عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - علي سيدو رشو

صفحات: [1]
1
ماذا كان يجب أن يكون بعد الحريق في 4/6/2021؟
عصر يوم الجمعة في 4/6/2021 وبعد سبع سنوات عجاف من النزوح المريب عقب الهجوم الإرهابي لعناصر دولة الخلافة الاسلامية في 3/8/2014، شبّ حريق هائل في مخيم شاريا للنازحين الإيزيديين الذي التهم في غضون ساعات 370 خيمة تعود ل 1400 مواطن نازح منذ سبع سنوات ل 184 عائلة. فالحريق حصل لأي سبب كان، سواءاً كان بسبب خطأ بشري أو لعدم وجود متطلبات الأمان ولكن نحمد الله على أنه لم تكن هنالك ضحايا بشرية. وكما هو معروف عن شعب كردستان الطيب فإن المساعدات وإمداد يد العون كان في الميدان وهو موقف لا يمكن نسيانه.
لقد استمعنا إلى شهادات حية موقعياً من النازحين على مختلف توجهاتهم وكانت جميع تلك الشهادات تعبر عن الشؤم وفقدان الأمل في الحياة والمستقبل وعدم الامان، ليس بالقتل الفني فقط وإنما بالاساليب التي تعوّدهم على تقبل المهانة والتعويد على تلقي المساعدات بما يجعلهم قانعين بالسلوك اليومي المشؤوم. فالذي تعلمته من تجربة الحياة هو أن الإنسان يتعلم من الدروس ومعاناة الحياة، خاصة إذا كانت المعاناة قاسية ومؤلمة بحجم غزوة داعش في يوم 3/8/2014 أو كما هو مع اندلاع هذا الحريق الذي لا يقل مغزاً وفحوى عن تلك الكارثة، إلا أنه وعلى ما يبدو فإن التعّلم من الدرس لا يزال يراوح في محيطه السابق وسوف لن يتعدى أيام وينتهي كل شيء وهو ما يراهن عليه الآخر.
فالذي حيّرني هو هذا القرار السريع بإعادة إنشاء مكان تلك الخيم بالبلوك وذلك عِبر لقاء السيد حازم تحسين بك وبابا شيخ من غير أي تواجد أو على ما يبدو من غير موافقة أحد من البرلمانيين الذين يمثلون الشعب في مصيرهم. أو حتى من غير تواجد أي مسؤول إيزيدي سياسي أو رئيس عشيرة أو من ممثلي المجتمع المدني، وإنما بناءاً على دعوة عدد من الناجين لشدة معاناتهم والالم الذي اعتصر قلبهم لينطقوا بهذه العبارة التي لم تكن في وقتها بأفضل منها لكي ينطقوا بها. فكان يجب عدم التسرع في إتخاذ أي قرار خاطيء آخر إلا بعد الدراسة والتأني للاسباب الاتية:
1.   كان يجب أن يتم حث الشعب الايزيدي على التعاون والتكافل لمد يد العون بمناشدة انسانية من قبل شيخ علي بابا شيخ بإيواء المتضررين على وجه السرعة وأمتصاص محنتهم، وهذا ماحصل ولله الحمد.
2.   مناشدة الايزيديين والخيرين بالتبرع وجمع التبرعات في صندوق خاص وتوزيعها على المتضررين بما يناسب حجم الضرر الذي وقع عليهم، هنا لا أعني الضرر المادي (المبالغ التي حرقت وإنما التعاون الذي ينتشلهم من العوز بحيث يكفيهم لحد ما يحصل موقف معين)، وهو ماحصل ايضاً ولله الحمد.
3.   الدعوة لعقد اجتماع مشترك للمجلس الروحاني والبرلمانيين الايزيديين ورؤساء العشائر والنخبة المثقفة ومن المتضررين من بين الذين أحترقت خيمهم لتدارس تداعيات هذا الحريق والخروج بقرار موضوعي ومن خلاله بالضغط على الحكومة العراقية وحكومة الأقليم بحل مشكلة النازحين والتعجيل بإعادتهم إلى أرض سكناهم الأصلي.
4.   الأبتعاد الكلي عن المطالبة بإنشاء مكان الخيم بالبلوك وإنما أستثمار الواقعة في سبيل العودة والاستقرار في سنجار التي ليس لها بديل مهما طالت فترة البقاء حتى ولو بنوا لهم قرى من ذهب.
5.   تشكيل وفد رسمي من البرلمانيين والحقوقيين الايزيديين وممثل عن يزدا وممثل المجلس الروحاني وممثل عن محافظة نينوى وممثل عن الضحايا بزيارة البرلمان العراقي ورئيس الوزراء ومن ثم زيارة رئاسة أقليم كردستان العراق لطرح الالية الافضل لابعاد الناس عن هذه الكوارث اليومية للشعب الايزيدي الذي لم يعد ينفك من الابادات المتتالية.
الروابط التالية تفسر مدى الخراب الذي حل بهم بعد هذا الحريق الذي قد يتكرر في أي مخيم وفي اية لحظة . نتمنى من الله أن يحفظ شعبنا من كل مكروه.
  https://www.facebook.com/muradalohako/videos/987179038489249
https://www.facebook.com/hassan.nawaf.9/videos/2890309821249666
https://www.facebook.com/Ezidi24.news/videos/1009932456412046
علي شيخ سيدو
المانيا في 7/6/2021

2
جينوسايد الإيزيديين في الميزان (كوجو نموذجاً)
في الرابع من شباط 2021، كان يوماً ليس ككل الأيام، بل كان يوم الأيام عندما تم في بغداد تشييع رفاة 104 جنازة لضحايا مجرمي العصر (عناصر دولة الخلافة الاسلامية المعروفة اختصاراً بداعش)، بعد أن تم تدقيق فحصها من قبل الامم المتحدة بحضور رسمي وشعبي مهيب حضره الدكتور برهم صالح رئيس جمهورية العراق والسيد مصطفى الكاظمي رئيس مجلس وزراء العراق وجمع غفير من الوزراء والبرلمانيين واعضاء السلك الدبلوماسي والشخصيات الرسمية وممثلي المنظمات الدولية والامم المتحدة في سابقة فريدة في تاريخ إبادات الإيزيديين. فكان للموقف صورة ليس ككل الصور ومنظر ليس كما هو بقية المناظر المألوفة من حيث الحضور والرهبة (رفاة الشهداء، صور المسؤولين، الحضور الايزيدي المهيب، جوقة الأرامل، أخرى لأولاد الشهداء الايتام، زوجات وامهات وبنات الشهداء ولكل منهم ألمه وحزنه، منهم مَن أظهر حزنه علانياً ومنهم مَن كبتها ليفجرها على قبور أحبابهم يوم يدفنونهم في مثواهم الأخير.
أما الشق الثاني من مهابة الموكب فهو محطتهم الأخيرة، العودة بهم إلى حيث تم الغدر بهم ظهر يوم 15/8/2014. هنا بدأت وبانت حقيقة الحقائق التي قد لا يعرفها الكثيرين وخاصة عندما بدت بعض القبور بدون زوار بعد الانتهاء من دفن الرفاة وبكل حسرة نقولها بأنه لم يبقَ من أصحاب هذه القبور أحد لكي يزوهم ويبكي عليهم سوى هذا الجمع الذي أصبح شاهداً على عصر لم تألفه البشرية حتى في وقت أعتى الدكتاتوريات في العصور الغابرة. فكانت لوحات تعبر عن دراما الهية  لأرواح بريئة تنادي العرش العظيم وتسأل: بأي ذنب قٌتِلنا!! وبأي ذنب مثلوا بنا، حيث لم نكن طرفاً في ميزان سياساتهم أو كنا نمثل ثقلاً على كاهلهم سوى أننا نختلف عنهم في العقيدة.
مهابة الاحتفال كانت لائقة بحجم الضحايا في كل من بغداد وسنجار (كوجو).  والكلمات هنا لا تكفينا للتعبير عن حجم الكارثة بالفرح تارة لأن أرواحهم ستنادي ربها الرحيم بأن تنتقم لهم ولعوائلهم وبراءتهم. وبالحزن تارة أخرى لفقدانهم لحياتهم التي كانت ليست ملكاً لهم فقط لكونهم آباء وأبناء وأجيال. لذلك كانت هذه السمفونية الالهية تمثل درساً بليغاً لمن يرعوى ليرى بأنه كان من الممكن أن تكون هذه هي نهاية الايزيديين حيث كان المخطط له، ولكن عزيمة الاخيار من الايزيديين كانت لهم بالمرصاد وحطمت غرورهم وأوقفهم عند حدهم وتجاوز الايزيديين حدود المعقول في الدفاع عن قضيتهم بحيث غزوا واقتحموا القلاع الحصينة التي انهارت أمام جبروت وقوة الايزيديين في جعل جينوسايدهم يزهو ويزدهر ويثمر من جديد عندما قاد السيد نايف جاسو وتجاسر ولم يكتفِ إلا بعد أن حقق ما أراد له من استحقاق يتناسب وحجم الكارثة.
فكان لهذا الموقف إعادة لكرامة الإيزيديين وكرامة الشهداء وحرائرهم وايتامهم وامهاتهم وبناتهم. وكانت إعادة لإرواء جذور شجرة الوجود الإيزيدي في سنجار بدماء كوكبة الشهداء وجَلَد وصبر وكفاح ونضال الإيزيديين لتخضر وتثمر وتتأقلم مع الواقع من جديد. وهنا نثمن عالياً كلمة الفاضلة نادية مراد عندما قالت: أي واحد حافظ على مقبرة جماعية يدعي بأنه له الحق في البقاء والمشاركة مع الايزيديين في أرضهم. كما نثمن عالياً ختام كلمة السيد نايف جاسو عندما قال : (أنا أتحدث إليكم وأمامي رفاة 104 شهيد من عائلتي وأقربائي وأهل قريتي، أيها الإيزيديين أفديكم بروحي بأن تكونوا يداً واحدة وأن تنسوا خلافاتكم فيما بينكم). هذه العبارات والكلمات المختارة هي بمثابة رصاصات في قلب العدو فيما لو تحققت على أرض الواقع. وهذا الذي يتخوف منه الآخر كي لا يتحقق، وعليكم أن تبحثوا عن تفكروا فيها أيها الوجهاء في سنجار.
فنقول بأن يرحم الله تلك الأرواح البريئة، وأن الشكر موصول لكل من ساهم وشارك في تحقيق تلك السمفونية وقدم المساعدة سواء كانت فنية أو مادية أو اعتبارية. ونشكر فخامة رئيس الجمهورية ودولة رئيس الوزراء لرعايتهما الكريمة لهذا الاحتفال الذي يليق بهم ليكونوا مسئولين عن مواطنيهم ومشاركتهم في محنتهم. كل العرفان لموقف السيد نايف جاسو والسيدة نادية مراد ومَن معهم في هذه المساعي الذين ناضلوا على مدى  سنوات لحين أن حقق حلمهم بإعادة رفاة اهلهم ليدفنوهم في أرض الحلم، أرض اجدادهم. وهنا نحث السيدات والسادة في أن لا يبقوا مكتوفي الأيدي تجاه رفاة البقية من شهداء المقابر الجماعية في كل مكان من أرض سنجار الطاهرة، لأنهم هم مَن رووا أرض سنجار بدمهم الطاهر وليس غيرهم. ومن الله التوفيق   
علي شيخ سيدو/ المانيا في 10/2/2021


3
هل كانت ولادة مجلس إيزيدي في سنجار ضرورة تاريخية؟
مع ولادة السنة الجديدة وبالتحديد في 8/1/2021 تم الإعلان عن تأسيس مجلس إيزيديي سنجار من على قاعة المناسبات في شرفالدين بحضور محفل كبير من وجهاء ومثقفين ورجال دين وممثلين عن النساء والشباب من مختلف التشكيلات الاجتماعية. فبعد الفرمان الأخير في الثامن من اب/2014 والمستمر لغاية الان، كان الواجب يقتضي القيام بمثل هذه الخطوة منذ الايام الاولى بعد الغزو، أوقبل ذلك بأيام لضرورات ذات طبيعة تاريخية مرتبطة بتاريخ الابادات التي سبقت هذه الأخيرة. وفي هذا الصدد لابد من التعرج على تحليل بعض الفقرات التي وردت في البيان الختامي للمجلس.
أولاً: أشار المجلس في بيانه التأسيس على أنه مجلس سياسي واجتماعي وديني، ومن حيث المبدأ فإنه من الصعب التوفيق بين هذه المباديء في بوتقة واحدة، إن لم يكن مستحيلاً إلاّ في الواقع الإيزيدي الذي دوما يجمع ما بين هذه المباديء حتى في التعامل مع أبسط مقومات الحياة لما لضرورة أرتباط وتداخل هذه المرادفات في بعضها البعض.
ثانياً: أشار البيان التاسيسي إلى أن ولادة هذا المجلس جاء بناءاً على الأزمة التي يعيشها العراق واقليم كردستان والشرق الاوسط وتنامي خطابات الكراهية وسياسات الاقصاء وهيمنة فكر الاستئصال والتصعيد والسياسات اللامسؤولة التي دفعت بالايزيديين إلى تأسيس هذا المجلس. وإني إذ أقول بأنه ضرورة بسبب الأزمة التي يعيشها الشعب الإيزيدي في خطابه الاجتماعي والسياسي والروحاني قبل غيرهم. لذا فإن هذا التشخيص إذ يضع الأمور في نصابها إذا ما رافق ذلك استمرارية الفعل الميداني مع هذا المفهوم والثبات على الثوابت مع ترك هامش مهم للمناورة مع المستجدات بقيادة كفوءة مستقرة لا تخضع للابتزاز.
ثالثاً: المجلس هو مشروع فكري وسياسي وحضاري شامل، يلمس هويتنا وقضيتنا وخصوصياتنا الدينية والاجتماعية والثقافية...هنا سنركز على الهوية كشاخص يميز شعب ما عن الأخر، أو مجتمع عن الآخر. هنا نسأل، كيف سيكون تعامل هذا المجلس مع السياسة الكردية في مفصل الهوية كعنصر يميز هذا عن ذاك؟
فإننا إذ نبارك ولادة هذه الفكرة، إلا أنها ستحتاج وقفات ودراسات وزيارات لشرح الكثير من النقاط الغامضة، وخاصة فيما يتعلق بالمسألة القومية لأنها تعتبر الحجر الأساس في مشكلة الإيزيديين في كل من العراق وسوريا وتركيا على وجه التحديد. وعليه نوى بأن المجلس أصبح ضرورة للاسباب التالية
1.   لضرورة توحيد مجتمع سنجار من هذا التشتت وإعادة ثقته بنفسه بأنه هو الذي أعاد سنجار إلى الحضن وليس غيرهم وبأنه مجتمع حي رغم كل الهفوات التي فاقت طاقتهم في التعامل معها بسبب الملابسات التي رافقت ظروف خلقها. هذا التوحيد يجب أن يكون على اساسين هما: 1. الجانب السياسي المتمثل في الدعوة للجهات السياسية للاجتماع والتوافق على صيغة سياسية مشتركة برؤية مستقبلية و 2. الجانب الاجتماعي المتمثل في الوضع العشائري ومحاولة لم الشمل وترك الخلافات الشخصية جانباً تقديراً لضحايا الإبادة الجماعية التي كنست الجميع بنفس المقدار والمعادلة.
2.   جاءت ولادته كرد فعل لتدخل الحزب الديمقراطي الكردستاني على وجه التحديد في أختيار (الامير حازم) وبابا شيخ فيما بعد على الرغم من معارضة الايزيديين لهما، ليس لشخصيهما ولكن بسبب ذلك التدخل العلني وعدم احترام ارادة الايزيديين في اختيار رموزهم (الامارة وبابا شيخ).
3.   الوقوف الكردي الدائم أمام أي طموح إيزيدي في التعبير عن رؤاهم السياسية سواء مع حكومة بغداد أو على المستوى الاقليمي أو العالمي. وكذلك الموقف مع حكومة بغداد التي غضت الطرف عن مأساة الايزيديين بكل مراحلها منذ سقوط النظام ولغاية الان.
4.   تعطيل عودة النازحين الايزيديين وإهانتهم بالشكل المعروف لسبعة سنوات عجاف والتلاعب بجغرافيتهم بعدما دخل حزب العمال الكردستاني كعبء إضافي لمحنة الإيزيديين وبدعم غير محدود من (حكومة بغداد). فقد كان هذا الحزب يحلم بجبل سنجار منذ عشرات السنوات لتعزيز نضالهم وتواصله مع شمال وشرق سوريا حيث الوجود الكردي المتمركز والمؤيد لذلك الحزب. وقد أتتهم الفرصة على طبق من ذهب وركزوا منذ اليوم الأول على البقاء والاستحواذ على سنجار الذي يعد لهم عمقاً أساسياً واستراتيجياً.
5.   ظهور مسرحية طريق السبايا للتمهيد للمد الشيعي عِبر سنجار إلى الشام وجعلها طريقة عقائدية للسيطرة على المنطقة بتغيير خارطة جبل سنجار الذي يعتبر عماد أساس الابقاء على الوجود الإيزيدي عبر الزمن.
6.   طريق الحرير ومشمولية سنجار بجزء منه، وكذلك طريق معبر أوفاكوي الجديد بين العراق وتركيا الذي يعبر من تلعفر والموصل ليغذي باقي محافظات العراق، حيث يعتبر هذا الطريق من الناحية السياسية والاقتصادية عائقاً لعزل سنجار عن طموح مطالبة الكرد بظم اقليم سنجار إلى أقليم كردستان.
لهذه الاسباب وغيرها جاء تشكيل هذا المجلس كضرورة تاريخية وعلى القائمين عليه عدم إدخار أي جهد لبذل أقصى الجهود لطرح الفكرة على الشعب الايزيدي بكافة اطيافه وتشكيلاته والاستئناس بجميع الاراء وخاصة النخبة لكي يخرجوا بمحصلة يمكن الركون اليها واعتبارها نقطة تلاقي لمختلف الخطوط. والله الموفق
  علي شيخ سيدو
المانيا في 21/1/2021

4
إتفاق سنجار من وجهة نظر مواطن سنجاري!!
الأتفاق (أي أتفاق)، الذي يحقق ولو جزء بسيط من معاناة الناس لهو شيء إيجابي ومٌرَحب به من وجهة نظر الجانب الإنساني كما هو في حال الرأفة بمعاناة نصف مليون مواطن مشرّد منذ ست سنوات يأن تحت ظروف لا تطمأن العدو قبل الصديق. والأتفاق يصبح اتفاق عندما تتم مشاركة فعالة من أطراف المشكلة الأساسية، حيث أن الأتفاق حصل من وجهة نظر الدولة الاتحادية والاقليم بدون أن يكون لأهل الضحايا مشاركة أو حضور أثناء التوقيع، وهو من المآخذ الأساسية على مستقبل الاتفاق ويضعه في حرج إذا لم يحقق الحد الأدنى من متطلبات النجاح بما يؤمن تحقيق رغبات طرفي المشكلة. أو أن يكون هنالك وسيط وبالتالي فإن هذا الوسيط أو الوسطاء قد درسوا احتياجات الطرفين الرئيسيين ومحاولة تحقيق توازن فيما بين تلك احتياجات الأطراف المشاركة.
صحيح أنه من مسؤولية الدولة أن تراعي حقوق مواطنيها، وهي ستمضي في طريقة إنجاح الإتفاق مهما حصل، أما الدولة التي تصبر على نزوح هذا العدد من مكون معين من مواطنيها ولازالت منطقة سكناها تعيش هذا الظرف المرتبك سياسياً وأمنياً وإدارياً لتأتي وتتفق مع طرف ساهم وبشكل فاعل في تلك الفجيعة دون أن تراعي ظروف المنطقة التي لازالت تنزف وتتفاعل فيها تداعيات وآثار تلك الجرائم دون أدنى حل ولو بالمبادرة لمصالحة وطنية ومجتمعية ودون محاسبة قانونية لجميع الذين ساهموا بشكل مباشر في تلك الجرائم، لهو اتفاق مبتور في الكثير مما كان على الطرفين مراعاته، ومن جانبنا نرى.
1.   لازال هناك أكثر من 2500 مواطن ومواطنة إيزيدية في قبضة مجرمي داعش وموزعين على العديد من البلدان دون أن تكلف الحكومتين نفسيهما بالبحث عنهم ولو بالتواصل مع الجهود الدولية أو تشكيل غرف عمليات للبحث والاستفسار عن الدول التي تتواجد فيها تلك الضحايا،
2.   على الرغم من أن الاتفاق بحاجة ماسة إلى المحاور الثلاثة المذكور في الاتفاق، ولكن أن تختزل معاناة الإيزيديين في تعيين 2500 منتسب دون النظر إلى المشكلة ككل، لهو استخفاف متدني بحجم الجريمة والتغطية على الكثير من الجوانب الاساسية التي كان يجب توضيحها للرأي العام في الاتفاقية، وبالتأكيد ستكون قيادة هذه الملاكات إما من جهة كردية أو عربية بحجة أنه لا يوجد إيزيدي مَن يقود الجانب الأمني لأنه عبارة (بالتنسيق) وردت في كل سطر يخص جميع الشؤون وبنود الإتفاق.
3.   ذكرَ السيد مستشار رئيس الوزراء الدكتور هشام داود بأنه حصلت تراجيديا انسانية في هذه المدينة دون أن يعرج على "ماذا حصل من جانب الحكومات المتعاقبة حول محاسبة أو معاقبة ولو شخص واحد من المسئولين عن تلك التراجيديا المفجعة"، لترجع وتتفق مع طرف أساسي في تلك التراجيديا وتعتبره نصراً لعودة الامان دون مراعاة لمآسي الضحايا والخشية من عودة الاحوال إلى سابق عهدها بسبب "كلمة التنسيق مع....". الذي فيه من الضبابية ما هو غير معروف، وما يمكن أن يمرر تحت كلمة التنسيق دون علم الضحايا.
4.   كان المفروض أن تعالج الكثير من القضايا قبل الاتفاق (المقابر الجماعية، تنظيف المنطقة من مخلفات المتفجرات وتأهيل القرى وتعويض العائدين ومعالجة الوضع الاداري وإنهاء الوجود المتعدد للجهات الفاعلة ليأتي الاتفاق على أرضية سليمة تطمأن المواطن العائد على أنه في داره دون خوف من تكرار الفواجع، لا أن يُبني الأتفاق على أرضية رخوة لا تتحمل أي بناء سليم.
5.   وجود قوات حزب العمال الكردستاني في سنجار بمساندة الحشد الشعبي وبتمويل حكومي من بغداد يعتبر العقبة الكبيرة أمام الأتفاقية لعدة اسباب: 1. حيث أنهم غيّروا ديمغرافية جغرافية جبل سنجار كطبيعة، حيث الأنفاق والمخابيء والمخازن وغيرها بحيث المواطن الايزيدي لا يستطيع ممارسة اعماله في الجبل الذي يشكل جزءاً أساسياً من الدخل القومي الإيزيدي. 2. زرعوا أيديولوجية غريبة في نفوس الايزيديين الذين كانوا بعيدين عن هذه الافكار التي لا توافق الطبيعة الروحية للإيزيديين. 3. اعطوا المبرر للقوات التركية بقصف سنجار مرات عديدة مما ساهمت بشكل فاعل في عدم عودة النازحين إلى محل سكناهم. 4. تجنيد المئات من الايزيديين بمن فيهم القاصرين في معسكراتهم دون مراعاة الطفولة ورغم مطالبة أهالي لأبنائهم دون أي أعتبار اجتماعي او قانوني.
6.   كان المفروض أن يسبق هذه الاتفاقية معالجة لبعض الظروف الموضوعية الخاصة بالمعتدين وجلب الجناة للمحاكمة أو الإعلان عنهم، على الاقل، لتتعرف ذوي الضحايا على اجراءات الحكومة لتتم المصالحة المجتمعية مع البقية من المحيط العربي والكردي من الذين لم تلطخ ايديهم بدماء الايزيديين وسبي نسائهم.       
هذا الذي نراه كان يجب أن يسبق أي أتفاق حتى مع الضحايا من أهل المنطقة من جميع المكونات التي تشكل النسيج العام لمجتمع سنجار. ومع جميع المآخذ فإننا نعتبر الاتفاق افضل من أن لا يوجد لأنه سيعطي الحق لرجوع الاهالي إلى قراهم وبيوتهم ورمى بالحجر في البركة لتٌحرّك الوضع الساكن منذ ما يقرب من سبع سنوات. آملين أن ينتهي هذا الوضع لتعود الناس إلى محل سكناهم امنين مطمئنين. مع خالص تحياتنا
علي شيخ سيدو/ المانيا في 17/10/2020

5
جينوسايد الإيزيديين في سنتة السادسة!!
بعد أيام قلائل، 3/8/2020 ستحل علينا الذكرى السادسة لجينوسايد الإيزيديين الذي وقع على راسهم كالصاعقة، وسوف تجدد هذه الفاجعة علينا بفتح جراحات تلك التراجيديا المأساوية كحملة إبادة شهدت عليها فيديوهات وإعلام داعش نفسه بحيث لا يحتاج الأمر أكثر من إعادة بعض تلك الفيديوهات للوقوف على حجم ما أرتكبه ذلك التنظيم المسخ بحق الأبرياء الإيزيديين في سنجار.
فبعد ست سنوات لازال الحال كما هو عليه من حيث بقاء النازحين في مخيماتهم. ولازالت العوائل تكافح بجانب المأساة ظروف القهر والحرمان من أبسط مقومات الحياة اليومية. كما ولازالت هنالك أكثر من 2500 طفل وإمراة بيد تنظيم داعش الاجرامي، ناهيك عن المقابر الجماعية والازدواج الاداري والتدخل الدولي والاقليمي وتغيير تركيبة جبل سنجار اللوجستية والهيكلية والخوف من المستقبل المجهول. كل هذا والجميع تنهش في جسم سنجار وكأنهم لم يصلوا بعد إلى مبتغاهم في نهش جسد سنجار وجبله الشامخ الذي بات محل تنافس جهات محلية واقليمية ودولية. 
لقد خطط من جاءوا بداعش لإنهاء الوجود الإيزيدي من العرق، وهم قد أفلحوا في جزء من مخططهم لولا جبل سنجار وهمة وشجاعة الإيزيديين الأبطال. ولو نفحص فحوى هكذا تخطيط، سنرى فيه الكثير الذي ينم عن أتفاق محلي مع محيط أقليمي وبإهمال دولي وكأن هذه المجموعة البشرية المسالمة هي سبب مآسي هذا الكون الاحدب في منطقة الشرق الأوسط. فنحمد الله أولاً، على أن هذا التنظيم المسخ قد هٌزِمَ على أيدي الإيزيديين الشجعان في ميادين المعركة بالرغم من الفارق الكبير في العدة والعدد والامكانيات، إضافةً إلى ما قامت به مجموعة من الناجيات العفيفات على مستوى السياسة وحصد الجوائز الدولية والحصول على اعترافات الكثير من البرلمانات العالمية على أن ما حصل للإيزيديين هو جينوسايد لتكامل جميع أركان الجرائم ضد الانسانية وجرائم حرب وجرائم الإبادة الجماعية. عليه وبأسم الضحايا والنازحين والمفقودين نناشد الحكومة العراقية والمنظمات الدولية بأن يأخذوا دورهم المطلوب في:
1.    إنهاء محنة هذا المكون الاصيل من شعوب الأرض بالرجوع الآمن إلى بيوتهم بعد سنوات النزوح والتشرد.
2.   تخصيص ميزانية خاصة لإعادة الحياة إلى قراهم وتعويضهم ماديا ومعنويا ليشاركوا، كما كانوا، في إحياء مناطقهم لتأمين مستقبل اجيالهم في الحياة الكريمة.
3.   إنهاء هذه الازدواجية الإدارية بين المركز والاقليم للقضاء على السبب الحقيقي وراء المشاكل التي يعاني منها المجتمع.
4.   أن تعمل الحكومة المركزية على إيجاد حل سياسي بين الجهات السياسية المختلفة الأهداف على أراضي سنجار وإنهاء المبرر الاساسي للقصف التركي الذي يرهب الايزيديين في العودة والاستقرار فيها. فوجود صراع بين جهات سياسية مختلفة الاتجاهات يعتبر عائقاً اساسياً لاستقرار الإيزيديين لأن ذلك يعرقل عودة الأهالي وممارسة نشاطاتهم في الزراعة والرعي وتربية الحيوانات والتنقل بحرية وتعطي المبرر للتدخل التركي المستمر والخشية من أن تعود بالضرر على جبل سنجار.
5.   العمل على وضع الية بتحسين الوضع الخدمي من بٌنى تحتية في مجال تنظيف المنطقة من بقايا المتفجرات وتحسين الوضع الصحي والتعليمي وبقية الخدمات التي لها مساس مباشر بحياة الانسان.
6.   مطلوب من رؤساء العشائر ورجال الدين والسياسيين الإيزيديين في سنجار بالجلوس مع ممثلي اليبكة والتفاهم معهم على الية لمستقبل واستقرار الإيزيديين في مناطق سكناهم لأجل العودة الآمنة من مخيمات النزوح.
علي شيخ سيدو
المانيا في 26/7/2020   

 

6
إلى/
 منظمة العفو الدولية/المانيا
منظمة الشعوب المهددة بالانقراض/ المانيا
مجموعة الاقليات في العالم/ لندن
م / الشاب خالد شمو سرحان في ميزان العدالة
هل أن قضية الشاب خالد شمو سرحان ستعمل على أن تكون كفتي ميزان العدالة وحقوق الإنسان في العراق متساويتان؟ هذا ما سنراه في قادم الايام.
ففي الثالث من اب 2017، تعرض شخصين من عشيرة الجرجرية "إحدى أقليات العراق الكردية"، إلى اطلاق نار في منطقة قريبة من الحدود السورية على الجهة العراقية ما بين منطقتي بارة وخانصور العراقيتين مسببةً مقتل أحدهما وجرح الآخر بعدة اطلاقات نارية، نٌقِلَ الشخص الجريح على اثرها إلى مستشفى في الحسكة للمعالجة حسب ادعاء والد الشخص المقتول والعديد من المتصلين بهم على أرض الواقع. معروف أن هذه المنطقة لا تخضع لأية سيادة من العشائر الايزيدية منذ الثالث من اب 2014 ولحد الان وإنما تتبع نشاط قوات حزب العمال الكردستاني (البككة).
المفروض بالقضاء أن يكون مع الحق والتقصي عن جميع الجوانب المتصلة بالقضية من خلال جمع الادلة والاستماع الى شهادة الشهود من الجانبين وبشكل محايد لقطع الطريق على الملابسات التي قد تنجم عن التدخلات العشائرية والفئوية والاثنية لأن القضية تتعلق بحياة إنسان لم يكتمل سنه القانوني وقتذاك وهو ينتمي إلى شعب جريح لايزال ينزف دم الجريمة النكراء على اثر هجوم داعش الارهابي في الثالث من اب 2014. هنالك عرف قضائي يقول "الشهادة على مَن إدعى واليمين على مَن أنكر"، ولكن في هذه القضية فإن لكلا الجانبين شهودهم على اختلاف التوجهات.
الشاهد الوحيد المعروف من جهة الضحايا هو الشخص الذي تعرّض إلى إطلاقات نارية وجٌرِح في تلك التراجيديا وهو في هول الصدمة في تلك اللحظة ويدعي بأنه شاهد خالد شمو قيراني لابسا زيا عسكريا خاصا بعناصر البككة وهو من منطقة بارة. هذا الادعاء يوحي بأنه هنالك معلومات منقولة بشكل غير صحيح لهذا الشخص الا وهي: أن خالد هو من عشيرة القيران ومن مجمع الجزيرة وليس من منطقة بارة، كما وانه بحسب جميع أهل المنطقة فإن خالد لم يشارك في اي نشاط حكومي او عسكري او وظيفي ولم يكن يحسن قيادة السيارة ولم يمتلك اية عجلة.
في المقابل هنالك شهود بالعشرات من عامة الناس ومن مختلف الاديان ومن سلك الشرطة تدعي بان الشاب خالد كان متواجدا في الحفل التابيني لكارثة الايزيديين في سنجار في ذلك اليوم 3/8/2017 وتم اعتقاله من قبل الشرطة كونه كان يصور ذلك الحفل واقتيد إلى مركز الشرطة في مخيم قاديا في زاخو شمال العراق في ظهر ذلك اليوم وتم الافراج عنه بعد ساعات من اعتقاله وأن الفيديو الذي نشر على صفحات المواقع الاجتماعية وصحيفة بحزاني نت من قبل الشاب السرحوكي ادريس موسى حسين (المسلم) لهو دليل قاطع على أن هذه التهمة هي تمثيلية غير موفقة الاخراج. الرابط التالي يوضح ذلك   http://www.bahzani.net/2020/02/16/
وبما أننا لم نستمع إلى رأي المحكمة سوى قرارها المعّجل بالاعدام شنقاً حتى الموت، عليه فإنه يوحي بأن القرار هو اعدام للعدالة في قضية الشاب خالد شمو وإلا لماذا تهب كل هذه الجموع البشرية للدفاع عن هذه القضية لو لم يكن بريئاً؟ وأين تكمن مصلحة الجميع لتلتقي في قضية الشاب خالد؟ لماذا هذا الدفاع الاعلامي والعالمي والمحلي ومن مختلف الفئات والجهات والمنظمات والوكالات لحالة هذا الشاب وخاصة بعد مشاهدة الفيديو الذي يوضح التعذيب الوحشي له وهو في عمر الورود وبهذه البربرية المقيتة؟ https://www.facebook.com/112825723499230/videos/172545554171820/UzpfSTEwMDAzNDc5MjQ3ODA0NToyMjU5NzExNjg1NzI2MzE/
فيا أيها العقلاء من عشيرة الجرجرية بشوخها المعروف عنهم الحكمة والرشاد. ويا ايتها الحكومات النائمة  في حرير الفساد، ويا أيها الإيزيديون العقلاء اقطعوا الطريق على كل هذا بجلسة تشاورية لتتوصلوا بحكمتكم إلى حل لهذه المشكلة التي قد لا تٌحمَد عقباها فيما إذا تركت حبلها على جرار الفيس بوك والتهديدات المتبادلة من ناس لا تفقه ما تقول.
إننا بحكم كوننا نشطاء حقوق الانسان ولنا باع طويل في هذا الشأن، نناشد المنظمات المذكورة وغيرها من المعنيين بحقوق الانسان والمظلومين أن يقفوا على حالة هذا الشاب البريء وينصفوا قضيته دعما للعدالة والانسانية وحفاظاً على العدل والمساواة. والله الموفق
علي سيدو رشو/ ناشط مدني لحقوق الانسان ورئيس جمعية الصداقة الالمانية الايزيدية/ 16/2/2020

7
بوركت مسعاكم ايها الابطال شباب الجزيرة،
الشباب هم ذخر  الشعوب ومادة المستقبل والاجيال وخاصة إذا ما كانوا مبادرين، وها أنتم تكسرون طوق الخوف وتعيدون مجد الابطال الذين دافعوا بدمائهم عن تلك الأرض الجرداء. المبادرات هي التي تخلق الفرص والفرص تفتح الابواب على المستقبل وانتم في هذه الوقفة اثبتتم حيوية الشباب الايزيدي الغيور الذي ذاق الامرين في مخيمات النزوح التي باتت تفتح الابواب على قبول الذل والخنوع، وبهذا فإنه قد تكون مبادرتكم أن تصبح الاساس لتقتدي بها شباب بقية العشائر من دون الانتظار لأن تقودكم المخاتير ورؤساء العشائر.
لقد جربتم الحكومات والمسؤولين ووجدتم بانهم لن ينفعوكم في شيء سوى أن يهتموا بما يدر عليهم بسبب معاناتكم. لقد جربتم السياسيين والبرلمانيين والمثقفين والعشائر وجميعهم لم يستطيعوا إعادتكم الى الحياة لسبب أو لأخر. لقد جربتم كيف أنكم بسواعدكم قهرتم اعتى فصيل وجبروت داعش بالميدان وعلى مستوى العالم من خلال نضالكم الاسطوري (على الأرض وعلى مستوى العالم). اليوم وانتم تقومون بتنظيف مخلفات هذه الجماعات العاهرة التي خلفت السواد والجفاف وانتم تعيدون الحياة والخضار الى قريتكم واحسنتم عندما بدأتم بالمواقع الخدمية وتنظيف المدارس والمستوصفات والاماكن الخدمية العامة.
احسنتم عندما جددتم تجربة بعشيقة وبحزاني الى الحياة وشاهدتم كيف اعادوا الحياة الى قريتهم بسواعدهم واجبروا الحكومات والمنظمات الى الاعتراف بطاقاتهم وامكانياتهم الشخصية وكيف ان الانسان ليس لأمكتانيته حدود عندما ينهض ويقول كلمته في النضال سواء على مستوى الميدان أو في البناء او النهضة والنظر الى المستقبل. ففرص التاريخ لا تأتي كل يوم، ولا تأتي كذلك بالمجان وإنما يجب التضحية ببعض الشيء لكي تنعموا بالثمار والنتائج.
لقد تابعنا نشاطكم وعزمكم على التواصل وهو مبعث فخرنا وسرورنا بكم وبقدراتكم على التحديات التي تواجهكم. ويقينا ستجدون من يقف إلى جانبكم في هذه المبادرة، وبالتاكيد تنتظرون مَن يقف بجانبكم في هذه البادرة الطيبة وها نحن نقول لكم بأننا سنقف إلى جانبكم ونتمنى من بقية الشباب النزول إلى الميدان وضرب مثل في التضحية واستلام زمام المبادرة بايديهم لتقولوا كلمتكم في المستقبل. تحية من الاعماق وبوركت جهودم ونشد على ايديكم ونتمنى من الشباب في بقية القرى والمجمعات حذو حذوكم والبدء بالعمل من الان. 
علي شيخ سيدو
المانيا في 13/2/2020

8

مناشدة
كيف يمكن تشكيل لوبي ايزيدي فعّال!
إلى/
السيدة نادية مراد/ حاملة لجائزتي سخاروف ونوبل الدوليتين
السيدة لمياء بشار/ حاملة لجائزة سخارف الدولية
الدكتور ميرزا دنايي/ حامل لجائزة أوربا الدولية للأعمال الإنسانية في 19/10/2019
السيد بشير كورية / حاصل على جائزة العنقاء الذهبية الدولية للتسامح
الدكتور عرفان أورتاج/ رئيس المجلس الاستشاري المركزي الايزيدي في المانيا

م/ تشكيل لوبي ايزيدي فعّال
ايها السادة الكرام الأفاضل، بداية نهنئكم من القلب ونبارك لكم وللشعب الإيزيدي هذا التكريم بباقة ورد معطرة بتضحيات الملايين على أيدي عتاة العصر من الهمج الذين سعوا لنشر الظلام والرجوع بنا إلى عصور ما قبل الحضارة. هذه الجوائز القيّمة لم تأتِ نتيجة من الفراغ وإنما كانت حصيلة منطقية لجهود ومعاناة وتضحيات كبيرة في الوقت والمال والنفس والكرامة وعلى خلفية مواقفكم النبيلة والانسانية تجاه شعبكم والانسانية والمظلومين.
على الجانب الآخر فلقد أضافت هذه الجوائز معاناة ومسئوليات إضافية على كاهلكم ونحن نؤمن بقدراتكم على تشخيص الواقع والانطلاق به نحو الأمام وتفعيل معاني هذه الجوائز لتسخيرها في عمل مدروس وجهد مشترك لتكونوا الطليعة التي تأخذ على عاتقها مهمة كبيرة تستحق هذه التضحيات والجوائز والمراكز الاعتبارية التي حصلتم عليها. فمهما كانت قيمة هذه الجوائز المادية فهي لا تساوي دمعة سيدة وقديسة ايزيدية على فقدان عزيز عليها. أو معاناة سيدة ايزيدية تعاني من الأسر والتفريق العائلي أو معاناة البائسين في المخيمات التي على ضوء معاناتهم وباسمهم حصلتم على هذه التكريمات والاعمال النبيلة.
أملنا بكم كبير في أن تروا الايزيدية بعين الاعتبار وتقدير قيمة معاناتهم التي تسمو فوق القضايا والخلافات الشخصية، وتوحيد جهودكم بتشكيل لوبي عالمي يأخذ على عاتقه مهمة نقل رسالة ومعاناة الايزيديين إلى العالم بشكل ممنهج ومدروس لكسب رأيهم بالدفاع عن مظلومية قومكم. فلكم منا كل الاحترام ونبارك لكم ولشعبكم مرة ثانية ووفقكم الله في مسعاكم نحو تحقيق المزيد.

علي سيدو
المانيا في 31/10/2019



9
الإمارة الإيزيدية وأزمة الاختيار
إن الإمارة بالنسبة للإيزيديين، في رأيي، لها أهمية كبيرة لكونها الإمارة الوحيدة التي بقت على قيد الحياة من بين العشرات من الإمارات في العراق وتركيا وعموم منطقة الشرق ما عدا إمارات ومشيخات الخليج العربي. هذا ربما بسبب المدة الطويلة التي تربى على عرشها سمو الامير الراحل تحسين سعيد علي بك على مدى خمسة وسبعين عاماً. بعد رحيل تحسين بك إلى دار الحق وعدم تسميته لولي العهد أو اقتراح لتسمية شخصاً ما ليخلفه في الامارة، كنا نتوقع أن يحصل فيها تشظى أو خلافات وذلك لعوامل عديدة، منها ما يتعلق بالشأن الداخلي الإيزيدي ومنها ما يخص الشأن السياسي ومصالح الاشخاص والاحزاب وهذا ما حصل فعلاً وبانت النتيجة كما نراها على واقع الحال.
ففي السابع والعشرين من تموز 2019، تم تعيين الأمير حازم تحسين بك أميراً، وكالعادة على التسمية فهو الأمير لعموم الايزيديين في كردستان والعالم وليس في العراق والعالم. حيث لم يحضر جلسة (التتويج) التي طال الانتظار سوى بضع عشرات من نفس المحلة من قضاء الشيخان كما هو متوقع، وهو بالتالي ينفي صفة العمومية من (الأمير المعيّن) لأن غالبية الشارع الإيزيدي لم تتفق عليه https://www.kurdistan24.net/ar/news/678a9adf-54e6-4fd8-b4fc-7349c131174e وانما هو بهذا أصبح اميرا على الشيخان فقط لأن التتويج خلا من أهالي شنكال الذين تعهد الأمير حازم بأن يمثلوا 70% من المواقع في المجلس الروحاني وبقية المناصب ولكن العجيب فإنه لم يحضر الجلسة سوى 10% من أهالي شنكال في يوم التتويج وهو ما ينفي شرعية الامير في شنكال. هذا الأمر ينسحب على حضور وتواجد ايزيديي سوريا وتركيا ودول القوقاز وكذلك ممثلي دول المهجر وبالتالي فلا يحق للأمير في أن يكون أميرا سوى لقضاء الشيخان.

السيد نايف داود بك هو الآخر عيّن (اميرا) على شنكال من قبل مجموعة لا تمثل الطيف الشنكالي وبالتالي فإن شرعيته سوف لن تتعدى حدود نفس المجموعة التي حضرت حفل التتويج. فلو كان تعيين السيد نايف داود بك في مزار شرف الدين وبحضور ممثلي بقية العشائر الايزيدية ، خاصة وأن موقف مجتمع شنكال من تعيين السيد حازم تحسين بك كان واضحا ومشروطاً بجملة نقاط تم توضيحها وتسليمها اليه عندما تجمع عشائر شنكال في خانك في الاول من اذار 2019 واجمعوا على بضع مطالب محددة للامير الجديد وهو ما لم يتقيد بها وبالتالي فإن شرعية السيد نايف داود بك لن تكتمل هي الأخرى. https://www.facebook.com/habun.tv/videos/523364388469339/
الأمر الاخر الذي ظهر على الساحة ألا وهو الرأي الرافض لايزيديي القوقاز بكل وضوح وموقفهم من تعيين الأمير حازم تحسين بك اميرا على الايزيديين. هذا الموقف تبنّته مجموعة منهم على الرابط التالي وهم بالتالي سوف يبحثون عن مخرج لتعيين اميرا لهم من بينهم وهم محقون بذلك طالما لم يستشيروا في امر تسمية أو تعيين الأمير الجديد، على الرغم من وجود رؤى مختلفة فيما بينهم ايضاً
https://www.facebook.com/Ezidxan.news/videos/361183248115909/UzpfSTEwMDAzNDc5MjQ3ODA0NToxNjI1MTk5NjE1ODQ0MTk/
الموقف العام بين ايزيديي سوريا لا يختلف عن باقي أخواته في الدول والاماكن التي تتواجد فيها الايزيديين وهو الموقف المتحفظ لتعيين الأمير حازم تحسين بك، ليس لعدم اهليته أو شخصه وانما لأنهم لم يستشيروا في الأمر وكذلك لم يحضر منهم ممثلا يمثلهم في مثل هذه المناسبة وبالتالي قد يلجأون إلى تسمية أميراً لهم ليرعى شؤونهم الحياتية (إن كانوا في حاجة لذلك أصلاً).
هذه المواقف المختلفة كانت نتاجاً للأختيار الذي لم يحضى بموافقة عامة الشارع الايزيدي وبالتالي نتج عنها ما لا يتأقلم مع واقع وتضحيات الايزيديين، حيث لازالت الجراحات لم تندمل بعد ونزيف الالم لازال مستمراً. فهو إذن ما يشبه مفهوم التعامل مع (الاسهم في سوق البورصة الاميرية)، التي سوف تلقي بظلالها الكثيفة والكئيبة على ايزيديي اوربا وهم الكتلة الاهم والاكبر بعد العراق وكذلك ايزيديي المهجر عامة بتعيين اميرا لهم ( إن لم نقل في كل بلد اميرا أو لكل فئة او مجموعة أو عشيرة حيث يتم الإعداد لطبخة أميرية والية لاختيار الأمير (؟) في جزء من المانيا، وكذلك الأمير (؟؟) ايضا ولكن في جزء آخر من المانيا، وقد بان الأمر عندما أعلن السيد أمية معاوية اسماعيل بك نفسه أميرا على ايزيديي المهجر بدعم من مجموعة من النشطار الايزيديين دون أخذ رأيي الغالبية من الجالية في المانيا على وجه الخصوص فهنالك العشرات من المراكز والمنظمات والشخصيات الايزيدية في المهجر ولم  يؤخذ برأيهم وبالتالي فمن أين سيستمد شرعيته دون تتويج وحضور ممثلي الدولة والمجتمع المدني؟ وسيكون اميرا على مَن في حال عدم استشاة الغالبية منهم؟. فالأمير حازم هو أميراً على الايزيديين في كردستان والعالم (دون ذكر العراق) وبالتالي فمن حق العراق أن تسحب منه صفة الامير منه كونه أميراً على الايزيديين في كردستان والعالم متجاوزا بذلك حضور ممثلي الحكومة الاتحادية و(ايزيديي شنكال والمهجر وسوريا وبلاد القوقاز).
إذن ماهو الموقف الرسمي في بغداد وكردستان العراق من مجموعة من الأمراء والوكلاء عندما يتعلق الأمر بالشعب الإيزيدي ومع مَن يكون العمل والاتفاق؟ عليه ننصحكم ايها (الأمراء) في أن تعوا خطورة ما تلعبون به وأنكم بهذا لستم سوى عوامل تفرقة وتخريب ومحل استهزاء الشعب الايزيدي والاخرين، ولكن لا زال هنالك متسع من الوقت لكي تراجعوا اخطاءكم وتنتشلون المتبقي من ماء الوجه وتحترمون تضحيات هذا الشعب المبتلي بكم قبل غيركم.
علي سيدو رشو
المانيا في 10/8/2019

10
إلى الرأي العام الإيزيدي
م/ دعوة لعقد مؤتمر ايزيدي عام (**)
علي سيدو رشو
المانيا في 25/7/2019

ليكن معلوما بأننا في اوربا نتفهم طبيعة معاناة شعبنا، ولا نقصد هنا سوى دعم مادار في الفكر الجمعي الإيزيدي بعد تضحيات عام 2014 واحترام رأي الشارع الإيزيدي ودعم كل ذلك في بلورة فكر موحد نحو تحقيق هدف سامي الا وهو الوقوف على تحديد هوية الشعب الإيزيدي من خلال ما يلي: 1. هل أن الإيزيديين شعب له مقومات الشعوب من لغة وتاريخ وجغرافية وتراث وديانة وشعور متبادل. 2. أم أنهم فقط ديانة؟ وبهذا نستطيع أن نضع اليد على الجرح ونتحرر من العبودية القومية التي فرضت علينا في وقت البعث، وهي تفرض علينا الآن بنفس المعيار مع كامل الاحترام للحق الشخصي في اختيار الفكر القومي من عدمه. وإننا إذ نجد بأن النقاط التالية جديرة بالمناقشة للوقوف على محنة شعبنا الإيزيدي.

