها الصحيح ، وإلاّ  فمـا هـي الجـدوى منـها ؟  طبعـا تصـبح ضـارة لاغيـر ،  وانعكاسـاتها تكـون سـلبية بشـكل عـام .

 

      إن الشـعب  ( الكلـداني الآشـوري السـرياني ) بأمس الحاجـة ، هـذه الأيـام ، إلى احتـرام مكانـة أولئـك الذيـن يتمسـكون بالبقـاء في ديـار آبائـه وأجـداده ، ويعيـدون تعميـر القـرى وتصحيح مـاقـام بـه الحاقـدون عليـه  مـن عمليـات تخريـب بلداتـه  وقـراه وتغيـير طبيعـتها القوميـة واللغـوية والإجتـماعية والدينيـة المتـوارثة ، مـن خـلال نقـل جماعـات سـيئة الممارسـات للإسـتيطان فيـها ، وإرغـام أهلهـا على النـزوح عـنها ، والأخـذ في الإعتـبار وضـع وظـروف وامكانـات مـن هـم متمسـكون بهـذه الديـار الخـالدة ، وقـراءة مجـريات الأمـور مـن النـواحي الواقعيـة ، ومـن ثـم التحـرك باتجـاه حـل المشـكلات في السـبيل الذي هـو مفيـد ونافـع ومثمـر .

 

   إنّ  نجـاح أي تحـرك ، مهـما كـان نوعـه ، يعتـمد أسـاسا على إدراك كـل طـرف من الشـعب  ( الكلدانـي الآشـوري السـرياني ) لمسـؤولياته ،  إن كـان يريـد حقـا النجـاح والخيـر  ، وذلـك بـأن يتحـرك كـل طرف بحسـب مسـؤولياته وموقعـه وشـكل الفائـدة التي يمكن أن يوفـرها ، فالذيـن  يصـونون الديـار هـم وحـدهم  أصحـاب  الحـق في تقـرير مصيرهـم وتمثيـل أنفسـهم في القضـايا التي تـتعلق بهـم ، ومـن يريـد مـن الموجـودين في الخـارج مشـاركتهم في هـذه المهمـة ، عليـه أولا أن يعـود إلى ديـاره الأصليـة ويعيـش حيـاة أهلـها الذيـن هـم فيـها في سـرائها وضرائـها ، وثـم يكـون مـن حقـه المشـاركة معـهم في تقـرير مصيـرهم ، أمـا إذا أبـى العـودة ، فـإن عليـه التصـرف بقـدر مـايمليـه عليـه  موقعـه ، وهـو تقـديم الدعـم المـادي للمتمسـكين بديارهـم لتـقوية صمودهـم ورفـع شـأنهم وتحسـين حياتـهم ووضعـهم الإجتماعـي  وأعمالـهم والإستـفادة مـن خيـرات أرضـهم ومياهـهم ، وذلـك يكـون مـن خـلال الدعـم المـالي وحـده ، وليس بالتـدخل في الأمـور التي لاعـلاقة واقعيـة له  فيـها . . وهـنا ينبغـي التـعلم مـن الأخطـاء التي نتجـت عـن هـذه المؤتـمرات والكـف عـن تكـرارها  في عقـد  المـزيد منـها لتـزداد الأخطـاء تراكمـا والأضـرار جسـامة والفشـل ـ الـذي  يبـدو أن البعـض مـن أصحـاب مؤتـمرات الخـارج لايعيـرون لـه إهتـماما ـ تـفاقمـا .

 

    هـذا هـو السـبيل القـويم ، الـذي ينبـغي التصـرف بموجبـه في هـذا الظـرف الصعـب الذي يمـر بـه  العـراق ، ويعيشـه الشـعب ( الكلـداني الآشـوري السريانـي ) الصـامد فيـه ، حيـث تـتطلب امـوره المصـيرية الجـرأة في دراسـة مستـفيضة مـن قبلـه  لكـل خطـوة مـن أجلـها ، وتحـديد نجاحـها الأكيـد ،  بقـدر مـاهـو ممكـن ، ومـن دون ذلـك فمـا هـي الفائـدة مـن  أي خطـوة ، مهـما كانت مبـررة ، إذا كانت سـبل نجاحـها غيـر ممكنـة ، وقـد يقـود الإصـرار عليـها إلى المآسـي والنكبـات  ؟ !   ولنـا في تاريخ الشـعب ( الكلداني الآشوري السرياني )  وممارسـاته ،  الكثيـر مـن التحـركات الإرتجاليـة التـي قـادت إلى أفـدح الأضـرار والتي لايـزال يتـألم مـنها ، ولسـنا في حاجـة لتـكرار ذكـرها ،  فهـي معـروفة بمـا أضاعتـه مـن الديـار والفـرار واعطـاء فرصـة الإنتصـار وتزويـر التاريـخ للأعـداء الذيـن  لـم يكـونوا  يحلمـون بـها .

 

   وإزاء هـذا ، نـرى أنـه ،  يقتـضي مـن المنتميـن إلى الشـعب ( الكلداني الآشوري السرياني ) الذين اصبحـوا خارج العـراق ،  أن يضـعوا مصلحة شـعبهم الصامـد في أرضـه فـوق كـل إعـتبار ، ويحتـرموا ظروفـه وقناعـاته وتـقرير مصـيره بالشـكل الذي يناسـبه ، ليكـون قـادرا على وضـع الأسـس الضامنـة لإسـتمرار بقـائه والإستـفادة مـن خيـرات أرضـه والتمسـك بهـا ، فهـذا الشـعب هـو بحـق صاحـب البيـت وهـو الذي يعـرف جيـدا حاجاتـه وكيف يحافـظ على ممتلكاتـه ويصـونها ، ومـاهي سـبله في توحيـد صفـه وجمـع كلمتـه والإتفـاق على النهـج الذي عليـه أن يسـلكه على الأقـل في الأمـور الحيويـة والقضـايا المصيريـة ، لا أن يضـع البعـض في الخـارج البعيـدين عـنه واقعيـا ، العـراقيل أمامـه التي تزيـد مـن صعـوباته في المرحلـة الدقيقـة التي يمـر بـها ، وتـدخله في أنفـاق مظلمـة هـو في غنـى عـنها ، وبالتـالي جعلـه ، على رغـم ظروفـه ، في دوامـة  المناقشـات المرهقـة  ، بسـبب  اخطـاء ارتكبـها غيـره البعيـد عنـه ، فمـن غـيـر المنطـق إتخـاذ قـرارات تخـص الشـعب الصـامد في وطنـه مـن دون حضـور أغلـب أغلـب تنظيماتـه في الداخـل ( بمختـلف طوائفـه ) فهـو  بحاجـة   إلى جمـع الشـمل والتكاتـف وانتـاج الأفعـال بـدل الأقـوال والبـيانـات .

 

    أتـذكر ،  أواخـر عـام 1979 كنت في مهمـة صحافية في الولايـات المتحـدة ، وأثنـاء وجـودي في ديتـرويت  ، كـان يعقـد مؤتـمر آشـوري في الفنـدق  نفسـه الذي كنت نـازلا فيـه ، وسـمح المشـرفون على المؤتمـر  بـأن أحضـر جانبـا منـه بعـدما عرفـتهم بنفسـي حيث كانـوا سـمعوا بأسـمعي واهتـماماتي  مـن خـلال المواضيع التي أكتـبها . . وأثـار استـغرابي أن المناقشـات كانت تـدور بالأنكليزيـة ، فسـألت أحدهـم عـن السـبب في أن تكـون اللغـة انكليـزية والمؤتمـر آشـوري ، فأجـاب بـأن الشـباب المشـاركين لايفهمـون جيـدا اللغـة الآشـورية ، وقـال أنـه لايجـد ضـررا بـأن تكـون لغـة المؤتمـر انكليزيـة مادام الكـل يفهـمها ، فقلـت لـه  ـ بحسـب رأيي ـ  أن مـا تـفضلت بـه هـو صحيـح شـكليا ولكنـه ليس صحيحـا واقعيـا ، لأن المؤتـمر آشـوري والحاضـرين آشـوريون ويبحث قضـية آشـورية مصيريـة . . و مـادام قسـم من المشـاركين فيـه لايحسـنون التحـدث بالآشـورية ولـم يـروا في حياتـهم أرض آشـور والأرجـح لـو  توافـرت لهـم الإقامـة في ديـار آشـور لرفضـوا . . إذن كيـف سـيكون  دفاعـهم عـن أرض  آشـور وهـم لايرغبـون  حتـى العيش فيـها  ؟ ؟ !

 

   الحقيـقة . . كلمـا سـمعت عـن إنعـقاد مؤتـمر مـن هـذا النـوع في الخـارج ، أتذكـر البـؤس الذي رأيتـه في ذلـك المؤتـمر ، وأكـرر إذا كـان الحاضـرون في المؤتـمر غيـارى على أرض آشـور ويدافعـون عـنها ، فلمـاذا لاينتـقلون إليـها ويشـاركون في زيـادة عـدد سـكانها الصامديـن والعمـل معهـم مـن أجـل حقـوقـهم المصيريـة واتلمسـاهمة  في تعميرهـا واستـثمار خيراتـها والتـنعم بروائعـها ؟

 

     قـد يقـول قائـل ، إن لغـة هـذا المؤتـمر أو ذاك كانـت آشـورية ، هـذا طبعـا حسـن ، ولكـن هـل أولاد هـؤلاء المشـاركين يتحدثـون الآشـورية أو يحملـون مشاعـر تجـاه وطـن آشـور ؟  وهـنا أتـذكر أن شـماسـا  تلكيفيا في ديـترويت أيضـا دعانـي إلـى داره ، وعـندما أردت التـحدث مـع أولاده بسـريانية تلكيف المحكيـة ، طلبـوا مـني الكـلام بالإنكليزيـة لأنـهم يجـدون صعـوبة في التحـدث بالتلكيفـي ( كمـا قالـوا لـي ) فسـألت والدهـم ، عـن سـبب عـدم تعليـمهم السـريانية كمـا تتحـدث أنت وأمهـم ، فأجابـني بصراحـة ربمـا اولادي يملكـون بعـض المعـلومات عـن تلكيف ، ولكـن أحفادي سـيفقدون كـل شـئ عـنها  لغـة وموقعـا وأصـلا وحتـى ديانـة ، فقـلت لـه ، ولكنـهم يعـقدون المؤتـمرات للدفـاع عـن آشـور وتلكيف ، فأجـاب :  لقـد طلبـوا منـي المشـاركة في أمثـال هـذه المؤتـمرات ، فأجبـتهم ، إذا كنـا نحـن وأولادنـا الذيـن قطعـنا كـل علاقـاتـنا بأرض آبـائنا وأجـدادنا  سـنحافظ على آشـور وتلكيف ، فلنـقرأ على ديـار الآبـاء والأجـداد في كـل أرض العـراق ألـف ألـف سـلام ؟ !

 

    وكثيـرا مانسـمع مثـلا شـائعا " تغـرق السـفينة عـندما يكثر ملاحيها " وفي قـرانا مثـل متـوارث " احتـرق الطبيخ لكثـرة الطباخين " والأمثـال هي أقـوال مأثـورة فيهـا مواعـظ وعِـبَـر ودروس يحتـذى بـها لأنـها ذات مغـاز ( جمع مغـزى ) اجتماعيـة مسـتخلصة مـن ممارسـات وتجـارب حياتيـة ، وتـورد عـادة لإثبـات قـول ودعمـه أو لإيضـاح فكـرة وتعـزيزها . . ولكـن يضـيف المفسـرون لهذيـن المثـلين ، بـأن المعنـي بهـما هـو حـدوث الضـرر عـند عـدم الإتفـاق ، أمـا إذا تـوافر التـفاهم بيـن الملاحيـن واتـفق الطباخـون على نوعيـة الطبيـخ وخطـوات إعـداده . . فـلا السـفينة تغـرق ولا الطبيـخ يحتـرق . .

 

    وأيضـا . . كثيـرا مـا نسـمع من المسـؤولين في المجـالات الدسـتورية والقانونيـة الذين  يتـم التباحـث معهـم في قضـايا الشـعب ( الكلداني الآشوري السرياني )  عبـارة " هـل اتـفـقتم بينكـم على هـذا الأمـر "  مـادمتـم لـم تـتـفقوا بينكـم " فـإن أحـدا لايسـتطيع  أن يرضيـكم جميعـا لأنكـم متـناقضون في مطالبكـم ورغباتـكم  "  وهكـذا يكـون الجـواب الـذي طالـما قـرأنـاه وسـمعناه مـن الـذين تـداولـوا في أمـور هـذا الشـعب   " إذهبـوا واتـفقوا ونحـن نلـبي مـا تـتـفقون عليـه "  . . إذن المشـكلة في ضـياع الحقـوق  ، هـي لعـدم وجـود اتـفاق وتبايـن المطالـب بيـن الزعمـاء السـياسيين والعشـائريين والدينـيين ، واسـتمرار تصـاعد عـدد هـؤلاء الزعمـاء  الذيـن بمحاولاتـهم فـرض وجـودهم يزيـدون الطيـن بلـة . . بحيـث كـدنا نحـن المتابعـين لأوضـاعهم  أن نضيـع في متاهـاتهم .

 

   لكـن الأدهـى . . أن لايتوقـف الأمـر على " ملاحـي " و " طباخـي " هذا الشـعب  في الداخـل الذيـن هـم الأولـى  بـقضاياه  ، ويمكـن أن يتفاهمـوا بينهـم على حلـول باعتـبارهم أصحـاب الأمـور ، وعليـهم يقـع مباشـرة مـاتسـفر عنـه النـتائج مـن خيـر وشـر . . وإنـما المشكلة  ، أن نسـمع بيـن فتـرة وأخـرى ، مـن يظهـرون في الخـارج ويعتـبرون أنفسـهم " أوصـياء " على مـا قطعـوا روابطـهم الوجوديـة بـه ، وصـاروا يعقـدون المؤتـمرات والإجتماعـات ويغـدقون عليـها مـن الألقـاب    ، مثـل " الموسـع " و " التاريخـي " والحتـمي " و " الإنقـاذي " في زمـن لاتوجـد ضرائـب ومسـاءلات على مثـل هـذه  الإدعـاءات ، ويتحدثـون وكأنـهم الكـل فـي الكـل ، ويصـدرون القـرارات ، وحتـى أنهم يرسـلون الوفـود إلى داخل العـراق   .

 

    ولكـن عـندمـا نتابـع مـادار في هـذه المؤتـمرات "  وسـأقتصر أنـا على الأخيـر بينـها وهـو   مؤتمـر ستـوكهولم المسـمى (المؤتمر الآشـوري الموسّع في السـويد  )  من 15 إلى 17 كانون الأول 2006 ، كمثـال للآخريـن لضـيق المجـال في موضـوعي وأتـرك غيـره لـمن يريـد تناولـه   ( للمقارنـة والمراجعـة والإطـلاع  والوصـول إلى الحقيقـة ، ننشـر نـص البـيان الختـامي لمؤتـمر ستـوكهولم في نهايـة الموضـوع  ) .

 

    وبحسـب المعـلومات التي نشـرها المؤتـمر بتاريـخ 16 / 12 / 2006 عـن بـدء أعمالـه ، يقـول ـ نصـا وبالتسـلسـل ـ حضـر المؤتمـر عـدد مـن ممثلـي المنظمـات والشـخصيات السـياسية مـن مختـلف بلـدان العـالم وهـي :  المؤتـمر الآشـوري العـام  ،  حزب تحـرير آشـور ،  المنظمة الاشـورية القومية  ،  الحركة الديمقـراطية الآشـورية ـ التيـار الوطنـي  ،  الحـزب الديمقـراطي الآشـوري  ،  المنبـر العالـمي للناشـطين الآشـوريين المستـقلين ،  إتحـاد الشـبيبة الآشـورية في السـويد  ،  معـهد بابـل في ألمانيـا ،  المركـز الثـقافي الآشـوري في بوتشـيركا / السـويد .

 

    وعـند النظـر إلى هـذه التنظيمـات يبـدو واضحـا ، أولا : أن كلهـا سـياسية حتى لـو حملـت اسـم المستـقلين في بعض الأحيـان  ، ما يعـني لايمكـن أن تكـون حقيقـة أي وفـد يمثـلها ، أينـما اتجـه وحيثـما ذهـب ،  إلا ّ  على صـورتـها وما دار في أروقـة مؤتـمراتـها .   

      وثانيـا :  لـم نسـمع بوجـود أي تنظيـم لهـا جميعـا في أرض الوطـن بمـا فيـه من تسـميه المؤتـمر الآشـوري العـام الـذي  يذكر المؤتمـر أنـه تأسـس في آب 2005  وهـو ممثـل المشـاركين في المؤتمر في العـراق ، وهـنا يخطـر على البـال إذا كـان لأصحـاب المؤتـمر الموسـع تنظيـم وممثـل في العـراق فلمـاذا لـم يعقـدوا مؤتـمرهم داخـل العـراق ليكـون صـداه حيـث أرض القضـية ولكـي يظهـر  حجمهـم "  الموسـع " في وطـن الآشـوريين ؟ و يضـع هـذا الأمـر  الشـكوك التـي تدفـع للإحتسـاب بـأن وضـعهم ينطبق عليـه المثـل "  فاقـد الشـئ لايمكـن أن يمنحـه  "

   وثالثـا  :  وكمثـال لهـذه التنظيمات التي ذكـر المؤتمـرون أسـماءها ، نـدون فقـرة (  نصـا )  مـن لقـاء منشـور في موقع عنكاوا كوم بتاريـخ 29 / 12 / 2003  مع الدكتـور ابراهيـم أفـرام أحـد قيـاديي حـزب تحـرير آشـور  الذي تأسـس في 15 / 6 / 1995  حيث يجيب على سـؤال ( أيـن يتـواجد أعضاؤكـم  ،  في المهجـر فقـط أم في الوطـن أيضا ؟ ) ويقـول الدكتور ابراهيم  " في الوطـن وخاصـة في سـوريا وتركيـا لدينـا أعضـاء  منظميـن  لكنهـم يعملـون بسـرية تامـة ، أما في أوروبا  واسـتراليا فلدينـا فروع كثيرة ومؤازريـن بأعـداد كبيـرة  "  ثـم  يسـأله  الموقع ( يعنـي في العـراق ليس لديكم أعضـاء منظميـن ؟ )   فيجيب الدكتـور ابراهيـم أفـرام "  لدينـا  أعضـاء من أبنـاء شـعبنا من العـراق لكنـهم يعيشـون حاليـا في المهجـر "  هـذا الحـزب في التسـلسل الثاني ، نظـرا لأهميـته ،  في قائمـة المشـاركين في المؤتـمر ، وهـو مثـال لغيـره من المشـاركين ( في المؤتـمر الآشـوري الموسـع ) وممثلـه في العـراق ووفـده إلى العـراق . . الذيـن لانجـد حاجـة لتـناولهم واحـدا واحـدا ، وإنـما نذكّـر بمثـل قـرانا  ( إسـم كبيـر لقريـة خربانـة ) .

    ورابعـا :  عـندما نقـرأ في البيـان الختامـي لمؤتمـر ستوكهولـم ( الآشوري الموسـع ) مايـلي (  فقـد قـرّر المؤتمـر المطالبة بالاقـرار بإقامـة اقليـم آشـور بجغرافيـته التاليـة   :

 

شـمالاً: الحدود الدولية لدولة العراق مع تركيا وسوريا

شـرقا: من منطقة نروه وريكان ضمناً  ،  نزولاً على طول الزاب الأعلى

غـربا : نهر دجلة

جنـوباً : نقطة إلتـقاء الزاب الأعلى مع دجلة   ) 

 

نجـد البـون الشـاسع بيـن  مطلب الإقليـم وحـدوده ( أعـلاه ) وبيـن الواقـع الذي الذي فيـه الشـعب الذي يدعـون تمثيلـه في مناطق هـذا الإقليـم . .  أمـا غيـره ( فلا مجال في موضوعي لنشره كله  ويمكن الرجوع اليه  من خلال متابعـة وقائـع المؤتمر )  مثـل  الإعلان الذي نشـره  يوم 16 / 12 / 2006 تحت عنوان ( رفض التسـمية المركبة والمطالبة بالتسـمية الآشورية . . المطالبة بالفـدرالية واقليم آشـور ) وعندما سـئل الناطـق  بإسـم المؤتمر السـيد اشـور كيوركيس : ماهي المناطق التي يشـملها الإقليم الذي تطالبون بـه ؟ ( أجاب : سـهل نيـنوى ونـوهدرا ) وعـندما سـئل : لكـن لاتشـكلون الأكثرية السـكانية في هـذه المناطق الآن ، فكيف يتـم تشـكيل الإقليم تحت حكـم الأقليـة ؟  ( أجـاب : هـذه المناطـق هي آشـورية تأريخيـا ويجب إعـادتها إلى أهاليها الشرعيين كما للأخـوة الأكراد مطالب باعـادة أراضيهم في كركوك فلـنا أيضا أراضيـنا المسـتولى عليها يجب إعادتـها ) . . وأيضا يمكن الرجـوع إلى  التـقرير اليومي ( 1 ) عـن اليوم الأول للمؤتمر 15 / 12 / 2006 والتـقرير اليومي رقم ( 2 ) عن اليوم الثاني للمؤتمر 16 / 12 / 2006 والتـقرير اليومي ( 3 ) ليوم 17 / 12 / 2006 .

    وأسـأل انـا الناطـق السـيد آشـور : كيف تعـاد المناطـق وأهلها ،  وأنتـم منـهم ، لاتـعودون إليها ، عـودوا إليـها وهي تعـود لأهلها تلقـائيـا ؟ هل تريـدون أن تعـاد على بيـاض ؟ سـأتيكم بمثـل وهو واحـد مـن بيـن عشـرات : قريـة كان كل سـكانـها مـن الآشـوريين اسـمها ( بدريـة ) لابـدّ  أنكـم سـمعتم بـها لأنـها ضـمن المناطق التي يطالب بـها المشـاركون في مؤتـمر سـتوكهولم ، تـقع جنـوب غربـي ألقـوش ،  جميلة  ورائعـة  وصاحبـة خيـرات وفي موقع مهـم على الطريق الدوليـة إلى دهـوك وزاخـو والحدود العراقية مع تركيـا ، وكان نظـام الطاغيـة صـدام نقـل إليـها جماعـات عربيـة  . .  وبعـد زوال هـذا النظـام  هـرب العـرب منهـا وأصبحـت في حـوزة الأخـوة الكـرد لكنـهم لـم يسـكنوها وبقـيت فارغـة من السـكان أشـهرا عـدة  وطلبـت القيـادة الكردية والمؤسـسات الدينـية المسـيحية مـن سـكانها الآشـوريين  الذيـن غادر  معظمـهم خارج العـراق العـودة إليـها ، ولكنـه لـم يعـودوا ، ولأنـها بقيـت فارغـة ذهب العـرب الذين غادروهـا عـند القيـادة الكرديـة وقالـوا : القريـة فارغـة ولـم يعـد إليهـا سـكانها الآشـوريون وطلبـوا السـماح لهـم بالعـودة إلى قريـة بدريـة مع التـعهد بمغادرتـها إذا عـاد إليـها سـكانها الآشـوريون . . وعـاد العـرب المسـتوطنون إليـها وحتـى اليـوم لـم يعـد إليـها أي آشـوري مـن سـكانـها . . مارأي أصحـاب مؤتـمر سـتوكهولم بهـذا الوضـع ضـمن مناطـق الأقليـم الذي يطالبون بـه ؟ ومـا رأيـهم هـم وأحـزابهم أن يعـودوا إلى بدريـة وغيـرها مـن مناطق الإقليم الآشـوري  الفارغـة ويعمـروها ويعمـروا ما يسـتطيعون مـن مناطق الإقليم ليكونـوا قـدوة لغيـرهم ؟ أخشـى ان يغضـوا الطرف عـن هذا العـرض الذي أرى فيـه مفتـاحا لكـل حلـول المشـكلات ،  ويبـقوا على الأقـوال والبيـانات وليس على الأعمـال والأفعـال !  !  .

 

   الحديث ممـكن أن يكـون أكثـر عـن مؤتمـرات الخـارج ومقـرراتها وبيـاناتهـا وجبهاتـها ووفـودها إلى العـراق ، التي تنشـر ماطاب لـها مـن ( عسـل ) الحقـوق وتـملأ  الأوراق بلـوائح المطالب باستـثناء مطلبـي  ( العـودة إلى أرض الآباء والأجـداد ) و ( المسـاهمة في تعمير قـرى الكلدان الآشوريين السـريان )  . . وماشـاء اللـه على هـكذا مطالب وأوامـر  : إقليـم و. . و . . في العراق وأهـل الإقليـم في كل أنحـاء الأرض مـاعـدا العـراق . . نكـرر ماشـاءاللـه . . ماشـاء اللـه . . وعيـش وشـوف .

 

نـص بيـان المؤتـمر الآشـوري الموسـع ( للإطـلاع والمقارنـة )

 

المؤتمر الآشوري الموسّع في السويد

-         البيان الختامي –

 

ستوكهولم : 18/12/2006

      في ظل ظروف سياسية معقدة تتشابك على أرض العراق بشكل عام و تنعكس سلباً على الشعب الآشوري بشكل خاص ، كانت مسؤليتنا التاريخية التي تحتم علينا كأحزاب و تنظيمات و فعاليات مستقلة أن نتحرك بما تستدعيه المصلحة العامة للشعب الآشوري لانقاذه من براثن التبعية و الاستجداء التي صُوّرت له على أنها الملاذ الأخير، فعلى أرضية هذا الواقع و تحت شعار : " آشور فخر العراق، العراق وطن الآشوريين "

انعقد المؤتمر الآشوري الموسّع في مدينة ستوكهولم من 15 إلى 17 كانون الأول 2006 و بحضور فعّاليات سياسية من أحزاب وتنظيمات وناشطين للتداول فيما يُلحق بالشعب الآشوري من غبنٍ و تهميش و تقسيم، ولايجاد السبل الكفيلة للوقوف في وجه مَنْ يُفرِّط بحقوق الشعب الآشوري ، أصل العراق و تاريخه .

      فعلى مدى ثلاثة أيام ناقش المؤتمرون بروح مستمَدَّة من عراقة الماضي ومسؤولية الحاضر ورؤية المستقبل، الحقوق القومية المشروعة للشعب الآشوري والآليات السياسية الكفيلة بتحقيقها على أرض العراق، أرض الآباء و الأجداد، جنباً إلى جنب مع باقي مكونات الشعب العراقي.  وقد اثمرت المناقشات بتأسيس جبهة آشورية قومية تحت  إسم "جبهة انقاذ آشور" التي سيُعلن برنامَجها وتشكيلتها في الوقت المحدد من قبل المؤتمر. وتؤيد الجبهة كافة الجهود والمساعي التي تدعم المسار الآشوري في العراق والمتمثلة بكل تنظيم أو كيان سياسي يعمل على تحقيق مطالب المؤتمر، حيث تعلن الجبهة بأن ممثلها الآن في العراق هو "المؤتمر الآشوري العام" الذي تأسّس في العراق في شهر آب/2005، كما تعلن استعدادها على تأييد كافة الفصائل الآشورية التي تتخذ لنفسها من مقررات المؤتمر الآشوري الموسّع منهجاً عملياً لتحركاتها السياسية في العراق، وترحب مستقبلاً بانضمام كل تنظيم أو حزب أو ناشط يؤمن بمقررات المؤتمر جميعها وبدون استثناء أيّ منها.

مقرّرات المؤتمر : تعمل "جبهة إنقاذ آشور" على توحيد الجهود لتحقيق المقررات التالية :

أولاً : على الرغم من تجاهل الدستور العراقي في ديباجته، لِما قدّمه الآشوريون للعراق من وجه حضاري و تاريخٍ يرتقي به إلى مصافِ الأمم الحضارية وكم قدّم له من الأرواح كشهداء ، بالإضافة إلى مساحات كبيرة من الدماء التي أُزهقت على يد حكومات ديكتاتورية منذ تأسيس العراق الحديث وحتى يومنا هذا مكللةً بوشاح الهجرة السوداء منذ عام 1933 إثر مذابح مروّعة طالت العزّل من الآشوريين في سيميلي وعلى امتداد شمال العراق وعلى أثرها توالت صفات التخوين واللاوطنية التي ألبــِسَت على الآشوريين من قبَل الحكومات الرجعية والعنصرية. وبرغم تحمّل الشعب الآشوري لكل هذه المعاناة، إلاّ أن الدستور العراقي لم يعطي الآشوريين حقهم ولم يحترمهم كما يستحقون وفقاً للحقيقة التاريخية والمساواة الوطنية.

ولذلك فقد فرّر المؤتمر المطالبة بالاقرار بأن الآشوريين هم الشعب الأصيل في العراق .

ثانياً : إضافةً إلى ما تعرض له الشعب الآشوري من اضطهاد و تهميش، إلا أن الدستور جاء ليزيد من مآسي الآشوريين بتقسيمهم عن طريق استحداث مكوّنات قومية جديدة لا يعترف بها علماء الآشوريات في العالم ولا أبرز المؤرخين العراقيين. وحتى اللغة الآشورية جاءت بتسمية مذهبية، وهذا نتيجة لسياسة استرضاء بعض رؤساء الطوائف الآشورية بدعم من أطراف خارجية مما يُجحف بحق الأمة الآشورية وفق حقيقتها التاريخية، وإيماناً منـّا بالحقيقة التاريخية التي تفرض الآشورية كهوية أرض وشعبٍ ولغة.

ولذلك فقد قرّر المؤتمر المطالبة بتثبيت االآشورية في الدستور العراقي كهوية قومية شاملة .

ثالثاً : بعد أن تخلص العراق من معاناته اثرَ بطش الحكومات الديكتاتورية المتوالية على حكمه. دخل العراق مرحلةً جديدة في حياته السياسية ليُفرز من خلالها طموحات مكوّناته القومية والدينية، فكانت تلك الطروحات فئوية أكثر منها وطنيةً وبشكل خاص تَدْيين العراق و فَدْرلته بشكلً يُخالف مبدأ المساواة و التعايش، وخصوصاً أنه تمّ رسم الخارطة الفدرالية بدون الأخذ بعين الاعتبار الشذوذ الديمغرافي الناتج عن سياسة الحكومات الديكتاتورية والحركات الانفصالية، ونذكر على سبيل المثال، الاضطهادات خلال الستينيات، حيث تمّ تهجير الشعب الآشوري من مدنه و قراه بين مطرقة الحركات الانفصالية وسندان الحكومات الهمجية، وذلك منذ العام 1961 حيث بلغت ذروتها في مذبحة صوريا عام 1969، مضافاً إليها عمليات النقل السكاني في السبعينيات وصولا إلى عملية الأنفال عام 1988 والتي راح ضحيتها قسم كبير من الشعب الآشوري بين قتيل و شريد لذنب لم يرتكبوه، وصولاً إلى مرحلة حرب الخليج الثانية حيث تم فصل شمال خط العرض /36/ ليبدأ مشروع تكريد آشور بشكل رسمي وعلني، وما تلى ذلك من إضطهاد قومي منذ 1991 في شمال العراق، واضطهاد ديني وقومي بعد سقوط النظام في 09/نيسان/2003 في كافة مناطق العراق، حيث تستمر الإبادة الديموغراقية للشعب الآشوري حتى لحظة إعلان بياننا هذا.

وانطلاقاً من رؤيتنا لضرورة المساواة في الفدرالية المطروحة في الدستور العراقي وإعادة كافة الأراضي الآشورية المغتصبة إلى اصحابها في كافة أنحاء العراق، وإزالة الغبن الذي لحق بالآشوريين من جرّاء هذه السياسات في تجاهل حقوق الشعب الآشوري في العراق، وحق الشعب الآشوري في الحفاظ على هويته ووجوده في أرض أجداده "آشور"، والحفاظ على مقوماته القومية من إجتماعية وثقافية، فقد قرّر المؤتمر المطالبة بالاقرار بإقامة اقليم آشور بجغرافيته التالية:

 

شمالاً: الحدود الدولية لدولة العراق مع تركيا وسوريا

شرقا: من منطقة نروه وريكان ضمناً، نزولاً على طول الزاب الأعلى

غربا : نهر دجلة

جنوباً : نقطة إلتقاء الزاب الأعلى مع دجلة

 

****

      وفي النهاية ، ومن على هذا المنبر نخاطب المجتمع الدولي الذي كان شاهداً على ما حلَّ بالشعب الآشوري من مآسي وويلات منذ ما قبل تأسيس منظمة عصبة الأمم حتى ما بعد تأسيس الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان التي وقفت وقفة المتفرج على ما يحدث في العراق من تهجير واضطهاد ديني وقومي بحق أعرق شعوب التاريخ .

      كما نخاطب الشعب العراقي الأبي بعد أن نال حريته أن يتفهّم حق الآخرين بالمساواة والعيش المشترك الذي تقره القوانين الدولية والإنسانية بعيداً عن التعصب القومي والديني اللذين كانا من افرازات الحكومات الديكتاتورية الرجعية البائدة التي توالت على حكم العراق رغناً عن إرادة الشعب العراقي. فلقد آن الآوان أن نجلس على طاولة الوطن كعائلة واحدة بعيداً عن المشاريع الخارجية التي تنال من وحدتنا التاريخية التي جمعتنا على مر العصور، كنا نتقاسم فيها العيش المشترك.

 

      وأخيراً نتوجّه إلى أبناء الأمة الآشورية، أن يتحمّلوا مسؤولياتهم تجاه مصيرهم المهدد بزوال مقوّماته القومية من أرض و هوية ولغة ووجود، بما أُصبِغَ عليه من معادلات طائفية وسياسية أَدخلته في قضايا معادية للقضية الآشورية برمّتها، كافتعال التسميات المركبة والطائفية، وألحاق القضية الآشورية بقضايا انفصالية عنصرية مستحدثة على أرض آشور. وفي توجّهنا هذا ندعو الشعب الآشوري للتكاتف والتعاضد بكل ما يملكونه من قوة في داخل العراق وخارجه أحزاباً كانوا أم تنظيمات أم ناشطين، للوقوف في وجه كل المشاريع التي تنال من القضية الآشورية الحقّة.

 

عاش العراق حراً موحداً

عاشت الأمة الآشورية   [/b] [/font] [/size]

61
قـراءة موضوعية في اللقاء مع يونادم كنا

ــــــــــــــــــــــ

جميــل روفائيــل

ـــــــــــــ
[/color]

 

    قـرأت بإمعـان اللقـاء الذي أجـراه موقع ( عنكاوا كوم ) مع السـيد يونادم كنـا ، ووجـدت مـن المفيـد أن أتـناوله مـن خـلال النظـرة القوميـة الوحدويـة الموضوعـية التي أؤمـن بـها وأعتـمدها في كتاباتـي ، وأقـول كلمـة الحـق مـن وجهـة نظـري في هـذا اللقـاء  ، على رغم الغموض الواضح فيـه ، الـذي تـرك المجـال مفتـوحا لتبـاين التفاسـير والأحكام والمواقف والتوقعـات في شـأنه ، ماجعلـني أخمـن أن السـيد يونادم أعطى ملامح لإمكانيـة حصـول تطورات في موقف زوعـا لكنـه تـرك الأبواب مفتوحـة لكل الإحتمالات . . وكنت أتمـنى لـو كـان السـيد يونادم واضحـا في موقفـه من القضايا المصيرية التي تـناولها اللقـاء معـه ، خصـوصا أن مركـزه الحـزبي والسـياسي بالنسـبة لشـعبنا يستـوجب  منـه ذلـك . 

 

      وأود أن أؤكـد ، بدايـة ، أنـني  إنطلاقـا مـن عـدم إنتمائـي  أو تأيـيدي المطلـق لأي حـزب أو فئـة أو حركـة  سـياسية والتـزامي النـهج الوحـدوي القومـي لشـعبنا ( الكلدانـي الآشـوري السـرياني ) ومسـايرتي الإعتـدال ومتطلبـات ظـروف المرحلـة الراهنـة في الإتفـاق على إسـمه الرسـمي ، فإنـني لسـت على إتفـاق كلي أو خـلاف كلي مـع أي تنظيـم سـياسي لشـعبنا ، وإنـني أرى أن لكـل تنظيـم إيجابياتـه وسـلبياته ،  وإن كـان ذلـك بدرجـات متـفاوتة في كـل منهـما بيـن تنظيـم وآخـر . . واعتـمادا علـى  موقـفه مـن وحـدة شـعبنا والإسـم الرسـمي الموحـد لـه .

 

    وأيضـا أود  أن أوضـح لأولئـك الذيـن يحاولـون إتهامـي بأنـني "  مـروج  " لفكـر الحركـة الديمقراطيـة الآشـورية التـي يرأسـها السـيد يونادم كنـا ، بأنـني أتـفق مع الحركـة ورئيسـها في مجموعـة مـن منطلقاتـها وأخالفـها في أخـرى ، وإذا  ظهـر في كتاباتـي مايبـدو  ترويجـا لفكـر الحركـة فهـو في الحقيقـة ترويـج لـما أتـفـق بـه  مع فكـر الحركـة ، وهـو أيضـا أمـري مـع كـل تنظيمـات شـعبنا السـياسية ، ولكـن أقولـها بصـراحة ، ان بيـن احـزاب شـعبنا مـن أنـا على إتفـاق مع مبادئـها وممارسـاتها أكثـر من إتـفاقي مع ( زوعـا ) وأن السـيد يونادم سـبق أن امتـدحته في مواقـف وانتـقدته في أخـرى ، وكـل ذلـك منشـور في المواقـع وهـو معـروض للقـراءة والمراجعـة لكـل مـن فاتـه الإطلاع عليـه ويريـد التـأكد مـن ذلـك  .

 

      وخـلال وجـودي في شـمال العـراق في شـهري آب وأيلول الماضيين ( 2006 )  إلتـقيت برؤسـاء أو ممثلـي غالبيـة تنظيمـات شـعبنا وتبادلـت معـهم الآراء ، وكانـت كـل أحاديثـنا بنـاءة ، فلـم أجـد بينـهم مـن لايؤمـن بـأن شـعبنا بكافـة مسـمياته واحـد ، أو مـن ليـس مـع وحـدة شـعبنا وجمـع شـمله ومنـع تشـتـته وصيانـة وجـوده الحاضـر في العـراق وترسـيخ حقوقـه ووضـع أسـس ضـامنة لمسـتـقبله . . وبالطبـع لـم تخـل مـن آراء وتحفظـات في شـكل الإسـم الموحـد ولكـن لـم أجـد مـن أحـد رفضـا قاطعـا للإسـم الموحـد . . وسـمعت بعـض الملاحظـات مـن طـرف على آخـر ولكنـها ـ لأمانـة النـقل ـ كانـت جميعـا هادئـة وغيـر جارحـة ، وأيضا سـمعت مـن الجميـع ، مـن دون اسـتـثناء ، نقـدا شـديدا وأحيانـا لحـد الإسـتياء ، لقسـم مـن سـياسيي وكتـاب الخـارج  مـن شـعبنا ، الذيـن ـ قـال كـل مـن إلتـقيـتهم في العراق عنـه  ـ بـأن "  همـّه  زرع الفرقـة  وإثـارة النـزاعات والبحـث عـن وسـائل تخريـب الداخـل وليـس تعميـره ، وهـو ـ أي قسـم الخـارج الذي تنـاولوه  ـ يقـول  الكثيـر الكثيـر الضـار ، ولايفعـل  حتـى القلـيل القليـل النافـع للصامديـن في الداخـل  "  .

 

     وليس خافيـا ، أنـني التـقيت عـددا مـن قيـادات الحركة ـ السـيد يونادم لم يكـن بيـنهم ، ولا أتذكر أنـني التـقيته أو رأيتـه وجهـا لوجـه في حياتـي ـ  وقواعـدها وتـبادلت معـهم الآراء ، واسـتمعـوا إلـيّ واسـتمعت إليهـم ، وتناقشـنا في مواقـفنا المختـلفة وأبديـت ملاحظـاتي على العـديد مـن ممارسات الحركة ورئيسـها ، وللحـق أنـهم أيـدوني في قسـم منـها ودافعـوا مـن وجهـة نظـر الحركـة عـن القسـم الآخـر ، وكنـّا دائمـا نـنهي حواراتـنا على تفاهمـات وثـقة متـبادلة ، وبـأن مصلحـة شـعبنا ومـا يفيـده ينبـغي أن تكـون فوق كل اعتـبار حزبـي وغيـره .

 

     وقـد دونـت هـذا المـدخـل لموضوعـي ، آمـلا أن أوفـق بـأن تكـون قراءتـي للقـاء عـنكاوا كوم مع السـيد يونادم كنـا ، ضـمن موضـوعية  إطـار هـذا المدخـل  . .

 

     شـخصيا ، أرى بـأن من حـق السـيد يونادم أن يكون ممثـلا  لشـعبنا في أي لجنـة للبرلمـان العراقـي ، بنـاء على القـوانين والقـرارات  واللوائـح الداخليـة التي يعمـل بموجبـها البرلمـان ، والتي تـقر  بـأن اختـيار أعضـاء اللجـان يتـم من خـلال القـوائم الإنتخابية الممثلة في البرلمـان  . . صحيح أنه كانـت تـقدمت قوائم أخرى لشـعبنا خلال الإنتخابات البرلمانية ولكنهـا لـم تـتمكن من إيصـال ممثـلين عـنها ماجعـل قائمـة الرافدين الوطنيـة وممثـلها السـيد يونادم كنـا الوحيـدين الممثـلين لشـعبنا بحكـم الواقـع في البرلمـان ، وصحيـح أيضـا  أنـه يوجـد نواب  من شـعبنا غيـره في البرلمـان ، ولكنـه الوحيد الذي يمثـل قائمـة ( الرافـدين الوطنيـة ) الخاصـة بشـعبنا ، أمـا الآخـرون فـقـد تـم انتخـابهم ضمن لوائح الممثـلين لقـوائم أخرى ، ومـن حق قوائمهم أن تختـارهم في عضويـة اللجـان ، ومـادامت قوائمهم لـم تختـارهم ،  فإن مشـكلة هـؤلاء النـواب المنتـمين إلى شـعبنا هي مع قوائمهـم التي يعتـبرون نـوابا ضمـن مجالـها ، وليسـت مشـكلتهم مع أي آخـر سـواء كان السـيد يونادم أو غيـره . . وإذا كـان الكتـاب عاجزيـن عن إنتـقاد تلك القوائـم وموقـفها مـن المنـتمين إلى شـعبنا الذين هـم ضمنـها ، فليس مـن الإنصـاف والعـدالة أن يعوض هـؤلاء الكتاب عـن عجزهـم هـذا بصـب جـام غضـبهم على السـيد يونادم الـذي يدخـل اللجـان  بحـق وبحسـب قرارات البرلمـان ضمـن قائمتـه الوحيـدة الفائـزة مـن بيـن قـوائم شـعبنا التي شـاركت في الإنتخابـات .

 

     أمـا إدعـاء البعض بـأن السـيد يونادم ليس حيـاديا لأنـه يمثـل تنظيمـا سـياسـيا وفكـرا قوميـا ضمـن مبـادئ الحركـة الديمقراطيـة الآشـورية ، فهـذا إدعـاء غيـر موضوعي ، لأن كـل أعضـاء البرلمـان العراقي ومن ضمنـهم المنـتمـين إلى شـعبنا ، وفي مجـال أي قائمة كانـوا ، ليسـوا حيـاديين ، لأنـهم يمثـلون احـزابا ومبـادئ وأفكـارا ، حالـهم كمـا هي حـال السـيد يونادم ، وإذا كانـت للبعـض مآخـذ  على التنظيـم السـياسي للسـيد يونادم ، فلا يوجـد تنظيـم سـياسي ، سـواء الحركـة الديمقراطية الآشـورية أوغيـرها ، بمعـزل عـن الإطـراء من البعض والمـآخذ من البعض الآخـر ، وهـذه حـال طبيعيـة لكـل تنظيـم أو فكـر سـياسي ، لشـعبنا أو غيـره . 

 

     ومـن البعيـد عـن الحـوار الموضوعي ، أن يقـول البعض "  إن الأحزاب الآشـورية لايوجـد بيـنها معـتدلين . . "  وبذلك يتجاهلـون حقيقة أنـه يوجـد في لائحـة الأحزاب ( كلدانية ) و ( آشـورية ) و ( سـريانية ) و ( غيـرها ) معتـدلون وغيـر معتـدلين ، أما القول بأن الأحزاب الآشورية وحـدها لايوجد فيها إعتـدال ، فهـذا حكم هـو بحـد ذاتـه غيـر معتـدل . . كمـا أن اعتـبار نفـي السـيد يونادم أو غيـره مـن الآشـوريين "  وجـود القوميـة الكلدانيـة "  هـو  " فكـر اقصائي " ، تعبيـر غيـر دقيق ،  فكثيـر من الذيـن ينتـمون إلى " المذهب المسـيحي الكاثوليكي الكلداني " ينـفون وجـود قوميـة آشـورية ، وغيـرهم مـن المذهب نفسـه  ينفـون  وجـود القوميـة الكلدانية ، وأنـا كتـبت رأيـي في هـذا جهـارا ومـرارا ، وأكـدت بالأدلـة التي بحوزتـي ، أن مـن الخطـأ  التاريخـي ربـط التسـمية المذهبيـة الكلدانيـة  التي  راجت لطائـفة مسـيحية كاثوليكية ـ أنـا مـن بيـن المنتـمين إليـها ـ منـذ جـاء بـها البـابا أوجيـن الرابع ،  بتسـمية الكلـدان  التـي حملتـها إحـدى القـبائل الأسـرية الآراميـة في بابـل وبعض مناطـق وسـط العـراق القـديم ، وكلاهمـا لاتمثـل واقعـيا شـعبا أو قوميـة لأن التسـمية المذهبيـة هي ضمن المجالات الدينيـة والتسـمية القـبليـة الأسـرية هي عشـائرية ضمـن الشـعب الآرامي  . . علمـا أن هـذه قناعـتي الشـخصية ولا اعتـراض لـي على قنـاعات الآخـرين إذا اختـلفت عنـها ووجـدت في الكلدانيـة قوميـة ينبغـي الإلتـزام  بـها .

 

     ويـرى  السـيد يونادم ، بـأن الذي أضـّر بـإدراج حقـوق شـعبنا في الدسـتور هـو  "  مواقـف مؤسـسات شـعبنا وورود  عـدد كبيـر مـن الرسـائل المتـقاطعة سـاهمت في هـذا الإشـكال وقـد شـققت وحـدة شـعبنا وخاصـة مرجعـياتنا الكنسـية وبعض المجموعـات السـياسية "  ،  هـذا  كـلام  يعبـر عـن الواقـع وطالمـا رددناه ، ولكـن أيضا نرى أن قيـادة زوعـا هي ضمـن الذيـن سـاهموا  في هـذا الإشـكال ، ومـن العـبث تـرديده مـن دون  إتـخاذه عبـرة بـدل التـبرير  لتجـاوز هـذا الضـرر مـن خـلال العمـل المشـترك والإحتـرام المتـبادل والمسـاواة في الحقـوق  مع كـل الأطراف السـاعية إلى ترسـيخ وحـدة شـعبنا واسـمه  الموحـد الخالـي مـن أي فواصـل .

 

     ويـقول السـيد يونادم  "   .   .  ثـم  لدينـا مطالب قوميـة بالطبع منهـا المادة 125  بحاجـة إلى معالجـة ولتثـبيت وحـدة شـعبنا الكلدانـي الآشـوري السـرياني ، إذ  كنـا  سـابقـا في قانـون إدارة الدولـة للمرحلـة الإنتـقالية منضويـن تحت تسـمية واحـدة ( كلدوآشوريين ) إسـتنادا إلى مقـررات المؤتـمر القومـي المنعـقد في أكتوبر 2003  ، والمطلوب الآن مـن المؤسـسات وأحـزاب شـعبنا أن تـقف موقفـا موحـدا بخصـوص التسـمية وكذلـك فيـما يخص حقوقنـا على الإدارة المحليـة والتي ضمنـها الدسـتور في المـادة 125  منـه  "  ،  الحقيقـة الكـلام ليس واضحـا بالشـكل المطلوب ، على الرغـم مـن رؤيتـي لـه بأنـه  يتضـمن مرونـة من السـيد يونادم عـندما يطلب من المؤسـسات وأحـزاب شـعبنا أن تقف موقفـا موحـدا . . مايعـني أن الموقف الموحـد يسـتلزم تنازلات من كل الأطراف ، وهـو إشـارة على أن ( زوعا ) مسـتعدة للتـنازلات في أمرين رئيسـيين ، الأول : بخصوص التسـمية الموحـدة ، والثاني :  حقوقنا على الإدارة المحليـة ، واسـتعداد زوعـا هو الرضـا بتسـمية ( كلداني آشوري سرياني ) والإدارة المحليـة التي تعني الحكـم الذاتـي  ، أي كمـا أرى أنـه يشـير إلى  تخلـي زوعـا عن تسـمية ( كلدوآشوريين ) التـي رغـم شـموليتها وأهميـتها لاقـت معارضـة واسـعة لأسـباب مختـلفة ، وأيضـا  صـرف النظر عـن منطقة في سـهل نيـنوى مرتبطة بالحكومة المركزية التـي بـرزت زوعـا مـن بيـن الداعيـن إليـها ، وفي هـذه الحـال ، إذا كان ماأراه هو المعني بكـلام السيد يونادم ، فتـكون قـد زالت مشـكلتان كانتـا تشـكلان عائقـا في التـقارب بين الحركة الديمقراطية الآشـورية وبين مؤسـسات وأحزاب شـعبنا السـاعية من أجـل الحكم الذاتـي الذي يجمـع شـعبنا ضمـن اقيـم كردسـتان والإسـم الموحـد ( كلدانـي آشـوري سـرياني ) .

 

    ومـما يدعـم رأيي ، مايقولـه السيد يونادم حـول ايجاد مخرج دستوري لمشكلة التسمية :  "  لايوجد لنا حل جاهز يرضي جميع الأطـراف . . أمـا اليوم المطلوب أن نخـرج بتسـمية بمـا يؤكـد وحدتـنا القوميـة ومن المفضـل أن تكون التسـمية الجامعـة والمختصـرة ، وإذا لـم نتـفق  أو لـم يكـن هنـاك إجمـاع  على ذلك يبقـى المهـم أن نؤكـد على وحدتنا القوميـة من دون عـوارض ولا فواصل ولا عوازل . . "  وبالمختصـر فـإن هـذا الكلام يشـير إلى أن الإتـفاق على التسـمية الموحدة هـو مـن الحلـول الرئيسـية لمعالجـة مشـكلة التـشـتت ،  لأن أي واو تعـني تقسـيم شـعبنا إلى شـعوب واغـتيال حقيقـة أنـنا شـعب واحد ، لأنـنا لايمكـن أن نقـر بأنـنا شـعب واحـد وفي الوقت نفسـه  نقبـل بـواوات تقسـم هـذا الشـعب الواحـد إلى شعـوب لهـا أسـماء متـعددة  منفصلـة عـن بعضها ، إذ أنّ  رفـض التسـمية الواحـدة الخاليـة من الفواصـل هـو بحـد ذاتـه رفض إنتـمائنا إلى شـعب واحـد ، علمـا أنـنا دعـونا دائمـا إلى التسـمية الرسـمية الشـاملة الخاليـة من الفواصـل ، واقـترحنا تـرك الحريـة الجماعيـة والشـخصية في الإسـتخدامات الأخرى للتسـميات المتـداولة  لمـن يشـاء  ، كحـل وسـط للمواقـف المتـباينة في المرحلـة الراهنـة .

         وأنـا شـخصيا لا أتـفق مـع القائليـن بوجود تسـمية " هجينيـة ومركبـة  . . ألـخ  "  لأن  التسـمية القوميـة الرسـمية هـي تلـك المقبـولة ، مهـما كان نوعـها ، مـن غالبيـة أبنـاء شـعبنا ، إذا  تعـذر كلهـم كمـا هي حـال الشـعوب الأخرى في تسـمياتها ، ولعـدم وجـود  قاعـدة  لقبـول الكـل في كل عمـل جماعـي ،  لـذا فـإن الـرأي يبقـى للغالبيـة إسـتنادا إلى الأعـراف المعمـول بـها في مجـال الآراء ، لأن الحصـول على تأيـيد الكـل نادر  التحـقق  في الأمـور التي تتطلـب إتـفاق جهـات وآراء متـعددة ،  ولهـذا فـأي تسـمية مقبولـة مـن الغالبيـة (  هجينـة أو مركبـة أو غيرهمـا ) هـي الممثـلة  للـواقع  . 

 

    وفي شـأن الحكم الذاتي ، يرى السـيد يونادم "  . . كإدارة محلية تجمع أبناء المنطقة ويتـم تأسيس هـذه الإدارة إسـتنادا إلى المادة الدسـتورية دون تمزيق وحدة المجتمع في تـلك المنطقة . . ليتـم إنجـاز ذلك بعيـدا عـن المزايـدات وشـعارات التلاعب بعواطف الناس . . والطروحات الغير موضوعية مـن أجـل أهـداف ونـوايا قـد تـنعكس سـلبيا على حقوق شـعبنا القومية وعلى أواصـر التـآخي والشـراكة في المنطقـة  "  . 

 

     ويبـدو هنـا أيضا ، أن السـيد يونادم ( على رغـم الغموض الشـامل في تصريحه ) يقـر بضرورة أن يكون الحكم الذاتي ، إدارة محلية تجمع أبنـاء المنطقـة ( على  رغم أنه كان ينبغي أن يحدد ماهيـة هذه المنطقة ، هل سـهل نينوى ، أو المنطقة الجامعة لكل بلـدات وقـرى شـعبنا في سـهل نينـوى واقليـم كردسـتان ) ومـن دون تمزيـق وحـدة المجتمع في تلك المنطقـة ( أرجح أنـه يقصـد سـهل نينوى مع إقليم كردسـتان ) وبتـقديري أن ( أواصر التـآخي والشـراكة في المنطقة ) لـن تكون مصـانة مـن دون إنعكاسـات سـلبية ، إلاّ  بانضـمام سـهل نيـنوى إلى اقليـم كردسـتان ، وذلك لأن أي تغيـير بالحـدود الإدارية يتطلب اسـتـفتاء في الوحدات الإداريـة ( الأقـضية وربما النواحي )  وسـهل نيـنوى يتكون من أقضية ( تلكيف ، الشـيخان ، الحمدانيـة ) وكل قضـاء يتشـكل من نواحي عـدة ، ولا يوجد أي وحـدة  قضـاء أو حتى ناحيـة نقيـة عرقيا لشـعبنا ، مايعـني أن نتيجـة الإستـفتاء سـتتحكم فيهـا إنتماءات عرقية ودينيـة ومذهبيـة متـعددة  ،  وأن رأي  شـعبنا سـيمثل جـزءا  مـن النتيجـة . .

       وقـد تأكـد لـي من خلال متابعـاتي أثنـاء وجـودي في تللسـقف وألقـوش ، أن شـعبنا ليس موحـدا في موقفـه ، وإنـما هـو منقسـم في إتجـاهات متباينـة سـتشكل رأيـه خـلال الإسـتـفتاء ، وإن بـدا لـي أن الأكثـرية هي مع إنضـمام سـهل نينـوى إلى إقليم كردسـتان لأجـل تـقوية صـوت شـعبنا بتجميعـه في إقليم واحـد ، وبحسـب رأيـي ـ كمـا أوضحت ذلك خلال النـدوة التي شـاركت فيـها في المركز الثـقافي الآشـوري في دهـوك ، أثنـاء وجـودي في شـمال العـراق  ـ  أن الحـركة الديمقراطية الآشـورية ـ إذا  أرادت  أن تسـلك موقـفا صائبـا ـ عليـها إجـراء إتصـالات مع كافة أطراف شـعبنا وغيـره في سـهل نينوى ، ومـن ثـم تـتخـذ  موقفـها ، كقـوة مهمـة في تقـرير القضايا المصيرية لشـعبنا ،  بمـا يمليه عليها الواقـع القائـم في مواقف الغالبيـة ، لأن الطرف الذي يسـلك سـبيلا خاسـرا ، فـإن صـدمة  خسـارته لـن تكون وقتيـة لـه ، وإنـما سـتلازمه جماهيريا وقـد تكون كارثيـة ، مايتطلب التفكيـر مليـا وتجنـب الموقف الخاسـر  .

 

     وبالنسـبة للعلاقـة بيـن زوعـا والتحالف الكردسـتاني ، يقـول السـيد يونادم ، أن  "  . . المصلحة العامة والمصـالح المشـتركة تجعلنا نسـعى دائمـا لمعالجـة هكـذا اشـكاليات بروح من التـآخي والشـراكة الحقيقيـة . . في الحقيقـة هنـاك سـبب آخـر سـاهم في تعكيـر العـلاقات وهـو وجـود بعـض الفئـات الهامشـية الإنتـهازية التي سـعت وتسـعى دائمـا من أجـل تخريـب العـلاقات من أجـل مكاسـب شـخصية أو فئويـة . . وهي تعتـاش على التـناقضـات وان الأيـام كفيلة بكشـف الحقيقة . . ونحـن سـنكون دائمـا حريصيـن على تثـبيت العـلاقات مع حلفائنـا في الإقليـم "

 

   نعـم ، أن مصلحـة شـعبنا مـع الأخـوة الشـعب الكـردي في شـمال العـراق ، هـي قبـل مصلحتـه مع أي شـعب آخـر في العـراق ، لأنـنا نعيش تاريخيـا  بجـوارهم ( وحـق الجـار على الجـار ) وأن لاتجميـع لشـعبنا في منطقـة إقليمية واحـدة غيـر إقليمهـم . . ولكـن من غيـر الصحيح أن يلقـي السـيد يونادم مسـؤولية "  تعكير العـلاقات إلى وجـود بعـض الفئـات الهامشـية . . ألـخ  " لأنـه بذلـك يبـتعد عـن  الواقـع  ،  والســؤال :  إذا كـان المسـؤول عـن تعكيـر العـلاقـات ( بعض الفئـات . .  )  فلمـاذا لـم يسـع السـيد يونادم إلى التـفاهم في حينـه مع الأخـوة الكـرد لإحتـواء المشـاكل قبـل إستـفحالها . . ولمـاذا انتـظر إلى اليـوم لتثـبيت العـلاقات مع الحلفـاء  في الإقـليـم ؟ !  نرجـو ألاّ  يكـون قـد طلـب مـن ( الحلفاء الكرد ) قطـع علاقـاتهم مع ( مع الهامشـيين الإنتهازيـين المخربيـن للعـلاقات ) لأن مثـل هـذا المطلب سـيواجه بالرفض الأكيد ( من الحلفـاء الكـرد ) لأنـه يمثـل تدخـلا  في شـؤونهم لايمكـن أن يقبـلوا بـه  ،  مـا قـد يـؤدي إلى بقـاء  العـلاقات ( معكـّرة الأجـواء ) .

 

      والحقيقـة ، لاأسـتطيع ـ شـخصيا ـ  أن اتصـور ، كيف أن رئيـس حـزب سـياسي يصـنف أحـزابا أخـرى لشـعبنا ـ مهمـا كان حجمـها واتجاهـها ـ بالهامشـية الإنتهازيـة . . والإعتـياش على التـناقضات . . حتى لـو كـان ذلـك حقيقـة ـ  لأن هـذا  ليس مـن شـأن  أي رئيـس لحـزب إضافـة إلى مـا قـد يثـيره مـن  تبـادل الإتهامـات وزيـادة  الخلافـات والصراعـات والإضـرار  بالتعـاون  بين فئـات شـعبنا في القضايـا  المصيرية  ، وإنـما يقـرره شـعبنا مـن خلال حكمـه  على الممارسـات المختلفـة واختـيار الأفضـل  الـذي لايمكـن اسـتبعـاد زوعـا بتاريخـها الحافـل بالأمجـاد  منـه أبـدا . .  ونـأمل أن لايكـون هـذا الوصف من السـيد يونادم ( ناجمـا عـن الغـرور والشـعور بالقـوة وقيـادة زوعـا الوحيـدة لشـعبنا وتهميش مـن لاترضى عـنه من فئـات شـعبنا ) لأنـه إذا كـان الأمر كذلـك ، فـإن  زوعـا سـتختار  الإنعـزالية ، وأي ادعـاء بالتـعاون مـع الأحـزاب الأخرى لضمان حقـوق شـعبنا ووحـدته واسـمه الموحـد ومستـقبله يتـناقض  مع هـذا الوصـف  بالمطلق .

 

    وبخصـوص كـون الحركة الديمقراطية الآشورية بعيـدة عن أحزابنـا ومؤسـساتنا ، يقـول رئيـسها  "  في البـدء لاأفهـم مـا المقصـود بالعمـل سـويا ، عمليـا على الأرض مـا هـو البرنامـج وأين هـو الحضـور وماهـو العمـل . . ولا زلنـا نسـعى وهذا كان  قرار مؤتمـر حركتـنا الرابع مـن أجـل آليـة للعمـل المشـترك في سـاحتـنا القوميـة ولا تـوجد لدينـا أي اشـتراطات مسـبقة عـدا ارتبـاط هـذه المجموعـة أو تلـك  بمصالـح شـعبنا وأن تكـون حـرة ومستـقلة في قـرارها  "  . 

 

     أنـا أشـك في أن السـيد  يونادم ، لايفهـم المقصـود بالعمـل سـويا ، وإذا كـان حقـا لايفهمـه ، فليسـمح لـي أن أوضحـه لـه ، إنطلاقـا من حرصـي على مسـاهمة زوعـا مع كـل أطراف شـعبنا الراغبـة في الوحـدة والإسـم الموحـد والمستـقبل المضمـون لشـعبنا ، أوضحـه من خلال هـذا التسـاؤل  :  عـن السـبب الـذي جعـل الحركـة الديمقراطية الآشورية تـقاطع ـ على الرغـم من تلقيـها الدعـوة ـ اجتماعـا حضرتـه أحـزاب وجمعيـات في عـنكاوا في شـأن الإسـم الموحـد ، ألـم يكـن للمجتمعـين برنامـجا ؟ وفي كـل الأحـوال ، ألـم يكـن الأفضـل ان تحضـر زوعـا ـ خصوصـا أن الإجتماعـات جـرت ولاتـزال حيث مصير شـعبنا وليس في الخـارج ديـار  الشـتات والضياع ـ وتبـدي رأيـها في مسـألة البرنامج الذي تـراه وغيـره وتناقـش وتـتفاهم ، مـادام الأمـر متـعلقا بالإسـم الموحـد الـذي ، تقـول زوعـا ، إنـها تسـعى من أجلـه ، وتسـعى أيضا بحسـب قـرار مؤتـمر الحركـة الرابـع مـن أجـل آليـة العمـل المشـترك في سـاحتنا القوميـة ؟ !  فهـل يمكن أن تسـعى وتصـل إليـه من خـلال مقاطعـة إجتماعـات البحث في الإسـم الموحـد ؟ !

 

    والـذي يدعـو إلـى التـأمل  أن يقـول السـيد يونادم "  ولاتـوجد لدينـا أي اشـتراطات مسـبقة "  ثـم يضـيف ماهـو بالفعـل يشـكل  شـرطا مبهمـا  معلقـا من دون توضيح تفاصيلـه ويبـدو أن  تحديـده  متوقـف  على رأي وقناعـة زوعـا وحـدها عندمـا يقـول "  عـدا  ارتبـاط هـذه المجموعـة أو تلـك بمصالح شـعبنا وأن تكـون حـرة ومستـقلة في قرارهـا  "  .

 

    وأخيـرا ، وانطلاقـا مـن إلتـزامنا لمصلحـة شـعبنا ، واحتـرامنا  لزوعـا ورغبـتنا باسـتمرارها في موقعـها المرمـوق والبـارز بيـن شـعبنا ، تحدثـنا آنفـا بصراحـة ووضـوح بالشـكل المعروف لدينـا في المواقف الصعبـة ، ونكررهـا أيضـا بصراحـة ووضـوح :  أملـنا مـن زوعـا أن تجلس مـع كـل الآخـرين مـن شـعبنا ، حيث مكانـها الطبيعـي خصوصـا عـندما يتـم ذلـك حيث مصـير شـعبنا داخـل العـراق  ،  وتنـاقـش وتـتـفاهم وتبـدي رأيـها الحـريص في حـل مشـاكل شـعبنا ( الكلدانـي الآشـوري السـرياني ) وصيانـة وحـدته القوميـة واسـمه الموحـد . .  أمـا الفـرز بيـن الصـالح والطالـح فلايفيـده الإنعـزال واتـهام الآخـرين ، وإنـما يقـرره شـعبنا بمـا يلمسـه عمليـا لخيـره مـن كل طـرف مـن أفعـال ، وليـس الأقـوال والإتـهامات والمشـاحنات التي سـئم منـها . . أجـل سـئم منـها شعبنا وصـار يمقـتها  مـن أيـن جـاءت ، ولـم يعـد مسـتعدا لقبـول أي تبريـرات في شـأنهـا   . [/b] [/font] [/size]

62
الأسـس التاريخية والإجتماعية لوحدتنا القومية
ــــــــــــــــــــــ
[/color]
جميـل روفائيـل
ــــــــ

     إسـتضافتني جمعية الثـقافة الكلدانية في عنكاوا مشـكورة  يوم 9 / 9 خلال وجودي في شمال العراق ،   في نـدوة للحوار المفتـوح ، بعـنوان ( الأسـس التاريخية والإجتماعية لوحدتـنا القـومية ) حضرها جمع من رجال الدين ونواب برلمان كوردسـتان وقياديون سـياسيون وغيرهم من المهتميـن بقضـايا شـعبنا ، ولأن الندوة اتسـمت بالإهتمام الكبير في حينه ، ونظرا لأن موضوعها العام لايزال من القضايا  المتداولة في مجالات شعبنا ، خصوصا الإسم الموحد الرسـمي ( كلداني آشوري سرياني )  فإنـني أتـناول فيمايلـي  ملخصا لـما تطرقت ُ إليه خلالها   . .
 
     إن اللقـاءات في النـدوات بهـدف تبادل الأفكار وصولا إلى التفاهـم ، هـي مـن السـبل الرئيسـية لحل المشـاكل التي لايـزال يعـاني منها شـعبنا ، وحيث أن قضية الإسـم القومي الموحـد الرسـمي لشـعبنا  تمثـل هـذه الأيـام ضرورة مصيريـة ، لأن الموضوح القومي أصبح راهنـا من الأمـور البارزة وذات الإهتـمام الكبير لكل العراقيـين  وستكون خسـارة تاريخيـة لنـا لو  بقيـنا ندور في حلقة مفرغـة  عديمة الثمـار المفيـدة  ونفـقـد قضية رئيسـية في ترسـيخ مكانـة شـعبـنا ووجـوده الدائـم  .
 
    بـداية ، عليـنا أن نكون حذرين من الخلط بين القوميـة والإنقسـامات المذهبية الدينـية والمنافسـات السـياسية ، للبـون الشـاسع الفاصـل بين الجوانب الثلاثـة . . وأيضا  الحذر الشـديد من خطورة  إعـتقاد البعض من القادة السـياسيين بأن إسـتغلالهم للأسـماء الطائفية كأسـماء قومية في الصراعات السـياسية يمنحهم مكاسـب جماهيرية إنطلاقا من العواطف الذاتية ، قـد تحصل مكاسب عاطفية آنيـة في ظروف معينة كمـا هو وضـع العراق المضطرب حاليـا  ، ولكنـها لن تكون دائميـة أبـدا ، وفي كـل الأحوال ضررهـا جسـيم على الأمـور القوميـة ، فلكل من الدين ( ومذاهبـه ) والقوميـة ،  خصوصياته في الحفاظ على وجـوده واسـتمراره والخلط بيـنها يؤذي كلاهـما  . 
 
       لأن القوميـة هي المجال الجامع لشـريحة من المجتـمع البشـري يشـترك في اللغة والتراث والعادات والتتقاليد والخصوصيات الإجتماعية والتواصل التاريخي والتجمع في منطقـة جغرافيـة والتعـاون في قضايا السـلامة الآنية والصيانـة المصيريـة . . ومن الخطأ أن يدعي أي حزب  أو تنظيم تمثيل شـعبنا وامتـلاك حق التحدث بإسـمه  ، فعلى رغم مايلاحظ من وجود تـفاوت في قـوة وامكانات وجماهيرية وتأييد أحزاب شـعبنا إلا أن  قضية  نسـبة التمثيل الحقيقي لأي تـنظيم  تـبقى غير واضحة وجليـة   بسـبب عـدم وجـود إنتخابات حتى الآن توفـر لشـعبنا حق إختـيار ممثـليه بنفسـه وبأصـواته وحـده ، كما لايحـق لأي جهة إحتكار قرار الوحدة القومية وحق تمثيلها ، لأن هذه الوحدة هي ملك لكل شـعبنا ، ومن واجب اي فرد أو جماعـة فيـه المسـاهمة في كل مايصـون وحـدة شـعبنا ويدعمها . 
 
   بينـما الديـن ومذاهبـه ، هي قواعـد إيمانية ثابتـة غيـر محصورة بقوميـة واحدة ولا تحتاج إلى منطقة جغرافية ، وإنـما تمتـد إلى قوميـات متـعددة أفكارا وتبعيـة وأسـماء وتمازجـا من دون حدود مع الديانات والمذاهب الأخرى وحقوقها الأسـاسية تنحصر في وجود الحرية والتسـامح  لهـا لإداء شـعائرهـا الخاصـة بـها  ، ولهـذا لايمكـن أن يكون اسـما مـا دالا ً  في الوقت نفسـه على المذهب الدينـي والمدلول القومـي .  .  ومن الخطـأ أن يدعي أي حزب يحمل تسـمية مذهبية  أنـه يمثـل كل المنتـمين إلى ذلك المذهب  ويورد أعـدادا ونسـبا مئـوية لحجم المذهب بين مسـيحيي العراق أو إقليم كوردسـتان أو منطقة مـا ومدعيا التحدث باسـمهم جمبعا  في الوقت الذي قـد يكون أعضاؤه ومؤيـدوه من أصحاب هذا المذهب لايتجاوزون الثلاثـة في المئـة على أكبـر تـقدير . . وهـذا الإدعاء ، إضافة إلى بطلانـه الواقعـي ، فإنـه يثـير صراعـا بين الحزب السـياسي والقادة الدينيين  الممثـلين لذلك المذهب . . كمـا يقـع في الخطأ الجسـيم نفسـه أي زعيـم لمذهب يخرج عن مجالـه الديني ويتـدخل في الأمور القوميـة والسـياسية  ،  ويكون الخطـأ منافيا لضوابـط ديـننا المسـيحي إذا اسـتغل مركزه الدينـي في تدخلاتـه  القوميـة والسـياسية ، فيـسبب إبتـعادا عنـه لقسـم من إتبـاع مذهبـه وبذلك يتحول من جامع لأتباع مذهبه حولـه إلى مشـتت  ومفرق لهـم .   
 
   في حيـن أن الأحزاب السـياسية ، هي قناعـات خاصـة مرحليـة تعتـمد على الأحداث والأوضاع السـائدة والمصالح العامـة والخاصـة والمتطلبات في فتـرات معيـنة ويمكن أن تـتغير القناعـات بـها  ويتـبدل إطارها مع تبـدلات الظروف والأحوال العامـة . .  ويتـعين على المنتميـن إلى الأحزاب أن يـدركوا هـذه الحقيقـة ويسـتبدلوا ( أصباغ ) قوميـتهم بحسـب الأحزاب ، فهو كلداني القوميـة عندما يكون منتميا إلى حزب يحمل تسـمية  كلدانية  وإذا إنفصل عنه وانتـمى إلى حزب يحمل إسـم آشـوري أو سـرياني فإنـه يتحول إلى قومي آشـوري أو قومي سـرياني ، وسـبب هذا ليس الشـخص المتحول قوميا على هـواه الحزبي ، وإنـما هو التخبط في ثلاثة أسـماء قوميـة ناتجة عن العراقيل التي يضعـها البعض من السـياسيين والمذهبيين أمام الإسـم الموحد الذي يضع كل المتحدثين بالسريانية والمنحـدرين من المتحدثيـن بـها ،  في إطار إسـم قومي واحد جامع وشـامل للكـل مهما كان إنتمـاؤهم المذهبي أو الـحزبـي .   
 
    إن حقيقـة وحـدة شـعبنا ، قلـما تلقى معارضـة من أحـد داخله ، حتى مع تبايـن الآراء في أسـس هذه الوحدة ومقوماتـها الأصليـة . . أنـا شـخصيا أراها ناتجـة عن الإنـدماج القومي الذي حصـل في حيـاة العراقيين القدمـاء  . . إذ  عنـدما نتابـع الدول التي قامت على أرض العراق القديـم ، فإنـنا نجـدها منـذ زوال سـلطة السـومريين وحتى نهايـة العهـد البابلـي الأخيـر ( الكلداني ) وعلى مـدى  1800  سـنة هـي لقـوم واحد ( بابلـي آشـوري ) وما حصل من فروقات كان طبيعيا في شكل الأنظمة وتبادلها للأسـماء وتناوبهـا للحكم ، وهو مانـراه عنـد مختلف الأقـوام والدول حتى يومنـا هـذا .  . 
 
   فمثـلا ، لغـويا . . لـم يتجاوز الإختلاف الظروف اللهجوية العامية الموجودة  في كل اللغـات الواسـعة الإنتشـار  . 
  وسـلطات . . كان تغيـيرا للأسـر والأشـخاص بالشـكل الذي يتـم داخل أي قـوم والذي طالما حدثنا التاريخ عنـه والذي لانـزال  نراه يحصل في مختلف الأقـوام  . 
    وعواصـم . . فقـد كان طبيعيـا أن تـفضل الأسـر الحاكمة مدنـها لأهميتـها في حمايتها وإعلاء شـأنها وشـأن آلهتـها نظرا للإرتباط الذاتي بمكان النشـأة ، أو أن يكون تبديل العاصمة إسـتنادا لإختيـار الموقع الأفضل أمنيـا من نواحي الموقع الجغرافي والمتطلبات الدفاعية الوقتـية ، ونادرا جدا مانجـد في تاريخ الشـعوب قوما لـم يغيـّر عواصمـه . 
 
   لـقد عاش الأكديون والبابليون والآشوريون والآراميون في منطقة جغرافية واحدة ، وعلى رغم ماحدث بينهم من صرعات غالبيتها كانت محدودة وتنافسـية على السـلطة بين المدن والمناطق والعائلات المتـنفذة سـرعان مايعـقبها الصـفاء والوئـام  ، وهي حال لايخلو منها شـعب ، فإن الإندماج القومي بينهم كان سـريعا متواصلا وخيارا ذاتيـا مقبولا ومرغوبـا من الكل ،  بعيدا عن التطهير العرقي والإحتـواء المتـعمد ، والسبب في ذلك أن هذه  المجموعات ذات الأصل السـامي الواحد ، كانت أقرب الشـعوب السـامية إلى بعضها ، فالأكديون والبابليون والآشـوريون يشـتركون في لغة واحدة ( اللغتـان البابلية والآشورية هما لهجتان من اللغة الأكدية ) والآراميون نظرا لقربهم الجغرافي من البابليين والآشوريين فقـد اختلطوا معهم عرقا ولغـة وحياة إجتـماعية إلى حـد بات معهـا من الصعب التـفريق بينهم . . وهـذا الإندماج كان  إمتـدادا من الشـعب وحتى ملوكـه بحيث صارت العائلات  مزيجة من دماء بابلية وآرامية وآشـورية  .
 
    والأمثلة كثيرة ، نورد نماذج منـها : ـ
      زواج الملك الآشوري شمسي ـ أدد الخامس ( الذي حكم من 824 ـ 811 ق . م . ) من الأميرة البابلية سـموـ رامات ( شـميرام ) التي أطلق عليها تاريخ هيرودتس الأغريقي إسـم سـميراميس ، والتي حكمت لمدة أربع سـنوات بعد وفـاة زوجهـا وصية على العرش حتى صار إبنـها الذي كان صغير السـن  أدد ـ نراري الثالث ( حكم حتى 781 ق . م . ) قادرا على إدارة الدولـة  ، والتي عملت على تسريع الإندماج بين البابليين والآشوريين  ونشـر الثـقافة البابلية و عبادة الألـه نابو البابلـي بين الآشـوريين ومن دون أن نجـد إشـارة تاريخيـة على أنـها واجهت  إعـتراضا بابليـا أو آشـوريا أو آراميـا لذلك . 
 
   شـجع الملك الآشـوري تجلاتبلاسـر الثالث ( 744 ـ 727 ق . م . )  عملية الخلط بين البابليين والآشـوريين والآراميين وانـتقالهم للسـكنى معـا حتى غـدت المناطق والمدن  والبلدات والقرى تجمع حاملي الأسـماء الثلاثـة  المندمجين مع بعضهم بحيث أصبحوا أمـة موحـدة ذات لغـة مشـتركة  واحدة وعادات متشـابهة  ، ومن آثار عهده التي وصلتـنا صورة لكاتب آرامي وهو يكتب وثيقـة بالآراميـة  . 
 
   عيـّن الملك الآشـوري سـنحاريب أصغر أبنائـه  أسـرحدون من زوجتـه الآرامية البابلية  ( نقيـة ـ زكوتو  ) وليا للعهد ، وكذلك عيـن أسـرحدون إبنـه الأصغر آشوربانيبال ليكون ملكـا بعـده ،  إرضـاء لأمه ( أم أسـرحدون )  نقيـة التي وصفت بأنها كانت صاحبـة نفـوذ كبير في الدولة الآشـورية  .
 
   كان الكاتب الرئيسي لدى الملكين الآشـوريـين سـنحاريب وأسـرحدون هو الآرامـي أحيقـار الذي كان حكيما شـهيرا ووصلنا من كتاباته قصتـه التي عرفـت بإسـمه والتي كتبها بالآراميـة .
 
    ويرجح الآثاري طـه باقـر ، أن  نبونهيـد  ( حكم من 556 ـ  539 ق . م . )   آخر ملوك العصر البابلي الأخيـر ( الدولة الكلدانيـة ) الذي كان آراميـا مثـل الأسـرة الكلدانية وإن لـم يكن من أفرادهـا ،  كانت والدتـه  من أسـرة آشـورية أرستـقراطية ، مايـدل على أن الأسرة الكلدانية واصلت النهج نفسـه في الإندماج القومـي ( البابلي الآشـوري الآرامي )  .
 
