عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


مواضيع - Dr. Daniel Mammoo

صفحات: [1]
1
مبادىء الإشعاعات المؤينة والوقاية منها


(القسم الثاني)


 
د. دانيال ممـو / شيكاغـو
سبق وقدمنا في القسم الأول من موضوعنا المعنون أعلاه عدة موضوعات تضمنت معلومات متعددة عن ذلك, وبغية التواصل مع ما طرحناه, ننشر هنا القسم الثاني من ذات الموضوع, آملين أن نوفي بالخدمة العلاجية لما نرمي اليه.
 
وحدات قياس الجرعا ت الإشعاعية (Radiation units)
توجد أنواع مختلفة من الكميات الفيزيائية والوحدات المستخدمة لقياس الإشعاع. ولا بد لنا من إطلاع القارىء اللبيب على تلك المفاهيم بغية إكسابه المعرفة الكافية، وجعله على بينة من الموضوع ليكون بمقدوره إدراك أو فهم فحوى الفقرات المرتبطة بمصطلحات وتعاريف تلك الكميات الفيزيائية ووحدات القياس المتعلقة بالتعرّض للإشعاعات والجرع الإشعاعية الناتجة عنها. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن المقصود بمصطلح " الجرعة Dose" هو عبارة عن قياس للإشعاع الذي يتلقاه الفرد. ويمكن التعبير عن الكميات المستخدمة والتي تشمل كلاً من الجرعة الممتصة والجرعة المكافئة والجرعة الفعالة إضافة الى الجرعة الفاعلة الجماعية.
لتسليط الضوء على تلك المدلولات وإعطاء فكرة عنها. نبدأ بمصطلح التعرض (Exposure) الذي يعبّر من حيث المفهوم العام عن كمية الإشعاعات المؤينة التي يتعرض لها جسم الكائن الحي. أما من الناحية الفيزيائية فيقاس بوحدة تدعى رونتجن (Roentgen) والتي يرمز لها بالرمز(R) والمستخدمة للأشعة السينية وأشعة جاما.
أما الجرعة الممتصة(Absorbed dose)  فتعرف بكونها كمية الطاقة التي يمتصها الجسم من الإشعاعات المؤينة وتقاس بوحدة تسمى الـ "راد rad" او"مللي راد "mrad وذلك بموجب النظام التقليدي(CGS System of Units) . أما بموجب النظام المعياري العالمي  (International System of Units) فتقاس بوحدة تسمى "جري"Gray  او "سنتجري " " " Centigaryوالتي يرمز لهما بالرمز(Gy) او (cGy) على التوالي.
وللعلم فإن  .(1.0 Gy =100 rad =100 cGy) يعرف معدل الجرعة (The dose rate) على انه الجرعة الممتصة التي يتعرض لها الشخص خلال زمن معين ويقاس بوحدة راد/ساعة او جري/ساعة.
اما بالنسبة للجرعة المكافئة (Equivalent dose) فقد سبق وذكرنا أنه بأختلاف نوع الإشعاع يختلف الضرر أو التأثير على العضو او النسيج الجسمي.
قررت اللجنة الدولية للوقاية الإشعاعية ICRP (International Commission on Radiological Protection) تبني واستخدام مصطلح عامل الإشعاع (الوزني) المرجح (Radiation weighting factor) (WR)   بدلا من عامل النوعية (Quality factor) الذي كان يستخدم في السابق. وتعرف الجرعة المكافئة بأنها حاصل ضرب الجرعة الممتصة من قبل العضو أو النسيج في عامل الإشعاع (الوزني) المرجح  . (WR) 
نستدل من التعريف الخاص بالجرعة المكافئة بأن هناك علاقة مابين عامل الإشعاع (الوزني) المرجح ونوع الإشعاع المستخدم وذلك لتحديد فعالية الأنواع المختلفة للإشعاع. فعلى سبيل المثال أن قيمة عامل الإشعاع (الوزني) المرجح للفوتونات واللإلكترونات هي واحد (1.0) ولجسيمات ألفا هي عشرين ((20.0 (يمكن الإطلاع على قيم عامل الإشعاع - الوزني- المرجح ونوع الإشعاع في نشرة رقم 103 لسنة 7200 الصادرة عن اللجنة الدولية للوقاية من الإشعاع ICRP 103, 2007 ).
تقاس الجرعة المكافئة في النظام المعياري العالمي بوحدة تدعى "سيفرت Sv" وذلك عندما تكون وحدة قياس الجرعة الممتصة مقاسة بوحدة تسمى "جري" بينما في النظام التقليدي فإن وحدة قياس الجرعة المكافئة تدعى"ريم rem" وذلك عندما تكون وحدة قياس الجرعة الممتصة مقاسة بوحدة تسمى الـ "راد".
الجرعة الفعالة(Effective dose)  هي عبارة عن حاصل ضرب مجموع الجرعات المكافئة في العامل (الوزني) المرجح للنسيج (WT)  (Tissue weighting factor) ووحدة القياس تدعى "سيفرتSievert " والتي يرمز إليها بالرمز(Sv) علما بأ ن قيم العامل (الوزني) المرجح للنسيج أو العضو يختلف بإختلاف الأنسجة أو الأعضاء في جسم الإنسان وذلك حسب الإستجابة أو إحتمال حدوث السرطان. أي بمعنى آخر تحديد مدى الحساسية المختلفة للأنسجة والأعضاء لاستحداث الآثار أو الأضرار العشوائية وذلك نتيجة مقاومتها للإشعاع في حالة تعرضها الى جرعات منخفضة. والجدير بالذكرأن قيمة العامل المرجح للقولون والرئتين والمعدة هي 0.12 بينما للمثانة والكبد والغدة الدرقية فهي 0.05 ولكامل الجسم فإن قيمة العامل المرجح هي واحد (1.0).  (ICRP 103 , 2007). 
الجرعة الفعالة الجماعية (The collective effective dose) هي عبارة عن حاصل ضرب الجرعة الفعالة للفرد في عدد أفراد المجموعة، وذلك في حالة تساوي الجرعات الفعالة لجميع أفراد المجموعة ووحدة القياس المستخدمة هنا تدعى " فرد - سيفرتman-Sv  " او " فرد - ريم man-rem ". 
في حالة التعرض الداخلي للإشعاع الذي يتم نتيجة دخول المواد المشعة الى جسم الإنسان أو تلقي الجرعات الإشعاعية وذلك عن طريق البلع (Ingestion) أو الأستنشاق  (Inhalation)أو تلوث الجروح (Contamination of wounds) أو حقن (Injection)  المادة المشعة والتي تلازم الإنسان داخليا طول فترة حياته والمصطلح المستخدم  يدعى الجرعة الفعالة الملازمة .(The committed dose)

الحد الأقصى المسموح للجرعة (Maximum Permissible Dose) MPD       
هو عبارة عن مقدار الجرعة الإشعاعية الفعالة المستخدمة من قبل اللجنة الدولية للوقاية من الإشعاع كدليل للوقاية أو الأمان والتعبيرعن قيّم أو مقدار الحد الأقصى المسموح للجرعة  (MPD) الإشعاعية للعاملين في الحقل الإشعاعي ولعامة الناس (الجمهور) من غير العاملين في الحقل الإشعاعي. فعلى سبيل المثال: إن حدود الجرعة المكافئة القصوى للعاملين المهنيين لا ينبغي أن تتجاوز الـ 50 mSv (5000 mrem) في السنة. أما بالنسبة لعامة الناس ( الجمهور) فيجب أن لا تتجاوز الـ 1.0 mSv (100 mrem) في السنة. والحد الأقصى للمرأة الحامل والعاملة في الحقل الإشعاعي هو 5.0 mSv (500 mrem) خلال طيلة فترة الحمل أي ما يقارب (50 mrem) أو 0.5 mSv في الشهر.
هناك المزيد من القيم للحدود القصوى المسموحة للجرعة مرتبة على شكل جداول لكثير من الأنسجة والأعضاء المتعلقة بالعاملين في الحقل الإشعاعي او عامة الناس، وبالإمكان الأطلاع عليها في النشرات الصادرة عن اللجنة الدولية للوقاية من الإشعاع .
من الجدير بالذكر أن هذه القيم لا تزال تستخدم حتى يومنا هذا وعلى شكل واسع النطاق بالرغم من التغيرات التي أجريت لإستحداث نظام آخر بموجب التوصيات والإرشادات الي صدرت عن اللجنة الدولية للوقاية من الإشعاع  في نشرتها رقم60  لسنة 1991 وذلك بعدم صلاحية الجرعة القصوى المسموح بها وإبدالها بنظام يعرف بـ "حدود الجرعات Dose limits " مستندا على مبدأ التبرير ومبدأ التحسين ومبدأ حدود الجرعة وسوف نتطرق الى هذه  المبادىء الثلاثة لاحقا . فعلى سبيل المثال: للعاملين في الحقل الإشعاعي إن حدّ التعرض للجرعة الفعالة هو20 mSv (2000 mrem) في السنة (اي تم خفض الحد السنوي بمرتين ونصف عما كان سابقاً) حيث يؤخذ المعدل لخمس سنوات محددة، وبجرعة فعالة قدرها 50 mSv (5000 mrem)   في أية سنة واحدة، شريطة ألاّ تتجاوز الجرعة الفعالة خلال اي خمس سنوات متعاقبة الـ 100 mSv (10000 mrem). أما بالنسبة لعامة الناس (الجمهور) فيجب ألاّ تتجاوز الجرعة الفعالة الـ .0 mSv (100 mrem)1 في السنة، أما بالنسبة للنساء الحوامل من العاملات والمتدربين والطلبة فالحد السنوي هو 1.0 mSv (100 mrem)إذا كان التعرض داخليا. و 2.0 mSv (200 mrem)  إذا كان التعرض خارجيا .

المبادىء الثلاثة للوقاية من الإشعاع  (The three principle of radiation protection)

تعتبر اللجنة الدولية للوقاية من الإشعاع مؤسسة مستقلة غير حكومية تأسست سنة 1928 ومهمتها بالدرجة الأولى تقييم المعلومات المتعلقة بالتأثيرات البيولوجية الناجمة عن الإشعاع وذلك عن طريق توفيرالوقاية أو الحماية من المخاطر الناجمة عن استخدام الإشعاعات في كافة المجالات، وذلك من خلال التوجيهات والتوصيات العامة المتعلقة بمقادير حدود الجرعات الإشعاعية للعاملين في الحقل الطبي وعامة الناس إضافة الى حماية البيئة.
في عام 1995 أصدرت اللجنة الدولية للوقاية من الإشعاع ثلاثة مبادىء أساسية تعتبر كنظام لتحقيق الوقاية والأمان في الممارسة الإشعاعية عند استخدامها في حقول مختلفة وذلك من أجل تقليل التعرض الإشعاعي للأشخاص والحد من الجرعة الإشعاعية الموصى بها من قبل تلك اللجنة. ومن هذا المنطلق تم نهج الوقاية والأمان على اساس المبادىء الثلاثة التي تتضمن ما يلي:

1- التبرير (Justification):  وهذا يعني إن اي اجراء يتضمن التعرض للإشعاع يجب أن ينطوي على أن الفوائد التي سيجنيها الأفراد المعرضون او الجمهور تفوق بكثيرأية أضرار قد يعانون منها، وذلك لتبرير المجتمع من المخاطر التي يتكبدها من جراء التعرض للإشعاع مع الأخذ بعين الإعتبار العوامل الإجتماعية والإقتصادية. وعلى هذا الأساس فإن الجرعة الناتجة عن التشخيص(Diagnosis)  والعلاج الطبي(Medical treatment)  تعتبر مبررة لكون الفوائد التى تجني منها تفوق المخاطر أو الأضرار .
2- التحسين (الأمثلية(Optimization : أي انه من الضروري السعي لتخفيض كميات التعرض للإشعاعات  الناجمة عن الممارسة الإشعاعية إلى أدنى مستوى ممكن تحقيقه، وهذا ما يعرف بمبدأ او فكرة  ألارا ALARA.
 (As Low As Reasonably Achievable)    اي بمعنى تطبيق مبدأ ألارا الى (ادنى حد معقول ممكن تحقيقه) مع أخذ العوامل الإجتماعية والإقتصادية بعين الإعتبار. لذا فمن الأفضل استخدام  أقل كمية من الأشعة تفي بالغرض المطلوب خاصة في المجال الطبي.
3- حدود الجرعة(Dose limitation)  وهذا ينطوي على تحديد الحدود القصوى للجرعات الإشعاعية الفعالة أو المكافئة والمسموح بها والتي يتلقاها العاملون في الحقل الإشعاعي، إضافة الى أفراد الجمهور من خلال الحالات المختلفة للتعرض الإشعاعي الصادرة من مصادر مشعة من صنع الإنسان اي مصادر إصطناعية. علما بأن هذا المبدأ لا  ينطبق على حالات التعرض الطبي أثناء التشخيص أو العلاج.
إشارة الى ما ذكر اعلاه فإن الغرض من هذه المبادىء هو الالتزام بالمتطلبات الأساسية وعلى نطاق واسع من أجل الوقاية (Protection) أو الأمان   (Safety)ضد المخاطر المرتبطة بالتعرض للإشعاع المؤين مع ضمان جميع أنواع المصادر المشعة وسلامتها. نستنتج من جوهر المبادىء الأساسية الثلاثة للمارسات الإشعاعية ما يلي:
 اولا. إنّ الفوائد المستمدة من الممارسة(Practice)  الإشعاعية يجب ان تفوق الأضرار.
ثانيا. في أي تعرض أو إستخدام إشعاعي يجب الابقاء على الحد المعقول الذي يمكن تحقيقه.
ثالثاً. أي تعرض يجب أن لا يتجاوز الحد الأقصى للجرعات الفعالة المسموح بها.
 من المعلوم انه بالإمكان تلافي مخاطرالإشعاع والتقليل من الأخطار البيولوجية على جسم الإنسان الحي، وذلك بأستخدام وإتباع وتطبيق التوصيات والإرشادات الصحيحة. على سبيل المثال: تطبيق القواعد الثلاث وهي جعل زمن (مدة) التعرض الإشعاعي أقل ما يمكن، زيادة المسافة والإبتعاد قدر الأمكان عن مصدر الإشعاع واستخدام الحاجز الواقي والمناسب بين المصدر الإشعاعي والكائن الحي، إضافة الى الالتزام بالضوابط والقوانين والتي تنص عليها التوصيات الصادرة عن اللجنة الدولية للوقاية من الإِشعاع وهيئات أخرى من ذوي الخبرة  والإختصاص.
ومن هذا المنطلق يأتي الدور المهم في التطبيق بإتخاذ او إتباع الإجراءات (Actions) الوقائية والتدابيراللازمة
والضرورية وحسب الدليل المصمم والخطة العامة المتبعة والمتوفرة في أغلب المستشفيات أو المفاعلات النووية أو جهات أخرى لها صلة بالأمر وذلك في حالة حصول تلوث (Contamination) إشعاعي أو في حالات الطوارىء(Emergency)  والحوادث (Accidents) الإشعاعية أوالتعرض للإشعاعات المؤينة بكميات عالية من مصادرنفايات المنشآت النووية. فمن الضروري الإلتزام باتخاذ القرار الصائب وتقييم المنافع والعمل من أجل تنفيذ الخطة المطلوبة لتوفيرالوقاية أو لحماية العاملين في حقل الإشعاع والمرضى وعامة الناس (Public) وحماية البيئة وضمان سلامة وأمان الأجهزة المنتجة للأشعة والمواد المشعة من أجل تحقيق الوقاية والأمان المنشودين.
انواع التعرضات الإشعاعية(Type of radiation exposures) 
1- التعرض الطبي (Medical exposure) هو التعرض الذي يصيب المرضى أثناء التشخيص أو المعالجة إما لكامل الجسم أو التعرض الموضعي للإشعاع .
2- التعرض المهني(Occupational exposure)  وتشمل كافة تعرضات العاملين في الحقل الإشعاعي خلال فترة عملهم ومن ضمنهم المهنيين (غيرالاداريين) والطلاب والمتطوعين في الأبحاث الإشعاعية إضافة إلى النساء الحوامل. علما بأن الإشعاعات التي يتعرض لها العاملون خلال فترة عملهم لا تتضمن الإشعاعات الناجمة عن الخلفية الإشعاعية(Radiation background) . وللعلم أن كلّ شخص في الولايات المتحدة الأمريكية يتلقى جرعة بمعدل360 mrem  في السنة من الخلفية الإشعاعية الناجمة بنسب مختلفة  من المصادر الطبيعية ومن الاستعمالات الطبية ومصادر من صنع الإنسان.
3- تعرض الجمهور(Public exposure) ويشمل أي فرد من الجمهور أو عامة الناس باستثناء أولئك الخاضعين للتعرض الطبي أو المهني. وعلى سبيل المثال يشمل ذلك  بزائري المرضى، عوائل المرضى، الأصدقاء أو الأقارب من المتطوعين في مواساة أو مساعدة المريض .

