عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - ashor albazi

صفحات: [1]
1
المنبر الحر / الميلاد العجيب
« في: 00:00 21/12/2007  »
الميلاد العجيب

الراهب آشور ياقو البازي

ميلاد المسيح ميلادٌ عجيب. كونه ميلاد مزدوج " إلهي وإنساني " فمن حيث كونه إلهي فهو ميلاد أزلي من أقنوم الآب قبل كل الخلائق، هذا الميلاد الذي أشبه ما يكون بميلاد الكلمة التي كما تولد من عقل الإنسان .. هكذا يولد الكلمة من الآب الذي هو العقل في سر الثالوث المقدس.

أما ميلاده الإنساني فهو ذاك الذي ولد فيه المسيح من العذراء مريم في أيام اغسطس قيصر بدون مشاركة رجل ( بلا حدث التزواج ) بل بقوة الإرادة الإلهية، بمعنى إن الكلمة التي ولدت من عقل الطبيعة الإلهية حلت في بطن البتول مريم وجبلت جسداً بشرياً من جنس آدم في رحمها، وهذا ما قد أدى إلى أن تحبل بجنين ولد كإنسان كامل بجسد ونفس ناطقة مثل جميع أبناء آدم، وعرف فيه الفرصوفا، أو الإرادة الإلهية بالقدرة والآيات مدة ثلاثة وثلاثين سنة على الأرض، وقد سماه الملاك جبرائيل باسم مركب من الله والإنسان : ( عمانوئيل ) الذي معناه الله معنا.
كانت مريم العذراء من سبط داود اسمها يعني بالعبرانية      ( مرارة وحزن )،وكانت مريم إنسانة حقا ممثلة ضيقاتنا وخلاصة أحزاننا. وكان قلبها مستعداً للإيمان، ومهيئاً ومتمرناً لسماع كلمة الله ومطيعا لروحه. فاستخرجت القوة من التوراة، اثبتت عذراء طاهرة منتظرة هدى الله.

فلهذا الاستعداد المطيع عند مريم، أعلن الملاك سر تجسد الروح القدس في المسيح وهو أن روح الله بالذات بكل قواه وإمكانياته وأمجاده عزم أن يحلّ جنيناً فيها.

ملئ اللاهوت حلّ في الابن، والروح القدس نفسه كان جوهره.
 
إن الثالوث الأقدس بكليّته كان مشتركا ساعة حلول مخلص العالم في مريم العذراء ؟ فلغتنا تعجز أن تعبر عن هذه الذروة لتاريخ البشر وتجعلنا أصغر من يدرك كيف احبنا الله. حتى ألبس ابنه الآلام العالم وتجسد إنساناً .

إن العذراء مريم آمنت بكلمة الله بلا قيد، أو شرط فبواسطة طاعة إيمانها صار المستحيل ممكنا فإيمان مريم هو الباب الذي أتى به ابن الله إلى عالمنا الوخيم .

الله لا ينام بل يعمل ومنذ سقوط الأنسان في الخطيئة لا يرتاح القدوس، بل يخلص ويطلب ويعمل لخلاص العالم .

ان الرب يزور الارض ويتجول بين الناس، ويوحنا المعمذان يعد طريقه هذه هي الثورة الكبرى في الخلق، لان الخالق الان يأتي إلى مخلوقاته امتحاناً وخلاصاً وتكميلاً.


جاء يوسف النجار من الناصرة مع خطيبته مريم، فذعن لامر قيصر واتجها نحو الجنوب إلى مدينة بيت لحم ومعناها آنذاك بيت خبز، رمز للمسيح الذي هو خبز الله للعالم آتياً من بيت لحم .

فقد كمل الزمان وزار الله العالم مصالحا البشر لنفسه، فولد ابن مريم في إسطبل كريه واشبه من أول يوم ميلاده اللاجئين، الذين لا يجدون مأوى وابتدأ من أول أيامه يواجه كوارث دنيانا .
 
ووصول ابن الله إلى الإسطبل، لا يعني تعزية للبشر فقط، بل كذلك رجاء الحيوانات لان كل المخلوقات منتظرة إعلان ابن الله وظهور الخليقة الجديدة، فلا ننسى إن نزول الله تحقق في إسطبل، وليس في قصر، لكي يدرك كل الناس إن الله ينزل إلى الأسفل، ولا يطلب منا صعوداً إلى العلاء، وان القدوس يطلب الخطأة، والضالين، والفاشلين، والتائبين، لا المكتفيين، والأولياء، والأغنياء، والمتكبرين والأتقياء .


كان مولده فريداً بعيداً عن كبرياء القصور ورياء الهيكل، وما زال المسيح هو نبع المبادىء الإنسانية، وما زال هو جوهر الحق، وجوهر المساواة، وما زال يشرق نوره على الفقراء، والحزانى، والمظلومين والمظطهدين .

عند ولادته شقت الملائكة السماء بعاصفة تسابيحها، وبشرت الرعاة الذين كانوا يسهرون حول قطعيهم، ولد لكم اليوم في بيت لحم مخلص، وجاءوا المجوس من المشرق بعد ان رأوا نجمه، وسجدوا أمام المولود في المذود، وقدموا له الذهب والمور واللبن.

 الذي هرب بعد قليل مع أبويه إلى مصر لاجئاً، فلم يحدث مجيء المسيح في الهيكل وضجيجه ، بل في البيت البسيط بأطراف البلاد.

وملاك الرب لا يعلن قصد القدوس اليوم في العواصم والكنائس فقط، بل بنفس الدرجة في أكواخ القرى وخيم البدو، ويجد عند المتواضعين البسطاء.

 المسيح الذي يحيا فينا ليحينا على صورة الله، يحيا الإنسان بلا تفرقة، أو تمييز. الإنسان هو كمال الكون، والعقل كمال الإنسان، والحب كمال العقل والمحبة كمال الحب.

هذا هو ميلاد العجيب، ميلاد الكلمة إلهياً وإنسانياً.

فلو نظرنا إلى ميلاده الإلهي لرأيناه أزلياً وقبل الكل، وبه عُرف اسم البنوة، ولو نظرنا إلى ميلاده الزمني " الإنساني " لوجدناه فوق الطبيعة الإنسانية، كونه ليس بطريقة الطبيعة الآدمية من خلال ( حدث التزواج )، بل من فعل اتحاد اللاهوت بالناسوت بإرادة إلهية وفي زمن محدد في فكر الخالق.

وليكون بميلاده هذا سبباً لخلاص الطبيعة الإنسانية من أفكار العالم الزائل. وليصبح السبب في السلام بين الخالق وخليقته، وبه نال الإنسان الرجاء الصالح، والمشاركة في القيامة والميراث في ملكوت السماء، وفيه نرى فرصوفا الله معنا متحداً بالإنسان الذي من طبيعتنا، وبواسطته صرنا نسمى أبناء لا عبيد، ورُفع عنا اسم المتمردين والأبناء الضالين، ولبسنا ثوباً جميلاً مطلياً بدم غالي الثمن.. دم الأبن الحبيب بكر كل الخلائق، وتناولنا من وليمة الثور المسمّن المذبوح في حفل فرحة عودتنا إلى الله أبينا، وكتبت أسمائنا في كتاب الحياة، واختلطنا مع الروحيين وصرنا من أبناء اليمين، ومستحقين أن نقدم التسبيحة لخالقنا بوجوه مزهوة ورأس مرفوع، بواسطة يسوع المسيح ابن مريم العذراء الذي هو من طبيعتنا والذي له تنحني كل ركبة في السماء وعلى الأرض ..