     ولازم هذا الإندماج القومي التوحيـد اللغـوي ، فأنضمت اللهجتان البابلية والآشـورية من اللغـة الأكديـة إلى اللغة الآرامية بسـهولة نظرا لأن اللغـات الثلاث شـقيقات بالإنتماء إلى الأصل السـامي  ، ووقع تفضيل الأختيـار على الأبجدية الآرامية لسـهولتها في لفظها ورسم حروفها قياسـا بالكتابة  للكتابة المسمارية المسـتعملة في البابلية والآشـورية التي كانت تسـتخدم الإشـارات التصويرية  الرمزية الصعبة الكتابة . . وهي اللغة والكتابة التي نسـتخدمها حاليـا  والتي أطلق عليها ( السـريانية ) منـذ  إنتشـار المسـيحية .
 
    واليـوم ، نحن في مرحلة حاسـمة لا سـبيل وسـطا فيهـا ، فإمـا المحافظة على وحدة شـعبنا المتوارثة قومـا  واسـما وصمودا وبقـاء ، وإمـّا التـشـتت والتـفرق والضياع والفنـاء ، وشـتان بيـن الأمـرين . . واللافت أن الكـل يعـترف بأنـنا شـعب واحد ، لكـن على الرغم من ذلك لايـزال البعض يتـهرب من القبول بالإسـم الموحد ، فيصرّ على تسـميات منفردة أو وضع واوات فاصلـة وكأنـنا قوميات متباينة على طريقة ( عرب وفرس وترك و . . ألخ ) وهو نهج عجيب وغريب لايسـتطيع تبريره بأسـلوب مقنع أي  من أصحابـه ، وهو بالحقيقة نهج مذهبي ديني أو حزبي سـياسي يدخل في إطار مصلحة خاصـة ضيقـة .
 
    لكن الأمل يتصاعـد بغلبـة الخيـر لأمتـنا ، فإن دائرة التـفرق تضيق بسـرعة وفي المقابل تتسـع دائـرة صيانـة الوحدة والإتـفاق على إسـمها الموحد ، فإضافـة إلى المـد الجماهيري الوحدوي لشـعبنا واتـفاق المثـقفين من شـعبنا على رفع أصواتهم وإصدار بيان يدعو إلى العمل المشـترك من أجل كل مايرسـخ وحدة شـعبنا ( الكلداني الآشـوري السرياني ) وإلتـزام إسـم موحد جامع شـامل لـه  ، فإن جهـات دينـية وسـياسية ذات شـأن  بـدأت بالتحـرك  في مجالات مهمـة لتبني إسـم موحد لشـعبنا خـال من الواوات وكل أشـكال التـفرقة في الدسـتورين العراقي والكردسـتاني ، إضافـة إلى تمتـع أصحاب هـذا الإسـم في سـهل نيـنوى وتجمعاتـه السـكانية الأخرى بالحكـم الذاتـي  ، وهو مايؤكـد وعـي شـعبنا في إلتـزام حقوقه وصيانة أرضـه ودياره ومسـتـقبله وصولا إلى شـاطئ السلامة والديمومة جغرافيا وتاريخيا واجتماعيا وحضاريا وثـقافيا ولغـويا ودينـيا وإنسـانيا .
 
   وفي الإتـفاق على   الإسـم الموحد ومنطقـة حكمـه الذاتـي ، يبـرز الوفـاء لشـعبنا ووحدته ، والـذي يتطلب من كل طرف تقـديم تنازلات وصولا إلى نقطة التـلاقي والتـوافق ، وهي بجمع الأسـماء المتداولة الثلاثـة كلداني آشـوري سـرياني في إطار واحد ، بأي ترتيب كان ( كلداني آشـوري سـرياني ) أو ( كلداني سـرياني آشـوري ) أو ( آشـوري سـرياني كلداني ) . . ألخ لأن الترتيب ليس مهما وإنـما المهم أن تكون الأسـماء بين قوسـين وخاليـة من الواوات الفاصلـة بيـنها .
 
   هـذا الإسـم الموحـد يصـون كل التسـميات المتداولة ولايبخـل حق إحداها ، ويحتـرم كل القناعـات ، أنا مقتـنع بأن قوميتي آشـورية ( وأن الكلدانية بالنسـبة لي هي تسـمية مذهبية دينية مصدرها ابتـدأ عام 1447 عندما وجـّه البابا أوجين الرابع اهتمامه نحو تحويل أتباع الكنائس الشرقية إلى الكاثوليكية ) ، بينما آخـر يناقض رأيي مقـتنعا أن الكلدانية قومية وهكذا بالنسـبة للسريانية أيضا ،  وغيـرنا يصـرّ  على التسـمية الموحـدة ( الكلدوآشـورية ) (  بلغة سـريانية ) التي أقـرها المؤتمر العام الكلداني السرياني الآشوري المنعقد في بغداد للفترة من 22 ـ 24 تشرين الأول 2003 ، ومع أنـني لاأعارض هذه التسـمية لأنها وحدوية لكنني في الوقت نفسـه لاأجـد ضررا من إسـتبدالها بتسـمية وحدوية أخرى مادام ذلك يحظى بقبـول أوسـع  . .
 
    ومع كـل ماتقـدم فـإن الدخـول في جدال بين الآراء والقناعات يزيد الهـوة إتسـاعا بيـننا وما يتبـع  ذلك من نتائج ضـارة بالكـل . . إذن مادمنـا جميعا نبدي قناعـتـنا  بأنـنا شـعب واحد  ، فإن قضية وحدتـنا لـم تعـد مشـكلة ، وإنمـا المشـكلة لاتـزال في الإتـفاق غلى الإسـم الذي يجمعـنا كلنـا ، إسـم نرتضي به ونسـتخدمه في كل المجالات الرسـمية وعلاقاتـنا مع غيـرنا ، وفي الوقت نفسـه لايرغـم أحـدا على التخلي في مجالاتـه الخاصة عمـّا يرتأيه من خصوصياته بمـا فيـه الإسـم المنفـرد ، شـريطة أن ينحصر ذلك ضمن الإطار الخاص لا غيـر .
 
    والموضـوع معروض للحـوار وتبادل الآراء بين الأخوة الحاضرين   ، بمـا يشـبه الزهور الرائعـة الألوان والزكيـة الشـذى ، التي تحتضـنها روضـة حديقـة واحدة  ، هي  روضة شـعبنا الكريـم . . وشـكرا جزيلا لجمعية الثـقافة الكلدانية في عنكاوا التي جمعتـنا في هذه النـدوة الجليلـة .
 
   ملاحظـة : تـم توزيـع الإعـلان  أدنـاه خـلال النـدوة : ـ
 
اعلان المثقفين من الشعب
 
( الكلداني الاشوري السرياني)
 
       نحن المثـقـفين من ابناء شـعبنا الوارث للحضارات الأكدية الاشورية الكلدانية الارامية ، والمواصل لأمجاد الرها ونصيبين ، والسائر على خطى الاجداد والآباء في صيانة الامانة المصيرية لشعبنا في الصمود والبقاء والوحدة والتمسك بالديار والارض والبلدات والقرى في سهل نينوى وما جاوره شرقا وغربا وشمالا ، والحفـاظ على اوثـق العلاقات مع الجيران من الشعوب والاقوام الاخرى . . نرفع أصواتـنا عاليا ً مؤكدين اننا على نهج الآبـاء والاجـداد في الاخـوة والعمل المشترك بيننا في سـبيل كـل ما يرسخ وحدة شـعبنا ( الكلداني الاشوري السرياني ) والتـزام اسـم ٍ موحـدٍ جامـع ٍ شامـل ٍ له ، رافـض ٍ كل اشكال التسميات المنفردة والفواصل ومايثـير الانقسامات ويسـبب الصراعات والتكتلات واستغلال الشـؤون القومية في المنافسات السياسية والمذهبية والمكاسب المصلحية للجماعات والافراد .
 
       ونـؤكد ، نحن المثـقـفين ، إلـتـزامنـا الكامل بمذاهبنا الدينية ومسمياتها ضمن اطارها الخاص ، واحترامنا للافكار والعقائد السياسية واحزابها وتنظيماتها ولكننا في الوقت ذاته نحرص على بقاء الامور القومية بعيدة عن الاجتهادات المذهبية الدينية ومنفصلة عن المواقف السياسية وتقلباتها وعلاقاتها الخاصة بها ، ولهذا يقتضي ان تعمل قيادات المذاهب ضمن اطار واجباتها الدينية ، وان تنصرف التنظيمات السياسية الى الكسب الجماهيري من خلال الترويج لافكارها وعقائدها الخاصة ، وان يلتزم الجميع بالحصانة القومية لشعبنا ، القائمة على التاريخ والتراث واللغة والتقاليد الاجتماعية والمصير المشترك والتي تواصلت متناقلة عبر العصور بحسب مسيرتها الخاصة المسـتـقلة ، غير متاثرة بما حصل من تبدلات مذهبية دينية واستقطابات سياسية عراقية ودولية ، سواء تلك التي تأثـر بها شعبنا أو التي تشكلت ضمن مجالاته الخاصة   .
 
    وازاء ضرورة تكاتف كل الخيرين الحريصين على سلامة قوميتنا ونقائها من الشوائب وصيانة وحدة شعبنا ، فانه حان الأوان ليتحمل مثـقـفو أمتـنا مسؤولياتهم في هذا المجال المصيري ، قولا وعملا وصيانة و وفاء ، سواء كان هؤلاء المثـقـفون من المستـقلين او العاملين في مهمات دينية أو المنتمين الى فئات سياسية ، وان ينحصر همهـم فقط خلال عملهم القومي ، بما يفيد شعبنا بكامله سليما موحدا قويا ضمن امكاناته الخاصة ومشاعره المصيرية المتضامنة ، وذلك من دون طرح اي شأن اخــــر  . 
 
           واننا نعتبر هذا الإعلان ، الخطوة الاولى باتجاه تحركات عملية مدروسة وقائمة على اللقاءات وتبادل الاراء والتفاهم الكامل وصولا الى عـقد مؤتمر للمثـقـفين بمشاركة ممثلين من كل الاطراف الدينية والسياسية والاجتماعية يضـع الاسـس الصائبة المقبولة من الغالبية ، اذا تعـذرهدف الاكثرية ، بما يصون وحدة شعبنا واسـمه الواحد وسلامته المستقبلية وشـموخه راسـخا بكل ما يوفره له حقه في التاريخ والارض وادارة شؤونه الذاتية والمشاركة الاخوية مع الشعـوب والاقوام الاخرى التي يعـيش معها في الوطن الواحـــد .
 
      ترسل الموافقات مؤقتـا الى :
 
1  ـ   الفنان والشاعر لطيف بولا
 
latifpola@yahoo.com
 
2  ـ  الكاتـب باســم روفـائيـل basimrafael@yahoo.com
 
المـثـقـفون من الشعب (الكلداني الآشوري السرياني)
 
( التواقيع تعبر عن مواقف شخصية )[/b][/font][/size]

63
المثـقفون وصيانة وحـدة شـعبنا
ــــــــــــــــــــــــ
جـميــل روفـائيــل
ـــــــــــــ
 
   تطلـق تسـمية ( المثـقف ) على المتـمكن في جانب أو أكثـر من الآداب والفنـون والعلـوم ، ولـه غنـى فكري ومعرفـة في مجـالات إهتـمامه . . ولـذا يشـكل المثـقفون نخبـة تمتـاز بوضـع بـارز ومسـموع في مجتـمعاتهم .
 
    لقـد أبلغـنا التاريـخ ، أن المثـقفين كانـوا في غالـب الأحيـان المحـرك الأول للأحـداث الإصلاحية في زمانـهم ، بأقلامهـم التي هـي  أمضى نفـاذا  من سـنان الرماح ، وألسـنتهم التي هـي أقـوى هديـرا من دويّ المدافـع . . ولسـنا في مجـال عرض   المثـقفين وإنجازاتـهم عبـر التاريخ ، فهي مـن المحـال أن تعـد وتحصى . . ولكنـنا نشـير إلى عـدد منهم على سـبيل المثـال لا الحصـر ، الذيـن قـرأنا  عنهم الكثيـر ، ومنهـم : ـ
    الفرنسـيون : مونتسـكيو ( 1689 ـ 1755 ) الذي كان  تأثيـره بـارزا فـي تطـور الدسـتور الفرنسـي ، وفولتـير  ( 1694ـ   1778 )  صاحب القلـم الرشـيق اللاذع والمؤلفـات التي دفعـت الشـعب إلى مقاومـة تزمـت السـلطتين المدنيـة والدينـية ، وروسـو ( 1712 ـ 1778 ) صاحب ـ العقـد الإجتماعـي ـ الذي تأثـرت بمبادئـه الثـورة الفرنسـية .
 
    ومن  العالمييـن  أيضا ، نذكـر الأميركية هريـيت سـتاو التي كان كتابـها ( كـوخ العـم تـوم ) هو المحرك  لأبراهـم لنكولن (  رئيس الولايات المتحدة 1860 ـ 1865 )  للعمل في سـبيل إلغـاء الرق والسـعي لتحريـر العبيـد .
 
    وفي المجـال العربي ، نشـير إلى : عبدالرحمـن الكواكبي ( 1849 ـ 1902 ) المشـهور بدعـوته إلى التحرر والإصلاح ، والشـيخ ابراهيـم اليازجـي ( 1847 ـ 1906 ) الذي كان من أئمـة النهضة الأدبيـة والإنسـانية في لبنـان و يفتـخر بإتـقانه للسـريانية ، وسـلامة موسـى ( 1887 ـ 1958 ) الذي دعـا إلى الإنفـتاح والعـودة إلى الجذور بروح عصرية بعيـدا عـن التعصبات العرقيـة .
 
   وفي مجـال شـعبنا ( الكلداني الآشوري السرياني ) لنـا لائحـة طويلة من أسـماء المثـقفين الرائعيـن وأعمالهم الرائعـة ، مع مسـار تاريخنـا الطويـل ، وللإشـارة نذكـر :  نعـوم فائق ( 1868 ـ 1930 ) من رواد نهضـة شـعبنا القومية والوحدوية الحديثـة ، و يوسـف حبـي ( 1938 ـ 1997 ) الذي هـو أحد أبرز مثـقفي شـعبنا في العصر الحديث ومنشـئ مجلة بيـن النهريـن وصاحب فكـرة مهرجان أفرام ـ حنين ( بغداد 1974 ) ومن دعـاة وحـدة شـعبنا بمعـزل عن أسـاطير التوراة وغيرها  . . وهو الذي قال في وصيتـه التي كتبها  قبل نـحو خمـس سـنوات من وفاتـه  : 
حـق وحـب وحـياة ، شعـار حيـاتي ، وأمـلي أن يـكون شـعـار النـاس أجـمعـين . 
أحـبـبت الأنسـان فـي كـل مكـان وكـل حـين . 
أحـبـبت بـلدي ، كنيسـة المشـرق العـزيـزة . 
أحـبـبت أهـلي وأقربـائي ، وأعـتبرت الأصـدقاء بـل كـل النـاس أهـلي وأقـاربـي . 
أحـبـبت كهـنوتـي ، وعـملي والـثـقـا فـة   .
 
    وابروهـوم نـورو ( اللبنـاني ) الذي شـملت جولاته مراكز ( السريان الكلدان الآشوريين ) وجمعها في كتابـه ( جولتـي) المطبوع عـام 1967  الذي جعله باللغتين السـريانية والعربية  وأكد فيه  أن كل التسـميات هي إسـم واحد ، وطالمـا أوصى بذلـك خلال حضـوره  مهرجـان أفرام ـ حنيـن ، الذي  شـارك فيه مثـقفون من أنحـاء العالم ، وعلى رغم أن كتابه يخص الكنيسـة السـريانية إلاّ أنـه ركّـز على الجوانب الثـقافية لشـعبنا ودعـا إلى إلغـاء الخطين الشرقي والغربي في الإسـتخدامات الكتابية السـريانية وإتبـاع الخط السرياني الإسـطرنجيلي المشـترك بين الخطين الغربي والشرقي ، وقال عنـه المطران غريغوريوس بولس بهنـام ، إنـه " ينـادي كالبرق المرعـد الأبناء لربط جهودهـم بجهـود الآبـاء ، ويحرضهم إلى طبع حياتهم بحيـاة الأسـلاف " .   
 
المثـقف والسـياسي
ـــــــــــ
 
      تختـلف نظرة المثـقف إلى القضايا القوميـة والإجتماعيـة عـن موقف السـياسي ، فالمثـقف ينظر إليـها بحرية مطلقـة  على أنها رابطة إجتماعيـة بين مجموعـة من الناس تربط بعضهم ببعض وحـدة اللغة والثـقافة والتاريخ والمصالح المشتركة وعليهم التـعاون والعمل التضامني لنصرة قضاياهـم . .
      بينمـا السـياسة هي أشـبه ماتكـون بحرفـة عاديـة يمكن أن يلـوج مضمارها كل راغب بالعمل في مجالاتها المتباينة المقاصد  داخل المجتمع الواحد  والتحزب لأحد مبادئها العقائـدية والسـعي لتحقيقـه ، وهذا يجعله مقـيدا في إطار منهج يلتـزم بـه  . .
 
    وهـنا يبـرز الإختـلاف بيـن المثـقف الذي يلتـزم المجتمع وقوميـته كإطار موحد عـام لنشـاطه وينسـجم بسـهولة ومن دون حواجز مع غيره من أجل العمل المشـترك ، في حين أن السـياسي يكون متوجها لجـزء المجتمع الذي يلتـقي مع عقيدتـه وقـد يدخـل في صراع مع الأجزاء الأخرى وهذا يسبب المصاعب أمام لقـاء السياسيين ـ  الذين تـتباين عقائدهـم ـ  على رأي واحد ثابـت  بسـبب صعوبة توافـر  قواسـم مشتركة دائمية بينـهم  .
 
   وإنطلاقـا من هـذا الفهـم ، ولأن ترسـيخ وحدة الشـعب ( الكلدانـي الآشـوري السـرياني )  أمـر مصيري لايقبـل التسـويف والمسـاومة ، فإنـه يتعيـن على مثـقـفيه تولـي زمام المبـادرة  في شـأن قضايـاه المصيريـة ، التي يمكـن أن تبـدأ  بلـقاء بيـن مجموعـة من مثـقفيه داخل العراق في إحدى بلـدات سـهل نيـنوى أو ما جـاوره ، ووضع برنامـج للعمـل يقـوم على خطوات بالدعـوة إلى إجتماع أوسـع يفضل أن يشـارك فيه ممثـلو الكنائس والأحزاب والتنظيمات المختـلفة ، ويبحـث بوضوح وتعـاون المشـاكل التي يعاني منها شـعبنا وفي صدارتـها قضية التسـميات المتـعددة المنفصلة عـن بعضـها التي تـتعارض مع الوحدة المتوارثة وتؤدي عاجلا أم آجلا إلى التـقسيم ووبـاء الإنهيـار وبالتالي إلى الإنقراض  الواقعـي ، ولـذا فإن التحرك لصيانة وحـدة شـعبنا راهنـا وترسـيخها مستـقبلا تتطلب  مراعـاة  مشـاعر التـفاؤل والإفـتراض بأن عـند الكـل إرادة صالحـة ، وإن وجـدت إختلافـات أو وجهـات نظر ، فينبغـي معالجتها بأعتـبارها داخـل العائلة الواحـدة .
 
    نعـم ، العمـل القومي المشـترك يتطلب التـفاؤل ، على رغـم حقيقـة ان الأحـزاب السياسية لهـا مصالحها وتـفكر بأجندتـها الخاصة ، ونحن  لا نعارضها في ذلـك مادمنـا نلتـزم إحتـرام الديمقراطية وتعـدد الآراء والتوجهـات السـياسية ، وإن كان بينها من ليس حـرا  في قراره لأنـه يحتمي بجهـات أخرى داخلية وخارجيـة ، ومعتـمدا عليـها ماليـا . . أمـا قـادة الكنائس فهـم منقسـمون وبينهم من ينظـر إلى الأمـور خارج الزمـن الذي نعيشـه ، وحتى إهتمامهـم المتصاعـد  بالدورات الدينيـة  فإنـه ـ كما يبـدو ـ من أجـل  ترسـيخ إنقسامات عقائدهم المذهبية وهو مايؤثـر سـلبا على مسـاعي إزالة معوقـات وحـدة شـعبنا ، وليس خافيـا أن قسـما منهم يرتبط حتـى مع جهـات تريد ترسـيخ تـقسيم شـعب ( الكلدان الآشـوريين السريان ) وتغييـبه  وجعله  مجـرد طوائف دينيـة لا أهمية لخصوصياته  اللغـوية والقومية ، وحتى مانسـمعه منهم ـ أحيانـا ـ من رغبـات بالوحدة هو مجرد أقوال غير مدعومة بأفعـال حقيقية وجديـة دائميـة .   
 
   وإزاء هـذا الوضع ، وهو حقيقـة ينبغـي الإعتراف بهـا بشـجاعة ،  أصـبحت القضية القومية لشـعبنا ومعالجـة عللها  من المهمات الرئيسـية لمثـقـفيه ، وما يتطلب ذلك من دعـوة الجميع للمشـاركة الفعالـة والتوجـه الحثيـث نحـو  قراءة علامـات الأزمنـة ودراسـة أمور شـعبنا بإمعـان لتحديد مصلحته وسـط مؤشـرات إنهيـار الكثير من مقوماتـه وتـفاقم موجات الهجـرة والتهجير إلى الخارج .
 
مؤشـرات مشـجعة
ــــــــــ
 
    ليس خافيـا ، أن مؤتمـرات عقـدت واجتماعـات حصلت من أجل ترسـيخ وحـدة شـعبنا ( الكلداني الآشوري السرياني )  والإتـفاق على إسـم موحـد ، وقـد حقق قسـم منها نجاحـا ، ولكنـه حتى الآن كان وقتـيا وبعيـدا في محصلتـه الدائمـة عن الإنجـاز المطلوب ، ولسـنا هنـا في مجـال المحاسـبة والعـتاب وفحص الضمائر وتحميل المسـؤولية ، لأنـنا نريـد تضييـق الشـرخ وجعـل الجرح يندمـل . . والأسـلم هـو الإتـعاظ بمـا حصل وتـقديم التـنازلات والـتزام الذي لا خـلاف في شـأنه وتذليـل مشـكلات غيـره وصـولا  إلى خطـوة بنـاءة  باتجـاه ماهـو مقبـول على الأقـل مـن الغالبيـة .
 
  أجـل ، قولا ، الكـل يكاد يتـفق بأن ( الكلدان الآشوريين السريان ) شـعب واحد ، ولكن لا تطبيـق كما ينبغـي  يجسـد هذا القـول أفعـالا ، في وقت يتـركز الخلاف حول الإسـم الموحد ، إلى حـد التـزمت عند العديـد من مسـؤولي الأحـزاب وقـادة الطوائف الدينيـة لشـعبنا  .
 
    وفـي هـذا الخضـم المتـشعب المسـالك ، تبـرز مؤشـرات مشـجعة بتـنامي إتجـاه  لتأسيس روابط  تحمـل إسـم ( الكلدانية الآشـورية السـريانية ) ومـا ظهـر منها حتى الآن يمثـل مواجهة وحدويـة مع التنظيمـات التي تـقتصر على أحـد الأسـماء الثلاثة ، التي وإن ادعـى بعضـها الوحدة ، إلاّ  أن تمسـكه ( هـذا البعض ) بالأسم الواحد من دون الإسـمين الآخرين ، يجعـل أمـره وموقـفه وإمكان دخـول المنتمين إلى كل الأسـماء فيـه   مدعـاة للتسـاؤلات ، وفي الوقت نفسـه  فإن هذا البعض لايوصـد بابـه في وجـه مناهضي  الوحدة الذين همهم التـذرع  وتوجيـه التهـم ، سـواء كانت حقـا أم بهتـانا وبذلك فهو يقـوّض الوحدة بـدل حمايتها ، كما يدعـي . 
 
     وهنـا يأتـي دور المثـقفين الذي نتطلع إليـه  ،  مشـكلا  الحـل الوسـط  الذي  يقـتضي  أن يرضى  بـه الجميـع ، باعتـباره الأسـلم لأنـه  غيـر خاضع لجهـة  سـياسية معينـة  . . ونـأمل ألاّ  يظهـر  من يعـارض هـذا  الدور ،  أمـا إذا خـاب ظنـنا  وظهـر  بيـننا هـذا  ( المتمـرد )  فليس لنـا إلاّ  أن نقـول  : 
 
      "  علـى كـل الخيرين  تشـخيص  الزّوان  وإنقـاذ  حقول شـعبنا من أضراره  . . وتحجيـم  خطر  الطالح  ،  وأن يواصـل المثـقفون تصميمـهم  على حسـم مصير  شـعبنا ، فـلا خيـار غيـر المضـي  في  السبيل  الصالح وتجاوز كل المعوقيـن والمعوقـات ، من كانـوا ومهمـا كان نفوذهـم   حتى  الوصول  إلـى  الهـدف  "  .  [/b] [/size] [/font]

64
البعض يخترع المناسبات ويتجنى على وحدة شعبه
جـميـل روفـائيــل

     نقـرأ  بين وقـت وآخـر ، وربـما يكون الذي لا تـتوفر لنـا الفرصـة لقراءتـه أكثـر . . وهـذا الذي نشـير إليـه يتضـمن ممارسـات مـن بعـض أفـراد الشـعب  ( الكلـداني الآشـوري السـرياني ) فـي الخـارج ، لايمكـن إعـتبارها  غيـر محاولـة للظهـور على نهـج  ( خالـف تُـعرَف ) بحسـب الأسـاليب التـي تعلمـها هـذا البعـض بوجـوده  ضمن حلبـة المبارزات الأميركية ، حيث المهـم أن يكسـب   بـروزاً  من خلال الإختـراعـات الواهيـة  والتهجمات المقيتـة ، والإغـداق على نفسـه بنفسـه ألقـابا مثـل ( رئيـس الحـزب ) و ( المديـر العـام ) و ( صاحب الأفكار والإنجـازات والمشـاريع )   و  ( الرئيـس العـام للمركـز )  . .   ألـخ   من  أنـواع   المناصـب ( الخياليـة ) التي لا تبنـي بيتـا لنـازح من شـعبه إلى حيث الآمان والأهـل في سـهل نيـنوى ومـاجـاوره ، ولا تـقدم طعـاما لـه ولعائلتـه بعـدما أضطـره الفـرار بجلـده إلى تـرك منـزله وأملاكـه وأعمـاله . . 
علمـا أنـنا لا نقصـد فـردا بعيـنه أو طائفـة معيـنة ، وإنـما هؤلاء الأفـراد يظهرون عنـد كل طوائف ( الشـعب الكلـداني الآشـوري السـرياني  ) مـع الأسـف والألـم الشـديدين .
 
    هـذا البـعض لا يهمـه ان يـزوّر التـاريخ وغيـر التاريـخ ، بأمـور ليسـت حقيقيـة أصـلا أو هـي مـن هوامـش التـراث أو ( أكـل الدهر عليها وشـرب )  التـي لاترسـخ وحـدة الشـعب الذي ينـتمي إليـه ،  ولا تضـع حلـولا لوقـف نزوحـه إلـى الخـارج ، حيـث فقـدان ديـاره وبـدء القطيعـة الدائمـة مع أرضـه الأصيلـة  التـي صانـها لآلاف السـنين أجـداده وآبـاؤه الأوفيـاء بإصـرارهم على حقـهم في الحيـاة والبقـاء بيـن الأقـوام والأمـم . . والتـي هي في صـدارة  الأمور الملحـة المصيرية الراهنـة . . 
إن هـذا البعض يعتـقد  ـ كمـا يظهـر ـ بـأن مجـاراة موجـة الطائفيـة التي بـرزت في السـنوات الأخيـرة في ديـانات ليست داخـل الشـعب ( الكـلداني الآشـوري السـرياني   )  هـي سـبيل  سـهل ( لإعـتلاء  الأبـراج )  وفـرضِـها ( كموضة الموجـة وإن هي كالحـة السـواد  ) على هذا الشـعب ، على رغـم الكـوارث التي سـببتها حيث فُـرضَت وزُرعـت  ،  ويبـدو أن هـذا البعـض  لا تـهمه كـوارث الطائفيـة مادامـت تجعلـه ( رائـدا بـارز الإسـم كأقطابها الذين يلعبـون ويسـرحون  شـذر مـذر  ) من خـلال إنـدلاع شـروها بيـن شـعبه . . نعـم  ، مـاذا تهمـه شـرورها وهـو آمـن في ( برجـه ) بهروبـه إلى الولايـات المتحـدة أو كنـدا أو أوروبـا أو أسـتراليا . .
المهـم أن يتحرك هـذا البعـض باتـجاه مناقض لمـا هـو موجـود  منـذ عـقود أو أكثـر عـند شـعبه الموحـد تاريخيـا وواقعيـا ، مـن مناسـبات ( كمـا هـي الحـال مع يـوم الشـهيد الآشـوري والسـنة الآشـورية )  التي  ترسـخت كتذكـارات  قوميـة من دون مدلـول طائفـي  ، إن لـم يكن عنـد كل شـعبه فعلى الأقـل عـند  قطـاع واسـع منـه   .
 
   والأمـر نفسـه ، ولـو بصيغـة أخـرى ، يظهـر في فضائيـة ( أعتـقد  أن بثـّها  في ألمانيـا أو الولايات المتحدة ) وتـقول إنـها ( آثـورية ) ويـبدو ان همهـا الأول هـو مهاجمـة ، بحـق أو مـن دونـه ، رئيس حـزب آشـوري داخـل العـراق ، أو التـفتيش عن ( الدفاتـر العتـيقة ) التي لا تـقف عنـد حـدود إثـارة النعـرات داخل الشـعب ( الكلـداني الآشـوري السـرياني ) وإنـما أيضـا محاولـة زرع الفـتنة مـع الأخـوة الكـرد وغيـرهم  ،  الذيـن يعيش معـهم هـذا الشـعب بوفـاق ووئـام ويسـعى الخيرون فيـه لتسـوية الأمـور التي لاتـزال عالقـة معـهم مـن موروثـات مشـاكل العـهود الماضيـة  ،  فهـل هـمّ  هـذه الفضائية وأمثالهـا هـو نشـر فكـر معيـن خاص بالجهـة التـي تمولـها  ،  وهـذا لا إعـتراض عـليه أبـدا ،  أم أنـها تـلتـزم أسـلوب التهجـم المقـيت الـذي يزيـد الجـروح قيحـا ،  ليس داخـل الشـعب  ( الكلـداني الآشـوري السـرياني )  كـكل ، وإنـما أيضـا داخـل الطائفـة الواحـدة  فيـه   ومنطقـة عيشـه وبقـائه   ؟
 
ليـت وليـت !!
    ليـت هـؤلاء المـزايدين ، يتـركون الوسـائل الأميركية وغيـرها  في اللهـو الـذي لانـاتج لـه غيـر الضـرر ، ويتبعـون الوسـائل التـقليدية لشـعبهم في المنافسـات الكريمـة حيـث مـاهـو نافـع ومثـمر ، منافسـات تـنبع من بـذل الجهـد لمـا فيـه الخيـر ، كمـا هي الحـال مـع تشـكيل الجمعيـات ( الخيريـة )  التي تجمـع الأمـوال لبنـاء البيـوت وتوفيـر وسـائل العمـل في قـرى شـعبها التـي يقصـدها النازحـون . .
ولـو فعلـوا هـذا لجعلـونا ممتـنين ونحنـي رأسـنا لهـم إجـلالا . . ولكن مع تمـادي هـذا البعـض ، نـود أن نسـأله فيـما إذا كان  يفعـل كـل مافـي مقـدوره مـن ضـرر وتـفريق لنشـر الإحبـاط في صـفوف شـعبه الصامـد في الداخـل ليلحـق بـه في الخـارج متمثـلا بـه ؟ ؟ إذا كـان هـذا هدفـه فهـو خائـب حقـا وأنـه ( يـراهـن على حصـان خاسـر ، وإسـم ظاهـر مـن دون مجـد ) .
 
    إن على هـؤلاء المختـرعين والمتهجميـن ، وغيـرهم من الذيـن ينشـئون الأحزاب والجمعيـات  والفضائيـات  " الوقتـية التي لايمكن لهـا الإسـتمرار والديمومة في بلـدان لا حظوظ للشـعب ( الكلـداني الآشـوري السـرياني )  بالإسـتمرار والديمومـة فيهـا على أسـس جـذوره الأصيلـة "  ذات الأسـماء الطائفيـة في خـارج العـراق وسـوريا ولبنـان ، حيـث أرض الوجـود التاريخـي والعلاقـة الجغرافيـة الطبيعيـة  لهذا الشـعب الوفـي  ببعضـه ، أن يدركوا ( المخترعون والمتهجمـون )  أنـهم هاجـروا وتركـوا إلى الأبـد أرض أجدادهـم وفقـد أبناؤهم حتـى لغـة شـعبهم ناهيـك عـن تراثـه وتـقاليده  ، وان إختراعاتهم ( الوقتيـة ) لا يمكن أن تـكون  أكثر من محاولة خائبـة لتوجيـه شـعبهم في مرحلتـه المصيرية الراهنـة إلـى مـا ليس في مصلحتـه إطلاقـا ، ولابـد  أنهـم أدركـوا أن إختـراعاتهم وأحزابـهم هي للإسـتهلاكات المحليـة حيـث هـم ، لأن الـذي يريـد أن يشـكل حزبـا نافعـا وواقعيـا ، عليـه أن يشـد رحالـه ويعـود إلـى ديـاره التـي غـادرها ، أو على الأقـل أن تكـون لـه خطة للعـودة ويهـئ نفسـه لتـنفيذ ذلـك في أقـرب وقـت . . وأهـلا ومرحبـا حينـئذ بـه وبمـا يشـكله مـن أحـزاب ويبحـث عنـه مـن وجـود سـياسي في صالات شـعبه وأروقة تـقرير مصيـره . . وحتـى أولئـك الذيـن يجمعـون الأمـوال  ويرسـلونها إلى أحـزاب داخـل العراق   ، فإن أمـرهم ، كمـن يزيـد السـمين سـمنة ( بـذخ الأحزاب وزعمائـها ) ويـترك المحتـاج يـزداد حاجـة ( القـرى التي تحتـاج إلى تعميـر وتوفيـر متطلبات الحيـاة للنازحيـن إليـها ) .
 
مواصلـة البقـاء والصمـود
    شـخصيا ، لاأرى مشـكلة للمهاجريـن في الخـارج ، فهـؤلاء  هاجـروا  برغبتـهم واختيارهـم ، وعلى الـذي يسـلك دربـا بقـناعته ، مطلـوب منـه أن يـدرك كيف يصـل إلـى مقصـده فيـه ، وكيف سـيدبر  أمـوره في ديـار الغربـة . . ولـذا فـإن أمر هؤلاء المهاجـرين هـو مـن شـأنهم ،  ولا رأي لـي في أمـورهم وخياراتـهم . . مـاداموا تركـوا  وطنهـم وشـرعوا  بقطـع خيـوط صلتـهم بـه . . فـأنا الـذي  يهمـني هو مـن يواصـل نهـج آبائـه وأجـداده في التمسـك بأرضـهم وأرضـه .
 
    وهـذا  الـذي  واصـل البقـاء والصمـود ،  يسـتحق  بجـدارة كل  ثنـاء واهتـمام . . نعـم ، توجـد  أطـراف داخـل العـراق تبـذل مـافـي وسـعها لتذليـل مشـاكل  التدميـر والإسـتيطان الـذي أصـاب الكثيـر من قـرى  الشـعب ( الكلـداني الآشـوري السـرياني )  في سـهل  نيـنوى  ومـاجاوره  والتي  لا يـزال لـم  يتـوفر  الأمـن ووسـائل العيش الطبيعـي لأهلـها فيـها . . وأيضـا  يسـتحق  بجـدارة  كل ثنـاء  واهتـمام  من  أضطـر  لمغادرة  منزلـه  وأملاكـه  في وسـط العراق وجنوبـه ،  واختـار  العـودة  إلـى  ديـار  آبائـه وأجـداده في سـهل نيـنوى  ومـاجاوره  على الهجـرة والغربـة والإغتـراب في الخـارج . .
 
     و يسـتحق كل الثنـاء و الإهتـمام ، الـذي  يتـبع السـبيل الصحـيح في صـرف مـايجمعـه من أمـوال يطلـق عليـها  تسـمية ( المسـاعدات ) ويـؤدي واجبـه تجـاه شـعبه بأمانـة ووفـاء ،  أمـا من يدعـي أنـه  يجمـع الأمـوال لشـعبه في الداخـل  ،  ولكنـه  يدفعـها  (  للمسـاهمة  في المزايـدات  والصـراعات  )  وإشـباع  نـهـم ( الجشـعين ) متناسـيا  حاجـة مـن اختـار العـودة  إلى حيـث  ديـاره وأصلـه ، فهـذا ( الخارجـي  )  الجامـع والدافـع  للأمـوال  لاخيـر  فيـه لأنـه  لايعـرف أيـن مكمـن الخيــر  .
 
مأسـاة الإنقسـامات الطائفية
     إنـها مأسـاة حقـا ، أن يرسـخ الكـرد وحدتهـم حتى بلغتـهم ، وأن يرسـخ  التركمـان وحدتهـم  لحقوقـهم الخاصـة ، وأن يتوحـد ( على رغـم أخطار الطائفية السياسـية بكافة أشكالها ) السـنة لمصالحهم والشـيعة لأهدافـهم . . فـي حيـن أن داخـل الشـعب ( الكلـداني الآشـوري السـرياني ) لاتـزال جماعـات نافـذة تحـاول إعادتـه إلى عهـود إسـتفحال شـرور صراعـات الإنقسـامات الطائفيـة  ( المذهبيـة )  ولا هـمّ  لهـذه الجماعـات غيـر التـنابز ( كلدانـي . .  آثـوري آشـوري . .  سـرياني )  ليـس فقـط لأمـور مذهبيـة طائفـية كمـا كـان في ظلمـات قـرون مضـت ، وإنـما بمحاولـة زجّـها في شـؤون قوميـة وسـياسية وانتـماءات حزبيـة ، وإضافـة إختـراعات جديـدة إليـها ، مثـل : كلـدان الجبـال والتـياريين ودشـتايي وطورايـي وعـرب الخليـج ونيـنوانا وبابلـنا . . ألـخ من القائمـة الطويلـة التـي صـرنا نسـمع بـها منـذ ثـلاث سـنوات .
 
    إنّ  هـؤلاء الباحثـين عـن الخصومـات بهـذه العـبارات يسـتحقون الشـفقة ، لأنـهم حقـا . . إمـا ،  لا يفهـمون طبيعـة العصـر الـذي يعيشـون فيـه  أو أنـهم لايـريدون أن يفهمـوها . .  أوروبـا تـتوحد بشـعوبها المتباينـة مخلفـة وراءهـا حروبـها المدمـرة وصـراعاتها العرقيـة ومذابحـها المذهبيـة ، بيـنما البعـض ، نعـم البعـض ، مـن الشـعب ( الكلـداني الآشـوري السـرياني )  " نهـض من سـباته " ليـقلب شـرور السـنين العجـاف ويعيـدها على طريقـة غيـره ( مـن ليست لـه علاقـة بشـعبه ودينـه ) .
 
     الشـعب ( الكلـداني الآشـوري السـرياني ) صغيـر العـدد ومحـدود المنطقـة ، وتقسـيمه يعـني تـشتيته وتصفيـة خصوصـياته وإنـهاء وجـوده تراثيـا وقوميـا . . ومـن يعمـل على تـفريقه وتحويلـه إلى أجـزاء ، لايمكـن أن يكـون إلاّ  مـن اختـار الشـر لشـعبه . . فمـن أراد الشـر لعائلتـه ليس منـها ، ومـن أراده لقريتـه لايـنتمي إليـها ، ومـن أراده لشـعبه ليس منـه . . إن حكمـة "  مـن غشّـنا ليس منّـا  "  هـي أفضـل مايقـال على مـن يريـد تجزئـة بيتـه أو قريتـه أو شعبـه . .
 
    ولكـن ، مـادام هـذا ( البعـض ) موجـودا فعـلا  ومتحـركا  ورافعـا صوتـه ،  فـإن على  الخيريـن من الشـعب ( الكلـداني الآشـوري السـرياني )  التصـدي لـه بالتعاضـد ،   وخصوصـا المثـقفون منهـم ،  والتاريـخ يُـعـلّـم أن الخيـر هـو المنتصـر دائمـا داخـل هـذا الشـعب ، في نهايـة المطـاف ، منـذ عهـد السـومريين وحـتى الآن ، وليكـن هـذا درسـا لهـذا البعـض ، والأمـل أن يسـتوعب هـذا الدرس ويسـتـفيد . . فهـل يتحقـق هـذا الأمـــل ؟ ! ! [/b] [/size] [/font]
 

65
الوطني الآشوري والحركة الآشورية ومسؤولية الوحدة

ــــــــــــــــــــــــــ
جـميــل  روفـائيــل
ـــــــــــــ

   أعـتدت على متابعة نشـاطات مختـلف تنظيمات شـعبنا وأطرافـه المذهبيـة ، وذلك لكي أكـون موفقـا بقـدر الإمكان وغير مبتعد عن الحقيقة عنـدما أتـناول قـضية مـا لشـعبنا  ( الكلداني الآشوري السرياني ) بحسـب أسـس عـدم الإنتـماء السـياسي أو الإنحيـاز الذي يفـقد الحكم عدالتـه . . ولهذا فلا غرابـة إذا جاء  تـقييمي بين وقت وآخر متـفاوتا في وضعيتـه ، إعتمادا على الظروف وموقف الجهـة أو الـفئة التي أتنـاولها في وقت الحـدث أو مسـيرتها العامة بالنسـبة لقضايا شـعبنا ، وخصوصا المصيرية منـها .

    ومـن هذه التـنظيمات  التي أتابعـها بإمعـان " الحزب الوطني الآشوري " وذلك لمعرفتي المباشـرة بعـدد من قياديـيه واهتماماتهـم القومية ، منـذ أيام وجودنـا في " النادي الثـقافي الآثوري " في بغـداد ، الذي كان ، إضافة إلى الجمعيات والإتحادات والنوادي التي تأسـست مطلع سـبعينيات القرن الماضي ، مدرسـة وسّـعت علاقاتـنا وعلمتنا الكثير الكثير من واجباتـنا في دروب الإعـتزاز بشـعبنا ماضيا وحاضرا وتطلعـا إلى مستـقبله . 

    وبوضـوح  ، إنّ إنطباعي الدائم عـن " الحزب الوطني الآشـوري " أنه معتـدل في نهجه ، ميـال إلى التعاون مع الأطراف الأخرى لشـعبنا ، حريص على مـاهو مفيـد ومعـزز  لوجود شـعبنا أكثر مـن رعايتـه لمصلحته الذاتية وعلـو شـأنه الخاص .

    وينبغي أن أقول الحقيقة ، إنـني لا أصنف تنظيمات شـعبنا ، خصوصا السياسية منها وتوابعـها ، بيـن حسـن وردئ ، فلا من هو حسـن بالكامل بينها ولا من هو سـئ بالكامل فيـها ـ إسـتنادا إلى رأيي الخاص ـ ولكنني أراهـا متـفاوتة في تجاوبهـا مع متطلبات شـعبنا ، وأنـا متـفائل بتـقييمها الذاتـي لبرامجها وأفكارها ومواقـفها وأعمالها ، وإلتـزامها المفيد لعموم شـعبنا والتخلي عن غيـره ، لأن عـدم ( الغـربلة ) يعني الجمود ، ومن كان جامـدا سيتخلف عن المسـيرة ، لأنه لايلتـزم التطور الذي هو سـنة الحيـاة وتـقدمها ورقيـها وانتـقالها من مرحلة إلى أخرى ، بأتجـاه البقـاء والإسـتمرار للأصلـح .

   ومع حـذري الشـديد في كشف مواقفي التـقييمية لتنظيمات شـعبنا ، لئـلا يفسـر ذلك بعيـدا عمّـا أعنيه أو أسـعى من أجلـه ، لكنني وجدت أن واجب الوفاء للحقيقة يسـتدعي مني تناول " البيان الختامي للمؤتمر العام الثالث للحزب الوطني الآشـوري " الصادر في 22 تموز 2006  لمـا يحمله من إيجابيات وخطوات على المسـار الصحيح الذي يروم إليه شـعبنا ، واسـتـنتاجات جريئة تسـتوجب الثناء والتـقدير وأيضا الإعتـزاز من الذين يباركون كل خطوة تـقود شـعبنا للتوجه نحو الأمـام ويدعمونها بكل امكاناتهم .

    بدايـة في شـأن المؤتمر ، فـإن إنعقـاده في ( إينشـكي ) يمثل إختيارا رائعـا ، وتحية لكل إجتماع عقـدته تنظيمات شـعبنا وتـعقده في بلدات وقـرى شـعبنا ، التـي هي " الدعامة " الأساس التي يسـتند عليها بقاء شعبنا وسلامة إستمراره ، أما مايعقـد من مؤتمرات خارج سهل نينوى الكريم وماجـاوره شـمالا وشـرقا وغربـا ، سـواء في بغداد أو لاهاي أو ديترويت أو شـيكاغو أو سـانتييغـو . . ألخ فهو ـ مع الإحترام الجزيل لكل المشاركين فيها ـ لا تعدو أن تكون أكثر من مضيعة للوقت وضجيجا بعيدا عن سـاحة السـرب ، وسـحابة صيف تبـرق وترعـد وتسـقط مطرا غزيرا وحالوبا مفيدا وضارا ولكنها عابرة سـرعان ما تتلاشـى .

    والأمـر نفسـه ، إذ يخطئ من يتصور أن أبناء شـعبنا وأهلنا في الخارج سـيبقون على إرتباطاتهم الراهنة مع أصلهم أكثر من جيلين ، حيث أنهم  سـيتلاشـون رويدا ويندمجون بمجتمعاتهم الجديدة وسلوكها وتـقاليدها وظروفها وينسـون لغة وتاريخ وقومية وحتى أصل آبائهم ، إن لم يكن الأبناء بدأوا بنسـيانها فعـلا .

  وواضح إقرار البيان الختامي لمؤتمر الحزب الوطني الآشوري ، بوحدة شـعبنا ضمن واقعـه الراهن ، من خلال إشـارته إلى ذـلك بـأن  " أدان المؤتمر ما يتعـرض له شعبنا ( الكلداني  السرياني الآشـوري ) من . . " .

     ومـن الأمور المهمة في البيان ، أن " يتبنـى مطالب أبنـاء شـعبنا في إقرار منطقة للإدارة الذاتية في سـهل نينوى إلى جانب بقيـة مكونات النسيج القومي والديني والثـقافي للمنطقة من الإيزديين والشـبك ، بمـا يضمن التواصل بين شـعبنا في سـهل نينوى وإقليم كردسـتان العراق " . .

   وحسـنا ، أكد البيان على " التواصل بين شـعبنا . . وإقـليم كردستان العراق "   لأن هذا الوجود والتواصـل حقيقة جغرافية واجتماعية لا يمكن تغيير وضعها ، فـإن تجمعات شـعبنا هي ضمن مجال وجـود الأخـوة الكـرد أو بجواره ، مـايعني أن علاقـة شـعبنا ( الكلـداني السـرياني الآشـوري )  مصيرية مع الشـعب الكردي ، وينبغي التـعامل مع الأخوة الكرد وفقـا لمتطلبات هذا الوضع ، والحرص على عدم إثـارة جروح الماضي التي لاتـفيد بشئ غيـر الإضرار بشـعبنا من خلال نبش آلامـه ومآسـيه والنحيب على أطلالـه  من دون مايفيـده ، وحض شـعبنا على التوجه بعيدا عن المسـار الصحيح الذي فيه مصلحته .

     أما ما يمثـل خلافات راهنة ، فينبغي عدم تضخيمه أو تحميله أكثر من حجمـه وتأجيجه ، فالخلافـات وحتى التجاوزات موجودة داخل كل المجتمعات ومع جيرانها ، وهي لا تعرقل الوفاق مـالم يصاحبها التطرف والكبرياء ، وما هو موجود في حالنا الراهنة مع الأخوة الكرد ، ومن أي الجانبين كان ، فهـو محدود وضمن الإطارات الفردية في غالـب الأحيـان ، علما أن مطالب شـعبنا  ، خصوصا ما يتعلق بالقرى والأراضي ، ينبغي بحث أمرها وحل وضعها بالتـفاهم والحرص على تنفيذ القوانين والأعراف ، وليس بالإنتزاع والعنوة والصراع ، كما يحلو للبعض أن يختار أو يحـرض  .

   وللحقيقة ، فإن تعامل القيادة الكردية مع قضايا شـعبنا في إقليم كردستان ، تسـوده الأجواء العادية المتبعة في أسـاليب السلطات الحاكمة ، وما يتمتع به شـعبنا في إقليم كردستان من وجود في السلطة وأمن في مناطقه ، وجهود مدعومة في بعض الأحيان من مسؤولين حكوميين لعودته إلى قراه وإعمارها ، هي إنجازات ومكاسب في مجالات مهمة من الخطأ إنكارها أو التشكيك بها أو التـقليل من شأنها .

    ومـن الخطأ أيضـا أن نوجـه الإتهامات لسـلطات الإقليم في كل الأمور التي لا تلبي رغباتنا أو تتعارض مع طلبات قسم من فئات شـعبنا السياسية ، ونتناسـى صراعات القيادات السياسية والطائفية لشـعبنا ، إذ أن الأولى بهذه الفئات أن تعالج العـلات التي تفرق بينها ، وتـعمل على توحيد صفوفها في الأمور الخاصة بشـعبنا ، لا أن تتجاهل مصلحة شـعبنا من أجل مصالحها الذاتية . . وهنـا نود الإشـارة إلى أن تعمير قرية مدمـرة  لشعبنا أهم بمئات المرات من كراسي البرلمان وأسماء الوزارات والمناصب الحكومية  . . وبصراحة نسـأل :  ماهـي الفوائد التي جناها شـعبنا من نوابه في البرلمان العراقي أو في وزارات ( النقل ) و ( اللاجئين ) و ( العلوم ) التي تولاها ممثـلوه الذين طالما ذكرهم شعبنا بأن " إسمهم بالحصاد ومنجلهم مثـلـوم  " .

   وبتـقديري ، أن وزارة السياحة والآثار في إقليم كردستان التي تولاها مواطن من شـعبنا ، هي أكثر أهمية لشـعبنا من كل مقاعده في البرلمان العراقي ووزاراته في بغداد ، لأن شـعبنا في كردستان بحاجة إلى رعاية لسياحته وآثاره ، وأملنا كبير بإنجازات هذه الوزارة خصوصا أنها في عهـدة " الحزب الوطني الآشوري " الذي يمثل موقعا وسـطا معتدلا بين تجاذبات الفئات السـياسية لشـعبنا .

   نعـم ، يمثـل موقعـا وسطا معتدلا وواقعيا ، فهو يؤمـن بأصل شـعبنا الآشوري ، ولكنه يراعي أيضا الواقع الراهن من أجل السعي إلى جمع الشمل والعمل المشترك بأي إسـم موحد تـقبله غالبيـة شـعبنا إن تعـذر كلـه . .  فـفي تصريح للحزب الوطني الآشوري ( 11/10/ 2003 )  يقـول  "  . . . إنـنا مع أية تسمية تضمن حقوقنا القومية وتـقر بوجودنا كشـعب أسوة بباقي شـعوب وطننا ( العراق ) كأن تكون ( الكلدوآشورية ) أو النموذج الذي أعتمد في الولايات المتحدة الأميركية في تعداد عام 2000 ( آشوريون / كلدان / سريان ) أو أي مقـترح آخر يأتي بمخرج لأزمتنا وينهي الجدالات العقيمة . . . "  وشـارك الحزب بفاعلية في المؤتمر القومي الكلداني الآشوري السرياني العام ( بغداد 22 ـ 24 تشرين الأول 2003 ) وجاء في ورقة عمل الحزب التي تلاها أمينه العام الأخ نمرود بيتو "  نعـم نحن الآشوريون الكلدان السريان لا فـرق عندنـا ، فتحت كل هذه المسـميات والتـي لا تعـني غـير معنى واحـدا ، إمتـد تاريخـنا . . .  "  ولـم يمانـع في تسمية ( الكلدوآشورية ) على رغم دعوتـه إلى تبني تسمية الشـعب ( الكلداني / الآشوري / السرياني ) .

    وكنت في صيف 2004  فتحت حوارا عبـر أسئلة إلى الحزب الوطني الآشوري ، من خلال موقع عنكاوا ، وقد تعـاون الحزب مشكورا في الإجابة بموضوعية وصراحة وحوار هادف وبشـكل يسـوده التفاهم والسعي إلى التلاقي والوفاق على كل مايفيـد شعبنا ، ومن ذلك تأكيده على أن " خيـاره الوحيد هو أن نكون في إستمارة الإحصاء شعبا واحدا وبتسـمية واحـدة . . . ورفضه رفضـا باتـاً و قاطعاً  إدراج شـعبنا كشعبـين منفصلين ( كلداني ) لمفرده أو ( آشوري ) لمفرده " . . وذلـك على الرغم من ملاحظاتي الخاصة المتـعلقة بوجهة نظري في حينـه بقسـم من القضايا التي أجاب مسؤولو الحزب عنهـا .

ومؤتـمر الحركة الديمقراطية الآشـورية
ـــــــــــــــــــــ

    وبالنسـبة للحركة الديمقراطية الآشورية ، فقـد كتبت الكثير بخصوص تأييدي لهـا أو ملاحظاتي في شـأن ممارسات خاصة بها ، ولذا فـإن مواقفي منها معلنة ومنشورة وواضحة لاأريـد تكرارها ، وسـأقـتصر على أمور أراها مهمة في مؤتمرها الأخير المنعقد في الفترة من  29 / 6  ولغاية 2 / 7 / 2006  وبيانها الختامي الذي أجد فيه ( على الصعيد القومي )  مانصبـو إليه من وحدة شـعبنا ، وحيث أن الحركة لاتـزال تتـبنى الإسـم الموحد ( الكلدوآشوري السرياني ) الذي لا أختلف شخصيا معها في تأييدي له ، إلاّ  أنني لاحظت مايمكـن أن أسـميه مرونة وإستـعدادا واضحا منها للتفاهم من أجل مصلحة شعبنا مع فصائله الأخـرى .

    فقـد ذكر البيان ، أن "  . . . المؤتمر أجمع على إعطاء الأولوية لوحدة شعبنا بتسـمياته المختلفة الكلدانية السريانية الآشورية وغيرها  "  .

   وأيضا جاء في البيان " كما ناقش وبإسهاب الحقوق القومية المشروعة والعادلة لشـعبنا . . وضرورة تعزيز ذلك في سهل نينوى إلى جانب المكونات الشقيقة الأخرى " .

   وأيضا جاء في البيان " وقـد إتخذ المؤتمر قرارا بإطلاق دعوة للحوار مع مختلف فصائلنا القومية من أجل التوافق على ما يجمعنا ووضع آليات عمل أكثر نضجا لخدمة قضايانا السـتراتيجية والتصدي لمحاولات التدخل من خارج البيت القومي التي تضـر بمصالح شـعبنا . . " . 

     وآمـل أن نـرى ، في ضوء هذا البيان ،  تحركات سريعة توفر التفاهم والإنجازات في مجال وحدة شـعبنا والإهتمام الجدي بسهل نينوى حيث ديارنا ومســقبلنا ، ووضع آليات عمل أكثر نضجا مع فصائل شعبنا القومية لخدمة قضاياه المصيرية .

    لكـن السـؤال الذي لابـد منه ، مادامت الحركة تسعى لتعزيز سهل نينوى ـ وهذا لا نشـك فيه ـ فلماذا لم تعـقد مؤتمرها ، إما في : تللسقف ( حيث تم إعداد تتقرير منهاجها السياسي ) أو دهوك ( حيث جرى إعداد تـقرير النظام الداخلي ) أو باخديدا ( حيث أُعـد تـقريرها الإعلامي ) وهي بالتأكيد أكثر أمنا وراحـة من بغداد للمشاركين في المؤتمر ؟ !

    وتوضيحـا ، فإنني لاارى خلافا واضحا في المبـدأ العام لوحدة شعبنا بين ( الوطني الآشوري ) و ( والديمقراطية الآشورية ) ، أو كما جاء في الفقرة 7 من جواب ( الحزب الوطني الآشوري ) لي المشار إليه آنفـا " نحـن لا نعتـقد بوجود أي خلاف أيديولوجي مع الأخوة في الحركة الديمقراطية الآشورية ، بـل ولنا قناعة يقينيـة بأننا أقرب تـنظيمين  سياسيين آشوريين إلى بعض . . إلاّ أن الإختلافات كانت وماتـزال دوما في أساليب العمل والممارسات العملية . . "  .

    ومـادامت الخلافات في أساليب العمل والممارسات بين الوطني والحركة ، فنأمل أن نرى جردا كاملا من كليهما لتلك الأساليب ، بمـا يزيد من التـقارب والإتـفاق في شأن قضايا شعبنا في الوحدة والتسمية والمصير . . مع علمنا بأن وجود خلافات في الرأي والعمل الجماهيري والنظرة إلى الأمور العادية ( غير المصيرية لشعبنا ) تمثـل ظواهر صحية بين أي تنظيمين سياسيين ، وأملنا أيضا أن نرى أفقـا جديدا لتنظيمات شعبنا ، متجردا من العنصرية والطائفية والعشائرية والمناطقية والإستـعلائية ،  وتـتجه جميعها مهتـدية بحكمة ( التاريـخ عادل في حكمـه ) .

    وأخيـرا ، على رغم أنـني أتفهم المبررات التي دفعت الأحزاب والتنظيمات التي تشكلت  لشعبنا  قبل عام 1990  إلى استخدام تسميات ( الآشورية والكلدانية والسريانية ) فيها ، إلاّ  أنني أرى أن هذه التسميات أصبحت منذ سـنوات وسيلة للإستغلال من قبل الذين يريدون الضرر بشعبنا في معارضة الوحدة القومية والترويج للطائفية . .

      ولهذا فكم يكون فاضلا لو وجدت الأحزاب الوحدوية البعيدة عن العنصرية والطائفية سبيلا لحل هذه القضية ، خصوصا ـ مثلا ـ أننا نرى أحزابا آشورية مثل ( شورايا ) و ( بيت نهرين الديمقراطي ) تمارس العمل القومي الصحيح من دون إستخدام التسميات القومية ، وشخصيا أفضل أن تكون أسماء تنظيماتنا وأحزابنا على شـكل : ( اتحاد  أهل سهل نينوى ) أو ( اتحاد بابل وآشور . . . ) أو ( اتحاد نبوخذنصر وآشوربانيبال . . . ) أو ايضا ( اتحاد بيث نهرين . . . ) أو( اتحاد مارأفرام ونرساي . . . )  أو أي اسم مشابه غير دال على طرف واحد لشعبنا  ،   وهي أسـماء جليلة من مآثرنا القومية التي نعتـز بها جميعا ولـها أهميتها في صيانة وحدتـنا فكـرا وعمـلا وقبـولا وترسـيخا  .

    [/b]

66


   عِـبَـر الأحزان وإرادة الحيـاة



ــــــــــــــــ
جميـل روفائيـل
ـــــــــ

     كثيـرة هي أقـدار الحياة ،  وهي تجمع بين أفراح وأتراح ، لكن المحزن والمؤلم منها هو الأكثر تأثيـرا في النفس ، والأوضح معالم ونتائـج وأيضا تجارب وعـبـر .

    وأشـد المؤلم هو الذي يسـببه الموت ، وأعمقه جرحا ما أصاب عزيـزا ، وكانت مصيبتي بعزيزيـن ، بـدأت بابـن عمي ( ولا شقيق لأبي أنجب أولادا غير والده ) صبـري يونان ( 58 سـنة ) الذي كان يمثـل عندي شـقيقا رابعا ( كان يناديني أخـونـي )  بالدرجة نفسـها التي يشـكلها أشـقائي الثلاثة من أبي وأمي  ، خصوصا أنه أصبح من دون شـقيق بعدما أعتـقل النظام المبـاد عام 1980 شـقيقه الوحيد ( أصغر منه وغير متزوج ) جلال بتهمة النضـال الشـيوعي وتـم الإعلام  بإعدامه من خلال ورقة صغيرة سـلمها رجال الأمن إلى منزل صبري مع كلام مختصر أنه :  تـم دفنه ولا يحق لكم طلب جثـته .

    ولـم تـمر غيـر أسـابيع  على فاجعتي بصـبري ،  وقـبل أن يـبدأ  الألم بالتخـفف ، فوجعـت بشريكة حياتـي ( 61 سـنة ) التي قاسـينا حلـو الحياة ومـرّها  معـا على مـدى غالبيـة سـنوات العمـر .

    لكـن للأحـزان والمآسـي أيضـا عِـبَـراً  تسـتخلص منها ، فقـد أدركت أنها فوق الخلافات وأقوى من الفرقة ، وحتى أكثر إزالة لتراكمات الضغائن وأهم تأثيـرا في تحريك المشاعر التي كاد يخيـم النسـيان عليها بفعـل البعـاد وطول سـنينه .

   ومـع أن لا مشـكلات شـخصية لـي مع أحـد ، كما أرى وأثـق ، وأن خلافاتي الخاصة إن وجدت فهي وقـتية وتنحصر في التباين بين آرائـي ومواقف من أختـلف معـه في الأمور القومية والوحدوية التي تخص شـعبنا ، فأنـا لا أجـد داخل شـعبنا ( الكلداني الآشوري السرياني ) أي فاصل ، ماضيا وحاضرا ومستـقبلا ، ما يتطلب التميـيز بين الإنقسـامات المذهبية التي سـببت طوائف دينيـة ، وبيـن السـمات القوميـة الجامعـة لشـعبنا مـن لغة وتاريخ وثـقافة وتـقاليد إجتماعية ومنطقة جغرافية ، والتي تـتناقض مع تعـدد التسـميات .

    إلاّ  أنّـني ألتـزم الحوار في التـعبير عن رأيي ، وأعتـمد على المصادر الآثارية والجغرافية ومراعاة الواقع في توضيح مـاأراه صوابا ومقبولا وكاشـفا  للحقيقة التي نكون بصـددها ، وهو مـاأجـده يوفر إحتـراما متبادلا  يجمعني مع الذين لسـت معهم على درب واحـد أو وفـاق كامـل  . . . وأعتـرف أنـني تعلمت الكثير خلال محاوراتـي ، وأدركت  القسـم الأكبر  من الأخطاء التي كنت أقع فيـها ، والتي منها مايؤدي إلى إنحراف الحـوار عـن إطاره الصائب الذي ينبغـي أن لا يخرج عنـه ، وهو مـا صـرت أتحـذره وأتجنـبه .

    وفـي أحزانـي ، رأيت المواسـاة والمودة تأتيني من فئـات قومية وسياسية متنوعة لشـعبنا ، سـواء التي يسـود الإتـفاق في الرأي بينـنا ، أو تـتراءى تباينـات المواقف ـ شـديدا كان أم خفيفـا ـ بينـنا ، وإنـني إذ أعتـز بهـذه الآراء جميعـا ، أجـد من الواجب أن أعبـر  عن إمتـناني لأولئك الذين أتباين معهم ، وبتـقديري أن هـذا دليل على أنـنا ، بالرغـم من التباين في آرائـنا  ومواقـفنا ،  فإنـنا في درجـة من الوعي والتـفاهم ، توفر لنـا الإلتـقاء في السبيل المفـيد لأمتـنا  وبحيث يكون الرابح شـعبنا بكامله بما يضمن بقـاءه ورسـوخ مستـقبله ، وهـو ما يعـني أن لا خاسـر في الرأي أو الموقف بينـنا ، فكلنا رابحـون ومنتصـرون ومسـتـفيدون .

    وأسـفرت أحزاني عن زيادة في عـدد معارفي ، فإضافـة إلى الذين كتبوا مواسـاتهم من دون أن تكون معرفة مباشـرة بيننا ، فـإن كثيرين اتصـلوا بي هاتـفيـا للتـعبير عن مواساتهم على رغم أنه لم تكن لي مثـل هذه العلاقة سـابقا معهـم ، لابـل أن قسـما منهم كنت على علم بهم من خلال المواقع لا غيـر ، وهـذا  جعلني أتأكـد  بأن لـي معـارف كثيـرين من خلال كتاباتـي  ،  وأن مجال الرأي والكتابة والنشر هـو رابطة  موصلة بين أقاصي الأرض ومختلف المسـاكن والأشـخاص ، كما كانت دائمـا سـبيل الربط بين الماضي والحاضر . . نعـم كل الماضي مفيـد ولكن الأكثـر فائدة فيـه ماكـان صادقـا ومرشـدا واختـياره معتـمدا على النقـاوة ، لا على نزعـة الإنتـقائية والإسـتحسان القائم على الملاءمـة الشـخصية .

   والـذي جـذب إنتـباهي حقـا ، كتابات المواسـاة الصادرة من أصدقاء ومعـارف إنقطعت سـبل الإتصالات بينـنا منـذ ثلاثيـن سـنة أو أكثر ، حتى صـرت أجهل مـاالذي فعلتـه صروف الدهـر وعـواتي أحداث الزمـان بهـم ، ومنهـم على سـبيل المثـال والإشـارة في الإختـيار  : ـ
سـيدا هرمز سـيدا ( الذي كان أول رئيس تحرير لمجلة قالا سوريايا وعملت معه عضوا في هيئة التحرير  ، وغادر العراق إلى أبوظبي ، ثم انقطعت أخباره عني ) وجوني جورج يعـقوب ( الذي كان طفلا صغيرا عندما كنت أزور أهله الذين كانوا من أقرب أصدقائي في بغداد ، وكنت معجبـا بجـده يعقـوب الآشوري النازح من حرير وبيطاس الذي كان  إنسـانا  مجـدا في عمله من أجل أن يوفـر العيش لعائلته ، وطيبا إلى أبعد الحدود مع معارفـه  ) وشـموئيل إرميـا ( الذي عملنا معـا في المجلة الثـقافية السريانية لتلفزيون كركوك ، حيث كنت أعـد مواد المجلة ويتولى هو تـقديمها ، وهو الآن أنشـأ مع زميله يعقوب هاويل الإذاعة الآشورية في ملبورن ـ أستراليا ) والصديقان العزيزان القديمان من قريتـي  تللسقف الشماس خوشـابا يوسف شاطي و كبـارا أسـوفي كبـارا ) . .

   وإزاء  كـل هـذا ، ينبغـي أن تكون إرادة الحيـاة والعمـل هي الأقـوى على تجـاوز قسـوة الأحزان ، لا بـل تكون مشـجعا على  مواصلة هذه الإرادة ، كمـا كانت قبل مصائب الأحزان ، وفي هـذا  تأكيـد على إسـتمرار وجود الإنسـان وعطائه ما بقـي  في  القلب نبـض  . 

     

67
سـعدي المالـح ، لا فـضّ فـوك


ــــــــــــــــــ
جميــل  روفـائيـــل
ـــــــــــــــ
   
      بدايـة ، عبـارة " لا فـض ( ضـم الـفـاء وفتح الضاد المشـددة )  فـوك " لغـويا ، هـي دعـاء يقـال فقـط " لـمـن أجـاد فـي الكـلام " وتعـني فـي استخدامها ( فتـح مـا هـو مختـوم ، إزالـة النـزاع والقضـاء على أسـبابه وحسـمه وإيجـاد حـل لـه ) ، وبالمناسـبة أتذكـر أننـي  سـمعت هـذه العبـارة للمـرة الأولـى حيـن كنت في الصف الثـاني فـي متوسـطة المثـنى بالموصـل عـندمـا كتبـها مدرس اللغـة العربيـة ( عمـر الطالـب ، بعـد ذلـك بسـنوات أصـبح الدكتـور عـمر الطالب ) في دفتـر الإنشـاء الخـاص بـي نتيجـة إعجابـه بأسـلوبـي في الكتابـة ، فسـألته عـن معـناها ، فأوضحـه وقـال : إنـها تـقـال فـي حـالات خاصـة جـدا وأنـت الطالب الوحيـد الـذي أكتـبها لـه في هـذه المدرسـة حتـى الآن . .

    واخترت هـذه العـبارة للروائـي والصحافـي الدكتـور سـعدي المالـح ، أسـتاذ ( الأدب المقـارن التـطبيقي ) فـي كليـة اللغـات بجامعـة صـلاح الديـن فـي أربيـل . . الـذي أجـاد وأحسـن وأتـقـن وبـرع وأبـدع وأكـد  طـول باعه وتضلعـه بكل ما قالـه على مـدى نحـو 45 دقيقـة بعـد ظهـر الإثنيـن 15 / 5 فـي برنامـج ( حـوار ) على الهـواء مباشـرة لفضائيـة زاكـروس ( التـآخي ) في أربيـل ، حيـث تحـدث عـن تجربتـه الأدبيـة ونشـاطاته الثـقافية في الوطـن والمهجـر وخصوصيـات مـادة ( الأدب المقـارن التطبيقـي ) التـي يقـوم بتدريسـها في جامعـة صلاح الديـن منـذ أشـهر عـدة ، والتـي تخـص تدريـس آداب بلديـن مـن خـلال المقابلـة والموازنـة بينهمـا وربط الواحـدة بالأخـرى ، لاستخلاص أوجـه الشـبه والتأثيـرات المتبادلـة .

   ولأن حديـث الدكتـور سـعدي طويـل وكلـه مهـم ومفيـد ومثمـر وتـقييم واقعـي لكـل ما تطـرق إليـه حـوار البرنامـج . . ولكـن مـن الصعـب استنساخه بكاملـه ، فإنـني سـأتـناول فيمـا يلـي هـذا النمـوذج  الـذي يمثـل سـبيلا لمـا يمكـن أن يحتـذى بـه عنـد تنـاول قضايـا شـعبنا ( الكلدانـي الآشـوري السريانـي ) . .

    يقـول الدكتـور سـعدي ( وقـد حافظـت على نـص أقـواله باعتبارها حديثـا عاديـا ليـس المطلـوب منـه البلاغـة اللغـوية والـتزام قواعدهـا ونحوهـا )  ونعــم ما يقــول :

مقطع من حديث الدكتور سـعدي
ــــــــــــــ

       .  .  هنـاك الكثيـر مـن الزمـلاء ، سـواء مـن الكـرد أو الكلـدان الآشـوريين السـريان الـذين يكتـبون في هـذا المجـال ( العلاقـة بيـن الشـعبين ) وأعتـقد أن لهـم باعـا طويـلا في مجـال مـدّ  جسـور العلاقـة بيـن الشـعبين الكـردي والكلـداني السـرياني الآشـوري ، وهنـاك أيضـا ما قدمـه الشـعبان مـن تضحيـات كبيـرة مـع بعضهمـا سـواء فـي النضـال العسـكري فـي الجبـال أو فـي النضـال السـياسي السـلمي ، وهنـاك كثيـر مـن النقـاط المشـتركة بيـن الشـعبين ، وأتمنـى أن يكـون هنـاك تـفاهـم متبـادل  بيـن هـذين الشـعبين وأن يحافـظ كـل منـهما على حقوقـه المشـروعة في هـذا البلـد. أمـا بالنسـبة لـي فأنـا أسـاهم في مـدّ  جسـور هـذه العلاقـة مـن خـلال كتاباتـي ، وفي روايتـي الأخيـرة  ( في انتظار فرج اللـه القهـار ) التـي سـتصدر بعـد أسـبوع عـن دار الفارابـي في لبنـان ـ بيـروت ، هنـاك فصـل عـن الأنفـال بحـق الشـعب الكـردي، هـذه المجـزرة  الكبيـرة.  وتضم كذلك إشـارات أخـرى عن الأكراد ،  وهنـاك أيضـا فصـل يتحدث عن ما تعـرض  لـه  أبنـاء الكلـدوآشـوريين  السـريان  في سـميل ،  وأيضـا فصـول أخـرى  عمّـا تعـرض  لـه  الأخـوة  الشـيعة  في الجنـوب وبقيـة  فئـات  الشـعب العـراقي .  . 

    أنـا أهتـم مـن زمـان  ،  منذ أن كنـت في موسـكو ومنـذ أن كنـت في العـراق أيضـا ،  أهتـم  بهـذا المجـال ( تاريخ الكلدان السريان الآشوريين وثـقافتهم ) وسـبق أن ترجمـت  القصائـد الشـعبية مـن السـريانية إلى العربيـة  ،  وكتـبت مواضـيع  عن الثـقافة  السـريانية في جريـدة طريـق  الشـعب في وقتـها وفي  الفكـر  الجديـد  . .   لكـن  زادت  اهتماماتي  في هـذا  المجـال  بعـد  سـفري  إلى  الإتحـاد  السـوفيتي  ودراسـة  معمقـة  لتاريـخ  هـذا  الشـعب  وثـقافته ،  فكتـبت  بعـض  الكراريـس  عـن  التاريـخ  وكتبـت  بعـض  الدراسـات  عـن  تاريـخ  عنكـاوا  وعـن  اللغـة  السـريانية  وعـن  بعـض  الأمـور  الثـقافية  الأخـرى  ،  وأصـدرت  في  كنـدا  مجلـة  فصليـة  ثـقافية  حضاريـة  كـان  عنوانـها  ( عشـتار )  كانـت  تصـدر ب  200  صفحـة  على  شـكل  كتـاب  موسـع  وكانـت  تضـم  الكثـير  من  الدراسـات  والمواضيـع في  هـذا  المجـال  ،  وأهتـم  أيضـا  بالجانـب  السـياسي  وأدعـو  إلى  الوحـدة  بيـن  مكونـات  هـذا  الشـعب  الكـلدان  السـريان  الآشـوريين  وأعتـبرهم  شـعبا  واحـدا  وأتمـنى  أن  يتـوصلوا  إلـى  تسـمية  موحـدة .

الإنحيـاز الى شـعبنا فقط
ــــــــــــــ

        عنـد  الإمعـان  في  هـذا  "  النمـوذج  "  يظهـر  بوضـوح  ،  أن  الدكتـور  سـعدي  المالـح  ،  ليـس  منحـازا  الى  جانـب  أحـد  باسـتثـناء  شـعبنا  ،  شـعبنا  (  الكلـداني  السـرياني  الآشـوري  )  ووحـدته  وتسـميته  الموحـدة  وثـقافته  والدفـاع  عن  قضايـاه  ورسـوخه  وضمـان  مسـتـقبله  الشـامخ  وبقائـه  الدائـم  الـذي هـو  جديـر  بـه  انطلاقا  مـن  تاريخـه  العريـق  ومآثـره  الإنسـانية  وثـقافته  المشـعة  بأنوارهـا  عبـر  العصـور وتـقاليده  الاجتماعية  المتميـزة  وسـعيه  الدائـم  إلـى  عـلاقات  وثيقـة  مـع  الشـعوب  الأخـرى  التي  يتجـاور  معـها  .

    وبوضـوح  ،  كمـا يرى  وحـدويو  شـعبنا  وأنـا  أحدهـم  ،  ان  السـبيل  القـويم  الأمثـل  لشـعبنا  ،  هـو  في  سـلوك  الإطـار  الـذي  يصـون  مصلحتـه  ،  بعيـدا  عـن  كـل  ما يمـت  بصلـة  الى  التـفرق  والتـشتت  والتبعثـر  والانقسام  والتشـرذم . . مـن  أوبئـة  الطائفيـة  والحزبيـة  والمناطقيـة  والعشـائرية ونزعـات الهيمنـة والاستحواذ  على القـرارات ،   ومـا تسـفر  عنـه  مواقفـها  المتـزمتة  ومصالحـها  الذاتيـة وتأثـيراتها  في  بعـض  المجـالات  العامـة  مـن  معـاناة  ومكابـدة  ومشـقة  وتـعب  وإرهـاق  وأضـرار  ،  وإن  كانـت  في  غالبيـتها  وقتـية  زائلـة  ضجـتها  كضجـة  قـرع  الطبـول  الجوفـاء  الـتي  تذهـب  أدراج  الريـاح  ،  لأنـها  كالزبـد  الـذي  سـرعان  ما تـزول  رغـوته  وتعـود  الأحـوال  الى  نصابـها  . 

    نعـم  ،  وفي  هـذا  السـياق الـذي يصـون شـعبنا ومسـتـقبله ، التزم الدكتور سـعدي المالـح سـبيله  بإصـرار وثبـات  ، وعـبّر عـن آرائـه بموقـف واضـح وصـريح لـم يشـذّ  عنـه منـذ  بـدأ  يلـج  دروب  الحيـاة  والثـقافة  والأدب  ويقـف  وفيـا  مـع  معانـاة  الشـعب  الـذي  ينتـمي  إليـه .

    وبقـي  أميـنا  على نهجـه الصـائب  الـذي لا يلـين  مـع  مغـريات جـاه  أو منصـب هـو أرفـع منـه وأسـمى بكثيـر  مـن  كرسـيّه ،  ومـن دون أن تثـنيه عـن عزمـه طعـنة  مـن هنـا ولومـة  مـن هنـاك . . لأنـه بسـلوكه  وإمكاناتـه  وثـقافته وقلمـه ، هـو  أسـمى منـزلة  وأرفـع  شـأنا  مـن  الـذي  يحـاول النيـل  منـه  . . وهـذا ما أدركتـه  منـذ  تعـرفت  على  سـعدي  المالـح  عـن  قـرب وتحدثـت  معـه  ووقـفت  على ما يكتـنزه  مـن  كـل  نقـي  ونفيـس  وصالـح  ومفيـد  . 

بدايـة  التعـارف
ـــــــــ

     كانـت  بدايـة  لقائـي  بسـعدي  المالـح  في  أوائـل  سـبعينيات  القـرن  الماضـي  ،  وبحسـب  ما أتذكـر  فـإن ذلـك  كـان  في  (  النـادي  الثـقافي  الآثـوري  )  وأن الـذي  عرفـني  عليـه  هـو  الأخ  والصـديق  بولص شـليطا ، وجلسـنا في ركـن مـن حديقـة النـادي  وأتسـعت  حلقـتنا لأكثـر  مـن  عشـرة  أشـخاص  ،  وكالعـادة  تشـعبت أحاديثـنا  بيـن  اهتماماتنا  بقضايـا  أمتـنا  وأمـور  الثـقافة  والأدب  والنشـر  . . وسـرعان  ما توطـدت  العلاقـة   بيـننا ،  فقـد  كنـت  أطلعـت  على كتابـات لـه في  الصحـف  والمجـلات  ،  وكـان  هـو  يعرفنـي  مـن  خـلال عملـي  الصحافي  في جريدتـي  (  التـآخي ) و ( الثـورة ) وكنـت في حينـه طالبـا في الجامعـة  المسـتنصرية حيث تخرجت العـام 1973  ،  وأهـداني الأخ سـعدي مجموعتـه  القصصيـة  الأولـى  (  الظل  الآخـر  لإنسـان  آخـر  )  وكانـت في كـراس مـن القطـع الصغيـر  لا يتجـاوز  المـائة ورقة  ، وقرأتـها  في الليلـة  نفسـها  بعـد  عودتـي  إلى غرفتـي  المؤجـرة  في ( كمـب  الأرمـن ) حيـث  كـان قـد أجـّر غرفـة  أيضـا  على  مقربـة  منـي  الصديـق  بولـص  شـليطا  ، فكنـّا غالـب الأوقـات نذهـب  الى  النـادي  معـا ونعـود  سـوية  .

