عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


مواضيع - علاء كنـــه

صفحات: [1]
1
من فضائيي الأمس ... إلى فضائيي اليوم...(E.T.) يعود من جديد

بقلم : د. علاء كنه
   تشير المعلومات إلى أن منظومة معالجة البيانات في مؤسسة الرصد الفلكية العراقية قد رصدت أكثر من (30) رسائل موجهة إلى الحكومة العراقية من خارج كوكب الأرض، وقد قامت المنظومة بتحليل الومضات الصادرة عن تلك الرسائل وتبين بالفعل أنها رسائل تهديد مرسلة من قبل مخلوقات فضائية، وتشير المعلومات أيضاً إلى أن أحدى تلك الرسائل كانت موجهة بالفعل إلى رئيس الحكومة العراقية الأستاذ حيدر العبادي، وإن الحكومة العراقية قد أبقت الأمر سراً لخطورته، حيث تشير تلك الرسالة إلى تهديد صريح وقوي إلى شخص رئيس الحكومة بضرورة أرجاع نظام الرواتب للجيش الفضائي، وإلا فإن العواقب ستكون وخيمة على الحكومة والشعب العراقي! جراء أتخاذ الحكومة العراقية هذا القرار الجائر والغير قانوني بحق الفضائيين. كما أشارت الرسالة في تهديدها إلى أن منتسبي الجيش الفضائي لديهم القدرة على التغذي على المشاعر البشرية وتسخير جميع الأمكانيات وتحويلها إلى طاقة ذكية كافية لأستعمار العراق مثلما نجحوا في أستعمار الأرض في عصور مصر القديمة وبابل قبل الالاف السنين.
   وفي سياق متصل كشف تقرير لوكالة الأمن القومي العراقية، التأكيد على وجود أتصالات مستمرة بين الحكومة العراقية وتلك المخلوقات الفضائية لحل هذه الأزمة، خاصة بعد تمكن منظومة معالجة البيانات من فك تشفير عدد محدود من تلك الرسائل، حيث كان بعضها يحوي على صيغ رياضية وأرقام وهو مايدلل على مطالبة هؤلاء الفضائيين بحقوقهم من تلك المبالغ الموقوفة، في حين البعض الأخر منها كان يحتوي على أنواع أخرى من الرموز في أشارة إلى شخصيات كان لها دور كبير في نشوء ودعم هذا الجيش. ومن هنا نطالب نحن العراقيين المندوبي الحظ! أن تتخذ الحكومة إجراءات فورية وسريعة من أهمها الأتصال بشكل رسمي ومباشر مع هؤلاء الفضائيين، والأعتذار منهم عن مابدر من حكومتنا تجاههم سهواً، وأن يتم صرف مستحقات جميع منتسبي ذلك الجيش الفضائي دون أستثناء، تجنباً للعواقب وللدور الكبير الذي أظهره هذا الجيش في حماية العراق وأمنه وخاصةً في هذه المرحلة الراهنة! والغريب في الأمر إنه خلال الصومعة الأعلامية التي رافقت هذا الموضوع، لم نر أحداً من المسؤولين في الحكومة العراقية قد أستنكر هذا الأجراء التعسفي بحق هؤلاء الفضائيين، على الرغم من تزاحمهم بين الحين والأخر على القنوات الفضائية وشتم بعضهم البعض في كل مناسبة أو مصيبة تحل بالعراق.
   وأنا أكتب هذا الموضوع تذكرت وبأسى ذلك المسكين(E.T.) الفضائي الذي هل على الأرض في ثمانينيات القرن الماضي، ومن في جيلي يتذكرونه جيداً، حيث حل علينا ضيفاً وأخاً عزيزاً، وكون علاقات حميمة مع سكان الأرض وخصوصاً مع الأطفال، والذي وافته المنية للأسف دون أن يتمتع بمنحة أو أكرامية الراتب حاله حال بقية الفضائيين، أو أن يحصل على درهم واحد من خزينة الحكومة العراقية، التي لم يعتب عليها أحد من المنافقين من داخل العراق ومن الكذابين خارجه، علماً بأن مواليده كانت تؤهله بأن يكون أحد جنود ذلك الجيش الفضائي، وأخشى جدياً أن تتصل عائلة المنكوب (E.T.) بالحكومة العراقية، وخاصةً بعد سماعها بأمر الفضائيين، وأن تطالب هي الأخرى حالها حال بقية خلق الله بالتعويض أو بحصة أبنها البار من الرواتب الممنوحة لأقرانه، على الرغم من والشهادة لله إن الرجل لم يؤذي أحداً من العراقيين في وقتها.
   للأسف وعند سماع المواطن العراقي لمثل هذه الأخبار وتأثيراتها بالتزامن مع أحداث داعش من جهة، وموازنة الدولة العراقية المنهارة من جهة ثانية، يقدر حجم المآسي التي يمر بها العراق وشعبه، وعلينا أن نعترف إن هذه الظاهرة هي ليست وليدة اليوم كالعادة، وأنما هي ثقافة متأصلة بمجتمعنا وإن بداياتها الفعلية كانت أبان النظام السابق، الذي ثبت ركائز الأستغلال البشع من خلال تفشي آفة الرشوة والتي شجعت على أستغلال العراقيين لبعضهم البعض جراء تسلط المحسوبية والوساطة على حساب الكفاءة في أغلب مؤسسات الدولة، ويتذكر جميع العراقيين حجم ومقدار التزوير في مختلف دوائر الدولة وفي الوثائق الرسمية وخصوصاً أبان فترة الحصار، ومن الأمثلة على ذلك حالات التزوير التي شهدتها البطاقات التموينية، ومقدار الفساد الذي ساد معظم الأجهزة الأمنية من خلال أستغلال النفوذ وترهيب المواطنين الأبرياء، بالأضافة إلى الفساد في دوائر وأجهزة الجيش وأستغلال الجنود الأبرياء الذين كان عليهم أن يختاروا مابين الموت أو الأجازة أبان عصره الذهبي، عصر الحروب!!، كذلك نتذكر أبطال ذلك النظام وزمرته الذين فروا بدخول أول دبابتين إلى بغداد وأصبحوا في عداد الفضائيين أيضاً!.
    أما في عهد العراق الجديد وللأسف وقبل أن يندمل الجرح الذي سببته فضيحة الجيش الفضائي، والتي حاول من خلالها البعض التشوية من سمعة الجيش العراقي البطل، وإذا بدّوي فضيحة جديدة هي فضيحة المشاريع الفضائية التي أرست دعائمها الحكومة السابقة، ولست هنا بصدد الدفاع عن الحكومة السابقة أو اللاحقة، ولكن أود هنا أن أوضح أن من أهم أسباب هذه الظاهرة هو الضعف الواضح في دور الأجهزة الرقابية، والدور الكبير للعلاقات الشخصية التي لعبت دوراً كبيراً في تفشي مثل هذه القضايا، والتي كان لتأثيراتها السلبية نشوء أفكاراً تؤمن بالتزوير والتسلق السريع وبدون عناء أو تعب، وهذا مانراه اليوم واضحاً في جميع مفاصل الحكومة العراقية من حيث تسابق الكثير من المسؤولين للحصول على الشهادات المزورة في سبيل تسلق المناصب والأستحواذ على حقوق المواطنين من خلال أستغلالهم لمناصبهم، مثلما كان الحال سابقاً. مما يضع الحكومة في موقف لا يحسد عليه جراء عجزها في معالجة هذا الورم السرطاني الذي ينخر جسم العراق.
  وأخيراً نطالب الحكومة العراقية بأعادة النظر بجميع القضايا والمشاريع الوهمية التي كلفت الخزينة الملايين من الدولارات، وأعادة العمل باللجان الرقابية وعلى أعلى المستويات ومحاسبة جميع المقصرين في تلك القضايا وخاصةً أولئك الذين يثبت ولائهم لأنفسهم وأستغلالهم لمناصبهم، وأعادة جميع الأموال المسروقة إلى خزينة الدولة والبدء بالعمل في مشاريع أعمار فعلية لصالح العراق والعراقيين ممن لهم الولاء لهذا الوطن، وعدم السماح بتكرار السيناريو التعس الذي أرسى قواعده ذلك النظام للسيطرة على مقتدرات الشعب. 
د. علاء كنه
www.alaakana.com


2
من حفلات برزان... إلى حفلات داعش
بقلم: د. علاء كنــه
من يعيش في خوف لن يكون حراً ابداً.(هوراس)
   للأسف الشديد وعلى الرغم من مرور أكثر من عشر سنوات على زوال النظام السابق، لازال الكثير من العراقيين يخفي الكثير من الأسرار عن تلك الفترة المظلمة، متناسين أنه من حق التاريخ والأجيال توثيق ومعرفة ماحصل للعراق وللعراقيين في تلك الفترة، ومايحصل اليوم من إبادة جماعية للعراقيين بكل أديانهم وطوائفهم، ما هو إلا نتاج لذلك الخوف من بقايا أزلام تلك الطغمة من الذين تحولوا بلباس داعش اليوم. فمن الواضح أن مقاتلي داعش قد تتلمذوا جيداً على أيادي قادتهم من مارقي الدماء ممن كانوا يحكمون العراق بالحديد والنار، إذ نشهد اليوم تحقيق مقولة بطل الطماطة القومي! عندما وعد بقايا أزلامه "بأنه سيسلم العراق أرض محروقةً"، وبالفعل فقد وعد وأوفى، ومانشاهده اليوم من حرق وقتل من قبل أعوانه والداعشيين لأرض العراق وشعبه من شماله إلى جنوبه، خير دليل على ذلك.
     تشير المعلومات إلى أن غالبية مقاتلي داعش والذين يخشون ويهابون الله! هم مزيج من الضباط السابقيين في جيش صدام ومن الأرهابيين وخريجي السجون ومن حثالة المجتمعات الفقيرة القادمين من دول القوقاز والشيشان وغيرها من الدول التي لم نسمع بها من قبل ولا حتى نعلم أين موقعها على الخريطة. إذ يساند الخليفة البغدادي (قصر الله في عمره)! (25) قيادياً ومساعداً رئيسياً من بقايا ذلك النظام في كافة أنحاء العراق وسوريا، ومن الذين تم سجن أغلبهم من قبل القوات الأمريكية، حيث يشرفون وبشكل مباشر على الإدارات المالية والأسلحة والعمليات العسكرية والتجنيد، بعد أن كانوا من خيرة رواد النوادي الليلية وصالات القمار في عهد القائد الضرورة! لا بل كانوا في عهده يخشون حتى التقرب من المساجد للصلاة خوفاً من بطشه بهم.
   إن ذلك الولاء الأعمى الذي يبديه اليوم هؤلاء من بقايا النظام السابق، للمسطول البغدادي! ماهو إلا مطية أمتطوها لعل وعسى أن يحظوا بمناصبهم وإمتيازاتهم مرة ثانية، ويشكل نسبة من هؤلاء ضباط من جهاز المخابرات ومسوؤلي مواقع التعذيب التي كانت منتشرة في محافظات العراق أبان النظام السابق بقيادة السئ الصيت "برزان التكريتي". ولهذا فأن مسألة القتل والذبح وقطع الأعناق هي ليست بجديدة عليهم، وهي ليست جزءاً من الثقافة الدينية لهؤلاء المقاتلين كما يعتقد البعض.
   اليوم سأسرد قصة حقيقية عن لسان أحد الموظفين العاملين مع ذلك السفاح "برزان" في ذلك الجهاز اللعين (جهاز المخابرات العامة) الكائن في منطقة الحارثية، لأبين للقراء كيف كان الجميع من غير العراقيين يحسدون العراقيين على واقع الحياة الكريمة التي كانوا يعيشونها أبان ذلك النظام. حيث كان المدعو "برزان" مشهوداً له بإقامة حفلات خاصة في رحاب دائرته، ولا أريد هنا أحد ما أن يسيء الظن بالرجل المؤمن! إذ لم تكن حفلاته كتلك التي يقيمها أخويه بالرضاعة "سبعان ووطبان" وبقية العائلة الكريمة بحضور الكاوليات الجميلات!، والتي كانت تعقد لبحث ومناقشة أوضاع البلد وسبل الأرتقاء بالعراق والعراقيين على الساحة العربية والدولية!. وهنا أتوقف للحظة لأذكر جميع العراقيين والعرب! بنهاية أحدى تلك الحفلات بفقدان "وطبان" لساقه، بعد مشاجرة مع الليث عدي! نجل البطل الضرورة! للظفر بأحدى الغنائم من الكاوليات. نعم لقد كانت حفلات "برزان" من نوع وطعم أخر، فقد كانت حفلاته تعقد لترويع موظفيه من ناحية، ولزرع بذور القتل والوحشية فيهم من ناحية ثانية. حيث يروي الموظف وبكل مرارة قصة أحدى تلك "الحفلات" التي كانت تعقد بين الحين والأخر، والتي ظلت عالقة في ذهنه ليومنا هذا، وتتلخص القصة بأنه في يوم من الأيام تم تبليغ الموظفين العاملين في الدائرة بالتوجه فوراً الى الساحة الرئيسية للدائرة لوجود "حفلة"، وبالفعل ترك الجميع موقع عمله ليهرع خوفاً إلى "الساحة" حالهم حال طلاب المدارس الأبتدائية عند حضورهم لرفعة العلم!، وفي ظل دقائق يتجمع المئات من الموظفين العاملين، ويتم أحضار أحد الموظفين العاملين من نفس الدائرة مقيد اليدين في وسط الساحة، ليحضر بعدها برزان ليلقي خطبة أمام الجميع ليعلن للحاضرين إن هذا الموظف المقيد اليدين هو (خائن) والسبب في ذلك إنه قد قبل رشوة من أحد المواطنين! وكانت الرشوة عبارة عن قنينة "ويسكي"! تصوروا ذلك! وكان بجانب برزان أحد المرافقين الخاصيين به وكان يحمل صينية وعليها مسدس كما هو الحال في الأفلام الهوليودية!، وبعد أن يحكم برزان "حكمه الفوري" على المرتشي لأجل قنينة الويسكي! يسحب المسدس ليفرغ طلقة في رأسه! والذي هو أحد موظفيه ليريده قتيلاً في الحال ويهوى صريعاً أمام المئات من زملائه في العمل.
    نتوقف هنا لنحكم أليس هذا الأسلوب (القتل الفوري) هو نفس الأسلوب الذي يتبعه مقاتلي داعش اليوم؟ أليس هذا ما أكده الفلم الذي أنتجته تلك الدولة المزعومة والخاص بقتل "طلاب سبايكر الجوية" ورميهم في النهر؟ والذي شاهده الجميع عبر شبكات التواصل الأجتماعي وبقية المواقع القذرة الخاصة بهؤلاء، ذلك الفلم الذي كان رسالة واضحة وصريحة إلى جميع العراقيين لتهريعهم أينما كانوا ولأظهار طغيان وجبروت هؤلاء القتلة، وليقولوا لهم نعم نحن هنا ولازلنا موجودين، وهو نفس الأسلوب الذي إتبعه أزلام ذلك النظام أنذاك والذي منع العراقيين من أن يثورا عليه وعلى طغمته من زمن طويل.
    اليوم الدواعش يقتلون بعضهم بعضاً، والسبب ببساطة لأنهم عصابة، ولامانع لديهم من قتل كل العراقيين في سبيل السلطة والمال والنساء. فهؤلاء قاطعي رؤوس البشر أصحاب الراية السوداء مثل قلوبهم وعقولهم المتحجرة، والتي تتمايل مع عبارة "محمد رسول الله"، قد نسوا إنهم مرتزقة وقد دفع لهم المال ليقتلوا الأخرين لمجرد أختلافهم عنهم في الدين أو العقيدة أو المذهب، ونسوا أنه ليس لديهم أية فرصة في الهرب عندما تشتد الأمور، حيث هم تحت يد طغمة برزان وأعوانه، ومصيرهم أيضاً القتل في حال عدم تنفيذ الأوامر، تطبيقاً لمقولة ذلك الحزب الأوحد "نفذ ثم ناقش"، واليوم للأسف لايوجد وقت للمناقشة.
    لقد أدرك العراقيون اليوم جيداً بأن الفتنة التي أودت بالآلآف منهم لم يكن مصدرها من خارج البلد، وأنما كان سببها هؤلاء الطواغيت من الذين باعوا دينهم ووطنهم وضميرهم، وهم من أثار تلك الفتنة وأيقظها من خلال اللعب على أوتار الطائفية، لقد إنكشف أمر هؤلاء فهم التكفيريين، وبات الجميع يدرك حجم خطورتهم على المسلمين والإسلام والأنسانية جمعاء. فهؤلاء الظالمين يحبون الظلم ويشعرون بالسعادة عند ظلمهم وقتلهم للأخرين، فلوا كانوا شجعاناً لما قتلوا الأطفال والنساء والشيوخ والأبرياء بدون رحمة، ولما هجروا العزل الآمنين من دورهم، أنهم جبناء وخائفين، واليوم أكثر من قبل بدأ تكاتف العراقيين يشتد مع بعضهم البعض لأنهم وعوا بأنهم أكبر من هؤلاء القتلة. لنطلب الرحمة والسلوان لكل الذين سقطوا ضحية لتلك الفتنة، وأن يعود جميع المهجرين من الذين تم تهجيرهم وسرقة أموالهم إلى دورهم سالمين، نعم لنطلب الرحمة مثلما كان يطلبها المدعو "برزان" عندما كان يتلوى من شدة المرض أثناء محاكمته، تلك الرحمة التي لم يتذكر طعمها عندما كان طاغوتاً.
علاء كنــه
www.alaakana.com

 

3
أكرامية الزواج... والهجرة إلى الدولة الزائلة
بقلم: د.علاء كنه
     بالطبع سوف يبايع مولانا المسطول! الخليفة أبو بكر البغدادي المئات لا بل الألوف من خريجي السجون والبائسين وقطاعي الطرق على السمع والطاعة في المنشط والمكره والعسر واليسر في أمور دينهم ودنياهم وكذلك يبايعونه وبلا هوادة على الدفاع عن دولته الأسلامية! إذ ها هو مولانا الخليفة المفدى! يطل علينا اليوم حاله حال بقية زعمائنا الذين عَودونا بين الحين والأخر بمنحنا فتات موائدهم وماتبقى من سرقاتهم، ويزف لأبناء رعيته من خيرة مقاتلي الدولة الأسلامية (الزائلة) من القتلة والسفاحين من الراغبين بالزواج بشرى منحهم (أكرامية الزواج) من لدن وخيرات دولتة المزعومة في سابقة لامثيل من حيث الأمتيازات حتى في دول الخليج العربي الأكثر ثراءاً!، وبحسب مصادر موثوقة للمرصد السوري لحقوق الأنسان فإن المنحة تشمل منح كل من يرغب بالزواج (منزلاً) بالإضافة إلى تأثيث كامل من جميع مستلزماته، ولا ندري إن كانت تلك المنازل تابعة لأناس من حرف (ن) أم من حرف (ر)، بالأضافةً إلى منحهم مبلغ مقطوع قدره (1200) دولار، علماً بأن الرواتب الشهرية التي يتقاضاها مقاتلوا هذا التنظيم الدموي تتوزع حسب الجنسية، إذ يتقاضى المقاتل السوري راتباً مقطوعاً مقداره (400) دولار شهرياً، وإذا كان المقاتل متزوجاً فإنه سيتقاضى مبلغاً إضافياً قدره (50) دولاراً عن كل طفل، و(100) دولار عن كل زوجة، هذا بالإضافة للراتب الشهري الأساسي والبالغ(400) دولار شهرياً. كما يتم تأمين مسكن له، إذا لم يكن يملك مكاناً للسكن، بالأضافة لتأمين وقود سيارته من محطات الوقود التي وضع تنظيم "داعش" اليد عليها كغنائم حرب مع المرتدين والكفرة!، بالأضافة لحصول المقاتل على وقود للتدفئة. أما المقاتلون من جنسيات غير سورية فيحصلون على نفس الراتب وبقية الأضافات والتعويضات، بالإضافة لبدل (هجرة) وقدرها (400) دولار شهرياً، وبمعادلة بسيطة لو تم جمع تلك المبالغ سويةً لتبين بالفعل أنه مبلغ يستحق عناء الهجرة حتى من "الصين" والمساهمة بشكل فاعل في ترويع الأخرين وترهيبهم ومن ثم قتلهم.
     إن المثير والغريب في أمر هذه الدولة أو في هذا التنظيم هو تلك الأجراءات والمبالغ التي يتقاضاها مقاتليه والتي تضاهي وتنافس نوعية المساعدات وأنظمة كثير من الدول المتقدمة والتي يتهافت عليها اللاجئين من كل حدب وصوب ومن ضمنهم سكان البلدان العربية والأسلامية، وأعتقد هنا أن مولانا الخليفة! كان محقاً عند طلبه من أخوانه المسلمين الهجرة إلى دولته وأن يكونوا جنوداً أوفياء له، بدلاً من عناء الهجرة الى بلدان الغرب التي ما أنفكوا يشتمونها ليل نهار على إنها بلدان الكفار، وخاصةً في ظل تلك الأغراءات والأمتيازات التي يسيل لها اللعاب وتُسهل من إنسياب الكثير من مواطني المجتمعات العربية التي تعود سكانها على الحرمان والذل وتوجه البعض منهم نحو الفكر الديني المتطرف.
    بالرجوع الى الماضي وعلى الرغم من إننا جمعينا نحن العراقيين لانرغب بالتحدث عنه، فقد ذكرتني أكرامية هذا الخليفة المسطول! بالأكرامية التي منحها بطل الطماطة القومي في حينها عفواً بطل التحرير القومي! والتي كان مقدارها(1000) دينار عراقي للشباب الراغبين بالزواج بعد سنوات الحرب العراقية-الإيرانية والتي أختلط فيها الحابل بالنابل، ومن ثم المطالبة بها من قبل ذلك النظام وأستردادها منهم عنوة، والتي لم تتجاوز قيمتها أنذاك بضعة دولارت، على الرغم من أن جميع وارادات وثروات العراق كانت في حينها بيد الدولة إلا إنه بَخل على بني جلدته من العراقيين ذلك المبلغ الزهيد حتى عند زواج الأحياء منهم، والمتتبع لأخبار الدولة الأسلامية (الوهمية) والغاية من إطلاق الخليفة لهذه المبادرة! وزيادة المورد المالي لمقاتليه لتبين العديد من الأمور من أهمها:
-   كسب أكبر عدد من المقاتلين من الشباب العاطلين عن العمل وقطاعي الطرق والمطلوبين من قبل بلدانهم من مختلف أقطار العالم من حيث منحهم تلك المغريات المادية والأكراميات الإضافية في بادرة الغاية منها زيادة عدد مقاتلي تلك الدولة، وإظهار الولاء لها من مختلف دول العالم لأظهار الأمر كونه ذو نازع ديني وهو تحقيق غاية الأمة الأسلامية الموعودة! والعودة إلى عصر الفتوحات الأسلامية.
-   أن توزيع تلك الأموال بهذا السخاء إنما يثير الشبهة إلى مصدرها وكيفية إنفاقها على الرغم على مضي فترة من أستيلاء أولئك المرتزقة من مقاتلي تلك الدولة على بنوك المدن العراقية، والتي لاتسد نفقات تلك الدولة من إطعام وتجهيز وتسليح، مما يثير الشكوك على وجود دعم مالي خارجي ضخم وإستراتيجيات خاصة لتمويل تلك الدولة.
-   محاولة تغيير نسيج المجتمع العراقي عن طريق الزواج وهو نفس ماقام به بطل التحرير القومي! أبان الحرب العراقية الأيرانية من محاولات تغيير هذا النسيج المتلاحم من خلال زواج العراقيات من عرب وأجانب، ولكن هذه المرة كانت بطريقة ثانية من خلال زج الدين بهذا الأمر.
-   زيادة حدة الأحتقان الطائفي بين طوائف ومكونات الشعب العراقي من خلال سَوق النسوة من بعض المكونات على أنهّن سَبايا إلى سوق النخاسة في الموصل أو سوريا وبيعهن إلى أفراد هذا التنظيم الأرهابي الدموي على أنهّن غنائم حرب مع الكفرة!، ولما لهذا الأمر من تبعات تمس الشرف العراقي كونه جزءاً مهماً من ثقافة المجتمع العراقي.
-   تهجير السكان الأمنين من دورهم ومناطقهم وسرقة ممتلكاتهم وترويعهم بمختلف أساليب القتل، لنشر فكر الخوف والرهبة وتحميل الحكومة سبب ذلك، وفي نفس الوقت أستنزاف مواردها المالية وطاقاتها البشرية نتيجة أشغالها بالأهتمام بهؤلاء المهجرين.
-   خلق جيل جديد تعتمد عليه هذه الدولة المزعومة في قتالها ضد الحكومة من أبناء نفس البلد في محاولة لزرع بذور الفرقة بين أبناء البلد الواحد، وتشتيت اللحمة والأخوة والأكثار من الفرقاء داخل البيت العراقي الواحد، والغاية من هذا الأمر هو بالطبع إطالة عمر تلك الدولة المزعومة.
    لقد بات الجميع يعلم جيداً بأن تلك الأغراءات والأمتيازات التي تقدمها تلك الدولة التي تدعي أنها إسلامية والتي نشأت على أنقاض القتل والدم وتهجير الأمنين وقتلهم وسلبهم للبنوك والأموال العامة تحت ذرائع وفتاوى لا علاقة لها بالدين قد ساهمت بشكل كبير بالأضافة الى النازع الديني والطائفي المشحون في أتساع رقعتها الجغرافية! في ظل سبات عميق للحكومة وللمجتمع الدولي، والمطلوب اليوم من الجميع وقبل فوات الأوان التحرك السريع وبمساعدة كل دول العالم والأسلامية منها خاصةً قبل الدول الكافرة! لكبح جماح تلك الدولة الوهمية وتجفيف منابعها قبل فقدان زمام الأمور ونرى في الأفق لاقدر الله في مبنى الأمم المتحدة علم جديد يرفرف لدولة جديدة لها حدود مع العراق (سابقاً). كما على كل مواطن شريف أن يعي ذلك ويقدر مقدار الأخطار المحدقة ببلدنا العزيز وأن يتحمل الجميع المسؤولية أمام الله والتاريخ للحفاظ على العراق موحداً بمجتمعه وسكانه. 
د.علاء كنــه
www.alaakana.com


4
نعم سأرحل ... مع صليبي وعراقي



بقلم: د. علاء كنـــه
    الى الأخ العزيز الأستاذ أحمد الصراف... أشكرك جزيل الشكر على مقالتك الرائعة بحق مسيحيي الشرق الأوسط، نعم لقد نطقت بالحق الذي تنكره الكثيرين من أبناء بلدي على الرغم من أدعائهم بأنهم ينطقون به زوراً، نعم لقد قرأت مقالتك مرات ومرات وتأملت كلماتك وعباراتك ملياً وراجعتها مع نفسي عدة مرات وبتفكير عميق يحتصرني الألم لما نشهده اليوم نحنُ مسيحيي العراق وغيرنا من الأقليات التي عاشت الأف السنين على أرض الحضارات أرض المسيح، قرأتها وأنا أتذكر أياماً وسنيناً عشتها في بلدي (العراق الحبيب) والذي يصر البعض من الظلاليين على أنه ليس لنا بعد اليوم، نعم يريدوننا أن نرحل نحن أصحاب الأرض ومن بقي منا الى بلاد الغربة، نعم يريدوننا أن نرحل هؤلاء الذين ينادوننا بالجالية أو الأقلية!! يريدوننا أن نرحل مطرودين من بلدنا وأرضنا وأرض أجدادنا، حاملين معنا صليبنا وقلمنا وكتبنا وعلمنا، وكل ما ورثناه وجمعناه خلال سنوات عمرنا، نعم يريدوننا أن نتركه لهم ليقيموا فيه الحق! على الرغم من أنهم لايعرفون الحق... نعم سنرحل ونتذكر أصدقائنا وجيراننا الطيبين، نتذكر نزار ومحمد وشوقي ومؤيد وحسين وحسن وعبود وسامان وعبدالله وغيرهم الكثيرين ممن شاركونا أيام طفولتنا وسنين دراستنا، هؤلاء الطيبيبن الذين وقفوا بجانبنا يوماً من الأيام، وكانوا أخواناً لنا في الأنسانية وشاركونا الخبز والملح وشاركونا أفراحنا وأحزاننا... سنرحل ونبقى نطلب وندعي من الرب أن يرحم هؤلاء وينور قلوبهم، تلك القلوب التي تحولت إلى أحجار أمتلئت بالحقد والظلم، وأن يبصر عيونهم. سندعو إليه أن يوقف نزيف الدم الذي طال جميع أبناء بلدنا، وأن يزيح عنهم وعن العراق هذه الغمة. نعم سنرحل ولكن للأسف لن نستطيع أن نأخذ معنا جثامين مفكرينا وعلمائنا وأطبائنا وفنانينا أمثال يوسف غنيمة ونعوم فتح الله سحار وأنستاس ماري الكرملي وروفائيل بطي وروفائيل مازجي وجميل دلالي ويوسف سرسم وجميل جمعة وجلبرت توما وعفيفة أسكندر وعمو بابا وغيرهم الكثيرين ممن رفدوا هذا البلد بالعلم والمعرفة وشاركوا في بناءه على مدى قروناً مضت، ولن نستطيع أن نأخذ كنائسنا معنا، نعم سنتركها هنا لتكون شاهداً لنا هنا في أرض الرافدين، شاهداً على إنسانيتنا، شاهداً على كرمنا وإنسانيتنا وتسامحنا، شاهداً على أننا كنا هنا يوماً من الأيام، عندما كنا أخوة في الوطن والإنسانية عندما دافعنا عنه بأرواحنا وأولادنا... سنرحل وأينما حللنا ووطأت قدمنا فهناك من يستقبلنا ويرحب بنا، وسَنبقى نتذكر الطيبين ونتذكر العراق وسَيبقى في قلوبنا بجانب صليبنا، سَنرحل ليس خَوفاً أو جُبناً بل سَنغرب عنهم بثقافتنا وتسامحنا وليستبدلوها هم بما شاؤا فهم أحراراً في سجنهم، نعم سيبقون لوحدهم يبغضهم الجميع على ما أقترفوه بحقنا من ذنب وأثم وجرم. سَنتركهم يواجهون المجهول، أتعلمون لماذا لأنهم خانوا الأمانة وفرطوا بنا، وبفعلتهم هذه فقدنا الثقة بهم، وعندما تنعدم الثقة يحل الخراب وها قد حل الخراب في بلدي، وأننا على يقين بأنه ليس العراق الذي لم يعد يريدنا اليوم وإنما هم أولئك الأوباش الظلاميين الذين جلبوا الظلام معهم إلى أرضنا أرض السلام، فأصبحت الحياة فيه قاتمة وعبارة عن ظلام دامس بعد أن كان مفعماً بالخير والبركة والسلام... نعم سنرحل متذكرين قول المسيح " طوبى للمطرودين من أجل البر...لأن لهم ملكوت السموات، وقوله "طوبى لكم أذا عيروكم وطردوكم وقالوا عليكم كل كلمة شريرة من أجلي كاذبين... يارب يارب أغفر لهم لأنهم لايعلمون ماذا يفعلون.
د.علاء كنـــه
عراقي قبل أن أكون مسيحياً من العراق
www.alaakana.com

5
الدولة الإسلامية الموعودة ... وسوق عكاظ
بقلم د. علاء كنـــه
    بالطبع الجميع يعرف سوق عكاظ فهو غني عن التعريف، وقد سمِّي بهذا الأسم لأن العرب أنذاك كانت تلتقي أو بالأحرى تجتمع فيه فيتعاكظون، أي يتفاخرون ويتناشدون. وعكاظ كان يعتبر موسماً من مواسم الحجِّ عند العرب في الجاهليَّة، يسبق الوقوف بعرفة، ولأجل هذا التجمُّع الكبير لهؤلاء الحجَّاج، أستغلَّ سوقًا أدبيًّا وتجاريًّا فكانوا يذهبون إليْه قبل منى. وبما إننا اليوم وبفضل وحنكة حكومتنا ومستشاريها وسياسيينا ونوابنا، وبفضل كل من يحب العراق وأهله رجعنا قروناً إلى الوراء وتحديداً إلى العصر الجاهلي، فقد أستغل مولانا الخليفة أبو بكر البغدادي (حفظه الله ورعاه) هذا الأمر ليعلن لزبائنه الكرام عفواً (لإتباعه ورعيته) عن إفتتاح سوق عكاظ، تحت شعار (من العصر الحديث إلى العصر الجاهلي ... سوق عكاظ يعود من جديد)، والذي سيكون موقعه في منطقة سوق )السرجخانة( في مدينة الموصل (سابقاً) أيام العصر الحديث، وولاية الموصل (حديثاً)، كما وأعلن الخليفة أنه سيستمر فتح السوق لمدة عشرون يوماً كما كان عليه الحال في أيامه، أي أنَّه يبدأ في أوَّل شهر ذي القعْدة إلى العشرين منه، وسيكون السوق معرضاً لكل البضائع المادية والأدبية، فالمادية منها ستكون ماتم تسلبيهُ ومصادرتهُ وكسبهُ من غنائم من قبل الخليفة (حفظه الله) وجماعته من مقاتلي المغول وأحفاد هولاكو من حاجيات ومقتنيات وممتلكات ودور الكفار من المسيحيين والشيعة والأيزيديين من سلع متنوعة كأجهزة التلفاز الحديثة والأجهزة الكهربائية والمصوغات وأجهزة الهاتف النقال بأنواعها، إضافةً إلى بعض الأبل والبعران والتي تم جلبها من المناطق المجاورة لتطعيم بضائع السوق، كما سيكون هناك جناح خاص للرجال لعرض جميع أنواع الملابس المناسبة للدولة وخاصةً الزي الأفغاني بأنواعه وبجميع الألوان والمقاسات، مع أنواع حديثة من الشحاطات والأنعلة والتي تلبي مقاسات جميع مقاتلي الدولة الإسلامية والتي يفضلونها على لبس الأحذية!!. أما بخصوص النساء فسيكون هناك قسم خاص بهن حيث سيتم فيه عرض جميع أنواع الملابس والتي تناسبهن من حيث النقاب والبوشي وبما يتلائم مع توجهات الدولة وأخر صيحات الموضة.
     أما البضائع الأدبية، فستشمل جلسات إنشادية يومية والتي ستتسهل بإنشودة (قامت الدولة الإسلامية) التي تنشد مبايعة الخليفة حتى الموت والتي مطلعها (لعن الله أبوكم يهود ونصارى) والتي سيتم إضافتها إلى المعلقات السبعة قريباً!، كما سيأتي الأدباء والشعراء من كل حدب وصوب بقصائدِهم لتعرض على محكِّمين من كبار رجال الخليفة، كلّهم أو أغلبهم من قبائل الشيشان والمغول مع بعض الشيوخ العرب من مناصري الدولة. هذا وسيتم نقل وقائع السوق يومياً على التلفاز من قبل مؤسسة (باقية) للإنتاج الأعلامي وبالتعاون مع مؤسسة الفرقان للأنتاج الأعلامي.
    كما يمتاز السوق بوجود قسم خاص لتحويل الأموال على الطريقة الأسلامية أي بدون أية (فائدة) وذلك لتسهيل أمر مقاتلي الدولة الأسلامية في تحويل أموالهم والتي جَنوّها من الغزوات والتسليب (الحلال) ومن أجورهم الشهرية التي يتقاضونها من عملهم (عفواً) من قتالهم إلى ذويهم وعوائلهم في الشيشان ودول القوقاز وبعض دول مجلس التعاون الخليجي بدون أي عناء أو أية تكلفة تذكر. كما سيكون هناك يوم مخصص لعرض أخر الطرق المبتكرة في القتل والتمثيل بالجثث وقطع رؤوس الأسرى الكفار والذين ظَفَرَ بهم المقاتلون المسلمون أحياءً، على الرغم من مخالفة ذلك لقوانين الأرض!
   أما في الأيام العشرة الأخيرة من السوق فمن الممكن أن يرى زائر السوق بعض الأباء الذين يعرضون بناتهم للتزويج، بالإضافة إلى عرض ممتع للسبايا من النساء اللواتي تم سوقهن للسوق من غنائم غزوات الدولة الأسلامية من قرى ونواحي المواصل وتوابعها وبحضور كبار رجال العشائر الموالية للدولة، حيث إن هذا لايبطل أحكام الرق إذا وجدت أسبابه كما هو الحال في الدولة الأسلامية كالجهاد بين المسلمين والكفار، إذ تعتبر نساء الكفار المحاربين سبايا تنطبق عليهن أحكام الرق، وملك اليمين.
وأخيراً قرر الخليفة بأن تكون عمليات البيع والشراء بعملة الكفار أي (الدولار) حصراً كما هو الحال عند أخذ الجزية.
د. علاء كنه
www.alaakana.com