آمين

الراهب آشور ياقو البازي
العراق
الرهبانية الأنطونية الهرمزدية الكلدانية
العراق

2
المنبر الحر / مدرسة نصيبين
« في: 18:57 10/09/2007  »
   
مدرسة نصيبين

الراهب اشور ياقو البازي

المقدمة

النـزوع إلى الثقافة قديم في كنيسة المشرق قدم الاصالة الرافدية، لم توقفه الاضطهادات ولم تخنقه الصعاب، ولو انها أخرت وعرقلت المسيرة، وأتلفت الكثير من الإرث الحضاري، ودوافع التوجه الثقافي إيمان بالحكمة وانفتاح على الحق انفتاحاً كونياً. وقد تكرس هذا النزوع الحضاري في تاريخ كنيسة المشرق في تبني الرهبانية حركة ثقافية واضحة والعمل على فتح المدارس قرب الكنائس والاديرة، حتى قيام كليات بل جامعات ومستشفيات مستقلة، أشهرها ولا ريب مدرسة الرها - نصيبين، ثم مدرسة جنديسابور، وثمة مدارس اخرى ذات شأن.
ولا نظننا نغالي ان اطلقنا تسمية جامعة على مدرسة نصيبين، وذلك خلال القرنين الرابع والخامس الميلاديين. فهي من حيث عدد الدارسين يومذاك، ومن حيث الاختصاصات وتنوع المعارف والضبط العلمي، والنظام التدريسي والمناهج تتمتع بكل السمات الاساسية التي تؤهلها لحمل هذا اللقب.

 
مدرسة نصيبين

في مدينة نصيبين فتحت أول مدرسة في الشرق المسيحي أسسها مار يعقوب النصيبيني الذي كان أسقفاً على المدينة وذلك سنة 309م، ومن الجدير بالذكر ان لمار يعقوب الفضل الأول في انشاء مدرسة نصيبين التاريخية الشهيرة التي طار صيتها وبرز فيها أشهر علماء ومؤلفي طقوس الطوائف السريانية عامة وطقس كنيسة المشرق (الكلدو - أثورية) خاصة.
فكان نبراس الفضيلة والعلم يشع ضوءه منها مدفقاً انواره على آفاق الكون بأسره مدة أجيال عديدة، ومن البارزين فيها مار أفرام السرياني ومار نرسي الملفان، وهما معلمان كبيران، وليس أسقفين، وقد برز من اساتذة وتلاميذ هذه المدرسة ومنذ القرن الخامس الميلادي وما بعده، العديد من كبار ادباء السريانية وعظماء الاشخاص الذين تبأووا أعلى المناصب في كنيسة المشرق. نذكر أشهرهم، فمنهم  ايليا برشينايا، عبديشوع الصوباوي، يشوعياب بن ملكون، يهبالاها الثاني، مكيخا الثاني، فقد كانوا أساقفة على نصـيبين ومنهم من أصبحوا جثالقة على كنيسة المشرق.

نظام مدرسة نصيبين

ان مدرسة نصيبين كانت جامعة حقيقية منظمة ومقيدة بقوانين وضوابط، يسوسها رئيس يدعى ربان (رَبَن) أي معلمنا، ويسمى أيضاً (مفَشقًنًا) أي المفسر لأن من أخص وظائفه تفسير الاسفار الالهية، وفي شرحه اياها كان يعتمد على ثيودوروس المصيصي وعلى مار افرام الملفان. فشرح ثيودوروس للكتاب المقدس يسمونه ( فوٌشًقًا ) أي التفسير، وشرح مار افرام يدعونه ( مَشلمًنوٌةًٌا ) اي التقليد، وإنما سُمي تقليداً لانه يعتقد ان واضعه بالاصل كان مار ادي مؤسس كنيسة الرها ثم انتقل شفاهاً إلى أن دونه مار افرام ومار نرساي في مؤلفاتهما، فالذي دونه مار افرام في مصنفاته كان يدعى (  مَشلمًنوٌةًٌا دمًري اَفرٍيم ) أي تقليد مار افرام، واما الذي دونه مار نرساي فيسمونه ( مَشلمًنوٌةًٌا داِسكوُلٍا ) أي التقليد المدرسي، ولهذا يطلق كتبة السريان الشرقيين اسم التقليد على تفاسير الكتب المقدسة فقط.
  وكان المفسـر في شرحه الكتب الالهية يعلم أيضاً
الفلسفة اضافة للمنطق أحياناً. كما نرى ذلك من التفاسير التي وصلت الينا. ومن بعد المفسر يأتي معلم القراءة والمهجي (مَقريًنًا وَمىَجيًنًا) وترد اسماؤهم مراراً في قوانين المدرسة، وبرحذبشبا يشير إلى ذلك في مقالته اذ يقول عن قيورا: "وهذا كله منوط بالقضية ذاتها أي أن يأخذ بجميع الأعمال منها التفسير والقراءة والتهجي". (وىًنًا كلٍى بليٌل ىْوًا برخمةًٌىُ دَؤبٌوٌةًٌا: اَيكًنًا دىو نٍاخوُد لكٌلٍى سوٌعرنًا دَمفشقًنوٌةًٌا وَدمَقريًنوٌةًٌا ودَمىَجيًنوٌةًٌا). وقال أيضاً عن مار نرساي انه لما اختير ليكون رئيساً لمدرسة الرها قال للتلاميذ : "اجعلوا لكم معلماً للقراءة ومهجياً ما استطعتم الى ذلك سبيلاً". (عًبٌديٌةُوُن مَقريًنًا وَمىَجيًنًا كبَر مًؤٍا انْةُوُن).