   الجرعات الإشعاعية والأثار المتوقعة(Radiation dose and Expected effects) 
سبق وأن أشرنا بأن الوحدات المستخدمة لوصف جرعة الإشعاع هي وحدة ريم، مللي ريم او راد، مللي راد حسب النظام القديم، جري وسيفرت ومللي سيفرت حسب النظام العالمي وذلك للدلالة على قياس كمية الطاقة الإشعاعية الممتصة من قبل جسم الإنسان، مما تسبب تأثيرات أو تغيرات على شكل أضرار تصيب الجسم كله أو احد أعضائه. ومن هذا المنطلق ندرج ادناه قيم بعض الجرعات الإشعاعية التي يتلقاها كامل الجسم مع الآثار المتوقعة.   
ملاحظة: لتسهيل استيعاب الوحدات فأن (1.0 rem =1000 mrem and 1.0 Sv =1000 mSv = 100 rem)

(0 - 5000 mrem or 0 - 50 mSv) [(0 - 5 rem or 0 - 0.05 Sv)]
في حالة تلقي هذه الجرعة في فترة قصيرة أو طويلة، لا يتوقع حصول اية آثار صحية يمكن ملاحظتها.
 (5000 - 10000 mrem or 50 - 100 mSv) [(5 - 10) rem or (0.5 - 0.1 Sv)]
في حالة تلقي هذه الجرعة في فترة قصيرة أو طويلة، فإما ان لا يتوقع حصول آثار صحية في هذا المستوى أو قد تكون صغيرة يمكن ملاحظتها.
(10000 - 50000 mrem or 100 - 500 mSv) [(10 - 50) rem or (0.1 - 0.05) Sv]
في حالة تلقي هذه الجرعة في فترة قصيرة أو طويلة، إحتمال حدوث السرطان عند تلقي جرعة تزيد عن (100 mSv)
وإحتمال نقصان كريات الدم البيضاء عند الأقتراب من جرعة (500 mSv) .
(50000 - 100000 mrem or 500 - 1000 mSv)  [(50 - 100) rem or (0.5 - 1.0) Sv]
في حالة تلقي هذه الجرعة في فترة قصيرة فإنه من الممكن ملاحظة بعض التأثيرات الصحية، وفي حالة تلقي الجرعة في فترة طويلة سوف تزداد احتمالية حدوث السرطان. وفي حالة تلقي جرعة تزيد عن(500 mSv)  سوف تحصل بعض التغيرات في خلايا الدم ويحتمل أن يكون الجهاز الدموي قابلاً للشفاء .
(100000 - 200000 mrem or 10000 - 20000 mSv) [(100 - 200) rem or (1.0 - 2.0) Sv]
عند تلقي هذه الجرعة خلال فترة زمنية قصيرة سوف تؤدي الى الغثيان والنحول إضافة الى حصول التقيؤ في حوالي (20%-25%) عند تلقي (125 mSv). وفي حالة تلقي الجرعة المذكورة أعلاه في فترة زمنية طويلة سوف تزداد احتمالية الإصابة بالسرطان.
(200000 - 300000 mrem or 2000 - 3000 mSv)  [(200 - 300) rem or (2.0 - 3.0) Sv]
في حالة تلقي هذه الجرعة خلال فترة زمنية قصيرة سوف تسبب الغثيان والتقيؤ خلال (24-48 hour) وفي هذه الحالة يجب أن تؤخذ العناية الطبية بعين الإعتبار.
(300 - 500 rem or 3000 - 5000 mSv) [(3.0 - 5.0) Sv]
في حالة تلقي هذه الجرعة في فترة زمنية قصيرة فسوف تسبب الغثيان والتقيؤ والأسهال  (Diarrhea) بعد بضعة ساعات من تلقي الجرعة. إضافة الى فقدان الشعر(Hair loss) والشهية  (Appetite)في الأسبوع الأول من تلقي الجرعة. وفي هذه الحالة ينبغي أخذ العناية الطبية بعين الإعتبار، اما اذا تعذرت العناية الطبية فإن نصف عدد المتلقين لهذه  الجرعة سيكون مصيرهم الموت بعد عدة اسابيع.
(500 - 1200 rem or 5000 - 12000 mSv)  [(5.0 - 12.0) Sv]
في حالة تلقي هذه الجرعة في فترة زمنية قصيرة فإنها ستؤدي إلى موت الشخص خلال بضعة ايام .
أكثر من [100000] mSv  or (10000) rem or [100 Sv]
في حالة تلقي هذه الجرعة في فترة زمنية قصيرة فإنها ستؤدي إلى موت الشخص خلال بضعة ساعات.

 الجرعة المميتة والأمراض الإشعاعية (Lethal dose and Radiation sickness)


الجرعة المميتة (Lethal dose) هي الجرعة التي يتكبدها عدد أفراد مجموعة معينة خلال فترة زمنية محددة والتي تؤدي الى وفاة نصف المتعرضين لها أي (50%) في غضون ستين يوما من التعرض في حال إنعدام فرص العلاج. وتصل قيمة هذه الجرعة في الإنسان إلى حوالي (4 Gy) أو ما يساوي (400 rad). واحيانا يستخدم مصطلح الجرعة المميتة للاشارة إلى وفاة نصف المتعرضين أي (50%) في غضون ثلاثين  يوما من تكبد جرعة يتراوح مقدارها مابين (2.5 - 3.0 Gy).
الأمراض الإشعاعية  (Radiation Sickness)هي عبارة عن مجموعة من العلامات والأعراض التي تحدث سوية وتصف الجهاز الأكثر تضررا من تعرض الجسم بمجمله للإشعاعات المؤينة. وعادة ما تحدث عند تلقي جسم الإنسان بأكمله جرعة عالية من الإشعاع المؤين خلال فترة قصيرة مما يؤدي الى تغييرات عديدة تعاني منها أعضاء الجسم وتظهر على شكل أمراض أو متلازمات اشعاعية نتيجتها الوفاة. ومن الجدير بالذكر أن الأمراض الإشعاعية تمر بأربع مراحل (المرحلة البدائية(Prodromal stage) ، المرحلة الكامنة(Latent stage) ، المرحلة الواضحة أو الظاهرة (Manifest stage)  واخيرا مرحلة الوفاة \ أو الإستعادة الصحية Recovery or death stage ). وتعتمد مدة كل مرحلة على مقدار الجرعة الإشعاعية. وعادة ما تتصف كل مرحلة ببعض المميزات وعلى شكل أعراض او علامات. فعلى سبيل المثال، تتصف المرحلة البدائية بالأعراض التالية: الغثيان والتقيؤ والاسهال والأرهاق.
أما اعراض المرحلة الكامنة فغالبا ما تكون غير واضحة. وتتميز هذه المرحلة إما ببداية فترة الشفاء أو فترة الوفاة.
أما المرحلة الواضحة فتتميز بظهور أعراض واضحة تتمثل بالنزيف الدموي والإسهال الحاد والإلتهابات واختلال في التوازن ونقصان في كريات الدم البيضاء والحمراء والصفائح الدموية(Platelets)  وغيرها من الأعراض. أما المرحلة الأخيرة  فتتصف إما بالموت المحتم أو الشفاء علما بأن نسبة البقاء على قيد الحياة تقل مع زيادة التعرض الإشعاعي وبأن اغلبية المرضى لا يحالفهم الحظ في إستعادة صحتهم والبقاء على قيد الحياة.   
وتنقسم الأمراض الإشعاعية الى ثلاثة أقسام :
1- متلازمة النخاع العظمي (Bone Marrow Syndrome): وتحدث عند تلقي كامل جسم الإنسان لجرعة عالية من الإشعاع المؤين تتراوح ما بين (1.0 - 10 Gy)  وتحدث الوفاة عادة خلال فترة زمنية تتراوح مابين ثلاثة اسابيع الى ثمانية أسابيع . وتحدث الوفاة بسبب تدمر خلايا العظم والتأثيرات الحاصلة في جهاز الدورة الدموية .
2- متلازمة الجهازالهضمي - معديّ معوي-(Gastrointestinal Syndrome)   : وتحدث عند تلقي كامل جسم الإنسان لجرعة عالية من الإشعاع المؤين تتراوح ما بين(10 - 50 Gy)  وتحدث الوفاة عادة خلال فترة زمنية تتراوح بين ثلاثة الى عشرة ايام. ويعود سبب الوفاة الى الأضرار والإلتهابات الحاصلة في الخلايا المبطنة للأمعاء الدقيقة.
3-  متلازمة الجهازالعصبي المركزي(Central Nervous System Syndrome) : وتحدث عند تلقي كامل جسم الإنسان جرعة عالية من الإشعاع المؤين يزيد مقدارها عن (50 Gy)  وتحدث الوفاة عادة خلال فترة زمنية تقل عن ثلاثة ايام بسبب الأضرار التي تصيب الخلايا العصبية والدماغ .

وفي الختام ، إني على آمل كبير بأن أكون قد قدمت للقراء ما يجديه نفعاً مما عرضته، وفي الوقت ذاته أكون شاكراً لكم إن اتحفتموني بآرائكم لما فيه الخير للجميع.

الدكتور دانيال ممـو/ شيكاغو

DMammoo@aol.com

  References المصادر         
www.ankawa.com/forum/index.php?topic=510562.0; القسم الأول 
www.ankawa.com/forum/index.php?topic=513325.0القسم الثاني
1- مبادىء الإشعاعات المؤينة والوقاية منها . اعداد الدكتور محمد فاروق احمد والدكتوراحمد بن محمد السريع ، جامعة الملك سعود ، المملكة العربية السعودية ، 2007 .
2- الوقاية من الإشعاع في الطب (الترجمة العربية) ، الهيئة العربية للطاقة الذرية ، تونس 2011 منشور اللجنة الدولية للوقاية من الإشعاع (ICRP) رقم 105.
3- معاير الأمان الأساسية الدولية للوقاية من الإشعاعات المؤينة ، الهيئة العربية للطاقة الذرية ، تونس  1996  سلسلة وثائق الأمان - العدد رقم 115، منشورالوكالة الدولية للطاقة الذرية ، فينا ، النمسا
4- ICRP 103 Publication, International Commission on Radiological Protection,
 "The 2007 Recommendations of International Commission on Radiological Protection".
  5- Statkiewicz-Sherer, P. Visconti, E. Ritenour,
"Radiation Protection in Medical Radiography" 3 rd edition, Mosby, 1998.
6- Elizabeth LaTorre Travis, "Primer of Medical Radiobiology" .2nd edition, Mosby, 2000.
7- AAPM Report No. 53, Radiation Information for Hospital Personnel, USA 1995.
8- NCRP Report No. 91, Recommendations of National Council on Radiation and
   Measurement. "Recommendations on Limits for Exposure to Ionizing Radiation",1987.


2
مبادىء الإشعاعات المؤينة والوقاية منها  
 
د. دانيال ممـو / شيكاغـو

(القسم الأول)

استهل هذا الباب من حيث انتهيت في الفقرة الأخيرة من الموضوع الرئيسي (ماذا تعرف عن الأشعة)  المنشوربقسميه الأول والثاني في مواقع الكترونية مختلفة، مقتبساً الفقرة المعنونة الوقاية من مخاطر الأشعة :
(نستدل مما ورد بأن تطبيقات الأشعة في الحقول الطبية والصناعية  تـدّر بفوائد Benefits جمّة. وفي نفس الوقت قـد تكون مضـرّة وخطرة Risk وبشكل خاص للعاملين في هـذا الحقل. لهـذا من الضروري جـدا التقيّـد بالإجراءات والإرشادات الوقائية المتبعة لضمان السلامة الصحية وتفادي المخاطر. اذ أصبح موضوع الوقاية  Protection من مخاطرالأشعة وأضرارها ذا أهمية كبيرة وخاضعا لتوصيات وقوانين خاصة من حيث كيفية التعامل مع مصادرالأشعة والنظائر ذات النشاط الإشعاعي، وكيفية خزنها أو حفظها في أماكن آمنة، بما فيها تلك الخاصة بإنشاء المعجلات المنتجة للأشعة السينية وكيفية تصميم الغرفة وبناء جدرانها، والمواد المستخدمة في تركيب البناء لعزل تلك الأشعة.
إنطلاقا من مقولة "الوقاية خيرمن العلاج" ، ولكي نكون على بيّنة من تأثيرات مخاطر الأشعة، لا بـدّ من إستدراك طرق الوقاية والإلتزام بهـا بغية تقليل وتخفيف نسبة الأشعة الممتصة من قبل أجسام العاملين في هـذا الحقل، إذ إن هناك ثلاث قواعد هامة لا محالة من إتباعهـا وهـي الزمن والمسافة والحاجز).

قبل الولوج في صلب الموضوع وجدت من الضروي أن أقدم للقارىء الكريم التعريف الخاص بالوقاية الإشعاعية. (الوقاية الإشعاعية Radiation protection هي مجموعة من الإجراءات والوسائل التي تكفل وقاية الناس والبيئة من التعرض للإشعاعات المؤينة أو للمواد المشعة، بما في ذلك إستخدام الأجهزة والمعدات المختلفة لتقليل الأخطار الإشعاعية والجرعات الى أدنى حد معقول دون زيادة حدود الجرعة المقررة).
يتعرض الإنسان خلال فترة حياته منذ نشأته وبشكل مستمر الى أنواع متعددة من الإشعاعات وبمستويات مختلفة من حيث الطاقة الإشعاعية، والتي تدخل البيئة (Environment) من مصدرين أساسيين هما المصدر الطبيعي والمصدرالصناعي.
من أهم المصادر الطبيعية للأشعة المؤينة هي الأشعة الكونية (Cosmic Radiation) وأشعة جاما وجسيمات ألفا وبيتا والنيترونات. أما المصادر الصناعية التي هي (مصادر من صنع الإنسان  (Man-made فتتضمن المواد ذات النشاط الإشعاعي  (Radioactivity) وأجهزة إنتاج الأشعة السينية (اشعة اكس x-ray)، التي تستخدم لتشخيص الأمراض      (Diagnosis)  أو لمعالجة (Treatment) بعض الأمراض السرطانية ،  إضافة الى المفاعلات النووية               (Nuclear reactor).
يعتبر الإشعاع المؤين (Ionizing radiation) أهم الإشعاعات نظراً لقدرة طاقته العالية على اختراق(Penetrate)  المادة البيولوجية وتأيينها مكونة أزواج من الأيونات الموجبة والسالبة نتيجة تفاعل (Interact)  هذا النوع من الإشعاع المؤين بذرات المادة الحية.
من الجدير بالذكر أن الإنسان يتعرض لتلك الإشعاعات إمّا عن طريق التعرض الخارجي أو الداخلي. ويعتبر التعرض خارجيا عندما يتعرض الإنسان للأشعة المؤينة المنبعثة من مصادر تقع خارج جسم الإنسان، كما في حالة التعرض للأشعة الكونية أو لأشعة الشمس إضافة الى مواد مشعة يصنعها الإنسان، حيث يتم امتصاص الطاقة الإشعاعية من الخارج الى الداخل.
 أما التعرض الداخلي فيحدث عن طريق دخول المادة المشعة الى جسم الإنسان وبطرق مختلفة، على سبيل المثال: من خلال الهواء الذي نستنشقه أو الماء الذي نشربه أو الطعام الذي نأكله وكذلك من خلال الجلد أو تلوث الجروح.
نستنج مما تقدّم بأنّ التعرض لتلك الإشعاعات المؤينة الصادرة من مصدر خارجي أو داخلي يقود الى تأثيرات أو أضرار بيولوجية  (Biological effects or damages)تظهر في جسم الإنسان الحي. وتكون تلك التأثيرات إمّا مبكرة او متأخرة تظهر فيما بعد على شكل أعراض (Symptoms)  مرضية أو أمراض سرطانية إضافة إلى التأثيرات الوراثية (The hereditary effects). وتعتمد درجة(Grade)  مستوى خطورة تلك التأثيرات أو الأضرار الناجمة عن الإشعاعات المؤينة على عدة عوامل سوف نتطرق إليها لاحقا.

التفاعلات الأسا سية للإشعاع (Basic interactions of radiation)
عند دخول طاقة الإشعاعات ذات المستويات العالية إلى جسم الإنسان فإن طاقة الأيونات الناجمة عن تلك الإشعاعات قد تؤثر على خلايا الأنسجة من خلال تأيين  (Ionize)بعض مكوناتها. وتتم عملية التأثير وفق آليتين :
الآلية (Mechanism) الأولى من خلال التأثير المباشر(Direct action)  الحاصل نتيجة التفاعلات ما بين الإشعاعات المؤينة والجزيئات الخلوية وخاصة الحامض النووي                       ( (DNAمسببة أضرارا وخيمة على المدى البعيد، وبالأخص في الأجيال اللاحقة علما بإنّ هذا النوع من التفاعل قد يؤثر في قدرة الخلية على الإنتاج أو التكاثر Reproduction.

أمّا الآلية الثانية فتعرف بالتأثير الغير المباشر(Indirect action) الحاصل نتيجة التفاعل ما بين الإشعاعات المؤينة والماء الذي تحتويه الخلايا والذي يشكل الجزء الأكبر في اية خلية حية. ويؤدي هذا النوع من التأثير الفيزيائي الى تحليل جزيئات الماء الموجود داخل الخلية إلى أيونات تدعى بالجذور الحرة (Free radicals) وهي عبارة عن ذرة أو مجموعة من الذرات تحتوي على عدد فردي من الإلكترونات الحرة والتي تتميز عادة بكونها غير مستقرة وقصيرة العمر وشديدة الفاعلية وذات قابلية على إحداث التسمم والانتقال إلى الخلايا او الأنسجة المجاورة. وبالنتيجة تسبب أضرارا بالغة في مكونات الخلية وبالأخص الحامض النووي. ويعقب التأثير الفيزيائي سلسلة من المراحل تتضمن المرحلة الفيزوكيميائية والمرحلة الكيميائية وأخيرا المرحلة البيولوجية. ومن الجدير ذكره  أنّ الجذور الحرة تستمر بالتفاعل مع الجزيئات المجاورة مما يؤدي إلى تفكيك الروابط الكيميائية وتكوين مركبات سامة  (Toxic)مثل بيروكسيد الهيدروجين  (H2O2).
إن نتائج تأثيرات الإشعاع المؤين في الخلية الحية يؤدي إلى أحد الأحتمالات التالية :
1- موت الخلية، قد تعاني الخلية من الضرر الكافي مما يسبب فقدان وظائفها.
2- عدم حصول أي  ضررفي الخلية.
3- حصول ضرر في الخلية لكن بأمكانها إصلاح الضرر(Repair damage) والعمل بشكل طبيعي(Function (normally .
4- حصول ضرر في الخلية بحيث تعمل بشكل غير طبيعي  (Function abnormally)مما يؤدي إلى أمراض سرطانية على المدى البعيد(Long term)  . (إحداث تغيّرات وراثية أي ما يسمى بالطفرات (Mutation.
   