6
مكالمة هاتفية بين مواطن عراقي ... وأمير المؤمنين الخليفة البغدادي
بقلم: د. علاء كنه
المواطن: ألو ... السلام عليكم.
الخليفة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته... تفضل يأخ العرب.
المواطن: أنا مواطن من العراق.
الخليفة:  أكمل.. بماذا أخدمك يأخي في الدين.
المواطن: عفواً فأنا لست بمسلم... فأنا مسيحي الديانة.
الخليفة: ويحكَ ... يعني نصراني؟
المواطن: كلا... مسيحي، وهناك فرقاً بين المسيحي والنصراني.
الخليفة: هذا لايهمني فكلاكما من المشركين. 
المواطن: أعلمُ جيداً إن لاتعرف هذا، لأنك جاهل لا تعرف التاريخ، تسمع ولا تقرأ.
الخليفة: وماذا تريد مني أيها الكافر؟
المواطن: عفواً .. أعلمُ كما يعلم الجميع أنك طبعة جديدة لـــ(بن لادن) و(الزرقاوي) بالرغم من عدم معرفتنا بجهة الطبع أو النشر لحد الأن، وأنك تطبق وتنفذ أجندة خاصة لغرض ويوم معين، وسيأتي يوم ويتم أصدار طبعة جديدة بدلاً عنك... لكن لدي إستفسارات وأود منك الأجابة عليها، ومتأسف لأخذي من وقتك لأني كما علمت إنك في الأيام الأخيرة مشغول كثيراً، وأكيد أنت الأن متواجد في أحدى نقاط السيطرة على مشارف مدينة الموصل لتشرف على مجاميعك وهي تقوم بعملها في تسليب المواطنين "الكفرة" ومصادرة ممتلكاتهم.
الخليفة: خسئت، نحن نقوم بواجبنا تجاه الرسول والدين.
المواطن: أعلمُ جيداً إن المسيحيين هم أقلية في العراق بالرغم من كونهم سكان البلد الأصليين، وأعلمُ جيداً أن هذا لايريح معاليكم فقد أعتدتم أن تكونوا الأكثرية وأن تذلوا الأقلية وأن تفرضوا الأتاوات عليهم، فهل قال لكم الرسول أن تسلبوا العزل والأبرياء وأن تطردونهم من دورهم وخاصةً أنتم صيام (والحمدلله) وفي شهر رمضان المبارك، ألم يقل الأمام على (رض) " إن لم يكن أخوك في الدين فهو أخوك في الإنسانية".
الخليفة: هذا الحديث (ترك) لأنه ضعيف!! ثم نحن لم نجبرهم على المغادرة، وكان لهم خيار التحول الى الأسلام.
الموطن: هل سمعت في حياتك أن شخصاً في القرن الحادي والعشرين يُجبر على أن يترك ديانته بالقوة أو يقتل بحد السيف؟ أي منطق هذا!!، أهذا ما أمرك به الرسول محمد (ص)، ألم يقل هو بنفسه، "لا إكراه في الدين"!
الخليفة: ....
المواطن: حسناً... لقد قلت في خطبتك الشهيرة في الجامع الكبير في الموصل، " فإن رأيتموني على حق فأعينوني، وأن رأيتموني على باطل فإنصحوني وسددنوني"، وها أنا أقول لك الأن إنك على باطل.
الخليفة: لماذا أيها الكافر الزنديق، فنحن نتبع سنة الرسول محمد (ص).
المواطن: أنا أقول لك لماذا، لأنه أنت وأتباعك هم الكفرة، وأنتم من يجب أن يختموا بعلامة (ك) (كافر) كالحشرات الضارة للتعرف عليكم والقضاء عليكم، وليس أن تختموا دور المسيحيين بحرف(ن) ودور أخوتنا الشيعة بحرف (ر).
الخليفة: لعنك الله. 
المواطن: المهم، لدي سؤال أخر وأود أن أسمع الإجابة عليه من معاليكم، هل من أولويات عمل الخليفة هو أصدار الأوامر بخصوص النساء، هل يقلقكم موضوع النساء كثيراً ؟ ولماذا ؟ ألم يقل الرسول(ص) رفقاً بالقوارير؟ وألم يقل أيضاً " إنما النساء شقائق الرجال، ما أكرمهن إلا كريم، وما أهانهن إلا لئيم".
الخليفة: ها... نحن نريد منع الفسق والرذيلة بين نساء المسلمين والحفاظ عليهم.
المواطن: أتعلم ياخليفة... حقيقةً لقد ذكرتني بأمير المؤمنين الخليفة "المستعصم بالله" ونهايته البشعة، والذي كان يملك (750) زوجة، وأكثر من (1000) خادمة، وأستمرت خلافته خمس عشرة سنة وثمانية أشهر وأيام، وقتل بعد أن تم لفه بسجادة وركل ورفس بالأرجل إلى أن مات، وأتمنى أنا وبقية العراقيين والشرفاء منهم خاصةً أن لاتستمر خلافتك هذه المدة، وأن تموت بنفس الطريقة قريباً إنشاءلله، وأعتقد أنك فهمت قصدي جيداً.
الخليفة:  توت... توت... توت.
المواطن: يحاول الإتصال عدة مرات دون جدوى، وإنقطاع الإرسال نتيجة تشويش السيارة المرافقة للبغدادي.

د.علاء كنـــه
ساندييكو/كاليفورنيا
www.alaakana.com



7
حزب البعث... والدواعش
بقلم: د.علاء كنـــه
     أفرزت النكسة الأخيرة التي مر بها العراق وأقصد هنا تحديداً ماسأة الموصل، الكثير من الدلالات والمعاني وحقيقة مايجري للكثير من الأمور الجارية في البلد وخاصةً في الموصل الحدباء... وعلى الرغم من عدم توضح الأمور بشكلها النهائي ومعرفة حقيقة ما جرى من إنهيار أمني سريع، وتمكن القوى البربرية من الذين يطلق عليهم بــ "الدواعش" من السيطرة على بعض مناطق مدينة الموصل وتوابعها ونزوح عوائلها، ويجب الإشارة هنا الى طبيعة العلاقة بين هؤلاء الظلاميين وخلايا حزب العبث وأقصد هنا (حزب البعث)، فعلى الرغم من إختلاف الأيدولوجيات والأفكار بينهما، إلا أنهما إلتقيا في نقطة واحدة وهي قتل الشعب العراقي والتفرد بالسلطة، إذ إن تجربة إتكال الحزب المقبور على العرب والأجانب هي ليست وليدة اليوم وإنما كانت بداياتها قبل أيام من الحرب الأمريكية الأولى على العراق وأتذكر ويتذكر معي العراقيين الشرفاء جيداً حينما أستدعى أزلام نظام البطل القومي! وبقيادة حزبه المشوؤم، المرتزقة العرب ومن جنسيات مختلفة ليقاتلوا الى صفه مقابل المال! وأستعرضوا أنفسهم من على شاشات التلفاز في مدخل "فندق فلسطين- ميريديان" في بغداد، متوعدين بقطع روؤس الأمريكان وبهزيمة لاتغتفر... ومن ثم بعدها تم أستلام جوازات سفرهم وأطلاقهم في أرض العراق ليعيثوا بها فساداً وليكونوا خلايا نائمة له عند الحاجة.
    ومثلما عودنا هذا الحزب على إنجازاته الموعودة هاهو اليوم يطبق مبدأ (أنا والغريب على أبن عمي!) ويضع يده بأيدي الشياطين السفاحين لذبح الشعب العراقي على أنغام الحرية والكرامة وبدون أي رحمة وبدم بارد! حيث بلمحة بصر ظهر أزلام النظام المقبور والذين يجب أن يطلق عليهم وبحق "صداميون للأبد" لا بل "صداميون للموت". هؤلاء الذين كانوا يصفون من خلال أبواقهم أعضاء الحكومة المنتخبة بأنهم "صفويون" وجاؤا على ظهر الدبابات الأمريكية متناسين بأنهم اليوم يتحالفون مع حثالة البشر ضد أخوانهم في الوطن والدين والأنسانية، لا لشئ سوى الوصول الى سدة الحكم مرة ثانية وبأي ثمن. لقد تناسى هؤلاء وبقيادة حزبهم المغوار! إنه بسببهم ضاعت ثروات الوطن المادية والبشرية وما حالنا اليوم إلا خير دليل على ذلك، والغريب إن هؤلاء من أزلام وبقايا البعث لا يستوعبون الأمر، إذ لازالوا يحلمون بعصرهم الذهبي، والأغرب من ذلك إنهم لا يتعظون ولا يؤمنون بأن "للدهر يومان يوم لك ويوم عليك"، ويريدون العودة بالعراقيين إلى المربع الأول؟.
     إن ماقام به أزلام هذا الحزب المشوؤم من دعم وتأييد للمتخلفين الدواعش في محاولة إنقلاب الموصل! بقيادة داعشهم (عزة الدوري) قد دقوا المسمار الأخير في نعشهم، فقد أستهجن تلك الفعلة جميع الشرفاء من العراقيين حتى أولئك الذين كانوا يتعاطفون معهم، تلك الفعلة التي يجب أن يطلق عليها بالمؤامرة ضد الشعب العراقي قبل أن تكون مؤامرة ضد الحكومة العراقية. فهاهم اليوم الوحوش الكاسرة من مقاتلي داعش يقدمون لأهلنا في الموصل باقة جديدة من إنجازاتهم في أمارتهم الوليدة! من رحم البعث المقبور، من تشريد وتهجير وقتل وتفجير، زارعين بذلك بذور الفتنة والطائفية بينهم، كما يعيد التاريخ نفسه اليوم ويطبق الحزب من خلال هؤلاء المتخلفين ماكان يقوم به من مقابر جماعية بحق العزل بأختلاف الزمن والمكان.
    ومن ناحية ثانية يعرف القاصي والداني وللأسف الشديد إن الحرب الإعلامية التي شنها داعش قد حققت نجاحاً في إختراق أجهزتنا الأمنية وبالأتفاق مع بقايا وأزلام الحزب البائد، إذ سرعان ما صدحت أبواقهم الأعلامية من خلال الوسائل التقنية والمواقع الألكترونية ومواقع التواصل الأجتماعي، لا بل حتى على الصعيد السياسي والتي كانت متأهبة لهذا اليوم المشؤوم لتنادي بسقوط مدينة الموصل بيد ثوارهم!! وأنهيار للدولة العراقية في ظرف ساعات، وهذا الإختراق إن دل على شي فهو دليل على أن هناك أتفاقات مسبقة ولقاءات وإجتماعات تحاك في السر لتلك الخلايا. والمضحك في الأمر إنه كانت من أولى سياسات الحزب الأوحد (حزب البعث) سابقاً أبان حكمه الرشيد هو منع العراقيين من إستخدام كافة وسائل التقنية من أجهزة نقال وأنترنيت وقنوات فضائية؟.
   إن مايجب قوله هنا أن ماحدث في الموصل هو بلا شك نتيجة للممارسات التي يتبعها البعض سواء في الحكومة أو في الكتل السياسية، وعلى الجميع أن يعلم أن خير البلد هو في أهله وناسه وليس في الغريب القادم من بحر الظلالة والهمجية فهؤلاء البرابرة قد أعدوا العدة الى غزو بربري جديد للعراق ليعيدوا أمجاد هولاكو والتتر، ومهما بلغت حجم التناحرات والتخالفات بين أفراد البيت الواحد لايمكن بأي حال من الأحوال الإستعانة بالغريب على أهل الدار... فالعراقيون أخوة على مر التاريخ، ولتكن هذه النكسة درساً لنا جميعاً على الرغم من قساوتها ولنتكاتف جميعاً ضد كل من يريد أن يقسم بلدنا وأهلنا، وأن لاننسى ذلك اليوم الذي دافعنا فيه عن عراقنا في خندق واحد لكي نحميه ونحمي أهله.
   وفي نفس الوقت على الحكومة المركزية اليوم أن تتخذ قرارها التاريخي لحماية العراق وأهله أخذة بنظر الأعتبار التحديات التي يواجهها العراق منفرداً، وأن تقوم بطرد كل الفاسدين من جميع مفاصل الحكومة والدولة والحد من المهاترات والتنافرات التي لا فائدة منها سوى تعميق الجروح بين أبناء البلد الواحد. وكذلك القيام فوراً بمحاسبة المتخاذلين من القادة والجيش الذين يثبت تورطهم في هذه الماسأة ليكونوا عبرة لغيرهم، ولردم الفجوة بين المواطن العراقي والدولة وتوطيد أواصر الثقة بينهما من جهة وبين أبناء البلد من جهة ثانية، وأن يعم الأمان والأستقرار على جميع العراقين، اللهم، اللهم، أجعلها برداً وسلاماً على الموصل الحدباء وعلى العراق، قال تعالى " وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ". 


                                                                                      د.علاء كنـــه                     
                                                                                   ساندييكو/كاليفورنيا
www.alaakana.com


8
جهاد النكاح... وتحرير الأوطان

بقلم: د.علاء كنـــه

       كانت المتاجرة بالدين قديماً هي رفع المصاحف على أسنة الرماح...أما اليوم فإن المتاجرة بالدين باتت أنوع، فهي أما أن تقتل بأسم الدين، أو أن تنهب بأسم الدين، أو تظلم بأسم الدين، أو تفسد بأسم الدين... ونحمد الله بأننا قد شهدنا كل أنواع التجارة هذه.
     مع كل تقديري وأحترامي للشرفاء من رجال الدين، للأسف هناك البعض منهم يمكنني أن أطلق عليهم  (تجار الدين!) هم من الدعاة للباطل والذين يريدون الدنيا بعمل الأخرة، ومن المروجين لشريعة جديدة ضد الشرع من خلال فتاويهم، تلك الفتاوى التي شوهت ولوثت سمعة الدين، ومع ظاهرة إنتشار رجال الدين الجدد والذين نسوا أو تناسوا بأن غالبيتهم أجبرتهم ظروفهم بعد فشلهم في الحياة وفي مجال الدراسة والعلم الى التوجه الى هذا الطريق لكونه أسرع وأسهل طريق للتأثير والسيطرة على البسطاء من العامة، ومن ثم تطوعهم في دورات أمنية تعقد في دوائر الأمن والمخابرات لبلدانهم ليتخرجوا منها رجالاً أوفياء ينطقون ويفتون بإسم النظام الحاكم وزبانيته... تذكرت في تسعينيات القرن الماضي الشيخ عبد الغفار العباسي ذلك الشيخ الوقور! المنافق والذي أصبح أسماً على علم وبات يضاهي في وقتها المطرب مايكل جاكسن (رحمه الله!)، إذ كان يطل على العراقيين بمغامراته وفتاويه الشيقة، من خلال برنامجه المسمى (المؤمن) ومن خلال قناة الشباب التي كان يديرها أبن الطاغية المنصور! لينعق كالغراب بما لذ وطاب من الفتاوى الجاهزة والتي فُصلت على مقاس النظام الحاكم وقائده المغوار!! والتي كانت تحاك في دهاليز اللجنة الأولمبية العراقية!، حيث كان الشيخ يتقاضى أجوره منها.
    اليوم يعيد التاريخ نفسه مرة ثانية إذ يطل علينا مرة ثانية وبقوة هؤلاء العلماء الشياطين! الذين يفتون بدون علم ويطغون في الأرض ويعيثون بها فساداً، إذ ينادون بتجارة أو مهنة جديدة وهي مهنة البغاء بأسم الله، لا بل باتوا يصنفونها بنوع جديد من الجهاد أسموه بجهاد النكاح!، ولا أدري منذ متى أصبح تحرير الأوطان يتم بالنكاح، أو إستخدام النكاح لإسقاط الحكومات وتحرير الشعوب؟ نعم إنه جهاد الدعارة!، هؤلاء الذين لا شرف ولا دين لهم والذين يفتون بهذا النوع من الجهاد يصلح أن يطلق عليهم كلمة الداعرين، وهنا يتوجب تعريف هذه الكلمة ليتسنى للجميع معرفة المعنى الدقيق لها، ويقصد بكلمة (الداعر) في اللغة العربية هو فاسد السلوك أو من فسدت أخلاقه وفَسَقَ وفجَرَ، وهذه الكلمة أسم فاعل من دَعَرَ، ويمكن القول أيضاً الدَّاعِرُ‏: الْخَبِيثُ الْمُفْسِدُ وَمَصْدَرُهُ ‏(‏الدَّعَارَةُ‏‏ وَهِيَ مِنْ قَوْلِهِمْ عُودٌ دَعِرٌ أَيْ كَثِيرُ الدُّخَانِ‏).
    كلمة حق يجب أن تقال بحق كل شهداء الأمس من فلسطين ومصر والعراق وبقية الدول العربية والذين سطروا أروع ملاحم القتال والشرف في التاريخ الحديث وبأنهار من دماء سالت في سبيل أوطانهم من أجل الحرية والإستقلال... أقول لهم أرقدوا بسلام وشرف، فإن ملاحم القتال والجهاد اليوم تتم بمناكحة النساء والتكبير عليهم، وليس كما كان الحال أيامكم.. نعم إنهم يقاتلون اليوم ويحررون الأوطان بواسطة الدعارة والمال.
    إن هذه الفتوى ليست سوى نوع جديد من أنواع السموم والأفكار العفنة التي ينفثها هؤلاء المتطرفين في بدن الشباب ويدعون أبناء البلد الواحد والدين والواحد الى التقاتل فيما بينهم فكرياً وعقائدياً. إذ يصلح بأن نطلق على مروجي تلك الفتاوى بشيوخ الفتنة، فهؤلاء من وصلت أذيتهم الى كل أرجاء المعمورة وهجروا الأمنين من دورهم وأوطانهم، لا بل وصل العار ببعضهم لأن يدعون الأجنبي لإحتلال بلدانهم! بدءاً من القرضّاوي الى العُريفي الى العَرعورّ وهلم جرا... وهنا أسأل هؤلاء الذين يدعون بأنهم مصلحين! لماذا لا يبادر هؤلاء الدجالين المنافقين بهذا النوع من الجهاد أولاً ويرسلوا نساؤهنّ وبناتهّن ليجاهدّن في سبيل الله!! فهنّ أولى بهذهِ القذارة. كما أهنئ هؤلاء المرتزقة الذين بعد ما خسروا الدنيا والاخرة، الأن يخسرون أراملهم بتحويلهن الى مومسات في هذا النوع من البغاء، عفواً (الجهاد) وبتزكية من هؤلاء المنافقين الدجالين. بإعتقادي إن هؤلاء التجار!! هم أخطر على الدين وعلى الأسلام وعلى البشرية اليوم من أي عدو أخر، من خلال تصدير كراهيتهم للحياة وزرع بذور الشر وتلك الثقافة الرعناء في الأجيال القادمة، تلك الثقافة الجديدة التي ظهرت في عهدهم. ففي عهد هؤلاء والحمدلله سمعنا وعرفنا جهاد النكاح ورضاعة الكبير ومضاجعة الميتة، والسطو على ممتلكات الغير من غير المسلمين، وأخيراً وليس أخراً وبنجاح ساحق! (ما يجوز وما لايجوز .... في نكاح العجوز)، أي عهدٍ هذا... عهد الفساد الإخلاقي أم عهد الدعارة المقنعة... ولماذا ظهر اليوم فجأةً  وبقوة؟ ولماذا لم نسمع به من قبل...أسئلة لهؤلاء الدجالين. 
  يعلم ويتفق الجميع معي على إن جميع الديانات تجتمع على إنها رسائل محبة وتسامح وليس إجرام، ولابد لرجل الدين التقي بغض النظر عن عقيدته، صفات تميزه عن غيره من الناس، وهذه الصفات بمجموعها هي بيان لشخصيته السوية، وليس له خيار في تركها وعدم الإتصاف بها، لتكون له القدرة على التأثير في الناس، عن طريق الأرشاد والنصيحة الطيبة وبما موجود في هذه الرسائل بما هو خير للبشرية، وليس بغسل أدمغة البسطاء والعامة وتجهيلهم لضمان السيطرة عليهم وعلى أفكارهم ومن ثم تحويلهم الى وحوش كاسرة تهاجم بعضها البعض، أقول لهؤلاء المتطرفين! أتقوا الله ..أتقوا الله.. وأذّكركم بقوله تعالى ( مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ) (آل عمران:79).

د. علاء كنه     
www.alaakana.com





9
علوش ... وزيراً للداخلية

بقلم: د. علاء كنـــه
 
     عند سماع الأخبار المشؤومة لما حصل قبل أيام قليلة في سجن أبو غريب السيء الصيت ألا وهو الفرار الجماعي لأصحاب الكفاءات والخبرات في قتل العراقيين وتدمير العراق، وعند قراءة أرقام ميزانية العراق لعام (2013) والتي بلغت (138) ترليون دينار عراقي، حصة الأمن والدفاع فقط منها هي (19.86) ترليون دينار عراقي أي ما نسبته (14.37%)، يتضح مقدار العجز الإداري والمهني للمؤسسات الأمنية بالرغم من وجود الموارد المالية الضخمة المخصصة لها.
    هذه العملية وبغض النظر عن إلقاء اللوم والتقصير على أي جهة كانت، فهي تدل وبشكل واضح على الضعف الكبير والأختراق الواضح والفاضح للأجهزة الأمنية والإستخباراتية والتشرذم بين قياداتها. ولا يجوز بأي حال من الأحوال إلقاء اللوم على أفراد الجيش العراقي الذين يعتبرون مدافعين عن السجن مرتكزين على المعلومات التي يحصلون عليها من الجهات الأمنية والإستخباراتية ذات العلاقة.
    إن الغريب في الأمر وهو ما أكده عضو اللجنة الأمنية في المجلس المحلي لقضاء أبو غريب إن المواقع الالكترونية التابعة لتنظيم القاعدة كانت قد أعلنت عن الهجوم أو الغزوة ! قبل ساعات من تنفيذها!، إضافة الى أن تلك المواقع قد طلبت من أنصارها إقامة صلاة الحاجة والقنوت والدعاء في المساجد!!.. وهذا دليل أخر على ضعف الدور الإستخباري فيما يخص رصد ومتابعة تلك المواقع المشبوهة والتي يجب أن تكون خاضعة للمراقبة على مدار الساعة، حيث يعتبر ذلك من أولويات عمل الأجهزة الإستخبارية والتي تركز عليها الكثير من إجهزة الأمن في دول العالم، فكيف والعراق الذي يعتبر أكبر ساحة قتال مستمرة والذي يشهد الكثير من حالات القتل والتفخيخ والتفجير يومياً.
    إن أمر هذه الغزوة ! لغريب فعلاً، حيث من غير المعقول إنها قد حصلت وكأن جميع الأجهزة الأمنية والإستخباراتية في سبات عميق، إذ تشير المعلومات إلى أن عامة أهالي المنطقة المحيطة بالسجن كانوا على علم مسبق بها قبل ليلتين من تنفيذها، ومنهم العبد الفقير المسكين (علوش)!!.، وللمعلومات فإن علوش ليس سوى بائع بسيط وصاحب (بَسطية) يفترش الأرض يومياً بالقرب من السجن، وإنه قد ترك بالفعل (بَسطيتهُ) بعد سماعه الأخبار، وبالمناسبة فإن (علوش) حاله حال الكثير من العراقيين الذين لا يزالون يفترشون الأرض لكسب رزقهم في العراق الجديد.
    الطامة الكبرى في هذا الأمر إن أغلب أهالي المنطقة البسطاء قد تهيأ بالفعل لهذا الحدث الجلل!! فقاموا بالعديد من الإجراءات الإحترازية والتي تضاهي ما تقوم به أغلب الحكومات في الدول المتقدمة في حالات حدوث الكوارث والأعاصير والمصائب، عكس حكومتنا الرشيدة !! فقاموا بتخزين المؤن والوقود للمولدات تحسباً للطوارئ التي تعقب الهجوم بسبب تجارب سابقة مع حوادث مماثلة حصلت في السجن في السنوات الماضية. وهنا تكمن المصيبة حيث من غير المعقول أن يعلم علوش وجميع أبناء المدينة بذلك ويتخذون الإستعدادات للغزوى الكبرى!! والتي راح ضحيتها العديد من أبناء الجيش العراقي، والأجهزة الأمنية والإستخباراتية أخر من يعلم!! إنه تقصير واضح ومن العيار الثقيل ايضاً.
    أما ردة فعل الأجهزة الأمنية وللعثور على الفارين فكان من أهمها مكافئة سكان القضاء بفرض حظر شامل للتجوال على جميع مناطقهم، ومنحت المؤسسات الحكومية والدوائر الخدمية إجازة مفتوحة، وإغلاق الأسواق والمتاجر، بالتزامن مع إنقطاع التيار الكهربائي بسبب إنهيار أبراج نقل الطاقة المحاذية للسجن أثناء الهجوم، وكذلك منع القوات الأمنية الأهالي من تشغيل المولدات الكهربائية الأهلية، وإجراء عمليات تفتيش واسعة نفذها الجيش شملت أكثر من 4800 منزل في المدينة مع تمشيط البساتين والغابات المحاذية للسجن كلفت خزينة الدولة ملايين الدولارات. والظاهر هنا أن الأجهزة الأمنية والإستخباراتية قد صَدقت بالفعل إنها غزوة !، وأعتقدت أن المهاجمين قد هجموا على السجن مستخدمين البعران!!، وأن الفارين من السجن سيستخدمونها للهروب من المنطقة، وفاتها إن الفارين قد أستقلوا سيارات حديثة الصنع كانت تنتظرهم على مسافة كيلومتر واحد فقط من السجن!.
    وبغض النظر عن تلك الجهود الجبارة في العثور على بعض هؤلاء الفارين من عدمه، والذين بالتأكيد سوف ينتقمون من العراقيين أشد إنتقام بعد فترة نقاهتهم في السجن، وتلافياً لتلك الأمور وما يمكن أن يلي ذلك من أحداث قد لا تسر العراقيين لا بل حتى أعدائهم، فأني شخصياً أقترح تعيين (علوش) وزيراً للداخلية لما يمتاز به من حنكة إستخبارية وحس أمني عالي يجعلهُ في مصاف رجال الأستخبارات الأكثر ذكاءاً في العالم، لعله يحد من معاناة العراقيين وربما يكون المنقذ الأخير الذي يلجأون اليه... ولكن للأسف تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، فقد خاب أملي وخابت أمال العراقيين أيضاً بعد توارد الأنباء بإلقاء القبض على (علوش) من قبل الأجهزة الأمنية والإستخباراتية للتحقيق معه بخصوص الغزوة !..... وهنا أقول لــــ(علوش) لا تيأس.. فنحن معك وقد عقدنا العزم إنه لا بديل عنك وخاصة في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ العراق وإنك الوحيد القادر على إنقاذ العراق والعراقيين من مخالب المتكالبين عليه. 
    على الجميع أن يعلم إن المؤسسات الأمنية والإستخباراتية العراقية لن يكتب لها النجاح في مواجهة الارهاب والقتلة في ظل الطرق التقليدية القديمة، ومن أبرزها نشر المفارز الأمنية في تقاطعات الطرق والشوارع والتي لا تزيد الامور إلا سوءاً ، وإنما بتوفر قواعد بيانات إستخباراتية يومية وأجهزة تنصت وكاميرات حديثة الصنع يُعتمد عليها وتقوم على أساس جمع ودراسة وتحليل المعلومات الإستخباراتية، وكذلك التعاون البناء والمثمر وبشكل مستمر بين المؤسسات الأمنية والجيش والدفاع من ناحية تبادل المعلومات الذي يصب في صالح تلك المؤسسات من جهة والعراقيين من جهة ثانية. وأيضاً بالإعتماد على قادة أمنيين مهنيين يستطيعوا النهوض بتلك المهمات. إذ إن من أهم أسباب زيادة حجم الجهل والكارثة الأمنية والإستخباراتية في العراق وتزايد وتيرة العنف بين فترة وأخرى، هم بعض هؤلاء الذين يشغلون تلك المواقع الحساسة والذين لاعلاقة لهم لا من قريب ولا من بعيد بالأمور الأمنية وأنما هم من صنع ساسة اليوم والمحسوبية التي أبتلى بها العراق والعراقيون.