1.   الدعوة إلى عقد مؤتمر عام يشمل اختيار ممثلين أكفاء من جميع مناطق سكنى الإيزيديين معتمدين على معايير النزاهة والمعرفة والقبول الاجتماعي في الوسط الايزيدي من شخصيات ثقافية وروحانية ونسوية وشبابية وسياسية ووجوه اجتماعية واحزاب سياسية ومنظمات جماهيرية ومن ثم اختيار لجنة من بينهم لكتابة دستور يحدد بموجبه اليات ومعايير متفق عليها لانتخاب الامير والمجلس الروحاني لكل مرحلة أو عندما تستدعي الضرورة في مثل حالات الوفاة او العجز او سحب الثقة.
2.   يتم في المؤتمر الاتفاق على انتخاب برلمان مدني من شخصيات معروفة في أوساط الإيزيديين ومحيطهم بالنزاهة ويكونون مقبولين اجتماعيا ويفضل أن يكون المرشح/ المرشحة ذو مؤهل دراسي. وليكن هذا البرلمان مؤلفاً من 150 شخصية على افتراض أن عدد الايزيديين في العالم مليون ونصف إنسان (1500000) وأن لكل 100 ألف انسان ممثل واحد، على أن لا تقل نسبة  العنصر النسوي عن 25%. يصدر به تعليمات
3.   يتم انتخاب 50 شخصاً من بين البرلمان العام ليشكل مجلساً أستشارياً يكلّف بكتابة دستوراً مبدئياً ليصبح مرجعاً لاختيار الامير والمجلس الروحاني بالاليات المقترحة في الفقرة (1)، ويصار إلى تشكيل لجنة من المجلس الإستشاري المذكور ليٌشكل مِنه مجلساً استشارياً مصغّراً للأمير والمجلس الروحاني يتم التشاور معهم في حال اصدار القرارات او التوصيات او الفتاوى.
4.   يتكلف المجلس الروحاني بالامور الروحية والدينية فقط، ولا يحق لرئيسه وأعضائه ممارسة أي نشاط سياسي مهما كلف الأمر.
5.   يتم حل المجلس الإستشاري الحالي ويتم اختيار مجلس استشاري من البرلمان المدني المنتخب.
6.   يصار إلى اختيار لجنة من البرلمان المدني للإشراف على صندوق تحسين بك الخيري وتكلف اللجنة باصدار اليات الصرف والمدخولات من والى الصندوق. والمدخولات تشمل ايرادات لالش (الباب الرئيسي وبقية المزارات) والطاووس وايجار الاكشاك والمرافق الخدمية الاخرى والتبرعات المادية والعينية وتصدر بذلك تعليمات محددة.
7.   يخصص من واردات الصندوق راتباً شهرياً للأمير ومخصصات صرف (نثرية) لضيوف الامارة وكذلك رواتب لأعضاء المجلس الروحاني والقوالين وتصدر بكل حالة تعليمات محددة.
8.   يجب أن يمثل الأمير الجديد أميراً لجميع الايزيديين وليس أميراً لقضاء الشيخان، وكذلك الوضع مع المجلس الروحاني الذي يجب أن يمثل فيه ممثلين عن جميع مناطق الإيزيديين وكذلك بلدان المهجر بآليات تتناسب مع حجم واقعهم السكاني.
9.   السعي على حصول الموافقات الرسمية في بلدان المهجر على استقدام السنجق مرة واحدة في السنة وتودع واردات السنجق في صندوق الأمير تحسين بك الخيري كواردات رسمية تصرف منها فيما بعد باليات محددة بموجب توصيات من اللجنة المشرفة على الصندوق وبتوقيع رئيس اللجنة الخاصة بصرفيات الصندوق ونائبه وأمين الصندوق حصراً.
10.   اختيار لجنة مختصة من البرلمان المدني من المهندسين والمعماريين ومن ذوي الالمام بالتراث لوضع خارطة اساسية لموقع لالش التراثي من النواحي العمرانية في المستقبل والسعي لإثبات الموقع عند اليونسكو ضمن التراث العالمي ليحصل بذلك على الحماية والرعاية والصرف.
11.   تشرف اللجنة الإستشارية المنتخبة على تسمية مسئولي ومشرفي وترشيحات مديري وموظفي مديريتي شئون الإيزيديين في بغداد وأربيل وعلى أن تكون المسئولية دورية، وتصدر بذلك تعليمات محددة.
12.   تصدر تعليمات بشأن بقية الأمور التي تخص شأن التراث الديني (الأقوال والأدعية والاعياد والمناسبات والفعاليات المطلوب اداؤها وتوزيع المسؤوليات والمناصب الروحية وتسمية سدنة المزارات في لالش وبقية مناطق الايزيدية في العراق والعالم).

ملاحظة: على الشارع الإيزيدي وخاصة شارع شنكال أن لا يجامل هذه المرة وأن كل جهة تأخذ دورها ومستحقاتها بدون منية، وعلى أهل شنكال ايضاً أن يقفوا موقف واحد ضد هذا التهميش الذي استمر لعقود من الزمن. وفي حال تطلّب الأمر عليهم أن يقصدوا لالش ويعينوا أشخاصاً من شنكال كسدنة على باب لالش وبقية الاماكن المقدسة وأن يقفوا ضد هذه التصرفات التي استحوذت على مقدراتهم منذ أكثر من مائة عام. 

الاسباب الموجبة لعقد المؤتمر،
مما لا يخفى على أحد حجم وهول الكوارث التي عاني منها الشعب الإيزيدي على مر التاريخ من القتل والسبي والتهجير والاعتصاب وبيع وشراء العفيفات الايزيديات واطفالهن في اسواق النخاسة وكانت آخرها في القرن الواحد والعشرين أمام الرأي العام العالمي عندما أقدمت عناصر الجريمة المتمثلة بتنظيم الدولة الاسلامية (داعش) وهجومهم البربري على شنكال في 3/8/2014 وسهل نينوى في 6/8/2014 وما رافق ذلك من تداعيات يصعب تصديقها وقبولها في هذا العصر. فعلى الرغم من أن قوة الإيزيديين فاقت اي وقتِ مضى وذلك بسبب تعرّف العالم على تضحياتهم والمآسي والويلات التي تكبدوها، والإبادات التي ايقظت الكثير من الخبايا والخفايا ونبهت الاذهان الى قضيتهم كشعب يباد، ينقرض ويتلقى الاضطهادات تلو بعضها. إلا أن الإيزيدية لا زالت كدين وشعب بخير ولكنهما مهددتين فعليا وسائرة نحو المصير المجهول، ونحو بحر من الفوضى والعشوائية التي لا تتمخض إلاّ عن المصالح والانانيات والتقديرات الضيقة والحسابات الخاطئة والتوجهات الطائشة والنزعات الانقسامية التى لايتوانى ابناؤها و معتنقوها عن التلون بها. فقد  بدأت تلك العيوب والسيئات الذاتية فضلا عن العوامل الخارجية تنخر تماسكنا من الداخل حتى بدون أن نعي، وكأننا ننقاد في سفينة  بدون ربّان . لذلك وحيث ان معالم المشكلة الأساسية قد تحددت وتوضّحت، وهي قد تتمثل في السعي الحثيث نحو إيجاد وتسمية الربّان القادر على التسمك بالمبادرة من النواحي الذاتية والموضوعية على تحديد الاتجاه، ومن ثم من الإمساك بمقود السفينة. بل بالقدرة على فهم الاحداثيات التي ستحدد الاتجاه الصحيح والهدف الصائب المطلوب، وابداء عدم الرضوخ  لما قد تفرضه عليه الرياح من اتجاهات خاطئة عِبرَ الترَفُع عن المصالح والاهواء وضمان الانفتاح على الجميع والتعاون مع الجميع من ناحية، و مجابهة الايعازات او الاملاءات التي قد ترد من الخارج ايا كان مصدرها من ناحية اخرى.
لكن في المقابل وحتى لانغرق في السوداوية وجَلَد الذات علينا أن نفتخر بما قدمه الشعب الإيزيدي بدعم من أصدقائهم والمتضامنين مع محنتهم من برلمانيين وشخصيات وطنية وعالمية ومن المرجعية العليا في العراق على مدى سنوات من المِحَن في مواجهة الابادات والاصرار على الابقاء على وجوده ككيان اجتماعي ـ ديني متماسك بهمة مقاتليه الاشاوس من الرجال والنساء سواء عبر المقاومة القتالية المستميتة على أرض الواقع في جبل شنكال الأشم، أو على مستوى التعريف بالقضية في المحافل العالمية، او عِبرَ البناء والعودة إلى حضن الدار في بعشيقة وبحزاني أو من خلال التأقلم الجبّار مع الظروف الخارقة في المآسي التي فرضتها الظروف على جبل شنكال، ولاتزال مآلات التشرد والنزوح والحياة الثقيلة في المخيمات تستصرخ ضمير العالم. أو عِبرَ التحّدي المنيع الذي ابداه الطلبة الايزيديون فتفوقوا في المدارس والجامعات رغم الحرمان والقهر والعيش المضمخ بالمآسي بعد ان تحدّوا المستحيل وطوّعوه لصالح مستقبلهم. او من خلال الالاف الذين تظاهروا في الساحات والميادين والاروقة الاوربية والعالمية. او من معونات الذين قدموا الغالي والنفيس من المساعدات بانواعها المادية والعينية والمعنوية وهلم جرا. فهذه الإرادات تستحق الوقوف عليها وتثمينها وابرازها في جميع المحافل على أنها شكلت مع بعضها اسطورة وسمفونية رائعة تحّدت كل الظروف والتحديات بقساوتها وعبرت بقضيتها إلى المراكز العليا في العالم او في العراق بحيث لم يبق أمامنا سوى خطوات لنصل إلى غاياتنا المنشودة
كما هو معلوم فإن ديباجة الدستور الاتحادي لدولة العراق قد خلت من الإشارة إلى معاناة الاقليات ومنهم على وجه الخصوص الإيزيديين رغم تحمّلهم لنفس ما تعرّض له باقي أبناء الشعب العراقي للاسف، وهو إجحاف واضح بحق تلك التضحيات. وفي الوقت ذاته فلقد خلت ديباجة مسودة دستور كردستان العراق هي الأخرى من أية إشارة إلى تضحيات ومآسي الإيزيديين بشكل واضح مما يعطي الإنطباع بأنه ليس لهذه الاقلية الدينية حقوق كما هي لبقية أبناء الشعب العراقي وهو محل انتقادنا لمشرعي الدستور الاتحادي ومسودة دستور كؤدستان العراق. إضافة إلى ذلك فإن البنود الدستورية في كلا الدستورين تغافلت الحقوق المدنية والاجتماعية للأقليات الدينية غير المسلمة في العراق (الايزيديين والمسيحيين والصابئة المندائيين والبهائيين وغيرهم)، مما أثر ذلك سلباً على مستقبل أجيال تلك الاقليات وكانت السبب الحقيقي وراء هجرة مئات الالاف منهم إلى الخارج تحت الضغط والتاثير الدستوري. هذا الأمر إنعكس سلباً على واقع تلك المجتمعات وفقدان الثقة بمستقبلهم وبالتالي تشتتهم إلى فرق وجماعات متناحرة فيما بينها وسببت في تفكك نسيجهم الاجتماعي المتماسك. فبعد طول البقاء في مخيمات النزوح لم يعد لهذا المجتمع المتماسك ثقة بالحكومات والمجتمعات المحيطة مما أثر سلباً على نفسية الفرد بهجرة الغالبية منهم وكذلك عدم عودة المهاجرين إلى الديار التي اصبحت من شبه المستحيلات بسبب الخراب الذي حلّ بالمنطقة والعبوات التي للازالت منتشرة في كل مكان، وبالتالي عليهم البحث عن مواطن بديلة والتفتيش عن مستقبل آخر كما هو حال الفلسطينيين الذين تشردوا في ارجاء العالم. 
وبهذا الإهمال المتعّمد يكون الإيزيديون قد فقدوا حقوقهم السياسية والادارية والانسانية من حيث التمثيل الحقيقي على اساس النسبة السكانية في البرلمان الاتحادي والكردي على حد السواء وفي البرلمانات المحلية والبعثات الدراسية والهيئات الدبلوماسية والتمثيل الوزاري والإداري في الوظائف المدنية والعسكرية والامنية وتوزيع الثروات وعوائدها على أساس المواطنة.     
والآن وبعد مرور اكثر من 7 أشهر على رحيل الامير تحسين سعيد علي بك رحمه الله وبيت الامارة لم يفلح في اختيار البديل ليصبح اميراً للإيزيديين وهم في مثل هذا الحال الذي تم وصفه كما اسلفنا. لذا يتوجب علينا نحن الجالية الايزيدية في الخارج بالتعاون مع إيزيديي الداخل والدول الاخرى بوضع حد لهذا الوضع واختيار الية مقبولة لاختيار  الامير الجديد. وان هذا الاختيار يحتاج إلى الية وقواعد وبنود يجب مناقشتها والاتفاق عليها لتصبح الحجر الاساس لعملية الاختيار في المستقبل. فعلى خلفية قرار المجلس الروحاني الاخير في 24/4/2019 حول قبول الناجيات من قبضة داعش واطفالهن والتوضيح اللاحق في 27/4/2019، الذي أحدث ضجة إعلامية واسعة على مستوى الداخل الايزيدي أو على مستوى المحيط الاقليمي او الدولي ولما لمثل هذه القرارات المصيرية (الغير مدروسة ومحسوبة الجوانب والتداعيات)، من تأثير مباشر على مستقبل الايزيديين. لذلك كله يستدعي الامر العمل إلى الدعوة لعقد مؤتمر عام يشمل ممثلين عن جميع ايزيديي العالم واختيار برلمان مدني يشمل جميع فئات الشعب الايزيدي، ومن ثم اختيار لجنة من بين المؤتمرين لمتابعة توصيات المؤتمر. وبعد تحديد البرلمان المدني يتم اختيار لجنة استشارية من البرلمان المدني تكون مهمتها تقديم الاستشارات للأمير والمجلس الروحاني وكذلك الاعداد لانتخاب الأمير والمجلس الروحاني الجديدين، ولا يجوز في هذه الحالة للمجلس الروحاني أو الأمير الجديد من  سن قوانين أو اصدار قرارات بدون الرجوع الى راي هذه اللجنة. وفي حالات الضرورة القصوى والمسائل المصيرية يتم الرجوع الى عقد البرلمان المدني لجلسة طارئة لبت الامر في الحالة.
إذن فإن المشكلة تكمن في الأساس من الناحية الذاتية حسب الفهم والإستنتاج في الادارة، وبالذات في الادارة التي كان يتولاها سمو الامير الراحل تحسين بك شخصياً منذ عقود وما ستعقبها من الادارات بعد رحيله. فلم يكن في مراحله الاخيرة بقادرِ على التمسك بالموقف؛ لا على الصعيد الذاتي للايزيديين والايزيدياتي، ولا على المستوى الخارجي في التعامل مع الظروف الموضوعية، على الرغم من التغيير الحاصل في الظروف. وإنما انتهج الشكل الروتيني على سلف آبائه وأجداده بما كانوا عليه قبل مائة عام من الان ولكن بحكمة وعقلية تتحسب لكل حالة بحالتها، مُستَبعِداً فكرة العصرنة والتنمية البشرية، حيث تشابكت الحسابات والمصالح ومن ثم غابت الاهلية المطلوبة. وبذلك فلقد عجزت إدارة الإيزيديين على هذا النحو ولم تكن القدرات والإمكانياته بقادرة على ضبط الاتجاه الصحيح وتنظيمه والتكيف مع الواقع والوقائع المستجدة حسب ما تتطلبه ظروف كل مرحلة بما فيها من تعدد المفردات اليومية التي تجابه المجتمع على جميع مستوياته الاجتماعية والاقتصادية والعلمية والسلوكية والسياسية والدينية. وبذلك فإن لب المشكلة إنحصر في انه لم يكن بالامكان انجاز اي شيء على أرض الواقع بدونه (أقصد سمو الأمير الراحل تحسين بك)، هذا في الوقت الذي لم يكن باستطاعته تقديم أي شيء إما: بسبب تداخل وتشابك المصالح الذاتية والموضوعية في بعضها، أو أنه ناتج عن الخوف والخشية من مستقبل الإيزيديين في ظل نمو التطرف الإسلام السلفي المتنامي في المنطقة. وبذلك أفقدَ الشعب الايزيدي غالبية الفرص التي كان بالإمكان الإستفادة منها، مما نتج عنه شل حركة المفاصل التي تتمثل في المجلس الروحاني ودور بابا شيخ والمثقفين وشيوخ العشائر وحتى السياسيين والبرلمانيين.
     -----------------------------------------------------------------------------------------------------------
(**): تم طرح هذه الفكرة منذ الخامس من شهر مايو /2019 ولكن بقت طي التريث لحد الان.



11
ما هذا التخبط في اللعب بمصير الإيزيديين أيها المجلس المتخبط؟
http://www.bahzani.net/2019/04/27/
هذا التوضيح الأخير الذي صدر في 27/4/2019 يحمل من التخبط أكثر من البيان الذي أصدره (المجلس الروحاني)  في 24/4/2019. لأن التوضيح يشير إلى قرار اتٌخِذ بشأن الناجيات وأطفالهن بتاريخ 6/2/2019 من دون توضيح لذلك القرار وماذا يتضمن في بنوده، وهل يتعارض مع الفتوى التي اطلقها بابا شيخ في عام 2014 وإذا كان ذلك القرار يعالج وضع الناجيات مع اطفالهن، فما المناسبة ليأتي المجلس ويصدر بيانا فيه فتوى مبتورة؟. كما وإذا كان ذلك القرار لا يتعارض بما ورد في فتوى بابا شيخ، فما المناسبة من اطلاق قرار بشأن نفس الموضوع لأجل حل نفس المشكلة. فالإيزيديون يستقبلون الناجيات مع اطفالهن الايزيديين منذ 2014 بلا هوادة بالهلاهل والاحضان بعد فتوى بابا شيخ وأن الاحصائيات الرسمية تؤيد ذلك بدون تلاعب وهي منشورة على صفحات الانترنت والمواقع الرسمية لمديرية شؤون الايزيديين وبحزاني اولاً بأول.
التوضيح الأخير يشير إلى أن الايزيديين الذين أنتقدوا البيان يؤثرون سلباً على القضية الايزيدية. السؤال موجه لمن أصدر ذلك البيان: مَن الذي أثار هذه الزوبعة التي تحاول عمداً إبعاد الإيزيديين عن قضيتهم الأساسية وتحريف مسار المطالبة برجوع النازحين وإعمار شنكال ومتابعة جينوسايد الإيزيديين وإعمار البينة التحتية؟ فَمَن الذي يعمد إلى تشويه حقائق الديانة الإيزيدية بهذه التصريحات والبيانات والقرارات: الذين ينتقدون هذه القرارات أم الذين أصدروا هذه البيانات والقرارات المبتورة التي لا تطال إلى مستوى اسم المجلس الروحاني. كلنا مع الجوانب الانسانية وخاصة الطفولة والنساء الذين يعتبرون الضحية الاساسية في الحروب والنزاعات التي تحصل ولكن لنقل، هل يوجد في الكون شعب تعرض إلى بشاعات واجرام اكثر من الشعب الايزيدي؟ وهل هناك شعب يستحق الوقفة الانسانية معه اكثر منهم؟ الم يكونوا هم الضحية الاساسية لمجرمي داعش ليصبحوا ثانية ضحية نفس الاجرام من خلال زرع اللقطاء. كنا نتمنى من المجلس الروحاني أن يتفهم طبيعة الموقف وحساسية الأمر قبل الخروج بهذه البيانات والتوضيحات.
أعتقد جازماً بأن القضية التي أثيرت وأخرجت هذا البيان في 24/4/2019 مطلوب:
1.   كان من اللائق أن يتدارك المجلس بأن لا يقع فريسة استشارات بذاتها قبل أن يتعرف على حقيقة الأمر من أصحاب الضحايا. وهنا واضح من القرار والتوضيح اللاحق بأنه لم يكن هناك ممثلاً من ذوي الضحايا حاضراً في المناقشات ولم يتم الاستئناس برأيهم على الاطلاق وأن موقف السيد نايف جاسو كان دليلاً حياً على ذلك.
2.   كان على الداعين بالمواقف الانسانية أن ينتبهوا إلى حال الايتام الذين خلّفهم تنظيم الدولة الاسلامية من الايزيديين بسبب قتل اولياء امورهم وهم يقدّرون بالالاف قبل غيرهم من الضحايا لأنهم الضحايا المباشرة لهذا التنظيم المسخ. فالمسألة تحوّلت بفعل فاعل إلى زيادة الضحية جرحاً واعتبار الضحية جلاداً.
3.   كلنا مع أن تكون رعاية الاطفال، الذين لا ذنب لهم، مع امهاتهم دون التفرقة أو الفصل بينهم ولكن المجتمع الإيزيدي لا يمتلك الامكانيات المادية واللوجستية والنفسية والقانونية والفقهية لمعالجة أوضاعهم المأساوية وهم أبرياء من هذا الجرم، لأن الإيزيديين  يعيشون خارج الحياة الطبيعية. فلماذا تحمّلون الإيزيديين وزر أخطائكم التي اقترفتموها مقابل منافع ذاتية بما لا يستطيعون تحملّه؟
4.    هنا نقول بأنه مطلوب توضيحاً من الدكتور ميرزا دنايي شخصياً لأنه المعني بنشر المقال الأول تعليقاً مباشراً على اصدار البيان بأنه: جرت استشارات ومشاورات مكثفة مع اعضاء المجلس الروحاني ورجال دين ومثقين وسياسيين من داخل العراق والمانيا وامريكا وتم إنضاج البيان قبل اطلاقه. فمطلوب من الدكتور ميرزا أن يوضح للرأي العام الإيزيدي: ماهي تلك الاستشارات ومع مَن جرت تلك المناقشات ليتحمل كل واحد مسئوليته ولا يتحمل أي واحد منهم وزر أخطاء الآخر، ولكن للأسف أنه قد تم حذف المقال من صفحته، وسوف ننقل لكم ما نقل عنه من قبل أحد المتابعين لصفحته الشخصية وصوّر منها الاتي كما جاء فيها: (اهم اخبار الامتنان لهذا اليوم بالنسبة لي كان قرار المجلس الروحي الاعلى اليزيدية، الذي يقبل جميع اطفال الضحايا. وقد عملنا بجد معا للعثور على هذه النتيجة، وكنا سعداء بان الامير hazim توسل و Babasheikh واعضاء المجلس الاخرين كان لديهم قلب كبير جدا وفهم لم محنة الفتيات والنساء اليزيدية. وسوف يشجع هذا القرار جميع النساء  والفتيات على العودة الى مجتمعاتهم دون شواغل دينية. وسوف تكون هذه الصعوبات بالتاكيد بعض الصعوبات الفردية الاجتماعية، وهذه يمكن حلها بشكل فردي. ميرزا دنايي/ بروكسل 24/4/2019.)  
5.   ولأجل أن يتوضح هذا الأمر ومَن مِن ورائه، يجب على جميع مَن لهم صفة رسمية متعلقة بإصدار مثل هذه البيانات أن يخرجوا للشعب الايزيدي علنا وتوضيح موقفهم بوضوح وإلا فإنهم يتحمّلون ما جاء في البيان الذي تسبب في هذا التشويه والبلبلة ومشاركين حقيقيين في اصدار البيان والتوضيح اللاحق الذي لم يكن أقل جهلا بالحقائق من البيان الأول في 24/4/2019. وفي حال عدم الاستجابة لمطالب الشارع الإيزيدي فإن إيزديي أوربا سوف لن يقفوا عن المطالبة بتغيير الكثير الذي يحتاجه الشعب الايزيدي. وليكون بعلم كل مَن يصدر بيانات غير مدروسة بحق الايزيديين ويضيف جراحات على جروحهم، فإنهم سوف لن يفلتوا من العقاب الديني والاجتماعي وسيكون للإيزيديين كلمتهم الفصل في الأمر..
6.   إننا نحترم الوضع الانساني ونتفهمه، كما أننا مع بقاء الاطفال مع امهاتهم إذا رغبن في ذلك ولكن بظروف تحقق للجميع كرامتهم وتحفظ حقوقهم المشروعة في الحياة. وهنا أقول كنا (سنترال رات الايزيديين)، قد اتفقنا في أكتوبر 2017 مع حكومة مقاطعة برادنبورك في المانيا عند جلبهم ل 500 إمرأة وطفل من المتحررين من عناصر تنظيم الدولة الاسلامية، أن تكون الاولوية للنساء اللاتي لهن اطفال من داعش لكي يكونوا بعيدين مع أطفاتهم عن ما يمكن أن يتعرضون له من مضايقات، وفي الوقت ذاته بالامكان تأهيلهم نفسياً وجسدياً وصحياً وتربوياً بعيداً عن دور الدين والقوانين المجحفة. ولكن للأسف تم الالتفاف على المشروع بأية طريقة لكي لا يرَ النور وفعلا تحقق لهم ذلك بعد أن وصل المانيا وفد من كردستان العراق وبمشاورات مكثفة وتواصل مع حكومة المقاطعة بالتنسيق مع المجلس الروحاني وأجهضوا المشروع.
واليكم الموقف كما حصل: في عام 2016 أتخذ برلمان مقاطعة برادنبورك الالمانية مشروعاً انسانياً باستقبال 500 إمرأة إيزيدية مع اطفالهم سواء أكانوا قد خلّفوهم من داعش أم كانوا مع اطفالهم الإيزيديين اصلاً. ولكن جوبه هذا المشروع بالرفض من قبل وزير داخلية المقاطعة انذاك بحجة النفقات المالية والامكانيات اللوجستية حيث تحتاج الحالة إلى رعاية وتاهيل وايواء ونفسانيين والى غير ذلك. في 24/10/2017 طالبت الاحزاب التي شاركت في تبنّي المشروع سنترال رات الايزيديين بالمشاركة معهم في الوقفة الاحتجاجية امام رئاسة وزراء المقاطعة لإجبار وزير الداخلية على العدول عن رفضه للمشروع وتم تسليم مذكرة تفصيلية عن الحالة إلى سكرتير رئيس وزراء المقاطعة. بعد ذلك جرت اتصالات رسمية بين وزارة الداخلية وسنترال رات وتم الاتفاق على أن تتبنى الوزارة جلب النساء على الشكل التالي: 1. جلب جميع النساء اللاتي لديهن اطفال من داعش وتوفير كافة المستلزمات لرعايتهم وتاهيلهم من جميع النواحي. 2. جلب النساء اللاتي تحررن وتم قبولهن من أهاليهن على أن يتم جلب عوائلهن ايضا تكريما لموقفهم في قبول تلك النسوة. 3. جلب النساء اللاتي تحررن من داعش ولم يتم قبولهن من اهاليهن (هنا يجب القول بانه لا توجد نساء تحررن ولم يتم قبولهن من عوائلهن) ولكن هنالك حالات كثيرة كانت بحاجة إلى جلبهن كما هو الحال مع مقاطعة بادن فورتنبرك. 4. استقدام 40 عائلة معلقة في اليونان بالتعاون مع UNHCR. ولكن نقولها بكل أسف بعد هذه الاتصالات تم الالتفاف على المشروع بوفد قادم من كردستان العراق والتقوا ببعض برلمانيي المقاطعة وبالتنسيق المبطن مع المجلس الروحاني. وفي تلك المناسبة التقينا بالمرحوم سمو الامير تحسين بك في هانوفر وعرضنا الأمر عليه ثم اتصل بالعراق ليستفسر عن الملابسات إلا أنه تم تسويف الامر والذي يبدو من كل هذا بأنه كان يتم التخطيط لما أصدره المجلس الروحاني مؤخراً في 24/4/2019 ووقع فيما وقع فيه. 
علي سيدو رشو
المانيا في 29/4/2019

12
الجزء الثالث
أولأً: المجلس الروحاني
يجب أن يكون الامر واضحاً بأن هذا الذي ننشده ما هو إلّا تصحيحاً لعمل المجلس الروحاني كمؤسسة لها مكانتها وقيمتها الاعتبارية. وهو مكمل لعملهم ولكن بشكل أكثر ضبطاً وحيويةً بحيث كل جهة تؤدي مهمتها حسب توافق مسئول ومحكوم بأخلاقية وسلوك لا يتجاوز فيه أحدهم على الاخر، وإنما بالتشاور وبلورة الاراء. ويجب كذلك ان يتم انتخاب مجلس روحاني بشخصيات تستحق المكانة وتصبح أمام مسئولية مباشرة بنظام داخلي صارم ومحدد يتم الإعداد له والاستفتاء عليه من خلال مؤتمر عام، ويحدد واجبات كل عضو على النحو التالي :
1 ـ يصار بعد تثبيت الامير الجديد(*) إلى آلية لأنتخاب مجلس روحاني جديد برئاسة البابا الشيخ لفترة محددة كل ست سنوات مثلاً أو حسب الاتفاق. ثم تجري بعدها انتخابات جديدة لانتخاب برلمان مدني حسب نظام داخلي يحدد الية العمل بممثلين من الشخصيات الثقافية والمرأة والشباب والعشائر مشهود لهم بالنزاهة والامكانية والكفاءة ليشكل مايشبه مجلس العموم أو البرلمان. ينبثق من هذا البرلمان لجنة لأختيارالأمير الجديد في الحالات الخاصة كما هو في حالة الوفاة أو لأي سبب كان كالوضع الصحي أو العجز أو أي سبب آخر، بحيث أن يكون الامير المنتخب أميراً لكل الإيزيديين، وليس أميراً للشيخان فقط، ويتمتع بأهلية علمية وثقافية وبمواصفات خاضعة لشروط وببنود ونظام معين ينظم لكل حالة بحالتها. اقصد نظاماً خاصاً بالمجلس الروحاني، وآخر للبرلمان العام أو مجلس العموم، ومن ثم نظاماً خاصاً لاختيار الامير الجديد بمواصفات دقيقة ويجب أحترام وضمان بقاء نظام الإمارة لكونه نظام الإمارة الوحيد من بين جميع الامارات التي قاومت الإبادة في عموم المنطقة، ومن الضروري الحفاظ عليه كرمز للإعتبار الإيزيدي .
2 . يُتَفق على وضع آلية لمهام كل عضو في المجلس الروحاني المنتخب وإنشاء مكتب خاص للمجلس مع تسمية ناطق رسمي. وللمجلس صلاحية التنسيق مع مديريتي اوقاف الايزيدية في كل من بغداد وأربيل وايزيديي اوربا ودول القوقاز وسوريا في الشئون المتعلقة والمشتركة فيما بينهم لتوحيد الخطاب على مستوى التخطيط لمستقبل الشعب الايزيدي في حدود صلاحياتهم من خلال الاستئناس بالاراء وتنضيج الامور بشكل مدروس وبواقعية لكي يثق بها المجتمع ويتبناها عن قناعة.
2 . يُلزِم كل عضو في المجلس الروحاني الجديد بإلقاء محاضرة أثناء مواسم الحج للزوار يشرح فيها معنىً معين من معاني الزيارة (الحج)، مثلا لماذا السماع؟ وما معنى أن يكون العدد فردي والسير يكون بشكل مزدوج؟ لماذا التطواف حول الشمعدان، وما معناه؟ لماذا الترتيب بهذا الشكل؟ كيف تستكمل أركان الزيارة (الحج)؟ ما معنى بري شباكي؟ لماذا يجري الحدث بهذه الطريقة؟ ما معنى الفداء بالثور؟ لماذا يذهب به من مقام الشيخ آدي إلى مقام الشيخ شمس وما هي رمزية الحدث؟ ماهو زمزم؟ لماذا التعميد؟ ولماذا يكون التعميد من كانيا سبي؟ وهلم جرّا .
3 . يكون التمثيل في المجلس الروحاني الجديد على أساس الكفاءة والتوزيع الجغرافي لوجود الايزيديين وبمشاركة الايزيديين من سوريا وتركيا وأرمينيا وجورجيا وروسيا والمهجر، ولا يشترط بهم أن يكونوا من الشيوخ أو البير وتكون وسيلة الاتصال مع غير القاطنين في العراق عن طريق مندوب دائم أو عبر الانترنت وإنشاء موقع على النت بحيث يكون هذا الموقع لسان حال المجتمع الايزيدي كجهة رسمية في الشئون الروحية .
5 . تحديد زيارات السنجق إلى سنجار وبقية المناطق الايزيدية بزيارة سنوية واحدة فقط وتنظيم وارداتها بسجلات رسمية من قبل العائلة التي تستقبل السنجق ولجنة يتم اختيارها من كل قرية للإشراف على تلك العملية، على أن يتم استبدال تلك اللجنة كل أربع سنوات .
6 . تشكيل مجلس روحاني يختص بالواجبات الدينية والروحانية، ومجلس استشاري يختص بالشئون المدنية والاجتماعية والسياسية لإيزيديي سنجار حصراً، ويمثلهم بممثلين أثنين عن كلا المجلسين في البرلمان العام .
7 . أن لا تقل نسبة مشاركة المرأة في جميع تلك الهياكل عن 10 % .
8. الدعوة إلى تنظيم زيارات للسنجق في المانيا وأوربا (من خلال طلب رسمي إلى السلطات بدف حصول الموافقات الرسمية)، وذلك للحفاظ على أداء الشعائر والتراث الديني الإيزيدي، ومن ثم يصار إلى تنظيم عمل محاسبي للواردات في صندوق خاص لإنفاقها على الإعمار والحالات التي تستوجب ذلك.
ثانياُ: لالش
يعتبر لالش النوراني من أهم مقدسات الإيزيدية لما يحتويه من الرموز والقدسية، ولذلك نعتقد بأن يكون العمل مع ملف لالش بمنهاج مدروس مع بعض ذوي الخبرة والنزاهة ممن خدموا في لالش على مدى سنوات، مثلا : زيارة لالش (الحج أو ما تسمى بالزيارة)، عدد المزارات الدينية في گلي لالش، شروط الحج (الزيارة) والحجيج أو (الزائر)، كانيا سبي ودلالاتها، زمزم ورمزيته، بري شباكي وقدسيته، وغير ذلك من خلال مايلي : .
1 . تنظيم الزيارة لمعبد لالش بشكل لائق وبتعليمات واضحة في موسم الزيارة والحج ولعمر محدد وليس كحال السفرات السياحية، لأن معبد لالش ليس مكاناً للسياحة والاستجمام بقدر ما هو مكان تعبد وسياحة دينية للحفاظ على هيبته وقدسيته .
2 . تنظيم كتيبات وكراريس للدلالة وبالصور والتوضيحات المطلوبة بشكل لائق يباع في الاكشاك النظامية بسعر محدد يشرح بالاسهم الاماكن المهمة بالنسبة للسائح الذي يأتي من الخارج مع تدريب أدلّاء لشرح الكرّاس أثناء التجوال. وكتيبات اخرى تحتوي على اولويات اكتمال مراسيم الزيارة، أي من اين يبدأ الزائر زيارته (حجه )، وأين يجب عليه أن ينتهي لكي تكتمل اركان الزيارة. فهناك الكثيرين ممن لا يعلمون بها ولا يعرفون عنها. ولذلك لا تكتمل عندهم أركان الزيارة كما هو معروف ومطلوب، حيث هنا يجب التفريق بين الزيارة والسفرة السياحية. عليه فإن هذه الكتيبات سوف تساعدهم على إكمال تلك الاركان وتزودهم بثقافة الرموز ودورهم في لالش عبر التاريخ عن طريق شرح مبسط لكل رمز من تلك الرموز، إضافةً إلى أنه يشكل مصدرا من مصادر الدخل.
3 . وضع ألية للتخطيط العمراني بحيث يحافظ المعبد على هيئته التاريخية من حيث الابنية والمرافق الخدمية العامة بما يحفظ أصل وهيبة وسمعة وكرامة المكان التاريخية، لأنه المكان التاريخي الوحيد في كردستان العراق. وهنا لا بأس من مفاتحة اليونسكو للتعاون لكونها الجهة العالمية المهتمة والمعنية بالتراث الانساني. وهو ما يبدو بأن هذه الخطوة قد وجدت طريقها نحو النور بعض الشيء عندما تم تنظيم مخطط عمراني في البيت الإيزيدي في اولدنبورك بالمانيا قبل سنوات بدعم من حكومة أقليم كردستان العراق مشكورة .
4 . المباشرة بطلب التخطيط الاساسي والشروع بالفكرة في بناء بعض الاماكن الخدمية والاسواق التجارية وتبليط الطرق وبناء بعض الوحدات الطبية والمرافق الخدمية من حمامات ودورات مياه عصرية وأكشاك نظامية وممرات للذهاب والاياب وبناء كراجات بعدة طوابق لكي تستوعب العدد الضخم من السيارات نظراً لطبيعة المنطقة الجبلية، وبممرات متخصصة حسب دراسات عمرانية مستقبلية بحيث تحافظ على الهيكل الحضاري للمعبد . ويكون هذا عن طريق الاستثمار والمستثمرين باتفاقيات رسمية بحيث تشكل مصدراً أساسياً للتمويل المستقبلي لمزيد من التطوير والبناء، على أن يتم إنشاء بعض الفنادق السياحية في مركز قضاء الشيخان القريب حصراً وليس في وادي لالش. وبهذا سيكون المكان ديني واقتصادي واجتماعي وتربوي وذو قيمة تاريخية ورهبة روحية.
5 . بناء مدرسة أبتدائية لابناء السدنة والخدم في حرم المعبد.
6 . بناء مكتبة وقاعة نظامية للمؤتمرات والمحاضرات والندوات تكون مجهزة باحدث الاجهزة وجلب الكتب والمخطوطات التي نهبت وكذلك تلك التي لها علاقة بالتراث الديني الايزيدي وتوثيقها بحسب نظام حديث والحفاظ على النسخ من كل ماموجود في وحدات ميكروفيلم واقراص سي دي وربطها بالشبكة العنكبوتية الدولية (على غرار ماموجود في الأماكن المقدسة العالمية )، للحفاظ عليها من الضياع ووضعها في مكان خاص لتجنب مخاطر ما قد تحصل من حملات ابادة كما حصلت في الماضي، وهو من باب الاحتياط والحفاظ على المدونات لاهميتها.
7 . المطالبة بالتعاون مع منظمة اليونسكو والجامعات العالمية المهتمة باللاهوت ببناء معهد متخصص لدراسة اللاهوت الايزيدي، وتخريج كوادر كفوءة لتوزيعهم كسدنة (مجيور)، أو كرجال دين يتم تعيينهم في كل قرية للإرشاد والوعظ والتوجيه وتدريس علوم الدين بشكل منهجي ومدروس بهدف نشر الوعي الديني والاخلاقي باسلوب متمدن وحضاري، لإزالة الغموض والتشويش الذي عانى منه التراث الديني وما تعلّق بجوهره من عادات وتقاليد اجتماعية.
8 . تنظيم آلية لواردات المعبد من خلال لجنة مشرفة على الواردات كما هي في الاماكن المقدسة الاخرى عند المسيحيين والمسلمين مقابل وصولات رسمية. ولا بأس من ايفاد مندوبين لزيارة تلك الامكنة للإستفادة من خبراتهم في ذلك، ومن ثم صرف تلك الواردات على الصيانة والتعمير بشكل دوري بالتعاون والتنسيق مع سمو الامير الجديد بعد استقطاع الحصة التي ستخصص بالتوافق مع المجلس الروحاني لخدمات وضيافة سمو الامير والمعبد ورجال الدين المسئولين عن إدارات الأماكن المقدسة.
ثالثاً: الأقاليم
أقصد بالاقاليم هنا، المناطق الجغرافية التي يقطنها الإيزيديون في العراق، ولا بأس في أن تنطبق نفس الفكرة عليهم في البلدان الاخرى (سوريا وتركيا وارمينيا وجورجيا والمهجر – المانيا) لزيادة التفاعل الايجابي ومزيد من التشاور، وارى بأنه من الضروري التأكيد على :
1 . بناء دار أو قاعة بمواصفات ملائمة (ولا يشترط أن تكون بناية ضخمة)، في كل قرية أو قصبة لتكون مكاناً للمناسبات الدينية والتراثية في ايام الاربعاء، وذلك لإلقاء محاضرات وإقامة ندوات إرشادية. وفي باقي الايام تستخدم للمناسبات الاجتماعية البسيطة أو كمدرسة دينية لأطفال كل قرية أو منطقة. وقد يقول قائل بأن هنالك قاعات مبنية في معظم القرى وهذا صحيح، ولا ضير في ذلك ولكن لايخفى كذلك أن تلك القاعات تتناول القضايا الحزبية والسياسية. وبما أن لكل مناسبة قدسيتها وهدفها، فيجب ان تصب بالدرجة الاولى والاخير في الصالح العام وليس مصلحة جهات سياسية. وفي اعتقادي أن الاحزاب إذا كانت وطنية فان غاياتها ينبغي ان الا تخرج كذلك عن الصالح العام. بل عليها أن تفصل الدين عن السياسة لكي لا يتلوث الدين بإلافرازات السياسية الضيقة، حتى يتمكن كل منهم أداء واجباته بشكل مستقل تماماً، ولكن بصورة يكمل أحدهم الاخر في الخدمة العامة والارشاد والتوجيه.
2 . تعيين رجل مشهود له بالاحترام والمقبولية من قبل المجتمع المعني، ولا يشترط أن ينتمي هذا الشخص إلى عائلة من الشيوخ او البير بكل قرية لإدارة البيت أو المركز الجديد ويكون لذلك البيت أو المركز نظام مالي وبرنامج عمل محدد وواضح بحيث لا يحصل اختراق للمال العام وفتح سجلات للتبرعات وتطوير مستقبل ذلك المركز من تلك الامكانيات .
3. تعيين سادن (مجيور) لكل مزار ولا يشترط أيضاً أن يكون من الشيوخ أو البير لكي يكف الذين يقولون بأن الشيوخ هم مصدر مشاكلنا، ويتم أختيار شخص مؤهل لذلك وأيضاً تحت إشراف محدد ويحاسب على اخطائه، ويكافأ في حالة ثبوته الأهلية والاداء الصحيحين .
4 ـ إنشاء بعض المرافق الخدمية وحفر الابار الارتوازية في أماكن المزارات البعيدة عن مركز القرية او المدينة، والاهتمام بترميمها بشكل لائق لأن غالبيتها أصبحت بعيدة عن مراكز القرى بعد الترحيل، خاصة في سنجار .