   وتكـررت لقاءاتـي مع سـعدي  ،  بقـدر ما كـان يسـمح وجـوده في بغـداد ، وتوطـدت الصداقـة  بيـننا  باتجاه الأخـوة  والثـقة  وانسـجام الآراء  والمواقـف  ،  فقـد  بـدا  واضحـا  لـي  منـذ  اللقـاء  الأول  بيـننا  ،  ثـقله  الشـخصي  والثـقافي ،  فهـو  هـادئ  متـزن  يتبـادل  الـرأي  باحتـرام  ويبـدي  موقـفه  بموضوعيـة  متـناهية  ،  وهـو  يأبـى  التـنازل  عـن  معتـقداته  مـادام واثـقا  مـن صحتـها  وموضوعيـتها  . .

    وكانـت  هـذه  اللقـاءات تـتم عـادة في  ( النـادي الثـقافي الاثـوري ) حيث كانـت أجـواؤه  المفضلـة  لـدى  المثـقـفين  مـن شـعبنا وأصدقائـهم  ، وكانـت  مجموعـتنا  الأبـرز  في النـادي  وتتسـم  بطابعـها  اليسـاري  مـن  الشـيوعيين  وأصدقائهـم والمتـعاطفين  معهـم  ،  الـذين تهـمهم  قضايـا شـعبـنا (  الكلـداني  السـرياني الآشـوري )  التراثيـة  وحقوقـه  . . وكنـت ألتـقي الأخ  سـعدي  في هـذه  الأجـواء  الخاليـة مـن الصراعـات والهيمنـة بيـن وقـت وآخـر . . وحتـى مغـادرته إلـى  الإتحـاد السـوفيتي .

    واليـوم أضـاف  سـعدي  المالـح مأثـرة أخـرى إلـى مفاخـره النبيـلة  برجوعـه إلى ديـار آبائـه وأجـداده  كريمـا  شـامخا  ، ينبغـي أن نقـتدي بهـا ، وآمـل أن أكـون شـخصيا أحـد الـذين يقـتدون بـه قريبـا  . 
 [/b]

68


مهلا سـيدنا ، لسـت خائنـا

ـــــــــــــــــــــــــ

جميـل روفـائيـــل
ــــــــــــ

     مـن دون مقدمـات ، سـأدخل الموضوع مباشـرة ، وأتحـدث بصراحـة ووضـوح ، ومـن حقـي أن أدافـع عـن قناعـاتـي الشـخصية بقـدر دفاعـي عـن معتـقداتي الدينـية والمذهبيـة ، مـادامت قناعـاتي الشـخصية لاتـتعارض مـع إيمانـي المسـيحي الراسـخ وإنتـمائي إلى المذهـب الكاثوليكـي الكلدانـي وإلتـزامي بتوجهيـات قـادة الكنيسـة الكلـدانية ضمـن إطـار ديانـتي المسـيحية ودسـتورها الإنجيـل المقـدس  الهـادي منـذ كتـب الرسـول " مـتـى  " أول أقسـامه باللغـة الآراميـة  بحـدود عـام 41  للميـلاد .

     لا أريـد الدخـول في شـهادات ومقاطـع مـن كتابـنا المقـدس الـذي نهـتدي بـه فـي قضـايانا  الدينيـة  ،  وإن كنـت  ملـما بـها بقـدر مـاأحتـاج  إليـه كفـرد مـن عـامة المنتـمين إلـى المسـيحية  .  .  لا أريـد الدخـول لأن رئيـس الكنيسـة الكلدانيـة الكاثوليكيـة سـيدنا البطريـرك مارعمانوئيـل الثالـث  دلــي الـذي جعلـني أكتـب هـذا الموضـوع ،  هـو  أعـلم منـي  كثـيرا  بوصـايا  سـيدنا جميعـا  يسـوع  المسـيح ومحتـويات  إنجيلـه  وسـبل  الإلتـزام  بـها بالنسـبة  لكـل مسـيحي ،  رئيسـا ومرؤوسـاً .  .  فهـو إضافـة  إلـى  إختصاصـه الدينـي وواجبـه تجاهـه ، حاصـل  على  شـهادات  دينـية  عـدة منـها  الدكتـوراه  باللاهـوت  مـن  معهـد  مـاريوحنـا الدمشـقي فـي رومـا بدرجـة  جيـد جـدا ، ودكتـوراه  أخـرى  في  القانـون الكنسـي  مـن الجامعـة  اللاترانيـة  وبدرجـة  جيـد جـدا أيضـا  .

    لا أريـد  الدخـول  .  .  أبـدا  ، ولكـن الـذي أعرفـه وأنـا واثـق منـه ـ ومـن يملك  نقيضـه فسـأكون شـاكرا لـه لـو أوضح ذلـك  منشـورا   ـ  إن سـيدنا المسـيح وإنجيلـه ورسـائل رسـله وتعاليمـهم منعـت على  الـذين  كرسـوا  حياتـهم للمهمـات  الدينيـة  ،  أي  إسـتغـلال  لمكانتـهم  في  القضـايا  الدنيويـة  ( أي  كمـا أفهـم شـخصيا :  الشـؤون  القوميـة  والإجتماعيـة والممارسـات  اليوميـة الخاصـة  وصراعـاتها التـي  لا علاقـة  لهـا  بالديـن  المسـيحي  ،  وأمـور  الحكـم ـ أي بالمفهـوم  الراهـن  السـياسة  )  . . 

     وهـذا  يعـني  أن مـن  حقـنا  نحـن  الرعيـة  (  للديـن  المسـيحي  مـن كل  المذاهـب  وأسـمائها  )  أن  ننـبه  زعماءنـا  الديـنيين  إذا  حـادوا ـ  سـهوا  أو  تعـمدا  ـ  عـن  هـذا  السـبيل  ،  أسـوة  بمـا  لهـم  مـن حـق  فـي  تنبيـهنا  نحـن  الرعيـة  إذا  حـدنا  عـن  السـبيل الدينـي  الـذي  رسـمه  لنـا  إنجيلـنا  ورسـل  سـيدنا  المسـيح  .  .  ولكـن  مـن دون  أن  نتهـم  زعماءنـا  الدينـيين  بالخيانـة  ،  وأيضـا  مـن  دون  أن  يوصـمنا  زعماؤنـا  الدينيـون بالخيانـة  . . فـلا وجـود لتعبـير الخيانـة  ـ  بحسـب  علمـي ، ومـن لـه إعـتراض  فليـتفـضل  ويوضـح  ـ  فـي  دسـتور  دينـنا  المسـيحي  المتمثـل  في  إنجيلنـا  ورسـائل  الرسـل  . . علمـا أن الخيانــة  ( التـي  تعـني  :  الإخـلال  بالأمانـة  ، ونقـض  العهـد  وتـرك  الوفـاء  بـه  ،  الغـدر  )  هـي  أشـد  قسـوة  مـن  التحريـم  (  الـذي  يعنـي  :  الممنوع  والمحظـور  بحسـب  الشـريعـة ،  المنهـى  عـنه  دينـيا  وأخلاقيـا  )  الـذي  لاتلجـأ  إليـه  الكنيسـة  إلاّ  فـي  أحـوال  قسـرية وبعـد  دراسـة  وتمحيـص  ومجامـع  كنسـية  . . فهـل  يحـق  لزعيـم  دينـي  أن  يصـدر  قـرارا  بالخيانـة  على  قسـم  مـن  رعيـته  مـن  تلقـاء  نفسـه  فـي  أمـور (  دنيويـة )   ليسـت  ضمـن  سـلطته .

       ومـن هـذا  الفهـم  المتوافـر  لـديّ  مـن  خـلال  إيمانـي  المسـيحي  المتواضـع  ومطالعاتـي  التـي  أرى  أنـها  بمسـتوى  أكثـر  مـن  التواضـع  ،  فإنـني  أضـع  فاصـلا  سـميكا  بيـن  الإنتـماء  الدينـي  (  بكافـة  أشـكاله  ومسـمياته  المذهبـية  وغيـرها  )  الـذي  ينبـغي  أن  يكـون  دسـتوره  الإنجيـل  ورسـائل  الرسـل  مضـافا  إلـى  ذلـك  الأسـس  المذهبيـة  للكنيسـة  التـي  أنتـمي  إليـها  (  وهـي  بالنسـبة  لـي  الكنيسـة  الكاثوليكيـة  الكلدانيـة  ـ  وهـذا  بحسـب  رؤيتـي  هـو  إسـمها  الصائـب  الـذي  يقـتضي  أن  يكـون  رسـميا  فـي  التسـمية  المذهبـية  وبذلـك  تكـون  تسـمية  المنتـمين  إليـها  الرسـمية  الكاثوليـك  الكلـدان  أو  المسـيحيون  الكلـدان  )  . . (  وأضـع  فاصـلا  سـميكا  ) وبيــن  الإنتـماء  القومـي  أو  المعتـقدات  القوميـة  والإجتماعيـة  والخصوصـيات  الذاتيـة  التـي  لا يحـق  (  شـرعا  )  لرجـال  الديـن  التدخـل  فـي  مجالـها بـأي شـكل  مـن  الأشـكال ، لأن هـذا  التـدخـل  ـ  إن  حصـل  ـ  فسـيعني  الإنحيـاز  إلـى  جانـب فصـيل  مـن  الرعيـة ضـد  فصـيل  آخـر ، مـا سـيجعـل الراعـي  الديـني جـزءا  مـن الأنقسـام الحاصـل في الرعيـة خـارج  المجـال الدينـي  وبذلـك سـيفـقد الراعـي الديـني  مكانتـه  الجامعـة الموحـدة  بيـن كـل التابعـين  لكنيسـته  التـي هـي مـن خصائـص  المسـؤول  الديـني وواجبـه .  .  أجـل ، إن حصـل  هـذا  التدخـل  ،  فـإن  الراعـي  سـيصبح  على  النقيـض  مـن  إلتـزاماته  الدينـية  ،  ويكـون  أكثـر  بكثيـر  تناقضـا  إذا  تجـرأ  ووصـف  أحـد  أفـراد  رعيـته  بالخيانـة  لمعتـقداته  القوميـة  والإجتماعيـة  وخصوصـياته  الذاتـية  التـي  لا تـتناقض  مـع  إلتـزاماتـه  الدينـية  والمذهبيـة .

   هـذا  الكـلام وغيـره  كثيـر  أحـاط  بفـهمي  للأمـور  ،  وأنـا  أتـابع  مسـاء  الأحـد  (  7 / 5 )  لقـاء  قنـاة  عشـتار مـع  سـيادة  مارعمانوئيـل  الثالـث  دلـي  رئيـس  الكنيسـة  الكلدانيـة  ،  وكـم  تألمـت  حـد  أصابتـني  القشـعريرة  أن  يوصمـني  (  أنـا  الـذي  طالمـا  أكـدت  بـأن  قوميـتي  آشـورية  وسـأبقى  ملتـزما ذلـك  إن  لـم  يتـم  التوصـل  إلـى  إسـم  قومـي  موحـد  يجمـع  المسـميات  الكلدانيـة   الآشـورية  السـريانية  ـ  مـع  أحـترامي للخيـارات  القوميـة  لغـيري مـن  أتبـاع  الكنيسـة  الكلدانيـة وغيرهـم  ) فـي تحصـيل حاصـل  لكلامـه  بأنـني  خائـن  لأنـني  أتبـع  كنيسـته  الكلدانيـة  ولا ألـتزم (  القوميـة  الكلدانيـة  )  . . وقـد  تأخـرت  أيـاما عـدة  في كتابـة  هـذا  الموضـوع  بانتظـار  أن  تعيـد  قنـاة  عشـتار  بـث  اللقـاء  لأسـجله وأثبـت  فقـرة  (  الخيانـة  )  بنصـها  الكامـل ، ولكـن لـم أشـاهد  الإعـادة ، ولا أدري إن كانـت  تمـت وفاتـني  مشـاهدتها أو لـم تحصـل  ،  وأرتأيـت  كتابـة الموضـوع  إنطلاقـا مـن  فهمـي للفـقرة  ، ومـع هـذا إن كـان في فهمـي لهـا  بعـض  الإلتـباس يمكـن  لمـن سـجلها أن  ينشـرها  بنصـها  الكامـل  من  أجـل  الفائـدة  العامـة .

       وبالتأكيـد  ،  أن  الخيانـة  لـم  تـقتصر  علـيّ  ،  فقـد  إمتـدت  إلـى  عشـرات  الآلاف  وربمـا  مئـات  الآلاف  مـن  أتبـاع الكنيسـة  الكلدانيـة ومـنهم عـدد  مـن رجالـها  الدينيـين (  بضمنهـم  ثلاثـة  أبرشـيات  لهـذه  الكنيسـة  هـم  أصـلا  يؤكـدون  أبـا  عـن  جـد  أنهـم  آشـوريون  ) الذيـن  يفتخـرون  بـأن  (  قوميتـهم  آشـورية  )  وأيضـا كثيـرون مـن  أتبـاع الكنيسـة  الكلدانيـة  الـذين  يلتـزمون  القوميـات  الكرديـة  والعربيـة  والتركمانيـة  . .  فهـل تقبـل  أنـت  شـخصيا  ياسـيدنا  رئيـس  الكنيسـة  الكلدانيـة  أن  يكـون  كـل هـؤلاء  الـذين  يتبـعون  كنيسـتكم  وزعامتـكم  المذهبيـة  المسـيحية  خونــة  ؟  !  ! 

     وربـما  أيضـا  ،  ليـس  خافيـا  عليـكم ،  ياسـيدنا  البطريـرك ،  أن  سـلفكم  الراحـل  مار روفائيـل  بيداويــد  كـان  يجاهـر  بأنـه (  آشـوري  )  وأن  بيـن  أسـاقفـة  ومطارنـة  وقسـاوسـة  كنيسـتكم  مـن  يعـتبر  قوميـته  آشـورية  ،  فهـل  كـل  هـؤلاء  خونـة  ؟  !  !

   أنـا شـخصيا مـن  تللسـقـف ، البلـدة  الـتي  كـل  سـكانها  يتبعـون  الكنيسـة  الكلدانيـة  ،  وأعـرف  جيـدا  الآراء  القوميـة  لسـكانها  ،  وأيضـا كـل  البلـدات  والقـرى  المحيطـة  بـها  التـي  تـتبع  الكنيسـة  الكلدانيـة  ،  بـأن  هـؤلاء  الأتبـاع  للكنيسـة  الكلدانيـة  موحـدون مذهبيـا كلدانيـا ومنقسـمون  قوميـا بيـن  :  كلـداني  وآشـوري  وكـردي  وعربـي  ،  فهـل  لا يوجـد  بينهـم  غيـر  (  الكلـداني القوميـة  )  سـالكا  السـبيل  القويـم  بيـنما  الآخـرون  جميعـا  خونـة ؟ ! . . وهـل ياسـيادة  البطريـرك  سـالتم  الذيـن  حضـروا  قداديسـكم  وأسـتقبلوكم وصـفقوا  لكـم  فـي  عنـكاوا  وشـقلاوة  عـن  قوميـتهم  .  .  ولـو  سـألتم  ،  كنتـم  سـتجدون  بوضـوح  أن  بينـهم  (  كلدانـي  القوميـة  )  و (  آشـوري  القوميـة  )  و (  كـردي  القوميـة  )  لكنـهم  جميعـا  مـن  أتبـاع  الكنيسـة  الكلدانيـة  . .

      هــذا  هـو  الواقـع  ،  أمـا  إذا  تصـورتم  أنـهم  أستـقبلوكم  ورحبـوا  بكـم  إنطلاقـا  مـن  عـدم  (  خيانتـهم  )  لقوميـتهم  الكلدانيـة  فإنكـم  لـن  تكونـوا  على  صـواب  ـ  مـع  إحتـرامي  وإجلالـي  لمركزكـم  الديـني  وتبعيـتي  الشـخصية  لـه  ـ  لأنـهم  أستـقبلوكم وفرحـوا  بقدومكـم  وتشـرفوا بـه إنطلاقـا مـن زعامتـكم  الدينيـة  المسـيحية  ـ  ولـو كنـت شـخصيا فـي  عنـكاوا  أو  شـقلاوة  حيـن قدومكـم لكنـت بالتاكيـد  واحـدا  مـن  هـذا  الجمـع . .  هـذه  هـي  الحقيقـة  التـي  أراهـا  ،  ومـن  لـه إعـتراض  عليـها  فيمكنـه  إسـتطلاع  آراء  أتبـاع  الكنيسـة  الكلدانيـة  في  داخـل  العـراق  وخارجـه . .

    لا أريـد  المزايـدة  مـع أحـد  ، فلكـل  شـخص  مكانتـه  وحـدوده  إنطلاقـا  مـن  مهماتـه  ووجـوده  . . لقـد  كانـت لـي  علاقـات  وثيقـة  بحكـم  عملـي  الصحافـي  مـع  عـدد  مـن  الـذين  كانـوا  برفـقتكم  فـي  عنكـاوا  وشـقلاوة  ،  خصوصـا  مـن  كـان  منهـم  قريـبا  مـن  صديقـي  الحميـم  المرحـوم الأب   يوسـف  حبـي  ،  وأنتـم  شـخصيا  إلتـقيتكم  مـرات  عـدة  مـن  خـلال  نشـاطات  الكنيسـة  الكـلدانية  بأعـتباركم كنتـم  معاونـا  بطريركيـا  . . وألـتزامي  الديـني  معـروف  لـدى  كـل  مـن  يعرفـني  مـن  الفريـق  المرافـق  لكـم  . . فلايمكـن  أن  أكـون  خائنـا  بلسـانكم  مـن  دون  أن  أرتكـب  ذنـوبا  دينيـة  ،  وإنـما  بمجـرد  أنـني  أعـتبر  نفسـي  قوميـا  بالتسـمية  التـي  لـم  تعـد  تـروق  لكـم  ،  علـى  رغـم  أن  سـلفكم  كـان  يفضـلها  لنفسـه  . 


    وفـي  السـياق  نفسـه  ، وصـفتم كـل  منـتم  إلـى  الكنيسـة  الآشـورية  ( لقـد فضلتـم  إسـتخدام  الآثوريـة )  بأنـه  إذا  لـم  يلتـزم  (  القوميـة  الآشـورية ـ الآثوريـة  )  فهـو  خائـن  ،  ونحـن  نقـرأ  في  المواقـع الإعـلامية لشـعبنا  كتابـات  العـديد  مـن  أتبـاع  الكنيسـة  الكلدانيـة  الـذين  يشـيرون إلـى  عـدم وجـود  قوميـة  آشـورية  وأن  الآشـورية  ذابـت  مـن  الوجـود  وأن البقـاء هـو  فقـط  للقوميـة  الكلدانيـة  ،  فمـا هـو  رأيـكم  بهـذه  الدعـوة  مـن  أتبـاع  كنيسـتكم  ـ  وهـم  قريـبون من  العديـد مـن أصحـاب النـفوذ في الكنيسـة الكلدانيـة  ـ  بالطلـب  مـن  ملتـزمي  القوميـة  الآشـورية  التحـول  إلـى  القوميـة  الكلـدانية (  أي  دعـوتهم  للخيانـة  بحسـب  مـاورد  علـى  لسـانكم  )  ؟ 

    وإضـافة  إلـى  كـل  مـا تـقدم  ،  فـإن  قنـاة  عشـتار  التـي  أجـرت  المقابلـة  معكـم  ، تـقول  هـي ومديرهـا  العـام  الأسـتاذ  جـورج  منصـور  دائمـا  (  الشـعب  الكلدانـي  الآشـوري  السـرياني  )  فهـي  لا تـقول  الشـعوب  أو  القوميـات  الكلدانيـة  والآشـورية  والسـريانية  ،  مـا  يعـني  أنـها  تعـتبر  (  الكلـدان  الآشـوريين  السـريان  )  شـعبا  واحـدا  أي  قوميـة  واحـدة  ،  ولا تفصـل  بيـن  (  الكلـدان  الآشـوريين  السـريان  )  بالـواوات (  الـواويـات  )  ولا  بتسـميات  الشـعوب  والقوميـات  .  .  فهـل  أن  نهـج  هـذه  القنـاة  خائـن  قياسـا  لمـا  ورد  فـي  حديثكــم  ؟ 

    برأيـي  ،  أن  هـذه  الأسـئلة  كلهـا  مشـروعة  وتسـتحق  الإيضـاح  مـن  قبلكـم  ، إذ  بكـل تأكيـد  أن  الكثيـرين  مـن  أتباعكـم الدينيـين  وغيرهـم  يشـاركونـني  فيـها  وينتـظرون  جوابـا  . . فلعـل  أنـا  وهـم  قـد  فهمـنا  مـاصـدر  عنـكم  فـي  غيـر  قصـدكم  ،  أو  حـدث  لدينـا  إلتـباس  أو  لديكـم رأي لـم  ندركـه  ،  مايتطلـب  التوضـيح  الواضـح  مـن  أجـل  جـلاء  الحقيقـة  التـي  هـي  في  تصوركـم  وقصدكـم  . .

    وأزيــد  ،  سـيدي  مارعمانوئيـل  الثالـث  دلـي  ،  فأنـا  مـن  تللسـقـف ، وكـما ذكـرت  البلـدة  التـي  يتـبع  كـل  سـكانها  منـذ  نحـو  مئتـي  سـنة  الكنيسـة  الكلدانيـة  (  الكاثوليكيـة  )  وأنـا  مؤمـن  بهـذه  التبعيـة  سـيراً  علـى  خطـى  المرحوميـن  :  عمـي  القـس  كوركيس  والشـماس يونـان  ( عمـي ) والشـماس روفائيـل  (  والـدي  )  والشـماس  جبـو ( جـدي لوالـدي )  وشـقيقه القس  أيلـيا ووالـد  جدتـي  لوسـى ( لوالـدي ) القس بولـص ووالـد جدتـي  تريـزة ( لوالـدتي ) القس  حنـا . . فكلهـم  كانـوا  أتبـاع  الكنيسـة  الكلدانيـة  (  الكاثوليكيـة )  ولكـن أجدادهـم  كانـوا  مـن  أتبـاع  الكنيسـة  الشـرقية ( النسـطورية )  وآنئـذ  في  تللسـقف  لـم  يكـن  للكنيسـة  الكلدانيـة  مـن وجـود ،  والأمـر نفسـه بالنسـبة  لبلدتكـم  تلكيـف  وآبائكـم  وأجدادكـم ،  وكذلـك  لسـكان  البلـدات  والقـرى  الأخـرى  باطنايـا  وباقوفـا وألقـوش  . . ألخ  ،  فهـل  أجدادنـا  جميعـا  كانـوا  خونـة  لأنهـم  لـم  يكونـوا  يلتـزمـون  (  القوميـة  الكلدانيـة ) أم  نعـذرهم  لأن الكنيسـة الكلدانيـة  (  التـي  برأيـي  أوجـدت  التسـمية  القوميـة الكلدانيـة  )  لـم  تكـن  موجـودة  فتي  زمانـهم ؟  ! 

   وأؤكـد  ،  بأنـني  قـد  أكـون غيـر  صـائب  في  إسـتنتاجاتـي  مـن  حديثكـم  ،  سـيدي  مارعمانوئيـل  الثالـث  دلـي  ،  إلـى  قنـاة  عشـتار ،  ولـذا  رجائـي  أن  توضحـوا  قصـدكم  بنشـره  في  مواقعـنا  الإعلاميـة  ، وفي ذلـك  تسـدون  معروفـا  فـي  جعـل  الكثيـرين  مـن  رعيـة  كنيسـتكم  الكلدانيـة  وغيرهـم  يدركـون  أيـن  يكمـن  الصـواب  والحقيقـة  لمـا  تفضلتـم  بـه  وأردتـم  إبلاغـه  لرعيتكـم  وغيـرها  .   [/b]

69
أين نحـن وعهدنا وأيـن علتـنا ؟!!
جميـل روفائيـل

  مـما لاشـك فيـه ، أن قـدرنا نحن ، مهما كانت تسـميتنا ( كلـدان آشـوريون سـريان ) أنـنا شـعب واحد ، وارث  لكل حضارات وادي الرافديـن . . وضع التاريخ   أيامنـا الراهنـة ضمن عهـود الحسـم   .  .   نعـم ليس هـذا هـو الحسـم الأول ، فقـد مـرّ  شـعبنا عـبر عصـوره الطويلة بظروف أليمـة تطلبت منـه أن يكـون بمسـتوى تحدياتـها . . وكان كذلـك بوحدتـه وإصراره على البقـاء في أرض مآثـر آبائـه وأجـداده ، حيث وضـع أمره في مجـال متطلبات الحسـم للمواجهة بالقـدر الذي  تسـتوجبه ، وصمـد وظفـر . .  وظل ينتصـر على تحدياتـه  حتى أوصل الأمانـة إليـنا . . ونحن اليوم أمام عهـد جعلـنا في مواجهـة إمتحان عسـير ، فإمـا النجاح وما يمنحـه من الإكرام والإجـلال ، وإمـا الرسـوب وما يحملـه من مهانـة وخـذلان .

الهجـرة ومآسـيها
ـــــــــــ

    شـعبنا يقف اليوم بين أمرين ، الأول هو الهجـرة إلى أصقاع الدنـيا ، بلغـت أقصى مداهـا في السـنوات العشـرين الأخـيرة ، وبحيث لـم يشـهد تاريخنا عبر عصـوره مثـيلا  لهـا ، والأنكى أن البعض من أبنـاء شـعبنا وخصوصا رجال الديـن خارج العراق يشـجعونها جهـارا غير آبهيـن بمآسـيها  ، وإذا تواصلت هذه الهجرة وممارسـاتها وتداعياتـها فإنها سـتجعل شـعبنا يسـير حثـيثا نحـو فقـدان أرضـه ودياره وموطنـه وقوميتـه ولغـته ومآثـره ، مـا يعـني التـشـرد والفـناء والضياع في متاهـات الآخرين . . وصولا إلى إنقـراض ( الكلدان الآشوريين السـريان ) وإدراج إسـمهم ولغتهـم ومآثرهـم ضمـن لوائح ( الشـعوب البائـدة ) . .

        وبالمناسـبة فقـد دعـت منظمـة ( اليونسـكو ) في الحادي و العشـرين من شـباط ( فبرايـر ) الماضي الأقليـات في أنحـاء العـالم للحفـاظ على لغـاتـها ومآثـرها محـذرة  بـأن "  لغـة واحـدة مـن اللغـات الأم التـي تمتـلكها شـعوب العـالم تختـفي وتـموت  كـل أسـبوعيـن   ، حيـث يعـاني نحـو ثلاثـة آلاف   من لغـات الأقليـات حـالا  مـن الإحتضـار وهـو  مهـدد  بالإنـقراض التدريجي "  ووجـه المديـر العـام للمنظمـة ماتسـورا  رسـالة ، جـاء فيـها  ان "  اللغـة  أكثـر  مـن مجـرد  وسـيلة  أو  أداة  ،  فهي التي  تشـكل بنيـة  تفكيـرنا  وتصـوغ  علاقاتـنا  الإجتماعيـة  وترسـم  صلتـنا بالواقـع  ،  وهي  أيضـا  بـُعـد  جوهـري  مـلازم  للكائـن  البشـري  ، ورثـها  عـن آبائـه  الذيـن  ورثـوها عـن الأسـلاف ، فاللغـة  هـي الإنسـان نفسـه . . الإنسـان يحيـا فـي اللغـة  وبـها  "  . .

          ويجـدر  التوضيح  ، مـن دون تملـق أو إسـترضـاء للذيـن يصـنعـون من الحبـة كبـة ويبـنون صـروحـا وكيانـات وتنظيمـات قوميـة  خياليـة المجـد   علـى رمـال التسـيب وكثبـان التشـتت  والغـربة أشـبه مـا تكـون بلهـاث  الجـري للحـاق  بالسـراب  المغـر  الخـادع  . . التوضـيح  ،  بـأن شـعبنـا مهـدد  بالـزوال والفـناء  و لغـته مهـددة بالإنقـراض والنسـيان  ، إذا لـم نربـط كـل ذلـك بالتحديـات التي  نواجهـها  ونضـع  مشـروعا مسـتـقبليا  واضـح المعـالم يلـتزم التنـمية الإنسـانية لشـعبنا حيـث مناطـقه  في ديـار الآبـاء والأجـداد .

الصـمود  والبقـاء
ـــــــــ

   والأمـر الثـاني ، هـو الصـمود والبقـاء ، وهـذا يتطلب تحديـد الأرض والإلتـزام بالحفـاظ  عليـها ، حيث أنـها واضحـة بالنسـبة لشـعبنا وجليـة أمـام أنظار غيـره 
مـن العـراقيين وخصوصـا الأخـوة الكـرد الـذين يجاورونهـا منـذ أجيـال ، ومعلـوم أن هـذه الأرض تـقع شـرقي الموصـل وشـمالها وغربـها ، وهـي محـددة
 بحسـب الإحصـاء السـكاني العـراقي لعـام 1957 المعتـرف بـه رسـميا والملتـزم أيضـا مـن قبـل كـل الأطراف العراقيـة في تحديـد المكـان والهـوية لسـكان العـراق .

    وتلفت الإنتبـاه  ، فقـرة وردت بمـا نشـرته  الوكالـة  الوطنيـة  العراقيـة  للأنبـاء ( نيـنا  )  بتاريـخ 27 / 3 / 2006 تحـت عنـوان ( النـص الكامل للبرنامـج الذي إتـفقت عليـه الكتـل السـياسية  العـراقية ) التي نصت على ما يلـي :
واحـد وعشـرون ـ تلتـزم  الحكومـة بتـنفيذ المـادة  140 مـن  الدسـتور والمعتـمدة على المادة 58  مـن  قانـون إدارة  الدولـة بكـل فقراتـها  والمتـمثـلة بتحديـد  ثـلاث  مراحـل : التطبيـع  والإحصـاء  والإسـتـفتاء  في  كركوك وغيـرها  مـن المناطـق  المتـنازع  عليـها  ،  وتبـدأ  الحكومـة  إثـر  تشـكيلها  فـي إتخـاذ  الخطـوات اللازمـة  لإجـراءات  التطبيـع  بمـا  فيهـا  الأقضيـة  والنواحـي  التابعـة  لكركـوك بالأصـل وتنتـهي  هذه  المرحلة  في 29 / 3 / 2007م  حيـث  تبـدأ  مرحلـة  الإحصـاء  فيها من 31 / 7 / 2007 م  وتـتم  المرحلـة  الأخيـرة وهـي  الإستـفتاء  في 15 / 11 / 2007  م .

    وبحسـب مـا أرى  أن عبـارة  "  وغيـرها مـن المناطـق المتـنازع  عليـها "  تشـمل ( كل  المناطـق  التـي  حصـل  فيهـا تدميـر البـلدات  والقـرى وتشـريد  أهلـها أو  تطهيـر عرقـي  وهجـرة  قسـرية  )  نتيجـة الظـروف غيـر  الطبيعيـة  التـي مـرّ  بـها  العـراق  وشـعبه  ،  مـا  يعـني أن  مـا يسـري على  كركـوك ينسـحب طبيعيـا على كـل المناطـق  العراقيـة  التـي  مـرت  بأوضـاع  متشـابهة  ،  وبالتأكيـد  أن  ضمنـها  مناطـق  شـعبنا التـي  لاتـقل  مآسـيها  قسـاوة  عـما  حصـل  في  كركـوك .  .  وهـو أمـر  نـنتظر  مـن زعمـاء شـعبنا (  مهمـا كـان  لونهـم وشـكلهم ومركزهـم وإنتمـاؤهم )  متابعـتها ،  ونحـن الذيـن أرتضـينا أن يـكون لسـاننا  وصوتـنا  في حـروف  أقـلامنا  وعبـاراتها الناطقـة عمـا يختلـج في حدقـات عيـون  الأوفيـاء مـن شـعبنا الكريـم  الأبـي  ،  نـنتظر ونرقـب ونحاسـب ونكتـب ،  بصـدق وجـلاء ،  قائليـن للمحسـن  إنـك  وفـيّ وصانـع الخيـر  والصـواب ، وقائليـن أيضـا لغيـر المبالـي ( مـن  غشـنا ليس منـّا ) .  .  ومنـذ  القـدم  قـال  الحكمـاء    "  نصـل  القلـم  أشـد  طعـنا  مـن  سـنان الرمـح   " .

مصاعـب وضغـوط
ــــــــــ

    ومن المعلوم ، أن شـعبنا تعـرض إلى مصاعب حياتية  وضغوط أمنيـة في بعض مناطقه منـذ عـام 1960 بسـبب الظروف غير الطبيعية لأندلاع القـتال بين الأخوة الكـرد والسـلطات الحكومية ،  وزادت هذه الحال تـفاقما بصورة مسـتمرة مع إزدياد إعتـداءات السـلطات وإجراءاتها القمعيـة وممارسـاتها العنصرية ، وتوقع شـعبنا بعض الأمـل في عامـي 1972 و 1973  عندما صدر  عـدد من القرارات التـعليمية والثـقافية والإجتماعيـة  والإدارية والإنسـانية عن أعلى سـلطة عراقيـة آنئـذ  التي كانت تسـمى ( مجلس قيادة الثورة ) وذلك على رغـم أن تلـك القرارات جردت كل صـفة قوميـة عن شـعبنا بتسـميته ب ( الناطقين بالسـريانية من الآشـوريين والكلـدان والسـريان ) .

    لكـن ذلك النظـام البائـد ، الذي كان من عـادته إثـارة الذرائع للإنقـلاب  على قراراتـه ووعـوده ، لـم ينـفذ أيـّا من القرارات الخاصة بشـعبنا بصورة سـليمة ودائـمة ، وهـذا معـروف لكل أبنـاء شـعبنا وغيـره الذيـن تابعـوا تلـك القـرارات ومـا حصـل لهـا مـن قضـم متواصل حتى تـم الإنصـراف عنـها نهائيـا ونسـيانها من قبـل السـلطة التي كانت تبجحـت بإصدارهـا  مكـرا وخـداعا .

    وعـمدت تلـك السـلطة الجائـرة إلـى عمليات تطهير عـرقية ضد شـعبنا ، بحسـب خطوات متـتالية ، إذ من المعـروف أن غالبيـة شـعبنا كانت تعيش في منطقـة إدارية واحدة تسـمى ( لـواء الموصل ) فقسـمت هذا اللـواء بيـن محافظتـي ( نيـنوى ) و ( دهـوك ) وتـقسّـم وجـود شـعبنا بينـهما ، ثـم جـرى تدمير المئـات من قـراه الرائعـة بذرائع أنهـا قريبـة من سـوريا وتركيـا أو ( لمتطلبات أمنيـة ! ) ، ثـم تواصلت الضـغوط على سـكان البلـدات والقـرى الأخـرى بالإعتـقالات وتوطيـن أزلامـه من غيـر أبـناء شـعبنا فيـها . . ولكـن مـن حسـن حـظ هـذه التجمعـات 
وسـكانها وتاريخـها ومآثـرها ،  أن ذلـك النظـام ذهـب إلى غيـر رجعـة قبـل أن ينهـي خططـه الخبيثـة بمحـو وجـود شـعبنا فيـها .

الواجب الراهـن
ـــــــ

     إن الواجـب الراهـن لكل وفـيّ لشـعبنا مـن أبنـائه ، هـو وضـع  ، فوق كـل إعـتبار ،  مهمـة رفـع الغبـن الـذي لحـق بأرضـه وديـاره وممتلكاتـه ،  نتيجـة إجـراءات الأنظمـة المبـادة ،    فقـد دلـت تجـربة السـنوات الثـلاث الماضية ، أن مقاعـد البرلمـان ومناصب الوزارات وحتـى تشـكيل الأحـزاب وإصدار الصحف وإطلاق القـنوات التلفزيونيـة والفضائيـة لـم تـفد قضـيتنا المصيرية في إعـادة الأرض الضائعـة ووضع أسـس إستـقرار شـعبنا ورسـوخه وبقـائه .

     ومـن المؤكـد ، أن أسـسا قـد وضعـت ، بعـد زوال النظام المقيت ، لرفـع الغبـن الذي لحـق بالعراقيين الذين جـرى تهجيرهم قسـرا وإعـادة الوضع الطبيعي للأماكن الجغرافيـة التي تـم تـغيير وضـعها المتوارث ، وإن الأخوة الكـرد يسـعون بوحدتهم لتحقيق مـايخصـهم في هـذا المجـال ، ولا يمكن أن يرفضـوا ، هـم وغيـرهم ، مايخص شـعبنا أيضا مـن مبادئ العـدالة والإنسـانية التي يعملون مـن أجلهـا لأنفسـهم . . وسـمعت قبل فتـرة  كلامـا رائعـا صائبـا صادقـا ومعـبرا عـن الحقيقة قالـه الزعيم الكردي الأسـتاذ مسـعود البارزانـي لفضائيـة عشـتار حين سـأله الأسـتاذ جورج منصور "  يتطلع الكلـدان الآشـوريين السـريان إلى العيش مع إخوتـهم من الشـعب الكردي في كردسـتان والتمتع بالحقوق الثـقافية والإدارية المشـروعة في ظل إقليـم كردسـتان ، كيف ترون العلاقـات بين الشـعبين ؟ "

  فأجـاب الأسـتاذ البارزاني كلامـا واقعيـا ، حين قـال  " العلاقات هي علاقـات تاريخية . . هي علاقـات المواطنة . . وعلاقـات تاريـخ . . ونحن نؤيـد الأخـوة من أبنـاء الشـعب الكلداني الآشوري السرياني ، أرجو أن تكونـوا قـد إتـفقتم على هـذه التسـمية فيما بينكـم ! وأيضا نؤيـد أن يتـمتعوا بكامـل حقوقهـم وسـوف ندعـم حقوقهـم ، وأعتـقد عمليـا بأنهـم يتنتعـون بحقوقهـم في كردسـتان . وإذا كـان هنـاك أي خلـل فأنـا مسـتعد أن أسـاعدكم بكل مـالـديّ مـن إمكانيات " .

منطقة إدارية وكانتونات
ـــــــــــ

   إذن ، العلـة فيـنا ، وهي أسـاسـا في عـدم إتـفاقنا بينـنا ، فقـد أعـرب الأسـتاذ  البارزاني عـن رجائـه أن نكون قـد إتـفقنا على تسـمية تجمـعنا ، التي هي إحدى المشـكلات الرئيسـية في معـانـاة إنـقسـاماتـنا الراهنـة ، والتي إن تجاوزنـاها فـإن
 أبـواب وحـدة عملنا سـتكون سـهلة الإنـفتاح أمامنـا . . وهنـا بدايـة الحسـم الذي يوفـر ثـقة الآخريـن بكلمتـنا ومطاليبنا غيـر المشـتتة .

    ولاشـك ، أن منطقة إدارية لشـعبنا مع الأخوة الإيزيدية والشـبك  في سـهل نيـنوى ، إضافة إلـى شـمول تجمعات شعبـنا المتـفرقة في محافظتي دهوك وأربيل بنظام المناطق الجغرافية المحددة ( التي تسـمى عالميـا : كانتونـات ) وتلتزمها الكثيـر من الدول الأوروبيـة وغيـرها في حـل مشـاكلها القـومية  ،   هي أحـد الحلول الضامنـة لحقوق شـعبنا القومية والتراثيـة والثـقافية والجغرافيـة والمستـقبلية ، ولا بـد من وضـعها في أولويـات كـل أطراف شـعبنا ، والعمـل المشـترك في سـبيلها . 

      ويتجلـى الحسـم وحكـم التاريـخ هنـا . . فـلا مقاعـد البرلمـان ولا المناصب الوزارية ولا بـريق الأحـزاب . . ألـخ  يمكـن أن  تـشـفع مـن يتوانـى عـن بـذل مـا في مقـدوره مـن أجـل وحـدة أمتـه وحقـوقها المشـروعة في صيانـة مستـقبلهـا ، ولا نريـد أن نـنذر لأن  هدفنـا هـو أن نذكـر ، وكفـى ذوي الألبـاب إشـارة .  [/b] [/size] [/font]

70
أين نحن والإساءات ؟
ورأيي في رابطة الأخ حبيب
ــــــــــ
جميــل  روفائيــل
 ــــــــــ

     مسـاكين . . نحن مسـيحيو الشـرق الأوسـط ، كلما حدثت قضية مسـيئة ، حتى لو كانت في ( جزيرة  الـواق واق ) ينبغـي أن نـنال حصـة من  تبعـاتها العـقابية . .  على رغم لاناقـة لـنا فيها ولا جمل ، أو بالأحـرى لا فـأرة  لـنا فيها ولا بعـوضة  . .  وربـما لـم تكن غالبيـتنا حتى قـد سـمعت عـنها ، كـما هي حـال الرسـوم التي أثـارت البعض لأسـباب إيمانية وعاطفية فخرج في تظاهرات عادية وعبـّر عـن رأيه ثـم خلـد إلى السـكينة ، أو إسـتغلها بعض الفاسـدين  ـ وهـنا مكمـن الخطـر ـ  من أصحاب النـوايا الرديئـة والماكـرة كمـا هي حالـه مـع كـل طارئـة يمكـن أن يسـتثمرها ويجعلـها وسـيلة لمآربـه الحاقـدة .  .  مـن أجـل إرغـام المسـؤولين السـياسيين والدينـيين مـن المسـيحيين للخضـوع وإصـدار البيانـات والتصريحـات فـي أمـور لاشـأن لهـم فيـها ، سـوى إرضـاء ( الأقـويـاء ) لا غيـر .

      مـن حقـنا أن نسـأل  بجـلاء ، مـا شـأن كنائـس مسـيحية في العـراق أو  مارونيـة وأرثوذكسـية فـي لبنـان  أو قبطيـة في مصـر  .  .  فـي ( رسـوم كاريكاتيريـة مسـيئة ) نشـرتها صحـف دانماركيـة ونرويجيـة وفرنسـية ومجريـة وأميركيـة  وفنلنديـة وسـلوفينيـة  وماليزيـة وأسـبانيـة ونيوزيلنديـة وتـلفزيون بي بي سي البريطاني . . ألخ  .  .  أجـل  مـن حقنـا أن نسـأل حتـى  يبـح صوتنـا مـن كثـرة الصيـاح . . والألـم وغرابـة الأمـور  وعجائبـها  . .

     لا أريـد  أن أطيـل  .  .  فلسـت وحـدي الـذي  جـشّ  صوتـه مـن مثـل  هـذا  السـؤال ،  لأن معـي كـل  الواقـعيين الذيـن يقيسـون الأمـور بحكمـة  ورويـة  مـن أي  شـعب وديـن  كانـوا  . .

    لكـن  الـذي  لا أعـرف  تفسـيرا  لـه ،  هـو  مـا أسـمعـه مـن بعـض أبنـاء شـعبنا  في العراق  بـأن الأعـمال  الإجراميـة  التـي  وقعـت لكنائـس فـي بغـداد  وكركـوك بعـد ضجـة ( الرسـوم  ) سـببهـا الرسـوم  !  !

    شـخصيا ، لا أجـد فـي هـذا التفسـير إلاّ  إنصياعـا وتبريـرا  للباطـل ،  إن  لـم أقـل بوضوح  أكثـر  للإرهـاب  .  .  بدليـل  أن الإعـتداءات قـد  وقعـت  على الكنائـس  ووقـع  إغـتيال وخطـف المئـات مـن  أبنـاء  شـعبنا  وسـلب  ممتلكاتـهم  وإرغـام  الرجـال منهـم  على إطلاق  اللحـى  والنسـاء على  إرتـداء الحجـاب . . وأشـكال التهديـد  والوعيـد  .  .  حدثـت  كلهـا  قبـل  الرسـوم . .

     إذن  ،  وإذن  مـا علاقـة  الرسـوم بمـا حـدث  ويحـدث  وسـيحدث  . . مـن  جرائـم  ذلـك النفـر  الـذي لا وصـف لـه غيـر الإصابـة بمـرض  الحقـد  الطائفي  اللعـين  والكـره  المتأصـل  حتـى  أعـمى  بصـيرته  الظلام الدامـس  الذي  يقبع  فـي  أقبيـته  الحالكـة  ،  وبحيـث  صـار   لا يعـرف   لغـة  غيـر  لغـة  المـوت و النـار والقنابـل  والبنـادق  والسـيوف  والقامـات  . . في  التعامـل  مـع  الغـير  .  . 

     أنـا  لا أترجـى  ،  ولا  يمكـن  أن  أترجـى  ،   مـن  هـؤلاء  الطائفييـن الحاقديـن  أمـرا حسـنا  ولا  أطلـب  منهـم  ليونـة  وسـلاما  وسـماحا  بالعيـش  الآمـن  معهـم  ، مـادامـت  قواميسـهم  تخلـوا  مـن  كلمـات  الحسـنات و  الليونـة  والسـلام  والعبـارات  التي  تـدور  حولـها  .  .  لأن  لا عيـون ولا آذان ولا ألسـنة  نقـية لهـؤلاء  العمـى  الصـم  البكـم  عـن كـل  مـا يمـت  إلـى  الحضـارة  والعصـر الراهـن والإنسـانية   بصلـة . .

    لكـن  ،  الـذي  يهمنـي  هـو  شـعبنا  ،  الـذي  لا يـزال  ،  وأقصـد  الزعامـات  المهيمنـة  عليـه  ،  التـي  لا تنظـر إلـى الأمـور  أبعـد  مـن  " مجال  أنوفـها  "  حيث ترى أن على شـعبنا ( ويهمني في  داخـل العـراق ) أن  يعيـش  على هامـش  فتـات الآخـرين  في  الدرجـات  والمسـتويات  إلـى  حـد  الرضـا  بالهـوان والقبـول  بكـل  مـا يطلـب  منـه  ويملـى  عليـه  ،  ويحـل  بـه مـن  كـره  وعـنف  وعـدوان  ،  غافلـة  عـن  العمـل  لتعزيـز  وجـوده  حيث  يمكـن  أن  يكـون  راسـخا  وقـويا  وقـادرا  ومؤثـرا  ،  في  سـهل  نينـوى  ،  ديـار  العـزة  والصـمود  والشـموخ  والبقـاء  في  الماضي  والحاضـر  والمسـتـقبل  .

     ليتـنا نتعـض  بحـكم  جداتـنا ،  الـتي منـها هـذه  التي سـمعتها مـن جدتـي ( يرحمها اللـه )  عـن  الأسـد  المعـروف  عـنه  أنـه  أشـد الحيوانـات  قـوة  وأنبلهـا خلقـا  .  .  والـذي  سـئل  يومـا عـن  سـر  قصـر  رقبتـه  ،  فأجـاب  :  إنـها  تجعـل رأسـي ضمـن  حدودي  الخاصـة  ، قريبـا مـن قلبـي الـذي  يوفـر  لـي  الإعتـزاز  بنفسـي  وحـل مشـاكلي  بحسـب  رؤيـتي . .  ولـذا  كنـت ُ رمـزا  لعظمـة  بابـل  . . علمـا أن  جدتـي لـم  تكـن تعـرف  القـراءة وتصفـح  الكتـب  ولـم  تكتحـل عيـناها  بمشـاهدة  بابـل  ،  لابـل لـم تـر  الموصـل  وبقـايا  نينـوى  التـي  لا تبعـد  عن  قريتـها  ( تللسـقف )  أكثـر  مـن  رحلـة ربـع نـهار  سـيرا على الأقـدام أو بإسـتخدام  الحميـر  كمـا  كانت  حـال  عصـرها  في  التنـقل  . . ولكنـها  كانـت  تنـقل  لنـا  مـا  نقـلوه  لهـا  مـن  حكايـات  التجـارب  والعبـر  والحكـم  .   

     أعـود وأقـول ، يـا أهلـنا  . .  إن  كرسـي  البرلمـان  أثبـت  أنـه  ليـس  أكثـر  مـن  إطـار (  بـرواز  )  لشـعبنا مـن دون  صورتـه  ،  ومنصـب الوزيـر ليـس  أكثـر  مـن إسـم بـلا  جسـم كمـا  تأكـد  مـن وزارات  النقـل  والمهجريـن  والتكنولوجيـا  التـي  (  منحـت ) لـه في  عـهود  مـا بعـد  صـدام  ،  وأحزابنـا   لـم  تقـدم  أي  دليـل  حتـى  هـذه  اللحظـة  بأنـها  (  تفهـم  فوائـد وحـدة  شـعبنا ) وزعـامات  طوائفنـا  الدينيـة  لاتعـرف (  غيـر  مراعـاة  منـوالها  القديـم  بالإتفـاق  على  أن  لا  تتـفق  )  . . والأنكـى  أن بعض  كتابنـا  أصـبح  إنتـقائيا  و ( واعظـا للسـلاطين )  وسـلك سبيـل بـث الفرقـة  بـدل  أن يكـون دليـل صـواب  وصـوتا  للحقيقـة  . .  أمـا  الرعيـة  ( غالبيـة  شـعبنا  )  فهـي حائـرة فـي أمرها ، كـل الأبـواب  موصـدة  أمـام  أصواتـها  .  .  لأن  الذيـن  بيـدهم  الأمـر  والنهـي  لا تهـمهم  غـير  بغـداد  ( عاصمة  العـراق  ،  وماشـاءاللـه اليـوم على  إسـم كبـير  لمدينـة العصابـات والفوضـى وشـذاذ  الآفـاق  )  وكيـف  لا  ،  و هـؤلاء  الزعـماء  ( من الباحثيـن عـن العـواصم  وهيـبتها وفخامتـها  )  مصـرون  على الإسـتمرار  فـي بـؤس  وضعهـم  ووضعنـا   ، حتـى لـو  كـان  كـل  ذلـك  على  حسـاب  (  زوال  ماتبقـى  مـن هـذا الشـعب )  . . على  هـدى  القائـل  (  يحـب  العلـو  ولـو  على  الخـازوق  )  .

   أقـولـها  بوضوح  . . كـوخ  بسـيط  آمـن  في  ريـف  سـهل  نيـنوى  أكثـر  روعـة  وفخامـة  مـن  قصـر  منيـف  في  أرقـى  أحيـاء  بغـداد  ،  وفـلاح  في  حقـل زراعـي يوفـر  الخيـر  والعيـش  الرغيـد  أفضـل وأروع  مـن مكتـب  بـاذخ  وكرسـي وثيـر ومنضـدة  طـول وعـرض  في  عـمارات  بغـداد  . .   ومرشـد  داخـل  مجتـمع  متماسـك  لشـعبه  في  قـرى  سـهل  نيـنوى  أقـوى  مكانـة  وأرفـع  جاهـا  مـن  (  زعيـم  تائـه )  لشـعب  مبعـثر  بيـن  سـتة  ملاييـن  نسـمة  من مختلـف المشـارب والأهـواء في  أحيـاء بغـداد  . . ونسـمات ديـر  بهـي في رحـاب ألقـوش  وجبـل  مقلـوب  وإعـادة  تعميـر  ديـر  أو  كنيسـة  في القـرى  الزاهيـة  لشـعبنا  التي  عانـت مـن  كـوارث  الزمـن  الأسـود  خيـر آلاف  المـرات مـن  كنائـس شـامخة  لا مسـتـقبل مضمونـا لهـا في  بغـداد  ،  ووسـيلة  إعلاميـة  في  بغـديدا  أو تللسـقف  معبـرة عـن حقيقـة  شـعـبنا وإصـالته أفضـل وأفضـل  كثيـرا  مـن وسـيلة محاطـة بمـا يشـبه التحصـينات العسـكرية ويخيـم على العـاملين  فيـها الخـوف  والرعـب  في  العمـل  والقـول  وحتـى المنـام  . .

    آه  وألـف  آه  . . لـو  أدركنـا  ،  كبيـرا  و صغيـرا  ،  مـاذا  يعـني  الإعـتزاز  بالنفـس  و المحافظـة على الأصـل  واحتـرام  الكرامـة .  .  مـن  مجـد  وسـمو  ورفعـة  ومكانـة  وقـوة  وعظمـة  وسـيادة  ومنعـة وإبـاة   ومفخـرة ومتعـة  .  .  وكـل هـذا  (  باختصـار  ووضـوح  )  لا يتوافـر  إلاّ  فـي  سـهل  نينـوى  . .  وتأملـوا  وأعيـدوا  الحسـابات  وقـرروا  يـا أولـي  الألبـاب  وقبـل  فـوات  الأوان  حيـث يأتـي  مالا تحمـد  عقـباه  على الأخضـر  واليابـس  .

رأيـي في مبادرة الأخ حبيب تومـي
لتشـكيل رابطة لمسـيحيي  الشـرق الأوسـط في المهجـر

     بوضـوح ،  أنـا لا أشـك بحسـن نيـة الأخ  حبيب  تومي في مبادرتـه ،  وشـعوره  بوجـود مشـكلة للمسـيحيين ( أو قومهـم كشـعب  ) وضـرورة  إيجـاد حـل لهـا  حسـما  للمعـاناة  الناتجـة  عنهـا  .

    ولكـن ،  فكـرة  تشـكيل تنظيـم أو هيئـة أو جمعيـة  ،  لا تـتأتى  مـن نشـر الفكرة  إعلاميـا وكأنـها رأي  أو  طرح  لقضـية  مـا  ،  لأن  التشـكيل  ،  ينبغـي  أن  يبـدأ  مـن  إرسـال برنـامج  للفكـرة  إلـى  مجموعـة  مختـارة  مـن الأشـخاص  لإبـداء  رأيـها  فيـه  وبيـان قبولـها  الإنضـمام  إلى  الهيئـة  التأسـيسية  الخاصـة  بـه  . . صحيـح  ،  يقـول  الأخ  حبيب  "  إتصـلت  بعـدد  مـن  الشـخصيات  المسـيحية  في  الولايات  المتحدة  وفرنسـا وألمانيـا  والسـويد  وسـأواصـل  إتصالاتـي  . . "  ومـادام  الإتصـال  قـد  حصـل  ، وهـو  أسـلوب  صحيح  ،  فكان  ينبغـي  إنتظـار  جـواب  الـذين  تـم  الإتصـال  معهـم  وأخـذ  آرائـهم  وإصـدار  مشـروع  مشـترك  كـرأي جماعـي  بإسـم  (  الهيئـة  المؤسـسسة  . . . )  .

     هكـذا  يكون تشـكيل  أي  تنظيـم  ،  حيث  يبـدأ  مـن  تجمـع  أشـخاص  يناقشـون  البرنامـج  الخـاص  بالتنظيـم  ويشـكلون الهيئـة  المؤقتـة  المشـرفة  عليـه  وتوزيـع  مهماتـها  ،  ومـن  ثـم  يبـدأ  طـرح  الفكـرة  إعـلاميـا  وتوسـيعها  وتشـكيل  الهيئـة  الدائميـة  .

    وشـخصيا  ،  بحسـب  رأيـي   : 
    أولا  ـ  ليـس  المهـم  الإسـم  ( على رغـم أنـني يهمنـي أن لا يقتصـر الأمـر  على المجـال الدينـي للإرتبـاط  الوثيـق المتوارث  والراهـن بيـن المجاليـن الديني    والقـومي لشـعبنا  )    وإنـما  البرنامـج  والعمـل  ،  فـلا  ضـرر   أبـدا  أن  يكـون  في  التنظيـم  شـخصـيات  دينـية  وسـياسية  أو  غيـرها  ،  مـا دامت  هـذه  الشـخصيات  تلتـزم  البرنامج  الذي  لا علاقـة  لـه  بمعتـقدات الأشـخاص  العـاملين  فيهـا  . 

      ثانيـا  ـ  لا أحـد  (  حتـى  دعـاة  الطائفيـة  المنغـلقـة  والتكفـير  والأيديولوجيـات  الصـماء  وأذرعتـهم  الإرهابيـة )  يمكـن أن  ينكـر  أو  ينفـي  إصالـة  مسـيحيي  الشـرق  الأوسـط  وقوميتـهم  (  إلاّ  عنـدما يتحـول  الأمـر  إلـى  قضـية شـبيهة  بقصـة  الذئـب والحمـل  التي طالـما  رددنـاها  ونحـن في  المدرسـة  الإبتدائيـة  )  ولا  ضـرر  مـن  توضـيح  هـذه الإصـالة   بدراسـات  إعلاميـة  ،  كإطـار  عـام  ،  بعيـدا  ( التوضيح )  عـن  النعـرات  الطائفيـة  المذهبيـة  التـي  تـفشـت  بشـكل  وبـاء  فتـاك بيـن  مسـيحيي  الشـرق  الأوسـط  الذيـن  إنتـقلوا  إلى  المهجـر  ،  وكأنـها  "  تعـويض  عـن  مؤثـرات  نفسـية  لحالـة  صدمـة  الشـعور  بالذنـب  إزاء  غربة  تـرك  الموطن  الأصلـي  )  وإلـى  حـد  أن  هـذا  (  المـرض  الطائفـي  الخارجـي  بإمكاناتـه  الماليـة  والإعلاميـة  والتأثيـرية  )  قـد  سـبب  أجـواء  سـلبية  أسـفرت  عـن  تنظيمـات  طائفيـة  وعشـائرية  ومناطقيـة  وإرتـماءات  فـي  أحضـان  الغـير  داخـل  الأوطـان  الأصليـة  ،  وأدت  إلـى  تصدعـات  خطيـرة  في  الوحـدة  القوميـة  ،  وهـو  مـا يبـرز  بأسـوأ  صـوره  في  العـراق  حاليـا  . 

    ثالثـا  ـ  بتـقديري ،  أن  هـذا  (  التـنوير )  لا فائـدة  منـه  ،  وهـو  بمثابـة  القـرع  على  طبـول  جوفـاء  فـي  طابـور طرشـان  ،  لأن  الذيـن  يعتـبرون  أن  مسـيحيي  (  الشـرق  الأوسـط  )  يشـكلون  طابـورا  خامسـا  للغـرب  ،  هم  (  الطابـور  الدينـي  الطائفي  الحاقـد بطبيعـته  )  الـذي  يحـاول  إسـتغلال  حتى  البيـاض  الناصـع  ليمـرر  من  خلالـه  رؤيتـه  الداكنـة  السـواد  . . وكمثـال على  ذلـك  ،  أن  إجراءات  وتصرفـات  شـنودة  بـابـا  الأقبـاط  ( علمـا أن  الأقبـاط ليسـوا عربـا البتـة لأنهـم يعـودون بأصلهم إلى  اليونانيـن القـدامى والفراعنـة )  لمصلحـة  القضـايا  العربيـة  والإسـلامية  لا تضاهيه قـوة  وصمـودا  مواقف  الكثير  من الأطراف  العربيـة  والإسـلامية  مـن  القضـايا  نفسـها  ،  ومـن ذلـك  التحـريم  على  كـل  قبطـي  زيـارة  القـدس  مـادامت  تحـت  الإحتـلال  الإسـرائيلي  ،  ومـع  هـذا  فلـم  يسـلم  لا هـو  ولا أقبـاط  مصـر  مـن  عـدوان  وتكـفير  و حمـلات إعـلامية  تهجميـة  وصـولا  إلـى  القـتل  والتـهديد  مـن  المتشـددين  . . فمـاذا  يمكـن  أن  يفعـل  أقبـاط  مصـر  أكثـر  مـن  هـذا  (  التـنويـر  )  ؟ ؟ .

       إذن  المحصلـة  ،  لا حاجـة  إلـى  التـنوير  ،  لأن  الطيـبين مـن الأخـوة المسـلمين وهـم الغالبيـة  العظمـى  ،  الذيـن يدركـون  حـوار  الحضارات  وحقـوق  الإنسـان  ليسـوا  حاقـدين  أصـلا و هـم  متـنورون  بإصـالتهم   و  يـدركـون الأمـور كمـا ندركـها  نحـن وهـم لا يقبلـون بكـل الأعـمال الإرهابيـة سـواء على المسـيحيين  أو  على  غيـرهم   . .  أمـا  بالنسـبة  للحاقـدين والإرهابيـين  فالمطلـوب  هـو  إتخـاذ  موقـف  التحـدي  مـن خـلال  وحـدة  المسـيحيين  أنفسـهم  في  مواجهـة  الهجمـة  التي  تتـعمدهم  ،  عمـلا  بالقـول  المأثـور  (  لا يفـل  الحديـد  إلاّ  الفـولاذ  )  ولا أقصـد  إطلاقـا  أن  يسـتخدم  المسـيحيون  الأسـاليب  الإرهابيـة  نفسـها  ، وإنـما  أقصـد  أن  يتـوحدوا (  دينيـا  وقوميـا  ) ويسـدوا  كـل  الثغـرات الموجـودة  بينهم  ويدافعـوا  عـن أنفسـهم  بتضامنهم ووقوفهم  صـفا  واحـدا  لمواجهـة  الحملـة  الشـرسة  التـي  تريـد  تصفيـة  وجودهـم  وإبعادهـم  عـن  ديارهـم  وأوطانهـم  . 

    وإزاء  هـذا  ،  فـإن  التضامـن  بالداخـل  يتطلـب  أن  يكـف  أهـل  الخـارج  عـن  مواقـفهم  الطائفيـة  الإنشـقاقية  وأن  يتخلـوا  عـن  الأحـزاب  ودعمهـا  ،  لأن  أهـل  الخـارج  (  المهجـر )  لا يجـوز  أن  يدعـوا  أنهـم  ملكيـون  أكثـر  مـن  الملـك  نفسـه  ويـتزايدوا  على مـن هـم فـي الداخـل  صامـدون ،  لأنـهم ( أهل المهجـر )  فـقدوا  الكثـير  مـن  صفـات  المواطنـة  الحقـيقية  في  بلدانهـم  ،  مـا يجعلهـم  غيـر  مؤهليـن  للتدخـل  في  قضايـا  حسـاسة  مثـل  الأمـور  الطائفيـة  والخلافـات  السـياسية  والزعـامات  الشخصية .

    رابعـا  ـ  نعـم  ،  يجـب  أن  يتمتعـوا  بالمواطنـة  الكاملـة  ،  ولكـن  ،  أخـي  حبيـب ،  دعـني  أقولهـا  لـك  بجـلاء  ،  إن  الوحـدة  هي  أسـاس  كـل  ذلـك  ،  ولكـن  أين  هـي  وحـدة  المسـيحيين  من (  معـاول  دعـاة  الطائفيـة  )  وبوضـوح  ،  عـندما نهضـت  ( جماعـة مـن الحريصين  على  الوحـدة  وكنت أنـا أحـدها  ) وقامـت  بحملـة  مـن  أجـل  ذلـك  ،  مـن  دون  التركيـز  على  إسـم  معيـن  للتسـمية  حتـى  لـو كـان ، مثـلا ( كلـدان آشـوريون سـريان  )  مـن دون الواوات (  أو بالأحرى الواويـات ) التي  أعتـبرها  شـخصيا  (  لعـينات  )  لأنها (  علـة  المـرض  )  إنبـرت بعـض  الأقـلام ،  وبينـها  قلمـك  أنـت  بالـذات  ،  لـتـتهجم  على  هـذه  الجماعـة  وحملتـها ،  وأعلنـتم  إصراركم على الأسـماء  المنفـردة  وفي احسـن  حالاتكـم  التصمـيم  على  وجـود  الـواوات  ،  وأنبـرى أيضـا مـن أنـت  أيدتهـم  في  الولايات  المتحـدة  (  الـذين  غالبيتهـم  فقـدوا  حتـى  معـرفة التكلـم  باللغـة السـريانية أو كمـا يسـمونها هـم وربمـا  أنـت  أيضـا الكلـدانية  ، وفقـدها  أولادهـم  وأحفادهـم  كليـا وقـد يخجلـون  حتـى  مـن  ذكـرها )  فجمعـوا  التواقيـع (  الطائفيـة ) مـن  المهجـر  (  أجـل  مـن  المهجـر  وليس  مـن داخـل  العـراق  )  في  محاولـة يائسـة  للتشـويش  على  حملـة جماعتـنا  الوحدويـة   التـي  إعتـمدت  فـي   قوتـها علـى  داخـل العـراق  وبالـذات  علـى  سـهل  نيـنوى  مكـان الصـمود والبقـاء  ،  لابـل هـم  أنفسـهم  ( ألـذين إنـبروا في الولايات المتحـدة )  معـروف عنهـم ومـن هـم  على  منوالهـم  مـن  طوائـف  أخـرى  ، ومعـهم  رجـال  ديـن  ،  جمـع  الأمـوال  لتنظيمـات وجهـات تـتبنى  الطائفيـة  ومنـها مـا يرتمـي  في  أحضـان  هـذا  الطـرف  غيـر  المسـيحي  أو  ذاك  وتعـارض  جهـارا وحـدة  المسـيحيين  القوميـة  .

     نعـم  ،  إن  الخـارج  بحسـب  المعلومـات  ،  حرضـوا  مـن خـلال  مـن  يدعمونهـم  في  داخـل  العـراق  ،  حتـى  علـى  عـدم  تخصيـص  عـدد  ثابـت  مـن  المقاعـد  للمسـيحيين  ،  لأنـهم  خـافوا  مـن  أن  تهيمـن  هـذه  الجهـة  أو  تلـك  على عضويـة  شـعبنا في  البرلمـان  . . والنتيجـة  الحالـة  البائسـة  في التمثـيل  البرلمـاني الماثـل أمـام  أعـيننا  .

     ليـتنا  ،  أخـي  حبيب  ،  نشـخص  عيوبنـا  ونـداوي  جروحنـا  أولا  ،  وثـم  نطلـب  مـن  الآخـرين  أن  يلتـزموا  حقـوقنا  . . ألـم  تسـمع  الكـلام  الصائـب الصـادق  المعـبر  عـن  الحقيقـة  الـذي  قـاله  الزعـيم  الكـردي  مسـعود  البارزانـي  لفضائيـة  عشـتار حيـن  سـأله الأسـتاذ  جورج  منصـور (   - يتطلع الكلدان الآشوريين السريان إلى العيش مع إخوتهم من الشعب الكردي في كردستان و التمتع بالحقوق الثقافية و الإدارية المشروعة في ظل إقليم كردستان، كيف ترون العلاقات بين  الشـعبين ؟  فأجـاب الأسـتاذ البارزانـي  :       

 -  ( العلاقات هي علاقات تاريخية .. هي علاقات المواطنة .. و علاقات تأريخ.. ونحن نؤيد الأخوة من أبناء الشعب الكلداني الآشوري السرياني ، أرجو أن تكونوا قـد اتـفقـتم على هذه التسـمية فيما بيـنكم ! وأيضاً نؤيد أن يتمتعوا بكامل حقوقهم وسوف ندعم حقوقهم، وأعتقد عمليا بأنهم يتمتعون بحقوقهم في كردستان. وإذا كان هناك أي خلل فأنا مستعد أن أساعدهم بكل ما لدي من إمكانيات. )

      إذن  ،  العلـة  فيـنا ،  وعلينـا  أن  نبحـث  عـن  مكمنهـا  ،  ونتعـظ  بقـول  مسـيحنـا  ـ  لوقـا ، الفصل  السـادس 41 و 42  ( مـا بالـك  تنظـر  القـذى  الـذي  في  عيـن  أخيـك  ولا تفطـن للخشـبة  التـي  في  عيـنك  ، وكيـف  تـقدر  أن  تـقول  لأخيـك يـا أخـي  دعـني  أخـرج  القـذى  مـن  عيـنك  وأنـت  لاتبصـر الخشـبة  التـي  في  عيـنك  .  يـا مـرآءي  أخـرج  أولا  الخشـبة  مـن  عيـنك  وحينـئذ  تنظـر  كيـف  تخـرج  القـذى  مـن  عيـن  أخيـك  ) . 

     خامسـا  ـ  مـا قلتـه ـ اخي  حبيب  ، حـق  ،  نعـم  يجـب  "  أن  نتعامـل  مـع  الديـن  الإسـلامي  معاملـة  النـد  للنـد  . . وبموازيـن  المواطنـة  وحقـوق  الإنسـان  "  ويجـب  أن  نسـلك  هـذا  السـبيل  ،  ونقـرر  فـي  ضـوء  نتائجـه  مواقـفنا  (  بجـرأة  )  مـن  كـل  تطـرف  إسـلامي  يريـد  النيـل منـا  ومـن  هويتـنا  الدينيـة  والقوميـة  والإنسـانية  . 

     سـادسـا  ـ  هـذه  (  المخاطبـة  )  لا تفيـد  ،  لأن  المشـكلة  ليسـت  النصـوص  الدينيـة  بالنسـبة  للأخـوة  المسـلمين  ،  فـلا يوجـد إسـلامي مؤمـن بديـنه  بصـدق ونقـاء  يحرض  على  تدميـر  الكنائـس  أو  يبيـح  قتـل  المسـيحيين  على  الهـوية  . . ولكـن  المشـكلة  هـي  فـي  التلاعـب  بالنصـوص  الذي  يقـوم  بـه (  المجرمون والقـتلة  )  وهـم  ليسـوا  أهـل حـوار وتفاهـم ،  كمـا أنـه لا يجـوز لأي جهـة دوليـة  أن تتعامـل  معهـم  بالديموقراطيـة لأنهـم لا يعـرفـون الديموقراطية وإنـما هـم أهـل فوضـى  وإرهـاب  ، ومـن يتعامـل معـهم  بالديموقرطيـة  أو  يطلـب  ذلـك  فإنـه  يشـجع  على  الفوضـى  والإرهـاب  . . ولـذا ينبغـي  عليـنا ،  كجهـة  مسـتهدفة على  الهويـة  أن  نتخـذ  مواقـفنا  إسـتنادا  إلـى  الواقـع  الموجـود  وليـس  إلـى  الخيـال  المفـترض  .[/b] [/size] [/font]   

71
الطالبانـي والحكيم بين المصالح وتأييد الكرد

جميــل  روفـائيــل

      بدايــة  ،  شـخصـيا وبصراحتي المعـهودة دائما ، أقـول :  كانت نظرتـي المتكونـة من الملاحظة عـبر سـنوات طويلـة عـن السـيد جـلال الطالبـاني قبـل تسـلمه منصب رئيس  الجمهوريـة ، تختـلف عـن النظرة التي حصـلت عـندي بعـد توليـه المنصـب ، وطالمـا تسـاءلت مـع نفسـي ، مـا سـبب هـذا التغـيـّر ! !

    وكنت أحسـب لذلك أسـبابا ، مثـل :  متطلبات  الرئاسـة  ومسـايرة  للأوضاع العراقيـة  وكسـب  ود  كـل الأطراف  ،  إنطلاقـا من موقـع الرئاسـة  بالنسـبة للجميع  . .  وإرضـاء  لعلاقاتـه الخاصـة مع المجالات الدوليـة .

      لكـن   تسـاؤلاتي ،  وضـع  السـيد الطالبانـي نفسـه حـدا لهـا عنـدما ظهـر  لنحـو  خمسـين دقيقـة في قنـاة  العربيـة  (  برنامج من العـراق ـ الأثنين 9 / 1 / 2006 ) فقـد أفـاد ( لا أتذكر ما قالـه بالضبط نصـا ، ولكن إطاره هـو )  أن الشـعب الكردي لا يمكن أن ينسـى معـارضة آيـة اللـه العظمـى السـيد محسـن الحكيم ( والد  السـيد عبدالعـزيز الحكيـم ) القتـال ضـد الكرد . .

     وشـخصـيا ، أعـتبر  أن هـذه المعارضـة ينبغـي النظر  إليـها بالإمتـنان . . وأعـتـقد أنهـا جاءت إنطلاقـا من مبـدأ عـدم محاربـة المسـلم للمسـلم الـذي يقـتضي أن يلتـزمـه كل مرجـع دينـي مسـلم  . .

    ولكـن الحقـيقة ،  إذا  كانت جماهيـر السـليمانية خرجت تلقائيـا ( كمـا قـال السـيد الطالبانـي )  للترحيب بالسـيد عـبد العزيز الحكيـم وصـفقت لـه على مـدى خمس  دقائق متـواصلة إنطلاقـا من مشـاعـر العرفـان بالجميل لوالـده لتحريـمه القـتال ضـد الكـرد . . ( وهنـا لسـت في  مجـال ما عـرفناه في العراق منـذ عـقـود من تصريحات للمسـؤولين السياسيين  عـن ديموقراطية  تلقائيـة  خروج الجماهير  في المناسبات التي تهـم السـياسيين )  وإنـما أرى أن مـن حقـي وحـق الكثيـرين غـيري ، إنطلاقـا من الديموقراطيـة التي لاتزال متـوفرة هـذه الأيـام لأبداء الـرأي في الكتابـة والكـلام والسـؤال والإسـتـفسـار  ،  أن  نسـأل  :

    لمـاذا خـصّ  السـيد الطالباني إمتـنانه فقـط لصـاحب  التحـريم  . . ونسـى أو  تناسـى  ( على طريقـة الجعفـري  مع المرحومـة حفصـة العمـري ) : ـ
    أولا  ـ  رجـال الدين المسـيحيين الذين أعـرف مالايقـل عـن عشـرة منهـم  بين شـهيد وسـجين وبيشـمركة ، ناهيك عـن آلاف المسـيحيين ( من الكلدان الآشـوريين السـريان ) الذين أسـتشهدوا وسـجنـوا وشـردوا مـن أجـل القضـية  القوميـة العـادلة  للأخـوة  الكـرد ( ولا أريـد أن أذكر الأسـماء خشـية أن أغبـن حـق أحـد منهـم ، ولا بـد أن الأخـوة في القيادات الكرديـة  يعـرفونهم جيـدا باعـتبار أن الأمر متعـلق بهـم وبمسـؤولياتهم التاريخيـة  ) وانـا   لازلت أتذكر (  وكـأن ما حصل هو أمـام عيني الآن  )  العـقيد صعب ( أعـتـقد لقـبه التكريتي )  آمـر الجحفل الخفيف في وقت عبدالسلام وعبدالرحمن ( عارف ) كيف كان يأتي إلى تللسـقف ومع سـرية من جنـوده وجماعات من ( الفرسـان الجحوش  ) ويجمعـون في بيادر القريـة العشـرات من وجهـاء القرية وسـياسيـيها ويربطوهم ( بالفلـقات ) ويشـبعوهم ضربا و  يرغـمون أهل القرية التفـرج عليهم  ، طالبيـن منهم الإعـتراف بمن يعمل مع الحركة المسـلحة الكرديـة  . .  أمـا الجريمة التي أرتكبت بحق  قريـة   سـور (  أعتـقد أن هذا هو إسـمها أو قريب منـه )  في قضـاء زاخـو والتي كان من ضحاياها قـس القرية . . وغيرها من القـرى المسـيحية التي دمـرت وقتـل أهلـها وشـردوا  فلا أعـتقد أنها خافيـة على الأخـوة الكـرد . 
    ثانيـا ـ  الفئـات والشـخصيات  الوطنيـة العـراقية  التي وقـفت إلى جانب حـق الأخـوة الكـرد منـذ إنطـلاق حركتـهم  المسـلحة ، وقاتـلت  إلى جانبهم بالسـلاح والكلمـة والمنابـر المحليـة والدوليـة . . وأعـدم الطغـاة الصداميون وغيـرهم آلافـا منهم  بسـبب دعـمهم لحقـوق الشـعب الكردي وحركتـه  المسـلحة  .

   واللافـت أن السـيد  الطالبـاني ،  الـذي ألـمح في برنامـج العربيـة الذي تحدث فيـه أنـه فكريـا علمانيـا  ويسـاريا ، دافع عـن الطائفيـين الشـيعة وفكـرهم المناقض كليـا للعلمانيـة واليسـارية  والديموقراطيـة  والحريات الشـخصية  والإنسـانية وأعـتبر كل الإتـهامات الموجهـة  إليـهم بأنـها مضخـمة وبعـيدة عـن الواقـع ، وأسـتغـرب مـن ( اعـتبار إعـتـقال أفـراد موازيا لتفجيـرات الإرهابيـين ) وأعـتبر  أيضا  أن  الدسـتور (  الذي وضع في إطار مصالح الكرد ونـوايا الطائفيين الشـيعة  بالشـكل المسـتمد من ممارسـات الحسـينيات ) مـمتاز ويعـارض  تعـديله ، وأن الإنتخابـات عـادلة ونزيهـة ولـم يتطرق أبدا ( وكأنـه لـم يسـمع بـها أو أن  ما قيـل عـنها ليس حقيقـيا ) إلى حـرق مقـرات الشـيوعي والوفاق وعمليـات القـتل  في الثورة والناصرية والبصرة وغيرها . .  ومحاولات القتـل ( ومنـهم الوطني العلمانـي أيـاد عـلاوي ورجـل الدين الوطني أيـاد جمال الدين )  التي قـام بـها الطائفيـون الشـيعة وميليشـياتهم تحت أنظار الشـرطة المتـفرجة . . وفرض الشـريعة الطائفيـة والحجـاب والويل والثبـور في الدنيـا  والآخـرة لمـن لا ينـفذ  . . فهـل ( أيها العلمانيـون اليسـاريون ) ينبغـي تبـرير كل هـذا وغـيره والسـكوت عليـه  أو تجاهلـه مـن أجـل معارضـة ( أحدهم ) القـتال ضـد  الكـرد ؟ ؟  عـلى رغـم أن الـذين ينصب عليـهم غضـب الطائفيـين الشـيعة ( هـذه الأيـام )  هـم وفئـاتهم كانـوا بيـن الذين ضحـوا بحياتـهم وعـذبـوا وأغتيـلوا ولوحقـوا وشـردوا مـع  الأخـوة الكرد وضـمن مجـال حقـوقهم  وحريـة العـراقيـين جميعـا . .  في وقت كان غالبـية الطائفـيين الشـيعة  إمـا يرتـدون عبـاءة صـدام  وصحوتـه الإيمانيـة ،  أو  يشـيعـون لولايـة الفـقيه في إيـران حيـث يسـرحون ويمرحـون بحمـد الخمينيـة .