                                                                               د.علاء كنــــــه
                                                                          سان دييكو/ كاليفورنيا
                                                                        www.alaakana.com

                                                 
 


10
البلدان العربية... ودعاء اليوم

بقلم: د. علاء كـــنه
     مثلما عودتنا الفضائيات وأبطالها، كذلك بقية وسائل الإتصال السمعية والبصرية والإلكترونية! هاهي اليوم بعض المواقع الإلكترونية تصدح بنفس الأفكار الهدامة لهؤلاء، فقد أطلقت بعض المواقع وبعض كُتابها صرخة جديدة من نوعها، بل صرخة بوجه العلم والعلماء. إذ أكدت تلك المواقع حسب زعمها بإن "جائزة نوبل" تمنح "لمن يناضل لتكون كلمة الكفر هي العليا!" ولا أدري على ماذا إستندت تلك المواقع على "فتواها". ربما لأن من بين الحاصلين على تلك الجائزة هم من العلماء والمخترعين اليهود؟ أو ربما لأن المانحين لتلك الجائزة لم ينصفوا أولئك الكتاب والشيوخ ويمنحونهم الجائزة ولو لمرة واحدة! ربما؟. لقد فات تلك المواقع وكتابها إن من بين الحاصلين على تلك الجائزة بعض الشخصيات والعلماء المسلمين، وأحدهم عالم الكيمياء المشهور المصري أحمد زويل. لا أدري هل إن أصحاب تلك المواقع وكتابها هم من المحششين أم يريدون طمس الحقيقة. ومن هذا المنطلق تقدمت بطلب رسمي الى الجهة المانحة لجائزة نوبل للعلوم لغرض إستحداث جائزة خاصة تسمى بــــــــ(جائزة نوبل للتحشيش)، أسوة ببقية العلوم والمعارف الأخرى، ولتكون هذه الجائزة مكملة لعلم أخر يتقنه بعض المتخلفين يسمى بعلم "التحشيش"، ولكن للأسف الشديد قوبل طلبي بالرفض من الجهة المانحة، ولا أعلم لماذا. كذلك لم تبدي الجهة المانحة للجائزة أية ملاحظات أو أسباب أخرى تحول دون الموافقة عليه، علماً بأن غايتي من إستحداث تلك الجائزة هي أن تمنح لأمثال أصحاب تلك المواقع ومنافقيها، ومن الذين لديهم صيت وباع طويل في أصول التحشيش وفنونه، كما فاتني أن أبين في طلبي مزايا وفوائد التحشيش خاصة بعد إنتشار ظاهرة شرب الأركيلة (الشيشة) مع معسل أبو التفاحتين (بأنواعه) في بلداننا العربية في الأونة الأخيرة.
    تذكرت في نفس الوقت أولئك العلماء والمبدعين من الحاصلين على تلك الجائزة وغيرهم من الذين خدموا البشرية على مر عقود من الزمن، هؤلاء العلماء والمفكرين والذين أصل أغلبهم من بلاد "الكفار" وما قدموه من خدمات جليلة يستفاد منها لليوم كل أبناء المعمورة ومنها أمتنا "أمة المسلمين"، ومثال بسيط على ذلك هي تقنية الكومبيوتر ومخترعه الكافر، والذي لولاه لما أستطعنا أن نرى تلك المواقع ونستمتع بقراءة تلك الأفكار الشاذة. إن هؤلاء الكتاب الذين نسوا أو تناسوا إنهم أمة مستهلكة تستهلك ما ينتجه الغرب نتيجة فشلهم، لقد نسوا كيف كانت البلدان العربية تحارب وتهجر الكفاءات من أبناء البلد ليحتضنهم الغرب "الكافر"، بالرغم من توفر كل الموارد المطلوبة في بلداننا والتي يلهث لها الغرب، وللأسف اليوم وبعد زوال الحكام الطغاة تروج وبقوة ثقافة محاربة المثقفين والمفكرين والمبدعين والعلماء، لا بل قتلهم أو على أقل تقدير تهجيرهم من البلد، كما يحدث في بلدي العزيز العراق، دون الإلتفاف اليهم ورعايتهم وإحتضانهم، والحجة في ذلك بالطبع معروفة للجميع وهي أما بسبب نقص الموارد المالية أو لتعارض أفكارهم مع الشرع وليس مع القانون! وكأننا نعيش في فترة العصور المظلمة، وما ولادة الأرهاب اليوم بفنونه وأشكاله المتعددة إلا نتيجة الجهل والتخلف الذي تعيشه الأمة من جراء متابعة تلك الأفكار والمواقع المشبوهة.
     على جميع الأحرار من المثقفين والمفكرين والعلماء أن يطلقوا حملة لمواجهة تلك المواقع التي تعود لبعض الجماعات المتطرفة دينياً وسياسياً والتي تنادي بتلك الأفكار، والسعي الى حث الحكومات في البلدان العربية الى إعادة رسم دور التعليم وإدخال التحسينات على المناهج الدراسية وتبني خطط جديدة للرقي به وبمختلف مراحله، لإهميته في بناء المجتمع وتنميته، بدلاً من نشر تلك الأفكار المريضة التي تدعو الى العنف والقتل والى تفجير مراكز العلم كالمدارس والجامعات.
    للأسف لقد وصل الإنسان العربي الى مرحلة اليأس والوهم وأصبح عقله جامداً متحجراً نتيجة الذل والحرمان، وأصبح اليوم مرهقاً بالنفاق والدجل الديني والإجتماعي والسياسي نتيجة خلط الأوراق، ولا يفرق بين من يريد له الخير من الشر، وأضحى النفاق لدينا نحن العرب ميزة نفتخر بها، بل أصبحنا مناراً للفتن ومحط أنظار الجميع في التخلف الذي نعيشه، ونعجز حتى عن توحيد الصفوف، وأعتقد إنه لا سبيل لنا لنصلح حالنا سوى أن نطلب وندعي كلنا بصوت واحد:
"اللَّهُمَّ كَبر كُروشنا، وصَغر عُقولنا، اللَّهُمَّ طَول لحانا وقصر دشاديشنا، اللَّهُمَّ كَبر عمايمنا وإحفظ جَهلنا، اللَّهُمَّ نجنا من النور الى الظُلمات، اللَّهُمَّ ألطف بنا في تَعسير كل تيسير، فنحن أجهل أمَّةٍ أخُرِجَتْ لِلنَّاس، نَحن مخترعي سباق الهجن، وأصحاب أكبر صَحن بابا غَنوج وحُمص بطحينة في العالم، اللَّهُمَّ أحفظ لنا مُخترع الشيشة ومَعسل أبو التفاحتين، اللَّهُمَّ إلعن الغرب الذي غَزانا، حيثُ الصين تَصنع سَجادة الصَلاة، واليابانيين يُغنون أغاني أم كَلثوم، اللَّهُمَّ سَلمنا من شرور خَلقك العُلماء الزَناديق من أمثال أينشتاين، وبيل غيتس، ومخترع الأنترنيت وغيرهم وإحشرهم في نار جَهنم مع أهل النار، اللَّهُمَّ صَل بنا صَلاة تصرف بها عنا السوء وسوء الفَحشاء والمُنكر... وتب علينا أنت التواب الرحيم.....أمين"
د.علاء كنه
سان دياكو/كاليفورنيا
www.alaakana.com


11
شيوخ العشائر... وإستكانات الرمادي

بقلم: د.علاء كــنه
   
       تتفاخر البلدان والأمم بمنتجاتها الوطنية، وتعتبرها فخراً لها ولقدراتها، عكسنا نحن العراقيين، فبفضل القائد الضرورة وحروبه! تراجعت صناعتنا الوطنية الى الحضيض، وجميع العراقيين الشرفاء يتذكرون كيف كان منتوجنا الوطني في السابق يضاهي المنتوج الأجنبي من ناحية النوعية والجودة، حتى امتدت يد الثورة اليه وحولته الى منتوج رديء يعاني من التشوهات، لا بل لا يخلو من العيوب والتي أصبحت فيما بعد ماركة مسجلة لتلك الصناعة التعسة. وسواء كانت تلك العيوب في منتوجنا الوطني بالمحتوى أو بالشكل أو بالتعبئة أو بالتغليف، فما هي إلا من العلامات الدالة على فشلنا وعدم قدرتنا على مواكبة التطور والتقدم الذي طرأ على كل دول العالم، حيث تتفن تلك الدول في كيفية إظهار منتوجها الوطني بأبهى صورة ممكنة وخاصة المصدر منه، والأمثلة على ذلك كثيرة.
    الجميع يتذكر فخر صناعتنا الوطنية بلا منازع! إستكانات وأقداح الرمادي!، تلك التي كانت تتراقص لوحدها عند سكب الشاي أو الماء فيها، حالها حال الراقصة المعروفة(دينا)!، وكيف كان ذلك الإستكان يعرض مفاتنه، بحيث يصعب للشارب المسك به ومن أي جهة كانت! والذي أصبح فيما بعد نموذجاً رائعاً لرداءة الصناعة الوطنية، بل مثالاً للسخرية بين العراقيين.
    مع كل تقديري وإعتزازي بشيوخ العراق المحترمين والشرفاء منهم، إلا إن إنتشار ظاهرة شيوخ العشائر في عراقنا الجديد، في ظل فقدان النظام وسيادة القانون، ما هي إلا ظاهرة سلبية بكل ما تعنية الكلمة، لا بل هي من أخطر الظواهر الإجتماعية التي برزت بقوة وطفت على سطح المجتمع العراقي وخاصة بعد زوال نظام الطاغية، ذلك النظام الذي منحهم كل المقومات الضرورية لترسيخ ركائز التخلف الإجتماعي والبدائية وعدم بسط روح النظام والقانون، حينما أغدق عليهم المال والسلاح من ميزانية الدولة، ظناً منه أن هؤلاء سيكونون السند والداعم القوي لبطولاته.
     واليوم في القرن الحادي والعشرين وفي عراقنا الجديد، وبدلاً من إرساء قواعد النظام والمدنية، يرجع بنا الزمن كالعادة مرة ثانية الى الوراء، ويصبح لشيوخ العشائر كلمة الفصل في كثير من الأمور في ظل غياب الدولة والقانون ومنطق المؤسسات المدنية، ولجوء الكثير من المواطنين اليهم لحل مشاكلهم. حيث أضحى العراقيون للأسف كمجموعة من القبائل التي يحكمها هؤلاء الشيوخ مدى الحياة ودون قيد أو شرط، ولايقهرهم قاهر. إذ يتباهى البعض الأخر منهم على إنهم من أعيان البلد، موهمين أنفسهم بذلك وبأنهم مخولين بتطبيق القانون، وأمتد الأمر ليصبح لبعضهم اليد الطولى في كثير من الأمور التي تهم البلد.
   أتذكر جيداً حينما تحول (بعض) هؤلاء الشيوخ، وخاصة بعد الحرب الأخيرة على بلدي، الى أناس تحمي المجرمين والقتلة وقاطعي الطرق، وثبت تورط العديد منهم في عصابات الإختطاف والقتل والسلب، وطريق بغداد/عمان، خير شاهد على ذلك، حيث كان لبعض أعوان هؤلاء الشيوخ دوراً ريادياً! في السيطرة على الطرق السريعة التي تربط العراق ببلدان الجوار، ليساومون أبناء جلدتهم من العراقيين الأبرياء وعوائلهم على المال أو الممتلكات أو سرقة سياراتهم.
    إن هؤلاء الدخلاء ليسوا سوى كإستكانات الرمادي مع (كل إحتراماتي لمدينة الرمادي العزيزة)، حينما كانوا يتراقصون ويتمايلون أمام القائد المغوار! في مناسبة وأخرى شاهرين الأعلام وأسلحة الكلاشنكوف العتيدة التي أكل الدهر عليها وشرب، وهم يهتفون بحياته مبايعين له الحكم طول العمر!، فهؤلاء لا يجيدون سوى الرقص بالأسلحة دون إستخدامها في القتال أو الحروب.   
    أتذكر جيداً بالأمس حينما كانوا يتبلغون بالحضور ويتجمعون في مطعم فندق بغداد قبل موعد المناسبة أو الحدث بأيام( للضرورات الأمنية!) وبعد تناولهم لطعام العشاء، يمسحون أفواههم وأياديهم بشراشف الطاولة بالرغم من وجود الفوط عليها!، ليتم من بعدها نقلهم بباصات خاصة الى جهة مجهولة ليتم تصويرهم وهم يبايعون طاغية الأمس! ويبايعون غيره اليوم! ليتم بث ذلك التسجيل على شاشة التلفاز وأمام الملايين من العراقيين يوم المناسبة، للتموية وكأن التجمع كان عفوياً ومباشراً!.
    في نظري إن الإعتماد على شيوخ العشائر ما هو إلا رهان خاسر، وأثبت فشله في الفترات التي سبقت وتلت الحرب الأخيرة على العراق. لقد آن الأوان لبناء عراق حر يرتكز على دعائم المدنية والديمقراطية، وليس على نظام العشائر والقبلية. الجميع يعلم إنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يحل نظام العشائر محل المدنية والنظام، لقد تأملنا خيراً بعد زوال نظام القائد الضرورة! بأن نرى عراقاً متقدماً خالياً من الجهل والقبلية، وأن يطبق القانون على الجميع بشكل متساوي، وأن لا يكون هناك من هو فوق القانون أو عائقاً لتنفيذه كما كان الحال سابقاً، إلا إنه للأسف الشديد الواقع أثبت عكس ذلك. إذ يلزمنا اليوم نحن العراقيين وقفة جادة وصريحة مع أنفسنا وأن ننتقد فيها ذاتنا ونراجع ونقيم أوضاعنا ونلم أوراقنا المبعثرة، وأن نكشف أوراق هؤلاء الذين يريدون العودة بنا مرة أخرى الى نظام العطوة والدية والفصل. نعم، نحتاج لوقفة جادة ننظر فيها الى المستقبل بمزيد من الأمل، فنحن العراقيين أكبر من يتولى على رؤوسنا وعقولنا أمثال هؤلاء، أو أن يحاولوا منعنا من التفكير. علينا أن نفهم الحياة المعاصرة وأن نشهد اليوم الذي تتكسر فيه تلك الإستكانات الرديئة الصنع والتي هي نسخة جديدة من إستكانات الرمادي! هؤلاء المتزمتين بعادات الجهل والتخلف. إذ لا يزال في قلوبنا عروقاً تنبض بالحياة وحباً للوطن والأمل. ولا حاجة لنا لأمثال هؤلاء الذين يستمدون قوتهم من عادات وتقاليد بالية لاتمت للمدنية بصلة.
   د. علاء كنـــه
سان دياكو/كاليفورنيا
www.alaakana.com


12
تمليك الأراضي... من ساجدة الى مجلس النواب

بقلم: د. علاء كنـــه
 
     إن ظاهرة إستغلال النفوذ والمنصب وخاصة في مجتمعاتنا العربية، ماهي إلا مشكلة تاريخية أزلية، وماهي إلا عبارة عن ممارسات سلبية مرتبطة بالسلوك والشخصية، توارثناها نحن العرب منذ زمن بعيد، بسبب تسترنا خلف القوانين والأنظمة وممارستنا للفساد الإداري والقانوني، وأحد أنواع ذلك الفساد هو التفنن في تفسير القوانين والتشريعات لتلائم المستغل أو المنتفع أو الفئات المتنفذة!، وتزداد هذه المشكلة سوءاً خاصةً إذا كان لمستغل النفوذ أو المنصب دور في سن القوانين وتشريعها.
    في تسعينيات القرن الماضي وقع نظري في أحد الأيام، وأنا أتصفح جريدة الوقائع العراقية على قرار صادر من مجلس قيادة الثورة الموقر! وكان نصه "بناءاً على ماتقتضيه الحاجة، تُملك السيدة ساجدة خيرالله طلفاح زوجة السيد الرئيس حفظه الله ورعاه ما مساحته(.....) هكتاراً من الأراضي المطلة على كورنيش الأعظمية والمحاذية لنهر دجلة وذلك لجهودها في إنجابها الليثين (عدي وقصي)"! وعلى الجهات المختصة تنفيذ هذا القرار!.
   لا أريد هنا أن أجزم بأن الملايين من العراقيين لم يسمعوا بذلك القرار الحكيم الذي كان في صالح الأمة، والذي صدر بناءاً على ماتقتضيه الحاجة! وأعتقد هنا إن تفسير هذا القرار كان واضحاً لا لبس فيه!، وكما يقال "العذر أقبح من الذنب"، حيث كانت جهود حرم الرئيس ونتائجها واضحة في رفد البلد بليثين طالت مغامراتهم كل أرجاء العراق، فبسببهما وبسبب ووالدهما الطائش وأقاربهما خسرنا البلد، وأصبحنا اليوم نطالب بالثلاثة (التقسيم، التهجير، الطائفية)!.
  للأسف اليوم وفي العراق الجديد تتكرر نفس تلك المأساة، حيث الجميع مشغولين بموضوع منح أعضاء مجلس البرلمان قطع أراضي مجاناً وفي مناطق مميزة من العاصمة بغداد! والقصد هنا واضح "تجارة رابحة لاشك فيها"! ناهيك عن الأمتيازات التي ينعم بها هؤلاء نتيجة تشريع القوانين التي تلائم مقاساتهم، أي بمعنى أخر فساد قانوني. لا أدري أين ضمير هؤلاء؟ وأي إيمان يملكون!!؟ ومن يعطيهم الحق في تملك أراضي هنا وهناك؟ لقد وصل جشعهم الى ذروته! وغطى على تفكيرهم! لابل تحولوا بمرور الزمن الى إقطاعيين، من خلال محاولاتهم القفز بالمظلات أو الطيران بالمناطيد! فوق الأنظمة والقوانين، وأصبح جل تفكيرهم هو زيادة ثراءهم السريع والمتزايد أصلاً وتضخيم ثرواتهم التي أضحى من الصعب إحصاءها.
   وتزامناً مع هذا الحدث الجلل! وفي خضم الفوضى التي تعم البلد اليوم بسبب إنتشار المحسوبية وإتساع دائرة نفوذ بعض المتسلطين والمنتفعين ومن الذين يحملون صفات وجينات القائد الضرورة! تم منح أحد أعضاء البرلمان البارزين قطعة أرض في موقع مميز وبسعر بخس. ولا أدري مدى صحة هذا الخبر من عدمه، وأود هنا أن أعرف ماذا قدم هذا النائب للعراق والعراقيين ليمنح هذا الامتياز؟. هل أنجب هو الأخر ليثاً للعراق؟ وهل كان هذا الليث أبيض اللون أم بنياً؟. في نظري أعتقد هو أفضل حالاً من حرم القائد الضرورة! فعلى الأقل قد دفع مبلغاً رمزياً من المال لقاء ما أستلم، على عكس حرم القائد المصون التي ورثت عن والدها (الحاج!) حب الأمتلاك والأستيلاء والسطو على أراضي الغير والذي (شفط ولفط) أغلب أراضي وبساتين المواطنين الشرفاء في بغداد والمحافظات، ومنطقة الدورة المسكينة وبساتينها في العاصمة بغداد خير مثال على ذلك.
    إن ظاهرة الإستيلاء على أملاك وقطع أراضي الغير ليست وليدة اليوم وماهي إلا جزء من ذلك الفساد الذي بدءهُ ذلك النظام ويكمل فصوله من يستلم زمام الأمور اليوم، ولم تكن تلك الممارسات الطائشة إلا أحدى مميزاته وإنجازاته، حيث كانت عملية الإستيلاء على الأراضي والممتلكات العامة والخاصة آنذاك سلعة رائجة وكانت تتم بالقوة وبحكم الموقع، كما كانت تمنح لغير مستحقيها وبالمجان أحياناً! وبدون أي إستحقاق قانوني أو ضوابط أو شروط، وإنما فقط لشراء الذمم وكسب ولاء الطاعة للنظام. كما كان من أبرز نتائجها زيادة ثراء البعض من أزلام القائد المنصور! وحاشيته، وماحدث مع العراقيين المُسفرين وغيرهم إثبات على ذلك. عندما أستولى ذلك الطاغية على دورهم وأراضيهم عنوةً ومنحها لأزلامه، في ظل غياب القانون حيث كانت الدولة نائمة في سبات عميق.
     كما سطر ذلك النظام أيضاً بهذا الخصوص أروع ملاحم البطولة والشرف ضد العدو! فبدلاً من منح تلك الأراضي لمن يستحقها من ذوي الشهادات والكفاءات والمتميزين والفقراء من أبناء البلد، كانت تمنح للكاوليات والراقصات عن طريق وزير الداخلية أو وكيله ومساعديه بلا حساب!، والطامة الكبرى كانت أغلب تلك الأراضي أيضاً في بغداد العاصمة، ولم تكن الفضيحة التي دوت العراق في وقتها للملقب بـــ(خورشيد...) إلا خير دليل على ذلك، حيث تم الكشف في وقتها عن منح المئات من قطع الأراضي السكنية للكاوليات والراقصات وذلك لجهودهم الجبارة في رفد الدوائر الأمنية بالمعلومات، وفي التنفيس!! عن أعضاء الحكومة والقيادة وعن رجال الدوائر الأمنية ومن في حكمهم.. حتى أضحت غالية ومها وملايين وغيرهم من أصحاب الكفاءات! والخلفيات العلمية! أسماء على علم في بلد العلم، وأصبحن ينافسن الإعلامية أوبرا!.
     في عراق اليوم تستخدم الطريقة العراقية القديمة الجديدة والغير موجودة في أغلب دول العالم بهذا الخصوص، حيث يرغب البعض بالثراء السريع على حساب العراقيين الشرفاء، والذين يعتصرهم الألم وهم يرون كيف تمنح تلك قطع الأراضي لعاصمتهم العزيزة لأشخاص لايعرفون أصلاً مدينة بغداد، ومدينة بغداد لا تعرفهم أيضاً. لقد آن الأوان لتصحيح هذا الخطأ ومن حق العراقيين أن يرفضوا ماتم من نهب وسطو ومحاسبة المقصرين بهذا الخصوص. فالعراقيون بطبيعتهم يحترمون كل من أشترى من حر ماله، ولكنهم لا يحترمون من تمادى وبسط ونهب ومن أدعى بحق غيره.
   وبغض النظر عن ممارسات الأمس واليوم والتي تكاد تنفرد بها حكوماتنا الرشيدة!، فانها بالتأكيد من الممارسات الخاطئة. والتي كيفما كان شكلها ونوعها يجب أن تتوقف وأن يتم وضع حداً لها، وأن يتم وضع التعليمات والضوابط لها وفق القوانين المرعية والسائدة وضرورة تطبيقها على الجميع بمساواة وعدل.
    إن إستغلال النفوذ والمنصب ماهو إلا أحدى المشكلات الرئيسية التي تواجه وتعرقل التنمية الإدارية والإقتصادية والإجتماعية لأي دولة، فليس كل شيء ملك للحاكم أو القائد، ويجب أن ينتهي هذا الموروث التعس والذي يعتبر سابقة في التلاعب في القوانين في عهد العراق الجديد، وحكومة عراق اليوم بحاجة الى الصدق والأمانة مع الشعب، فقد أنتهى زمن سرقة المال العام ونهب أراضي الغير، وعلى هيئة النزاهة والجهات الرقابية ذات العلاقة ومنظمات المجتمع المدني تشجيع المشاركة في جهود منع هذا النوع من الفساد ودراسة التدابير الوقائية للحد من تلك التصرفات والضرب بيد من حديد لكل متهاون ومتلاعب بالمال العام والخاص لحماية المجتمع، وتعزيز المشاركة في البناء والتنمية، وإستغلال تلك الأراضي بأسلوب حضاري من خلال وضع خطط ستراتيجية بالتعاون مع وزارة الأسكان ودوائرها لحل مشكلة السكن لملايين من العراقيين اليوم والذين دفعتهم الظروف أن يكونوا أدوات بيد ذلك الطاغية الذي أشغلهم طيلة عقود من الزمن في حروب كونية! فهؤلاء لاحول لهم ولا قوة، وهم عراقيون أباً عن جد ولا يريدون سوى ما يؤيهم ويثبت إنتماءهم في بلدهم.
د.علاء كنـــه
سان دياكو/كاليفورنيا
www.alaakana.com



13
جورج غالوي... و375 غرفة وغرفة

بقلم: د.علاء كنه
     يتفق معي الجميع على إن التخلف الموجود في بلداننا العربية ماهو إلا تخلف إداري بحت قبل كل شيء وعلى كل الأصعدة سواء على الصعيد الإقتصادي أو الإجتماعي لا بل حتى السياسي، ويمكن ملاحظة ذلك وبكل سهولة من خلال عمل مقارنة بسيطة بين البلدان المتطورة وحال أمتنا العتيدة!. والتي من أهم أسبابها هو عدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب.
   يتذكر جميع العراقيين كيف كان نظام الطاغية "وقائده الملهم" متسلطاً على رقاب الشعب وعلى مراكز السلطة في البلد حيث أبدع وتفنن وحاشيته في أسلوب تسلط الدولة وسوء إستخدام السلطة من خلال المركزية المفرطة وطغيان السلطة التنفيذية وتحكمها بكل مفاصل الدولة لسنوات طويلة، إضافة الى الدور الكبير الذي لعبه الحزب والدوائر الأمنية والمخابراتية للحصول على المنافع والغنائم وتغييب لمؤسسات الدولة، الذي كان له للأسف التأثير الكبير لما نراه في عراق اليوم بسبب تفشي تلك الثقافة.
    اليوم سأذكر العراقيين بحادثة أو بالأحرى مفارقة أليمة أخرى حدثت في عراق الرافدين لم يسمع بها أغلبهم، والتي قد لايصدقها البعض، ونادراً ماتحصل حتى في أكثر بلدان العالم تخلفاً، وقد نَسبت تلك الحادثة الى شخصية معروفة غنية على التعريف، لا بل أسم على علم، كونه كان طرفاً بها، فالجميع يعرف من هو "الرفيق" جورج غالوي، تلك الشخصية المثيرة للدجل، وصديق القائد الضرورة! الذي ليس له صديق!، ولست هنا بصدد سرد التاريخ النضالي لهذا الشخص، أو سرد تفاصيل فضيحة تبعات فصله من حزبه "حزب العمل البريطاني" نتيجة إتهامه في وقتها بالحصول على رشاوي ومكاسب مادية ضخمة من قبل الطاغية المنصور! عن طريق كوبونات النفط السيئة الصيت، نظير مواقفه المناهضة للعقوبات التي كانت مفروضة على العراق بعد حرب الخليج الثانية عام(1991)، والمقتطعة من أموال وخيرات العراق والعراقيين. ويعرف الجميع جيداً هذا الرجل المناصر للعرب وللقضايا العربية حاله حال غيره من السياسيين المنافقين الذين أستفادوا من العراق الحلوب بالأمس ويستفادون منه اليوم والذين ذبحوا شعبه من الوريد للوريد كجزء من رد الجميل له، وإيماناً من هذا الرجل بعدالة قضايا "القائد المنصور" الجهنمية! وخاصة بعد علمه بان نفط العراق اللزج جيد الطعم ويسيل له اللعاب، وتحديداً في عام (1999) قاد حملة مناصرة للقائد وللعراقيين! وكانت تلك الحملة عبارة عن رحلة "لحافلة نقل ركاب حمراء اللون" أو كما يسميها العراقيون" باص مصلحة" من مدينة لندن العريقة الى العراق عبر العديد من الدول، وكان عنوان رحلته (حملة دعم مريم)، وعلى الأقل كان أشرف من غيره من السياسيين العرب وقادتهم الذين كانوا يتفرجون على القائد المنصور أيامها وهو يذبح شعبهُ ويشدُ عليهم ضغط الحصار!. في وقتها وتحديداً قبل يومين من وصوله الى بغداد صدرت التعليمات وكالعادة! من القيادة وديوان الرئاسة عن طريق وزارة الخارجية الى إدارات خمسة فنادق من الدرجة الممتازة والأولى في بغداد العاصمة، بضرورة حجز (75) غرفة فندقية في كل فندق من الفنادق الخمسة يوم وصول الحافلة لإيواء غالوي وشلتهِ، مع وجبة غداء فاخر (بوفيه مفتوح) لهم. أي مامجموعه (375) غرفة فندقية، علماً بان جميع ركاب (باص المصلحة الموعود) لايتجاوز عددهم السبعون شخصاً!، ولا أدري ماذا كانت الحكمة من ذلك؟ وبالفعل قامت إدارات تلك الفنادق وبموجب التوجيهات الصادرة من الجهات العليا!! بإبلاغ بعض نزلاء تلك الفنادق بضرورة إخلاءها في اليوم الموعود لإستقبال الوفد المهم!. وأعتقد هنا بان مستشاري الطاغية المنصور! قد أوهموه بان "الرفيق غالوي" ربما سيقنع جميع أعضاء مجلس العموم البريطاني ويجلبهم معه الى بغداد في باص المصلحة! ربما؟ من يدري! أو ربما كانت تلك الفكرة مناورة للتمويه من الأجهزة المخابراتية للقائد الملهم! المشهود بحنكتها في هذه المجال!. مثلما يحدث في افلام (جيمس بوند الشهيرة)، وقد قلت في نفسي ربما سأرى وأخواني العراقيين لأول مرة أعضاء مجلس العموم البريطاني وهم يخرجون رؤوسهم من شبابيك الباص الأحمر! مبتسمين وملوحين لنا بشارة النصر!.
    وكالعادة بدأ الهمس بين إدارات تلك الفنادق لمعرفة المغزى من حجز ذلك العدد الكبير من الغرف في الفنادق الخمسة ومن الممكن أيواء الوفد! في فندق واحد؟ على الرغم من الجميع كان يعلم بأن وجهة غالوي وشلته الأخيرة ستكون هي فندق الرشيد" كالمعتاد!، وبالطبع كان الجواب: لا أحد يعلم السبب ولا أحد يتجرأ أن يسأل لمعرفة حل هذا اللغز العجيب؟ وحاول بعض المدراء المفوضين لتلك الفنادق المسكينة الإستفسار من رئيس القطاع المتمثل بالخبير السياحي العالمي الفذ رئيس هيئة السياحة آنذاك (الأستاذ عبد الكريم مكي)، الذي أجاب في وقتها مشكوراً: بأنه لايعلم أين سيتم تسكين الوفد، وعلينا تطبيق تعليمات ديوان الرئاسة. تصوروا رئيس قطاع هيئة السياحة في العراق لايعلم! تصورا كيف كانت تسير الأمور في العراق الى أي درجة من التنظيم! وبيد من؟ وكيف كانت تسير الأمور!.
في اليوم المحدد وبينما كانت كل الفنادق مشغولة بالحدث العظيم والإستعداد لإستقبال غالوي الذي سيكسر الحصار! وسيعيد العراق الى أمجاد الخلافة العباسية! حيث الغرف الفندقية جاهزة وكذلك بوفيه الطعام الساخن! بانتظار الفرج بوصول باص المصلحة!، لم يحضر لا غالوي ولا أحد من شلته والساعة كانت قد قاربت السادسة عصراً. فبدأت حالة من الإرباك والفوضى تعم إدارات الفنادق حيث كان كل منها يتوقع بأنه هو الذي سيستقبل الوفد، وبدأت تلك الفنادق بإجراء الإتصالات مع وزارة الخارجية لتبيان ماهية الأمر، والذين أكدوا بأن الوفد سيصل ولكن لا أحد يعرف متى وعلى الفنادق وإداراتها وكادرها "والبوفيه" الأنتظار...!.
المهم لا أريد أن أطيل عليكم بقيت تلك الفنادق الخمسة بالإنذار وفي نفس الوقت كانت أيضاً الإتصالات فيما بين ادارات الفنادق (عينة الدراسة!) مستمرة لمعرفة من هو سعيد الحظ باستقبال الباص؟ وأخيراً وفي تمام الساعة العاشرة ليلاً، أتصل أحد مدراء الفنادق وليست وزارة الخارجية! ليبلغ بقية الفنادق بالخبر المشؤوم وهو أن غالوي قد وصل بشحمهِ ولحمهِ مع شلتهِ وهم مقيمون في فندق الرشيد وفي (35) غرفة فقط. بدأت إدارات الفنادق بعد إستلامها الخبر بالأتصال بوزارة الخارجية، لمعرفة الخطوة التالية من حيث الغرف الجاهزة والطعام وكادر العمل، وبالطبع لم يكن هناك سوى الموظفين الخفر في الوزارة والذين أكدوا بأنهم لايعلمون أي شيء عن الموضوع وعليهم الأنتظار حتى الصباح والأتصال بالوزارة.
بموجب العرف السياحي والفندقي فانه يتوجب أن تقيد تلك النفقات على حساب الجهة الطالبة لها ألا وهي وزارة الخارجية، وبالفعل تم تقييد حساب الغرف والطعام لحساب وزارة الخارجية من قبل إدارات تلك الفنادق الخمسة بموجب قوائم حساب رسمية صادرة من قبل إداراتها، ولكن سرعان ماأعترضت الوزارة على تلك القوائم لتطفو على السطح مشكلة جديدة بين إدارات تلك الفنادق ووزارة الخارجية، وليبدأ المارثون بينهما مابين مد وجزر لفترة دامت أكثر من ستة أشهر تمت بعدها موافقة الوزارة على مضض! على دفع قيمة "نصف" فاتورة تلك المصاريف لتتحمل الفنادق "نصف" الخسارة! علماً بان تلك الفنادق لم تكن مملوكة للدولة في حينها وإنما كانت قطاعاً مختلطاً أي أن للدولة حصة فيها من الأسهم وكذلك المساهمين، وبالفعل تم بعدها تقييد تلك الخسائر على إنها ديون معدومة!!.
     بالرغم من كل الجهود التي بذلت لهذه العملية الجبارة والتي شهدت دقة في التنظيم والإعداد والترتيب، لابد لنا أن نشيد بجهود "الرفيق غالوي" التي بذلها آنذاك في رفع العقوبات عن العراق وشعبه!!! وبهذا الإنجاز والعمل الوطني الكبير. وأن نوجه جزيل شكرنا وتقديرنا لجميع من حاول فك هذا اللغز العجيب من سياسيين وعرافين ورجال أمن!.
     كان هذا نموذجاً أخر لمؤسسات ووزارات حكومية فاشلة كانت السبب الرئيسي في دمار العراق وخرابه، تصوروا بلداً بمثل العراق أمتلكه نظام فاشي من شماله الى جنوبه، مع خزينة تقدر بملايين الدولارات تم تحويلها الى القصر الجمهوري لأكثر من خمسة وثلاثون سنة أنهاها النظام وبنجاح كبير! في تدمير العراق وبنيته التحتية، ومن ثم كانت الخطوة التالية زجه في أتون حرب طائفية يأن منها للأسف الى يومنا هذا. 
    إن الحصاد المر لمثل هذه الحالات وأشكالها لم يؤدي الى سوى الى إهتزاز ثقة المواطنين بالدولة ومؤسساتها وضعف شعورهم بالإخلاص والمسؤولية ونزوع روح الوطنية لديهم، وبالتالي قيام أبناء البلد أنفسهم بسرقة أموال الدولة، وفضائح اليوم التي تزكم الأنوف ماهي إلا خير دليل على ذلك.
    إن التحدي الحقيقي لحكومة عراق اليوم ليس في إدارة البلاد فقط ولكن عليها الدور الكبير في أعادة الثقة بدور الدولة من خلال مراقبة المواطنين للحكومة وأدائها، والتأكد من أن ثروات وأموال وموارد الدولة تستثمر بالشكل الصحيح والبناء لصالح البلد وشعبه، بدلاً من تحويلها الى حسابات خاصة بالحكومة أو وزرائها أو مسؤوليها وأسرهم وزوجاتهم؟؟ فهم راحلون لا محالة حالهم حال من سبقهم، والشعب العراقي اليوم من حقه العيش بعز وكرامة وحرية بعد سنوات من الإستبداد والتسلط، وكذلك إستغلال تلك الثروات لإعادة بناء مادمره ذلك النظام وحزبه العبثي! عفواً (البعثي) للأنسان وللأقتصاد العراقي.
     ولبناء ألية جديدة لعمل الحكومة اليوم يجب إشراك كل دوائر الدولة ومؤسساتها وتمكينها من الحصول على كل البيانات والمعلومات التي تكشف الممارسات الغير مسؤولة للسلطة وبمساعدة الدعم الجماهيري لغرض إماطة اللثام عن إرتكابات المسؤولين والسلطة الفاسدة، وأعادة بناء مفاصل الدولة بالشكل السليم الصحيح ووضع العراق على سكة الطريق السليم.
د.علاء كنه
سان دياكو/ كاليفورنيا
www.alaakana.com

