الباحث الشاب دلزار نشوان سليم في اطروحته الدراسة:""ثورة 14 تموز 1958 اسباب ونتائج"!_ حاوره: خضير الأندلسي
مر العراق بإنعطافة تأريخية غيرت ملامحه العامة تمثلت في التحول السياسي الذي شهده في خمسينات القرن الماضي من النظام الملكي الى النظام الجمهوري"14 تموز 1958". تناقضت الآراء إزاء الثورة بين مؤيد ومعارض كما اختلف الناس في تقييمهم فمنهم من مدحها وترحم على ايامها ومنهم من هجاها ولعن قاداتها. تناقض الآراء و اختلاف وجهات النظر دعا الطالب دلزار نشوان سليم الى الشروع بدراسة تحليلية محاولا الوقوف عند ايجابيات الثورة وتقييمها مثلما السلبيات.
* في البدء هل لكم ان تطلعونا على سيرتكم الذاتية بصورة مختصرة ؟ـ بداية اود ان اشكركم لهذا اللقاء ، اسمي الكامل دلزار نشوان سليم ، من مواليد الموصل 1988، التحقت بجامعة وارسو مطلع 2007 في كلية العلوم السياسية ، وامارس نشاطي السياسي في مجال حقوق الانسان ولي علاقات جيدة مع عدة منظمات دولية ابرزها منظمة العفو الدولية ومنظمات الهجرة العالمية، أنتخبتُ عضوا في اللجنة التنفيذية لجمعية الطلبة العراقيين في بولندا للدورتين 2008 و 2011 ، اساهم مع بقية الزملاء العديد من النشاطات الطلابية والشبابية في العراق وخارجه ، وأُمثل لجنة العلاقات الخارجية في جمعية الطلبة العراقيين في بولندا منذ ثلاث سنين .
• ما دوافع اختيار ثورة 14 تموز موضوعا لاطروحتك ؟ـ قرات بحوثا علمية عديدة بشكل مبكر، عن ثورة 14 تموز وشدني الموضوع لما فيه من اراء متعددة ومختلفة احدهما عن الاخرى. ان المصادر التي اطلعت عليها نادرا ما كانت محايدة تجاه تقييم الثورة ، فحاولت من موقعي ان اصوغ بحثا يتمتع بشيء من الحيادية والانصاف. اضافة الى ان الثورة غيرت النظام السياسي في العراق من الملكي الى الجمهوري، وجاءت بالسيادة الوطنية وصاغت قوانين عدة صُنفت في خانة محاسن الدولة العراقية منذ انشاء جمهورية العراق الاولى وإلى يومنا هذا، لذا يقع على عاتقنا من جانب اخلاقي ووطني ذكر ثورة 14 تموز 1958 بفخر واعتزاز كونها ثورة وطنية مثلت العراقيين على مختلف مشاربهم و مللهم، ولولا ايادي العبث الخارجي لما توانت في تقديم كل ما هو خير وعطاء لبلادنا. ثم ان المستشرقين البولنديين ايضا لم ينصفوا الثورة باعتبار ان دراستهم بُنيت على وثائق اغلبها مزورة ومصادر مظللة كتبتها اطراف معادية للثورة خصوصا بعد انقلاب شباط 1963. لذا ارتأيت ان اضع القارئ البولندي المهتم بالشأن العراقي على إطلاع من الثورة والمشاكل التي رافقتها واسباب فشلها الحقيقية.
* هذا يقودنا الى سؤالك عن المصادر التي اعتمدتها في دراستك؟ـ اعتمدت على مصادر هامة لمعاصري الثورة وكذلك كُتاب مرموقين يُشهد لهم بالحيادية والأنصاف ابرزهم السيد حامد الحمداني والأستاذ ليث الزبيدي ود.عبد الخالق حسين، كما استخدمت مصادر موثوقة لكُتاب مستشرقين أجانب ابرزهم حنا بطاطو ، وجالس ستريب ومارك جيكان وبيوتر كيفلكيفيج ,بالإضافة الى كتب اخرى لا يسع المقام ذكرها جميعا.
* كيف ترى مغزى هذه الدراسة في هذا الوقت ؟
حاولت ان اطلع على النقاط القيمة والمشتركة في ثورة تموز 1958 وأوضاع العراق الحالية ومن ثم ربطها سوية للخروج بدراسة تجنب بلادنا اخطاء الماضي من خلال وضع حلول جدية استنادا الى تجارب السابقين والاستفادة من اخطاء الماضي.