    والأدهـى أن السـيد الطالبـاني  ،  دأب  دائمـا  على  إنكـار أي تدخـل إيرانـي في شـؤون  العـراق ، ووجـود أطماع إيرانيـة في العـراق ، وأن ( الطائفيـين الشـيعة ) ليس لهـم أي أرتبـاط مشـبوه مع إيـران ، على رغـم أن  الطائفيـين الشـيعة أنفسـهم  كثيرا  مـا تباهـوا  بمسـاعدات إيـران لهـم وعلاقاتـهم  الرائعـة  معـها وإعـجابـهم بنظامـها ( القائـم  على ديموقراطية  الشـريعـة  وولايـة  الفـقـيه  )  .

     بعـد يوميـن من  تصريحـات السـيد الطالباني  للعربيـة ، إتصـل بـي صديـق  يعيش  في دولة أوروبية وذكر لـي أن والدته التي تعيش في العمارة  أبلغـته ، أن جماعـات مقـتدى الصدر وغيرهم ( فقـد ضاع حسـاب كثرة إنتماءاتهم على والدتـه ، إذ كل  مـلاّ حسـينية لـه جماعـة مسـلحة يسـميها جيش )  يجوبـون شـوارع العمـارة وأزقتـها ( وغالبيـتهم كانـوا من جلاوزة النظام في زمـن البعث ) ومعـهم أسـلحتهم الناريـة  إضافة إلى  (  قامـاتهم  الحسـينية ، التي إزدادت طولا وعـرضا وحـدة بحيث صارت أقرب إلى  الطبـر ، فصار الناس المساكين يطلقـون عليهم : أبو طبـر  )  وهيـهات للرجل الذي لـم يطلـق لحيـته أو يضـع الرباط (  اللعـين ) في عـنقـه . . والويـل للمرأة التي تظهـر شـعرة من شـعر  رأسـها خارج مجال حجابها المفروض  عليها ، فهي لا بـد أن تختـطف ( ومصيرها يبقى منوطـا بضمير الذين لا ضمير  لهـم ) . . والحـال نفسـها تخيـم على البصـرة والكوت والناصرية وكربلاء والنجف والحلة  والسـماوة والديوانية والثـورة ( وغيـرها من المناطق الخاضعـة  لعصابات الطائفيين الشـيعة في بغـداد وغيـرها ) حيث فرض أتـباع  ولايـة الفـقيه الإيرانية سـلطانهم وأوامـرهم بنيـران دعـاة الشـريعـة  التي تلاحق  ( بالأسـاليب الديموقراطية ) كل من لا يؤمـن بالطاعـة الكاملة .

     وهـل يعـقل أن  السـيد  الطالباني ، وهـو رئيس جمهورية كل العـراق ، لايعـرف كـل هـذا ؟ !  !  أم أن  المصـالح هي  التي تتحـكم بالأقـوال وربـما بالأفعـال أيضا  ، واضعـة  على  أعلى  الرفـوف المبادئ  والأفكار والسـجل الشـخصي  والحقائق الواقعـية ؟ ! !

  شـخصيا  ،  أنـا لا خـلاف لـي ، لا سـابقا ولا آنيـا  ولا مسـتقبلا ، مع مطالب الأخـوة الكـرد ، وصولا  إلى  حقـهم بالأسـتقلال  وتكوين دولتهم الكردية التي  يتـوقون إليها  . .  وإنـني من دعـاة أن يكون  سـهل  نيـنوى محافظـة ضمن المجال الجغـرافي لأقليـم كردسـتان . . . ولكـن رغـم كل هـذا فمن طبعـي وسـلوكي الذي ألتـزمه دائما   أن لا أغـمض  عيـني وأؤيـد من أنـا إلى جانبـه على ورق أبيض ،   بحسـب مقـولة ( أنـا وأخي على إبـن عـمي وأنـا وإبـن عمـي على الغـريب . . مـن دون الإهتـمام بمـن هو على حـق ومـن هـو على باطـل ) . . فأنا  ملـتزم  مـع نفسـي ومبادئـي   أن  أبقـى ثـابتـا على النهج الذي سـلكتـه في التأيـيد  المشـبع بالبصـيرة الكاملـة  . . وكـذلك في المعـارضة على النهج نفسـه .

      ومـن هـذا المنطلق ، إنـني أرى أن إصطفـاف السـيد  الطالباني إلى جانب الطائفييـن الشـيعـة  ( ومعهم على الجميع )  لـن يكـون في مصلحـته ومصلحـة تاريخـه الشـخصي على المـدى الطويل . . ولا أدري إن كانت مؤازرة الفيديراليـة  الطائفية الشـيعية تحت المسـميات الجغـرافية الخداعيـة  ( التي يشـم منـها روائـح خطـوة  التهيـؤ للإنضـمام إلى جمهوريـة إيـران الإسـلامية )  تـفيد حقـوق الأخـوة الكـرد في المرحلة الراهـنة ؟

      وإذا كان الشـئ بالشـئ يذكـر ، فإنـنا نذكـر كيف خـدع الخمينيـون مهـدي بزركان وحزبه الحريـة والشـيوعيين وحزبهم تـودة ومجاهدي خلـق ومعهم الرئيس بني صـدر والأذريبجانيين ( الذين هم داخل إيران ) ومعهم شـريعتمداري والأكراد حتى إغتالـوا زعيمهم قاسـملو ( في ألمانيا ، كما أعتـقد ) وصـولا إلى المنتظري والخاتـمي . . ورسـخوا الطائفيـة الشـيعية بحسـب متطلبات ولاية الفقـيه ، وذلك كلـه من خلال إسـتغـلال المسـاجد والحسـينيات وميليشـيات الحرس الثـوري السـيئة الصيت . . وهـو مـا نـرى خطـواتـه في العـراق . . فأنتـبهوا يـا أولـي الألـبـاب  . .

     وبالتـأكيـد  ،  إن  تجـربتي مع شـرور  الأميركيـين والفسـاد الطائفـي الـذي  نشـروه في منطقـة  البلقـان ( الذي عيـني  وأذنـي  وأقلامي  وكتاباتي شـهدت  و تشـهد عليـه وسـتبقى كذلـك   ) وتـرويجهم لأهـل المنطقـة ( في  كرواتيا والبوسـنة وصربيا ومقدونيـا وكوسـوفو  ـ كل أراضي يوغوسلافيا السابقـة ومـا يحيط  بـها )  إمـّا نحـن ( الأميركيون ) هنـا أو العـودة إلى حروبكم وصراعاتكم الداميـة  ،  وتـرتيب أوضاع المنطقـة  على هـذا  المنـوال   ، جعلتـني  أصـدق  بأن  الأميركيين  يريدون  (  بلـقـنة  )  العـراق إلى الحـد  الذي يصبح  وضعـه متـدهورا وطائفيا ومتصارعـا وحروبا أهليـة وبشـكل يكـون على سـكانه الإختيـار ( بيـن أميـركا  والزرقاوي  )  ومـا أصعـب الإختـيار عـندما يكـون يكون بيـن شـرّيـن ، كلاهـما فتـاك وقـاتـل ومـدمـر . .

       ولا غـرابـة في كل ذلك لأنـها المصالح ( التي كشـفتها  الوثـائق التي نشـرت ) التي دفعـت أميركا للتضحية بصديقـها  الحميـم شـاه إيـران وأن تأتـي بالخميني في طائـرة ليحـل (  رويـدا رويـدا  بدل الشـاه ) وذلك لأن الشاه على رغـم ولائـه لأميركا فقـد كان عاقـلا ، فلـم يسـتخدم طاقاته لمواجهة جنـون صـدام وتعطشـه للدمـاء  والدخول في  حرب على مدى ثمـان سـنوات من أجـل عـيون الصديقـة أميـركا  . .  ولـم ينـفذ كل أوامـر أميركا ضـد الحكومة المواليـة للسـوفييت في أفغانسـتان . . هـذه أشـارة عـبرة لاغـير لمـن يتذكـر ويحسـب ولا يقـع  في المصـائد  والشـراك ، نعـم السـياسـة ألاعيـب  ولكـن ينبغـي أن لا تخـلو مـن حسـابات وحسـابـات  وحسـابـات  .[/b] [/size][/font] 


72
مرة أخـرى مع الأخ حبيب تومـي
جميـل روفائيــل

مـن حـق كل شـخص أن تكون لـه أفكـاره وأن يروج لـها بالأسـاليب المقـبولة إجتماعيـا ويدخل في حـوارات موضوعيـة وهادفـة مع الذين يختلفـون معـه في الـرأي ، وليس بالضـرورة أن تكون نتيجـة الحـوار الإتفـاق ، فيكفي مـا قـد يحصـل مـن تفاهـم وأحتـرام متـبادل وقناعـة بأن الإختـلاف في تقـييم القضايا ظاهرة صحية لتـشـخيص الأفضل وهو موجـود حتى داخل الأسـرة الواحدة .

لكـن عـندما تتجـاوز الأفكار قضايا الحـوار ، وتحـاول الإتيـان بأمـور شـبيهة بالتهم للآخـرين مـن دون إيـراد الوقائع والإعـتماد على الشـواهد والأدلـة التي تدخلها في إطار الحقائق ، فإنـها لـن تكون موثوقة ما يجعلهـا سـاعية إلى تمريـر الأفكار وبالتالـي مجـردة من متطلبات الصدقـية .

شـخصيا ، لا أنكـر أنني على رأي قومي وحدوي شـامل لشـعبنا دائمـا ولـن أحيـد عـنه يومـا لأنـني مقـتنع بـه تاريخـا وإرثـا وواقـعـا إجتماعـيا ، وفي حال عـدم وجـود أسـم قومي وحدوي لشـعبنا ( الكلداني الآشـوري السرياني ) في سـجلات الإحصاء فإنـني سـأسـجل ( آشـوري ) لأنه الأقـرب والأنسـب إلى المفاهيم التي أؤمـن بـها ، وقـد أوضحت ذلك مرات عـدة بجـلاء ووضوح في كتاباتي ومنها موضوعي المنشـور في مواقع عـدة بعـنوان ( إمـا الإسـم الموحـد ، وإلا آشـوري ) وهو موقف ألـزمت بـه نفسـي ولازلـت وسـأبقى كذلك لأنـه جـزء من أفكاري التي أعتبرها صائبـة كليـا ، وأنـا أفرق بيـن ( الآشـورية ) و ( الآثـورية ) ليس في اللفظ فقـط وإنـما أسـاسا أن الآشـورية مسـتمدة من تراث قومـي بينما الآثورية معـبرة عـن مدلول مسـيحي طائفي . .

تباينات الآراء
وبذلـك ، فإنـني على تبايـن مع كل الآراء التي أعتـبرها أنـها تحـاول أن تسـتمد من موروثات تاريخيـة وتراثيـة ، مسـميات طائفية دينية وتسـعى إلى عكسـها على أمـور قوميـة ، ما يؤدي إلى ربـط القوميـة بالمشـكلات المذهبية الدينية ، و يجعل القوميـة محصورة بمذهب وبعـيدة عن الشـمولية لكل المذاهب . . وهـو مـايتيـح الفرصة لرجال الدين بالولـوج في المتعرجـات السـياسية وبالمحصلة سـتتحول طوائفنا من دينيـة إلى سـياسية شـبيهة بـما آلـت إليـه الأمـور لـدى الطائفيين الشـيعة والسـنة في العـراق وما سـببته من صراعـات ومآسـي للعـراق والعراقيين .

وفي هـذا الإطار ، أرى أنـني على خلاف في الرأي مع الأخ حبيب تومي وكنـت على أسـاس ذلـك دخلت معـه في حوارات ، من دون ضغيـنة بينـنا أو تـفضيل لشـأن بالمطلق ، فالتـفاهم كان متوافـرا دائما على قاعـدة نحن أصحاب ولـك رأيك ولـي رأيـي .

ولايهمـني مـن قريب أو بعيـد ، إذا تناول الأخ حبيب أو غيـره جهة أوشـخصا بالثـناء أو النقـد ، فـذاك شـأنهم مـادام الأمـر في إطـار الخصوصيات بينـهم وبيـن تلك الجهة أو ذلك الشـخص . . لكن عـندما يمـس الأتهام عـملا أنـا في صلبـه ومـن المسـؤولين عمليـا و معـنويا عـنه ويتطرق إلـى أمـور تتـناقض وحقائق الواقـع التي أعـرفها ، فحينـئذ يكون من حقي الشـرعي الدفاع عـن ممارسـات ذلـك العمل ، لأنـني ضـمن لوائحـه ، وأن الأمـر يصبح مرتبطا بـي مـادام ذلك العمل الذي يدور في شـأنه الإنتـقاد أو الإتـهام ، على صلـة بـي وثيـقة بـي .

وإزاء هـذا ، فإنـه ليس من حقـي أو واجبي التدخـل في خلاف أو وفـاق بيـن الأخ حبيب أو غيـره مع الحركة الديموقراطية الآشـورية ( زوعـا ) أو أي تنظيم آخـر ، مـادام هذا شـأن لاعـلاقة لـي بـه ، لأنـه لايمسـني بشـئ ، خصوصا وإنـني لسـت منتـميا أو حتى مؤيـدا بالمطلق لأي تنظيم لشـعبنا أو غيـره . . وبالنسـبة لزوعـا بالذات ، فحقيقـة أنا أتـفق مع منطلقاتـها في أمور تخص ترسـيخ وحـدة شـعبنا ، ولكن في الوقت نفسـه أنـا أختـلف معـها في أمـور تـتعلق بالممارسـات ، وهـذا ليس مخفيـا فقـد كتبت عـنه ، وكان فيـه مـا إرتاح لـه المسـؤولون في زوعـا ومـالـم يعجبهـم ، فأهملوا نشـر قسـم من مواضيعي في مواقع ( زوعـا ) أو تـم نشـرها ثـم حـذفت ، ومـع هـذا فإنـني لـم أحقـد على زوعا وبقـيت على رأيي بأنـها تنظيم مهـم وقـوي وراسـخ لشـعبنا لايمكن إهمالـه أو تجاوزه ، ومـن حقـها كجهـة سـياسية أن لا تـروج لـما تـرى فيـه أنـه لا يتماشـى مع منطلقـاتها .

بيـت القصيد مع الأخ حبيب
وبعـد هـذه الأيضاحات ، سـأدخل ( بيت القصـيد ) الذي دعـاني إلى كتابة هـذا الموضوع ، وهـو مـا جاء في موضوع الأخ حبيب تومـي ( نأمل أن لا تـتورط حركة الزوعـا في متاهـات تـقويض كنيسـة المشـرق ) إذ يـقول :

" . . . من هنا كانت الحملة التي عرفت بنداء الى الآباء الروحانيين للكنيسة الكاثوليكية الكلدانية ليقوموا بدور معين ضد رأس الكنيسة ، والى شرذمة الكنيسة وتقسيمها الى اوصال مشـتـتة .
وقد حشدت حملة لجمع التواقيع لتأييد هذه الحملة التي كانت اشبه ما تكون دعوة الى التمرد او العصيان ضد الكنيسة ، وبالذات ضد رأس الهرم الكنسي .
لكن التنظيم الفولاذي المتماسك لمؤسسة الكنيسة الكاثوليكية للشعب الكلداني ، قد احبط هذه المحاولة وهي في مهدها . دون ان يكون لها أي صدى او تأثير في الأكليروس الكنسي او في الوسط العلماني .
ويتحتم علينا ان نجيب على سؤال مداره :
ولماذا حركة الزوعا بالذات ؟
والأجابة :
ان معظم او جميع الموقعين من القوش مثلا كانوا من المتعاطفين مع حركة الزوعا او المجلس الكلدواشوري التابع لها او احدى تنظيماتها الأجتماعية او الثقافية التي تمولها الحركة ، اما المستقلين الذين وقعوا على تلك المذكرة كان توقيعهم بعد اتصال اعضاء من تنظيم الزوعا معهم وحثهم على التوقيع .
ومن هنا فإن الحملة كانت من تحت ابط الحركة الديمقراطية الآشورية وفق كل المعطيات المتوفرة . " .

هـذا الكلام ، لـه علاقة بـي أنا بالذات ، لأنني كنت شـخصا رئيسـيا في حملـة ترسـيخ وحـدة شـعبنا التي تناولها الأخ حبيب ، ولا أدري ماهـو السـبب الذي دعـاه إلى تكرار ما نشـره قـبل أشـهر عـدة عـن حملة وحـدة شـعبنا بعـنوان ( أضواء على النـداء التحريضي ضد البطريرك والكنيسـة الكلدانية ) وكانت عليه ردود وإيضاحات في حيـنه من غيـري ومـني ، ثم يأتـي هذه الأيام ليكرر ما كتبـه ويقحمـه في خلافاتـه الشخصية أو السـياسية أو العـقائدية مع زوعـا ، من دون مناسـبة لذلك ،

ويحـاول الأخ حبيب أيضـا ، أن ينصـب من نفسـه مدافعـا عـن جهات دينيـة ، في الوقت الذي أن هذه الجهات الدينية لم تـنتـقد الحملة ولم تـعتبرها موجهة ضدها ، لا بـل بيـن رجـال الدين ، كبـارا وصـغارا ، مـن زودوا القـائمين على الحملة بعـنوانين رجـال الدين من مختلـف الطوائف المسـيحية لأرسـال النـداء إليـهم ، وهـم بشـكل عـام إمـا إمتـدحوها أو أبدوا ملاحظات بناءة ومفيـدة في شـأنها جـرى الأخـذ بغـالبيـتها ، و تـم نشـر قسـم من رسـائلهم وملاحظاتهم في حين لم ينشـر قـسم آخـر لأن مرسـليه إعـتبروه خاصا لأطلاع أعضاء لجنة نـداء وحـدة شـعبنا . . وأكـدوا جميعـا على ضرورة الإعـتماد على أبناء شـعبنا ( من كل الطوائف ) في داخل العـراق وخصوصـا حيث سـهل نيـنوى وما جاوره ، وعـدم الأهتـمام بالمشـاريع التي سـتذوب مع الزمن للذيـن يدعـون إقامة مراكز قومـية في سـانتييغو أو شـيكاغـو أو بلـدات ومحـلات في ديتـرويت أو مقاطعـات في جزيرة دانماركية أو حضارات بابلية وآشـورية ورهاويـة في كنـدا وأسـتراليا ونيوريلنـدة ودول أوروبيـة . . ألخ لأن بقـاء شـعبنا بمراكزه القومية وبلداتـه ومحلاتـه ومقاطعاتـه وحضاراتـه . . هـو بـبقائه شـامخا في دياره العـراقية وزوالـه هـو بزوالـه مـن دياره العـراقية ، لأن هـنا يكمن الماضي والحاضـر والمسـتقبل لاغيـر ، أمـا الأسـتنسـاخ ومـا شـابهـه فهـو ضـرب مـن خيـال السـراب وخـداعـه ، وتجاوز على كل المفاهيـم القوميـة التي تربط الشـعوب بأرضـها . .

ولكي أؤكـد أن ما جاء في موضوع الأخ حبيب بعـيد عن الحقـيقة ، سـأتـناول جوانب من الحملة الوحدوية التي قامت بـها مجموعـة مـن أبنـاء شـعبنا الغيـورة على وحـدة أمتـها وكرامتها ومسـتقبلها . . مـع التركيـز على الأمور التي تناولها . .

الحكم على الحقيقة للقـراء
بـداية ، أعيـد نشـر البيان الذي جـرت بموجبـه حملة نـداء ترسـيخ وحـدة شـعبنا ، لـنحتـكم إلى القـراء في شـأن مـا إذا كان قول الأخ حبيب التالي صحيحا ( . . الكلدانية ليقوموا بدور معين ضد رأس الكنيسة ، والى شرذمة الكنيسة وتقسيمها الى اوصال مشتتة . . هذه الحملة التي كانت اشبه ما تكون دعوة الى الـتمرد او العصيان ضد الكنيسة ، وبالذات ضد رأس الهرم الكنسي . )

( نــداء الى الاباء الروحانيين وابناء الكنيسة الكلدانية )
آباءنا الاجلاء في الكنيسة الكلدانية المقدسة ، الحريصين على وحدة امتهم ، والى الاصلاء من ابناء الكنيسة الكلدانية الذين لم ولن يتخلوا يوما عن هدفهم الاسمى والمقدس في لم شمل طوائف هذه الامة وتوحيدها ، والعمل يدا بيد مع ابناء الكنائس الاخرى في احقاق حقوق ابنائها في دستور العراق المنتظر ، كاملة غير منقوصة .
اباءنا واخوتنا بالامة :
لقد عاش اباؤنا على تراب هذا الوطن قبل ان يكون التاريخ ، وكانوا هم تاريخه وحضارته ، وشهدوا للانجيل لاكثر من عشرين قرنا ، تحت وطأة الاضطهاد والقتل والتشريد ، ومع هذا ثبتوا على ارضهم ومبادئهم واستطاعوا ان يسلمونا الوديعة ، واليوم حيث الظروف مهيأة لنا اكثر من اي وقت مضى ، بفعل المتغيرات الدولية وتحت شمس الحرية والديمقراطية التي اشرقت على شعب العراق . ولكي نثبت حقوقنا في دستور العراق الدائم ، علينا ان نتحد ونعمل معا بجميع طوائفنا لتحقيق ذلك ، ويجب ان نتذكر دائما بان حقوقنا برغم الديمقراطية ، سوف لن تقدم لنا من قبل الاخرين على طبق من ذهب ، ان لم نكن نحن المطالبون بها والمصرون على تثبيتها ، هكذا هي الحياة . وعلينا ان لا ننسى بان هناك من يريدنا مشتتين لصهرنا ومن ثم لتحقيق مطامعه في قرانا وارضنا التاريخية .
انه لمن المؤسف جدا قيام البعض من الاحزاب والافراد بالجذف بعكس التيار القومي الوحدوي الذي هو امنية الاغلبية ، ولأسباب عديدة ، فمنهم من هو مدفوع من قبل الغرباء ويخدم مصالحهم ، ومنهم بسبب عدم الالمام بمجريات الامور على الساحة العراقية ، او لسوء تقدير خطورة الموضوع ، واخرون بسبب قصر النظر او التعنت بين هذا وذاك ، والبعض لاسباب ومصالح شخصية .
وهكذا وجد الغرباء وبعض المنتفعين فرصتهم المواتية لخرق صفوفنا وبث سمومهم بيننا بواسطة اناس مأجورين من شعبنا مستغلين بهذا مشكلة التسمية ، واعتبر البعض من ابناء امتنا مشكلة التسمية بانها الجوهر ، وأن كانت باعثة على التمزق ، وكأن التسمية هي اهم من الشعب نفسه وحقوقه ، فافردوا لهذا الموضوع مساحة كبيرة من جهودهم ، التي لو استثمروها في الاتجاه الايجابي لحققت لنا مكاسب لايستهان بها.
وسرعان ما تفشى هذا الوباء بين ابناء امتنا ليصل حتى الى بعض مثقفينا للاسباب التي اوردناها اعلاه ، ليبدأوا جدلا تائها ونقاشا عقيما ، ادى الى تشنج المواقف وتوسيع الهوة بين فصائلنا بدلا من تضييقها وردمها ، ومع هذا ظل معظم المثقفين والغيارى من ابناء امتنا ينظرون الى هذا الموضوع (التسمية) كونه ثانويا قياسا بالعمل من اجل اقرار حقوقنا وتثبيتها في الدستور الجديد ، ومحاولين تجاوز المشكلة بالحكمة والتحاور العقلاني لما يحقق المصلحة العليا لشعبنا .
هذا ، في الوقت الذي كان امل ابناء امتنا ان تواصل الرئاسات الكنسية لطوائفنا موقفها الداعم لوحدة شعبنا ، وخاصة رئاسة الكنيسة الكلدانية التي ينضوي تحت خيمتها اكبر نسبة من ابناء امتنا ، ولم يخطر يوما ببالهم بان تتدخل هذه الرئاسة لألهاب الساحة القومية ، وتنجرف في تيار تفريق امتنا وتشتيتها .
ان الرسائل المنسوبة الى غبطة البطريرك مار عمانوئيل الثالث دلي الى الحكومة العراقية والجمعية العراقية ولجنة كتابة الدستور ، والتي نشرتها بعض وسائل الاعلام ، وادعى مروجوها بانها بختم البطريرك وتوقيعه ، تعتبر طعنا واضحا وصريحا في وحدة امتنا وكذلك في الوحدة المنشودة لكنيستنا المشرقية العريقة ، وهي خطوة – ان صحت - على طريق المزيد من الفرقة والشقاق بين ابناء الشعب الواحد ، التي سوف تشتت الجهود المطالبة بحقوقنا وبالتالي سوف يخسر شعبنا فرصته التاريخية التي لا تعوض على ارض ابائه ، ان ارضنا وشعبنا على هذه الارض هما هويتنا ووجودنا ، وليس المهجر والشتات في ارجاء المعمورة . وبالاضافة الى كل هذا فان هذه الرسائل خلقت حالة من الارباك بين ابناء شعبنا، لسببين.
اولا : لحد الان لم يصدر اي تصريح رسمي من البطريركية بنفي الرسائل المزعزمة .
وثانيا : ان جميع ابناء الكنيسة الكلدانية ومعهم بقية ابناء شعبنا واثقون من موقف غبطة البطريرك مار عمانوئيل الثاني دلي الداعم لوحدة شعبنا ، اسما وهدفا ومصيرا ، والتي جسدها في رسالته الرسمية الى مجلس الحكم (السابق) والصادرة من البطريركية بعدد 25 في 22 كانون الثاني 2004 ومما جاء فيها :
( . . . إنـنا نحن المسيحيين " كلدوآشوريون " أصحاب الحضارة واللغـة السريانية أبناء هذا الوطن منذ عـهود بعـيدة نعـمل مع إخواننا المسلمين واليزيديين والصابئة يـداً واحدة وقلباً واحداً من أجل تقـدم وإزدهار العـراق ورفاه أبنائه ونطالب بالأعـتراف بحقـوقـنا المشروعـة الدينية منها والثقـافية والأجتماعـية والسياسية كاملة في دسـتور العـراق الجديـد).
وبعد اقل من شهر من نشر الرسائل المزعومة جاءت تصريحات غبطته التي عـرضتها قناة الشرقية في شهر تموز ( الماضي ) منسجمة مع هـذا الأتجاه الوحدوي السليم حيث أكد غبطته أنه رئيس المسيحيين الكلدان والطائفة الكلدانية وأن رجال الدين لهذه الطائفة لا يتدخلون في السياسة أبدا لا في الأحزاب ولا يقـودونها لأن ذلك يتعـارض مع مهماتهم الدينيـة . .
ان الدور عليكم الان يا اباءنا الاجلاء ، ويا اخوتنا في الامة ، يا من تجري في عروقكم دماء بابل واشور ، وقلوبكم تنـبض بمحبة المسيح ، وعقولكم تنيرها تعاليمه . ان غبطة البطريرك يجب ان يمثل اراءكم انتم والجموع التي هي مع وحدة هذه الامة ، لا ان يكون رأي قلة قليلة متعنـتة مفرقة او تلك التي تلهث وراء منافعها الشخصية وخدمة الغرباء ، صوت البطريركية يجب ان يكون صوتكم انتم وصوت الامة ، صوت المحبة ، صوت الوحدة ، صوت الحق والاكثرية التواقة الى العمل سوية مع اخوتنا من الكنائس الاخرى لتثبيت حقوقنا ، لا ان يكون صوت الذين حادوا عن الطريق ، ويريدون تقسيمنا الى قوميات ، والذي سيؤدي الى انهاء وجودنا على ارضنا التاريخية . ان المسيحية التي تجمعنا مع ابناء امتنا بالاضافة الى التاريخ واللغة والتراث وارض الرافدين ، هي اكثر بكثير مما يفرقنا من اسماء لكنائسنا .
فان صحت الرسائل المزعومة _ واملنا ان لا تكون صحيحة _ يكون غبطة البطريرك قد تغاضى عن كل هذا ، وهو بذلك يصبح في مجال الحملة لتمزيق اوصال امتنا من خلال رسائله هذه ، لذا فاننا نعول على كافة الغيارى من اباء الكنيسة الكلدانية وابنائها بالوقوف سدا منيعا امام هذه الحملة الظالمة ، والمبادرة لمناشدة غبطة البطريرك ليكون مع الوحدة كما الفناه ، لان هذه الحملة سوف لن تجلب لشعبنا غير الخسارة ومزيدا من الانحسار على ارض وطننا الام ، اننا نناشدكم ايها الاباء والاخوة بالدفاع عن وحدة امتنا بكل قوة ، لانها عاملا اساسيا لابد منه لترسيخ وجودنا في ارض الوطن ، وانها تمثل استمرار الشهادة للانجيل على هذه الارض وطريق الخلاص للجميع ، واملنا ان لا يؤدي الامر الى انقسامات في كنيستنا الكلدانية ، والذي لا نتمناه ان يحدث ابدا قبل ان تكون رئاسة كنيستنا الموقرة قد اصلحت هذا الخطأ الذي سيكلف كنيستنا وبالتالي امتنا انقساما اخر نحن بغنى عنه .
ان الموقعين ادناه يمثلون فقط عينة من الغالبية المؤيدة لوحدتنا القومية . وانطلاقا لما يمليه علينا ضميرنا نحن ابناء الكنيسة الكلدانية وحرصنا الكبير على مصلحة امتنا وكنيستنا نقترح الخطوط العريضة التالية لحل هذه المعضلة:
1. نهيب بالسيد البطريرك مار عمانوئيل الثالث دلي بتجاوز رسائله (المزعومة) المرسلة الى المسؤولين في الحكومة العراقية ، وقيامه بمباركة وحدتنا القومية ، ومباركة خطوات الأخيار من ابناء امتنا في ادخالنا في دستور العراق كمجموعة قومية واحدة . والابقاء حاليا على التسمية الكلدواشورية التي تم تبنيها سابقا من قبل غبطته . واستمرارها في الدستور كما ورد في مسودة الدستور العراقي التي نشرتها جريدة الاتحاد (28 تموز 2005) الناطقة بإسم الاتحاد الوطني الكردستاني (الباب الاول :...... ويقر هذا الدستور الحقوق المشروعة للقوميات التركمانية والكلدوآشورية والارمن)
2. في حالة ان غبطة البطريرك مار عمانوئيل الثالث يرغب الالتحاق بالعمل السياسي الذي بدأه من خلال رسائله هذه ، لذا فان الواجب يدعوه لاكمال المشوار حتى نهايته ولكن مع موقف الغالبية من طائفتنا الكلدانية الداعية الى مواصلة التزام الوحدة . وإن كنا لا نتمنى لرجال كنيستنا ان يجرهم تيار السياسة ، بل ان يبقوا محصنين بتلك الهالة الروحية المقدسة التي يمنحها شعبنا لهم . وكما جاء على لسان غبطة البطريرك بانهم لا يتدخلون في السياسة لانها تتعارض مع مهامهم الدينية .
3. الدعوة الى عقد مؤتمر موسع برئاسة غبطة البطريرك وعضوية ممثلي طوائف شعـبنا الاخرى في العراق ، وممثلي احزابنا ومجالسنا المختلفة والشخصيات المستقلة والمنظمات الاجتماعية والمدنية .
4. يناقش المؤتمرون موضوع ادخال شعبنا في الدستور كمجموعة قومية واحدة وبأسـم واحد وليس كثلاث قوميات وبأسماء تشـتـتية هي ذات دلالات طائفيـة مفرقة ، مع التأكيد على طلب أستحداث منطقة (محافظة) في سهل نينوى تجمعـهم بقـدر الأمكان ، خصوصا أنهم كانوا في محافظة واحدة ( لواء الموصل ) قبل تقسيم اللواء الى محافظتين علما أن قانون أدارة الدولة يسمح بتعديل حدود المحافظات وأستحداث وحدات أدارية جديدة .
5. نقترح ان يناقش المؤتمرون رسالة السادة مجلس مطارنة نينوى ، وتبنيها كاحدى الوثائق الرسمية الى الجهات المعنية في الحكومة والجمعية الوطنية العراقية ، لما تحمله هذه الرسالة من شعور وحدوي عميق ، وروح مسيحية نقية وسامية .
6. نقترح ان يعقد المؤتمر تحت شعار " مؤتمر المحبة والمصالحة والوحدة القومية " .
7. بالنظر للظروف الامنية الصعبة في بغداد ، بالامكان عقد المؤتمر في احدى بلداتنا ، مثل بخديدا ، تللسقف ، برطلة ، القوش ، تلكيف ، كرمليس او عنكاوا .)

هـذا هو نص النـداء الذي جرت بموجبه حملة ( جمع جمع التواقيع لدعم وترسـيخ وحـدة شـعبنا ) وشـخصيا لا أجد فيه شـيئا مـما ذكره الأخ حبيب ، إلا ّ إذا إسـتخدمنـا النوايا والمواقف الشـخصية والحاجـة الذاتية في تفسـير الأمـور . . وأيضا ، إلا ّ إذا إعـتبرنا إنـتقاد ممارسـات رجال الدين سـلوك محـرم ، على رغـم أن ديـننا المسـيحي لا يعـطي حصانة مطلقـة لرجاله مـهما كانت منـزلنهم . . ونحن منـذ الصغر كنـا دائما نسـمع من آبائنـا ( إسـمعوا أقوالهم ـ المسـتمدة من الأنجيل ـ ولا تفـعلوا أعمالهم التي يمارسـونها في حياتهم العاديـة ) . . ولـذا ، هل إبـداء الرأي في ممارسـة مـا لرجـال الدين يمثل عصيانا ضد رأس الكنيسة ، و شرذمة الكنيسة وتقسيمها الى اوصال مشتتة . . و دعوة الى التمرد او العصيان ضد الكنيسة ، وبالذات ضد رأس الهرم الكنسي . ؟ . . نعـم ، يمكن أن يكون هـذا صحيحا ، إذا حددنا موقـفنا من رجال الكنيسـة بمنطق العصور الوسـطى وحرق المعارضين . . فهل ياأخ حبيب ، أنت تتحدث معـنا بعقلية العصور الوسـطى أم بديموقراطية النرويج حيث تقـيم وتعيـش أم بواقع تشـتت شـعبنا الذي تزداد مأسـاته يوما بعـد آخـر ويرغم على هجرة أرضـه وتهضـم حقـوقه وتسـلب إرادتـه بحيث لم يصل إلى البرلمان العراقي في الأنتخابات الأخيرة إلا نائب واحـد منتخب من قبلـه ؟ ! !

ونؤكـد أن البيـان ليس تحريضا وموجها ضـد أحـد من كنيسـتنا ، كبيرا أو صغيـرا ، وكان مؤثرا في أوسـاط شـعبنا ، ومنها أوسـاط كنائسـنا ، بدليل رسـائل التأييد التي وصلت لجنة النـداء من رجال من الكنيسـة ، كبارا وصغـارا ، أثـنوا على البيـان وأيدوه ، وقسـم من هـذه الرسـائل منشـور مع إصدارات الإعـلام اليومي لنـداء وحـدة شـعبنا وأطلع القـراء عليـه ، ويمكن لمن يشـاء مراجعـة المنشـور عن حملة النـداء في المواقع ، ومنها موقع ( تللسـقف ) الذي خصص حقـلا خاصا بعـنوان ( منبر وحـدة شـعبنا ) ولا يزال الحقل موجودا بارزا في الموقع ويتضمن كل ما نشـر عن لجنـة النداء ، ويمكن الرجوع من خلاله إلى كل ما يتعـلق بالمنشـور عـن هـذه الحملة التاريخية التي مثلت تحركا مهمـا لأجـل ترسـيخ وحـدة شـعبنا الأزليـة .

الحملة شـعبية ومسـتقلة
وقـد خلط الأخ حبيب تومي ، من دون إدراك للحقيقـة ، بين حملة نداء ترسـيخ وحدة شـعبنا والحركة الديموقراطية الآشـورية . . ولتوضيح الأمور والتأكيد أن الحركة الديموقراطية الآشـورية لم يكن لهـا دخـل في الموضوع ، نشـير إلى بعض الحقائق ونحن على إسـتعداد لتوضيح المزيد لمـن رغب وطلب ذلك من خلال أسـئلة معـينة ومحـددة . . يقـول الأخ حبيب (ويتحتم علينا ان نجيب على سؤال مداره :
ولماذا حركة الزوعا بالذات ؟
والأجابة :
ان معظم او جميع الموقعين من القوش مثلا كانوا من المتعاطفين مع حركة الزوعا او المجلس الكلدواشوري التابع لها او احدى تنظيماتها الأجتماعية او الثقافية التي تمولها الحركة ، اما المستقلين الذين وقعوا على تلك المذكرة كان توقيعهم بعد اتصال اعضاء من تنظيم الزوعا معهم وحثهم على التوقيع .
ومن هنا فإن الحملة كانت من تحت ابط الحركة الديمقراطية الآشورية وفق كل المعطيات المتوفرة . " .
أولا ، أن بداية الفكرة تبـناها كل مـن : نوئيل رزق اللـه و سـالم كجوجة و سـامي بلـو وجميـل روفائيل وعصـام المالح وماجد شـمعـون
وأسـأل الأخ ، كم من هؤلاء السـتة يوجد في عضوية زوعـا ؟
وقام هؤلاء السـتة بإعـداد مسـودة البيان التي تضمنت خطوطا أولية للأفكار ، وتم إرسـالها في 10 / 7 / 2005 إلى نحو أربعين شـخصا من المعروفين بكتاباتهم القومية لمناقشـة المسـودة وأستطلاع رغبتهم بالإنضمام إلى حملة وحدة شـعبنا ، ولا أتذكر إن كان الأخ حبيب من الذين أرسـلت لهم أم لا . . فإن لم يكن قد أرسـلت لـه فإنه كان خطـأ غير مقصـود من اللجنـة . . وقد وردت الأجوبة مع الملاحظات وطلب الإنضمام إلى الحملة من الأخوة التالية أسـمائهم الذين أعتبروا لجنة تحضيرية للحملة وأن يقـوموا بمناقشـة المسـودة بروح ديموقراطية توافقيـة أخوية بناءة وصياغة النداء النهائي وتوزيعـه لبدء الحملة . .

وهؤلاء الأخوة هم : بطرس حلبي و مدحت البازي و سعيد اسـطيفانا وشـوكت توسـا وجلال برنو و نزار ديراني ووسـام كوسـا ويوسـف أوراها ياقـو ولنـدا سـالم وميخائيل مـمو ومـارد البازي و أنـدرو تيـرو وكامل زومايـا و كريم وردوني و أديب جرجيس وكريم يلـدكو وسـعيد نـونا وباسـم بلـو و باسـم روفائيل و صبحـي حـداد وسـفر الصـفار وسـالم اسـطيفانا و اسـماعيل قـودا وصـبري أسـطيفانا وفائـق بلـو ولويـس جمـا ويوسـف يوسـف وموفـق عـوصجي . . وإسـتمرت المناقشـة نحو شـهر حيث بدأت الحملة الجماهيرية بتوزيع النداء على المواقع في 8 / 8 / 2005 .

والحقيقـة أنه يوجد بين هؤلاء من هم أعضاء في زوعـا أو يؤيدون زوعـا ، مثل ما هو موجـود بينهم من المسـتقلين والشـيوعيين واليسـاريين والأحزاب والتنظيمات الأخرى . . والسـؤال إلى الأخ حبيب : كم هو عدد أعضاء زوعـا ومؤيديها بين هـذه الأسـماء ؟ وثـم ما هو المانع من وجـود أعضاء زوعـا ضمن الحملة مادامـوا يلـتزمون وحدة شـعبنا بالشـكل الذي ورد في صيغـة الـنداء الذي إتفق عليه أعضـاء اللجنة التحضيرية ؟ بوضوح ، نحن سـواء أتـفقنا مع زوعا في أمـور وأختلفنـا معـها في أمور أخرى ، فإنـنا نعـتبر زوعـا من التنظيمات الرئيسـية لشـعبنا ويجب أخـذها في الأعـتبار والمشـاركة في القضايا التي تخص شـعبنا . . وأي محاولة لعـزلها بأي ذريعـة كانت فإن نتيجتها سـتكون إلحـاق الأضرار بشـعبنا ، وهو مـا أنا شـخصيا أعارضـه على رغـم إختلافي مع زوعـا في أمور عـدة .

هـذا واقع ألقوش
ومادام الأخ حبيب تطرق إلى ألقوش بإعـتبارها بلدتـه ويعـرف أهلها جيـدا ، ولـذا فهو يقـول : ( ان معظم او جميع الموقعين من القوش مثلا كانوا من المتعاطفين مع حركة الزوعا او المجلس الكلدواشوري التابع لها او احدى تنظيماتها الأجتماعية او الثقافية التي تمولها الحركة ، اما المستقلين الذين وقعوا على تلك المذكرة كان توقيعهم بعد اتصال اعضاء من تنظيم الزوعا معهم وحثهم على التوقيع ) فـإن حديثنا سـيقتصر على ألقـوش ، وسـأتناول هذا الكلام مقسـما إلى فـقرات . .

إن أسـماء الموقعين من ألقوش منشـورة ، ويمكن الإطلاع عليها في المواقع ، ومنها ( منبر وحدة شـعبنا ) في موقع تللسـقف ، فنرجو الأخ حبيب ، أن يحسـب عـدد الموقعين من ألقوش وينشـر أسماء المنتمين إلى زوعـا بينهم ، لنـرى أولا نتيجة حسـابه ، وثانيا ليقـرأ الذين يتصورهم من زوعا رأيـه ، ليوضح من ليس منها أنه متوهم بالنسـبة إليه ، وحينئذ ستظهر النتيجة التي لا تقبل الشـك ونحن مسـبقا نقبـلها . .

بالنسـبة لتبعـية المجلس الكلدوآشـوري لزوعـا بحسـب علمي ليسـت صحيحة ، قد يكون يوجد تحالف بين الطرفين ، ولكن التحالف لا يعني أبدا التبعـية ، فكل التنظيمات تتحالف على النقـاط المشـتركة بينـها . . ومع هـذا فالأفضل أن يرد المجلس ، بأعـتباره أولى بذلك ، على هذا الأتهام بالتبعيـة .

بالنسـبة لوجود تنظيمات إجتماعية أو ثقـافية تمولها زوعـا ، فهـذا ليس امـرا غـريبا ، لأن كل التنظيمات الرئيسـية تـقوم بتـمويل تنظيمات ثانوية تابعـة لهـا . . ومن دون شـك أن هذه التنظيمات تتبع من يمولـها .

أمـا إتصال لجنـة النـداء بالأخوة في ألقوش ، فأرجو أن يعلـم الأخ حبيب ، أن هـذا الأتصال لم يكن عن طريق زوعـا أو أعضائها إطلاقـا لأنه كان يتم من خلال أخي باسـم روفائيل ( من تللسـقف ) وهو لـه فكره السـياسي الذي لا علاقة له بزوعا ، ولكن بطبيعـة الحال كان يتصل بالجميع من دون التركيز على أحد أو تجاهل أحـد ، لأن من حـق الجميع أن يعـبروا عن رأيهم بالحملة لترسـيخ وحدة شـعبنا ، إيجابا أم سـلبا .

وللعلم ، فإن كل الآراء والملاحظات التي جاءت في شـأن المسـودة الأولية الموزعـة للنداء ، ومنها آراء المعارضين للحملة الذين كتبوا إلى اللجنة موضحين مواقـفهم ، تـم أخذها في الإعـتبار والإسـتناد عليها من أجل إيجاد قاسـم مشـترك توافـقي بينها جميعـا في الصيغة النهائية لنـداء وحدة شـعبنا ، وتم توجيه النداء ، بنـاء على إتفـاق الآراء والملاحظات التي وردت إلى اللجنة ، إلى ( الآباء الروحانيين ) لكل الطوائف لأن الوحـدة تهمهم جميعا مع التركيز على ( أبناء الكنيسـة الكلدانية ) لأنهم الغالبية بين كنائسـنا في العراق ، وقمت أنا بتخويل من اللجنـة بإجراء تعديلات واسـعة على المسـودة الأولية بناء على كل الأقتراحات التي تسـلمتها اللجنة ووضعت الصيغـة النهائية لنـداء وحدة شـعبنا الذي تـم نشـره وعـرضه جليـا أمام كل من أراد الإطلاع عليه في حينـه والآن وفي المسـتقـبل ، لأنـه سـيثبت لكل متشـكك بـه أنـه على وهم جسـيم وأن الحملة كانت لمصلحة كل شـعبنا من دون إسـتثناء لأحـد . .

وكمثال على الآراء التي وصلت اللجنة ، رأي الأخ الشاعر والفنان لطيف بولا ( لا بد أنك ، اخي حبيب ، تعرفه وتعرف إتجاهه ) وفيـما يلـي نصـه :

اخوتي الاعـزاء
وحدة شعـبنا يجب ان تفرضها ارادة شعـبنا اذا اراد البقاء . وهذه الارادة تجسدها اقلام وحناجر واعـمال الرجال المخلصين من ابناء شعـبنا الكلدو اشوري السرياني , وقلنا سابقا طالما نحن متـفقون على وحدة شعـبنا فلن تكون الاسماء حجر عـثرة . ولكن المسؤولية التاريخية تقع على الذين يختـلقون الاعـذار والحجج لزرع التفرقة بغـية تقسيم شعـبنا بعـد ان دمرته المذهبية عـبر عـدة قرون ، هؤلاء المخربون بدافع جهل او ا لمصلحة الشخصية او لإرتباطهم بجهات معـينة تملي عـليهم شروطها في تفتيت شعـبنا ويكون بمثابة العـبد المطيع قي تنفيذ اوامرها .
عـلينا جميعـا ان نرفع اصواتنا عـبر كل وسائل الاعـلام لنقف بوجه هؤلاء المخربين صفا واحدا وهدفا واحدا لنبرهن على اصالتنا ومن لايشعـر باصالته ليذهب الى الجحيم ويترك شعـبنا يحقق طموحاته بالوحدة وعلى ارض اجداده .... وكفانا الله شر ............ ؟
الشاعـر والفنان
لطيف بولا / القوش

وهـذه رسـالة أخرى مـن الشاعـر بطرس حلبي

أخي الكريم جميل روفائيل
تحايا خالصه ومودة

أما بعد
طالعت رسالتك الأثيرية الآن بعد عودتي الى البيت فسرتـني اولا أنها من أخي الفاضل جميل , ولأنها تـتـناول هاجسا ملحا لطالما يشغلنا الآن جميعا ونحن أمام هذا المفترق التاريخي الصعب إذ يضع الأخيار والأشرار معا في إمتحان ومراهنة على مستقبل الوطن العزيز  ومصير شعبنا ـ قومنا ـ الضائع بين دعوات الصالحين وبدعات المضللين .
فنحن أيها العزيز جميل قدر لنا أن نحيا في زمن عز على أصحابه أن  يميز بين خداع وتضليل بنات آوى ودعاوات الاخيار وألفضلاء من أبناء قومنا المستضعـف , فما نقرؤه اليوم عن موضوع التسمية مثير للقرف في بعض جوانبه , إلى حد التـقيؤ . لا منهجيه ولا دراية في أصول البحث التاريخي ولا خلفية ثقافية في هذا الميدان ترشـد الرؤية , فيطلقون أحكاما على عواهنها بعيدة عن روح المنطق ومجافية لكل قواعد البحث الثقافي والأصول المعرفية , فإليهم أقول وأشدد بأننا يا قوم قوم واحد تباعدت أصوله بسبب العامل التأريخي وتصارع المصالح الذي قاد النازحين إلى مغادرة القبيلة إلى أصقاع جديدة مع الإحتفاظ بكثير من مقومات القبيلة الأم من لغة وعادات وتقاليد وتشابه في ألسحنة ثم تأتي المسيحيه لتعطي عنصرا مهما في المحافظة على هذه الألـفة وديمومتها.
فبحكم إختصاصي بلغة وآداب العرب وثقافتهم وتقاليدهم ومعرفتي بأصول ما يسمى بعلم النسب عند العرب في دراسة تأريخ قبائلهم وبطونها وأفخادها , يمكن أيضا دراسة تاريخ إنتمائنا القومي الذي نعتز به ونفتخر دراسة إنثربولوجية ليس فقط على أساس السند التأريخي الموثق والذي نفتـقر اليه كثيرا وحتى إذا وجد على شحته فلا نستطيع أن نسلم به تسليما مطلقا , بل أن نعطي اهمية لعوامل تأريخية متحركة نحملها معنا حية كاللغة المشتركه وتشابه السحنة والعادات  والتقاليد والمصير المشترك. . إنطلاقا من هذا كله نستطيع أن نخرج بحصيلة  ترضي القلب والعقل وتحمي وحدتنا التي نحن بأمس الحاجة اليها في هذا الزمن الصعب , فبوحدتنا نملي على الآخرين أن يفهموا ويقروا بدورنا ووجودنا التأريخي على أرض وطن الأجداد الذين حملوا للبشرية فجر الحضارات الأولى ,أو أن نسهل لمضطهدينا إحكام جزمهم على رقابنا جميعا دون تمييز ... فأي الحكمين يرضى به إخوتنا اليوم .

أنا معكم أيها الأخوة في ندائكم المخلص , أرجو أن يصيخ المتجادلون من أبناء أمتنا لمنطق الدراية والعقل قبل أن يستحق بهم القول .. ولات ساعة ندم .
أخوكم في الهم بطرس حلبي


ولدينا رسـائل مماثلة من الأخ جلال جمـا والأخ هـرمز أبـونا وآخـرون ، ومن تللسـقف و قام بتوحيد الآراء وإرسـالها لنـا الأخ باسـم روفائيل . . وغيرها كثير . . هل أن أحـدا من هؤلاء ينتمي إلى زوعـا ، أم مؤمن بفكـره وقناعـاته تجاه قضايا شـعبنا المصيرية . . وهل يمكن أن نتهمهم بسـبب هذا الأيمان الوحـدوي أنهم متعاطفون أو تابعـون لزوعـا ؟ ؟ وهل بمفهومـك يا أخي حبيب ، أن كل من يسـعى إلى وحـدة شـعبنا بإسـم واحـد بعـيد عـن الطائفية ، هـو من أعـضاء زوعـا أو من مؤيديـها ؟ ؟ وأكتفي بهـذا القدر من الرسـائل لأن المجـال لايتسـع لأكثر وأحتـفظ بالكثير منها لوقت الحاجـة ، وأنتظر جواب الأخ حبيب ، إن كان لديه مـا يجاوب بـه .

ضرورة إلتـزام الدقـة
ومع أنـني أعـتبر غالبيـة كتابات الأخ حبيب مفيـدة ، على الأقـل بمـا تفتحـه من مجـال للنقـاش وإبـداء الرأي والبحث ، ولكن الذي ألاحظه أنـه أحيـانا لا يلتزم الدقـة في القضايا التي يوردها ، فمثـلا ، في أحد مواضيعه ( الفكر السياسي الكلداني والآشـوري تحت المجهر ـ 1 ) يقول " وكان الكلدانيون يشـتركون في الحياة السياسية للعراق ومن بين الشـخصيات التي فازت في الأنتخابات بعضوية مجلس النواب يوسـف غنيمـة ، وعبدالجبـار الخياط وأنطـون شـماس وفتح اللـه سـرسم ويوسـف عبدالأحـد وغيرهم " والحقيقة أنا لا أعـرف متى كان هؤلاء نوابـا ، وبحسـب معلوماتي أن يوسـف غنيمة كلداني وأن فتح اللـه سـرسم سرياني أرثوذكسـي ( يعقـوبي ) ، أما الباقي فلا أعـرف عنهم شـيئا .

ولكن بحسـب معلوماتي ، أنه في العهد الملكي كان مخصصا سـتة نواب للمسـيحيين ( من بين مائة نائب كان يتكون منهم البرلمان العراقي في ذلك الوقت ) وكان للواء الموصل 3 وللواء بغداد 2 وللواء البصرة 1 ، وبالنسـبة للموصل كان غالبا أحد النواب كلداني ( وكان في أوائل الخمسينيات نجيب الصائغ ) والنائب الآخر سرياني أرثوذكسي ( وكان متي سـرسم ) والثالث سرياني كاثوليكي ( وكان توفيق السـمعاني ) ما يعني أن في الموصل يتم تقسـيم ثلاثة نواب بين ثلاثة طوائف ، ولم يكن أبدا الثلاثة من طائفة واحدة ، في حين لا علـم لـي كيف كان حال النواب المسيحيين في بغداد والبصرة .[/b][/size][/font]

73
المخـادع " الجعـفري " وغرائبـه


ـــــــــــــــــــ
جميـل روفائيــل
ــــــــــ

     شـخصيا  ،  لا أنكـر بأنـني  فكريـا على النقيض من كل الأحـزاب والفئـات القائمـة على فصـيل معيـن يشـكل جزءا من الشـعب العـراقي وليس كل الشـعب ، بمعـنى أنـني معـارض للتنظيمات السـياسية الطائفية والعرقيـة ،  بسـبب  أنـها مقسـمة ومدمـرة للوحـدة  الوطنيـة ، بـما تقـوم بـه مـن تكتـلات ضيقـة مناطقيـة وعشـائرية وتجمعـات وفـرق تـقود في كل الأحوال إلى  مشـاحنات وتعصـبات ، لا يمكن  أن تـؤدي إلى  غـير  الصراعـات ،  مهمـا حـاول أصحابـها تلميعـها  زورا  وبهتـانا  وخـداعا  .

    وإزاء  هـذا  الواقع  ،  فـإن التكتلات  الطائفية  والعـرقية  ،  هي فئـات مفرقـة  لا يمكن أن تـقود إلى الوحدة ولا يمكن أن توفـر الأمن وتـنهي الصراعات لأنـها  نفسـها جـزء من إرتبـاك الأمن وإثـارة  الصراعات  . . وبالمحصلة  فـإن زعـماءها  سـيكونـون من غـلاة  المخادعيـن ، إذا أدعـوا  أنهم يختـلفـون في هـذا الجانب عـن  ( المسـرحي صـدام ) بشـئ . . بأسـتثناء أنهم طائفيـون مفـرقون في إتجـاه خاص بهـم ،  وصـدام كان طائفيـا  مفرقـا في  الإتجـاه  الخاص  بـه  . 

     وكـما ذكرت ، على رغـم أنـني  على النقيض  من الطائفيـين والعرقيين وأفكارهم  الخالطة  لفضـائل  الديـن بشـرور  السـياسة  ،  فإنـني  في هـذا  الموضوع  لسـت بصـدد  المعارضة  السـياسية  معهـم  ،  لأن  مـا أتناولـه هـو  عـرض لأقولهـم  وأفعالـهم والإثبـات بأدلتـي الواقـعيـة على نهـج  (  مـن فـمـك أدينـك ) أنـهم   (  مسـرحيون ومخادعـون ) فيـما  يقـولون  ويفعـلون  ويتخبطـون  .  . 

    وبعـدما  تناولنـا ( المسـرحي  صـدام ) في  الموضوع  السـابق ، فإنـنا  نـتناول في  هذا  الموضـوع  بعضـا مـما  لـديّ  مـن أدلـة  ووقائـع  تؤكـد  أن  الجعـفري  ومن  هـو  مثلـه مـن أقـرانه  الزعـماء  الطائفيـين  .  .  ومـن والاهـم ليسـوا غيـر  مخادعيـن ، يخلطـون الديـن  بالسـياسة  (  كخلـط  الدسـم  بالسـم  )  . .

المخـــادع  .  .
ـــــــــــ

      أثـبت  الجعفـري ، على الأقـل خلال توليـه  السـلطة  ،  أنـه  (  شـبيه  )  بصـدام  في  ممارسـاته  ،  فالوسـائل واحـدة  وإن  أختـلف الهـدف بعـض  الشـئ  ، ومـن ذلك  . . وعلى  خطـى صـدام في النـقل  المباشـر لتلفـزيون العـراق ( حاليا الإسـم : العراقيـة ) لإسـتـقباله المهنـئين في أول أيـام ( 10 / 1 ) عـيد الأضحى المبارك فإن ( المكرفون )  أمامـه ، وكأن قناة العراقية هي ملك للجعـفري  كما كان تلفزيون العراق ملكا لصـدام . . أما أقوالـه وإرشـاداته خلال الإسـتـقبال ( المسـتمدة غالبيـتها من الحرب العالمية الثانية والديموقراطية ودول العـالم ، حيث  أشـار مرارا أنها من الكتب التي قرأها أخيرا عنها  ، وأفتـعل  تكرارا  عبارات : أبنـاء الشـعب العراقي البطل . . الشـعب المعطـاء والإلتـقاء مع الآخر وعجلة البنـاء وحقوق الإنسـان . . وعـدونا اللـدود الإرهاب والدكتاتوريـة  السـابقة ومعـاني جديدة للإنتخـابات الأخيرة وما أسـفرت عـنه مـن نتائـج متوازنـة . . . ألخ  ) و من الأفضل أن لا أذكر المزيـد لأنـني لا أريد المزيد من الإزعاج للقراء ، لأنـها ( على المنوال الغريب نفسـه المبكي المضحك  الذي صار معـروفا عـنه ) وكان اللـه في  عـون العراق والعـراقيين ،  إذ  بعـدما تخلصـوا من دكتاتور واحـد ( صدام ) جشـم على مقـدراتهم عشـرات الدكتاتوريين من جعفري وبطانتـه  . . 

   ومـع إسـتمرار  هـذا الوضع  الطارئ  وغيـر العـادي ، هل من الغرابـة أن تنشـر وسـائل الإعلام  ( 1 / 12 / 2005  ) تصريحا  لوزير العـدل القطري السـابق نجيب  النعيمي ( عضو هيئة الدفاع عـن صدام ) أن  " بعض  العراقيين يطالب بدرس فكرة ترشـيح صدام للإنتخـابات  الرئاسـية  " وأضاف إلى ذلك صديق  للنعيمي " خلال وجودنا في مطار بغداد ، تـقدم منـا أنـاس عاديـون وعـبروا لـنا عن أمنيـتهم بعـودة الرئيس صدام إلى الحكم ، وأخبرونا قائلين : فقـدنا الأمـان بعد ذهاب صدام ونتـمنى عودتـه " .

    و لأنـه  (  الجعـفري  )  نجـح  في  تأكيـد  أنـه  خيـر  مـن  يمكـن  أن  يمثـل  الصـورة  السـيئة  لممارسـات  الطائفييـن الدينيـين  حيـن  يتـولون  السـلطة  . . فـقد  أثبـت  كصـدام  أنـه  لا يخجـل من أن ينقض  مسـاء   ما يوعـد  بـه  صـباحا  ، حتى أن  الرئيس جلال الطالباني قال  عـنه  " إن وزارته أصبحت حزبية أكثر منها عـراقية . . حيث قـدم لـه التحالف الكردسـتاني مذكرة طالبنا فيها بتطبيق  بنـود البرتوكولات التي كانت فيـما بيـننا ، حيث لا يطبق رئيس  الوزراء تلك البـنود المتفق عليها فيما بينـنا في الحين نفسـه ينفـرد السـيد  الجعفري بالقرارات  . . لدينا إتفاقـات حول الإشـتراك في الوزارة وهو لا يحترمها وليس من المعقـول أن كل وزير يعـين الموظفين من عشـيرته وحزبـه . .  "  وإلى ذلك  أفاد القـيادي الكردي فؤاد معصـوم " إن من بين مـآخذ  الأكراد على السـلوك  السـياسي للجعـفري ، إنفـراده بالتـعيينات في بعض  المناصب ومن أبرزها قيـامه بتعـيين والـد زوجة  إبنـه رئيسـا  لمكتب الإعـمار وهو ليس  مختصا بهذا الموضوع وإنـما يملك مطعما  للفلافل في  بريطانيا  " .  .  فهل يتعظ الأخوة الكرد من تجربتهم مع الجعفري ويتخذوها درسـا لأي تشكيل حكومي مقـبل ، فإن لدغـة واحدة تكفي لتكون عبـرة لكل الحياة  ؟ ! !

    ولأنـني كما ذكرت ، لا أريد أن تكون لهذا الموضوع علاقة بالسـياسة ، فإنـني لن أتطرق إلى مخاطر توجهاته  السـياسية ، وإنما سـأقتصر على ممارسـاته التي رسـخ اليقين فيها ، أنـه حقـا مخادع  بارع .

    فـفي  خطاباته أمـام الجمعية الوطنية ، كان يبـدو وكأنـه داخـل حسـينية . . ولا إعتـراض على ذلك لأن الجمعية الوطنية حولها أقـران الجعفري بعد إنتخابات كانون الثاني 2005  الذين فازوا  بوسـائلهم الخاصة ، إلى حسـينية بأدعيتهم وكلماتهم ولحاهم وهندامهم .  .  لكن الجعـفري الذي أكمل دراسـته الطبية في الموصل (  وتخرج طبيبا بالأسـم متباهيا بلقب دكتور وكأنـه بروفيسـور عالم ) طالما تفاخر  بمعلوماته عن الموصل ، لكنه إدعى ، عندما إعتـرض  النائب الإيزيدي كامران خيـري على ما يورده من عبارات تمثـل إسـاءة لأعـراف ومشـاعر نحو  ثلاثة أرباع المليون إيزيدي عراقي  يسـكنون جـوار الموصل . . فـقد إدعى الجعفري أن ما يقـوله مأخـوذ  من القرآن  الكريم ، وإذا إتخـذت الجمعية الوطنية قرارا بعـدم تداول هذه  العبارات فإنـه سـيتخلى عنها في خطاباتـه  .  . 

    وهـنا العجب  العجـاب لثلاثة  أسـباب   . . الأول : هل يعـقل أن الذي يعيش في الموصل سـنوات ويعـرف ( شـهداءها وكل عـوجي  فيها )  لا يعـلم عن الكلمات التي  تمثل  إسـاءة  لأعـراف سـكان محافظة نينوى  من  الإيزيديـة الذين تنتشـر  قراهم  على مسأفة  قريبة  من شـمال  الموصل  وغربـها  ؟  . . والسـبب الثاني : هل يعقـل  أن شـخصا  يحمل  عـنوان رئيس  الوزراء  لا يعـرف  أن  برلمانـا  يسـيطر  عليه  الطائفيـون  لايمكن أن  يتخـذ  قرارا  يمنع  تداول  عـبارات واردة  في القرآن  الكريم ؟  والسـبب  الثالث  :  هل من الضروري أن  رئيسـا للوزراء ينبغـي أن يراعي  مشـاعر كل  المواطنين ،  ينبغـي  أن يبـدأ  كلامـه أينمـا ذهب  وتحـدث  بسـرد مجموعة  من  آيات القـرآن  الكريم وكأنـه في حسـينية  أو  مـزار ؟ و مـاذا  تـقول أنت يا أيـها الطائفي المخادع   . . هل ضروري هـذا ؟  !  !

    ومـا دمنـا  في  الموصل  ،  فـإن  الجعفري  صار  يردد  مع  كل  ذكـر  للموصل  ـ بمناسـبة  ومن دونـها ، ربما ليـؤكد  معلوماتـه  الواسـعة  عن  الموصل ـ إسـم  (  الشـهيدة  حفصة  العمري  )  متجاهلا مئـات الشـهداء  والشـهيدات  ـ  ولنقل  من  كل  الأطراف  ـ الذين يعـرف أهل لاالموصل  أسـماءهم وكل الأمور عنهم ، فهـل يمكن التكهن أنه  لم يسـمع  بأسـم شـهيد  أو شـهيدة  في  هذه المدينة  الباسـلة سـوى  حفصة  العمري ؟  أم أن لهـذا التكرار " غـاية  في  النفس  . . "  ؟

    وشـخصيا لـي  معلومات وافية عن المرحومة حفصة وعائلتها التي كانت لي معـرفة  بـها ، حيث كان لأقرباء جدتي ( لأمي ) علاقة وثيقـة مع جدهـا عبداللـه رفعت العمري  (  توفى 1957 ) الذي كان من زعماء عائلة العمري ذات  النفـوذ  في العهد الملكي ( ومن العائلة نفسـها رئيسا الوزراء ، أرشد العمري ومصطفى العمري والنائب رمزي العمري  ) وكان عبداللـه عضوا في المجلس  البلدي لمدينة  الموصل  عن محلة  (  باب الجديد  ) وكنت أتردد  على داره في محلة باب الجديد مع جدتي وأنا في مرحلتي دراسـتي الإبتدائية والمتوسـطة ، وكان داره واسـعا يتكون من قسمين ، كـكل دور العائلات  العريقة  في  الموصل ، القسـم الداخلي  لعائلتـه والخارجي للضيوف ، وكان يجتمع العشـرات من أهل الموصل في ديوانه كل يوم جمعـة ، بصورة منتظمة ، ويتحدثون في مختلف القضايا الطارئة لمدينة  الموصل ، وكان غنيـا لديه أملاك في الموصل وبسـاتين زيتـون وغيرها  في بعشـيقة .

    وكنت بتـرددي  على منزل عبداللـه العمري تعرفت على عـلي (  وهو الإبن الوحيد لعبداللـه العمري ) وأسـرته ومنها إبنتـه  حفصة  وهي كانت أكبر أولاده ، وكان علي قد  سـكن بعد زواجه مـن ( مرود ، وكانت لها أصول كردية ) في بيت مسـتقل في منطقة الغـزلاني قرب معسكر الغزلاني الذي كان مقـرا لحامية الموصل ، ولفترة  مـا إنصرف علـي  عن زوجته أم حفصة ، وتزوج من إبنة  حمدي جلميران ، أخت عدنان جلميران ، لكنـه لم يعش  معـها طويلا فطلقها وعاد إلى  أم حفصـة .

   لـم يكن علي ( والد حفصة ) يعـير أي إهتمام للسـياسة ولم يكن متدينـا ، فقـد كان منصرفا إلى (  السـكر والنسـاء ) وحفصة هي الأخرى كانت لا تعرف شـيئا عن السـياسة والدين ، وبحسـب معرفتي أنها كانت طيبة وإجتماعية مثل والدتها ، وآخر مرة شـاهدتها كانت بعد أشـهر عدة من ثورة 14  تموز ، حيث كانت مع والدها ووالدتها وشقيقها  وشـقيقتها وخطيبها في نزهة على طريق موصل ـ تلكيف . .

    وبحسـب معلوماتي المسـتندة على أقارب جدتي ـ الذين لازمـوا منزل علي في الغزلاني بعد مقتله هو وحفصة ـ أن علي كان في منزله مع عائلته ، فدخلت عليه مجموعة من الجنود ، يسـود الإعتـقاد أن دخولها كان بتحريض من عدنان جلميران إنتـقاما من طلاق علي لأخته ، وعندما أطلقت المجموعة النار على علـي ، سـارعت حفصة إلى سـلاح كان في المنزل وأطلقت بدورها النار على الجنود ، فصوبوا نيرانهم نحوها وقتلوها هي أيضا وخرجوا من دون أن يمسـوا بأذى  أحدا آخر من الذين كانوا في المنزل ومنهم أحد أقربائي  الذي كان ضيفا عندهـم في ذلك اليوم  .

    هـذه هي القصة الكاملة التي أعرفها عن  حفصة العمري ووالدها اللذين قتلا بصورة عادية لاغيـر ، فلا نضـال ولا شـهادة لا هي ولا والدهـا ولا إهتمام في الموصل بهما  من أي جهة سـياسية  بإسـتثناء الجعـفري ، الذي يبدو  أنه يريد أن يـزايد على أهل الموصل جميعـا من أضـعف المجالات  . . وقد أوردتها فـقط  ضمن إطار الخداع  الذي دأب عليه  الجعـفري لا غيــر .

    ولنأخذ  ( سـلوكا ) آخر  للجعفري ، بداية ، شـخصيا لا يهمني ما يرتدي الناس وكيف يتصرفون بأمورهم الخاصة ، فهـذا من حقـهم ، شـريطة أن لايكون من خلال الإرغـام والإجبـار والتهـديد . .  لكن الجعفري ، الذي يدعي التسـامح الديني وأحترام المعتـقدات والخصوصيات والديموقراطية  ومعارضة كل إرغـام . . كما أفاد في ندواته وتصريحاته في بريطانيا والولايات المتحدة وأماكن أخرى . . فمثلا ، عن لقـاء الجعفري في مشـيغن بالولايات المتحدة  ، كتب في المواقع  ( ومنها موقـعا عنكاوا و تللسـقـف ) أحد الذين حضروه ، ما يلي :
    "  .  .  وبهدوئه المعهود  سـرد مرتجلا في حديثه إلينا ، موضوعا إنشـائيا بدرس الوطنية وكأننا طلبة في الصف الخامس الإبتدائي ، مسـتوفيا بحديثه لأقـوال من فلاسـفة وأدباء . .  وأصر أن يخاطب الحضور وكأنـه حاز على جائزة ( نوبل ) للآداب وأنهم أتـوا للإحتـفاء بـه . . أسـتغربت لحديثه اللامعـقول إلينا وعن فلسـفة لغوية حاول تمريرها إلى مسـامع الحاضرين . . كانت أسـئلة الحاضرين مكتوبة ، وقرئـت لـه . . إجاباته كانت مطولة وغير وافية تماما ، وكانت التبريرات طاغية عليها ، دافع على ما ورد في مسـودة الدسـتور وخاصة علاقة الدين بالدولة ، والشـريعة . . وكان واضحا في رفضه فرض الحجاب ؟ وقال موضحا ( ليس هناك قانون يلزم المواطنات بإرتـداء الحجاب فلهن كامل الحرية في إختيار ذلك ونحن نحتـرم حقـهن هـذا ) ولكن  . . كـم كان صـادقا . . . ؟ هنـا السـؤال الذي يحتاج إلى جواب وأجوبـة . .  فها هو خضير عباس الأمين العام لمجلس الوزراء يصدر قرارا بطرد الغـير محجبات ، فيا الدكتور رئيس  الوزراء كفاكم الضحك  على الذقون وتحلوا بـقدر من الشـفافية والعـقلانية . . عسـى أن يغـفر لكم هذا الشـعب المسكين . . ؟  " 

   وبعـد هذا التناول لجزء من موضوع الكاتب  الذي حضر اللقـاء . . شـخصيا أسـتغرب من جواب الجعفري ( ليس هناك قانون . . ) وأسـأله ( وإن كنت مسـبقا أعلم أنه لن يجاوب على أسـئلتي وما هو مثلها من أسـئلة غيري ، لأن المخادعين عادة يعرضون خداعهم ويهربون ) وأسـأله  :

    هل أن ما كتبه موقع إيلاف عـما  كشفته مصادر لـه ، عن إصدار الأمين العام لمجلس الوزراء العراقي ( الذي عينه الجعفري نفسه بمنصبه ) خضير عباس قرارا بطرد جميع الموظفات غير المحجبات العاملات في المجلس ونقلهن إلى إدارات أخرى مؤكدة ، أنه تم فعلا توزيع خمس موظفات على تلك الإدارات لحد الآن ( لحد نشر الموضوع في 19 / 9 / 2005 ) . . في وقت سـتلجأ أخريات إلى التحجب تجنبا لنقلهن إلى خارج المجلس . . تـم بموجب قانون ؟ وهل ما قام به قبل ذلك خضير عباس ( هذا نفسـه ) عندما كان وزيرا للصحة من إرغام كل العاملات في المؤسـسات الصحية من طبيبات وممرضات وغيرهن على إرتداء الحجاب وتـقديم توصية بأنه يفضل أن يطلق الأطباء والممرضون والعاملون الآخرون اللحـى  وأن يتخلوا  عن إرتداء اربطة العـنق . . كان بموجب قانون ؟ وهل قيام أزلام وعصابات حزبك وفئـات الصدر و الأحزاب  الطائفية الأخرى  ( خصوصا من أيتام البعث المقـيت الذين إحتضنتهم أحزابكم الطائفية ) بتـفجير محلات بيع الخمور وأختطاف أصحابها وأخـذ الأتـاوات منهم من أجل الإفراج عنهم  وقـتل الكثيرين منهم . . تم بموجب القوانين ؟ وهــل مشـاركة هؤلاء الأزلام لغيرهم من الإرهابيين بتفجير صالونات الحلاقة  النسـوية . . تم بموجب القانون ؟  هـذا هو الواقع يا أيها الجعـفري في زمن الميليشيات  و الفوضى والفـلتـان الأمني الذي يناسـب كل الطائفيين ، من أي فصيل كانوا ، فهم يلتـقون في الأمور المسـتهجنة ويواصلون  صراعاتهم بينهم في أمور كثيرة غيرها . . ومن دون لقـاء أبدا . .

   ولسـنا في حاجة لكي نورد المزيد  عـن الإرغام وتنوعـه ، فكل العراق يتعرض له ، بأسـتثناء المحافظات الكردية وبعض مناطق محافظتي  كركوك  ونينوى التي لا تصلها أيادي  الطائفيين من أي شـكل كانـوا  . .

      ورحم اللـه خيراللـه طلفاح فقـد كان أمره ، وهو محافظ بغـداد ، إلى الشرطة  فقـط  ،  بأن يحملوا قواطي البويـا و يصبغـوا  أرجل النسـاء اللائي تنوراتهن وفسـاتينهن لا تمتد إلى ما تحت الركبة ، ومن دون أن يتجـرأ  على المطالبة بالحجاب ، فقـد كانت بناتـه سـافرات ولم يرغمهن على الحجاب .

   إتصل بي ، قبل أيام ،  صديق إعلامي عضو في حزب الدعوة ( التنظيم المنشق عـن دعوة الجعفري ) وقال لي وهو يعرب عن تألمـه " لقـد سـئمنا هذا الجهنم . . ونخشى الكلام لأنه سـيجعلنا نفـقد حياتنا ، فكل شئ في العراق أعتبارا من الحرية وحتى كلمة الحق أصبح جريمة إرتدادية  عقوبتها الموت  "

   وقبل أيام أيضا ، لاحظت ملصـق دعاية للأنتخابات الأخيرة لحزب الدعوة فيه مايلـي  :  "  أهل  العمائم واللحى أولاد الزهراء كربلاء جديد أتعلم أن جراح الشهيد البعث الجديد حزب الدعوة الإسـلامية  " والسـؤال إلى حمدية واللامي وأيـار والهنداوي وباقي اعضاء المفوضية المسـتـقلة للأنتخابات ( هكذا إسـمها بعيد عن واقـعها )    ألا  يتعارض هذا الملصق الإنتخابي مع شـرط عدم إسـتخدام الرموز الدينية في الدعاية الأنتخابية . . ؟  أم ما دام للدعـوة فهو  مسـموح به من أجل بريق عيـون الجعفري  ؟  ! !

   الـذي يتابع وسائل الإعلام المحلية والعربية من صحف وإذاعات وقنوات تلفزيونية  ، يجد كثافة لا مثيل لها في أي بقعـة من الأرض للدعايات من الأنواع الإستهلاكية المحلية وتمرير المصالح والخداع  المدفوعة الإجـر  المتنوعة عن العراق ( الأنتخابات والوحدة الوطنية والتصدي للإرهاب . . ألخ ) وعند  السـؤال عن الذي يدفع ملايين الدولارات ثمنا لـها يأتي الجواب سـريعا : المفوضية المستـقلة  والحكومة العراقية . . ونسـأل مادامت هذه الدعاية غير مجدية ، فماذا يمكن إعـتبارها غير الرشـاوى في زمن الخداع والنفـاق ؟

    هـذا غيض من فيض ( صدام ) و ( الجعفري ) غير  السـياسي ، وهو  تحصيل ناتج عن السلطة عندما تكون ( فردية ) أو ( طائفية )  . . والذي لا يزال لم يقطع (  ما بقـي من الشـعرة التي ربطته مع الجعفري ، قوما وفئـات ، فليتـعظ قبل أن يلدغ من جديد ، وبعد فوات الأوان  ) . .

      إن  هذا  الوضع  ، هـو  ( وارد ) ديموقراطية الفوضى التي تنشـرها الولايات المتحدة وتسـعى إلى هيمنتها في كل مكان تحل فيـه . . وصدق البلقانيون عـندما يرددون ، إنطلاقا من تجاربهم  " ما دخلت أميركا أرضا إلاّ  أفسـدتها  "  وللديموقرطية الفوضوية وتفسـيد الأرض ، لنا عـودة في مواضيع مسـتـقبلية . .

74

المسـرحي " صـدام " و المخـادع " الجعـفري "


ــــــــــــــــــــــــــ
جميـل روفائيـل
ـــــــــــ

     هـذا الموضوع لا عـلاقة لـه بالسـياسـة ، على رغـم أن " مسـرحيات صـدام "  في سـطوته وذلـّه هي جـزء  متواصـل في حياته  السـياسية . . وأن  "  خـداع الجعفـري " مسـتمد من مبادئ المكـر في حجب الحقـيقة التي يقـوم عليها تنظيمـه وما يتشـابه معـه من التنظيمـات الطائفية  والدينيـة ، من أي طائفـة وأي ديـن ، والتي  كل مسـاومة معـها لن تكـون نتائجـها إلا وفـق ما أفرزتـه المساومات التي أقـدم  البعض عليها  مع صدام وبعـثه من نقض وغـدر وطعـن  .  .  والحكمـاء يؤكـدون "  أتـق  شـراك المسـرحيين  "  و  "  إحتـرس  مـكروه المخادعيـن  "  .

    أؤكـد لا عـلاقة لهـذا الموضوع بالسـياسـة  لأنه يسـتند على مشـاهدات وملاحظات وآراء ذاتيـة ، على رغـم رأيـي القائـم على  معارضتي  بكل شـدة فسـح أي مجـال لتـرويج الطائفيـة ، لأن التجارب أثبتـت ، قديمـا وحديثا ، أن كـل إقحـام للـدين بالسـياسـة هـو رمـي للفضائـل الثابتـة  في أتـون مسـاوئ  الشـرور  المتحركة  ، وأن هيمنـة السـياسة على الدين تعـني منـع الخير لمصلحـة فسـاد المكـروه من مواصلة المضـي في الطريق القويـم .  .  وإزاء  هـذا ينبغـي على رجـل الدين أن لا يتطرق إلى قناعـاته الطائفيـة والدينيـة عـندمـا يكون في مجـال سـياسي  وإلا ّ  أعـتبر مخـادعا ، وعلى السـياسي أن يتـرك جانبا إتجاهاتـه السـياسية حالما يصـبح داخـل فضـاء ديني وإلا ّ أعتـبر مخادعـا  أيضـا .
المسـرحي  .   .   .
ـــــــــــ
      صـدام خـرق هذه القاعـدة ، لأنـه تربـى على النقيض منها على يـد خالـه خيراللـه طلفاح الذي كان لصـا دعيـّا  متميـزا  في فسـاده ومجـونه وإدعاءاتـه وكتاباتـه الطائفية والعـرقية  المنافقـة . .  فسـلمه مسـدسـا وهو صغـير وطلب منـه أن يمارس مهنـة  القتـل . . ودخـل صدام السـياسة وهو يعـتبرها مـن توابـع حكم السـلاح ، وحمـل لـواء الدين ليشـوهه  بحسـب أهوائـه ويسـتغله لمطامعـه وتصفياتـه .  .  والتفاصـيل يدركهـا الكـل وليسـت في حاجـة  إلى  مـزيد من الأيـراد  والإسـترسـال  والتوضـيح .