14
خلف الدليمي ... وصدّامه في القمر

بقلم: د. علاء كنــه

بعد الأحداث المتسارعة التي عَصفت بالبلدان العربية، والتي بدأت تتمايل مع الريح في سبيل الحرية... قررتُ وبسرعة أن أجمع ما أملك من مدخرات وأن أشتري تلسكوب من النوع الجيد، وأن أضعه في شرفة شقتي، وأبدأ بمراقبة النجوم والكواكب والمجرات الشمسية يومياً علا وعسى أن أحظى برؤية وجه أحد الرؤساء أو الملوك العرب من الذين لفظتهم شعوبهم على أحد تلك الكواكب أو ربما على الشمس، وأن أخترع نظرية جديدة كالتي أخترعها المحامي خلف الدليمي (وأهل الأنبار منه براء) وأحظى بالشهرة التي حظي بها ذلك المحامي المغمور الغني عن التعريف، والذي يعتبر بحق نموذجاً وصل صيته الى القمر، حينما أراد أن يرتقي سلم الشهرة من أقصر طريق عندما حاول أن يضحك على الطيبين والأميين البسطاء (وما أكثرهم في العراق والدول العربية) من خلال توجهاته وطروحاته البالية عندما إبتكر نظريته الشهيرة (صدام...والقمر!!)، والتي أصبح من خلالها مثالاً للسخرية والدجل، حين تجاوزت إمكانياته حدود مهنة المحاماة الشريفة وأراد من خلالها أن يوهمهم بأن صورة القائد الضرورة! ظهرت على وجه القمر بالرغم من أنه لم يكن بدراً في وقتها؟، والذي فات ذلك الدجال أنه على مر التاريخ لم تظهر صورة أي نبي من الأنبياء على القمر عند وفاته؟ ولا أدري ماذا كانت غايته من إختراع تلك النظرية العبقرية؟ ربما أراد بها أن يزاحم العالم (جاليلو)؟ ربما!، ومن حسن حظ (جاليلو) أنه توفي قبل أن يسمع بنظرية الدليمي، لكان قد إنتحر من أمامه، وكان من الأجدر إتهام الدليمي بالهرطقة والزندقة وليس ذلك العالم المسكين.   
تذكرت لقاء ذلك المغمور مع أحدى الفضائيات في وقتها بهذا الصدد عندما قال أن العراقيين أستقبلوا خبر ظهور صورة الطاغية المنصور! على القمر بالفرح والزغاريد وإطلاق العيارات النارية، وإن الأمريكان أتصلوا به قبل العراقيين ليؤكدوا الخبر، وقد أستغليت وجودي في الولايات المتحدة الأمريكية لأتصل بوكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) لأتحقق من صحة الخبر الذي أورده الدليمي من عدمهِ، وتبين لي بعد إتصالي بهم أنهم لايعلموا أي شيء عن هذا الموضوع، وأنهم قد قرروا أن يستعينوا بخدماته عند هبوطهم على القمر عام(2013) لخبرته في مجال الفضاء!، وحسب ماعلمت أيضاً لخبرة الدليمي المهنية العالية الفذة وباعهُ الطويل في مجال المحاماة فإن الولايات المتحدة الأمريكية بصدد التعاقد معه بشأن حل مشكلة ديونها المتراكمة مع الصين واليابان، إلا إن الإختلاف على أجوره هي أحدى أهم العقبات التي تحيل دون ذلك!. 
برأي الشخصي أن القائد الضرورة! قد خسر القضية بسبب ذكاء ذلك المحامي الذي يستحق أن يطلق عليه وبجداره (مسيلمة الكذاب)، وهو من أوصله الى حبل المشنقة وليس غيره، ولا أدري لماذا تذكرته وخاصة عند تصفحي لبعض المواقع الإلكترونية في اليمن السعيد لمتابعة أخر المستجدات على الساحة اليمنية، وحسب علمي أنه يقيم هناك مع شلة كبيرة من رفاقه المنافقين...عفواً "المناضلين"!، ولا أعلم ماهي أخر أخباره بعد أحداث اليمن الأخيرة، وياترى ماذا سيعلن لليمنيين هذه المرة، هل سيعلن عن ظهور صورة علي عبدالله صالح على كوكب المشتري؟ أم أنه يفكر حالياً في بدعة جديدة عسى أن تنطلي على الأخوة في اليمن.
 إن هذا المغمور قد أضاف فشلاً أخر الى رصيده السئ من خلال إصداره لكتابه المشؤوم عن الأيام الأخيرة لطاغيته والذي لاقى فشلاً ذريعاً نتيجة كثرة الأكاذيب والإفتراءات التي يحويها ذلك الكتاب، وأشك بأنه قد أدمن "القات" في الفترة الماضية ووصل الى حد الجنون والهلوسة بحب طاغيته، وكما يقال " فالعبد لايحب إلا جلادهُ ".
إن أمثال هؤلاء الرفاق المنافقين الذين يتباكون على القائد "الضرورة" اليوم والذين حتى لم يكلفوا نفسهم عناء الدفاع عنه وعن البلد عند دخول المحتل! لا بل كانوا وأقاربه أول الغادرين بالعراق وبه وبأولاده وليس غيرهم. هؤلاء الجبناء بسبب مصالحهم الإنتهازية قرروا الفرار كالغزال ولجأوا الى تلك الدول حماية لمصالحهم وإنتهازيتهم. لقد رحلَ الطاغية الذي كان يعدم من يشاء ويعتقل ويسجن من يشاء ومتى ماشاء من أبرياء الشعب المقهور وبدم بارد، وأفخر أنواع السيكار الكوبي المصنوع خصيصاً له، لايفارق شفتيه والبسمة العريضة على وجهه، ولازالوا هم مهووسيين به ويتاجرون بقضيته في سبيل الشهرة.
إن لبعض هؤلاء الأشرار والمتواجدين في بلدان الجوار من الذين تلوثت وتلطخت أياديهم بدماء العراقيين الأبرياء، لليوم مواقع الكترونية تصدح كالأبواق تمجيداً للقائد المنصور وإنجازاته، وتبث سمومها من هناك وعبر الآف الأميال، ومن يدري قد يسهم البعض الأخر منهم في دعم "المجاهدين الشرفاء" لقتل المزيد من العراقيين الأبرياء في عراقنا الحبيب والذين لاذنب لهم سوى الرغبة في العيش بسلام..!، وإنهم سيتحولون بالتأكيد وبمرور الزمن الى رجالاً أوفياء لتلك الدول وسينفذون أجندتها في بلدنا العزيز مثلما يحدث اليوم حيث يقوم من سبقوهم بهذا الدور من الذين باعوا الوطن من أجل المال، وفتحوا الباب على مصراعيه لقتل مواطنينا، كجزء من رد الجميل لتلك الأنظمة جراء (الخبز والزاد!).   
أما المتواجدين في اليمن السعيد خاصة وبموافقة النظام اليمني، فبقاؤهم هناك ماهو إلا رد الجميل من صالح وأعوانه لنظام الطاغية المنصور! فهما وجهان لعملة واحدة، ولطبيعة العلاقات الحميمة التي كانت تربطه بالعراق، ويتذكر جميع العرب الشرفاء موقف الرئيس صالح ونائبه عندما وقفا حينها الى جانب القائد الضرورة! وبارك النظام اليمني التدخل العراقي في الكويت، ذلك الموقف اللئيم الذي كلف الشعب اليمني واليمنيين المتواجدين في الخليج والسعودية الكثير.
نصيحة لهؤلاء الرفاق بأن يستمروا على مضغ وخزن "القات" في أفواههم جيداً، فهو أرحم لهم علا وعسى أن ينسوا طاغيتهم وحكمهم التليد الذي ولى الى غير رجعة... وإن الشمس لاتشرق من الغرب! والله أعلم أين ستكون وجهتهم الأخيرة بعد أن يستعيد اليمن وشعبه الأبي عافيته.
وفي نفس الوقت فإن عراق اليوم ليس بحاجة الى مزيد من المهاترات والمشاحنات التي تمزق أوصاله وأوصال شعبهِ، ولايمكن العبث أكثر بهذا الوطن المنكوب، فلم يعد الوطن والمواطن يحتملان المزيد من الأزمات والقتل، فالعراق بحاجة الى توحيد الصفوف وتكاتف الإيادي بعيداً عن الدخول في صراعات من أجل الظفر بكرسي الحكم، فسياسة إقصاء الشركاء لن تجدي نفعاً ولن تزيد الأمور إلا سوءاً، وهو بحاجة الى مساعدة جميع الشرفاء في سبيل إعادة بناءه على أسس صحيحة بعيدة كل البعد عن المساومة والمتاجرة، وزرع بذرة الحب والأخلاص والوطنية بأهله، وأن تعود المياه الى مجاريها مرة ثانية، ولتخرس والى الأبد جميع الأبواق أينما وجدت والتي تتحرك بأجندات خارجية مشبوهة والتي تنادي وتدعو للفُرقة والطائفية بين أبناء البلد الواحد فهي لن تخدم سوى المنتفعين والمتاجرين بدم هذا الشعب المسكين.   
د. علاء كنــه
سان دياكو/ كاليفورنيا
www.alaakana.com


15
نعش السياحة... وإحيائها مرة ثانية
 
بقلم: د. علاء كنه

الكثير من العراقيين يتصورون أن أولى بوادر تدمير العراق بدأت بعد فترة هروب البطل المهندس الفريق الركن الدكتور العلامة الجبار حسين كامل خارج العراق، وماتلا تلك الفترة من كشف لأسرار العراق العسكرية والإستراتيجية، والتي كان لتلك المعلومات اليد الطولى في تدمير العراق وإقتصاده. ولكني أقول إن أولى بوادر ضعف العراق وتحطم إقتصاده وصناعته بدأت فعلياً عندما بدأ يسيطر على قطاعات الدولة الحيوية ويتربع على عرشها أشخاص أميون منافقون لا ناقة لهم فيها ولا جمل في كيفية بناء دولة! وتجلى ذلك بشكل واضح وخاصة عند البدء بنظرية إلغاء الوزارات وشطبها مع كوادرها في ظرف لحظات وبدون دراسات جدوى مسبقة. 
وهنا أقول للتاريخ بإننا قد ظلمنا ذلك المسكين المهندس الفريق الركن الذي لم يكمل الإبتدائية عندما أقدم على إلغاءه أهم وزارة إلا وهي وزارة التخطيط بعد مشاجره مع وزيرها السابق، وأن هناك الكثير من المنافقين الأبطال غيره من الذين سبقوه بإختراع تلك النظرية الفذة! ومن الذين أسهموا وبشكل فعال في تحجيم العراق والتقليل من شأنه وتدمير أركان إقتصاده، واليوم سأذكر أبناء بلدي بنموذج آخر من الذين تركوا بصمة واضحة في تدمير العراق وإقتصاده. الجميع يعلم بأن قطاع السياحة في العراق هو من أهم القطاعات المهمة والتي شملها التدمير، حيث بلد يزخر بأكثر من 15000 موقع أثري تحلم الكثير من البلدان أن يكون لها مثل هذا الكم الهائل والخزين من الأثار لحضارات والتي يمتد عمرها لأكثر من سبعة الآف سنة يكفي أن يضعه في مصاف دول العالم سياحياً، والتي من الممكن أن تصبح المورد الثاني والثروة الثانية له بعد النفط مستقبلاً، ويكفي العراق فخراً إنه يحتضن مدينة أور الأثرية العريقة موطن نبي الله إبراهيم الخليل "عليه السلام"، والتي رغب بابا الفاتيكان (يوحنا بولص الثاني) بزيارتها في منتصف التسعينيات، ولكن للأسف تلك الزيارة لم تحدث بسبب أن القيادة الحكيمة وعلى رأسها القائد الضرورة ومنافقيه..عفواً أقصد (مستشاريه!) في وقتها أرادوا إستغلال تلك الزيارة لأسباب سياسية، ولو حدثت تلك الزيارة في وقتها لكان نصف سكان الكرة الأرضية اليوم يعرف مدينة الناصرية العريقة. 
مع كل إحتراماتي للخبرات والكفاءات والمثقفين من العراقيين الشرفاء، ومن المؤلم حقاً إن العراق كان قد إبتلى في عهد القائد المنصور! بكفاءات وخبرات لامثيل لها في عالم اليوم، وأحدى تلك الخبرات الفريدة أولئك الذين تربعوا على عرش هذا القطاع المسكين، ولايستغرب البعض مما أكتبه فتارةً يترأسه شخص من دائرة التصنيع العسكري وتارة يترأسه قائد عسكري كما حدث عندما ترأسهُ الفريق محمد عبد القادرعبد الرحمن، وتارة يرأسه ذلك الرفيق الجاهل عبد الكريم مكي الذي لايجيد سوى ملاحقة موظفات هيئة السياحة وقضاء يومه بلعب البليارد في جزيرة بغداد السياحية، والطرب على رقص الكاوليات، والذي لاعلاقة له لا من قريب ولا من بعيد بهذا القطاع، وعلى الأقل هو أهون حالاً من الذي سبقه والذي كان عسكرياً! وهلم جرا غيرهم من الذين تناوبوا على إدارة هذا القطاع المهم...إلا ان أكثرهم خبرة ونباهة في العمل السياحي كان الرفيق المدعو (خالد طبرة) الذي كان رئيساً للمؤسسة العامة للسياحة في ثمانييات القرن الماضي، والذي شاع صيته آنذاك بــ(خالد أبو طبر)، "وجميع العراقيين يعرفون جيداً ذلك السفاح القاتل (أبو طبر) وقصته الشهيرة التي أرقت لياليهم في سبعينيات القرن الماضي". ذلك الرفيق الذي طبر وقصم ظهر المؤسسة العامة للسياحة ولم تعد لها قائمة من ذلك اليوم وهو الذي دق المسمار الأخير في نعشها ومنحها وبكل جدارة شهادة الوفاة، ذلك العبقري الفذ الذي دفعه حسه الوطني العالي والمرهف أن يسطر أروع ملاحم النفاق والدجل عندما قابل القائد المنصور في عام 1987 ومن على شاشات التلفاز، ليقترح له إلغاء المؤسسة العامة للسياحة، ياسلام شوفوا الوطنية العالية! يقترح لسيادته! إلغاء المؤسسة التي يرأسها هو تطبيقاً للمقولة الشهيرة (البعثي..أول من يضحي وآخر من يستفيد!). تلك المؤسسة المسكينة ذات الباع الطويل والمشرق للعراق والعراقيين، والتي أسست بقانون في عام 1977، والتي أنفقت عليها الدولة ملايين الدولارات من بناء عمراني وملاكات سياحية مهنية كانت السباقة في دول المنطقة. وبالفعل أتخذ القائد المنصور! قراره التاريخي في نفس اللحظة بالغاءه تلك المؤسسة بموجب قرار مجلس قيادة الثورة المشؤوم المرقم(410) والصادر في العاشر من شهر حزيران من عام 1987، وإستحداث مديرية السياحة العامة بدلاً عنها تمهيداً لتصفيتها وإلغائها بعد سنة، وتشكلت في وقتها لجنة خاصة (لتفليشها!) وتشريد ملاكاتها، لانه كما يعلم الجميع كانت قرارات القائد المنصور! فورية ولا تتحمل النقاش والتأخير وبنفس الوقت تاريخية!، وكما قال سيادته في أحدى إجتماعاته مع الرعية بأن (القانون هو شخطة قلم، بيدنا نُخطه وبيدنا نُشطبه).
 بعد جهد جهيد علمت من بعض الأصدقاء المقربين إن المدعو خالد (أبو طبر!) يقبع اليوم في أحدى دول الجوار مزاولاً منها مهنة الصيرفة ومنذ سنين، متنعماً بتحويل الأموال والدولار الأخضر ما بين العراق ودول العالم ممارساً بذلك مهنة السياحة مرة ثانية من باب الصيرفة!! بعد أن كانت مزاولة تلك المهنة في عهد الطاغية من المحرمات الأولى على العراقيين وكان يعاقب على من يزاولها بقطع الأرقاب والأيادي... مستحقاً ذلك الرفيق أن يطلق عليه وبشرف مقولة (البعثي أول من يستفيد... وآخر من يضحي).
إن السياسات الحكومية اليوم في مجال السياحة لاترقى لمستوى الطموح ولا يمكن من خلالها تسويق المنتوج السياحي بشكله المطلوب نظراً الى الهشاشة التي يعاني منها هذا القطاع على مستوى البنى التحتية وعدد المرافق السياحية وكيفية توزيعها الغير متناسب على محافظات القطر وخاصة الجاذبة للسياح منها، وعلى الحكومة متمثلة بقطاع السياحة التوجه نحو سياسات ترقى نحو السياحة العالمية، تلك السياسات التي تفرض علينا المواكبة مع التطور الحاصل عالمياً من خلال خلق والأستثمار في مشاريع سياحية تنموية وبناء إقتصاد قوي بحكم إن بقية الصناعات هي صناعات داعمة للقطاع السياحي، محاولين بذلك إنعاش ذلك القطاع مرة ثانية والبدء بإعداد الكوادر المهنية اللازمة له وتأهيل الموجودة منها داخل القطر مرة ثانية لتتناسب مع المعايير السياحية والفندقية العالمية الحديثة، والتحضير لإعداد المهرجانات والإحتفالات في المواقع الأثرية والتاريخية مع إطلاق حملة أعلامية للتعريف بالعراق وحضارته داخل العراق وخارجه. كما إن فكرة إعادة تأهيل مدينة أور الأثرية في هذا الوقت بالذات ودعمها بكل المستلزمات الضرورية التي يحتاجها السائح المحلي والأجنبي ماهي إلا أحدى تلك الفرص الأستثمارية المهمة التي من شأنها التعريف بالعراق محلياً وعالمياً، والتهئية لدعوة بابا الفاتيكان لزيارتها سيكون لها الوقع الكبير على العراق والعراقيين والعالم من الناحية السياسية والدينية، والتي ستعتبر بمثابة حدث روحي وإنساني وله أبعاد تاريخية كبيرة، وبنفس الوقت بادرة سلام ينتظره هذا الشرق الذي يتمايل في ظل ربيع قررت شعوبه أن تعيش بحرية وكرامة في ظل نظام عادل يحفظ حقوق الجميع على مبدأ المساواة والمحبة والإحترام المتبادل.
علاء كنه
سان دياكو/ كاليفورنيا
www.alaakana.com

16
ممارسات تربوية شاذة ... "كاد المعلم أن يكون رسولا"

بقلم: د. علاء كنه

نعم صحيح إن تربية الطفل تقع بالمقام الأول وبشكل رئيسي على الأسرة، ولكن هناك أيضاً أموراً أخرى مشتركة وهي أن للدولة أيضاً الدور المهم في توفير الرعاية والحماية له بموجب القوانين والأنظمة، وإنتهاءاً بالمدرسة كذلك والمتمثلة بالمعلمين والتربويين والذين يعتبرون معنيين به ومسؤولين مسؤولية مباشرة عنه.
وبموجب قوانين حقوق الطفل فإن للطفل الحق في أن ينعم بطفولة سعيدة تتوفر بها كل وسائل الأمن والطمأنينة بعيدة كل البعد عن العنف والإبتزاز والإستغلال بانواعه المختلفة، وخير دليل على ذلك في بلدان "الكفار" حيث للطفل الحق في الإتصال بدوائر الشرطة في حال إقدام تعرضه الى إيذاء جسدي أو ماشابه من قبل أحد أفراد أسرته، أي تمنح له الحماية بموجب القانون. إن الإتفاقية العالمية لحقوق الطفل ومنظمة اليونيسيف ماهي إلا أدلة واضحة على أهمية الطفل والسعي الى حماية حقوقهم وزيادة الفرص المتاحة لبلوغ الحد الأقصى من مهاراتهم وقدراتهم. ولاأدري لماذا الإطفال في الدول العربية عامة وفي العراق خاصة ليسوا مثل بقية أطفال بني البشر، مع العلم أن أمتنا هي الوحيدة التي تنادي وتولول ليل نهار بانها خير أمة.
إن المدرسة ماهي إلا وسيلة تربوية يتم فيها تربية النشء الصالح ليكونوا عماد المستقبل، ولاينكر أحد الدور المهم للمعلمين والكادر التدريسي فيها ومكانتهم في إتاحة فرصة جيدة للطلبة وخصوصاً الأطفال لمساعدتهم للتعرف على حقوقهم، وإرساء قواعد الإحترام سواء للوالدين أو للمعلمين والمحافظة عليها. وبنفس الوقت يعتبر المعلمون مثالاً يحتذى به في إحترام كرامة وقدرات الأطفال.
وفي مدارس الغرب "الكافر"! تسعى إدارات المدارس وبشكل كبير في إشراك أولياء أمور الأطفال وبعض من عينة أفراد المجتمع وتشكيل مجالس دورية منتخبة من أجل تعزيز حقوق الأطفال وتطوير قدراتهم، وتشجيعهم على إجراء الحوار حول قضاياهم ومشاكلهم، وتشجيعهم على التعبير عن وجهات نظرهم وأرائهم من خلال خلق منبر خاص بهم. 
الذي أثار حفيظتي وجعلني أكتب هذا المقال هو قرائتي لخبر غريب من نوعه أثناء تصفحي لأكثر من موقع إلكتروني وهو بخصوص حادثة وفاة أو بالأحرى حادثة قتل لأحد الطلبة في أحدى المدارس الإبتدائية في مدينة العمارة جنوب العراق، والقتل هذه المرة لم يكن على الهوية أو بقنبلة مفخخة أو على يد قناص والتي هي من الطرق المألوفة والمحببة! لقتل العراقيين والتي إعتادوا عليها على أيادي "المجاهدين الشرفاء"! حتى بعد رحيل المحتل وطردهِ شر طرده! وإنما كانت هذه المرة على يد معلمة! نعم معلمة الطالب نفسه، وقد يستغرب البعض وخاصة الذين لم يسمعوا بتلك الحادثة المشؤومة والتي في نظري لا أعتبرها سوى أحدى رواسب وتبعية الماضي وتَركته اللعينة، تلك التَركة الثقيلة التي عصفت بالتعليم كالأعصار وأردته قتيلاً، وخاصة أبان فترة الحروب والحصار، تلك التَركة التي كانت تمنح للبعض الحق في التمادي في القوة والتسلط عندما كان المعلم الحزبي يمارس السلطة المستبدة والعنف المفرط ضد طلابه. وتتلخص عملية القتل هذه عندما قامت إحدى المعلمات بمعاقبة ذلك الطالب وذلك بحبسه حبساً إنفرادياً! ولكن أين؟ تصوروا.. في المرافق الصحية للمدرسة، نعم (المرافق الصحية)، والمرافق الصحية في أغلب المدارس العراقية بمختلف مراحلها لا بل حتى الموجودة في بعض الجامعات هي غنية عن التعريف ويتفق معي الغالبية بانها لاتليق بالبشر لا بل لاتصلح حتى لإستعمال الحيوانات، وأتذكر جيداً عندما كنا طلاباً كيف كُنا نتفادى حتى بالمرور من قربها لقذارتها والروائح التي تنبعث منها، والجميع يعرف ماأقصد، ووقع الحظ العاثر لذلك الطالب المسكين مع تلك المعلمة البائسة والتي لاتصلح أن تكون مربية وإنما تصلح أن تشغل وظيفة ضابط أمن في إحدى الدوائر الأمنية في عهد القائد الضرورة!.
والطامة الكبرى هنا هو إن تلك المعلمة (المسطولة) فاتها أن تحرر ذلك المسكين من حبسه الإنفرادي عند إنتهاء الدوام الرسمي للمدرسة، كما هو معمول به في ميثاق حقوق الطفل!! وذهبت تلك المتعوسة للبيت لتتابع حلقة جديدة من حلقات المسلسل المكسيكي أو ربما مسلسل مهند ونور!، لتتذكر في منتصف الليل إنها قد نسيت ذلك المسكين في سجنه الهادئ، لتسرع لتتصل هاتفياً بالسيد مدير المدرسة المبجل والذي يحتفظ بخيرة الكوادر التدريسية في مدرسته! ليهرع في منتصف الليل الى المدرسة ليفتح باب المدرسة ويتوجه مباشرة الى غرفة العمليات!(المرافق الصحية) ليرى الفاجعة! وهي إن الطالب قد فارق الحياة من جراء إستنشاقه لأنواع الروائح العَطرة لمرافق ربما لم يقم أحد بتنظيفها لسنوات. والأتعس من ذلك هو إنتهاء تلك الفاجعة بمصيبة أخرى وهي حدوث مواجهة دموية بين عشيرة الطرفين، بين عشيرة أهل الطالب المسكين وأهل المعلمة البائسة لتنتهي بمقتل ثلاثة أشخاص من الطرفين وتهريب المعلمة الفاضلة! ذات الخبرة الفريدة الى جهة مجهولة خوفاً من الثأر للطفل.
وإذا كان الخبر صحيحاً فان ذلك يعني بحق كارثة جديدة تلحق بالمؤسسة التعليمية في العراق وتدني مستواها المهني، حيث لم يدر في خلدي أن هناك في عراق اليوم وبعد زوال ذلك النظام وأزلامه من الكوادر التعليمية والتدريسية بهذا القدر من الجهل، خاصة بعد ما سمعت بحصول الكثير منهم على كثير من الإمتيازات والمكأفات بعد سقوط النظام بعد أن كانوا يعانون شظف العيش جراء وضعهم المعاشي المزري. كما لا أنكر أن المعلمين كتربويين يعانون الكثير من مهنتهم بالتعامل مع أنواع من الطلبة وإن عدم القدرة على السيطرة على سلوكيات البعض منهم في الصف يؤدي الى وقوع البعض من التربويين والتدريسيين في أخطاء ومكبات عديدة، وقد يضطر البعض منهم كما هو معهود في أغلب مدارسنا في الدول العربية ولحد يومنا هذا الى إستخدام طرق إبداعية متنوعة تتفاوت مابين الضرب بالعصي أو الصراخ لتصل أحياناً الى حد الشتم وتوجيه الإهانات، لا بل في بعض الأحيان الى التشابك بالأيادي، للمحاولة للسيطرة على زمام الأمور في الصف وإرجاع هيبة المعلم أمام الطلبة، لكن من المستحيل أن تصل العقوبة بحق طفل الى هذا الحد من القسوة.
إن تلك الطرق وغيرها لا تؤدي سوى الى الإضرار بالعملية التربوية والتعليمية، وماهي إلا نتيجة لضعف المعلم، وضعف المتابعة الميدانية والأشراف التربوي، وإن تلك الأساليب البالية ماهي إلا عاهة في مجتمعاتنا العربية لا بل جرائم تمارس بحق الطلبة وخاصة الأطفال منهم ولاتقل عن مايقوم به مجرمي القاعدة وأمثالهم عندما كانوا يقومون بتجنيد الأطفال لتنفيذ جرائمهم، وكما يقال أن "أول السل زكام"، فاذا كان المربين بهذا المستوى ويتم حل مشاكل الطلبة بهذه الأساليب فماذا تتوقع من الجيل الذي يتربى على أيديهم، فالمعلم الناجح والكفوء هو من يفرض شخصيته وإحترام الطلاب له بدون إستخدام تلك الأساليب، ومن أجل الحد منها فمن الضروري تظافر الجهود لكل من الدولة والمدرسة والأسرة من خلال إسهام جميع الجهات في المجتمع من مؤسسات حكومية وخاصة، أكاديمية وتعليمية، إضافة الى منظمات المجتمع المدني، وأن يكون لوزارة التربية الدور الفعال في خلق وحدات ومراكز تدريبية لتدريب وتأهيل المعلمين لتحسين مهاراتهم في المحافظة على إدارة الصف وكيفية التعامل الأمثل مع الطلبة، وإشراكهم في دورات مكثفة لتوعيتهم وتثقيفهم بخصوص حقوق الطفل، ودورهم المهم في تنشئة جيل جديد في ظل عراق ديموقراطي جديد، وكذلك يجب أن لاننسى أهمية تطوير البرامج الإرشادية وتوفير كل الدعم والإمكانيات والطاقات للمرشدين التربويين للقيام بدورهم الفعال من خلال الدورات التفتيشية للمدارس وبشكل دوري لغرض متابعة سير العملية التربوية والتعليمية فيها على حد سواء.
د.علاء كنه
سان دياكو/كاليفورنيا




17
السلفيين ... وإعدام الكحول

بقلم د. علاء كنه
     على مر العصور والتاريخ كانت عقوبة الإعدام من العقوبات السيئة الصيت والمقيتة، والوسيلة المفضلة للسلاطين والملوك والدول والأنظمة المستبدة والطغاة الدكتاتوريين على حد سواء للتخلص من المجرمين والقتلة والمعارضين السياسيين في آن واحد، ولطالما كانت هذه العقوبة أداة لترهيب الشعوب والأشخاص والحد من الجرائم، وفي نفس الوقت حماية لتلك الأنظمة وإستمرار إستقرارها وبقاءها.
    تاريخياً وفي وادي الرافدين وتحديداً مسلة حمورابي كانت السّباقة وأول من شرع عقوبة الأعدام وتوالت بعدها القوانين والنصوص بخصوصها منذ أيام الأمبراطوريات والأغريق القدامى وصولاً الى القرن الحادي والعشرين، وعلى مر الزمن تنوعت وسائل الإعدام من وسائل تقليدية الى وسائل تقنية حديثة. فمن أنواع طرق الإعدام التقليدية المعروفة طريقة الإعدام بالصلب، وأول من طبقت بحقه كان سيدنا يسوع المسيح، وطريقة الإعدام بالمقصلة والتي أول من أستخدمها كان الفرنسيون أبان الثورة الفرنسية، وكذلك الإعدام بالمشنقة والتي طبقت بحق القائد المخلوع المنصور! وقد لاقت تلك الطريقة صدى واسع وخاصة عندما حاول البعض من الأطفال تقليده في العديد من دول العالم، والأعدام بالتسميم (شرب السم) أبان فترة حكم اليونانين القدماء، والإعدام حرقاً أيام الرومان والتي تعتبر أقل شيوعاً من سابقاتها، والإعدام رمياً بالرصاص والتي غالباً ما تنفذ لإعدام الجنود والعسكريين وخاصة أبان الحروب كنوع من الإنتقام، أو للتخلص من البعض بحجة التخاذل والخنوع... وصولاً الى الإعدام بوسائل تقنية حديثة مثل الإعدام بالكرسي الكهربائي والذي أخترعه "هارولد براون" والتي شهدت الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1890 أول حكم لها بهذه الطريقة، والإعدام بغرف الغاز والتي إخترعها "دي أيه تورنر" في عام 1924 وأول من طبقها هم النازيون في عهد هتلر لتصفية اليهود، والإعدام بالحقنة السامة المميتة والتي يحقن المجرم بمادة سامة تؤدي الى الموت السريع. وهناك أيضاً الإعدام بالسيف والذي يسمى "القصاص بضرب العنق" والتي تطبق في أحدى الدول العربية ونيجيريا!. والغريب في الأمر إن بطل التحرير القومي! وأجهزته المخابراتية السيئة الصيت قد جمعوا أغلب تلك الطرق وقدموها كحزمة إكراميات للشعب العراقي أبان الحكم الرشيد!! بل كان بعضها هي المفضلة لدى جهاز المخابرات في عهده، فقد أستخدمت وبكثرة طرق الإعدام سواء بالشنق أو التسميم أو قطع الأرقاب والأيادي والأذان والألسن للكثير من رموز البلد من شخصيات ومعارضين وتجار!، وكان من حسن حظ العراقيين إن النظام السابق لم يطبق الإعدام بالكرسي الكهربائي بحقهم بسبب بدايات مشاكل أنقطاع التيار الكهربائي عنهم في ذلك الوقت.
أما في القرن الحادي والعشرين فقد شهدت الدول العربية إفرازات جديدة وخاصة بعد أحداث الربيع العربي ولادة أبشع طريقة للإعدام لم أسمع بها من قبل، والتي لامثيل لها من حجم البشاعة والرعب، ألا وهي طريقة الإعدام بالسيارة والتي أخترعها ثوار الزنتان في ليبيا، والغريب في هذه الطريقة إن الضحية أو المجني عليه ليس من البشر وإنما هو منتوج الخمر، نعم الخمر، وقد يستغرب البعض مما أكتبه واليكم التفاصيل: بدأت قصة تطبيق هذا النوع من الإعدام مؤخراً عندما عثر الثوار السلفيين الليبيبن على مستودع للمشروبات الكحولية وقرروا تطبيق شرع الله بهذا المنتَج المسكين (الخمر) الذي لاحول له ولا قوة سوى أنه يمنح الراحة والسعادة للبعض من مستهلكيه والذين يقدر عددهم بالملايين من أمة العالمين من مسلمين ومسيحيين ويهود إضافة الى ملايين أخرى ومن الذين ينتمون الى مذاهب وأطياف متنوعة، وبالطبع (البعض علناً، والغالبية العظمى في الدول الإسلامية سراً!). ذلك المنتوج الوديع الذي يصل سعر القنينة الواحدة منه في بعض الدول العربية (المسلمة) والتي تطبق شرع الله! الى أربعة أضعاف معدل الدخل الشهري لمواطنيها، وخير مثال على ذلك العلامتين المميزتين للكحول(بلو ليبل، وبلاك ليبل) وهما غنيا عن التعريف ويعرفهما القاصي والداني.
وتنص طريقة الإعدام هذه على صَف قناني أو علب المنكر على صفين متوازيين أمام عجلات السيارة، ومن ثم تبدأ عملية الإعدام المرعبة! والتي لاتسر القلوب الضعيفة لمرتادي شرب هذا النوع من المنكر! بسير السيارة على تلك العلب محاولةً تدميرها والقضاء عليها وسط أهازيج المقاتلين وصيحات (الله أكبر) تيمناً بتحرير البلاد من التخلف والجهل وبداية عهد جديد من الحرية والأزدهار!. ذكرتني تلك الحادثة بأحد المؤتمرات الإسلامية والتي عقدت في وقتها في فندق الرشيد في بغداد، وبحضور شيوخ ورجال الدين من مختلف الدول العربية والعالم، وفور الأنتهاء من فعاليات الأفتتاح لذلك المؤتمر، وعودة المؤتمرين الى غرفهم في الفندق للراحة والإسترخاء حتى بدأت الطلبات تنهال على منتسبي خدمة الغرف في الفندق، وبالمناسبة كانت جميع الطلبات هي طلبات إسلامية بحتة! نعم طلبات لقناني من ذلك المنتَج العزيز وبإنواعه المختلفة وسط ذهول وتعجب عاملين الفندق وإدارته. والظاهر أن هؤلاء كانوا يتناولونه من منطلق فتاوى خاصة بهم أهمها الحفاظ على صحتهم لكثرة فوائده الإيجابية حيث يساهم في الوقاية من أمراض القلب والشرايين وللتخفيف من الضغط والإجهاد خلال فعاليات المؤتمر! خاصة عند تناوله بكميات معتدلة، وأقصد هنا مخففاً بالماء أو بمشروبات أخرى غير كحولية، وبرأي الشخصي أعتقد أن هؤلاء كانوا يطبقون فتوى الشيخ الجليل العلامة القطري القرضاوي الذي ورطَ نفسه عندما أفتى بجواز شرب المشروبات التي تحتوي على نسبة قليلة من الكحول، أي مزج المشروب المنكر بالماء! أو ماشابه لتخفيف النسبة.
أما في عراق اليوم ، وبما أن للمشروب دواعي أخرى تؤثر على الوضع السياسي للبلد، فان للمجاهدين فيه رأي أخر بهذا الموضوع وهو الرأفة بهذا المنتج من الإعدام. نعم، حيث يجاهدون هم بطريقتهم الخاصة وهو السطو على محلات بيع المشروبات الكحولية بالجملة والمفرد وسرقة مستودعاتها على إعتبارها من الغنائم أولاً ومن ثم حرقها. أي سرقة المشروب ثم حرق المستودعات فارغة!.
 أرفق مع مقالتي هذه الرابط الذي يصور طريقة الأعدام تلك، والتي خيبت أمال الأمة، ويمكن للقراء رؤية هؤلاء الرعاع وأمثالهم من الذين أصبحوا أضحوكة للعالم من خلال بث ذلك المقطع على القنوات الفضائية لبلاد الكفار! لقد نسي هؤلاء المتخلفين الذين عليهم أن يتوارون خجلاً مما يفعلوه، إنه بفضل التقنية أصبح الخبر ينتشر بسرعة البرق بالصوت والصورة من مشرق الأرض الى مغاربها في ظرف لحظات، وإن هناك من ينقل تلك الأخبار على نشراته الإخبارية ويقوم بترجمتها للغرب لعل وعسى يستطيعون فك رموز تلك الشخصية العجيبة المعقدة لهؤلاء وأفكارهم الهدامة والذين شوهوا كل قيم ومبادئ التحضر.
لقد نسي هؤلاء وغيرهم إن بمنع المشروبات الكحولية أو إعدامها! تأثيرات منظورة وغير منظورة كبيرة على البلدان، ورجوعاً للماضي والتاريخ وللذين لديهم نقصاً في المعرفة فان الولايات المتحدة الأمريكية كانت قد شرعت قانونها المشهور بإسم (التعديل الثامن عشر) لعام 1919 حيث منعت بمقتضاه بيع وتداول وصنع وإستيراد وتصدير الخمور فيها، ذلك القانون الذي كبد ميزانيتها الملايين من الدولارات إضافة الى فقدانها الرسوم والضرائب المفروضة على تلك المشروبات، وتوقف معامل إنتاجها عن العمل وتنامي ظاهرة البطالة بشكل كبير، وإليكم أهم الإحصائيات التي رافقت ذلك القرار:
- 60 مليون دولار كلفة الحملة الإعلامية والدعاية ضد الخمور ومشتقاتها.
- 9 ملايين صفحة من الكتب والمجلات تبين أضرار الخمر من الناحية الإجتماعية والإخلاقية.
- إعدام 300 شخص.
- إقبال الملايين من الأمريكيين على شراء خمور ردئية الصنع، يتم تصنيعها في مصانع خمور سرية داخل البيوت والأقبية، والتي تصيب بالتسمم أدت الى مقتل 7500 شخص وإصابة 11000 شخص بأمراض متباينة وذلك فقط في عام 1927.
- نفقات بلغت تكاليفها 250 مليون تحملتها الدولة جراء تنفيذ القانون.
- حبس  532 ألف شخص.
- فرض غرامات مالية بلغت 16 مليون دولار.
- مصادرات بلغت قيمتها 400 مليون دولار.
مع كل تلك الإجراءات القاسية لم يزد المواطنون الأمريكيين إلا عناداً وحباً بالمشروبات الكحولية والخمور حتى إضطرت الحكومة الإمريكية الى السماح بتداولها وشربها والغاء ذلك القانون الجائر في عام 1933 من قبل الرئيس الأمريكي "فرانكلين روزفلت". والعرب كأمة ليسوا أقل من غيرهم عشقاً بالخمر منذ القدم، والدليل على ذلك البيت التالي لأبو محجن الثقفي:
إذا مت فادفني الى جنب كرمة          تروّي عظامي بعد موتي عروقُها
ولاتدفنني بالفلاة فإنني                  أخاف إذا ما مت ألا أذوقها
إن حل مشكلة الخمور وتعاطيها لا يأتي بإصدار القوة والمنع والترهيب، فالإكراه والغصب على فعل الشيء لايولد سوى رد فعل معاكسة له. من هنا أقول من واجب كل إنسان حر شريف مؤمن بالتعايش والتنوع بالحريات الشخصية إحترام الآخر، وليس لثقافة رفض الأخر ولا لمنطلق القوة والفرض والإجبار بالدين عن طريق الفتاوى. إن قرار إعدام الخمور ومنعه وتبعاته تعني المساس بالحريات الفردية والتعدي على حقوق الآخرين، ومنعها لايستفيد منه إلا تجار السوق السوداء والجريمة المنظمة والمحتكرين، وفتح الباب على مصراعيه أمام الحانات والبارات السرية والمشبوهة وكذلك أمام تجارة أخطر وأكثر تدميراً للمجتمع من الكحول بالآف المرات، ألا وهي تجارة المخدرات والحشيش والحبوب المخدرة بإشكالها المختلفة كما هو الحال في بعض الدول الإسلامية التي تطبق شرع الله!. وخير مثال على ذلك رواج تهريب تلك المشروبات الى السعودية وإيران وإفغانستان وبعض دول الخليج، وتهافت سياح تلك البلدان للسفر الى بعض الدول العربية كمصر ولبنان والبحرين التي تسمح بتداول وشرب الخمور وكذلك الى الدول الأوربية الأخرى لإشباع حاجاتهم منه.
وأود هنا أن أذكّر بما قاله الإمام علي (رض):
"لا تكن ممن ينهي ولا ينتهي، ويأمر بما لايأتي، ويوصف العبرة ولايعتبر، فهو على الناس طاعن ولنفسه مُداهن".
نصيحة أخيرة الى منفذي الإعدام هؤلاء أرجو فقط أن يطلعوا على التعليمات الخاصة ببيع المشروبات الكحولية وتداولها في بلاد الكفار التي بنيت قوانيها على أساس التحضر والحرية الشخصية ليروا ماهو الفرق بين تلك البلدان وبين بعض البلدان الإسلامية التي تشرع قوانيها وفق الشريعة! والتي تسمح بتعاطي وزراعة وتداول القات والحشيش والحبوب.
د. علاء كنه
سان دياكو/ كاليفورنيا
لمشاهدة عملية الإعدام الدخول الى الرابط التالي:
http://www.facebook.com/photo.php?v=188756701205089
لقراءة المزيد من المقالات الدخول الى الرابط التالي:
http://www.ahewar.org/m.asp?i=4786