الجزء الرابع
المؤتمرات والزيارات والمناسبات الاجتماعية :
1 . أقترح بأن يقوم المجلس الجديد بالتعاون والتشاور مع مديريتي أوقاف الإيزيدية بإرسال رسائل تعريف إلى المرجعيات الدينية الاسلامية والمسيحية واليهودية والصابئة المندائيين وبقية الديانات في العراق والعالم، يسلط فيها الضوء على تعريف معمق بالوثائق والادلة على أصالة وعمق الديانة الايزيدية لكي يتم من خلالها دعوة ممثلين عن الايزيديين إلى المؤتمرات العالمية والاقليمية والمحلية أو بالعكس، كما حصل في مؤتمر حوار الاديان في اسبانيا، وبذلك ستنفتح آفاق جديدة وسيتعرف العالم على حقيقتنا ونبدد تلك الهالة السلبية من حولنا شيئاً فشيئاً.
2. يقوم المجلس الجديد بالتعاون مع المديريتين بإرسال وفود إلى كل من تركيا وايران وسوريا والهند ولبنان وافغانستان ومتاحف أوربا للإطلاع على الوثائق التي تم نهبها في الازمنة القديمة والحصول على طلب الاذن من حكومات تلك الدول باستنساخها ووضعها في المكتبة التي اشرت إليها في لالش (أولا: لالش – 6) ومن ثم توثيقها بحسب نظام تصنيف حديث ومبوب الكترونيا لتصبح مرجعية للباحثين في نفس الموقع المقدس " لالش " .
3 . يدعو المجلس الجديد بالتعاون مع المديريتين إلى إقامة مؤتمرات محلية وإن تطلب أحياناً مؤتمرات أقليمية، لزيادة التفاعل وتبادل الرأي وتفعيل دور المؤسسات الدينية بما يساير التطور للحفاظ على التوازن الروحي بجانب المادي من خلال التعليمات الدينية بما فيها من حقوق للمرأة والطفل والاباء والاحوال الشخصية لتكون عوناً للأنظمة السياسية وتقليل الجريمة وتهذيب المجتمع روحياً بالتوازي مع الجوانب المادية في التعامل اليومي مع مفردات حياتهم.
4 . رعاية المناسبات الدينية والطوافات في عموم المناطق بحيث تأخذ طابعاً فلكلوريا وتراثياً، والتوعية باهمية قيام هذه المناسبات من خلال فعاليات موقعية يتم فيها شرح معاني ودلالات هذه المناسبات ورمزيتها وعمقها التاريخي وأهميتها وإخضاع الالية للواردات المالية فيها بنفس نظام لالش.
5 . السعي الحثيث نحو استصدار قانون للأحوال الشخصية خاص بالايزيديين وذلك للاهمية القصوى لهذا الموضوع .
6. التعامل مع طواف السنجق بشكل لائق بحيث يتم التركيز على أن الهدف من الطواف هو التوعية والارشاد وليس الهدف هو جمع المال فقط، بحيث يتم إستقطاع مبلغ يتفق عليه من الخيرات في كل قرية لمعالجة بعض الحالات الصعبة لأبناء تلك القرية بعد دراسة الحالة بخصوصيتها (يفضل أن يخضع هذا المقترح للمناقشة المستفيضة ) .
توثيق وتفسير التراث الديني :
لأهمية هذا الموضوع وحيويته، أرى بأنه يجب أن يحتل مرتبة متقدمة في فكر الأمير الجديد والمجلس الجديد بالتعاون مع المديريتين ويتم إشباعها بالمناقشات من مختلف الجوانب الفكرية والدينية والقانونية والاجتماعية، حيث أن الكثير منه الان قيد الدراسة والبحث. وحسب رايي المتواضع، فإنه يفضل التفكير به بجدية وليس كما هو الحال بإصدار التراث الايزيدي من جامعة دهوك، مع الاعتزاز، من خلال :

1 ـ تشكيل لجان من رجال الدين في كل من سنجار وبعشيقة والشيخان والمهجر (والمهجر يضم إيزيديي سوريا وتركيا بعد ان استقروا في المهجر)، ودول الاتحاد السوفيتي السابق لتجميع وتبويب جميع الاقوال والتراث الديني بمختلف مسمياتهم وتقسيم العمل حسب خطة يتفق عليها من قِبل المجلس الجديد وبالتعاون مع مديريتي أوقاف الايزيدية بما لديهم من الامكانيات المادية لدعم المشروع ثم كخطوة ثانية تسعى كل لجنة محلياً ان تجتمع وبالاتفاق مع بقية اللجان للتوافق بصورة تتداول اللجان المشّكلة نفس القول أو النص الديني، على أن لا يزيد التعاطي في كل شهر مع اكثر من خمسة نصوص دينية ثم يصار بعدها الى الدعوة إلى مؤتمر في نهاية كل شهر لتوحيد النصوص الخمسة (فرضاً)، وتصحيحها من حيث اللهجة والاتفاق على صيغة نهائية يتم تثبيتها باتفاق الجميع وبعدها يتم الحفظ في ارشيف المجلس والمديريتان. وهكذا لحين الانتهاء من جميع الاقوال والنصوص والادعية والقصائد الدينية ووضعها بالتالي في كتاب وتقديمه إلى برلمان كردستان والبرلمان الفيدرالي والسلطات المعنية الاخرى للموافقة عليه ككتاب معترف للإيزيدية .
2 ـ المرحلة الثانية هي التفسير؛ حيث يقوم المجلس المنتخب بالتعاون مع مديريتي الاوقاف باختيار أشخاص كفوءين (اخصائيين في التاريخ والتراث والاقتصاد وعلم الاجتماع..... الخ)، لهذه المهمة على ان يتقاضوا اجورا مادية تتناسب وجهودهم المبذولة وعند الانتهاء تعريض التفسير مرة اخرى للتنقيح والمراجعة قبل اعتماده نهائياً وذلك لكي يصفى كليا من الشوائب عبرمروره بأكثر من مرحلة تشذيب وتصفية وغربلة فهذ التفسير هو التفسيرالرسمي الموحد الاول من نوعه لذا فالمراجعة والتدقيق حاجة اخلاقة ملحةومسؤولية تاريخية كبيرة .
ولكون ان هذا العمل يتطلب انفاقا كبيرة قد لا بل لن يقوى المجلس على تأمين مصدره لذا فلا حرج من يسعى المجلس بالتعاون مع المديريتين الى الى الطلب من كل من بغداد وأربيل كمرحلة أولى تخصيص ميزانية لاباس بها من بما لا تقل عن عشرة مليون دولار كخطة خمسية لتحقيق ما يمكن من هذه الاولويات . أرجو أن تكون هذه الاراء مفيدة لمسعاكم . وتقبلوا احترامي


الجانب الاقتصادي :
في هذا الجانب سوف نركز على مقترحنا المنشور في بحزاني نت تحت عنوان "ماذا يمكنك أن تحققه ب 10 يورو؟ مضيفاً إليه ما يمكن تحقيقه من الجوانب المادية الاخرى مما ذكر من مصادر الواردات أعلاه من طواف السنجق وواردات لالش والتبرعات الخيرية والعينية لعمل مشاريع تدعم المقترحات التي تنشد الاصلاح والتطوير المنشود .
لربما أن هذه المقترحات صعبة التحقيق معاً ولكن لا بأس من العمل بها وحسب الامكانية بدءاً بالاهم الذي يمكن تحقيقه. وبما أن المشكلة هي حسب قناعتي إدارية بحته ، فإن السعي لتحقيق بعض هذه الخطوات ليس صعباً وسوف يحل الكثير من المشاكل وتصبح البديل الأمثل لمعظم الحديث الجانبي الذي يحصل فيما بين الإيزيديين أنفسهم ويعيد إليهم ثقتهم بالمؤسسات المعنية وستكون عونا وتصحيحاً للكثير من المهام المالية التي نشكوا منها الان. أما أن ننتظر من بيت
الامارة لتقوم بالاصلاحات المطلوبة، فهذا أصبح من الخيال، وعلينا أن نبدأ بالعمل الفعلي وتنظيم نظام مؤسساتي متحضر يحفظ لسمو الأمير كرامته وللمجلس الروحاني هيبته ويصون كرامة الايزيدي وسمعته ويحترم تضحياته عبر التاريخ. ومن الجانب الثاني يسد الباب بوجه المتلاعبين بأس وأساس الدين لأن ما يحصل هو القصور في الجانب الإداري الذي أنسحب على السلوك الاجتماعي وبالتالي إتهام الدين بما يحصل الان وهو في الحقيقة ليس صحيحاً .
ولتكن هذه دعوة مخلصة للجميع وخاصة الشباب الواعي ونقوم بحملة تبرعات من خلال صندوق يسمى (صندوق تنمية المجتمع الايزيدي). ولامانع من ان يكون هذا الصندوق باشراف أربعة أشخاص مشهود لهم بالنزاهة بين المجتمع ويتم دعمه من خلال المشاركة الشهرية، على ان يشخّص في كل منطقة جغرافية شخص معروف بنزاهته من بين أهالي تلك المنطقة ليجمع تبرعات دعم الصندوق كل ثلاثة اشهر مرة واحدة ويودعها باسمهم تحت رقم حساب خاص بالصندوق. يتم منه صرف المبالغ التي تخص نشاطات المجتمع الايزيدي سواء أكان مؤتمرا أو نشاطاً سياسياً أو تعاوناً اجتماعياً أو دعماً مالياً لنشاطات علمية وأكاديمية. لانه لا يمكن القيام بعمل حيادي من غير تأمين تغطية مادية لكافة الفعاليات التي ننوي القيام بها بحيث يكون بعيدا عن التاثير السياسي .

علي سيدو رشو
مسئول اللجنة الدينية في المجلس المركزي الايزيدي في المانيا
بيليفيلد في 25/3/2019


13

ما هو الإصلاح الذي ينشده الإيزيديون وكيف يمكن تحقيقه؟
الجزء الثاني (2/4)

في الجزء الاول أكدنا على بعض الفقرات التي تخص المواضيع الذاتية والموضوعية التي تتفاعل مع قضايا الإيزيديين بوجهات نظر مختلفة وخاصة من الناحية الادارية. وعليه، سوف نتطرق الان إلى الموضوع المعني بشيء من الاهتمام. إذن، ما المقصود بالإصلاح الذي ننشده؟ هل الاصلاح هو منهج ودراسة لتحقيق حال افضل للمجتمع، أم دعوات شخصية وأهواء حسب الرغبة وانتقاء الحالات؟ فلا بأس من كل ذلك ونحن ننشده أيضاً، ولكن كيف يجب أن يكون شكل النهج الإصلاحي؟ بمعنى هل أن الإصلاح هو عبارة عن رأي يتصوره البعض بأنه صحيح وأن في غير ذلك الرأي كل التخلّف والجمود والسلفية؟ أو هل هو صراع بين فكر مجموعتين أو ما يسميه البعض (الإصلاحيين والمحافظين)؟ أم يجب أن يكون الهدف هو تكوين محصلة لآراء وأفكار ومناقشات من خلال لجان والاستماع إلى الآراء بمختلف توجهاتها؟ هل من المعقول أن تنقاد النُخَب من قِبَل، وعلى هوى مجموعات تريد العيش خارج حدود القيم وتعليمات الدين لتلبية شهواتهم ومن ثم جَر الاخرين للحاق بهم؟ أليس من الاخلاق دراسة الدعوات إلى الإصلاح بما تستحق قبل النطق بالنتائج النهائية؟ كيف يمكن أن نبدأ بمناقشة حالة لم تتم جمع معلومات حقيقية عن الاسباب والمسببات، أو عقد ندوات أو جلسات نقاشية تضم مختلف الشرائح المعنية للخروج بوضع الإستنتاجات والإقتراحات في محلها، ومن ثم التفتيش عن أهم وأفضل الحلول الواقعية؟ أسئلة كثيرة تنتظر الاجابة قبل عقد المؤتمرات، لأن المؤتمرات تنعقد عندما تختمر الأفكار وتتشبع بالمناقشات لتنطق بما تم التوصل إليه وتطبيقه على الواقع. فجميع الإيزيديين مع الإصلاحات، ولكن على أية أرضية يجب أن تستند تلك الإصلاحات؟ هذا هو الإصلاح الذي يريده وينشده جميع الإيزيديين بمختلف توجهاتهم الفكرية.
الإصلاح في اللغةَ هو نقيض الإفساد (لسان العرب والصحاح)، ومفهوم هذا الاصطلاح هو مفهموم فلسفي يمتلك دلالته الخاصة لكل شريحة من شرائح المجتمع. فما يسميه البعض إصلاحاً هو عند الآخرين يعتبر تقهقراً، وآخرين يسمونه ثورة على الواقع، حيث لكل فئة رؤيتها في التعامل مع مفهوم المصطلح. والاصطلاح قد يعني التغيير الإيجابي في مجموعة الاعراف والعادات والافكار والتقاليد السائدة التي لم تعد تقاوم الواقع وتسايره. والإصلاح هو الإرادة الباحثة عن تقويم الإعوجاج وينشد معالجة الخلل في قواعد النظام المجتمعي التي من شانها إعاقة التنمية والنهوض بالمجتمع من النواحي الاجتماعية والاقتصادية والفكرية والسياسية. وهو بذلك عمل حضاري شامل ومستمر مع تطور المجتمعات، وهو ما كتبنا عنه بشكل مفصل وعملي وحضاري ومهني في مناسبات عديدة. ولكي نقيّم عملية الإصلاح، فيجب الوقوف عند الثوابت وتشخيص الحدود والمفاهيم بينها وبين المتغيرات، ومن ثم الفصل بينهما بشكل واضح لكي لا يشوه أحدهما من الآخر، كما هو الحال مع الاختلاط الحاصل فيما بين السياسة والدين وفصلهما عن البعض ليؤدي كل منهما دوره المنفصل. فمن واجب النخب التي تريد الإصلاح الحقيقي أن تشخص بدقة ماهي تلك الثوابت (القيم والنصوص والقواعد والأسس الدينية)، وتمييزها عن المتغيرات (العادات والتقاليد والاعراف )، لكي يتم التعامل مع كل فئة على ذلك الأساس، وبالتالي فإن ذلك سيسِّهل كثيراً من قبول التغيير الإيجابي في أي مفصل تريده النخب، وسيسهل قبوله من المجتمع أيضاً. وحسب قناعتنا فإنه فيما عدا ذلك سيؤدي إلى الأنهيار بدلاً من المعالجة. فمشكلة الشعب الإيزيدي الفاقد للقيادة الآن هي أن الأفعال وردود الأفعال هي التي تقوده وليست الأفكار، وبذلك فإن أصحاب تلك الأفعال تعمل على خلط الثوابت بالمتغيرات والإصرار على تركيع المجتمع بقبول الأمر الواقع، وبالتالي فإن المجتمع سيفقد توازنه ولن يبقَ له أية أصالة يركن إليها. وحتى إن وجدت الأفكار بهدف الإصلاح، فإنها هي الاخرى مشتتة بين اتجاهات مختلفة لا يجمعها قاسم مشترك بسبب المصلحة الذاتية والارتباط السياسي وعدم الجلوس لمناقشة بعضها البعض بشكل حضاري. وإنما فإن كل فئة ترى في نفسها بأنها محور القضية وأنها أحق من الأخرى بالقيادة وتنظر إلى غيرها بنفس المتعالي، وبالتالي تُقسِّم المجتمع إلى (محافظين وإصلاحيين) مع الأسف .وفي رأي المتواضع فإن الجميع إصلاحيون ولكن لكل منهم طريقته وفهمه للواقع واصلاحه وبالتالي لا يجوز إستثناء أية جهة من المشاركة في مناقشة المشروع الإصلاحي. بحيث يجلس الجميع (قد يطول النقاش على مدار سنة كاملة، لا يهم)، فالمهم ان يتناقشوا بهدوء وان يتباحثوا في جذور المشاكل ثم يرتبوها حسب أولوياتها كدراسة أسباب ظاهرة الإنتحار التي انتشرت كالسرطان في الجسد الإيزيدي منذ عدة سنوات مثلاً؛ والوقوف على الوضع السياسي وتوحيد خطابه، والسعي نحو تطويرالواقع الخدمي في مناطق الإيزيدية، وبيان الموقف حول مسألة الهجرة والمهاجرين والشباب منهم بشكل خاص، قراءة الوضع القانوني بمعرفة حقوقين وخبراء في الميدان لاسيما مايتعلق بالأحوال الشخصية كالزواج والطلاق والنفقة والتبني، والنظر الى توريث المرأة بعيون منصفة وحسم مسألة الزواج خارج الدين، وتثبيت نظام الإمارة وعلاقته مع المجلس الروحاني وفق قواعد متفق عليها، وذلك من اجل انهاء العشوائية والمزاجية والانتقائية والمصلحية السائدة في أختيار الأمير، وتنظيم واردات لالش والسناجق، وتفعيل مسألة الفتاوى في الحالات التي تستوجب، والعمل على آلية تفعيل لوبي إيزيدي فعّال في أوربا لإيصال معاناتهم للرأي العام العالمي، المطالبة بمستحقات وممتلكات الإيزيدية في تركيا والعراق وسوريا وغيرها.
فنحن نعلم بأن الذي كان يجري في السابق لم يعد يتعايش مع الواقع الحالي بشكله الضيق، ونعلم كذلك وجوب التفكير بما هو متماشي مع العصرنة مع الاتفاق على الثوابت من القيم التي تزيد وتعزز من رسوخ المجتمع وحيوية استمراره. كذلك نعلم جيداً بأنه لا وجود لأي مقدس خارج التفكير والنقاش وإبداء الرأي (حتى أن الكلام في الخالق وعن قدسيته ليس بخارج عن حدود المناقشة والمنطق، ولكن بحدود اللياقة)، وهو ما يتهمنا البعض بأننا ضد تلك الأفكار ومناقشتها ويتهموننا زورا بالانغلاق والتشدد عندما نطالب بالتغيير المنضبط. فليس كل تغيير هو إيجابي، وليس كل تجديد يجب قبوله على علاته، وليس من المعقول أيضاً بأن تنقاد الصفوات من قبل أصحاب الشهوات المغرضة وقبول كل ما يتمنونه لإفساد الحال على هواهم وشهواتهم، وإلا ما الفرق بين الصفوات وغيرهم؟
ما الذي يجب ان يتم فيه الاصلاح؟ :
الأديان جميعها عبارة عن قيم روحية تعنى بتنظيم حياة الانسان (ولا توجد ديانة خالية من التطرف، ولكن عن أي تطرف يمكن أن نتحدث في العلاقة التي تربط الشعب الايزيدي ببعضه ؟). ففي فترات متتالية تداخلت بعض المفاهيم والعادات والتقاليد بالتعليمات الدينية وترسخت بحيث أصبحت تنحسب عليه، بل أقوى منه في فترات معينة. لذلك فمن الطبيعي أن يحصل فيها إصلاح، بل يجب أن يحصل فيها إصلاح. أما أن ينسحب الإصلاح من تلك العادات على أصل المعتقد، فهذا هو الذي علينا عدم البحث فيه والتوقف عنده اوحتى الحديث عنه لكي لا تعامل الثوابت بنفس معيار ومعاملة المتغيرات. وإذا كنا نقارن أنفسنا بغيرنا من الديانات من حيث الامكانات، فسنقع في خطا جسيم لأنه ليست لنا قدرات ومؤهلات وبرامج مستقلة يمكن تطبيقها كما هو الحال مع شعوب الديانات الاخرى. فالآخرين يمتلكون الجوامع والكنائس والمؤسسات والكتب والشرع والقضاء والمدارس والمناهج وما إلى غير ذلك. أي أن مجموعة القيم والأعراف التي تحدثنا عنها بالنسبة لهم واضحة بضوابط محددة، ولكن هل نمتلك نحن برامج التربية والمناهج الدراسية ودور العبادة والمدارس والاعلام والصحافة لكي نصحح كل شيء في وقته وبما يلائم وضعنا، أو نقول لنتساير مع الواقع؟ الجواب كلا. لذلك علينا كشعب إيزيدي أن نبدأ قدر الامكان بالاستفادة من امكانيات الشخصيات الثقافية والتنظيمات والجمعيات والاحزاب الإيزيدية لكي تقوم هي بدور التوعية والتربية الاخلاقية والدينية، إضافة لما يتعلمه الانسان في المدرسة والشارع والمجتمع. فإننا اليوم نعيش في مجتمع مفتوح على كل الاحتمالات القيمية بشقيها السلبي والايجابي. وأن المجتمع المفتوح فيه من المخاطر ما يجب الوقوف عليها وبخطوات منتظمة ومحسوبة بمستوى التحديات، وليس الإصلاح الفوقي الذي يهدد بالانهيار في حال تطبيقه بدون دراسة معمقة من مختلف الجوانب النفسية والاخلاقية والدينية والقانونية على مستوى القاعدة. فنعلم باليقين بأنه يجب إيجاد مساحة مشتركة فيما بين الجيل الجديد الذي يتعامل مع الثقافة المفتوحة والشارع الأوربي بشكل خاص، وهو يتردد على الديسكو أو سهولة أمكانية الأرتباط بمن هم من غير ديانتهم، أو من خلال التعامل مع الثقافة الأوربية في وقت تتغيب عنه قيمه الدينية وثقافته الشرقية التي لم تعد تصمد أمام الكم الهائل من مغريات العصر، وبين الجيل الذي لا يزال يعيش روحياً في الوطن بالرغم من وجوده المادي في أوربا. فالحال في الواقع الايزيدي ليس بالسهل الذي نتوقعه وذلك لأن جميع معتنقيه يتعايشون في أو مع الوسط الاسلامي والمسيحي، بما لهما من تأثيرات سلبية أو إيجابية وكذلك لصعوبة التعامل مع واقع يخلط بين عدة توجهات وممارسات متناقضة: ذاتية وموضوعية في آنٍ معاً، سياسيةـ دينية، اجتماعيةـ عشائرية، جهل ـ أمية، مصالح شخصيةـ مكانة اجتماعية، وغير ذلك. فالمؤسسة الدينية هي ليست بمستوى الوعي التي يمكنها أن تدير شعباً يحمل كل هذه التناقضات. وفي ذات الوقت تكون ممثلة لديانة ومجتمع من هذا الطراز. وهي بذلك أخلّت بالنظام العام وفتحت ( المؤسسة الدينية ) الباب أمام الداعين الى الاصلاح على مصراعيه، لأنها لم تؤدِ واجباتها الأساسية، وكذلك ليست بمستوى الوعي المتطور مع الحداثة. وعليه، فإنه لا يعني ذلك بأن الخلل في الدين وتعليماته لكي نأتي ونضرب أصل وأسس وقواعد الدين ونهدمه بجريرة عدم وعي رجال الدين من الاميين، وإنما علينا كمتعلمين أن نفرق بين الإصلاح والهدم. وأن ننقذ الواقع من هذا الخلل بإيجاد الوسيلة الصحيحة بدلا من أن نضرب الدين في أعماق أصوله. فالمجلس الروحاني من جانبه أيضاً قد أحتكر لنفسه كل شيء، ولكنه هو الآخر لم يفعل ما مطلوب منه. وهو بذلك جعل الشعب الايزيدي أسير هذه الزوابع التي تعصف به وتفسح المجال أمام الجميع للإدلاء بأحقية المطالبة بتغيير الواقع الايزيدي نحو الافضل دون ان يقدموا الدليل أو الاقتراحات المطلوبة بهدف الاصلاح. ولذلك نرى بان الإصلاح الحقيقي يمكن أن يشمل الفقرات التالية من جسم الكيان الايزيدي :
علي سيدو رشو
المانيا في 22/3 /2019


14
الجزء الاول
الإيزيديون ومستقبل الإصلاح (*)
الجزء الاول (1-4)
 اعتقد غير جازم ان العنوان المشار اليه اعلاه هو الذي نحتاجه اليوم حتى نواجه ماينتظرنا من واقع متأزم  ونرسم  او نؤطر بالتالي لنا مساراً موضوعيا نطرحه للمناقشة الحرة ونفهمه بروح انسانية منفتحة على الآفاق والتحديات كلها. فذلك وحده قد يساعدنا على الكف عن كل هذا التراشق الانفعالي المتلاطم بكم وكيف هائلين من التهم والتأويلات غير المجدية ويمكننا من ثم من الوقوف على ارضية سليمة تتماشى مع الواقع الايزيدي الذاتي وتتناسب كذلك موضوعياً مع عناصر ومعطيات المحيط الديموغرافي المجاور لنا او المتداخل جعرافيا معنا بمختلف توجهاته واديانه وقومياته ،عليه نقول اليوم وبحسرة:
أ ـ بأنه فعلى الرغم من أن قوة الإيزيديين فاقت اي وقتِ مضى وذلك بسبب تعرّف العالم على تضحياتهم والمآسي والويلات التي تكبدوها، والإبادات التي ايقظت الكثير من الخبايا والخفايا ونبهت الاذهان الى قضيتهم كشعب يباد، ينقرض ويلقى الاضطهاد على الدوام. إلا أن الإيزيدية لا زالت كدين وشعب مهددة فعليا وسائرة نحو المصير المجهول، ونحو بحر من الفوضى والعشوائية التي لا تتمخض إلاّعن المصالح والانانيات والتقديرات الضيقة والحسابات الخاطئة والتوجهات الطائشة والنزعات الانقسامية التى لايتوانى ابناؤها و معتنقوها عن التلون بها. فقد  بدأت تلك العيوب والسيئات الذاتية فضلا عن العوامل الخارجية تنخر تماسكنا من الداخل حتى بدون أن نعي، وكأننا ننقاد في سفينة  بدون ربّان . لذلك وحيث ان معالم المشكلة الأساسية قد تحددت هنا وتوضّحت، وهي قد تتمثل في السعي الحثيث نحو إيجاد وتسمية الربّان القادر من النواحي الذاتية والموضوعية على تحديد الاتجاه، والتمكن من ثم من إمساك مقود السفينة. بل بالقدرة على فهم الاحداثيات التي ستحدد الاتجاه الصحيح والهدف الصائب المطلوب، وابداء عدم الرضوخ  لما قد تفرضه عليه الرياح من اتجاهات خاطئة عِبرَ الترَفُع عن المصالح والاهواء وضمان الانفتاح على الجميع والتعاون مع الجميع من ناحية، و مجابهة الايعازات او الاملاءات التي قد ترد من الخارج ايا كان مصدرها من ناحية اخرى .
ب ـ لكن في المقابل وحتى لانغرق في السوداوية وجَلَد الذات علينا أن نفتخر بما قدمه الشعب الإيزيدي على مدى سنوات من المِحَن في مواجهة الابادات والاصرار على الابقاء على وجوده ككيان اجتماعي ـ ديني متماسك بهمة مقاتليه الاشاوس من الرجال والنساء سواء عبر المقاومة القتالية المستميتة على أرض الواقع في شنكال، أو على مستوى التعريف بالقضية في المحافل العالمية، او عِبرَ البناء في بعشيقة وبحزاني أو من خلال التأقلم الجبّار مع الظروف الخارقة في المآسي التي فرضتها الظروف على جبل شنكال، ولاتزال مآلات التشرد والنزوح والحياة الثقيلة في المخيمات تستسرخ ضمير العالم. أو عِبرَ التحّدي المنيع الذي ابداه الطلبة الايزيديون فتفوقوا في المدارس والجامعات رغم الحرمان والقهر والعيش المضمخ بالمآسي بعد ان تحدّوا المستحيل وطوّعوه لصالح مستقبلهم. او من خلال الالاف الذين تظاهروا في الساحات والميادين والاروقة الاوربية والعالمية. اومن معونات الذين قدموا الغالي والنفيس من المساعدات بانواعها المادية والعينية والمعنوية وهلم جرا. فهذه الإرادات تستحق الوقوف عليها وتثمينها وابرازها في جميع المحافل على أنها شكلت مع بعضها اسطورة وسمفونية رائعة تحّدت كل الظروف والتحديات بقساوتها وعبرت بقضيتها إلى المراكز العليا في العالم او في العراق بحيث لم يبق أمامنا سوى خطوات لنصل إلى غاياتنا المنشودة، وأن أولى هذه الخطوات هي التحصين الذاتي.
ج ـ فمكمن المشكلة في قضِّها وقضيضها من الناحية الذاتية حسب الفهم والإستنتاج إذن، هو في الادارة، وبالذات في الادارة التي كان يتولاها سمو الامير الراحل تحسين بك شخصياً منذ عقود وما ستعقبها من الادارات بعد رحيله. فلم يكن في مراحله الاخيرة بقادرِ على التمسك بالموقف؛ لا على الصعيد الذاتي للايزيديين والايزيدياتي، ولا على المستوى الخارجي في التعامل مع الظروف الموضوعية، على الرغم من التغيير الحاصل في الظروف. وإنما انتهج الشكل الروتيني على سلف آبائه وأجداده بما كانوا عليه قبل مائة عام من الان ولكن بحكمة وعقلية تتحسب لكل حالة بحالتها، مُستَبعِداً فكرة العصرنة والتنمية البشرية، حيث تشابكت الحسابات والمصالح وغابت من ثم الاهلية المطلوبة. وبذلك فلقد عجزت إدارة الإيزيديين على هذا النحو وضاعت القدرات والإمكانياته عن ضبط الاتجاه الصحيح وتنظيمه، والتكيف من ثم مع الواقع والوقائع المستجدة حسب ما تتطلبه ظروف كل مرحلة بما فيها من تعدد المفردات اليومية التي تجابه المجتمع على جميع مستوياته الاجتماعية والاقتصادية والعلمية والسلوكية والسياسية والدينية. وبذلك فإن لب المشكلة إنحصر في انه لم يكن بالامكان انجاز اي شيء على أرض الواقع بدونه (أقصد سمو الأمير الراحل تحسين بك)، هذا في الوقت الذي لم يكن باستطاعته تقديم أي شيء إما: بسبب تداخل وتشابك المصالح الذاتية والموضوعية في بعضها، أو أنه ناتج عن الخوف والخشية من مستقبل الإيزيديين في ظل نمو التطرف الإسلام السلفي المتنامي في المنطقة. وبذلك أفقدَ المجتمع الايزيدي غالبية الفرص التي كان بالإمكان الإستفادة منها، مما نتج عنه شل حركة المفاصل التي تتمثل في المجلس الروحاني ودور بابا شيخ والمثقفين وشيوخ العشائر وحتى السياسيين والبرلمانيين.
د. لكن ومن جهة اخرى وحتى لانُحِّمل الامير تحسين بك كل الوزر، فهنالك  من كان يستفيد من موقف الامير. فالمجلس الروحاني وجميع من لهم مصالح شخصية سكتوا او سايروا الواقع الايزيدي المتردي وذلك لكي يحافظوا على تلك المصالح، وأنهم جعلوا من موقف سمو الامير هذا شماعة لتعليق فشلهم أو عدم القيام بما يستوجب على تلك الشماعة. وعليه فان الموضوعية تفترض ان  نقر وننبه من ثم بأن التاريخ سيحاسب الجميع بدءاً بالراحل الامير تحسين بك وانتهاءاً ببقية المسئولين كل من موقعه. فالمشاكل التي بدأت تطفوا على السطح بعد عام 2007 على وجه التحديد، كانت بسبب الموقف اللامبالي من جانب الراحل الامير تحسين بك والمجلس الروحاني في التعامل مع قضايا الاصلاح في النظام المؤسساتي الإيزيدي أو بخصوص خيرات لألش وغيرها لتودع في حساب خاص يستفاد منه في الصرف على القضايا الاساسية للمجتمع الايزيدي.
ه. هذا وتجدر الاشارة ان البيوتات والمراكز والجمعيات الثقافية الاجتماعية الايزيدية في أوربا والمانيا بالذات تتحمل نصيبا لايستهان به من المسؤولية لعدم قيامها بالواجب الذي تأسست من أجله بشكل صحيح. كما أن جزءاً كبيراً من تلك المسئولية تقع على كاهل المثقفين الذين بددوا الجهود وراحوا يعملون لتحقيق مصالح الآخرين جهلاً أو تعمّداً. ثم ينبغي ومن باب انصاف المشهد الايزيدي الا نسهو عن الدور السلبي لشيوخ ووجهاء العشائر ورجال الدين في سنجار بدعمهم اللامحدود للإمارة بدون مقابل أو بدون المطالبة باستحقاقاتهم المناطقية وما يتعلق بذلك في تحسين الأحوال وإدخال بعض الإصلاحات على الواقع الايزيدي المتردي .
فالإيزيديون هم شعب لهم ديانتهم وتاريخهم وتراثهم الخاص يميزهم عن غيرهم من الشعوب. فلقد دفعوا من الضحايا مالم يتصوره العقل، ولا يعقل بأن جميع تلك التضحيات كانت من أجل لاشيء أو فقط بسبب التعنّت أو عدم الايمان بالدين وأسسه، لأنه لا يمكن للإنسان أن يضحي بحياته إلا من أجل مباديء سامية. وهي كغيرها من المعتقدات أيضاً، تتمتع بأصول ودساتير وقوانين واحكام. وبذلك ينطبق عليهم ما ينطبق على بقية الديانات وشعوبهم. فأسس الدين لاتقاس بالفترات الزمنية، ولا تخضع دساتيره حسبما يتصوّره البعض للإستبيان كما هو الحال في قانون الاحوال الشخصية مثلا، ولايقاس كذلك بالتكنولوجيا وإلأ لتغير العالم المسيحي منذ مئات السنين ولتركوا الكنائس والاديرة والتعليمات ويمكن قد ألفوا إنجيلا عصريا يلائم الوضع ويتماشى مع العصرنة أو أباحوا المحرمات أو على الأقل لكانوا قد تركوا الجانب التبشيري أو فسحوا المجال لتعدد الزوجات بسبب الواقع الاجتماعي. فالتمسك بالدين لايعني الوقوف بوجه الحداثة وقيمها. ولا يقف الدين حائلا لدخول الانسان في الحياة العصرية من حيث التعاملات المادية والتعليم والتطور والتمدن. و لايقف الدين بوجه الإصلاحات التي تنشد التطور الايجابي في زمن العولمة. ولا يقف الدين بوجه السعي لأن تتواصل مع الحضارة الانسانية. وإنما يقف الدين بوجه الرذيلة والنواقص التي تحط من القيم النبيلة التي تخدش كرامة الانسان وتزيد من مستوى الجريمة والفواحش والكبائر التي تعكر على البشرية حياتها ومستقبلها .
(*): ارجو من القراء الكرام ابداء الرأي وارسال المقترحات، لأننا سنناقش هذه الاراء مع ماتردنا من اراء مع مجموعة من اهل الراي والاختصاص لتصبح قاعدة لعمل مستقبلي بعد الاستماع الى مختلف الافكار والتوجهات. كما يمكن إرسال الافكار والمقترحات على الايميل التالي. فللموضع صلة وأن الاجزاء التالية ستخصص بشكل تفصيلي وعملي لما ننوي الاصلاح فيه.
alirasho@yahoo.de
علي سيدو رشو/ مسئول اللجنة الدينية في المجلس المركزي الايزيدي
المانيا في 17/3/2019


15
حالتان لا يمكن التجاوز عليهما، أيها الايزيدي
الحالة الاولى:
قبل يوم من الان نشرت على صفحات التواصل الاجتماعي جريمة مروعة قل نظير حدوثها في الكون، ألا وهي التقرير الذي نشرته صحيفة ديلي ميل البريطانية نقلا عن مراسلين لها في موقع الحدث في منطقة ابو غوزان بشرق سوريا عندما شاهدوا رؤوس مقطوعة لخمسين سيدة ايزيدية في صناديق النفايات(1) بعدما شبعوا منهن في مارسة الرذيلة والبيع والشراء والهدايا فيما بين (المقاتلين الاوباش) من منتسبي الدوووووولة الاسلامية في الشام والعراق (داعش). مبروووووك عليكم هذا النشاز وهذا العار ليلحق بكم الى يوم الدين وانتم في موقع الحضيض من الترتيب الانساني.
كنا نسمع في الماضي بأن الرجال هم الذين يٌقتَلون في المعارك وأنه حصلت في الجاهلية معارك وكانت بعض العشائر تتخلص وقتذاك من النساء والبنات في حالات خاصة تجنباً للوقوع بايدي المنتصرين ولكنهم كانوا يتخلصون منهن بالقتل وليس بقطع الرأس، أما أن يتم قطع رؤوس النساء فهذه (مفخرة جديدة) بكل القياسات من قِبل هذه الدولة التي لم تألوا جهداً إلا وسخرته لترتكب الابشع من بين الجرائم التي بدأت تتفنن بها مع الإيزيديين منذ شهر اب 2014 ولغاية اليوم.
كان المفروض بالمنظمات النسوية على صعيد الكون أن تنتفض وتصرخ وتنتقم وتقول كلمتها في مثل هذه المواقف. فعندما يٌتقل صحفي في معركة معينة تقام الدنيا من اركانها ولا تقعد، ولكن أن تقطع رؤوس 50 سيدة بريئة وحجتهم في ذلك هي إنهن إيزيديات، فهذا الذي على العالم أن يقفوا عليه ويفحصوا فحوى هذه الرسالة الى العالم المتمدن. في مقابل ذلك هنالك جهات دولية ومنظمات (انسانية) تعمل لقاءات مع نساء داعش ويقدمون لهن مالذ وطاب ونقلهن بالحافلات المكيفة ونقلهن بكل حرية الى البلدان التي اتوا منها ليفرخوا لهم جيلاً من الارهابيين وهم ساكتون عن الجريمة الشنعاء التي لحقت بتلك النسوة الابرياء بكل وقاحة وعار. فأين حكومة العراق من هذا الحدث؟ وأين هي حكومة كردستان من هذا الموقف؟ كما وأين هي الامم المتحدة ومجموعة الاقليات في العالم ليقولوا كفى هذا العبث بهذه الاقلية التي لا زالت تنزف الدم منذ 1400 سنة.
ما يحزن الان هو هذا السكوت العالمي وخاصة العراقي والكردي الرسمي وكأنه خبر عابر لا يستحق تغطيته في الاعلام الرسمي للدولة. وبهذه المناسبة فإننا نطالب المعنيين بتسليم رؤوس هذه القديسات إلى الايزيديين لكي يقوموا بواجب الدفن وحسب الاعراف الايزيدية وإقامة نصب تذكاري لهن كشاهد على أعتى جريمة شهدها العصر الحديث بحق الاقلية الدينية الايزيدية.
الحالة الثانية:
حكاية تحرير عدد من الاطفال الايزيديين من قبضة هذا التنظيم المسخ على ايدي قوات سوريا الديمقراطية مشكورين واستغلالها سياسياً هي الاخرى اصبحت تشكل عارا ما بعده عار فيما بين الجهات التي تريد المتاجرة ببراءتهم. فالطفل الذي لخص جينوسايد الايزيديين بمقولته الشهيرة (خوما تشتك اب شنكال هاتيا)(2) وهو قد نسي نفسه وعائلته والصعوبات التي عاشها في الاسر ليسأل عن شنكال وهل حصل فيها مكروه!!
فلكل ذي ضمير أن يفحص ويقيّم كلام هذا الطفل الذي لم يلتقِ بعد بعائلته وذويه ليسأل عن شنكال أولاً، ومع ذلك فهناك الالاف من الإيزيديين الذين يقولون ماذا نعمل بشنكال التي هي عبارة عن مجموعة من القرى البائسة ولا تستحق قطرة دم لكي نبقى فيها. بينما أن العديد من الجهات الدولية تتقاتل فيما بينها على أهمية وحيوية شنكال التي هي أهم من المهم لديهم ولكنها (حسب رأي البعض) فلم تكن مهمة لنا نحن أهل الأرض والجغرافية وكان المفروض بالايزيديين أن يجعلوا من شنكال قبلة لهم،. فالذي يرى في شنكال غير ما قاله هذا الطفل على براءته أن يقدم الدليل وإلا فإن لشنكال من القيمة ما ليس لغيرها.
فعلى المسئولين الايزيديين أن يحركوا هذه القضية في المحافل الرسمية العراقية والاجنبية. وعلى الجاليات الايزيدية القيام بالمظاهرات العارمة في اوربا وامريكا والعالم كله. وعلى المثقفين الايزويديين أن يكتبوا عن الجريمة بكل السبل. وعلى المنظمات النسوية الايزيدية القيام بنشاطات لا نهاية لها وتعريف العالم بهذه الجريمة الشنعاء. كما وعلى النشطاء الايزيديين القيام بفعاليات جماهيرية في الشوارع العامة لتعريف أكبر عدد ممكن من الشعوب الحرة بهذه النكبة البشعة لتكتب عنها الصحف وتذاع تفاصيل قصص الجرم من وسائل الاعلام المرئية لتدخل كل بيت وتبقى على كل لسان.
لكّن أيتها الحوريات ننحني بقاماتنا وامام تضحياتكن نشعر بالالم والتقصير ولكن نتعهد لكنّ بأننا سوف لن نقف مكتوفي الأيدي مهما كلفنا الامر.
(1): https://www.dailymail.co.uk/news/article-6738131/SAS-troops-severed-heads-50-Yazidi-sex-slaves-close-barbaric-ISIS.html
(2): https://www.facebook.com/xaled.alqaidy/videos/1036639496543525/UzpfSTEwMDAwNDAxMzQ4MDQ2OToxNTE3MDQxMDU4NDM5NjYy/?comment_id=1517048168438951&notif_id=1551110895791875&notif_t=feedback_reaction_generic
 
علي سيدو رشو
المانيا في 25/2/2019   

16
وجهة نظر في تسمية الامير الجديد!!!
كما هو معلوم، فإن الإمارة الوحيدة  الباقية على قيد الحياة لغاية اليوم من بين إمارات بادينان هي الإمارة الإيزيدية وهي الأخرى قد مرت بمنعطفات كثيرة ومحطات لم تخلو من العقبات والمطبات. ولقد تعاقب على الإمارة الكثير من الأمراء الذين وضعوا بصمتهم على أحداث التاريخ، منهم سمو الآمير علي بك وحسين بك وميان خاتون ويجب كذلك أن لا ننسَ دور عائلة الأمير جول بك في الثقافة والتنوير والكثير من المواقف المشرفة. فالإمارة هي ليست ضرباً من التسلية بقدر ما هي مسئولية أخلاقية واجتماعية وادارية وسياسية قبل أن تكون وسيلة للحصول على الامتيازات والمصالح الشخصية. وعلى اية حال فإن إطلاق عنان اختيار الامير الجديد خلفا للمرحوم تحسين بك بيد هذا الكم من المرشحين  وللأسف نقول بأن (غالبيتهم غير مؤهلين لتبوء هذا الموقع)، فبالتاكيد سوف تحصل متغيرات كثيرة وستحاول كل جهة استغلال الموقف للتقرب من الجهات السياسية لكي تحصل على دعمها وبالتالي فإن فرض الأمير الجديد سوف يشكل مشكلة ابدية لبيت الامارة كما هو لعموم الشعب الايزيدي.عليه فإنه هنالك ثلاث جهات لها وجهات نظر مختلفة في توجهاتها ومصالحها في تسمية الامير الجديد:
اولاً: ف فيما يخص بيت الإمارة: هنالك قواعد وآليات غير متفق عليها بشكل نهائي من قبل بيت الامارة على تسمية الامير الجديد (العمر، المستوى الدراسي، المؤهلات الشخصية والية الاختيار)، وانما بٌني الإختيار على أساس مطالب من اختلاق الاميرة ميان خاتون وبناءاً على رغبتها في الاختيار انذاك بالتعاون مع الحكومة الملكية ورغبة منها في اختيار الراحل تحسين بك رحمه الله. هذا الامر بات الآن سبباً يفتح الباب واسعاً امام العديد من الاحتمالات والانشقاقات لحد كبير جداً. ويبدو هذا جلياً من عدد المرشحين ولاول مرة في التاريخ بحيث أن كل عائلة من بيت الامارة رأت في نفسها بأنه لها الحق كما هو لغيرها، وهذا بحد ذاته كافياً ليشكل خطرا كبيرا (وربما يخلق انشقاقاً يصل حداً قد لا يحمد عقباه)، ويسد الطريق امام الكثير من الفرص لاختيار الافضل من بين المرشحين.
ثانياً: ما تقتضيه مصلحة الشعب الايزيدي في اختيار اميراً يتمتع بالكثير من الصفات والكفاءة والمواصفات القيادية ويستوعب المرحلة بما فيها وقادراً على التطوير والمناورة من حيث الحنكة والمهارة، ويكون متنورا سياسياً وثقافيا واجتماعياً لمواجهة الوضع بحكمة ودراية مطلوبة تتماشى مع العصر بتغيراته من مختلف الجوانب وما يتطلبه الواقع الإيزيدي بعد جينوسايد 2014 وما رافقه من افرازات على مستويات عدة. هذا الامر سوف يشكل تحدياً كبيراً ومطلبا جماهيرياً ايزيديا في عموم العالم على أن يكون قادراً على إيصال صوت ومعاناة الإيزيديين إلى العالم معتمداً على مجلس استشاري مصغر من العراق والمهجر (ليس كحال المجلس الاستشاري هو اليوم)، ليقف على عموم مشاكل قومه. وسوف تحصل الكثير من المشاكل في حال تم الاختيار ضد هذه الارادة وبخاصة في سنجار وبلاد القوقاز على وجه التحديد وبشكل خاص يكون قادراً على تحديد هوية الإيزيديين ليبعدنا من هذا التلاعب في البازار السياسي .
ثالثاً: أما ما تريده الاحزاب والاختيار السياسي: فهذا له شأن آخر في الاختيار وهو ما سيتناسب مع مصلحة تلك الجهات بالاستفادة من هذا العدد الكبير من المرشحين في ظل عدم توفر الحكمة من بيت الإمارة بالاتفاق على شخصية متفق عليها من بينهم، وكذلك وعي الشعب الايزيدي بعدم قبول فرض الراي السياسي بتسمية الأمير حسب ما ترتأي مصلحة تلك الجهات السياسية على حساب مصلحة الشعب الإيزيدي. وبغياب تلك الدراية فإن المجال سيفتح واسعاً امام الجهات السياسية وخاصة الحزب الديمقراطي الكردستاني ليلعب دور المحور في اختيار الشخص المناسب لمصالحها السياسية بفرضها لشخصية ضعيفة من بين المرشحين على الايزيديين.
لقد ادلى الكثيرين برايهم في هذا الاختيار وجرت العديد من الاجتماعات فيما بين أبناء الإمارة أنفسهم وكذلك فيما بين الجهات الإيزيدية بما في ذلك بعض البيانات ووجهات النظر حول ذلك. هنا تم اقتراح العديد من الأسماء والذوات ولكن الافضل منهم هو من يستطيع ان يكون قادرا على مقاومة الضغوط التي لا تتماشى مع مصلحة الايزيديين ويكون حكيماً ويتمتع بالقدر الكافي من المرونة بحيث يحافظ على مصالح شعبه ولا يقف بالضد من مصالح الاخرين الذين لديهم مع الايزيديين مشتركات اساسية وبخاصة الكرد. وهنا استطيع ان اقول بأنه من بين الرجال في بيت الامارة لحد هذا الوقت (بسبب ظروف معينة لبعضهم وخاصة النواحي الصحية والخبرة)، هو الامير عصمت تحسين بك أو الآمير فرج خيري بك لما يتمتعا به من صفات شخصية وكاريزما مقبولة من الوسط الإيزيدي. ومن بين النساء فالاختيار الافضل هو الاميرة ميان خيري بك أو الآميرة عالية بايزيد لحكمتهن وثقافتهن. وكم تمنيت أن يسع صدر الجميع ويتم اختيار شخصية نسوية لتتبوأ الإمارة في هذه المرحلة لنبين للعالم مدى احترامنا للمرأة في وسط هذه المجتمعات الذكورية ولنضرب مثلاً في الديمقراطية وحقوق الانسان وكذلك احتراماً لمعانات أخواتنا اللاتي لازلن يتعذبن في الأسر على ايدي عتاة العصر من همج ما يسمى بالدولة الاسلامية.
وأخيراً، أتمنى من بيت الإمارة أن تستوعب درس عدد مرشحي الإيزيديين للمجلس النيابي ويتفقون فيما بينهم على تسمية شخصية قادرة على تحمّل عبء هذا العمل المسئول لكي لا يتعرض هذا الموقع إلى حلبة للتصارع حول المصالح الشخصية. ومن أجمل ما اراه مناسباً هو أن تحترم بيت الإمارة هذه المكانة وتتجنب تعريضها للإهتزاز والابتزاز والمصالح، ليليق بهم وبمعاناة بني قومهم أمام الملأ بعد أن تعرضنا إلى البيع والشراء في اسواق الرق. ولكم احترامي
علي سيدو رشو / المانيا في 23/2/2019
 