ويظهر ان معلم القراءة كان يعلم صناعة النحو، وكان يعلم ايضاً الالحان الكنسية، والمهجئ كان يعلم التهجئة والقراءة الفصيحة للمبتدئين.
اما تدبير امور المدرسة فكان يسند إلى الوكيل ويسمى ( رَبَيةًا ) أي رئيس البيت، ووظيفته كانت استلام ايرادات المدرسة والانفاق عليها، اضافة إلى جمع الصدقات للتلاميذ الفقراء.
وكان يوجد في المدرسة ايضاً ( سفرًا ) اي الكاتب ( واَخٍّا يٌديٌعٍّا وَقذيٌخٍا وبًٌدوُقٍّا ). (الأخوة المعروفون والمشهورون) فالكاتب كان يعلم التلاميذ الخط، أو كان كاتباً للوكيل ومساعداً له. أما الأخوة المعروفون والمفتشون فلست أعلم بالحقيقة ماذا كانت وظيفتهم، ولعلهم كهنة، أو علماء في المدرسة وكانت درجتهم أو وظيفتهم أعلى من التلاميذ الاخرين، فكان الرئيس والوكيل لا يعملان شيئاً مهماً دون مشورتهم.
هذا ما يخص المعلمين والدروس، وأما التلاميذ وتسميهم القوانين اخوة فكان يجب عليهم أن يلتمسوا الدخول في المدرسة من الوكيل ومن الاخوة الخاصة وان يكون لهم معرفة في القوانين، وكان عليهم أن يحفظوا البتولية ويسيروا سيرة صالحة لا عيب فيها، أي أنهم كانوا ملزمين مدة اقامتهم في المدرسة أن يعيشوا عيشة لا تختلف كثيراً عن عيشة الرهبان.
وكان لهم زي خاص يفرقهم عن غيرهم. وأما شعر رؤوسهم فلم يكن يؤذن لهم أن يحلقوه ولا ان يخصّلوه مثلما كان يفعل أهل العالم، بل كانوا يحلقون فقط قمة رأسهم فتصير على رؤوسهم دائرة كأنها أكليل.
وكل مساء بعد تلاوة المزامير كان كل واحد منهم يذهب إلى قلايته، وصباحاً عند صياح الديك كان على الجميع ان يأتوا إلى غرفة الدرس فيلزم كل منهم مكانه حتى المساء. وكانوا يجلسون صفيّن، فيصطف الكهنة وراء الذين لم يكونوا حائزين على هذه الدرجة. وكل من كان ينقطع عن الدرس والكتابة ولا يحضر ساعة التدريس والالحان الطقسية كان رؤساء القلالي (رٍشَي قِلًيًّةًٌا) يوبخونه توبيخاً شديداً. وان لم يسمع منهم يقاصصه الوكيل. وكانوا ملزمين أيضاً ان يحضروا فرض الموتى والاحتفالات الكنسية. وكل من ينقطع دون سبب كافٍ يوبخ جهاراً قدام كل أعضاء الجمعية.
ولم يكن يؤذن للتلاميذ الجدد ان يسكنوا وحدهم أو مع واحد آخر في القلالي بل مع التلاميذ جملة. وكانت السكنى في المدينة، أو في محل آخر ممنوعة عليهم اللهم إلا إذا لم يبق مكان في المدرسة. ولكل قلاية رئيس تجب له الطاعة يسمى (رٍش قِلًيةًٌا) أي رئيس القلاية. والذين يسكنون قلاية واحدة كانوا يتناولون الطعام سوية وفي القلاية نفسها. فكان ممنوعاً عليهم تناول الطعام في الجنائن، والبساتين، والحضور في المآدب والولائم في المدينة وزيارة أديرة الراهبات، وإذا مرض أحدهم كان الاخرون يقومون بخدمته.
ان التلاميذ كانت لهم سلطة على أموالهم، وذلك لانهم كانوا مجبرين ان يتكلفوا أسباب معيشتهم، فمن كان يريد منهم ان يُقرض ما كان يتوفر له من المال لم يكن يؤذن له أن يأخذ فائدة عليه أكثر مما عينته الكنيسة. وكان المقطوع يومئذٍ واحداً في المائة.
وكان بين التلاميذ فقراء أيضاً فهؤلاء في أيام العطلة كانوا يشتغلون ويحصلون على ما يعيشون به. وزمن العطلة كان منذ بداية شهر آب إلى نهاية تشرين الأول.
لكن برحدبشبا عربايا قال أنه كان يؤذن للتلاميذ أن يشتغلوا مرتين في السنة. أي في زمان الحصاد وفي وقت قطف الزيتون والعمل في الطين. ويُشترط على الذين يشتغلون في زمن العطلة أن يسيروا سيرة صالحة ويتجنبوا الرذائل لئلا يُرذل بسببهم اسم المدرسة. واما الذين لاجل ضعفهم أو مرضهم لم يكونوا قادرين على العمل فكانوا يراجعون الوكيل وهو كان يساعدهم قدر الامكان. ولم يكن يسمح لهم بالتسول على الابواب، ومن تجاسر ومشى خلاف هذا القانون كان يطرد حالاً من المدرسة ومن المدينة أيضاً.

منهجية مدرسة نصيبين

ان الدراسة كانت مدتها ثلاث سنوات. تؤكد قوانين المدرسة بان الطلبة خلالها ينقطعون إلى الدراسة كلياً. بحيث يتركون بيوتهم واماكنهم ويعيشون في المدرسة نفسها. فهي مدرسة داخلية أيضاً، ولا يحق لهم اثناء مدة الدراسة العمل او التجارة، ولا الارتباط العائلي ان كانوا من المتزوجين. وللصلاة دور كبير في حياتهم بحيث ان من لا يحضر المراسيم الدينية والصلوات يوبخ أمام الجميع.
كان الطلبة يقرأون في السنة الأولى من اسفار الكتاب المقدس المسماة (بيث موتبي = المجالس)، والمقصود بها أسفار يشوع بن نون، والقضاة، وصموئيل، والملوك، والأمثال، والجامعة، وراعوث، ونشيد الانشاد وسفر أيوب، اضافة إلى رسائل الرسول بولس، واسفار التوراة الخمسة (التكوين، الخروج، العدد، اللاويون، تثنية الاشتراع).
كما كانوا يتعلمون الهجاء والقراءة وألحان تشييع الموتى، والكتابة على اللوح.
وتخصص السنة الثانية لاسفار المجالس الاخرى: المزامير، كتب الانبياء، والقراءة والكتابة على اللوح وتراتيل القداس وفقاً للسنة الطقسية (والمقصود مدائح أو عونياثا دقنكي ودرازي ( عوُنيًّةًٌا دقَنكٍا وَدٌاْذزٍا ).
وتشمل مواد السنة الثالثة على القسم المتبقي من أسفار الكتاب المقدس بعهديه الجديد والقديم، وتراتيل البيم ( بٍيم  ) ( وهذا يعني بان كل واحدة من عونياثا البيم لها لحن خاص وليست كلها بلحن واحد).
وتدخل ضمن هذه الدراسة مواد النحو، والصرف والخط. أما قراءة المزامير وتعلمها غيباً فهي أول ما يبدأ الطالب وفقاً للطريقة المدرسية الخاصة. واتبعت المدرسة في عهد مار افرام الطريقة اليونانية السباعية في التدريس، فكان على طلبتها تعلم القواعد، والخطابة، والجدل، والموسيقى، والالحان، والهندسة، والحساب أي الرياضيات، والفلك لاحتساب التقويم والأعياد والاصوام، ولم يكن التاريخ منسياً، وكذلك كتب التصوف الروحي وسير القديسين، واعمال الشهداء وكتابات الآباء.
كما أصبح للمنطق والفلسفة أهمية بعد حصول التأثر الهلسنتي، عقيب ترجمات تيودوروس وكتابات يعقوب السروجي الذي تأثر بفيلون الاسكندري، وتيوفيل الانطاكي والقبادوقيين، وللآخرين تأثير كبير على الناطقين بالسريانية.
هكذا كانت مدرسة نصيبين تنير الشرق باسره على حد تعبير التيودوريين، بينما اعتبرها القورلسيون علة فساد.