18
أوباش ليبيا... والمقبرة البريطانية 
 
بقلم:د. علاء كنه

      شاهدت للأسف قبل فترة ماتناقلته وسائل الإعلام الغربية والمواقع الإلكترونية من بث مقاطع من فلم لفيديو في واقعة غريبة حيث يظهر فيه عشرات الرجال المدججين بالسلاح وهم يركلون القبور في المدافن العسكرية للجنود البريطانيين والذين قتلوا أثناء الحرب العالمية الثانية في مدينة بنغازي الليبية محاولين تدميرها، مما أدى الى وضع المجلس الإنتقالي الليبي في موقف محرج لايحسد عليه، والإعتذار رسمياً من بريطانيا والتعهد بالقبض على الجناة ومحاسبتهم. في الوقت الذي هم أحوج الى مساعدة تلك البلدان لإعادة أعمار البلد الذي أنهكته الحرب الأخيرة، ويتضمن الفلم الهجوم الوحشي على تلك المقبرة ومحاولة تحطيم رمز الصليب الموجود على المقبرة بإعتباره رمز الكفار، وحسب ماعلمت إن العديد من المدن الليبية قد شهدت مؤخراً أيضاً سلسلة من التفجيرات طالت الكثير من المراقد والأضرحة فيها!.
لقد تعمدت أن لا أكتب في هذا الموضوع إلا بعد ان أقرأ وأسمع كل تبعاته بالتفصيل. كما أود ان أذكر وأبين بعض الحقائق التي نسيها أو تناساها البعض. تعتبر هذه الظاهرة غريبة على مجتمعاتنا المحافظة بغض النظر عن الدين أو العِرق، وشخصياً لم أسمع عن مثل هذه الأفعال من قبل في بلداننا العربية إلا نادراً وبحالات معدودة لإغراض معينة منها البحث عن الدفائن من كنوز ونفائس لدى الأموات أو الى ممارسة الشعوذة وبعض الطقوس الغريبة الأخرى وماشابه ذلك. كما تعتبر ظاهرة نبش القبور في الإسلام تحديداً أمر غير جائز شرعاً وغير لائق عرفاً وأخلاقاً، وليست من أخلاق المسلمين، لما فيها من إنتهاك لحرمة الموتى وجرحاً لذوي وأقارب الميت من الأحياء، كما هو الحال في جميع الأديان السماوية الأخرى التي تعني بمراعاة وإحترام حرمة المقابر والأموات. والمحير بالأمر إن هذه الظاهرة بدات بالتنامي وخاصة في مجتمعاتنا العربية مؤخراً على شكل مجاميع أو أفراد لغايات عديدة أخرى أهمها النازع الديني، وفي رأي الشخصي أعتقد إن السبب في ذلك يعود الى الفتاوي الغريبة التي يطلقها البعض من رجال الدين بين الحين والأخر وكان أخرها فتوى (2012)! التي أطلقها البطل رئيس هيئة كبار العلماء ورئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء! ومفتي المملكة العربية السعودية عبد العزيز بن عبدالله آل الشيخ (المرجعية الأكبر في السعودية) بوجوب هدم جميع الكنائس في شبه الجزيرة العربية معتبراً إن شبه الجزيرة تخضع لدين الإسلام فقط، ووجود الكنائس في بعض الدول هو إعتراف بصحة هذه الإديان!. وهنا أود أن أسأل فضيلة الشيخ المبجل (حفظه الله ذخراً للمسلمين) ماهو رأيك لو عامل بلدان الكفار بالمثل وطالبوا بهدم مساجد أمة المسلمين في أوربا والولايات المتحدة؟ وأين سيؤدي المسلمين الذين فروا من أمامكم ومن أمام فتاويكم صلاتهم؟
إن مثل هذه الفتاوي وتبعات تأثيراتها لاتزيد الطين إلا بلّةً ولا تفيد إلا في تأجيج وبث روح الفتنة والفرقان وتوسيع الفجوة بين الأديان التي تدعو الى التعايش الديني والتسامح وخاصة في الظروف الحالية التي تمر بها البلدان العربية. أما بخصوص تاريخ بلدان الجزيرة العربية فانها شهدت الوجود المسيحي منذ قرون عديدة، وتاريخ نجران يشهد بذلك وخاصة للذين لديهم نقصاً في المعرفة والبحوث العلمية والإفتاء!.
وأود أن أقول بهذه المناسبة لماذا أصبح البعض بهذه الدرجة من التخلف؟ ولماذا في هذه الوقت بالذات؟ هل هو بسبب تأثير رجال الدين وفتاواهم وفضائياتهم التي خربت شعوب المعمورة! والتي جعلت البعض منا يفيض بالحقد والكراهية تجاه غيرنا من الشعوب. أم هو شعورنا بالغيرة والحسد والإحباط ممن هم أفضل حالاً وتقدماً منا. إن ماقامت به تلك الفئة من الرعاع والذين بالطبع لايمثلون ليبيا الحرة ولا شعبها الأبي، لا يمثل سوى أدنى مستوى من الأخلاق والضمير وهم يصب لغايات سياسية أخرى يعلمها الجميع اليوم وإلا وهي محاولة زرع وبث الفوضى وإستغلال الوضع الحرج الذي تمر به العزيزة ليبيا اليوم لأمور وغايات خاصة، وماهو إلا أحد نتاجات تلك الفتاوي، ومكسب من المكاسب التي أضافت رصيداً لأولئك المنافقين الذين يدعون بإنه لايوجد هناك من يغار على دينه أكثر منهم بالرغم من أن أغلبهم لايؤدي جميع الفروض المطلوبة منه، ولايوجد هناك من يضاهيهم في مضايقة الكفار وبلا منازع.
كما أود أن أسأل هؤلاء الأوباش الذين قاموا بهذا الفعل المشين بعض الأسئلة لعل وعسى هناك من يجيبني عليها:
- هل نسي هؤلاء (المحررين!) أم تناسوا إنه لم يكن بمقدورهم تحرير ليبيا العزيزة لولا مساعدة "القوات الصليبية" (قوات حلف الناتو!)؟
- هل نسي هؤلاء (الأوباش!) بأنه لولا هؤلاء "الصليبين" لظل عقيدهم الأخضر التعس القذافي وأولاده وأحفاد أحفاده يحكمونهم أبد الدهر؟
- هل نسي هؤلاء (المنتصرين!) الذين تشطروا على الموتى، بانه لولا الدعم الخارجي لبقيت (الفريق عائشة) محامية القائد المنصور! على رأس سدة الحكم ومتسلطة على رقابهم؟ وربما يأتي يوم وتصبح ملكة ليبيا.
- أين كان هؤلاء (المنافقين) عندما كانت قوات حلف الناتو تقصف القوات الموالية للعقيد الأخضر؟
- أين كان هؤلاء (الشجعان على القبور!) عندما كان القذافي يحكم ليبيا؟
- هل هي من طبائع الشعب العربي (عامة) والشعب الليبي (خاصة) أن ينبشوا ويهدموا قبور الموتى؟
تلك الأسئلة التي حيرتني وحيرت الكثيرين ممن رأوا ذلك المقطع وخاصة في أوربا والذين أول ماعلقوا على مقاطع الفديو .... قالوا نعم أنه رد الجميل لنا!.
إن الضرب بيد من حديد وبدون أي تساهل مع هؤلاء الأوباش كائناً من يكونوا وأمثالهم والذين يسرحون ويمرحون بسلاحهم بحجة الدين محاولين ترهيب المواطنين وفرض سيادة اللاقانون والإنفلات الأمني، هو الأسلوب الأمثل للتعامل معهم والذي سيجبرهم وغيرهم على إحترام سيادة القانون والنظام. إضافة الى ذلك تعرية أفكارهم ومنطلقاتهم الهدامة ونشر ثقافة المحبة والتسامح والأخاء بدلاً عنها. والمتتبع للأخبار يمكنه ملاحظة وبكل بساطة محاولة إعادة سيناريو تدمير العراق وحضارته في ليبيا من مدخل الدين والطائفية.
أقول هنا لكل المثقفين والأحرار في ليبيا، إن الشعب الليبي المناضل مدين بالجميل والعرفان لكل من ساهم معه في تحرير العزيزة ليبيا من حكم وجبروت القذافي الأخضر. كما إنها بأمس الحاجة اليوم الى مساعدتكم ومساعدة دول العالم وخاصة الدول الكبرى للنهوض بليبيا حرة أبية مرة ثانية بعد أكثر من أربعين عاماً من الحرمان والطغيان، والتخلص من أولئك المرتزقة ومحاسبتهم أشد الحساب لما أقترفوه من ذنب بحق ليبيا والذي لايقل عن ما أقترفه العقيد الأخضر وأزلامه بحقها، وأخشى على الليبيين أن يصبحوا مثلنا نحن العراقيين حيث يتمنى ويفضل البعض منهم عودة عصر الطاغية مرة ثانية على رؤية وجوه هؤلاء الرعاع الذين يحاولون تشويه سمعة ليبيا وسمعة الشعب الليبي، وختاماً أقول "اللهّم لاتحاسبنا على ما عمل السفهاء منا".

د.علاء كنه
سان دياكو/ كاليفورنيا

19
جهاز الآي باد.... وأشبال صدام
 
بقلم: د.علاء كنــه
كل ماعليك عمله لتعليم طفل هو أن تعلمه القراءة وتتركه، أي شيء غير ذلك فهو غسيل مخ. (إيلين جيلكرست).
أطلقت الجارة تركيا وبقيادة رئيس وزرائها رجب طيب أردوغان المشروع التعليمي الضخم والذي أطلق عليه تسمية (مشروع الفاتح) تيمناً بقائدهم العظيم (محمد الفاتح)، والذي سيحدث ثورة من خلال الإنتقال بالتعليم المدرسي الى التقنية والعالم الرقمي. وستقوم الحكومة التركية بموجب هذا المشروع بتوزيع الحاسوب اللوحي المعروف بأسم ألـــــ(iPad) مشمولاً ببرنامج (الفاتح) على (15 مليون طالب ) و(مليون) مُدرس مجاناً...نعم مجاناً! لخدمة العملية التعليمية من المهد وحتى التخرج. ومن المتوقع أن تشمل هذه (المكرمة) الولايات ألــ(81) خلال السنوات الأربعة القادمة. هذا وتقدر قيمة هذا المشروع بسبعة مليارات دولار. وبالمناسبة أود أن أُذكر هنا والحمدلله إن تركيا ليست ببلد من بلدان الكفار وانما هي بلد مسلم مجاور للعراق ولاتملك نفطاً بقدر مايملكه العراق! هؤلاء الذين توجهوا الى بناء الوطن، والذين لايمتهنون الكذب والنفاق والقتل مثلنا! نعم إنهم يسعون الى خلق جيل جديد متسلح بأخر تقنية. كلمة حق يجب أن تقال بحقهم، يجب أن يفتخروا بهكذا مشروع، والذي لم تفكر حتى حكومات دول الخليج التي تعتبر أكثر الدول ثراءاً بمثل هذه الخطوة الجبارة في مجال التعليم وريادته.
 تذكرت بمرارة أطفالنا وماعانوه طيلة عقود من الزمن في ظل القائد المنصور وإنجازاته وإكرامياته! إنظروا الى الفرق بينهم وبيننا، إنهم يسلحون أطفالهم بجهاز (الآي باد) ونحن نزودهم بقطعة السلاح. والجميع يعرف ماأقصد ويتذكر العراقيين الشرفاء عندما أطلق القائد المنصور وأزلامه حملة مشابهة الى حملة أردوغان، وأطلق في وقتها على حملتهم المسعورة عفواً(الرشيدة!) تسمية (أشبال صدام) والمشابهة في المضمون لمشروع الجارة تركيا ...المهم كانت تهدف تلك الحملة الى جمع الأطفال من المدارس وإلحاقهم بمراكز تدريبية للتعلم على فنون القتل والتحضير لخلق جيل جديد من الأبطال!...نعم لقد ارادها حرباً مستمرة. وبالفعل إلتحق المئات من الإطفال الأبرياء بتلك المراكز العفنة تاركين مقاعد الدراسة في سن مبكرة لايعلمون ماهو مصيرهم ... وأتذكر جيداً كيف شاركت بعض العوائل المسحوقة (في بلد النفط) والتي كانت تعاني من شظف العيش ومن ذوي الحاجة في تلك الحملة المسعورة من خلال زج أطفالها بتلك المراكز لقاء مبلغ مادي لايتجاوز في وقتها (25000) دينار عراقي كمكرمة من القائد الضرورة! وتسليم فلذة أكبادها بيد قتلة لتدريبهم على أصول وفنون القسوة والقتال والصرامة وأكل الحيوانات النيئة، والذين سرعان ماتغيرت فسيولوجيتهم ونفسيتهم، لابل تم تجريدهم حتى من براءتهم، وبالطبع كانت الغاية من تلك الحملة هو أن يكونوا الخط الثاني لــ(فدائيو صدام) عند وقت الضرورة، والذين بدأوا مشوارهم وشقوا طريقهم المهني بالقتل والذبح وترويع العراقيين! والذين وصلت إنجازاتهم الى الدول المجاورة للعراق بعد الحرب الأخيرة عليه وأقصد هنا فدائيو صدام. ولاداعي هنا لأذَكر العراقيين بحادثة ذبح الغانيات وقطع رؤوسهن أمام دورهن بنفس السيف الذي يستخدم اليوم، تلك الحادثة التي هزت المجتمع العراقي في وقتها في كيفية القصاص منهن.
لاأدري أين هم أشبال صدام اليوم؟ هل لديهم جهاز (الآي باد) أم لا؟ وماذا يحمّلون عليه من معلومات؟ وماذا كانت إنجازاتهم بعد تخرجهم من الدورة التدريبية التثقيفية في مجال بناء العراق الجديد؟ تلك الثقافة اللعينة التي نجني ثمارها اليوم. ومن المؤكد قد وصلت أعمارهم اليوم ليؤهلهم أن يحلوا وبجدارة محل قدوتهم في الذبح (فدائيو صدام) الذين يستحقون وبفخر أن يتقاعدوا اليوم عن أداء الواجب للجهود التي بذلوها بتفانٍ وإخلاص في أعمال القتل والتشريد على مدار السنوات الماضية! أو ربما هم اليوم جزء من تنظيم القاعدة الذي يشاركهم نفس المبادئ، فهما وجهان لعملة واحدة.
للأسف لقد كان لنظام الطاغية المنصور! اليد الطولى لابل كان نموذجاً رائعاً، على وزن (سيدي...أشكد أنت رائع سيدي... للمطرب ياس خضر!)، في تدمير ركائز المجتمع العراقي من خلال القضاء على الطفولة وتدمير مستقبلهم من خلال تلك الحملة من جهة، وزجهم في الحروب من جهة ثانية، ضارباً بذلك عرض الحائط كل المواثيق والمعايير الدولية الخاصة بالطفل وحقوقه. نعم كانت خطة مدروسة ليبقى العراق في دوامة العنف والقتل. أنظروا الى الفرق بين تلك المجتمعات ومجتمعاتنا العربية فتلك تبني الأوطان ونحن نهدمها! ويمكن ملاحظة الفرق بكل سهولة من خلال الأفكار والأعمال التي نسمعها ونشاهدها اليوم بعد زوال أنظمة الطغاة!
رسالة مفتوحة الى الجهات المتصارعة على الحكم...الى متى ستضلون تتقاتلون فيما بينكم ..هل هو الحلم بالسلطة والنفوذ والقوة؟...إن غايتكم ليست العراق ولا مصلحة شعبه. وإنما الغاية هي مصالحكم التي أوصلت العراق الى هذا المنحدر. ألم يحن الوقت لبدء ثقافة جديدة للطفل؟ لقد آن الآون اليوم أن نفكر جدياً وبنفس الطرق التي تفكر فيها تلك البلدان، وأحدها تركيا..النموذج الذي يفتخر به في كيفية الإرتقاء بالطفل وبناء الوطن. يجب أن نسعى الى بناء مجتمع قوي أساسه يبدأ من الطفل عبر مناهج دراسية وثقافة جديدة تهتم بالأطفال وتسليحهم بالحرص والوطنية والفكر الناضج والبعيد عن كل أنواع الطائفية والبغضاء التي يحاول أن يزرعها المنافقين للنيل من العراق وأهله...
د.علاء كنه
سان دياكو/كاليفورنيا

20
رَفع الآذان...وكرة القدم

بقلم د.علاء كنــه

بالطبع الجميع سمع بأخر صرعة عندما قام المؤذن (عفواً) عضو البرلمان المصري النائب ممدوح أسماعيل عضو مجلس الشعب المصري والمنتمي الى حزب الأصالة ذي التوجه السلفي في مصر برفع أذان العصر داخل جلسة مجلس الشعب، مردداً الأذان كاملاً داخل قاعة البرلمان المصري في واقعة هي الأولى من نوعها داخل جلسات المجلس، وحسب ماعلمت أن المؤذن (عفواً) عضو البرلمان هو بالأصل يعمل بمهنة المحاماة، وهنا أود أن أسأل بعض الأسئلة بخصوص هذه الحادثة:
- هل يرضى السيد ممدوح أن يقاطعه أحد اثناء مرافعته في المحكمة عند إدائه لعمله؟
- هل إن جميع الأعضاء في مجلس الشعب المصري هم من المسلمين؟ ألم يكن من الأخلاق والأصول مراعاة لشعور النواب من غير المسلمين؟
- هل برفع الآذان ستحل جميع المشاكل العالقة في مصر اليوم؟
- هل يسمح بأداء الصلاة أثناء إجتماعات المجلس؟
ذكرتني هذه الحادثة بحكاية فرق كرة القدم في أفغانستان، حيث تنص القوانين هناك أنه عندما يكون فريق كرة القدم في لعبة ويحل موعد الأذان، فعلى حكم المبارة أن يُصفر وتتوقف المباراة بشكل كامل ويبدأ الجميع بالصلاة داخل ساحة الملعب وبضمنهم حكم المبارة وبالطبع الجمهور يتفرج ويتنظر، وبالمناسبة جميع اللاعبين يلعبون ويُصلون بالشراويل لأن لبس الشورتات حرام في أفغانستان، وبعد الإنتهاء من الصلاة يُصفر الحكم مرة ثانية إيذاناً بإنتهاء الصلاة ومعاودة بدء اللعب مرة ثانية وهكذا.
إن من عاصر الحرب العراقية الإيرانية من أبناء بلدي العزيز يتذكر جيداً كيف كنا في وقتها نرى من على شاشات التلفاز المئات من الإيرانيين عندما كانوا يقعون في الأسر أو عندما كان القائد المنصور! يحصدهم كَمّن يحصد الشعير بالمنجل ومنهم الأطفال والمراهقين من الذين تم غسل أدمغتهم من قبل رجال الدين، وهم حُفاة القدمين قادمين من مدن إيران البعيدة معتقدين بأنهم سوف يدخلون الجنة! وبالفعل تم العثور في وقتها بحوزتهم على مفاتيح الجنة، كانت ترتسم على وجوهنا في وقتها علامات التعجب والحيرة هل من المعقول أن تصل الأمور الى هذا الحد من الجهل والتخلف والذي لايمكن تصديقهُ! اليوم للأسف باتت كل الأمور معقولة وممكنة في ظل الظروف التي تعيشها بلداننا العربية بعد إنتشار الجهل والفساد.
  إن (بعض) هؤلاء الذين يَدعون الدين بطلاناً وبهتاناً والدين منهم براء، بأنهم هم الحل! هم سبب فشلنا وعدم لحاقنا بركب التطور، وخير دليل على ذلك تلك الفوضى التي عمت تلك البلدان بعد سيطرة تلك التيارات عليها. أو بالأحرى بلدان أخرى مضى على إستلام زمام الحكم فيها سنوات ولاتزال بدون أدنى مستوى من الأمن والخدمات والتطور. وأقصد هنا ما آلت اليه الأمور في بلدنا المغلوب على أمره.
اليوم الدول الكبرى وأقصد هنا بلاد الكُفار توافق على مضض وتُصفر أيذاناً ببدء اللعبة لهؤلاء الذي اقحموا الدين في كل شيء هؤلاء الذين هم في باطنهم لايختلفون عن سابقيهم بأي شيء، فهم على نفس الخطى سائرون إن شاءلله وكل مانحتاجه هو مزيداً من الوقت لنسمع فضائحهم وأفعالهم. إن بصعود هؤلاء الى سدة الحكم فان كل الأمور ستسير على مايرام وسوف تنعدم الرشوة تماماً ويحل السلام والرخاء والطمأنينة بين الرعية وستنهال علينا القوانين الجديدة من حيث تطويل اللحى وتقصير الدشاديش ومنع النساء من السفر وقيادة السيارات وإختراع زي خاص بها ...كما سنكون مجبرين لا بل سنعتاد على رؤية وجوههم التي لا تَسر أحداً وسماع فتاويهم ليل نهار في القنوات الفضائية التي يستثمرون أموالهم فيها والتي زاد عددها على عدد أيام السنة، والتي ستشهد سباقات حامية الوطيس وتناقضات من حيث طرح المزيد من الأفكار والفتاوى البناءة التي لايتفق عليها أثنان والتي ستعجل من هدم مجتمعاتنا، وسوف ينسى هؤلاء أنفسهم وسيعتقدون بانهم سيكونون مصدر رعب لبلاد الكُفار! وعندها ستكون حكاية هؤلاء الكفار حكاية ومصيبتهم مصيبة حيث لاينامون الليل من شدة خوفهم منهم، وسوف يضطرون الى تقبيل أيادي هؤلاء طالبين الصفح منهم.
أود أن أذَكّر هؤلاء الذين شوهوا الدين أنه سيأتي يوم وسوف تُصفر تلك الدول مرة أخرى معلنة إنتهاء اللعبة وسيكون مصيرهم هو كمصير سابقيهم عندما صفرت وأعلنت إنتهاء فترة حكمهم الرشيد! وخير مثال على ذلك أبطال التحرر القومي! أمثال من قضى نحبه مثل صدام ومنهم من ينتظر مثل مبارك وزين العابدين وعلي والبقية تأتي، وإسدال الستار عن تلك الفترة مع تكريمهم شَر تكريم بإذلالهم شَر أذلال وبما يليق بما قاموا به من خدمات جليلة لصالحهم ومن جهود جبارة في تشريد وتجويع شعوبهم.
قرائي الأعزاء، برأيكم هل هذا هو قدرنا نحن أصحاب الحضارات الأولى وبلاد العلم والعلماء! ولكني إعتقد ان هذا هو حالنا نحن العرب، مادام هناك سلعة مطلوبة ألا وهي النفط، ومادمنا أمة تطرب للطائفية وتزمر وترقص للقادة، وتساهم في ضياع أوطان. أرى أنه من الأفضل لنا أن نبقى نوزع الكرزات ونرفع الأذان ونصلي ونتبادل السب والشتائم داخل قبة البرلمان، فهي خير وسيلة لنا لحل مشاكلنا التي مضى عليها قرون من الزمن، وصدق من قال: ياأمة ضحكت من جهلها الأممُ. 
 
