احتفال تأبيني مهيب للملفان يونان هوزايا
كانت جاليتنا الموقرة في مدينة ملبورن-استراليا على موعد هام مساء الاحد الموافق7.2.2016 الا وهو تابين المناضل يونان هوزايا
كان كل شىء معدا بدقة، الصورة الكبيرة للراحل، البخور، والشموع والزهور...
تقدما الى المنصة عريفا الحفل التأبيني الشاعران المبدعان،
الانسة جوانا احسان بالعربية والسيد ماجد هوزايا بالسريانية، مرحبين بالحضور الكريم الذي اكتظت به قاعة عشتار على سعتها. ثم طلبا من الحضور المتميز
الوقوف دقيقة صمت على ارواح شهدائنا الابرار
بعدها اخذا ينثران الكلام شعرا على الحاضرين بالتناوب
شعرا ممزوجا بالحزنٍ والفخر، بألمٍ وشموخ
نعم هكذا كان فقيد الامة بين احضان الصدق والوفاء، الاكرام والاجلال...
ثم على نغمات وايقاعات سمفونية حرائق نينوى تقدم الموكب المهيب لحاملي الصورة الكبيرة للفقيد، يتقدمهم حاملو المباخر والشموع والزهور التي وضعت على المنصات المعد لها سلفا في جويٍ احتفالٍ جليل، لتزين صدر القاعة وتُأطِرها...
بعدها اعتلى المنصة صديق الفقيد السيد الياس متي منصور والقى كلمة الهيئة المنظمة للاحتفال، وبأسم 24 مؤسسة وتنظيم شاركوا في اقامة هذا الحفل البهي. نقتطف من كلمته:
ايها الحضورالكريم، رب سائل يسأل، لماذا كلُ هذا الوقار والاجلال، الاكرام والتبجيل ولماذا كلُ هذا الاجماع وهذا الحراك الشعبي، لفقيد الامة يونان هوزايا؟
لدماثة خلقه ونزاهته، وطيبته...
ولانه ناضل من اجل لملمة جراحات امتنا المنكوبة
وجاهد من اجل توحيدها
وعمل كل ما بوسعه من اجل تأمين مستقبل زاهر لها
ولانه كان يمتلك صفات القائد الحكيم وسلوك الانسان المتواضع.
وكان رأس الحربة للاعداد والتحضير لعقد مؤتمر بغداد
(المؤتمر العام الكلداني السرياني الاشوري).
ورغم انشغالاته الوظيفية ونضاله الى جانب رفاقة في صفوف الحركة الديقراطية الاشورية ...
ابدعت يراعه 14 مؤلفا تصب في تعليم ونشر وتطوير لغتنا الام (السريانية)، وادابها، في النقد الادبي، والشعر، وقصص الاطفال والقصة القصيرة، والسيرة، كلها بلغتنا الام السريانية التي عشقها حتى النخاع ومؤلفات اخرى بالعربية وديوان شعري بالكردية
اضافة لعشرات المحاضرا والبحوث والندوات، ومئات المقالات السياسية والادبية واللغوية والتاريخية كلها تصب في خدمة امتنا المنكوبة ، وتأمين مستقبل زاهر لها...
كان له حُلما كبيرا هو عين الحُلمِ للاباء والاجداد
بطرس اغا ونعوم فائق، ادي شير وفريدون اتورايا، توما اودو، واشور بت خربوط، رابي كِتى ويوسف مالك وفريد نزهت...
بل كان حلمه حلم كل واحد منا..
هو ان نعيش بحرية وكرامة مرفوعي الراس وان لا نكون اقل من اخوتنا العرب والكرد والتركمان، بل سواسية وشركاء في الوطن الام العراق، وكان حلمه مجبولا بأرادته الصلبة واماله الكبيرة، فشمر عن ساعده وعمل بجد واخلاص دون كلل او ملل لتحقيق حلمنا الكبير
احبائي، برحيل الملفان يونان هوزايا الامة تفقد احد رموزها ليرقد في ذمة الخلود.
+++++++
بعدها قدم المطرب سلام باباوي اغنية رائعة بالسريانية بعنوان (هوزايا)، كلمات الشاعر سركون توماس والحان الفنان زيا القصراني.