العوامل المتحكمة في آثار التعرض الإشعاعي الخارجي والداخلي
(Factors controlling the effects of external & internal radiation exposures)
في حالة التعرض الخارجي فإن مدى تأثيرالإشعاعات المؤينة على خلايا جسم الكائنات الحية المختلفة ودرجة الأضرار البيولوجية الناجمة عنها يعتمدان على عدة عوامل منها:
1- الجرعة الإشعاعية الممتصة  (Radiation absorbed dose) : كلما إزدادت كمية الجرعة الممتصة من قبل الجسم تزداد شدة تأثير الخطورة او الأضرار.   
2- الزمن  (Time)كلما إزدادت مدة زمن التعرض الإشعاعي يزداد التأثير.
3- معدل الجرعة الممتصة (Average absorbed dose) يزداد التاثير كلما إزداد معدل الجرع الممتصة.
4- المسافة (Distance) كلما قلت او قصرت المسافة مابين المصدر الإشعاعي والشخص تزداد نسبة الضرر.
5- الحاجز(Shield)  كلما إزداد سمك الحاجز الواقي الواقع ما بين مصدرالأشعة والشخص يقل التعرض الإشعاعي.
6- نوع الإشعاع (Type of radiation) هناك عدة أنواع مختلفة من الإشعاعات ولكل واحد منها تأثيرات محددة كأشعة جاما والأشعة السينية وجسيمات ألفا وبيتا.
7- الإنتقال الخطي للطاقةLET  (Linear Energy Transfer) هوعبارة عن كمية انتقال الطاقة الممتصة خلال الوسط المادي في وحدة طول المسار الإشعاعي، علما بأن الأشعة المتمثلة بزيادة كمية الطاقة العالية بإمكانها أن تسبب ضررا بيولوجيا أكبر من الإشعاعات المتمثلة بكمية الإنتقال الخطي المنخفض.
9- الخلية (Cell) تختلف خلايا أعضاء الجسم في درجة استجابتها  (Response)أو حساسيتها (Sensitivity)  للإشعاعات المؤينة، علما بأن الخلايا السريعة الإنقسام تتأثر بالإشعاع أكثرمن الخلايا البطيئة الإنقسام.
10-العضو(Organ) تتفاوت أعضاء الجسم في تأثرها بالإشعاع. ففي حالة  تعرض عضو معين من الجسم الى جرعة إشعاعية فإن الضرر يكون أقل مما يتعرض اليه الجسم بأكمله.
11- العمر (Age) تكون مخاطر الأشعة لدى الأطفال والمراهقين ومن كلا الجنسين أشد مما    تكون لدى البالغين.
 في حالة التعرض الداخلي، أي عندما تدخل المادة المشعة الى جسم الإنسان بالطرق التي       ذكرناها أعلاه حيث يتم امتصاص الطاقة الإشعاعية المنبعثة من المادة المشعة وفي كافة       الإتجاهات من قبل جسم الأنسان مما تؤثر على الأنسجة أو الأعضاء مسببة أمراض سرطانية لها. وهنا لا بد أن نذكر بعض العوامل التي تتحكم في الآثارالناجمة عن التعرض الإشعاعي الداخلي ومن أهم تلك العوامل: كمية المادة المشعة، نوع الإشعاع، المدة الزمنية اللازمة للتحلل الإشعاعي، نسبة عمر النصف الفعال (عبارة عن مجموع نسب عمر النصف البيولوجي وعمر النصف الفيزيائي ) وغيرها من العوامل. وتجدر الإشارة إلى أن فعالية المواد المشعة تبدأ بالنقصان في جسم الأنسان بعدة عمليات للإفراز والإخراج كالتنفس والعرق والبول والبراز. ويعبّر عن وحدة قياس التعرض الداخلي بوحدة النشاط الإشعاعي وتسمى (Becquerel)  بيكريل.
      
التأثيرات البيولوجية للإشعاعات المؤينة (Biological effects of ionizing radiation)
بات من المعلوم بأن تأثيرات الإشعاعات المؤينة، وبجرعات منخفضة للغاية قد لا تظهرعلى الأنسجة او الأعضاء أو قد يكون من غير الممكن ملاحظة اعراضها سريريا (Clinical symptoms). ومع ذلك فمن المحتمل أو الممكن ان يظهرالتأثير في مرحلة متأخرة من الحياة وذلك بالإصابة بالسرطان.   
تنقسم التأثيرات البيولوجية للإشعات المؤينة في جسم الكائن الحي الى قسمين:
1- التأثيرات العشوائية (The stochastic effects) وعادة ما تكون آثارها مرتبطة بالمدى البعيد  (Long term)إذ إنها تحدث من جراء التعرض المفرط للإشعاعات المؤينة ذات المستوى المنخفض. وبزيادة مستويات التعرض فإن من المرجح أن تحدث آثارا سرطانية وجينية، علما بإن التأثيرات العشوائية تحصل بغض النظرعن قيمة عتبة (Threshold) الجرعة الإشعاعية حيث يزداد التأثير كلما إزدادت الجرعة. من الآثارالعشوائية الأخرى حصول تغيرات في الحامض النووي أي ما يدعى بالطفرات الوراثية. ويفشل الجسم أحيانا في إصلاح هذه الطفرات وعندها تكون التأثيرات جينية (وراثية) تنتقل من الآباء الى الأبناء وهكذا إلى الأجيال اللاحقة.
      في حالة تعرض المرأة الحامل للإشعاع المؤين فإن التأثيرات تكون في غاية الخطورة وبالأخص على الجنين(Embryo/Fetus) ، حيث تنتج عنها تشوهات(Malformations)  في المواليد وإرتفاع نسبة الإجهاض  (Abortion) ونسبة وفيات المواليد(Infant mortality) . ومن التأثيرات الأخرى حدوث العقم (Sterility) لدى كلا الجنسين في حال تجاوزت الجرعات مستويات معينة.
2- التأثيرات الحتمية(The deterministic/acute effects)  وعادة ما تكون مرتبطة بالمدى القريب(Short (term، وتحدث من جراء تعرض الجسم للإشعاعات المؤينة ذات المستوى العالي. وعادة ما تحدث بعد تجاوز قيمة عتبة الجرعة الإشعاعية حدا معيناً. وتصبح أكثرحدة في حالة زيادة التعرض للإشعاع مسببة المرض الإشعاعي.  وهذه التأثيرات تنقسم الى قسمين هما:
ا- التأثيرات المبكرة (Early effects) وتشمل المرض الإشعاعي (The radiation sickness). ومن أهم أعراضه الشعور بالغثيان  (Nausea)والنحول (Fatigue)  والتقيؤ(Vomiting). ومن التأثيرات الأخرى نقص كريات الدم البيضاء (Lake of WBC) وإحمرار الجلد (Erythema) أو الحروق الجلدية اضافة الى الالتهابات المعوية(Gastrointestinal infections)  .
ب- التأثيرات المتأخرة (Delayed effects) وتشمل الإصابة بالسرطان وإعتام عدسة العين(Cataract)  اي السادّ (ضبابية في عدسة العين) المعروف لدى العامة بالمياه البيضاء وضعف الخصوبة  (Fertility)أو إختلالها والإصابة بمرض سرطان الدم  (Leukemia)  وسرطان الغدة الدرقية(Thyroid cancer) .

وفي ختام عرضنا القسم الأول من موضوعنا الآنف الذكر ، وبغية أن تعم الفائدة أكثر من المعلومات المشار اليها سنتواصل وأياكم في القسم الثاني عن وحدات قياس الجرعات الإشعاعية.


  References المصادر        
www.ankawa.com/forum/index.php?topic=510562.0; القسم الأول 
www.ankawa.com/forum/index.php?topic=513325.0القسم الثاني
1- مبادىء الإشعاعات المؤينة والوقاية منها . اعداد الدكتور محمد فاروق احمد والدكتوراحمد بن محمد السريع ، جامعة الملك سعود ، المملكة العربية السعودية ، 2007 .
2- الوقاية من الإشعاع في الطب (الترجمة العربية) ، الهيئة العربية للطاقة الذرية ، تونس 2011 منشور اللجنة الدولية للوقاية من الإشعاع (ICRP) رقم 105.
3- معاير الأمان الأساسية الدولية للوقاية من الإشعاعات المؤينة ، الهيئة العربية للطاقة الذرية ، تونس  1996  سلسلة وثائق الأمان - العدد رقم 115، منشورالوكالة الدولية للطاقة الذرية ، فينا ، النمسا

4- ICRP 103 Publication, International Commission on Radiological Protection,
 "The 2007 Recommendations of International Commission on Radiological Protection".
  5- Statkiewicz-Sherer, P. Visconti, E. Ritenour,
"Radiation Protection in Medical Radiography" 3 rd edition, Mosby, 1998.
6- Elizabeth LaTorre Travis, "Primer of Medical Radiobiology" .2nd edition, Mosby, 2000.
7- AAPM Report No. 53, Radiation Information for Hospital Personnel, USA 1995.
8- NCRP Report No. 91, Recommendations of National Council on Radiation and

3
ماذا تعرف عن الأشعة ؟
ـ القسم الثاني ـ

بقلم د. دانيال ممو / شيكاغو
دكتوراه في الفيزياء الطبية
dmammoo@aol.com

سبق ونوهنا في القسم الأول من دراستنا عن الأشعة بشكل عام ، وعن مفهومها ، انواعها ووحداتها ، وها نحن في القسم الثاني نشير الى مصادرها والطرق المستعملة لعملية استعمالها لعلاج داء السرطان.

 
مصادر الأشعة Radiation Sources: هناك نوعان من المصادر الرئيسية متفرعة الى مصادر مختلفة حسب الترتيب ادناه :

1- المصادر الطبيعية  Natural Sources: وهي منقسمة الى نوعين وهما:

أ‌-   المصادر الخارجية External Sources: وهي الأشعة الكونية  Cosmic Raysالتي منشؤها الشمس والنجوم وكذلك الأرض التي تحتوي على المواد ذات النشاط الإشعاعي ، كأشعة ألفا وبيتا والأشعة الفوق البنفسجية والتي مصدرها الشمس .
ب‌-   المصادر الداخلية  Internal Sources: وهي التي تتضمن المواد ذات النشاط الإشعاعي والمتواجدة في اجسامنا منذ الولادة ، وكذلك في الغذاء والماء والهواء كاّشعات البوتاسيوم والكاربون والرادون وغيرها.

2- المصادرالأصطناعية : هي عبارة عن مصادر من صنع الإنسان Man-Made وتشمل هـذه المصادرالمكائن المنتجة للأشعة السينية ، والمواد ذات النشاط الإشعاعي المنتجة لأشعة ألفا وبيتا وكاما ، حيث يتم استخدامها لغرض تشخيص او معالجة بعض الأمراض .

ان مصادر اشعة تشخيص الأمراض هي كالآتي :

أ‌-    المكائن المثبتة (المستقرة) Stationary X-Ray Machine   المنتجة للأشعة السينية.
ب‌-   المكائن المتحركة (المتنقلة) Portable X-Ray Machine  المنتجة للأشعة السينية.
ج- جهاز التصوير المقطعي المنتج للأشعة السينية وفق محاور الحاسوب Computerized Tomography Scans
د- المواد ذات النشاط الإشعاعي Radioactive Materials وهي على شكل كبسول ، سائل او غاز وغالبا ما تستعمل في الطب النوويNuclear Medicine  لإجراءات تشخيصية.
هـ - المواد ذات النشاط الإشعاعي المستعملة في المختبرات لأجراء دراسات أو تجارب عن طريق انابيب الأختبار ، والتي تحتوي على نموذج أو عينة من الدم أو اليورين أو الخلايا ، وذلك لتعين أو تشخيص الأمراض.
 
أما مصادر الأشعة المستعملة لمعالجة الأمراض السرطانية فهي :

أ‌-   مكائن المعجلات الخطية ، مكائن الكوبلت ، البيتاترون ، السايكلترون ، اورثروفولتج ، سوبرفيشل وغيرها من المكائن التي لها القابلية او المقدرة على انتاج الأشعة.
ب‌-   المواد ذات النشاط الإشعاعي وتكون على شكل مواد صلبة ، تزرع او تغرز بصورة دائمية أو وقتية في انسجة جسم الأنسان المصاب.
ج‌-   المواد ذات النشاط الإشعاعي وتكون على شكل عقاقير طبية بهيئاتها السائلة او الغازية ، واحياناً بشكل صلب.
اضافة لما ورد أعلاه فيما يخص المصادر الأصطناعية لا بـد من الأشارة عن تواجد اشعاعات اخرى تستعمل في المجالات الغير طبية كما هـو الحال في الأسلحة النووية ، الأجهزة الألكترونية كالتلفزيون ، الكومبيوتر ، مكشاف الدخان ، الميكروويف واجهزة فحص الحقائب في المطارات.

طرق استعمال الأشعة :- ذكرنا فيما سبق بأن الأشعة هي نوع من انواع الطاقة ، وتنتقل على شكل موجات كهرومغناطيسية ، أو على شكل هالة من الجسيمات تصدر او تنبعث من مكائن خاصة او من النظائر الكيمياوية ذات النشاط الإشعاعي. حيث تستعمل تلك الأشعة في معالجة الأورام الحميدة والخبيثة.
نذكر فيما يلي اهم الطرق الشائعة الأستعمال في استخدام تلك الأشعة ذات الطاقات العالية :-

1- المعالجة بالأشعة خارجياً External Radiation Therapy  : ونقصد بذلك حينما يكون مصدر أو منبع الأشعة واقعاً على مسافات معينة خارج جسم المريض. على سبيل المثال المعجلات أو المسارعات الخطية  Linear Accelerators التي بأمكانها انتاج حزمة من الأشعة السينية  (فوتونات Photons) ذات الطاقات العالية  ، حيث تبدأ من ميكافولت واحد فما فوق.  من الجدير بالذكر أن تلك المعجلات الخطية بأمكانها ايضا انتاج الجسيمات الإشعاعية  ذات الطاقات العالية  كالألكترونات المقدرة بالميكا الكترون فولت وبمستويات مختلفة تعتمد على عمق او بعد الورم من سطح جسم المريض.
 وهناك ماكنة اخرى تدعى ماكنة الكوبلت 60 (Co-60) بإمكانها انتاج اشعة كاما المنبعثة من نواة النظائر المشعة كما في الكوبلت 60 . كما وهناك ماكنة أخرى تختلف كلياً من حيث التركيب الشكلي وطرق المعالجة عن الماكنة التي ورد ذكرها أعلاه ، وتدعى كاما نايف Gamma Knife وهي تحتوي ايضاً على مايقارب 201 مصدرمشع من الكوبلت 60. علماً ان هـذه الماكنة خاصة بمعالجة سرطان الدماغ ، وبمعالجة واحدة فقط متضمنة جرعة عالية من الأشعة موزعة بفترات زمنية مختلفة  حسب حاجة الجزء المصاب بالسرطان.
من المتفق عليه أن المعالجة بالأشعة الخارجة من المصدربأتجاه سطح جسم المريض ، أو مركز المنطقة المصابة بالسرطان للشخص المضطجع على طاولة المعالجة تتم وفق مسافات معينة وثابتة ( 80 سم او 100 سم) وقـد تزيد أو تقل في بعض الحالات الخاصة. عادة ما تتراوح فترة العلاج اليومي من 1-5 دقائق ولمدة خمسة ايام أواقل في الأسبوع ، وتمتد احيانا من 4 الى 7 اسابيع وذلك حسب خطة المعالجة. 
كما وهناك علاج خاص يدعى بالعلاج الدوار المحوري أو العلاج القوسي Arc Therapy or Rotation Therapy اي أن حزمة الأشعة الخارجة من المصدر تدورعلى شكل قوسي حول المريض وهو مضطجع على طاولة المعالجة ، وقد يكون أحيانا جالساً على كرسي دوار بينما تكون حزمة الأشعة الخارجة من مصدرها ثابتة.
2-المعالجة بالأشعة داخلياً Internal Radiation Therapy  ويطلق عليها اسم المعالجة بالمسافات القصيرة Brachytherapy  وذلك بأستخدام النظائر  Isotopes ذات النشاط الإشعاعي داخل جسم المريض، اي بوضع تلك النظائر الشعاعية داخل التجويف Interacvitary في المنطقة المصابة ، وبمسافات متقاربة كما في حالة الأمراض السرطانية المتعلقة بعنق الرحم Cervix.
أن أغلب النظائر المستخدمة هي الراديوم 226  (Ra-226)والسيزيوم 137 (Cs-137) اللتان لهما القابلية في انتاج اشعة كاما. وعادة تتراح فترة العلاج من 3-5 ايام. ومن المعروف أن تلك النظائر توضع في انابيب خاصة ، والتي توضع بدورها داخل التجويف للمنطقة المصابة بالسرطان.

وهناك طريقة أخرى للعلاج بالأشعة داخلياً تدعى بالغرز (الخلالي)  Interstitialأو الزرع  Implant حيث تغرز أو تزرع المادة المشعة في الأنسجة المصابة بالأمراض السرطانية. وهـذه بدورها تنقسم الى حالتين :

ا- الغرز الموقت Temporary Implant : كما في حالة أمراض سرطان الثدي Breast Cancer والنظائر المستخدمة هـي عبارة عن ابر Needles رفيعة مدببة تحتوي على نظيرالأيريديوم 192 ( (Ir-192.

ب - الغرز الدائمي Permanent Implant : وذلك بإستخدام نظير اليود 125 (I-125) على شكل بذورSeeds  أو حبيبات دقيقة تغرز أو تزرع في الأنسجة المصابة بالسرطان وبصورة دائمة ، وخاصة في سرطان البروستات Prostate .
بالإضافة الى الطرق المذكورة اعلاه توجد طرق اخرى لأستخدام النظائر ذات النشاط الإشعاعي وذلك بتناول سائل أو عن طريق الزرق في الأوردة. أن النظير المستخدم فيه هو اليود 131 (I-131) الذي يستخدم قاطبة لمعالجة سرطان الغدة الدرقية  Thyroid Gland  والنظيرالأخر هو السترونشيوم 89 ((Sr-89 الذي يستخدم لمعالجة الأمراض السرطانية المتعلقة بالنخاع العظمي Bone Marrow .

ومن الطرق الأخرى العلاج التماسي Contact Therapy الخاص بمعالجة قرنية العين  Pterygium  اي بملامسة النظير المستخدم وهو السترونشيوم 90  (Sr-90) لسطح العين ، وتستغرق فترة المعالجة عـدة ثوان في اليوم الواحد ولمدة ثلاثة ايام او اكثر.

يتبين لنا بأنه أثناء استخدام احدى الطرق المذكورة للمعالجة بالأشعة ، يكون تأثير تلك الأشعة ذات الطاقات العالية مباشراً لقتل الخلايا Cells المصابة بالسرطان ، أو منع تلك الخلايا من النمو Growth والإنقسام Division . في بعض الحالات يمكن استخدام العلاج بالأشعة قبل او بعد العملية الجراحية لأستئصال الخلايا السرطانية. والغرض هنا من استخدام هو تقليص حجم الخلايا السرطانية. وفي حالات اخرى يمكن الربط  أو المشاركة بمعالجة اخرى تدعى العلاج بالعقاقير الكيمياوية Chemotherapy وذلك للقضاء على السرطان او منعه من الأنتشار في بقية أعضاء الجسم.

لقد اتضح جلياً من تطبيقات العلاج الإشعاعي على اغلب المصابين بالأمراض السرطانية ، بأن النتائج مرضية وايجابية على سبيل المثال : تخفيف شدة الألم ، حصـر حجم السرطان ، وقف النزيف الدموي ، اطالة الفترة الحياتية بنسبة معينة والقضاء على الأعراض الأخرى المتعلقة بالأمراض السرطانية.