    رأيت خيراللـه طلفاح مرتين ، الأولى ، حين كنت موفدا من جريدة الثورة لتغطية  إحتـفال أقامته جمعية المحاربين العراقيين  القـدماء التي كان يرأسـها ، في قاعة الشـعب ببغداد بمناسـبة المولد النبوي وكانت الكلمة الرئيسـية له ، وكل ما قاله طائفي وعنصري وتحريف . . وعندما قدمت الموضوع للجريدة تناولت فيه إسـتعراضا عاما للإحتـفـال  من دون كلمة طلفاح ، فسـألني مدير التحرير وكان ناجي الحديثي عن كلمته ، فقلت له : الأفضل أن تأخذوها من وكالة الأنباء العراقية .

    والمرة الثانية ، كانت عام 1986 ، وكنت في إجازة في العراق ( حيث كنت مراسلا في يوغوسلافيا ) وأتصلت بوزير الحكم المحلي عدنان داود سليمان لزيارته والسلام عليه ، فقد كان صديقي ، وعندما ذهبت في الموعد طلب مني مدير مكتبـه أن أنتظر بعض الوقت  عنـده ، وقال : عـند الوزير يوجد  خيراللـه طلفاح وجاءه من دون موعد ومعه شخص من سـامراء يريد شراء  حديقة عامة على جانب شـارع عام في سـامراء  لبناء عمارة عليها ويطلب خيراللـه من الوزير إصدار قرار ببيع الأرض إلى هذا السـامرائي ، وأن الوزير لايسـتطيع الأمر ببيعها لأنها حديقة ضمن التصميم العام لمدينة سـامراء ، ولكنه يلح على الوزير الذي أصبح محرجا لا يدري ماذا يفعل ، وبالتأكيد أن خيراللـه يفعل هذا في مقابل الحصول على مبلغ كبير من مال هذا  السـامرائي الغـني ،  وبعدما خرج طلفاح ، دخلت على الوزير عدنـان وكان أول كلام قاله لي بعد السلام وهو غاضب جدا :  إذا سـمعت أنني تركت الوزارة فأعرف إما أنني قدمت الإسـتقالة تخلصا من خيراللـه طلفاح أو أن نفوذه  أدى إلى إصدار أمـر بإقالتي .

    ومن ذكريات خيراللـه طلفاح ، أنه ذات مرة أرسل موضوعا إلى جريدة الثورة لنشـره في الصفحة الأخيرة في حقل ( يوميات الثورة ) وكان يدور حول فلسـفته ( كل مسـلم ليس عربيا فهو أقل إسـلاما ، وكل  عربي ليس مسلما فهو أقل عروبة . . . ) ووجد عادل عبدالجبار ، وكان رئيسـا لقسم الصفحة الأخيرة الذي كنت أعمل فيه آنـئذ ، أن الموضوع ليس أكثر من هراء ، وكان عادل مثل غالبية العاملين في الجريدة يكره خيراللـه طلفاح ، فأخذ الموضوع إلى رئيس التحرير وكان طارق عزيز ، لأخذ رأيه ، فقال طارق لعادل : إحذف منه كل ماتراه غير مناسـب لينزعج ويتوقف عن إرسال المواضيع إلى الثورة ، فحذف عادل أكثر من نصف الموضوع عند نشـره ، وغضب طلفاح ولم يرسل بعد ذلك موضوعا إلى الثورة  طيلة الفترة التي كان طارق عزيز فيها .

     وأرسل طلفاح مواضيع لنشـرها في مجلة ( قالاسـريايا ـ الصوت السـرياني ) مملوءة بعبارات ( أهل الذمة  . . ) وكان ذلك عام 1979 ورفضت غالبية أعضاء هيئة التحرير ـ وكنت بينهم ـ نشـر المواضيع ، وبقيت من دون نشـر ، لكنني وجدتها منشورة في عام 1981 بعدما إنتـقـلت إلى يوغوسـلافيا ، ولا أدري كيف تـم نشـرها في قالاسـريايـا  .

     وكان خيراللـه طلفاح قد جمع حوله مجموعة من الذين مارسـوا الكتابة والصحافة في مقابل الهبات التي يغـدقها عليهم من أموال الدولة ، أذكر منهم : محمود شـبيب وعـيد ضيف . . وكان يحركهم للإطراء عليه والترويج ( لمؤهلاته وأفكاره العظيمة . .  ) .

    والحديث عن ( غرائب وعجائب وطرائف طلفاح ) يطول ويطول  . . وقد حدثني الصديق العزيز  مدحت البازي  عن الكثير ممـا رآه وسـمعه عنه وعن أهل العوجة ، فقـد عمل فترة في العوجة وخالطهم ، ليته يكتب تلك الذكريات فـفيها الكثير ممـا هو مفيـد معرفتـه .   

    كـان أميـر أسـكندر (  وهـو صحافي مصـري قبطـي ناصـري ، جـاء إلى العـراق مع عـدد من الصحافيين المعـارضين للسـادات ، منهم جلال السـيد وسـعد زغلول فؤاد ومحـمد حجازي وسـعد التايـه ، وعملوا في جريدة الثورة  ) ثـم جـرى إنتدابـه لـتدوين ( حيـاة صـدام ) في كتاب ، كان الأول من بين الكتب في مجالـه ، وهو الكتاب الذي تضمن ، أن جذور صـدام تعـود إلى ( الأصل الشـريف ) وقد بلغ ما حصل عليه أمير أسـكندر من تأليف هذا الكتاب نحو نصـف مليون دولار ، وعـندما كان يأتي إلى جريدة الثورة وتوجه إليه الأسـئلة  عن حقيقـة أصل صدام وما تضمنه الكتاب من أمجاد عـنه وعـن أسـرته ، كان يجاوب "  أنـا كتبت عن شـجرته وغيـرها  كما طلب  مني خيراللـه طلفاح الذي أشـرف على تأليفي للكتـاب . . وكتبت مـا طلب منـي ، وناقـل الكذب ليس بكاذب " .

    وفـي السـياق نفسـه ، كان يجاوب عـبدالأمير معـله ( وكان صديقا دائميا لـي منذ  عملت في جريدة الثورة عام 1971  ، حيث كان رئيسـا للقسم الثـقافي في الجريدة وثم أصبح مديرا عاما لدائرة السـينما والمسـرح وثم وكيلا لوزارة الثقافـة والإعلام ) مؤلـف كتـاب ( الأيام الطويلة ) عـما ورد في هـذا الكتاب ، بأنـه لم يكن مع صدام في محاولة إغتـيال عبدالكريم قاسم وما حصل لصدام بعـد ذلك ، ولـذا فإنـه دوّن ما طلب منه كتابتـه وجعلـه بأسـلوب أدبي مقـروء ، وأن مافيـه من أكاذيب وإفتـراءات ليس هو مسـؤولا عـنها .

    ولأن صـدام وجـد ضالـته ، وهو ذليـل ،  في  في المحكمة التي تقاضيـه على بعض  من  جرائمـه ، المحكمة المفروض  عليها أن تكون على شـاكلة " فوضى الديموقراطية  الأميركية "  فأخـذ  "  يشـمر عن عضلاته وتدجيله " ويعرض  مسـرحياته من إطلاق اللحيـة المشـذبة  على نهج من هـم أمثالـه من ( أدعيـاء الدين والتـقوى ) المزايدين على الأمور الدينية والطائفيـة . . و من خلال الإتيـان  بالمصحف الشـريف معـه ورفعـه لأظهاره أمام كاميرات النقل التلفزيوني وحشـر الجلسـات بتلاوتـه للآيـات الكريمة ( من  دون وجود ما يسـتدعي ذلك ) وطلبـه قطع جلسـة المحكمة أثناء موعـد الصلاة .  .  ألخ  وأن نظامـه كان إسـلاميا . .

    وهنـا تجدر الإشـارة ،  إذا  كان نظام حكم صدام بعـثيا فإنـه لايمكن أن يكون إسـلاميا ، كما يدعـي ، لأن البعـث  بحسـب دسـتوره هو حزب علمانـي يفصـل الدين عن الدولـة ، أما إذا كان نظامه إسـلاميا ، فهـذا يعنـي أنـه لم يكن نظاما بعثيا وإنـما  ( صداميا )  مسـرحيا يحركـه دينـيا وغيـر ديني  كما يحلـو  لـه  .

   حدثـني  سـعد  قاسـم حمـودي  ، وكانت تربطني  بـه علاقـة  صداقـة  جيـدة  ، أن شـقيقه  جعفـر  طرد من حزب البعث الذي كان عضوا في  قيادتـه  القطرية ، ليس كما تـم الترويـج حزبيـا بأمـر من صـدام بأنه كان يمارس  الدروشـة ،  وإنمـا الحقيقـة لأنه كان يتـردد  للصلاة  في مسـاجد للشـيعة   .

    ذات مـرة سـألت إحدى قريبـات طارق عزيز ، لماذا لا يذهب أسـتاذ  طارق  إلى الكنيسـة حتى في أعيـاد  الميلاد والفصح  ، علما أن والدته ( وهي من بخديدا )  وزوجتـه ( يعود أصلها إلى تلكيف )  متدينتـان  ( وهو نزح والده مع جـده  من منطقة جزيرة ابن عمر في تركيا أثناء الحرب العالمية الأولى وسـكن الموصل ) ، فكان جوابها :  يخشـى أن يكتب المغرضون عـنه تقاريـر بأنه يلتـقي رجال الدين المسـيحيين  فيغضب  عليه صدام  . .  وحينئـذ عرفت سـبب عدم أسـتجابته للطلب الذي قدمه لـه البطريرك الراحل بولس  شـيخو لمقابلته عنـدما أصبح وزيرا للأعلام لتهنـئته بنمصـبه ،  وحتى عنـدما تزوجت  ( أحتفظ باسـمها لأنني لم آخذ رأيها في نشـره على رغم الأحترام المتبادل بيننا  ) شـقيقة زوجته فيوليت في كنيسـة القلب الأقدس  ببغـداد  ،  وكنت حاضـرا ، وعلمت  أنه  لم يحضر إلى الكنيسـة للسـبب  ذاتـه .

    وقـد  شـاهدنا جميعـا  ،  بعـد إطاحة  النظام ، في قنـاة العـربية  وغيـرها ،  كيف  كان صـدام خلال الإجتماعـات القياديـة  الحزبية يدعـو إلى  تجنب  الممارسـات الدينيـة  والإبتعـاد  عن  رجال الدين . .  فشـتان ما كان يمارسـه في حكمه تجاه الدين ومـا يدعيـه في المحكمة في ذلـّه من إدعـاءات دينيـة . . والذنب كل الذنب يقـع عـلى المحكمة التي تسـمح لـه بأن يخرج عـن أصول  المحاكمات  إلى حـد إهانتها بإسـم ( ديموقراطية  الفوضـى  الأميركيـة ) . 

    وكمـا شـاهدنا  ما عرضتـه  الفضائيات من أفلام عـن مجون عـدي وقصي ولياليهم الحمـراء ، وأحاديث  أصدقائهما عن الفسـاد الأخلاقي الذي كانا يعيشـانه وتعليـق المشـاهدين عليها  ، فيمكن القـول بجـلاء  (  فـرخ البـط عـوام  ) أي أنهما على سـر والدهـم  .

    ولا حاجة لتكرار ما أصبح معـروفا ومتـداولا لدى المتابعين لصدام وعائلته والذين  كانـوا يحيطون بـهم  ،  من فجـور  وقلة  حيـاء  . . إذ  أن  ( الممثل  المسـرحي )  في  إمكانه تـقمص  أنواع  الأدوار  ،  وما يقـوم  بـه صـدام من إدعاءات هي جزء من حياته المسـرحية  التي قـلما ظاهـاه  فيها أحـد  من غـلاة  الطغـاة  والسـفاكين والفاسـدين ، في  التاريـخ   المعـروف  . 

   فقـد  أخـذ  منذ  حربـه على إيـران في  المزايدات  الدينيـة  على  إيـران والدول الإسـلامية  الأخرى  ، وصار في الداخل يسـتغل  آلام  العراقيين  ولجوءهم  إلى  المؤسـسات الدينية ، بإحداث تغـييرات على المباني الدينية بذريعـة  الإصلاح  ،  لكي  يضع  إسـمه  عليها  مع  ألقابـه  المائـة  التي  بـدا  فيها كأنـه  يريـد  الإتصاف  بصفات  اللـه  عـز  وجل  وأنبيائـه  . .  كما عبث بالتاريخ فجعـل من نفسـه صـنوا لأبطاله ، فمن منشورات وزارة الثـقافة والإعلام ، كراس ( من نبوخذ نصر . . إلى صدام حسـين بابل تنهض من جديد ) وجاء فيه : بابل من جديد . . تنهض عظيمة في زمن عظيم . . وها هو صدام حسين حفيد البابليين ابن هذه الأرض العظيمة يضع بصماته في كل مكان  . . والسـؤال بعـد هذه الفقـرة من الكراس  : إذا كان صدام من ( الأصل النبـوي الشـريف ) كما جاء في شـجرة طلفاح التي نشـرها أمير أسـكندر ، فكيف هو حفيـد البابلييـن ، يا أيـها الدجالون ؟

      ولم يكتف  صـدام  بالعـراق ، بل إمتـدت مزايداته نحو الخارج ، فإذا أقامت دولة  إسـلامية مـا مسـجدا في نيجيريا  أو  باكسـتان  ( كما حصل )  فإذا بصدام  يسـارع لأنشـاء مسـجد في تلك الدولـة أوسـع مسـاحة وأكثر زخرفة  وفنـا وتكاليف ماليـة  ليضع إسـمه  على  واجهته . . مع  لقبـه ( القائد  المناضل  المؤمن التـقي  المنصور  باللـه عبد اللـه صـدام حسـين أدامه اللـه وحفظـه  ورعـاه  )  . . أما رشـاوى صدام فحدث عنها ولا حرج ، ومن أمثالها ، مليار دولار ( أجل مليار دولار فقط ) هدية إلى زامبيـا أثناء حرب صدام على إيران ، إحتراما  للدعم الذي كان يتلقـاه من  صديقه رئيسـها أنئـذ كاونـدا ، حتى كتب مرة صباح سـلمان (  وهو صديقي جدا فقـد كانت بدايته الإعلامية  لسـنوات عدة في جريدة الثورة ، وكان فترة طويلة مديرا لمكتب صدام الإعلامي )  عن رشـاوى صدام فقال : إن لا أحد يعطي مثل صـدام حين يعطي ولا أحد يضرب مثـله حين يضـرب . .

     وأليس  من الهازل أن يعلن صدام بعـد وفاة ميشـيل عفلق ، أنه شـهر إسـلامه أمامه   وطلب منه أن يجعل  إسـمه ( أحمد ميشـيل عفلق )   .  .  فهل كان صعبا على عفلق أن يشـهر إسـلامه وهو حـي يرزق ؟ وهل كان يوجد ما يمنع عفلق عن ذلك إذا شـاءه بقـناعته ؟  . . إذن الأمر كله لا ينفصل عن مسرحيات صدام . .

    حدثني رئيس قسـم المنوعات في التلفزيون العراقي في حينه ( وهو صديقي وأحتـفظ بإسـمه لأنه قد لايكون راغبا في ذكره إعلاميا ) بأنه تـم سـجن المخرج الذي أشـرف على تصوير جنازة ميشـيل عفلـق مدة  سـنة ، لأنه عرض في التلفزيون صورة إبن عفلق ( نسيت إسمه ) الذي شارك التشـييع في بغداد ، وهو يرسـم إشـارة الصليب على وجهه وعلى جثمان والده حين كان يودعـــه إلى القـبر  .

     أمـا ما نـراه في ( ما يسـمى بالعلم العراقي ) من كتابة ( اللـه أكبر ) فقـد  أدخلها صدام ، ضمن مجال مزايداته وصرعاته مع أعلام الدول الإسـلامية التي تحتوي  أعلامها وشـعاراتها على رموز دينيـة مثـل إيران  والسـعودية وأفغانسـتان . .  ، لكن اللافت أن الطائفيين ، بمـن فيهم الذين  شـردهم صدام ، هـم يصـرون على إسـتمرار بقـاء هذا العلم  الذي لا إرتبـاط لـه بالعراق والعراقيين ، وذلك فقـط لوجود فيه عبارة ( اللـه أكبر ) . . وشـخصيا أنا منسـجم كليـا مع رأي السـيد مسـعود البارزاني بـأن صدام إرتكب كل جرائمه وحماقاته رافعـا هـذا العلم ، ولـذا أصبح نشـازا لا يجوز الإعـتراف بـه أو العمل في ظلـه . .  وأدعـو ـ على الأقـل ـ كل مسـيحي إلى  تجنبه وإهماله  ـ بقـدر الإمكان ـ مـع كل مـا أهمل من شـرور صـدام وعـدم الإنسـياق إلى مكـر الطائفيين .

        رأيت صدام مرات عـدة ، لكن كان أبرزها  أواخر عام 1979 حين كنت عضوا في لجنة العلاقات الخارجية لنقابة الصحافيين العراقيين ، وكنت مشـرفا على  مؤتمر صحفيي دول عدم الإنحياز المنعـقد في بغـداد ورافـقت الصحافيين المشـتركين فيه خلال لقائهم بصدام  ودعوة  العشـاء التي أقامها لهم في القصر الجمهوري ، ولي صورة وهو يتحدث معي ، ونقل التلفزيون ضمن إستـقبال صدام للصحافيين حديثه معي وهو يكرر هل أنت بحاجة إلى شئ ما ،  وكان جوابي ديبلوماسيا : سلامتـك سيدي ، فرد علي : متى أحتجت أكتب لي ، فأجبته : شـكرا سـيدي . . وعندما عـدت بعد أيام إلى عملي في جريدة الثورة قال لي زملائي : غريب أمرك هو يريد أن يعطيك وأنت ترفض . .

    وعندما جاء صدام  إلى بيتنا في تللسقف عام 1989 ( أنا كنت في يوغوسـلافيا )  فإن  طائراته الهليوكبتر هبطت أمام دارنا ودخله مباشرة من دون أن يذهب إلى أي مكان آخر قبله أو بعد خروجه منـه ، ما يعني أنه جاء خصيصا إلى منزلنا ، وبقي يتحدث مع والدتي وأخي متي وبقية أفراد العائلة الموجودين نحو ثلاثة أرباع السـاعة ، وبـدا متجهـما ويبدو أن سـبب ذلك أمرين : الأول أنه لم تكن صورته موجودة في الغرفة التي دخلها وجلس فيها  وكانت خاصة  بوالدتي وهذا مالـم يكن يتصوره كما هو معلوم  عنـه أن تكون غرفة واسـعة في بيت عراقي خاليـة من صورته  .  . 

       والسـبب الثاني أن أخي لطيف كان في حينه محكوما عليه بالسـجن المؤبد لأسـباب سـياسية ـ ويبدو أنه كان يعلم بذلك لأنه ليس معـقولا أن يدخل صدام بيتا ولا يعرف كل شـئ عنه مقـدما ، خصوصا أنه أشـر إلى صورتي المعلقة  على الحائط وقال أنه يعرفني ـ ولذا كان المرجح أنه جاء لترجوه والدتي الأفراج عن لطيف ويأمر بالأفراج عنه فورا  كما كان يفعل في كثير من زياراته لبيوت العراقيين لأسـتغلاله في الدعاية ( لإنسـانيته . . ) والحقيقة أن والدتي رحمها اللـه كانت بشـوق إلى الإفراج عن إبنها ، ولكن لطيف كان يحذرنا بحزم في كل مواجهاتنا معه في السـجن من تـقديم أي طلب إسـترحام للإفراج عنه وكان يقول إذا قدمتم طلبا سـأرفضه ، وهذا هو السـبب الذي جعل والدتي وأهلي لايذكرون أمامه إسـم لطيف ، على رغم تكراره لوالدته إذا كانت لديها مشـكلة مـا .   

ــــــــــــــــ
       للموضـوع بقيـة و يتـناول ( المخـادع  الجعفـري ) وسـيليه نشـره .

75
ما حقيقة إختلافات المسيحيين في تواريخ الأعياد ؟

جميـل روفائيــل
ـــــــــــــــــ

     قد يتراءى للوهلة الأولى أن هذا الموضوع ليس في مجال إهتماماتي الوحدوية لشـعبنا  ، ولكنه في الحقيقـة ليس منفصلا عنهـا ، نظرا للإختلافات الموجودة  في مناسـبات الأعياد الدينية لطوائف شـعبنا ، والقصد منه هـو  التأكيـد على أن هذه الإختلافات لا تشـكل تفرقة دينية أو طائفية أو مناطقية ، لأنها قائمة على تباينات في التـقاويم التي تسـتند عليها مواعيد المناسـبات الدينيـة  ، بدليل وجود كنائس أرثوذكسـية رئيسـية عالمية ، منها البلغـارية واليونانية تـتـفق مع الكنائس الكاثوليكية والبروتسـتانتية  في مواعيد  تواريخ مناسـباتها الدينيـة إلى حـد كبيـر  .

    ولنأخذ  مثالا لهذه الأختلافات مناسـبة  رأس السـنة لأنها تشـكل الأسـاس الذي تبنى عليه مواعيد كل المناسـبات الدينيـة ، فإن قضيـة الأختلاف تحصل بسـبب  تأخر رأس السـنة لبعض  الكنائس بثلاثـة عشـر يوما عـن التـقويم الميلادي الشـمسي المتبـع عالميا  في الوقت الراهـن .

   من المعلوم تاريخيا وعلميا ، أن  التـقويم الشـمسي يمثـل دورة كاملة للأرض  حول الشمس  ، وقد إبتكر  البابليون والفراعنة هذا التـقويم  أصلا  ، وبعـد التطور الذي حصل على العلوم الفلكية في زمن الرومان ومعـرفة أن الأرض تـقطع مسـارها السـنوي  بحوالي  365   يوما وربع اليوم ، قام الفلكيون في عهـد القيصـر الروماني  يوليوس حوالي عام 45  قبل الميلاد بتصحيح  التـقويم الذي وصلهم خصوصا ما يتعلق بربع اليوم ، وقرروا أن تكون كل ثلاث سـنوات متـتالية 365   يوما وسـميت بسـيطة  بينما تكون الرابعة 366  يوما  وسـميت كبـيسـة ، وأطلـقـوا على التـقويم بعـد التـصحيح تسـمية ( الرومي )   أو ( اليوليوسـي )  أو  (  اليوليانـي )  نسـبة إلى يوليـوس  قيصر ، وسـاد هذا التـقويم في معظم أنحاء العـالم وتبـنته المسـيحية وأعتـبرت بدايـته مع سـنة  ميلاد السـيد  المسـيح ( كما كان معروفا ) ،  وأخذت به لتحديد مناسـباتها  ، سـواء قبل الإنقسـامات المذهبية  أو  بعـدها .
 
    لكنـه تبيـن في القـرن السـادس عشـر وجود خطـأ  فلكي  بسـيط مدته  13 يوما  في  التـقويم  اليوليوسـي ، تراكم  إعتبارا منذ العمل بالتاريخ الميلادي ، بسـبب  فائض ثلاثـة دقائـق  في كل سـنة لـم يكـن أدركـها الفلكـيون الذين وضعـوا التـقويم القديـم ( اليوليوسي ) بسبب عـدم الدقة الكافية في وسـائل القياسات التي كانت متوفرة في وقـتهم ، ويعـود  سـببه إلى أن فتـرة 365  يوما وربع اليوم هي أكبر قليلا من الفترة  الحقيقـية  لدوران الأرض  حول الشـمس وأنه ينبغـي  معالجة ذلك بالحسـابات الفلكية الدقيقـة ، وتـقرر  أن لا تعـد السـنوات  القـرنية  ، أي  التي تنتهي  ب  100  مثل  1600  و  1700  و1800  و1900 . . . ألخ  كبيسـة  ( بعدم جعل شهر شـباط ـ فبراير فيها  29  يوما وإنما 28 يوما كما هي حاله في السـنوات البسـيطة )  إلا  ما يقبـبل منها القسـمة على 400  مثل  2000  فتعـد  كبيسـة  وذلك لتلافي الخطأ  الزمني البسـيط  .
 
      وكانت الأعياد والمناسـبات الدينيـة المسـيحية حتى وقت إصلاح التـقويم (  أي حتى القرن السـادس عشـر ) في يوم وتاريخ واحد ، وذلك على رغـم عـنف الإنقـسـامات الطائفية  ، ما يعـني أن مواعيد المناسـبات المسـيحية  لـم  تتـأثر بالصراعـات المذهبية وتفسـيرات الأمـور  الدينيـة .

      وتـقرر في حينـه  أن يتولى البابا  غـريغوريوس الثالث عشـر في عام 1582  حذف  الفرق ، وهو 13 يوما ،  الذي حصل عن 1582 سـنة  مضت منذ  بدء التـقويم محسـوبا على ميلاد السيد المسـيح وإتخاذ الأول من كانون الثاني ( ينايـر ) رأسـا للسـنة ،  ومواصلة إتباع قاعدة المعالجة المئوية الجديدة  للسـنين  مسـتـقبلا  ، وألغيت تسـمية التـقويم التي كانت مسـتخدمة ، أي ( الرومي واليوليوسـي واليولياني  ) وأطلق على التـقويم الناتج عن هذا  التصحيح  إسـم (  الغريغـوري  ) نسـبة إلى  البابا غريغـوريوس .

     ونتيجـة  لحذف هذا الخطأ  الفلكـي ، صـار التـقويم الغريغـوري متـقدما على اليوليوسـي ثلاثـة عشـر يوما ، وبسـبب الأوضاع الدينيـة المسـيحية السـائدة آنئـذ وعـم إسـتشارة البابـا رؤسـاء الكنائس غير  الكاثوليكية  بأسـباب التغيـير ، فقـد رفضـت الكنائس الأرثوذكسـية والشرقية غير الكاثوليكية الأخذ  بالتـقويم الغريغوري  ، وظلت ملتـزمة بالتـقويم اليوليوسـي ، وصارت بداية السـنة الأرثوذكسـية ( الشرقية ) بسـبب ذلك متأخرة 13 يوما عن رأس السـنة الكاثوليكية ( الغربية )  وبذلك أصبحت كل المناسـبات الدينية الأرثوذكسـية  ( للطوائف المتمسـكة بالتـقويم اليوليوسـي )  بمـا فـيها أعيـاد الميلاد والدنـح وغيرها ، متأخرة  13 يوما عـن مثيلاتها لدى الكاثوليك ، من دون أي إرتباط لذلك بالقـناعات المذهبيـة  ، إذ أن المناسـبات الدينية لمختلف المذاهب هي نفسـها كما كانت عليه حين كانت موحدة الوقت والأيـام قبل العمل بالتـقويم الغريغوري ، على رغم ما يظهر وكأنه يوجد عيدان للميلاد وعيدان لرأس السـنة وعيـدان للدنح أو العماذ . .

         وهكذا بالنسـبة للمناسـبات الدينية الأخرى ، وإن كان في الحقيقة أن التاريخ واحد ، ولكن مشكلة خطأ 13 يوما التي لا تزال لم تحذف من بعض الحسـابات الزمنية للكنائس  الأرثوذكسية والشرقية ، هي السبب في ذلك ، إذ أن السـابع من كانون الثاني في التـقويم الجديد ( الغريغوري ) هو في التـقويم القديم ( اليوليوسي ) 25 كانون الأول  ( ديسـمبر ) ، وهذا يعني أن العيد هو في التاريخ نفسـه ، وأن الإختلاف هو فقط في نوع  التـقويم المسـتخدم . 

    مثـلا ، عيد الميلاد ، هو في التـقويمين  في 25   كانون الأول ( ديسـمبر ) ولذا فإن  الفرق الذي نراه الآن ليس في العيد وإنما في نوع التـقويم ، إذ أن 25 من هذا الشهر بحسـب اليوليوسي يصادف بعد 13 يوما من موعـده في الغريغـوري ، من دون أن يكون للأمر أي علاقة بالطقوس المذهبية ، بدليل أن كنائس أرثوذكسية في اليونان وبلغاريا ( يدين بها غالبية السـكان ) وغيرهما ، إنتـقلت لتطبيق المناسـبات الدينية بموجب الغريغوري وهي على أرثوذكسيتها الكاملة ، ولـم تلق إعتراضا على هذا الإنتـقال من باقي الكنائس الأرثوذكسية  مثل الروسـية والأوكرانية  والرومانية و الصربية والمقدونية والقبطية  .  .  التي بقيت على التـقويم القديم  ، إذ أن الكل مؤمن أن إختلاف التـقويم لا يسـبب إختلافا في وحدة المناسـبات الدينية بين كل المذاهب المسـيحية  .

عيـد الفصـح
ــــــــ
   وتعـني كلمة الفصح ( النجـاة )  ولا يوجد تاريخ محدد  لعيـد الفصح لدى أي من الأطراف والمذاهب المسـيحية ، لكن مناسـبته تكون عادة  كل عام في أحد أيام الأحد الواقعة بين 22  آذار ( مارس ) و25  نيسـان ( أبريل ) ويرتبط بعيد الفصح العديد من المناسـبات والأعياد الأخرى ، منها : أنه يسـبق بالصوم الكبير الذي يدوم أربعين يوما ، لكن شـكل هذا الصيام وما هـو مطلوب منه للإلتزام بـه ، فإنـه ليس على نهج واحد لـدى كل الطوائف ، فبعضها يلتزم بكل الأيام بصورة متشـددة ، وبعضها  خـفف قليلا أو كثيرا من هذا التـشـدد .

   وموعد عيد الفصح لكل الطوائف المسيحية يكون دائما يوم الأحد ، وهو مرتبط بحصول القمر بدرا في الأسـبوع السـابق له ، من الإثنين إلى السـبت ،   ويحل عيد الفصح ، في بعض السـنوات في يوم واحد لكل الطوائف ، كما حصل قبل سـنتين ، مهما كان نوع التـقويم المسـتخدم ،   فإذا ظهر القمر بدرا بعد إنتهاء 13 يوما التي تشـكل الفرق في التـقويمين ، فإن هذا العيد يكون موحدا ، وتكون كل المناسـبات الدينية المرتبطة بموعده  ، قبله وبعـده ، موحدة أيضا . وبشكل عام ، فإذا ظهر القمر بدرا خلال الفتـرة من 5 إلى 10 نيسـان بحسب التـقويم الجديد ، أي الفترة ما بين 22 و 27 آذار بحسب التـقويم القديم يكون العيد موحدا   ، وهذا يعني أن موعد عيد الفصح يرتبط بأمرين : الظاهرة الفلكية والإختلاف بين التـقويمين القديم والجديد ،  ولهذا فإنه قبل العمل بالتـقويم الجديد كان الإحتفال بعيد الفصح موحدا مهما كان الإنتماء الطائفي والمذهبي .

     وبالنسبة للعام الحالـي ، فإن القمر سـيكون بدرا في 12 نيسـان ( بحسـب الغريغوري ) ما يجعل الأحد الذي يليه يوم 16  نيسـان وهو العيد بموجبه ، في حين سـيكون بالنسبة للطوائف التي تلتزم التـقويم القديم ( اليوليوسي ) بعـد ذلك بأسـبوع أي  في 23  نيسـان .     

   و ترتبط بوقت حلول عيد الفصح ، الأوقـات التي تحدد  لجمعة لعـازر وهي الجمعـة الثانية قبل العيد  ، ولعـازر هو الشـخص الذي كان ميتا وأحياه السـيد المسـيح كما ذكر في الإنجيـل ، وأحد السـعانين وهو الأحد السـابق للعيد ، وكلمة السـعانين مأخـوذة مـن ( هوشيعـنا ) أي ( خلّـصنا ) ولهذا يشـتهر بكلمة ( الشـعانين ) وفي هذا الأسـبوع يوجد خميس الفصح ، وتليه جمعـة الآلام التي تسـمى أيضا الجمعة العظيمة ، ثـم سـبت النور التي تسـبق أحد الفصح .

  ومن الأعياد والمناسبات التي ترتبط بوقت حلول عيد الفصح وتأتي بعده ، جمعة الشهداء المعترفين وهي الجمعة الأولى بعد العيد ، ثم الأحد الجديد وهو يوم الأحد الذي يلي الفصح ، وعيد الصعود الذي يصادف عادة يوم الخميس بعد  40 يوما من أحد الفصح ، وعيد العنصرة ومعناه ( الإجتماع والمحفل ) وهو تذكار حلول الروح القدس على تلاميذ السيد المسيح ويقع بعد عيد الفصح بخمسـين يوما . 

    ويبقى أمر توحيد عيد الفصح ، أسـوة بمتطلبات توحيد المناسـبات والأعياد المسيحية الأخرى ، مرتبطا بإلـتزام التـقويم الجديد الذي تم إستحداثه لتلافي الأخطاء المذهبية التي أثبت التطبيق وجودها ، والتي بمرور الزمن كان يمكن أن تؤثر على الشكل المناخي المرتبط بتلك المناسبات ، مثلا عيد ميلاد السيد المسيح المرتبط بوقت سقوط الثلج والبرد ، كان سيتحول إلى الربيع وحتى إلى الصيف بمرور الزمن لو إسـتمر العمل بالتـقويم القديم ، وهذا كان سـيتعارض  مع ما هـو مذكور دينيا في الإنجيل  بالنسـبة لحصول هذه المناسـبات  في واقعها الأصلـي  . [/b]

76
سـهل  نيـنـوى  .  .
التـاريخ والحـب والمسـتـقبل
ــــــــــــــــــــ
جميــل  روفـائيـل
ــــــــــــ

    السـهل في اللغـة ، يعـني : أرضا  ممتـدة ومسـتوية  السـطح  ، لكن معـناها الجغـرافي ( سـهل نيـنوى ) لشـعبنا ( الكلداني الآشـوري السرياني ) يشـكل الأرض  الممتـدة على هيـأة  مثلث  متسـاوي  السـاقين ، زاويتـه  السـفلى في  مدينة نيـنوى وضلعـه الأعلى حيث بدايـة المنطقـة المصطلح عليها أعالي بين النهـرين في جنـوب تركيـا . .

    هـذه البقـعة الجغـرافية ، هي مركـز أرض الحضارة الآشـورية وموطـن شـعبنا بكافـة مسـمياته الراهنـة ، منـذ  بدأت السـكنى في هـذه الديـار بالإسـتـقرار ، شـعـوبا ومـدنا وعـملا . . وهي أيضـا موطن إنطلاق الفكـر السـرياني وصـيانته ،  والحصن المنيـع  الباقـي  لشـعـبنا  حتى اليـوم . .

    ولأنـنا نتجنب الصراعات ولا نقـبل بعمليات التطهير والتهجير ومآسـي التعـديلات السـكانية المضـنية  لـما هو أبعـد  من حياة جيلنا الحالي  ، لـذا نحن في غـنى  عـن دعـاوى إسـترجاع  الحقـوق على  أسـس الأمجاد  الجغـرافية والترتيـبات  التاريخية  ، لأنـنا نريد السـلام والأمن والعيـش بوئـام لنـا ولغـيرنا  من جيرانـنا  على حـد سـواء .

   وإزاء هـذا الموقـف الراسخ الذي أرتضـيناه بتجنب كل صـراع مع غـيرنا ، فإنـنا نلتـزم الواقع الذي أفرزتـه التطورات التي شهدها سـهل نيـنوى وما أسـفرت من تغـييرات وتعـديلات ( ديموغرافية ) على رغـم ما ألحقـته من ضرر جسـيم بشـعـبنا . . لكننا بكل حزم من حقـنا أن نصـون ما أبـى أجدادنا وآباؤنـا الأشـاوس التخلي عـنه مـما ورثـوه من ديار في هذا السـهل الكريم ، وتمسـكوا به  بأبـاة عرق جبينهم ومعـاولهم وأفكارهـم  وحافظـوا عليه  بدمائهـم  الزكية  .

أخطـاء كثيـرة
ـــــــــ

    لا شـك أن الأوضـاع التي أحاطت بشـعـبنا منذ  نهاية الحرب العـالمية الأولى إكتـنفـتها أخطاء كثيرة في العديد من الأوقات الحاسـمة ، كان سـببها  الرئيسـي عـدم تحكيم  العـقل بصورة سـليمة في التعـامل مع الواقع  وتـفهـم ظروفه وحسـبان نتائج  تحركاتـه ، وأن الإشـارة إليـها راهنـا لا تعـني البكاء والنحيب والتوجـع على ( ملك مضـاع ) و ( جـرّ  الحسـرات على مـاض ذهب ولـن يعـود ) أو السـعي إلى الإنتـقام والولـوج في متاهـات جديـدة  ،  وإنـما جعـلها عـبرة لتجنب الإقـدام على مثلهـا ومـا آلـت إليـه من خسـارة ومحـن وتشـرد  .

     وعـند الإمعـان في تلك الأخطاء ،  نجـد أن مسـؤوليتها تـقع حصرا على السـياسيين ورجـال الديـن . . وللتوضيح نقـول ، مثلا :  إن حركة 33  على رغـم مشـروعيتها  ،  فإن قيادتها لم تدرس الواقع غـير المتوازن الذي أوقعـت فيـه شـعبنا ، ولذا  فإن  ملابسـاتها  قـد إسـتغـلتها قـوى حاقـدة على شـعبنا وكانت نتائجها أول ضربة مؤلمة لشـعبنا في عصره الحديث لـما آلت إليه من تشـريد وفـقدان أراض  وممتلكات بـدل الإستـقرار الذي كان شـعبنا يهـدف إليه في ذلك الوقت مع ترتيبات العراق الجديـد .

     أمـا رجال الدين ، والمقصـود هنـا الرؤسـاء الكبار ، فإنـهم لـم يلتـزموا ( الحياة الرعائيـة ) وتخلوا عن صفـة ( راع مسـؤول عن الرعيـة ) وتركوا سـهل نينـوى  وانتـقلوا  حيث  طاب لهـم المقـام  ،  في أميركا أو بغداد ، وجعـلوا أبناء طوائفهم في حيرة من أمـرهم يخيـم عليـهم الإحبـاط  ، ولـم يراعـوا حكمـة ( كبير القـوم قـدوتهم  )   .

    نعـم . . ونعـم ، إن ما قاسـاه شـعبنا من ويلات  النظام البعثي المبـاد كان شـديد الوطأة  .  .  لكننا ما دمنـا نريد  العبـرة فإننا لن نحصل عليها من خلال الشـكوى  مـما   إرتكبه الآخرون بحقـنا من آثـام ، وإنـما نسـتفيد  منها بمحاسـبة أنفسـنا ذاتيا . . فـقد  آثـر قادة كنائسـنا الرحيل حيث المقـام المريح لهم ولمؤسـساتهم وبـما فيه الأديرة ودور الأيتام والمدارس الدينية ، رافضين الصمود حيث تـقتضي الحـال وأسـتخدام ما يمكنهم من نفـوذ لمنع ( الذئاب ) من العبث بالرعية التي لم يجد قسـم كبير منها من ملاذ غيـر الفـرار أسـوة ( بالراعـي )  غير المهتم بمهماتـه .

      نحـن ، في هـذا المجال لا نريد أن نشـخص بذكر الأسـماء والمناصب ، وإن كان في مقـدورنا ذلك بكل سـهولة ، لأننا في غـنى عن  الدخـول في سـجال الذرائع  في هذا الوقت العصيب  مع الذين لايزالون يتمسـكون بلقب ( أولي الأمر ) ويتحركون من بحبوحـة نفوذهم   في باحـة أخطائهم وبما يرضي أهواءهم ناسـين أو متناسين أو بالأحرى غـير مبالين من تذمر شـكوى الرعية بما آلت إليه الأمور من معـاناة ، وكأن حالهم يقـول : هذا ما نحن عليه شـئتم أم أبيتـم (  وليكن من بـعدنا الخـراب  ) .

ديـار الغـربة
ـــــــــ

   وللوضـوح نقـول  نحن الشعب ، أجل الشـعب وليس دائما الرعية : إن  ديار الغربة خارج العـراق هي طريق الفناء لشـعبنا ومقوماته وبما فيه موروثاته الدينية المتميزة ، وأما  بغداد  فلم تعـد  "  مركز الجثالقة بطاركة كنيسة المشرق "  بشـكل آمن  كما كانت حتى عهد الخليفة الحكيم ( المأمون ) لأن حال المسيحيين فيها صارت في مـد  وجـزر بحسـب أهواء الحكام الأجانب الذين هيمنـوا على الأمور منذ صار ( المعتصم ) خليفة ، فكان النزوح الى سهل نينوى هو المعقـل الرحب لشـعبنا . . شـعب السهل الأبي الذي ظـل عصيا على شـابور بن هرمزد الملقب  ( بذي الأكتاف )  ونادر شـاه ( طهماسب ) والظالمين من الولاة العثمانيين  .

    ومـا أشـبه اليوم بالأمس ، حيث تتصاعد شرور الحقـد الطائفي والعنصري على شـعبنا  ،  ما يتطلب التخلي عن مظاهر الكبرياء الجوفـاء والإسـراع في حمل الصوالـج  (  الصولجان ) والمقـار والكنائس والأديرة والمدارس . . والرجوع بهـا الى حيث ديارها الأصيلة التي ولدت  فيها وبرزت في ربوعها ، ديار سـهل  نينوى  الشـماء ، والتـركز فيها وبذل كل ما في المسـتطاع من جهـد  لإعادة رونق الجزء الذي لا يزال ملكا لشـعبنا ، من أجل إصلاح ما هدمته عـواتي الزمان فيه ، سـكانيا  وأجتماعيا وعمرانيا وإقتصاديا وجلالا أخلاقيا تراثيا وديـنيا ( بعيدا عـن الطائفية المذهبية التي ما نزال نتجرع  كأس علقمها )  .

   في هـذا المجال ، يمكنني أن أورد مثالا البطركية المارونية في لبنـان التي إختارت مقامها دائما  حيث تتجمع رعيـتها  ، إذ أن مقرها ( قصرها ) الشـتوي هـو في بلدة بكـركي ( قضاء كسـروان ) 25 كيلومترا عن بيروت  ، وقصـرها الصيفي في بلدة ديمـان ( قضاء بشـري ) 106 كيلومترا عن بيروت ، وقد زرت شـخصيا المقـرين نهاية عام 2002  ووقفت على حكمة هذا الإختيار ، وأعلمني المسؤولون في المقـرين أن غبطة البطريرك صـفير نادرا  جدا ما يذهب إلى بيروت وإن حصل ذلك فلن يزيد على سـاعات عـدة ، ومع أن مسافة المقـرين قد تبدو قريبة من العاصمة لكنها عند المقارنة بالمساحة الصغيرة للبنان يتبين لنا بعـدها قياسـا بمساحة العراق . . فهل يمكن لرؤسـاء طوائفنا المسـيحية في العراق أن يقـتدوا بالبطريركية المارونية ؟! والحقيقة أن هذا النهج لا يقتصر على البطريركية المارونية وإنما يشـمل مقـرات كل الطوائف المسيحية وغير المسيحيـة في لبنـان .

      ويتوهم من يتصور أن مناطق  سـهل نينوى التي لا تزال ديارا لشـعبنا ، لن تمنح حياة الرفاهية  والسـعادة والعيش لأضعـاف من هم فيها الآن . . فهي أرض  معطـاء زراعـة ومشـاريع إقتصادية وسـياحية متنوعـة  ،  إذا  حظيـت  بالعـناية  اللازمـة  لهـا . . حتى أن أحـد الأقتصاديين وصف خيرات هذا السـهل  الخصيب  بأنـها (  بئـر النـفط  الذي لا ينضـب ) .

التدمير المتعـمد
ـــــــــ

     لقـد  عـمل النظام الصـدامي ومـن نـفذوا أوامـره على تدميـر وجود  شـعبنا في هـذا السـهل ، فدمـروا المئات من أفضـل قـراه وشـردوا سـكانها في أرجـاء  الدنيـا في أسـوأ  عمليـة  منظمـة حكوميـة للتطهيـر العـرقي وشـجعوا الغـرباء  للإسـتيطان فيـها ، وأمـا في غيرها من   قـرى  شـعـبنا  التي نجـت من التدميـر  ، فـقد  وزعـوا أراضـيها   الأميرية  على مرتـزقة جاءوا بهـم من أماكن بعـيدة ليسـكنوها  ويعيـثوا فيها  فسـادا ويـغـيروا  طبيعـتها الإجتماعيـة المتـوارثة ، ولم يكتفـوا بذلك وإنـما إمتـد غضـبهم للقضـاء على إقتصـادها الزراعي المناسـب لطبيعـة  أراضيها ،  فأزالـوا البيـادر  والمراعـي  والأراضي الزراعيـة القريبـة من  مراكز السـكنى  في القـرى  ، مـا جعـل الحياة فيها تـقتصر على الوظائف  الحكومية  ،   وهنا تجلت المصيبة الكبرى لأن  الوظائف لا يمكن أن تسـتوعب كل السـكان  وليسـت  وسـيلة  للإسـتـقـرار  ، فأصبحت  الهجرة أمرا  حتميـا امام الذين ليسـوا موظفيـن لأنه لـم  يبـق لهم من مصـدر للعيش  الذي كانت الزراعـة عـماده  الرئيسـي ،  وبخديدا وكرمليس وبرطلة وعـنكاوا وتلكيف وباطنايا وباقوفـة  وتللسـقف وألقـوش خيـر مثال على ذلـك  وغيـض  من فيـض ما حصـل .

   وبصـورة عـامة  ، فإن هذا السهل ، قـد عـانى التدمير المتـعمد  وتغـيير الهوية على مدى معظم القـرن الماضي ، سـواء من الحكام الظالمين أو نتيجة القـتال والظروف الإسـتثنائية التي مـرت بـها المنطقـة ، وعـانى أيضا الإهمال من المتنـفذين والأثرياء من أبنـاء شـعبنا . . وإنـه لمن المؤلـم أن نرى التسـابق خارج العـراق من أجل  دعـم  تشـكيل الأحزاب وتأسـيس فروعـها وجمع الأموال لهـا وللرئاسـات الدينية في بغداد ، في حين لم نسـمع بجمعية ذات شـأن لمسـاعدة أهل سـهل نينوى والعائدين إليه وإعـماره وإقامة المشـاريع فيه ، حتـى أن  سـكان قرية ( عـين بقرة ) جنوب شرقي ألقوش الذين أقاموا فيها وزرعـوا أراضيها  منذ أكثر من سبعين سـنة ،  كانوا قبل فترة أطلقوا نداء إسـتغاثة لمـساعدتهم في جمع حوالي  سبعمائة ألف دولار كي يشـتروا أراضي قريتهم البالغـة 1740  دونما ، تجنبا لتشـريدهم بعدما قرر مالكها بيعـها ، ولا أدري إن كان المتمكنون مالـيا في خارج العراق ، قـد أثـر فيهم النداء وحـرك ضمائرهـم  وأسـتجابوا لـه وأنقـذوا أهل ( عين بقـرة ) أم أن العيون والآذان لم تـر أو تسـمع لمثـل هذا العمل الجليل  ،    لأن  الأيـادي  (  السـخية  )  ظلـت ممـدودة نحـو تأجيـج  الصـراع الحـزبي  والإهتـمام (  بوظيفـة  )  تأسـيس  التنظيمات  السـياسية  ودعـم  وسـائلها لتشـتيت شـعبنا وتناحـره ، وكأنـه لـم تعـد  تكفيـه  إنقسـاماته الطائفيـة الدينيـة ولا بـد مـن المـزيد المزيـد   .  .  وحتى  أن   الذين   يتحدثـون في وسـائل الإعـلام ويكتـبون في المواقـع  فـقد أصبح  همهـم تأيـيد  هذا الحزب  أو  ذاك  ،  ونادرا  مـا نجـد من يكتب بما يفـيد  شـعبنا في إسـتمرار حياتـه في  سـهل  نيـنوى ووسـائل  تحقيـق  هـذا البقـاء . 

    ومـن حق  كل  غيـور على إصـالة  شـعبنا وحيـاته  في  ديـاره  أن  يقـول   : يا أهـل شـعبنا خارج العراق  ( مهـما كانت مسـمياتكم ، آشـوريون كلدان سريان . . ألخ )  كونوا عـند حدود المسـؤولية التاريخية  لنـا  جميعـا  ، وأتركوا ( الأساليب المتطرفة التي تزيد الجروح إيلاما  من دون أن تجدي نفعـا ) مثـل شـعارات : إنقـاذ الأرض المحتلة وتحرير الوطن . . ألخ التي تحتويها قصاصات الأوراق  الجوفاء وصيحات الوهم وحسابات الخيال ومزايدات الطائفية والعشائرية والـتنابز بمسميات التنظيمات السياسية . . فإذا كنتم حريصين حقـا على مجـد نينوى وأرض سـهلها ، إجمعـوا شـملكم وأرجعـوا إليها أو على الأقل سـاهموا في بقائها موطنا لشـعبنا وديـارا لرسـوخ أهلنا فيها . . هذا هو السـبيل القويم يا أولـي الألباب ، وما عـداه فهو التهرب من المسؤولية باللهـاث وراء سـراب  التـذرع  بالسـياسـة  والتشـبث بإدعـات الديـن نفـاقا  .

متى نحـدد عاصمتـنا ؟
ــــــــــــ

    جميعنا نعلم ، أن كل قوم في عراقنا الحبيب قـد حـدد  عاصمته بأعتبارها رمزا إرتكازيا له ، بمن فيهم الأخوة الإيزيدية الذين يشيرون إلى أنها بالنسبة لهم بلدة ( باعـذرة ) أما نحن فلم نحـدد  حتى اليوم أي بلدة بإعتبارها عاصمة شـعبنا  ، هل هي عنكاوا أم بخديدا أم ألقوش أم . . ؟  أليس  من حقـنا أن تكون لنا عاصمة نتحرك منها لتوزيع مؤسـساتنا الدينية والأجتماعية في بلداتنا وقرانا ونقـول :  إننا شـعب سهل نينوى وعاصمته . . .  أما من يعـتقد  بأن شـيكاغو أو سـان دييـغو  أو  ديترويت أو كنـدا أو أسـتراليا أو أي دولة  أو  مدينـة  أوروبيـة  يمكن أن تكون بديـلا  عـن أي قريـة في  سـهل نيـنوى فهـو  على  أشـد  الضـلال وعـدم  الصـواب . 

       ولكن يبدو أن هذا الأمر ، كما هي حال ضرورة ( المنطقة الجغرافية الإدارية ـ محافظة ) نادرا ما يفكر بها أحد ، لأنهم ( الكبار ) يتشـبثون ببغداد  كما هي حال الرؤسـاء الدينـيين الذين يجدون في بغداد ( عاصمة العراق ) أبهتـهم وسـطوع مظاهرهم  وتصـويرهم  بجانب  الحكـام . . وكما هي  أيضـا  حال زعامات الأحزاب والتنظيمات الإجتماعية التي تجد من بغداد وتملقاتها وإرتماءاتها متسـلقا لها نحو الكراسي العالية والمناصب الباذخة التي غالبيتها ( الزعامات ) أحدقت نحوها منذ شكلت تنظيماتها التي لـم نـر حتى الآن إنجازا لها غـير إثارة المزيد من الصراعات والتشتيت لشـعبنا ، قوميا وإجتماعيا ودينيا .

   إنـها اليوم ، مرحلة التـفكير بعـقلانية ورؤية سـديدة لما ينبغي أن يكون عليه الجهد  الصالح والعمل المثمر . . فسـهل نينوى هو محك الإمتحان ، إنه ينتظر جمعيات تـُعنى بالعودة إليه وإعماره وتنفيذ  مشاريع زراعية وإروائية وحيوانية وسـمكية وصناعية وسـياحية فيـه . . وهنا مكمـن الوفـاء لهذه الأرض ، وفـاء الأفعـال الباقيـة  مع كل خلـود  وليس الأقـوال  الزائلة مع فوضـى الأحـزاب والمظاهـر الوقـتية  ، نعم الأفعـال ثـم الأفعال . . وصولا إلى النتائج التي توفـر الشـموخ والرسـوخ والحفاظ على الشـعب والأمجـاد . . في الأرض  الكريمـة  لهذا السـهل دون سـواها  .  .  وإذا ضـاع  السـهل  أيضـا  مـع  مـا  ضـاع    وصـار مسـتحيلا الحصـول  عليـه  وإسـترجاعـه ،  فـإن  الجميــع   سـيندم  ولكـن بعـد  فـوات الأوان  ولات  سـاعة  منـدم     . [/b] [/size][/font]

77

قوائم شعبنا : أسماء رائعة ، وزومايا واليوسفي والطوائف
ــــــــــــــــــــــ
جميـل  روفائيــل
ـــــــــــ

      رغم  طبيعـتي  المتـفائلة  ومحاولاتي أن أرى الورود من دون أشـواكها . .   كثيرا ما ضحكت وتألمـت هذه الأيـام وأنا أتابـع ما يجري داخل شـعبنا  (  الكـلداني الآشـوري السـرياني . . ألخ من التسـميات الإنـفرادية التي فرضت علينا وراثيا أو عاطفيا )  من مواقف إنتخابية  نادرا ما نجـد  فيها  الكلمة الصادقة تجـاه وحـدة شـعبنا ومصيره . .  ، منها ما يدعـو إلى الطائفية وأخرى إلى الوحـدة المصلحية وغيرها يمجد قائمة لا عـلاقة لشـعـبنا بها سـوى وجـود إسـم شخص ( وصـولي ) يبحث عـن جـاه كرسـي وثـير في البرلمـان ولا يهمـه من هي القائمـة التي ( سـتجعله مسـمارا تسـتـغله لتحقيق نواياها )  .  . أليسـت هذه وغـيرها مضحكات مبكيـات . . وشـر الشـدائد ما يضحـك . . وشـر الناس من لا يبـالي أن يـراه النـاس مسـيئا .

قوائم ليت  أسـماءها الرائعـة دائمة
ــــــــــ

    لنـتناقش  ونتسـاءل  . . من بيـن القـوائم (  اللـملوم التي تضـم تنظيمـات من معـاناة تشـتت  شـعبنا )  قائمة النهـرين وطني  (  إسـم رائع جدا جدا ) وتضم تنظيمـات ذات أسـماء وأفعـال  ( طائفية كلدانية وآشـورية ـ آثـورية  وسـريانية ) ويروج المروجـون لهـا على أنـها " قائمة وحدتـنا القومية التي سـتناضل من أجل حقوقنـا القوميـة المشـروعة  " . .  والسـؤال : إذا كانت أحزاب هذه القائمـة ( دعـاة الوحدة والحقـوق ) فلماذا لا تترك تنظيماتها ( أسـماءها غير الوحدوية ) وتنـدمج في تنظيم يحمل إسـم ( النهرين وطني ) وحيـنئذ سـنبارك هذا التنظيم ، ونقـول " إنـه يضـم كل أطياف شـعبنا ومسـمياته ، وهو بإسـم لا علاقة لـه بالطائفية والمناطقية والعشـائرية  " ؟ .

   وقائمة أخرى ، تحمل إسـم "  الرافدين الوطنية " وهو إسـم رائع جدا  ، ومع أن  التنظيمين اللذين يشـكلان هذه القائمة وقـفا دائما مع الوحدة وسـعـيا من أجلها ، ولكن  ليت أنهما يندمجـان في تنظيم واحد بإسـم ( الرافدين وطني )  يكون  بوضوح  تنظيما  يجمع حوله كل الوحديين  و مثـالا يـقتدى بـه في رفع لـواء هدف شـعبنا الأسـمى وهو ترسـيخ الوحدة  القائمـة فعـلا لدى القطاع الأوسـع في شـعبنا . 

    قوائم إنتخابية أخرى  ،  تحمل أو تروج  لأسـماء إنفـرادية  آشورية ـ آثورية وكلدانية  وسـريانية وسـورايي  . .  ولكنها تدعي أنها تعمل من أجل وحدة شـعبنا ، فهل يمكن أن يصـدق أحد هذا الإدعـاء إلاّ  إذا آمنـا بنـفاق الوحدة الإحتوائية . . أي أن الكلداني  يعتبر كل مسـيحي ( أو على الأقل الذي يتكلم السريانية ـ السـورث )  هو كلداني القومية ، والأمر نفسـه في الإعـتبار بالنسـبة للآشـوري ـ الآثـوري والسـرياني والآرامي  والسريايي  . . ألخ

السـيدة زومايـا والآلوسـي
ــــــــــــــ

    وكمثـال على هذا الإدعـاء ، ما نجـده جليـا في تصريحات السـيدة  جاكلين زومايـا ( وما كنت أشـير إليها كمثال لولا  نشـرها  في عنكاوا كوم والتي من حقي وحق أي شـخص آخر أن يبدي رأيه فيها تأييدا أو رفضا ) بأنها والذين يجارونها في رأيها هم وحدهم الذين ليسـوا السبب " في تقسـيم وتمزيق الوحدة التاريخية لهذا الشـعب "   وشـخصيا  لا إعـتراض لي على رأيها خصوصا أنني  كنت أعلنت إلتـزامي أي إسـم وحدي متـفق عليه من غالبيـة شـعبنا بكافة مسـمياته وأن أدونه  في الإحصاء  السـكاني وإن لم أسـتطع ذلك  بسـبب  تأثيرات الطائفيين والعنصريين ورجال الدين داخل شـعبنا وخارجه فإنـني سـأسـجل قوميتي ( آشـوري ) وأنا كنت دائما ولازلـت وسـأبقى على هـذا الموقف لأنـني لسـت من أولئك السـياسـيين ورؤسـاء الطوائف الدينيـة وغيـرهم  الذين يميلـون ويتـقلبون بين سـاعة وآخرى ذهـابا وإيـابا   مع إتجاهـات الرياح والمصالح  . . أو يجـارون  أسـلوب (  المرجعـيات غير  المسـيحية ) في تشـديد  ظلاميـة  التفرقة الدينيـة والطائفـية  جماهيـريا  وسـياسـيا .

    أؤكـد تـقديري وأحتـرامي ( للإنتبـاه الذي تجلبـه منذ  الوهلة الأولى الإناقـة المميزة . . . التي تنفرد بها السـيدة  جاكلين  )  والتي تظهر واضحة من خلال  صورها الثلاث بإناقـة مختلفـة المنشـورة  في لقـائها  الواحـد ،  وأؤكد أيضا أن  لا إعـتراض لـي على رأي السـيدة جاكلين الذي ورد  في لقـاء عـنكاوا كوم معـها وغيـره  أو آراء الآخرين  من حاملي وحاملات  مسـميات شـعبنا المتداولـة طائفيـا ،   بـمن فيهم أولئـك الذين  يعـتبرون قوميتهم عربية أو كردية أو تركمانية أو أميركية وإنكليزية . . ألخ ، ولكن رأيي يتـركز في كل الأحـوال بالمـمارسـات وعمليـات التعـاطي السـياسية والجماهيريـة  ، وضمنها أسـلوب السـيدة جاكلين في طرح أمور عـامة ذات عـلاقة بنـا جميعـا   ،  والتي عرفناها جيـدا ـ  من خلال ممارسـة أعـتبرها شـخصيا غـير لائقـة  ـ  عـندما نهضـت في الجمعـية الوطنية وقـرأت ورقـة ( قومية بحسـب رأيها ) رآهـا الكثيرون من شـعبنا وأنـا أحدهم ( نشـازا ) لأنـها تـليت من دون داع ضروري أو مناسـبة مسـتوجبة لـها بالجمعـية  ،  وبالتأكيد أن ما جاء  فيها يمكن إعـتباره من نـوع  (  نشـر الغسـيل الخاص بشـعبنا في غـير المحل الملائم لـه )  وبذلك نتـج  عنها ضـرران : الأول  زيادة الفرقة والتباعـد على صعيـد شـعبنا ، والثاني نظرة  خارج  مجالنـا  بأنـنا (  جماعـات مشـتـتة متناحـرة ) لانملك معـايير القومية الواحدة  أسـوة  بالأقوام العراقية الأخرى  .

   وبالمناسـبة ، فأنـا أرى في أفكار السـيد  مثـال الآلوسـي أمورا كثيرة جيدة  وواقـعية ، ولكنني أعـتبر  أن  ممارسـته بالذهاب الى  إسـرائيل لحضور ندوة  جاءت في توقيت غير صحيح  ، على رغم أن هذا الذهاب بحـد ذاتـه  ،  بتـقديري  ،  لم يكن خاطئـا مادام الفلسـطينيون وكثير من زعماء العـرب ـ بمـن فيـهم أولئك الذين يشـتمون إسـرائيل وأميركا ووجودها في العراق بقـنواتهم الفضائية ووسائل إعلامهم ليل نهار ـ  يلتـقون عـلنا وسـرا زعـماء إسـرائيل  ،  فأفـقدته هذه الممارسـة  غيـر الملائمـة التوقـيت إنتـماء  الحزب الذي كان شـخصا ثانيا  في  قيادتـه وجعـلته يخسـر أبنـه  وكاد ت تؤدي بحياتـه  ، ولا أعـتـقد أن قائمته ، في الظروف العـراقية الراهنـة  بنـاء على  ممارسـته  سـتحقق نجاحا ذا شـأن يصل إلى الرقم  6 الذي يوجد فيه إسـم السـيدة جاكلين زومايـا .

تجارب  شـخصـية في الممارسـات
ــــــــــــــــــــ

  وبـتـقديري أن أي شـخص يقوم بعمل جماهيري ، يجب أن يحسـب حسـاب ممارسـاته ،  ومن تجاربي الشـخصية في مجال  الممارسـات  ـ  مثلا ـ  قبـل ثلاثـة أعـوام كانت تتصل بي بين وقت وآخر   إذاعـة إسمها ( راديو القدس ) وكانت أسـماء المذيعـين  الذين يتصلون معـي  عربية وكنت أعـتـقد أنها تابعـة لجهة فلسـطينية ،  فسـألتهم ذات مرة عن الجهة الفلسـطينية التي تتبعها الإذاعة ، فأجابوا أنها تتبع الحكومة الإسـرائيلية ، فقلت لهم أنا لسـت ضد إعطاء معلومات خبرية عن منطقة البلقـان لأي جهة عالمية ومنها إسـرائيل لأن الأخبار الصحافية  ليسـت حكرا على دولة أوجهة ما ولكن بإعـتباري مراسـلا لصحف وتلفزيونات وإذاعات عربية عـدة ، فإن ظهور إسـمي وصوتي في راديو إسـرائيلي هي ممارسـة  سـتـثير أقاويل ومواقف مضادة تجاهي  من جهات عربية أنا في غنى عن مشـاكلها لذا أرجو أن يكون هذا الأتصال الأخيـر لإذاعتكم معـي . . وهذا ما كان وحتى اليوم ليس لأنني كنت مخطئا في إعطاء المواد الخبرية لوسيلة إعلام إسـرائيلية ولكن لأن الممارسـة في وقتها لم تكن  مناسـبة .

     والأمـر نفسـه بالنسـبة جرى أيضا مع إذاعـة ( صـوت أميركا ) التي كانت تأخـذ مني أخبارا وتحليلات للأحداث بصـورة شـبه يوميـة ، وعـندما عـرضـت علي مكافـأة لمـا أقـدمه رفضتها وقلت  بوضـوح ( قـد يعـتبرني الناس بسـببها عميـلا  لأميـركا  )  وللسـبب نفسـه لم  أطلب  مكافـأة  من  إذاعـة طهـران التي كانت هي الأخرى تأخـذ  مني  ولا تـزال أخبـار وآراء صحافيـة . . والأمـر ذاتـه بالنسـبة  للعـديد من الإذاعـات والمحطات التلفـزيونية  التي  أقـدم  لهـا الأمور  الصحافية  من  دون  مكافـأة منـذ سـنوات  وحتى اليـوم  . .

          واللافت أنه لم يفـد معـي  حتى  هذا الأسـلوب في  الممارسـة مع نظام صـدام  ،  إذ عـندما وصـلتني  دعـوة عن طريق السـفارة العـراقية في صـوفيا عـام  2002 (  وكنت  رفضت  دعـوات عراقية عـدة  سـابقة  لها  )   لحضور مؤتمـر المغـتربين العـراقيين في  بغـداد ،  رفضت الذهاب لكن نظام صـدام تعـمد إدراج إسـمي رئيسـا  للوفد الذي حضـر من يوغوسـلافيا  وبأنـني وصلت عن طريق الأردن . .  ونشـر ذلك في الصحف العـراقية ونقلتـه عنها  صحف معارضة عراقية في الخارج غير مدركة لدسـيسة نظام صـدام ، وقد كتبت إلى إحدى المجلات العراقية  المعارضة  التي كانت تصـدر في لنـدن والتي نقـلت دسـيسـة صدام موضحـا أنـني  مقيـم في  سـكوبيا (  مقدونيا )  منذ  تـم طردي  من يوغوسـلافيا بأتـفاق بين سـفارة صدام في بلغراد وحكومة ميلوشيفيتش صيف  1993 ولا يمكن أن أكون رئيسـا لوفد  عراقـيي  يوغوسـلافيا ،   و إنـني  لم أذهب الى العـراق إطلاقــا منـذ عـام  1990  ولـم أرى الأردن في حياتـي . . ومع ذلك علمت منـذ  فتـرة أن أحـد  أبنـاء  شـعبنا من الذين  لا يعجبهم  نهجي  القـومي  الوحـدوي  حـذر  أحد  المواقع التي أنشـر فيها آرائي بأنه يملك  وثيقـة حضوري  مؤتمر المغـتربين  في  بغـداد  عـام  2002  وأنه  سـينشـرها  ،  لكن  ذلك  لم  يرهبني ما دامت ممارسـاتي  صائبـة  وأملك  الأدلة   ولا  أخشـى  التهديد  من الذين  يريدون الأنضمام  إلى  جوقـة صـدام وغـيره  . . فالممارسـة الصائبة هي  أمـر ضروري  لكل شـخص   يتعـامل  في  الشـأن  العـام  .

المروجـون لقوائم خارج  شـعبنا
ــــــــــــــــــ

    ونـعود  إلى القوائـم الإنتخابية ، حيث آخرون من شـعبنا يروجون لهذه القائمة الكردية أو العربية أو الطائفية خارج طوائف شـعبنا ، لأنها ( وعـدت بالصدقة ) لهم  بكرسـي في البرلمان . . فهل هذا الترويج يمكن أن يكون موضوعيا أو يخدم شـعبنا بشـئ ؟

    نقـولها بوضوح  وتأكيدا  ، لا مانع لأي شـخص ( سـورايا ) أن يقـول : إن قوميـتي كردية أو عربية  أو تركمانية . . ألخ  فهذا حقـه  ومن خياراتـه الخاصـة ، ولكن أن يكون ( لعبـة ) في الترويج وإعطاء صفات ( الوحدة الوطنية وتعـزيز أواصر المحبة والتحرر من مظاهر الإنغـلاق والتعصب بكل أشـكاله . . . )  اليوم لقائمة كردية وغـدا لعربيـة . . وهكذا دواليك مع  إتجاهات المصالح  وسـبل الخـداع   ،   فهو أمر غير مقـبول . . فـقد يكون مقـبولا أن يوضح هذا ( المـروج ) لماذا دخل  حزبه أو الشـخص الذي يعمل عـنده  ،    في (  قـائمة . . )  ويختـلق  المبررات لذلك  ، ولكن أن يروج للقائمة لأن فيها ( حزبا أو شـخصا وصوليا إنتهازيا مصلحيا محسـوبا على شـعبنا ) فهذا بعـيد كل البعـد عن الموضوعية ومصلحة شـعبنا . . وشـتان ما بيـن مصلحة شـعبنا ومصلحة الإنتهازيين الذين  ينتـمون إليه بالهويـة فـقط  .

السـيد  ميـناس  اليوسـفي
ــــــــــــــــ

    وهـنا تخطر  ببـالي  الضجة التي أثيرت حول ما صـرح بـه السيد ميناس اليوسـفي في مؤتمر القاهـرة ، ومع أنني لا أتـفق سـياسيا ولا فكريا مع السـيد اليوسـفي ولكنني لا أرى في الأمور التي ذكرها في شـأن الدسـتور والطائفية والوضع الأمني في العـراق شـيئا منافيـا للحقيقة ، ولا أجد أي  مبرر واقعـي للإنزعـاج من تصريحاته ( وشـهر السـكاكين  ) عليه ما دامت غالبيتـنا قد صرحت بأن الدسـتور الذي تمت الموافـقة عليه جاء بموجب أهواء ( أصحاب العمائم الطائفيين )   كحصيلة لأنتخابات غير نزيهة وبناء على المحاصصات بين المسيطرين على الجمعـية الوطنية  ، وإن السـيد  اليوسـفي أشـار بوضوح إلى هذا ، فلماذا الإسـتنكار لما ذكره من قسـم من أطراف شـعبنا ؟ !

المسـتحيل على حساب قضايا شعبنا
ـــــــــــــــــــ

     وأمـر آخر ـ يدخل في خانـة العجب العجاب ، حين تركز قوائم شـعبنا على ما هو مستحيل ( نعم ،  كلمة مسـتحيل التي تفسـر القواميس اللغـوية  معناها : متعـذر ، غير ممكن ، تعبير عن الدلالة على الدهشـة أو عـدم التصديق )  مثـل  ( توفير الأمن ومكافحة الإرهاب . . . )  وهنا يتبادر إلى الذهن سـؤالان : الأول ، هل في إمكان قوائم شـعبنا حتى لو فازت كلها أن تحقق شـيئا من هذه الإدعاءات ،  والثاني ، إن هذه الأمور قضايا عراقية عامة ويوجد كثيرون ( يطبلون لها مزايدة ) فهل من مصلحة شـعبنا أن ( نطبل  ونتزايد ) معهم بـدل أن نركز على أمور واضحة وجلية وممكنة التحقيق لفائـدة شـعبنا ؟  يمكن مجاملة أن نقـول  في  قوائمنا أنها ( سـتساهم مع الخيرين في . . ) والمسـاهمة عامل إيجابي لا يحمّـل المسـؤولية عند الإخفاق في التحقيق . . فكان الأحرى بقـوائم شـعبنا أن تذكر ما أنجزته لشـعبنا وما فشـلت في إنجازه وسـبب فشـلها ، بـدل المزايدات الجوفاء التي لن تأتي بشـئ غير الخذلان والألم والضحك مضافا إلى الخداع الذي إسـتشرى داخل الكثير من مؤسـسات شـعبنا وأدى إلى فـقدان الكثير الكثير مـما كان يتطلع إليه شـعـبنا .

الرئاسـات الطائفيـة
ـــــــــــ

     نعـم إسـتشرى الخداع ، وليس في دهاليز السـياسيين ، وإنما أيضا في أروقة الرئاسـات الدينيـة لطوائف شـعبنا ، التي كلها تصـيح ( نحن كنيسـة واحدة  لأمـة واحدة ) إدعـاء وقـولا ، ولكنها فعـلا وعـملا على النقيض من ذلك إلى حـد التمادي في زيادة تفرقـة شـعبنا المتوارثة منذ  مئات عـدة من السـنين ، التي كانت دائما المرض الأصعب في معـاناتـنا . . فهـم بهذا الصياح المخادع يحاولون التسـتر على الطائفية التي يؤججون أوارها بما يتناسب مع مصالحهم حتى في لقاءاتهـم بالمسـؤولين الحكوميين وبذلـك جعـلونا من دون أهمية في أعـين هؤلاء المسـؤولين الذين ترسـخ إنطباعهم بأنـنا ( مسـيحيون مشـتتون لا نسـتحق أن يحسـب لنا حسـاب كمـا  لغـيرنا  ) .

     وأؤكـد ، أن آلامنـا هي من سـياسـيينا  وخصوصـا الذين  ظهروا في الفوضى العراقية  الراهنة  داخلا وخارجـا  ( أو بالأحرى متسـيسـينا )  ومن رؤسـاء طوائفنا الدينية الذين خذلونا بسـكوتهم لما ألحقه صدام بشـعبنا من تدمير لقـراه و تهجير وتشـريد  لسـكانها .

     ولم يـبق أمامنا تجـاه هذا التلاعـب بمقـدراتنا من قبل ( أوليـاء أمـورنا ) إلا  أن نسـعى للتخلص من  معـاناتنا  بقـول الكلمة الحق من دون خـوف أو وجـل ، تجـاه كل من يحاول إسـتغلال شـعبنا سـياسيا وإبعـاده عن سـبيل الصواب دينيا من خلال  تشـديد  قـوة  أغـلال الطائفية المقـيتة . . وكفـانا تحمـلا بؤسـا وتشـتـتا وخسـرانا لوحدتنا وحقـوقنا . . وضياعـا لهدفنـا  الوحـدوي والضامـن للبقـاء الراسـخ  نحـو مسـتـقبلنـا  . [/b]

78
يـا أهـل الإنتخابات  ، كفانا بؤسـا ودرسـا
جميـل  روفائيــل

    ألإنتخاب  لغـويا  ، يعني  إنتـقاء الأفضل والأحسـن والأصلح  . . ولكن هل  يتمكن  شـعبنا  من  إختيـار  من هو الأفضل  له وليس  لغـيره في  الإنتخابات  المقبلـة ؟ !  أنـا لا أنكر  وجـود  لوائح  إنتخابية  وطنية واعيـة تسـعى  لأعـادة عـراقـنا  إلى  جـادة  الصـواب وإزالـة  الطائفية  المقـيتة  وشـرورها التي  إندسـت في  صـفوفه  وعاثـت  فسـادا  وتشـتيتا وإرهـابا .  .  ولكن  ما  أتحـدث  عـنه هو (  الزيوان  )  الذي  يسـتـشري  سـوءا  في  الحقـول  النقيـة  لشـعبـنا  (الكلداني الآشوري السرياني . . ألخ من التسـميات المفروضة علينا )    . 

   شـخصيا  وبوضوح  ،  يهمني  من كل  إنتخابات عـراقية ،  في  المرتبة  الأولى  ،  ماهو لمصلحة  شـعبنا   ،   ولو  كانت لي  قائمة  إنتخابية  ـ  وهذا  مجـرد  فرضية   لن  تتحقق  إطلاقا  في  الظروف  الراهنة  حيث  يـدس  البعض  من  كبار  رجال الدين  عكازاتهم في الفرقة  والتباعـد  وتعـلو أصوات وقامات  السـياسيين  الطائفيين على رغم  أعـوجاجها   وتنخـر  الفوضى  القاتـلة  أوصال شـعـبنا  ـ  أؤكد  ، لو كانت لي  قائمة  ، لما  أدخلت  فيها  حرفا  يتجاوز الإطار  الخاص  الذي  يحيط  بشـعبنا  وحده  ،  لا تملقـا لـقوم آخـر  ولا مزايدة  لأمن العـراق وإنقـاذه من الإرهـاب  وإعـماره  . . لأنني  عندما  لايكون  في  مقـدوري  سـد  حاجيات  شـعبي وإسـتـقراره   فلماذا  أنافق  على  ما  لسـت قـادرا  على  التأثير  فيه  قـيد  أنملة  وأزايـد  في  موضع  الخسـران  والخذلان  ! !   .

   هذا  موقـفي  جهارا  ،  لماذا  ؟  هل  أنا  عنصري  أم  منغـلق  على ذاتي  حيث  شـعبي  . . الجـواب  أبدا  ،  فأنـا  أبعـد  ما كنت  في كل حياتي  عن العنصرية   والطائفية  والتـقوقع  بمعـزل عن الآخرين  . . ولكن  ،  عـندما  أرى  بيتي  مهدما  تسـرح فيه  الفئران وتتلاعب  به  الرياح  ،  وشـعبي  بلا مأوى  ويتـقاذفه الآخرون  كما يحلو لهم  ،  فكيف  يطيب  لي  أن  أفكر  بتعمير  بيتـا  غير  بيت  شـعبي  ،  أو  بكلام  آخر  ،  عندما يكون  شـعبي  جائعـا  فهل من الحكمة  أن  أسـعى  إلى  إشـباع  البطون  الجائعـة  خارجه  ؟

     ننتخب  . . من  ننتخب  ! هـذا  سـؤال  لابـد  منه  مع  إحتـرامي  لكل  أصدقائي  وأبناء  شـعبي  الذين  تـفـرقوا  شـذر  مـذر في  تأيـيد  هذه  القائمة المحسـوبة على شـعبنا  أو  تلك  اللائحة  الغـريبة  التي فيها إسـم شـخص  منـا  لغـرض  التجميل والإدعـاء  واللعـب في  أوراق  ميسـر  النفـاق  . .

     أجل  ننتخب  من  ؟ ننتخب  صراعات  المصالح  الشـخصية  داخل  تكتلات  شعبنا الطائفية والمناطقية  والعشـائرية والماليـة  التي  يسـمونها  زورا  وبهتـانا  أحزابا  وحركات وإتحادات و التي  لم  أعـد  أعرف  عـددها ومراميها   ـ  ما شـاء اللـه  ـ لكثرتها إسـماء  من دون أجسـام وطبول جوفـاء ذات أصوات عاليـة ، خصوصا بعـدما تهافت في أروقتها الحالكة الظلام  من هم في الغـربة و قطعـوا أو هم ماضون في قطع  كل  صلاتهم الحقـيقية بديارهم في العـراق إلا بالأحزاب وإشـاعة  الفرقة وزيادة  في  الدمار والتدمير    ،  إذ  كل  يوم  ( يفـرخ  )  أصحاب المصالح من شـعبنا ، داخله وخارجـه ،  مولودا  معـاقا  مشـوها  غريب الأطوار  جديدا . . أنـنتخب  هذه  القائمة  التي تدعي أنها لشـعبنا والفاشـلة مسـبقا  أو  تـلك  التي  لا علاقة  لشـعبنا  فيها  سـوى  وجـود  "  إسـم  شخص  تابع  فيها يبحث  عن  كرسي  مرتفع  ولو  كان  على أوتاد  الخوازيق  "   من  ننـتخب  من  هؤلاء  . . مـن  ؟ ؟ أجـيبوا  ياأخـوتي  . .