النهج اللاهوتي والعلمي في المدرسة

كان التفسير في المقدمة من برنامج مدرسة نصيبين، وعلينا ان نفهم التفسير ووظيفة المفسر بالمعنى التالي: صون الوديعة، حفظ الامانة، وضمان استمرارية التقليد، ويعني التقليد (مشلمانوثا ) ( مَشلمنوٌةًٌا)، أي تعليم ما يسلمه الاباء والجدود الأقدمون إلى الأولاد والاحفاد والتلاميذ، وعلى الآخرين تسليمه إلى من يأتي بعدهم. وقد كان التقليد الارامي هو السائد، حتى تمت ازاحته والاخذ بالتفسير التيودوري خاصة.
فكان تقليد اساتـذة المدارس (مشـلمانوثا دربّاني دإسكولي)، (مَشلمًنوٌةًٌا دذَبًنٍّا داِسكوُلٍـــّا)، وان جاز لنا اقامة تشبيه، قلنا: ان المعلم الأول، أي المفسر، كان يرسم خط المدرسة، وعلى جميع الاساتذة الاخرين ان ينهجوا على منواله، ومعلوم ان للقيام بالتفسير لا بد من شرح النصوص الكتابية، ومن هنا كانت ضرورة اجراء التحليل اللغوي (علم النصوص)، وامتحان النص وضبط الترجمة (فهو بالعبرية، أو اليونانية أصلاً)، وعقد المقارنات اللازمة والمفيدة، وتخطي هذه المرحلة إلى مرحلة النقد الادبي ودراسة تاريخ النص، والسماح أخيراً للنفس باستنتاجات روحية ورمزية مفيدة.
ان منهجية مدرسة نصيبين قريبة إلى الانطاكية، بعيدة عن الاسكندرية، ذات خصوصية متميزة.

الخاتمة

لا يسعنا ان ننفض اليد من هذا المقال المتواضع دون التنويه إلى ان مدرسة نصيبين لم تنته في سنة محددة، فقد استمر تأثيرها طويلاً، بل ما زالت كتابات عباقرتها تغذي الكثيرين، اضافة إلى ما تناقلته كتب مؤلفين آخرين من عصارة فكر اولئك المعلمين الاوائل، فاضحى تراثاً شاملاً.
وكان لمدرسة نصيبين العظيمة اسهام كبير في الحركة الفكرية والادبية عبر قرون عديدة.
فاللغة السريانية غدت بفضل هذه المدرسة لغة فكر وعلوم، سلسة محكمة البناء، غنية المفردات، متعددة الاساليب، يبرز الشعر في المقدمة، ويليه النثر. وأول ميدان برع فيه اساتذة هذه المدرسة: الكتاب المقدس، بترجمة أسفاره، وشرحها وتفسيرها، وتبيان عللها، اضافة إلى مئات القصائد والمقطوعات والقصص المستوحاة من الكتاب المقدس.
وتأتي الاسرار والطقوس في المرتبة الثانية إذ لم يترك الادباء جانباً إلا طرقوه، وتبنت كنيسة المشرق بسائر فروعها ومذاهبها، العديد من آثارهم في طقوسها وصلواتها فكتب لها الخلود.
وتأتي في المرتبة الثالثة الكتابات اللاهوتية، والفلسفية والجدلية، ولو ان العديد منها اصابها التلف ضحية المنازعات والتعصب في الماضي.
وتأتي في المرحلة الرابعة كتب اللغة، والنحو، والصرف، وشرح الالفاظ المبهمة والمصطلحات، وقد أفادت جداً في انتقال العلوم.
وترد في المرتبة الخامسة كتب موسوعية من أروع ما ورثناه عن الاقدمين بدءاً بكتابات مار أفرام تلميذ مار يعقوب أسقف نصيبين ذات الطابع الديني. وكتابات مار نرسي ذات الطابع الفلسفي الادبي.
أما الجانب التاريخي فلم يلق اهتماماً كبيراً من قبل علماء هذه المدرسة وكذلك الجانب التصوفي الرهباني، رغم ان بعض خريجي المدرسة انصرفوا إلى حياة الزهد وأسسوا الاديرة ووضعوا القوانين الرهبانية ودبجوا مصنفات نسكية، على رأسهم ابراهيم الكشكري الملقب بابي الرهبان لكنيسة المشرق (كلدو - اثورية).
أما الترجمات فقد حظيت بعناية خاصة. إذ كانت النقول الأولى والكبرى من نتاج مدرسة نصيبين، بحيث يمكن القول ان مدرسة نصيبين هي الجسر الأعظم بين الحضارات القديمة واللاحقة وبنوع خاص في ايصال الثقافة اليونانية إلى ديار الشرق.
ويعود الفضل إلى اساتذة وتلاميذ هذه المدرسة في وضع قوانين وأنظمة كنسية ذات أهمية بالغة، إذ تبوأ قسم منهم مناصب كنسية عالية في عدة اماكن.ومنها ما اوردناه أعلاه من أسماء لاحقة لشخصيات كنسية بحقب زمنية مختلفة.
ستبقى مدرسة نصيبين وتاريخها الحافل دليلاً ساطعاً على دور أجدادنا العظام في الحفاظ على الحضارة الانسانية واغنائها.