الأشعة ومجال استخدامها: اضافة الى استخدام الأشعة في تشخيص ومعالجة الأمراض السرطانية ، فأنه من الممكن استخدام المواد المشعة في حقول اخرى كالصناعة مثلا لكشف الخلل في المعادن كالفولاذ والحديد والألمنيوم وكذلك في محطات توليد الطاقة الكهربائية. كما ولها تطبيقات اخرى كثيرة نذكر منها : ايجاد موضع انسداد أقنية المجاري ، وذلك بوضع قطعة من مادة مشعّة في المجاري وتعقّب تتبع الأنبوب بعدّاد كايكرحتى تصل الى منطقة الأنسداد. كذلك قتل الجراثيم التي تسبب تعفّـن او افساد الطعام لحفظها صالحة للأكل ، كما يمكن تعريض معلبات الطعام للإشعاعات بغية الإحتفاظ بصلاحية المواد الغذائية فيها دون القضاء على الفيتامينات أو تغير نكهة الطعام. كما ان اضافة بعض المواد المشعة الى غذاء الحيوانات كالدجاج والخنازير مثلاً تؤدي الى النمو السريع وزيادة الحجم. كما ويمكن قذف البذور والخضراوات بالأشعة المنبعثة من النظائر المشعة للحصول على محاصيل اكثر جودة واوفر كمية بسبب القضاء على النباتات الطفيلية. ويتم ايضاً استخدام النشاط الإشعاعي في تقدير عمـر المواد وذلك بواسطة اشعاعاتها الكاربونية ، ويؤدي تعريض النباتات والحيوانات لإشعاعات سينية الى حدوث تغيّرات وتحولات فجائية في عمليات الوراثة والتناسل. اضافة لكل ذلك تستخدم تلك الأشعة لدراسة البلورات.
ومما تجدر اليه في هـذا المجال بأن الدراسات العلمية قـد أثبتت عن عـدد حالات الولادة غير الطبيعية للعاملين Occupational في حقل الأشعة السينية والنشاط الإشعاعي هي اكبر نسبة من عـدد الحالات لغير العاملين  Nonoccupationalفي هـذا الحقـل.

الوقاية من مخاطر الأشعة : نستدل مما ورد بأن تطبيقات الأشعة في الحقول الطبية والصناعية  تـدّر بفوائد Benefits جمّة. وفي نفس الوقت قـد تكون مضـرّة وخطرة Risks وبشكل خاص للعاملين في هـذا الحقل. لهـذا فأنه من الضروري جـداَ التقيّـد بالأجراءات والإرشادات الوقائية المتبعة لضمان السلامة الصحية وتفادي المخاطر. اذ أصبح موضوع الوقاية Protection من مخاطر وأضرار الأشعة ذو اهمية كبيرة وخاضعاً لتوصيات وقوانين خاصة من حيث كيفية التعامل مع مصادرالأشعة والنظائر ذات النشاط الإشعاعي، وكيفية خزنها او حفظها في اماكن امينة ، بما فيها تلك الخاصة بإنشاء المعجلات المنتجة للأشعة السينية وكيفية تصميم الغرفة وبناء جدرانها ، والمواد المستخدمة في تركيب البناء لعزل تلك الأشعة.

إنطلاقا من مقولة الوقاية خيرمن العلاج ، ولكي نكون على بيّنة من تأثيرات مخاطر الأشعة لا بـدّ من استدراك طرق الوقاية والإلتزام بهـا بغية تقليل وتخفيف نسبة الأشعة الممتصة من قبل اجسام العاملين في هـذا الحقل ، حيث هناك ثلاث قواعد هامة لا محالة من اتباعهـا وهـي :

1-   المسافة Distance  : اي كلما ازدادت المسافة ما بين مصـدر الأشعة والجسم المعّرض لتلك الأشعة تقل شـدة الأشعة او مقدار الجرعة حسب قانون التربيع العكسي. فعند مضاعفة المسافة عن المصدرالمشع يقل التأثيرالإشعاعي الى الربع ، علما بأن المسافة تعتمد على مقدارطاقة الإشعاع ، ومقدار النشاط الإشعاعي للمصدر.

2-   الزمن Time : اي بمعنى كلما ازدادت السرعة والدقة قـلّ عامل الزمن وفي نفس الوقت يكون جسم الأنسان اقل تعرضاً لخطـر الأشعة. علما بأن مقدار التعرض الإشعاعي يتناسب طرديا مع زمن التعرض للمصدرالإشعاعي والذي عادة ما يكون واقعا خارج جسم الأنسان كالأشعة السينية واشعة كاما.

3-   الحجاب الواقي أو الدرع Shield  : اي بقـدر ما يتم استخدام مواد سميكة واقية يكون جسم الإنسان اقـل تعرضاً لخطر الأشعة. كما هـو الحال في ارتداء مئـزر رصاصي Lead Apron او استعمال قفازات رصاصية ، استخدام نظارت واقية حاصة ، أو وضع حاجب او حاجز سميك ما بين الجسم ومصدرالأشعة.

اجهزة قياس شدة الأشعة:

اضافة الى ما ورد في القواعد الثلاث الأنفة الذكر، هناك اجهـزة خاصة تستخدم من قبل العاملين لمعرفة قياس شـدة الأشعة المستلمة من قبل اجسامهم. ان عملية استعمال هـذه الأجهزة لا يقتصـرعلى وقاية العاملين في حقل الأشعة وانما يتعدى استعمالها لقياس مقدار الجرعة او الجرعة الإشعاعية المعطاة للمنطقة المصابة بالمرض السرطاني ، ويمكن أيضـاً استعمالها للدلالة على التصحيحات والتصميمات اللازمة ، والكشف عن سـوء عمل المكائن المنتجة للأشعة والإجراءات غير الصحيحة اثناء المعالجة. أي ان الماكنة في هـذه الحال تحتاج الى عملية المعايرة Calibration.  واخص بالذكر الأجهزة التالية :

أ‌-   شـارة فلمية Film Badges ، شارة الخاتم  Ring Badges .

ب‌-   مقياس التألق الحراري  Thermoluminescent Dosimeter.

جـ- عدّاد كايكر Geiger Counter.

د- عدّاد التلألؤأوالعدّاد الوميضي Scintillation Counter .

هـ- كشّاف دايودي  Diode Detector.

و- حجرة (غرفة) التأيّن Ionization Chamber.

ز- مقياس مقدار الجرعة الجيبي Pocket Dosimeter.

خـ- مقياس الجرعات الإشعاعية بأستخدام افلام خاصة  Radiochromic Films Dosimeter.

وهكـذا صارت تلك الأشعة غير الملموسـة ، غير المحسـوسـة ، وغير المرئيـة تلعب دوراً كبيراً ، مهماً وأساسياً وبشكل خاص في المجالات الطبية وغيرها خدمة للإنسانية منذ تاريخ اكتشافها وحتى يومنا هـذا.
  References                                                                            المصادر                 
1-   Gunilla C. Bentel, Radiation Therapy Planning, 2nd Edition, McGraw-Hill Companies, 1996.
2-   Deely J. Thomas, Principle of Radiation Therapy, Printed in Great Britain by Chable River Press, Butterwort & Company Publisher 1976.
3-   Hendee W. R., Radiological Physics, Equipment & Q.C., Year Book Medical Publisher Inc., Chicago 1977.
4-   Faiz M. Khan, The Physics of Radiation Therapy, 3rd Edition, Lippincott Williams & Wilkins, Baltimore 2003.
5-   Oldenberg Otts, Introduction to Atomic &Nuclear Physics, 3rd Edition, McGraw-Hill Book Company Inc., USA 1961.
6-   Selman Joseph, The Basic Physics of Radiation Therapy, Charles C. Thomas Publisher, Springfield, USA 1960.
7-   AAPM Report No. 53, Radiation Information for hospital Personnel, USA 1995.
8-   Different Websites and links in English and Arabic.
9-   مقدمة في الفيزباء النووية والذرية ، تأليف هنري سيمات ، ترجمة عبد الجبار عبدالله وصلاح عزت تحسين ، مطبعة الرابطة ، بغداد 1962.
10-   الـذرة ، تأليف كـ . ب . تومسون ، ترجمة ومراجعة د. احمد عبد السلام الكرداني والأستاذ محمدعبد الواحد خلاف والدكتور محمد المختار 1961 مصر.
11-   الأعجوبة العاشرة الطاقة النووية ، تأليف كارليتون بيرل ، ترجمة عصام أحمد عزت طـه ، الطبعة الثانية 1962. دار اليقظة العربية للتأليف والترجمة والنشر ، دمشـق .


4

    
ماذا تعرف عن الأشعة ؟
ـ القسم الأول ـ

 
بقلم د. دانيال ممو / شيكاغو
دكتوراه في الفيزياء الطبية
dmammoo@aol.com
سبق وأن اتحفنا القارئ الكريم بعدد من البحوث والدراسات الخاصة بمجال اختصاصنا من خلال المواقع الألكترونية واللقاءات الإذاعية والتلفزيونية والمحاضرات التي شملت آفة الداء السرطاني بشكل عام وكذلك عن تقنية المواد المتناهية في الصغر المعروفة بمصطلح النانوتكنولوجي. لذا وجدنا بأن الضرورة تحتم علينا أن لا نبخل على القارئ بما يجديه نفعاً من موضوع أهمية الأشعة في حياة الإنسان والبشرية جمعاء.

قبل التطرق الى انواع الأشعة ومصادرها وتطبيقاتها في الحقول الطبية لمعالجة الآمراض السرطانية يستلزم الأمرعرض بعض المفاهيم المتعلقة بعلوم الفيزياء والكيمياء من خلال النظرية الذرية Atomic Theory ، الكهربائية المغناطيسية ، وظاهرة التألق الفلوريسي  The Phenomenon of Fluorescence  أو التفلور لكون هــذه المفاهيم ادت الى اكتشاف الأشعة السينية  X-Ray التي سنتداولها فيما بعـد.
من  الجديربالذكر ان الفيلسوف اليوناني ديموقراطيس  Democritus كان قد استنبط عام 460 قبل الميلاد الفكرة القائلة : (ان جميع المواد تتكون من وحدات صغيرة تسمى بالذرات  Atoms، غير قابلة للأنقسام ، تتفاوت في الحجم والشكل والترتيب ، وكذلك في حركاتها داخل بنياتها وتراكيبها). وبما ان ديموقراطيس لم يقدم البراهين على صحة مقولته ، لم يحصل اي تطوّر فيما يخص النظرية الذرية حتى مجىء العالم دالتون Dalton في بداية القرن التاسع عشر اي عام  1802 حيث ادخل فكرة الذرة في الكيمياء وعلى شكل فرضية، يقصد فيها تفسير تكوّن المركبات من مواد ابسط منها تدعى بالعناصر Elements او بالأحرى ذرات العناصر المختلفة تتغير بنسب ثابتة لتكوّن المركبات ، وفي نفس الوقت كان هناك علماء منهمكين في اجراء التجارب وتقديم دراسات مفصلة عن الذرة والنشاط الإشعاعي ، وأخص بالذكرالعالم الألماني رونتكن Roentgen في اكتشافه الأشعة السينية عام 1895 ، والعالم الفرنسي بيكريل Becquerel في اكتشافه لظاهرة النشاط الإشعاعي عام 1896 ، والعالم الأنكليزي تومسون Thomson الذي اجرى تجربة لتعين الشحنة الألكترونية عام 1897 حيث حقق نجاحاً في معرفة الأشعة المنبعثة من المهبط اوالكاثود (الأشعة الكاثودية) Cathode Rays وبرهن على أنها الكترونات. 
وفي عام 1911 وضع العالم الأنكليزي رذرفورد Rutherford النظرية النووية في تركيب الذرة Atomic  Structure مشيراً الى ان معظم تكوين الذرة هـو فراغ مع وجود الكترونات سالبة تدورفي مدارات حول النواة الموجبة والتي تتركز فيها معظم كتلة الذرةAtomic Mass . ومن الملاحظ بأن نظرية العالم الدنماركي بوهـر Bohr عن ذرة الهيدروجين قد لعبت دوراً هاماً في تطوّرالفيزياء الذرية من حيث توضيحه لطَيْف الهيدروجين الذري وإدخال افكار وتطبيقات نظرية الكم في النمط النووي للذرة.
تقول النظرية الحديثة في تركيب الذرة  بأن الذرة تتكون من النواة Nucleus وهـذه بدورها تحتوي على بروتونات Protons موجبة الشحنة ، ونيترونات Neutrons متعادلة الشحنة (ليس لها شحنة بل لها كتلة) . اما خارج النواة فهناك مدارات Orbits تحتوي على الكترونات Electrons تدور حول النواة وتحمل شحنة سالبة. وفي حالة تكافؤعدد الألكترونات والبروتونات في الذرة عندها تدعى الأخيرة بالذرة المتعادلة ، حيث يقال بأن الذرة متأينة سالباً عندما يكون المجموع الكلي لشحنات الكتروناتها اكثر من الشحنات الموجبة في النواة والعكس صحيح ، اي متى ما قـلّ عـدد الألكترونات كان أيون  Ionالذرة  موجب الشحنة. وعادة تكون الذرات اما مستقرة Stable Atoms أو غير المستقرة Unstable Atoms وهـذ الأخيرة هي عبارة عن ذرات تبعث الأشعة خلال عملية التحلل الإشعاعي Radioactive Decay او الأضمحلال الإشعاعي وبمرور الوقت تتحول الى ذرات مستـقرة.
ان عملية التدرج في شرح وايضاح وتحليل كل ما يتعلق بجوهر موضوعنا يقودنا حتما لغور التفاصيل الرياضية والفيزيائية الخاصة بمكنونات الذرة ، لـذا سنكتفي بهـذه التقدمة المقتضبة بغية ان لا نبتعد من صلب موضوعنا المتعلق بالأشعـة السيـنية.
 
اكتشاف الأشعة السينية Discovery of X-Ray

في اواخرالعقد الأخير من القرن التاسع عشر وبالتحديد في الثامن من نوفمبر1985 تبشّرالعالم بأكتشاف الأشعة السينية بإهتمامات العالم الألماني ولهام كونراد رونتكن المولود في 27 اذار1845. ونظراً لأهمية هـذا الرافد العلمي في تاريخ البشرية من خلال الخدمات الجلية ذات الأهمية الكبيرة وعلى مدى اكثرمن قرن. لذا وجدت انه من الضرورة التطرق الى عملية اكتشاف الأشعة السينية.
وبينما كان رونتكن منهمكاً في مختبره الخاص في التاريخ المذكور اعلاه ، كان قد غطى كليا انبوبة اشعة المهبط الزجاجية والمفرغة من الهواء بدرع من ورق مقوى اسود اللون ، وذلك منعاً لتسرب او نفوذ الضوء الإعتيادي من خلاله ، جاعلاً من اجواء غرفة مختبره حالكة الظلام ، وفي هـذه الأثناء وجـد بأنه من خلال إمرار التيار الكهربائي في انبوبة اشعة المهبط قـد حصل لديه تألق (تلألؤ) Luminescence أو تفلور Fluorescence   في حاجز متكون من سيانيد البلاتين والباريوم كان موضوعاً بالقـرب من من الأنبوبة . وقد أعزى رونتكن ذلك التألق لجدران انبوبة المهبط . ثم استمر في تجاربه حتى وقت متأخر من ذلك اليوم مستعملاً مواد مختلفة السمك كقطعة من الورق ، كتاب ، قطعة من الخشب ، واضعاً أياها ما بين انبوبة المهبط (الكاثود) والحاجز. وهنا لاحظ بأن شـدة التألق تتضاءل اثناء اختراق تلك الأشعة للقطع السميكة المختلفة التي اعتمدها في تجاربه.
فتبشر بالخير وانتابته الدهشة من هـذه النتائج ، ومما زاد تألق دهشته حينما شاهد عظام يده ظاهرة خلال تجاربه. حيث استدل على أن تلك الأشعة التي أطلق عليها اسم الأشعة السينية او اشعة اكس x-ray ، ويعود السبب في هـذه التسمية لعدم معرفة طبيعة هـذه الأشعة في حينها ، اضافة الى ان الرمز(x) وكما هو معروف في لغة الرياضيات حيث يرمز للمجهول ويقابله الحرف (س) بالعربية ومنه اشتقت السينية. ونتيجة لأستدلالته وجد بأن تلك الأشعة تتصف بقدرة على اختراق Penetrate اغلب المواد الصلبة ، ولها القابلية في التألق وامكانية امتصاصها Absorption من قبل المواد ذات الكثافات المختلفة ، كما تتصف بظاهرة التشتت او الأستطارة  Scattering ، وتنتقل بخطوط مستقيمة منبعثة عن مصدرها. والأهم من ذلك بأنها تخضع لقانون التربيع العكسي Inverse Square Law أي أنه كلما ازدادت المسافة ما بين مصدر الأشعة والحاجز قلـت شـدة تلك الأشعة. كما وجد بأن تلك الأشعة السينية لها القابلية في التأثير على الألواح الفوتغرافية وتأين الغازات. واستطاع رونتكن اول مـرة ان يلتقط صورة فوتغرافية لعظام يـد زوجته. وقـد وصف هـذه الأشعة بأنها لا تتعرض للأنحراف او الحيود Diffraction عن اتجاهها أثناء مرورها في المجالات الكهربائية او المغناطيسية وبعدم انعكاسها Reflection او انكسارها Refraction عبر المشور Prism او استقطابها polarization اثناء مروها في البلورات الزجاجية Crystals.
مما تجدر الأشارة اليه وعلى ضـوء التقدم والتطور في هـذا المجال العلمي فقد اثبتت تجارب العلماء فيما بعد بأن هـذه الإشعة قابلة للأنعكاس ، الأنكسار، الحيود والأستقطاب.
رغم كل ذلك كان قد حقق رونتكن انجازا علمياً كبيراً بأكتشافه المذكور ، وعلى اثر ذلك ثمنت جهوده بنيله جائزة نوبل في الفيزياء وذلك عام 1901 ، واستمر فيما بعد بدأب متواصل في مجال التعليم الجامعي حتى اواخر السبعينات من عمره حيث وافته المنية في العاشر من شباط عام 1923 نتيجة اصابته بمرض السرطان لكثرة تعرضه للإشعاع من خلال تجاربه وابحاثه المختبرية.
مـنذ زمن طويل وحتى يومنا هـذا تستخدم الأشعة السينية للكشف عن الأمراض المتعلقة بداخل جسم الأنسان بغية تشخيصها ، كمتابعة عمل دقات القلب ، والكشف عن الكسور والرضوض في العظام. ولا يخفي على احـد من اهمية صور اشعة الصدر او صور اشعة الأسنان وما شاكلها من انواع الصور الشعاعية الخاصة بأعضاء الجسم في المعالجات الطبية. الا أنه فيما بعـد توسعت اهتمامات استخدام تلك الأشعة بطاقات عالية متمثلة بمعالجة الأمراض المتعلقة بالأورام الحميدة والخبيثة في اي جزء من أجزاء اعضاء جسم الأنسان.
بغية اعطاء صورة واضحة للتعرف على ماهيات هـذه الأشعة ذات الطاقات العالية ، سنسلط الأضواء على مفهومها ، انواعها ، وحداتها ، مصادرها ، تأثيراتها ، طرق استخداماتها ، وسائل الوقاية وغيره من المعلومات ذات الصلة المباشرة بفحوى الموضوع.