17
رسالة مفتوحة إلى الفاضلة نادية مراد،
تحية وتقدير وبعد/
من صميم القلب أتقدم إليكِ بخالص التهاني لنيل جائزة نويل للسلام، التي تعد أعلى وسام عالمي يمنح لمن بذل الجهود المضنية لخدمة الانسانية في جميع المجالات العلمية والادبية والانسانية. هذه الجائزة لا تمنح إلا في الظروف النوعية من المجالات المذكورة، وبخاصة الإنسانية منها والتي لها مساس مباشر بحياة الملايين من الناس. فالشعب الإيزيدي، كما وصفتي حاله هو أقلية عرقية، كان منسياً حتى بالنسبة لغالبية الشعب العراقي بشكل عام إلا في الوصف المتدني (مع الأسف)، أو على أقل تقدير لم يكن يحسب له على أنه جزء من الشعب العراقي، علماً أنه تحمّل عبء ومعاناة هذا البلد كغيره من الفئات الإجتماعية الأخرى. ولقد تعرّف العالم عليه من خلال معاناته بشكل واسع بعد أقتراف عناصر دولة الخلافة الاسلامية (داعش)، جريمته الكبرى من القتل والسبي والتهجير في الثالث من اب 2014. وأنكِ أول من رسمتي صورة تلك المعاناة في لوحة تاريخية ألهبت حماس الناس على مدار الكرة الأرضية بتلك العبارات التي كانت تخرج كالبركان من بين شفايف ضحية منهكة الجسد والنفس ولكن قوية الإرادة والشكيمة وبإصرار على الخوض في غمار معركة غير واضحة النتائج أو المعالم. فمهما نختار من عبارات أو تعبيرات، فقلما توصل الكثيرين من اصحاب البلاغة إلى التأثير الذي أوقعته تلك العبارات وعلى مدى أربعة أعوام لتستقر في قلب المتلقي كما هو موقفكِ.
لقد هزمتي (مع زميلاتكي في المحنة)، هذا الفكر المتطرف بقوة الكلمة والإرادة بالعزيمة على مواصلة الكفاح السلمي إلى جانب أسود جبل سنجار من المقاتلين الإيزيديين لتحقيق العدالة على مستوى العالم عِبر بوابة محنة الإيزيديين، التي باتت على لسان معظم سياسيي العالم ومنظماته الحقوقية. وهنا نبارك لكِ للمرة الألف هذا التكريم الذي أضاف ثقلاً إضافياً على كاهلكِ المنهك لتصبحي أيقونة عالمية بضحايا بني قومكِ الإيزيديين، مع عدم نسيان أو تناسي معاناة بقية الفئات الضعيفة والمهمشة من الاقليات الدينية والنساء والاطفال الذين يعتبرون الحلقة الأضعف في الاتجار بهم في حالات الحروب والنزاعات.
عزيزتي نادية،
حسب قراءتي لواقع حال مجتمعاتنا، فإنه يجب عليكي التحسب لكل خطوة تخطينها ما بعد اليوم وبخاصة التحسب للفشل لا سامح الله، فاللفشل أسبابه ومسبباته كما هو للنجاح والسمو. هنا لا أود التعرج على ما ذكرتيه في الكلمة القيمة التي القيتيها في مناسبة منح الجائزة. ولا على الكلمات أثناء اللقاءات مع القادة والرؤساء والمسئولين. ولا مع أبناء عمومكتي في لالش النوراني، ولكن ساركز فقط على عبارة واحدة، ألا وهي: (على سماحة بابا شيخ أن يعطي قيمة لمكانته ولا يتجاوب مع كل المواقف والصعود الى الطيارة بناء على رغبة هذا السياسي او ذاك ليحضر مؤتمرا هنا أو هناك). لقد فشل المجلس الروحاني لعدم منحه قيمة لمكانته السامية بحيث وضعوه تحت خدمة هذه الجهة أوتلك. كما وفشل سمو الأمير تحسين بك لعدم إعطائه قيمة لمكانته ومقامه والاعتماد على مجموعة لا ترتقي إلى مستوى المسئولية الملقاة على مكانته. وفشل السياسيين الايزيديين لتخوفهم على مصالحهم الشخصية ومراكزهم السياسية. وهكذا فشل المثقفين في بلورة خطاب موجه ليصبحوا شموعا تنير الدرب امام الاخرين كما هو مطلوب لأسبابهم الخاصة بهم أيضاً. وفشل كذلك رؤساء العشائر ،في سنجار على وجه الخصوص، فهم الذين لم يتعظوا من تجارب التاريخ المأساوي لبني جلدتهم بحيث وضعوا ثقتهم بالكامل في الاخر وعدم التحسب لما قد يحصل بسبب المصالح السياسية. والقائمة طويلة ولا اريد الخوض فيها أكثر من هذا.
الغرض من هذا السرد يا عزيزتي نادية هو، أبتغي القول بأنه لا يوجد إنسان متكامل وبسبب التجربة القصيرة لفتاة منهكة وحاملة لمعاناة تفوق قدراتها بمئات المرات، فمن الطبيعي أن تنسي بعض المواقف أو القضايا التي يجب التركيز عليها في المواقف المهمة كما هي مناسبة منح جائزة نوبل للسلام. لقد تابعنا الامر باهتمام بالغ ولكننا لم نجد أية إشارة تشير إلى وجود التراث الإيزيدي بين الحضور من حيث التواجد بالملابس التي يظهر من خلالها التراث الايزيدي من النساء والرجال. لم نتلقَ كذلك دعوة لبعض  الشخصيات أو المنظمات الإيزيدية كما في حال سنترال رات الايزيديين في المانيا أو منظمة يزدا التي عملتي معهم منذ البداية، فإننا نجهل الأسباب ولكن كان الواجب يقتضي ارسال دعوات لهم بحيث يعملون على تظاهرة تليق بمقامكِ ومقام نيل الجائزة. فالكلام هنا كثير ولكني ساقتصر على ذكر بعض أراه مفيداً لكِ، حيث لم يعمل بها أحد من المسئولين الإيزيديين من قبل وتسببت في فشلهم ألا وهي التي ستقودكِ إلى النجاح أو لا سامح الله إلى الفشل.
1.   عليكي أن لا تعتمدي فقط على أي قريب منكي في كل شيء (مع كامل الاعتزاز برأيكِ وتضحيات مُن معكي)، بل تعملي على إنشاء مكتب خاص يشمل على الأقل على ثلاثة شخصيات لهم إلمام بالوضع المحلي والدولي والقانوني وسكرتارية تقوم بالرد على المخاطبات وتبويب اللقاءات وترتيب المواعيد والزيارات والسفر بشكل يليق بمقامكِ لأنكي أصبحتي محط أنظار مضطهدي العالم كله وخاصة من النساء والاطفال.
2.   كما أنه الفرصة كبيرة في ايديكي في أن تقومي على الإعداد والترتيب لعقد مؤتمر مصالحة بين أبناء جلدتكي من الإيزيديين في الاول والوقوف على الاولويات التي يجب من خلالها التعامل مع المحيط العربي والتركماني حول سنجار، لأنه سيأتي اليوم الذي يجب الجلوس فيه على مائدة التفاوض من أجل مصالحة وطنية وحينذاك يجب أن تكون الأمور جاهزة والكلمة موحدة ومهيأة ومدروسة بعناية بحيث لا تقبل التأويل وتركز على أهم القضايا الرئيسية لحقوق الايزيديين المهدورة من خلال لجنة من الخبراء وذوي الضحايا بشكل أساسي وتحديد شروط الإيزيديين في المصالحة مع المحيط العربي والتركماني والكردي، بمعنى اختيار لجنة من المؤتمر  للتفاوض.
3.   التركيز على إعمار سنجار (ثانية بجانب القديمة)، وجعلها محافظة بذاتها لكي يكون لها وضع إداري خاص بها من حيث التربية والتعليم العالي والصحة والمرور والزراعة والبلدية والقضاء .... إلخ، بحيث يبقى المواطن الإيزيدي آمناً على السفر وقادراً على تنظيم وثائقه، تحاشياً لتكرار مشاكل السفر والخطورة التي تعتري طريقهم من وإلى الموصل أو كردستان.
4.   بما أن جميع الفئات العسكرية التي تتواجد على أرض سنجار هم من الايزيديين سواء من هم في الحشد الشعبي او البيشمركة او اليبشة أو القوات المستقلة التابعة للمقاتل حيدر ششو وبقية القوات الايزيدية، تحت أمرة واحدة مرتبطة بوزارة الدفاع لتصبح القوة الايزيدية الوحيدة  وتحت أمرتهم لحفظ الأمن والدفاع (الشرطة والجيش وقوى الامن الداخلي بمختلف تشكيلاته)
5.   المطالبة بالتوقف عن التغيير الديموغرافي في الشيخان حيث وصلت درجة عالية ومتقدمة بحيث شكلت ظاهرة خطيرة يجب التوقف عليها وجعلها مطلباً إيزيديا عاماً وملحاً. وفقكم الله وشكرا


علي سيدو رشو
المانيا في 18/12/2018

18
لماذا الاستعجال بالحكم على الاتهام؟
يقول أحد الحُكماء "تكلّم وأنتَ غاضب .. فستقول أعظم حديث تندم عليه طوال حياتك"
قد أكون مخطئاً في وصف هذه الحكمة في هذه المناسبة، ولكنني مقتنع تمام القناعة ببعض الحقيقة فيها لأن الحكم على أن ل بيت ششو يد في مقتل المرحوم زكي (اسماعيل فرمان) يوم 15/8/2018. في سنجار كان في عجالة ولست هنا في موضع الدفاع عنهم ابداً. فمنذ عقد ونيف من الزمن هنالك صراعات سياسية كانت في بداياتها بين حكومتي المركز والاقليم ولكن هذه الصراعات توضحت مع الوقت بشكل جلي بعد يوم 3/8/2014 بين المركز والاقليم والبككة ومصالح كل من تركيا وايران والسعودية من جهة والدول الكبرى من جهة أخرى. لذلك فإنه بسبب  تشابك هذه المصالح فإنه من الصعب الحكم على أضعف حلقة من بين جميع تلك المصالح أن يأتي الإتهام بالحكم على أنه أمر واقع.
من خلال خبرتنا مع واقع منطقتنا منذ 2003 ولحد اليوم، فإننا لم نقف على حالة واحدة بأن الحكومة الكردية أو حتى المركزية قد أسندت مهمة خطيرة من هذا الحجم (أو حتى أقل منها بكثير) إلى شخصية إيزيدية او حتى المسئولين الامنيين من الايزيديين كانوا تحت رقابة مشددة من غيرهم. وفي نظرنا فإن العلاقة التي كانت بين الاشقاء (بيت ششو ومام زكي) هي أنزه بكثير من أن توجه التهم هكذا بدون تقديم أدلة ووقائع مثبة، رغم الاختلاف في الانتماء سوى ما تم التصريح به في ظروف عصبية وبتشنج غير مدروس من قِبل السيد قاسم ششو في وقتِ ما. فالكثير من القيادات الكردية وعلى اعلى المستويات قد صرّحت بأن وجود عناصر حزب العمال هو العقبة الاساسية في طريق ايجاد الحلول لمنطقة سنجار، لا بل راحوا ابعد من ذلك بانهم (أي حزب العمال) يمثلون العقبة الاساسية في عودة الايزيديين إلى ديارهم وانه يجب عليهم ترك المنطقة. كما وأن حكومة الاقليم قد وقفت بكل قوتها مع تركيا ضد وجود حزب العمال في سنجار وقنديل وبقية مناطق كردستان العراق بالعمل الاستخباري وملاحقة كوادرهم. فهل لشخص مثل حيدر ششو أو قاسم ششو وهم في هذا الوضع الحرج أن يكونوا طرفاً في مثل هذه الحادثة؟ وللإطلاع على الحقيقة يمكن زيارة الرابط التالي: http://www.bahzani.net/?p=2406
إذن فمن الواجب في هذا المجال البحث عن: مَن له مصلحة فيما حصل؟ ف لتركيا المصلحة بالدرجة الاولى لكونها قد افادت عشرات المرات بانها سوف لن تدع لأي نهضة لحزب العمال اينما وجد وهي التي نفذت العملية واعلنت عن مسئوليتها عنها، كما ولحكومة اقليم كردستان المصلحة بالدرجة الثانية وذلك لشق الصف الايزيدي (الممزوق أصلاً) من جهة، وتبرير الحجة بتغذية جهات ضعيفة من الوسط الإيزيدي لإضاعة الفرصة على الايزيديين بان ينسوا قضيتهم الاساسية والانشغال بما يمكن ان يصب في مجرى آخر. فإيزيديي سنجار اعتبروه عمّا وقائداً ميدانياً لهم في الحياة وأيضاً قاموا بكل الواجب أثناء استشهاده.
ففي أثناء ساعة انشغال الطائرات التركية بضرب رتل مام زكي، كان يد رئيس الوزراء العراقي بيد الرئيس التركي وقال بالنص (إننا مع حماية الأمن القومي التركي في حال تعرضه إلى الانتهاك من قِبل أية جماعة خارجية تستخدم الاراضي العراقية ذريعة لنشاطاتها ضد تركيا وفي هذه اللحظة برزت علامات البهجة على ملامح الرئيس التركي). وفي ذات المناسبة كانت هنالك زيارة رسمية للسيد فاضل ميراني ويده بيد الرئيس التركي. لذلك ايها الاحبة فلا تستعجلوا وتأتوا إلى الحلقة الأضعف وأن عدوكم الاساسي واضح ويقول جهارا نهارا بأنه سوف لن يدعكم بأن تستقروا وأنه سيلاحقكم اينما وجدتم سياسيا وعسكريا وامنيا.
فمن الأفضل أن تنتظروا الايام لأن لحزب العمال الكردستاني باع طويل في المجال المخابراتي والاستقصاء والبحث والتحليل ومن خلال إرجاع معلوماتهم ليوم الحادثة وجمع الأدلة فانهم سيحصلون على الكثير من الأدلة وبالتالي سيتبين كل شيء على حقيقته لأن المرحوم لم يقتل كونه شخص ايزيدي وانما كونه عضو بارز في حزب له الكثير من الاعداء الواضحين وضوح الشمس.
علي سيدو رشو
المانيا في 28/8/2018   

19
وما أدراك ماهو شهر آب بالنسبة للإيزيديين!!
وها نحن ندخل هذا الشهر المشئوم  (إيزيدياً) من بداياته، فإننا نستذكر المآسي وما بين طياتها من فنون الاعتداءات سواء ذلك على ايدي مجرمي عناصر دولة  الخلافة الاسلامية (داعش)، أو ما هو على ايدي عناصر الجريمة من الذين كانوا بين ظهرانينا من جميع الاقوام (العرب والتركمان والكرد).
 بدايات هذه الجرائم كانت قد بدأت منذ 14-15/2/2007 عندما هاجم جموع الهمج من سلفيي كردستان على مركز قضاء الشيخان، وما بعدها عندما تم فرز عمال الايزيديين في معمل نسيج الموصل عن البقية على اساس الهوية مروراً بالرابع عشر من آب 2007 عندما هاجم المجرمون آنذاك بأربع شاحنات محملة بالمتفجرات في مجمعي تل عزير وسيباية الشيخ خدر التي نتج عنها 312 شهيداً ومن بعدها في حزيران 2014 عندما تم حجز العشرات من الجنود الايزيديين ومن ثم الافراج عنهم بمئات الالاف من الدولارات مروراً بيوم الشؤم في 3/8/2014 عندما هاجمت مجموعات عناصر الدولة الاسلامية (داعش) على الإيزيديين الامنين في بيوتهم وتفننوا في الاجرام بما لم نسمع عنه عبر التاريخ من فنون القتل والتعذيب والاغتصاب والتشريد، وانتهاءً بيوم النكبة في 15/8/2014 عندما ابيدت قرية كوجو عن بكرة ابيها حيث أن 63 عائلة من القرية لم يبق لهم أحد على الاطلاق، ومن 47 عائلة لم يبق لهم سوى شخص واحد لكل عائلة (على سبيل المثال). بينما لا تختلف مجزرتي قِنة والزليلية عن مجزرة كوجو في وحشيتها.
الذي أود قوله الان هو أن لا نتراخى ونقول بأن الإبادة قد انتهت، وانما هي مستمرة وبشكل فاعل وعلى كل الأصعدة والدليل هو أنه بعد سنة من (التحرير) لم يعٌد 10% من الإيزيديين إلى بيوتهم في سنجار، وأن مسلسل الاهانة والاستغلال وتخريب البنية الاجتماعية والعائلية مستمر على قدم وساق وهو لوحده كافِ لنقول بان مسلسل الابادة قائم ومستمر. فالحكومة العراقية الغارقة في الفساد، لا يهمها معاناة مواطنيها في الاسر على ايدي جموع الجريمة والوضاعة وبالتالي فانها لم تحاول البحث عن مواطنيها الأسرى في الدول العربية والعالم وبالتالي فلا نرجو منها غير الاهمال والمزيد من المعاناة. كما أن الساسة الكرد لم يحاسبوا ولو مسئولا على مستوى عضو بسيط أو قائد ميداني عندما تخلوا عن الإيزيديين وسلموهم على طبق من ذهب لأخوتهم في الدين، بالاضافة إلى تضييق الخناق على المخيمات بحيث لا يستطيع مواطن ايزيدي من العودة الكريمة إلى داره حتى وإن كان داره ملغوماً، وبكلمة أخرى فإنهم يعيشون في سجن عام.
إذن فالمطلوب منا أداءه هو أن نواصل الكفاح ونواصل الليل بالنهار دون توقف أو استراحة لكي نبين للعالم بأننا شعب حي وأن حكومات بلدنا قد تخلّت عنا، وأن نبين ذلك بوضوح. كما علينا أن ننشر الوعي بحيث لا ينس الشعب الايزيدي مأساته وأن  لا نتحول كحال الفلسطينيين مهاجرين في بلدنا على ايدي حكوماتنا. علينا أن نقوم بفعاليات كبيرة لكي نشرح للعالم بأن مأساتنا مستمرة وليس من مجيب لدعواتنا. علينا أن نرفع صوتنا من خلال الكلمة والشعر والخطابة والمناسبات بحيث تكون موجهة للعالم الحر. وان إعادة الذكرى الرابعة لهذا الجينوسايد التي أقامها المجلس الايزيدي المركزي في المانيا ماهي الا حلقة مهمة من مسلسل الفعاليات الكبيرة بحضور الشخصيات المهمة لسماع انين هذا الشعب المظلوم كما هو اليوم في مدينة شتوتغارت. فمهما تغاضينا عن قضيتنا فسنكون نحن الضحية وبدفاعنا عنها سنكسبها في الآخير مهما طال الزمن ومهما وضعوا من عصي لعرقلة عجلتها.
علينا أن نبّرز دور الابطال الإيزيديين على جبل سنجار الشامخ. علينا أن نشكر دور السيدات اللاتي كافحن بابسط الامكانيات في رعاية بيوتهن ومساندة اخوتهن في النضال. علينا أن نشكر الذين عادوا من جحيم زمر الجريمة ليظهروا للعالم بأن الايزيدياتي ليست مجرد انتماء وانما هي ايمان ما بعده ايمان. وعلينا أن نشكر الجهود المبذولة على مستوى العالم لمن قاموا بالتظاهر او الاعتصام او من خلال اللوحة او الشعر او الغناء أو اي نشاط اخر. وإلى روح جميع اخوتي في كوجو وقِنة والزليلية وحردان وسيباية شيخ خدر وكرزرك وكل تراب سنجار وأخص بالذكر منهم أحمد جاسو وصالح مكري ورفو مكري وبقية الشهداء اقول بانكم خالدون وسيذكركم التاريخ الايزيدي بوسام شرف الايزيدياتي. ومن الله التوفيق.
علي سيدو رشو
المانيا في 14/8/2018



20
الذكرى الرابعة لجينوسايد الايزيديين!!!!
بعد أيام ستحل علينا الذكرى الرابعة ليوم الشؤم، يوم تركنا (الصديق) لنقع في فخ العدو، يوم خاننا الجار قبل البعيد، يوم عدم تحسبنا لما قد ستؤول اليها الامور، يوم مات فيه الضمير وتم تطبيق شريعة الغاب بحقنا في القرن 21 للاسف. هذه الذكرى ستمر في كل سنة بعد اليوم وستجدد الالم وتعيد إلى الأذهان كيف كانت تلك الايام وبماذا كانت حبلى.
من المفروض ان نتعظ من قساوة الدرس، وأن لا نبقى حبيسي تعداد عدد الفرمانات التي بدأنا نتباهى بها وكأننا خٌلقنا لنكون ضحية الاقدار واجترار مآسي الماضي. من المفروض أيضاً ان نبقى على تواصل روحي مع الاجداد الذين ضحوا بما لا يقّدر بثمن ولكن بتحسب لكل طاريء، أي أن ضحاياهم كانت من أجل قضية البقاء بشرف والحفاظ على نقاوة الهوية الإيزيدية بعكس تضحيات اليوم والتي هي كبيرة قياساً بحجم الايزيديين ولكن هذه التضحيات تذهب سدى لأن التحسب للأقدار ليس بالمستوى المطلوب وبالتالي فإن الضحايا في الوقت الحالي تذهب لخدمة الاخرين والايزيديين يخسرون مستقبلهم بتضحياتهم وبعفويتهم التي لم تَعٌد تتماشى مع الواقع في الوقت الحاضر، للأسف.
ولنقول الحقيقة التي لا غبار عليها فأن جبل سنجار الأشم هو الوحيد الذي حافظ وسيحافظ على وجود وديمومة هذا القوم وهذه الديانة العريقة بأبطالها النشامى من المقاتلين الأشداء الذين قهروا أسطورة داعش المجرم وكبدوهم ما لم يخسروه في أية بقعة من تواجدهم، فللابطال الغيارى الذين صمدوا وحاربوا وقهروا عصابات الجريمة كل التحية والتقدير. وعلينا أن لا ننسَ بطولة القديسات اللاتي واصلن الليل بالنهار واستخدموا كل الوسائل الممكنة للتخلص من هذه المجموعات المجرمة والعودة إلى ديانتهم العريقة ومن ثم واصلن الجهاد وجابن العواصم تلوى الأخرى لنقل معاناة قومهم الى العالم الحر. والف تحية لمن عانوا مأساة السكن في المخيمات على مدى أربع سنوات عجاف.
ولو قيّمنا ما جرى في السنوات الأربعة الماضية لوقفنا على الكثير من التغيرات والتقلبات والمواقف، منها ماهو ايجابي على مستوى الإيزيديين كما هو الحال مع تشكيل سنترال رات (المجلس الاستشاري المركزي الإيزيدي في المانيا) وطرد داعش وعودة الأهالي إلى بعشيقة وبحزاني وبعض التحسّن في الوضع في سنجار على المستوى الأمني وعزم المقاتلين الإيزيديين على البقاء صامدين على جبل الشموخ وغير ذلك. ودولياً كما هو الحال مع التغير الإيجابي مؤخراً في الموقف الأمريكي وكذلك تفهم المجتمع الدولي للقضية الإيزيدية بصورة أفضل، وبخاصة الاتحاد الأوربي وبعض بلمانات دول العالم. أما السلبية منها فهي تفوق الخيال في حميع مناحي الحياة. 
وكما تعودنا على إعادة إحياء الذكرى السنوية لإبادة الإيزيديين، فإن المجلس الاستشاري المركزي الايزيدي في المانيا (سنترال رات) سيتبّنى إحياء الذكرى الرابعة في الثالث من آب وعلى قاعة مدينة كيسن الالمانية التي تسع ل (1500 زائر) وبحضور شخصيات سياسية مهمة وفي مقدمتهم السفيرة نادية مراد ورئيس ديوان مجلس وزراء المانيا الاتحادية ورئيس وزراء مقاطعة بادن فورتن بيرك والعديد من مسئولي الأحزاب السياسية الالمانية والقنصل العراقي في فرانكفورت ورؤساء الوحدات الادارية الالمانية ورؤساء المراكز والاتحادات الإيزيدية والأديان والشعوب الأخرى كالأديرة والكنائس والمراكز اليهودية والعلوية والمسلمين بشقيه السني والشيعي وبقية الفئات اللاتي تربطنا معهم علاقات.
وبدورنا نتوجه اليكم بهذه الدعوة العامة وأملنا بأوسع مشاركة من الإيزيديين وأصدقائهم، على أن يكون هناك التزام تام بارشادات منظمي الاحتفال والإظهار بصفة لائقة من قبل الجميع وخاصة من ناحية الالتزام بارتداء الزي الاسود وقميص ابيض أو أسود، وربطة عنق سوداء لمن يرتديها مع التقيد بالهدوء والاستماع إلى الموسيقى الروحية التي ستعبر عن المناسبة. كما نتمنى من أخواتنا النساء التقيد بارتداء اللون الأسود تعبيرا وتمييزا لهذا اليوم عن بقية أيام السنة.
ملاحظة: سيقوم البيت الإيزيدي في هيسن بتحضير الزاد مجاناً لزوار المناسبة تكريما لأرواح الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم من أجل إعلاء كلمة الحق وتعبيرا عن تضامنهم مع عوائل الضحايا. فتقبل الله منهم ومنكم الأجر والثواب وبانتظار اوسع مشاركة منكم من أجل الإظهار بما يليق بهذا اليوم في مسيرة الإيزيديين. ودمتم على الخير.
عنوان القاعة في كيسن هو : Berliner Platz 2, 35390 Gießen (Kongresshalle Gießen)
علي سيدو رشو
عضو الهيئة الإدارية للمجلس الأستشاري المركزي الإيزيدي في المانيا
5/7/2018


21
المنبر الحر / عفرين بعد سنجار!!!!
« في: 18:52 24/01/2018  »
عفرين بعد سنجار!!!!
يبدو بأن القدر هو دائماً على موعد لتصبح الأقليات الدينية والعرقية وحتى القومية في مرمى أهداف الدول الاستعمارية بأيدي عربية وإسلامية راديكالية لتحقيق مكاسبها الاستعمارية في الشرق الاوسط وشمال افريقيا. هذا القدر لم تختره تلك الاقليات بمحض إرادتهم وإنما فرض عليهم بحكم الجغرافية بعد أن تخلّت الدول الكبرى عن أخلاقيتهم الإنسانية بسبب مصالحهم الاقتصادية والجيوسياسية، مستخدمين تلك الاقليات كرأس حربة لتحقيق مصالحهم وبالتالي تأنيب تلك الدول على أنها تخرق بحق الاقليات قواعد القانون الدولي.
لا يعقل بأن تركيا قد تحركت بين عملاقين وعلى أرض يتواجدان عليه كل من امريكا وروسيا وبهذه الكثافة والأستراتيجية بدون أن يكون لهما معرفة ودور ودراية بكل خطوة تقوم بها تركيا. فالمستفيد منها هما روسيا وامريكا وأنه على الشعب السوري أن يدفع تكاليفها دمويا ودول الخليج تدفع التكاليف المادية وبالتالي فهي حرب بالوكالة ووقودها الشعب الكردي بالدرجة الأساس ومعهم الاقليات التي تعيش فيما بينها.
هنا لا نستبعد أن يكون هذا الأمر توريط لتركيا مع تنامي الدور الكردي في سوريا بدعم امريكي مباشر بعد أحداث كوباني التي عززت من قدرة القوات الكردية على الأرض وبالتالي فمن الممكن أمريكيا أن يصبحوا (الكرد)، البديل عن الكثير من الجهات الحكومية الاخرى، (وبعبعاً) مقابل تركيا للإعتماد عليهم مستقبلاً في تحقيق استراتيجية امريكا المستقبلية في منطقة الشرق الاوسط وسط هذا التشابك المرعب الذي طحن سوريا وشعبها وأرضها ومستقبلها. فماذا تعني أمريكا بأنها تتفاوض مع جهات تركية حول تحقيق منطقة آمنة في شمال غرب سوريا؟ فمن جهة تدعم القوات الكردية وفي الوقت ذاته تعمل مع تركيا لفرض منطقة آمنة في شمال غرب سوريا. السؤال: لمن هذه المنطقة؟ أهي للكرد أم لحماية الأمن القومي التركي من تزايد النشاط الكردي وخاصة في شمال سوريا. فهي إن حصلت ستكون فعلاً منطقة آمنة لتركيا، لأنها ستشق الصف الكردي، ووبالآ ونهاية للحلم الكردي في التلاقي بهدف قيام دولتهم على أرض في شمال سوريا والعراق وجنوب تركيا، تماماً كما هو الحال في تبديد الحلم الكردي لإقامة دولتهم في شمال العراق.
فتعتبر عفرين العقدة الأساسية التي تربط ما بين المناطق الكردية في شمال سوريا وهي – تركياً- مصنّفة الأهم استراتيجياً لقطع هذا الترابط والتواصل الكردي من خلال تغيير ديموغرافي ممنهج بحيث لا يمكن للكرد من التواصل الحر هناك. وأن الذي يهمنا كإيزيديين هو ما سيحصل لمستقبل ما تبقى منهم في سوريا وعفرين بالدرجة الاساس لما لعفرين من قيمة تاريخية بالنسبة للشعب الايزيدي في سوريا. فلازال الخوف من الابادة الجماعية على أيدي عصابات الجريمة من داعش وملحقاته قائمة في غياب الحماية وتستر ميليشيات الجيش الحر وجبهة النصرة وبقية الفئات المسلحة بالعمليات العسكرية التركية الجارية، لأن العديد من عناصر داعش التي غيرت اسمها هي التي ستنفذ المهمة وتبث الخراب في الاقدام على تدمير المنطقة نيابة عن الجيش التركي وهي نقطة التخوف الاساسية للشعب الايزيدي وبقية الاقليات هناك.
وباختصار فإن الموضوع هو لعبة المصالح السياسية بين امريكا وروسيا وبتنفيذ تركي، لأنه عندما عرضت كل من روسيا وامريكا على القوات الكردية التخلي عن عفرين، وهو ما لايمكن قبوله وبالتالي سحبتا الدعم عنهم بحجة انهم (الكرد) لم يمتثلوا لسياستهم، وكان ذلك التبرير كافيا لإشعال المنطقة بنار حرب غير مبررة.

علي سيدو رشو
المانيا في 23/1/2018
alirasho@yahoo.de


22
رسالة مفتوحة ثانية إلى السيد رئيس الوزراء العراقي،
السيد الدكتور حيدر العبادي / رئيس الوزراء العراقي المحترم،
تحية طيبة وبعد/
بتاريخ 10/12/2017، وجّهنا لسيادتكم رسالة مفتوحة لعله نتفهم من خلالها موقفا تجاه محنة جزء من الشعب العراقي الذي نال القسط الأكبر من الاعتداء على اثر هجمة داعش المشئومة على محافظات عراقية مهمة، وعلى مدينة سنجاروباقي قرى الايزيدية بشكل همجي في الثالث من اب 2014 حيث القتل الجماعي والسبي والتشريد وتجنيد الاطفال ومحو التراث والقبور وتدمير المقدسات، وغير ذلك.
سيادة رئيس الوزراء المحترم،
1.   نذكركم اليوم كما هو في 10/12/2017 بأن الوضع الإنساني يتفاقم سوءاً وبسرعة نحو الأسوأ في جميع المناطق التي تحررت من داعش. وكان إعلانكم في 9/12/2017 بانتهاء صفحة داعش ميدانيا في جميع الاراضي العراقية مبعث اعتزاز وفرح العراقيين ولكننا قلنا في حينه بأنه بالنسبة لنا كإيزيديين لم ينته داعش، لا ميدانيا ولا لوجستياً. وإذ نكرر على سيادتكم ذلك القول مرة اخرى ونعيده إلى اذهانكم لكي لا يطويه الزمن وتعتبرونه ليست من مهمات الدولة: فإننا نحمّل الدولة مسئولية الحفاظ على الوضع الاجتماعي للأسر التي لا تزال تنتظر عودة وتحرير أكثر من 3000 من افرادها المتبقين لدى داعش اينما كانوا. 
2.   الشعب الإيزيدي كما هو بقية الشعب العراقي يطالبكم وبالحاح في تحسين الوضع على الارض في القرى والقصبات والبلدات في سنجار وبعشيقة وبحزاني لعودة الاهالي حيث دام مكوثهم في الأسر (المخيمات)، أكثر ثلاث سنوات مما افقدهم الأمل في العودة وسببّت في هجرة عشرات الالاف منهم إلى أوربا بعد أن يأسوا من الوعود والانتظار.
3.   هنالك امكانيات كبيرة في عودة الاستقرار الى تلك المناطق من خلال اقامة مشاريع معينة واصلاح الخلل في غيرها، كما هو الحال مع معمل سمنت سنجار الذي لو تم اعادته للحياة فإنه سيستوعب اكثر من 10 الاف فرصة عمل، مشروع ري ربيعة الذي سينتج ملايين الاطنان من الخضراوات التي ستغني البلد عن الاستيراد من دول الجوار مع تشغيل عشرات الالاف من الايدي العاملة.
4.   نعيد على أذهانكم بأنه لو أجتمع الفقر بالمرض فإن صنوهم الثالث سيكون الجهل وبالتالي فإن الشعب سيكفر بكل القيم، وسيصبح الحاضنة لإرهاب جديد وبفكر آخر وتحت تسمية أخرى، وهو ما دفع شعوب المنطقة إلى الثأر من الحكام الفاسدين وكانت النتيجة هي ما سميت بالربيع العربي الذي وقع وبالا على الشعوب والحكام في ان معاً. ونهمس في أذنكم كما قلناها لغيركم بأن التغاضي عن حقوق الناس والتستر على الفساد سوف لن يجلب سوى الكوارث وستدفعون الثمن غالياً قبل غيركم.
5.   استعجلوا في تعزيز الاستقرار وأسرعوا في إعادة الخدمات (الماء والكهرباء والصحة والتعليم) لكي تبدأ الحياة بالنبض وإلا فسوف يستفحل الفساد وسنصبح معكم لقمة سهلة لفراعنة الفساد وحيتانه.
6.   ماذا تنتظرون ولماذا لا تبدأون بإعادة الحياة إلى تلك الأماكن التي دمرتها الحرب وتعويض الناس عن ما لحقت بهم من اضرار؟ ماذا تريدون من الناس أكثر من هذا لكي يتحملوا وزر أخطاء السياسات الفاشلة وانتشار الفساد كالسرطان في جسم الدولة بحيث انهكتها عن مهمة القيام باعمالها الاصلاحية؟ وأخيرا نقول بأن: جميع الحكومات التي فشلت هي التي اهملت شعوبها بحيث انها انهارت من اللحظة الاولى في التصدي للاعداء ليس حباً بقدوم الجديد وانما إنتقاماً من الحكومات التي أهملتهم وأذلتهم وجعلت منهم يفتشون في المزابل مما جعلهم يكفرون بالقيم والدليل هو هذا الجيش من  المتسولين وانتشار الفساد الاخلاقي ونداءات عوائل الشهداء باهمال حقوقهم التقاعدية وانتشار الامراض والمياه الاسنة والبيئة الملوثة وغيرها مما لا يحصى.
7.   الكلمة الاخيرة اقولها بأن الشعب يتأمل فيكم الخير والخلاص من هذه العبودية وأن إعادة الامل والبسمة اليهم ليست بالمستحيلة وإنما ذلك بحاجة إلى قرار جريء وتحمّل المسئولية الاخلاقية تجاه الشعب الذي لم يبخل في المساهمة والتعاون مع الحكومة على جميع المستويات ويبقى الباقي عليكم. نعلم بان المهمة ليست سهلة ولكنها ممكنة التحقيق. لكم الاحترام آملين أن نتلقى الجواب على عنواننا التالي

علي سيدو رشو
alirasho@zahoo.de

23
ماذا يجب على حكومة بغداد القيام به في سنجار؟
بعد خطاب التحرير الذي القاه السيد رئيس الوزراء العراقي بالنصر على داعش ميدانيا، وهي خطوة جبّارة عمياً، فإن المطلوب هو التفكير بإعادة النازحين إلى مدنهم ومنازلهم، ولكن كيف؟ هل يجوز العودة بهكذا حال دون توفير الحد الادنى من مستلزمات الحياة من خدمات وفرص عمل وإعادة الحياة الى بعض المرافق الحيوية كالمدارس والمستشفيات بشكل خاص؟
ففي سنجار على سبيل المثال هنالك فرصة عظيمة لعودة الاستقرار اليها والبدء بتوفير متطلبات الحياة الضرورية حتى وإن كانت تنقصها بعض الاليات. فهناك معمل للسمنت قد تعرض بالتاكيد إلى الكثير، إن لم نقل تماماً إلى التدمير. هذا المعمل لو أعيد الحياة اليه بشكل صحيح حيث البلد بحاجة الى السمنت للبناء وبالامكان كذلك استيعاب ما لايقل عن عشرة الاف فرصة عمل وبالتالي فإن مسالة البطالة سوف تتقلص إلى النصف اضافة إلى توفير مادة البناء الاساسية وهي السمنت وكذلك تحسين وتشجيع المسالك والظروف الاخرى من حيث العمل في التجارة والانخراط في السلك العسكري والشرطة وغيرها. بمعنى أن الفرصة آتيه بسهولة فيما لو توفرت الارادة والنية الصادقة في إعادة الحياة إلى المنطقة وهكذا التفكير ببقية المصانع والمعامل في المناطق المختلفة التي يمكنها امتصاص جانب كبير من البطالة وفي الوقت ذاته الحاجة الماسة للبلد الى جميع المنتوجات.
فلنهوض بالبلد لا يشترط المباشرة بالقضايا العملاقة أو انتظار الشركات العالمية بعقود خيالية جديدة وانما هنالك الكثير من الكفاءات العراقية بامكان الدولة تشغيلهم ومنحهم الثقة والامكانية المادية والمعنوية للنهوض بما هو ممكن لحين بدء الشركات العالمية باعادة الحياة الى المشاريع الكبيرة في قطاعات النفط والطاقة والمواصلات والبنى التحتية وغيرها. فهنالك أمور عاجلة لا تتحمل التأخير كما هو الحال في استيراد المستلزمات الطبية للمستشفيات واللقاحات وتشجيع قطاع الزراعة لكي يتم الاعتماد على الذات في تأمين الامن القومي الغذائي والصحي بعيداً عن الفساد والمفسدين. فبهذه الخطوات يمكن إعادة الاعتبار الى المواطنين الذين ذاقوا مرارة النزوح والهجرة والعودة الى حياتهم من جديد.
ايضا من الممكن جدا إحياء وإعادة الحياة إلى مشروع ري الجزيرة لما له من أهمية في توفير وتأمين الامن الغذائي لبلد خارج من حرب مدمرة في بنيته التحتية وبحاجة الى توفير العملة الصعبة للمشاريع الاستراتيجية التي وصفناه سابقاً. وبهذا سوف تتوفر الفرص للأيدي العاملة وكذلك تأمين الامن الغذائي وتوفير الجهود الاقتصادية للمشاريع النهضوية الاخرى. عليه، نتمنى أن تعي الجهات المسئولة اهمية الفترة الحرجة التي يمر بها البلد بعد عملية التطهير العسكرية من داعش وسوف يكون لكل ذلك تأثيرا مباشراً على استقرار الامن والامان.
اتمنى أن يشعر المسئولين بما تطرح من افكار للنهوض بحال الناس نحو الافضل.
علي سيدو رشو
المانيا في 12/12/2017

24
رسالة مفتوحة إلى السيد رئيس الوزراء العراقي الدكتور حيدر العبادي،
تحية طيبة وبعد/
بداية نهنئكم والشعب العراقي على إعلان نهاية تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) في العراق بأنه تم دحر آخر معقل لهم وبالتالي فإنهم عملياً لم يبقَ لهم وجود ميداني على الأرض. هذا الإعلان مهم جداً للشعب العراقي من النواحي السياسية والنفسية والأمنية لكون الانتخابات على الأبواب، ولما له من أهمية من ناحية الظرف الدولي المرتبك لكون أن موضوع داعش كان على طاولة جميع النقاشات والمحادثات.
سيدي الفاضل،
نقولها بملء الفم بأن الخطوة الجبّارة هي إعلان نهاية داعش فنّياً على الأرض لما له من تأثير مباشر على مجمل نشاطات الدولة سواء في الشأن الداخلي أو على مستوى العلاقات الدولية وما يأخذه من جهد ومال ودم عراقي كان المفروض أن تكون لخدمة مستقبل العراقيين. ولكن لو نأتي على الطرف الآخر سنجد بأن داعش لم ينتهِ بعد، وانا واثق بأنكم تعلمون ذلك أكثر مني حيث كانت هنالك حاضنة له وهذه الحاضنة كانت قد خلقتها سياسية الدولة الفاشلة على جميع المستويات، لأن داعش زرع فكراً في عمق الشعب العراقي لا يمكن اجتثاثه بسهولة؛ وهنا أعني الآتي:
1.   الفساد المستشري في جسم الدولة بجميع مفاصلها بدون استثناء؛ ابتداءاً من رئاسة الجمهورية نزولا عند بواب العمارة. هذا الفساد الذي أعني به جميع أشكال الفساد (الاجتماعي والاخلاقي والسياسي والمالي والعسكري والمدني وكل ما ينضوي تحت هذه الكلمة من معاني)، هو الذي خلق داعش ووفر له الارضية التي مكّن بها في البقاء. فداعش الخفي (الفساد)، كان موجودا قبل الداعش العلني. وعندما دعت الضرورة، بان داعش علناً بعدما مهد الفساد الأرضية السليمة لظهوره العلني وذلك مائل للجميع بهزيمة الفرق العسكرية بكامل معداتها امام عدة الاف من المرتزقة.
2.   الخطوة الأولى انسحبت بتاثيراتها الفعلية على قطاع الخدمات والبنية التحيتية التي تمس مباشرة حياة المواطنين اليومية من (كهرباء وماء الشرب والتعليم والصحة والزراعة والصناعة والمواصلات .... إلخ). هذا بالاضافة إلى الوضع الأكثر خطورة وهو الوضع الأمني الذي بات يثقل كاهل المواطن العراقي بحيث لا يستطيع انجاز اي عمل بشكله الصحيح.
3.   ترتب على ذلك أيضا نزوح عدة ملايين يعيشون منذ اربع سنوات في أوضاع غير انسانية وتحت رحمة المنظمات الدولية التي لا تقل فساداً عن الحكومات المتعاقبة. تلك الأزمة خلّفت ملايين الايتام والثكالي والمعاقين والمتسولين ونزوح الاطفال عن التعليم الاساسي. هجرة الملايين نحو المجهول بدون وجه حق تاركين وطنهم وذكرياتهم خلفهم بمصير مجهول عبر البحار والغابات؛ منهم عشرات الالاف من الكفاءات التي كادت أن تخلي البلد منهم. ترتب على ذلك ايضا نشر الرذيلة بفتح صالات القمار وبيوت الدعارة وتجارة المخدرات (الشحنة التي ضبطت في موانيء البصرة مؤخراً). الامتيازات الخاصة بالوزراء و(ممثلي الشعب) والرواتب والمخصصات التي تهدد اقتصاد البلد بدون وجه حق. الوظائف الوهمية في الجيش والشرطة والمدنيين وغيرها الكثير الكثير. إذن كل هذا يستوجب فهمه بأنه بحاجة إلى إعلان ثورة حقيقية لكي تعلن نهاية داعش العلني والمخفي.
4.   لا أريد أن أطيل على سيادتكم أكثر وآخذ من وقتكم، ولكن كإيزيديين لنا في هذا الشأن كلام بأنه بالنسبة لنا لم ينتهِ داعش بشقيه العلني والمخفي ولم يتحرر العراق بعد؛ ففي شقه العلني بأنه لازال هنالك اكثر من 3000 عنصر إيزيدي من النساء والرجال والاطفال لا نعرف مصيرهم ويترتب على هذا الكثير من الحقوق المدنية والاجتماعية، وبالتالي مطلوب منكم أخلاقياً ، كرئيس للوزراء ومسئول امام الله والقانون كما قلتم سيادتكم ذلك في اكثر من مناسبة بأن تعيدون إعتبار هذه العوائل بالبحث عن ذويهم ومطالبة جميع القوى المحلية والدولية وبذل كل المساعي من أجلهم وإنسانيتهم التي هٌدِرت وهم شرف العراق قبل أن يكونوا شرفنا. أما الشق المخفي من داعش فهم الحواضن التي لازالت تحتفظ بأفراد عوائلنا حيث أن جميع الذين تم انقاذهم كانت بجهود شخصية وليس للدولة أي شرف في انقاذ ولو طفلة إيزيدية واحدة وبالتالي فإن المهمة الآن مطلوبة من الحكومة لتأخذ دورها الراعي لحقوق مواطنيها وخاصة الاقليات الدينية والعرقية التي طالتها حصة الاسد من الاعتداءات بدون ان يكون لهم فيما يحصل ناقة أو جمل. وفي هذه المناسبة فإننا نحمّلكم مسئولية البحث وإعادة أبنائنا إلى ذويهم باي ثمن كان ومهما كانت الكلفة الفنية والمادية. 
5.   الجانب الآخر الذي نؤكد عليه هو أن يتم الإسراع في إعادة الناس إلى أماكنهم والتعجيل في توفير الخدمات الضرورية من (ماء وكهرباء وصحة وتعليم)، لإنهاء محنة النازحين حيث أنهم ذاقوا من المرارة والمهانة ما يكفيهم ويكفي اجيالاً من بعدهم. فالشعب الإيزيدي يتطلع منكم إلى الإضطلاع بدوركم الحيوي والواضح في هذا الشأن وسوف لن يسكت عن المطالبة بحقوق ابنائه، وهو من صلب واجبكم ومسؤوليتكم. 
ننتظر منكم أن تكونوا سندا للحقيقة وأن تتحملوا المسئولية الاخلاقية تجاه مواطنيكم بدون تمييز. مع احترامي
علي سيدو رشو/ رئيس جمعية الصداقة الالمانية –الايزيدية 
المانيا في 10/12/2017