الراهب اشور ياقو البازي
من العراق

3
الراعي الصالح
حاضر بين شعبه في تربة وادي الرافدين


الراهب آشور ياقو البازي

في المساء تجمع الخراف إلى داخل الحظيرة لحمايتها من اللصوص، ومن البرد وعوامل الطقس، ومن الحيونات المفترسة، والحظيرة إما كهف، أو مغارة، أو سقيفة، أو مكان مفتوح تحوطه أسوار من الحجارة، أو أغصان الشجر وكثيراً ما كان الراعي ينام في الحظيرة لرعاية خرافه وحمايتها، وكما يهتم الراعي بخرافه ويرعاها، يهتم يسوع المسيح الراعي الصالح بقطيعه ويرعاه ( وقطيعه هم من يتبعونه ).
يرعى الأجير الخراف من أجل المال، أما الراعي الصالح فيرعاها من أجل محبته والتزامه بها، ويسوع المسيح لا يؤدي عمله فقط لكنه ملتزم بأن يحبنا، وأن يضع ذاته وحياته من أجلنا. بينما ليس للمعلمين المضلين والأنبياء الكذبة مثل ذلك الراعي الصالح الملتزم.
يبقى راعي الخراف الصالح مع قطيعه بالليل والنهار، وراعي الغنم ليس نظير أولئك الذين يرعون قطعان الأبقار، أو الجاموس، أو غيرها من الحيوانات، التي يمكن حفظها في حظائر، بخلاف الأغنام التي ليس لها مكان معين تحفظ فيه، لذا فهي تحتاج إلى الرعاية ليلاً ونهاراً، ويقوم رعاة الأغنام بجمعها كلها معاً في مكان واحد عند مجيء الليل ويسهرون عليها بالتناوب، لعلنا نذكر أنه عندما ولد يسوع المسيح في بيت لحم، كان هناك رعاة موجودين خارجاً في العراء، يحرسون حراسات الليل على رعيتهم، عندما ظهر لهم الملاك ليبشرهم بولادة المخلص.
يقود الراعي الصالح قطيعه إلى مراع متنوعة، فكما أننا نحتاج إلى أطعمة متنوعة في الأفطار والغذاء والعشاء هكذا أيضاً تحتاج الأغنام إلى أنواع مختلفة من الغذاء في أوقات مختلفة. ويسوع المسيح يقول انه يكون كراع يسهر على حمايتنا وحراستنا بالليل والنهار من الأخطار المنظورة والخفية، وفي كل صباح يقود الراعي الصالح قطيعه إلى مراع متنوعة، والغنم لا تاكل الأعشاب الجافة الخشنة، أو القذرة، انها تحب العشب الأخضر النضير، في مزمور 23 نعرف كيف يقود الرعاة الغنم إلى مراع جيدة، حيث العشب الأخضر الممتلئ بالعصارة، ويتجولون بالقطعان في اماكن مختلفة في الصباح، وبعد الظهر وفي المساء، وكذلك تحتاج الأغنام أيضاً إلى المياه النظيفة، انها لا تشرب المياه الملوثة، ويسوع المسيح يعلم تماماً ما نحتاج إليه من أنواع الغذاء لتشبع جوعنا وتروي ظمأنا.
ان كلماته الحلوة هي المرعى الذي يقود إليه نفوسنا فهو يعطينا كل صباح كلمته الحية والمحيية التي يعلن بها لنفوسنا خطته السماوية لليوم كله، وفي فترة ما بعد الظهيرة ننال منه قوة تعيننا لبقية اليوم، وفي المساء نحظى بالافتقاد الإلهي قبلما نأوى إلى فراشنا، وهكذ تنتعش حياتنا يوما فيوماً ونحفظ من كل خطر منظور وغير منظور. لذلك لأنه مخلصنا الأمين والمحب، وهو معنا كل حين.
لقد وهب الله الغنم موهبة تمييز صوت الراعي الصالح، ويمكنها ان تعرف صوت سيدها بالذات، ففي بعض الأحيان عندما تتجمع القطعان معاً للمبيت، ويتناوب الرعاة حراستها أثناء الليل، حتى طلوع النهار، وعندما يصفر أول راع لقطيعه، وقد يستعمل صفارة من الفضة، أو أي معدن آخر، وربما يصفر واضعاً اصبيعه في فمه، لكنه على أية حال إذ يصفر لقطيعه، فأن قطيعه هو وحده الذي يخرج أولاً ويتجمع معاً، وبعد ذلك يأتي الراعي الثاني ويصفر، والثالث كذلك، وفي كل مرة تلاحظ أن الغنم لن تذهب أبداً إلى راع خلاف راعيها، ذلك لأنها تعرف صوته فتتبعه.
أحياناً يأتي راع غريب ويصفر للغنم، لكنها لا تتبع، و يسوع المسيح يقول : " وأما الغريب فلا تتبعه بل تهرب منه لانها لا تعرف صوت الغرباء "     ( يوحنا 10 : 5 )، ذلك لأن آذانها حساسة لصوت سيدها وحده.
انه امتيازنا اليوم نحن ابناء كنيسة العراق هو ان نسمع صوت الله ونصغي إليه بقلب نقي ومتواضع، ربما لا نعرف موضوعات كثيرة كالتاريخ، أو الجغرافيا، أو العلوم، أو السياسة، أو الفلسفة، أو اللاهوت، لكننا مع ذلك يمكننا ان نعرف ونميز صوت إلهنا الذي اختارنا أن نكون ملحاً في هذه الأرض الطيبة التي ارتوت من دماء شهدائنا الأبرار القديسين الذين بذلوا الغالي والنفيس من أجل تربة هذا الوطن العريق في القدم والذي كان منبع الايمان والحضارة، وأن نكون اليوم نوراً ساطعاً في سمائه الصافية من خلال كلمته المحيّة، وخميرة في عجينة مجتمعه من خلال أعمالنا النقية، لكي يتمجد اسم الرب الإله في كل بقعة من بقاع أرضه امتداداً من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه مروراً في وسطه.
واليوم نحن كمؤمنين عراقيين أن نسمع صوت يسوع الراعي الصالح ونتبعه، وأينما يسير الراعي الصالح علينا ان نتبعه دون أن نسأل. اننا ينبغي ان نتبع يسوع المسيح بثقة كاملة واثقين به ثقة تامة، لاننا نعلم اننا نكون في امان تام فيه، ولا نعود نحمل هّم الأخطار التي من حوّلنا أيا كانت هذه المخاوف والمخاطر التي نمر فيها هذه الأيام في أرضنا ووطننا من ظلم واضطهاد، وقتل وخطف، وتهجير قسري من قبل أعداء العراق، والذين لا يعرفون معنى الحياة، ولا قيمة الإنسان العراقي الأصيل المخلوق على صورة الله ومثاله منذ مئات القرون في تربة هذا البلد الغالي على نفوس كل مؤمن عراقي حقيقي. والذين يحاولون هؤلاء الأشرار بشتى الطرق والوسائل أن يقلعوا جذورنا من أعماق هذه الأرض التي ولدنا وترعرعنا فيها، واكلنا من خيرات ثمارها وشربنا من مياه دجلة والفرات الخالدين منذ الالاف السنيين، وعلّمنا العالم التمدن والكتابة، والقوانين، ووصنعنا أعظم حضارة في أرضها.
نقول لهؤلاء الأشرار أعداء العراق هيهأت لكم، لا تستطيعون فعل ما يدور في عقولكم الجوفاء، ما دام هناك الراعي الصالح الذي يقول لنا :
" لا تخافوا الذين يقتلون الجسد، بل خافوا الذين يقتلون النفس "
" فأنا غلبت العالم لا بالسيف ولا بالشر، إنما غلبته بلغة الحب، والحوار والتفاهم، والسلام، والتواضع، والاحترام "
" فانا معكم طول الدهر قطيعي الصغير فلن أترككم يتامى"
وفي الختام يقول كاتب سفر الرؤيا :
" ها أنا واقف خارج الباب أقرعه، ان سمع أحد صوتي وفتح الباب أدخل إليه فأتعشى معه وهو معي " ( رؤيا 3 : 20 ).

الراهب آشور ياقو البازي

4
بسم الاب والابن والروح القدس الاله الواحد امين
تحية بالرب
الصلاة باللغة السريانية وقد ترجمتها الى اللغة العربية وهي تتلى قبل قراءة الانجيل في عيد تذكار الربان هرمزد، وقد اخذتها من مخطوطة نادرة موجودة في دير السيدة حافظة الزروع في القوش،
مع فائق الشكر
الراهب آشور ياقو البازي

www.ankawa.com/malka/ashqw1/1.pdf

5
كنيسة العراق
وموقفها من الفقراء والمهجرين العراقيين
الراهب آشور ياقو البازي

المقدمة :
ترتبط ( الكلمتين ) الوصيتين الثامنة والعاشرة بانتهاكات حرية الإنسان والعدالة في المجتمع فمن وراء الصياغة السلبية، توجد الوصية الإيجابية التي تدعو إلى صيانة تفتح الإنسان تفتحاً حراً، والاعتناء بتنمية العدالة الاجتماعية والاقتصادية في عالم العمل والاقتصاد.
ان الكلمة الثامنة " لا تسرق " تحرم كل اعتداء على مقتنيات الآخرين، من خلال امتلاك جائر، أو استغلال للغير.  واللفظة العبرية " غنب " لا تعني فقط " سرقة "، بل هي تشمل كل المجال الذي تشير إليه الألفاظ  " اغتصاب، نهب، سرقة، غش، خداع، أو التخلي عنهم". فهي لا تتعلق فقط بالثروات المادية، بل، وقبل كل شيء بجريمة احتجاز اشخاص عن طريق العنف في سبيل استفزازهم، أو استعبادهم، أو بيعهم كعبيد. فالأمر هنا يتعلق بحرية الانسان، فهي أولى المقتنيات التي تحميها الكلمة الثامنة. إلا أن ذلك ينطوي أيضاً على حرية التصرف بما يملك الانسان وبما اكتسبه بالارث أو العمل.