الأشعة  Radiation:- هي عبارة عن حزمة Bundle من الطاقة Energy تكون اما على شكل موجات               كهرمغناطيسية  Electromagnetic Wavesتسير بسرعة الضوء Speed of Light كما في حالة الأشعة السينية او اشعة كاما ، واما على شكل جسيماتParticles  كما في الألكترونات أو النيترونات المتواجدة في الذرة التي تعتبراصغر جزء في المادة. اي ان تلك الإشعة تأتي بأشكال متنوعـة تقع في فئتين مختلفتين وهما : الإشــعة المؤينـة  Ionizing Radiation وبمستويات Levels مختلفة من الطاقة ، مع احتمال القدرة او القابلية على اختراق الأجسام كما في جسيمات الفا، وبيتا واشعة كاما والسينية. اما الفئة الثانية تدعى الأشعة غير المؤينة Non-Ionizing Radiation ومثال على ذلك الأشعة فوق البنفسجية ، الأشعة تحت الحمراء ، الضوء المرئي ، موجات الراديو والمايكروويف. علماً بأنه سوف نتطرق في موضوعنا هـذا عن الفئة الأولى.

أنواع الأشعة Type of Radiation:- هناك نوعان من الأشعة وهي كالآتي :

1-الأشعة الموجية Waves أو الكهرمغناطيسية Electromagnetic  وتتضمن :

أ‌-   الأشعة السينية X-Ray  : تنبعث هـذه الأشعة من عمليات خارج نواة الذرة ، وذلك عن طريق انبوب الأشعة السينية المفرغ كلياً من الهواء والذي يحتوي على قطبين  Electrodes، أحدهما سالباً يدعى (الكاثود Cathode او المهبط) والأخر موجباً يدعى (الآنود  Anodeاو المصعد). القطب السالب هـو عبارة عن خويط من التنكستن  Tungstenواقعاً في احدى نهايتي الأنبوب الزجاجي ، وفي النهاية الأخرى حيث يتواجد القطب الموجب فهو عبارة عن قطعة من النحاس. وتحت تأثير امرار التيارالكهربائي  Electric Currentما بين الكاثود والآنود تنبعث الألكترونات من الكاثود بتعجيل عال جـداً. ، بسبب فرق الجهد العالي ، متجهة نحـو الآنود ، عندها تتوقف هـذه الألكترونات المعجلة عن حركتها لـدى اصطدامها او سقوطها على الآنود (المصعد) الذي يصبح عندئذ مصدراً لحزمة الأشعة السينية الخارجة من نافذة معينة باتجاه جسم المريض.

ب‌-   اشعة كاما Gamma Ray : هي عبارة عن اشعة كهرومغناطيسية تنبعث من نوىNuclei  الذرات المشعة على شكل حزمة او اكمام من الطاقة تدعى بالفوتونات Photons وغالباً ما تتميز بطاقة عالية جـدا ، وتسير بسرعة الضوء ولها القدرة أو القابلية العالية في اختراق الأجسام.
   
2-اشعة الجسيمات (دقائق) Particles وتتضمن:

أ‌-   جسيمات ألفا  Alpha Particles: وهي عبارة جسيمات تنبعث  Emitsعن انوية الذرات غير المستقرة ذات النشاط الإشعاعي والعدد الذري  Atomic Numberالعالي ، وغالباً ما تكون اكثر من 82 بروتون ، حيث تصدرعلى شكل جسيمات او دقائق ألفا متمثلة بذرات الهيليوم تحمل بروتونين ونيترونين. ومن سماتها بأنه يمكن ايقاف مسار اشعتها من خلال قطعة من الورق ، علماً بأن خطورتها تكمن عند عملية استنشاقها او بلعها.   
ب‌-   جسيمات بيتا  Beta Particles : وهي عبارة عن جسيمات اما سالبة أو موجبة الشحنة ،  ناتجة عن عملية التحلل الإشعاعي ، ولها القدرة على اختراق الجلد ، ويمكن ايقاف مسار اشعتها بواسطة قطعة من الخشب
ج‌-   جسيمات البروتونات Proton Particles : وهي عبارة عن جسيمات ذات شحنة موجبة موجودة داخل النواة.
د‌-   جسيمات النيترونات Neutrons particles : وهي عبارة عن جسيمات متعادلة الشحنة. وممكن انتاجها اما عن طريق التفاعلات الخاصة لبعض العناصر أوالإنشطار النووي.
هـ- جسيمات الميزونات والبوزترونات Meson and Positron Particles

وحـدات قياس الأشعة  Radiation Units :-  هناك عـدة وحدات لقياس مقدار الأشعة وهي :

1-   رونتكن Roentgen (R)  وهي وحـدة لقياس مقدار التعرض  Exposure للإشعاع .
2-   راد Rad  وهي وحـدة لقياس جرعة الأشعة الممتصة Radiation Absorbed Dose  .
3-   ريم Rem وهي وحـدة لقياس تكافؤ الجرعة للأنسان  Roentgen Equivalent Man .
4-   كوري (Ci) Curie وهي وحـدة لقياس المواد ذات النشاط الإشعاعي Radioactivity .

وهناك وحدات مصغرة للنظام أعلاه وفقا للتسلسل المذكور وهي : 
ملي رونتكن ، ملي راد ، ملي ريم ، وملي كوري.
اما النظام الجديد المتفق عليه عالميا فأن الوحدات البديلة هي كالآتي :
كولوم/كغم  Coul/Kgm ، كري (Gy) Gray  ، سيفرت (Sv) Sievert ، وبيكريل (Bq) Becquerel .

ولكي ندع القارئ يسرح في مضامين ما ذكرناه آنفاً ، استميحه العذر على أن نتمم ما أشرنا اليه في القسم الثاني من بحثنا ليكون على علم ومقربة مباشرة من مصادر الأشعة المستعملة لمعاجة داء السرطان.


5
ماذا تعرف عن السرطان ؟
(القسم الأول)

 
د. دانيال ممـــو / شيكاغـو

عادة ما يتسلح الإنسان بالمعرفة في عصر العولمة والتطور التقني من دراسات مستفيضة ، إلى جانب التخصص والتجارب التي تثري المعلومات بغية الكيل ما بين الصالح والطالح والوقوف على ما يجدي الذات بغية النفع العام. ومن هذا المنطلق آليت على نفسي بحكم تخصصي العلمي على خوض غمار بعض المجالات المَرَضِيّة التي تقتحم الأجساد وتهدد حياة الإنسان لغياب العديد من المسببات عن مداركنا. وبغية اسداء النصائح المجدية ، وما اكتسبته من معلومات نظرية وعملية على مدى سنوات طوال ، يملي عليّ واجبي واهتمامي وتجاربي على نقل صورة واضحة عن داء عُضال يعجز الأطباء عن شفائه ألا وهو مرض أو بالأحرى آفة السرطان.
 
وقبل كل شئ أود الإشارة بأن مرض السرطان يُعتبر أحد الأمراض الأكثر شيوعا التي يتعرض لها الأنسان في جميع ارجاء العالم ، ويحتل المرتبة الثانية بعد امراض القلب كسبب شائع  لحالات وفاة أبناء البشرية وبالذات في الولايات المتحدة الأمريكية ، علما باْن مرض السرطان يسـتطيع ان يصيب كافة المستويات من مراحل الاعمار ولا يميزبين الصغير والكبير ، ولا بين الفقير و الغني وحتى نوع الجنس. لذلك وجدت أنه من الضرورة التطرق اليه نظرا لأهميته العلمية وبغية أعطاء فكرة واضحة عنه ، وكذلك الأجابة على العديد من الأسئلة التي تراود مخيلتنا وعلى سبيل المثال لا الحصــــر:-


ما هو السرطان ؟ ما هي انواع السرطان ؟ ما هي العوامل المسببة للسرطان ؟ هل بالأمكان تجنبه ؟ ما هي انواع طرق معالجته ؟ ما هي التأثيرات الجانبية للمعالجة ؟


من الجدير بالذكر أن نبدأ من منطلق الخلية التي هي عبارة عن تركيب حيوي مجهري ، وتعتبر الوحدة الأساسية للأجسام الحية.  فعلى سبيل المثال يحتوي جسم الأنسان على مايقا رب اكثر من 50 ترليون خلية ، وكل مجموعة من هـذه الخلايا المتشابهة تدعى بالأنسجة وهـذه بدورها تكوّن الأعضاء : كالقلب ، الكبد ،  الدماغ  وغيرها من الأعضاء .
ان معظم خلايا الجسم الطبيعية تنمو وتنقسم وتموت بطريقة منتظمة ، علما بأن اغلب الخلايا الطبيعية تنقسم من اجل تعويض الخلايا الميتة او اصلاح حالات وقوع الأصابات في الجسم ، وتشذ عن هـذه القاعدة الخلايا الغير طبيعية اي الخلايا الشاذة لكونها تتميز بخصائص النمو والأنقسام (التكاثر) الغير محدود ، ونتيجة لفقدانها نظام التوازن الطبيعي فأنها تؤدي الى تكوّن اوراما حميدة او خبيثة وهذه الأخيرة غالبا ما تهدد حياة الأنسان.  
أما السرطان Cancer : هو مصطلح طبي عام يتضمن اكثر من مائة مرض تتميز جميعها بنمو الخلايا الشاذة (  الخلايا الغير الطبيعية ) Abnormal Cells  والتي لا يمكن ضبطها ( اي التعذرالسيطرة عليها ) . وهـذه الخلايا الشاذة تستمرفي النمووالأنقسام  Growth and Division دون اي عائق ، حيث تغـزو بذلك الخلايا او الأنسجة  Tissuesالسليمة المحيطـة بها . واحيانا تنتقل او تنتشـر في جـزء او عـدة اجـزاء اخرى من الجسم ، كما انها تتدخل في وظائف الأنسجة والأعضاء مما يؤدي الى وفاة المريض . وعادة ما تعود تسمية السرطان نسبة الى تشعبات الأوعية الدموية المنتفخة حول الورم نفسه وكونها تشبه اطراف او ارجل سرطان البحر .
يبدأ السرطان عموما عندما تبدأ الخلية بالتكاثر الشاذ ويعود السبب الى عدة عوامل تدعى المولدّات السرطانية   Carcinogenesis والتي سوف نذكرها تباعا ، وهـذه الطفرة Mutation ( التغيراو الخلل المفاجىء في الحامض النووي   DNA المادة الجينية  للخلية ) تؤدي الى انقسامها الى خليتين شاذتين ، وهاتين الخليتين بدورهما تنقسمان الى اربع خلايا شاذة ، وهـذه الأخيرة الى ثمان خلايا شاذة وهكـذا يستمر الأنقسام بـدءاً بالخلية الشاذة الأولى ويستمر تضاعف الخلايا الشاذة خلال فترة زمنية مكونا كتلة او ورم غير طبيعي من الأنسجة السرطانية . إن هـذا النوع من الورم لا ينطبق على اللوكيميا او ( سرطان ابيضاض الـدم ).
كما ذكرنا أنفا بأنه يوجـد اكثر من مائة نوع مختلف من الأمراض السرطانية منشؤها الشذوذ الطارىء اثناء الأنقسام الخلوي. وبصـورة عامة يستعمل الأطباء مصطلحين رئيسيين لوصف الأنواع المختلفة وهما :-
           )                        Benign  Tumors)  1- الأورام  الحميدة
                           (Malignant Tumors) 2- الأورام الخبيثة  
 
الأورام  الحميدة : تتميزخلايا هـذه الأورام بنموها البطيء وتبقى محصورة في منطقة معينة ، اي بمعنى ورم موقعي ولا تغـزو او تنتشر او تنتقل للأنسـجة المجاورة او بقية اعضاء الجسم ، الا انها تؤدي الى بعض التاثيرات كالضغط على الأعضاء نتيجة الزيادة الحاصلة في حجم الورم نفسه. ويمكن علاجها او التخلص منها بواسطة العمليات الجراحية ، إلا اذا كان الورم واقعا في منطقة حـرجة يصعب او يتعذر استئصاله ، ففي هـذه الحال هناك طرق اخرى للعلاج كإستعمال العلاج الإشعاعي.
  
الأورام  الخبيثة : تتميزخلايا هـذه الأورام بالنمو والتكاثر السريع وقدرتها على غـزوInvasion  الأنسـجة السليمة المحيطة او المجاورة لها ، او الأنتشار والأنتقالMetastasis  الى انسـجة اخرى ، او الى بقية اعضاء الجسم ، وذلك عن طريق الدم او اللمف  بعد أن تنفصل خلية او خلايا من الورم السرطاني الأولي Primary Tumor  ، مما تؤدي الى تكوّن اوراماً ثانوية  Secondary Tumor وخاصة في اماكن الرئة ، الكبد ، المخ ، العظام وغيرها من الأعضاء. جميع هـذه الأورام  غالبا ما تدعى بالسرطان . وفي حالة انتشار هـذا النوع من السرطان او انتقاله الى  اعضاء مختلفة من جسم الأنسان ، فأن العمليات الجراحية او الطرق الأخرى لا تجـدي نفعاً كبيراً ، كونها الأكثر خطورة على حياة الإنسان وتكون نتائجه عادة مخيبة للآمال.

ان اغلبية الأمراض السرطانية تنتمي الى اربع مجموعات رئيسية وهي :-
                    
1-   السرطان الغدّي ( كرسينومة  Carcinomas): وهـذه تشكل نسبة تقارب 90% من الأمراض السرطانية التي تصيب الأنسان. وغالبا ما تتواجـد في الخلايا السرطانية للجلد ، وكذلك الأعضاء الداخلية  كالرئتين ، المعدة ، الأمعاء ، البنكرياس ، البروستات وكذلك الثدي.

2-   الأورام اللحمية او الغرنية ( سركوما  Sarcomas) :- وهـذه نادراً ما يتعرض لها البشرمتمثلة بسرطان الأنسجة الضامة ) Connective Tissues) كما في الأوتارالتي تربط ما بين العضلات والعظام ، الغضاريف  ، الأعصاب والشـحوم.

3-   السرطان الليمفاوي ( ليمفومـا Lymphomas ) :- عبارة عن امراض سرطانية تنشأ في العقـد اللمفاوية Lymph Nodes . والأنسجة الأخرى من خلال الجهاز المناعي Immune System للجسم او الأنسجة اللمفاوية كسرطان الطحال ، اللوزتين والنخاع العظمي . واشهر السرطانات اللمفاوية هي نوعان والمعروفة بهودجكن  Hodgkin وغيرهودجكن  Non-Hodgkin.

4-   سرطان ابيضاض الدم اواللوكيميا ( Leukemias ) :- وهـذه السرطانات غالباً ما تنشأ في النخاع العظمــي  Bone Marrow . وتكون على الأغلب متميزة بالزيادة مع تراكم خلايا الدم البيضاء الغير طبيعية  في مجرى الدم من دون السيطرة او التحكم عليها ، وبصورة عامة هو مرض شائع في الأطفال اكثر من البالغين ويشكل نسبة 25% من سرطان الأطفال .

امـا تصنيف او ترتيب الأورام الحميدة والخبيثة فتعتمد على عـدة عوامل ومميزات تؤخـذ بنظر الإعتبار منها: الطراز النسيجي للخلايا ، السلوك البايولوجي ، الوظائف الخلوية ، درجـة التمايز او التفريق ، الموقع التشريحي ، الأنتشار السريري للنمو وغيرها.
واما النظام المتفق عليه من اجل تحديد مستوى الورم او السرطان  فيـدعى بنظام تي ان ام (TNM) ولهـذه الأحـرف الثلاثة وترقيمها لها معان خاصة حيث أن (T) هـو الحرف الأول من Tumor))  ويعنى به الورم ويرمز الى حجم ومكان الورم. اما (N) هـو الحرف الأول من (Nodes) ويعنى العقد ويرمز الى وجود الورم في العقد اللمفاوية ، واما (M) فهو الحرف الأول من (Metastasis) ويعنى به انتقال اوانتشارالورم الى اعضاء اخرى من الجسـم .  
ليس بخاف على القارىء الكريم بأن امراض السرطان قـد تحدث او تحصل في اي مرحلة من مراحل العمربدون استثناء. لكن الأحصائيات تشير الى ان غالبية المصابين بـه هم من الأشخاص المتقدمين في العمر. وبموجب احصائية الجمعية الأمريكية للسرطان American Cancer Society لعام 2007  تبين بأن سرطان الرئة ، المعدة ، الكبد ، القولون والثدي عادة ما تشكل النسبة العالية للوفيات لكلا الجنسين على الصعـيد العالمي ، ويحتل في المرتبة الأولى  سرطان الرئة في الرجال ، وسرطان الثدي في النساء بالنسبة للوفيات في ارجاء العالم .

من الأسباب المؤدية الى تحوّل الخلية السليمة الى خلية سرطانية ومرورها بعمليات او اطـوار عديدة تتعرض خلالها الى سلسلة من الطفرات تقود بالنتيجة الى تكوّن الخلايا السرطانية والتي تستمر بالنمو والأنقسام والتكاثرحيث يصبح بمقدورها غزو الأنسجة السليمة المجاورة وبقية اعضاء الجسم. كل ذلك يعود الى الأعراض المرضية التي تسبب السرطان ، والتي تدعى احيانا بالمولدّات السرطانية او العوامل المسببة لأمراض السرطان. ولا بـد من ان نذكر هـذه المولدّات التي تساهم في تكوّن امراض السرطان مع ذكر قسم من الأعضاء المتعلقة بهـا والتي هي كما يلي:

1-   التدخين Smoking : يعتبر التدخين المسؤول الرئيسي لتعرض الأشخاص الى سرطان الرئة. كما يساهم التدخين في تطور عدة انواع اخرى من السرطان والمتضمنة : سرطان جوف الفم ، سرطان البلعوم ، سرطان الحنجرة ، سرطان المريء ، سرطان المثانة ، سرطان الكلية ، وسرطان البنكرياس. وهناك مخاطر اخرى ناتجة عن استعمال التبوغ كأستنشاقها او علكها ، اضافة الى مستعملي الأركيلة ، وتعرّض الأشخاص الغير مـدخنين للدخان ، وهـذه جميعها تؤدي الى خطورة سرطان الرئة والفم .