    أسـأل  وأجـر  الحسـرات  ،  وأسـأل  ،  ماذا  قـدم لشـعبنا السـتة الذين  جلسـوا أشـهرا في الجمعية الوطنية  التي  نودعها  غير مأسـوف  عليها  هذه  الأيام  . .  ماذا  قدمـوا  غـير  الشـجار  بينهم  في  أروقة  الجمعية  إلى  حد  " ما يمكن  وصفه  بالمهازل  "  . . هذه  تـقرأ  بيـانا  يفـرق  ولا يجمع  ، وذاك  يتشـبث  بأذيال  رؤسـاء  هذه  الطائفة  من داخـل  شـعبنا  أو  تلك  من  خارجـه  . .   وآخر  يسـتعير  ( السكاكين )  من القائمة  التي أجلسـته على الكرسي  ليمزق  أوصال  شـعبنا  . .  وغيرهم  يدعي  أنه  حقق  مكسـبا  لأبناء  شـعبنا  في  الخارج  ليشـاركوا  في  التصويت  وهو  ينسـى  أو يتناسى  أن  هذا  التصويت  الخارجي  يدخل فـقط  في  مصلحة  الطائفيين  الذين  سـجلوا  أكثر  من مليون  أيراني  على أنهم  عراقيون  وفتحوا  لهم  أكثر  من  عشـرة  مراكز  تصويت  في  أنحاء  إيران  ،  بينما  أبناء  شـعبنا الذي  يمتد  أصلهم في كل جذور العـراق والذين أرغمتهم السـنين العـجاف  على التـبعـثر  في  سـانتييغو  والنرويج  ومنطقة  البلقان  . . ألخ  عليهم  أن  يقطعوا  سـاعات  بالطائرات  وأياما في القطارات  والحافلات  ويصرفوا مئـات الدولارات  لكي  يصلوا  إلى  مراكز  التصويت  . .

      فـقـد  كان  أبناء  شـعبنا  في  الخارج  الذين  أتيحت  لهم  الفرصة  للمشاركة  في الإنتخابات  السابقة  أقل  من  عشـرة  في  المائة  من  مجموع  عـددهم  ،  وتشير  الوقائع  إلى  أن  من  سيشتركون  هذه  المرة  لن يكون  أفضل  من  المرة  السابقـة  ، ولا يوجد ما يدل على   أن  هذه  المشاركة سـتـفيد  شـعبنا  بشـئ  لصعوبة  الوصول  إلى  مراكز  التصويت  إضافة إلى  تعـدد  قوائم  شـعبنا  . .

     ألحق  يقـول  :  عندما  توفر  الفرصة  للعراقيين  في  الخارج  كي  ينتخبوا  فيجب  أن  تكون  المراكز  متوفرة  بالقـدر  الذي  يكون  ميسـورا  لكل  عراقي  أن يصـل إليها و ينتخب  ،  وإلا  فلا فائدة  من  هذه  المشاركة المختارة  بحسـب الأهـواء  التي  تعطي  لمن  تشـاء  الأصوات (  بالكـواني  )  وتحجبها  عـن  الآخر  . . وبوضوح  ما دامت  لم  توفر  مراكز  الإقتراع  للجميع في  الخارج  كما يجب  ، فكان  ينبغي  أن  لا تـفتح  مراكز  خارجية  بموجب  مقاييس  جهات  طائفية  وحدها  ،  فإما  المراكز  لكل  العراقـيين  في  الخارج  وإلا  فلا  حاجة  إلى مراكز  ،  ومن  هو  بشـوق  للإدلاء  بصوته  فبإمكانه  أن  يذهب  إلى  حيث  ديار  آبائه  وأجداده  داخل  العراق  على الرحب  والسـعة  ويدلي  بصوته  ،  وألف  ألف  عافية  لمن  يعطيـه  . .  وهنا  تكمن  العـدالة  وديموقراطية  الأنتخابات  ، لا غيــر .   

   ونعـود الى الذين  إدعـوا  تمثيل  شـعبنا في  الجمعية  المنصرفة   ،  ونقـول  بصراحة  :  إن  الذي  لم  يـقدم  خدمة  لشـعبه  في  جمعية  سـابقة  فإنـه  لن  يقـدمها   في  جمعية  لاحقـة  . . لا بل تمادى  البعض  مـمن إدعى  تمثيل  شـعبنا  في  الجمعية  الوطنية  إلى  الإصطفاف  مع  هذه الفئة  الطائفية  وذاك  الفريق  العرقي  بذريعـة  أنه  سيحصل  على  مكاسب  لشـعبنا  ،  والنتيجة  خداع  وخداع  لشـعبنا  وخذلان في  خذلان  وعشـرات  الأصفار  متراكمة  على  الشـمال  والجنـوب  . . وضحك على  ذقـوننا  الحليقـة .

   نعـم  ،  هذه  كانت  النتيجة  ، ومن حقـنا  أن  نغضب  ونتـألم  ونفـقد  الثـقة  ونقـول  :  لا نريد  لشـعبنا   نوابـا أصـناما أو أتباعـا لغيـرنا  أو  أشـخاصا  يتخاصمون أكثر  مـما  يتـفـقون  . . لا نريد  شـعارات  براقة  مثل (  إعـادة  المهجرين  وتـعويض  المتضررين  ) التي نراها  ونسـمعها  ،  وإدعاءات  كثيرة أخرى  تتطاير  بأوراق  صفراء  من حولنا  . .  لا نريد كلاما  للأسـتهلاك  الإنتخابي   لأن  كله  سـيذهب  غـدا  مع  الريح  ،  كما ذهب  قبلـه  . .   

    أتركوا  أقوالكم  أيها  (  المخادعـون  )  وأنزلوا  إلى  حيث  شـعبكم  . . سـئمنا  الصور  الملونة  البراقة  التي  لا تهمنا  . . صوركم  مع  هذا  الطائفي  وذاك  الذي  سـرق  حقـنا  . . نريـد  صورا  تتحـدث  عمـا  فعلـتم  من حض  أبناء شـعبنا للعـودة  إلى  ديارهم  يـامن أنتم  تركتم  دياركم  مثل  كبار  رؤسـاء  كنائسـنا  لأغـتنام  ( طيب  هـواء  بغـداد وأجوائها  البراقة )   . . نريد  صورا  وأفلاما لما فعـلتم في إعـادة   قرى  شـعبنا  إلى  أهلها  وإعـادة  تعميرها  . .
نريد  جمعـيات  لأبناء  شـعبنا المغـتربين تجمع الأموال  للعناية بإعـادة  النازحين منـا  وإنشـاء مساكن لهم تقيهم  زمهرير الشتاء  الذي  نعيش  قسـاوته  ونريـد  تحصـين  وجـود  شـبنا  في سـهل  نيـنوى ديارا وقوة وصـمودا وحيـاة وسـبل العيش وإسـتمرار البقـاء . .
نريـد  سـهل  نيـنوى جنـة  لنـا نعـود  إليها  بنعـيم المكارم  ورؤوس  شـامخة واصـوات مـدوية ترعـب كل  من يريـد  النيل منـا شـعبا كريما أبيـا  . .  لا نـريد  مطارنة يجمعـون  الأموال لتجميل مقـرات رؤسـاء  طوائفهـم في بغـداد  أو لتمويل  دعـايات المرشـحين  الفاشـلين قبل الأنتخابات وبعـدها . .  وقسـسا في الخارج  يتسـابقون في  المزايـدة  على بعضهم البعض  من أجل  رضـا رؤسـائهم الذي  يفتح  سبيل  جـاه  المطرانية  أمامهم . . 
نريد  ما ينفع  شـعبنا من عمل  ويرسـخ  بقـاءه في  أرضه وأرض  آبائه  وأجداده  ويـزيد رونـق  أديرتها  العـريقة  وكنائسـها البهيـة  لا كنائس  وأديرة مصطنعـة مهاجـرة في  بغـداد . .  هـذا  ما نريـده  فنحن  نمقـت الزبـد  الذي يذهب  جفـاء . .

         نسـأل  أيضا  . . لماذا لم يسـتطع  النواب  السـتة المحسـوبين على شـعبنا في الجمعية المنصرفة أن يوفـروا لشـعبنا عـددا  ثابتـا من المقاعـد  للأنتخابات الراهنة ، لكي يختار شـعبنا من يشـغل مقاعـده بجدارة وثـقة بعـيدا  عـن فرض هذا الطرف  أو  تلك  القائمـة  ؟  لا نريد  أن  ندخل  في اسـباب ذلك ،  ولكن  نريد  أن  نوجـه  السـؤال إلى هؤلاء السـتة  وننتظر  الجواب  إذا  كانت لهم الجرأة  على الحديـث و الجواب  . .

    إننا  ننتظر  أجوبتكم  على  أسـئلتنا  ،  ننتظر  وجها  لوجـه  عـبر  وسـائل  الأعلام لمواقع  شـعبنا . . لا نريد  دعايـات  جوفـاء وتمجيد  المرشـحين  من الأبراج العاليـة  وشـاشـات  التلفـزيون  والكلام  الذي  يزيدنا ألـما لمسـؤولي  إعلام  أحزابهم  ( الذين  لا يهمهم غـير خليـنا نعيش  ) . .

     حدثونا  ماذا  فعلتــم من أجل  تحصلوا على أصواتنا  عندما  نـرى  صدقكم  ، وأتركوا ماذا ستـفعلون  ليوم حسـاب  آخر  . . حدثـونا  ماذا  فعـلتم ، حدثـونا  وإلاّ  لا تسـتحقون  أصواتنا ، لأنكم إن لـم تتحدّثوا  فحسـابنا معـكم  أنكم عـاجزون  عـن  ولوج  الحقـيقة  ، ومـن حقـنا أن نقـول  أنكم منـا بالهويـة  والإدعـاء  وأيضا  الإضـرار  بنـا . . ومـن يغـشـنا  ليس  منـــّا . . واللبـيب  مـن يسـمع  ويـرى  ويتـعظ  . [/b][/size] [/font]

79
بصراحـة  . .

حـذار " عـشـتار "  مـن درب " آشـور "
[/b]

جـميـل  روفـائيــل

     عـندما  بـدأت  فضائيـة  "  آشـور "  بالبـث  الكامل  وفضائيـة  "  عـشـتار  "  بالظهـور التجريـبي ، تفاءلنـا  خيـرا  وأعـتبرنا  أنـنا  في مرحلـة  جديـدة  للإعـلام  (  الكلدانـي الآشـوري  السريانـي  )  . . الإعـلام  القـومي  الثـقافي  الإجتـماعـي  المفـيد  لشـعبنا  بكافـة  مسـمياته  وإتجاهـاته  المتداولـة   والـذي  هـو في  حاجـة  ماسـة  إليـه . . وقـد  كتـبت  في  حينـه  كلمة عـن "  آشـور  "  بعـنوان  "  نعـم  و تحيـة  وثنـاء . . فضائيـة  آشـور   "  عـندما كانـت  تسـتعد للبـث  النظامـي  . .

      والآن  أقـدم  الكلمـة  نفسـها  إلـى  فضائيـة  عـشـتار  وهـي  تشـارف  بثـها  النظامـي  ،  وسـأبقى  أقـدمها  لكل  وسـيلة  إعـلامية  . .  صحيفـة  أو  قنـاة  تلفزيونيـة  أو موقعـا إعـلاميا  ،  لشـعبنا  ،  خصوصـا  داخـل  بلـدنا عـراق  بيـن النهـرين  ،  لأنـني  أرى  أنـها  جميعـا متطلبـات  قوميـة  نحـن  بأمـس  الحاجـة  إليـها   ،   مهـمـا  كان  سـبـيلها  وإتجاهـها   ،  لأن  المهـم  أنـها  (  كلدانيـة  آشوريـة  سريانيـة  )  بصـورة  موحـدة  ومـن  دون  فـوارز  أو  حـروف  " واويـة  "  .

    وفـي  الوقـت  نفسـه  ،  ينبغـي  أن  يبـدي  أبنـاء  شـعبنا  رأيـهم  بصراحـة  ووضـوح  في  نهـج  هـذه  الوسـائل  ،  لأجـل  مسـاعدتها  في  تـلبيـة  رغـبات  أبنـاء  شـعبهم  الذيـن  يعـتبرونـها  منهـم  وإليـهم  ،  بأكبـر  وأنقـى   وأسـلم  مـا هـو  ممكـن  ،  وأن  يفتـح  المشـرفون  على  هـذه  الوسـائل  صـدرهم  رحبـا  لهـذه  الآراء  ويدرسـوها  بعـناية  ،  عـملا  بالقـول  "  خيـر  الإعـلام  مـا يـُرشـد  وخـير  المشـرف  مـن  يسـترشـد  "  .

    بالنسـبة  للفضائيـات  ،  فـإن  إعـتماد الـرأي  والموقـف  في  شـأنها  هـو  حصـيلة  لمـا  يبـث  منـها   مـن  داخـل  العـراق  ،  والأروع  منـه  مكانـا  ما يكـون منطلقـا  مـن  سـهل  نيـوى  وحيـث  ديارنـا ومسـتـقبلنا  . . صحيـح  أنـه  توجـد  خـارج  العـراق  فضائيـات  لشـعبنا  ولكنـها  في  غـالبيتها محـدودة  الوقـت  والعمـل  وإتجاهـها  دينـي  ،  ولـذا  فإنـها  لا تعـتبر  مـن  نـوع  الفضائيـات  الإعـلامية  الراسـخة  في  السـبيل  الأصـيل  لشـعبنا  بقـوميـته  الواحـدة  وأهـدافه  وتطلعاتـه  الراهنـة  والمسـتقبلية . 

إلأعـلامي  الشـعبي

       لا أريـد  الخـوض  في  نظريـات  الإعـلام  المتـنوعـة  والمتـفاوتة  بحسـب  النظـم  والأفكـار  والإتجاهـات  ،  والتـي  وقـفت  عليـها  بإسـهاب  في  دراسـتي  العـليا  بكليـة  العلـوم  السـياسية  بجامعـة  بلغـراد  ـ  قسـم  الصحافـة  والعـلاقات  الدوليـة  ،  التـي  كانـت  في  المحصلـة  تنصـب  في  حقـل  تـفضيل  (  الإعـلام  الشـمولي  )  الـذي  كان  نظـام  تيـتو  يرمـي  إلـيه  في  كل  مجـالات  حيـاة  دولتـه  اليوغسـلافية ،  على  رغـم  أن  تيـتو  (  وإسـمه  الأصلي  الحقـيقي  يوسـيب  بـروز  ) كـان  توفـى  عـام  1980  ،  وحديثـي  هنـا  عـن  1982  حيـن  كـان  تيـتو  ( لا يزال  ) باقيـا  ـ  رغـم  وفاتـه  ـ  رئيسـا  وقائـدا  وصـورا  وفكـرا  وممارسـة ولـم  يكن  المواطنـون  اليوغسـلاف  يعرفـون  غـيره  رئيسـا لهـم  .

       إذ  كان  تيـتو  قبـل  وفاتـه  فـرض  دسـتورا  يجعـل  رئاسـة  الدولـة  اليوغوسـلافية  متكونـة  مـن  ثمانيـة  رؤسـاء  يمثـل  كل  منهـم  جمهوريـة  أو  إقليـما  في نظـام  تقسـيم  الدولـة  ، و لكل  واحـد  من  هـؤلاء  الرؤسـاء  حـق  النقـض  (  الفيـتو  )  فكان  في كل قرار  لا بـد  أن  يظهر  واحـد  أو  أكثـر مـن  الثمانية  غـير  راض  عـن  القـرار  فـيعلن  حقــه  في (  الفـيتو ) مـا  جعـل  الدولـة من دون قـرارات  فعـالة  ،  كما كانت من دون رئيس  بأسـتثناء  الميـت  تيـتو . . وأنهارت وماتـت  ولحقـت  برئيسـها  مـدى  الحيـاة  والمـمات  تيـتو  .

    هـذا  أوردتـه  فقـط  لكي  أقـول أن  الأمـر الوحيـد  الذي  يعـيش  هـو الـذي  يتـولاه  الأحيـاء الذيـن  يدركـون السـبيل  الصائـب  . . وهنـا لا أريـد  الخـوض  في  نظريـات  تيـتو  وصدام  والشـمولية  . . وإنـما  أذكـر  أنـه  عـام  1972  كان  رئيـس  قسـم  الصحافـة  في  جامعـة  بغـداد  الدكتـور المصري في  الإعـلام  خليـل  صـابات  (  وهـو  شـخص  أكاديـمي لا علاقـة لـه الأحـزاب  )  وكان  يـداوم في  جريـدة  الثـورة  عصـرا  مسـتشارا  لأختـيار  مواضـيع  التحقـيقات  والمنوعـات  وتوجيـه  المحـررين  في  الجريـدة  نحـو  الأسـلوب المرغـوب  شـعبيا  في  التحريـر  الصحافي  . 

       وكنّـا في  حينـه  نحـو  خمسـين  محـررا  في  جريـدة  الثـورة  ،  نصفهـم  من  البعـثيين  الذيـن  يعـملون  نـوابا  لرئيـس  التحريـر  (  طارق عـزيز )  ومديريـة  التحريـر  وأقسـام  الشـؤون  السـياسية  والعـربية  والدراسـات  ،  والنصـف  الآخـر  في  أقسـام  المنوعـات  والتحقـيقات  والأخبـار  المحليـة  والدوليـة  والرياضيـة  ،  وكنـت  في  حينـه  محـررا  في  قـسـم  المنوعـات     (  الصفحة  الأخيـرة  )   وكان  غـالبية  هؤلاء  ـ  وأنـا منـهم ـ  ليسـوا  بعثـيين  وتفكيرهـم  صحافـي  لا غـير  ،  فـلا طمـع  لهـم  بالأقـتراب  مـن  أبـواب  الوظائـف  العـليا   التـي  كانـت  مفتوحـة  علـى  مصراعـيها   للعـاملين في  جريـدة  الثورة  .

     ووجـد  الدكتـور  صابـات  ،  وهـو  ذو  تفكيـر  ليبـرالي  ،  أن  البعـثيين  هـم  سـياسيون  ‘  وشـتان  بيـن  الطاعـة السـياسية  والصحافـة  الحقـيقية  ،  ووجـه  إهتمامـه  نحـو  غـير  البعـثيين  ،  يأتـون  إلـى  مكتـبه  في  الجـريدة  متـى  يشـاؤون  لتـلقي  توجيهاتـه  ،  سـواء  قبـل  نشـر  مواضيعـهم  أو  بعـده  ،  وبالنسـبة  لـي  كنت  أقضـي  كل  يـوم  ما لايقـل  عـن  15  دقـيقة  في  مكتـبه  ،  وكان  يكـرر  علـي  :  إنـك  ومـن  هـو  مثلـك  ،  سـتكونون  دائمـا  صحافيـين  ،  وأوصـيك  أوصـيك  بـأن   تكـون  فقـط  مـع  إشـباع  رغـبات  القـراء  وإهتـماماتهم  لتبـقى  صحافيـا  . . أمـا  هؤلاء  السـياسيون  الصحافيـون  فإنـهم  سـينتهون  صحافيـا  بإنتـهاء  الهالـة  السـياسية  التـي  تحيـط  بهـم  وتحميـهم  . .

      صـدق  الدكتـور  صـابات  ،  فعـندما  أشـاهد  قائمـة  الخمسـين  محـررا  في  الثـورة  الذيـن  كنـت  معـهم  ،  لا أجـد  باقيـا  منهـم  صحافيـا  غـير  تـلك  الجموعـة  التي  رعـاها الدكتور  صابـات  وكنت  أنـا  ضمنـها . .  أجـل  صـدق  فـقد  كان  إعـلاميا  غـير  سـياسي  . 

آشـور  . . أيـن  آشـور  ؟  ! !

     وأنصـرف  الـى  موضوعـي  عـن  إعـلام  شـعبنا  . . بدايـة  أنـا لا أعـرف  شـيئا  عـن  الإطـار  العملـي  الـذي  وضعـته  الحركـة  الديمقـراطية  الآشـورية  ـ  زوعـا لقـناتها  آشـور  ،  لعـدم  وجـود  لـي  عـلاقة  سـياسية  أو  تنـظيميـة  أو  عـملية  مـع  زوعـا   ،  على  رغـم  كتـاباتـي  في  جريدتـها    (  بهـرا  ) لقـبولها بنشـر  أفكـاري  وقناعـاتي  أسـوة  بالمواقـع  الإعـلامية  التي  أنشـر  كتاباتـي  فيهـا  ،  وتأيـيدي  لقسـم  مـن  مواقـفها  التي  تتـفق  مع  مواقـفي  القـومية  الوحدويـة  ،  وأختـلافي  مع  قسـم  آخـر  يخص  جانبـا  مـن  أمـورها  السـياسية  . . لكـن  الإحتـرام  المتـبادل  هـو  الـقائـم  بيـننا  .

    بوضـوح  ، أنـا  قـومي  ماقـت  للطائفيـة في  كل  زمـان  و مكـان  ،  منـذ  أربعـين  سـنة  ،  مـن  دون  تغـيير  في  نهجـي  ضـمن  الإطـار  الوحـدوي  المتـوارث لشـعبنا  ،   ويعـرف  ذلـك  كـل  مـن  زاملـني  في  العمـل  والجمعـيات  والنـوادي  وبـأن  هدفـي  ينصـب  فـي  صيانـة  وحـدة  شـعبنا   القـومية  والإجتماعـية  بعيـدا  عـن  كل  أشـكال  الطائفية  والعشـائرية  ،  وبتسـمية  كلدوآشورية  سريانيـة  (  كلـدان  آشـوريين  سـريان  ) حاليـا ،  أو  بـأي  تسـمية  وحدويـة   إن  حلـت  محلـها  مستـقبلا  .

       ومـن  هـذا  المنطلـق  أنظـر  إلـى  كل  مايتعـلق  بشـعبنا  . . وأمنـيتي  أن  أرى  شـعـبنا  راسـخا  في  وحدتـه  وشـامخا  حيـث  مناطقـه  في  ربـوع   سـهل  نيـنوى  وما  جـاورها  ،  كمـا  هي  حـال  الأخـوة  الكـرد  ـ  مثـلا  ـ ولكـن  ليـس بالمجـالات  نفسـها  للأختـلاف  العـددي  والتجمعـي  والجغـرافي  بيـن  الأخـوة  الكـرد  وبيـن  شـعبنا  ،  وبنـاء  على  أمنيـتي  بالمنطقـة  الذاتيـة  ،  فإنـني  أود  أن  تكـون  كل  مؤسـسات  شـعبنا الدينـية  والسـياسية  والثـقافية  والإعـلامية  والإجتماعيـة  في  هـذه  المنطقـة  ،  وهي  سـهل  نيـنوى   (  شـمال  الموصـل  )  ومـا يجـاور  هـذا  السـهل  شـمالا  وشـرقا  وغـربا  .

   وبالتأكيـد  ،  فـإن  كل  فئـة  أو  وسـيلة  إعلاميـة  لشـعبنا  ،  مهمـا  كان  إتجاهـها  فإنـني  أصـفق  وأهلهـل  لهـا   ،  وأزيـد   التصفـيق   والهلاهـل  إذا  كـانت  منطلقـة  مـن  ديارنـا  في  سـهل  نيـنوى   ،  شـريطـة  أن  تكـون  حقـا  لشـعبنا  وأن  تأخـذ  مصلحـة  شـعبنا  في  صـدارة  إهتـماماتها  . . ولكـن  ،  وبصـراحة  ووضـوح  ورأي  موضوعـي  وحسـن  نيـة  ،  أيـن  زوعـا  وآشـور  مـن  كـل  هـذا .  . ؟  . 


لنتحـدث  من أجـل  شـعبنا

   قـال  حكيمنـا  أحيقـار  منذ  أكثر  مـن 27  قـرنا  :  ( الإنـاء  السـليم  جميـل  لـدى  الـقلب  ،  والإنـاء  المكسـور  يطـرح  خارجـا  )  وبالتـأكيد  أنـه  لـم  يكـن يقصـد  الوعـاء العـادي  الـذي  نسـتخدمه  في  بعـض  شـؤوننا  اليوميـة  ،  وإن  كـان  المتـداول  :  كـل  إنـاء  ينضـح  بمـا  فيـه  ،  وإنـما  كـان  يشـير  إلـى  الأفعـال  والممارسـات  ومـا  ينسـجم  مـع  رضـا  النـاس   .

  لانـريد  أن  نتملـق  ونتحـدث  بمـا  يريـح  بعيـدا  عـن  الواقـع  ،  ولهـذا  آمـل  أن  يثـق  الأخـوة  في  زوعـا  أن  مـا أتحـدث  بـه  هو  الحقـيقة  التـي  يجـب  أن  تقـال  جهـارا  بعـد   سـكوت  على  مضـض  و صـبر طويـل  حتى  طفـح  الكيـل ولـم  يعـد  بالإمكـان  أن  يحتمـل  أكثـر  ،  وبلـغ  السـيل  الزبـى   . . عـلما أن  مواقـفي  في  التأيـيد  أو  الرفـض  مع  الأخـوة  في  زوعـا وغـيرها لـم  تـتغـير  ولـن  تتغـير   ،  لا  الآن  ولا  مستـقبلا  ،  لأنـني  صاحب  مبـدأ  وحدوي  لشـعـبنا  ومع  شـعـبنا  في  كل  الأحـوال  وأبـني  مواقـفي  مع  أيـة  جهـة  أو  شـخص  داخل  شـعـبنا  أو  خارجه  بنـاء  على  مصلحة  شـعـبنا  لاغـير . .  ما  يتطلـب الصراحـة  وعـدم  إخفـاء   ما أؤمـن  بـه .
   
     وكـما  قـلت  مـرارا  وتكـرارا ،  أنـا  لسـت  منـتميا  إلـى  أية  فئـة  أو  حـزب  ،  وأن  تأيـيدي  لأي  جهـة  ينطلـق  مـن  مبادئـها  وأفـعالها  وإتفاق  ذلك  مع  ما أؤمـن  بـه  ،  وعـندما  أؤكـد  بأنـني  إذا  لـم  أجـد  الأسم  الموحـد  لتحديـد  قوميـتي  ،  فإنـني  سـأكتب  (  آشـوري  )  فـإن  هـذا ،  ليـس منطلقـا  عـن  عاطفـة  آنيـة  أو  تأيـيد  لأحـد   وتحـد  لآخـر ،  وإنـما  هـو   مبـدأ  يسـتـند  على  وقائـع  تاريخـية  وجغـرافية  وإجتماعيـة  ،  وليـس  إنسـياقا  وراء   غـاية  أو  مجاملـة  لجهـة  ،  ولا  يعـني  هـذا  أنـني  مـع  زوعـا  أو  حزب  آشـوري  آخـر ،  وإنـما  تأكـيد  لحقـيقة  أؤمـن  بـها  سـواء  وقـفـت  مع  زوعـا  أو  لـم  أقـف  ،  لأن  موقـفي  مـن  زوعـا  وغيـرها  ينطلق  مـما  ألمسـه  من زوعـا  وغيـرها  مـن  تأيـيد  وأفـعال  واضحة  وجليـة  لقضايا  شـعـبنا  أي  بالأعـمال  وليـس  بالأقـوال  .
   
     وهنـا  عليّ  أن  أوضـح  ،  أنـه  في  الفـترة  الأخيرة  بـدأت  تلوح  لـي  أن  قـيادة  زوعـا  تـتحدث  وتبـرر  وتلقـي  اللـوم  على  غـيرها   ولا  تفعـل أو مـن دون أن  تفـعل  ،   وذلـك  إمـا  أنـها  لا تسـتطيع  أن  تـفعـل  أو لاتـريد  أن  تفـعـل ،  لأن  الذي  يسـلك  سـبيل  الـتـبرير  وإلقـاء  اللـوم  على  الآخـرين  لتـمرير  إخفاقـاته  ،  يعـني  أنـه  لا  يريـد  أن  يقـول  الحقـيقـة  لـما  يخص  نفـسـه  قـبل  الآخـرين  . .

      نحـن  من  دون  شـك  نعـتبر  أن  أمـر  الأسـم  القـومي  الموحد  لشـعـبنا  هو  قضـيتـنا  الراهنـة  وسـبيل  مسـتقـبلي  لصيانـة وحـدة  شـملنا ،  وكان  أملـنا  على  الأقـل  أن  يأتي  هـذا  في  الدسـتور ،  نحن  لا يهمنا  ذكر  المسـيحية ـ  كما  حاول  الأخ  يونـادم  في  تصريحـاته  أن  يجعـله  من  إنجازاتـه  ـ  لأن  المسـيحية  ورد  ذكرهـا  أسـوة  بديانـات الأقليـات الأخرى  وبشـكل  ثـانوي  لترسـيخ  هيمنـة  الشـريعة  الإسـلامية  بالوضـع  المرغـوب  لـدى  الفئـات  الطائفيـة  التـي  تحكمـت بوضـع  مسـودة  الدسـتور بمـا  ينطـوي  علـى  إلتـزام  الدولـة  والحكومـة  بسـلطاتها  الثـلاث  ،  التشـريعيـة  والتنفيذيـة  والقضـائية  ،  بمبـادئ  الإسـلام  وشـعائره  وفروضـه . .

     وربمـا  كـان  مـانشـاهده  هـذه  الأيـام   في  قنـاة  آشـور  مـن  برامـج  حـوارات  معـلومات  إسـلامية وصـور  وطقـوس رمضانية  وصـولا  إلـى  التمثـيليات  المنسـجمة  مع  كـل  ذلـك   . . ألـخ  (  لافائـدة  لشـعـبنا   مـن  هـذه  الكثـافة  لـها  )  هـو  تنفـيذ  لمتطلبـات  الدسـتور (  بحسـن  نيـة حتـى  قبـل  تصـديق  الإسـتفتاء  عليـه  ،  والـذي  شـخصيا  سـأبقى  أرفضـه  سـواء رفضـه  الإسـتفتاء  أو  لـم  يرفضـه  )  التـي  يعـرفها  السـيد  يونـادم  كنـا  أكثـر  منّـا  لأنـه  سـاهم  في  صياغـة  هـذه  المسـودة  وروّج  لـها عـبر  مختلـف  وسـائل  الإعـلام  ومنـها  قنـاة  آشـور  .  .

       وثـم  أن  الديانـة  ليسـت  مهمة  دسـتوريا  لأنـها  واقـع  لا يمكـن إلغـاؤه   ،  وأن  الأهـم  جـدا  هـو  تأكيـد  الوحـدة  القوميـة لشـعبنا   التـي  جـرى  التلاعـب  بهـا  كثيـرا  سـواء  مـن  قبـل  الأنظمـة  والحكومـات  أو  البعـض   ـ  مـع  الألـم  والأسـف  ـ  مـن  داخـل  شـعبنا  ،  لأنـها  (  الوحدة  )  واقـع  يلقـى  الكثـير  من  المصاعـب  والتحديـات  لألغـاء  وجـوده   . .    وعنـدما تستـبعـد    وحدتـنا  من  الدستـور  نهائيـا  فهذا  الدسـتور  لـم  يعـد  صالحا  لنـا نهائيـا  ،  لأن كل  جهـة  تـنظر  الى  الدسـتور  من  خـلال  مـا يخصـها  ،  إذ  أن  الكـرد والطائفيـين  الشـيعة  وقـفوا  الى  جانب  المسـودة   بحمـاس  لأنـها  حقـقت  مطاليـبهم   .  . 

       ومن  هنا  كان  يقـتضي  على  السيد  يونادم  أن  يقف  معارضا  لمسـودة  الدسـتور  جـملة  وتـفصيلا وبكل  وضـوح  ومن  دون  مراوغـات لأنها  لا  تحتـوي  شـيئا  يحقـق  مطاليـبنا  ،  ناهـيك  عـن  أنـها تضـع  الشعـب  العـراقي  في  قوقـعة  جـزء  مـن  الشـعب  العـراقي   ، وحتى  تاريخيـا  تجاهـلت شـعبنا  كلـيا  وأبـرزت  أمورا  لغـيرنا  ليسـت بمسـتوى  تاريخـنا  ومآثـر أجدادنـا مـن  نواحـي  السـمو  الحضـاري  والأمجـاد  العمليـة  والغـزارة  الإنسـانية  والثـقافية  والتـألق  عالميـا  . .

     ومـرت  متجـاهلة  ،  أيضـا  ،  على  كل  نضـالات  شـعبنا  التـي  تزيـد  في   كثـير  من  نواحيـها  عـما  ورد  لغـيرنا  في  ديباجـة  المسـودة  ،  ولـم  تعـط  لشـعبنا  غـير  التـقسـيم  على  أسـس  طائفيـة  دينـية  لجعـله  بالشـكل  الذي  يريـده  الطائفيـون  الشـيعة  للشـعب  العـراقي  وبـما  يجعـل  شـعبنا  على  نهـج  نظـام  أهـل  الذمـة  .

       ومن هـنا أقـول  بوضـوح  ـ  مثـلا  ـ  هـل  يجوز  أن  يظهر السـيد  يونـادم  في  مؤتمـرات  ونـدوات  مع  طائفيـي قائمـة  الإئـتلاف   ليمتـدح  الدسـتور ؟  وهـل  يجـوز  أن  يظهـر  في  التلـفزيونـات  ليمـدح  هـذا  الدسـتور  ؟  وثـم  عـندما  حذفـت  تسـمية   الكلدوآشورييـن  (  التـي يعـتبر  نفسـه وحركتـه وقناتـه  في  صـدارة روادهـا )  وجـرى  تبديلـها  ب  ( ، و الكلدان و الآشوريين  ،  )  عـمدا  من  مسـودة  الدسـتور  قـبل  سـاعات  من عرضـها  على  البرلمـان  . .   هـل  يجـوز لـه أن  يقـرأ  في  الجمعية  الوطنـية  قسـما  من  هـذه  المسـودة   ؟

       عـلما  أن  قراءتـه  للقسـم  منـها تعـني  أنه  موافـق  على  الدسـتور  وأنـه يلبـي متطلبـات  قومـه  ودينـه  وتاريخـه  ومنطلقاتـه  ,  وإذا  إدعـى السـيد  يونـادم  أنـه  ليـس  راضـيا  على  المسـودة  فـلا يمكـن أن  نفسـر قراءتـه لهـا  بغـير  أنـه   مـحب  للظهـور  حتـى بمـا  يتـناقض  مـع  قضايـا  شـعبنا  ،  وذلـك  إنطلاقـا  من  (  الغـاية  تبـرر  الواسـطة  )    . .     وهـو  أمـر  لا  نقبلـه  مـن  الـذي  يعـتبر  نفسـه  قائـدا  (  ضروريـا  )  في  وقـت  صـرنا  مـن  عهـد  صـدام  وبعـض  الزمـان الـذي  قـبلـه  نمقـت  القـائـد  والقـادة  (  الضرورة  وغـير  الضـرورة  )  لأنـنا  لا نـرى  غـير  شـعبنا  ضـرورة  وضـروريا  .

      وإضافـة  إلى هـذا  فـإن  الســيد  يونـادم  يدعـو الى  تـلفزيون  آشـور رئـيس  حـزب  الفضـيلة  الأسـلامي  الطائفي  الشيعي  ويعقـد  معـه  نـدوة   يسـجلها  و يحضـرها  جمهـور  من  أبناء  شـعـبنا (  ليسـتمع  مـن دون أن  يسـمح لـه  بالمناقشـة أو لـم  تعـرض  المناقشـة في  التلفزيـون  ،  لأنـنا  لـم نشـاهدها  بعـد  المحاضـرة )  ليحـاضر  رئيس  حـزب  الفضـيلة  عن  روعـة  الدسـتور  لكل  الشـعب  العـراقي  وأهـتمام  الأسـلام (  يقصـد  واقعـيا الطائفيـين  الشـيعة )  بالمسـيحيين  العراقيـين  من خـلال  مسـودة  الدسـتور (  بالشـكل الـذي  يتحـدث  بـه   الأصـوليون  الأسـلاميون  عـن  العطـف  على أهـل  الذمـة ) .

        وثـم  بعـده  يشـيد  السـيد  يونـادم  على  طريقتـه  الخاصـة  بالدسـتور  ويذكـر بأسـتيحاء  وخجـل  وكـلام  عابـر أنـه  لـم  يلـب   كل  (  أجـل  كل  وليـس  لا شـئ  )  مما  يخـص  شـعـبنا  وتعـرض  قنـاة  آشـور  مـا في  البرنامـج  من إهانـة  لشـعبنا  مرات  عـدة  . . وهكذا  . .  دواليـك  . .  وهنـيئا  على  راحـة  بـال  الذيـن  في  مكـان  وجودهـم  لايمكـن  سـحب  ما يـتم  بثـه  بواسـطة  القـمر  (  نايل سـات )  الـذي  ينقـل  بـث  فضائيـة  آشـور  . .  فكـم  مـن  مـرة  ومـرات  تركـت  قنـاة  آشـور غاضـبا  وبحثـت  عـن  محطة  أخرى  لا أتـألم  منـها . .  فهـل  هـذه  هـي  آشـور  التـي  إنتظـرناها  وعـلقنا  آمـالا  عـليها  ؟ !  !   

      والحقـيقة  الواضحـة  أن  تلفزيـون  آشـور  صار إسـمه  آشـور و 95  في  المائـة مـن بـرامجه  إمـا  عـربي  (  أو  تافـه  )  أو ليـس في  مصلحـة شـعبنا  أو   لا  يفيد  شـعـبنا  بشـئ  ،  مثـلا  ( كنـموذج  )  فيـه  برنامـج  أعتـقد  أنـه  مسـتورد  مـن  سـوريا  أو  الأردن  للأطفـال  يعـلم  اللغـة  العربيـة للمشـاهديـن (  طـاء  وظـاء  ظهـر  ظفـر   وعـين  وغـين  . . ألخ  )  ألـم  يكن  الأجـدى  عوضـا  عـنها  ،  منـذ  بـدأ  بثـه  ،  أن  يعلم  ( ألـب  بيـث  دلـث  . . ريـش  شـين  تـاو  )   الخاصـة  بلغـتـنـا  التي  غالبيـة  شـعبنا  بسـبب  السـنين  العـجاف  لـم  يتعـلمها ،  وهـو  نفسـه  (  تلفزيـون  آشـور  )  يتحـدث  عـن  مـدارس  ودورات  ونـدوات وكتـب لتعـليم  السـريانية  ،  فأيهـما أفضـل  لشـعبنا أن يصـور  أحـد  المعلميـن  وهـو  يعـلم  السـريانية  أم  يعـلم  شـعبنا طـاء  وظـاء  وضـاد  وراء   . .  وهـل لا يوجـد  في  كل  شـعبنا  شـخص  متمكـن لأعـداد  وتقـديم  برامـج  لغـوية  وتثـقيفية  وفـنية  لأطفالنـا بلغـتنا  . . ؟ .

      وإجمـالا  في  قنـاة  آشـور لـم  أجـد برنامجـا يسـتحق  أن  يشـاهد من  قبـل  شـعبنا  (  إلا  نـادرا  جـدا  ،  والحقـيقة   أسـتطيع  أن  أقـول فقط  برنامـج  السـيد نزار  الديـراني  المفـيد  بمادتـه  ولغـته  السـريانية  البسـيطة  المفهـومة لكل  لهجـات شـعبنا  ،   وبـرنامج  تعليـم  اللغـة  السـريانية  الذي  بـدأ  بثـه  وأنـا  في  المرحلـة  النهائيـة  مـن  كتابـة  هـذا  الموضـوع  ،  وإنصـافا  أقـول  ،  إن  هـذا  البرنامـج  التعـليمي   يسـتحق  الثـناء  لمقـدمه  الناجـح  ومقـدمته  وخاتمتـه  الغـنائية   المعـبرة   وتصـويره  وعـرضه   )  .

      والغـريب  أن لتلفزيـون  آشـور  مراسـل  (  خـاص  )  في  كربلاء  ينقـل  يوميـا  انجازات  الموظفيـن   في  بابـل  وكربـلاء  وأوامـر  وفتـاوى  هـذا  المرجـع  الشـيعي  وبيانـات  ذاك  الطائـفي  في  الوقـت  الـذي لا يوجـد  لـه مراسـل  في  أي  منطقـة  لشـعبنا  في  سـهل  نيـنوى  . .

      ويـعرض  تـلفزيون  آشـور  برامج  عـن  المساجـد  وكتاباتـها  وزخارفـها  ،  وهـو  لا  يقــدم  شـيئا  عـن  مئـات  أديرتـنا  وكنائسـنا  التاريخيـة  ومـا  فيـها  من  كتابـات  وزخارف  ونفائـس  لأجدادنـا  العـظام  . .   ورأيـنا ،  فـإذا  كـان  يريـد  أن  يقـدم  الكتابـات  الزخرفيـة  العربيـة  ـ  مثلا  ،  كمـا  فعـل  مع  المسـاجد  ـ  فـإن  كتابـات  وزخارف  ديـر مار بهـنام  العربيـة  التـي  تعـود  الـى  العـهد  الأتابكـي  ،  لا تـقل  جـمالا وأهميـة  تاريخيـة  وفنيـة   عـما  هـو  موجـود  في  أي  مسـجد  أو  حسـينية  أو تكيـة  عراقيـة  .

        ومـن  البرامـج  المكـررة  يوميـا على  رغـم  عيـون  وآذان  وأنـوف  المشـاهدين  ،  برنـامج  إسـمه  ( مطـرب  الرافديـن )  وهـو فـي  الوقت  الذي  لا يهتـم  بتـراث  شعـبنا  الغـنائي  ذي  الأصـالة  إلا  بالنـزر  اليسـير  فإنـه  يعـرض  ما يسـميه  أغـنيات  بالعربيـة  بحركات وكلمـات وأصـوات  تزعـج  أكثـر  العـيون  والآذان  قـدرة  على  التحمـل   . .   ألـم  يكـن  الأجـدر  أن  يكـون  فـي  مكـان  هـذا  برنامجـا  بأسـم  (  المطـرب  السـرياني  )  أو
 ( التـراث  الغـنائي  السـرياني  )  أو  (  أصـوات  غنائيـة  سريانيـة )  . . ؟ .

       والسـؤال  ،  هـل  أن  مهمـة  تلفـزيون آشـور   هـي  حشـو   عـيون  مشـاهديه   ،   سـواء تحملـوا  هـذا  الحشـو أو  ملـّوا  منـه  ؟  ويبـدو  أن المشـرفين على  هـذا  التلفزيـون  لا يعلمـون أن  المشـاهدين  يتـركوه  حتى  لو كـان  إسـمه   آشـور   ،  الإسـم  الـذي  يفتـخرون  بـه  بإعـتباره  مـن  تـراث  أجـدادهم  ،   ويفتـشـون  عـن  غـيره  يناسـبهم  ؟  .  . وهـذا  كلـه  غـيض  مـن  فيـض   مـا   يعـرضه  مـن  دون  مبـالاة   لمشـاعر  شـعبه   .

       وعـلاوة  . . وعـلاوة   على  كل  هـذا  وذاك  ،  يظهـر  أبو  برنامج   إسـمه ( أضـواء  العـدالة ) ما شـاء  اللـه  على  حقيقة  الأسم  ومـا يقـدمه  صاحبـه   (  وهـو  طبعـا  ليس مـن شـعبنا  الكلدانـي الآشـوري  السـرياني )   محـاطا  كل  يـوم  تقـريبا  بمـن  ليـس  من  قومـنا  من أصحـاب  اللحى  المتنوعـة  وغـيرهم  ليـقدموا  لقومنـا  العدالـة  على  أطباقـهم  وبحسـب  أذواقـهم   ،  حتى  وصـل  الحـال  والتـرحال  الى  ضـيفات  كـل  مافـيهن   مغـطى  بالسـواد  بأستثـناء  جـزء  صغـير  من  الوجـه  (  لا نشـاهد  مثلهـن  إلا  في  تلفـزيون  الفـرات ـ  المعـروف  من  يمولـه  وبإسـم  من  يعـمل   ـ  وتلفزيـونات الطائفيـين  المعـروفة  داخـل  العـراق  وخارجـه  ،  وطبعـا  تلفـزيون  العـراقية  بعـدما  هيمنـت  عليـه  بمسـاعدة  حكومـة  الجعـفري  العـناصر  الطائفيـة  )    لتعـلمن  بنـات  شـعـبنا  ألأخـلاق العادلـة   وسـمو منـزلة  الحجاب  وحقوق  النسـاء  في  الشـريعة  الإسـلامية  التي  جـاءت  في  مسـودة  الدسـتور    ! ! ويتـكرر عـرض  محتويـات البرنامـج  بأسـتمرار  ،  فهـل  هذا  مقـبول  لديـكم يـا أهـل زوعـا وآشـور  ؟ .

      ومـع  إحتـرامي  لهـؤلاء  الأشـخاص  مـن  أصحـاب اللحـى  والحجـاب  في  قناعـاتهم  وخصوصـياتهم  ،  أسـأل   ألـيس  ضـمن  شـعبنا ـ رجـالا  ونسـاء  ـ  المئـات  الـذين ليسـوا أقـل   ثـقافة  وجـدارة مـن  هـؤلاء    ليظهـروا  في  تلفزيـون  شـعبنا  آشـور  ؟  أو  ألا يوجـد  في  شـعبنا  من  يسـتطيع  أن  يقـدم  برنامـج  العدالـة  مثـل  هـذا  إن  لـم  يكـن  أفضـل  وأنسـب منـه  ؟  أم  أن  قـناة  آشـور  تريـد  السـير  على  خطـى  (  الفـرات  وشـقيقاتها   المعبـرات عـن  نهـج  وعـدالة  الطائفيـين  الشـيعة   ) و  (  العـراقية  )  التي  تولـت  تحديثـها  الميليشـيات  الحكوميـة  الطائفيـة  الشـيعية  بفـرض  اللحـى  والحجـاب  على  العـاملين  فيـها  و ضـيوفهم   في  غـالب  الأحيـان  أيضـا  ، إنسـجاما  مـع  الشـريعة  التـي  إلتـزمتها  مسـودة  الدسـتور  ؟  .  .  ونـرجو  أن  لا يكـون  صحيحـا  ما  يشـاع  بـأن  الطائفيـين  الشـيعة  يمولـون  آشـور  مـن  خـلال  الهـدايا  والحصـص  بالإعـلانات  . .

       وهـناك  من  يقـول  أن  (  البرامـج  الطائفيـة  هـي  بمثابـة  إعـلانات  مدفوعـة  الثمـن  ،  وإذا  كان  هـذا  صحيحـا  ولأنـنا  لا  نعـترض  على  الإعـلانـات  لأنـها  المصـدر  التـمويلي  لغـالبية  الوسـائل  الإعـلامية  غـير الرسـمية  فإنـه  ينبغـي  أن  يكتـب  في  بدايـة  البرنامـج  ونهايتـه  (  إعـلان  مدفـوع  الثمـن  )  كمـا  تفعـل  قنـاة  الشـرقية   ،  ولكـننا     نـرى  أن   هـذه  (  الهـدايا  والحصـص  والإعـلانات  ،  نؤكـد  إذا  كانـت  صحيحـة )  تمثـل  خطـرا  على  شـعبنا  خصوصـا  إذا  كانـت  مقـدمة  لأتفـاق  زوعـا  مع  الطائفيـين  على  نصـيب  لهـا مـن  مقاعـد  الإنتخابـات  المقبلـة  !  !

       ونـرجو  قلبـيا  أن  لا يحـدث  هـذا  لأنـه  سـيؤدي  إلـى  قطـع  آخـر  ما  تبقـى  مـن  (  شـعرة  معـاوية  )  بيـن  شـعبنا  وزوعـا  . . ونتـرك   تـقدير  نتائـج  ذلـك  للذيـن  يرسـمون  نهـج  زوعـا .  .  فـإن  شـعبـنا  هـو على  النقـيض  في  كـل  شـئ  مع  هـؤلاء  الطائفيـين  ومـن  هـو  على  شـاكلتهم  شـخصا  أم  فئـة  .  .  وسـتكون  لنـا عـودة  للحديـث  نفسـه  إذا  إقتـضت  مصلحـة  شـعبنا  وإجـلاء  الحقائـق  ذلـك   .
 
      بالصراحـة  التي  ألتـزم  بهـا  شـخصيا  فيمـا أكتـبه  وأتنـاوله  مـن قضـايا  شـعبنا  أؤكـد  وأقـول   . .   إذا  كـان الأخ  يونـادم    يعتـقد  أو  يريـد  أن  يستـفيد  شـيئا  لشـعبنا  من  الطائفيـين  الشـيعة  فهـو  على  وهـم  كبـير  ،  فـقد  أخـذ  معـه  الوزيـرة  باسـمة  التي  وضعـت  إشـارا  مناسـبا  على  رأسـها  وذهـبا  وقابـلا )  . .  )   وتـم  إبـراز  المقابلـة  في كـل وسـائل  إعـلام  زوعـا  على  رغـم  أنـهما  خرجـا  ـ  كمـا  تبـين  ـ  خاويـا  اليديـن مـن  عـند  هـذا  الزعـيم  لحـزب  طائفـي  شـيعي   وبـلا نتيجـة  سـوى  الضـرر لشـعبنا  . . 

      وهكـذا   مقابـلات  السـيد  يونـادم التملقـية   الأخـرى  للطائفـيين   الذيـن دمـروا  وحـدة  شـعـبنا  في  دسـتورهم  ،  وهنـا  أقـول  :  كـم  كان  كبيـرا  عـندنا  السـيد  يونـادم  لو  إنسـحب  شـامخ  الـرأس  مـن لجنـة  الدسـتور  عندمـا رأى  أن  وجـوده  هـو  للديكـور فـقط   ،   ولـو  تـرك  قاعـة  الجمعيـة  عـند  قـراءة  المسـودة  لا أن  يقـرأها  ويجعـلنا  في  حـزن  وخجـل  وإحبـاط   مـما  فعـله  . .

     وبالنسـبة  لقنـاة  آشـور ،  إذا  كـان  المشـرفون  عليـها   يعتـقدون  أنـها  بإبتـعادها  عـن  شـعبنا  سـوف يرضـى  الطائفيـون  بمشـاهدتها  فهـم  على  أشـد  الوهـم  سـبيلا   . . والنتيجـة  بوضـوح  وجـلاء  ،  فـإنها  ستفـقـد  شـعبنا  ولا تجـد  بالفعـل  مـن يشـاهدها  بيـن  الطائفيـين  الشـيعة  وغيرهـم   ،  وسـينطبق  عليهـا المثـل  الشـعبي  الـذي  يقـول  :  لـم  تـرض  برجلهـا  ولـم  يأخـذها  (  . . .  )  .
 
    ومـع  أنني  لسـت  راضـيا  عن  الموقـف  الكـردي  السـياسي   من  قضايا  شـعبنا   ،  وكتـبت  عـن  ذلـك  بوضـوح  ،  ولكنـني  أرى  أن  مصلحـة  شـعبنا  تـتطلب  التـقرب  منـهم  وتأيـيدهم  أكثـر  مـن  غـيرهم  ،  لأن  قـراه   موجـودة في  الأراضي  التي  يتحكمـون  فيـها  وأبنـاءه   يعيشـون  مـع  الأخـوة  الكـرد  ،   ومستـقبله  معهـم  شـئنا  أم  أبـينا  ،  ولذا  لا  يمكـن  أبـدا  تفضيـل  التعـاون  مع  غيـرهم  ،  أيـّا  كـان  ،  عليـهم  ،   ولا  نـدري  لماذا  مـلأت  آشـور   95  بالمئة  من  برامجـها  بالعـربي  والعرب  ولا يوجـد  خمسـة  في  المـائة  للكـرد  لغـة  وشـعبا  . .  هـل  هـو  عـناد  مـن  نـوع  مـا  ؟  في  الوقـت  الـذي  لا يفـيد  العـناد  خصوصـا عـندما  يتعارض  مع  الواقـع  ويلحـق  الضـرر  والخسـارة  بشـعبنا  . 

     هذا  طبعـا  ليـس  رأيـي  فقـط  ،  وأنـما  هو  رأي  العشـرات  من  المؤمنـين  بقضايـا  شعـبنا  الذيـن  يتصـلون  معـي  ونتـحدث  في  شـأن أمـور  شـعـبنا  . . وأقـول  بوضـوح  أن  زوعـا  سـتـفقد  مكانتها  المتميزة  ،  وبالفعـل  بـدأت  تـفـقدها  وقد  خسـرت الكثـير ،  إذا  لـم  تصـحح  نهجها    . .  وإذا  كانـت  تعـتمد  على  الآشـوريين  في  شـيكاغو   ـ  مثـلا  ـ  فهـذا  خيـال  وليـس  رصـيدا  ،  وأسـأل  : كـم  آشوريـا  في  شـيكاغو  صـوّت  لـها  في  الأنتخابـات  ؟  الأعتـماد  المـفيد  هـو  فـقط  في  سـهل  نيـنوى  حيث قـرى  شـعبنا  ومكـان  والحـفاظ  على  مصيـره  لا غـير ولا  غـير  إطلاقـا  . . 

       وبالمناسـبة  فإنـني  أرى  ضـررا  فادحـا فيـما  وقـف  إلـى  جانبـه  السـيد  يونـادم  بفتـح  مـراكز  إقـتراع  إنتخابيـة  خـارج  العـراق  ،  لأن  تجربـة  الإنتخابـات  السـابقة  أثبـتت  أن  هـذه  المراكـز  لا توفـر  المجـال  للتصـويت  الحـر  لكل  عـراقي في  الخـارج  يرغـب بذلـك  ،  لأنـها  متنـاثرة  حسـب  أهـواء مفوضيـة  الإنتخابـات  ( غـير المستـقلة )  ويجـري  التلاعـب  بهـا  بسـهولة  مـن  قبـل  المتـنفـذين  ،  ومـا حصـل  في  تصـويت  إيـران  شـاهد  على  ذلـك  حيـث  وضعـت  في  الصـناديق  مئـات  آلاف  الأوراق  لمصوتـين  إيـرانيـين  أصـلا  وفصـلا  ومسـكنا متوارثـا . .  ولا  حسـيب  ولا  رقـيب  . .

      وكـان  الأجـدر  أن  يقـال   لـمن  يريـد  التصـويت  مـن  عـراقيي  الخـارج  ،  أن  يأتـي  إلـى  الوطـن  عـزيزا  وفيـا وقـت  الإنتخـابات  ويؤكـد  عـراقيته  ويدلـي  بصـوته  كمـا  يحلـو  لـه  حيـث  أرضـه  وأهلـه  .

كيـف أريـد  رؤيـة  فضائيات شـعبنا ؟
( ملاحظـات عـامة )

    لقـد  عـملت موظفا  محـررا متقـدما  في جريدة  الحياة  بقابلياتـي  ووفائي  لمهمات  عـملي  ، ولا  زلت  أعـمل  ، وفي  الوقـت  نفسـه ،   نـادرا  ما توجـد  أذاعـة أو تلفزيـون أو فضائيـة  مهمـة ناطقـة  بالعـربية لـم أعـمل فيـها  متـميزا  ،  سـواء  مراسـلا  أو  خبيـرا  أو  مسـاهما  . .      وبالنسـبة  لفضائيـات  شـعبنا  ،  فـأود  أن  أسـجل  مـا  يخطـر  بـبالي  ـ بصـورة  عامـة  ـ   مـن  أقـتراحات  وملاحظات  أعـتمادا  الـى  :  معـلوماتي  وتجربـتي  الأعلاميـة  . . 

       خبرتـي  من  العـمل  في  العـديد  مـن المجـالات  التلفزيونيـة  :  مراسـلا  ـ  السـعـودي  ،  أبوظبـي  ،  الأمـارات  ،  المنـار  (  اللبناني لحزب  اللـه ) ، الأردنـي  ،  السـوري  ،  الكويـتي  ، L B C   الحياة  اللبنانـي (  وقد أشـتركت  في  الـدورة  الفـنية التي  أقامـها هـذا التـلفزيزن  L B C   خـريف  2002   في  مقـره  في  بيـروت  للعـاملين  فيـه  حيـث  كنـت  من  مراسـليه  المدعـوين  للمشـاركة  فـيها  )    . .  وخبيـرا  ـ  B B C    أثـناء  فتـرة  عـمله  ،  الجـزيرة  ، تلفزيـون  العـالم  ،  دبـي  . .  ومساهـما  ـ  M B C    ،  ANN  ،  المصـري  . .

       وايضا  عـملي فـي   ما لايـقل  عـن  15  أذاعـة  مهمـة  بيـنها  :  مونـت كارلـو  ( ولا زلـت  أعـمل  ) ،  D  W الألمانيـة  ( ولا زلـت  ) ، B B C   ( ولا زلـت )  ،  صوت  أميركا  ،  طهـران ( لا زلـت )  . . ألـخ  هـذا  أضافـة  الـى  ملاحظاتـي  الخاصـة  في  شـأن  آراء  شـعبنا  ومـا  يـرتاح  اليـه  ومـا  يبتعـد  عـنه . .  وأنـا  أذ  أدون  هذه  الملاحظات  ،  فأنـما  الغـاية  المسـاهمة  في  وضـع  أسـس  إعـلام  يناسـب  مرحلـة  شـعبنا  الراهنـة   وتطلعـاته  المسـتقبلية  . .

البـرامج
 

        ـ   يريحـني  جـدا ،   أن  يكون  مقـر فضـائية  عشـتار  في  بلدتنـا  العـزيزة  عـنكاوا (  أنطلاقـا من  موقـفي  بأن لا مكان  يحافـظ  عـلينا  من الأندثـار  غـير  ديارنـا  التـي لا يـزال  شـعـبنا متمسـكا  بصـلابة  بهـا  ،  والتـي  ينبغـي  أن  تكون  مراكـز  رئيسـية  لكل مؤسـساتنا  وتنظيماتـنا مهـما  كــان نوعـها )  خصوصـا  ،  وكـما عـلمت  ،  أن  فضائيـة  عشـتار  تسـعى  لكـي  يكـون  لهـا مكاتـب  ومراسـلين  حيـث  توجـد  بلدات  وقـرى  وتجمعـات  شـعبنا  . . وأرى :
        ـ   أن  يكـون  وقـت  أذاعـة  كـل  برنـامج  بموجـب جـدول  وزمـن وفـترة  ملتـزما  بـه ،  لكـي تـكون المتابعـة  سـهلة  وبعـيدا  عـن الفوضـى  المزعـجة  للمشـاهدين بتغـيير الأوقـات ،  والأزعـاج  يمـكن أن يـؤدي الـى أبتعـاد المشـاهد عـن  أي  قـناة . .
        ـ   أن  تكون مـواد عشـتار  : ( تقريبا  )  50  %  (  لشـعبنا  الكلدانـي  الآشـوري  السـرياني  ـ  أخبـار ومواضيع  متنوعـة  وبلغـته ) و  50 %  (  باللغـتين  الكرديـة  والعـربية  ـ  أخبـار ومواضيـع  متنوعـة  )  .
      ـ وأن يـتناول (  الكلدانـي  الآشـوري  السـرياني  ) مـوادا :  أخباريـة  تبـرز  نشـاطات  شـعبنا  وقضايـاه  ،  أعـلامية  ،  أمـورا  أجتماعـية   ومطالب  ،  زيارات  للقـرى  ، تراثيـة ،  سـياحية ، جغـرافية  ،  ثقـافية  ، مسـرحيات ،  لقـاءات  (  وأن تكـون غالبيـتها باللغـة السـريانية  وأقـليتها بالعـربية و الكـردية و أحيـانا التركمانيـة  إذا  كانت  ذات  صلـة  بكركـوك  )  .
      ـ   وأن تكون العـراقية  العـامة  أضافة  الى الخبرية ،  تعـريفية (  خصوصا كـرد ،  تركمـان ، أقـليات  :  أيزيديـة ، صابـئة ،  شـبك  ) وسـياحية  وبيـئية  وعـادات وتقالـيد .
    ـ   وأن  تكون العـالمية  أحداثـا خبريـة  وقتيـة و تاريخيـة  مهمـة وجغـرافية وسـياحية  وطرائـف  وأفلامـا  .

ألأمور  الدينيـة

 ـ  المسـيحية  :  أن  تركـز  على المخلفـات  التراثيـة  والأديـرة  والكـنائس  المندثـرة  والمتهدمـة  والعـامرة  مع  تجنـب نقـل  القداديـس والمناسـبات  ،  بأستثـناء  ما يمـكن  ضـمان التـوازن  التـام  فيـه  بـين  الجميـع  .   
      غـير  المسـيحية  :    (  لمحـات  فـقط  بالنسـبة  للأسـلامية  بسـبب المشـاكل  الطائفيـة القائمـة والصراعـات  أضافـة  الى  عـدم  وجـود  عـلاقة  مباشـرة للمشـاهد  المسـيحي  بهـا ،  مـا يعـني  أن  إهتـمامه  لـن  يكـون  كبيـرا  بـها  ،  الأمـر الـذي  ينبغـي  أن   تـأخذه  عشـتار  في  إعـتبارها  )  أمـا  المناسـبات  الأيزيديـة  والصابئيـة  فالأهتـمام بهـا يكـون  مقـبولا  لأنـها  فريـدة  ومرغـوب   الأطـلاع  عـليها  .

الأخبـار

     ـ  هي  الأكـثر  أهتـماما  من  المشـاهدين  في  كل  أنحاء  العـالم  لأرتباطهـا بالحيـاة  اليوميـة  شـريطة  التقليـل  مـن  الأنـواع  المتـكررة  منهـا  يوميـا  لأنـها  تصـبح  مملـة   ،  ولهـذا  فأن  الأتجـاه  الأعـلامي  العـالمي  (  ومـنه  العـربي  )  يهـتم بالفضائيـات  الأخـبارية  التي  تحظى  بالمتابعـة  الأوسـع  من  المشـاهدين  . . لكن  ينبغـي  أن  يكـون  للجـانب  الأخـباري  دراسـة  وافـية  ومراعـاة  لنوعـية  مشـاهدي  الفضائيـة  . . ولا شـك  أن  غالبـية مشـاهدي  فضائيـة  عشـتار  (  التـي  نحن  بصـددها  )   هـم  مسـيحيون  داخـل  العـراق  وخارجـه  وخاصـة  من  الأصـل  العـراقي  والشـرق  أوسـطي ، لـذا  يجـب  الأخـذ  برغـباتهم  وآرائـهم  ومـا  يفضـلونه  . . 
 
الظهـور  في  الأسـتديو

ـ  والمقصـود  بالأسـتوديو  كل  من  يظهر  مباشـرة  من  أسـتوديوهات  الفضائية  ،  رجالا  ونسـاء   ،  سـواء  كان ظهـوره  مباشـرا على  الهـواء  أو  من  خلال  تسـجيل المـادة  قـبل  بثـها  وسـواء  كان  مذيعـا أو مقـدما  للبرامـج  أو  ضـيفا   . .

      ينبغـي  أن  يـكون  بعـد  ماكـياج  بسـيط  (  في غـرفة  خاصـة  بالماكيـاج تكون عـادة بجانب الأسـتوديوهات )  لمعـالجة بعـض  الأمـور  التي  تشـوش  الصـور  مثل  الصلعـة التي  تعـكس الى  الكاميرات الأضـوية فينـبغي وضـع  قـليل  من  البـودرة   عـليها  ، وهكذا  بالنسـبة لأمـور أخـرى مثـل مكان جـرح حديث في الرأس  أو  الوجه ، أو  تعـديل  الشعـر  الطويل اذا كان (  خربطه ) الهـواء أثـناء  القـدوم  الى  الأسـتوديو أو تعـديل وضع  الملابـس . . ألـخ وفي داخـل الأسـتوديو  يجب  أن  يكون  الجـلوس  بالشـكل  والمكان  الذي  يحـدده  المخـرج  .

    المذيـع  ومقـدم  البرامـج  ( في كل  الأوقـات  والأحـوال  والفصـول ومن دون السـماح  لأحـد بالتصـرف كما  يشـاء أو الأستـثناء  ) يجب  وشـرط  أن  يكون  أنيـقا وبـزي  كامل ( قميص  وربطة عـنق وسـترة (  لا لحى  أطلاقـا  صغـيرة  أو كبـيرة  طويلة  أو  قصيرة  للرجال  )  (  ولا  كشـف  للصـدر  أكـثر  من  اللازم  المعـتاد أو  الملابـس الفاضحة  غـير  اللائقـة  أو الحجاب  أو غـطاء الرأس  بالنسـبة  للنسـاء  )  وآمل  أن  لا يصل  حديث  الناس  عن  العـراقية  الـى  فضائياتـنا  ،  حيث  يقـول  النـاس  عـن  العـراقية  أنـها  "  أصبحت  مكانا لموديلات  اللحـى  والحجـاب والقمصان  نصف  ردان  ومن  دون  الربـاط  الكافـر  وكل  على  هـواه  فوضى  وفـلتـان    ". .

الضيف

  ـ (  رجـلا  أو  أمـرأة  )  لا تنطبق  عليه  الشـروط  أعـلاه  الخاصة بالهـندام والمظهـر  ، ولكن الماكيـاج  القليـل ضروري وكذلك  الجلوس  بحسـب  طلب  المخرج  ،  فمثلا  لايجوز  أن يجلس  الضيف  واضعـا  الرجل  على  رجل  وأسـفل  حذائه  مواجه  للكاميرا  وما الـى  ذلـك  مما  يثـير الإشـمئزاز و الأسـتياء  .

    أما  الضيف  الذي  يتم  الألتـقاء  به  في  منزله  أو  مكتـبه   فتكون له  حريـة  واسـعة  في  الأختـيار  بأستـثناء  وضع  الجلوس  . .  و أما  الضيف  الذي  يتم  اللقاء  معـه  في  الطرق  والمحلات  والمزارع  والمصانع  والشـركات  والحفلات وما الـى ذلك  ،  فلا  قـيود عليه  أطلاقـا  أذا  تـم  أختياره  من  قـبل  المراسل  أو  القـائم  بالتحقـيق   . 

   وحـذار  وحـذار  ،  من  الأكثـار  من  الضيوف  من المحجبات  وأصحاب  العـمائم ،  فقـد وصل  ما  شـاهده  شـعبنا وغـيره  من هؤلاء  حـد  الأشـباع  التـام  والهـروب  من  فضائيـة  ظهورهـم   ،  ولـم تـبق  عـنده القابلـية  لمشـاهدة  المزيد  منـهم  في  قنـواتنا  الفضائيـة  .   

      أنـا لسـت طائفيا  أو متعصـبا دينيـا  أطلاقـا ،  ولسـت  ضـد  الحجاب  والعـمائم  فلكل  أنسان  حريـته  ومواقفـه  ،  ولكنني  أجـد  أن  أهـتمام قـناة  خاصة لها  صفة  مسـيحية  كلـدانية آشـورية سـريانية   بالحجاب  والعـمائم  لا تلائـم  طبيعـة  الشـعـب الذي  تعـبر  قنواتـنا عـنه وإهتـماماته ، ومن حـق  كل  شعـب  وديـن  الأعـتزاز  بخصوصياته  شـريطة  أن  تكـون ضمـن  الخصوصيات الفرديـة  ومن  دون  فـرض  على  أحـد   . 

        وثـم  كيـف  سـيكون  موقـف  مشـاهدي قـنوات  شـعبنا  أذا قابلت مذيعـتها  رجلا  معـمما وفرض  عليها  شـرط  وضع  الغـطاء  على  رأسـها  أثـناء  أجراء  المقابلة  معـه  ، قـد  تكون  هذه  الأمـور  بسـيطة  من قـبل  بعـض  وجهات  النظـر  ولكنها  ليسـت كذلك من قـبل  الكثيرين ، ثم  ما هي  الفائـدة  الجماهيرية لشـعبنا من لـقاءات مع  أهـل  الحجاب  والعـمائم  في الوقت  الذي  يظهرون  في  العـشرات من  برامج  القـنوات الأخرى يوميا  . . لكن  أؤكـد  أن  هـذا  لاينطبق  على  الأخبار والأحداث  المنقولـة فتـلك  عامة  ولا  علاقـة  لها  بالمواقـف  والضوابط  التي  ذكرتها  أعـلاه   . 

المراسـل

 ـ (  رجـلا  أو  أمـرأة  )  ـ  من  ناحية  الشـكل  العـام  ينطبق  عليه  صفات  ومظهر  المذيع  ومقـدم  البرامج  ( لا  لحـى  ولا حجاب ولا غطاء  دائمي  للرأس )  ، ولكن يكون  الهندام  متناسـبا  مع المكان  الذي  يعـد  موضوعـه  فـيه  ، مثلا للرجل  أذا قابـل  مسـؤولا أوشـخصا  في  بيـته  أو  مكتـبه  ينبغـي  أن  يكون  أنيـقا  مثـل  المذيع  ، أما في  غيـر  ذلك  فلا شـرط  عليه من  ناحية  الملابس لأن  المواضع  تختـلف في  أماكنـها  وتناولـها  ،  ولكن  بالنسـبة  للنسـاء يفضل  أن  ترتـدي  بنطرون من  النوع  المريح  للتـنقل  والعـمل  في التحقيقات خارج  المكاتب  والبيـوت  .
المسرحيات والتمثيليات

    ـ   لا  توجد  عليها  شروط لأنها  خارج  أطار  سـيطرة  القـناة  ،  ولكن  مـن حـق  القـناة  أختـيار التمثيلية  أو  المسـرحية  التي  تناسـبها وتناسب  أذواق   مشـاهديها    أيضـا .

الغـناء

 ـ  بدايـة  ينبغـي  أن  يكون  50  %  منه  سـرياني  و 50 %  من  اللغـات  الأخرى  العـربية  والكردية  والتركمانية  ،  والضوابط أراهـا كما يلـي :
    الغـناء  السرياني  :  بالنسـبة  للخاص  بقـنواتنا  ينبغـي  أن  يكون  المغـني من  دون  تصرفات  جنونيـة وجـواري وعـنف  الذي  شـاع  ولا زال  عـند  أيـتام عـدي في  الغـناء  العـربي نتيجـة لما تعـلموه من أحيائـهم  لسـهرات عـدي  الماجـنة والصاخبـة ،  فالمغـني لقـنوات  شـعبنا  ينبغـي أن  يكون  منظره  طبيعـيا   لا أشـكال  ماجنـة   للحـى وشـعر الرأس  أطول من  شـعـر البنات  ولا   تخنـث ولا  أسـتهتار ، لأن  المغـني  يعبـر  عـن  الثـقافة  والفـن والتراث  والتـقاليد الأجتماعية وأذا  تجاوزها يصـبح  فنـه  لـهو  أطفـال ،  غنـاء  يدخل  الفرحـة  والراحـة وبعـيدا  عـن البهـدلة والسـلوك المشـين .

      (  وكمثال كان  بيـبا  المغـني  السـرياني  اللامـع  في  السـبعينيات  ( لا أدري أين حـل بـه  الدهـر )  كان  صاحب  صوت  رائع  ولكن غالبـية  الناس لم  تكـن تهتـم  بـه بسـبب  منظـره  الوسـخ وملبسـه  المبهدل  وسـلوكه غـير المرغـوب  فيـه  وتصرفاته غـير اللائقـة أثـناء  الغـناء  بسـبب  السـكر  الشـديد  ،  وعلى  العكس  كانت  الناس  تفضل  ألبرت  روئيل و جورج  ألياس  وجورج  حنـا وغـيرهم  من  المتـزنين  شـكلا وأداء  وسـلوكا .

     ويفضل أن  تكون الأغـاني  السريانية الخاصة ،  بقـدر  الإمكـان  (  من أنتـاج  قنـاة  شـعبنا ) مصـورة في  أماكن  شعـبنا  الأثـرية والبلدانيـة والقرويـة والمناظر  الطبيعـية  ،  وخصوصـا الأماكـن  المنسـجمة  مع  كلماتـها  ، لأنها تزداد  روعـة ،  وتكون  أكثـر  جـمالا  وقـبولا  لو يكون  المغـني  أو  المغـنية والمشاركون  في الأداء  والظهور بملابسـنا  الشعـبية . . مع  الأهتـمام بالأرث  الغـنائي  ،  كلمـات  ولحنـا وآلات  موسيقـية الخاصة  بشعـبنا ومناطقـه  . . .

       أمـا الغـناء  غـير  الخاص  بالقـناة  (  أي  المأخوذ  من  الحفلات والشـرا

80
إنـه ليس  دسـتورا لعـراقـنا  .  .  ونرفضـه كامـلا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جـميـــل  روفـائيـــل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
      السـؤال والجواب  الذي  نسـمعه  هذه الأيام  ،  ونقـرأه  في  الصحف  والمواقع  الإعلامية  . . نسـمعه  من  أبناء  شـعـبنا  ونقـرأه  في  كتاباتـه ،  من  وحدويـيه  وطائفيـيه  ،  مدنيـيه  ورجال  دينـه  ،  أحزابه  ومنظماتـه  وهيئاتـه  الإجتماعية  . . رجاله  ونسـائه ،  شـيبه  وشـبابه  ،  مثـقـفيه  وعـامته  . . في  داخل  العـراق  وخارجه  . . الكل  يتـفق  ـ  ولـو  بصـور وأقـوال  متـنوعـة  ـ  على  أن  مسـودة  الدسـتور العراقي  المعـلنة  هذه  الأيـام  ،  لـم  تلـب  الحـد  الأدنى  من  حقـوق  شـعبنا  التاريخية  ومآثـره  الإنسـانية  والكفاحيـة  وضماناتـه  القوميـة  والدينـية  . .

      إذا  كان  هـذا  هـو السـؤال  وهـذا  هو  الجواب  في  الوقت  نفسـه  ،  فمن  حقـنا  نحـن أبناء هذا الشـعب  أن  نبحث  عن  السـبب  ونحاسـب  الذي  جردنـا  الى  هذا  الحـد  من  حقـنا  كشـعب  أصـيل  في  بلاد  بين  النهرين  وكمواطنين  لهـم  من  الواجبات  والحقوق  مـا لغيـرهم  من  المواطنين  العـراقـيين  . . نـريد  وبصراحة  ووضوح  أن  نعـرف  من الـذي  وضعـنا  داخل  الهامش  المتدني  من  الدسـتور  . . نريـد  أن  نعـرف  الحقيقة  لنقـول  حكمنـا  في  الذيـن  جعـلونا  في  وضـع  مأسـاوي  لا يحسـد  عليه  . .  نريـد  أن  نـحذر  من  مغـبة  الأنغـماس  في  الطائفية  على  حسـاب  وحـدة  شـعبنا  وقوتـه  المتوارثة  وأحوالـه الراهنة  . . 

      نحـن  لا نريـد  أن  نوجـه  اللـوم  ونعـاتب  الآخرين  الذين  حصلوا  على  كل  مـا يريـدون  . . لا نـريد  الذرائع  ،  فقـد  ذقـنـا الأمـرين  وشـبعـنا  مـرارة  من  الذيـن  يتـبجحون  ويـتباهون  ويصرخون  ،  والنتيجة  مزيد  من  الخسـائر  ودرجـات  مضـافـة  على  تراكمـات  من  الإحبـاط  . .

الهزائـم  تلـو  الهزائـم
ـــــــــــــــ
      لقـد  جلب  "  الذين  يـتدخلون  في  كل شـئ  ،  وبـما في ذلك  مـالا يعـنيهم  "  لنـا  الهزائـم  تلو  الهزائم  ،  سـابقا  وراهنـا  ،  فهذا  نـتاج  الذي  يدعي  أنـه  الآمـر والمقـرر  والناهـي  ،  وفي  النتيجـة  ،  ما دام  لا  يلتـزم  الهدف  الصحيح  ،  يخسـر  حتى  مصالحه  الخاصة  التي  لم  يكن  يريد  في  حقيقة  الأمر  أكثر  منـها . . 

     نحـن  هنـا  لا نشـخص  فـردا  ولا  نتهـم  أحـدا  بعـينه  على  هويتـه أو  مبـدئـه  ،  ولكنـنا  نقـول  الحقـيقة  ونواجـه قـراءنـا   بصـراحـة   ،  لأن  الخسـارة  التي  لحقـت  بنـا  هـي  نتيجـة  المزايـدة  الجـوفاء  التي  تولاها  عـديدون  ،  حزبيـون ومتملقـون  ومخادعـون  وطائفيـون  . . سـياسيون  وعـنصريون  ودينيـون  . .  إنـهم  جميعـا  يتحملـون  المسـؤولية  وسـيكونون  هـم  أنفسـهم  الأكثـر  ضررا  ،  لأنـهم  خسـروا  مطامحهم  الذاتـية  في  الدسـتور  العـراقي  وسـيخسرون  شـعبهم  الذي  لا يمكـن  أن  يسـكت  عـن  الذين  كانـوا  السـبب  في  هضم  حقـه  وضياع  فرصتـه  التاريخية  لأنـهم  لم  يفسـحوا  لـه  المجال  ليتعـامل  معـها  بإيجابيـة وحدويـة  كمـا يجـب  وتـقـتضي  الحـال  .

      وعـندما  تجمعـت  عـناصر  واعـية  لمصير  شـعبها  وتكاتـفت  ضمن  دعـوة  "  نـداء  وحـدة  شـعـبنا  " سـواء  بالتحـرك  والتحذيـر  مـن  النتائـج  الوخيمـة للتشـتت  الطائفـي  وتمـزيق  وحـدة  شـعبنا  الأصيلة  بموروثـها  الكريم  وحقائقـها  القوميـة  والثـقافية  والإجتماعـية  ،  أو  تأيـيدها  من  خلال  الطلب  بضم  تواقيعـها  الى  جمـوع  صيانـة  الوحـدة  ،  فـإن  هذا  التحـرك  لـم  يكن  غـير  تحذيـر  بمخاطـر  الفرقـة  والتشـتت  وترسـيخ  الطائفية  الدينـية  المسـؤولة  أصلا  عـن  التمـزق  الذي  طـرأ  منـذ  قـرون  عـدة  على  كنيسـتـنا  المشـرقية  ذات  الأمجـاد  التي  بدأت  تسـطع  مع  القـرن  الأول  الميـلادي  . . وبالتـالي  على  شـعبنا  . . 

       تحذير  من  محاولات  ترسـيخ  الطائـفية  التي  فرقـتـنا  وجعلتـنا  نتصارع  ونتخاصـم  على  لا شـئ  يسـتحق  كـل  مـا حصـل  مـن  معـانـاة  ،  ونتـشـتت  بيـن  أسـماء  جـرى  إسـتغلال  حلاوة  نطقـها  ودلالاتـها  التاريخيـة  ،  في  أمـور  إنقسـامات  لا تـمت  بصلة الـى  حقيقـة  قـوة  تلك الأسـماء  وشـموخـها  .  .  إنقسـامات  بـدأت تـتصـاعـد  ،  هـذا   يـروج و يجمـع  التواقيـع لـهذا  والآخـر  لـذاك  . . والنتـيجـة  إنقـسـام  جديـد  مضـاف  الـى  الإنقـسـامات  التي  ورثـناهـا والتـي  كنـا  نطمـح  لردمهـا  . .  والويـل  لمـن  أجـج  الإنقـسـام  ويتعـصب  لـه  ،  أيـّـا  كـان  ،  سـواء  إن  كـان  يعـلم  خطـره  ويتـعمده  ،  أو  يـدعـي  أنـه  لا يعـلم . .  و حيث  المصيـبة  أكبـر  .