+++++++
ثم كان دور السيد سرهد خوشابا صديق وابن عم ونسيب الراحل الكبير، والقى قصيدته المؤثرة بالسريانية:
بعنوان: اي علم يليق بقامتك ( ايما اتا كخشخا لقمتوخ)،
أي علم يليق بقامتك
إنه الثلاثون من كانون الاول..
ابتلت تويجات الورود..
بندى الصباح
وابتل علم قامتك..
بمطر نوسرديل الأعالي
فأي علم يليق لقامتك؟
+++++++
ثم القى الفنان فارس دانيال مرثية
السيد سلام قرياقوس صديق الراحل ارسلها من باريس نقتطف منها:
ها قد رحل الموقد الذي كنا نلتم حوله
في ليالي الشتاء الموحشة
ذاك الصديق والحبيب والقلم
رحل المعلم والاديب والامل
الانيس والحلم، رحل قبل
ان تكتمل انشودة ( زرقتا دكيما)،
ومشروع القصيدة..
رحل وما زال معجم اللغة
يطلب المزيد والمزيد...
كيف رحلت ايها الحبيب
والجميع بأنتظار تحقيق حلم قصيدتك
وانت تقول: "سرجون وسارى هر بد كوري"
تبا لك ايها الموت كيف سرقت
كل هذا الكم من الاعمال الغير المكتملة
والامال والاحلام
تبا لك ايها الموت ما هذا الحضور المبكر
الا تعلم بلقاء الاصدقاء وموعدهم الثالث؟
تبا لك ايها الموت كيف تجرأت بلحظة
واقتحمت معقل وبستان المعرفة
هنيئا لكِ ايتها السماء
لانك تستقبلين نجما علا من ارض الرافدين
الى حيث الشموخ
فضعيه في فلكك
لكي يكون الفضاء اجمل
هنيئا لك يا سماء
ها قد جاءك كوكبا ناصع البياض
فأفرحي وتهلهلي واعلني الاحتفال
+++++++
ثم انشد الشاعر والخطاط الشماس سمير زوي قصيدته (بويائا) وبالسريانية الفصحة (كشما، الكلاسيكية)، ممزوجة بالبكاء على صديقه هوزايا جاء فيها:
مع السلامة ايها المجتهد والمعلم
عملت معنا بفكر مشرق وبجهد جم
لقد ورثت نصيبا خمس وزنات من التعليم
الى ملكوت الرب ادخل وابتسم
+++++++
الفقرة التالية كانت اغنية (يونان هوزايا)، للسيد عادل رزقو
الذي تعلم اللغة الام على يد الراحل هوزايا في الجمعية الثقافية للناطقيين بالسريانية ، عبر فيها عن حبه واعجابه بالفقيد ...
+++++++
ثم القى السيد يوأرش خوشابا صديق الراحل هوزايا
مرثية الكاتب كوركيس اوراها التي ارسالها من امريكا
وهو الصديق الحميم للمرحوم جاء فيها:
اخي وصديق العمر والراحل الكبير يونان:
يا بلسم اللغة ويا رياحين مفرداتها.. ويا قافية القصائد وطعم
كل الشعر والنثر
يا من حمل هموم الامة بكل امانة.. ويا من أنكب على رقي
آدابها منذ الصغر
يا من ساهم في وضع أسس مملكة.. قوامها الأخلاص واساسها
فضائل الاخلاق وعصارة الفكر
لماذا استعجلت الرحيل ايها الكبير؟ وتركت خلفك كثيراً
من المشاريع تنتظر
لن تكفي كل كلمات الرثاء لأقولها بحقيك ولن تفي كل
الاحزان والدموع
+++++++
ثم اعتلى المنصة الشاعر سركون توماس لينشد قصيدته
شونايا دقدمياثا
وهي جواب وتناص وحوار لقصيدة (قدمياتا)، للراحل هوزايا، كان قد القاها شاعرنا سركون توماس في حفل اطلاق ديوان (خورواتا)، للراحل قبل وفاته
نقتطف منها:
يونان هوزايا شهيد
عندما جزء من ارض الأباء،
يتجزأ.
ومثل شجرة تفقد أغصانها،
تتيبس.
يونان هوزايا يفارق،
يرتحل،
دماء حمراء،
عندما تكون،
إنهيارات،
وتداعيات،
عندما تكون،
قتل،
وفناء.