25
رسالة مفتوحة إلى كافة المسئولين عن الوضع الامني في سنجار،
تحية لكم جميعا وبعد،
في مثل هكذا ظروف من الاوضاع السياسية غير المستقرة تحصل فراغات أمنية وعسكرية، وهي عديدة حدثت خلال سنوات وليس عقود مما يستدعي من أهل الحكمة النزول إلى الميدان وأخذ دورهم في ضبط الاحوال وارشاد الناس الى التحلي بالحكمة والترّوي وتحمّل المسئولية لكي لاتفلت الامور من السيطرة وتقود إلى ما لا تتمناه الأهالي في الإبتعاد عن التصريحات المتشنجة كنقطة أولى في تخفيف الأزمة. وفي هذه الاحوال فإنه مطلوب من الجميع الإبتعاد عن الشماتة والتشّفي والتخوين ومن ثم النظر إلى الأمام وبناء ما يمكن بناؤه لأن الجميع خضعوا لظروف غير طبيعية تفوق امكانياتهم واحزابهم وعشائرهم. عليه فرسالتنا هي أن ندعو الجميع إلى الالتزام بضبط النفس والتصريحات التي تثير الضغينة، والتحّلي بالحكمة والحذر لأن الايادي لازالت تعبث وأن الساحة معرضة للكثير مما قد يعكر الجو العام ويفسد ما يتم تحقيقه. ومن هنا نناشد:
1.   الحكومة الإتحادية بسحب جميع القوات العسكرية بكافة مسمياتها من داخل سنجار والقصبات الاخرى إلى ثكناتهم ومقراتهم خارج مراكز الوحدات الادارية ليقتصر دورهم على الحماية عن بُعد في حال استدعت الضرورة لذلك ، ثم تسليم الوضع الامني للشرطة الاتحادية والادارة المحلية.
2.   على السادة المسئولين الاداريين أن يكونوا أهلا لمسئوليتهم الجديدة والتعامل الاداري المهني مع الجميع بدون استثناء وعلى اساس المواطنة والحق العام. كما ندعوهم بأن يعملوا على دعوة جميع الجهات إلى إجتماع عام وإفهامهم بظروف المرحلة ووضع استراتيجية واقعية على ضوء الافرازات التي أعقبت هذه التغيرات الدرامية للتعامل مع المحيط بعقلانية، واستثمار هذه الفرصة لكي لا تذهب حالها حال البقية التي نجتر مآسيها منذ عقود من الزمن.
3.   ندعو رجال الدين وكبار القوم وأصحاب الرأي السديد أن يأخذوا دورهم الإرشادي والتوعوي والديني بأن يحاولوا مع بعض الوجهاء من الخيّرين في لم الشمل فيما بين جميع الفصائل ودعوتهم مع رؤساء الوحدات الإدارية والعشائرية والمنظمات الجماهيرية إلى إجتماع عام والتاكيد على حساسية المرحلة والتقيد بإطلاق التصريحات المتوازنة تجاه بعضهم البعض لحين أن يتم التوصل إلى وضع مستقر سياسياً وأمنياً.
4.   لا يخفى بأن قضاء سنجار تحتضن الغالبية الايزيدية وبالتالي فإن مراعاة هذه الظروف هي مسئولية تقع على عاتق الادارة وعلى الاخرين احترام إرادة الإيزيديين في إدارة المنطقة على أساس الغالبية واحترامهم لهذه الأغلبية.
5.   بما أنه هنالك في سنجار الآن قوات من محتلف الفئات، ونظراً لحساسية الظروف والجرح الذي تعرض له الإيزيديين من المجتمع المحيط بهم. فعلى عقلائهم أخذ هذه النقطة في الإعتبار ولا يستعجلون في دخول المنطقة في الوقت الراهن وتحريك مشاعر الكراهية أو إطلاق التصريحات الإستفزازية أو التباهي بأنهم قادرين على لعب نفس الدور السابق وإنما التحلي بالحكمة والصبر.
6.   ندعو جميع الجهات بفتح حوار اخوي مع بعضهم البعض على اساس المصير المشترك، وخاصة الجهات السياسية والامنية لكي يتضامنوا مع البعض وترك بعض الخلافات الشخصية جانباً مع احترام تضحياتهم لأن الجميع دافعوا عن القضية الايزيدية، كل من وجهته وأن يعوا قيمة وأهمية تعاونهم وتكاتفهم لمصير ومستقبل الايزيديين، حيث هذا يتطلب الجلوس على طاولة واحدة والاتفاق على المشتركات والمشاركة الفعلية في إدارة القضاء بالتعاون مع بعضهم البعض.
نأمل أن تؤخذ هذه الدعوة بعين الأعتبار لظروف وحساسية المنطقة في الوقت الحاضر.
علي سيدو رشو
المانيا في 30/10/2017

26
حول تداعيات  الاحداث الاخيرة في العراق
قلناها سابقاً بأن حلم الدولة الكردية في الوقت الراهن ماهو إلا جنين ينمو في ظروف صحية وغير ملائمة وكذلك قابل للإجهاض في اية لحظة. آنذاك اخذنا استحقاقنا من كيل الاتهامات الباطلة باننا ضد اي توجه كردي لنيل حقوقه، وهو ما ننفيه جملة وتفصيلاً حيث اننا نقدر تضحيات الشعب الكردي وموقفه مع محنة الايزيديين وبقية العراقيين في أيام الشدة والنزوح.
فعندما كنا نقول بذلك، كنا نعني بأن السياسة الكردية غير حكيمة مع الواقع والوقائع، فلا هي سليمة مع واقع الشعب الكردي، ولا مع المحيط الدولي ولا كذلك مع الحكومة المركزية وبالتالي فإن الفشل في مثل هكذا اوضاع دولية وتقاطع المصالح السياسية والاستراتيجية يكون وارداً، وحتماً فإن هكذا سياسة ستصطدم بالواقع وسيكون مصيرها التاخير إن لم نقل أنها ستفشل. فالذي وقع يوم 16/10/2017 في كركوك وما تلاها من انهيارات في المواقف السياسية وانسحاب البيشمركة، أثّر سلباً على الشعب الكردي بشكل عمودي وافقي في أرجاء الكرة الأرضية وأصابهم الذعر بتبديد حلم دولة كردية كادت أن تتحق وتصبح واقعاً ولكن في الساعات الأخيرة منها انهار كل شيء. وهنا يجب علينا جميعاً أن نحكّم العقل ونتحلى بالصبر والتوقف عن التصعيد الاعلامي الذي يغذي العنصرية والطائفية مؤكدين على أن الذي حدث كان شأن سياسي وهو لم يكن الاول وسوف لن يكون الاخير في عالم السياسة والمصالح.
فالذي ثبت من هذه المعمعة والطبخات السياسية في مطابخ المصالح والخوف من الابتلاع للآخر يتبين لي بأنه مشروع الحلم الكردي في اقامة دولتة غاب عن طاولة النقاشات في الوقت الراهن. وأن الكرد لم يكونوا سوى حلقة لتمرير مؤامرة دولية على المنطقة برمتها وبالتالي لم يجنوا منها سوى الخيبة وضياع الحقوق وأصبح ذلك الحلم في حكم الملغي. وقد يكون ذلك بسبب عدم التصرف بالحكمة المطلوبة أو بسبب المصالح الفئوية داخل البيت الكردي على حساب بعضهم البعض. هذا ماحصل في العراق والمشكلة ببساطة هي أنه بالرغم من أن السيد البرزاني لا يسمع آراء ونصائح الآخرين، فإنه يُرغم الآخرين على أن يسمعوه رغماً عنهم وهو ما يعد من أخطر التصرفات التي أوقعته في هذا المأزق الخطير.
أما على الجوانب الكردية الاخرى (سوريا وتركيا وايران)، فمن المعتقد أن الكفاح الكردي يحتاج إلى قادة سياسيين يتمتعون بالمرونة والحكمة على ضوء التغيرات العالمية. وأن ما يحصل الان في سوريا من مقاتلة الكرد ضد تنظيم الدولة الاسلامية، لا يتعدى استثمار طاقاتهم ومهاراتهم القتالية في مجابهة داعش وفور الانتهاء منه فسوف يكون مصير الكرد هناك نفس مصير ماحدث في كركوك وبالتالي سوف لن تكون هنالك ادارة ذاتية أو ما يسمى (اقليم أو إدارة روزافا). قد تكون هذه التوقعات ليست في محلها الان ولكن بعد أحداث كركوك فإن كل الاحتمالات واردة بالنسبة للكرد وعليهم التحسب بشكل دقيق لما قد يحصل معهم. 

علي سيدو رشو
المانيا في 19/10/2017

27
سنجار وكركوك وما بينهما!
في ليلة الثاني على الثالث من آب 2014، هاجم تنظيم الدوالة الاسلامية (داعش) على الإيزيديين في سنجار عندما كانوا منشغلين بيوم العيد وزيارات الاقارب كعادتهم مما زاد من محنة الخطف والقتل نظرا للعد الهائل من الزائرين لبعضهم البعض. في تلك الاوقات كانت أهالي سنجار في أمان نسبي غير مؤمن عليه بحسب التقديرات لبعض الذين كانوا يمتلكون حساً أمنياً بعدم الإئتمان إلى صدقية البيشمركة والقوات الامنية الاخرى، ولكن لم يكونوا يتوقعون أبداً أن يجري بهم الحال من خيانة مكشوفة بعد إنسحاب كامل تلك المنظومة (تكتيكياً) دون اطلاق رصاصة واحدة ضد داعش المجرم، لا بل تعاونوا معهم عندما سحبوا الاسلحة من الايزيديين وقدموا كل ذلك البشر بمختلف فئاتهم واعمارهم واحوالهم وتاريخهم ومقدساتهم وممتلكاتهم واراضيهم الى داعش الذي لم يبقِ على جريمة إلا ومارسها بحق تلك الابرياء.
  في ليلة 15 على 16/10/2017، حدث في كركوك شيئاً مشابها لما هو في سنجار من حيث الانسحاب المخزي (الخياني بحق الشعب الكردي) للبيشمركة من ميدان المنازلة بعد أن هلّلت وطبّلت لها القيادات الكردية، وحشدّت جميع الطاقات ووضعت في خدمتها امكانيات لا نهاية لها ولكنها انهارت في ظرف ساعات وانسحبت (تكتيكياً) ولكن بفارق خياني واحد عما حصل في سنجار ألا وهو أن البيشمركة لم يذرفوا دمعة على حال نصف مليون إيزيدي بريء في سنجار كما لم يطلقوا رصاصة واحدة، مثلما هو حال البكاء على نصف مليون برميل نفط في كركوك. ونقولها (نحمد الله على سلامة الاهالي في كركوك)، ولكن على قادة البيشمركة أن يدركوا جيداً بأنه لا مناص من قصاص رب العالمين الذي لابد من أنه وصل إلى مسامعه أنين وصرخات العفيفات بايدي وحوش العصر وهنّ بعمر الزهور يغتصبن ويعذبّن يومياً وبشكل جماعي، ناهيك عن صرخات الامهات والايتام والنازحين والمهجرين وفاقدي المستقبل.
 فقبل هذا الوقت مارست قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني الخيانة مع (حليفه) حزب الاتحاد الوطني الكردستاني عندما استنجد بحكومة صدام حسين في 31/8/1996 لإنهاء وجودهم في كردستان العراق وطردوهم الى حدود ايران وحصلت بحقهم مجازر ليس لها حدود. واليوم  يعيد حزب الاتحاد الوطني الكردستاني نفس الدور مع حليفهم (الاستراتيجي) بخيانة مماثلة عندما اتفقوا مع القيادة العراقية وبمباركة ايرانية للقصاص من الحزب الديمقراطي الكردستاني كمبدأ الرد بالمثل (مع اشوية زيادة) عندما أضاعوا عليهم الحلم بإنشاء الدولة الكردية وترأس الزعامة الكردية وبالتالي أضاعوا مجدهم ومجد البيشمركة الذين لا غبار على شجاعتهم. فكما يقول المثل (مثلما تدين، تدان وكذلك مبدأ العين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم). لذلك، وبكل أسف نقولها، بأن هذه القيادات ليست مؤهلة لتشكيل وقيادة دول، ولا تصلح فعلاً ليكونوا أكثر من رؤساء عشائر تغزوا بعضها البعض والشعب الكردي الذي ابتلى بهم سوف يبقى ينزف ويجتر الصدمة والخيانة تلو الاخرى.

علي سيدو رشو
المانيا في 16/10/2017

28
الموقف الاخير للأمير تحسين بك والمجلس الروحاني
في مثل هذه المفاصل الحيوية لحياة الشعوب لا أعتقد هناك إيزيدي واحد يقف بالضد من الحياة الكريمة للشعوب التي نالت من الاضطهاد حصة الاسد. كما لا أعتقد بأنه هناك إيزيدي واحد سيقف بالضد من حق الشعب الكردي بتقرير مصيره والعيش لحياته بالشكل الذي يتمناه، إنما الذي يريده ويتمناه الإيزيدي هو أن تكون معيشته وانسانيته مصانة ومحفوظة مع الجهات والاقوام التي يتعايشون ضمنهم. وفي هذا المفصل (ومن باب الحرص)، فإن المطلوب أن لا يتم ربط مصير الاقوام المتعايشة بالاشخاص أو المواقف وإنما ترتبط تلك الحقوق المستقبلية بالمعاهدات والبروتوكولات الموقعة بين الجهات المعنية كحقوق تاريخية للرجوع اليها في حال الاختلاف او التنصل منها من قبل طرف من الأطراف (1).
وعلى هذا الأساس فلقد رأينا سمو الأمير تحسين بك ومعه المجلس الروحاني (ومستشاريه المعينين بشكل شخصي وليس عن طريق الاجماع الايزيدي)، في غياب تام لأهل وذوي الضحايا من سنجار وبعشيقة وبحزاني على وجه الدقة وكذلك ممثلي المجتمع المدني والجهات السياسية الإيزيدية بمثقيهم وأصحاب الرؤية والفكر. لذلك نقول بأنه على المجتمع المدني الإيزيدي أن يعلن عن رأيه الصريح بمثل هذا الموقف المصيري ووضع حد لهذا التمثيل المتهريء الذي لا يمثل حقيقة الشعب الايزيدي في رسم سياسته وطريقة تعامله مع الاحداث الجارية ومنذ 2003 ولحد الان، كما هو الحال مع تصرف سمو الأمير قبل يومين بشأن الاستفتاء. صحيح أنه أمير الإيزيديين ولكنه لا يحق له بالاعتماد على مجموعة أشخاص بذواتهم (لا يمثلون الطيف الايزيدي) بالاعلان عن مثل هذه المواقف نيابةً عن الرأي العام للشارع الإيزيدي. وبذلك فإنه بات من الضروري أن يقف المجتمع المدني على هذا الموضوع الحساس وأن يأخذ دوره العالمي في هذه المفاصل.
وبهذه المناسبة أناشد المجلس المركزي الإيزيدي في المانيا (المتألف من 32 منظمة مجتمع مدني)، ومنظمة يزدا العالمية والاتحاد الإيزيدي في فرنسا والسويد والبيوتات الايزيدية ومراكز ومنظمات المجتمع المدني في أوربا والعالم بإدامة الاتصال في غضون اسبوع أعتباراً من اليوم لبلورة رأي مشترك وتحديد موقفهم من الاحداث الجارية والوقوف على معاناة الايزيديين ومطالبهم بما لا تتعارض مع القوانين والمعايير النافذة في المركز والاقليم ومراعاة حساسية الاوضاع السياسية واحترام رأي الشعب الكردي في الاستفتاء وما يترتب عليها بعده من نتائج، وكذلك احترام آراء الإيزيديين في تحديد قوميتهم وتوجهاتهم الفكرية ومشاركتهم في الاستفتاء من عدمها كونها حقوق شخصية لكل انسان بالغ الاهلية.
فالموقف الأخير للمجلس الروحاني ممثلاً بشخص سمو الأمير تحسين بك بشأن تأييد الاستفتاء وبهذه الصورة البائسة، لم يكن موفقاً بدون ضمانات موقعة لكون أن الشعب الإيزيدي قد فقد الثقة بجميع الوعود السابقة من القيادة الكردية، كما أن الشارع الإيزيدي لم يعد كما كان في عام 2010 مثلاً لكي يقول سموه بما يتمناه أن يتحقق لأنه لم يقم بواجبه الأخلاقي كأمير تجاه محنة شعبه، وكذلك لم يزرهم يوم تعرضوا للإبادة عام 2014، كما أنه لم يأخذ التنوع والتطورات السياسية والاجتماعية الحاصلة في السنوات الأخيرة بعين الاعتبار. إنما من الافضل احترام رأي الناس وترك الاختيار للمواطنين في قناعاتهم الشخصية بالمشاركة في الاستفتاء من عدمه، لانكم لستم بحزب سياسي لكي تقولوا كلمتكم في هذا الشأن.
علي سيدو رشو
بيليفيلد في 24/9/2017
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): موقف ممثلي المجتمع المدني الكلدواشوري في عينكاوا  http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=854381.0
 

29
ماذا يريد المجتمع الدولي من الدلائل أكثر من هذه؟ الحلقة الثانية
بتاريخ 31/8/2017 كتبنا باختصار تحت هذا العنوان عن بعض ما شاهده العالم عِبر فيديو تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة وبعض القنوات العالمية، كيف أن عوائل عناصر ومجموعات داعش تسلم نفسها لقوات البيشمركة بكل بساطة وهدوء وكأنهم مقاتلين وعوائل لجنودا نظاميين بُسلاء أبلوا البلاء الحسن على الاعداء وليسوا عوائل لمجرمين عاثوا في الارض من الفساد مالم يحدث مثيله من قبل (1). ففي العرف العسكري قد يتعرض الجانب الانساني في ظروف الحرب الى الانتهاك وخاصة النساء والاطفال ولكن لكل حالة بحالتها لأن هذه العوائل وهؤلاء المجرمين ليسوا قواتا نظامية تابعين لدول أو حكومات شرعية، وانما مجرمين من العراق ومرتزقة من مختلف دول العالم، تجيّشوا وعبروا الحدود الدولية تحت رعاية وتمويل دول بهدف إحداث الخلل السكاني والقتل والسبي وتمزيق وحدة العراق طمعا بقتل المزيد وتخريب وتمزيق الوحدة والاستقرار وسبي الابرياء واستعبادهم من غير ذنب، فكيف يتم استقبالهم بهذه الطريقة الوديعة(2) ؟. 
الحكومة العراقية من جهتها طالبت حكومة اقليم كردستان بتسليم الارهابيين الذين فروا من معركة تلعفر وسلموا اسلحتهم للبيشمركة وبكل تأكيد من بين هؤلاء المجرمين من هم من دول هم أعضاء في أتفاقية روكا ووقعوا عليها وبامكانهم الحصول على اعترافات مَن أعتدوا على النساء الايزيديات وقاموا بفصل العوائل عن بعضها البعض اضافة الى الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان من حيث القتل الجماعي وتدريب الاطفال في معسكرات التدريب والتهجير والاغتصاب الجماعي. فإذا كانت الامم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية جادة في التحقيق من اجل الحصول على الادلة الكافية، فبإمكانها إرسال فريق من المحققين الدولين الى كردستان العراق ومقابلة البعض من هؤلاء المجرمين والوقوف على تلك الانتهاكات بجمع الادلة من افواههم وليس عن طريق فريق ثالث لتكون هي التي تحقق في الامر (3). أو مطالبة المحكمة من حكومة الاقليم بالتحقيقات التي اجرتها معهم وبالتالي فإنها ستختصر وتوفر الكثير من المال والوقت والجهد الدولي للحصول على المعلومات والادلة الجنائية.
وفي تقرير نشرته صفحة "الرقة تذبح بصمت" على الفيسبوك، ونقلته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، بأن قيادية في كتيبة الخنساء تدعى أم سياف كانت تشرف على البيوت التي يخفي فيها التنظيم الإيزيدات المختطفات حيث كان يتم توزيعهن على المسلحين لاغتصابهن (4). هذه الاعترافات أتت من إمرأة سورية كانت تعمل مع تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) واعترفت بجرائمهم ودورها في تلك الجرائم وبالتالي فهي شاهد عيان من دولة وقعت على ميثاق روما وممكن الاستئناس بافادتها والوصول إلى عشرات الادلة الدامغة التي تدين التنظيم في الجرائم ضد الانسانية.
وبكلام مختصر، فلو أرادت الحكومة العراقية أو حكومة الاقليم أو المحكمة الجنائية الدولية بإجراء تحقيق جدّي في الأمر فبامكانهم بين ليلة وضحاها جمع ما يكفي من الأدلة وتقديمها الى الجهات الدولية المعنية واعتبار ما حصل جينوسايد بكل المقاييس.
علي سيدو رشو
المانيا في 11/9/2017


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): http://www.rudaw.net/arabic/kurdistan/020920174
https://www.youtube.com/watch?v=78H6jKmc4hE   
3. https://www.youtube.com/watch?v=ox8tYi0DXY0
4: http://bahzani.net/services/forum/showthread.php?132835



30
ماذا يريد المجتمع الدولي من الدلائل أكثر من هذه؟
عندما تقدمت الجهات الايزيدية بمظلوميتها ألى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، طلبت المحكمة منهم أدلة دامغة بأن تنظيم الدولة الاسلامية (داعش)، يحوي عناصر من جنسيات مختلفة من غير العراقيين الذين أعتدوا على النساء الايزيديات. ولكون أن العراق لم يوقع على اتفاقية روما، عليه فبدون شهادة من ذلك النوع لا يمكن للمحكمة أن تتعامل مع تلك الملفات حسب ادعائها. اليوم وبعد عرض هذا المقطع من الفيديو وبشهاداتهم وهم يعلنون بانفسهم الدول التي أتوا منها (ايران وروسيا وكازاخستان واذربيجان)، وغيرها وبالتالي فإن الشهود أصبحوا واضحين ولا يحتاج الموقف سوى أن تجري عناصر المحكمة الدولية وممثلي المنظمات الدولية مقابلات معهم والتاكد من هوياتهم وما قاموا به من افعال شنيعة بحق الابرياء الايزيديين والمسيحيين وبقية الاقليات الدينية والعرقية.
عليه، فعلى المسئولين الايزيديين والكلدواشوريين والمحامين الدوليين المكلفين طوعا للدفاع عن هذه القضية والمنظمات المعنية بتقديم شكوى سريعة وبدون تأخير وإرفاق مجموعة من مقاطع الفيديو التي تثبت هذا التورط الفاضح من شهاداتهم للمحكية التي تدينهم عن لسانهم. وبهذه الطريقة سيختصرون المسافة ويقطعون الحجج بالوقائع والادلة بالرجوع الى شهادات وافادات بعض النسوة اللاتي تحررن من هذا التنظيم الوقح.
 وعلى الايزيديين أن يعوا بأن بقاءهم في المخيمات بهذا الشكل سيعرضهم إلى نفس معاناة المهاجرين الفلسطينيين وسوف تطول بهم فترة النزوح لسنوات يستجدون المساعدة من المنظمات الدولية. لذلك انصحهم إما بالرجوع الى سنجار تحت اي ظرف كان، أو كل من يستطيع السفر الى الخارج ان لا يتاخر. وأعرفوا بأن ماساة الشيخان ستظهر للعلن بعد انسحاب الشنكاليين منها، سواء بالهجرة للخارج أو بالرجوع الى سنجار. وأن الرابط التالي يلقي الضوء على جنسيات داعش الذين هربوا من تلعفر.
 https://www.facebook.com/?ref=tn_tnmn
علي سيدو رشو
المانيا في 31/8/2017

31
فيما يخص الادارة الذاتية التي اٌعلنت عنها مؤخراً
(شنكال تعلن إدارتها الذاتية الديمقراطية). تحت هذا العنوان اللامع وكأن سنجار في ربيع أيامها وبكامل أهلها بحلتهم المعروفة، تعلن مجموعة أشخاص تابعين لحزب العمال الكردستاني عن تشكيل إدارة ذاتية (ديمقراطية) في سنجار. بصراحة كبيرة أرى بأن مجرد إطلاق هذا الإعلان وفي هذا الوقت حيث هنالك تقاطعات وتشابكات محلية واقليمية ودولية وأهل الديار مهجرين في شتى بقاع الارض ومغيبين عن الواقع، ليس إلا استهتاراً واستخفافاً بضحايا الايزيديين في سنجار أولاً وثانيا فإن هذا الاعلان يعد تجاوزا فاضحاً وغير مقبولا على الحكومتين المركزية والاقليم.
بعد الغزو الامريكي واحتلال العراق بعدة أشهر، نظّم بعض المحسوبين على هذا الحزب ومنهم السيد زكي الموجود حاليا في ارض سنجار وآخر اسمه ابراهيم دعوة جماهيرية على قاعة منطقة الدركزلية في الساحل الايسر بالموصل ودعوا الايزيديين اليها وقدموا قائمة بإقامة مشاريع خدمية وتنموية من بناء المدارس والجامعات ومد سكك الحديد وبناء الطرق ومد شبكات المياه العذبة وتنمية زراعية ومشاريع خدمية للقضاء على البطالة وما الى ذلك من وعود بمشاريع عملاقة. وفي وقتها قلت لهم: إن بلدية محافظة نينوى بكادرها وميزانيتها لا تستطيع تمويل وانجاز وإقامة هذه المشاريع وانتم ليس لديكم جهد هندسي أو قاعدة عملية فكيف لكم بانجاز كل هذا؟ ومنذ ذلك الوقت وقبلها كانوا يضحكون على البسطاء من الايزيديين في العراق ولكن لم ينالوا منهم إلا بعد أن وجدوا ضالتهم في الانسحاب التكتيكي (حسب السيد كفاح محمود) لقوات البيشمركة بقرار سياسي واضح الاهداف والمرامي.
ولكي لا نطيل فإن هذه الدعوة وما جاء فيها من مطاليب تنكر جميع الضحايا والبطولات التي قدمها الشعب الايزيدي للتصدي للدولة الاسلامية إلا ما يرتبط منها بقوات اليبكة واليبشة التابعين لجناحهم العسكري. والحق يقال ولا يمكن انكار دورهم الإيجابي في انقاذ الالاف من الإيزيديين ولكنهم مشغولين الآن بفتح الممرات لتهريب الاشخاص وجباية الكمارك وفتح علوات البيع والشراء في خانصور وتل خليل للتجارة بين العراق وسوريا واقليم كردستان، وأن وقوع الجرائم التي تقع في منطقة سيطرتهم تحسب هي فقط للايزيديين. فلسنا ننكر موقفهم يوم فتحوا الممر الامن وهو ايضا بحسب الاتفاق مع حكومة بغداد حسب الكثير من الشهود والادعاءات. أما أن تجعلوا من أنفسهم وكلاء عن أهل الدار من خلال بعض المنتسبين الحزبيين وطرح مثل هذه الدعوات وتداخلها مع تنسيقية شمال سوريا بتأسيس هيئة تنسيقية بعضوية العراق واقيلم كردستان وشمال سوريا وتشكيل قيادة عسكرية من اليبكا واليبشا وقوات الامن الداخلي والشرطة وتشكيل هيئة دبلوماسية وتاسيس لجان مرتبطة بالهيئة في مجالات الصحة والتعليم والخدمات واعلام حر وتشكيل مجالس محلية تستمد تعليماتها من هذه الهيئة ومشاركة المراة بنسبة 40% والإشراف على إجراء الانتخابات العامة والمحلية والرجوع اليها في حال التعارض مع قوانين الدولة والاقليم، بحيث وصل الامر بهم إجراءات تعديل دستور الدولة وانشاء محكمة محايدة في سنجار.....إلخ، وأن هذه الأعمال تصل إلى مستوى تاسيس كيان دولة وليست ادارة ذاتية. فلا بأس من تعاونكم على خلفية وقفتكم ولكن أن تطرحوا أنفسكم بدلاء عن أهل الدار فهذا ماليس لكم به حق.
ما هذا يا ناس؟ اتضحكون على مَن؟ وتستخفون بما لحقت بنا من كوارث وانتم ملتهين بالتجارة والابتزاز؟ أليس من الأجدر أن ترجع الأهالي إلى مناطقهم وتضميد جراحاتهم ويستقر بهم الحال لكي يستطيعوا ان يقرروا هم ولستم انتم. ستقولون باننا نعمل هذا كايزيديين، ولكن نقول لكم بأن هذا هراء!!! نكن لكم ولتضحياتكم كل الاحترام ولكن لا تتجاوزوا وتستغلوا محنتنا لصالح سياستكم وتجلبوا لنا المزيد من العداوات والقصف والتشريد والتقسيم. فإننا كعراقيين لنا ما تكفينا من المشاكل ومن الافضل أن تتركونا في هذا الوقت بأن نتذكركم كمنقذين ونحترم تلك الوقفة مع محنتنا وإلا فسوف لم يرحمكم التاريخ كغيركم والايام تبين بأن مواقفكم لم تكن سوى لتحقيق اهداف سياسية على صخرة كارثتنا في اب 2014. نتمنى أن لا نكون قد افقدناكم الصواب ولكن تذكروا بأن هذه الحساسيات ستجعل من المناطق الإيزيدية ساحة صراع دولي واقليمي وسيكون السبب الأساسي لتشريدهم الى الأبد، وتتحملون بذلك جزءا كبيرا من هذا الوزر التاريخي. ولمن يريد الاطلاع على الاعلان فهو من الرابط التالي
http://www.bahzani.net/services/forum/showthread.php?132390
علي سيدو رشو
المانيا في 22/8/2017

32
المنبر الحر / 3و14و15/8 من كل سنة!!!!
« في: 17:07 14/08/2017  »
3و14و15/8 من كل سنة!!!!
يبدو بأن لشهر آب من كل سنة علاقة وموعد غير ودي مع الإيزيديين ليذكرهم بتكرار مأساة لا تُنسى. فمنذ الخامس عشر من شباط 2007 وبعدها في 22/4/2007 مروراً بالرابع عشر من اب 2007 ولحد اليوم لم يقف سير الخط البياني لحياة الايزيديين نحو التدهور في النواحي الأمنية والسياسية والاجتماعية، ومن حيث عدد القتلى والجرحى والتهجير والتشريد والنزوح والسبي والانعزال وارتفاع جيوش الايتام والأرامل والثكالى وخلق عداوات مع الجيران وانتهاءاً بتقسيم سنجار بين البككا والحزب الديمقراطي الكردستاني والحكومة الاتحادية، حيث لم يكن ذلك وارداً بالنسبة للكثير من الحسابات السياسية بحيث تعقّد المشهد وأُدخِلت منطقة سنجار في دوامة من الصراعات الاقليمية والدولية. شهر آب بالنسبة للإيزيديين لم يعد شهراً كباقي أشهر السنة لأنه دوما على موعد معهم لجلب المآسي والكوارث وبذلك فإنه بالإضافةً إلى أنه يعد شهراً طويلاً بعدد ايامه، فإن الإيزيديين يعتبرون قدومه ضيفاً ثقيلاً وغير مرحب به لعموم الشعب الإيزيدي على مستوى العالم.
ففي الوقت الذي لم تتوقف جراحات وحشية القاعدة منتصف آب 2007 التي لازالت تنزف قيحا وعذاباً، أتت الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش)، في أب 2014 لتبدأ هذه المرة من بدايته في 3/8/2014 بتنفيذ جرائمها مع الشعب العراقي عامة ولكنهم تفننوا بشكل خاص مع الاقلية الدينية الايزيدية في سنجار بحيث لم يبقوا على فن لجريمة بذاتها إلا وطبقوها عليهم هذه المرة لتكملة مشوار التهديد الذي نفذوه في عام 2007 حتى طالت هذه الانتهاكات اضافة الى القتل والسبي والتهجير والتشريد وهتك الأعراض إلى مسح القبور بالارض وهدم الرموز والمقدسات الدينية واستخدام الاطفال في معسكرات الارهاب وفك الاسر عن بعضها واغتصاب الفتيات القاصرات ونحر الرجال وتفخيخ الشيوخ لتفجر بهم المراقد ودفن الاحياء ....والخ. كل هذا وغيرها من الجرائم أرتكبت على مرأى ومسمع من العالم كله لغاية الخامس عشر من آب عندما تجاهلت البشرية كلها بمن فيهم الحكومة العراقية وحكومة الاقليم والمنظمات الحقوقية إستغاثة ونداءات قرية كوجو التي اصبحت (إيزيدياً) رمزا للتضحة والفداء والخلود والشهادة من أجل التمسك بعقيدتهم السمحاء، ووصمة عار وشنار على جبين المسئولين وخونة الزاد والجيرة بحيث تحولت تلك القرية البريئة بشعبها الآمن إلى مقبرة ابتلعت جميع الرجال وسُبيت جميع النساء والاطفال.
فإلى جميع المقاتلين الإيزيديين الذين وقفوا من أجل الدفاع عن بقاء هذه العقيدة السمحاء حية على قيد الحياة،
 وإلى جميع القديسات اللاتي لا زلن في الأسر يعانين ويطلبن موتهن في كل ساعة،
 وإلى جميع اللاتي قدّمن أنفسهن قرباناً لفضح وحشية هذا التنظيم الاجرامي ومخططاته اللاإنسانية،
 وإلى جميع المقاتلين الذين صدّوا بصدورهم هذا التنظيم الأهوج وكسروا شوكته وأفشلوا فكرهم العفن،
 وإلى جميع المتظاهرين الإيزيديين وأصدقائهم في العالم ممن انتصروا لهم ودافعوا عن مظلوميتهم بالكلمة والموقف،
وإلى الإعلام الايزيدي وشعرائه وكتّابه ونقّاده ومناضلي بعشيقة وبحزاني الذي عمّروا بيتهم بأيديهم،
وإلى جميع العوائل التي قاومت الحر والبرد وضعف الحال على جبل سنجار ولم تتخلى عن إيمانهم الإيزيدي،
وإلى جميع الذين قاوموا حياة القسوة وتحمّلوا ظروف وصعوبات العيش في المخيمات وما فيها من مآسي سيفاً وشتاءاً،
وتحية خاصة وقبلة على أعلى قمة في جبل الشهامة والإباء، جبل سنجار الذي حمى هذا الشعب الصيل منذ عشرات القرون دون أن يبخل عليهم ما يمكنه أن يقدّم من اسناد وحماية وحكاية.
وأما أنتم أيها الشهداء الغيارى الذين ضحيتم بأرواحهم نقول، ننحنى إجلالاً لكل قطرة دم نزفتها أجسادهم الطاهرة وكل العلو والخلود لأرواحكم النقية في جنات الخُلد لأنكم ستبقون نبراساً لنا ولقضية شعب عانى ما لم تعانيه جبال الأرض كلها.
إن تضحياتنا أيها الأخوة تنادينا بالتوحد إخلاصاً لدماء الشهداء ومعاناة الاسرى والمختطفات.
علي سيدو رشو
المانيا في 14/8/2017
 

33
لماذا هذه الحملة على زيارة نادية مراد لإسرائيل؟
نادية مراد فتاة إيزيدية من قرية كوجو المنكوبة وضحية هجوم همجي على قريتها في 15/8/2014 بمقتل ابيها وجميع اخوتها مع بقية افراد قريتها، وتم اسر جميع النساء والاطفال وعانوا ما عانوا ولا يزالون. فرغم المناشدات من أهالي كوجو على مدى أسبوعين، لم تتحرك جهة عراقية او دولية لنجدتهم مما أصبحوا ضحية سهلة وعلى أوضح من قرص الشمس امام العالم كله.
نادية مراد تحررت من داعش بطريقتها الخاصة كما هو الحال مع بقية اخواتها، وليس لأحد من مسؤولي الدولة العراقية والكردية شرف انقاذ ولو طفل ايزيدي من داعش وإنما هرب الجميع منهم بطرقهم الخاصة، سوى تقديم المساعدة المالية التي وفرها مكتب السيد نيجيرفان برزاني بعد هروبهم وخلاصهم من محنتهم. وكذلك لم تقم جهة حكومية أو كردية بتفعيل برامج تهيئة وتأهيل لهم بعد الخلاص والتحرير وانما اقتصرت معيشتهم استمرارا لمعاناتهم السابقة بفرق واحد فقط هو انهم تخلصوا من العبودية والسبي.
نادية مراد دُعيت إلى مجلس الامن في  18/12/2015 والقت بخطابها الشهير امام العالم، ولكن سفير العراق في الأمم المتحدة لم يقبل مصافحتها كونها إيزيدية. نادية مراد طالبت لقاء رؤساء الدول العربية والاسلامية لشرح معاناتها ومعاناة اخواتها في المحنة وما شاهدته وعايشته من أعتداءات لتطلب منهم في أن يكفروا داعش وفكره المتطرف وهي قابلت الرئيس المصري وشيخ الأزهر وأمير الكويت والقت محاضرتها الشهيرة ايضا في جامعة القاهرة ولكن لم يستجب احد لدعوتها بتكفير الفكر الداعشي من قبل جهة عربية او اسلامية.
نادية مراد حصلت على لقب سفيرة للنوايا الحسنة في 16/9/2016 من قبل السيد امين عام الامم المتحدة، وترشحت لنيل جائزة نوبل للسلام في 6/2/2016، ونالت جائزة سخاروف من البرلمان الاوربي في 16/12/2016 مع شقيقتها في المحنة لمياء بشار. نادية مراد دُعيت إلى العديد من البرلمانات وقابلت الكثير من الرؤساء وحضرت العشرات من المؤتمرات والنقاشات الدولية والندوات العالمية، نعم أقولها عالمية وليست عراقية أو عربية أو كردية. نادية مراد طلبت من الحكومة العراقية قبل غيرهم بفتح ملف ابادة بني جلدتها وحثت العراق على الموافقة على معاهدة روما لكي يتم تقديم ملف ابادة الايزيديين وبقية الاقليات الى المحكمة الجنائية الدولية دون أن يسمعها أحد. نادية مراد طرقت باب بيتها العراقي قبل غيرهم، ولكن للاسف لم تلقَ آذاناً تسمع أنينها ومعاناتها ولم يفتح أحد الباب لها لكي تشعر بعراقيتها قبل أن تجوب العالم و تتوصل ببرلماناتها وحكوماتها لنصرق قضيتها ومظلومية شعبها المجروح.
البرلمان العراقي وكذلك برلمان كردستان لم يصدرا لحد هذا اليوم تصريحاً رسمياً لإدانة داعش على جرائمه، ولا بقبول ماحصل للإيزيديين إبادة جماعية ولم يقيما ندوة أو نشاط رسمي خاص أو احتفالية خاصة بهذا الحدث الكبير ولم يشكلا غرفة عمليات بالبحث عن الضحايا الايزيديات في الأسر، ولم يتصلا بالدول التي تنتشر فيها أو تنحدر منها عناصر داعش أو تطالب الدول بإعادة الأسرى ومحاسبة الذين يحتفظون بالنساء والاطفال الايزيديين في تلك الدول، بل بالعكس يحاولون عرقلة كل خطوة يخطوها الايزيديون لتحقيق فسحة امل في العيش بامان وإحقاق حقوهم المشروعة عالمياً.
نادية مراد لم تعُد ملك نفسها اليوم وهي سفيرة دولية للنوايا الحسنة، ومن الممكن دعوتها في أي مكان في العالم وعليها أن تلبي تلك الدعوات بعيداً عن الاختلافات السياسية بين الدول، وأنه من صلب واجبها الحضور والحديث عن مظلومية شعوب واقوام واثنيات لنشر ثقافة سمحاء بديلاً عن ثقافة الغزو والغدر والاتجار بالبشر. وأن إسرائيل دولة وعضو في الامم المتحدة ولها علاقات دبلوماسية ورسمية مع العديد من الدول العربية والاسلامية. نادية مراد زارت اسرائيل علنا في وضح النهار، ولم تزرها في الليل أو في الخفاء كما هو حال العديد من السياسيين العراقيين والكرد، وأنما زارت بدعوة رسمية من مجموعة من أعضاء الكنيست (البرلمان) الاسرائيلي عندما أحيوا مشكورين، الذكرى السنوية الثالثة للإبادة التي تعرض لها الإيزيديون، بعكس الحكومة الاتحادية والكردية التي تحاول طمس القضية. لم تقتصر زيارة نادية مراد ونشاطاتها على اصحاب الدعوة وإنما شاركت بفعاليات مع النسوة العرب من الفلسطينيين ايضاً. فهي لم تنسَ واجبها الاخلاقي والانساني ولم تمنعها اسرائيل من القيام بذلك عندما طالبت بحضور نشاطات للنسوة الفلسطينيين.
نحن هنا نثمن عاليا هذا الموقف الشجاع من دولة اسرائيل كما نثمن عاليا موقف وشجاعة نادية مراد بتحقيق هذه الزيارة وتلبية الدعوة ومطالبة الحكومة الاسرائيلية بتبنّي قضية جينوسايد الإيزيديين في المحافل الدولية. نتمنى أن يفهم الساسة والمثقفين العراقيين عامة بأنه من حق المظلوم أن يبحث عن وسائل وممكنات تخرجه من محنته بعد فقدان الأمل في أهل الدار. لسنا نحن بمدافعين عن السيدة نادية وهي أعرف بعملها منا ولكن هذا يدعونا أيضا في أن ننصفها من الأعتداء عليها وتشويه ما تحقق على يدها.
نتمنى أن تبتعد الجهات الرسمية والثقافية عن ثقافة التخوين والتشهير والطعن لمجرد القيام بعمل انساني وأن تعود تلك الجهات إلى رشدها وإلقاء العتب واللوم على الحكومتين الأتحادية والكردية لدورهما السلبي في التعامل مع محنة الإيزيديين بدلاً من هذا التهويل على عمل انساني، بحيث أنهم هم مَن أعطوا الحق للإيزيديين بالدفاع عن قضيتهم بعدما لفظهم العراق الرسمي. وخلاصة القول فإن العرب لا يتعاملون مع الأحداث بشكل واقعي إلا من خلال النتائج الظاهرة.
علي سيدو رشو
المانيا في 26/7/2017

34
مَن الذي ينفخ في لهيب الشرق الاوسط؟
منذ أن أحتل داعش مدينة الموصل في 10/6/2014 ومن بعدها باقي أجزاء محافظة نينوى (تلعفر وسنجار وسهل نينوى) وكذلك محافظة صلاح الدين وأجزاء من بعقوبة، لم تهدأ للمنطقة بال ولم يحصل استقرار ولو ليوم واحد. وعلى اثر ذلك سادت الفوضى السياسية في عموم العراق من عمليات القتل والتخريب والسبي والتهجير والتدخلات والمساومات والتخوين وخلط الاوراق بشكل لم يسبق له مثيل في التاريخ الحديث. لذلك لا يمكن أن يفهم منه الا وأن الموضوع مخطط له بعناية ودراسة ومراحل في التنفيذ. وبما أنه مخطط، لذا فإنه لا بد من أن تكون له نهاية مرسومة مؤقتة مرئية واخرى مخفية تطبخ على نار هادئة يمكن أن تنتهي بنهاية كارثية على شعوب المنطقة لأن الممثلين على ارض الواقع عليهم تنفيذ الخطوات حسب مقتضيات ومراحل المخطط.
بعد عودة السيد مسعود البرزاني خالي الوفاض من بروكسل في العاشر من تموز/2017 وادلائه بتصريحات خارجة عن السياق الدبلوماسي، بدأت تداعيات هذه التصريحات تتفاعل في كردستان وكشفت عن الكثير مما كان تحت الرماد، منها ما هو متعلق بنتائج تلك الزيارة الغير ناجحة بسبب القاء اللوم على بقية الاحزاب الكردية، واخرى متعلقة بالوضع الدولي والاقليمي والمحلي. فقبل ذلك كانت هنالك زيارة مام جلال الى طهران وهو في هذا الوضع الصحي، تصريحات القيادة الايرانية بشأن الاستفتاء في شمال العراق، الاسرار التي كشفتها تركيا للرأي العام عن القواعد الامريكية في شمال سوريا، الرفض التركي للاستفتاء الا بموجب شروطها الخاصة والكشف عن القواعد التركية التي لم تسمع بها غالبية الشعب العراقي والكردستاني(1)، التصريحات المضادة من ساسة الحكومة المركزية بشأن الاستفتاء، التحليلات النارية من قبل الفريق الركن وفيق السامرائي، المؤتمرات المحلية السنية والشيعية والكردية والايزيدية وتأثير التفاهمات الاقليمية، أزمة الخليج الملتهبة، تفاهمات فرانكفورت في 7/7/2017 بين روسيا وامريكا بشأن تقسيم المصالح، أرتفاع وتيرة التوتر بين تركيا واوربا عامة والمانيا على وجه الدقة.والكثير الكثير.... الخ.
هذه التحركات والتفاهمات والهواجس لم تأتِ من فراغ وانما لابد من أن هنالك من ينفخ فيما تحت الرماد من نار. فالكرد (السيد البرزاني)، مستعجلون في إعلان الاستقلال مستخدمين الاستفتاء ذريعة لذلك، وفي الوقت نفسه فهم على خلاف مع بعض الاحزاب المهمة في كردستان وهو ليس بالامر السهل تداركه. فالبيت الكردي غير مستعجل، على طريقة البرزاني، في إعلان الاستقلال بسبب تخوفها من تفرد الديمقراطي الكردستاني بالسلطة بتوريث عائلي في ظل الوضع الاقتصادي المتهالك والفساد الاداري والمالي المستشري وتدخل تركيا الرهيب في جميع مفاصل الاقليم. هاجس الخوف المخيم على الاحزاب الكردية من لعبة من الديمقراطي الكردستاني بتمديد ولاية البرزاني المنتهية ولايته الشرعية بتعطيل البرلمان مرة أخرى وطرد الوزراء على هواه، مما يعكس مخاوف الشركاء السياسيين من مستقبل التعامل مع هذا الواقع، وهم شهود عيان على ما يحصل على مرآهم. إضافة الى وضع المناطق العالقة بين الاقليم والحكومة الاتحادية وخلافات استراتيجية متعلقة بالثروات والكمارك ورواتب الموظفين وغير ذلك.
على الجانب الثاني هنالك زهو واحتفال بنصر للحكومة المركزية في تحرير الموصل من داعش والتحسب لما بعد التحرير وكيفية التعامل مع ملف إعادة الامور الى نصابها وامكانية اصلاح هذا الخلل الهائل في جميع مفاصل الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والامنية. فالحكومة المركزية تتحسب على أن دعوة السيد البرزاني الى الاستفتاء في 25/9/2017 ومن ثم الانتخابات في 1/11/2017، هي كالعادة لتصدير مشاكله للغير وتلهية الحكومة عن اهم واجباتها في تطهير البلد مما تبقى من داعش. هذا بالاضافة إلى الوضع الدولي والاقليمي الملتهب بسبب تقاطع المصالح الاستراتيجية في منطقة الشرق الاوسط. والشيء الاكثر خطورة على سياسة الاقليم (الحزب الديمقراطي الكردستاني) هو فقدان الثقة معه من قبل الشركاء السياسيين والحكومة المركزية وبخاصة ابناء الاقليات والتحاق الالاف منهم مع الحشد الشعبي وقوات البككا بعد أن يأسوا من سياسية هذا الحزب، بما سيترتب بالتالي على خسارة هذا الحزب بالذات لأهم دعائم نصره في الانتخابات المحلية والاتحادية اضافة الى الطعون التي لحقت بسمعتها الدولية والمحلية جراء إبعاد العوائل الايزيدية التي لحقت ابناؤها بالحشد والبككا (2).
على هذا الاساس فإن الخاسر الاكبر والوحيد في جميع هذه اللعبة والتوازنات والتفاهمات هو الحزب الديمقراطي الكردستاني بسبب ممارسة سياسات فاشلة على أيدي سياسيين فاشلين في المفاصل المهمة، مما قادت إلى إحداث شروخ قوية بفقدان الثقة به وبقواته من البيشمركة وهو مالم تتوقعه تلك القيادة التي ستعض الاصابع ندما بسبب كل ذلك. فهنالك ثلاث تشكيلات ايزيدية تتشكل بهدوء عدا عن مخاطبات خفية تدور هنا وهناك وجميعها تقف على نفس المسافة من ذلك الحزب لوحده وبالتالي سحب البساط من تحت اقدام الحزب الديمقراكي الكردستاني بعدما تحولت سنجار إلى ثلاث جهات مختلفة فيما بينها وخسارته انذاك لا تعوض بمال الاقليم كله، وهو ما نصحنا به قادة الكرد منذ عشرة سنوات ولكنهم لم يتحسبوا ولم يحسنوا التصرف للاسف. وحسب قناعتي الشخصية فإن الذين ينفخون في هذا النار الهادي تحت الرماد هم:
1. الصراع الدائر بين الذين يودون الكشف عن المسببن عن سقوط محافظة نينوى بايدي داعش (ومَن لايودون الكشف عنهم) ودفع الاحداث بقوة للتعجيل بكشف تلك الحقائق أو تغطيتها، ولمن ستكون غَلَبة الكشف تلك.
2. الغطاء الذي كشفه الحشد الشعبي بعد تحرير المجمعات الايزيدية جنوب جبل سنجار، حيث قال السيد البرزاني في خطابه في 21/12/2014 بأن إعادة وتحرير بلدة سنجار لم تكن في خطتنا (3)، مما يعني إيزيدياً بأنه هنالك لعبة تطبخ في الخفاء حول مستقبل تلك المناطق ووضعها في بازار لصالح القضية الكردية على حساب أهل الدار من الإيزيديين.
3. تركيا التي تحذِّر من تحرير تلعفر (الجانب السّني) على أيدي قوات الحشد الشعبي، حيث أصبحت من العواقب الكبيرة أمام الحكومة العراقية وخلافها مع قيادات الحشد بسبب التهديدات التركية بالتدخل العسكري في حال مهاجمتها من قبل الحشد الشعبي.
4. تقاطع مصالح أمريكا وروسيا في شمال سوريا، وتقاطع أهداف الاثنين مع طموحات تركيا وعدم السماح بتشكيل قنديل ثانية في كل من سنجار والشريط الحدودي في شمال سوريا المرابط لحدود تركيا.