     نعـم  ونعـم  ،  إن  مـن  يقصـم  وحدتنـا  ويحطـم  قوتـنا  لا يمكـن  أن  يكون  وفيـا  لنـا  نحـن  الشـعب  ،  حتـى  إذا  كان  رئيسـا  أو  زعيمـا لأحزاب  وحركات  وتـنظيمات ومقاعـد  برلمـان  وطوائف  دينـية  . . فهـو  ليس  منـا  واقعـيا  بشـئ  ،  مـادام  لم  يكن  وفيـا  لنـا  ،  بوحدتـنا  وقوتـنا  . . ماضيـنا  وحاضـرنا  ومجتمعـنا  . .  نعـم  نحـن  نقـدم  الطاعـة  بقـناعة  إنطلاقـا  من  طبيعـتنا  المتـوارثة  وطيـبتـنا  وأحتـرامنا  لرؤسـائنا  ،  ولكـن  على  هؤلاء  الرؤسـاء  أن  يعـلموا  أن  هذه  القناعـة  مرهون  إسـتمرارها  بمـدى  تعـامل  الذي  يسـتلمها  معـها  بأمانـة  واضحـة  وضمانـات  الأهليـة  لهـا  .

الإسـتـياء  المتصاعـد
ــــــــــــــ
     وإزاء  الذي  حصـل  مـن  هضـم  لحقوقـنا  ،  بسـبب  التحزبـات   السـياسـية   الطائـفية  وصراعـاتها  وتدخـلات  البعض  من  رجال  المذاهب  الدينـية  المسـيحية  غيـر  الواعـين  لمهـاوي  الهرولـة في  صف  الطائفية  الحزبيـة   ،  ومتـناسـين  خطورة  إسـتـغلال  مكانتهـم  الدينـية  للتدخـل  والتحـدث  والتأثيـر  على  الآخرين  من  خارج  شـعبنا  ،  في  تصرف  هو  على  النقيض  من  الوحدة  حتى  داخـل  طوائـفهم  . . وفي  النتيجـة  خسـروا  مـا أرادوه  لأنفسـهم  وخسـر  شعـبنا  حقـه  الدسـتوري  مـن دون  أن  يكـون  سـببا  في  ذلـك  .

     وإثـر  هذه  النتيجـة  المؤلمـة  ،  والإسـتياء  المتصاعـد  في  أوسـاط  شـعبنا  ،  فـإن  على  الذيـن  تسـببوا  في  ضـياع  حقوقنـا  مـن  زعـماء  أحـزاب  وطوائـف  دينـية  ،  أن  ينـهوا  صـمت  هزيمتـهم  الذي  لايفيدهـم  ويتركـوا  التصفيق  والتملـق  لـهذا  وذاك  من  أهـل  النفـوذ  الوقـتي  ،  ويكشـف  كل  منـهم  حقيقـة  مـا إرتكبـه  من  أخطـاء  بعـيدا  عـن  الذرائـع  التي  لا يمكـن  أن  تنطلي  على  شـعبنا  الواعي  لقضـاياه  الآنيـة  والمصيريـة  . . نطالبهم  و بشـدة  الإعـتراف  بأخطائـهم  والعـودة  الـى  نهـج  الصـواب  . . سـبيل  وحـدة  شـعبنا  بعـيدا  عـن  كل  مـا يسـبب  التمـزق  والتشـتت  والضـياع  . . والأعـتراف بالخطـأ  فضيلـة  والرجـوع  عـنه  بجـرأة  أروع  فضيـلة .

     ولتكـن  لهؤلاء  (  الزعـماء و الرؤسـاء  )  الشـجاعة  لأعـلان  حقـيقة  مـا أرتكبـوه  مـن  ذنـب  . . وإذا  تمـادوا  في  عـنادهم  ،  فليعرفـوا  أنـه  لا يمكـن  للمهضوم  في  حقـه  أن  يسـكت  . . أجـل  لـن  يسـكت  . . ولكـل  حديـث  وقتـه  وفعـله  . . وبـما  يناسـبه  . 

الدسـتور  الحضـاري
ـــــــــــــ
يشـكل  الدسـتور  في عصرنا الحاضر ـ عندما  يلتـزم  الأسـس  الحضـارية ـ  ضمانـة  لكل  مكونـات  شـعـب  الدولة  التي  يسـري  عليها  ،  بأعـتباره  تجاوز  لأي  تفضيـل  أو  تميـيز  بين  مجتـمعاتها  أو  تخصيص  في عـلاقات  أفـرادهـا  ،  وأقـرار  للمسـاواة  القـانونية الكاملة ، بين جـميع  مـن  يشـملهم ،  في  الحقـوق  والواجبـات  وحريـة الإختـيار  في  الإنتـماء  القـومي  والإعتـقـاد  الديـني  . 

     وفـي  هـذا  الإطـار  ،  فـإن  الدسـتور  المؤهـل  لمنـح  دولتـه  معـايـير  الديموقـراطية  الحقـيقية  ،  ينبغـي  أن  يكون واعـيا  الـى  الفـوارق  الجوهـرية  الفاصلـة  بيـن  الديـن  والدولـة  ،  ومانعـا  للمـزج  المفـتعـل  بينـهما  ،  وبذلك  يوفـر  للديـن  سـبل  الإنصـراف  الـى  منطلقـاته  الروحيـة  وثوابتـه  ومؤسـساته  المتـباينة  الأفكار  والمذاهب  والطوائف  والخصوصيات والطقـوس  ،  في  حيـن  يتـرك  للدولـة  مهماتـها  المدنيـة  اللازمـة  لتحقـيق  وحدتـها  الكاملـة  وترسـيخ  المواطنـة  القـانونية  الشـاملة  داخـل  أراضـيها  . 

     ويسـتوجب  هـذا  التكافـؤ  العـادل  ،  أن  يتـولى  الخبـراء  في  مجـالات  القـوانين  الدسـتورية  والعـدالة  الإجتماعية  ،  تنظيـم  هـذا  العـقد  الملتـزم  سـيادة  الشعـب  ليكون  مؤهلا  في  تحديـد  شـؤون  الدولـة  وشعـبها  وتنظيم  العـلاقات  الرسـمية  والإنسانية  في  داخلهـا  على  أسـس  قويمـة  وبصـورة  باعـثة  على  القـناعة  والثـقة  والإحتـرام  المتـبادل  ،  وهـو  بذلـك  يمثـل  رابطة  مقـبولة  بشـكله  العـام  لكـل  زمـان  ومكـان  ،  مادام تجـرد  عن  الخضـوع  لتجاذبـات  الإتجـاهات  والأفكـار  القـومية  والعـرقية  والدينـية  والمذهبـية  والحزبيـة  وتغـييرات  مراكـز  القـوة  والنفـوذ  .

لكـن  . . ولكـن .  .
ـــــــــــ
      لكـن  ،  أيـن  مسـودة  الدسـتور  المعـروضة  هـذه  الأيـام  للإسـتـفتاء  مـن  كـل  هـذا  ،  لكـي  تكـون  دسـتورا  يحظـى  بالقـناعة  والقـبول  والهـدوء  والإحتـكام  العـام  داخـل  العـراق  بكاملـه  ؟  ! 

        تحـاول  الأحـزاب  التي  وضعـت  الدسـتور  بمـا  يرضـي  مقـاساتها  ، التـذرع  ،   بـأنه  توافـقي  بحسـب  الممكـن  مـع  الوضع  العـراقي  ،  وبذلك  فهو  لايمكن أو  ليس  ضروريا  أن  يرضـي  الجميع  . .  إلا ّ  أن  الذين  يركـزون  على  ( التوافـقية  )  يتعـمدون عـدم  الإفـصاح  عـن  حقيقـة  أنـه  (  توافق  بين  مصالح  خاصة لفـئات  سياسـية  معينة طائفيـة دينية  وعـرقية  )  وهو  بذلك  لبـّى  مطالب  أطراف  من  الشعـب  وليس  كل  أطراف  الشعـب  ،    ولـذا لايمكن  أن  يكون  دسـتورا  يحترمـه  كل  الشـعـب  العـراقـي  ،  كمـا هو  مطلوب  شـرعـا  في  العـلاقة  بيـن   دسـاتير  الدول   وشـعـوبـها    .

    وبالنسـبة  لشعـبنا  (  الكلداني الآشـوري السرياني . . ألخ ) فـإنه  كان  مهمشـا  ،  أسـوة  بقـطاعات  واسـعة  من  مكونـات  الشـعب  العـراقي  ،  طيلة  فتـرة  الإعـداد  لمسـودة  الدسـتور ،  بمـا  فيه  الأمـور  المتعـلقة به ،  إذ  إقـتصر  ،  مـا أطلق  عليه  بالمشـاورات  ،  على  بعض  رؤسـاء  الطوائف  المسـيحية  الذين  يرتضـون  بالـفتـات  التي تخصهم طائـفيا  لا أكثـر  . . 

      عـلما  أن  مـا جاء  ذكـره  في  الدسـتور  بالنسـبة  للمسـيحيين  لا  يختـلف  عـما  ذ ُكـر أيضا  للمكونـات  الدينـية  (  الأقـليـات  )  الأخرى  ،  وهو مـا وصـفه  المطلعـون  بأنـه  جـاء  وفـقا لـمبدأ ( أهـل  الـذمة ) في  الشـريعـة  الأسـلامية  الذي  يعـني  لغـويا ودينـيا إسـلاميا ( عـهد وأمـان  ـ  المعـاهدون مـن النصـارى  واليهـود وغـيرهم  مـمن  يقـيم في دار الإسـلام ) وهـكذا  أعـادنا ، نحـن  المسـيحيـون ، هـذا الدسـتور (  الطائفـي  الإسـلامي )  الـى عـهود  العـطف  عـليـنا  كأهـل  ذمـة  وليس  مواطنـين  أسـوة بغـيرنا مـن  (  السـادة  المهـيمنين  لظروف طارئـة وأسـباب  كئـيبة   )  على  الشـعـب  العـراقي  .

البعـض  ،  ومشـكلة  البعـض
ـــــــــــــــــ
     وجـاء  الأكتـفاء  بهذا  البعض  من رؤسـاء  الطوائف المسيحية  لسـببين  رئيسـيين  : الأول  ،  أن  جهـات  المباحثات  الدسـتورية المهيـمنة  جرى  إعـتمادها  بحسـب  الأنتماءات  العرقية  والطائفية  ،  والسـبب الثـاني يخص  عـدم وجود  ممثـلين  حقـيقيين  لشـعبنا  في  الجمعية  الوطنيـة  لأن  غـالبية  المنتـمين  الـى  شـعبنا  فـيها  جـرى  إختـيارهم  من  قبـل  لوائـح  إنتخابية   تعـذر  على  شـعبنا  تحديد  من يمثـله  فـيها  بأصواته  الخاصة  . 

    إذ  أن  الشـخصـين  من  شـعـبنا في  لجنـة  إعـداد  الدسـتور ،  وهـما  السـيدان  : نـوري  بطرس  و يـونادم  كنـا  ،  إتضـح  أنهما لـم  يمثـلا  شـعـبنا فـي  حقـيقة  وجـودهـما  ،  إذ  أن  الأول  لـم  يكن  وجـوده  أكثـر  مـن مبـارك  و مؤيـد  للأخـوة  الكـرد  الـذين  أوصـلوه  الى  كرسـي  الجمعـية (  البرلمـان )  لتكرار  وصـوله  مسـتـقبلا  . .   والثـاني  متـملق  للطائفـيين  الشـيعـة  الـذين  إختـار  التـقرب منهم  إلـى  حـد  الإرتـماء  فـي  أحضـانهم  لنيـل بركتـهم  الراهنـة التي  قـد  تـفيده لأسـتمرار البـقـاء  في قاعـة   البرلمـان بعـد  الإنتخـابات المقـبلة  . .  وبـذلك  فـإن  التصريحـات  التي  سـمعـناها  منـهما  ومـن غيـرهما مـن السـياسـيين   ورجـال  الديـن  لـم  تكـن  أكثـر  مـن  نفـاق  تبـريري  لا  يمكـن  أن  تنطـلي  على  شـعـبنـا  الواعـي  تجـاه  حقـوقـه  ووحـدته  القـومية  . . التـي  هـدرت  مـن قبـل  المتـنفذين فيـه  سـياسـيا  وديـنـيا  وكرسـيا  .

     وفـي  هـذه  الأجـواء  غـير  الطبيعـية  ،  عـراقيـا وزعـامات لشـعـبـنا  سـياسـية   ودينـية  وأهـوائيـة  ،  فقـد تـمت  محاصـرة  أبنـاء  شـعبنا  في  إنتـمائهم  القـومي  بعـيدا عن حريـة  الإختـيار  الشـخصي  ،  عـندما جـرى  حشـرهم  في  الحلقـة  القوميـة الرئيسـية ( عـرب وكرد )  القـائدة لكل  مواطني  العـراق  ،  وبإضافة  مـادة  هامشـية أشـبه  مـا  تكـون بالدخيلـة  ،  لا طعـم  لهـا  غـير  المـرارة :   
يضمن هذا الدستور الحقوق الإدارية والسياسية والثقافية والتعليمية للقوميات المختلفة كالتركمان، والكلدان والآشوريين، وسائر المكونات الأخرى، وينظم ذلك بقانون  .
    وبذلك  جـرى سـلب حق  كل  المواطنين  العـراقيين  (   عـندما جـاء  الدسـتور بحسـب  قاعـدة  تريـد  الأرنـب  والغـزال  ،  وخـذ  الأرنـب  فـقط  )   ومنهم أبنـاء  شـعبنا ،  الذين  لهـم  قـناعـات  بأختـيارات قـومية  أخرى  ،  وبـما في ذلك  أصحـاب  الرأي  الذين   يكتـفون بالمواطنـة  العـراقية  من  دون تشـعبات  الإلتـزامات  القـومية  ،   حيث  تؤكـد  الدسـاتير  (  الطبيعـية  )  في  دول العـالم  عـلى عـدم     التجاوز  على  الحريات  الشـخصية   مـن خـلال   عـدم  التحـديد  القـومي  دسـتوريا ، وتـرك  المجال  وافـرا  للمواطن  أن  يسـجل  في  حقـل  القـومية  مـا ينسـجم  مع  قـناعـاته  الخاصـة  ،  مادام متعـذرا  تثـبيت كل  رغـبات المواطنيـن في هـذا  المجـال    .   .  ورحمـاك  ألـف  ألـف  مـرة  يادسـتور  المـلك العـادل  فيصـل  الأول  ،  لأنـنا  لـم  نـر  غيـرك  دسـتورا  عـادلا  بعـد  14  تمـوز  1958 .  .  وكـم  كنـا  نحـن  أهـل  العـراق  سـاذجين  لأننا  لـم  نبقـيك  أبـد  الدهـر دسـتورا  ونظـاما  وعـلما  وشـعـارا  .

تبـاينـات  شـعـبـنا
ــــــــــــ
    وبالنسـبة لشـعـبـنا  ، ليس  خافيـا ،  حقيقـة  وجـود  تباينـات  وخلافـات حـادة بيـن  أبنـاء  شـعبنا (  الكلدانـي الآشـوري السـرياني . . ألخ ) في شـأن  الإنتـماء  القـومي  ،  وهـذا  يعـني  أن الحصر بـ ( و الكلـدان والآشـوريين )  يغـبن  حـق  الكثيـرين الذين  يعـتبرون  أنفسـهم سـريانا أو آراميـين  أو سـورايا أو أهـل بـين النـهرين . . أو مـن قـومية واحـدة  لكل  شـعبـنا . . ألـخ  ،  عـلما  أن  الناتـج  عـن  كل غـبن للحـق  ،  يكـون صراعـات ونزاعـات بسـبب  عـدم  موضوعـية  الذيـن تحكمـوا ـ لظروف  معـينة ـ  بوضع بنـود الدسـتور وآثـروا  مصالحهـم  وحـدها ،  وصـفـق  البعـض  الآخـر  مـن  شـعـبنا  لـه  إنطلاقـا  مـن  غـايـات  صـرنا  نعـرفها  جميعـا ونتحـدث  عـنها  جهـارا  .  .  بعـدمـا  طفـح  الكيـل  وفـاض  ولـم  يعـد  يحتـمل  المـزيد  وصـار  السـكوت  عـنها  خـداعـا  .
    والأمـر نفسـه  ينطبق  على تحـديد  الديـن ،  إذ  أن  تسـمية  ( المسيحية ) الشـمولية  هـي معـنوية  ،  وبـذلك  ليسـت  دقيقـة  للعـديد  من أطرافـها التي تـفضل التسـميات المذهبـية القريبـة من ديانـة  مسـتقلة كما هي الحال ـ  مثلا  ـ  مع  السـبتـية . . والمجـال نفسـه ينطـبق على الأسـلامية  بشـكل أوسـع  وأوضـح  . . ما كان  يتطلب فسـح  المجال لكل  فـرد بأن  يـدون  ( في حقل  الديـن )  التسـمية  الديـنية  التي  يـرى  أنـها تنطبق  على  معتـقده  الشـخصي  (  مـن  دون أن  يفـرض  إسـم الديـن عليـه  فرضـا  بأسـلوب  ـ  خـذ  الأرنـب . .  ـ  مـن  قبـل  الذيـن  يـرددون  جـزافا  لا إكـراه  في  الديـن  )  .
    وإضـافة  الـى  هذا  التحديد  غـير  الدقيق  للديـن ،  فـإن  مسـودة  الدسـتور  بتــثبيـتها  لعـلاقات  دينـية  ومرجعـية  مسـجلة  فيها  بالشـرعـية  القـانونية  ،  (  فـقـد غـدت  أشـبه  مـا يكـون   بنشـريات  الحسـينـيات  والقاعـات  المذهبـية  والدينـية  )  مـا  يجعـلها  تثـير  جـدلا  قـد  يكـون  مضنيا  في  كثـير  من  الحـالات  ،  للوصـول  الـى  التطبيق  العـملي  الصائب  والمقـبول  لهـذه  المسـميات  العـامة  ،  وليس  مسـتبعدا  أن  يؤدي  ذلـك  الـى  مشـاكل  وخلافـات ونزاعـات  تزيـد  مـن  أوار  الحـرب  الطائفيـة  (  الإسـلاميـة  )  التي  فرضـها  السـياسـيون  الطائفـيون  ومـن  والاهـم على  العـراقـيين  جميعـا  (  مـن  دون  أن  تكـون  لغـالبـية   الشـعـب  العـراقي  فيـها  ـ  كمـا  يقـول  الحكمـاء  ـ   لا  ناقـة  ولا  جمـل  )  والتي  كان  في  الإمكـان  تجنـبها  مـن  خـلال  عـدم  الخلط  بيـن الدولـة وقـواعـدها من جهـة  ،  وبيـن  الديـن  وإجتـهاداته  مـن  جهـة  أخـرى  .  .
       ويكفـي  في  هـذا  المجـال  أن  نذكر  مـا قـاله  المفكر  الإسـلامي  الشـيعـي  العـراقي  ايـاد  جمـال الديـن  ،  بوضـوح  قبـل  أيـام  :
         إن  الدسـتور  العـراقي  الجـديد  كتـب  على  الطريقـة  الإيـرانيـة  وهـو  يهـيء  لولايـة  الفـقـيــه  . .
    وبنـاء  على  هـذا  الواقـع  ،  فـإن  مسـودة  الدسـتور  ،  التي  تـم  وضعـها  في  عجالـة  قياسـية  ومسـاومات  مرحليـة  ،  أضافت  معـاناة  صعـبة  الـى  خضـم  الأحباطات  التي  تخيـم  على  العـراقيين والمعـوقة  لمسـيرتهم  نحـو  الإسـتقرار  ،  وهي  بذلـك  لـن يكون في  مقـدورها  تحقيـق  الهـدف  المتوخـى  مـن  أي  دسـتور  ،  بترسـيخ  هيـبة  الدولـة  وكفالـة  الوحـدة  الوطنـية  ،  سـواء  أقـرها  الإسـتـفتاء  في  منتصف  تشـرين  الأول  أو  رفضـها  .
ملاحظــــات  :
ــــــــــ
     1  ـ   إن  مـا جـاء مـن آراء  في  هـذا  الموضـوع  ،  يمثـل  قـناعـاتي  الدائـمة  والثابتـة  ،  فأنـا  أبـني  مواقـفي  على  أعـمال  الجهـات  والأشـخاص  الجليـة  والصـادقـة  . .  أؤيـد  مـا  أراه  صائبـا  وأخـالف  مـا أجـده  على  العـكس  مـن  ذلـك  ، إذ يمكـن  أن  يكـون  لـي  رأي  في  جهـة  أو شـخص  مؤيـدا  في  جـانب  مـن سـلوكه  وعملـه  ومخالفـا في  جـانب  آخـر  ،  لأنـني  لا أوقـع  تأيـيدا  لأحـد   على  ورقـة  بيضـاء  ،  ولا  أقـف  موقـفا  سـلبـيا  مـن  أحـد  إعـتمادا  على  هويتـه  . . فـإن  رأيـي  ثـابت  ودائـم  في  مواقـفي  سـواء  كـانت  إيجـابية  أو  سـلبـية  ،  فـلا  كتـمان  لـي  لأحـد  إذا  إتخـذ  موقـفا  صـائبـا  ،  ولا مهـادنـة  لـي  مـع  أحـد  على  حسـاب  الحـق  .

    2  ـ  لـقد  فـرض  هـذا  الموضـوع  نفسـه  تبعـا  للظـروف  الصعـبة  الراهنـة  . . إذ  كـان  بيـدي  موضوعـا  يـتناول  ذكـريات مؤثـرة  لفـترات  متـبايـنة  في  أحـداثـها  و زمنـها ،  عـادت  الـى  ذهنـي  مـن  خلال  :   الموضـوع  الـذي  نشـرته  الأخـت إيـفليـن  أوديشـو  ـ  من  الولايات  المتحـدة  في  (  موقـع  زهـريرا نـت )  بعـنوان  :  تحيـة مـن  بـُـعـد ،  تحيـة أبعـثها  لـك  يـا  أسـتاذنـا الفاضـل  ـ  جميـل  روفائيـل  . .  ورسـائل  وصلتـني  مـن الأخـوة  متـي  يوسـف  كليـانا و مدحـت البـازي و   كوريـل  شـمعـون  ورئيس تحريـر جـريدة  السـهل  الأخضر  ومكالمـة مـن  الأخ  سـنان  صبـري  تومـا عـليبك  . . ألـخ  ،  وهـي  جميعـا ذات  عـلاقـة  بأمـور مفيـدة  معـبرة  ودلالات  ليس  لهـا  صـلة  بأمـور  شـخصـية  . . سـتكون  موضـوعـي  المقـبل  أو  بعـده   . . مـع  التـقـدير  وجـزيل  الأحـترام  لكـل  الأخـوة  الـذين  لا يشـمل  النسـيان عـندهم  لـما  هـو  خيـر  . . وفـي  الـذكرى  صـدى  السـنين  الحـاكـي  .
ـــــــــــــــــ[/b][/size][/font]

81
وحـدة شـعـبنا ، واخطار  التشـتت  والتـمزق
ـــــــــــــــــــــــــ
[/b]
جـميـل  روفـائيــل
ـــــــــــــ
       الحقـيقـة  المسـلم  بـها  ، تؤكـد : أن لكل تـمزق  أخطار ولكل  تشـتـت ضياع  . .  وبالنسـبة  لشـعـبنا وإعـتمادا الـى واقـعـه ، إذا  تمـزق بيـن قوميـات عـدة ، يعـني ذلك فـتح ثغـرات وثـقـوب داخل صفـه الموحـد  ، وجعـله غـير متماسـك القـوام مـا سـيؤدي  بالنتيجـة الـى الإنقسـام والإنشـقـاق والتـبدد والتـباعـد  والضغـائن  . .  وإن تشـتـت  شـعـبنا بيـن أسـماء عـدة  فإن  شـمله  يكـون قـد تصـدع وتحـول الـى جماعـات متـناثرة  يسـودها الشـتات  والشـتـيت وما يصـاحبه مـن تبعـثر وضـياع الأسـرة والعـائلة والعشـيرة والقـرية والمجتمع  وحتى  الطوائـف  الديـنية   . .
       ولـنا مثـال مؤلـم  للتـشتـت  ، مـا نـراه مـن رحيـل  حـل  بـنا ،  برغـبة  ذاتيـة  أو  لأسـباب قسـرية  ،  حيث  توزعـت  أسـر  شعـبنا  وعـائلاته  وصداقاتـه وعشـائره  وبلداتـه وقـراه ومناطقـه وفئـات مجتمعـه وبـما فيها  طوائفـه  الدينـية ،  التـي  كانت حتـى عـهد  قـريب في  شـمل واحـد ومنطقـة  جغـرافية  داخـل  مهـدنا ومنشـئنا وموطنـنا وبلدنـا  التـراثي  العـراق  الحبـيب . .  توزعـت على  مسـافات  شـاسعـة  وواسعـة  وأصبحت  ضـمن ما يطلق  عليه  سـكان  مشتـتون في  أصقـاع  الدنيـا  ، وفي  غـالب  الظروف  من دون إستقـرار  على  شئ  أو  إرتـكاز  في  مكان  . . وصار  متـبددا  ما كان  مجتـمعـا .
      وبعـد كل  الذي  حصـل  ،  فيـبدو  أنـه  ليس  منظورا  ومفهـوما  للبعـض  من  شعـبنا الرافض لوحدتـه  ،  بسـهو  أو  تعـمد  ، أنـه  يريد  وضـعـنا في  خانـات التفـرق الطائفي  تحت  السـتار  القـومي  . . وبالنتـيجة  إلحاقـنا  بالشـعـوب  البائـدة  .
المشـتـتون  خارجـا
ــــــــــــ
[/b]
    ومـا دمنـا نصـول  في آلام التشتـت ومـا يلحقـه من  ضيـاع  . .  فإنـني  شـخصيا  أرى  أنـه  ليس  من حق  الذين  هـم خارج  العـراق   ،  وما داموا في الخارج  ـ  وأنا أحدهم  ـ  أن  يقـرروا  مصير من في  الداخل  ، لأن من إسـتقـر  في  الخارج  قـد  قطع  جزءا  مـن  إرتباطه  مع  جذوره  العـراقية  ،  أرضيـا وعـرقـيا وإجتماعـيا وطائـفـيا  وقوميا  ،  وبالتأكيد  أن هـذا  الجزء  سـيزداد بعـدا ً  بالنسـبة  للأبنـاء  ،  ويرجح  أنـه سيصـل حـدّ  إسـتئصال  الأورمـة  مـع  جيـل  الأحفـاد  . . وهـذا  يعـني  أن مـن يعـيش  حـال  خـارج  العـراق  وتـتابعـاتها  ،  ليس  مـن حقـه  بحكـم  الواقـع  أن  يفرض  نفسـه  لمصـير  شـعـبنا داخل العـراق ،  الذي لـه القـرار بمصـيره  .
     أمـا الـذي  هـو في  الخارج  ويهيـئ  سـبيله  للعـودة  ،  فإن  عليه  أولا أن  يعـود  الـى  عـراقـه  ومـن ثـم لـه مـلء  الحـق في قـول مـا يشـاء  وتقـرير  مـا يرغـب  والإنضـمام الـى  الصف  الذي  يـراه  مناسـبا  لـه  . .  وفي هـذا المجـال كنت قبـل أيـام في إتصـال  هاتفـي  مـع صديـق  عـزيز  لا يـزال  مقـيما  في بلـد  أوروبـي  ،  فسـألت  عـن  أخيـه  ،  وهو صديق  حميم  لـي  منـذ  35  سـنة  ،  فأجابنـي  أنـه  عـاد  الـى  العـراق  وسـيتصل  بـه  بعـد  قـليـل  ، فقـلت له  :  أرجـوك  بلغـه  تحياتـي  وأمتـناني  لـما  أقـدم  عليـه  مـن  قـرار  رائع  ،  وقل  لـه  . . إنـه  مـن  السـابقـين  الـى  ديـار  مجـدنا  ونحـن  اللاحقـون  بـه  إلـى  حيث  ينـبغـي  أن نكـون مـن دون  أن  يقـول  احـد  لنـا  :  إنـك  غـريب  في  ديـار  الغـربـة  . 
     وبـكل  جهـار  ،  فـإن  حـق  شـعـبنا وما يـفـيـده  هـو  فـي  العـراق    ،  وفـي  سـهـل نيـنوى  تحـديـدا  . .   أمـا  المقـاطعـات (  الخياليـة  )  في  الدانـمارك  وكاليفورنيـا  وشـيكاغـو  وديتـرويت  . . وأماكـن  الدنيـا  الأخـرى  ،  فـإن  مـا يجنيـه  شـعـبنا  منـها لا يزيـد  في  شـئ  عـما يجنيـه  أولئـك  الذيـن  تناقـلت  وسـائل  الإعـلام  أنـهم  إشـتروا  أراضي  في  القـمر  . . لأن  مقاطعـات  خارج  سـهل  نيـنوى  مصـيرها  الإسـم المؤقت  فقـط  ،  ومهـما  عـلا  صـوت  أبنـاء  شـعـبنا  فيهـا  اليـوم  ،  إعـتمادا  على  بقـاء  بعـض  الجـذور  الرابطـة  بهشـاشة  ،  فإنـها  سـرعـان  مـا تـتلاشـى  هـذه  الجـذور  ولـن  يبقـى  لـها  مـن  وجـود  مـع  الأبنـاء  والأحفـاد  . . وهـو  أمـر  مصـيري  لكـل  الجماعـات  المهاجـرة  بيـن  ثنـايا  الشـعـوب  الأخـرى  ،  في كل  زمـان  ومكـان   . . فالبقـاء  هـو  في  سـهل  نيـنوى  ولا  في  غـيره  يا أولـي  الألبـاب  . . يـا أولـي  الشـأن  . . يا أولـي  الحـل  والعـقـد  .

التشـتـت  والمـذاهب  الدينـية
ــــــــــــــــ
[/b]
     لا شـك  أن  إنقـسـام  كنيسـتنا  المسـيحية  المشـرقـية  إلـى  مذاهـب  ،  كان جرحـا بليغـا في كيـان  هذه  الكنيسـة  ،  عـانت  مـن  أوجـاعـه  أشـد الآلام  ولا زلـنا  نعـاني نحـن  أتبـاع  هذه  الكنائس  . . ومـا  هـذه  الأوجـاع  والآلام  والمعـاناة  إلا ّ  شـرخ  كان  أملـنا  أن  ينـدمل  بفعـل  القـناعـة  المتعـاظمة  بوجـوب  وضـع  الحواجـز  عـند  الـذي حصـل وعـدم  الإيغـال  في  المزيـد  من  عـمق  الشـرخ  ،  لكـن  مع  أشـد  الأسـى  والأسـف  ،  فقـد  بـدا  أن  البعـض  لـم  يرغـب  في  الإسـتجابة  للـرأي  الحكيـم  ،  بتـرك  المـاضي  للماضـي  وأخـذ  العـبرة  والعـظة  منـه  فقـط  ،  لـما  يفـيد  في  الإمتـثال  الـى  الإصـلاح  والصـلاح  . . ولجـأ  هـذا  البعـض  الـى  مـا لا تحمـد  عـقـباه  وعـاقـبتـه  الهائلـة  الوخـامة  . . راضـيا  أو  واهمـا  . .
     نحـن  في  هـذا  المجـال  الأليـم  ،  لا نـريد  أن  نشـخص  شـخصا  أو  جهـة  ،  لأن  نثـر  الملـح  على  الجـرح  ،  يأتـينا  متـشعـب المصـادر  بيـن  طوائفـنا  الدينـية  وبعـض  أحزابنـا  السـياسية  ،  وإن  كـان  بأشـكال   متفـاوتـة  بيـن  المـدرك  للخطـر  والراغـب  بالتـفاهم  والمفضـل للوفـاق  ،  وبيـن  المسـتهين  بالخطـر  والرافـض  للتفـاهم  والمانـع  للوفـاق  مـن  خلال  الإصـرار  على  الإنعـزال  والعـناد  والتـقوقع  . .
     وعـندما  يحـدق  الخطـر  ،  وينخـر  ويسـتـفحل  ،  يصـبح  داء  قاتـلا  . . لا يسـلم  منـه  طـرف  ،  ولا  تنجـو  طائفـة  ،  لأنـه  جـرح  مقـيت  يتسـع  مـداه  مـادام  لم  يعـالج  ، في  الوقـت  المناسـب  ،  بـما  يجعـله  ينـدمل  .
      وعـجبي  ،  كيـف  ينجـر  البعـض  مـن  رجـال  دينـنا  المسـيحي  الـى  الولـوج  في  هـذا  المسـار  غـير  السـليم  ،  ومهما  كانت  المبـررات في  شـأن  مـا أقـدم ، هـذا  البعـض  عليه  ، مـن  متاهـة  تعـسر  مخـرج  النجاة  منـها  ،  فـإن  هـذا  المسـار  أثـار  إرتباكـا ،  شـاء  السـائرون فيـه  أم  أبـوا  ،  فـهو  يتـناقض  مع  هـدي  دينـنا  المسـيحي  ،  الـذي  يلـزم  رجـاله  بالعـمل  النافـع  وحـده  وضـمن  مـا يوحـد  ويجمـع  ،  ويحـذر  الإنسـياق  نحـو  كل  تجـاوز  لواجبـهم  الديني  وصـرامة  التمسـك  بـه  . . وإذا  إعـتقـد  هـذا  البعـض  أن  إمتـداد  التسـميات  الطائفـية  الـى  الأسـماء  القـومية  سـيعـزز  طوائفها  فهـو  على وهـم  كبير  ،  إذ  بـدأت  الإنتـماءات  السـياسية  والفكريـة  بتشـتيت  أوصـال  الطوائف  منـذ  الآن  ،  مـا يجعـل كـلا  الإنتـماءين  الطائفي  والإسـم  القـومي  من  دون  إسـتـقـرار  ،  وكل  عـدم  إسـتقـرار  يقـود  الـى  التداعـي  ،  الـى  حيث  لا ينفـع  النـدم  . . ومـن هـو مستـعـد  لتقـبل  قسـاوة  حكم  الأيـام  فليذهب  في  سـبيله  . . وسـيظهر  جليـا  مـا لا نـريد  أن  يقـع  ويحـدث  . 
      وإذا  كان  البعـض  مـن  مسـؤولي  طوائفـنا  يعـتمدون  على  الدعـم  الذي  يحظـون  بـه  هـذه  الأيـام  مـن  المنـتمين  الـى  طوائفـهم  خارج  العـراق  ،  فهـم  واهـمون  بفـائدة  هـذا  الدعـم  على  المـدى  الطويـل  ومواصلـته ،  إذا  كانـوا   حقـا  يـريدون  إسـتمرار  طوائفـهم  في  البقـاء  سـالمة  ،  فالبقـاء  الديني  المسـيحي  بجـذوره  العـراقية  وطوائفـه  المتـوارثة  هـو  في  سـهل  نيـنوى  لا غـير  ،  حيث  الجـذور  الراسـخة  والإرث  الكامل  المقـومات  ،  فكيف  يكـون  حـال  الجـذور وصـمودها  إذا  تداعـت  السيقـان  والأغصـان  القـائمة  فوقـها  وبدأت  الرياح  الهائجة  والحشـرات  المهلكة  تنخـر  فيها  وتـتـقـاذفها  يميـنا  وشـمالا  وأرضـا  ! .
     والـذي  يؤلـم  حقـا  ،  أن  تسـكت  رئاسـاتنا  الدينـية  ،  ومـن  كـل  طوائفـنا  ،  عـن محـاولة  بعـض  السـياسـيين  ـ  خصـوصا  الـذين  صعـدوا  على  كراسي  الجمعـية الوطنيـة  العـراقية  (  البرلمان  )  بقـوائم لـم يخـتارها أو يختارهم شـعـبنا ـ إقـحام  هـذه  الرئاسـات  في  نشـاطاتهم  السـياسية  وطموحاتـهم  الذاتيـة وإدعـاءاتهم  تمثيل  شـعـبنا  أو  طوائفـنا . . ومـن  ذلك  إدراج  الرئاسـات  الطائفـية  في  إتصالاتـها  الرسـمية  ولقـاءاتها  السـياسية  وإصدار  البيانـات  التـي  تدعـي  تأيـيد  هـذه  الرئاسـة  الدينـية  أو  تلك  لهـا  ،  والإيهام  أنـها  بتحركاتـها  تنـفذ  أوامـر  الرئاسـات ، و مـن  ذلـك  تأسـيس  البـيوت  الطائفيـة على أسـس  سـياسية و بإدعـاءات  قـومية  . .
     والأنكـى  مـن كـل هـذا ، أن  البعـض  من  رجـال  الدين  المسـيحي  يتـباهـون  في  تصريحاتهم  بأنهـم  يدعـمون  تنظيمـات  وأحـزابا  وبيـوتا  سـياسية  ،  بالمـال والقـول والدعـاية  ولا  يتـوانى  هـذا  البعـض  عـن  حضـور  إجتماعـاتها . . ولا نـدري  إن  كان  رؤسـاؤهم  يعـلمون  بذلك  أم  لا  ؟  فـإن  عـلموا  فالمأسـاة  هـي  في  غـض  الطرف  عـنهم  ،  وإن  لـم  يعـلموا  فالمصيـبة  أعـظم  لأنـها  تعـني  إطلاق  الحبـل  على الغـارب  . . وليكـن  الطوفـان  .

الوحـدة لكـل  شـعـبـنا
ــــــــــــــ
[/b]
    والأمـر  العـجيب العـجب  ،  وإذا  عـرف  السـبب  بطل  العـجب  ،  أن  يحاول  بعـض  المناهضـين  لوحـدة  شـعـبنا ،  المناهضين  بالمطلق  ،  التـرويج  بـأن  فائـدتها  تقـتصر  على  حزب  أو  جماعـة  . . والسـؤال  هنـا الـى هـذا  البعـض  نفسـه  الواقـف  أصـلا  على  الضـد  مـن الوحـدة  ،  سـواء  كان  حزبا  أو  جماعـة  أو  تنظيما  أو  كنيسـة  ،  لـماذا  لا تكـون  أنت  أيضـا  مع  الوحـدة  لتكسـب  أنت  مثـل  غـيرك  منـها  ،   ويعـود  خيـرها  على  الكـل  وتصـبح  منافعـها  شـاملة  بـدل  إقـتصارها  على  جـزء  مـن  دون  سـواه  ،  نقـول  هـذا  . .   مـا دمـت  تعـترف  بوجـود  مكاسـب  فيـها  وفوائـد  للبعـض ،   كمـا  تدعـي  !  ! 
     شـخصيا  لا أفـهم  إدعـاء  البعـض  ،  بـأن  صـيانة  الروابط  بيـن  أطراف  مجتـمع  مـا  وتمتـين  أفكارها  وعـواطفها  المشـتركة  ،  تكـون مفيـدة  لطـرف  مـن  هـذا  المجتـمع  وضـارة  بآخـر  ،  في الوقـت  الذي  تكـون  الوحـدة  شـاملة  ونورها  مشـرق  على  الكـل  ،  وليسـت  بيـوتا  إنعـزالية  و لـقاء  جانبـيا  بيـن  فـئة  وأخـرى  على  حسـاب  غـيرها  . .  فكـما أرى  أن  الإحتـكار  غـير  وارد  في  الوحدة  ،  لأن  الكـل  ،  أشـخاصا  وجماعـات  وفئـات  ،  منضوون  في  إطارهـا  . . اللـّهم  إلا ّ  مـن بقـي  رافضـا  لـها  وعـازلا  لنفسـه  عـنها  ،  فـهو  الـذي  إرتضى  الخـروج  عـن  صفـها  بإرادتـه  وليسـت  هي  التي  أبعـدته  . . فهـذا  الخروج  حـالة  خاصـة  وليس  شـأنا  عـاما  .
    وإزاء  هـذا  ،  فـإن  النخـر  في  الكيـان  الموحـد  ،  وإن  كان  ضـرره  بالجسـم كلـه  ماحقـا  ،  إلا ّ  أن  الألـم  يكـون  أشـد  أذى  في  الموضـع  الذي  شـذ  عـمـّا بقـي  سـليما  . .  إذ  عـندمـا  يصـبح  سـبيل  الإنتـقـاء  والتفضـيل  أمـرا  مفروضـا مـن  خـلال  الإرغـام  على  الإختـيار  والتقـيد  الذي  لا  منـاص  منـه  ،  بإزاحـة  "  الوحـدة  والإسـم  الوحـدوي  "  عـن  السـبـيل  ،  فإن  الطوائف  سـتـتفكك  ويعـتري  تماسـكها  الوهـن  والهـوان  . . فمـن  لـه  آذان  فـليسمع  ،  ومـن  لـه   عـيون  فـليرى  . . والـذي  يريـد  الخيـر  لنفسـه  وللآخـرين  فليفكـر  مليـا  ويراجـع  ويقـرر  . . حيـث  الفضيلـة  . . أمـا  الـذي  يصـر  على  صـم  آذانـه  وغـمض  عـيونـه  ،  فليبـق  هـو  وشـأنه  . .  وننـتظر  معـا  حسـاب  البيـدر  ،  والبـون  الشـاسع  الـذي  سـيظهره  عـن  حسـاب  الحقـل  .   [/font] [/size]

82

مـع الأخ   سعـدي المالـح
 و الأخ  حبيب تومـي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جـميـل  روفـائيـل
ـــــــــــــــــــــــــــ

مع  أخـي  سـعـدي  المـالح  :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
     تعـرفت  على  صديقـي  سـعـدي  المالح  في  بدايـة  سـبعـينيات  القـرن  الماضي  ،  وسـرعـان  مـا توطدت  الصداقـة  بيـننا  وتواصلت  لقـاءاتنا  حتى  غـادر  العـراق  للدراسـة  . . ومنـذ  التعـارف  بيـننا  وقـراءتي  لقـصصه  الأولـى  التي  بـدأ  بنشـرها  بعـد فترة  قصـيرة  مـن  تعـارفنا  ،  وحتى  اليـوم  ،  فـإن  إنطباعـي  الخاص  عـن  الأخ  سـعـدي  ،  إنـه  صاحب  مبـدأ  راسـخ  ،  سـواء  بإنتـماء  تنظيمي  أو  مـن  دونـه  ،  لا يحيـد  قـيد  أنملـة  عـند  تشـخيص  الحقـيقة  وقـولها  جهـارا ً  . . ولا يقـبل  بضـيم  على  شـعـبنا  ،  وهـو  مـع  وحـدته  الكاملـة  فكـرا  وقـناعـة  وقـولا  وعـملا  . . مناهضـا  لدعـاة  تشـتيـته  ،  بقـدر  رفضـه  للاعـبين  على  حبالـه  الذيـن  يحاولـون  إسـتغـلال  شـعـارات  وحـدته  لأغـراض  خاصـة  بهـم  .

    إن  قـول  الأخ  سـعـدي  :  مـن  العـار  أن  نسـكت  على  مـا يحـدث  إ  هـو  إمـتداد   لنهجـه  الدائـم  في  رفـع  شـأن  الحقـيقة  والدفـاع  عـنها  ،  إعـتمادا ً  على  مبـدأ  (  والحـق  يقـال  )  لأنـه  أمـر  ثابـت  يقـينا ً  لا يسـوغ  إنكـاره  ،  وصحـة  لـما  هـو  حـادث  في  الواقـع  .

      نعـم  ،  نعـرف  وشـعـبنا  يعـرف  ـ  أخـي  سـعـدي  ـ  مـا كان  يـدور  أمـام  الكواليس  وخلفـها  وتحتـها  ،  في  إجتـماعـات  لجنـة  صياغـة  الدسـتور  وفي  أثـناء  الإجتماعـات  الخاصـة   "  لممثـلي  "  شـعـبنا  في  اللجنـة  وفي  الجمعـية  الوطنيـة  ،  مـن  خـلال  المعـارك  والذرائـع  . . بينهـم  . .

     وأزيـد  ـ  أخـي  سـعـدي  ـ  أن  المعـارك  بينـهم  لـم  تكـن  تـتوخى  مصـالح  شـعـبنا  ،  وإنـما  كانـت  معـبرة  عـن  الصراعـات  الدائـرة  بيـنهم  (  للإسـتحواذ  على  الغـنائم  )  لأنـهم  ممثـلو  القـوائم  التي  أجلسـتهم  على  كراسـي  الجمعـية  . . وليسـوا  ممثـلي  شـعـبنا  الذي  لم  ينتـخبهم  ،  لا بـل  بالأحـرى  ،  لـم  ينتخـب  مـن  ينتسـب  الـى  شـعـبنا  في  خـارج  العـراق  لأن  حضوره  يظهـر  عـندما  يسـتدعـي  التشـتت  تدخلـه  . .  ولـم  ينتخـب  مـن  هـو  في  داخلـه  لأن  (  المفوضـية  المستـقلة  وديموقراطيتها  الإعـلانية التي  ملأت  ولا تـزال  تمـلأ  دولارات  أجورها  قـاصات  وسـائل  الإعـلام  )  لـم  تسـمح  لهـم  بالإقـتراع  . . ولا حاجـة  الآن  لنكـرر  توضـيح  الواقـع  الـذي  يعـرفه  شـعـبنا  ،  مهمـا  إدعـى  وغـطى  فريـد  أيـار  ومـن  معـه  .

      إذن  ،  شـعـبنا  لـم  ينتخب سـواء  برغـبته  أم  مرغـما  . .  ومـن  يدعـي  تمثيلـه  ،  فهو  إمـا  "  لبـيك  لبـيك  للقـوائم التي  جعلـته  إسـما  في  الجمعـية  "  أو  هـو "  مـراوغ  يدعـي  مالا يفعـله  وهمـه  أن  يسـتغـل  ويكون  موجـودا  حتى  في  حقـول  الأشـواك  "  .

      أجـل  ـ  أخي  سـعـدي  ـ  بعـدما  وقـع  الفـأس  بالـرأس  . . مـن  يتحمـل  مسـؤولية  مـا حصـل  ؟  نعـم  بالـتأكيد  الـذي  قـلته  أنـت  عـن  الأحـزاب  ورمـوزها  بتحمـل  المسـؤولية  . . هـو الحـق  بعـينه  ،  ولكنـني  أضـيف  :  إن  هـؤلاء  قـد  إسـتعـدوا  للذرائـع  والتـبريرات  ،  فهـذا  ديـدنهم  على  شـاكلة  (  المبلـل  لا يخـاف  المطـر  )  . . والأنكى  ،  سـمعـت  ،  أنـا ،  في  مكالمـة  هاتفيـة  مـعي مـن  بغـداد  بعـد  مصادقـة  الجمعـية  الوطنيـة  على  الدسـتور  ،  أن  رئيسـا  لحـزب  قـاد  التمـزق  والتـشـتت  "  يسـتعـد  لأعـلان  برنامـج  لوحـدة  شـعـبنا  خـارج  إطـار  مـا جـاء  في  الدسـتور  "  قـلت  لصاحبي  الذي  أبلغـني  بهـذا  ،  لا يمكـن  أن  أفهـم  من  هـذه  الدعـوة  سـوى  أنـها  (  لقـيام  وحـدة  مـن أجـل  ترسـيخ  التـمزق  والتـشـتت  )  وأضـفت  :  هـل  هـي  على  شـاكلة  (  الجبهـات  الوطنـية  التي   تـتكون  مـن  تجمعـات  تـتـفق  على  القـدر  الـذي  يلائـم  أصحابـها  اليـوم  ،  وتـنهار  غـدا  لأنـها  مـن  دون  أسـاس  ؟ ) 

       سـكت  محـدثي  ،  الـذي  يبـدو  أنـه  أراد  أن  يأخـذني  الـى  وحـدة  حـزبه  ،  بأعـتباري  وحـدويـا  ،  على  أسـاس  أن  هـذه الوحـدة  هي  المـمكن واقـعـيا  بعـدما  أشـبع  الدسـتور ( العـتيد  الذي  لا أرى  فيـه  مشـجعـات  الإقـرار في  الإسـتفـتاء  أوالديمومـة نافـذا  )  . . ولـما  وجـدني  غـير  مسـتعـد  للتـراجع  عـن  مواقـفي  الوحـدوية  الكاملـة  . . وجـه  الحديث  بيـننا  نحـو  الصحـة  والعـافية  والأحـوال  . 

     أمـا  رؤسـاء  الطوائف  والكنائـس  . . نعـم  يتحمـلون  مسـؤوليتـهم  ،  لأنـهم  لـم  يسـاعـدوا  في  لـم ّ  الشـمل  وتوحيـد  الجهـود  . . نعـم  كلهـم  مـن  دون  إسـتثـناء  . 

     وأزيـد  ،  كيـف  يوحـدون وهـم  مفـترقون  ومشـتـتون  ومتصارعـون  منـذ  مئـات  السـنين  ولا يزالـون  يتعـاملون  في  إطـار  (  إتهـامات  الهرطقـة  والظـروف  والأسـباب  التـي  فرقـتهم  )  ومـا داموا  مشـتـتين  هـم  أنفسـهم  كيـف  يوحـدون  ،  كيـف  ،  وفـاقـد  الشـئ  لا يمكـن  أن  يعـطيه  .  .  يمكـن  فقـط  أن  يتـوحـدوا  على  مـا يتـفق  مـع  مصالحـهم  الخاصـة في  إحكـام  الهيـمنة  على  طوائفـهم ،  لا  غـيـر  . 

      ليـتهم  كانـوا  إسـتـقروا  في  كنائسـهم  وأرتـدوا  مسـوح  رهبانهـم  وأقتصـر  كلامـهم  على  مـا ورد  في  إنجيلـنا  الجليـل  الـذي  هـو  الوحيـد  الـذي  نريـده  منهـم  ،  ويتعـظوا  بقـول  مسـيحنا  ،  ويأخـذوا بيدهـم  مـا للـه  ،  ويـتركوا  شـعـبنا  يحـل  مشـاكله  الدنيـوية  بيـنه  وبيـن  قـيصر  . . لا  أن  يتدخلـوا  بيـنه  ومـع  قيصـر  بمـا هـو  خـارج  عـمّـا هـم  عليـه  مـن  مقـام  . 

     أمـا  أحـزاب  شـعـبنا  . . ومـا أدراك  مـن  أحـزاب  ! ! أقـدمها   و أوسـطها  و جديـدها  ،  فهـي  لـم  تعـد  أحـزاب  أفكـار  وعـمل  لخيـر  شـعـبنا  ،  وإنـما  أحـزاب  مصـالح  لمجموعـة  مـن  (  الدكتاتوريـين   )  يأمـرون وينهـون  ويخدعـون  . .  ولا نـزل  المطـر  مـن  دونـهم  ،  وليكـن  مـن  بعـد  مصالحـهم  الجفـاف  والخـراب  . . ومـع  ألف  سـلام  و سـلام  . . وهنـا  ـ  عـزيزي  سـعـدي  ـ  فقـد   أعـطيت  ،  أنت  ،  للأحـزاب  ورؤوسـها  مـا تسـتحقـه  ،  وأنـا  معـك  في  كـل  مـا  قـلته  لـهم  . .  لأن  أحـزابهم  دكاكيـن  لمنابـر  الخـداع  والضحـك  على  الذقـون  لا  غـير  . . ومـا شـاء  اللـه  على  هـيبـة  زعيـم  الحـزب  الـذي  قـرأ  القسـم  الأخيـر  مـن  (  دسـتور الديموقرطيـة  والمسـاواة  والحقـوق  والوحـدة  الوطنـية  !  !  )  .

     ونعـم  ،  إن  أبنـاء  شـعـبنا  ،  وحتى  البسـطاء  منهـم  ،  هـم  أكثـر  وعـيا  وتحمـلا  للمسـؤولية  مـن  ممثـلينا  في  الجمعـية  الوطنيـة  . .  وكنـت  أتـمنى  ان  يخصـص  قـانون  الإنتخـابات  الجديـد  عـددا  محـددا  مـن  المقـاعـد  لشـعـبنا  (  ولـو  بأسـم  المسـيحيين  )  ليـتمكن  شـعـبنا  مـن  إختـيار  ممثـليه  بنفسـه  وإرادتـه  وقـناعـاتـه  ،  وحينـئذ  كنـا  نرتـاح  ،  لأن  شـعـبنا  لـم  يكـن  ليختـار  سـوى  مـن  ليس  لهـم  مصـالح  في  الهيـمنة  والنفـوذ  والتمـلق  للآخـرين  مـن  خـارج  شـعـبنا  . . أجـل  ليختـار  مـن  ليـس  لهـم  مصـالح  الهيمـنة  ،  وهـؤلاء  هـم  مـن  لـم  تلوثـوا  بمطامـع  الأحـزاب  وصراعـاتها  . . إنـهم  لوائـح  شـعـبهم  ومـع  مصالحـه  ،  وليسوا  مـن  مصالـح  (  شـلل  الأحـزاب  )  .

     ولكـن  ،  هـل  يقـبل  "  مـمثـلونا  !  في  قـوائم  وأحـزاب  الجمعـية   الوطنـية  "  أن  يخصـص  لشـعـبنا   عـددا  محـددا  مـن  الممثـلين  يختـارهم  بنفـسه  وإرادتـه  ؟  أشـك  في  أن  يقـبلوا  ،  لأنـه  سـيجردهم  مـن  كراسـيهم  وزعـامتهم  ومكاسـبهم  . . أشـك  في  ذلـك  ،  وقـياسـا  على  الدروس  السابقـة  ،  فإنـهم  سـيحاولون  التـذرع  والخـداع  بالقـول  (  طلبـنا  وأردنـا  ومـا  أسـتطعـنا  تخصيص  مقـاعـد  ثابتـة  لشـعـبنا  ،  فقـد  خسـرنا  المعـركة  مـع  الأقـوياء  الآخـرين  في  الجمعـية  )  . 

    نعـم  ،  يا  أخـي  سـعـدي  ،  إنـه  العـار  ومـن  العـار  . . أن  نسـتكين  ونـرضى  بـما  حـدث  ،  وأن  نقـبل  بهـذه  الحـال  . . أجـل  ،  لقـد  طفـح  الكيـل  ولـم  يعـد  في  إمكانـه  أن  يتحمـل  أكثـر  ،  فقـد  تجـاوزت  الأمـور  كـل  مـا يطـاق  ,  ولا بـد  أن  نكـون  عـند  متطلبـات  المرحلة  ،  المرحلـة  الصعـبة  مع  مـن لا نـود  أن  نتـواجـه  معـهم  ،  ولكنـه  أصبح  قـدرنـا  .

      والغـريب  ،  أن  تأتـي  الـردود  على  الأخ  سـعـدي  مـن  حيث  مـن كان  يقـتضي  سـكوته  ،  مـن  الـذي  فرضـته  قـائمة  ليمثـلنا  ،  على  الرغـم  مـن  إرادتـنا  . .  ولـم  نـر   في  رده  غـير  المعـزوفة  التي  إعـتاد  البعـض  التـشـبث  بـها  ،  على  رغـم  أنـها  لـم  تنفعـهم  ولـن  تنقـذهم ،  إنـها  الـرد  الذي  لـم  يكـن  غـير  تكـرار  لكلمـات  وجمـل  نعـرفها  ويعـرفها  شـعـبنا  أكثـر  منـه  ،  وهي  معـزوفة  إمـا  رتـبها  أحـد  لـه  أو  أنـه  أخـذها  مـن  ديباجات  طالـما  رددهـا  غـيره  محـاولا  التمـرير  المصطنـع  لا غـير  . 

   وليـت  ( ممثـلو  القـوائـم  )  يدافعـون  عـن  القـوائم  التـي  هـم  في  داخلـها  ،  فنحـن  نعـرف  مـن  هـو  ،  مـن  أمثـال  سـعـدي  المـالح  ،  جديـر  بأن  يدافـع  عـن  شـعـبنا  وعـنـا  ،  نحـن  أكـدنا  وسـنبقى  نؤكـد  أنـنا  لـم  ولـن  نقـبل  وصـاية  الأختـيار  لنـا  مـن  غـيرنا  ،  ومـن  قبلـها  فليس  مـنـّـا  ولا  يمكـن  أن  يمثـلنا  .

  أمـا  عـن  الـذي  كتب  موضوعـا  آخـر  في  محاولـة  النيـل  مـن  الأخ  سـعـدي  ، فلـم  أتنـاوله  ماضيا  عـندما  حـاول  النيـل  منـي  ، ولـن  أتنـاوله  الآن  . . ويكفـي  أن  أقـول  إن  الأخ  سـعـدي  يكـون  في  بـرج  الثـريـا  عـندما  يشـرئـب  هـؤلاء  .
   
مع  منتهى صراحة الأخ حبيب  تومي
ــــــــــــــــــ
        نشـر الأخ  حبيب  تومي  ، موضوعـا في  موقعي  ( عنكاوا كوم ) و ( تللسقف )  بعـنوان "  بمنتهى  الصراحة  مع  الأسـتاذين  أسـحق  أسـحق  و جميل  روفـائيـل  "  وكنت وعـدته  بأن  أتـناول ما يخصـني  من موضوعـه  ، بالأسـلوب  الحواري  الهادف  . . وفيـما يلـي  الوفـاء  لوعـدي  :   

    بدايـة  ،  يعـتبر  الأخ  حبيب  ،  أن  بيـنه  وبيـني  صـراع  ،  شـخصيا  لا أجد  هـذا  بالنسـبة  لـي  ،  لا معـه  ولا مـع  غـيره  ،  فأنـا في  كل  ما أكتـبه  أدعـو  الـى  الحـوار  والتـفاهم  ، ولا أدري  لمـاذا  يعـتبر  البعـض  أنا  في  صـراع  معـه  ؟  ! 

    ومـا  يخص  عـنوان موضوعـي (  إمـا الإسـم  الموحـد  ، وإلا  آشـوري  )  فـإن  ـ  أخي  حبيب ـ  دائرة  (  إمـا  . . إمـا  . . ) التي  تقـول  عـنها  أنـها  كانت  في  العـهد  المبـاد  الدكتاتـوري  والأرنب  والغـزال  . . فأكيد  لسـت  أنـا  الراكض  وراءهـا  ،  وإنـما  الذيـن  وضـعـوا  ،  أنـا و غـيري ،  في  في  بوتقـة ( والكلدان والآشـوريين )  أي  إمـا كلـدان وإمـا آشـوريين  ،  هـم  أصحـاب  دائـرة  (  إمـا  . . وإمـا )  وما قـلته أنـت في  شـأنها  . .  والأظـلم هـو  الـذي  وضعـنا  في  مجـال (  والكلدان والآشـوريين  )  ولـم  يضـف  إسـما موحـدا  نلجـأ  إليـه  ما دمنـا نريد  وحـدة  شعـبنا  . . أسـالك  ،  هـل  تعـتبر  الأمـر  صحيحا  ،  عـندما  يمنعـونني  أنـا  وغـيري  مـن  إختـيار  الإسـم  الموحـد  ؟  وهل  أنـك على صواب عندما توافقـهم  وترفض  رأيي  ومـن هو مع  رأيي  ،  في إضافة  إسـم  موحـد  الـى  جانب  الإسـمين  الإنفـراديين ،  ليكون  الإختـيار مـن دون (  إمـا  )  و  (  إلا ّ  )  .

     نعـم  ،  تهمـني  الوحـدة  أولا  وأخيرا  . . كـما تهـمك  أنـت وغـيرك  الأسـماء  (  الطائفية  الكلدانية والآشـورية  والسريانية )  ومع  الأسـف  ـ بالمناسبة ـ أنـهم ظلموا الطائفيين  السـريان  وغـيرهم بعـدم إدراج إسـم  طائـفتهم مادام السعـي  الـى الطائفية القـومية  . . فهل ما يهمـك أنت  حلال وما يهمني أنا حـرام ؟  إذا  كان رأيـك هـذا ،  فحقـا مـا قـلته  أنت  ،  أنـك في  صـراع  معـي  ، هـو الصحيح  بالنسـبة  إليـك . . ثـم  لمـاذا  أنت على  حق  عـندما لا تبـدي  تنازلا  للوحدويـين ،  وأنـا  على  باطـل عـندما لا أبـدي  تنـازلا  للطائفيـين ؟

    وتسألني  من  هم الطائفيون  . . وأقـول  بوضوح  وصراحتي  المعـهودة  ، إنـهم كل  الذين  يجعـلون من الأسـماء  المذهبية  للطوائف  الدينـية  أسـماء  قومية  ،  وكل من يريـد  فرض  الطوائف  الدينـية  على  أنـها  قوميـات  . . وللعـلم  ـ  وأنت كما أرى  تتابع  مواضيعـي كما أتابع  مواضيعـك  ـ  أنـا  لاأعـتبر  الأحـزاب   الكلدانية  وحدها طائفيـة  ،  والبعـض  الذي  يتهمني  بهـذا  يلجأ الـى  الباطل  من أجل  ذريعـة  الإتهام  لا غـير  ،  وإنـما أنـا أعـتبر كل  الأحزاب  والتنظيمات  السـياسية التي  تعـمل  تحت  أغـطية  أسـماء  وأسـس  دينية  مذهبية  هي  طائفية  ،  سـواء  كانت  مسـيحية  أو إسـلامية  أو  أي  ديـن  آخـر  .

    لكن  اللافـت ،  أن  الأخ  حبيب  ، يكتب  ويناقض  نفسـه  بين  وقت  وآخـر  ،  يقـول  أن  التسـمية  الكلدانية  ليسـت طائفية  ، ثـم  يسـتشهد  بقـول  الأب  المرحوم  يوسـف  حبي  الذي  يؤكد  أنه (  أتخـذ  الشطر  الكاثوليكي من كنيسة المشرق أسم كلدان . . ) ما يعـني  أن تسمية الكلدان  اليوم هي لاصقـة بمذهب مسيحي كاثوليكي هو شطر منفصل عن كنيسة  المشرق  الواحدة  ،  وأثبت النص الذي أورده الأخ  حبيب  مصورا  كما كتبه هو  :

       الأخ العزيز Sawikka  المحترم
 شكراً على التحية
تحياتي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخ العزيز ميخائيل كوركيس المحترم
يكتب الأب الدكتور المرحوم يوسف حبي عن تقسيم كنيسة المشرق فيقول :
تتميز المذاهب المسيحية المشرقية بتسميات اصبحت لاصقة في وقتنا الحاضر .
اتخذ الشطر الكاثوليكي من كنيسة المشرق اسم كلدان بينما فضل الشطر النسطوري اسم اثوريين ....ويضيف وهكذا انشطرت كنيسة المشرق الواحدة الى اربع مجموعات في بلاد ما بين النهرين :
كلــــــــدان واثوريين ، سريان ارثوذكس وسريان كاثوليك ، ولابد لنا من اضافة كنيسة الهند او مسيحيي مار توما فهم وكنيسة المشرق كنيسة واحدة خلال فترة طويلة من الزمن ، انقسموا هم ايضاً الى الأقسام الأربعة فقيل : ملباريون . وانقسم مؤخراً الآثوريون الى فئتين وسرى ذلك على اثوريي الملبار فداخلتهم انقسامات عديدة ...( كنيسة المشرق ص45 (.
تحياتي
   أليس ما أقـوله  أنا  مطابقـا لمـا  قـاله الأب  حبي  ،  والرائع  أن  الأخ  حبيب  أورده  ولسـت  أنـا  .  .

     وأرجو  ،  أخي  حبيب  ،  عـندما  توجـه  إتـهاما  ،  مـن  الأصول  والأعـراف  ،  أن  تذكر  الأدلة  لهـذا  الإتهام  . . تتهـمني  ( بكيـل التهم  والتهكم  والسـخرية  والألفـاظ  النابيـة  . .  )  مـن دون أن  تعـطي  أدلـة  على  ذلك  . . ولمـاذا  تعـتقـد  أنني  أعـتبر  كل  الكلدان  والآشـوريين  والسـريان  طائفييـن  ؟  لا . . وألـف  لا  . .  وأؤكد  لـك  ،  أنـني  إطلاقـا  لـم  أعـتبر  كل  الكلدان  والآشوريين والسريان  طائفيـين  . . هل  تريـد بكلمة ( كل )  أنني (  لأنني جزء من هذا الكل )   أعـتبر نفسي  طائفيا  لأنني  من  الطائفة  الدينـية  الكلدانية  . . لا ،  لـن أعـتبر  كلهم كذلك . . ليس  كلهم  ولا غـالبيتهم  وإنـما فقـط  البعـض  القـليل المتعـنت  لفـرض  التسميات  الطائفية  في  مجالات  السـياسة  والقـومية  التي لا عـلاقة لهـا بهـا  , إذ  يوجد  في  الكلدان  والآشوريين  والسـريان  وغـيرهم  طائفيـون  وغـير  طائفيـين  ،  ولكن  بوضوح  ،  أن  الذين  يدعـون  الـى  الطائفية  والذين  يروجـون للأحزاب  والتنظيمات  الطائفية  ،  سـواء  كانـوا كلدانا  أم  آشـوريين  أم  سـريانا أم  غـيرهم من أي ديـن  وملـة  ،  هـم  طائفيون  ،  وتشـهد  على  ذلـك  ممارسـاتهم  وأعـمالهم التي  ليسـت  خافية  على  أحـد  . 

    وبالنسـبة  لأختـياري  التسـمية  (  الآشـورية  )  بحسـب  قناعـاتي  التي  أفتخـر  بهـا  ،  ،  ولـماذا  أنت تعـترض  على  ذلك  ،  مـا دمت  لا أعـترض  أنا  على  قناعـاتك  أنت  وغـيرك  ،  مـن  حقـي  أن  أمارس  قناعـاتي  ،  كما هو مـن حقـك  أنت وغيـرك  أن  تمارس  قناعـاتك  . . ما دامت  هـذه  الممارسـة  شـرعـية  .

     يسألني  ، الأخ  حبيب  ،  لماذا  لا تكون  التسمية  الكلدانية  الوحيدة  في  الدستور  . . أنـا قلت  ،  وأنت  أوردت  ما قلتـه  ،  بأنني  :  تهمني  الوحدة  ولا يهمني  الإسـم  . . أليس  كلامي  هذا  واضحا  بالنسـبة  لكل  الأسـماء  من دون أن  أفرض  إسـما  . . ولكن  عـندما  يحصل فرض  أسـماء  متعـددة  (  بما  يعـني  :  إختـار ، إمـا . . أو إمـا  . . )  من دون مراعـاة  مشـاعـر  الوحدويـين  ،  فإن  الإختـيار  يكون  حقـا  مشروعـا . . وبجـلاء  إختـرت  أنـا  (  الآشـوري  )  وهـذا  هو  إختـياري  الراسـخ  الذي  أعـتبره  المخرج  الذي  وضعـني  فيه  الطائفيون  من خلال  الدسـتور  . . الدسـتور الذي  يريـد  إعـادة  العـراقيين ـ  كل  الشـعـب  العـراقي  ،   الى عصور  الصراعـات الدينـية والطائفية والهيمنة  العـرقية  والدينـية  والطائفية وهضم  حقـوق  المواطنين وسلب  حرياتهم بأمور  دينيـة وطائفية  وعـرقية  وسياسية وتسلط فئـة  على  أخـرى  ،  وشـخصيا  لا أعتـقد  أن  البقـاء سـيحالف  هكذا  دسـتور  ،  وحتى  إذا  جرى  تمريره  بوسائل  إسـتغـلال الدين و الإكراه و التزوير  التي  رافقـت  إنتخابات  الجمعـية  الوطنيـة  ،  فإن  هذا  الدسـتور  لا يمكن أن  يسـتمر  ،  لأنه  هيهات  على  الطائفيين  الذين  إستغـلوا غالبيتهم في الجمعـية  الوطنية أن  يعـيدوا  عجلة  العـراق  الـى عهود التسلط الديني والطائفي والعـرقي  والفكري .

   نعـم  ،  أختـرت  ( الآشـوري  )  وهذا من  حقي  ما دام  الطائفيـون تمكنـوا من أن  يفرضـوا  علي  وعلى  غـيري (  إختار  :  إمـا . . وإمـا . . )  وإنني  مقـتنع  أنه ،  عـندما  يكون  الإختيار  بين  (  الكلدانية والآشورية )  فإن  الآشـورية  هي  أكثر  جدارة  ( بالقـومية )  تاريخيا  وتراثيا  وإجتماعيا  وحضاريا  وواقعـيا  . . ولهـذا  إخترتـها  وسأبقـى  أختارها  . . و أزيدك  علمـا  ـ  بحسـب  رؤيتي  ـ  أن  ما قـلته أنـا عـن  الكلدان  ،  ليس  إطلاقـا  ـ  كما تفهم  أو  تريد  أن  تفهم  أنت  ـ  تزويرا  للتاريخ  ،  فهو  ورد  في  أبحاث  من  ليسـوا كلدانا  أو  آشـوريين  أو  سريانـا  ،  ورد  في  كتب  باحثـين  حياديـين  من  أمثـال العـلامة  في  الحضارات العـراقية  القـديمة  وقراءة  نصوصها طـه  باقـر  . . والحقيقة  ـ  كما  يقـول  الحكماء  ـ  لا تؤخـذ  من  المتحاربيـن  ،  مثل  بيانـات حروب صدام المنتصر  دائما  ، وخصومه  ببياناتـهم كانوا  المنتصرين  أيضا  دائما  ،  وإنـما  تستـقصى  الحقيقة  مـمن  لاعـلاقة  لهم   بالمهزومين  والمنتصرين  في  الحروب والصراعـات  والحوادث  والأحداث   والشـؤون  والمتطلـبات .

    واللافـت  ،  أن  أبحاث  وقرائن الأخ  حبيب  ،  تعـتمد  على سـرد  ـ  كحال  كل المتشبثين  بالخيوط  الواهية وقشـات  الغـرقى وسـد  أفـواه  الناس  بالثوابت  والمحرمات  الدينـية وإختراع  صدام بالعـثور على  بيت  إبراهيم في وقت  لا تعرف  التحـريات  الآثاريـة  حتى الآن  أين  كانت مواقع قصور ملوك أور :  ايلولو ( من سلالتها الأولـى ) و لوكال كيزلزى ( من سلالتها الثانية ) و أور نمـو ( من  سلالتها  الثالثـة ) وابي سـن آخر ملوك  أور الذي بعـدما حكم 25  سنة   ( كما جاء في كتاب كنوز المتحف  العـراقي ) زحفت  جيوش  العـيلاميين  الجرارة الى  أور  عام 2003 قبل الميلاد ( قبل أربعة آلاف  سنة من الآن ) وفتحوها وخربوها تخريبا كاملا . .   ـ  ويبدو بعـرف صدام أن بيت أبراهيم  ،  الذي  هيأه لأستـقبال  قداسة  البابا الراحل ،  وحده  سلم من هذا  التدمير ، علما  أن  إبراهيم بحسب  التوراة عاش  نحو  عـام 1800  ق . م . ما يعـني  بأبسط  الحسابات  أن  جد جد إبراهيم  لم  يكن  قد  ولـد بعـد  ، عـندما إنتهت أور من الوجود والحياة  البشرية . .

     ورغم  هـذا  يلاحق الأخ حبيب ،  كغـيره من الراكضين وراء إبراهيم وأور  :  كان  . . وكان أبونا إبراهيـم . . وكان . . وكان . . من  دون  الإسـتناد على مصدر  تاريخي خال من الضغائن  والأحقاد  والخرافات والأسـاطير  . .  معـتمدا  عليه وموثـوقا  بـه  . .  وهـو بهـذا  أل (  كان ،  يا مـا كان  . . )  وكأنه  أمر  يجب  ويجب  الإلتـزام  بـه  على رغـم كل  كتب  التاريخ  التي  تقـول  (  أور  السومريين  )  ما دام يشـبع غليل  البعـض ،  لأن  التوراة  اليهودي  يسميها (  أور  الكلدانيين ) وذلك  فهو  وحده  الوحيد  الأوحد  الصحيح  ،  من دون المبالاة  بأن هـذا التوراة  نفسـه  ينقـل  الملك  الحضاري  نبوخذنصر  الى  البراري  الموحشـة  ليعيش  سبع  سنوات  بهـيـمة  قذرة  مع  البهائم  . . في تلاعـب فض  بحقيقة هذا الملك   العظيـم  وموروثـه  التاريخي  الرائـع  ،  وهكذا  ،  ينبغي (  بعرف البعض ) تجاوز عـدم  وجـود  أي  نقش  آثاري قديم  أو  مسـماري  يسمي (  أور  الكلدانيين  )  ما دام  الكتاب  الحاقـد  على  نبوخذنصر  وغـيره من المشاهير الأجـلاء يسميها بهذا  الإسـم  . 

   ونـرى  ،  أن  الأكثر  ضررا  مـن  عـدم  وجـود  الإسـم  الموحـد  سـتكون  الطائفـة  المسـيحية   الكاثوليكية   الكلدانية  ،  خصـوصا  أن  لـها  ثلاث  أبرشـيات  تدخـل  ضمـن  المصطلح  الآشـوري  ،  هـذه  هـي  رؤيتـي  ،  ومـع  هـذا  لننـتظر  ونـرى  مـن  سـيكون  ألكثـر  ضررا  ،  في  داخـل  العـراق  الثـابت ،  وليس  الخارج  (  الطيـار  )  الـذي  سـيذوب  آجـلا  أم  عـاجلا  في  مجتمعـات  غـريبة  عـن  الطائفـة  الكلـدانية   وغـيرها  مـن  الطوائـف  المسـيحية  العـراقية  . .

    نعـم  ـ  أخي  حبيب  ـ  لا  يجـوز  أن  نأخـذ  أو  نقـتبس  مـن كتاب  ،  مـا  يعـجبـنا  ونهمـل  غـيره  ،  لا يجـوز  ـ  وبوضـوح  مـن  التـوراة  وأمثـاله  ـ  أن  نأخـذ  إبراهيـم  (  مثـلا  )  ونتـرك   مـا يقـوله  هـذا  التـوراة  نفسـه  ،  بـأن  نبوخذنصـر  العـظيم  صار  على  مـدى  سبع  سنوات  وحشـا . .  فـإما  كلاهمـا  صحيـح  وإمـا  كلاهمـا  خطـأ  ،  أمـا  أن  نعـتبر  أحـدهما   صحيحا  والآخـر  خطـأ  ،  فهـذا  هو  أسـلوب  الإنتـقائيين  والمـزورين  للحقـائق  لا غـير  ،  وأدعـوك  الـى  سـؤال  خبـراء  الأبحـاث  والتـاريخ  في  هـذا  الأمـر  ،  شـريطة  أن  لا  يكـون  مـن  تسـألهم  مـن  الكلدان  أو  الآشوريين  أو  السريان  ،  وأنـا  مسـبقا  أقبـل  بمـا  يقـوله  الباحـث  الـذي  تسـأله  ،  مـا دام متجـردا  مـن  رأي  كلداني  أو  آشـوري  أو  سـرياني  .

   وهـنا  ،  أسـألك  ،  متـى  نكـرت  أنـا  حضـارة  بابـل  وعصـرها  الأخيـر  المسمى  نسـبة  الـى  الأسـرة  الكلدانية   الحاكمـة  ، التي  هي  جزء  من  الشـعـب  الآرامي ،  لتقـدم  لـي  درسـا  ـ  يا أخي  حبيب  ـ  في  الحضارة  البابليـة  ؟  الدروس  تلقـى  عـادة  على  الـذي  لا يعـرفها  او  ينكـرها  ،  وليس  على  الذي  يعـرفها  ويعـترف  بـها  . . عـلما  ،  أن  الطائفيـين  الذين  تسـألني  عـنهم  ،  هـم  الذين  يسـتغـلون  التاريـخ  لأغـراض  سـياسية  ،  وليس  أنـا وغـيري  مـن  الذين  يبحثـون  عـن  التاريـخ  بعـيدا  عـن  الأسـماء  التي  فرضـها  البـابا  أوجين  الرابـع  ،  على  طائفـة  مـن  الكنيسـة  المسـيحية  الشـرقية  تحـولت  الـى  المذهـب  الكاثـوليكي  . 

     عـجيب  ،  إنتـقاء  الأخ  حبيب  ،  لفـقرات  مـن  الحضارة  الآشـورية  المتسـمة  بالطابـع  العـسكري  الدمـوي  . . لـماذا  فقـط  الآشـوريين  وحـدهم  ؟  كـل  الإمبراطوريات  القـديمة  إتسـمت  حضارتـها  بالجوانب  الإنسـانية  والعـسكرية  والدمويـة  ،  فلمـاذا  مـدح  هـذا  وذم  ذاك  . . ولمـاذا  فقـط  التـركيز  على  الآشـورية  . . أليس  هـذا  المـدح  والـذم  والتـركيز  يوضـح  غـاية  متعـمدة  لا غـير  ؟  وطبعـا  هـذا  ليس  نـهج  البحـث  التاريخـي  الصحـيح  ،  إذا  أراد  الأخ  حبيب  تومـي  أن  يتحـدث  بلغـة  تاريخية  موثوقـة  غـير  إنتقـائية  ،  تتسـم  بالصـدقية  والمصـداقية  .

    وأؤكـد  ،  أن  جذور  سـهل  نيـنوى  ،   بالتـأكيد  هي  آشـورية  أكثـر  مـن  أي  جـذور  أخـرى  بابليـة  أو  سـومرية  أو  أسـرية  كلدانية  . . لأن  هـذا  السـهل  هـو  موطـن  الشـعـب  الآشـوري  ورسـوخه  وعيشـه  وبقاؤه  وإسـتمراره  حتى  اليـوم   ،  مـع  عـدم  إهمـال  الإنـدماج  الـذي  حصـل  بيـن  هـذا  الشـعـب  وغـيره  مـن  الشـعـوب  التي  وجـدت  مكانا  تاليـا  لـها  في  المنطقـة  وخصـوصا  الشـعـب  الآرامـي  . 

     لقـد  ذكر  الأخ  حبيب  ،  إسـم  (  السـوباريون  أو  الشـوباريون  )  بأنهم  كانوا  في  أرض  الآشـوريين  ،  قـبل  الآشـوريين  ،  ومع  أنني  لا أنكـر  وجـود  أنـاس  في  المنطقـة  الشمالية  مـن  بين  النهـرين  قبل  إسـتيطان  الآشـوريين  فيـها  ،  ولكن  ،  ولأنـني  أعـتمد  على  التاريـخ  الموثـوق  بـه  ،   فقـد  عـدت  الـى  مـا لـدي  مـن  مصادر  فلـم  أجـد  ما  يشـير  الـى  السـوباريين  والشـوباريين  وملوكهم  ،  ولأنني  لا  يهمني  الكلام  غـير  الموثـق  ،  فإنـني  سـأبقى  أعـتبر  هـذا  الكـلام  غـير  دقـيق  ،  حتى  يكتب  الأخ  حبيب  تعـريفـا  واضحـا  عـن  أصحـاب  هـذا  الإسـم  ،  أصلـهم  وفصـلهم  وتاريخـهم  وأماكنـهم  وحضارتـهم  وملوكـهم  ومـا  عـثـر عليه  مـن  آثـارهم  ،  لكـي  أسـتطيع  الـرد  على  هـذا  الطرح  الذي  أعـتبره  حتى  الآن  (  مبـهما  )  . 