د.علاء كنه
سان دياكو/كاليفورنيا

21
السياحة في العراق....ماضي مؤلم  ومستقبل واعد

بقلم: د.علاء كنــه
 
        يفترض أن يكون قطاع السياحة من الأعمدة الرئيسية للأقتصاد العراقي!! فمثلما يعلم الجميع بأن أرض العراق تتوفر فيها من عوامل الجذب السياحي الكثير، بشكل لاتكاد أي دولة في العالم تنافسه في توفر مقومات البلد السياحي، فهو بلد الحضارة والتاريخ العريق، بل بلد أحدى عجائب الدنيا السبع، إذ عاشت فيه أقدم الحضارات الإنسانية ولا تزال هناك الكثير من الآثار التي يعود تاريخها الى ألاف السنين شاخصة ليومنا هذا بالرغم من تربص الحاقدين به. كما وتعتبر المراقد والمزارات الدينية أحد تلك المقومات، فهي عنصر جذب متميز وفريد من نوعه أمام السياح الوافدين، إذ يتبوأ العراق مكانة مرموقة بين الدول العربية والإسلامية، لما يزخر به من مناطق دينية مقدسة حيث يضم بين جنباته رفاة الأئمة الأطهار وأهل البيت عليهم السلام والصحابة والصالحين (رض) والتي تستقطب قلوب ومشاعر الملايين من المسلمين من كل بقاع الدنيا، وتشير الإحصائيات أن عدد زوار ذكرى الأربعينية في مدينة كربلاء المقدسة لهذا العام قد تجاوز أثني عشر مليوناً من بينهم مايقارب الخمسمائة ألف زائر أجنبي وعربي من خارج العراق، وبذلك تصبح زيارة تلك المزارات نداً قوياً مقارنةً بموسم الحج للملكة العربية السعودية التي لايبلغ مجموع حجاجها للحرمين الشريفين سوى المليون ونصف المليون حاج، مُحيين بذلك السياحة الداخلية والدولية للعراق.
إن تلك المراقد والمزارات عبارة عن ثروات معطلة مهملة لم يتم إستغلالها بالشكل الصحيح الذي يساعد على إزدهار ونمو السياحة في العراق، وللأسف يعزى السبب في ذلك الى القصور في قيادة دفة هذا القطاع، وعدم وجود خطط ستراتيجية لهذا الغرض وضعف الوعي الثقافي والسياحي، إضافة الى سيطرة العلاقات الشخصية وتولي المسؤولين غير الكفؤين إدارة هذا القطاع الحيوي المهم بالشكل الذي أدى الى تدهوره بشكل كبير وخاصة في فترة حكم القائد المنصور!! ولاأدري ماذنب هذا القطاع المسكين الذي كان بامكانه أن يجعل العراق في مصاف الدول العظمى من ناحية الإيرادات التي يولدها لو تم إستغلاله بالشكل الصحيح.
أتذكر جيداً عندما عندما أشتدت العقوبات المفروضة على نظام الطاغية المنصور!! وبدأ أزلامه بالبحث عن مصدر للأموال لدعم ذلك النظام، فتمت الموافقة على مضض بعقد الإتفاقية العراقية – الإيرانية للسياحة الدينية، وللفترة بين عامي 1996 ولغاية 1998، والتي كانت أول بادرة للسياحة الدينية وبدء دخول الزوار الإيرانيين المتعطشين لزيارة مراقد الأئمة في النجف وكربلاء مروراً بالعاصمة بغداد وأيواءهم في فنادقها ذات الدرجة الممتازة والأولى، بالتزامن مع النقص الكبير في عدد الفنادق في محافظتي النجف وكربلاء وبقية الخدمات الأخرى التي يحتاجها الزائر الإيراني، وكان العراب الأكبر لتلك الإتفاقية هي شركة الهدى للسياحة الدينية والتي كانت تابعة لجهاز المخابرات، وكان دورها المشؤوم هو السيطرة على برنامج تلك الزيارات وإيراداتها والتلاعب والتحايل على إدارات الفنادق التي كانت تأوي أولئك الزوار وبالتعاون مع بعض المدراء المفوضين لها، والذين أصلاً كانوا يعانون من عدم الكفاءة الإدارية والتخصص وأغلبهم كانوا من المحسوبين على ذلك النظام.
تلك الفنادق الجميلة والتي كانت مَعلم من معالم بغداد العاصمة، وزينة للناظر وأحد أوجه التطور العمراني للعراق، والتي لم يكن يتجاوز عددها أصابع اليد، حيث كان العراق سباقاً في بناءها من بين الدول المجاورة ودول المنطقة لغرض دعم الحركة السياحية في البلد، والتي كلفت خزينة الدولة في وقتها الملايين من الدولارات وبإدارات تتبع وتطبق معايير السلاسل الفندقية العالمية، وبكوادر مهنية متميزة تسرب أغلبها للأسف خارج هذه الصناعة.
أذكر في حينها كيف تهافت المدراء المفوضين لتلك الفنادق في بغداد تحديداً الى توقيع العقود مع تلك الشركة، لاهثين وراء تضخيم الإيرادات دون الإهتمام بالتكاليف وبمعايير تلك الصناعة ونوعية الخدمة المقدمة، نتج عنها حدوث الكثير من التجاوزات والإشكالات والتي كانت سبباً في تدمير البنية التحتية لتلك الفنادق والتي كانت تحت إدارة القطاع المختلط. وبالطبع لم يكن هناك أي دور لهيئة السياحة في هذه الإتفاقية بالرغم من كونها الجهة القطاعية المسؤولة عليه.
أحد أهم تلك المفارقات التي صاحبت تلك الإتفاقية والتجني على تلك الفنادق هو قيام العديد من إداراتها في وقتها بإخلاء نزلائها وضيوفها الدائميين لغرض إيواء الزوار، وغلق أغلب مرافقها الخدمية كالمسابح والنوادي الصحية وغيرها من المنافذ الأخرى، وقيام بعض إدارات الفنادق الأخرى بتكسير الحمامات ذات الطراز الغربي الموجودة في غرف الفندق ونصب بدلاً عنها حمامات شرقية تلبية لحاجات هذا النوع من الزوار، والتي لاتتناسب مع أبسط المعايير المهنية والفندقية العالمية، بل قيام بعضها الأخر بنصب حمامات شرقية إضافية في طوابق الفندق وفي بعض مرافقه الأخرى كالمسبح والنادي الصحي....إلخ، وبالطبع الجميع يعرف مساؤى هذا النوع من التصاميم في هذا النوع من الفنادق، ولاأريد هنا الخوض كثيراً في هذا الموضوع  فربما قد يفتي أحد مشايخ الفضائيات بمزايا وفوائد هذا النوع من الحمامات!!
كان يفترض أن يتم إيواء ذلك النوع من الزوار في فنادق أخرى ذات درجة تصنيف أقل يتلائم وحاجاتهم... وبدلاً من أن ترفض هيئة السياحة تلك الأفعال، ظلت صامتة كالشيطان الأخرس وجَنت على تلك الفنادق في وقتها خشيةً من بطش القيادة، لأن الإتفاقية كانت ذات مغزى سياسي قبل أن تكون ذات مردود سياحي.
واليوم يتم معاقبة ذات الفنادق نفسها مرة أخرى، وذُهلت أكثر وكادت عروقي أن تنفجر عندما سمعت ببعض مواطني بلدي وأبناء جلدتي يفجرون ويدمرون معالمهم الحضارية والمدنية بحجة الدفاع عن البلد، حيث يقصفونها بالهاونات بحجة (المقاومة وطرد المحتل) تارةً، وتسييجها بالجدران الكونكريتية أو الأسلاك الشائكة لتبدو (غوانتامو العراق) تارةً أخرى، وللأسف أضحى دخول العراقيين اليها من ضرب المستحيلات. إن ماقامت به حكومة طالبان من تدمير لتمثال (بوذا) في إفغانستان لايقل بأي حال من الأحوال مايقوم به هؤلاء الرعاع والغوغائيين من تدمير وطمس متعمد لمعالم بغداد اليوم...وربما لم يتبقى لنا أي وسيلة للمحافظة على ذلك العمران المتبقي من همجية أولئك الغوغائين، ولكن ماذا تقولون لقوى الشر والأرهاب التي أرادت أن تنتقم من العراق والعراقيين بمحاولتها تفجير قمة مأذنة الملوية الشامخة شموخ العراقيين على مر التاريخ والمحمية من قبل منظمة اليونسكو العالمية. أسفي عندما يهيمن التخلف والجهل والحقد على الإيمان والمحبة. لك الله ياعراق.. ياموطني المبتلى...
مع بصيص أمل جديد لمستقبل واعد لعراق جديد لابد لحكومة العراق والعراقيين اليوم أن يسهموا في التغلب على الإختلافات العرقية ودعم التسامح والمحبة والوحدة فيما بين الثقافات المتنوعة بإعتبارها ركناً أساسياً من أركان نجاح قطاع السياحة، وأن تتكاتف الجهود والسواعد في إعادة بناء هذا القطاع الحيوي المهم والنهوض به على أسس ثابتة وصحيحة من خلال إعداد خطط ستراتيجية طويلة الأمد وعقد المؤتمرات والورش الفنية، ورفد هذا القطاع بالخبرات الإدارية والمهنية الكفؤة وذات التخصص الفندقي والسياحي إضافة الى منح التسهيلات وتشجيع الإستثمار فيه. إن خير مثال نقتدي به هي الطفرة السياحية لدول الخليج العربي التي إستطاعت وبحكمة أن تنفق الملايين من الدولارات سنوياً في مشاريع سياحية وفندقية، مشاريع تحولت الى حقيقة، وإستطاعت أن تخلق شيء من لاشيء، بفضل إرتفاع سعر برميل النفط الذي تخطى ألـ (120) دولاراً للبرميل الواحد. علينا أن نخطو مثل تلك الخطوات وبقوة فالعراق اليوم لديه كل الإمكانيات والموارد المطلوبة لرفع الحيف عن هذا القطاع المهم. 
*ملاحظة:لمزيد من التفاصيل بخصوص تلك الإتفافية وأثارها السلبية على القطاع السياحي والفندقي الإطلاع على البحث المنشور بهذا الصدد بالرابط التالي:
http://www.ijbssnet.com/journals/Vol_2_No_24_Special_Issue_December_2011/2.pdf
د.علاء كنه
سان دياكو/ كاليفورنيا


22
وصايا القائد... والمنافقين

بقلم: د. علاء كنـــه

مثلما أتحف العقيد التعس الملقب بالقذافي صاحب (دار الأزياء الأفريقية) شعبهُ بكتابه الأخضر، فإن القائد الضرورة كان قد أتحفنا نحن أيضاً العراقيين بمعجزة أعظم وأدهى من الكتاب الأخضر، ألا وهي وصاياهُ الخمسين بعد نزول الوحي عليه!! حينما طلَ علينا بطل التحرير القومي فجأة من بين أنقاض العوجة بقدرة قادر حاملاً بيديه وصاياهُ الخمسين ليعلنها ويتلوها للشعب، لتكون بديلاً للدستور الذي لم يره العراقيين في حياتهم. وبمناسبة الحديث عن الوحي، أتذكر جيداً ذلك اليوم عند ظهور ذلك المنافق الدرويش أبو الثلج (عزة الدوري) على شاشة التلفزيون مقلداً لسيادته وشاحاً مع إهدائه له سيفاً وشاهده الملايين منا، قائلاً له:
  "لو لم يكن محمداً خاتم الأنبياء لقلت انك نبي آخر....خطؤك أفضل من صوابك، ولأن أتبعك على الخطأ أفضل من أتبعك على الصواب" !! (ياسلام شوف الحكمة...شوف الوعظ...شوف النفاق). إن مايحيرني أنه لم ينطق أحدأ في وقتها ولم ينبس بأي كلمة بإن ماقاله ذلك المنافق هو الكفر بعينه.
     أعتقد بأن تلك المقولة المأثورة التي سمعها الرئيس الضرورة من ذلك المنافق وصدقها بسهولة، كانت أول بوادر نزول الوحي عليه بالوصايا الخمسين. أتذكر ويتذكر جميع العراقيين كيف كان هؤلاء المنافقين الأفاقين يعظمون في شخصية ذلك القائد المنصور بمناسبة أو غير مناسبة.. وكيف كانوا يشغلون البلد والشعب في مواضيع لاناقة لهم فيها ولا جمل ولم تنفع أحداً، لا بل على العكس زادت من المصائب التي حلت على البلد وأهله.
    أتذكر جيداً كيف تم طبع تلك الوصايا في وقتها على شكل بوسترات بمختلف الأحجام وبملايين النسخ ومن الورق المصقول اللماع المستورد، (وفي نفس الوقت كانت توزع على أبناءنا الطلبة في المدارس الكتب المدرسية المستعملة والمستهلكة والدفاتر المدرسية بالورق الأسمر تحت ذريعة العقوبات).. ومن ثم توزيع وتعليق تلك البوسترات ذات الحجم الكبير في مداخل وواجهات كافة دوائر الدولة والمقرات الحكومية والحزبية والسفارات والجامعات والمعاهد في بغداد والمحافظات، ومن ثم صدور التعليمات من ديوان الرئاسة الموقر لكل تلك الدوائر بتثبيت وصية من وصاياه يومياً وبالتناوب على كل الكتب الرسمية وغير الرسمية سواء الصادرة منها أو الواردة. وبالتأكيد كانت تلك أيضاً مشورة أحد المنافقين من الذين كانوا حوله، ومن الذين أوهموه بانه (غاندي) العراق.
تلك الوصايا التي صارت في وقتها من صنع التاريخ وأصبحت فرضاً على العراقيين أن يبدأوا يومهم وينهوه بها، ومن يدري لو كان القائد المنصور حياً يرزق اليوم لأصبحت تلك الوصايا من مقررات التدريس في المدارس والجامعات!! لا بل وربما لايتم قبول الطلبة في الكليات والجامعات الإ بعد إجتياز أمتحان خاص بها أسوة بإمتحان (التوفل). أو لربما تصدر التعليمات أن تعلق في كل بيت وصية من وصاياه بجانب صورته ذات الطلة البهية وتلك الأبتسامة البشوشة التي كانت مفتاح سعادة العراقيين!!
       إن الزمن يفرض على كل كاتب لديه ذكريات عن ذلك العهد المظلم أن يعيدها الى أذهان العراقيين وعقولهم، لتكون دروساً وعِبر يتعظ منها بعض هؤلاء المنافقين، أولئك الذين لاأدري أين حل بهم الدهر؟ ومن يُعظمون اليوم؟ إن عراقنا الحبيب اليوم لازال يتلمس طريقه بحذر شديد وبخطوات متعثرة ... بسبب أولئك الأوباش، وحسب ماعلمت إن بعضهم اليوم يتمتع بمواقع المسؤولية ولايجيدون سوى الدجل والرقص على أنغام الدف مثل أيام زمان..عندما كانوا يرقصون أمام القائد المنصور في مناسبة وأخرى... لقد رحل رب الدار ولازالوا هم يرقصون على نفس الدف، هؤلاء الذين هم كالحرباء يغيرون إنتماءاتهم تبعاً لمنفعتهم، إذ كانوا ولايزالون بنفاقهم سبباً في دمار البلد، وهنا أقول للتاريخ.. شتانَ مابين نفاق الأمس واليوم، فعلى الأقل كان بعض منافقي الأمس يختبؤن خلف الستار عندما ينافقون، أما منافقي اليوم فقد أضحوا يتباهون بينهم علانية بقتل الأبرياء والمساكين وتفجير الكنائس والمساجد، تحت حجج وفتاوى واهية، بل ويتفاخرون بإن كلاً منهم لديه أدلة وبراهين ضد الآخر، وعلى قول المثل العراقي الشعبي (غراب يكول لغراب وجهك أسود)، غير مبالين بذلك الشعب المقهور، مستعدين بذلك أن يجروا البلد نحو الهاوية، والأدهى من ذلك إنهم يتنعمون بالكثير من المزايا في عهد يتسم بالمحسوبية والفساد على حساب العراقيين.
 ياترى متى نرى سماء العراق صافية من هؤلاء الغربان؟! ... أسفي على عراقي الحبيب الذي وقع بمخالب أولئك الغربان، فالطاغية لم يصنعه إلا أمثال هؤلاء. أعاذنا الله وإياكم من المنافقين، وكفى العراق شرهم.

د.علاء كنــه
سان دياكو/ كاليفورنيا


 





23
صاروخ العابد ..... والطماطة

بقلم د. علاء كنــه

اليوم سأقُص عليكم حكاية من حكايات هدام والتي تجاوزت حكاياته حكايات الف ليلة وليلة بمرات وإن لم يكن بمئات المرات..... في البداية أود أن أوضح معنى كلمة الطماطة والتي هي كلمة باللهجة العراقية لمادة (الطماطم) أو مايطلق عليها في بعض البلدان العربية بـ(البندورة).
...إنه كان فيما مضى من قديم الزمان وسالف العصر والآوان الرئيس شهريار هدام رئيس العراق صاحب جند وأعوان وخدم وحشم وله ولدان ليثان (عدي وقصي) وحكم بالسيف والحديد بين العباد... وبغضه أهل بلاده ...
شخصياً لم أرى أو أسمع في حياتي رئيس دولة ينزل الى مستوى أن يتدخل في أبسط مستلزمات المعيشة كتدخله في مادة الطماطة...اليوم  سأذكّر العراقيين بما حدث لهم في منتصف التسعينات وبعد خروج العراق منهكاً من الحروب بدءاً بالحرب العراقية - الإيرانية وحرب الكويت وحروب الخليج الأولى الثانية والتاسعة! لاأعلم أي منها بالضبط؟  وبالتحديد عندما برزت مشكلة (الطماطة ) على وجه الشاشة وأصبحت حَسرة على العراقيين...نعم (الطماطة) والتي أضحت في وقتها حديث الساعة، تصوروا بلداً يصنع صاروخ العابد وطائرة الأواكس لاتوجد به طماطة...وبالطبع الكثير من العراقيين قد نسي هذا الموضوع، بإعتباره لاشيء يذكر قياساً بالمصائب التي حدثت لهم وحلت عليهم في وقتها، وكيف كانت حكومة القائد المنصور وأزلامهِ يتلاعبون بقوت الشعب، وكَيف كانوا يفرضون حصاراً عليهم أمر وأقسى من حصار وعقوبات الأمم المتحدة في حينها...
الكل يعلم أن هذه المادة وأقصد هنا (الطماطة) هي من المواد الرئيسية والمهمة خاصة لربة البيت العراقي بإعتبارها عنصراً أساسياً في إعداد الكثير من الأطباق العراقية اليومية. وفي أحد الأيام الخوالي وبقدرة قادر بدأ سعر الكيلوغرام الواحد من مادة الطماطة بالإرتفاع التدريجي!! وكانها دخلت (بورصة وول ستريت)! وإستمر بالإرتفاع والإرتفاع الى أن وصل سعر الكيلو غرام الواحد منها الى 3000 دينار عراقي وهو ما كان يعادل راتب الموظف لشهر كامل في حينه... ومن ثم إختفائها المفاجيء من الأسواق ومحلات البقالة لفترة ليست بالقصيرة، لا بل شَملت هذه المشكلة حتى قطاع الفنادق والمطاعم وبضمنها فنادق الدرجة الأولى في بغداد وأرجاء العراق، وأستمر الحال على هذا المنوال لفترة أكثر من شهرين، فبدأت بَلبَلة في الشارع العراقي وبدأ حديث الناس يكثر وبشكل علني بسبب تذمرهم من هذا الوضع. حتى بدأ يفكر البعض من ربات البيوت بإيجاد وسائل بديلة لهذه المادة العزيزة الغالية، وكأنها مادة تدخل في إنتاج السيارات وكيفية تحويرها... وبدأ بالفعل البعض منهم بإستعمال كجب الطماطة أو الصاص كبديل لها عند إعداد وجبات الطعام.   
وفجأة وعلى شاشة قناة التلفزيون الرسمية وبالتحديد في أخبار الساعة الثامنة من مساء أحد الأيام وإذا بزيارة مفاجئة للرئيس القائد بطل الطماطة عفواً (بطل التحرير القومي) الى أحدى علوات الخضار في بغداد العاصمة للتمحص حول سبب وسر إختفاء هذه المادة من الأسواق، وإذا بالقائد المنصور يطل:
-    بطلعته البهية
-   وببدلته الزيتوني المكوية
-   وبرتبته العسكرية
-   وبنظاراته الشمسية
وكالعادة يتجمهر المئات من الفلاحين حول القائد ويتدافعون مع أفراد الحماية... يَرقصون ويَهتفون (بالروح بالدم ... نَفديك ياطماطة...عفواً نَفديك ياصدام)، والكل أستبشر خيراً بأن القائد الضرورة المغوار سيحل هذه المشكلة نهائياً وترجع الطماطة مُعززة مُكرَمة الى طاولة العراقيين بعد إفتقاد طويل لها وما سببتهُ من معاناة لهم، وكأن المسكين لم يكن يعلم بأن المحروسة شهرزاد وأقصد هنا حرم الرئيس (ساجدة)..كانت تملك وتدير بالباطن مصانع تعليب كربلاء لإنتاج معجون الطماطة بالكامل حالها حال البطل المهندس الفريق الركن الدكتور العلامة الجبار...إلخ (حسين كامل) - والذي لم يكمل الإبتدائية - عندما كان يسيطر على قطاع الطحين في العراق بأكمله.. وحاله حال أحد ( الليثين ) الأستاذ الدكتور البطل (عدي) الذي كان يسيطر على قطاع المشروبات الكحولية في العراق والبلد يزخر تحت راية الحملة الإيمانية...وغيرهم الكثيرين ممن كانوا يمسكون زمام الأمور في البلد. لقد كان كُل مَحصول الطماطة يتوجه مُباشرة الى مصانع تعليب كربلاء حصراً والعراقيين يتضورون جوعاً من فقدانهم لأبسط مستلزمات المعيشة وإرتفاع أثمان العديد منها ومن ضمنها الطماطة... وهم من دافع عنه وعن نظامه لسنوات وسنوات.
المهم....وفي أثناء وجود القائد في علوة الخضار تظهر فُجأةً وبقدرة قادر مرة ثانية صناديق من مادة الطماطة... ويتم تصويرها والرئيس يلوح بيده للجماهير وكأنه قد حقق نصراً كبيراً على أعداء الأمة العربية وقد حرر القدس.... وفَرح الكثير من المواطنين البسطاء ظناً منهم أنه إستطاع بحنكته العسكرية المشهود بها، كونه خاض الكثير من الحروب وكلها كانت خاسرة، أن يحل هذه المشكلة للأبد، ولكن ماحدث كان عكس ذلك! حيث حال رحيله عن ساحة المعركة... أقصد عن علوة الخضار، وإذ بالطماطة تختفي مرة أخرى.
إعزائي لا أريد أن أطيل عليكم، ولكن بهذه المناسبة أود ان أسرد واقعة حدثت متزامنة مع فقدان الطماطة، وبصفتي كنت أحد المتتبعين لهذه المشكلة العويصة التي هزت البلد! حيث في وقتها كانت كل المطاعم وفنادق الدرجة الممتازة في بغداد تقدم طبق (السَلطة) وأقصد (الزلاطة) باللهجة العراقية للزبائن والضيوف بدون طماطة (عارية)، والحمد لله لم يكن رواد (القاعدة) قد دخلوا العراق في وقتها بعد.. لأقول.. ربما هم كانوا السبب وراء إختفاء الطماطة، بصفتهم يمنعون ظهورها كونها (مؤنث)، بجانب الخيار بصفته (مذكر)، وفي خضم تلك الأحداث المُتسارعة حولَ مُستقبل الطماطة! ومن أهم نتائج الزيارة الميمونة للقائد الضرورة لعلوة الخضار، ومن نتائج إجتماعاته، تم إيجاد الحلول والبدائل لهذه المشكلة وحلها جذرياً. وتم إخطار إدارات الفنادق رسمياً بسلسلة إجراءات وتوكيل مراقبة تطبيق هذه الإجراءات المهمة الى دائرة الأمن الإقتصادي، وبالطبع هذه الدائرة غنية عن التعريف والكثير من العراقيين يعلم من هم منتسبيها وكادرها (المرعبين) الذين كان أغلبهم من المرتشين والقفاصين، وكان من أهم الإجراءات مايلي:
تحديد صندوقين من الطماطة لكل فندق يومياً يَستلمهما أحد مُنتسبيه بموجب كتاب رسمي صادر من إدارة الفندق (ياسلام شوف التنظيم) على أن يكون متواجد في علوة الخضار في تمام الساعة الرابعة صباحاً لإستلام الحصة. وبالفعل في اليوم التالي أرسل كل فندق مبعوث له!...أقصد أرسل موظف له مع سيارة مشتريات (مع بنزين) وصندوقين فارغين مع كتاب رسمي صادر من الفندق لجلب الكنز!! وأقصد الطماطة.. (أرجو ملاحظة تكاليف هذه العملية الجبارة) ...وفي أحد الفنادق وبعد إنتظار طويل وكأن الجميع في حفلة عرس بإنتظار العريس والعروسة...يحضر الموظف في تمام الساعة الثانية عشرة ظهراً بخفي حنين وكما يقول المثل (إيد ورا وإيد كدام)... يمعود شنو السالفة... وإذا بالموظف.. يجيب (والله ماحصلت... وموظفي الأمن الإقتصادي يريدون رشوة)،الى هنا وأترك الباقي للقارىء الكريم.
تصوروا دولة بكبر العراق ورئيسها ينزل الى هذا المستوى والوضع، وينشغل الجميع بموضوع مثل موضوع الطماطة. إن الذي جعلني أتذكر وأكتب هذه المقالة وبهذه التفاصيل... هو السياسة التي كانت تتبعها حكومة الثورة وسياسة ذلك الحزب الأوحد الذي كان يذكر في كل مناسبة وثانية إن (الإنسان هو هدف الثورة وغايتها) ...تلك السياسة العمياء التي كانت عكس ذلك! والتي لم تجلب سوى العار والدمار للعراق وتلطيخ سمعة الشعب العراقي، تلك السياسة التي جعلت من الأغلبية اليوم مرتشين بسبب الحرمان الذي عانوه طيلة عقود من الزمن... تلك السياسة وتلك الثقافة الحزبية اللعينة التي كان جل همها البقاء لأطول فترة ممكنة، وإشغال المواطن البسيط بشكل يومي وبشتى الأمور وإرغامة على الذل والمهانة والجوع وجعله يركض ويلهث فقط وراء لقمة العيش له ولإطفاله، ومايحدث اليوم من تسارع للأحداث في المنطقة العربية هو نتاج واضح لتلك السياسات وأمثالها، والتي جعلت من الإنسان لاحول له ولاقوة.. فقير في بلده أو مشرد خارجه!!.
بهذه المناسبة أقول لبعض هؤلاء في عراقنا الحبيب ولبعضهم الآخر الذين يتسكعون في دول الجوار والذين يحنون الى ذلك الماضي التعس ويريدون إرجاع عقارب الساعة للوراء أنهم واهمون فقد اضحت وأصبحت تلك السياسات التي كانت تعتمدها تلك الحكومة آنذاك من الخدع والأمور القديمة، والتي لم تعد تنطلي على أحد وأضحت اليوم في خانة كان زمان. كما أقول إن على حكومة العراق اليوم أن تعتمد سياسات جديدة مبنية على القدرات العراقية الشابة مع توفير كل المستلزمات الضرورية لبناء عراق جديد حُر وإضفاء الطابع المؤسسي على النظام السياسي الديمقراطي القائم على أساس العدل والإحترام، وأن تفكر جدياً في تغيير وتطوير مناهج التدريس في المدارس والجامعات لتتناسَب مع التوجه المدني المعاصر، ويجب علينا في نفس الوقت نحن العراقيين أن نفكر بالإرتباط بهوية وطنية أسمها (العراق) وليس هوية تقوم على أساس جماعة عرقية معينة.
صحيح إن العراق اليوم مَريض لكنه سيشفى بأقرب فرصة ممكنة وإن كل بقايا ذلك النظام وتلك السياسة (بعض هؤلاء) هم راحلون بدون رجعة لأنهم ببساطة لايستطيعون أن يتأقلموا مع الحرية والعدل والمساواة. وأن نبدأ بكتابة التاريخ بشكله الصحيح وليس بالشكل المشوه الذي كتبه ذلك النظام من خلال ضخ أموال العراق والعراقيين. 
 ورَجعت الطماطة مرة ثانية الى الأسواق، وفَرحت الجماهير بعودتها سالمة مكرمة بدون سوء، وإدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح. 

د. علاء كنـــه
سان دياكو/ كاليفورنيا

24
إكرامية الزواج....... وجرحى الإنتفاضة

بقلم: د. علاء كنــــــــــه
    الكثير من العراقيين وربما أغلبهم لم يسمعوا بكل مغامرات القائد المنصور بفعل التعتيم والطوق الإعلامي الذي كان يفرضه على العراق والعراقيين آنذاك... وقد يستغرب البعض من عنوان مقالتي هذه، تذكرت بألم الأيام الخوالي في مطلع التسعينيات وتحديداً في عام 1991 حين تسلمنا وبفرح غامر نحن الشباب إكراميتنا من القائد المنصور أو كما كان المعتاد أن يَطلق العراقيين على هذه الصرعات بــــــــ(المكرمة) وأقصد هنا إكرامية الزواج والتي كان مقدارها 1000 دينار – دينار ينطح دينار- والتي لم تكن كافية حتى لشراء أبسط مستلزمات الزواج، حالنا حال المتقاعدين الذين أستلموا مكرمة الــ(دجاجة) في أحد أيام شهر رمضان المبارك في أحدى السنوات!! نعم في أحدى السنوات وليس كل سنة (لاتروحون بعيد)!!... ولم نكن نعلم في وقتها ما كان يخفيه لنا القائد المنصور من هذه المكرمة. والتي كانت خدعة إبتلعناها بكل سهولة كالطعم من دون أن ندري!! حيث كان الغرض منها تحفيز الشباب على الزواج ومعادلة التخلخل الإجتماعي الذي حل بالمجتمع العراقي آنذاك... المهم وحسب ماأعرفه عن المفهوم البسيط للإكرامية هو العطية أو مايمنح طواعية للفرد ويكون غير قابل للإسترداد، ولكن ماحصل معنا نحن العراقيين (أبناء عراق النفط) كان غير ذلك كالعادة، حيث بعد أكثر من سنتين تفاجأ الكثير منا بقرار من رئاسة الجمهورية بضرورة إرجاع مبلغ الإكرامية عداً ونقداً الى خزينة الدولة وإلا..... وبالطبع الجميع يعرف الباقي، وأقصد عواقب مخالفة القائد وبطشه آنذاك، فربما قد تقطع يده أو أذنه أو يقطع لسانه، أو يوصم بوصمة العار على جبهة الرأس (مثل مسلسل لن شنغ) أيام زمان... وبالفعل أصطَف المئات منا وكان لي الشرف بأن أكون أحدهم في طابور طويل وتحت أشعة الشمس اللاهبة (ونحن الممنونين!!) على باب دائرة خزينة الدولة والتي كان مقرها في منطقة باب المعظم آنذاك حسب ماأذكر، لغرض إرجاع مبلغ الإكرامية (التي لم تكن في وقتها كافية حتى لشراء قطعة حلوى لطفل)، وإستلام وصل بذلك، وسط حيرة الجميع عن سبب منحنا إياها ومن ثم المطالبة بها؟ هنا أتسأل هل يمكن أن يصدق العاقل هذا؟ ظلت هذه الحادثة كغصة في صدري وظليت أسأل نفسي هل أن الدولة فعلاً بحاجة لإسترجاع مثل هذا المبلغ التافه منا؟ وهل من الشهامة والرجولة بان يطالب بهذا المبلغ من الذين ذرفوا دمائهم في حروبه المجنونة، وأضحى الملايين منهم بسببه تحت خط الفقر. وهل بهذه الطريقة يُكافأ هؤلاء؟ مجموعة من الأسئلة حيرتني لعدة سنوات بعد هذه الحادثة. وقد يبرر البعض ويقول ربما كان العراق تحت وطأة العقوبات المفروضة عليه وإحتاج لتلك المبالغ!... ربما نعم، ولاسيما عندما قرر القائد الضرورة قبل الحرب الأخيرة في رسالته للشعب الأمريكي أن يمنح المتسولين الأمريكان 100 مليون دولار ظناً منه بان ذلك سيشكل ضغطاً على الحكومة الأمريكية لعدم دخول الحرب مع العراق، أو ربما عندما شاهدنا تلك الأموال (الدولارات الحلوة) كيف كانت تحترق وبالملايين في القصر الجمهوري بعد قصف قوات التحالف لقصر القائد (العبد الفقير)!!
   أنا سأجيبكم على هذا السؤال بصرعة صغيرة وواحدة من صرعات القائد المنصور، عشتها شخصياً لأبين كيف كان القائد يعامل أبناء شعبه، وللذين يتباكون ويذرفون الدموع ويترحمون لأيامهِ التليدة، ولتذكيرهم بها... ولأبين كم كان منصفاً مع أبناء شعبه وكيف كان يغدق الأموال على كل من هب ودب على وجه الأرض.
     شاء القدر أن أعمل بصفة أستاذ جامعي في أحدى الدول العربية المجاورة للعراق، وفي أحد الايام من عام 2000 إتصل بي هاتفياً أحد أقاربي وهو طبيب يعمل على ملاك وزارة الصحة ليبلغني بنبأ وصولهِ للبلد بايفاد رسمي، وبأنه يعمل يومياً في أحدى المستشفيات وأعطاني العنوان كاملاً، وبالفعل أتفقت معه على أن أزوره في اليوم التالي بحكم العلاقة العائلية التي تربطنا لغرض الترحيب بسلامة وصوله والأطمئنان على صحته ورؤيته، وما أن حل اليوم الثاني حتى شددت الحزم ووصلت المستشفى التي يعمل فيها قريبي وكان بإنتظاري عند البوابة الرئيسية لها، والتي كانت تقع في أحد أحياء العاصمة ومن أغلى مستشفياتها، فرحبت به وتبادلنا أطراف الكلام، ومن ثم طلب مني مرافقتهُ الى الطابق الذي كان يعمل فيه، وما أن دخلت حتى رأيت مالم أكن أتصورة مطلقاً، فقد كان الطابق مزيناً بالكامل بالعشرات من صور القائد المنصور (في تلك الدولة!) محاطة بالسعف والأوراق الملونة وكأني كنت في إحتفالية لعيد ميلاده الميمون... دخلنا للردهات وإذا بكل ردهة أثنين أو ثلاثة مصابين بحالات متنوعة وأمام كل مصاب صحن كبير من الفواكه يعلوها الفاكهة المدللة- الموز- (الذي كان حسرة على كثير من العوائل العراقية)، وعندها لم أعد أحتمل فابلغت قريبي بأن فضولي سيقتلني، وأريد أن أسمع القصة كاملة، فاخذني الى الغرفة وسرد لي القصة وكانت كالتالي...
إن الراقدين الذين رأيتهم هم من جرحى الإنتفاضة في فلسطين ويتم إحضارهم الى هذه المستشفى ليتعالجوا على نفقة الحكومة العراقية مجاناً، الى هنا كل شيء معقول...ربما، وبعد فترة علاج المصاب والتي تختلف من مصاب لآخر، ويتماثل للشفاء يُغادر المصاب المستشفى بعد أن يتم تسليمه مبلغ 1500 دولار كمكرمة من القائد الضرورة، ليرجع الى بلده معزز مكرم مشافى، وحسب علمي إن البعض منهم قد أصيب مرة ثانية وعاد الكرة مرة ثانية وهلم جرا...(طبعاً إذا كان الدفع مستمر لم لا؟) المهم، من شدة فضولي سألته عن كيفية إجراء العمليات والعدة والأدوية فأبلغني أنه تم تأجير هذا الطابق بالكامل ودفعت تكاليفه من قبل السفارة العراقية. أما بخصوص الكادر الطبي فيتناوب عليه موظفي وزارة الصحة حيث يتم (إيفاد) طاقم كامل مؤلف من 10 أشخاص شهرياً مابين طبيب وطبيب جراح وطبيب كسور ومخدر ومساعدين، وسميت في وقتها بــ(الفرق) وبصحبتهم سيارة أسعاف حديثة و(طن) من الأدوية (ياسلام شوف الدلال!!) وتذكرت كيف كنت في وقتها أسمع وأرى بأم عيني كيف كان المرضى العراقيين (المكاريد) يتحسرون على الأدوية في ظل العقوبات المفروضة عليهم، لا بل يحتارون من أين يشتروها ومن أي بلد وكيف يوصولونها الى بغداد وخاصة لذوي بعض الأمراض المستعصية؟ وتذكرت فوراً ألـ 1000 دينار عراقي (مالتي) والتي لم تكن تعادل في وقتها الـــــ 10 سنتات والتي منحني إياها القائد الضرورة كمكرمة وإستردها مني عنوة!! وقلت في نفسي ربما قد ساعد هذا المبلغ في شفاء أحد جرحى الإنتفاضة؟ ربما، لا بل ربما كنت أحد المساهمين لا بل من المشاركين في الإنتفاضة دون أن أدري؟ وهنا أريد أن أسأل أحد شيوخ الفضائيات ليفتيني بفتوة تؤيد ماذهبت اليه..لأرتاح نفسياً!!
المهم... بعدها دعاني قريبي الطبيب  لمرافقته الى سكنه لنقوم بعدها بجولة في المدينة، لكوني كنت أسكن في منطقة تبعد قليلاً عن العاصمة، فتبين لي أن الطاقم الطبي كله كان يقيم في أحدى العمارات التي هي عبارة عن شقق صغيرة مفروشة في أحد احياء العاصمة، حيث كان مؤجراً بالكامل من قبل السفارة العراقية أيضاً لقاء المنام مع ثلاثة وجات طعام وإن صاحب الفندق هو عراقي متزوج من عربية ( ياسلام شوف الصدف؟؟)، وكانت أجرة الغرفة الواحدة مايقارب 110 دولارات!! وهو سعر خيالي في وقتها حيث كان يعادل سعر غرفة في فندق درجة أولى في العاصمة، فقلت في نفسي كل هذه النفقات والقائد المنصور يبحث عن 1000 دينار التي منحها لبني جلدته من العراقيين.
أنتظروا لم تنته القصة بعد... فقد إستمرت هذه المكرمة على هذا الحال وأقصد هنا إيفاد هذه الفرق لفترة قاربت العامين الى وصلت الى عشرون فرقة، وكانت مدة كل فرقة شهر واحد كما ذكرت، وبعملية حسابية بسيطة يمكنكم إحتساب كلفة هذه المكرمة قياساً بمكرمتي، لا بل لو إن الله لم يلطف بنا وتحدث الحرب الأخيرة لكانت الفرق هذه مستمرة بعملها لغاية اليوم ... ومن يدري فربما قد يكون من ضمن أحد أفراد طاقمها في أحد الأيام أحد أولادنا! من يدري ربما!
كم أحزنتني تلك الحادثة وتذكرت حالنا نحن العراقيين وتألمت وتأسفت الى الطريقة التي كانت تصرف فيها أموال العراقيين، والتي كانت تنفق فقط بأمر القائد الضرورة لرشي الذمم وكتم الأفواه أو التمجيد له سواء في وسائل الإعلام أو في القنوات التلفزيونية،... كان الأجدر به إشباع شعبه ومن ثم يغدق بها لمن يشاء ويكسب الدعاء والتمجيد والمديح. تألمت كثيراً للذين فقدتهم من أصدقاء ومعارف في الحروب وللذي جرى للعراقيين وما آل اليه حالهم في الغربة والشتات، تألمت للذين يكافئون اليوم مرة أخرى بإحدى المكارم من خلال ذبحهم وتهجيرهم بعد زواله! وتألمت للذين وجدوا أنفسهم خارج أسوار الوطن منهم بإرادتهم ومنهم مجبرين لا لشيء فقط لأنهم أحبوا العراق وأحبوا شعب العراق.