الكنيسة الأولى :

كان يسوع يهتم بالفقراء، وطبقه عملياً. فعقد الصداقات مع المحتاجين وأطعم الجياع. وأمر تلاميذه بأن يبيعوا ممتلكاتهم ويقدموا صدقات للفقراء، وإذا صنعوا وليمة عليهم أن المساكين والمشلولين والعرج والعمى الذين ربما لا يكونون في وضع يسمح لهم أن يدعوهم بالمقاتل. كما وعد تلاميذه، بأنهم عندما يطمعون الجياع ويكسون العراة ويرحبون بمن لا مأوى لهم ويزورون المرضى، إنما يقدمون كل هذه الخدمات له.
على هذا النهج عاشت الكنيسة الأولى بعض الوقت على تقاسم طوعي للأموال في سبيل أن تتوافق مع كلام يسوع، المتعلق بالتقاسم مع الفقراء.    " وكان جميع المؤمنين يعيشون معاً، وكان كل شيء مشتركاً فيما بينهم. وكانو يبيعون أملاكهم ومقتنياتهم، ويوزعون أثمانها على الجميع بحسب حاجة كل واحد منهم" ( أعمال الرسل 2 : 44 ).
عرفت الكنيسة في بدايتها تقسيم الأموال بدافع المحبة. ثم أصبح تنظيم المساعدة للفقراء مؤسسة وطيدة الأركان عن طريق "الشماسية " في الكنيسة القديمة.
اهتمت الكنيسة الأولى بالموقف الشخصي لكل إنسان تجاه المقتنيات. فالانتقاد الإنجيلي وتوجيهات الرسائل الأخلاقية لا تستهدف نظام الملكية الخاصة بل الاخطار الأخلاقية والدينية المرتبطة في معظم الأحيان بالمقتنيات والأملاك ، أي الجشع والاشتهاء والأنانية، والمواقف التالية في سوء استعمال الثروات المادية هي مواقف خاطئة، وغالباً ما تترافق مع اقتناء الأملاك وتهدد حرية الإنسان: قلب تسلسل القيم، والتعدي على العدالة والمحبة، وبنتيجة ذلك زعزعة أساس النظام الاجتماعي.
وقد طرحت قضية الرق مشكلة خاصة على المسيحية الأولى، إذ كان العبيد يعدون ملكاً لاسيادهم، وفي الغالب ضحايا استبدادهم. يتوسط القديس بولس لصالح العبد أونيسموس الذي هرب، فيسأل سيده ( المسيحي فليمون ) أن يقبله " كأخ محبوب "( فيلمون 16 ).
وهكذا سعت الكنيسة الأولى إلى جعل التصرف تجاه العبيد أكثر إنسانية في البيئة الوثنية، وإلى دمج هؤلاء في الجماعة المسيحية، وفي اجتماعات العبادة كان الجميع متساوين، كما كان باستطاعة عبيد أن يضطلعوا بمسؤوليات في الكنيسة.

معنى ( الكلمة ) الوصية الثامنة في الزمن الحاضر:

ان المعنى الأصلي ( للكلمة) للوصية هو احترام حرية الإنسان واحترام أملاكه ومقتنياته التي هي أساس عيشه، يبقى قائماً في عالم الحياة اليوم. لكنه، وباعتبار التغيرات الحاصلة في بنى الحياة الاجتماعية والاقتصادية، قد اتسع اتساعاً كبيراً فاشكال العبودية في عالم العمل اليوم وتجاوزات السلطة في طريقة استعمال ثروات الأرض. تذكر باوامر الوصية في الحاح خاص. فتنبه الوصية إلى ضرورة اقامة نظام عادل للعمل والاقتصاد وإلى المسؤولية في استخدام صحيح للملكية في كل أشكالها.

العمل في ضوء الإيمان الإنجيلي :

ان في المسيحي الحقيقي غريزة تدفعه إلى معلمه يسوع المسيح والاقتداء به دوماً، وان كان بوسع الطبيعة أن تخالف نواميسها، فالمسيحي لا يسعه أن يحيد عن سلوك معلمه الذي أحبه، حتى الموت من أجله ومن أجل العالم. كلمات يسوع جاءت كناقوس يدق في أعماق الفكر والقلب عبر السنين وظروف الحياة " رحمة اريد لا ذبيحة " لتشغل الكيان بالمحبة للآب والقريب، وهو الذي ردد " كما فعلتم لواحد من هؤلاء اخوتي الصغار فلي قد فعلتم " فاراد لمحبة القريب ان تشابه محبته التي خصنا بها " كما أحبني الآب، فكذلك أحببتكم أنا ايضاً " ( يوحنا 15 : 9 ).
ولبلوغ هذه المحبة كان لا بد أن تشب نيرانها في دواخلنا لتتلألأ بعفوية ونكران الذات، لا بالكلام واللسان بل بالعمل والحق وتجاوز كل الحواجز، فالقريب هو كل إنسان. عندما نحس بنعمة عيش مسحة الإنجيل بمحبة القريب مع الجائع والعطشان، بين العريان والغريب، داخل المستشفيات ودور الايتام دون الالتفات إلى المنظر ولا الى طول القامة.
فقد نتوصل الى إلله بالقلب والعقل، لكننا نقترب منه بإيمان متجسد في رجاء محبة القريب، إذ يقول في سفر الأمثال " نعيمي مع بني البشر "    ( أمثال 8 : 13 ). عندما نشعر ان محبة الله للقريب، هي كالموسيقى للحياة، والأغنية للقلب البشري، وهذه المحبة متفوقة على كل حقيقة ضعف وعجز، فننطلق بنعمة عطايا محبته نحو البؤس، بين أبناء بلدنا العراق الذين ذاقوا مرارة الحروب، وعاشوا سنين الحصار ومن ثم الاحتلال، والارهاب، والقتل، والخطف، والتفجيرات والتهجير القسري لنبلغ وفي وسطهم هم، معنى الدخول في الفرح وفي الألم أيضاً في آن واحد.
تلك خبرة رسولية، نختبرها بين السجناء، والعجزة والمعاقين، والفقراء والمهمشين، والمتروكين من المجتمع، لتجدد في كل لقاء، دهشتنا أمام عظمة محبة الله لمثل هؤلاء الناس، ليستخدمنا بغير استحقاق لمجد اسمه، بين هؤلاء الفقراء والمساكين والمهمشين. ونخجل من إيمان تلك العجوز التي تشتاق لجسد المسيح، وقد كانت بعيدة عن الكنيسة، حبيسة جدران غرفتها الأربعة في دار المسنين، فتهرع وتتناول صفحة من الإنجيل المقدس لانها تحمل كلمة المسيح. وتتهلل النفس أمام ذاك الطفل المعاق الذي يرتمي في أحضان سلة عطايا المأكولات، وكأنه يرتمي في أحضان والده المحب.
وتبتهج الروح لشعلة الإيمان، في قلوب هؤلاء التلاميذ الذين يهرعون من قراهم وقصباتهم البعيدة، حباً بالتعلم، ليكونوا كمعلمهم صيادي بشر، عندما يكتمل غذاء إيمانهم بنور العلم والإيمان والمحبة، وهم متيقنون ان بؤس الشعوب يبدأ بالجهل، ونور الإيمان ينطفئ بالانغلاق والتقوقع والاستسلام لسطوة الواقع.