     أمـا  بالنسـبة  للسـنين  أل  (  71  )  التي  حكمت  الأسـرة  الكلدانية  في  العـهد  البابلـي  الأخيـر  ،  فـإن  كـل  التاريـخ  الـذي بحوزتـي  ،  يؤكـد  أن  سـهل  نيـنوى  وجنـوبه  ،  كان  مـن  حصـة  الميديـين  بعـد  سـقوط   الإمبراطوريـة  الآشـورية  ،  أمـا  قـوات  الأسـرة  الكلدانيـة  الحاكمـة  ،  فقـد  عـادت  الـى بـابل  بعـد  سـقوط  نيـنوى  ،  وأقـتصر  سـلطانها  على  جنـوب  بابـل  وغـربها  بأتجـاه  قسـم  مـن  أرض  سـوريا  الجغـرافية  . 

     ثـم  لا  أدري  ،  مـا  هـذا  (  الخلـط  الغـريب  )  الـذي  يذهـب  إليـه  الأخ  حبيب  مـن  دون  توضيح  متى جـاء  وأسـتـقر  مـن ذكرهم  ،  بإيـراد  أسـماء  تلعـفر  وتركمـان  وعـرب  وسـنجار  وإيزيـدية  وسـينان  وشـيخ  خـدر  و تلخـش  ودهـوك  وأكـراد  (  مـن  دون  ذكـر  المقصـد  )  .

     أمـا  ألقـوش  وتللسـقـف  وتلكيـف  . . ألخ  ،  فهـذه  لـم  يكـن  يقـال  عـن  أحـد   فيهـا  كلدانـي  ،  حتـى  جـاء  بهـذا  الإسـم   البطريـرك  مـار أيليـا  الثـاني  عـام  1779   الـذي  إمتـد  نفـوذه  الديـني  الكاثوليكي  الـى  المنطقـة  الواقعـة  شـمال  الموصل   ومعـه  الإسـم  الكلـداني  للمذهـب  الكاثوليكـي  الـذي  إختـاره  البـابا  أوجـين  الـرابـع  . . هكـذا  يقـول  التاريـخ  الموثـوق  بـه  .

     ومـن  أراد  أن  يكتـب  وينشـر  مـا  يريـد  ويشـاء  ،  فهـذا  شـأنه  ،  ولكـن  لـن  يذهـب  وراءه  مـن  يبحـث  عـن  الحقـيقة  ويفـهم  النـوايا  . .  وأتمـنى  أن  يعـتمد  الأخ  حبيب  تومـي  على  المصـادر  التاريخيـة  ويـورد  نصـوصها  ،  لكـي  لا يكـون  ما يـورده  مجـرد  كـلام  عـابر  وإنعـكاسا  لـرأي  مسـبق  يـريد  تثـبيتـه    ،  وإن  بقـي  معـلقـا  طائـرا  لعـدم  وجـود  مـا  يسـنده  ويدعـمه   .           
     


83
إمـّا الإسم  الموحد ، وإلاّ آشوري  (  القسم الأول )
[/b]

ـــــــــــــــــــ
جميـل روفـائيـل
ــــــــــ

     لقـد  أعـلنت  في  مواقـفي  وكتاباتي  المعـروفة ـ على الأقل  ـ  منذ  العـام  1970  في  وسـائل  الأعـلام  العـراقيـة  والجمعـيات  والنوادي  الخاصة  بشعـبنا  ،  ولا أزال  حتى  اليوم  سـالكا  هذا  النهج  وسـأبقى  كذلك  ،  بأنـني  ضد  التمزق  والـتـشـتت  والتقـوقع  مع  الأنعـزالات  الطائفـية  التي  ما  جلبت  لأي  شعـب  ودين  غـير  المآسـي  ،  لأنـني  مقـتنع  أن  الحـفاظ  على  وحـدة  شعـبنا  المتوارثـة  قوميا  هي  الأصلح  لبقـائه  تاريخيـاً  وجغـرافيـاً  ،  راهنـاً  ومستقـبلاً  وحضـارة  وكيانـاً  ووجـوداً  بارزا  بيـن  الآخرين  . . ونقـيا  خاليـا  مـن  التـزوير  الـذي  يتعـمده  البعـض  .  .

         هـذا  رأيـي  وأقـتناعـي  ،  وأنا  راسـخ  مع  مذهبـي   المسـيحي  الكلـداني  ،  الـذي  أُريـده  هـو  ورجالـه  نقـيا  مـن  كـل  أدران  الأحـزاب  وشـرور  السـياسة  وصراعـات  الآراء  التـي  لا عـلاقـة  لهـا  باللاهـوت  الديـني  . . والـذي  أنـا  أعـتبر  نفسـي  أحـد  حماتـه  والمدافعـين  عـنه   بقـدر  مـا يتيحـه  لـي  موقـعـي  فـي  إنتـمائي  إليـه  . . أجـل  ‘  إنـه  رأيـي  وأقـتناعـي  الـذي  آراه  الأصـح  لشـعـبنا  والأصـلح  لمسـتقـبله  . . وأنـا لسـت  منتـميا  أو  متعـاطفا  مع  أي  حـزب  أو  تنـظيم  ،  أو  حتـى  مؤيـداً  لأي  جهـة  إلاّ  بالقـدر  الـذي  تلتـزم  تلـك  الجهـة أو غـيرها  بوحـدة  شعـبنا  وحقـوقـه  الراهنـة  ومتطلبـات  ضـمان  مسـتقـبله  . .

       وهـذا  اٌشـير  إليـه  فقـط  ،  للتأكيـد  وأنـا  مسـؤول  عـنه  أمـام  كل  المجـالات  والمحـافل  ،  وأوردتـه  أيضـا  ضـمانا ً  لـرد  كيـد  مـن  لا قـدرة  لـه  على  الحـوار  الموضـوعـي  فيلجـأ  الـى  كيـل  الإتـهامات  مـن  نـوع  :  إكـذب  وإكـذب  وثـم  إكـذب  وواصـل  الكـذب  ،  لعـل  النـاس  يصدقـونك  . .  متجاهلا  الحكمـة  الراسـخة  التـي  تقـول  :  حبـل الكـذب  قصـير . .  قـد  تستطيع  أن  تخـدع  كل  الناس  لبعـض  الوقت  ،  وقـد  تسـتطيع  أن  تخـدع  بعـض  الناس  كل  الوقـت  ،  ولكنـه  محـال  خـداع  كل  النـاس  كل  الوقـت  . 

        و لأجـل  أن  يبقـى  شعـبنا  بعـيدا  عـن  التـشـبث  بأسـاطير  التـوراة  (  علما أن  مـا أتنـاوله  عـن  التوراة  هـو  خارج  إطـار  وثائق  الوحي  والوصـايا  العـشر  ومجموعـة  القـوانين  الدينـية  والشـكل  الطقـسي  والأمـور  المنظمـة  للعـبادة  ،  فهـذه  قضايا  دينـية  واضحـة  لا جـدال  في  شـأنها  ،  إضافـة  الـى  النظم  الأجتماعـية  التي  تحـدد  الحيـاة  العـامة  بحسـب  المتطلبات  الدينـية  للشـريعـة  الموسـوية  )  وخرافاتـه  هـو  وكتـب  أخـرى  شـبيهة  بـه  أو  سـائرة  على  منـوال  إنتقـاء  مـا يناسـبها  منـه  وتجـاوز  مـا لا ترغـبه  فيـه  ،  متجاهلـة  أن  القـوانين  تقـول  :  الروايـة  أو  الشـهادة  التي  يعـتبر  جـزء  منـها  باطـلا  ،  فـإن  الأهمـال  القـانوني  يكون  مصـير  كلهـا  . . وهكـذا  ،  فـإمـا  أن  نأخـذ  كـل  مـا فـي  التـوراة  والكتـب  المـماثلة  لـه  شـهادة  تاريخيـة  وإمـا  أن  نهملـه  كلـه  . . ولا يجـوز  إطلاقـا  أن  نأخـذ  مـا نشـاء  ونتجـاوز  مـالا يعـجبنا  . .  لأن  هـذا الإنتـقاء  هـو أسـلوب  المـزورين  للحقـائق  ومجريـات  الأمـور  . .  وبذلـك  فهـو  ليس  نهج  المؤرخيـن  والباحثـين  أبـدا  . . 

      وأقـول  . . أنـني  كنت  دومـا  مـع  الساعـين  بجـد  وإخـلاص  ووفـاء  وصـدق  ،  لأنـهاء  إنقـسامات  شعـبنا  الواحـد  وأمتـنا  الواحـدة  ،  الطائفـية  والمناطقـية  ،  التـي  فرضـتها  الأوقـات  العـجاف  . . السـنوات  التي  بـدأت  عنيفـة  مـع  تقـسيم  كنيسـة  المشـرق  ،  فأحدثـت  شـرخا  مأسـاوياً  في  وحـدة  أبنـاء  أمـة  كانـوا  موحـدين  منـذ  بدايـة  الزمـن  . .  التقـسيم  الذي  دفـع  شـعـبنا  ومؤمنـو  كنيسـة  المشـرق  ثمنـه باهضـاً  دمـاً  وأرضـاً  وقـوة  ومجـدا  . .  ولهـذا  تهمـني  الوحـدة  أولا  وآخرا  ،  ولا يهمـني  الإسـم  مـن  حيـث  المبـدأ  مهمـا  كـان  :  كـلدوآشـوري  ،  كـلدوآشـور  ،  أكـدي  ،  آرامـي  ،  بيـن  النهـرين  ،  سـهل  نيـنوى  . .  ألـخ  فقـط  أُريـده  إسـما  لـه  دلالاتـه  القـومية  المعـبرة  عـن  شعـبنا  ،  لا مقـتصرا  على  مسميات  دينـية  أو  طائفـية  أو  لغـوية  وحـدها  ،  تـتبع  أهـواء  البعـض  مـن  رجـال  المذاهـب  والأحـزاب  المنغـلقة  على  الطائفـية  وإشاعـة  التفـوق  العـنصري  لجماعـة  على  جماعـات  أخـرى  وتنظـيم  الحقـوق  والمزايـا  بالشـكل  الذي  يخـول  التفرقـة  والتسـلط .

       وإزاء هـذا  ،  لسـت  مسـتعـدا  أبـدا  لأي  تنـازل  للطائفيـين  ،  مهمـا  كـان  نوعـه  ،  لأنـني  أعـتبر  المسـاومة  على  وحدة  شعـبي  الأزليـة  والمصيريـة  ،  خيانـة  للتاريـخ  الحقـيقـي  الذي  قرأتـه  لشعـبنا  وتأكدت  مـن  الثقـة  الكاملـة  بـه  ،  ولـذا  أنـا  متشـدد  في  هـذا  المجـال  ولا أقـبل  بأنصـاف  الحـلول  ولا حتـى  بثـلاثة  أرباعـها  ،  مـا دام  ذلـك  ينتقـص  مـن  الوحـدة  المتواصـلة  التكامـل  لشعـبنا  ،  نعـم  التوافـق  في  الإسـم  مقـبول  ، ولكـن  مـن  دون  التلاعـب  بإطـار  الوحـدة  ونصـب  شـراك  الإنقـسامات  الطائفـية  المذهبـية  أمـام  ثوابت  الوحـدة  لأجـل  إرضـاء  النزعـات  الدينـية  والطائفيـة  التي  يروجـها  البعـض  الـى  حـد  الإسـتغـلال  . 

      وتأكيـدا  لقـناعـاتي  التاريخيـة  وثوابـتي  الوحـدوية  ،  فإنـني  ،  أعـلن  بكـل  جهـر  وفخـر  ، إنـني  سـأختار (  الآشـورية  )  قوميـة  لـي  ،  إذا  جـرى  إستبعـاد  الأسـم  الموحـد  لشعـبنا   بتأثـير  النفـوذ  المذهـبي  أو  بألاعـيب  العـنصريـين  ومـن  والاهـم  أو  ساعـدهم ، و ذلـك إذا  إقـتصر  الدسـتور  على  ذكـر  مـا ورد في  (  نص  مشـروع  الأحـزاب  والجماعـات  الطائفـية  الشيعـية  للدسـتور  العـراقي  )  الذي  يقـول  "  .  . ومن  قوميـات  أساسيـة  . . والكلـدانية  و الآشـورية  و السـريانية  . . "   إنطلاقـا  مـن  مبـدأ  أن  الطائفيـين  يريـدون  أن  يُصـبح  كل  النـاس  مثلـهم  طائفـياً  حتـى  لـو إختلفـوا  معـهم  ،  لأن  همـهم  إشـاعـة  الطائفـية  وكفـى  .


أسـئلة  . . لمـاذا  ولمـاذا  ؟ !
ــــــــــــــــــ

      وبالمناسـبة  . . أود  أن  أوجـه  أسـئلة  عـامة ،  أنـا  مقـتنع  بمشـروعـيتها  :

 لمـاذا  جـرى  في  المشـروع  (  الطائـفي  )  الشـيعـي  إهمـال الإسـم  القومـي الموحـد  (  كلـدوآشـوري  )  المـثـبت  فـي ( قانـون  إدارة  الدولـة  )  ؟  . .

 هـل  أن  الـذين  وضعـوه  في  قانـون  إدارة  الدولـة  بالأمس  قـد  تخـلوا  عـنه  اليـوم  ؟  . .

وهـل  أن  الـذين  قـرروه  ومجـدوه  وأشـادوا  بـه  بالأمس  ،  إستـيقظ  ضميرهم  كمـا  أخـذ  البعـض  بالترويـج  ،  فأصـبحوا  ليس  على  هامشـه  أو  تطويـره  أو  الحيـاد  منـه  ‘  وإنـما  على  الضـد  منـه  تمـاما  تصـرفا  وممارسـة  وصـراخا  . . والسـؤال  المشـروع  لهـم  هـو  :  هـل  أنـهم  كانـوا  على  خطـأ  أم  خدعـوا  أم  أنـهم  (  مـن  صنف  تبـديل  الكيـر  ـ  آلـة  حركـة  العـربات  ـ  بحسـب  الأهـواء  في  معـزل  عـن  القـناعـات  )  أم  أن  هـناك  أمـورا  أخـرى  على  شـاكلة  المعـنى  في  قلب  الشاعـر  ؟ 

  وهـل  أن  الوحدويـين  مـن  شـعـبنا  ،  وهـم  بتقـديري  الغـالبية  ،  الـذين  قبلـوا  بهـذا  الإسـم  الموحـد  والتـزموه  ،  قـد  إنتـهى  وجودهم  وتبخـروا  أو  ذابـوا  موزعـين  بيـن  أسـماء  المشـروع  (  الطائفي  )  الشيعـي  ؟  . . وثـمّ  مـادام  قـد  تضـمن  هـذا  المشـروع  ثلاث  قوميـات  (  الكلدانية  والآشورية  والسريانية  )  فمـاذا  كان  الضـرر  لـو  أصبحـوا  أربـع  قوميـات  (  الكلدانية  والآشورية  والسريانية  والكلدوآشورية  )  مادام  الكل  يقـرع  على  طبول  الديموقراطية  ،  فهل  هذه  الطبول  مباحـة  للطائفيـين  ومحرمـة  على  المؤمنين  بوحدتـهم  القـومية  بعـيدا  عـن  قـيود  الطائفية  ،  أم  أنـها  ديموقراطية  إنتقـائية  على  نهـج  أخـذ  الأرنب  والغـزال  ؟ . .

        واللافـت  للإنـتـباه  ،  أن  مؤيـدي  القـوميات  (  برأيـي  الطائفـية :  الكلـدانية والآشـورية  والسـريانية  )  يـرددون  عـبارات  مـن  النـوع  الـذي  ينطبق  عليـها  القـول  (  كلمـات  حـق  يـراد  بـها باطـل  )  مثـل  (  نتعـامل  بقـلوب  مفـتوحـة  ،  نيـات  صـافية  ،  مصـيرنا  واحـد  ،  طريقـنا  واحـد   ،  مسـتقـبلنا  واحـد  . . ونعـمل  للتوصـل  الـى  صيغـة  توافـقـية  لا تظلـم  أحـدا  ولا  تغـبن  حـق  أحـد  . . ألـخ  ) وثـم  يـرددون  بصـيغـة  التحـذير  للآخرين  بوجـوب  السـير وراء  رغـباتـهم  وإلاّ     الكـلدان  ( برأيـهم  قوميـة )  80  في  المئـة  مـن  مكونـات  المجتـمع  المسـيحي  فـي العـراق  (  والحقيقـة هـذا  هـو  بالنسـبة  للطائفـة  الكلـدانية  فقـط  ولا  عـلاقـة  لـه  بأمـور خارج  المذهـب  والـدين  )  أنـهم  ( برأيـهم  القوميـة  )  لـهم الأولـوية  . . ألـخ  ولكـن  لـدى  مراقـبـتي  الشـخصـية  لـهذه  الأقـوال  ومـن  يطلقـها  ،  وجـدت  أنـها  أوهـام  لأنـها  فقـط  تقـود الـى تـمرير  التـمزق  والتشـتت  ليس  فقـط  لمسـيحيـي  العـراق  وإنـما  أيضـا  للطائفـة  الكلـدانية  نفسـها   ،  حيـث  ينقـسم  المـنتـمون  إليـها  بيـن  (  الكـلدانية  )  وبيـن (  غـيرها  )  مـا يعـني  أن  الأمـور  السـياسـية  سـتـتدخـل  في  مجـال  الإنتـماء  الطائفـي  الكلـداني  عـن  طـريـق  مـا يـراه المنتسـبون  الـى  هـذه  الطائفـة  مناسـبا  لـهم  قوميـا  ،  مـن  خـلال  إنتسـابهم  الحـزبي والسياسـي  والفـكري الخارج  عـن  إطار  الديـن  ،  وقـد لا يسـتقـر  الكثـير منهـم  عـلى  رأي  قومـي  دائـم  ،  فيصـبح  إختـيار  القـومية  ليس إعـتمادا  على  الإصـالة الإنتـمائية  التاريخية  والإجتماعـية  واللغـوية  والثـقافيـة ، وإنـما  على  تبـدلات  الأهـواء ،  وسـيؤدي  ذلك  الـى  التشاؤم  مـن  كل  أسـماء  شعـبنا  (  لطائفيـتها  وعـدم  إسـتقـرارها  )  واللجـوء  الـى  تبـني  القوميـات  الكردية  والعـربية  ،   وهـو  بتقـديري  مـا يسـعـى  إليـه الكثير  مـن  دعـاة  التمـزق  الـذين  كانـوا  يروجـون جهـارا  ـ  والآن  سـرا  ـ  الـى القـوميـة  الكرديـة  أو  العـربيـة  ،  بعـدما  إتفـقـت  مصالـحهم (  رغـم  إختلافاتـهم  الذهنـية  والقـومية ) علـى  التمـزق  ودخـلوا  جميعـا  مـا  سـمّـوه  (  البيوت الطائفية )  ولـولا  إيمانـنا  بتجنـب  المهـاترات  لـذكرناهم  واحـدا  واحـدا  بالأدلـة  القـاطعـة  . . وبالتـأكيد  سـنرى  إنعـكاسـات  خطيـرة  جـدا  جـدا  لتمـزيق  شـعـبنا  الـى  قوميـات  طائفيـة ،  وخصـوصا  على  وحـدة  طائفـتنا  الكلـدانية  والـى  حـد  ـ  بتقـديري  ـ  سـتجعـل  رجـال  الـدين  الـذين  آزروا  هـذا  الإنقـسام  ينـدمـون  أسـفا  ،  إنطـلاقا  مـن  واجبـهم  بالحفـاظ  على  وحـدة  طائفتـهم  وطائفـتـنا  الكلـدانية  . . فـهـل  يفـكر  رجـال  الـدين  في  طائفـتـنا  ويدرسـون  هـذا  الخطـر  المـاثـل  ويتـخـذون  القـرار  الجـرئ  الحـاسـم  قبـل  فـوات  الأوان  . .  ولات  سـاعـة  منـدم  ـ كـما  يقـول  الحكـمـاء  ـ  ؟   

         وثــمّ  . . ألـم  يكـن  ينبغـي  على  الأسـتاذ  يونـادم  كنـا  ،  وهـو  عـضو  اللجنـة  الدسـتورية  ،  ولا يـزال  ملتـزما  هـذا  الإسـم  وبتقـديري  أنـه  سيبقـى  كذلـك   ،  أن  يتمسـك  بـه  في  اللجنـة  الـى  حـد  الإصـرار  المعـبر  عـن  رأي  القطـاع  الأكبـر  مـن  شعـبنا  الرافض  للطائفـية  السياسـية  وتدخلاتـها  الأجتماعـية  والقـومية  . . أن  يتمسـك  بـه  في  اللجنـة  ليظهـر  للـذين  عـارضوا  الإسـم  الموحـد  أنـهم  على  خطـأ  جسـيم  وأن  إلتـزام  السـيد  يونـادم  بـه  هـو  الصواب  المنطلـق  مـن  موقـف  الغـالبية  ،  وذلـك  مـن  خـلال  نتـائج  الأمتحـان  التـي  ستظهـر  في  الإحصـاء  ،  التـي  كمـا  يقـال  أن  في  الإمتحـان  يكـرم  المـرء  أو  يهـان  ،  حيث  أن  الإحصاء  السـكاني  هـو  الإمتحـان  ،  وإستطلاعـاتي  الشخصـية  تؤكـد ـ  لـديّ  قائـمة  بيـدي  الآن  تضـم  أسـماء  أكثـر  مـن  200  مثقـف  من تللسـقـف  وهم  جميعـا يعـيشـون  اليـوم  داخـل  تللسـقـف  إضافة  الـى  أنهم  مـن  سـكان  تللسـقف  الأصـلاء  أبـا  عـن  جـد  مثـلي ،  كلهم  يدعـون  الـى  الأسـم  الموحـد  لشـعـبنا  ،  وهـم  يؤكـدون  أن  أكثـر  من  70  في  المئـة  من  الـذين  يعـيشـون  داخـل  تللسـقف  اليـوم  يريـدون  لهـم مع  باقـي  أبنـاء شعـبنا  إسـما  قوميـا  موحـدا  لا طائفيـة  فيـه  ـ   أن  غـالبية  شـعـبنا  سـيختار  الإسـم  الموحـد في  الإحصـاء  ـ  كـما  يلـوح  لـي  ـ  وتبقـى  الأسـماء  الأخـرى  هامشـية  مهمـلة  وتـزول  مـع  الأيـام  مـع  زوال  إدعـاءات  طائفيـي  شعـبنا  مـن  كـل  الأشـكال  . . وحيث  البقـاء  للإسـم  الموحـد  الواحـد  الأصـلح  ؟  فهـل  سـنرى  هـذا  الإمتحـان  المصـيري  ونصـفـق  للنـاجح ، حـيث  نختـار  بيـن  (  كـلداني  وآشـوري  وسـرياني  وكـلدوآشـوري  )  إذا  واصـل  الطائفيـون  عـنادهـم  معـتمدين  ـ  كمـا  يجري الحديث  هنا وهنـاك  ـ  على  مـن  يدعـمهم  مـن خـارج  شعـبهم  ؟ ؟ ! ! !   

         وأقـول  . .  تأكيـداً  لقـناعـاتي  التاريخيـة  وثوابتـي  الوحـدوية  ،  فإنـني  أعـلن  بكـل  جهـر  وفخـر  أنـه  ،  إذا  جـرى  إستبعـاد  الإسـم  الموحـد  لشعـبنا  ،  فإنـني  ،  بقـدر  إلتـزامي  الدينـي  المذهبـي  الراسـخ  بخيمـة  الكنيسـة  الكلـدانية  سـيرا  على  نـهج  آبائـي  وأجـدادي  منـذ  أجيـال  ،  فإنـني  بالقـدر  نفسـه  سأختـار  لنفسـي  إنطلاقـاً  من  ثوابـت  التاريـخ  والجغـرافية  في  بـاب  القـومية  خيمـة  (  الآشـوريـة  )  .

لمـاذا  إختـيار  الآشـوريـة  ؟
ــــــــــــــــــ

     نعـم  . . لمـاذا  إختـيار  الآشـورية  ؟  . . ولابـد  مـن  التوضـيح  وبيـان  السـبـب  والحقـيقـة  : 

لا للكلـدانية  ،  لمـاذا  ؟
ـــــــــــــــ
     عـندما  نعـود  الـى  الحقـائق  التاريخيـة  ،  نجـد  أن  (  الكلـدان  )  هـو  إسـم  لأسـرة  أو  قبيـلة  مـن  الجماعـات  الآراميـة  التـي  نزحـت  في  حوالـي  القـرن  العـاشـر  قبـل  الميـلاد  مـن  مواطنـها  في  الجهـات  الشـمالية  مـن  غـرب  الفـرات  ومناطـق  دمشـق  وحمـاه  ،  بعـد  زوال  دويـلات  سوريـا  الآراميـة  عـن  الوجـود  ،  وأسـتقـرت  خصوصـا  في  الواحـات  الواقعـة  شرقـي  دجلـة  في  حـدود بابـل  وعـيلام  ،  ومـن  هـذه  القـبيلة  الكلـدانية  الآراميـة  جـاء  إسـم  الدولـة  الكلـدانية  ،  بعـدما  زاد  نفـوذها  وأرتفـع  مقـامها  نتيجـة  تزعـمها  لبدايـة  تأسـيس  العـهد  البابلـي  الأخيـر  ،  الذي  يمثـل  سـلالة  بابـل  العـاشـرة  ،  التـي  سـميت  تاريخيـاً  بالدولـة  البابليـة  الأخيـرة  أو  الإمبراطـورية  الكـلدانية  (  التي  كان  عـدد  ملوكهـا  سـتة  حكمـوا  نحـو  88  سـنة  ،  وهـم  :  نبوبلاصـر  21  سـنة  ونبوخذنصـر الثانـي  43  سـنة  وأميـل  مـردوك  2  سـنة  ونركلصـر  4  سـنة  ولباشـي مردوك  9  أشـهر  ،  وهم  من  القبيلة  الكلدانية  الآرامية  ،  ونبونيـد  17  سـنة  وهـو  مـن  قبيلة  آرامية  غـير  كلدانية  )  التي  حملت  هـذا  الإسـم  نسـبة  الـى  الإنتمـاء  القـبلي  لملوكـها  المؤسـسين  ،  كمـا  هي  حـال  إمبراطـوريات  ودول  كثيـرة  شـبيهة  بهـا  في  التاريـخ  ،  منـها  :  السـاسانية  والأمويـة  والعـباسية  والبويهيـة  والسلجوقـية  والحمدانيـة  والإيلخـانية  والصفويـة  والعـثمانية  والهاشـمية  والسعـودية  . . التـي  لـم  يجـرؤ  أحـد  على  الإدعـاء  بأنـها  أسـماء  قوميـة  ،  كمـا  فعـل  البعـض  في  أيامنـا  هـذه  مـع  الإسـم  الكلـداني  .

    ولـهذا  ،  فـإن  الكلدانـية  هـو  إسـم  لقـبيلة  مـن  الشعـب  الآرامـي  ،  برزت  وحكمت  لبعـض  الوقـت  في  جنـوب  العـراق  وبابـل  ،  وأنتـهى  هـذا  النفـوذ  القـبلي  الكلـداني  فعـليـا  بعـد  فتـرة  قصـيرة  مـن  مـوت  الملـك  (  الكلدانـي  )  نبوخذنصـر  ،  حيـث  أن  نبونيـد  آخـر  ملـوك  إمبراطوريـات  ودول  بابـل  لـم  يكـن  مـن  القـبيلة  الكلـدانية  وإنـما  كـان  مـن  قبيلـة  آراميـة  أخـرى  . 

     وإعـتمادا  على  التاريـخ  وحوادثـه  ،  فـإن  المنطقـة  الجغـرافية  للقـبيلة  الكلـدانية  وإمبـراطورية  بابـل  الأخيـرة  ،  كانـت  إعـتبارا  مـن  جنـوب  بغـداد  الحاليـة  مضـافا  إليـها  المنطقـة  الوسـطى  الشرقـية  مـن  سـوريا  الجغـرافية  ،  حيـث  أن  قـوات  الكلـدانيين  إنسـحبت  مـن  شـمال  العـراق  بعـد  سقـوط  نيـنوى  وتركتـه  للميديـين  ،  بنـاء  على  إتفـاق  تقسـيم  أراضي  الإمبراطوريـة  الآشـورية  بين   الطرفيـن  المنتصـرين  في  الحـرب  ،  مـا يعـني  أن  منطقـة  سـهل  نيـنوى  وإمتـدادا  حتى  جنـوب  تركيـا  (  بإستـثناء  مدينـة  نيـنوى  الوحيـدة  التـي  دُمـرت  نهـائياً  )  بقـيت  عـامرة  على  وضعـها  وشعـبها  بالشـكل  الـذي  كان  موجـودا  فيـها  في  العـهد  الآشـوري  ،  جغـرافياً  وسـكانياً  ،  مـع  خضـوعـها  السياسـي  للمنتصـر  الميـدي  .

         وبقـي  إسـم  الكلـدان  غـير  شـائع  ،  بإستـثناء  عـند  ذكـر  إمبراطـورية  بابـل  الأخيـرة  وقـراءة  بعـض  نصـوص  التـوراة  ،  حتـى  إختـاره  البابـا  أوجيـن  الرابـع  بحـدود  عـام  1445  فـي  ختـام  المجمـع  المسـكوني  لأتحـاد  الكنائس  الـذي  عـقـده  في  فلورنسـة  ( إيطاليا ) وأعـتبره  بدايـة  إسـماً  لأتبـاع  الكنيسـة  الشرقـية  في  قـبرص  الـذين  يتحـولون  الـى  الكثـلكة  ومـن  ثـمّ  إمتـدّ  الإسـم  ليشـمل  كل  الذيـن  يتحـولون  مـن  الكنيسـة  الشرقـية  الـى  الكاثوليكيـة  أينمـا  كانـوا  ،  وتوسـع  هـذا  الإسـم  بالنسـبة  للمتحوليـن  مـن  الكنيسـة  الشـرقية  الـى  الكاثوليكيـة  في  منطقـة  بيـن  النهـرين  ،  منـذ  عـام  1779  حيث  تحولـت  منطقـة  الموصـل  وضواحيـها  الـى  الكاثوليكيـة  إسـتجابة  لقـرار  البطريـرك  مـار أيليـا  الثـاني  الـذي  كـان  مقـره  في  مدينـة  الموصـل  . 

       وبنـاء  على  هـذه  الحقـائق  التاريخيـة  ،  فـإن  إسـم  الكلـدان  أصـلا  ظهـر  وبـرز  إسـما  لقـبيلة  ضمـن  الشعـب  الآرامـي  في  وسـط  وجنـوب  العـراق  وغـربه  مـن  دون  الأمتـداد  الـى  سهـل  نيـنوى  وشـماله  ،  ومـن  ثـمّ  إسـتقر  إسـما  لمذهـب  مسـيحي  ضـمن  المذاهـب  الكاثوليكيـة  ،  وفي  كـلا  الحالـتين  ليس  إسـما  قوميـا.



لا للسـريانية  ،  لمـاذا  ؟
ــــــــــــــــ

        أمـا  بالنسـبة  للإسـم  السـرياني  ،  فلا أحـد  جـاء  أو  يسـتطيع  أن  يأتـي  بدليـل  مقـنع  موثـوق  أنـه  أكثـر  مـن  إسـم  ظهـر  مع  بـدء  إنتشـار  المسـيحية  ،  حيث  يرتبـط  لفظـيا  بإسـم  سـوريا  (  الجغـرافية  أي  بـلاد  الشـام  )  التـي  تحركـت  مـن  أراضـيها  مجموعـات  المبشـرين  الأوائـل  بالديانـة  الجـديدة  المسـيحية  ،  وهـو  إسـم  دينـي  مـرادف  ل  ( سـورايي ) .

        إذ  أن  ـ  كمـا  جـاء  فـي  قامـوس  المطـران  الكـلداني  أوجيـن  منـّا  ص  487  ـ  488  في  معـنى  وشـرح  كلمة  سـورايا  وإشـتقاقاتها  (  سـورايا  :  سـرياني  ،  آرامـي  ،  نصـراني  ،  إختصار  أسـورايا  أي  أثـورايا  ،  ملـة ،  ديانـة  ،  لغـة  سـريانية  ،  . . .  فـلفظـة  السـرياني  على  رأي  أغـلب  العـلماء  المحقـّين  متأتيـة  مـن  لفظـة  الآثـوري  محرفـة  بعـض  التحـريف  طبقـا  لطبـع  اللغـة  اليونانيـة  ،  وهـذه  التسـمية  دخلـت  أولا  على  سـكان  بـلاد  الشـام  ثـم  نحـو  أواسـط  الجيـل  الأول  للمسـيح  دخلـت  أيضـا  على  سـكان  مـابين  النهـرين  وأثـور  وبابـل  على  يـد  الرسـل  الشاميـين  الـذين  تلمـذو  هـذه  البـلاد  وأقبـلوا  بهـا  الـى  الديانـة  النصـرانية  فأجـدادنا  الأوّلـون  لحبـهم  الشـديد  للإيـمان  ولتمسـكهم  الوثيـق  بعـُرى  الـدين  الحـق  تركـوا  بنـوع  مـن  الإفـراط  مـع  الوثنـية  حتـى  إسـمهم  القـديم  وتسـموا  بإسـم  السريانيـين  نسـبة  الـى  الرسـل  الـذين  بشـّروهم  وتميـيزاً  لهـم  مـن  بين  جنسـهم  الآراميـين  الـذين  لـم  يكونـوا  بعـدُ  قـد  إعـتنقـوا  الديانـة  المسـيحية  ولـذلك  أضـحت  لفظـة  الآرامـي  مرادفـة  للفظـة  الصابئ  والوثـني  ولفظـة  السـرياني  مرادفـة  للفظـة  النصـراني  المسـيحي  ) .

      ومـع  مـرور  قـرون  عـدة  على  المسـيحية  ،  أصبحـت  كلمتـا  السـريان  والسـريانية  أكثـر  إلتصـاقا  بسـريان  الإمبراطـورية  الرومانيـة  مـن  انصـار  المونوفيزيـة  (  مذهب  مسيحي  ظهر  في  القـرن  الخامس  ،  يقـول  بطبيعـة  واحـدة  للمسيح  )  وكونـوا  المذهـب  اليعـقوبي  (  السـريان  الأرثوذكس  حاليـا  )  في  حيـن  أن  طـرف مسيحيـي  سـوريا  الـذي  رفض  المونوفيزية  وألتـزم  الكاثـوليكية  في  الوقـت  نفسه  تقـريبا  سمـُي  (  الكنيسـة  السـريانية  المارونيـة  )  بينـما  الفـرع  الـذي  خرج  مـن  اليعـاقبة  ( السريان  الأرثوذكس  )  وتحـول  الـى  الكاثوليكية  في  القـرن  السابع  عـشر  سُـمي   منذ  ذلك  الوقت  ولا يـزال  (  الكنيسـة  السـريانية  الكاثوليكيـة  )  . 

       ومـن  خـلال  هـذه  اللمحـة  السريعـة  ،  يظهـر  جليـا  أن  (  السـريان  والسريانيـة  )  هي  مرادفـة  ل (  سورايـي  وسـورث  )  وبذلـك  فهـي  تسـمية  دينـية  (  سـريان  ،  سـورايي  )  أصـلا  ،  وثـم  إمتـدت  اللفظـة  لتكـون  تسـمية  للغـة  المنتـمين  الـى  هـذه  التسـمية  الدينـية  (  سريانية ،  سـورث )  وبذلـك  لا يمكـن  أن  تكـون  تسـمية  قوميـة  ،  إلاّ  في  عـُرف  الذيـن  يريـدون  إسـتحداث  تسـمية  قوميـة  خاصـة  لطائفـة  دينـية  .

نعـم للآشـورية  ،  لمـاذا  ؟
ـــــــــــــــــ

     وأمـا  الأشـورية  ،  فهـي  تسـمية  لشعـب  يعـود  بجذوره  القوميـة  واللغـوية  الـى  الأكديـين  الـذين  كونـوا  أول  إمبراطوريـة  في  العـالم ووحـدت   بلاد  الرافـدين  بقسـميها  الشـمالي  والجـنوبي  إضافـة  الـى  أجـزاء  مـن  الأناضـول  وسـوريا  ،  وقـد  أنشـأها  سرجـون  (  الأول  )  في  حوالـي  سـنة 2340  ق . م .  وكانـت  عـاصمتها  مدينـة  (  أكـاد  )  الـى  الجـنوب  بحـوالي  خمسـين  كيلومتـرا  مـن  بغـداد  الحاليـة  وأسـتمرت  قائمـة  زهـاء  قرنيـن   ،  وكانـت  اللغـة  الأكـدية  هـي  لغـة  البابليـين  أيضـا  ،  أي  أن  اللغـة  الأكـدية  سـميت  في  بابـل  (  البابليـة  )  وفي  آشـور  (  الأشـورية  )  ما يعـني  أن  اللغـتين  (  البابليـة  والآشـورية  )  هـي  لغـة  واحـدة  . 

      وكلمـة  أشـور  (  الأشـورية  )  هي  إسـم  لقـوم  (  هـو  إمتـداد  للشعـب  الأكـدي  )  شكـّل  دولـة  وإمبراطوريـة   إمتـد  سـلطانها  (  متفاوتـا  بيـن  القـوة  والضعـف  )  منـذ  نحـو  2100  ق .  م  .  وحتـى  612  ق . م .  وحكمهـا  117  ملكـا  ،  هـذا  المجـد  المتواصـل  مـن  دون  إنقـطاع  وعلى  مـدى  هـذه  الفـترة  الزمنـية  ،  لايمكـن  أن  يصـونه  إلاّ  شعـب  أصـيل  يمتـلك  كـل  خصـائص  الأمـة  القـومية  السياسيـة  والإجتـماعـية  والتاريخيـة  واللغـوية  والثقـافية  ،  وحتـى  أن  إندماجـه  مع  غـيره  (  الآراميـين  )  عـرقياً  ولغـوياً  ،  الـذي  كان  نتيجـة  مؤثـرات  وأحـداث  ومتطلبـات  وظـروف  الزمـن  الطويـل  ،  لـم  يكـن  إلاّ  بالشـكل  الـذي  يدخـل  في  إطـار  الإنسـجام  والإختـلاط  والإتـحاد  الطبيعـي  بيـن  الشعـوب  ،  وبعـيداً  عـن  كل  قسـر  ،  لأنـه  تحقـق  مـن  منطلـق  رغـبة  الإنضـمام  التدريجـي  إلـى  الشعـب  الأشـوري  الـذي  هـو  أوسـع  وأشـمل  وصـاحب  الأرض  الأصـلي  ،  التـي  حصـل  فيـها  الإنـدماج  أي  سـهل  نيـنوى  وإمتـداده  الشـمالي  في  أرض  بيـن  النهـرين  . 

      وبنـاء  على  هـذا  العـرض  ،  فـإن  مسـيحيي  (  سورايـي  ) منطقـة  سـهل  نيـنوى  وأطرافـها  وشـمالها ،  بكافـة  مسـمياتـهم  المذهبـية  الدينـية  والطائفيـة  الراهنـة  ،  لا يمكـن  أن  يكونـوا  إلاّ  مـن  جـذور  الأشـوريـين  والإنضـواء  الإندماجـي  الـذي  حصـل  معـهم  ،  وهـذا  دليـل  عـلى  أن  إنتسـاب  سـورايي  هـذا  السـهل  الـى  الإسـم  القـومي  (  الأشـوري  )  هـو  الأكثـر  صـدقـا  وواقعـا  مـع  حقـيقة  وجـودهم  فـي  هـذه  المنطقـة  مـن  الأرض  أصـلا  وتاريخـا  ووضـوحا  إجتماعـيا  وثبـاتـا  ورسـوخا  ومجـدا  دائميـا  . .

       ولكـن  ،  لأخـذ  الإنـدماج  في  الإعـتبار  إضـافة  الـى  خصـوصيات  المرحلـة  التاريخيـة  والإجتماعـية  الراهنـة  ومتطلبـات  مصالحـها  وروابطـها  المشـتركة  وجمـع  الشـمل  بيـن  كـل  مذاهـب  وطوائـف  سورايـي  ،  فـإن  خيـار  الإسـم  القـومي  لشعـبنا  هـو  واحـد  أصـلا  وقطعـا  ، و يمثـل  إنجـازا  لا بـدّ  من  تحقـيقه  ،  ومـن  لا يرتضـيه  فـلا يمكـن  أن  يوصـف  بغـير  الإنعـزالـي  الـذي  يصـر  على  الـتشتـت  والتـمزق  ،  على  رغـم  جسـامة  أخطـار  هـذا  التـشتـت  والتـمـزق  . 

      . . وفي  القسـم  الثاني  مـن  هـذا  الموضوع  ،  سنـتناول  أخطـار  التشـتـت   والتـمزق  ،  خصـوصا  على  وحـدة  المنـتمين  الـى  المذهـب  الكلـداني  ،  ومتطلبـات  إنصـراف  رجـال  الـدين  المسـيحيـين  الـى  مهمات  كنائسـهم  وواجباتـهم  الطقسـية  تجـاه  كـل  المنـتمين  الـى  مذاهـبهم  ،  وأن  لا يبـدر  منـهم أي  إنحيـاز الـى أي فريـق  ضـد  آخـر  خارج  إطـار  الواجبـات  الدينـية  . .

   

84
شعـبنا  . . الأعلام والفضائيات ورجال الدين
[/u][/b][/size]

جـميــل  روفـائيــل

      كـان  المتـداول  عـالميـا الـى عـهد قريب القـول المأثـور :  أعـطنـي  مسـرحا  أعـطيك شـعـبا  ،  . . لكنـه أخيـرا ، وبسـبب  التطورات  العـالمية   ،  خصـوصا  في وسـائل الأتصـالات ،  أصـبح الأعـلام متقـدما على المسـرح ، وصـار القـول  :  أعـطني  أعـلاما  أعـطيـك  شـعـبا . .

      وأثـبتت الوقـائع  التـي  أحاطـت  بعـالمنا في الثلاثيـن  سـنة  الأخيـرة  صحـةهـذه  الصدارة للأعـلام ، فقـد  كـان الأعـلام  مـن  "  سـبل  حـرب  التغـييرات  "  الرئيسـية  ،  ولـذا  فقـد  أهتـمت  بـه  الـدول  الغـربية  وطورتـه  بصـورة سريعـة  وبتقـنية  عـالية  الآمكانيـات  والجـودة  ،  وأسـتخدمته  في  أغـراضها  السـياسية . .

     وفـي  الوقت  نفسـه  ،  أسـتفاد  التطـرف  بأنـواعـه مـن الأعـلام  ،  ومنـه  التطرف  الديني  والمذهبي  الأسـلامي  الذي  أصـبح  مشـكلة  ليس  فقـط  في  عـراقنا  الحبـيب ،  وأنـما  أيضا  في  أماكـن  كثـيرة  مـن  العـالم  ،  حيث  أن  أحـد  أسـبابه  الرئيسـية  هـو  الفضـاء  الأعـلامي  البعـيد  عـن  الألتـزام  الـذي  وجـد  فيـه  المتشـددون  في  المذاهـب  الأسـلامية   الذيـن  يتـبنـون العـنصرية  الحاقـدة  والطائفيـة  المذهبيـة  والدعـوات  التكفيـرية ، ضالتـهم ،  مـا جعـلهم  يذهبـون  فيـه حـد  التمـادي  نتيجـة  الفضـاء  الواسـع  الـذي  جـرى   توفيره  لهـم مـن  قبـل  عـدد  مـن  الدول  تشجيعـيا  وماليـا ،  في  توظيـف  المـوت  الـذي  وصـل  حـد  التنـاقض  حتـى  مـع  الشـرائع  التـي  يدعـّون  الأهتـداء  بـها  . .  فأوغـلوا في  أباحـة  الأرهـاب  والعـدوان  والحقـد  والدمـار  بوصفـه  حـلالا  مـن  خـلال  التفاضـل  المذهبـي  والتفسـيري  والمنهجـي  والتمسـك  بمآثـر  السـلف  بحسـب  هواهـم ،  مـا  أسـفر  عـن  تأجيـج  النزاعـات  حتـى  في  أطـار  الطائفـة  الواحـدة  .

     وشـخصـيا  ،  أنـا  مقـتنع  بالبـون الشـاسع  مـن  دون أي  لقـاء  أو  ألتقـاء بيـن  الديـن  والسـياسة  ،  لأن  الديـن (  أديـان  )  (  ديـنونة  )  وهي  كلمـات  أصلهـا  سـرياني  ،  ويؤيد  ذلـك  قاموس  (  المنجـد  في  اللغـة  العـربية  المعـاصرة  )  أذ  أنهـا ،  مـن  (  ديـنا  )  التي  معـناها  بحسـب  قامـوس  المطران  يعـقوب  أوجـين  مـنـّـا  :  (  حـق  ،  عـدل  ،  سـنـّة  ،  شريعـة  ،  فريضـة  ،  نامـوس  ،  قـانون  ،  حكـم  ،  عـقيدة  . . )  والتي  يمكـن  وضعـها  في  أطار  (  مجموع  الأعـتقادات  والممارسـات  التـي  يعـبد  بهـا  الأنسـان  ربـه  ، و التسـامح  والصـدق  والنهـي  عـن  فعـل  المنكـرات  وتجنـب  الولـوج  في  خضـم  السيـئات  . . ألخ  بالنسـبة  لكـل  مـا  يدخـل  في  أطـار  الفضيلة  والصـلاح  .

      أمـا  السـياسة  (  وأصـل  الكلمة  سـرياني ،  وهو  مـا يؤيـده  أيضا  قامـوس  المنجـد  )  أذ  جـاء  في  قامـوس  المطـران  مـنـّـا (  سـاس  ،  سـياسا  :   سـاس  ،  دبـر  ،  قـاد  )  فهـي  على  النقـيض  تمـاما  مـن  الديـن  في  سـلوكها  وممارسـاتها  وتشـعـباتها  وأهدافـها  . .

      ولـذا  عـند  أمعـان  النظـر  في  معـنى  (  الديـن  )  و  (  السـياسة  )  سـواء  في  أصـلهما  السـرياني  أو  الأقـتباس  العـربي  لهـما  ،  يتـراءى  لنـا  أنهـما  متـباينـتان  تـماما  ومتـناقضـتان  كليـا  ،  ومـن  العـبث  والجنايـة  على  كليـهما  معـا  ،  الأقـدام  على  أي  محاولة  للدمـج  وحتـى  محاولـة  التوفيـق   بينهـما  . .

     وبشـكل  عـام  ،  ومـن  أجـل  الحرص  على  شعـبنا (  الـذي  لا أحيـد  أطلاقـا  عـن  الأيمـان  بأندماجـه  القومي  والأجتماعـي التاريخـي  ووحـدته  الراسـخة  عـبر  العـصور  وأسـمه الوحدوي  كلـدوآشـور ـ  الكلدوآشـوري  السـريانـي  )  مـن  الأنجـرار  والأنجـراف  في  دوامـة  المشـكلات  والمتـاهات  التـي  تحـرفه  عـن  حقوقـه  القوميـة  وترسـيخ  وجـوده  وتأكيـد  بقـائه  ،  فأنـني  أقولـها  بصراحتـي  الواضحـة  التـي  ألتـزمها  دائمـا  ،  أن  الأحـزاب  والتنظيمـات  السـياسية  الدينـية  أينـما  وجـدت  هـي  عـدوان  صـارخ  على  قدسـية  الديـن  وأسـلوب  آثـم  لتـحويل شـرور  السـياسة  نحـو  فضـائل  الديـن  ،  وأسـتغـلال  لحـرمة  الديـن  مـن  أجـل  جشـع  جماعـة  هي  في  الحقيقـة  مملـوءة  بالحقـد  والضغـائن  على  مـن  هـم  خـارج  دينـها  وطائفتـها  ،  وكـل  مـا تدعـيه  خلافـا  لذلـك  هـو بحسـب مـا  ثبـت  في  الممارسـة  الفعـلية  ـ  وكمـا  دلـت  الوقائـع  ـ  مجـرد  هـراء  ونفـاق  وخـداع  في  مسعـى  للتغـطية  على  مـآرب  السـوء  التـي  لدى  أصحابـها  . .

     وأزاء  ذلـك  ،  فـأن  معـاناة  العـراق  اليـوم  ،  مـا هـي  الا  مثـال قريـب  على  الأنقسـامات  والأحقـاد  التـي  أثارتـها  الأحـزاب  الدينـية  ،  والحبـل  الطويـل  الـذي  منـح  لرجـال  الطوائف  الدينـية  (  للرقص  عليـه  بحسـب  هواهـم  )  حتـى  أصبحـت  المبـاني  الدينـية  مقـرات  لدفـع  النـاس  الـى  دروب  الأرهـاب  ،  وباتـت  هـذه  المبانـي  مسـتودعـات  للأسـلحة  وملاجـئ  لأختفـاء  المجرميـن  ومـأوى  للمضلليـن  القادميـن  مـن  خـارج  العـراق  . .

    ويتـوهم  مـن  يتصـور  أو  يصـدق  أن  تنظيـما  دينـيا  ـ  سـياسيا  في  عـالم  اليـوم  حقـق  نتيجـة  صالحـة  على  المـدى  الطويـل  في  التحريـر  والتغـيير  نحـو  الأفضـل  ،  مهـما  أدعـى  وتبجـح  وصـرخ  . . ومـن  النـادر  جـدا  أن  نجـد  تنظيـما  سـياسيا  دينـيا  أو  طائفيـا  في  أي  مكـان  مـن  العـالم  لـم  يكـن  تأسـيسه  وتشـكيله   قـد  حصـل  بتـوجيه  مباشـر  أو  غـير  مباشـر  مـن  قـوى  غـالبا  مـا تكـون  خارجيـة  منتفعـة  ،  وقـد  أسـتغـلته  لأغـراضها  الخاصـة  ،  وليس  غـريبا  أن  تكـون  تلـك  القـوى  حتـى  مـن  خـارج  ديـن  أو  مذهـب  التنـظيم  .

خطـورة  المجـاراة
ـــــــــــــ

      واذا  أراد  أي  مـن  رجـال  دينـنا  ،  ومـن  أي  طائفـة  كـان  ،  ومـن  والاه  مـن  أصحـاب  المصـالح  والنزعـات  الطائفيـة  المتطرفـة  ،  أن  يجاريـهم  . .  ويجعـل  كنائسـنا  دكاكـين  لجمـع  الأمـوال  للأحـزاب  وبـث  الدعـاية  لهـم  والترويـج  الطائفـي  بمـا  يقـود  الـى  مـا وصـل  اليـه  مـن  ليس  لدينـنا  المسـيحي  عـلاقة  بهـم  ،  حيث  تـدل  النتائـج  التـي  ينبغـي  أن  يعـلمها  رجـل  الديـن  المسـيحي  الـذي  أنحـرف عـن  تعـاليم  دينـنا وأنغـمس  في  السـياسة  هـو  ومـن  معـه  ،  أن  غـالبية  أبنـاء  شعـبنا  لـن  ترضى  بهـذه  التهلـكة  الغـبية  وتعـارض  هـذا  النهـج   وتعـتبر  رجـل  الديـن  الـذي  يتمـادى  في  غـيـّه  خارجـا  على  شـريعـة  دينـنا  ولا يسـتحق  أن  يدخـل  كنيسـة  وليس  جديـرا  بطاعـة  مـن  هـم  على  دينـه  ومذهبـه  . .

    قـد  يكـون  بينـنا  مـن  يعـتبر  كلامـي  عـنيفا  ،  ولكـنني  أرى  أنـه  واجـب  لضـرورة  مواجهـة  أي  عـنف  تخريبـي  يسـتغـل  دينـنا  بشـكل  يتعـارض  مع  أسـسه  وأرادتـنا  ،  وبمـا  يسـئ  الـى  دينـنا  ويدخلنـا  نحـن  أتبـاع  هـذا  الديـن  الكريـم  في  صراعـات  ونزاعـات  الديـن  منهـا  بـراء  وبـراء  . . وعلى  الـذي  تجـرأ  وتمـادى  ،  عليه  أن  يدرك  أنـه  عـاجز  عـن  أن  يغـمض  العـيون  الناظـرة  وليس  في  مقـدوره  أن  يسـكت  أشعـة  الأقـلام  الوهـاجة  .

    والغـريب  ،  أن  الولايات  المتحدة  والدول  النافـذة  في  أوروبا  ،  أكـد  قسـم  منها  منـذ  نحو مائة  عـام  والقسم  الآخر  بعـد  ذلك  بفتـرات  متلاحقـة  ،  مثـل  فرنسـا وبريطانيا  وألمانيـا وغـيرها  فصـل الديـن  عـن  الدولـة  ومنعـت حتى  أستخدام  الرموز  الدينيـة في  المؤسـسات  العـامة  ،  وجعـلت  ( الولايات المتحـدة  وأوروبا  )  دولهـا   عـلمانية  ،  لابـل أن الأتحـاد  الأوروبي  لديـه  شـرط  مشـدد  بعـلمانية  أي  دولة  عـضو  فيـه  أو  تنضم  أليـه  ،  وحتى  أنـه  رفض  ذكر  أثـر  تـراث  المسيحية  (  مجـرد  تراث  دينـي  )  في  دسـتوره  (  المقتـرح  المثـير  للجـدل  حاليـا  )  . .

    لكـن  هذه  الدول  (  الولايات  المتحدة  وأوروبا  )  نـراها  بجـلاء  تعـزز  وتـروج  (  وتعـمل  فعـليا  )  ليس  فقـط  لترسـيخ  الديـن  ،  لابـل  الطائفيـة  في  العـراق  ،  على  أسـاس أبتـكار (  نظام  أسلامي  يسـلك  سبيل  الديموقراطية  الغـربية  )  وطبعـا  أن  هـذا  الأدعـاء  يعـني  تجاهـل  البـون  الشـاسع  بيـن  (  الديـن  والطائـفية  )  من  جهـة  ،  وبين  (  الديموقراطيـة  الأوروبية  والأميركية  )  من  جهـة  أخـرى  ،  وهـو  مـا  يمكـن  تشـبيهه  بالنسـبة  لمروجـي  هكـذا  نظـام ،  بعـقلية  النعـامة :  التي  تخفـي  رأسـها  في  الرمـل  كـي  لا تـرى  الخصـم  . .

     ومـن  خلال  أطلاعـي  الشخصي  ،  ليست  لـي  معـلومات  بوجـود  ـ  سـابقا  أو  حاليـا  ـ   دولـة دينـية  أو  طائفيـة  دينـية  ،  أي  ديـن  ،  وهي  ديموقـراطية  ،  لأن  الدولـة الدينـية  و الطائفيـة  قائمـة  على  أسـاس  قواعـد الدين  أو  الطائفـة التي  تلتـزم  بهـا ،  وبذلك  فهي  يمكـن  أن  تكون  ديموقراطية  بحسـب  الشريعـة  الدينـية  أو  الطائفيـة  التي  تلتـزمها  وهي  بذلك  تعـني  بالديموقراطية  ،  تطبيق  برامجها  الدينـية  والطائفية  التـي  تراهـا  ـ  بحسـب  مـا  تتصـوره  وتروجـه  وتدعـيه  ـ  مثـال  للديموقراطيـة  بأسـمى  معـانيها  التشـريعـية  والأنسـانية  والأجتماعـية  والعـدليـة  . .  ألخ  وليس  بأي  حـال  من  الأحـوال  ما هـو  معـايير  أوروبية  وأميركية  في  الديموقراطية  ،  أي  أن  الديموقراطية  الدينـية  والطائفيـة  ـ  بحسـب  مـا أراه  ـ  سـتكون  بموجب  الديموقراطية  التي  تبجـح  البعـث  العـنصري  بتطبيقـها  وتأليـف  الكتب  في  شـأنها  ومنها  كتاب  (  الديموقراطية  البعـثية  )  للعـميل  الصـدامي  المعـروف  هـاني  وهيـب  . .

     وعـندما  نمعـن  النظر  بالديموقراطية  القائمـة  على  مبادئ  البعـث  ،  يمكن  أن  نعـلم  أي  ديموقراطية  ستقـوم  على  مبادئ  الدين  والطائفة  ،  مع  أيمانـنا  بأن  المبادئ  الدينية  والطائفية  هي  فضيلة  وأخلاق  في  أطار  الدين  ،  ولكـن  عـندما  يجري  دمجـها  بشرور  السياسة  فأنـه  يصبح  من  العـسير  تطبيقـها  ،  فالحفاظ  على  فضائل  الدين  يكون  بفصـله  عـن  السياسة   ،  والتطبيق  الصائب  للديموقراطية  يكون  بـمنع  شـرور  السياسة  من  الأستفحال  عـن  طريـق  تطويق هـذه  الشـرور   وتحديد  أتسـاعها  بأسـوار  الديموقراطية  التي  تخضع  لقوانين  عـصرية  وبرامج  تقبـل  التطور  بحسـب  تطورات  الحياة  الأجتماعـية  والمستجدات  الأنسانية  العـالمية  . .  وأزاء  الرغـبة  بحمايـة  فضائل  الدين  من  شـرور  السياسـة  ،  فأنـنا  نجـد  الكثير  من  رجـال  الدين  بمـن  فيـهم  في  عـراقنا  ،  لمختلف  الديانات  ،  يتـبنون  العـلمانية  أي  فصـل  الديـن  عـن  الدولـة ،  ويدعـون  رجـال  الديـن الـى الأبتعـاد  عـن  السياسة  ويحـذرون  أهـل  السـياسة  مـن  عـقبات  أستغـلالهم  الديـن  في  مساعـيهم  لتحقـيق  مآربـهم  . .   

    هـذا  مـا أراه  بحسـب  أبحاثـي  وملاحظاتـي  ،  وسـأكون  شـاكرا  لمن  لـه مـا يدحضها  أن  يأتـي  بأدلتـه المقـنعـة  لأغـير  قناعـاتي  بروح  ديموقراطية  ،  اذا  كان  ما يـورده  مسـتندا  على  وقائع  تخالف  ما عـرضـته  في  شـأن  النظم  العـلمانية  والديموقراطية  والديـن  والطائفـة  والسـياسة  . 

قـدوة  ودرس  لرجـال  الديـن
ــــــــــــــــــــ

    جـذب  أنتـباهي  الخبـر  الذي  نشـرته  وسـائل  الأعـلام  اللبـنانية  تحـت  عـنوان  (  البطريركية  المارونيـة  طلبـت  تحيـيدها  عـن  صـور  المرشحـين  )  بتاريـخ  3 / 6 / 2005  (  عـندما  أحتدمـت  معـركة  الأنتخـابات  النيابـية  اللبنـانية  وأشـتدت  المنافسـة  ومحاولـة  كسـب  الجهـات  النافـذة  والحصـول  على  الأصـوات  الشـعـبية  بيـن  الطوائـف  و القـوائم  والأطراف  والفئـات  والآراء  الوطنيـة  والسـياسـية   المختلفـة  )   وجـاء  فيـه  : 

سـجلت  أمـانة  سـر  البطريركية  المارونيـة  ظهـور  صـور  لبعـض  المرشـحين  للمقاعـد النيابيـة وغـيرهم  مـن  السياسيـين  والـى  جانبـها  صـور  للبطريـرك  نصراللـه  صفيـر  في  المـدة  الأخيـرة  في  بعـض  الأماكـن  العـامة  ،  ورأت  أنـه  "  لمـا  كانـت  مثـل  هـذه  الصـور  أريـد  منهـا  الأيحـاء  بـأن  غبطتـه  يؤيـد  هـذا  دون  ذاك  مـن  المرشـحين  وسـواهم  مـن  السـياسيين  ،  مـا  يسـئ  الـى  الحيـاد  الذي  تلتـزمه  البطريركيـة  في  هـذا  المجـال  ،  فـأن  أمانـة  سـر  البطريركيـة   تطلـب  مـمن  يعـمدون  الـى  هـذا  الأسـلوب  أحتـرام  المقـام  البطريـركي  ومـا  يلتـزمه  مـن  حيـاد  في  هـذا  المجـال  ،  ونـزع  هـذه  الصـور  فـورا  " . 

     حقيقـة  ،  أن  البطريركيـة  المارونيـة  ،  لـها  نـهج  خـاص  في  التعـامل  مع  الأمـور  الوطنيـة  والشـعـبية  والدينيـة  عـموما  والمسـيحية  والعـالمية  والسـلوكية  . .  تعـقد  في  شـأنها  أجتماعـا  شـهريا  لمجلس  المطارنة  الموارنـة  ويصـدر  بيـان  واضح  وصريح  بعـد  كـل  أجتمـاع  عـن  الأحداث  وسـبل  معـالجتها  ،  أضافة  الـى  موعـظة  للبطريـرك  صفيـر  خلال  قـداس  كل  أيـام  الأحـد  والأعـياد  المهمـة   ،  كـما  أن  البطريرك  صـفير  يسـتقبل  يوميا  لسـاعـات  عـدة  الـزوار  من  مختلـف  الأديـان  والطوائف  والطبقـات  السـياسية  والأجتماعـية  ويتـباحث  معـهم  في  الشـؤون  الوطنيـة  والعـامة  ذات  الأطار  الوطنـي  خصـوصا  فـريق  (  قرنـة  شـهوان  )  المعـني  بالشأن  السياسـي  الـذي  يسـمع  من  البطريرك  آخـر  توجيهاته  في  المحافظة  على  الوحـدة  الوطنيـة ومصلحـة المواطنيـن  وسـلامة  كـل  لبـنان   . . 

    و مـن  النـافع  جـدا  الأقتـداء  بهـذا  النهـج  المارونـي   ،  خصوصـا  بالنسـبة  لرجال  دينـنا  المسـيحيين  بمختلـف  طوائفـهم  في  العـراق  ،  وفي  هـذه  المرحلـة  الحسـاسـة  التـي  يمـر  بهـا  عـراقنـا  الحبيـب  . .  وحتـى  مقـر  البطريركيـة  الـذي  زرتـه  في  خريـف  عـام  2002   ملفـت  النظر  لمـا  فيـه  مـن  نموذجيـة  مـهمـة  بالنسـبة  للموقـع  حيـث  يمتـاز  بمجالاتـه  الخلويـة  الدينـية  وبعـده  عـن  الضجيـج  ووقوعـه  حيـث  الوجـود  الكثيـف  للمسـيحيين  اللبنـانيـين  .  .

      اذ  يوجـد  للموارنـة  مطـران  في  بيـروت  ،  أمـا  البطريركيـة  فلها  مقـران  :  دائـم  وهـو  في  قريـة  (  بكركـي  )  الواقعـة  شمال  شرقي  بيـروت  بمسـافة  25  كيلومترا  فـوق   رابية  ترتفـع  عـن  مستوى  الأرض  المحيطة  بهـا  250  متـرا  الـى  الشـمال الشرقي  مـن  بيـروت وتحيط  بهـا  الغـابات  وبسـاتين  الفاكهـة  والمشـاهد  الخلابـة  في  قضـاء  ( كسـروان )  . .  أمـا  المقـر  الآخـر  (  وهو  يسـتخدم  عـادة  خـلال  الصيف  )  وهـو  في  منطقة  ديـر  (  ديـمان  )  ويبعـد  عـن  شـمال  بيـروت  106  كيلومتـرا  ويرتفع  موقعـه  عـن  سـطح  الأرض  المحيطة  بـه  1350  متـرا  وتحيط  بـه  غـابات  الصـنوبر  في  قضـاء  (  بشـري  )  وللعـلم  أن  بشـري  هي  البلدة  التـي  ولـد  فيها  المفكـر  و الأديب  اللبنـاني  الخـالد  جبـران  خليـل  جبـران  وفيهـا  حاليـا  قبـره  ومتحفـه  وهـو  مـحط  أنظـار  الزائـرين  للبنـان  دائمـا  . . ولـي  أنطباعـات  متنوعـة  عـن  زيارتـي  للبنـان  مع  صـور  لـها  ،  آمـل  أن  أنشـرها  في  وقت  آخـر  .



فضـائيات  شـعـبنا
ـــــــــــــ

    ظهـر  البث  التمهيـدي  ،  منـذ  أيـام  ،  لمحطتـين  تلفزيونيـتين  فضائيتـين  همـا  (  آشــور  )  و  (  عـشـتار  )  ذكـرت  معـلوماتهمـا  الأوليـة  أنهـما   "  تعـبـران  عـن  طموحـات  شـعـبنا  "  وشخصيا  لا أحكم  على  قـول  لأنسـان  من  خـلال  صاحبـه  أو  أسـمه  أو  عـباراته  ،  وانـما  أنطلق أولا  مـن  مبـدأ  سـلامة  الـنـية  ،  أي  أعـتبر  بدايـة أن  العـبارات  هي  صحيحـة  ،  وأبقـى  أنتظـر  الأفعـال  الناتجـة  عنها  ،  لأصـدار  قـراري  في  ضوئـها  . . اذ  مـن  الخطـأ  ،  لا بـل  من  الجنايـة  ،  أن  نتبـع  طريقـة  (  ذلـك  الأخ  . .   أو  الزعيـم  العـربي  )  الذي  ظهـر  في  تلـك  التمـثـيلية  المصـرية  ،  ربمـا  كانت  لعـادل  أمـام  أو  غـيره  ،  التي  تتحـدث  عـن  مؤتمـرات  القمـة  العـربية  ،  حيث  أصـر  (  ذلـك  الأخ  أو  الزعـيم  )  قبـل  بـدء  المؤتمـر  ومـن  دون  أن  يعـلم  مـاذا سـيتـناول  وكـيف  ستكـون  الأحـاديـث  ،  بأنـه  (  سيعـارض  مـا يبحـث  في  هـذه  القمـة  )  مؤكـدا  أن  موقفـه هـذا  منطلـق مـن  أنـه  معـارض  دائمـا  ،  حتـى  وأن  لـم  يكـن  مـا يسـتدعـي  المعـارضة  ،  فهـو  سيعـارض  من  أجـل  أن  يؤكـد  أنـه  مـا يـزال  على  نهجـه  الدائـم  معـارضا  . 

      قـادني  الـى  ذكـر  هـذه  التمثيليـة  ،  على  رغـم  عـدم  عـلاقتها  بشـعـبنا  الـذي  ليس  في  حسـبان  أهـل  القـمم  العـربية  لا مـن قريب  ولا  مـن  بعـيد  ، قـادنـي  الـى  ذلـك  ،  أولا  :  لأحـذر  البعـض  مـن  شعـبنا  مـن  الأنزلاق  الـى  فصـول  القـمم  العـربية  التـي  لـم  تسـبب  للعـرب  غـير  المـزيد  مـن  الأنقسـامات  والأنكسـارات  والخسـارات  والمتاهـات  وسـلوك  أتجـاه  وهـم  السـراب  وخداعـه  . .

   وثانيـا  :  للعـلم  أن  الحكـم  على  الأمـور  بحسـب  النـيات  والأفتـراضات  المسبقـة  ،  ليس  طريقـا  سليمـا  للنقـد  البـناء  في أي  أتجـاه  كـان  الكاتب  سـائرا  ،  الاّ  اذا  كـان  الكـاتب  متطرفـا  وحاقـدا  وصـاحب  ضغـينة  لجـانب  ضـد  آخـر  ،  وفي  هـذه  الحـال  لا يمكـن  الأعـتماد  على  مـا يورده  لأنـه  متحيـز  وغـير  أميـن  لكلمـة  الحـق  . .

   وثالثـا  :  أنـني  أرى  أن  وسـائل  الأعـلام  الخاصـة  بشعـبنا  ،  مهمـا  كثـرت  أو  تنوعـت  فهـي  لا تخـلو  مـن  فوائـد  لغـوية  وتراثيـة  وثقـافية  وأجتماعـية  وفتـح  مجـالات  لأبنـاء  شعـبنا  لأبـراز  قابلياتهم  وكفاءاتـهم  المتـنوعـة . . ولكـن  عـندما  تحيـد  القنـاة  الفضائيـة  التـي  أنطلقت  بصفـة  معـبرة  عـن  أهـداف  شعـبنا  ،  عـن  جـادة  الصواب  ،  فلذلـك  حديـث  آخـر  وتعـامل  مختـلف  . 

   قبـل  أيـام  ،  أرسـل  صديق  لـي  ،  لـه  مسـاهمات  في  عـنكاوا كـوم  ،  موضوعـا  يتـناول  قناتـي  (  آشـور  )  و  (  عـشتار  )  يـتطرق  الـى  أمـور  أخـرى  تخص  عـلاقة  شعـبنا  بالأخـوة  الكـرد  . . وهـو ينحـاز  الـى  جانب  أحـدى  القناتـين  ضـد  الأخـرى  . . ولأنـه  يرى  أن  الموضوع  فيـه  الكثير  مـن  الحسـاسية  ،  فأنـه  طلب  رأيـي  في  فحـوى  الموضوع  وتقيـيمه  ومـدى  الفائـدة  مـن  نشـره  . .

     وأجبـته  برسـالة  مـن  صفحتـين  ونصـف  الصفحـة  ،  تناولت   فيها  الفقـرات  التي  لـدي  ملاحظـات  في  شـأنها  ،  وأختـتمتها  ((  . . .  يمكـن  أن  تقـدم  موضوعـا  فيـه  ملاحظـات  بخصـوص  مـا تراه  مناسـبا  لعـمل  فضائية  ( .  .  .  )   ولكـن أن  تنـقـد  الفضائيـة  وهـي  بعـد  لـم  تعـمل  ولا نعـرف  مـاذا ستقـدم  أو  تـنتقـد  (  . . . )  فأعـتقد  أنـه  سيسـبب  لـك  الكثـير  مـن  الحـرج  مـن  دون  أن  تسـتطيع  المواجهـة  مـن  موقـع  القـوة  . .  هـذه  ملاحظـات  لا تقلـل  مـن  أهميـة  الموضـوع  كفكـرة  عـامة  ،  ولكـن  سـيكون  الموضـوع  أفضـل  وأقـوى  بتقـديري  لـو جـرى  الأخـذ  بهـذه  الملاحظـات  . .  والـرأي  متـروك  لكـم  ))  .

     وقـد  أجابنـي  الأخ  برسـالة  ،  جـاء  فيهـا  (  . .  أشـكرك  جزيـل  الشـكر  على   الأجابـة  على  تعـليقي  . . والـذي  أسـرعـت  في  كتابتـه  ،  ولكنـني  شكـكت  بأمـره  ولـم  أنشـره  في  عـنكاوا  لأنـني  لـم  أكـن  واثقـا  مـن  كلامـي ،  ولهذا  قـررت  أطلاعـك  عليـه  وأبـداء  رأيـك  الصائب  فيـه  ،  وهـا  أنت  تبـدي  مشـكورا  ملاحظـاتك  عليه  وعـندي  أفضـل  بكثـير  أن  تنـتقـدني   أنت  مـن  بـاب  الأرشـاد  والتوضـيحات  مـن  أن  تنهـال  علـيّ  الـشـتائم  مـن  كـل  صـوب  وحـدب  . . أحسـنت  في  تنـويري  وأطلاعـي  على  الأمـور  الغـريبة  بالموضـوع  وهـذا  مـا دفعـني  الـى  عـدم  نشـره  ،  وسـأتريث  في  أعـادة  كتابتـه  الـى  أن  نـرى  الخيـوط  الأولـى  مـن  فجـر  الفضائيـة  حيـن  تبـدأ  البـث  الفعـلي   . . .  )  .

      وأنـني أذ  أشـكر  الأخ  صـاحب  الرسـالة  على  تفهمـه  وأقـدر  وعـيه  وموضوعـيته  في  سـلوك  السبيل  الأسـلم  ،  فأنـني  ،  شخصـيا  لا أحـض  في  هـذا  أي  مـن الأخـوة  الـى  أسـتشارتي  وأنـما  أدعـوهم  الـى  التمعـن  والتحكـم  الفعـلي  في مـا يكتـبون  ،  وأن  أقتضـى  الأمـر  أسـتشارة  مـن  يـرون  أنـه  يمكـن  أن  يفيـدهم  . . نحـن  الصحفيـون  تعـلمنا  أن  نسـتشير  بعـضنا  بعـضا  ،  فقـد  كنـا  :  زميلـي  (  رئيس  قسـم  التحقـيقات  )  وزميلتـنا  (  رئيسـة  قـسـم  المنوعـات  )  عـندما  كـنت  أعـمل  محـررا  في  (  الثـورة  )  كنـّا  نقـدم لبعـضنا  البعـض  مواضيعـنا  المهمـة  لأبـداء  الـرأي  فيـها  قبـل  نشـرها  ،  وكنـا  جميعـا  نسـتفيد  مـن  ذلـك  ،  وتظهـر  مواضيعـنا  بشـكل  أفضـل  مـن  صورتـها  السابقـة  لأبـداء  الـرأي  . . وأنـا  كلمـا  أبعـث  موضوعـا  الـى  أي  مؤسـسـة  أعـلامية  أطلب  مـن  المشـرفين  عـليها  قراءتـه  وتزويـدي  بملاحظـاتهم  للأخـذ  بهـا     . .

       وبالمناسـبة  ،  ومـا  دمـت  الآن  في  مجـال  فضائيتـي  آشـور  و عـشتار  فقـد  تحدثـت  مـع  العـديد  مـن  الأعـلاميـين  مـن  أبنـاء  شـعـبنا   بخصوصهمـا  وحـول  مـا نشـر  هنـا  وهنـاك  في  شـأنهما  قبـل  أيـام  ،  ولـن  أكشـف  سـرا  اذا  قلـت  ،  أنـنا  كنـّا  على  أتفـاق  تـام  في  الـرأي  في مـا يتعـلق  بوحـدة  شعـبنا  وضـرورة  أن  يكون  لشعـبنا  أسـما  واحـدا  .

      وشـخصيا  ،  أعـتز  بتـبادل  الـرأي  والـرأي  الآخـر  ،  لأن  أي  محـاولة  لفـرض  هيمنـة  أي  رأي  هـي  دليـل  على  الجمـود  والخمـول  ،  لأن  الآراء  الجريئـة  ذات  الأفكـار  النيـرة  تزدهـر  وسـط  جـو  تسـوده  معـايـير  الآراء  المتـنوعـة  . . ولكـن  علينا  في    أمـور  الفضائيـات  ،  أن لا  نحـكم  مسـبقا  على  أيّ  مـن  الفضائيـتين  الجديدتين   (  آشـور  و  عـشتار  )  قبـل  أن  نعـرف  خيـرهما  مـن  شـرهما  ،  فأنـنا  في  حـال  أصـدار الحـكم  المسـبق  ،  نكـون  منحـازين  لجهـة  معـينة  مهـما  حاولنـا  أدعـاء   الموضوعـية  . . وبعـد  تبـادل هـذه  الآراء  توصـلت  الـى  قناعـة  فـي  أعـتبار  قناتـي  آشـور  وعـشتار  مكسـبا  لغـويا  وتراثيـا  وفنـيا  وأجتماعـيا  وأعـلاميا  وقوميـا  لشعـبنا  مـن  حيث  المبـدأ   "  .

     ولكـن  أؤكـد  ـ  أيضـا  ـ  الحـرص  على  الموضوعـية  والموقـف  البـناء  والنقـد  الهـادف   في  تنـاول  مـا يحتـاج  الـى  تصحـيح  وتقـويم  ودفعـه  نحـو  الأفضـل  في  القـناتين  ،  ولكـن  اذا  وصـل  الأمـر  في  أي  منهـما  الـى  درجـة  الأضـرار  المتعـمد  بشـعـبنا  بأي  شـكل  مـن  الأشـكال   وطفـح  كيلهـا  ،  فلـن  يبقـى  مـن  مجـال  الا  قـول  كلمـة  الحـق  الفاصـلة  والعـبارات  والقاطعـة  (  ونفضـحها  )  أجـل  (  نفضـحها  )  لأن  الخـطأ  يمكـن  تقويمـه  ولكـن  الخيانـة  لشـعـبنا  لا حـل  معـها  الا  العـمل  مـن  أجـل  كشـف  خبثـها و  بتـرها  وأنقـاذ  شـعـبنا  مـن  براثـنها  وآثـامها  .

    وبالمناسـبة  ،  أود  أن  أشـكر  الأخـوة  الذيـن  أسـتفسروا  عـن  المصاعـب  التـي  ظهـرت  في  شـأن  الوصـول  الـى مواضيعـي  في  عـنكاوا  كـوم  أخيـرا  ،  وأؤكـد   أن  مـا حصـل  كـان  خـللا  فنـيا  في  الموقـع  بشـكل  عـام  ،  ولـم  يكـن  مقتصـرا  على  كاتـب  معـين  أو  مواضيـع  معـينة  ،   وقـد  أقتضـى  ذلـك   أجـراء  التعـديلات  التـي  تمـت  في  الموقـع  والظاهـرة  حاليـا  والتـي  سـتسـتمر  نحـو  الأحسـن  ،  وقـد  أوضـح  الأخـوة  المشـرفون  على  الموقع  ذلـك   .

        أكتـفي  بهـذا  . . عـلما  لـدي  المـزيد  كنت  أود  كتابتـه  ضمـن  هـذا  الموضـوع  بخصوص  مـا أراه  في  شـأن  النـواب الذيـن  يقـتضي  أن  يكونـوا  مـمثلين  حقيقـيين  لشـعـبنا  وأمـور  لقاءات    البالتـالك  وفائدتـها   والظهـور  في  فضائيـات  (  غيـر  آشـور  و  عـشتار  )  وأسـتعـراض  الردود  ينشـرها   الأخـوة  في  شـان  مـا  يـرد  مـن  مواقـف  وآراء  وحدويـة  وقوميـة  ولغـوية  وأجتماعـية  لشـعـبنا  وقضـايا  أخـرى  . . أتـركها  الـى  الموضـوع  المقـبل  الـذي  سـيكون  بمثابـة  تـتمة  لـما  ورد  أعـلاه  . . ومع  تحيـاتي  للجميـع  والـى  اللقــاء  .   

صفحات: [1]