+++++
بعدها ابدع الدكتور امير يوسف من خلال مرثية تراجيدية بليغة بالعربية جاء فيها:
ما بين الصبح والمساء وما بين أحلام الفراشات على الارض والنجوم والوسنة العلياء تترتَّب الحروف تباعاً بانسيابيَّة لغوية معبِرة لتتخمَّر ما بين الألف والياء.
وتبدأ صناعة الكلمات لبث الأمل في نفس الإنسان. بلط، أيها الحبيب بألواح كلماتك، وعبد درب التبّانة حين تكون السماء في رقص وغناء لتضيف نوراً الى نور.
واجعل في المقدمة قواميس وكتب واشعار وفي الفكر كلمات حب لبني قومك، ثم رتب حروف اسمك وساماً على صدر الوطن وسلاماً داخلياً للفقراء، ورَ الناس كيف يكون فنُّ الكلام والبناء.
انت لست تتذكر أحزانك بسبب ما يعلق بذاتك من أمور غير يسيرة تخص شعبك. نعم تصدر كركرة من صدرك وأنت ترى بني قومك وقد تفرَّقوا، فتنهض من غير أن تفكر في صفاء وجهك في هذا الزمن الاكدر وتعمل لتأتي بما لايكون إلا جامعا، موحدا، يبني الأمة ويجعلها تقف على قدميها.
تعمل وانت متيقن من أن الأحزان لن تنقضي ما لم تتنفس الارض بحرية وتدخل السعادة إلى نفس الإنسان، وبكل ذلك تصير نفسك موضعاً تُحرَز آلام الإنسان وآماله وأحلامه.
ما أحرزه من موضع!
++++++
وعلى انغام والحان حزينة ومؤلمة وبصوت وكلمات معبرة للفنان لطيف بولا تم عرض فلم بعنوان:
فقيد الامة يونان هوزايا من اعداد الفنان فارس دانيال والشاعر سركون توماس
يتضمن الفلم صور ومحطات ونتاجات الراجل، وبرقية لغبطة البطريرك لويس ساكو، وكلمة سيادة المطران بشار وردة، وكلمة لزوجته ورفيقة دربه السيدة جان دارك هوزايا، وكلمة لعمه وحماه السيد خوشابا هوزايا، اضافة لكلمات وشهادات للعديد من اصدقائه المقربين، اديب كوكا، اسكندر بيقاشا، كامل كندا، الياس منصور، عادل دنو، ميخائل بنيامين، وراوند بولص،
+++++++
ثم القى السيد خوشابا هوزايا عم وحمى الفقيد كلمة باسم
عائلة وذوي الفقيد عبر فيها عن شكره وتقديره للقائمين على الحفل والمشاركين فيه مرحبا بالحضور الكريم وخص بالذكر الاباء الافاضل، الخور اسقف اسكندر افرام والخور اسقف نسطورس توما والاب عمانوئل خوشابا، والاب فاضل ياقين، كما قدم الشكر الجزيل، لأصدقاء ومحبي ورفاق الراحل سواء ممن ساهموا بقصائدهم واغانيهم وبكتاباتهم وكلماتهم لابراز خصائل ومنجزات فقيد الامة والاسرة، وللذين قدموا التعازي للعائلة مباشرة او بواسطة وسائل الاتصالات الاخرى، لصدقهم ووفائهم واخلاصهم ووقفتهم المشرفة الى جانب الاسرى وذوي الراحل في محنتها هذه، متذرعا لله عز وجل ان يحفضهم من كل مكروه ويمنحهم الصحة والسعادة مع دوام الخير والتقدم والازدهار ...
+++++++
اما مسك الختام كان مفاجئه للحضور الكريم وهو اصدار كتاب تحت عنوان: الملفان يونان هوزايا، فارس اللغة والادب والسياسة.
باللغتين العربية والانكليزية ويقع في 270 صفحة. انجزه المؤلف سيزار هوزايا، بفترة زمنية قياسية، وقدمه هدية للحضور الكريم، يتضمن الكتاب سير حياة المرحوم ومنجازاته واهم محطات حياته اضافة لما كتب بحقه من كلمات وشهادات ...
الهيئة المنظمة للاحتفال التأبيني
ملبورن - استراليا