علي سيدو رشو
المانيا في 22/7/2017
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): http://www.bahzani.net/services/forum/showthread.php?131610
(2): http://www.bahzani.net/services/forum/showthread.php?131356
(3): https://www.youtube.com/watch?v=HC96ajnlEgI




35
ترحيل عوائل الملتحقين بالحشد الشعبي وقوات البككا
بدأت ظاهرة غريبة وتصرف غير مسبوق من قبل حكومة اقليم كردستان العراق تجاه عوائل بعض الافراد من الإيزيديين الذين التحقوا بالحشد الشعبي أو البككا في المناطق الايزيدية التي تم تحريرها على أيديهم. وإن أقل ما يمكن أن يقال في هذا الموضوع هو أنه وصل حداً مشبعاً باستخدام القهر وتوجيه الأمور إلى التصعيد المتعمد للتغطية على الفشل في حماية المدنيين في سنجار  في 3/8/2017. كما ويبدو بأنه لو كان الأمر بأيديهم لسحبوا الجنسية العراقية من الايزيديين الملتحقين بالحشد والبككا أيضاً وبالتالي فلا نتمنى لتجربة كردستان الفتية في أن تٌقارن بالانظمة الدكتاتورية.
السؤال هنا: اليس هنالك 40 عضو مجلس نواب كردي في مجلس النواب العراقي موافقين على تشكيل الحشد الشعبي كقوة قتالية عراقية؟ اليس هناك رئيسا لجمهورية العراق وهو كردي موافق على تشكيل قوات الحشد الشعبي بقرار من الدولة وبمباركة المرجعيات الدينية في العراق؟ أليس هنالك وزراء ووكلاء وزراء ومدراء عامين من الكرد في بغداد؟ وبالمقابل أليس هنالك في كردستان العشرات من الذين شاركوا وساهموا ودعموا داعش والذين سبوا نساء الايزيديين بمن فيهم من كرمانج سنجار ويتمتعون بكامل الرعاية والاحترام والعيش الرغيد بعد أن عاثوا من الفساد ما طاب لهم.
إن طرد العوائل الإيزيدية ممن التحق ابنائهم بالحشد الشعبي لهو دليل واضح، إضافة لما سبق من تصرفات، أقل ما يقال بانها دكتاتورية، من كبت الاصوات المنادية بالاصلاح وقمع المظاهرات وحبس النشطاء وفرض الحصار ومنع مرور المواد والاشخاص، على أن القادم سيكون أسوأ وأن العيش في كردستان لا يبشر بالخير في قادم الايام. ولو دققنا عن الأسباب التي استوجبت تدخل الحشد الشعبي في تحرير القرى الايزيدية جنوب سنجار. أو تدخل قوات البككة في سنجار. أو السبب الحقيقي لقصف الطائرات التركية لناحية سنوني. أو تشكيل القوات الايزيدية أو شكاوى الايزيديين المستمرة واللقاءات التي يجريها السيد مسعود برزاني مع الايزيديين باستمرار دون أن تنم عن بناء وتقوية حبل المودة جميعها إضافةً إلى ما تشكل في مخيلتهم الجمعية من تاريخ حافل بالاعتداءات والتهميش والتحقير وفقدان الامل في المستقبل وممارسة سياسات خاطئة دون محاسبة المسببن عن محنتهم، وغيرها الكثير الكثير من الاسباب دعتهم بالبحث عن أية وسيلة يتشبثوا بها حتى ولو كانت فيها من المخاطر.  كما أن هذه التصرفات هي ضد جميع القوانين الوضعية والسماوية وضد حقوق الانسان بهذه العقوبات الجماعية والدليل هو ما تطرقت اليه منظمة هيومن رايس ووتش في التاسع من تموز 2017 بان هذا العقاب الجماعي غير مبرر وضد جميع الاعراف والقوانين الدولية.
 https://www.hrw.org/news/2017/07/09/kurdistan-region-iraq-yezidi-fighters-families-expelled
لذلك نقول بأن هذه التصرفات من قبل حكومة الاقليم سوف تزيد من مسافة التباعد مع الإيزيديين وتٌكبّر من حجم الهوة دون مراعاتهم لمأساة الايزيديين في الخيم والمخيمات وفقدان الامل في أن الساسة الكرد سيقومون بواجبهم الاخلاقي بعد أن بان لهم بأن العيش في هذا الوسط أصبح شبه مستحيل. فنتمنى أن تتراجع السياسة الكردية عن ممارسة هذه الاخطاء الكبيرة وتتفهم معاناة غيرهم كما كان حال الكرد عندما تشردوا ايام الانفال. وعليهم أن يتيقنوا بأن الشعوب لا تنخضع بالقهر وانما بممارسة سياسة الحكمة والعقلانية.
علي سيدو رشو
المانيا في 9/7/2017

36
عندما ينطق الحق سيسكت الباطل!!
في بادرة، أعتبرها، فريدة من نوعها وفي مضمونها ألا وهي هذا الجهد الكبير والمبارك الذي أشرف على إخراجه الصديق عيدان برير بهذا الكتاب الذي حضن بين دفتيه مجموعة رائعة من القصائد والابيات التي جسدّت حقيقة لا يمكن القفز عليها، مهما بٌذِلت من جهود في تعطيل المسيرة الصحيحة. لقد تابعت الفيديو بكامل تفاصيله وكان الشعور السائد في قاعة الاحتفال يعبر بوضوح عن الأرتياح والتضامن مع المحنة والمعاناة التي لخصتها تلك القصائد في عباراتها التي لخصت كل ذلك الكم والهم والخراب والتدمير بتعبير جنائزي مهيب.
إنني إذ أعتبر بأن المبادرة ونوعيتها، إنما ترشحت عن تواصل حقيقي بين رموز نشهد لها بالاخلاص والإستمرار في الصمود الذي أنتج هذا الفعل الخلاّق الذي أعتبره فاتحة خير بين شعبين ذاقا مسلسل مرارة الاعتداء لقرون عديدة دون أن يملوا أو يتوقفوا عن حب الحياة مستمرين في إعطاء الامثلة تلو بعضها البعض عن معنى الكفاح والصبر والتحّمل والايثار. هنا أهيب بالشعب اليهودي في أن لا يترك مثل هذه الالام التي حصلت معنا جانباً، وأن لا يبخلوا ببعض الوقت لكي يقرأوا ما تم ترجمته لهم وبلسانهم ليعرفوا كم هي حجم تلك الماسي أمام مرأى العالم في القرن الواحد والعشرين وفي زمن حقوق الانسان. كما أتمنى أن يتم تسخير جزء ولو يسير من الماكنة الاعلامية والنفوذ السياسي اليهودي حول العالم لنصرة قضية الايزيديين وانتشالهم من كبوتهم التي لاتزال مستمرة على قدم وساق.
ولا بد لنا إضافةً إلى الراي العام الاسرائيلي من أن نناشد المسئولين السياسيين في إسرائيل بدعم قضيتنا عالميا للاعتراف بما حصل لنا على انه جينوسايد لا يقبل الشك. إننا اليوم نمر بأزمة كبيرة ومحاولات لابادتنا من على وجه الأرض، علماً بأننا لم نكن طرفاً في صراع بإرادتنا وانما زٌجّ بنا فيها رغما عنا وكانت النتيجة ما هو شاهد ماثل أمام الأعين. فتنتهك حرمة القبور الجماعية، وتنتزع الارادة بأرخص الأساليب، وتكمم الافواه بالقوة والمال، وتشويه الحقائق على العلن، وتسلب الإرادة، ويتم تشتيت القوى، وعدم محاسبة المعتدين، وتزايد تصاعدي في التطرف الديني والتعصب القومي مع تغيير ديموغرافي ومستقبل مجهول وهجرة وتهجير مستمرين وهلم جرا.
مرة أخرى أهنيء أخوتي من الشعراء والكتّاب، كما واحيي العمل الرائع الذي قام به الصديق عيدان برير والجمهور الكريم الذي حضر الحفل وساهم في اغناء القصائد بنفخة من طيبة الروح المشتركة، وأعتبار هذه الفعالية النافذة الاولى التي يطل منها الشعب الايزيدي على العالم الخارجي بهذه اللوحة والحلّة الجميلة، فكانت البداية صحيحة واملنا في أن يستمر التعاون. وفقكم الله وتقبلوا فائق احترامنا.
 
علي سيدو رشو
المانيا في 4/7/2017         


37
الإيزيديون والاستفتاء !!
تعريف ومعنى إستفتاء في معحم المعاني الجامع: سؤال أو أكثر يوجه الى عدد من الناس للإجابة عنه لمعرفة رايهم في أمر معين. أما الأستفتاء الشعبي (السياسي)، فهو لجوء السلطات العامة إلى الشعب ليبدي رايه في موضوع ما عن طريق التصويت عليه، فإما أن يقرّه أو يرفضه، والتصويت مباشر.
وعليه فقد اجتمعت الاحزاب الكردية (عدا الجماعة الاسلامية وحركة التغيير) يوم الاربعاء الموافق 7/6/2017 واتفقت على اجراء استفتاء في المحافظات الكردية الأربعة (دهوك واربيل والسليمانية وحلبجة) والمناطق المتنازع عليها يوم 25/9/2017 لمعرفة بوصلة راي الناس في الانفصال عن العراق من عدمه. النتيجة كما هي متوقعة واضحة ومحسومة كغيرها من المواقف ولا تحتاج تحليل عميق او كثير عناء وهي ان الجميع ستصوت لصالح الاستقلال عن العراق. وبمعادلة بسيطة لقياس الاقدام على هذه الخطوة، نرى بأن:
1.   شعبياً فإن العاطفة ستغلب على العقل الجمعي للشعب بتحقيق الحلم الذي يدور في خيال الشعب الكردي الذي تعرض عبر تاريخه إلى الاضطهاد والاقصاء والتهميش ليودع ذلك التراكم من الزمن الذي تعرض فيه الى الاضطهاد ليعيش بشكل مستقل عن الاخرين كما يريده هو وليس كما يفرض عليه من الاخرين ، وهو حق طبيعي ولا جدال في ذلك.
2.   سياسياً فإن الخطوة ستكون لصالح بقاء السيد مسعود البرزاني رمزا كردياً ليدخل التاريخ الكردي بأنه أنجز الحلم الكردي بتحقيق دولته المستقلة في الجزء الشمالي من العراق، أملا منه في أن يضم مناطق تركيا وسوريا وإيران الى دولته، وهو أيضا حق طبيعي ومشروع، ولكن قد يكون على حساب الشعب الكردي لعدم إنضاج المشروع بالشكل المطلوب.
3.   موقف الاطراف والاحزاب الكردية الاخرى في سوريا وتركيا وايران من هذه الدعوة وهل تم استشارتهم بالموضوع، أم ستتحدد الدولة الكردية فقط بشمال العراق (وعندها....)؟
4.   في الدستور العراقي هنالك مصطلح المناطق المتنازع عليها ولكن من وجهة نظر الكرد الرسمية هي مناطق كردستانية خارج الاقليم. بمعنى أن هذه المناطق هي مناطق كردستانية وليست متنازع عليها وبذلك فمن حق الاقليم أن يقيم فيها الاستفتاء على الرغم من أن جميع سكان هذه المناطق مشردون وسيرغمون على الاستفتاء بدون الرجوع إلى الحكومة المركزية. فالمكونات العراقية التي تعيش في المناطق (المتنازع عليها) وهم: الكلدواشوريين والشبك والايزيديين والكاكائيين والجرجرية وغيرهم، مهجرين ومشردين ولم يؤخذ برايهم في هذا الموضوع المصيري وانما يتم فرض الرأي عليهم بمعزل عن المركز. فهل سيقبلون بمثل هذا الاستفتاء وهم سكان الأرض الاصليين ولم تتم استشارتهم في أمر الاستفتاء؟ الجواب: قد يحمل نعم ولكن رغماً عن إرادتهم.
5.   عراقياً ودوليًا واقليمياً، فإن الخطوة غير مرحب بها لكون أن الدستور العراقي ينص على وحدة العراق أرضاً وشعباً وأن الحكومة العراقية الحالية ماضية في طريق بناء دولة المؤسسات، وأن الوضع الامني لم يستتب بعد وهنالك مساحات شاسعة لازالت تحت احتلال داعش وملايين المهجرين والنازحين ولا زال موضوع المناطق المتنازع عليها لم يحسم دستوريا، وشدة الخلافات بين المركز والاقليم على مسائل النفط والغاز والثروات الطبيعية والخلافات على ترسيم الحدود بين ما تطالب به الكرد وما لم تتفق عليه بغداد وغيرها الكثير من المتعلقات. وفي مقال 15/6/2017 في جريدة لوموند الفرنسية بان الاستفتاء الذي اعلنه رئيس اقليم كردستان يعد بمثابة القنبلة الموقوته اذا ما قام باجراء استفتاء بعيداً عن موافقة بغداد وخاصة فيما يتعلق بالمناطق المتنازع عليها.
 وعلى عكس حال الكرد في الدول المجاورة للعراق، فإن الكرد في العراق يتمتعون بالكثير من الامتيازات ولهم مساحة واسعة أكثر من أي مكون عراقي في خيرات العراق ووظائفه الحساسة (رئيس الجمهورية، وزير المالية، نائب رئيس البرلمان، رئيس القوة الجوية والسفراء رئيس المحكمة الفيدرالية .... وغيرهم). كما أن الاقليم يتمتع بامتيازات دولة مستقلة من حيث الجيش والمؤسسات وينقصها فقط صك النقد الخاص بها. لذلك فإن الخطوة ليست في صالح القضية الكردية في الوقت الحالي وفي ظرف يعاني الشعب الكردي الانقسام والتخبط السياسي والانقسام الاجتماعي والدستوري وانتشار الفساد المالي والادراي والسياسي وبروز التيارات الاسلامية المتشددة في ظل برلمان معطل ورئيس اقليم منتهية ولايته الشرعية. أي أن جميع هذه الامور وغيرها من العوائق ستقف عاجلا ام اجلا في وجه هذه الطموحات بالاضافة الى الوضع الدولي ودول الجوار على وجه الخصوص.     
لنأتي الان إلى تأثير هذا الاستفتاء على الايزيديين وبقية الاقليات كونهم ضحايا المناطق المتنازع عليها منذ 2003 ولحد هذا اليوم. ويبدو بأن موضوع النازحين سيلعب دورا محوريا في ظل عدم وجود احصائية رسمية في العراق تحدد سكان المحافظات ومن المحتمل جداً أن يتم استثمار نازحي الاقليات في هذا الاستفتاء الذي لا ناقة لهم فيه ولا جمل سوى جلب المزيد من الكوارث على مستقبلهم وأمنهم. وعلى هذا الاساس فإنه
1.   على الايزيديين أن يعوا بأن وضعهم كنازحين لا يسمح لهم في الدخول في استفتاء لا مصلحة لهم فيه، حيث لم تحسم عائدية مناطقهم بشكل واضح ومناطقهم لازالت مقسمة بين المصالح وهي محتلة (رغم التحرير)، وعليهم أن يتجنبوا تحمّل وزر اخطاء مسئولية تاريخية لأنهم مستهدفين ساسيا. وعليهم التحسب في عدم الانخراط في لعبة كبيرة قد تدفع بهم الى الهاوية.
2.    إن حجتهم في ذلك قوية لكونهم نازحين ومشردين، وان وضعهم كلاجئين لا يسمح لهم المشاركة في استفتاء مهما كان نوعه أو مصدره أو عائديته، حتى وإن كانوا مواطنين تابعين اداريا لاقليم كردستان وهم تحت مسمى النازحين. 
3.   في الاجتماع الذي نوقش فيه امر الاستفتاء لم تتم دعوة ممثل عن الإيزيديين ليدلي براي الإيزيديين حول هذا الاستفتاء وبالتالي لهم كامل الحق في عدم تلبية الدعوة طالما لم يحضر ممثل عنهم ويمثلهم في هذا الاجتماع.
4.   الدولة الكردية هي مشروع دولة في الوقت الراهن ومقبلة على الكثير من الاحتمالات والانشقاقات وحتى الفشل، وخاصة أنها غير مرغوب بها في الوسط الاقليمي وغير موحدة داخليا، ونظام الحكم فيها عشائري بتطرف اسلامي وغير مؤسساتي، مما يعكس منذ الان طبيعة احتمالات فشل هذه الدولة (المشروع) على غرار فشل جمهورية مهاباد.
5.   بالمقابل فإن العراق كدولة عضو مؤسس للامم المتحدة ومقبلة على دولة مؤسسات فيها الكثير الذي يجب التفكير به قبل اتخاذ قرار عاطفي أو غير مبني على المرتكزات التي تؤسس لاستقرار الشعب الايزيدي بعد كل هذا الخراب الذي لحق بهم، بدون ضمانات واضحة ببنود دستورية تقر بحقوقهم الأساسية كشعب إيزيدي.
6.   لم يعد للايزيديين بعد الثالث من اب المشئوم اية ثقة بالقيادة الكردية التي تخلت عنهم في احلك الظروف مقابل حفنة من الامتيازات السياسية وهي الجهة التي عولت عليها الايزيديون بانها الضمانة الاكيدة لمستقبلهم. فكيف اذا جاءت حكومة اخرى غيرها لتحكم (دولة كردستان)؟ وكذلك الحال مع الحكومة المركزية التي لم تقدم ولو خطوة ايجابية تجاههم وبالتالي فعلى الايزيديين أن يفرضوا شروطهم على الجهة التي سيقررون البقاء معها.
7.   لحساسية مناطق سنجار وسهل نينوى، لكونها الخط الساخن الفاصل بين جهتي الصراع، لذا على شعوب هذه المناطق ان لا يهملوا التشاور الجدي مع بعضهم البعض للاتفاق على صيغة مشتركة واصدار بيان مشترك لتحديد موقفهم بشكل واضح من الجهة التي سينضمون اليها وبضمانات دولية مكتوبة وموقعة من الجهة التي سيختارون الانضمام اليها والاعلان عن ذلك علنا في الصحف والجريدة الرسيمة لتلك الجهة التي سيختارونها بارادتهم.
8.   إن البيان الذي أصدره مكتب رئيس الوزراء في 17/6/2017 جاء بخطوات واضحة وان الذي لا يحسن التصرف ولا يتحسب لما قد يحصل سيدفع الثمن غالياً. http://www.bahzani.net/services/forum/showthread.php?130879
9.   كما أن البيان الذي اصدره التحالف الوطني لاقليم الرافدين في19/6/2017 واضح هو الاخر وجاء بعبارات واضحة لتحديد المواقف وعلى شعوب هذه المناطق أن تختار مستقبلهم بدقة وبخطوات محسوبة ومتفق عليها بعيدة عن العاطفة.  http://www.bahzani.net/services/forum/showthread.php?130999
„في هذا الأمر الإقليمي قرر السيد رئيس الإقليم إجراء الإستفتاء في إقليم كوردستان والمناطق الكوردستانية خارج إدارة الإقليم، ويتضمَّن هذا الإستفتاء الجواب على سؤال واحد هو: هل توافق على إستقلال إقليم كوردستان والمناطق الكوردستانية خارج إدارة الإقليم وإنشاء دولة مستقلة. وقد تم تكليف المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات والإستفتاء في إقليم كوردستان بالعمل من أجل تهيئة الظروف لمشاركة الجاليات الكوردستانية المقيمة خارج الإقليم في عملية الإستفتاء“.
http://www.bahzani.net/services/forum/showthread.php?130687
رأيي الشخصي أن الساسة الكرد هم الذين لا يودون (لا يقدرون) على الاستقلال ليس لانهم لا يريدون ذلك وانما بناء على تحقيق مصالح خارجية لبقاء (العراق موحدا) شكلياً ولكي تبقى ساحة عمليات خلفية بدون حدود وحواجز وعراقيل تعوق حركة تلك الجهات. وأن الادعاءات بالاستقلال ماهي الا ذر الرماد في عيون مواطنيها لأن وجود الكرد الحالي ضمن العراق (الموحد) افضل لهم من جميع النواحي الاقتصادية والسياسية والعسكرية. كما أن إجراء الاستفتاء في محافظات الاقليم والمناطق المتنازع عليها سوية وفي نفس الوقت يعد أمراً خطيرا وقد تجلب الكثير من العواقب الوخيمة على سكان هذه المناطق في حال حدوث حرب (لا سامح الله) بين بغداد واربيل.

علي سيدو رشو
المانيا في 26/6/2017

38
عندما يبكي الكبار!!!
قد يذرف الانسان الدموع في خلوته لأمر ما أثر في حياته أو على سلوكه أو بسبب موقف انساني مؤلم، وهو يعد من الأمور الطبيعية، لا بل أحياناً يعد من الضرورات. ولكن أن يبكي الانسان بهستيريا ومن النوع الذي لا يتمكن من السيطرة على شعوره، فهو الأمر الخارج عن الإرادة بحيث أن الموقف لم يبقَ تحت السيطرة عاطفياً وأنه نابع عن عمق مشاعر والآم مكبوتة لسنوات وجاء الوقت لتفريغ تلك الشحنة على بقايا عظام وممتلكات واشلاء المتبقيات من الذكريات التي لم تعد مفيدة بالنسبة للمجرمين، ولكنها نوادر ونفائس وجواهر بالنسبة لمن يشتاق اليها حتى ولو كانت ذكريات أو فردة حذاء أو بقايا خزانة ملابس.
هكذا هي اللحظة التي عاشتها السفيرة نادية مراد عندما التقت في غرف بيتها بتلك البقايا، ودقت ساعة الزمن لتذكّرها بمأساتها التي رجعت بذكريات 17 سنة إلى الوراء مضافاً اليها ذكريات ثلاث سنوات تعادل ثلاثة قرون عجاف بثقلها والمها وجروحها ومآسيها التي لا تمسحها دهور من الأزمنة. هكذا كانت نادية مراد، الطفلة البريئة عندما وصفت معاناتها أمام قادة العالم في مجلس الامن ووصفت تلك التراجيديا على شكل لوحة بريشة رسام بارع ونحتت على صفحات التاريخ الانساني حروفا لتهز الضمير العالمي ببراعتها بكلمات وحكاياتها تخرج بعفوية على شكل هدير كاسح وكأنه رسمها الله والقاها في فمها لتشد ذلك الحشد العالمي ومن خلالهم البشرية جمعاء إلى خطابها. كلماتها رسمت لوحة للاسلام المعتدل لكي يغفوا ويستفيق مما هو فيه من سبات وتخلف. كلماتها ايقضت الضمير العالمي المعتدل دون الضمير السياسي لتضع حداً فاصلا بينهما.
اللعبة التي تجري على ارض سنجار ستنقلب وبالا على اللاعبين فيها لأن الله سيسمع أنين الأمهات والثكالي والايتام وأن الجبروت سينتهي الى مربلة التاريخ وسيخرج الايزيديون من اللعبة معافين وانقياء. وهنا نسجل الشكر والعرفان للاصوات التي تنادي بالحق وتقوم باسكات الاصوات النشاز التي تتكلم عن استشهاد البيشمركة في سنجار بدون وجه حق ويتحدثون عن نادية مراد بالسوء وحتى يرون بأن الكلام عن المعاناة اصبحت من المحرمات. فعندما حضنت تلك البقايا ورأت بقايا أحذية اخوتها أو عندما وقفت تتأمل خزانة الملابس لأخواتها، فإنها استحضرت دهرا بكامل تجلياته ومآسيه ومخلفاته.
أملنا كبير في أن يعي الشعب الكردي قيمة ومقدار الالم الذي يغلي في نفس كل ايزيدي. وأن يحترموا مشاعر الذين فقدوا احبتهم وأن لا يقيسوا الأمور بتلك القياسات المادية ومقارنة محنة مليون انسان مقابل رغيف خبز أو تقديم مساعدة مادية يمكن لأي انسان أن يقدمها وهو في وضع يمكنه القيام به. كما أن أملنا كبير في أن تعي القيادات الايزيدية خطورة الموقف هناك وأن يتحسبوا لما يحصل ويبتعدوا عن خلق الحساسيات والتعامل مع جميع الجهات حسب ما تقتضيه مصلحة شعبهم البائس والمتشرد والمهاجر. كما نتمنى أن لا يرد الشباب الايزيدي على بعض المهاترات باسلوب رخيص أو قذف الناس بشتائم لا تليق وانما الردود تكون موزونة وبعيدة عن التشنج واحترام الراي العام. 

علي سيدو رشو
المانيا في 2/6/2017

39
حول الاوضاع الجارية في سنجار
قلنا من قبل بأن ما يجري على أرض سنجار هو حلقة مهمة من مخطط دولي واقليمي يتم تنفيذه على شكل مراحل وذلك لأهمية جيواستراتيجية المنطقة للكرد والعرب بشقيه الشيعي والسني وكذلك تركيا وخاصة بعد انسحاب البيشمركة منها بدون قتال ودخول حزب العمال الكردستاني لملأ الفراغ الناجم عن ذلك الانسحاب (التكتيكي)، حسب البعض الكردي، إضافة إلى إيران لعلاقتها المباشرة مع الوضع القائم في سوريا.
أولاً: كرديا، هنالك اكثر من موقف يمكن للايزيديين ان يتيقنوا بعدم جدوى الاعتماد عليهم بعد أن أثبتوا بالتجربة بأنهم ليسوا محل ثقة وأنهم غير مخلصين مع المعطيات على الأرض؛ سواء من جانب التعامل مع محنة الإيزيديين في الجزء الشمالي من الجبل (المتحرر من قبل البيشمركة)، أو من جانب الواقع الميداني مع داعش في القسم الجنوبي من اقليم سنجار الذي حررته قوات الحشد الشعبي ببسالة. على هذا الأساس فإن الترابط الايزيدي-الكردي الذي كان موجودا بقوة لم يعد بتلك الرابطة القوية كالسابق، وبالتالي يمكن لكل من الايزيديين والحكومة العراقية استثمار هذه العلاقة الفاترة وخاصة الحكومة المركزية لكسب ود الايزيديين كونهم قوة بشرية مهمة على الارض واثبتت كفاءتها في التصدي للتنظيم الارهابي ومصدر ثقة قوي في المنطقة من الناحية الاستراتيجية على المدى البعيد. وعلى ما يبدو فإن آمال الكرد في إنشاء دولتهم وكذلك امال الاسلام السياسي في إبادة الايزيديين سيتحطمان على صخرة محنة الايزيديين لأن أفعالهم الخائبة فاقت كل التصورات.
ثانياً: فيما يتعلق بحزب العمال الكردستاني فإنه المستفيد الأكثر وقتياً من هذا السيناريو بتحسين سمعته الدولية من حيث تقوية علاقاته الاقليمية مع كل من ايران والحكومة العراقية واطراف دولية اخرى بما فيها الولايات المتحدة وكذلك تأمين امنها القومي في شمال سوريا وجنوب تركيا وشمال العراق. هذا التواجد الاستراتيجي لحزب العمال الكردستاني ونشاطه البارز في التصدي لمجموعات داعش الاجرامية ووقوفه خصما شرساً للحزب الديمقراطي الكردستاني وضع الاسس لرسم خارطة جديدة للمنطقة لا تتفق مع الكثير من التوجهات السياسية للإيزيديين أولاً ولبعض الدول الاقليمية وخاصة تركيا وقطر والسعودية وحلفاءهم من كرد العراق ثانياً.
مركزياً: نقول بما أن الحكومة العراقية هي حكومة منتخبة وهي لعموم العراق، لذا يقع على عاتقها حفظ الامن العام وبخاصة أمن الاقليات الذين هم ليسوا أطرافا في النزاعات القائمة سوى انهم ضحية كارثية لمستقبل اجيالهم. وعلى الجانب الاخر فإن الدولة سترجع هيبتها وسمعتها الدولية عندما تتعامل مع موضوع الاقليات بشكل تحافظ على امنهم وهو من الواجبات الاساسية لها وليس من حق جهة محلية او دولية الوقوف بوجهها لحماية مواطنيها من هذا الكابوس الاجرامي. وعلى الحكومة المركزية أن تعي قيمة وأهمية واستراتيجية مناطق الايزيديين، وكيف انهم ذاقوا المرارة على ايدي الحكام المحليين الذين تهادنوا مع داعش. ومن هنا وبعد أن تم تحرير القسم الجنوبي من سنجار واختلط الدم بالدم على ارض سنجار مع توفر عنصر الثقة فيما بين الحشد الشعبي والايزيديين فإن ذلك خلق ظروفاً يمكن التأسيس عليها وتطويرها لصالح الطرفين.
تركياً: اجد بأن على الباغي ستدور الدوائر وأن تركيا ستدفع الثمن غالياً بدعمها العلني لداعش والدليل ما نشر صحيفة واشنطن تايمز(1)  بمقال من السيد أحمد يايلا رئيس شعبة مكافحة الارهاب في مديرية أمن شانلي أورفا في الفترة مابين عامي 2010-2013. حيث ورد في هذا التقرير بان تركيا دعمت بشكل اساسي مجموعات داعش من خلال شراء النفط وتمرير الاسلحة والتسهيلات اللوجستية ونقل 25 الف مقاتل من داعش من جميع انحاء العالم الى العراق وسوريا. إذن فإن ضربة تركيا الجوية على سنجار في 25/4/2017، التي تسببت في نزوح جماعي للايزيديين المشردين اصلا من ديارهم بسبب الخلافات الكردية-الكردية على ارض سنجار ماهي إلا نفخة في قربة فارغة من ناحية حزب العمال الكردستاني.
إذن ماهي الرؤية العامة للواقع هناك: سيفرض واقع سياسي جديد على سنجار والكرد هم الخاسر الأكبر.
لقد انتظر الايزيديون على مدار 3 سنوات دون أن تحرك الحكومة الكردية ساكنا، بل مستفيدين من وجودهم كأسرى في مخيمات محافظاتهم من النواحي الإقتصادية والإعلامية والسياسية، وعالميا من حيث السمعة والحصول على المعونات الدولية. ولو كان تحرير الجزء الجنوبي من سنجار على ايدي القوات الكردية (الايزيدية)، لكانت الفرحة لا توصف لأنهم أولى من غيرهم بتحريرها لإعادة الاعتبار اليهم بعد الانسحاب المنظم في 3/8/2014. وفي ذات الوقت فليس للحكومة المركزية أية منية على الايزيديين بإعادة هذه البلدات الى سيادة العراق لأن ذلك يعتبر من أسمى واجباتها في حماية أمن الوطن والمواطن، ولكن على الايزيديين أن  يشكروا الحشد الشعبي على موقفهم. فالفرق بين موقف الحشد الشعبي في تحرير ارض سنجار والبيشمركة في ترك سنجار هو فرق لا يمكن للعاقل أن يقارنهما مع البعض.
1.   فالبيشمركة انسحبت بقرار سياسي من أعلى قيادة كردية تاركة (أهلها من الايزيديين) ضحية جاهزة بيد عصابات مجرمة لا ترحم الحجر والبشر وكانت النتيجة كارثية على شعب اعزل ليس له حول ولا قوة. بينما جاء الحشد بهمة عالية لتحرير الارض من ايدي العصابات المجرمة وبالنتيجة فإن الايزيديون تفاعلوا معهم بشكل ايجابي كمنقذين لهم بعكس موقف البيشمركة المهزوم.
2.   البيشمركة (حررت) الجزء الشمالي من اقليم سنجار ومدينة سنجار بدون مقاومة وفي غضون ساعات في 19/12/2014 ودون ان اية خسائر مادية او بشرية، مما يعني بأن الاتفاق هو نفسه ومع نفس الجهات عندما انسحبت بقرار سياسي من قيادة الاقليم وأدعت عائديتها للكرد. بينما الحشد الشعبي دخل المنطقة ومعه الاصرار على تحرير الأرض بشكل تام ودخل معارك طاحنة على مدى اسابيع وقدم ضحايا كثيرة في الارواح بعكس الموقف في الجزء الشمالي من جبل سنجار وسلّمت المناطق المحررة بايدي أصحابها الشرعيين.
3.   بعد (تحرير) الجزء الشمالي من سنجار تداخلت وتعقدت الامور على أهل سنجار اضعاف المرات بسبب إعادة نفس الاسلوب السابق الى التطبيق على ارض سنجار، وكذلك تصعيد الموقف مع مقاتلي حزب العمال الكردستاني (وبيشمركة روزافا)، ووصل الحد لتتدخل تركيا وضربهم بالطائرات والصواريخ. بينما الحشد الشعبي أعلن وبكل صراحة تسليم المناطق المحررة إلى أهل المنطقة لإدارتها دون ان تتدخل في تفاصيل ودقائق الامور، أو يدعوا بعائديتها كونها تحررت بالدم وانتقمت لأهلها وحرائرها من المجرمين الدواعش وخاصة في قرية كوجو المنكوبة وحماية المقابر الجماعية بعكس ما تم في الجزء الشمالي من إهمال متعمّد لتلك المقابر.
4.   انطلق الحشد الشعبي من منطلق أن تحرير ارض سنجار هو حماية لأمن العراق القومي والوطني، بينما تسعى الحكومة الكردية بحماية امنها القومي فقط على حساب أهل المنطقة من الايزيديين لأهمية جيوسياسية المنطقة استراتيجيا وعسكريا واقتصادياً دون أية مراعاة لخصوصية أهلها ومعاناتهم، ولكنهم سيكونون الخاسرين الأكبر من كل ما سيحصل بسبب التعقيدات الجديدة لأنه دخل الآن طرف آخر في المعادلة بقوة وبمساندة ومباركة شعبية إيزيدية وقوة الدولة بعد أن أثبت الكرد عدم مصداقيتهم مع محنة الإيزيديين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                   (*):http://www.bahzani.net/services/forum/showthread.php?130314

علي سيدو رشو
المانيا في 29/5/2017

40
Zentralrat der  Êzîden in Deutschland (ZÊD)

Zentralrat der Êzîden in Deutschland*c/o Ortac, Eichweg 6, 35460 Staufenberg

Vorstand   Vorsitzender:
   Dr. Irfan Ortac
   Stellvertreter:
   Dr. Said Saydo
   Zemfira Dlovani
   Ismet Brimu

السيد رئيس الوزراء العراقي الدكتور حيدر العبادي المحترم.
السيد سفير العراق لدى جمهورية المانيا الاتحادية المحترم.
م/ جينوسايد الإيزيديين
معالي رئيس الوزراء العراقي المحترم ،
على خلفية نتائج الاجتماع الذي حصل ما بين محامية الناجيات الايزيديات السيدة أمل كلوني والناجية نادية مراد بالسيد أمين عام الأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيريش ،وكذلك لقائهما بالسيد محمد الحكيم سفير العراق لدى الامم المتحدة، تبين بأن القرار الأساسي بالموافقة على فتح تحقيق دولي بشأن جينوسايد الإيزيديين في المحكمة الجنائية  الدولية يبدأ من خلال طلب حكومة جمهورية العراق رسمياً من الأمم المتحدة بهذا الأمر. وبما أن محنة الايزيديين فاقت التصورات وتعرضوا بشكل ممنهج إلى سلوك همجي من قبل عصابات داعش بالقتل والسبي والاختطاف والاجبار على ترك دينهم واعتناق الإسلام ،بالإضافة إلى تدريب الأطفال في معسكرات الإرهاب وتعريضهم إلى غسل الدماغ، وهدم القبور والرموز الدينية باستهداف محدد لفئة بذاتها، لذلك كله وبشهادة المقابر الجماعية في كل أرجاء ارض سنجار، نطالب سيادتكم بأن تضمدوا جراحهم بارسال خطاب الى الامم المتحدة لتحريك الدعوة قضائياً بحق من أجرموا والحقوا أبشع الجرائم بالشعب الايزيدي، وذلك لإنصافهم لكي يشعروا ولو لمرة واحدة بأنهم عراقيون وأن هناك من يساندهم وبأنهم ليسوا لوحدهم في محنتهم.
سعادة رئيس الوزراء المحترم،
إن التصريحات التي صدرت عن ممثلية العراق في الأمم المتحدة قوبلت بالاستغراب من لدن الشعب الايزيدي في عموم أنحاء العالم، حيث في المرة الأولى لم يصافح سيادته الناجية نادية مراد، وفي المرة الثانية لم يتفاعل لا مع المطلب الأممي ولا مع محنة شعبه، وإنما قام بتسويف القضية وتغيير مسارها وكأنه يقول بأن ماحدث للإيزيديين لا يرتقي إلى هذا المستوى. عليه فإن الشعب الايزيدي لا يريد مَن يتزايد على العراق وكبريائه، ولكن لا يتمنى أيضا أن يصبح الآخرون بديلا عنه في المطالبة بحقوق مواطنيه لأن العراق أحق وأولى من غيره بمطالبة مستحقات مواطنيه وخاصة من الأقليات الدينية والعرقية بعدما استبشرنا خيرا في ظل نظام ديمقراطي تعددي ودستور مدني قائم على احترام إنسانية الإنسان، لأن حماية المواطنين هي من مسؤولية الدولة.
فبدلاً من أن ينصف السيد سفير العراق ضحايا داعش الاجرامي قال: أن المطلوب في المرحلة المقبلة بعد أن تتمكن القوات العراقية من تحرير الموصل من قبضة (داعش)، ((مصالحة حقيقية)) بين المكونات الدينية والاثنية في ثانِ كبرى مدن العراق (انتهى الاقتباس). هنا يقفز إلى الذهن مدى السذاجة في هكذا تفكير وكأن الذي حدث هو خلاف عشائري بين مكونين مختلفين في العقيدة أو الأثنية من مدينة الموصل، متناسياً بأن داعش الذي قدِم من مختلف أرجاء المعمورة عاث في ارض العراق فساداً وتفنن في الجريمة بحق جميع مكونات الشعب العراقي ولكن كان للايزيديين حصة الاسد من بين تلك الجرائم من خلال القتل الجماعي و الاستعباد الجنسي للنساء و تجنيد الأطفال الصغار، إن جلب الجناة أمام المحاكم الدولية هو استحقاق عراقي قبل كل شي، ولكون ليس لنا ممثلين في الحكومة، فلنا كل الحق في أن نسأل، ماهي طبيعة ال 500 قضية التي رفِعت ضد التنظيم الإرهابي؟ وما السبب في أن لا يطبق القانون بحق هذا التنظيم المتطرف؟
سيدي الرئيس،
على ما يبدو من مضمون خطاب السيدة كلوني وكذلك سفير المملكة المتحدة في المنظمة الدولية بأن هنالك طرقا أخرى في حال لم يوافق العراق على إرسال طلب محاسبة مجرمي تنظيم داعش دولياً . ومن هذه الوسائل هي تشكيل لجنة من مجلس الأمن للتحقيق في تلك الجرائم، أو إنشاء فريق خاص من الجمعية العامة للامم المتحدة للحفاظ على الأدلة وإعداد القضايا كما فعلت في سوريا. كما يمكن لمجلس الأمن الدولي إحالة القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية. وعليه فإننا نتمنى أن تكون المبادرة من بلدنا وليس من خارجه كما يبدو من التلميحات.
تقبلوا فائق احترامنا و تقديرنا
الهيئة الادارية للمجلس الاستشاري الايزيدي في المانيا (*)
المانيا  في 14 /3/2017
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*): يتألف المجلس الاستشاري الايزيدي من أكثر  من 30 جمعية معترف بها رسميا في المانيا، وهو الممثل الرسمي للمجتمع المدني هنا في جمهورية المانيا الاتحادية.     


Weitere Vorstandsmitglieder:
Dr. Ali Khalaf,           Kontodaten   Amtsgericht Bielefeld:
Dr. Temur Hasanyan, Kurdiya Atalan, Gian Aldonani,   (Sparkasse Oldenburg,   VR4512
Sahap Dag, Safet Disli, Ali Seydo, Svo Süleyman,   IBAN-Nr.: 54545455554554545)   
Mejdin Kurt, Fakhreddin Abdo      
Email: info@zentralrat-eziden.com
   
Homepage www.zentralrat-eziden.de
   


41
ماذا يجري على ارض سنجار؟
لا يمكن لعاقل أن يتصور بأن الذي يجري هناك هو ليس لتكملة مشوار المخطط الذي يهدف منه أنهاء الوجود الايزيدي فيها الى الابد. فالمرحلة الاولى منه بادخال داعش حقق نسبة عالية من ذلك المخطط ولكن الكلمة الفصل كانت لمقاومة الايزيديين وبقاءهم على جبل الصمود ومقاومتهم لتنظيم داعش الدموي. والأمر الثاني هو الأستغلال الذي مارسه حزب العمال الكردستاني بملأ الفراغ الناتج عن انسحاب البيشمركة التكتيكي بكامل منظومته العسكرية والامنية والاستخبارية في الوقت المناسب. فمهما كانت الاسباب والمسببات، ستبقى النتيجة بالنسبة لنا هي واحدة وغير قابلة للنقاش لأن الواقع هو الذي يتحدث عن نفسه حتى ولو تم تسخير كل قوى الشر في الارض لتغطية الحقائق والوقائع.
اليوم وبعد أن عجز الحزب الديمقراطي الكردستاني عن دفع الإيزيديين واستخدامهم كدروع بشرية لطرد العمال الكردستاني من سنجار، ظهر وبشكل مفاجيء سلوك جديد في المعادلة بعد أن أنهى السيد البرزاني مقابلته مع الرئيس التركي السيد اردوغان في تركيا، مما لا يقبل الشك بأن الاتفاق جرى بين الطرفين لتكون التصفية على أرض سنجار ليضعوا الملح على الجرح الايزيدي المتقيح. ولذلك نقول، لماذا سنجار الآن اذن؟ فلا أعلم كيف يدّعي طرفان غير عراقيان (بيشمركة روز أفا وقوات البككة) بأحقيتهم في سنجار في الوقت الذي يضحون بأهله قربانا لأختلافاتهم، كل على حسب مقتضيات مصالحه السياسية.
ففي كركوك ومخمور تقاتل قوات البككة جنباً إلى جانب مع البيشمركة، وهم متواجدون في قنديل وعلى بعد كيلومترات من سري ره ش، فلماذا إذن يجري القتال بينهما فقط على أرض سنجار من دون بقية المناطق؟ فالحزب الديمقراطي الكردستاني هو الذي جلب البككة ووطد اركانه في ارض سنجار (طالما كانت البككا تحلم به لكون أن سنجار تمثل  جغرافية وعمق استراتيجي لهم)، بسبب أخطائه الاستراتيجية وتضحيته بالإيزيديين وهم أخلص الناس وأكثرهم حرصاً على أمن كردستان ليدفعوا الارض والعرض والتاريخ والمستقبل والمقدسات ثمناً لإخلاصهم . لذلك نقول بأن القتال على ارض سنجار في الوقت الذي لازال الجرح الايزيدي ينزف وأنين الأمهات يملأ السماء صرخاً وعويلاً، بينما العدو المشترك يسرح ويمرح ويتفرج عليهم وهو على بٌعد أمتار منهم، لهو من صفات السياسيين عديمي الاخلاق. 
إن عدم تحقيق الهدف بكامل مراحله في انهاء الوجود الايزيدي جعل من المخططين له أن يغطوا على فشلهم أمام اسيادهم بتحريك هذه القطعات لأنهم يعلمون باليقين بان العمال الكردستاني سوف لن يترك المنطقة بالسهولة التي يتوقعونها، وفي الوقت ذاته الاثبات على انهم ماضون في مسلسل التخلص من الوجود الايزيدي ليجعلوا منهم مشاريع ترحيل وقتل وموت زؤام وزرع الخوف والرعب فيمن استقر في ناحية الشمال ولو لبضعة ايام. ومن ثم الانتفاع من خيرات اراضيهم وجغرافيتهم لحماية الامن القومي الكردستاني ومن ثم تحقيق حلم السلفيين بمحو الايزيديين. هذا بالاضافة الى اختلاق ذريعة باستقدام الجيش التركي ليدمر ما تبقى من سنجار بحجة ضرب العمال الكردستاني. وعلى الجانب الاخر فإن العمال الكردستاني هو الآخر غير مرحب به إيزيدياً على الاطلاق ولا يقل دوره في التخريب عن دور الحزب الديمقراطي الكردستاني سوى انه لم يكن بالفعل المباشر ولكن على المدى البعيد فهو الاخطر على المستقبل الايزيدي من اي حزب سياسي اخر مهما كان.
على هذا الأساس إذن، يتوجب على الايزيديين أن يعوا التعامل مع اللعبة لأنهم هم المستهدفين الاساسيين. ولو كان الأمر عكس ذلك لتحالف الحزبان ضد عدوِ مشترك ألا وهو داعش بدلاً من قتال بعضهما البعض على أرض سنجار. أما أن يتقاتلوا مع البعض وعلى أرض الايزيديين بحجة انه أرض كردستان فمعنى ذلك بأنهم متفقين مع اهداف داعش ولكن باساليب اخرى، لأنه هنالك معلومات مؤكدة بأن الطرفان يقومان بتهريب مقاتلي داعش مقابل مبالغ مالية ضخمة مستخدمين أرض سنجار ممرا لتهريب الارهابيين بدلا من حمايتهم، والكلام كثير في هذا الشأن.
 