2-    الكحول Alcohol : لقد اصبح من المعلوم ان الأفراط في تناول المشروبات الكحولية يؤدي الى زيادة التعرض الى مخاطر الأمراض السرطانية : كسرطان جوف الفم ، سرطان البلعوم ، سرطان الحنجرة ، وسرطان المريء والأسوأ من كل هـذا فأن الكحول يقود الى تشمّع الكبد ، والذي سببه ايضا ازدياد تكاثر الخلايا والناتج عن تلف الأنسجة المزمن . وفي حالة المشاركة او الربط ما بين التدخين والكحول فأن نتائجهما تكون اكثر سوءاً وخطراً ، نظرا لأزدياد طيات السرطان للأعضاء المذكورة اعلاه .

3-   الأشعة Radiation :- ان الإفراط في تعرّض الأجسام للأشعة الشمسية وخاصة ايام الصيف حيث تكون الأشعة فوق البنفسجية على اشدّها مما تسبب سرطان الغدة الدرقية ، سرطان الجلد والتورم الملانومي (التورم الملانومي – عبارة عن تورم سرطاني ينشأ في الخلايا الميلانية المسؤولة عن انتاج الصبغات التي تعطي للجلد اللون الطبيعي ) . فيكون هـذا الأخير اكثر خطرا من سرطان الجلد لقابليته في الأنتشار التدريجي الى بقية اعضاء الجسم . ومن المصادر الأخرى للأشعة والتي تسبب سرطان ابيضاض الدم ( اللوكيميا ) فهي التعرض المفرط للأشعاعات ذات الطاقات العالية ، كالأشعة المتأينة والأشعة السينية والأشعة الصادرة من النظائر ذات النشاط الأشعاعي كأنحلال اليورنيوم الى غاز الرادون ومن خلال استنشاقه مما يسبب مرض سرطان الرئة.

4-    الغذاء Diet/Food : ان الإزدياد بكثرة في السعرات والدهون (الشحوم ) تؤدي الى حـدوث امراض السرطان : كسرطان الثدي ، سرطان القولون . كما ان الأزدياد في وزن الجسم يتناسب طرديا مع ازدياد السعرات ، وبالتالي يشكل خطورة التعرض لسرطان غشاء الرحم . وهناك بعض الدلالات على حدوث سرطان المعدة والناتج عن مشتقات الألبان ، اللحوم المشوية ، والأطعمة المحفوظة في الخل او في محلول ملحي لكونها تحتوي على كميات عالية من الأملاح والنترات والنتريت.

5-    الأدوية Medicines : لقد وجـد الباحثين بأن هنالك بعض الأدوية الطبية والموصوفة لمعالجة بعض الحالات المرضية هي ذات تأثيرات جانبية تتسبب بدورها في حدوث بعض انواع السرطان ، مما ادى الى ايقاف استعمالها كوصفات طبية. كما وجـد بأن بعض الهرمونات التي كانت تعطى للنساء الحوامل كانت تسبب نشؤ سرطان المهبل وسرطان عنق الرحم ، وان تعرض الجنين لتلك الهرمونات يؤدي الى تطور السرطان في المولود بعد عدد من السنين ، مما ادى الى ايقاف استعمالها ايضا.
لقد لوحظ بأن استخدام العقاقير المضادة للسرطان قد يؤدي الى تلف الخلايا الموروثة ، وفي بعض الحالات الى امكانية تحوّل تلك الخلايا اى خلايا سرطانية. وهناك دراسات تشير الى ان زرع الأعضاء يعرض الجسم بالأصابة ببعض الأمراض السرطانية وخاصة السرطان اللمفاوي وكابوسي ساركوما ونادرا مايعتبر  هـذا الأخيرسرطانى اذ يكون منتشرا بصورة عامة في المصابين بمرض الأيدس AIDS وكما يسمى احيانا بالسيدا.

6-    المهّن Occupational :- لا يزال بعض العمال يعانون من الأمراض السرطانية نتيجة المهن التي يمارسونها في المعامل او المصانع. وأخص بالذكر من العاملين في معامل الأسبستوس والزرنيخ ، فهم اكثر عرضة لسرطان الرئة ، سرطان الجلد وسرطان الكبد . ويتعرض العاملون في انتاج الأحـذية وتصليحها للغبار الجلدي مما يسبب سرطان الفم وسرطان المثانة . وهناك الكثير من الحالات الأخرى يكون سببها العمل في الحقول الكيمياوية وتنظيف المداخن.

7-    تلوث البيئة Environmental Pollution :  لقد اثبتت الدراسات بأن سكان المدن الصناعية هم اكثر عرضة للأمراض السرطانية بسبب النفايات الناتجة عن تلك المصانع والتي تؤدي الى تلوث الجـو. ولا يخفى على أحـد بأن الدخان والدقائق الناتجة عن السيارات تؤدي الى تلوث البيئة وهـذه العوامل جميعها تسبب سرطان الرئة.

8-   - الفيروسات  Viruses: بات من المعتقد بأن الفيروسات تستطيع ان تحول الخلية الطبيعية الى خلية سرطانية . والفيروسات هي عبارة عن انماط حية مبسطة التركيب ومجهرية فهي ليست بخلية ولا تستطيع ان تنمـو وتنقسم معتمدة على نفسها ، بل بإمكانها ان تتضاعف بواسطة خلايا الكائن المضيف . وبإمكانها التغلب على الميكانيكية الخلوية منتجة بذلك اجساما فيروسية اكثر. فلذلك تعتبر من الطفيليات ، وهي تتكاثر داخل الخلايا بواسطة هدم الوظائف الخلوية الطبيعية . والجدير بالذكر هناك اربعة انواع من الفيروسات المسببة للسرطان  كسرطان الكبد ، سرطان عنق الرحم ، سرطان الجلد وابيضاض الدم وأخيرا كابوسي ساركوما الذي يسببه فايروس يدعى (HIV) Human Immunodeficiency  Virus.

9-   - الوراثة Heredity والجينات المورّوثة Genetic Inherited : ان كل كائن بشري قـد ورث بعض الجسيمات الموروثة التي تدعى بالجينات وذلك من والديه . وهـذه الجينات هي عبارة عن جسيمات تنقل الصفات الوراثية من الآباء الى المولود . فمن الأمراض السرطانية الموروثة سرطان القولون ، سرطان الثدي ، سرطان الكلية ، سرطان الغدة الدرقية ، سرطان الدماغ ، سرطان المبيض وسرطان البروستات . ومن الملاحظ ان تلك الجينات قـد تنقل تلك الأمراض السرطانية وراثيا وبطريقة مباشرة او غير مباشرة  وهـذه الأخيرة تتطور الى امراض سرطانية.

بعد أن ألقينا نظرة عامة عن الأمراض السرطانية وأسباب الإبتلاء به ، لا بد لنا من الإشارة عن الخطوات المهمة التي تبعدنا للتقليل من المخاطر التي تداهمنا وتتدرج في الإستفحال وطرق العلاج. هذا ما سننقله لكم في القسم الثاني من هذا البحث. فإنتظرونا بفارغ الصبر مع تحيات زميلكم

الدكتور دانيال ممـو/ شيكاغو

References المصادر        
1-   American Cancer Society Textbook of  Clinical Oncology
            By: Arthur I. Holleb, MD, Diane J. Fink, MD, and Gerald P. Murphy, MD                             Published 1991, 1st Edition, Printed in the United State of America
2-   The Cancer Book
By: Dr. Geoffrey M. Cooper, PhD
Johns & Bartlett Publisher 1993
Printed in the United State of America
3-   Patient Resource Magazine, 4th Edition, 2010 Spring/Summer
Cancer Guide
Patient Resource Publishing
4-   Radiation Therapy and You
National Institute of Health
National Cancer Institute
5-   American Cancer Society Website
www.cancer.org
6-   Different links and Articles in English & Arabic










ماذا تعرف عن السرطان ؟
(القسم الثاني)

د. دانيال ممـــو / شيكاغـو

الخطوات المهمة للتقليل من مخاطر السرطان

سبق وإن قدمنا لك ـ عزيزي القارئ ـ معلومات عامة عن داء السرطان وأسباب الإبتلاء به ، وتكملة لموضوعنا لا بد من الإشارة عن الخطوات المهمة التي تبعدنا للتقليل من المخاطر التي تداهمنا وتتدرج في الإستفحال وطرق العلاج ، وذلك وفق التوصيات والإرشادات التالية:

1- الامتناع عن التدخين والأستعمالات الأخرى للتبوغ .
2- التقليل من تناول المشروبات الكحولية وخصوصاً الربط بين عادة التدخين وتناول المشروبات الكحولية .
3- التجنب بقدر الأمكان من التعرض لبعض مصادر الأشعة وبكافة انواعها وأشكالها .
4- التقليل من استهلاك الأغـذية الغنية بالدهون والسعرات العالية ، والإكثار من تناول الفاكهـة والخضراوات والبقول وخاصة الأطعمة الغنية بالألياف  .
5- ممارسة النشاط الرياضي والمحافظة على وزن الجسم .
6- اتباع الإرشادات الأمنية وتطبيقاتها الواقية وخاصة للعاملين في المعامل او المصانع ، كإرتداء الملابس الواقية اواستخدام القناع او الكمام اثناء العمل .
7- التقليل من تناول الأدوية والعقاقير الطبية المعطاة كوصفات علاجية لفترة طويلة الأجل وبموجب الأستشارة مع الطبيب المختص .
 8- الفحص الدوري المنتظم مع اتباع الأرشادات الطبية .
9- التقليل من طرح النفايات الصناعية والمواد الكيمياوية الملوثة للبيئة من قبل المعامل او المصانع .
10- هناك بعض الدلالات على اكتشاف او انتاج لقاح ما خاص بمنع الأصابة بالفيروسات التي تسبب السرطان.
  
هناك بعض الفحوصات الضرورية لكلا الجنسين والتي يجب اجراؤها للكشف المبكر عن بعض الأمراض السرطانية.  ومن تلك الفحوصات اللازمة للعنصر النسائي هي كالأتي :

1- اختبار مسحة باب Pap Smear   او مسحة عنق الرحم : وهـو عبارة عن اختبار مسحي للأمراض السرطانية المتعلقة بالرحم. وهـو اختبار بسيط حيث يتم قشط او مسح  نموذج من خلايا  عنق الرحم بواسطة ماسحة قطنية. ويتم فحص النموذج عن طريق الميكروسكوب للكشف المبكرعن وجـود الخلايا الشاذة المتعلقة بسرطان الرحم وينصح اجراء هـذا الفحص لكل سيدة متزوجة وبشكل دوري .

2- فحص الثدي : لقـد اصبح سرطان الثدي بصورة عامة اكثر شيوعا بالنسبة للنساء ، فمن الضروري التقيد و الألتزام بأتباع الطرق المذكورة ادناه للكشف عن الأصابة بسرطان الثدي:

ا- الفحص الذاتي BSE (Breast Self Exam) : وتقوم بـه صاحبة العلاقة للتحري Screening عن وجود عقـد او كتل او تغيرات ما في انسجة الثدي عن طريق اللمس للثدي والضغط الخفيف مع الأستمرار بتحريك الأصابع الثلاثة الوسطى لليد على شكل دائري او من الأسفل الى الأعلى. وعادة ما يتم هذا النوع من الفحص عن طريق الأستلقاء على الظهر او الوقوف امام المرآة. وبموجب تعليمات الجمعية الأمريكية للسرطان انه من المستحسن اجراء هـذا الفحص بعـد بلوغ سـن العشرين.  ويتم الفحص بصورة دورية مرة واحدة في الشهر.  والأفضل ان يجرى الفحص  بعد اسبوع من انقطاع الدورة او العادة الشهرية. (بالإمكان الحصول على التعليمات او الخطوات مع وسائل الإيضاح عن كيفية اجراء هـذا النوع من الفحص من قبل عيادة الطبيب او الأستعانة بالمواقع الألكترونية ).
ب- الفحص السنوي/ المنتظم Regular Checkup : يقوم بـه الطبيب بإجراء عملية الكشف عن اية اثار سرطانية ، وذلك بفحص الثديين والمناطق المجاورة في المنطقة الصدرية وخاصة تحت الأبط . من المستحسن اجراءه مرة واحدة في السنة.

ج- تصوير الثدي شعاعياً (الماموكرافي Mammography) اوما يعرف بـ (الماموكرام Mammogram ) : ويتم بواسطة الأشعة السينية مرة واحدة كل سنتين للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم مابين الأربعين والخمسين سنة ، وبعدها مرة واحدة كل سنة لمن تجاوز  سـن الخمسين. حيث يتم دراسة وتحليل تلك الصوّر الشعاعية من قبل الطبيب الأخصائي للأشعة  Radiologist وعادة ما يكون متميزاً بالخبرة الواسعة والكفاءة العالية للتأكد من الكشف المبكر عن سرطان الثدي ، لكون اعتبارهـذا النوع من الفحص افضل واهم وسيلة لدى الأطباء بغية الكشف عن الأورام السرطانية لدى النساء.
 
3- فحص القولون والمستقيم Digital Rectal Exam (DRE) : لقد اصبح سرطان القولون والمستقيم من الأمراض السرطانية الشائعة  ايضا. لذلك يعتبر الفحص المبكرمن اهم الأجراءات الوقائية اللازمة لكلا الجنسين ، وذلك بتطبيق احدى الطرق المدرجة أدناه  للكشف عن وجود السرطان. وينصح بإجراء هـذا النوع من الفحص عنـد بلوغ سـن الخمسين واجراء الفحص مرة اخرى من بعد الفحص الأولي  حسب ارشادات الطبيب المختص ، وهـذه الطرق هي كما يلي:

ا- فحص المستقيم الاصبعي ويقوم به الطبيب مستعملا الكشف الأصبعي عبر الشرج للشعور في اي شىء غير طبيعي .
ب- فحص القولون والمستقيم بواسطة جهاز خاص يدعى منظارالقولون Colonoscopy اوالمنظار السيني واثناء التنظير او الفحص بالمنظار فبالأمكان اخذ اواستئصال عينة من الورم لغرض الفحص المختبري .  
   ج-  الفحص المختبري للدم المستتر في براز الشخص عن طريق المختبر.

4 ـ  فحص البروستات :- وهو فحص متعلق بالرجال ويتم بالطرق التالية :

ا- فحص المستقيم الاصبعي ويقوم به الطبيب مستعملا الكشف الأصبعي عبر الشرج وملامسة سطح البروستات عن طريق الضغط الاصبعي للشعور اذا كانت البروستات صلبة نسبيا ام لا .
ب- فحص بروتين البروستات الخاص PSA ) (Prostate Specific Antigen : وهو فحص متعلق بالرجال ويتم عن طريق أخـذ عينة من دم المريض وفحصها مختبريا لمعرفة مستوى تركيز البروتين PSA   والتي تنتجها خلايا غـدة البروستات ، وذلك لتحديد وكشف وجود سرطان البروستات مع رصد نتائج العلاج اللازم. وعادة ما ينصح الأطباء بإجراء هـذا النوع من الفحص مرة واحدة في السنة للرجال الذين تتجاوز اعمارهم سن الخمسين وخاصة ممن ليس لدى عائلتهم اي تاريخ وراثي للدلالة على اصابتهم بسرطان البروستات.
  
 5- الفحص السنوي للبدن: هناك عدة امراض سرطانية يمكن الكشف عنها وخاصة عندما تكون في  مراحلها المبكرة ، وذلك عن طريق الفحوصات البدنية من قبل طبيب العائلة.  ومن تلك الأمراض السرطانية التي تـُعرف بسرطان العقد اللمفاوية ، سرطان الجلد ، سرطان تجويف الفم ، سرطان الخصي ، سرطان البروستات ، سرطان المبيض ، سرطان الغدة الدرقية ، سرطان الرحم وعنق الرحم ، سرطان الثدي ، سرطان المثانة وسرطان القولون والمستقيم. اضافة لتلك الفحوصات وتأكيدا على ذلك القيام بإجراءات اخرى للكشف عن السرطان ، وذلك عن طريق فحص عينة من الدم  او البراز مختبريا ، الفحص عن طريق المنظار الداخلي Endoscopy ،  الفحص عن طريق الجهاز الصوتي الفوق سمعّي (سونار)  Ultrasound او الموجات فوق الصوتية ، صوّر الأشعة السينية X- Rays ، جهاز التصوير الطبقي المنتج بأستخدام الأشعة السينية المقطعية وفق محاور الحاسوب .  او التصوير المقطعي بالكمبيوتر  
 Computerized Tomography (CT or CAT) Scans، صوّر الرنين المغناطيسي (MRI) Magnetic Resonance Imaging ، بعض المواد ذات النشاط الأشعاعي Radioactive Materials ، الى جانب الوسائل الأخرى للتكنولجيا المتقدمة.

6- العينة او الخزعة (البايبسـي   Biopsy) وهـو عبارة عن فحص عينة او خزعة (قطعة) من الأنسجة الحية للورم ، ويعتبر من اهم الفحوصات ويتم عن طريق استئصال نموذج من الأنسجة الحية من الورم ومن ثم فحصها ودراستها مختبريا عن طريق الميكرسكوب للكشف عن هوية السرطان بصورة عامة . وغالبا ما يتم ذلك اما تحت التخدير الموضّعي او العام واحيانا بدونه وذلك حسب موقع العضوالمصاب .
تشدد الجمعية الأمريكية للسرطان على الأنتباه من الأعراض السبعة التي تظهر في المراحل المبكرة للسرطان ، حيث يمكن استدلالها عندما يكون السرطان قد وصل الى مرحلة متقدمة. وهـذه الأعراض هي :-
1-  تغـّير في النمط الوظيفي للامعاء والمثانة .
2- قرحة او التهاب لم يشفى في وقت قصير .
3- نزيف دموي او افراز غير طبيعي .
4- تـثخن او تكتل في الثدي او في اماكن اخرى .
5- عسر الهضم او صعوبة في الأبتلاع .
6- تبّدل او تغـّير في لون او حجم ثؤلول او خال ( شامة ) ما .
7- الشكوى المستمرة من السعال او البحة في الصوت.