هل من مزيد لنضيف ؟
من أين نبدأ والى أين ننتهي ؟

الفقراء المعدمون، محرومون اقتصادياً. فقد يفتقرون إلى الطعام، أو اللباس، أو المأوى، أو يفتقرون إليها جميعها. السجون ودور العجز والمسنين والمعاقين، والمشلولين واليتامى والارامل، ومستشفى المجانين والأقسام الداخلية التي يسكنها تلاميذ القرى.
ان الكرم  واسع أيها الأخوة، والحصاد كثير لكن الفعلة قليلون.
فالجوع إثر الحرب، والحصار، والاحتلال، والعنف، والخطف، والقتل، والتهجير القسري لاخوتنا في بغداد والموصل والبصرة زاد من الاختلال الاجتماعي والانحراف، وقلل من اهتمام الأبناء بالآباء والأمهات، ولنتوجه إلى بناء دور للمسنين لاحتوائهم، وقلة الدواء وزيادة تكاليفه زادت من المعاقين. وانتشار أيضاً البطالة بين شعبنا وخاصة شبابنا وشابتنا. وانخفاض مستوى التعليم في المدارس نتيجة الظروف الصعبة التي يمر بها بلدنا.
هناك الفقراء المعدمون، المحرمون، من ضروريات الحياة الأساسية. وهناك المساكين المظلومين، ضحايا الظلم البشري الذين لا حول لهم ولا قوة. وهناك فقراء من الوجهة الروحية، هناك المساكين المتضعون، الذين يقرون بعجزهم ويتطلعون إلى الله وحده طالبين الخلاص. وترتسم أمامنا صورة الله في كل حالة آتياً إليهم ومتبنياً قضيتهم التزاماً منه بطبيعته فهو  " يقيم المسكين من التراب ".
نقف امام هؤلاء، لنردد من الأعماق صرخة نحو العالم الواسع من كلمات معلمنا يسوع " اريد رحمة لا ذبيحة " منتظرين برجاء المحبة من هنا، أو هناك عيناً تبصر، أو اذناً تسمع.. فالعالم ينتظر الأعمال ليمجد الآب في السماوات، ذلك رجاء إيماننا بمحبة الله من خلال محبة القريب.
ولإيماننا بان كل خدمة هي وليدة عصرها وزمانها، يبقى الجهل هو المسبب الأول لكل أنواع البؤس، المرضي منه، أو الاخلاقي، أو الاجتماعي. لذلك تبقى الحاجة القصوى الى نور. كل شمعة تضاء وسط ظلمة الجهل . تلك الشمعة قد لا نجد الطريق إليها إلا بالتعلم والصلاة والخدمة.
 
الخاتمة :

 بواسطة الوحي الإلهي، يستضيء معنى العمل أيضاً بالنسبة إلى المسيحي بنور الإنجبل ومن ثم فالعمل البشري له كذلك بعد لاهوتي.
فالنشاط البشري الشخصي والجماعي وجهد البشر لتحسين أوضاعهم الحياتية على الدوام يتطابقان مع تصميم الله.
وعمل الله الخلاق يستهدف أن تظل الأرض " مسكن حياة لكل ما هو حي " وان يُعدها البشر باتجاه هذه الغاية التي سبق الله فأقرها. والإنسان بصفة كونه صورة الله، انيطت به مهمة " فلاحة الأرض وحراستها " ( تكوين 2 : 15 ) فهو في عمله ومنجزاته قد عُهد إليه بالخليقة كي يرتبها.
ان الأرض مع ثمارها هي اولى عطايا الله المخصصة لاعالة حياة الإنسان. لكن الأرض لا تؤتي ثمارها بدون استجابة واعية من قبل الإنسان لعطية الله، أي بدون العمل. البشر جميعاً في كل ما يصنعون يسهمون بفضل ذكائهم في اعطاء الخليقة شكلاً ويخدمون منفعة الناس الاخرين.
لقد خصص الله الأرض وكل ما تحتوي عليه لكل البشر والشعوب، في سبيل اشباع حاجاتهم لذلك ينبغي أن تستغل خيرات الأرض وتوزع بحيث يتمكن جميع الناس من العيش بطريقة جديرة بالإنسان.
هذا التفاوت في أوضاع الحياة يتطلب من الجميع تضامناً أكبر مع المحرومين ومن الأقوى سلوكاً يعامل في الأضعف بطريقة عادلة، وينم واقعياً عن الاهتمام بحياة لائقة للجميع.
ان أحد المعايير الأخلاقية الأساسية لكل القرارات الاقتصادية والاجراءات السياسية والمؤسسات هو الخيار الأولوي للفقراء : على القرارات الاقتصادية والاجراءات السياسية أن تخدم جميع الناس، ولكن أولاً الفقراء ومن الضروري الانتباه إلى ما ينتج عن القرارات الاقتصادية من تبعات بالنسبة إلى الفقراء، وإلى الأضرار التي تسببها لهم وإلى اسهامها في اتاحة الفرصة لهم ليساعدوا أنفسهم.
ان العلاقات الوثيقة التي تجمع الناس في وسط البشرية والترابط بين كل البشر والشعوب يتطلبان تضامنا بين كل الناس والأجيال الحاضرة والمستقبلة. فالمطلوب أن يبنوا معاً " عالماً أفضل على الحقيقة والعدل ".