* باعتقادكم ، ما ابرز الاخطاء التي صاحبت ثورة تموز 1958؟ـ رافقت الثورة العديد من السلبيات مثلما صاحبتها ايجابيات ، اهمها تجلى في اسلوب الحكم المتفرد لحركة الضباط الاحرار وقلة الإصغاء الى الاخرين ووجهات نظرهم ، وعدم انتقال الحكم العسكري الى المدني بالوقت المطلوب وبالتالي بقيت الدولة شبه عسكرية . بالإضافة الى التفرد بزمام السلطة دون افساح المجال للحركات السياسية للعب دورها المرجو خصوصا في اوج الصراع بين مناصري الثورة والبعثيين والذي انتهى بمأساة شباط 1963 وبالتالي إضعاف الحركات الوطنية وهيمنة القوميين على زمام السلطة. ولابد هنا من اكتمال الصورة بالإشارة ايضا الى ابرز منجزات الثورة فيمكن تلخيصها بإعلان الجمهورية و إلغاء حلف بغداد وبالتالي الاستقلال السياسي اضافة الى إصدار قانون 80 بشأن الاستغلال الوطني للنفط وقانون الاصلاح الزراعي وتأميم الصناعات الوطنية والعديد من المنجزات التي كثر الحديث عنها .
* دعني اسألك عن الجانب البولندي ، فيما يتعلق بالدراسة، واعني كيف تفاعل الاستاذ المشرف مع اطروحتكم؟ـ مشرف البحث هو الاستاذ مارك جيكان ، من الاسماء العلمية اللامعة في بولندا ، بروفيسور ومسؤول لجنة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في كلية العلوم السياسية\جامعة وارسو لسنوات طويلة . درس في العراق في تسعينات القرن الماضي، والحق اقول ان الاطروحة كما افاد الدكتور بانها اضافت الكثير لمعلوماته، لا نه قرأ عن الثورة غير الذي ذُكر في مصادر ومذكرات معاصريها اي اغلبها كانت قراءات سلبية عن واقع الثورة وهو ما اكده لي في لقاءاتنا المتكررة خلال ثمان شهور .
* هل يمكن وضع القارئ بصورة مختصرة عن بحثكم ، فصوله ، اهم عناوينه من كم فصل تكون؟ـ البحث تكون من ثلاثة فصول غير قصيرة . الفصل الاول تناول الظروف الموضوعية التي تراكمت عبر عقود منذ الاحتلال البريطاني للعراق وكذلك العوامل الخارجية والداخلية التي صاحبت الحكم الملكي وانتهاء بثورة تموز.
الفصل الثاني تناولت فيه دراسة عن حركة الضباط الاحرار ، تاريخ نشوئها وأهم التنظيمات اضافة الى الافكار المهيمنة في تلك المرحلة .
الفصل الثالث حاولت تحليل ما جاءت به الثورة من نجاحات و أخفاقات . وكذلك اهم الانجازات الداخلية مثل قانون الاصلاح الزراعي وانصاف المرأة وانهاء هيمنة الشركات الاجنبية على الثروات الوطنية وأبرزها النفط . كما حاولت الوقوف عند دور الولايات المتحدة الامريكية المعادي للثورة عن طريق دعم الحركات القومية المناهضة للثورة وكذلك دور مصر في دعم القوميين من اجل افشال حكومة قاسم التي وقفت بالضد من الجمهورية العربية المتحدة.
* نعلم ان لديكم مشروعا مستقبليا تخططون له يتعلق بدراسة اخرى لثورة تموز 1958 باختصار ما هو؟ـ المشروع هو عبارة عن محاولة تحليلية مكثفة لأخطاء الملكية وجمهورية قاسم الاولى وربطها بأخطاء الحاضر كي يتسنى للجميع الاستفادة من تجارب السابقين وعدم التغاضي عنها . هذا وقد وعد مشرف اطروحتي بمساعدتنا في الترجمة الى البولندية وتحمل تكاليف طبعها ان انجزتها بالوقت المطلوب .
نشر في جريدة طريق الشعب العدد 221, الاربعاء 13 نموز عام 2011