طرق علأج السرطان : ان غالبية الطرق المستعملة لعلاج السرطان ، تعتمـد على عـدة عوامل تؤخـذ بنظر الأعتبار كتحديد نوع السرطان ، موقعه ، حجمه ، شكله ، مراحله ، الصحة البدنية بصورة عامة ، وأهم طرق العلاج هي :-  
1- المعالجة الجراحية Surgery :- عبارة عن استئصال الاورام الحميدة والخبيثة عن طريق العمليات الجراحية لإزالة اكبر قـدر ممكن من الورم .
2- العلاج الأشعاعي Radiation Therapy :- ويتم بإستخدام الطاقات العالية للأشعة وذلك لقتل وهدم الخلايا السرطانية او منعها من النمو والإنقسام وهـذا النوع من العلاج ينقسم الى قسمين :

ا- المعالجة بالأشعة خارجيا   External Radiation Therapy
ويتم عن طريق مكائن خاصة حيث يكون مصدراو منبع الأشعة كـ ( الفوتونات ، الألكترونات ، النيترونات ، البروتونات)  واقعا على مسافات معينة خارج جسم المريض المضطجع على طاولة المعالجة ، وبإتجاه سطح الجسم نحو مكان او مركزالورم او المنطقة المصابة وذلك وفقا لمسافات معينة وثابتة قد تتغير في حالات خاصة. ويؤخذ العلاج يوميا بدون آلم وتمتد عادة لعدة اسابيع تتخللها فترة استراحة لمدة يومين من كل اسبوع حسب خطة المعالجة.  في بعض الحالات يمكن استخدام هـذة المعالجة بالأشعة قبل او بعد العملية الجراحية لأستئصال الخلايا السرطانية والغرض هنا من استخدام الأشعة هـو تقليص حجم الخلايا السرطانية او ايقاف نموها .
  ب- المعالجة بالأشعة داخليا Internal Radiation Therapy
ويطلق عليها اسم المعالجة بالمسافات القصيرة  Brachytherapy . وتتم هذه المعالجة عن طريق استخدام النظائر ذات النشاط الإشعاعي داخل جسم المريض ، اي بوضع النظائر داخل انابيب خاصة ، وهـذه بدورها توضع داخل التجويف Interacvitray للمنطقة المصابة  بالسرطان كما في حالة سرطان عنق الرحم      Cervix  وعادة تتراوح فترة العلاج من ثلاثة الى خمسة ايام.
هناك طريقة اخرى للعلاج بالأشعة داخليا تدعى بالغرز (الخلالي) Interstitial او الزرع  Implant  وعادة تكون على هيئة ابر  خاصة Needles او بذور(حبيبات دقيقة) Seeds  تحتوي على المادة المشعة حيث تغرز او تزرع داخل الأنسجة المصابة بالأمراض السرطانية اما بصورة مؤقتة او بصورة دائمية كما في حالة سرطان الثدي و البروستات . بالأضافة الى الطرق المذكورة اعلاه توجد طرق اخرى لإستخدام النظائر ذات النشاط الإشعاعي وذلك بتناول سائل خاص او عن طريق الزرق بالإبر في الأوردة او على شكل كبسول يُوخذ عن طريق الفم وذلك لعلاج سرطان الغدة الدرقية  Thyroid Cancer .
ومن الطرق الأخرى العلاج التماسي Contact Therapy  الخاص بمعالجة قرنية العين Pterygium  اي بملامسة النظير المستخدم لسطح العين وتستغرق فترة المعالجة عدة ثوان في اليوم الواحد ولمدة ثلاثة ايام او اكثر .
3- العلاج بالعقاقير الكيمياوية   Chemotherapy: ويتم عن طريق استخدام العقاقير الكيمياوية (عقاقير مضادة للسرطان Anticancer Drugs) وذلك عن طريق استخدام الفم او الحقن في الأوردة او العضلات وطريقة العلاج تختلف حسب المدة وعدد الجلسات اللازمة لكل شخص وعادة يعطى العلاج اما يوميا او اسبوعيا او شهريا وحسب خطة الطبيب المعالج .  
4- العلاج المستهدف  Targeted Therapy: هـو عبارة عن علاج يستهدف الخلل او الخطأ الحاصل للجين او البروتين والتي تساهم او تشارك في حدوث السرطان ويتم بإستخدام بعض العقاقير الخاصة لإيقاف او ابطاء نمـو السرطان من خلال تداخلها اواستهدافها للتغيرات الخاصة بالجزيئات والمسببة للسرطان ، علماً بأن هـذا النوع من العلاج هو الأكثر فعالية من العلاج الكيمياوي واقل ضررا من حيث الأعراض الجانبية وخاصة تأثيراتها على الخلايا السليمة .
5- العلاج الهرموني Hormone Therapy:  ويتم عن طريق اعطاء او ازالة بعض الهرمونات ، او تحديد نشاط او مستوى بعض الهرمونات علماً ان تغير مستوى الهرمونات يمكن ان يكون ذو تأثير على الخلايا السرطانية.   
6- العلاج البايولوجي او العلاج الدفاعي (المناعي) Immunotherapy : ويتم بتحفيز الجهاز الدفاعي للجسم بالإعتماد على المناعة الطبيعية او المناعة الأصطناعية ضـد الأمراض السرطانية. وهـذه المناعة تساعد على ايقاف نمـو الخلايا السرطانية .
7- العلاج الحراري Hyperthermia : ويتم عن طريق استعمال الحرارة وبدرجات حرارة معينة اعلى من درجة حرارة الجسم الأعتيادية ، تصدرها اجهزة خاصة لمعالجة بعض الأمراض السرطانية.
8- العلاج المغناطيسي  Magnetic Therapy : ويتم عن طريق استعمال طاقة المجالات المغناطيسية الموجبة والسالبة .
اضافة الى ما ذكر اعلاه من طرق متنوعة لعلاج امراض السرطان ، فهناك دراسات وبحوث وتجارب  تطبيقية من قبل الباحثين المختصين بتقنية " تكنولوجيا النانو"  وذلك باستخدام جسيمات الذهب النانونية وبصورة خاصة على فئران التجارب ( المختبر) واستخدام هذه الجسميات النانونية على شكل سلاح فتاك للقضاء على الخلايا السرطانية من خلال تطبيقاته على البشر .
وتجدر الأشارة الى ان الطرق الثلاث الاولى لا تزال تحتل المرتبة الأولى في معالجة كافة انواع السرطان . كمـا ان اتبّاع احداها مع الأخرى او مجتمعة تساعد  في علاج الكثير من الحالات السرطانية .
بالرغم من كل ماتقدم هناك طرق اخرى لعلاج السرطان لكنها لا تزال قيد الدراسة والبحث ، ولحد الآن لم تحظ بموافقة الأخصائيين .
أن الغاية الرئيسية من الطرق المذكورة اعلاه هي:  اما استئصال الخلايا السرطانية ، او تقليص حجمها ، او ايقاف نمـوها او انتقالها او انتشارها في مناطق اخـرى من جسم الأنسان. وبالرغم من منافع العلاج فله اعراض جانبية ايضا اعتماداً على المنطقة المعرّضة للعلاج ، وعلى طريقة علاجها . علما بأن اكثرالآثار او
التأثيرات الجانبية Side Effects تعتبر مؤقتة يمكن الشفاء منها خلال عـدة اسابيع من بعد انتهاء او توقف العلاج. على سبيل المثال : حصول فقر الدم ، آلام والتهابات وأحيانا نزيف في مكان العملية ، احمرار الجلد ، فقدان الشهية ، الشعور بالوهن والأرهاق ، الغثيان ، التقيـؤ، الاسهال ، عدم انتظام الدورة الشهرية واحيانا انقطاعها واخيرا تساقط الشعر.
وفي الختام ، إني على أمل بأنكم اجتنيتم النفع مما عرضته لكم ، وفي الوقت ذاته أكون شاكراً لكم إن اتحفتموني بآرائكم لما فيه الخير للجميع.


الدكتور دانيال ممـو/ شيكاغو

References المصادر        
1-   American Cancer Society Textbook of  Clinical Oncology
            By: Arthur I. Holleb, MD, Diane J. Fink, MD, and Gerald P. Murphy, MD                             Published 1991, 1st Edition, Printed in the United State of America
2-   The Cancer Book
By: Dr. Geoffrey M. Cooper, PhD
Johns & Bartlett Publisher 1993
Printed in the United State of America
3-   Patient Resource Magazine, 4th Edition, 2010 Spring/Summer
Cancer Guide
Patient Resource Publishing
4-   Radiation Therapy and You
National Institute of Health
National Cancer Institute
5-   American Cancer Society Website
www.cancer.org
6-   Different links and Articles in English & Arabic



6
ماذا تعرف عن النانوتكنولوجي؟
( القسم الثاني )

 
بقلم الدكتور دانيال ممو / شيكاغو
dmammoo@aol.com

سبق لنا وعرضنا في القسم الأول من موضوعنا لمحة عن دواعي ومحفرات تناولنا لهذا الموضوع الهام في مجال الإبتكارات العلمية الحديثة ، كما وأشرنا إلى المفهوم اللغوي والعلمي لمصطلح النانوتكنولوجي. ولكي يكون بحثنا متكاملاً بشكل عام نلحق به القسم الثاني بما توصلت اليه البحوث العلمية المتوالية.
وهنا تجدر الاشارة عن كيفية تحضير أو انتاج أو تصنيع مواد النانو او المركبات المتناهية الصغر ، ومن المتفق عليه هناك طريقتان مختلفتان وهما كالاتي :
1-   طريقة التصغير (من الأعلى الى الأسفل) Top- Down وبهذه الطريقة يتم تكسيراو تصغيرالمواد الكبيرة الحجم وتحويلها الى قطع صغيرة جداً حتى تصل الى مواد ذات بُعد نانوي ، وذلك باستخدام طرق مختلفة كالطحن على شكل مسحوق ، الحك ، القطع أو استخدام بعض المركبات الكيمياوية كالاحماض.
2-   طريقة البناء (من الأسفل الى الأعلى) Bottom – Top  وبهذه الطريقة يتم بناء مواد النانو عن طريق التحكم المباشر بترتيب الذرات او الجزيئات المفردة بعضها البعض حتى تتكون بنيات أو هياكل نانوية مكونة من عدة ذرات أو جزيئات.
إن أهم المميزات للجسيمات او المواد النانونية ، انها تملك صفات ذات خصائص فيزيائية وكيميائية جديدة ومختلفة كلياً عند مقارنتها بالمادة الاصلية ( الأم) او بحجمها الطبيعي . ومن اهم هذه الخصائص هو أن الخصائص السطحية للجسميات النانوية تتغلب على الخصائص الحجمية للمادة الاصلية ، وفي هذه الحالة فان قوانين الفيزياء الكلاسيكية والتي تتعامل مع عالم الماكروسكوبك Macroscopic)) لا تنطبق على هذه الجسيمات عند مستواها النانوني علما باْنها تتحول الى اشياء مسطحه وكاْنها تقريبا بدون سمك .
 
لذا فاْن قوانين النظرية الكمية في الفيزياء الحديثة والتي تتعامل مع عالم الميكروسكوبك (Microscopic)  تلعب دوراً كبيراً في سريان وتطبيق القوانين عليها نتيجة الترتيب الجديد الذي تاْخذه الذرات او الجزيئات عند مستوى قياس النانومتري.
ومن الخصائص الاخرى للجسميات النانونية هو قدرتها على التدلي او بإمكانها ان تحوم  داخل السوائل من دون تطفو أو تغرق ، نظراً للتفاعل الحاصل بين سطح السائل والجسميات وتغلبها على فرق الكثافة بين السطحين. إضافة الى ما ذكر اعلاه فإن قسماً من المواد عند مستواها النانومتري سوف تكتسب صفات أو خصائص جديدة وذات منافع جمه من حيث التطبيقات ،  وعلى سبيل المثال لا الحصر تغير اللون ، الخواص الكهربائية والمغناطيسية ، التوصيل الحراري والعزل ، درجة الانصار، انعكاسات الضوء ، درجة الصلابة، القوة ، الشفافية وغيرها.
على ضوء ما ذكر باْهمية المساحة السطحية والحجم وتغير اللون في المواد النانونية اذكر المثالين التاليين : بالمقارنة مع قطعة العجينة المدورة " شونكة"  لو بسطت على سطح مستو عن طريق الضغط والحركة بواسطة الرقاق (خشبة الترقيق المدورة أي الشوبك) المستخدم لتحويل قطعة العجينة المدورة على شكل طبقة رقيقة السمك وواسعة المساحة بقدر الإمكان ، حيث أنه كلما زاد تكرار الضغط وتحريك الرقاق على سطح القطعة سوف تزداد المساحة السطحية ، وهكذا كلما تكررت العملية سنلاحظ  تحول القطعة الاصلية على شكل صفيحة هشة وذات سمك اقل بكثير ورقيق للغاية مما كانت عليه عند حالتها الاصلية في الحجم المدور ومن هنا نستنتج بان المساحة السطحية سوف تكون أكبر بكثير من حجمها الاصلي مما توفر مساحات أكبر للتفاعلات.
وأما المثال الثاني ، نفترض لدينا مكعب من الذهب طول ضلعه 100 سم ( الحجم = متر مكعب) وقمنا بعملية تقطيعه بآلة ما للحصول على مكعبات ذات أضلاع متساوية الطول 05 سم ، فعلينا ان نقطع المكعب الأصلي الى ثمانية مكعبات متساوية ، ثم سنقوم بقطع واحد من هذه المكعبات الثمانية الى ثمانية مكعبات أخرى علماً بان طول ضلع كل واحد من هذه المكعبات الأخيرة سيكون 25 سم  ، وبهذه الطريقة نستمر بالقطع ، وفي كل مرة سوف يصغر المقياس الطولي متحولاً من السنتمتر الى الملمتر حتى نصل الى وحدة قياس المايكرومتر. وفي هذه الحالة فان جميع المكعبات سوف تحمل نفس الخصائص كاللون الفضي او الأصفر اللامع وجودة التوصيل ودرجة الإنصهار. وفي حالة الإستمرار بالقطع للوصول الى مستوى المقياس النانومتري فإننا بحاجة الى الإستعانة بمكرسكوب مجهري وأداة قطع دقيقة. ففي هذا  المستوى تبدأ المادة بفقدان خواصها الاصلية المعروفة وتتغير جميع الخصائص كلياً ، مكتسبة او متمثلة بمواصفات وخصائص جديدة أخرى بما فيها تغير اللون الذهبي الى اللون البرتقالي عند مستوى نانومتري معين والى اللون الأخضر عند مستوى نانومتري آخر اقل من قبله.
هناك العديد من أنواع المواد النانونية والتي يمكن تصنيعها أو بناءها بموجب أشكال مختلفة وتصنف كل منها حسب مواصفات الأشكال والأبعاد ( احادي ، ثنائي أو ثلاثي الأبعاد ) التي تتخذها عند المقياس النانومتري ، علماً بأن كل شكل له خصائص فيزيائية مختلفة عن الأشكال الأخرى ، وذلك نتيجة لشكل الترتيب النمطي للذرات. ولقد وجدت من الضروري أن أتطرق بصورة مختصرة لبعض من الأشكال الناتجة من خلال تصنيع أو بناء مواد النانو لكون الباحثين والمختصين بالنانوتكنولوجي لا زالت إهتماماتهم متواصلة  في العمل المستمر على تطوير وانتاج مواد نانونية أخرى تتصف بخصائص مميزة لغرض الاستفادة منها لتدري بالنفع العام من خلال استخداماتها.

-   الجسميات النانونية Nanoparticles وهي عبارة عن جسميات نانونية تترواح ابعادها بين 1 و 100 نانومتر وذات اشكال مختلفة إما مكعبة أو كروية أو بوضوية .
-   النقاط الكمية Quantum Dots وهي عبارة عن مواد شبه موصولة تملك ابعاداً ما بين 1 و 100 نانومتر وغالباً ما تكون ثلاثية الابعاد.
-     الفلورين Fullerene وهي عبارة عن تركيب نانوني مكون من 60 ذرة كاربونية ( 60C) ، وغالباً ما يكون كروي الشكل يشبه كرة القدم أو على شكل مخروطي او انبوي.
-   الأنابيب النانونية Nanotubes وهي عبارة عن أنابيب نانونية مجوفه ذات أشكال إسطوانية أو مخروطية أو لولبية أو مستقيمة وأشهر هذه الأنابيب هي أنابيب الكاربون النانونية ذات الميزات والإستخدامات الواسعة في التطبيقات الصناعية.
-    القضبان النانوية Nanotubes وهي عبارة عن أنابيب تشبه أنابيب النانو ولكنها غير مجوفة ( صلبة)      وتكون اطوالها قصيرة جداً. 
-     الألياف النانونية Nanofibers  وهي عبارة عن ألياف نانونية ذات أشكال سداسية أو حلزونية وعادة ما تستخدم كمرشحات في تقنية السوائل والغازات .
-    الأسلاك النانونية  Nanowires وهي عبارة عن أسلاك نانونية ذات قطر يقل عن نانومتر واحد وبأطوال مختلفة ، وغالبا ما تكون حلزونية او خماسية الشكل.
-   المركبات النانونية  Nanocomposities وهي عبارة عن مواد مركبة تكون أحد مركباتها ناتجة من إضافة جسميات نانونية ، وذلك للحصول على مركب نانوي ذات خصائص محسنة ومميزة.   

بات من المؤكد بان تكنولوجيا النانوأصبح له العديد من الاستخدامات والتطبيقات المختفلة في كافة المجالات العلمية والتطبيقية ، نتيجة للتقدم والتطور الحاصل في هذه التقنية ، فالبرغم من ان هناك دراسات وبحوث تبشر بآفاق مستقبلية لتطبيقات واسعة النطاق ، ومتنوعة في مجالات وميادين مختلفة كالصناعة ، الطب ، الفضاء ، الزراعة ، البيئة والمجالات العسكرية وغيرها من المجالات الاخرى.