 ملاحظة: (إن الغرض من هذه المقالة هو فقط سرد لواقع حصل فعلاً وليس لها أي غرض سياسي معين... والغاية منها هو لتذكير العراقيين بتلك الأحداث التي حصلت لهم وكما يقال ذكّر...عسى أن تنفع الذكرى!!)
                                                                                 د. علاء كنــــه
                                                                              سان دياكو/ كاليفورنيا

25
الحسناء (ساجدة) وحمايتها ....والوحش (النجيفي) وسائقه 

بقلم : د.علاء كنـــه

لاأدري كيف أبدأ ومن أين أبدا ....هل أبدأ بالحسناء ...أم أبدا بالوحش.... لايستغرب البعض مما أكتبه ولكن ماأريد ان أكتبه اليوم هو إن الله قد إبتلانا نحن العراقيين بهموم تختلف عن هموم باقي العالم .....والظاهر إن هذه الهموم لن تنزاح عن صدورنا إلا بمعجزة إلهية على ما أعتقد؟ قبل أيام قرأت على مواقع إلكترونية عديدة فضيحة جديدة مع تعليقات مخزية بخصوص الأمر الصادر بسفر الوفد النيابي العراقي الموقر برئاسة أسامة النجيفي الى سويسرا للمشاركة في أعمال الدورة ألـ 25 للإتحاد البرلماني الدولي......وإصطحابه للسفرة معه أثنين من أشقائه (محمد وأحمد) المستشارين في مكتب رئيس مجلس النواب. وأبنه (سنان) السكرتير الخاص لرئيس مجلس النواب والسائق الأقدم له (أدريس محمد سعيد) على وزن (المرافق الأقدم) أيام زَمان!! .....الى حد هنا يمكن للعاقل أن يستفسر هل أن العشيرة كلها تعمل في البرلمان؟  أم نحن لازلنا في نفس العقلية القديمة (كلمّن يجيب حَبايبه)؟  إن الفشل الذي نحن في أعلى درجاته اليوم مردوه إننا لازلنا نسير بنفس الاسلوب القديم أي (نفس الطاسة ونفس الحَمام) وما أقصده هنا التالي:
في بداية الثمانييات ومع إستعار الحرب العراقية الإيرانية وكما يعرف الجميع إن السفر كان محصوراً فقط على أزلام النظام السابق وعشيرته وحاشيته ورعاياه، وممنوعاً على سائر البشر من العراقيين وكان عليهم لزاماً الموت جهراً في الحرب، وكيف أضحى الملايين منهم من تجاوز الخمسين عاماً من العمر ولم يرى باب طائرة!! على عكس دول العالم حيث يتنعم الجميع بمتعة السفر، ومنهم الفتيان والفتيات لوحدهم ليتجولون حول العالم....المهم في وقتها تلقت إدارة مطار صدام الدولي وأقصد هنا مطار القائد المنصور مكالمة هاتفية من أحد مطارات باريس في فرنسا تستفسر عن سبب قدوم طائرة بوينغ 747 تابعة للخطوط الجوية العراقية من بغداد الى مطار باريس بدون موافقات أولية بين الطرفين وعلى متنها خمسة ركاب فقط!!! وسادت حالة من الإرتباك والفوضى إدارة مطار صدام، وبدأ الكل يهمس كالعادة بصوت خافت ولاينبس بأي كلمة حول الموضوع من شدة الخوف، وكانت الحيرة بادية على الجميع، إلى أن تشرف السيد مدير صالة التشريفات ونطق........نعم إنها رحلة خاصة وكان على متن الطائرة الحسناء ساجدة (حرم القائد المنصور) وأربعة من أبطال الحماية لمرافقتها لغرض مهمة تسوق في شوارع وضواحي باريس، حيث كانت تنقصها بعض الأشياء واللوازم التي كانت قد فُقدت من أسواق العوجة!! المهم، كان رد إدارة المطار الفرنسي هو كيفية إرسال طائرة بوينغ 747 ذات ألـ 406 راكب فقط بخمسة ركاب من بغداد الى باريس وتحَمُل عَناء تكلفة تلك الرحلة وكلفة الوقود والجدوى الإقتصادية منها؟ تصوروا إن الفرنسيين كانوا أكثر حرصاً على المال العام العراقي من العراقيين!!!! أترك الجواب لكم؟ والحليم تكفيه الإشارة.
ياأخوان ما أريد أن أقوله إن الوضع العراقي هذا هو من أيام زمان وأقول لكم الأن لاتستغربوا من مايحدث اليوم...أنها فرصتهم ليستفيدوا وحاشيتهم على حساب خزينة الدولة، وإن النجيفي وعشيرته على الأقل كانوا مسافرين لغرض رسمي!! وهم أفضل حالاً من الذين كانوا يسافرون على متن طائرات خاصة لغرض التسوق؟ فما المشكلة إذن، على الأقل ليس لدينا الأن حروب والكل مرتاح نفسياً ويعيش حالة من البهجة والسرور ومتنعم بالماء والكهرباء وبقية الخدمات الأخرى على مدار الساعة؟ على عكس أيام القائد المنصور!! والشيء الأخر ماهي المشكلة في صرف بضعة ملايين من الدولارات من المال العام للإشتراك في مؤتمر عالمي للسواق، ...عفواً (مؤتمر برلماني)، على الرغم من إنهم لن يفقهوا منه شيئاً!!.
أود أن أصارحكم وأقول لكم إن الغرض من سفرتهم هذه هو فقط لمشاهدة سويسرا والتمتع بمناظرها الخلابة والتسوق منها، وإلتقاط الصور وربما ليضَعونها على الفيسبوك!! ولن أقول أكثر من هذا...وبالمناسبة حسب ماعلمت من مصادري الخاصة إن السائق الأقدم..عفواً الإستاذ الفاضل (أدريس محمد سعيد) الذي كان من ضمن الوفد كانت له مهمة خاصة وهي مهمة قيادة الطائرة عند إستراحة الكابتن، لأنه يعرف الطريق جيداً الى سويسرا، دون أن يمر بالحواجز الكونكريتية، متجاوزاً بذلك نقاط التفتيش ؟؟. لذا فانا فنحن على موعد أحر من الجمر لرؤية صور الوفد على الفيسبوك، ولنتمتع برؤية السائق وهو يقود الطائرة وأخوان النجيفي على جانبيه (كاعدين بالصدر).........


                                                                                                        د.علاء كنــه
                                                                                                  سان دياكو/كاليفورنيا

26
حليب الكيكوز... ومنال يونس الآلوسي.... والقوات الأمريكية

 
بقلم : د. علاء كنـــه
     تولدت لدى كثير من الشعوب وللأسف الشديد وبفعل عوامل كثيرة ثقافة – الإنتهازية - والتي تعتبر أحد أخطر الأمراض التي تزعزع المجتمعات، وهذه الظاهرة بالمفهوم البسيط تعني إتخاذ الفرد لمواقف أو قرارات في سبيل تحقيق غايات أو مصالح فردية (شخصية) على حساب الأخرين، أي حب الذات والمصلحة الشخصية وتفضيلها على المصلحة العامة، ومثال ذلك عدم الشعور بالمسؤولية وكيل الأمور بمكيالين وحسب الموقف أو الظرف....إلخ. وفي إعتقادي إن السبب في ذلك يعود الى نفسية هؤلاء الإنتهازيين وخلفياتهم الفكرية والثقافية التي ترعرعوا عليها، كما تلعب أنظمة الحكم المتسلطة على تلك الشعوب دوراً كبيراً في زراعة تلك الثقافة لإدامة فترة حكمها وفرض سيطرتها على مجتمعاتها. وبرزت تلك الثقافة أو الظاهرة المقيتة في العراق للسطح عندما زرع النظام السابق بذورها أو شجع أفرادها لنجني نحن ماوصلنا اليه الآن من حال. ويتضح هذا بشكل جلي وواضح الآن على بعض سياسّي هذا الوقت. حيث قرأت قبل أيام مقالة لأحد الزملاء حول مادار في أروقة مجلس النواب العراقي من نقاشات حامية الوطيس بخصوص موضوع الساعة وهو موضوع خروج القطعات الأمريكية من العراق بعد إنتهاء فترة بقاءهم !! ولم يكن السبب حسب ما علمت من المقالة سياسياً أو ماشابه ذلك؟؟ ماذا تتصورون كان السبب؟ السبب هو وحسب مادار الحديث بين عدد من هؤلاء النواب السياسيين إن العراق دولة إسلامية ولايجوز أن يولى على المسلمين من النصارى....ولا أعرف هنا بماذا أجيب على هؤلاء؟ المضحك المبكي إن هؤلاء قد تذكروا الأن إن الأمريكان هم نصارى!! ولا أعلم أين كانوا منذ عام 2003 ولغاية اليوم ؟ والظاهر أنهم أما كانوا نياماً أو قد حلوا على العراق من المريخ؟ ...المهم هذا ليس موضوعي، ولست ضليعاً بالسياسة لأبين وجهة نظري بهذا الموضوع، ولست رجل دين لأفتي بفتوة أبين فيها مدى صحة هذا الأمر من عدمه... وإنما ما أريد أن أوضحه هنا إن هذه الطبيعة أو هذه الثقافة هي ليست وليدة اليوم بل هي علة أو بالأحرى مرض إضافة لكونه موروث قديم توارثناه نحن الشعوب العربية أباً عن جد ونحن منهم، وأقصد هنا ثقافة 35 سنة من عسكرة الثقافة والحزب الواحد. نحن المجتمعات العربية بالأخص للأسف بوجهين ودائماً نريد ان نُسّير الأمور مثل ما نريد وحسب ماتقتضيه الحاجة، وحتى من الناحية الدينية!!!! وخير دليل على ذلك الفتاوى التي تطلق بين الحين والأخر من قبل رجال الدين وشيوح الفضائيات، أو كما يلقبهم البعض بـــ(شيوخ بلا حدود)، حيثُ فلان يُحلل وعلان يُحرم حتى داخل نفس الدولة الواحدة وحتى بخصوص نفس الموضوع كما هو الحال مع البطلين الطنطاوي والقرضاوي!! وسأروي بهذا الصدد حادثة عاصرتها وأتذكرها جيداً تؤيد ماذهبت اليه..... يتذكر جميع العراقيين الشرفاء في نهاية السبعينيات من القرن الماضي عندما كان العراق في عز شبابه، وكان توجه "حكومة الثورة" في وقتها نحو الخطة الإنفجارية ومارافق ذلك من تزمير وتطبيل في مختلف وسائل الأعلام من إذاعة وتلفزيون وصحف محلية بضرورة إشراك المرأة في المجتمع وزجها في العمل جنباً الى جنب مع الرجل لغرض بناء المجتمع. ولم يكن هناك في وقتها أي إعتراض على ذلك لما كان يشهده العراق من إنفتاح ذهني وتقدم ثقافي وإجتماعي في وقتها، وأتذكر أيضاً كان في وقتها حليب الكيكوز (حليب الأطفال) يغزو الأسواق العراقية، وكيف بدات وسائل الأعلام والتلفزيون بحملة ضارية على قدم وساق في وقتها لتعلن وتذيع على إن الحليب الصناعي (الكيكوز) أفضل من الحليب الطبيعي للأم!! لا بل أكثر فائدة منه!! وإن على المرأة أن تعمل، ويمكن للحليب الصناعي أن يحل محل الرضاعة الطبيعية!! لحد الأن كل شي يبدو معقولاً ومنطقياً ويمكن تصديقه؟ وبالفعل إنخرطت الآلآف من العنصر النسوي في العمل. وكانت بادرة خير للعراقيين كمرحلة لبداية جديدة لبناء عراق جديد، ولكن سرعان ما أنقلبت الأمور رأساً على عقب بين ليلة وضحاها عند دخولنا في دوامة الحرب العراقية الإيرانية والتي كانت من أطول حروب القرن العشرين وأكثرها دموية، وبدأت قوافل الشهداء تتوافد على المحافظات العراقية، حتى بدأت وسائل الإعلام والصحافة في وقتها حملة نشطة معاكسة لتطبل وتهرج مرة أخرى ولكن هذه المرة كانت على أن حليب الأم أفضل من الحليب الصناعي ولايمكن للرضاعة الصناعية أن تحل محل الرضاعة الطبيعية بأي حال من الأحوال، وكأنهم تناسوا انهم كانوا يطبلون سابقاً لصالح الرضاعة الصناعية، وكأن العراقيين هم في حقل تجارب وفي درس لمادة العلوم. المهم ... طبعاً كان الغرض من هذه الحملة هو جلوس المرأة في البيت وإنحسار دورها في المجتمع والتفرغ فقط للإنجاب، وبالفعل تم مباشرة إطلاق حملة لزيادة الإنجاب وتفرغت أو بالأحرى ترأست الحملة المدعوة منال يونس الألوسي بحكم وظيفتها (رئيسة الإتحاد العام لنساء العراق) لغرض المضي قدماً لإنجاح الحملة عن طريق الأتحاد، وصلت الأمور لمرحلة أن تقف المدعوة (منال) في أحد الإجتماعات وتعلن على الملأ وأمام عدسات الكاميرا ومن خلال التلفزيون بإعتبارها قدوة إنتهازية للعراقيات، على إنها (حامل) ويبادر جميع الموجودين في الإجتماع بالتصفيق الحار وكانها(جينفر لوبيز)، لا بل وكانها أحدى الفائزات بجائزة نوبل.
بالطبع كان الغرض من هذه الحملة الإنتهازية جملة أمور من أهمها هو خلق جيل جديد لحروب مستقبلية جديدة والتاريخ أثبت ذلك من خلال زج العراق بحروب منذ عام 1980 ولغاية 2003، وفعلاً تمت تسمية جيل كامل بـ(جيل القادسية) وتم ختم تلك العبارة على بطاقة الأحوال المدنية العراقية للمواليد الجدد. وكذلك لتعويض الشهداء الذين تساقطوا في الحرب العراقية الإيرانية.
من الظاهر إن البطل المنصور كان يخطط أن يقضي جميع العراقيين معظم حياتهم في حروب، من حرب لحرب والتي كانت أحدى انجازات الثورة. والجميع يتذكر جيداً ما رافق وماتلا الحرب العراقية الإيرانية من إختلال واضح في المجتمع العراقي من الناحية الديموغرافية للسكان من حيث إرتفاع نسبة معدل الإناث على الذكور، وكيف حاول القائد المنصور في وقتها إحداث تغيير في النسيج العراقي والتركيبة السكانية له حينما حاول توطين أكثر من أربعة ملايين مصري كانوا قد إستقدموا كأيدي عاملة محل الأيدي العاملة العراقية لإنشغال الجميع في الحرب ومارافق ذلك من إشكالات ومضاعفات إجتماعية خطيرة كثيرة على المجتمع العراقي لامجال لذكرها الأن، إلا أن محاولته فشلت بعد أن زج بقسم منهم في الحرب وبدأت قوافل توابيت الشهداء المصريين تتوافد الى مصر ومن ثم بدأ عملية نزوح عكسية لهم من العراق.
إن الغرض من هذه المقالة هو ليس نبش الماضي الأسود والذي أوصلنا الى ما نحن الأن عليه، وإنما هي فقط لتذكير بعض هؤلاء الذين يتشدقون بالديمقراطية على أنهم سياسّي اليوم وأقول لهم أن الإنتهازية موجودة في كل زمان ومكان، ومثلما كان النظام السابق يتلاعب بعقلية العراقيين بإنتهازية وبأساليب مختلفة، ها هنا نرى اليوم نفس الشيء وكيف يتلاعبون هؤلاء بعقلية العراقيين بنفس الأسلوب وبإختلاف الوقت والظرف، وما أقصده هنا من ناحية الدين، وإتخاذه شماعة لهم لتبرير مواقفهم الإنتهازية. وأحب أن أذكر أيضاً إن هذه الأفكار تعود بوادرها أيضاً للنظام السابق عندما تذكر القائد المنصور الله في آخر أيامه وأمر بتطبيق الحملة الإيمانية، والتي كانت أول البذور التي زرعها لنجني نحن جيلاً متشدداً أنخرط المئات منهم وبكل سهولة في جماعات دينية وميليشيات متطرفة الحقت الأذى بالعراق وبالعراقيين بمختلف فئاتهم وطوائفهم. إن علينا أن نقف جميعاً ضد هؤلاء من حملة شهادة (الإنتهازية) بصفة أن أكثرية أعضاء مجلس النواب هم من حملة الشهادات العليا، وأن نقول لهم إن العالم قد تغير، وأن علينا مسؤولية أن نحمي عراقاً بلداً وشعباً قبل أن يسقط للهاوية. وختاماً أقول لهؤلاء النيام إن موعد إستلام رضعتهم من حليب الكيكوز ربما قد حان موعدها، لا بل أقترح عليهم أيضاً أن يصوتوا على إعادة إستيراد حليب الكيكوز مرة أخرى وخاصة لتفرده بالعديد من الخصائص بعد أن تم تعديله وتدعيمه ببعض العناصر الغذائية بحيث أصبح أقرب مايمكن لحليب الأم عل وعسى أن يقلل من إنتهازيتهم ويرجعوا الى صوابهم ويعوا وأن يضعوا مصلحة العراق فوق كل إعتبار، وأن يتركوا الدين لأهل الدين.
 
                                                                             علاء كنـــه
                                                                        سان دياكو/كاليفورنيا

27
      
سـ........ كوليرا.....وثورة المليون شهيد
بقلم: د.علاء كنــــــــه


       بعد حصول العراق على جائزة منظمة اليونسكو في عام (1979) في القضاء على الأمية هاهو يعود مرة ثانية الى مرحلة الصفر، حيث تشير الإحصائيات التي أطلقتها وزارة التخطيط العراقية، وللأسف الشديد عن وجود (8) ملايين عراقي لايعرفون القراءة والكتابة أي بنسبة تتجاوز (26%) من عدد سكانه. ويعود السبب في ذلك الى عدم توفر المدارس والى الظروف الإقتصادية الصعبة وتدهور المستوى المعيشي للأسرة نتيجة الحروب وآثار الحصار على هذا الشعب المظلوم، وهذا من حظ العراقيين للأسف حين إبتلاهم الله بالنظام السابق الذي حول خيرة أبناء الأمة الى وقود للحروب ليشبع رغباته وأن يطلقوا عليه لقب المنصور والبطل القومي.
       المهم ليس هذا موضوع مقالتي، ولا علاقة لعنوان مقالتي بربيع الثورات العربية، وانما تقتلني الحسرة الى ما آل اليه العراق من حال وأين وصلت بقية الدول حتى المجاورة له من أحوال، وكيف أن دولاً صغيرة أرتفع أسمها عالياً في المحافل الدولية كما هو حال دولة الأمارات... التي كان العراق في عام (1976) يقدم لها الدعم اللوجستي من خبرات وكفاءات ومعدات. وبنفس الوقت ما آلت اليه أحوال العراقيين في بلاد الشتات في الغربة.    
      أستلم بين الحين والآخر من أصدقاء لي الكثير من الرسائل الألكترونية بخصوص مايحدث في أرض الوطن من مفارقات غير موجودة حتى في أكثر البلدان تخلفاً، ومنها تزوير الشهادات العليا، ومنح الوظائف والمناصب لأشخاص غير مؤهلين فقط لأنهم محسوبين على جهات معينة أو تدعمهم جهات أخرى، إضافة لأمور أخرى كثيرة. ولا أعرف لماذا ينزعج البعض منهم وينفعل، وبيني وبينكم أنا أيضاً أنزعج وأتألم في حين يعلم جميعنا علم اليقين بان مايحدث الآن هو من تبعيات الماضي وثقافته، عندما كانت تحكمنا شلة من الجهلة والمنافقين، وهم من أراد أن يصل العراق الى ماوصل اليه اليوم، حين حاول النظام السابق السيطرة على كل مفاصل الحياة والتغلغل في جميع مرافقها، من خلال أرهابه لجميع المواطنين العراقيين لا بل حتى العصافير بأن مصيرهم هو جزيرة الواق واق في حال عدم مواكبتهم لخطى الثورة وأن يدافعوا عنها حتى لو كلفهم ذلك حياتهم وأن يبقوا بدون دراسة أو بدون ظروف معيشية مناسبة.
   إن الملايين من العراقيين في تلك الفترة كانوا ضحايا النظام السابق وإن للكثير منهم ذكريات أليمة... وخير مقولة تلخص ما كان عليه الوضع في العراق آنذاك هو ماذكرته إحدى قنوات الأعلام الأجنبية (إن العراق كان يحكمه وزراء لم يكملوا الإبتدائية)، وهذه الحكمة كافية لتدل على الواقع الذي كنا نعيشه تحت جنح الظلم.
      وأستبشر الجميع خيراً بعد السقوط وهي كلمة مقيتة لا أحب أن أطلقها على مدينتي العزيزة ولكن للأسف أدخلها بعض أشباه الكتاب والجهلة للتاريخ. نعم تمنى الجميع أن يكون الوضع الجديد للعراق أفضل حالاً ليس لنا وإنما لمستقبل أولادنا، بعد ان ذقنا الأمرين في قادسية الكاوليات وحروب الخليج التي راح ضحيتها الملايين والتي ليومنا هذا لم يعرف أحد ماذا كان سبب هذه الحروب وماذا جنينا منها.
      وأود هنا ان أذكر واقعة حدثت لي شخصياً لأبين كيف كان يتم التعامل مع البشر في وقتها وان الحكم كان للأقوى وكيف كان يحكمنا قانون الغاب، حيث  صادف في أحد الأيام  في شهر أب من عام 1988، وأنا أشاهد التلفاز بإعلان من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي/دائرة البعثات، عن وجود بعثة دراسية واحدة للماجستير الى جامعة محمد الخامس في المغرب بنفس تخصصي، خاصة وأني كنت من الطلبة الأوائل على قسمي وعلى طلبة الجامعة المستنصرية. فملئني شوق غامر كشاب في مقتبل العمر بالتقديم وخاصة ان الدراسات العليا لتخصصي كانت غير موجودة في العراق في وقتها، وإن معدلي العالي (89.56) كان يؤهلني للتقديم وبكل سهولة. وصادف أيضاً إني كنت أخدم في الجيش العراقي بصفة جندي مكلف في وقتها واني قد أتممت فترتي العسكرية اللإزامية. وبالفعل تسابقت مع الزمن لإنهي كل أوراقي مع كل المستمسكات الضرورية من إستلام إستمارة التقديم من الوزارة وملىء كل الحقول بالبيانات المطلوبة عني وعن عائلتي وعن جد جدي،(كما كانت تنص التعليمات في وقتها)... والذهاب بها الى الجامعة وختمها من القسم ومن تسجيل الجامعة ومن ثم الذهاب بها الى وحدتي العسكرية ومن بعدها مختار المنطقة الذي فتح سجله التعبان وكيف بدأ يتصفح أوراقه وكأنه يقرأ فنجاني المقلوب وبدأ يدقق معلوماته عني وعن عائلتي، ثم قال ياولدي لا تحزن!!! فالمقسوم هو عليك المكتوب، وبالفعل ختم إستمارتي بعد أن أعطيته أياه، ومن ثم بدأت رحلة الفرقة الحزبية التي لم أسلم منها من براثنها اللئيمة إلا بتوصية من أحد الأصدقاء في المنطقة، ومن بعدها ختم الإستمارة من أم اللبن اللي كانت براس شارعنا، حتى زاد عدد الأختام فيها على أشهر السنة. وبعدها تقدمت بطلبي الأصولي الى إستعلامات الوزارة الذين أكدوا لي بأنه سيكون هناك إعلان عن يوم ومكان وزمان المقابلة. وبالفعل بعد حوالي أسبوع ومن مراجعتي كل يومين للوزارة، تم وضع إعلان على بوابة الوزارة يحدد فيه يوم المقابلة وكان 17/3/1988، وكان عدد أسماء الطلبة المرشحين هو (16) طالباً، ولاأعلم لماذا تم وضع أسماء المرشحين في الأعلان بشكل عشوائي وبدون ذكر المعدل ؟؟؟ وكان ترتيبي في القائمة هو السابع ولا أعلم لماذا حيث كانت معدلات أغلب المتقدمين أقل من معدلي بكثير، وأحتفظ بنسخة الإعلان ليومنا هذا...المهم، تلافيت المشكلة وذهبت بالفعل وكلي فرح وشوق للمقابلة في اليوم والزمان المحددين وأذكر جيداً كان وقت المقابلة في الساعة التاسعة صباحاً في مقر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في القاعة المخصصة للإجتماعات. وكنت أول شخص ينادى بأسمه من القائمة للدخول الى القاعة؟. كانت دهشتي كبيرة حينما رأيت الشخص المسؤول عن المقابلة كان الدكتور السيء الصيت سـ..........،أو كما كانوا يلقبونه بــ(سـ....... كوليرا) بحكم قضاءه فترة طويلة مديراً لدائرة الرقابة الصحية بوزارة الصحة. وإن الذي أدهشني أكثر بإني لم أكن في وقتها مصاباً بالكوليرا، ولم يكن لدي أي طفح جلدي، ولا أعلم سبب ترأسهُ مقابلة المتقدمين للبعثات في وقتها، وكانَ معه في لجنة المقابلة حسب ما أذكر أربعة أو خمسة أشخاص وكانوا جالسين صامتين كتمثال أبو الهول. وفعلاً جلستُ أمامهُ، وبدأ سـ..... كوليرا يتفحص إستمارتي وبدأ بإلقاء الأسئلة وكانت كالتالي (أرجو الأنتباه الى دقة الأسئلة العلمية):
س: أنت مسيحي
ج: نعم
س: أنت عسكري
ج: نعم جندي مكلف
س: زين، سؤال: الرئيس القائد قلد كوكبة من ضباط الجيش العراقي أنواط الشجاعة يوم 8 شباط 1984 ، وتكلم معهم سيادته، شنو كان صلب الموضوع.
ج: أترك الإجابة للقاريء الكريم.....لاحظ إن المقابلة كانت عام 1988، والسؤال كان عن خطاب السيد الرئيس لعام 1984؟؟
      والله في لحظتها راودتني نكتة يعرفها الجميع، وهي يحكى أن مدير شركة (عينة زايغة) أراد أن يعين سكرتيرة له بالعمل. وبالفعل تقدمت للعمل لديه سكرتيرتان، وكانت الأولى (جميلة للغاية) والثانية (دَمثة الخلقة) يعني بالمفتشر( ماينطلع بيها).. وطبعاً المدير حن على الحلوة ويريد أن يوظفها (أشلون؟) المهم، أستلم المدير طلبات التعيين منهما وأبلغهما بموعد ومكان المقابلة وبالفعل حضرت الأثنتان يوم المقابلة للشركة. ويوم المقابلة أبلغهما بانهُ سيقابل الأثنتان سويةً لضيق وقتهُ وليريهم كم هو عادل ومُنصف، وفي المقابلة سأل المدير السكرتيرة الأولى (الحلوة) السؤال التالي: حَدثت ثورة كبيرة في الجزائر ضد الأستعمار الفرنسي. ماهو أسم تلك الثورة، وبسرعة البَرق أجابت، ثورة المليون شهيد أستاذ، فَصرخ المدير صحيح بارك الله بك، ثم أستدار ليسأل الثانية (التعبانة) عددي أسماء المليون شهيد؟؟؟؟
   المهم بقيت أراجع التعليم العالي لأكثر من شهرين لمعرفة النتيجة وكيف غيرت هذه الأسئلة الثلاثة مجرى حياتي، إلى أن لطف وحن علي أحد الموظفين الشرفاء في الوزارة وأبلغني بعدم ضرورة المراجعة مرة أخرى، وبعد إلحاحي لمعرفة من هو سعيد الحظ بهذه البعثة، أبلغني بأن لا أخبر أحداً بالأمر فوعدته بذلك، فأبلغني بأنهُ أحد الموظفين العاملين في القصر الجمهوري.
     للأسف كانت الكثير من الأمور في بلدنا تحدث بهذا الأسلوب القذر للتخلص من الذين لايرغب النظام بهم حتى لو كانوا من أصحاب الكفاءات، ومنح المواقع والوظائف الى أشخاص لاتتوفر فيهم أية مؤهلات فقط كونهم من الموالين له، والكل يتذكر كيف تحولت الأمور في ليلة وضُحاها وأصبح المُراسلين (الفراشين) من الحزبيين رُقباء على المدراء العامين، ومن هنا يبرز دور وأهمية الأمية، والدليل على ذلكَ لم يكن ليستمر ذلكَ النظام لأكثر من 35 سنة مُتسلط على رقابنا مُحاط بتلك الثلة من الجهلة والأميين، والذي أستفادَ منه كل خلق الله حتى سكان موزمبيق وزمبابوي إلا العراقيين.... وأتذكر كيف كان النظام السابق يمنح البعثات الدراسية للطلبة العرب بالمئات وعلى نفقة القيادة القومية وغيرها، ويحرم منها الطلبة العراقيين ولاأقصد هنا التمييز بتاتاً، ولكن ما أقصده هو إن هؤلاء بعد أن تخرجوا رفض الكثير منهم العودة للعراق وفضل أغَلبهم العمل في الخارج مع المنظمات والجامعات التي تمنح رواتب عالية لهم. وقد كانت تُمنح البعثات (لبعض) الطلبة حتى من ذوي المعدلات المنخفضة فقط لأنهم كانوا من الموالين للنظام ومن ذوي المهارات السريعة في كتابة التقارير أو بالمعنى الصحيح (وكلاء)، وأغلبهم كانوا من الفاشلين بحيث كانوا يبعثون الى بعض الجامعات في أوربا الشرقية لتدني المستوى التعليمي فيها ولسهولة الحصول على الشهادات منها وبأقصر فترة ممكنة، ومارافق ذلك من مغامرات لهم في تلك البلدان أدى بعضها الى قطع علاقاته مع العراق في حينه. من هذه الحادثة البسيطة أقول لأخواني الذين يتضايقون من مايحدث الآن، أليست هذه هي الثقافة التي زرعها النظام السابق؟ وأليسوا هم أنفسهم أولئك البشر الذين خدموا ذلك النظام؟ أليسوا أنفسهم من ربى أولاده وأولادنا على تلك الثقافة؟ فما هو الفرق أذن.
     للأسف هذه الثقافة لن تزول في ليلة وضحاها، وانما تحتاج الى وقت طويل لتتعافى تلك النفوس (هذا إن تعافت... وأشك في ذلك). وبرأي الشخصي فانه لن يستطيع للأسف أي شخص من تغييرها بتلك السهولة التي يتصورها البعض منا. وإنما تحتاج الى تكاتف الجميع والبدء بثقافة جديدة بدأً من الطفل من خلال تغيير كل المناهج الدراسية وتغيير طبيعة ونفسية هذا المجتمع المعقد.
    وختاماً أقول لقرائي الأعزاء لقد بقيت في نفسي تلكَ الحادثة لحد يومنا هذا، وأذكر تفاصيلها جيداً لكوني كنت معنياً بالأمر وكم أستخف بي ذلك الملقب بــ (ســ.......كوليرا) والذي لازالت أبحث عنه لا لشيء وإنما فقط لأرى ماذا حل بمصيره، وقد سمعت من بعض الأصدقاء الطيبين بانه طلب اللجوء السياسي لأستراليا بعد ان أستولى هذا المناضل على خزينة دائرة الهلال الأحمر العراقية. ولا أعرف دقة هذه المعلومات من عدمها، وقد يكون إستحواذه على أموال الدولة أمراً له ببناء (محطة غير شرعية) له في بلد الغربة كما كانوا يسمونها سابقا!!! للمحاولة على إعادة مجدهم مرة ثانية، أم كانت بتصرف شخصي منه لأخلاقه الحزبية العالية، حاله حال (بعض) السفراء الذين سطوا على أموال السفارة وعامليها بعد السقوط (عذراً) مع العلم أن بعضهم يحمل شهادة الدكتوراه.
    في النهاية أذكر أبناء بلدي العزيز بإن سـ.....كوليرا هو نموذج بسيط لمن كانوا يحكموننا وفرد من شلة الأبطال الذين كانوا أول الفارين من العراق بعد الحرب، ولا أدري لماذا هل هي تطبيقاً لمقولة (الروح عزيزة) أم تطبيقاً لرواية القائد الضرورة (أخرج منها ياملعون)؟؟ وقد قلت في نفسي إنه بخروج ســ......كوليرا ورفاقه من العراق فأنه سيتعافى من هذا المرض، ولكن الظاهر بأني قد كنت مخطئاً، إذ لايزال هناك الآلآف منهم يقبعون في زوايا البلد ومن الذين أعلن بعضهم التوبة وتحولوا كالحرباء في ليلة وضحاها ليكملوا المسيرة. فوداعاً للعراق العزيز.