علي سيدو رشو
المانيا في 3/3/2017

42
هل سيكون لفرش السجادة الحمراء هذه المرة ثمنها؟
في العادة وكما نعلم بأن سمو الامير تحسين بك قد زار العراق قبل هذه المرة بالعشرات، إلأ أننا لم نشاهد أي استقبال له بهذه الحفاوة. فالسجادة الحمراء لزائر ما انما تفرش لاستقبال رسمي لشخصية ذا مكانة سياسية أو اعتبارية، إلا أننا وللاسف لم نلمس قبل اليوم بأنه تم استقبال الامير تحسين بك بهكذا احتفال رسمي وبحضور شخصيات سياسية من وزن الحضور وعلى سجادة حمراء. وهنا نسأل: هل لأن سموه لم يزر العراق منذ فترة طويلة وبالتالي فإن الجماعة مشتاقين للقياه (وأن سموه قد وحشهم) وبالتالي يجب اعتباره بشكل مميز؟ أو أنهم تذكروها مناسبة لكي يعيدوا له اعتباره بعدم الرد على رسائله الثلاثة التي بعثها للرئيس برزاني في وقت الفرمان الذي حل (بقومهم الأصيل- الرسن)، وحتى قبل ذلك الوقت ينذرهم في تلك الرسائل بخطورة الوضع على الايزيديين؟ أو أن الفخ في هذه المرة من العيار الثقيل بحيث لا تتحمله الأرض من دون فرشة حمراء.
هذه الزيارة هي نوعية وخاصة بامتياز وبالتالي هي اختبار حقيقي للوقوف على محنة قوم كامل مشرد ومهاجر ومهان ومحتقر من قبل أقرب المقربين وبالتالي: إما سيقع تحسين بك في الفخ المنصوب له سلفاً وبها سينتهي للابد غير ماسوف عليه، وهو ما لا نتمناه. وإما سيعيد اعتباره ويقول كلمته التي يؤمن بها قومه ويتحمل نتائجها ويدخل التاريخ ويخّلد بين قومه وهو ما نتمنى له في ان يكون هذه المرة مختلفاً عن زيارته للحاكم المدني بول بريمر التي كنت شاهدا على الكثير من ملابسات وحلقات وفصول تلك الزيارة، عندما كتبت (انا كاتب هذه السطور)، الى بريمر في 15/9/2003 بناء على طلب السيد حسين مرعان الذي كان قد عاد لتوه من عند السيد بريمر وتسمية الوفد الاولي (المؤلف من سموه والسيد جلال حسن والمرحوم د. مجدل نواف)، قبل الترتيب الاخير الذي تم بموجبه الترتيب للمقابلة بعد أن تم تغيير الشخصيات المرافقة لسموه.
نتمنى أن لا تكون هذه الزيارة هي زيارة رسمية فقط لمقابلة الشخصيات السياسية بقدر ما أن تكون زيارة للوقوف على حال قوم مشرّد يرثى لحاله. فإنك لم تزرهم في محنتهم بعد 3/8/2014، لذلك نتمنى أن لا تصبح في هذه الزيارة سبباً في زيادة محنتهم عقب قرابة ثلاثة سنوات عجاف لأنهم قد يتحملون المذلة والاهانة من غيرك، ولكن سيكون حسابهم معك هذه المرة اقصى من ذي قبل، وعليك أن تعرف ذلك وتوزن الوضع في هذه الزيارة بمعايير مختلفة عن المقابلات او الاجتماعات او اللقاءات السابقة لأنك ستمثل فيما بينهم وسيسمعون كل شيء، وأنه يبدوا بأن الوضع على الأرض قابل للكثير من المعايير والمساومات والمتغيرات وقد يكون الامر فيه تقرير مصير بعد (تحرير الموصل).
في مقابلة لنجلكم الامير حازم، قبل ايام على إحدى القنوات الفضائية الكردية قال: لا يمثلنا ولا يمتلك احداً الحق في تمثيلنا سوى الرئيس البرزاني. لكن بالتأكيد فإن للايزيديين رأي مختلف عن ذلك ومن حقهم أن يسألونكم: إذن من أنتم وما هو موقعكم من هذا القوم وأنتم تسمّون امراءهم منذ مئات السنين؟ كيف لكم أن تنصبوا أنفسكم بأمراء الإيزيدين في العراق والعالم وغيركم يمثلهم؟ لذلك عليكم أن تعوا وتوزنوا الأمور بمعايير تليق بتضحيات هذا الشعب الذي ابتلى بكل أشكال العذاب. وعليه نتمنى أن يكون فرش هذه السجادة الحمراء بحسن النية ولائقة بموقع الامير تحسين بك وزيارته لأهله، وأن لا يكون فخاً جديداً لمحنة (تكتيكية) جديدة لأن الذي جلبتهم على راسنا كافِ وزيادة أشوية!!!         
ملاحظة: نصيحتي المخلصة لسموك هي أن لا تتصرف قبل أن تلتقي بأهل المحنة من سنجار وخاصة نخبة من المثقفين المعروفين بنزاهتهم واستقلاليتهم لأنهم أدرى بالحال وبما هم فيه، وكذلك لقاء بعض رؤساء العشائر وليس كلهم. وعليك أن تعلم بأن هذه الفرشة الحمراء ليست لسواد عيونك وانما لتحميلك كل المسئولية عما سيترتب على لقاءاتك وبالتالي قد تكون لهذه الزيارة نهاية (غير محمودة العواقب).

علي سيدو رشو
المانيا في 26/2/2017

43
هل كان الموقف الأخير لحيدر ششو صائباً؟
دائماً أقول بأن الذي في الميدان الفعلي يرى الأمور بعين غير العين الذي يرى به من هو بعيداً عن الساحة. فكلنا كنا مع صمود حيدر ششو في وقت الشدة، وقد وقف آنذاك وقفة الشجعان في الوقت الذي خذل الجميع وانهاروا بدون ادنى مقاومة، بدءاً بقوات البيشمركة التكتيكي وانتهاءاً برؤساء العشائر الايزيديين. الجميع هربت باتجاه الشمال بينما حيدر ششو كان متوجهاً إلى حيث الموت الزؤام غير آبه بما سيحصل له أو ما مرسوم في الخفاء. ففي الوقت الذي كان له أن يرجع هو الاخر الى المانيا ليعيش مع عائلته كما نحن الآن وليس من أحد أن يوبخه على ذلك في الوقت الذي كان على أصحاب الكروش والرؤوس والمخاتير في أن يدافعوا عن شرف عوائلهم ومواطنيهم.
وعلى الرغم من إختلافي مع حيدر ششو في الكثير من النقاط والمواقف، ليس لشخصه وانما لعدم استغلاله الفرصة المناسبة بعد 3/8/2014 مباشرة عندما اتصلت به ووجهته على موقف كان سيسجل له التاريخ فيما لو صار على ذلك النهج، ولكن كان للرجل وجهة نظر اخرى وهو أعرف بما كان يجري هناك اكثر وكان له ما أراد. واقولها بكل صراحة بأن حيدر وقع في أخطاء كغيره دون أن يستفيد منها. فوقوعه في أخطاء عندما زار أوربا ليست بأقل منها التي وقع فيها عندما خرج من السجن وزار السليمانية لأنه لم يلتقِ في المهجر بنخبة ذا بٌعد استراتيجي لرسم سياسة واقعية لما بعد السجن، وإنما اعتمد على زيارات ميدانية ضناً منه بأن الالتفاف الجماهيري سيكون بديلاً عن الرؤى الاستراتيجية وهو ماكان يجب أن لا يحصل.
أصبحت القوة التي يقودها حيدر ششو الآن تعد بالالاف، وهذه القوة البشرية هي قوة قتالية وهي قوة من نوع خاص. وهي تحتاج اسلحة ومعدات وتجهيزات وآليات وملابس ومؤن حربية ورواتب وتدريب وخبراء وجهاز اداري واستخباراتي وما الى ذلك من الاحتياجات. وأن هذه الاحتياجات لا تتحقق بدون تمويل مالي ومصدر مساند وآني. وعليه كان أمامه أمرين: إما التراجع والتخلي عن القوة التي شكلها بعد أن خاب ضنه بالايزيديين، أو الاستمرار بها مع جهة مساندة وممولة لها.
وعليه، فإن التراجع عنها حسب قناعتي لهي الكارثة الحقيقية التي كانت ستحل (مهما أختلفنا في القناعات) فيما لو أنه تخلى عنها، بينما أنه قاوم لأكثر من سنتين ولم يزره أو يسانده عشائرياً أحداً من رؤساء عشائر الايزيديين سوى الاشداء من ذوي الضحايا ومن اشد الناس فقراً وعوزاً. على الجانب الآخر لم تحصل تلك القوة من إيزيديي المهجر على الدعم اللازم لكي تقاوم وتستمر بشكل مستقل وبدون ان تستند على جهة سياسية، كما أن هذه القوة ليست تابعة لقوة سياسية ايزيدية لكي تحصل على الدعم الخارجي أو حتى من الحكومة العراقية. وعليه فإنه إذا ما فكرنا بحكمة فإن الموقف الذي إتخذه حيدر ششو في قناعتي كان الأصوب من بين البدائل المتاحة. وفي كل الأحوال فالذي في الميدان أعرف من غيرهم بحقائق الامور. وفي جميع الاحوال نتمنى أن يكون السيد حيدر ششو واعياً للخطوة التي اقدم عليها ولا يجعل من نفسه وقوته ممراً سهلاً لتآمر جديد على البقية من الإيزيديين الغلابة. مع الاحترام

علي سيدو رشو
المانيا في 19/2/2017
   

44
المنبر الحر / لماذا يزدا الآن؟
« في: 22:44 06/01/2017  »
لماذا يزدا الآن؟
يزدا منظمة مجتمع مدني تأسست بموافقات رسمية لأنها تمخضت عن رحم المعاناة لتمارس دوراً انسانياً لشعب تعرض إلى أبشع جريمة في العصر الحديث ولها فروع في كبريات دول العالم المختلفة، وهذا دليل على أن الهدف من إنشائها هو لتقديم الاسناد لمن تعرضوا للإبادة. ويبدو من البيان الذي أصدرته يزدا (وهو محل اعتزازنا لهذا الرد المدعوم بوثيقة رسمية من سلطات الاقليم نافذة المفعول)، للرد على البيان الرسمي لحكومة كردستان حول نفاذ صلاحيتها القانونية، وأننا نبهنا يزدا إلى تجاوزاتها ولهذا جاء الاجراء بغلقها قانونياً، لأن يزدا لم تلتزم بحسب بنود مديرية المجتمع المدني في الاقليم. فإن يزدا الآن في موقع أقوى وأنها أكتسبت الحق وردت بالحجة على حكومة الاقليم وطالبتهم بتقديم ما يثبت ادعاءاتهم التي وردت في بيانهم الرسمي. كما أن عدم الرد على بيان يزدا يؤكد عدم امتلاكهم الحجة الصحيحة بغلق المكتب وأنها ستستفيد من إطالة وقت الغلق لتعطيل برامجها والعقود التي ابرمتها مع الجهات الدولية والمنظمات الانسانية.
في مثل هذه الحالات كان على حكومة الاقليم "إن كانت على حق"، أن تشكل لجنة تحقيقية على يزدا وترسل تنبيه استنادا إلى الفقرة الخاصة بتعليمات النظام الداخلي لمديرية المجتمع المدني ومن ثم تستدعي رئيس المنظمة في دهوك بعد أسبوعين من إرسال تنبيه رسمي للمنظمة. وفي حال عدم استجابتها للتنبيه، كان عليها أن تقدم انذار ليزدا وفي حال لم تلتزم يزدا بالانذار، كان من الممكن أن تقوم عن طريق محكمة وقضاء عادل أن تمارس الدور القانوني لغلق المكتب. أما أن تستخدم الاسلوب البوليسي واستخدام الاجهزة الامنية وقوات خاصة بها لإهانة الموظفين، فالإهانة هي للحكومة قبل ان تكون للمنظمة لأنها استخدمت اسلوب عشائري-بوليسي في التعامل بدلا من القانون. ولو قارنا الموضوع مع ما تعرض له رئيس البرلمان وحرمان موكبه من دخول اربيل، فذاك الموضوع يختلف لأنه كان سياسياً بامتياز وله مغزى أخر غير الذي تعرضت له يزدا. كذلك لو قارنا الموقف مع ما تعرض له قائد قوات ايزيدخان، فللموقف ايضاً وجه اخر لانه ايضا كان سياسيا بامتياز.
لذلك، فإنه يبدو بأن الحكومة الكردية قد توصلت إلى حقيقة مفادها من أنها هي المسئولة الأولى عن جينوسايد الإيزيديين، وأنها بدأت تتحسس من أي تحرك إيزيدي وخاصة على المستوى الدولي، وأن يزدا مارست مسؤليتها الاخلاقية في هذا المجال وقطعت مسافة طويلة في هذا الاتجاه بعد أن قامت حكومة الأقليم بفرض الحصار على سنجار. عليه فقد قامت بهذا الاجراء لترسل عدة رسائل إلى الشعب الايزيدي:
1.   أننا أوصياء عليكم وأن المسموح به إيزيدياً فقط هو ما يترشح من تحت ايدينا وبمعرفتنا وحسب قياساتنا، وما عداه سيكون هذا هو مصيره.
2.   أن يزدا هي وليدة رحم معاناة الشعب الإيزيدي بعد الجرائم التي ارتكبتها داعش، وهي تأسست على أكتاف فئة شبابية مؤمنة بقضية إنسانية، لا تخضع للابتزاز أو المناصب الورقية أو المال الحرام أو الوجاهية الوقحة وانما هم مَن حملوا هذه المسئولية بشرف وعلى حساب عوائلهم ومستقبل اطفالهم، وهي بالتالي ليست على هوى تلك القيادات لأنها تأسست في أمريكا في بداية الأمر وليس تحت اوامرهم.
3.   الواضح من الأسلوب والالية التي استخدمتها سلطات الاقليم في التعامل مع مكتب يزدا، هو أنه لم يكن لديها عملاء في المكتب للتجسس على كل صغيرة وكبيرة ولهذا كان لابد من استخدام هذا السلوك الغير قانوني لتضع يدها على البرامج والسيديهات والوثائق والمراسلات والجهات التي لها صلة بهم. هذا يعني بالنسبة لها تعطيل وإيقاف عملها في تقديم البرامج والاسعافات والمعونات والالتزام بالعقود التي لها مشتركات مع الجهات الدولية.
4.   كون يزدا ومعهم القديسة سفيرة الامم المتحدة للنوايا الحسنة نادية مراد وشقيتها في المحنة لمياء حجي قد وضعوا الحجر الأساس لجينوسايد الإيزيديين وهو ما يغيض القيادة الكردية وعليها منع هذه المطالبة باي وسيلة كانت وبأي ثمن كان.
5.   دعوة يزدا الصريحة بأن على الإيزيديين تثبيت هويتهم الأثنية –الدينية التي على اساسها حلت بنا جميع الكوارث، كانت بمثابة الضربة القاضية على حلم القيادة الكردية باخضاع الايزيديين لمشيئتهم وطاعتهم العمياء. وبالتالي حسّت بخطورة هذه الافكار التي تنادي بها هذه المجموعة النشطة من الشبان الايزيديين وبالتالي محاولة وأد وعرقلة مشروعهم الانساني.
6.   دعوة يزدا الاخيرة واللقاء بقيادات الميدان في سنجار لتقريب وجهات النظر فيما بين الفرقاء الايزيديين ومحاولة ردم الهوة فيما بينهم للوقوف مع محنة ذويهم كانت بالنسبة للقيادة الكردية كفراً لا يغتفر ويجب وقوفه عند حده، خاصة وأن صداها كانت ايجابية ومقبولة من قبل الجميع.
7.   كسر إرادة الشعب الايزيدي وخاصة الشباب الناهض الناشط والواعي الذي بدأ يعرف ويقرأ حجم المؤامرة على مستقبل هذا الشعب والدور الذي تلعبة القيادة الكردية في حجب الشمس عنهم بجميع الوسائل الممكنة وعلى جميع الاصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والاغتيالات والتغيير الديموغرافي وغير ذلك.
8.   شعور القيادة الكردية بان يزدا اصبحت الصوت الحقيقي للمطالبة بجينوسايد الإيزيديين حول العالم وباتت تمثل الضمير الإيزيدي الحي والنابض من قلب الحدث والالم الايزيديين، لذلك كان لابد لها من هذا التصرف العشائري بحيث تحاول اسكات هذا الصوت البارز واخضاعه لسياستها الهوجاء وجعل يزدا منظمة كارتونية واسقاطها في نظر الايزيديين.
9.   محاولة صرف نظر الإيزيديين عن أهم أحداثهم وتغيير وجهة النقاشات بين النشطاء الايزيديين وتلهيتهم في امور جانبية لينسوا قضيتهم الأساسية ألا وهي محاسبة القيادة الكردية على إعطاء الأوامر بالانسحاب من سنجار وتعريض المنطقة إلى خراب وتخريب متعمدين.   
   
نتمنى أن تعي حكومة كردستان هذه المرة جيداً بأن اللعب المكشوف بدأ يضر بها وبمستقبل علاقاتها بسبب هذه التصرفات العشائرية الهوجاء وأنها بهذه التصرفات تضع نفسها في موضع الحقيقة من أنها هي من صنعت هذه الابادة بسبب معاداتها العلنية لأية نهضة إيزيدية، حتى على مستوى منظمة انسانية. وهنا نهيب بجميع النشطاء من الايزيديين ومن أصدقائهم في المحنة بأن لا يسكتوا عن هذا الفعل الرخيص والتصرف البوليسي تجاه من يقدمون الخدمة الانسانية لمن هم في الاسر او المخيمات أة الناجيات أو المقاتلين بوجه التنظيم الارهابي. وأن الوقوف بوجه هذه الاعمال الخيرية من قبل السياسة الكردية إنما هو عمل مكمل لعمل المجموعات الإرهابية وفي نفس الوقت إيقاف الجهود الدولية ممثلة بالمنظمات التابعة للامم المتحدة في واحدة من أكثر الاماكن حساسية وبحاجة إلى خدمات انسانية عاجلة.
علي سيدو رشو
المانيا/في 5/1/2017


45
كل عام والجميع بخير
إلى/
 أهلنا المقاتلين في الجبل،
أحبائنا في المخيمات،
أعزاؤنا في المهجر،
قرة عيوننا في الأسر،
بعد عام من الإجهاد والمحاولات بجميع الوسائل الممكنة في تغطية ما يمكن من المحاولات وتنوير الشعب الايزيدي بما تحاك له في الخفاء من مخططات. ورغم ثقل الأحداث وما تعرض له الشعب الايزيدي فإننا يجب أن لا ننسَ بأن الأحتفال بالمناسبات لها ضرورتها ومشاركة الناس في أفراحهم تعد من الواجبات المقدسة لأنهم شاركونا هم أحزاننا ومآسينا أيضاً.
لذا وبمناسبة مغادرة سنة 2016 بكل ما فيها من مواقف وتقلبات واحزان، واستقبال عام 2017 بما قد يحمل من مفاجآت لا نعلم بها، ولكننا نتأمل في أن تعي الشعوب والحكومات بأنه قد بانت أهداف القتلة والارهابيين ولم تعد لأهدافهم ما يستوجب التغطية عليها لبشاعتها ودمويتها وبث الرعب بين الامنين من المدنيين. الدليل الواضح على هذه الجرائم ممثلة بما تعرضت له الاقليات الاثنية والدينية في العراق وسوريا ومنهم الايزيديون والاشوريون والشبك بشكل خاص لبشاعة التصرفات الهمجية لعناصر ومجموعات داعش الاجرامية من القتل والسبي والتهجير والتدمير والفتك وما يتعلق بذلك من اثار نفسية ومستقبلية على حياة الاجيال.
على الجانب الآخر علينا أن ننظر إلى ما قدمه الايزيديون خلال هاتين السنتين على أنه ليس بالشيء القليل بحيث تمكنوا بايصال قضيتهم إلى أبعد بقاع الارض وباتت تدرس تلك القضية على مستوى صنّاع القرار الدولي. هنا علينا أن نشيد بدور النشطاء الايزيديين وما قامت به المجموعات والكروبات الايزيدية في اوربا وامريكا والعراق من نشاطات لوأد المحاولات التي تقف عائقا في طريق تحقيق اماني الشعب الايزيدي. ويجب ان لا ننسً الدور الرائد الذي تقوم به منظمة يزدا على مستوى العالم وبالأخص دور السفيرة القديسة نادية مراد وشقيقتها في المحنة لمياء بشار وكذلك قوة حماية ايزيدخان ومقاتلي الغيرة والشهامة على جبل سنجار. لكل هؤلاء وغيرهم من الناشطين نقول كل عام وانتم بخير ولعوائل المخطوفين نقول لكم منا كل المواساة بعودة فلذات اكبادكم الذين هم قرة عيوننا مهما تباعدت المسافى بيننا وبينهم.
من اهم ما قد يقلقنا في العام القادم هو بوادر المشاحنات التي بدت واضحة بين الاحزاب الكردية التي أصبحت عائقا ماديا امام استقرار الايزيديين وعودة الامان الى حياتهم وبخاصة بعد التهديدات الاخيرة بشن الحرب على بعضهما البعض ووقودها حتما هم الايزيديون لوحدهم. فبعد أن تسببوا في محنتنا، اصبحوا اليوم عائقا كبيرا لا بل مصدر خطر على قضية الايزيديين في سنجار في الوقت الذي كان عليهم أن يكونوا على الاقل انسانيين في التعامل مع ما تعرض له الايزيديين من كوارث. 
بقي أن أقول بأنه حصلت محطات خلال مسيرة هذه السنة وفي أواخر ايامها بأن فقدنا نجماً لامعاً وهو الاستاذ القدير الدكتور مجدل نواف حجي لما كان بيننا من صداقة ومواقف ولدوره الرائد في التوعية ونشر الوعي العلمي والثقافي في الوسط الايزيدي بحيث كان له اثراً واضحاً على نشر الوعي العلمي بين شباب خانصور منذ بداية الثمانينات بحيث كانت لقرية خانصور نصيب الاسد فيما بين الجامعيين الايزيديين في العراق بعد بعشيقة وبحزاني. فعزاؤنا فيك ايها الغالي هو ان يرحمك الله ومثواك الجنة كما هم الخالدين من شهداء الايزيدية في سنجار.
نبتهل الى الله العزيز في أن يمن عام 2017 على البشرية بموفور الصحة وعودة الامن والامان والاستقرار وتحقيق الاماني وعودة المختطفين والمختطفات الى عوائلهم لينعموا بانسانيتهم ويمارسوا حياتهم الطبيعية بعيداً عن هذه المجموعات الإرهابية المجرمة. 

علي سيدو رشو
المانيا في 31/12/2016   

46
متى نصحى مما نحن فيه؟
تتعرض الشعوب والمجتمعات إلى نكسات وهزائم ونكبات وكوارث طبيعية وحتى إبادات جماعية كما حصل لليهود في زمن النازية وكذلك في راوندا والبوسنة والهرسك واخيرا الايزيديين في العراق. نعم تحصل ابادات وتحصل حروب ولكن كما قلنا من قبل بأن المغزى أن لا يستمر تكرار الوقوع في الاخطاء. وكما قال المثل، فالجواد قد يعثر، وعلى الشعوب أن تعيد النظر في مسيراتها.  فمنذ فترة نسمع جعجعة ولكننا لا نرَ طحناً، حيث أننا تصرفنا مع الجميع بعاطفية لا تستند على أي حس سياسي او أستراتيجية مستقبلية. وعلى هذا الاساس فإننا تعاملنا مع اليبكة فقط من منظور المقارنة مع هروب البيشمركة. فلا نحسن التصرف مع الوقت او نقدر المواقف ونخشى كذلك الخوض في غمار العاصفة، كما نخشى الغوص في عمق العمل. فالمستند على خصِ مائل سوف لن يستقر به الحال ابد الدهر. من هنا نقول بأنه إذا تخاصم لصان فسيظهر المسروق وهو ما يحصل اليوم في سنجار. ومنذ وقت نراقب الوضع عن كثب ونحاول ان نعطي وصفا لما يجري هناك من أعتداءات متكررة ومتداخلة ومقصودة ومدروسة.
1.   داعشياً: داعش كان ولا يزال مشروعاً مؤقتاً لتحقيق هدف عالمي، ولكننا ومنذ فترة ليست بقصيرة لم نسمع عنهم حتى في الاعلام الإيزيدي لأن الأحزاب السياسية الكردية مشغولة بلعبة القط والفار ومحاولة كل واحدة منها اختبار الاخرى وجرها إلى ملعب غير مسموح له باللعب فيه، وكل ذلك على حساب الوجود والمستقبل الايزيدي. إذن داعش أصبح شماعة تعلق  جميع الاحزاب السياسية الكردية فشلها أو مساعدتها عليهم وهو ما نمقته ونقول فيه بأنه في افضل الاحوال فإن وجودكم هو الداعم الأساس لاستمرار وجود داعش وعبثه بقيم الايزيديين وسبيهم واغتصابهم وقتلهم، وأنتم مَن تمنعون الايزيديين باعادة اراضيهم وحتى استطيع أن أقول بأنكم مَن منعتم الإيزيديين من تحرير حرائرهم عندما كانوا في منطقة تلعفر.
2.   ديمقراطياً كردستانياً: معروف موقفه من وضع الايزيديين منذ فترة طويلة ولا يحتاج كثير عناء لفهم سياستهم تجاه الايزيديين منذ عام 2003 ولكن كانت واصبحت جلية بعد عام 2007 عندما بدأ الهجوم الإرهابي على الشيخان في 14-15/2/2007. واقل ما يقال عن سياستهم بأنهم تركوا الايزيديين يسبحون في دمهم ويتجرعون علقم ما جنوا على أيدي هذه السياسة العرجاء تجاه مستقبل اجيالهم بحيث مهدت الطريق أمام داعش لتفعل ما تشاء وكذلك جرّت بحزب العمال الكردستاني ليملأوا ذلك الفراغ بوضعية لا تقل خطورة على مستقبل الايزيديين على أساس المقارنة.
3.   أما بخصوص القوات التابعة لحزب العمال الكردستاني في سنجار بجميع مسمياتها، فالامر لا يقل خطورة على مستقبل الايزيديين عن الكارثة التي خلفتها قوات البيشمركة بهزيمتها النكراء في 3/8/2014. صحيح أنها قامت بواجبها السياسي والانساني ولكن هذا لا يعطيها الحق في استغلال محنتهم لصالح أجنداتها السياسية وتعريضهم الى خطر الدولة العثمانية المعروفة السوابق تجاه الايزيديين من خلال التصرفات التالية:
ا. إقامة مقبرة على بعد أمتار من مقبرة الايزيديين مع مزار خاص بها على جبل سنجار لكي تقول بان سنجار أصبحت لنا كما هي للإيزيديين عِبر دم هذا العدد من الشهداء مقابل الملايين من ضحايا الايزيديين خلال مسيرتهم الدامية، أي أن عدد شهدائهم اصبح يساوي عدد ملايين الايزيديين وما تعرضوا له عبر الزمن. وكذلك التغطية على ضحايا الإيزيديين من خلال عرض صور لمقاتليهم الذي استشهدوا في سنجار. فنحن نكن جل الاحترام لأية قطرة دم أريقت وروت أرض سنجار على شرط أنها لن تصبح بديلاً عن ضحايا الإيزيديين والتغطية على تلك الضحايا بشكل مقصود.
ب. إقامة عدد من المعسكرات والثكنات في مناطق متعددة وهي رسالة إلى الشنكاليين وكذلك الى الحزب الديمقراطي الكردستاني بأننا أصبحنا جزء أساسي من المشكلة (وليس الحل)، رغما عنكم. فهذا الأمر يشير بوضوح إلى أن الهدف من الوقوف مع الايزيديين في محنتهم في 3/8/2014 لم يكن الا مخططاً للنيل من القضية الايزيدية وزرع الالغام في طريقهم بدلا من تقديم العون الذي يتبجحون به ليل نهار بايجاد موطيء قدم لهم وحماية مكاسبهم في سوريا بتأمين حدودها الشرقية.
ج: أستغلال محنة الإيزيديين الفارين من الجحيم بتجنيد المئات من الشبان المراهقين من الجنسين دون علم عوائلهم وتدريبهم في معسكراتهم ليصبحوا مقاتلين واستخدامهم بعد تعريضهم إلى غسل الأدمغة وقد أصبحوا فعلاً عائقاً كبيرا أمام السنجاريين ليرجعوا إلى ديارهم.
د. إن الطرفان يحاولان بكل مالديهم من الإمكانيات السياسية والإقتصادية والإعلامية بإعاقة وتقزيم وتقويض دور القوة الايزيدية المتمثلة بقوة حماية ايزيدخان لكي يتقاسموا سنجار على هواهم وحسب أجنداتهم السياسية. وعليه فإنه يبدو بان الطرفان متفقان ضمناً على تهجير الايزيديين وتعريض اقليم سنجار الى التخريب على ايدي القوات التركية التي سوف لن تدخر جهداً في ضرب وتدمير سنجار بحجة تواجد قوات البككة. هذه المحنة جعلت اصحاب الشأن ينسون قضيتهم وسباياهم والغرق في مشاكل الاحزاب الكردية.
ه. من غير المعقول أن يخرج الايزيديون متعافين من شباك التخطيط الاقليمي والمحلي تحت هكذا ظرف متشابك ومتناحر
و الدليل على كلامي هذا هو تشكيل فوج من العرب وآخر من كرمانج سنجار تابع لوزارة البيشمركة للحيلولة باي شكل من الاشكال النيل من عناصر داعش وبالتالي حماية عناصرهم ممن تلطخت أيديهم بمعاناة الإيزيديين في سنجار من الملاحقة بحجة أنهم كانوا ضمن قوات البيشمركة وقاتلوا داعش منذ البداية.
السؤال هنا، هل تم تشكيل هذه الأفواج بمعرفة وموافقة الحكومة المركزية وبالتالي هي من ستدفع نفقاتها أم فقط من قبل الحكومة الكردية؟ هل تم تشكيل هذه الأفواج بالتشاور مع اطراف الاتفاقية الاستراتيجية المتفق عليها بين الحزبين الكرديين في العراق؟ أين ستكون منطقة عمل هذه الأفواج وما الغاية من هذه التشكيلات سوى المحافظة على عناصرهم من الملاحقة القانونية؟
لذلك نرجع ونقول بأن السياسة الكردية هي النقيض النهائي والاستراتيجي لبقاء ووجود واستقرار ومستقبل الايزيديين، سواء بالتهجين والتذويب أو بحجب الفرص أو بالتغيير الديموغرافي أو بفرض أجنداتها الحزبية والقومية.
علي سيدو رشو
المانيا في 22/12/2016

47
حول مقترحنا "تحديد الهوية الايزيدية"
بعد أن طرحنا فكرة "تحديد الهوية الايزيدية" على ثلاث تواريخ مختلفة لعام 2016، ظهرت آراء عديدة منها، مؤيدة وتريد المزيد للغوص فيها والاستمرار بكشف المزيد عن الاليات التي تؤيد ذلك، وغلى الطرف الاخر تعرضنا إلى انتقادات وافكار اخرى وهو مصدر سعادتنا لأن الرأي الآخر هو المهم في مثل هذه المفاصل لكي لا نقفز فوق حقائق أو أفكار لها من الاهمية بحيث لا يمكن إغفالها أو الأسغناء عنها. فالاراء كانت في مجملها هي تأييد للفكرة على أن يتم إبراز العوامل التي تحدد الهوية الايزيدية لكي ننهي هذا التشابك المزدوج الذي بدأنا نضحي بسببه كل يوم دون أن نجني منه اية ثمار سوى المزيد من التضحية والتشرذم والاختلاف والضحايا لتصل بنا إلى حد الإبادة الجماعية.
لكي أكون واضحاً جداً، لم أكن مع الرأي القائل بطرح المفهوم "القومي المجرد والتأسيس لفكر قومي إيزيدي" كما يطرحها الاخرين وبهذا الشكل المباشر، ولكن يسهل الحل لهذا الأمر في حال أذا ما ثبتنا هويتنا أولاً: بحيث نعرف نحن أولاً مَن نحن ونعرّف أنفسنا وأجيالنا المتعاقبة بماهيتنا، مَن نحن في المقام الأول. فإن عرّفنا أنفسنا وقدّمنا هويتنا للعالم، نكون قد ثبتنا هويتنا الاثنية والدينية لأن جميع عناصر تحديد الهوية مترابطة مع بعضها ولا يمكن فصل وتفكيك عوامل الربط هذه عن بعضها، إن كانت على أساس علماني ومدروس بعناية. هنا، يجب أن يعلم الكرد بأن هذا المطالب ليست بالضد من مصلحتهم القومية بقدر ما تؤسس لتحقيق العدالة لقوم قدّم مئات الالاف، لا بل الملايين من الضحايا على مدى قرون بسبب هذا الخلط الفهمي الخاطيء بحيث أصبح في السنوات الاخيرة عامل تفرقة بدلا من أن يكون عامل قوة وتماسك. ففرض الفكر القومي الكردي بهذا الشكل الفوقي على الايزيديين لا يمكن القبول به بهذا الشكل في الوقت الذي يعلم العالم اجمع كيف تركوا الايزيديين في بحر من الدماء بايدي داعش وهربوا دون مقاومة. وكان هذا احد الدواعي التي ابعد الايزيديين عن القبول بالفكر القومي الكردي اضافة الى اقتراف السياسة الخاطئة بامتياز في التعامل مع الايزيديين.
دور التراث في تحديد الهوية
التراث بجميع أشكاله سواء كان لقوم أو لشخص أو لشعب إنما يحدد الهوية الخاصة به. "فليس التراث هو الماضي بكل ما حفل به من تطورات في المجالات جميعاً، وما شهده من أحداث تعاقبت عِبر العصور، ولكنه الحاضر بكل تحولاته والمستقبل بكل احتمالاته. فالتراث يمتد في حياتنا وينتقل معنا إلى المستقبل. فهو جزء منا لا نستطيع الانفكاك منه. والتراث بذلك سمة أصيلة من سمات الهوية، به تكتمل عناصرها وبصبغته تصطبغ(1).
فكل ما خلّفه الشعراء والحكماء والعلماء والفقهاء والفلاسفة في جميع مجالات المعرفة من فولكلور وعادات وتقاليد في الاعراس والمآتم وطريقة اللبس ونوعية الاكلات وسرد القصة والقصيدة والأداء الموسيقي والغناء الشعبي وتسمية المواليد بالاسماء ونوع البناء والعمل في الزراعة والحِرف اليدوية وأداء الفعاليات التراثية الدينية من الأعياد والطوافات وبناء القبب ورمزيتها وأداء التراتيل الدينية من الاقوال والحج إلى لالش وإقامة السَما في ايام الحج والاعياد وذبح العجل في لالش النوراني وعجن البرات المقدسة ولبس الخَرقة المقدسة من قبل شريحة خاصة مع مكملات أركان لبس الخَرقة المقدسة من (الكٌلّك والمحك والمفتول والرست)، والصوم لمدة اربعين يوماً في مربعانية الصيف والشتاء وغيرها الكثير هي الصفات التي يتميز بها الشعب الايزيدي عن غيره وبهذه الصفات يمكن تمييزهم اضافة إلى بعض الصفات الشخصية مثل الكرم والشجاعة والأمانة والاخلاص في العمل، وكذلك تربية الشنب ولبس الصاية ذات الزيق المقَّور كإثبات لهوية خاصة بشعب خاص لايشاركهم فيها احد غيرهم. وعليه فلا يعتبر هذا التراث بكل ما فيه هو الماضي فقط وانما هو يمثل الحاضر ويحتضن المستقبل.
وبناءاً على ما ذكر فإن التراث هو المستودع الذي تنهل منه الهوية قيمتها وعناصرها، وكذلك الصفات الخاصة بكل شعب، فإن الاعتزاز بالتراث باعتباره عنوان الهوية والمحافظة عليه وشموله بالرعاية والعناية لهي مسئولية وواجب ورسالة، فإذا ما أنهدم الماضي وانهار، فإن عودته ستكون ضرب من الخيال. وأن أكبر الجرائم قسوة أن يهدم الناس ما ورثوهم عن اجدادهم، وهذه ليست نزعة طائفية بقدر ما هي حفاظ على ذلك التراث الذي يميزهم عن غيرهم. فالتراث الحي ينقسم ما بين ماهو روحي (يختص بالشأن العقائدي والتراث الديني. ومنه ماهو فكري في اقامة العدل وبيان الحقوق والواجبات بين الناس ومنه ماهو أدبي للتعريف بكل ما يتصل بملكات الانسان وقدراته في التعبير عن اليات التراث ونقله إلى الاجيال).  وبما أن للإيزيديين ما يثبت جميع هذه المميزات التي تميزهم عن غيرهم بشكل واضح وجلي، لذلك لنا الحق الكامل في أن نقول ونثبت بأننا شعب قائم لنا تاريخنا وديننا ولغتنا وتقاليدنا وعاداتنا والأهم من كل ذلك هو شعورنا بالانتماء إلى البعض على اختلاف مناطق جغرافيتنا في المعمورة وبالتالي فإننا قوم بحد ذاته وإن خصوصيتنا تفرض على الجميع باحترام اختياراتنا وليس فرض استحقاقات الاخرين حيث لا نشعر بالانتماء اليهم، حتى وإن كانت هنالك أصواتاً من بيننا تنادي بذلك.     
الهوية ودلالاتها:
 إن أول ما ينبغي أن نبدأ به هو الإشارة إلى أن ثمة ترابطاً وثيقاً بين التراث والهوية. فلا هوية بدون تراث تستند اليه، ولا تراث إذا لم يؤسس لهوية. فالتراث والهوية إذن عنصران متلازمان من عناصر الذات، ومكونان متكاملان من مكونات الشخصية الفردية والجماعية. لذا إن كل أمة من الأمم لها تراث معلوم تٌعرّف به، أو مجهول في حاجة إلى الكشف عنه، ولها هوية تتميز بها بين الأمم الاخرى، سواء كانت عارفة بهويتها هذه، أم كانت جاهلة بها أم غافلة عنها(2).
لقد جاء في كتاب (الكليات) لأبي البقاء الكفوي: "أن مابه الشيء هو باعتبار تحققه يسمى حقيقة وذاتاً، وباعتبار تشخّصه يسمى هوية، وإذا أخذ أعم من هذا الأعتبار يسمى ماهية". وجاء في هذا الكتاب أيضاً "أن الأمر المتعقل من حيث أنه مقول في جواب (ماهو) يسمى ما هية، ومن حيث ثبوته في الخارج يسمى حقيقة، ومن حيث امتيازه عن الأغيار (الآخرين)، يسمى هوية" (3)   
والهوية عند الجرجاني في كتابه "التعريفات" هي الحقيقة المطلقة المشتملة على الحقائق اشتمال النواة على الشجرة في الغيب المطلق(4). وتستعمل كلمة (هوية) في الادبيات المعاصرة معنى كلمة (Identity)، التي تعبر عن خاصية المطابقة: مطابقة الشيء لنفسه، أو مطابقته لمثيله. وفي المعاجم الحديثة فإنها لا تخرج عن هذا المضمون، فالهوية هي (حقيقة الشيء أو الشخص، المطلقة المشتملة، على صفاته الجوهرية، والتي تميزه عن غيره، وتسمى ايضا وحدات الذات).
ومن هذا المنطلق فإذا ما أعتمدنا المفهوم اللغوي لكلمة (هوية)، أو أستندنا إلى المفهوم الفلسفي الحديث، فإن المعنى العام للكلمة لا يتغير، وهو يشمل الامتياز عن الغير والمطابق للنفس. أي خصوصية الذات وما يتميز به الفرد أو المجتمع عن الأغيار (الآخرين)، من خصائص ومميزات، ومن قيم ومقومات. وخلاصة القول فإن الهوية الثقافية والحضارية لأمة من الأمم هي القدر الثابت والجوهري والمشترك من السمات والقسمات العامة التي تميز حضارة هذه الامة عن غيرها من الحضارات، والتي تجعل من الشخصية الوطنية أو القومية، طابعا تتميز به عن الشخصيات الوطنية والقومية الاخرى(5).
كيف يمكن الحفاظ على الهوية التراثية؟ 
وللحفاظ على الهوية التراثية أو الهوية التي تميز الشعب الإيزيدي عن بقية الشعوب إنما يجب أن تستند على أركان ثابتة ومشتركات معينة مقبولة من جميع المؤمنين بتلك الهوية ويمكنهم الدفاع عنها لحد التضحية بالنفس. إن أمر الحفاظ على الهوية أصبح أكثر تعقيداً في الوقت الراهن بسبب الهيمنة السياسية والقوة المادية والفنية بحيث بدأت القوى المسيطرة باستخدام عناصر العولمة ومحاولة طمس حقيقة غيرهم وانهاء كل ما هو أصيل وبالتالي فرض الفكر الاحادي وإجبار الاخرين على قبول فكرهم والانصهار فيهم بتذويب هويتهم وطمس معالمها وتهجينها. وهي بذلك تتعارض مع قواعد القانون الدولي وطبيعة العلاقات الحضارية المتكافئة بل وتتعارض مع سنّة التعدد وقانون التنوع الثقافي مما تقود إلى نسف أساس التعايش السلمي والثقافي المتنوع.
ومن هنا فإن الواجب يستدعي الحرص الشديد على الهوية بالمحافظة على العوامل الاساسية التي تؤمن استمرار بقاءها على حيويتها ألا وهي: اللغة والدين والتاريخ والجغرافية والعادات والتقاليد و(التراث). ويذهب الدكتور التويجري إلى أن الحفاظ على الشيء يتطلب معنىً رئيسياً وبالتالي فهذا المعنى الرئيسي يتالف من خمسة معانِ فرعية وهم: المواظبة والصيانة والوقاية والمراقبة والمراعاة. ولا يكون لهذه المعاني الفرعية مدلول واقعي إلا اذا اجتمعت وتداخلت وتكاملت (6). وبذلك فمطلوب منا أن نتمسك وبكل الوسائل بهويتنا وأن نعي مقدار التخريب الذي أحدث زلزالا في البنية الاساسية للكيان الايزيدي بسبب إهمالنا واللاوعي الذي استخدمناه في التعامل مع هذا المفهوم الحيوي لمصيرنا.  فبالحفاظ على تقاليدنا في الميادين التي مرذكرها نكون قد أسسنا لنا البقاء وأن بقاؤنا مرهون بالحفاظ على تلك المقومات، لأن الآخر يتعمد في طمسها لكي نذوب فيهم وتنتهي خصوصيتنا وبالتالي نهايتنا الابدية.
من هنا يمكن أن نحدد العوامل التي تؤثر على حيوية البقاء على الهوية وعناصرها بعوامل موضوعية واخرى ذاتية. فالموضوعية منها متعلقة بالمحيط الخارجي وتاثيراته وهي:
1.    القوى الاخرى وخاصة السياسية منها التي لاتريد لهذه الشعب إلا الدوران في فلك مصالحها السياسية.
2.   القوى الدينية المتطرفة التي ترى في هذا الوجود ضمن العالم الاسلامي عارا عليها في الوقت الذي وصل الاسلام اصقاع الارض.
3.   الوضع الامني المتردي الناتج عن الفساد السياسي والاجتماعي والقيمي وما يلحق به من التفكك في البنية الاساسية لطبيعة العلاقات الانسانية والخلل في قانون التنوع الثقافي والتعايش السلمي.
أما العوامل الذاتية فيمكن اجمالها بالاتي:
1.   تفضيل المصالح الشخصية والانتماء الحزبي والسياسي للسياسيين الايزيديين على المصالح العليا للشعب الايزيدي.   
2.   عدم الانتباه منذ سقوط النظام السابق إلى ما تقترفه الاحزاب الكردية وبشكل خاص الحزب الديمقراطي الكردستاني لمحو وتذويب الخصوصية الايزيدية وبجميع الاشكال ممثلة بالتغيير الديموغرافي وحجب الفرص وعدم محاسبة المتسببين في معاناة الايزيديين واخيرا بترك الساحة لداعش ليلعب بالايزيديين كما يحلو لهم.
3.   عدم وجود خط سياسي واضح قادر على احتضان الايزيديين بغالبيتهم.
4.   الدور السلبي للأمير والمجلس الروحاني والمثقفين الايزيديين ورؤساء العشائر وخاصة في سنجار.
5.   الدور الضعيف للمنظمات الايزيدية في المهجر وتبعيتها للاحزاب السياسية الكردية.
نتمنى من الشباب الواعي أن يعملوا بنشاط أكثر ويتوحدوا على الكلمة وأعيد رأيي بأن طرح الموضوع القومي بحالته المجردة قد يكون له تاثيراته السلبية أكثر من الايجابية ولكم الاحترام.