الراهب اشور ياقو البازي

6
أفكار في الصميم
من واقع العراق الجديد

الراهب آشور ياقو البازي

أفكارٌ لا أُصدقها في أرض الواقع التي نعيش فيها، ولا سيّما في أيامنا هذه، فبلدنا العراق جريحٌ يتأوه ويتألم على نطاق واسع ربّما لم يعهده في تاريخه الإنساني من قبل. إذ يعلو في كل بقعة من بقاعه صراخٌ يقطع نياط القلب من جّراء مظالم لا تكاد تُحصى، منها التشرد والجوع والحرمان والاستبداد والقتل والخطف والهجرة والتهجير القسري، وحرق دور العبادة، وهدم الكنائس، والجوامع، والمساجد، والحسينيات، وهذه كلها غيضٌ من فيض، ولا يبدو أن أحداً في مناعة من هذه الويلات، إذ يتألم الأغنياء كما يعاني الفقراء بكل أطيافهم وقومياتهم سواء بسواء.
إن معاناة الألم قدرٌ عام يشترك فيه الناس جميعاً في كل مكان من وطننا، مؤمنون كانوا، أو غير مؤمنين، ولكن كثيراً ما يكون للمسيحيين المؤمنين آلامهم الخاصة فضلاً عن تلك السلسلة المعهودة من ويلات المحتل، ففي أحيان كثيرة يعانون الألم لأنهم أتباع يسوع المسيح، حتى أنهم قد يصرخون مع كاتب المزمور " أناجي في الليل قلبي، وأتأمل وأسأل نفسي " ( مزمور 77 : 7 ). إنها لصرخة قديمة العهد ما زال يردد صداها اليوم مئات الآلاف من المؤمنين في العراق من شماله إلى جنوبه مروراً بوسطه، وتكثر الأسئلة :
لماذا الشر موجود، والعنف مستمر ؟ ولماذا يسمح الله بان يستمر كابوس الألم والشر ذاك الرهيب في بلاد النهرين ؟ ولماذا يبدو ان الصلوات التي تصعد من أفواه أبناء دجلة والفرات طالبة اندحار الشر وانتصار الخير تبقى بلا استجابة ؟
ان بلدنا وترابنا هو الحقل الذي خرج الزارع الإلهي ليزرعنا فيه، إنها الرسالة التي ألقيت على عاتقنا كي نكون نوراً وملحاً في هذه الأرض الطيبة وخميرة في عجينة مجتمعه، وننشر في ربوعه المحبة والسلام والرجاء في خضم زمن صاخب وأمواج عاتية قادمة من الخارج، انها رسالة الشهادة بأننا عراقيون اصيلون في هذا البلد منذ آلاف السنين، ونفخر بإرث حضارتنا التي نأخذ منه كل عناصر الثقافة والمحبة والتسامح والتواضع، ونقاوم الشر بالخير، وألاّ نستخدم السلاح والعنف فيما بيننا رغم عواصف الاحتقار للمقدسات ومظاهر الاضطهاد لكل ما هو روحي وإيماني وفكري وإنساني حر، والتي حلت عليه قوى الظلام وعشعشت فيه وتريد وتريد تمزيقنا وتشتتينا، والتي تحاول اليوم أن تقتلع جذور إيماننا من ترابنا الذي رويّ بدماء شهدائنا الأبرار الزكية الذين بذلوا الغالي والنفيس عبر تاريخه الإنساني.
رغم مسيرة الدم والدموع والآلام التي نمر فيها الآن، لا زال سر الفداء نبعاً لنا للسلام الباطني، لا زال المسيح غذاء الرجاء، وراحة الضمير وسكينة النفس المؤمنة. وكلماته ما زالت اليوم وهّاجة قوية تقول لنا : ثقوا أنا غلبت العالم لا بالسيف، والحقد، وإنما بسر المحبة، سر الفداء على الصليب، الذي أصبح اليوم إعلاناً لكل من يعطش للسعادة في العراق، لكل من يتوق إلى الطمأنينة والأمان والمحبة، لكل من يبحث عن معنى لحياته في هذا البلد الجريح المضطرب العاجز عن اعطاء الراحة والدفء والحنان والتسامح.
انه حب جديد وعجيب لم يعرفه العراقيون من قبل، ليس كحب الأب لأبنه، أو الصديق لأعز أصدقائه، أو الحبيب لحبيبته، أنه أعظم حب، يلمس القلب ويشفي الأعماق، يبدد اليأس، يمنح السلام والأمان والرجاء في ربوعه.

الراهب آشور ياقو البازي

7
مخطوطة قديمة ونادرة وهي عبارة عن صلاة الصباح التي تتلى في يوم تذكار الربان هرمزد القديس
يرجى فتحها بالنقر على الماف الاتي:
www.ankawa.com/pdf/salat_rahib.pdf

الراهب آشور ياقو البازي

8
مراسيم تخرج في كلية بابل الحبرية للفلسفة واللاهوت

جرت مراسيم حفل ختام السنة الاكاديمية 2006 – 2007 لكلية بابل الحبرية للفلسفة واللاهوت نهار الخميس الموافق 28 / 6 / 2007 على قاعة جمعية الثقافة الكلدانية في عينكاوا – اربيل.
حضر هذه الاحتفالية المطران مار جاك اسحق عميد الكلية والمطران مار بولس فرج رحو راعي أبرشية الموصل الكلدانية والمطران ميخائيل مقدسي راعي أبرشية القوش، والأنبا جبرائيل كوركيس الراهب الرئيس العام للرهبانية الأنطونية الهمزدية، وسعادة السيد لويجي اورسني ممثل وزراة الخارجية الايطالية والسفارة الايطالية في بغداد والاستاذ يوسف عزيز م معالي وزير مالية اقليم شمال العراق الاستاذ سركيس اغاجان، والسيد فهمي سولاقا مدير ناحية عينكاوا، والسيد بولس رئيس جمعية الثقافة الكلدانية في عينكاوا، وعدد كبير من الاباء اكهنة والرهبان والراهبات وذوي الطلبة الخريجيين واصدقاء الكلية.
وقد اطلقت على هذه الدورة ( دورة شهداء الكنيسة ) تخليداً لذكرى شهداء الكنيسة الذين سقطوا في الاوانة الاخيرة، وكان آخرهم الشهيد الماسوف على شبابه وعلمه القس رغيد كني.
ألقى عميد الكلية المطران مار جاك اسحق في مستهل الاحتفالية كلمة رحّب فيها بالحاضرين، وبيّن أن ما ميّز هذه السنة الاكاديمية من الصعوبات الجمة التي اعترضت مسيرة الكلية بسبب الاوضاع الأمنية الحرجة السائدة في بغداد، ومن ثم انتقال نشاطات العام الاكاديمي الحالي إلى عينكاوا.
ثم قرا القس سامي الريس، كلمة أرسلها غبطة أبينا مار عمانوئيل الثالث دلّي بطريرك بابل على الكلدان، الرئيس الكنسي الأعلى لكلية بابل، شكر فيها العناية الربانية التي حافظت على هذه المؤسسة المباركة رغم الظروف الصعبة القاسية التي تمر فيها الكنيسة في العراق.
تخللت الاحتفالية تراتيل وأناشيد ادتها جوقة الكلية، ومن ثم توزيع شهادات التخرج للطلبة الذين تخرجوا هذا العام وهم كل من

الشماس الإنجيلي لؤي كليانا
الشماس الإنجيلي ريمون حميد
الشماس الإنجيلي وسيم صبيح
الشماس الإنجيلي رائد عادل
الشماس الإنجيلي سلار سليمان
الشماس الإنجيلي نهاد صبيح
الشماس الإنجيلي عمار عبدالله
الشماس الإنجيلي مازن ايشوع
الراهب اشور ياقو البازي
الراهبة سمر كامل قلب يسوع
المهندس نسيم سليم
الدكتور رائد ديشو
مع فائق الشكر
الراهب اشور ياقو البازي

للتهانى انقر هنا

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,101862.msg2634209.html#msg2634209




صفحات: [1]