                                                                            د.علاء كنــه
                                                                       سان دياكو/ كاليفورنيا
                                                              


28
جاليتنا في المهجر.....رفقاً بأبناء جلدتكم

بقلم د.علاء كنــه

       تلقى مشكلة الهجرة صدى عالمي واسع كونها مشكلة عالمية تفاقمت في كثير من بلدان العالم لأسباب كثيرة منها إقتصادية، كالبحث عن مكاسب مادية مقارنة مع ما كانوا يتقاضونه في بلدانهم، وزيادة معدلات البطالة، وضعف الأجور في بلدانهم، وأسباب أخرى غير إقتصادية مثل الحروب والإضطهاد بشتى أنواعه والكوارث ولم شمل العائلة. كما تشير آخر إحصائيات المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لعام (2010) إن هناك مايقارب (43.7) مليون لاجىء حول العالم. واليوم يعيش (6) من كل (10) مهاجرين في بلدان متقدمة. وتلقي مشكلة الهجرة هنا بظلالها على التنمية من خلال التاثير على سوق العمل.
      إن الخوض في هذا الموضوع يعتبر معقداً بعض الشي بسبب صعوبة تعريف عبارات مثل الأيدي العاملة المهاجرة والأثنية. وبشكل عام تعاني هجرة الأيدي العاملة من مختلف أنواع التمييز في العمل من حيث رغبة هؤلاء العاملين الأجانب أو من المهاجرين للعمل لساعات طويلة أكثر من باقي العاملين من أهل البلد، وأحياناً العمل لوجبات أكثر والعمل خلال عطلة نهاية الأسبوع، أو إستغلالهم للقيام بأعمال دون الأجر الرسمي مخالفين بذلك التعليمات الحكومية بهذا الخصوص أو توكيل أعمال لهم لا تتناسب مع أجورهم القليلة، وأحياناً أخرى تمشية العمل لوحدهم ضمن الوجبات الليلية والتي قد لايكونون بمأمن من خطر ما.
     في الغالب ترضى هذه الفئة من الأيدي العاملة بهذه الفرص الوظيفية لانها تكون مفقودة في بلدانهم، وفي نفس الوقت فأن إستعداد كثير من أرباب العمل على تشغيل العمال الأجانب هو بسبب الصعوبات في إيجاد أشخاص من السكان الأصليين مستعدين للعمل بنوع الأجر المعروض. التلميح الواضح هنا أنه مهما كانت الوظيفة للعاملين الأجانب على سبيل المثال مقارنة مع مايتوفر في بلدانهم فأن الأغلبية تأتي لشغل وظائف مختلفة والتي قد تكون ضمن الأسوأ من ناحية الأجر.
      من المنظور التاريخي ولملاحظة دور العاملين الأجانب، تشير المعلومات على سبيل المثال في بريطانيا في أواخر الستينات فشل أرباب العمل في بعض الشركات في جذب العاملين الأهليين العاطلين عن العمل مما توجب عليهم فعلياً إختيار العاملين المهاجرين للأعتقاد الراسخ بانهم أكثر قابلية للعمل بجد. وكان على هؤلاء العاملين المهاجرين الى بريطانيا العيش تحت سقف خوف دائم من أن أرباب العمل الذين قد يقومون بالتهديد بإمكانية ألغاء تصاريح العمل أو سحبها منهم. وقد أدى هذا في أحيان كثيرة الى إمكانية خضوع العاملين المهاجرين الى طلبات أرباب العمل اللا معقولة واللا أخلاقية أحياناً دون وجود حماية قانونية تذكر ضدهم.
      للأسف الشديد نفس الشيء يتكرر في بلد الغربة أمريكا، حيث تمارس فئة من جاليتنا صرعة كانت موجودة منذ زمن طويل وشارك فيها الكثير من إبناء جاليتنا ألا وهي ظاهرة العمل بطريقة غير رسمية في مصالح أو مع أرباب أعمال عراقيين، خاصة بعد قدوم الآلاف العراقيين عن طريق اللجوء الى أمريكا، وأستبشروا خيراً بقدومهم من حيث إن لغالبيتهم معارف أو أصدقاء أو صلة قرابة أو نسب كانوا قد قدموا الى هنا قبل منذ مدة طويلة......وأود هنا أن أوضح أنه يشترك في هذه الظاهرة طرفين هما:  
الطرف الأول: وهو أبن الجالية
أ‌-   أن الكثير من أبناء جاليتنا وخاصة من القادمين الجدد وتحديداً الذين لديهم مؤهلات وتحصيل دراسي، يرغبون في الحصول على فرصة عمل شريفة والإنخراط في بدء حياة جديدة له في الوطن الجديد والتخلص من محنة الإرتباط بالمساعدات التي توفرها الولاية لفترة زمنية معينة يجب أن نتجاوزها وأن لانستغلها بطريقة تمنع غيرنا من هم بحاجة للإستفادة منها، والظاهر للأسف لم يتجاوزها الى يومنا هذا الكثير ممن سبقونا، ونسمع بين الحين والآخر عن الكثير من المشاكل بهذا الخصوص حتى بين افراد العائلة الواحدة والتي لامجال لذكرها هنا.
ب‌-   جزء آخر من أبناء الجالية يرغبون في العمل بطريقة غير رسمية وغير أصولية ودون الأجر الرسمي المعتمد في الولاية، وطبعاً الغاية من الإنخراط بهذا الطريق هي طمعاً في الحصول على مورد إضافي، وأقصد هنا ما يطلق عليه (العمل بالأسود) أي التنسيق مع رب العمل والتهرب من دفع الضرائب وإستلام الأجر نقداً.
الطرف الثاني: وهو رب العمل
       الذي هو الآخر بالتأكيد من إبناء جاليتنا. لأنه لايوجد رب عمل آخر من خارج جاليتنا يوافق على إستخدام شخص من جاليتنا في عمله وبدون تسجيل أصولي، لما له من نتائج ضارة على المجتمع من ناحية ومشاكل مع الولاية والجهات ذات العلاقة من ناحية ثانية، والتي قد تنجم في حال الاختلاف مع رب العمل أو في حالة إصابات العمل. كما إن القوانين الأمريكية تمنع هذا النوع من الأعمال وهناك إجراءات صارمة بحق مرتكبيها.  
     إن ما أريد أن أوضحه هنا أنه باستثناء جزء من إبناء جاليتنا العزيزة ومن الذين يحاولون العمل بصورة رسمية والأنخراط في الحياة وتسهيل أمور معيشتهم بصورة رسمية، إن كلا الطرفين مُخالفين للقانون والأثنان يعملان على مبدأ (شَيلنّي وأشَيّلك)، من حيث:
الطرف الأول: إن قسم من الذين يعملون على مبدأ العمل بالأسود هم أولئك الذين يلهثون وراء جمع المال والاستحواذ على كل شيء بالمجان وبدون جهد، بالإضافة الى مايتقاضاونه من إمتيازات ومساعدات والتي تم إحتسابها من قبل سلطات الولاية لبدء حياتهم الجديدة، فنراهم من جهة يتقاضون المساعدات من الولاية ويذهبون للكلية مع أفراد أسرهم أحياناً، ويعملون لساعات معينة في عمل ما ويكونون حريصين على ان لاتتجاوز ساعات عملهم الحد المقرر من قبل الولاية لكي لايتم تقليص حجم تلك المساعدات وبالتالي يخسرون جزءاً منها من جهة ثانية، ناهيك عن مايتقاضونه من مساعدات ثانوية أخرى. بمعنى آخر فهم من فتح الباب أمام أرباب العمل لإستغلالهم.
الطرف الثاني: وأقصد به هنا رب العمل والذي يحاول أن يوظف عاملين بدون تسجيلات ضريبية وأن يستغلهم من حيث إجبارهم على العمل بأقصى طاقة ممكنة ودفع أجور بخسة لهم في سبيل التهرب من الضرائب المترتبة عليه قانوناً من ناحية وزيادة هامش ربحه الذي تاثر سلبياً بالوضع الأقتصادي المتردي في الفترة الحالية من ناحية ثانية.
      بهذه المناسبة أود أن أسرد واقعة حصلت لصديق لي حيث كنت في حوار معه قبل أيام وكان مهموماً بسبب عدم حصوله على فرصة عمل مناسبة لأحد أولاده البالغين للتغلب على مصاعب الحياة، وأبلغني بإنه حصل عن طريق الصدفة من أحد معارفه على رقم هاتف لأحد أبناء جاليتنا والذي يملك محطة لغسل السيارات، ولديه وظائف شاغرة للعمل، وكانت فرحته كبيرة بحيث أتصل به فوراً للأستفسار عن طبيعة وأجور هذه الوظيفة، وتبين أن الوظيفة الشاغرة هي وظيفة غسل السيارات تحت أشعة الشمس اللاهبة ولمدة (12) ساعة في اليوم، لمدة ستة أيام في الأسبوع والأجر المعروض هو (220) دولاراً نقداً في الأسبوع، أي مايعادل(3.05) (ثلاثة دولات وخمسة سنتات) في الساعة،  في حين الأجر المعتمد من قبل الولاية هو 8 دولار في الساعة. وكانت صدمة صاحبي كبيرة، بحيث أخبره وعلى سبيل المزاح بانه يعمل لدى رب عمل آخر وكان ينوي ترك العمل للالتحاق بالعمل لديه ظناً منه إن الأجر أعلى، فاخبره صاحبنا (صاحب محطة غسل السيارات) حرفياً (أخوي هذا الشغل مو إلك.. هذا للعراقيين الجايين جديد...إحنا دنريد نساعدهم). تصوروا إذا كان هذا هو التبرير؟ فكيف يكون الأستغلال؟ ولو كان الأمر صحيحاً فأنا أتحداه إذا كان يستطيع أن يشغل أو يوظف عاملين من جنسيات أخرى بهذا الأجر. وشخصياً لاأدري أو الظاهر إن الأخ مُنزل من السماء بهيئة ملاك لمساعدة اللأجئين العراقيين الجدد، أو يعمل في أحدى دوائر الرعاية الإجتماعية (الويلفر)، مما دعى بصديقي في النهاية إن يعاتبه على هذا الإستغلال البشع لبني جلدته من العراقيين.
     إن هذه الأعمال هي ليست فقط موجودة لدى فئة من أبناء جاليتنا، وإنما هي موجودة أيضاً وتمارسها جاليات أخرى، فالأغلبية يحاول التحايل على القانون من خلال تشغيل أيدي عاملة من نفس جاليته لسبب بسيط هو إعتقادهم بانهم يصنعون فضلاً عليهم وإنهم مضمونون بصلة القرابة أو يعودون الى معارف أو أصدقاء أو يتم تشغيلهم عن طريق وسطاء معتمد عليهم، ضامنين عدم إقامة أية دعاوي ضدهم.
       ملخص مقالتي هو ان هؤلاء يعتقدون إنهم من الفطنة بحيث يبروون فعلتهم على أنهم يساعدون القادمين الجدد، ولكن في الحقيقة أقول أنهم من السذاجة بحيث يعتقدون ذلك، لأن كلا الطرفين مشترك في هذه الفعلة.  وأخيراً أقول لأبناء جاليتنا الأعزاء، إن من مسؤولياتنا أن نوجه ونثقف عوائلنا وأولادنا بأن نطبق القانون وأن ننتبه لمستقبلنا وأن لانقع في هذا الفخ الذي نصبه لنا من يدعون مساعدتنا، وإن لانقع في نفس الخطأ الذي وقع فيه بعض من أبناء جاليتنا والذين للأسف أصبحوا (عبيد الدولار)، وإنشغلوا بجمع المال والممتلكات ونسوا أموراً مهمة كثيرة. إن الذي يحصل من جراء هذه العملية هو في الحقيقة إستغلال واضح لقدراتنا ولطاقاتنا وبدون مستقبل واضح أو أية ضمانات يحكمها القانون، ويجب ان نكون بقدر كافي من القناعة بقدراتنا، وأن نبحث عن طرق أخرى للعمل الشريف بعيداً عن الدجل والتلاعب، ونبني طريقاً جديداً لنا. وفي النهاية أقول لهؤلاء القوم، رفقاً ياأحبائي ببني جلدتكم فقد ضاقوا الأمرين من فقدانهم لأبسط مستلزمات الحياة بعد ماقاسوه من خوف وظلم وحرمان أيام الحروب والحصار.
                                                                         د.علاء كنـــه
                                                                     سان دياكو/ كاليفورنيا

29
جاليتنا في المهجر ...الى أين؟ فضيحة شبكة سرقة السيارات
بقلم: د. علاء كنـه


       تقدم الأرض مايكفي لتلبية حاجات كافة البشر، ولكن ليس بما يكفي لتلبية جشع كافة البشر(ماهاتما غاندي).
     إن الفارق بسيط بين الطمع والطموح، فالطمع هو مايدفع الإنسان دائماً الى النظر الى مايملكه الغير، وينحصر تفكيره في أخذ ما لايحق له أخذه....في حين إن الطموح يرتقي بالأنسان، لإنه يحثه باستمرار على التفوق والمضي في سبيل النجاح دون النظر الى الآخرين ومقارنة النفس بهم. إن الفرق بين الأثنين يشبه تماماً حال مُتسلقَين لجبل...أحدهما مُسلح بالعدة والمؤنة ويحاول تسلق الجبل بجسارة خطوة بخطوة للوصول الى القمة!! في حين يهبط الآخر على القمة بواسطة طائرة هليكوبتر.
      تتسلط الأضواء مرة ثانية وللأسف الشديد على أبناء جاليتنا في المهجر من خلال القبض على عصابة متهمة بسرقة سيارات وتهريبها خارج الولايات المتحدة الأمريكية بطريقة غير مشروعة. حيث أعلنت دائرة الشرطة من خلال القنوات التلفزيونية والمواقع الإلكترونية في يوم الأثنين المصادف 31/8/2011، إلقاء القبض على عصابة أفرادها الرئيسين من ولاية ميتشغان/ ديترويت، ولها أعضاء في سان دياكو/كاليفورنيا. وعدد أفرادها يضم أكثر من أثني عشر شخصاً، حيث يقومون بسرقة السيارات الفخمة وإستئجار السيارات (السبورت) من الولايات المتحدة الأمريكية ونقلها الى كندا ومن ثم الإدعاء بانها سرقت منهم، ومن بعدها شحنها وبيعها في الشرق الأوسط وتحديداً للعراق. كما ذكرت دائرة الشرطة أنه تم إعتقال العصابة بعد تحقيقات دامت لمدة عامين وأطلق على هذه العملية أسم (الإطارات الساخنة). وقد تم القبض عليهم بعد العثور على خمسة سيارات في حاويات جاهزة للشحن الى (العراق) في ميناء مونتريال في كندا، وتتألف هذه العصابة من المدرجة أسمائهم أدناه والمتهمين بنقل الممتلكات المسروقة داخل الولايات للإتجار بها دولياً:

             *لم يتم القبض عليه لحد الآن
    إن مايحيرني بعد قراءتي لتلك التفاصيل هو:
-   لماذا تصر تلك الفئة على تشويه سمعة جاليتنا التي يكن لها الغريب قبل القريب كل التبجيل والأحترام؟
-   لماذا لم يتعظ هؤلاء من سيل الفضائح السابقة على مر السنين والتي تزكم النفوس؟
-   لماذا والى متى؟ يستمر هؤلاء بمخالفة القوانين واللوائح التي تنظم هذا البلد؟
-   متى سيغير هؤلاء ثقافتهم العمياء التي همها الأول والأخير هي الجشع وجمع المال.
   كلنا نعلم علم اليقين إن هذه الفئة لا تمثل جاليتنا، ومانراه بين حين وآخر هو موجود في أغلب المجتمعات الأخرى. ولكن مايهمنا هنا أن نعكس ونبرز الجانب المشرق من ثقافة وحضارة عمرها أكثر من سبعة الآف سنة. إن خوفي إن تنتقل هذه العدوى الى القادمين الجدد الذين وصلوا عن طريق الهجرة واللجوء بعد الحرب الأخيرة على العراق، فهم فريسة سهلة لأن ينخرطوا عن طريق أصدقاء السوء في هذا المنزلق، حيث يعاني الكثير منهم من عدم وجود وظائف، ومشقة في تعلم اللغة من جهة والحفاظ على ترابطهم الأسري من جهة ثانية. فعلى سبيل المثال يحاول الكثير منهم الأنخراط في أعمال لاناقة لهم فيها ولا جمل، حيث يمارس بعضهم تجارة بيع وشراء السيارات سواء المستعملة منها أو التي يتم شرائها بطرق أخرى للحصول على مورد إضافي، غير مدركين خطورة هذا الأمر من ناحية، وجهلهم بالضوابط والتعليمات المتعلقة بهذا الخصوص من ناحية ثانية، كأنهم للأسف لايزالون يعيشون في بلد لاتحكمه أية قوانين...
      إن الولاية قد وفرت لهؤلاء القادمين بمختلف أعمارهم وفئاتهم فرص التعليم المجاني في المدارس والكليات مع صرف رواتب نقدية وإمتيازات لقاء ذلك، بالأضافة الى مايستحقونه من مساعدات من قبل الولاية،  فالأولى بهم أن ينتبهوا الى مستقبلهم والتعلم قدر مايستطيعون ومن ثم محاولة التخلص من محنة هذه المساعدات والأنخراط في الحياة الجديدة عن طريق البحث عن فرص عمل مناسبة لهم.
     إن لدور العبادة والنوادي والمراكز الإجتماعية والتجمعات الثقافية دور مهم وخاصة في هذه الظروف الصعبة من خلال إقامة البرامج التثقيفية والدورات لزيادة الوعي لدى أبناء جاليتنا وحثهم نحو الإهتمام بالمستقبل وعدم الرضوخ لتلك الثقافة العمياء، كما يقع على كاهل الأسرة ومستواها الثقافي الدور الأكبر من خلال عدم السماح لإبنائها بترك مقاعد الدراسة والإنخراط في العمل بحجة صعوبة ومشقة الحياة ...والجميع هنا يعلم أن الكثير من العوائل تشرك أبناءها وبموافقة الأبوين في العمل بصورة غير رسمية حتى دون الأجر الرسمي المعتمد من قبل الولاية، لغرض الحصول على إيراد إضافي لتلبية حاجات ورغبات طنانة فرضتها ثلة من المحسوبين على جاليتنا.
     وأخيراً أقول لجميع إبناء الجالية أن ينتبهوا من هؤلاء الذين يتصورون أن الحكومة غافية عنهم أو بمعنى آخر إنها لاتستطيع أن تتابع وتراقب المخالفين منهم للقوانين، فهم ساذجون وغير مدركين للحياة، وأعتقد أن سبب ذلك هو تمسكهم بتلك العقلية القديمة جراء تقوقعهم على نفسهم من جهة، وخوفهم من الإختلاط مع الآخرين من جهة ثانية، لغرض التلاعب بالقوانين والتكتم على أخطائهم. متصورين بذلك إنهم من الذكاء بان تنطلي خدعهم على قوانين تدير أكثر من (300) مليون شخص من مختلف أرجاء المعمورة.

                                                                    علاء كنه
                                                               سان دياكو/كاليفورنيا
للإطلاع على تفاصيل هذه العملية وصور المشاركين فيها الدخول الى الرابط التالي:
ولمزيد من المعلومات الأطلاع على الروابط التالية:

30
فضيحتنا بجلاجل: الجريمة المنظمة في أمريكا

بقلم :  د.علاء كنــــه
 

        يقال أن الأدب هو عنوان الكمال،  يرفع الوضيع الى درجة الرفيع، ويعلو بالعامة الى مرتبة الخاصة، وبالخدم الى مصاف الامراء. حيث قال أحد الحكماء:  
لكل شيئ زينة في الورى * وزينة المرء تمام الأدب
قد يشرفُ المرء بآدابه * فينا وان كان وضيع النسب
كن ابن من شئت واكتسب أدباً * يغنيك محموده عن النسبِ
        الظاهر بأن مغامرات العراقيين ليس لها حد ولا حدود (ولا أقصد هنا جميع العراقيين) ففي كل مجتمع (الصالح والطالح) فلا يكفي ما نسمعه بين الحين والآخر من أرض الوطن عن آخر الفضائح والمآسي من قتل وذبح ووقائع أخرى لم تكن مألوفة لدى الشارع العراقي، فقد أنتقلت العدوى مؤخراً الى امريكا...بلد الأحلام التي هاجر اليها العراقيين في بداية سبعينيات القرن الماضي، وكذلك بعد الحرب الأخيرة مرغمين مهجرين بعد أن مزقت الطائفية والحقد بلد الحضارات الى أوصال. وكانت حجة أغلب الذين وصلوا الى الولايات المتحدة الأمريكية هو طلب الأمان والأستقرار والراحة. إن الذي أستوقفني لكتابة هذه المقالة هو ماحدث في كاليفورنيا/ سان دياكو في يوم الأربعاء الموافق 16/8/2011 ، وبالتحديد في الساعة السابعة والنصف مساءاً، حيث داهمت قوات من الشرطة الفدرالية مدججة بالسلاح مقهى عراقي يقع في قلب منطقة  (El Cajon) وعلى الشارع الرئيسي فيها، وألقت القبض على العشرات من رواد المقهى ومن الذين كانوا خارج المقهى أيضاً. وتحتجز الشرطة الآن أكثر من ستين متهماً آخرين وهو قيد التحقيق وغالبيتهم من العراقيين كبار السن من المجتمع الكلداني، حيث كانوا يتسامرون بلعب الورق في المقهى ونسبة كبيرة منهم يعتشاون على الرواتب التقاعدية كأحد الأمتيازات التي حصلوا عليها بعد توطينهم في أمريكا سواء (القدماء منهم أو الجدد). حيث ذكر المصدر إن تهمتهم هي علاقتهم بعصابات كارتيل المخدرات في المكسيك وهم حلقة الصلة بمجموعة اخرى في ديترويت، وهذه المجموعة تتاجر بالمخدرات والماريوانا وحيازة الأسلحة والقنابل اليدوية. وللأسف كانت الفضيحة كبيرة وتناقلت مختلف وسائل الأعلام الأمريكية السمعية والبصرية والمواقع الإلكترونية الخبر مرفقاً بالصور والتعليقات التي يندى لها الجبين مع التعليقات عن المجتمع العراقي بشكل عام وعن الجالية الكلدانية بشكل خاص. ومن المؤسف أن وسائل الشرطة والأعلام أتهمت الجالية الكلدانية، في حين أن المتهمين يمثلون شرائح مختلفة الأعراق والأديان من العراقيين.
        كما ذكرت مصادر الشرطة إن ديترويت وسان دياكو تضم أكبر وثاني تجمع للكلدان في الولايات المتحدة الأمريكية، وهم من نسل بلد مابين الرافدين - الذي هو الآن العراق- وغالبيتهم فر من هناك بسبب اضطهادهم لمسيحيتهم. ووفقاً لأحصائيات وزارة الخارجية الأمريكية فأن الولايات المتحدة قامت بتوطين (53700) عراقي منذ عام (2007) يشكل الكلدان أكثر من ثلتهم. كما ذكرت أن هذا المقهى لديه سجل حافل لأكثر من عشرة سنوات، ففي عام (1998) تم ضبط ماكينات للعب القمار غير مرخصة وبطريقة غير مشروعة، وأيضاً في عام (2007) تم إكتشاف ان هذا المقهى كان مركز وبؤرة لتجمع موزعي المخدرات من العراقيين، ثم عام (2009) بدأت السلطات في التحقيق بالبيع الغير المشروع للأسلحة النارية وحيازة قنابل يدوية فيه.
        إن ماقصدته في بداية مقالتي ان العراقيين الشرفاء لايقبلون بأي حال من الأحوال بهذه السمعة السيئة التي يعتبرها الكثير منهم وصمة عار على المجتمع العراقي في المهجر بشكل عام وللجالية بشكل خاص، حيث هناك الكثير منهم يحمل شهادات ويعمل في وظائف محترمة وفي جامعات مرموقة. وبرأي الشخصي أعتقد أن السبب في ماحصل يوم الأربعاء يتحمل مسؤوليتها الجميع وهي تركة قديمة ثقيلة تعيشها نسبة من العوائل العراقية المقيمة هنا والتي تفتقر الى الترابط الأسري نتيجة إنشغال أفراد الأسرة وأنخراطهم في العمل منذ الصباح الباكر وحتى المساء، وبنفس الوقت البعض منهم يتنعم بالمساعدات والأمتيازات الممنوحة من قبل الولاية بطريقة غير مشروعة على أنهم من ذوي الدخل المحدود، بالرغم من أن الكثير منهم ليسوا بحاجة لتلك المساعدات، متناسين بذلك الأبناء وسرعة إنجرافهم بمعاشرة أصدقاء السوء كون المجتمع هنا متنوع الأعراق والديانات والثقافات وبالتالي توجههم نحو الجريمة المنظمة.
        كما أن للمغريات دور كبير في هذا الموضوع، فثقافة البعض هي أرتياد الحفلات والتباهي والتفاخر بالملبس والمأكل وجمع المقتنيات كالأملاك والسيارات ...إلخ ، ولتحقيق ذلك بأسرع وقت يتم من خلال البحث في ثغرات القوانين من حيث التحايل والتلاعب على الأنظمة والقوانين كالطلاق المدني والأنفصال والرعاية الإجتماعية وخدمة المرضى في البيوت والتأمين على الحياة والتأمين على السيارات وغيرها من البرامج الأخرى التي وجدت لتوظيف الآلآف من الذين هم بحاجة للعمل كون النظام هنا رأسمالي والولاية غير ملزمة بتوظيف الجميع. وباتت هذه الفئة من المهاجرين تتسابق وتتباهى وتتفاخر في كيفية جني أكبر قدر من المال لأشباع جشعهم وطمعهم مقلدين بذلك السابقين منهم وأقصد هنا (القدماء)، وان الذي زاد الطين بلة هو أزدياد عدد المهاجرين الى كاليفورنيا بالأخص، وزيادة عدد المتقدمين لتلك الأمتيازات والمساعدات، متناسين أن هناك من هم بعوز وبحاجة لها. وللأسف أقول أن مايحدث هنا  وخاصة في مجتمع منطقة ( El Cajon) مخزي بكل معنى الكلمة، وأصبح للدوائر المعنية هنا دراية بهذا الموضوع ولجأت بالفعل الى تغيير القوانين وتقليل قيمة هذه المساعدات بشكل مستمر لتتناسب مع ميزانية الولاية بهذا الخصوص من جهة وفرض متابعة ورقابة أكبر على الذين يتقدمون بطلبات للحصول عليها من جهة ثانية، مما أدى الى تأثر الكثير من أفراد الجالية بهذا الأمر من الذين هم بحاجة لها كالمرضى أو المعاقين أو الغير قادرين على العمل أو الأسر التي ليس لها أي معيل.  
        أن الحياة تغيرت والأجدر بهؤلاء أن ينتبهوا لأمر مهم أنهم جاؤا الى هنا يطلبون النجاح في حياتهم والنجاح ليس بجمع المال فالنجاح يحتاج الى العلم ثم العمل والعلم يبدأ بالقراءة. أن مستقبلنا هو أطفالنا فعلينا إدراك كيفية المحافظة عليهم وزجهم في أكتساب معارف كنا قد فقدناها في بلداننا. أن مسؤولية المحافظة عليهم تقع على كواهلنا جميعاً وأمانة كبيرة تتطلب منا الأهتمام والمتابعة والكثير من جوانب العناية والرعاية خاصة في هذا المجتمع، حيث إن للأسرة دور أساسي في تربية الأبناء. كما أن لمستواها الديني والأخلاقي والنفسي والأجتماعي ومدى التوافق بين أفرادها الأثر الكبير على نفوسهم.

                                                                             د. علاء كنـــه
                                                                            كاليفورنيا/ سان دياكو

وللأطلاع على مزيد من المعلومات وقراءة التعليقات الدخول الى المواقع التالية:
واليكم بعض الصور عن هذا الخبر والمؤتمر الصحفي الذي بث على قنوات التلفزيون الأمريكية.



صورة للمنطقة التي يقع فيها المقهى في قلب منطقة (El Cajon) في سان دياكو/ كاليفورنيا





 





 

31
الدكتور شاكر حنيش يزور مسقط رأسه (تلكيف) بعد أربعين عاماً




  أبدأ مقابلتي هذه بأبيات من الحنين إلي الوطن  ذكرت  في شعر الجواهري إذ قال فـي قصيـدة ((أطياف و أشباح)):
 سَهِرْتُ وَ طَالَ شَوْقي لِلْعَـراقِ وَ هَـلْ يَدْنُـو بعيدٌ بِـاشْتِيَــاقِ
وَ مَـا لَيْلـي هُنَــا أَرَقٌٌ لَـدِيْغٌ وَ لَا لَيْلي هُنَـاكَ بِسِحْــرٍ راقِ
وَ لَكـنْ تُربَـةٌ تَجْفُـو و تَحْنُـو كَمَــا حَنَتِ المَعَاطِـنُ لِلنّيَــاقِ  
فالوطن جزء غال من الشخص ومسرح احداث حياته بمراحلها المختلفة وحياة اجداده وعبر عن ذلك ابن الرومي حين قال:
        وتستعذب الأرض التي لا هوى بها                    ولا ماؤها عذب ولكنها وطن
    حيث إلتقيت قبل أيام بزميلي في الجامعة الأستاذ الدكتور شاكر حنيش (أستاذ العلوم السياسية ) ورئيس برنامجها في جامعة (National University) في ولاية كاليفورنيا/ الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تعتبر ثاني أكبر جامعة خاصة غير ربحية في ولاية كاليفورنيا، والذي عاد مؤخراً من زيارة الى أرض الوطن (العراق) لإول مرة بعد أكثر من ثلاثين عاماً الذي تركه مكرهاً في بداية عقد الثمانيات. حيث زار محافظة أربيل ودهوك ومسقط رأسه (تلكيف) الحبيبة في محافظة نينوى، حيث كان قد غادرها بعد أن أنهى فيها دراسته المتوسطة في عام (1971).
وكنت متلهفاً ليوم رجوعه الى كاليفورنيا ومقابلته حيث تبادلنا أطراف الحديث عن زيارته لأحدى بلدات شعبنا في سهل نينوى. ويقول الدكتور شاكر أنه رغم ظروف العراق العصيبة والأحباط الناتج عن الوضع غير الطبيعي في العراق والأخبار التي تزيد الوضع تعقيداُ لم أستطع أن أنتظر أكثر ومقاومة الشوق والحنين الى الوطن حيث لهذه الكلمة رنينها في عقلي حيث أتذكر الأيام الخوالي فعبرت الى العراق عبر بوابة كردستان الشامخة ونزلت ضيفاً في مدينة (عينكاوة) والتي زرتها مرة واحدة فقط في منتصف السبعينيات. ويضيف الدكتور قائلاً أنه تفاجأ من الحركة الغير طبيعية  للعمران من بناء وتوسع والذي كان واضحاً توجه الحكومة الإقليمية  في كردستان على أضفاء الطابع الحضاري والمدني لها والمحافظة عليه، والذي كان له الأثر الكبير في بقاء الكثير من أبناء شعبنا في هذه المدينة العزيزة.
       كان الدكتور شاكر قلقاً بشكل كبير قبل سفره من عدم إستقرار الوضع الأمني، لكنه لاحظ خلال زيارته تعايش الجميع بشكل ملفت للنظر بالرغم من إختلاف قومياتهم ومذاهبهم الدينية وهذا يبرهن الترابط والآخوة بين العراقيين على مر الدهور. ويعزي الدكتور السبب أيضاً في إستقرار البلدة وأستتباب الأمن فيها الى تواجد القوى الكردستانية وحرصها على تطبيق النظام حيث هم المسؤوليين الحقيقين للأمن فيها. وكانت سعادته الكبيرة بزيارته لبلدته الحبيبة تلكيف والتي تركت مشاعر جياشة في قلبه حيث يقول أنه لم يتمالك دموعه عندما زار البيت الذي نشأ وترعرع فيه حيث تسكنه الأن عائلة عراقية نازحة من الموصل بعد الحملة الشعواء على المسيحيين فيها وأضطهادهم. وأضاف الدكتور أن الفترة التي قضاها في تلكيف والتي لاتتجاوز الثلاثة أيام كانت كالحلم الجميل الذي مر بسرعة خاطفة ويتمنى ان يتكرر مرة أخرى. ويقول ان تلكيف القديمة لم تتغير حيث تم ترميم الكثير من البيوت القديمة فيها. والذي أثار أعجابه أيضاً هي تلكيف الجديدة والتي تقع خارج نطاق الطريق العام الذي كان يحيط بتلكيف، حيث أغلب الدور جديدة وواسعة والكثير منها مبني على الطابع العصري مقارنة ببيوت تلكيف القديمة. وزار أيضاً كل المدارس التي درس فيها وتتلمذ على خيرة أساتذتها، ومن ضمنها (روضة الراهبات) و(إبتدائية تلكيف الأولى) والثانية (عرفان) والثانوية (مار يوسف). كما لاحظ وجود الكثير من معامل تصنيع الراشي وتصفية الحبوب وخزنها والسوق الناشطة فيها.    
وكان الدكتور شاكر مسروراً للغاية بزيارتة لأول مرة مدينة دهوك وقام بزيارة خاصة الى (جامعة دهوك)، حيث التقى برئيس وبعض أساتذة الجامعة، والذين وجهوا له دعوة للتدريس في الصيف القادم لمادة في العلوم السياسية. وقد كان الدكتور شاكر سعيداً بطلب الجامعة وأنه ينتظر حلول الصيف القادم على أحر من الجمر حيث سيكون هناك الكثير من طلبته من هذه البلدات  الكلدوأشورية وبذلك سيتحقق حلمه الذي طالما حلم به وهو تدريس طلبه عراقيين من أهله  ووطنه، إضافة الى انها ستكون فرصة له ليقضي فترة أطول في تلكيف والبلدات الأخرى كألقوش وتلسقف وباطنايا وباقوفه وغيرها.  
كما كان الدكتور شاكر مسروراً للغاية بمروره في بلدات وقرى قسم منها لم يرها من قبل حيث زار القوش (حيث زار الدير الأعلى والأسفل فيها) وباقوفه وتلسقف والشَرَفية (والتي شاهدهم لأول مرة في حياته) وكذلك بلدة باطنايا وبرطلة وكرمليس وغيرها من البلدات الأخرى.
وأخيراً يأمل الدكتور باقامة ندوة عن زيارته للوطن يعرض فيها بعض السلايدات ولقطات الفيديو التي التقطها خلال زيارته الى أرض الوطن والى تلكيف العزيزة،  ومن هنا أقول لتلكيف هاهو أبنك البار قد رجع عرفاناً بالوعد ولم ينساك حيث كنت دائماً قريبة من القلب.  وأتمنى أن أكون أحد الحاضرين في ندوته هذه متمنياً للدكتور كل الموفقية والنجاح.

                                                                                                       د. علاء كنـــه
                                                                                                    سان دياكو/كاليفورنيا  

صفحات: [1]