وهنا لابد لي ان أذكر بعض التطبيقات أو الإستخدامات للحقول الواردة أعلاه ، ففي مجال الصناعة وخاصة صناعة السيارات عن طريق استخدام المواد النانونية لتحسين مادة الطلاء ضد الخدش والتاْكل ، زيادة الصلابة ، تخفيف الوزن ، التقليل من استهلاك الوقود ، صناعة اطارات غير قابلة  للتلف او العطب ومحاولة التقليل من عوادم ( نفايات) السيارات او تحويلها الى مواد غير ضارة.
وفي مجال صناعة هياكل الطائرات والأقمار الصناعية والسفن الفضائية يجري العمل على تحسين جودتها من حيث القوة والمقاومة لدرجات الحرارة ، إضافة الى خفة أوزانها والإنتقال الى الفضاء باقل كلفة.
وفي مجال الزراعة ، تحسين وزيادة المحاصيل الزراعية عن طريق إستخدام أدوات نانونية تساعد على خصوبة وكفاءة التربة ، تنشيط نكهة الغذاء وتحسين طريقة تعليبها .
ومن التطبيقات المهمة هو تحليه وتنقية المياه عن طريق استخدام مرشحات أو أغشية صغيرة ذات كفاءة عالية تحتوي على مواد نانونية ، وكذلك بالإمكان استخدام عملية رش الجسميات النانونية داخل أنابيب المياه.
ومن الجدير بالذكر هنا أن نشير إلى المملكة العربية السعودية ومصر، كونهما تعتبران من الدول العربية المتقدمة بإجراء الدراسات والبحوث والإهتمام بتطبيق تكنولوجيا النانو ( للمزيد من المعلومات يرجى الاطلاع على مجلة " النانو" في اعدادها الاولية  والتي تصدر من قبل نخبة ممتازة من الباحثيين والمختصين السعوديين).
اما في مجال الطب فهناك دراسات وبحوث تطبيقية من قبل الباحثين المختصين بهذه التقنية " تكنولوجيا النانو" والعمل متواصل على قدم وساق لتطوير واستخدام أجهزة النانو عن طريق تطبيق روبوتات نانونية متناهية الصغر تحقن وتجول في جسم الانسان لغرض التعرف والكشف وتشخيص الخلايا المريضة ، إضافة الى التقاط الصور ليتم دراستها لغرض تقديم العلاج الكافي . كما ان هناك مضادات حيوية نانونية لها القدرة والقابلية على التعرف على البكتريا والفيروسات والتي تسبب الامراض والقضاء عليها.

لقد تمكن باحثون وفي عدة دول مختلفة باستخدام جسيمات الذهب النانونية وبصورة خاصة على فئران التجارب ( المختبر) واستخدام هذه الجسميات النانونية على شكل سلاح فتاك للقضاء على الخلايا السرطانية، حيث يتم حقن جسميات الذهب النانونية في جسم المريض لتدخل في الخلايا السرطانية ، وبعدها يتم تسليط اشعة ليزرية تحت الحمراء عليها لتكتسب الحرارة الكافية نتيجة التفاعل الحاصل وعندئذ يتم قتل او تدمير وبالأحرى القضاء على الخلايا السرطانية من دون حدوث أعراض جانبية ( للاطلاع راجع المقال المنشورعلى الشكبة العنكبوتية – تكنولوجيا النانو وعلاج السرطان).

يعتبر الدكتور مصطفى السيد أحد المتخصصين في علوم النانو تكنلوجي والحائز على وسام امريكي في العلوم ، قدمه الرئيس جورج بوش نظراً لإبتكاره طريقة تمكن القضاء على الخلايا السرطانية ، وذلك عن طريق تكنولوجيا النانو باستخدام جزيئات الذهب النانونية. إضافة الى العالم منير نايفة استاذ الفيزياء بجامعة الينوي والمرشح لجائزة نوبل ، وهو أحد رواد علم النانوتكنولوجي ، حيث استحدث طريقة " الكتابة بالذرات" وله العديد من البحوث والاسهامات بتكنولوجيا النانو.
بالرغم من الايجابيات من خلال التطبيقات لتكنولوجيا النانو , لا بد من أن يكون لها سلبيات أو مخاطر على صحة الانسان والبيئة ، حيث ان جسميات النانو لها القدرة على الدخول والولوج في خلايا جسم الإنسان  عن طريق التنفس أو الجلد ، وحدوث تفاعلات تغير خصائص الخلايا السليمة مما يؤدي الضرر في جسم الإنسان، إضافة الى تاْثيراتها السلبية على البيئة من حيث تراكم مواد النانو الزائدة او الغير المرغوبة فيها وصعوبة الكشف عنها لصغر حجمها. وللعلم بان هذه التاْثيرات السلبية غير مؤكدة وغير معروفة بالشكل الكامل ، ولا توجد بحوث او دراسات رسمية تثبت او تنفي التأثيرات .
ولابد ان نذكر بان الكثير من دول العالم وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية واليابان واوربا قد خصصت وانفقت مبالغ طائلة لدعم التطورات للعمل من اجل البحوث والدراسات والإبتكارات والإختراعات المتعلقة بتكنولوجيا النانو بكافة مجالاتها العلمية والتطبيقة.
وفي الختام اتمنى ان أكون موفقا في تقديم وإعطاء فكرة واضحة وسهلة الفهم من مقالي هذا ، لينال رضاء القراء وعلى كافة المستويات ، آملاً أن أقدم أحدث المعلومات مستقبلاً.
المراجع
مقالات متنوعة منشورة على المواقع الألكترونية باللغتين العربية والاْنكليزية .


7
ماذا تعرف عن النانوتكنولوجي؟
( القسم الأول )




بقلم الدكتور دانيال ممو / شيكاغو
dmammoo@aol.com


قبل أكثر من عام  قام شقيقي الاديب ميخائيل ممو في زيارة خاصة متوجهاً الى الولايات المتحدة الامريكية وبالذات مدينة شيكاغو، وذلك بدعوة من الموقع الألكتروني خابور كوم، للمشاركة في حفلة تكريم أقيمت على شرف أربعة ادباء متميزين لعام 2009 وكان من ضمنهم الاديب ميخائيل ممو.
في تلك الزيارة، سنحت لي الفرصة وحالفني الحظ في عدة مناسبات ان انفرد معه لنتبادل الاحاديث العامة. وفي يوم ما دعاني ان اصطحبه لزيارة احد الاصدقاء الساكن في احدى ضواحي شيكاغو ، وبالفعل رافقته، ومن خلال قيادتي السيارة متجهين صوب الموقع المقرر ، وكالعادة ناقشنا مواضيع شتى تخص ابناء جلدتنا، وعادة ما كنا نتفق على الكثير منها بالرغم من سلبياتها اوايجابياتها ، وعلى حين غرة غزا السكوت او الصمت فيما بيننا، ومن خلال نظرتي الخاطفة اليه وجدته منهمكاً بالتقاط بعض الصّور لمعالم الحياة في  المدينة الجميلة المعروفة باسم " مدينة  الرياح" ، وخلال تلك اللحظات، خطرعلى بالي وانتاب مخيلتي موضوع علمي فيه نوع من الغرابة ، فحثني الشوق ان افصح له بما يجول في خاطري وباشرت بالقول :
يا اْخي، هل تعلم بان هناك بحوث علمية جادة في صنع ملابس خاصة للجنود ميزتها خفه الوزن وواقيه للجسم كالدرع؟!  وهل تعلم بأن الغريب في المهمة المناطة لها في حالة إصابة الجندي بجرح ما يكون من واجبها القيام بمهام أخرى؟! ومنها  ـ على سبيل المثال ـ تزويد مركز المعلومات الخاصة بتقارير تخص نبض او دقات قلب الجندي ، قياس ضغطه ، قياس درجة حرارة جسمه ، اضافة الى تسليط الضغط على المكان المصاب لإيقاف النزيف ، تدليك القلب في حالة توقفه لإعادة النبض ، وتزويد جسم الجندي بالدواء اللازم.
كما وهل تعلم بانه اصبح بالإمكان صناعة ملابس تقوم بعملية التصليح بنفسها في حالة حصول ثقب او شق فيها؟!  ومن السمات الاخرى لها بانها عازلة للحرارة ولا تحترق، ويمكن استخدامها كزي لرجال المطافئ ، اضف الى ذلك قابليتها عدم التأثر بظاهرة إمتصاص الماء او أن تبتل منه. 
فجاْة قاطعني هنا مستفسراً ، والإبتسامة مرتسمة على محياه ، ليخاطبني قائلاً: هل انك تمزح معي؟ فاْجبته لا يا اْخي ... إسمع وصدق ... دعنا نترك الملابس،  دعني ان اقول لك شيئاً آخر. هنالك تقنيه حديثه ومن خلال تطبيقاتها سوف تحدث ثورة علمية كبيرة في كافة المجالات المختلفة ،  فإود ان آخص بالذكر طريقة حديثة مهمتها الكشف عن بعض الخفايا في علاج الامراض السرطانية عن طريق أجهزة روباتيه صغيرة جدا لا ترى بالعين المجردة ، يتم ادخالها أو غرسها في جسم الانسان ، وتصل هذه الروبوتات الى الخلايا السرطانية ليتم القضاء عليها من دون اعراض جانبية تؤثرعلى الخلايا السليمة.
وأما في حقل علوم الحاسبات الالكترونية " الكمبيوتر" فستكون احجامها صغيرة جدا ولا تتعدى السنتمتر مكعب وذات كفاءة عالية جداً خارقة الاداء تفوق ما هو عليه اليوم .
وهنا قاطعني مرة آخرى ، وملامح الاستغراب على محياه ، مبدداً صمته بالقول:  ياللغرابه من أقاويلك ، أجبني بصراحه ... هل كل ما ذكرته هي حقائق علمية ام مجرد نسج من الخيال العلمي ؟ فاْردفته قائلاً:  هناك الكثير لم اذكره لك ، وكل ما قيل هي حقائق علمية تعود الى البحث والتقدم والتطور العلمي الحاصل في التقنيات الحديثة ومنها المسماه " النانو تكنولوجي" أو " تقنية النانو" أو كما يسميها البعض " تكنولوجيا النانو" او" تقنية المنمنمات " أو" التكنولوجيا المجهرية الدقيقة ".
بالرغم من اقتراب وصولنا الى الموقع المقرر لزيارة الصديق ، راودني الشك كاْستنتاج مبدئي بان العدد قليل جداً لمن لديهم اطلاع او معلومات عن هذه التقنية ، وبصورة عامة ، حيث أن القسم الاكبر يجهل هذا العلم الحديث ، ونظراً لاْهمية الموضوع ، وجدت من ضرورة التطرق اليه ، واعطاء فكرة مبسطة بقدر الإمكان عن هذا الرافد العلمي بغية إثراء معلومات القارئ الكريم.

    النانوتكنولوجي هو عبارة  عن مصطلح مركب من كلمتين ، وكمفهوم لغوي فإن الكلمة الأولى نانو (Nano) هو عبارة عن تعبير مشتق من كلمة نانوس(Nanos)  الإغريقية وتعني القزم  (Dwarf)او الشي المتناهي الصغر. أما في مفهومها الفيزيائي او الرياضي فتعتبر أصغر وحدة قياس مترية ، وتساوي جزء واحد على بليون جزء.  وتستخدم كوحدة قياس للجزيئات المتناهية الصغر. فإذا قلنا على سبيل المثال: نانومتر فتعني بأنه يعادل واحد من بليون من المتر ، اي بمعني آخر ، إذا قسمنا المتر الى بليون جزء متساوي فإن الجزء الواحد يساوي واحد نانو متر، علماً بان أصغر الأشياء التي يمكن الانسان رؤيتها بالعين المجردة يبلغ قطرها  10,000 نانومتر.  وللتوضيح فإن النانومتر هو عبارة عن وحدة قياس صغيرة جداً ، فمثلاً قطر شعرة واحدة من رأس الانسان تساوي 80,000  نانومتر، وسمك الورقة التي هي بين يديك تبلغ 100,000 نانومتر، وقطر كريات الدم الحمراء يبلغ  7,000  نانومتر ، وطول جُزَئ الحامض النووي  (DNA)10 نانومتر وعرضها 2,5 نانومتر تقريباً.
وفي حالة ترتيب عشر ذرات من عنصر الهيدروجين فان طولها يساوي نانومتر واحد ، علما بان النانومتر يعادل عشرة اضعاف وحدة القياس الذري والمعروفة بالانغستروم  (Angstrom).                             
أما الكلمة الثانية تكنولوجي (Technology) فتعني التقنية او التطبيق العملي للعلوم وهنا يمكننا القول باْن            مصطلح النانوتكنولوجي (Nanotechnology) يعني تقنية المواد المتناهية في الصغر.

بناءً للبحوث العلمية المتواصلة والإستنتاجات ، ظهرت تعاريف متنوعة وعديدة لمصطلح " تكنولوجيا النانو" وذلك من قبل الاخصائيين  والخبراء والباحثين إستنادا لخبراتهم  ومؤهلاتهم العلمية وأغلب هذه التعاريف متقاربة ومتشابه من حيث المضمون والمفهوم الخاص والعام . لذا وجدنا من المفيد هنا أن ندرج بعض هذه التعاريف ، وكما وردت في الكثير من المقالات المنشورة ، ليكون القارئ اللبيب على علم ودراية ومعرفة بما تتظمنه هذه التعاريف :                                                       
  تكنولوجيا النانو :
ـ هو علم يختص بأبحاث وتطوير أشياء حديثة أحجامها تقع في إطار مقياس النانو.
ـ هو علم يختص بهندسة الاشياء اصغر من 100 نانومتر. 
ـ هو علم يهتم بدراسة ابتكار تقنيات جديدة تقاس أبعادها ما بين 1  و100  نانومتر.
- هو البحث والسيطرة أو التحكم على المادة في المقياس الذري والجزيئي ، وعموماً تتعامل مع بنيات أحجامها ما بين 1 و100 نانومتر وذلك بتصنيعها وبمراقبتها وقياس دراسة خصائصها.
- هو مقدرة الانسان على تصنيع المادة والأجهزة والأنظمة عند مقياس النانو .
- هو انتاج وتطويرأدوات وأجهزة متناهية الصغر في الحجم عن طريق التحكم في ترتيب الذرات والجزيئات داخل المادة .
- هو مجموعة من الأدوات والتقنيات والتطبيقات التي تتعلق بتصنيع بنيه معينة وتركيبها باستخدام مقاييس في غاية الصغر.
وبموجب الاتفاق الصادر من قبل لجنة المبادرة الوطنية لتكنولوجيا النانو في امريكا ،
The U.S. National Nanotechnology Initiative (NNI)
عمدت على إعتبار تعريف تكنولوجيا النانو أكثر شمولاً في الأوساط العلمية عندما يشمل في مضمونه على ما يلي:
1-  تشمل الابحاث والتطورات التقنية للبنيات ، ولها بعد واحد على الاقل وتتراوح أبعادها ما بين 1 و100    نانومتر.
  -2إحداث (خلق) واستخدام البنيات والأجهزة والأنظمة التي تملك خصائص ذات وظائف جديدة وذلك                     نظراً لصغر أبعادها في المقياس النانو متري.
3- القدرة على التلاعب او التحكم في المقياس الذري.
         
من هنا نستنتج باْن جوهر تكنولوجيا النانو بصورة عامة هو الإهتمام بتصنيع مواد وأجهزة ذات خصائص جديدة ومختلفة من المادة الاصلية ، وذلك عن طريق التحكم في الذرات والجزيئات من خلال تقسيم المادة الاصلية الى ذرات وجزيئات صغيرة لمعرفة حالتها في المقياس النانو متري من بغية الاستفادة منها في التطبيقات العملية.
يعتبر العالم الفيزيائى ريتشارد فاينمان  (Richard Feynman) والحائز على جائزة نوبل عام 1965 رائد تكنولوجيا النانو ، ويعود تاريخ هذه التقنية الى عام 1959 ، وذلك من خلال القاءه لمحاضرته الشهيرة والموسومة تحت عنوان " هناك الكثير من الغرف في الاسفل " أو " هناك مجال واسع في الأسفل " (There’s Plenty of Room at the Bottom) ، وبالرغم من عدم اشارته بصورة مباشرة لمصطلح تقنية النانو في محاضرته ، فإنه تطرق الى المبادئ الاْساسية ، وعرض نظرياً فكرة جديدة تخص هذه التقنية بوصفه لها قائلاً:  اْنه بالآمكان تصنيع اجهزة وآلات دقيقة تعمل بمقياس النانو ، وذلك عن طريق التحكم في الذرات والجزيئات المنفردة ، وتتصرف بشكل مختلف عن حالتها عندما تكون في الحجم المحسوس وأوضح من خلال مفهومه باْن معظم الخصائص للمواد عند مستويات النانو تتغير كلياً عن حجمها الاْصلي .

كما وينبغي الإشارة بأن العالم نوريو تانكيشي (Norio Taniguchi) يُعتبر أول من عبّر وأدخل مفهوم النانو تكنولوجي كمصطلح علمي في هذا المجال العلمي ، وذلك من خلال محاضرته في طوكيو عام 1974 قائلا " ان تقنية النانو تتركز على عمليات فصل ، اندماج ، وإعادة تشكيل المواد بواسطة ذرة واحدة او جُزَئ".
وفي عام 1986 قام المهندس الامريكي ايرك دريكسلر (Eric Drexler) من تطويرتكنلوجيا النانو الجزيئية في تصنيع الآلات  النانويه من خلال نشر كتابه المعنون " محركات التكوين : عصرتقنية النانو القادم ".
Engines of Creation: The Coming Era of Nanotechnology).) إضافة الى تبسيطه الاْفكار والمفاهيم الاْساسية لعلم النانو .
نظراً للتطورات التي حصلت في اختراع مجهر المسح النفقي ( Scanning Tunneling Microscope) ومجهر القوة الذري ( Atomic Force Microscope)  في الثمانينات من القرن الماضي كتطبيق عملي وحقيقي لتكنولوجيا النانو ، واللذان استخدما لغرض التقاط الصّور ورؤية الذرات والجزيئات والتحكم عليهما عن طريق المراقبة وتحريكها من مواضعها أو ترتيبها وفق ترتيب ذات أنماط معينة ومختلفة ، تحتم بناء بنيات او هياكل جديدة اضافة الى انتاج مواد نانوية غير معروفة من قبل تتمثل بخصائص مختلفة كلياً عما عليه عن اصل المادة . والجدير بالذكر لقد تم استخدام مجهر القوة الذرية (AFM) وتم ترتيب 35 ذرة من ذرات الزينون لكتابة الحروف الثلاثة من اسم شركة  (IBM) على سطح بلورة النيكل.

وفي عام 1991 اكتشف الباحث الياباني سوميو ليجما ( Sumio Lijima) أنابيب الكاربون ذات القياس النانو متري , وهي عبارة عن أنابيب إسطوانية مؤلفة من ذرات الكاربون ومرتبة على شكل خماسي أو سداسي ، وتتميز هذه الانابيب بقوتها التي تفوق قوة الفولاذ بعدة مرات وأخف مئة بست مرات ، ونظراً لتركيبها المتماثل وخصائصها المتميزة فإنها تلعب دوراً كبيراً وواسعاً من حيث استخداماتها العملية وخاصة في التطبيقات الصناعية ، الاجهزة الألكترونية الدقيقة والأجهزة الطبية .

نكتفي هنا بهذا القدر من تناولنا لهذا الموضوع الهام ، ونستميح القارئ عذراً على تجزءته في جزئين متتاليين لصعوبة استيعاب مضامينه الغريبة على الذين يجهلون معرفتها ، على أمل أن نوافيكم بالقسم الثاني وبأقرب فرصة ممكنة ، مع شكرنا لكم سلفاً بمروركم على قراءته.


صفحات: [1]