علي سيدو رشو
المانيا في 5/12/2016
 

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): التويجري، عبد العزيز بن عثمان.التراث والهوية. المنظمة الاسلامية للتربية  والعلوم والثقافة- إيسيسكو- 2011
(2): نفس المصدر اعلاه.
(3): أبو البقاء الكفوي، الكليات ص: 961، تحقيق د. عدنان درويش، ومحمد المصري، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1995.
(4): الشريف علي بن محمد الجرجاني، التعريفات، ص: 257، دار الكتب العلمية، بيروت، 1995.
(5): التويجري عبد العزيز، مصدر سابق
(6): التويجري عبد العزيز بن عثمان، في البناء الحضاري للعالم الاسلامي، الجزء 7، ص: 148، منشورات المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة، الرباط، 2004.

48
المعركة ضد الظلم ليست فقط باسنخدام السلاح!!
عندما تعرف أمكانياتك الذاتية والموضوعية، وتعرف نقاط ضعف عدوك، فخذ معه مائة معركة ولا تخف. فمعركة اليوم في هايدلبرك بالمانيا ضد عرض فيلم "العاصفة السوداء"، لم تكن اقل أهمية من أية معركة بالسلاح على أرض الواقع. فلم يشبع المجرمون بعد من القتل والتهجير والسبي والاغتصاب، بل أرادوا ملاحقتنا حول العالم لكي ينفثوا سمهم الزعاف في جسم الكيان الإيزيدي لكي يشلّوه عن الآخر، بعدما عرفوا قيمة التحرك الإيزيدي الفعّال على الساحة الدولية.
ما قام به الشباب الايزيدي اليوم بهذه الوقفة الحضارية السلمية سلّط الضوء ساطعاً لتعريف الشعب الالماني بحقيقة ملاحقة الايزيديين بجميع الوسائل وعلى كافة الاتجاهات. كانت بحق وقفة تستحق الوقوف عليها ومساندتها وخاصة موقف القديسة إخلاص خدر ورفيقتها لِندا سليمان علي، اللتان نجتا باعحوبة من عصابات الهمجية وقدمن انفسهن قربانا لبقية اخواتهن اللاتي لازلن يعانين في الأسر وبالتالي فقد أديتا الأمانة بكل شجاعة عندما نهضن في وسط العرض وقلن بأعلى صوتهن بأنهن من ضحايا هذا الارهاب وأن ما يعرض في هذا الفيلم ليست إلأ خرافات خارج الحقيقة بدليل أن المانيا جلبت أكثر من 1000 ناجية عِبر برنامج حكومي وهن يعشن اليوم في كنف ورعاية الحكومة الالمانية، ولم نسمع بحالة واحدة تعرضت فيها فتاة واحدة للمضايقة من أهلها.
أيها الشباب الايزيدي الشهم، اليوم أنتم الرأس والاساس الذي تعٌّول عليه الآمال لمستقبل الاجيال. وبهمتكم ستنجوا بقية اخواتكم إذا ما واصلتم العمل على هذه الشاكلة على شرط أن تحافظوا على حضارية المواقف بحيث لا تعطوا أية فرصة للتقليل من شأن ما تقومون به من خلال الالتزام بكل اداب التظاهر والحفاظ على الاملاك والامن العام والتعاون مع البوليس والجهات الحكومية لأن القضية الايزيدية سوف لن تقف بعد اليوم ولكنها تحتاج منا جميعا التحلي بالحكمة والتحرك على جميع الاصعدة دون توقف.
علينا ان لا نخلق الاعذار ونتشبث بالبرد أو المعوقات، وعلى الشباب أن لا يقفوا فقط عند حدود الانتقاد والقاء اللوم على هذا وذاك، بل تجاوزه لأن الوقت ليس في صالح القضية عندما نقف على عتبة العتاب ونخسر الوقت والجهد. وانما العمل ثم العمل المدروس وكل حسب طاقته وامكانياته. فاليوم في هايدلبرك وغدا في مانهايم وأن الغد لا يقل خطورة عن اليوم ولكنه اختبار حقيقي للمعركة وتحديد الرابح فيها. كونوا على ثقة، أن تخطي العتبة اللاحقة ستسحق رأس الأفعى. ليس بيننا وبين هذا المخرج من ثأرات أو عداوات ولا تحاولوا أن تخلقوا لكم أعداء بقدر ما تحاولوا أن تقفوا ضد الظلم وتصححون لهم ماهم فيه من ظلالة وظلام. فهّموا الشعب الالماني بحقيقتكم عن طريق اخلاقكم وتحدثوا معهم بالامثلة الحية من واقعكم، فهم شعب جبار وذو خبرة متراكمة وتجربة مريرة في الحياة وسوف لن يخذلكم.
أمس هبت بعشيقة وبحزاني بمبادرة عملاقة من خلال التبرع بالعمل الطوعي لإعمار بلدتهم الجميلة وإعادة الحياة إلى الزيتون الذي أشتاق لمحبيه. ثم دعوا جميع الاطراف الأخرى مسلمين ومسيحيين للعمل سوية لإعمار ما دمرته الهمجية المعاصرة. وإنني لعلى يقين بأن أهلنا في سنجار سيحذون حذوهم وأن فشل داعش ونهاية مشروعهم الهمجي المشئوم ستكون على أيديكم أنتم وليس غيركم.
وفقكم الله في مسعاكم ولكم منا كل الاحترام
علي سيدو رشو
المانيا في 15/11/2016


49

القيم العليا هي أختبار للمواقف في ايام المحن!!!!!!!!!
كم هو عظيم عندما يفهم الانسان نفسه ومقدار الضرر الذي وقع عليه، وأن الشعوب العظيمة فقط هي التي تأخذ منها العِبر وتسموا فوق الصغائر ليلتحموا ويهبوا سوية للعمل الصالح. إن تطبيق هذا الحال على واقع شعب تعرض إلى هكذا درس قاسي ليس بالأمر السهل ومن هنا فعلى الإيزيدين في هذا الظرف أن يعطوا درسا في الأخلاق والتعاون والمحبة لمن لم يفهمهم لحد الآن. وكذلك عليهم هم تعلّم الدرس القاسي وغربلة المسيرة بحيث يوثقوا المواقف بشقيها السلبي والايحابي وعدم نسيان تلك المواقف لكي تنقلها الاجيال عبر الاجيال بالحكاية والرواية والاغنية والفصيدة والكتابة واللوحة والتعاون والمحبة لكي يفهم الآخرين لماذا قاوم الشعب الإيزيدي كل هذه التحديات ويجعلوا من تجربتهم فناراً تهتدي بهم الشعوب الأخرى.
هنا يجب أن نقر ونقول بكل أمانة بأن الشعب الذي يختار له قيادة واعية (كما هو الحال مع أهالي بحزاني وبعشيقة)، فسوف لن ينخدع، بل سيخلق المبادرة تلو الاخرى ويسموا فوق كل الاعتبارات الضيقة والشخصية ويحرك جميع القوى والكفاءات ويوجهها نحو غاية مدروسة وسامية. فكان لمبادرة أهل بحزاني في العمل على الافتتاح والدخول إلى المنطقة بترتيل الأدعية والمراسيم التراثية الدينية على الدف والشبّاب والاقوال الدينية كان من أقوى الردود على فكر داعش السلفي الذي لا يعرف سوى الدمار والتخريب والهمجية، وكانت كذلك أبلغ رسالة للإيزيديين لكي يعرفوا قيمة رسالتهم السمحاء وأعطوا درساً في الاخلاق عندما تعاملوا مع الناجيات وتسميتهم قديسات.
طوبى لكم أيها الأخيار على هذا العمل الرائع وهذه المبادرات الخلاقة ونحن على ثقة بأنكم أهلاً لها وستفوزون كقدوة في المنطقة وشعلة تنير وتفتح قنوات التواصل وخلق المبادرات من خلال هذه الكفاءات التي عرضت خدماتها في جميع ميادين البناء وتقديم الخدمات اللوجستية التي تشجع وتزيد من تلك الحركة الايجابية الخلاّقة.
هنا نقول لرؤساء العشائر في سنجار ونوجه لهم كلمة في هذا المفصل "كونوا ولو لمرة واحدة أهلاً للثقة وقوموا بعمل نوعي لكي تسجلوا مثابة يمكن الإعتداد بها في تاريخكم المليء بالمواقف الشخصية والمنافع المادية". إعملوا على تحشيد عشائركم لتنظيف قراكم وبناء ما يمكن بناؤه بحيث يتم البدء من جهة واحدة من كل قرية بدون تمييز أو اولوية أو مكانة إجتماعية بحيث يحصل عهد وعقد إجتماعي جماعي بدون تمييز لحين الانتهاء من تلك القرية ومن ثم البدء بالاخرى وهكذا.
من الممكن أيضاً أن يتم بدأ العمل بأول قرية من جهة الغرب (بارة) ومن ثم بعد الأنتهاء منها يٌحوِّل العمل الجماعي إلى القرى الأخرى لخلق وعي جمعي وتعاوني نوعي بعد هذه الكارثة التي استهدفت الجميع بدون استثناء ليكون الرد بنفس القوة التي تعرضوا لها ولكن ليس في البناء والتعاون وخلق الامل لدى الاجيال وارسال رسالة الى العالم مفادها أننا عكس ما نٌقِل عنا من مفاهيم خاطئة وعنصرية. أتمنى أن تصل هذه الرسالة بامانة إلى ذوي الشأن ليفهموا قيمة التعاون ونبذ الخلافات الشخصية والمنفعية وخلق ونشر الوعي الايجابي فيما بين الشعب الايزيدي. مع كامل الاحترام.
علي سيدو رشو

50
هل كان السيد خدر سليمان موفقاً في رؤيته لتكريم نادية مراد؟
من الطبيعي جداً أن يفتخر الايزيديون بهذا التكريم لعد أسباب، لعل أبرزها هو:
1.   أن الجديد في الواقع الإيزيدي بدأ يناقش على أعلى المستويات في مراكز القرار الدولي.
2.   أن المئات من وسائل الإعلام العالمية نقلت الخبر وبذلك توسعت مساحة المعرفة العالمية بمظلوميتهم، وهذا قد يشجع المئات من المنظمات العالمية والمحامين من مختلف أرجاء العالم للدفاع عن قضية لم تعد بالامكان تغطيتها بشأن محلي صغير.
3.   هذا التكريم رسم البسمة على وجوه مئات الالاف من المشردين والمهاجرين والاسرى والثكالى وبعث فيهم الأمل في أن هناك أملاً لهم في الحياة. كما وقد شاهد العالم باجمعه ومن خلال شهادات حية ما تعرض له الشعب الإيزيدي من مظلومية قل نظيرها في التاريخ، وأن الملايين حول العالم سيتضامنون مع محنة الشعب الايزيدي من خلال مشاهدة هذا التكريم.
4.   نعرف بأن الأمم المتحدة هي منظمة عالمية وهي لا تمتلك الدبابات والطائرات والقوة العسكرية لتدافع بها عن مظلومية الشعوب ولكنها تمتلك حق الكلمة وإصدار البيانات وايصال الصوت الحقيقي للمظلومين إلى جهات لا تستطيع غيرها القيام بهكذا فعل.
5.   تضامن السيد أوكامبو الرئيس السابق للمحكمة الجنائية الدولية وظهوره معها وبجانبها، وكذلك وقوف المحامية الدولية السيدة أمل كلوني إلى جانب القديسة نادية مراد وأمام الملايين انما هو تعبير حقيقي عن الاسناد الدولي لحجم المأساة وهنا لا يمكن ان يفهم إلا بأن تكريم نادية مراد هو ليس بمثابة من (يضعه على الخازوق ويتوج رأسه بوردة...)، وأن الوصف بهكذا حال إنما ينبع عن قصور فكري في التعامل مع هكذا مواقف لحال أقلية أثنو-دينية تعرضت إلى ما لا تتحمله الجبال.
فكل عاقل يدرك بأن تنظيم داعش هو مخطط دولي يستهدف تغيرات جوهرية في أماكن بذاتها لتحقق للمخططين ما تم رسمه. وكل عاقل يعرف أيضاً بأن هذا المخطط يحتاج مراحل تنفيذ دقيقة ومرسوم لها ابجديات لخلط الأوراق وبالتالي تربك العامة في جدال لكي لا ترى الحقيقة التي جاء بها التنظيم الارهابي بحيث تكون الرؤية ضبابية للعامة من الناس وهي بذلك تحقق ما تم التخطيط له. وكما نعرف فأن مراحل التنفيذ تحتاج هي الأخرى إلى منفذين وعملاء محليين واقليميين في الميدان لتبرير وتحقيق ما هو مخطط من قبل أسيادهم. وبما أن الوقع كان بهذا الحجم وأن المطلوب هو التحرك دولياً فعليه إذن أن تتم استثمار كل الفرص المتاحة، وبخاصة الاعلامية منها. لذلك فأن هذا التشبيه والمقارنة من قبل السيد خدر سليمان والإسناد الذي أبداه له مركز لالش للأسف لا يحقق أي مطلب إيزيدي حول العالم. فكان من الأفضل لهم أن يسألوا أنفسهم سؤالا محدداً: لماذا لم تتم توجيه الدعوة لهم؟ فلا يمكن انكار دوره السياسي ككردي إيزيدي ولكن هذا لا يعني بأنه يجب أن يتصدر كل مهمة أو نشاط، أو أن النشاط الذي لا يحضرونه هو قاصر أو غير مكتمل. وكنا على أمل بأن يظهر السيد خدر سليمان وكذلك مركز لالش بدعم واسناد التكريم حتى وإن لم تتم الدعوة لهم تقديرا لمعاناتهن ومعاناة عوائلهن في الأسر.
 أما المأخذ الذي أبداه السيد سليمان وكذلك مركزلالش على التكريم فهو تعبير عن وجهات نظرهم وهو محل الأحترام، ولا يمكن إنكار جهودهم ولكن قد يستثنون عن مواقف معينة بناء على العمل في الميدان السياسي لأنه على المراكز الاجتماعية أن تترفع عن الاعيب السياسة. كما أن هناك الاف الفتيات في مخيمات النازحين ولم يلتفت اليهم أحد وبالتالي فهن بأمس الحاجة الى تقديم الدعم والاسناد، وهذا لا يقف حائلاً في القيام بالواجب الانساني تجاه محنتهم.
-   التكريم كان حدثاً تاريخياً في المسيرة الحياتية للشعب الإيزيدي.
-   التفاعل العالمي من خلال المؤسسة الدولية يعتبر سنداً وفخراً كبيران.
-   نتأمل أن لا تنحاز القديسة نادية إلى جهة سياسية بعينها مهما كانت تلك الجهة.
-   كما نتمنى لها النجاح لنيل جائزة نوبل.
-   العيش الكريم للشعوب المضطهدة والفرج القريب لمن هم في الاسر.

علي سيدو رشو/ المانيا       

51
المنبر الحر / العاصفة السوداء
« في: 23:28 14/09/2016  »
العاصفة السوداء
الإعلام كما هو معروف في الوسط العالمي بأنه السلطة الرابعة ويلعب أحد أبرز الأدوار في نقل الحقيقة أو تشويهها، ولهذا فهو سلاح ذو حدّين. هنا علينا أن نعترف بأننا فشلنا في بلورة إعلام إيزيدي قادر على نقل حقيقتهم ومعاناتهم إلى العالم. ولذلك فمنذ أحداث الرابع عشر من شهر شباط / 2007 بما حصل من الهجوم الإرهابي من قبل الدواعش الكرد على مركز قضاء الشيخان وما تلاه من مجازر وبنفس التاريخ من شهر اغسطس 2007 مرورا ب 3/8/2014، كانت جميعها بتدبير ودراسة معمّقين على أيدي أجهزة مختصة في فن التخطيط والتنفيذ لكي يقتلوا القتيل ويمشون في جنازته. ولهذا فإن المخططين الذين عملوا على تدمير الايزيديين كديانة وكشعب جعلوا من كل مشكلة أساساً لما ستاتي من بعدها من حلقات بحيث أن الأخيرة تغطي على سابقتها وبالتالي فهو إذن مسلسل خياني متواصل على شكل حلقات بتنفيذ واضح الأهداف والاسباب والمرامي. وفي مفصل هذا الفيلم فهنالك محطات يجب التوقف عندها وابراز مواقفها التي قد تعطي الموضوع أهمية.
المجلس الروحاني: في أعتقادي المتواضع، أن مادة وسيناريو هذا الفيلم (العاصفة السوداء)، لم تعرض على المجلس الروحاني الايزيدي بالشكل الذي تم إخراجه به، وإنما قد عرض عليهم فكرة القيام بعمل من هذا النوع مستغلين جهلهم بهذه الأمور البعيدة عن امكانياتهم لكي يعطوا الصفة الشرعية لعمل غير شرعي، وإلا فما هي طبيعة عمل المجلس الروحاني الايزيدي من هكذا عمل؟ وهل أطلع المجلس على النصوص ومراحل المونتاج؟ ومتى كان يؤخذ برأي المجلس الروحاني؟ ثم كم هي نسبة مشاركة الايزيديين في انتاج الفيلم؟. وفي رأيي ايضاً فإن هذه اللقطات التي نشرت هي مقصودة كما هو مادة واخراج الفيلم لكي يجسوا نبض الشارع الايزيدي بشقيه الرسمي والشعبي. الفيلم لم يكن من أجل تسليط الضوء على حقيقة معاناة الايزيديين بقدر ما هو طمس للحقائق التي أدت إلى تلك الكارثة الانسانية وإخفاء ملامحها بمجرد التمثيل والتمثل بجنازة الايزيديين التي لازالت تنزف قيحا من وراء الهروب التكتيكي المشين لقوات البيشمركة من ساحة القتال دون اطلاق رصاصة واحدة ومن ثم التغطية على جرائم الانسحاب وإبعاد الشبهة عنهم دولياً. فلا البيشمركة ولا الحكومة الكردية أو حكومة بغداد أو الساسة لهم أية مساهمة في انقاذ ولو سبية واحدة أو طفل إيزيدي واحد من محنتهم، وإنما كل ما حدث هو بعد أن وضع بعض الخيرين روحهم على أكفهم وانقذوا تلك السبايا فالبيشمركة استقبلتهم في كركوك وسنجار ودهوك والتقطوا معهم بعض الصور التذكارية وهم يقدمون الماء والعلاج للأسرى العائدين وكانهم هم الذين انقذوا السبايا، وهو نفس الدور الذي لعبته حكومة بغداد للأسف.
التمويل: على ما يبدو فإن الفيلم قد كلّف مبالغ كبيرة وحسب المعلومات وعلى ذمة المسئولين فيه فإن كردستان تمر بأزمة مالية خانقة. ومن خلال مسيرة الوسط السياسي الكردي لم يحصل هناك إهتمام ولو بزيارة ميدانية لسياسي بارز للاطلاع على واقع المخيمات المزري. ولم تؤخذ هموم ومشاكل الناجيات اهتمام المسئولين ولو من باب المجاملة؟ فهل يعقل أن تقوم حكومة كردستان بهذا العمل لكي توضح صورة ومعاناة الايزيديين أمام الرأي وبالتالي فلا يعقل أن تصرف حكومة الاقليم مبلغا كهذا لفيلم لسواد عيون الايزيديين لكي تنقل حقيقة معاناتهم للعالم بعد أن خانتهم في الميدان وسلمتهم على طبق من ذهب لأخطر تنظيم ارهابي؟ ثم ليس من المعقول أن يكون هذا الأمر بمنأي عن الوسط الأقليمي الداعم لموقف الساسة الكرد بمحاولة إنهاء الوجود الايزيدي ومحوهم من على وجه الأرض بكل الوسائل المتاحة (التخويف والتجويع وشراء الذمم والخطف والقهر وكتم الأفواه والتغير الديموغرافي وحرق الممتلكات الشخصية والتجاوز على القيم الايزيدية وتزييف الحقائق وابتزازهم سياسيا واجتماعيا والى غير ذلك). ويبدو من بعض المشاهد (للأسف لم نرَ منه أي شيء، وما نقوله هو على ذمة المشاهدين للفيلم)، بأن للفيلم جذور سياسية مرتبطة بعمق مسلسل ماقام به داعش وذلك بتمويل من دولة قطر (مؤسسة الدوحة للافلام)، وبدعم من حكومة اقليم كردستان وميتوس فيلم (المانيا)، وذلك واضح من ردة فعل المخرج حسين حسن في لقائه على فضائية روداو بتاريخ 11/9/2016 مع السيد سعود مصطو عندما قال (بأنه ليس وحيداً في هذا العمل لكي توجه كل الاتهامات اليه بشكل شخصي). وكذلك لقائه بالايزيديين في مركز لالش عندما قال بان مادة الفيلم ستبقى كما هي واننا سوف لن نحذف منها وهو يعرف ماذا يقول ومن اي مصدر قوة يتكلم.
مهمة المجلس الروحاني: على المجلس الروحاني أن يخرج للرأي العام الإيزيدي بتوضيح رسمي عن ما دار في تلك الموافقة على هكذا عمل والشخصيات التي كانت مشاركة في اللقاء الذي دار لإعطاء الترخيص بالقيام بهكذا عمل (إن كانت تلك حقيقة)، دون علم المختصين والرأي العام الايزيدي. على الأقل كان من المفروض فرض بعض القيود على الممول والمنتج والمخرج في حال خروجهم عن حقيقة معاناة الايزيديين، مثلاً: ماهي نسبة الكوادر الايزيدية في المشاركة، الاطلاع على النص قبل البدء بالعمل، الشخصيات المشاركة في الانتاج، مصدر أو مصادر التمويل، مكان التصوير، تغطية حقيقة العاصفة وغيرها. وفي لقاء مع السيد المنتج على فضائية (كي ان ان)قال أن البعض أراد أن يظهر بموقع البطل من خلال التعليق السلبي على الفيلم وهي اشارة واضحة بأن الرجل واثق من عمله وأنه سيستمر في عرض الفيلم وهو من حقه.
أهداف الفيلم الحقيقية: 
لكل عمل هدف سواء أكان ذلك العمل فنياً، أو سياسياً، أو أقتصادياً أو غير ذلك، وهو شيء مشروع في العرف الاعتيادي ولكن عندما يتجاوز ذلك العمل حدود الهدف المعلن بدافع الانتقام أو عن نيات مبيتة باستهداف معين فعند ذلك سيلاقي بالتاكيد معارضة وقد تصل حتى حد المقاومة بالوسائل السلمية المختلفة. وقد تركزت أهداف الفيلم في الآتي.
1.   إن البلبلة التي خلقتها هذه المحاولة حققت بعض نتائجها من خلال تشويه متعمد لحقيقة معاناة الايزيديين ومن ثم ابراز الجانب الايجابي والانساني للبيشمركة بالتغطية على هزيمتهم النكراء دون مقاومة. وكذلك توجيه الراي العام الايزيدي عن حقيقة معاناتهم بدعم المشروع الذي تقوم به القديسة نادية مراد بمعاونة منظمة يزدا وتلهية شعبنا عن موضوع مهم آخر وهو انعقاد مؤتمر لندن في 10/9/2016.
2.   هل بامكان جميع من قاموا بتمويل وانتاج واخراج هذا الفيلم الأتيان بأسم فتاة أو سيدة أو طفل ايزيدي حاول ذويهم بالمساس لكرامتهم؟ وهل أطلق الايزيدون غير أسم القديسات على كل من نجت من كابوس داعش الاسود؟
3.   من المعلوم بأنه ليس في محافظة دهوك ولو دار سينما واحد، فهل من المعقول أن يقام مهرجان سينمائي في مدينة لا تتضمن دار سينما واحد وبين مجتمع لم يشهد عرضاً سينمائياً؟ كما وأتمنى من الجميع بعدم التركيز على المخرج حسين حسن لوحده وانما يتم التركيز على الممولين والمنتجين والسياسة التي من وراء اخراج هذا الفيلم.
4.   الهدف منه ايضا هو، إرسال رسالة واضحة الأهداف إلى الإيزيديين بأننا وراءكم أينما حل بكم الدهر، وأننا سوف نلاحقكم بكل الوسائل الممكنة لكي ننال منكم ومن عقيدتكم. ولكننا نقول للجميع بألأننا باقون بقاء الدهر ونشكر القائمين على مراحل هذا الفيلم لتعطينا جرعة اخرى من المقاومة العنيدة للوقوف بوجه من يقوم بالاعتداء علينا. وهنا نسجل شكرنا للسادة: سعود مصطو وخضر دوملي وبابا كافان وكل من حضر لرؤية الفيلم وقام بتفنيد مغزى حقيقة ما هدف اليه هذا الفيلم الذي أساء للإيزيديين أكثر مما أحسن اليهم. كما نثمن الدور العظيم الذي أبداه ناشطي ومستخدمي قنوات التواصل الاجتماعي وما لهم من دور في فضح اهداف واساليب القائمين على هذا الفيلم.
5.   الإساءة العلنية للشعب الايزيدي وتاريخه ونضاله واحترامه للمرأة ومقاومته الباسلة ضد عناصر الجريمة والشر المتمثلة بداعش ومناصريه من خلال قلب الحقائق بشكل فج ورخيص. في الوقت ذاته كان بإمكان المنتج أن يقوم بإبراز حقيقة مقاومة الابطال الايزيديين لأعتى تنظيم ارهابي عرفته البشرية.

ما العمل؟
1.   الأستمرار في فضح محتوى الفيلم والقائمين عليه بمراحلة المختلفة من حيث التمويل والتنفيذ والاخراج وما وراء ذلك من سياسة بكل ما يمكن من خلال تقديم الادلة بأن ما ورد في الفيلم من وقائع هي كيدية ولا تمت الى الحقيقة بصلة بالادلة وتقديم صور المناسبات التي تم الزواج من الناجيات القديسات واجراء اللقاءات مع ذويهن ونشر تلك المقابلات لتسمعها الجهات العالمية.
2.   العمل على تنظيم راي قانوني واقامة دعوة قضائية على كل من ساهم باخراج هذا الفيلم بقصد تشويه سمعة وحقيقة الشعب الايزيدي.
3.   اسناد المخرجين الايزيديين باخراج فيلم يلقي الضوء على حقيقة معاناة الايزيديين وكيف دافعوا بشكل عنيد عن سنجار بامكانياتهم البسيطة، وابراز الجوانب الانسانية في التعامل مع الناجيات وكذلك تسليط الضوء على وحشية داعش وهزيمة البيشمركة من دون قتال وتعريض الشعب الايزيدي الى هذا الابادة الجماعية.

علي سيدو رشو
المانيا في 12/9/2016

   

52
كوجو: الجرح الذي لازال ينزف

علي سيدو رشو
المانيا في 15/8/2016

كوجو ، هذه القرية الإيزيدية الصغيرة التي تقع في جنوب قضاء سنجار، دخلت التاريخ من باب العذابات وهي لازالت تتساءل عن سبب التجاهل الدولي والمحلي والاقليمي على مدى أسبوعين من الحجز وهي تناشد الضمير العالمي الذي مات في دهاليز المصالح السياسية على حساب الدم الآدمي، وعلى مدار سنتين من المصير المجهول. لقد كنت على اتصال مباشر خلال اليومين اللذين سبقا الكارثة مع صديق العمر والأخ العزيز على قلبي صالح مكري "ابو ابراهيم"، كما هو الحال مع الصديق العزيز أحمد جاسو. ففي تلكم المكالمات اختصرنا تاريخا ممزوجاً بما حمله جبل سنجار من مآسي وقيمّنا دهراً من الإعتداءات والفرمانات وكيف تعرض الايزيديون تاريخياً الى الغدر والخيانة وكيف عليهم أن لا يثقوا بالوعود لأن الغدر هو ديدنهم وهم لا يقدرون الوعود والجيرة والمواطنة وحتى الاخلاق، وهم في الأخير لا يؤتمنون.
لقد دارت الثواني دهورا وهم ينتظرون القرار الغائب آملين في اللقاء بأحبائهم في جبل الصمود على حسب ما تلقوه من وعود كاذبة، غير عالمين بما يخبيء لهم القدر في الخفاء من القتل والسبي بغدر لم يسبق له مثيل بعد أن جمعوا الأهالي في مدرسة القرية وأخذوا منهم كل مقتنياتهم ومن ثم قادوا الرجال إلى حيث مصيرهم بعدما فرقوهم عن النساء والاطفال. وبعد فترة قصيرة من الانقطاع عن العالم، راحت الناس تنسج القصص حول مصيرهم: بين المتفائل في العفو عنهم وبين المتشائم في الاقتصاص منهم بإفنائهم من الوجود. ولكن لم يدم الوقت طويلا حتى جاء الخبر الصاعق بما جرى على رأس تلك الضحايا حيث قتلوا جميع رجال القرية (ما يقارب 700 رجل)، وقادوا النساء والاطفال وبعدها قتلوا النساء المسنات (80 سيدة) في قرية الصولاغ كما انهم سبوا العذارى والاطفال ليس لشيء سوى كونهم يدينون بالايزيدية كديانة وكونهم من أغنى أغنياء سنجار وأحلاهم نسوة وعذارى.
فرثائي فيك أخي وصديق العمر صالح مكري أن مثواك الجنة وانت الذي كنت ترشد الاخرين الى طريق الصلاح من خلال الوعظ والارشاد. ورثائي لأخوتي أحمد جاسو ورفو مكري وسمير مكري وخدر مطو وسعيد جزاع وجميع أهل كوجو أن يرحمكم الله ويتجاوز عنكم ويجعل من كل قطرة من دمكم ثعابين وعقارب تدب في بيوت وعلى عوائل من تسببوا لكم هذه المحنة وانتم في أمن وأمان كونكم لستم طرفا في الصراع السياسي الدائر بين جهات لا تريد للانسانية ان تغفوا من كبوتها حتى تتلقى الضربة تلو الاخرى.
أما أنتن أيتها السيدات الكبيرات في السن فلكنّ ننحني تقديرا لما نزف منكن من الدماء الزكية وأنتن أمهات صالحات أنجبتّن ذلكم الجيل الذي رفض القبول بالذل وفضلوا الاستشهاد على قبول الأمر الواقع من حفنة من المرضى العابثين بأمن وسلامة الإنسانية.
الرحمة والغفران لأرواحكم والخزي والعار لمن تسبب في مأساتكم.   

علي سيدو رشو
المانيا في 15/8/2016

53
في الذكرى السادسة لمجزرة الايزيديين في تل عزير وسيباية شيخ خدر

علي سيدو رشو
المانيا في 14/8/2016

في عصر مثل هذا اليوم قبل ست سنوات من الان، أقدمت عناصر الشر والجريمة في دهاليز الظلام بالتخطيط لمحو الايزيديين من الوجود من خلال تعبئة وإرسال أربع شاحنات من المواد شديدة الانفجار للانتقام بكل ما أمكنهم وقتل أكبر عدد ممكن من الابرياء، ليس لشيء سوى كونهم ايزيديون. في تلك الجريمة أزهقت أرواح بريئة حيث بلغ عدد الشهداء 312 بين سيدة وطفل ومدني، واكثر من 600 جريح وتيتم أكثر من 300 طفل غالبيتهم من الابوين بالاضافة الى الخسائر المادية التي فاقت العشرة ملايين دولار من الممتلكات ومحلات الصياغة والمجوهرات وهدم المئات من المنازل على رؤوس أصحابها الامنين.
لقد خلّف ذلك الدمار وضعا نفسيا رهيبا لغالبية السكان المدنيين ولازالت تروى القصص المرعبة التي رافقت تلك العملية الجبانة، خاصة وأن ذوي الضحايا تيقنوا من الفاعل وكيف تم غض الطرف عن المجرمين بتعاون ضمني واضح ولهذا لم يتم التحقيق في الامر لغاية الان وكأن شيئا لم يكن. إن دماء الابرياء سوف لن تبقى في ذمة المجهولين وسيأتي اليوم الذي تنكشف كل الحقائق على نصاعتها. وكان الظلاميون قد أعلنوا قبل ذلك بأنهم سيقضون على الايزيديين وهم ليسوا الا أجساداً على الارض وانهم نفذوا جانبا مهما من جريمتهم من خلال تلك الضربة، ولكن ليعلموا بانهم لو جاءوا بمائة ضربة من ذلك الحجم سوف لن يقضوا على الايزيديين وسيقوي ايمانهم أكثر وأكثر.
فبعد أن خابت آمالهم في المرة الاولى بعدم إبادتنا اعادوا الكرة في 3/8/2014 لمحونا من الوجود بتعاون وثيق ومعروف مع جهات سياسية لا تحتاج الى تكرار. ولكن ستخيب امالهم كما هو في المرة السابقة وسيتخطاها الايزيديين أشد قوة واكثر تماسكاً مهما بلغت قوة المقابل التدميرية وبذلت المحاولات بالمال والحيل واللعب وشراء الذمم.
نأمل أن يعي الايزيديين بأنهم مستهدفون من (الاصدقاء) ومن الأعداء على حد السواء وأن ينتبهوا لما يخطط لهم وان يبقوا يقضين لما هم فيه من وضع لا يسر العدو قبل الصديق وأن الرهان على الأرض لمحو الايزيديين هو قائم على أساس تفعيل التشتيت فيما بين الجمعيات والاحزاب والشخصيات الإيزيدية. هذا التخبط والتشتت الفكري والقيمي الذي خلفّه الهجوم الارهابي من قبل تنضمات داعش الاجرامية وما ترتب عليه من القتل والسبي والتهجير والتشريد واآثار النفسية جعل من العالم المتمدن أن يتفاعل مع محنة الايزيديين وتضحياتهم.
 تحية لمن يقاتل في الجبل على أرض سنجار ضد الهمجية. تحية لمن هم في الاسر ويعانون مختلف انواع التعذيب. تحية للناجيات اللاتي واصلن الليل بالنهار للافلات من قبضة الهمج والمجرمين. تحية لكل من مد يد العون للنازحين. تحية لمن تظاهر وساند القضية بالوقت المال. تحية للاصدقاء الذين ساندونا في محنتنا ولكل انسان او جمعية او جهة سياسية او اعلامية قامت بواجبها الانساني. كما ونأمل من العالم الحر أن يتمعن في محنتنا ولا يبخلوا بالقضاء على هذا السرطان لكي لا ينتشر أكثر في الوسط الانساني.

علي سيدو رشو
المانيا في 14/8/2016
alirasho@yahoo.de


54
الأحوال الشخصية:
   من حيث المبدأ لا يوجد ضمن القوانين العراقية، قانون للأحوال الشخصية لمعالجة الوضع الإيزيدي وما يتعلق بالأرث والتركة والوصية والزواج والطلاق والرعاية الاجتماعية. بل يخضع وضع الأحوال الشخصية للإيزيديين إلى محكمة البداءة (المواد الشخصية) التي تحكم فيها استناداً لقانون الأحوال الشخصية النافذ وهذا القانون لا يحقق العدالة. ولكن هنالك الآن دعوات مشجعة ومبادرات قطعت أشواطأ متقدمة لمعالجة هذا الخلل بإصدار قانون الأحوال الشخصية وتقديمها إلى الجهات المختصة للتصديق.
  فالزواج عند الإيزيدية يختلف في بعض أوجهه عن طبيعة الزواج عند باقي المجتمعات والأديان لما لها من الخصوصية التي تمنع فيها الزواج خارج الطبقة الدينية التي ينتمي إليها الفرد كما أسلفنا. فبينما تعدد الزوجات مسموح به وكذلك الطلاق، ولكن في حدود العرف والعادات والتقاليد والحالة المادية والاجتماعية للرجل.
 يحصل في الغالب التوافق بين الشاب والشابة على المباديء الأساسية للزواج وبعدها تتقدم عائلة الشاب لطلب يد الفتاة من أبيها، ويتم تحديد المهر وآليات ومراسيم الزواج. وبعد الاتفاق النهائي تتقدم عائلة الشاب باحتفال مهيب لإعلان الخطوبة ويتم لاحقاً تحديد موعد الزفاف حيث يحضر أصدقاء العريس وصديقات العروس ويقدمون الهدايا كل حسب درجة صداقته بهما. ومن خلال ما تم مناقشته على ضوء النتائج التي أجمع عليها الباحثين في الشأن الإيزيدي، يمكننا القول:
1-   أن الإيزيدية واحدة من الديانات التي انتشرت مع بدايات التفكير الإنساني بالوحدانية من خلال الظواهر الكونية.
2-    أثرت وتأثرت بالديانات التي انتشرت في حينها وما تلتها، وكونها ديانة غير تبشيرية فإنها تعرضت إلى الكثير من التلاعب والتحريف والضياع في بعض نصوصها الدينية في فترات زمنية مختلفة.
3-    أعتبار الشمس المحور الرئيسي للأدعية والصلوات لما فيها من خير ونماء ونور يضيء بها الكون.
4-    أعتبار طاووس ملك رمزاً للنور ولا يوجد في المعتقد الإيزيدي ملاك يمثل الشر، ولا ثنائية في الدين الإيزيدي.
5-    ديانة قابلة للتطور وأن المجتمع الإيزيدي من أكثر المجتمعات قابلاً لتطبيق العلمانية والتطور، وهو محب للخير والتعاون الايجابي.
المصادر:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*): كان المسيحيون في العراق يشكلون ثاني اكبر ديانة لغاية 2007، ولكن بعد الهجرة المستمرة حل الايزيديون محلهم في الترتيب.
(1): حبيب، جورج. اليزيدية بقايا دين قديم. مطبعة المعارف، بغداد 1978.
(2): رشو، خليل جندي. مدخل لمعرفة تاريخ الديانة الإيزيدية. محاضرة إلى المركز الآسيوي الأفريقي/جامعة كيل، 2001.
(3): ديورانت، وول. قصة الحضارة. م1ج2،الشرق الأدنى ص168.
(4): رشو، خليل جندي. نحو معرفة حقيقة الديانة الإيزيدية. المانيا/هانوفر،2001.
(5): ورد في الصفحة 171 من كتاب العرب واليهود في التاريخ، أحمد سوسة، أن أخناتون عاش ما بين 1375-1358ق.م.، أي بعد ابراهيم الخليل بستمائة عام. وعلى هذا الأساس فإن عمره دام 17 عاماً فقط. بينما ورد في قصة الحضارة أن عمره لم يتجوز الثلاثين ومات عام 1362ق.م.، والنفس أميل إلى قول ديورانت.
(6):سوسة، المصدر السابق، ص175.
(7):رشو، مصدر سابق.
(8): قاشا، سهيل. عيد رأس السنة البابلية، التراث الشعبي، العدد 5، مجلد6، 1975.
(9): ليو وبنهايم. بلاد ما بين النهرين، ترجمة سعدي فيضي عبد الرزاق، بغداد 1986.
(10): رشو. مصدر سابق.
(11): أي. في. جاكسون (مقتبس من الدملوجي ص170.
(12): ر.ه. أمبسن. طاووس ملك . (مقتبس من مجلة روز العدد11و12، المانيا 2002 ص11).
(13): المارونسي، عبد القادر. مجلة لالش، العدد 13، دهوك، 2000، ص77-79.
(14): الدملوجي، صديق. اليزيدية. 1949، ص176.
(15): رشو، مصدر سابق.
(16): عبود، زهير كاظم. الإيزيدية حقائق وأساطير وخفايا. السويد، 2003، ص58.
(17): المارونسي. مصدر سابق ص75.
(18): أومريكو، حسين. مجلة روز. العدد 11و12، المانيا، ص88.
(19): رشو، علي سيدو. الديانة الإيزيدية بين الماضي والحاضر. مقال على الأنترنت،www.dasin.net/yca .
(20): التراث الديني الإيزيدي.
(21): عبود، زهير كاظم. مصدر سابق.
(22): الدملوجي. مصدر سابق، ص288.
(23): الدملوجي، المصدر السابق، ص253.
(24): مجلة لالش، العدد 16، ص35. 
(25): مجلة لالش، العدد 20، ص65-67.


55
اليزيديون أمويون سياسيا ومن تعدديات المنطقة


هذا هو العنوان الذي استهل به السيد أدور حشوة موضوعه حول بعض الحقائق عن الايزيدية (حسب رأيه). في الحقيقة لم نسمع بكتابات السيد حشوة قبل اليوم عن الاقوام والديانات والاقليات العرقية والدينية في منطقة الشرق الاوسط. وأن أسم السيد حشوة لم يكن معروفا لدى العامة من المهتمين بهكذا مواضيع حساسة ومهمة للرأي العام، وكذلك ضمن الوسط الثقافي من حيث المؤلقات والكتابات لكي نرجع اليها ونتأكد من صحة ما وردت من مغالطات في كلماته التي قالها على ما يبدو بدون أن يتعرف على حقائق عن الايزيديين وبخاصة بعد الماسي التي ارتكبتها تنظيمات اسلامية متطرفة في عامي 2007 و2014 من مجازر بحق الايزيديين، على الاقل نفترض لو أن السيد حشوة قد عايشها في هذه الايام. السؤال الذي يطرح نفسه بالحاح على السيد حشوة في أنه قام بذكر العديد من الاقليات والاقوام، ولكنه لماذا اختار الايزيديين من بينهم؟ وفي رايي المتواضع لم يكن السيد حشوة موفقاً في أختيار طرحه للموضوع، وبخاصة عندما ذكر مرات عديدة بان التسامح الاسلامي هو السبب في بقائهم لغاية الان. يمكن ان تجدون مقال السيد ادور حشوة على الرابط التالي:  http://all4syria.info/Archive/331755
قبل عام من الان ظهر يوتيوب لشخص من السعودية نطق بما يشبه كلام السيد حشوة، ولكننا لم نرد عليه كونه اولا من السعودية مصدر الوهابية في العالم الاسلامي ومن ثم قد لم يسعفه الحظ بالاطلاع على حقائق الايزيديين. أما انسان دارس القانون وله من العمر ما يكفي ليكون اهلا للنصيحة ووزن الكلمة، فلنا معه كلام اخر. لذلك سوف لن امر على جميع ما ذكره الاستاذ الفاضل بنقاطه لانها لا تستحق الرد، ولكن اتمنى ان يسع صدر ووقت السيد حشوة ليقرأ بتمعن ما يلي:
  مقدمة: تعتبر الإيزيدية (الآن) ثاني أكبر ديانة في العراق من حيث العدد بعد الإسلام(*)، وقد ظهرت هذه الديانة في بلاد ما بين النهرين قبل الميلاد بآلاف السنين ومنذ العهد السومري (1). لذلك تعتبر من الديانات القديمة التي يفترض أنها ساهمت وأثرت وتأثرت بالتاريخ الانساني. وقد أختلف الباحثون قديماً وحديثاً في شأن الإيزيدية ومعرفة أصلها وجذورها التاريخية. وبرغم العدد الهائل من الأبحاث والدراسات التي تطرقت إلى مختلف نواحي هذه الديانة وحيثيات تسميتها ومراحلها التاريخية وحملات الإبادة الجماعية، وما لكل باحث رأيه وما أمكنه من جمع المعلومات التي قد تمكنه من تحديد إتجاه معين ولكن لم يتبلور، مع الأسف، لحد الآن رأي متفق عليه في معرفة وتحديد الفترة الزمنية لأصل الإيزيدية. ويمكن حصر بعض الجوانب التي أدت بشكل كبير إلى عدم أمكانية التوصل إلى تلك الحقيقة من خلال النقاط التالية (2):
1-    ممارسة طقوسها الدينية بعيدة عن أنظار الآخرين، مما دفع بهم في أن ينسجوا حولها الأساطير والألغاز البعيدة عن الواقع.
2-    عدم تسجيل نصوصها الدينية وطقوسها وأصولها وعدم إطلاع الغالبية العظمى من الكتاب على ما هية هذا الدين.
3-   قلة التحريات والكتمان على التنقيبات الأثرية في مناطق سكنى الإيزيدية لمعرفة بعض جوانب تاريخهم المغيب.
4-    غياب التسامح الديني بشكل عام.
5-    الموقف الديني أو القومي المسبق للعديد من الكتّاب حول الإيزيدية، لذا جاءت آرائهم متباينة حول تعيين أصلهم من الناحيتين الدينية والقومية.
6-    إنتشار الأمية وقلة الكتّاب الإيزيديين في المراحل التاريخية المختلفة من حياتهم بسبب حملات الإبادة الجماعية وتأثيرها على واقعهم الديني والاجتماعي والاقتصادي والثقافي، وما رافقتها من نسج قصص ودعايات وافتراءات لا حقيقة لها، مما زاد من نفور المجتمع المحيط بهم وزاد من عزلتهم.
7-    عدم نشر وسائل الإعلام لردود الكتّاب الإيزيديين على ما يصدر بحقهم على صفحات الصحف ووسائل الإعلام المختلفة، مما شجع من تصديق الآخرين لتلك التهم والتي أصبحت مع الزمن من الثوابت التي يصعب محوها أو تفنيدها.
  وضعهم بعد المد الاسلامي: كانت اللغة التي يستخدمها الإيزيديون قديماً قريبة من اللغة السريانية أو الآرامية القديمة. ولكن بعد التوسع الاسلامي في المنطقة، فإن الإيزيديين كغيرهم من الاقوام تعرضوا إلى التغيير في ثقافتهم. ولقد شمل هذا التغيير جميع نواحي الحياة من اللغة والكتب المقدسة والحياة الاجتماعية، إضافة إلى ما تم سرقته من الكنوز والمخطوطات بعد تعرضهم إلى العديد من حملات الإبادة الجماعية. وبذلك نقول بأن سكوت العالم عن الجرائم التي لحقت بهذه الشعب من المجتمع الإنساني، لكونها تعتنق الإيزيدية كديانة، لا يشكل فقط السكوت عن الحقائق المرة التي تعرضت لها، وإنما ساهمت في فقدان حلقة مهمة من سلسلة الحلقات التي كانت من المفترض أن تساهم بصورة أكثر جدية في تغذية التراث الانساني. وأن أكثر الفترات ظلامية في تاريخ الشعب الإيزيدي، هي فترة الحكم العثماني واستخدامهم الشخصيات الاسلامية الكردية والعربية في قيادة حملات إبادة جماعية مدعمة بفتاوى دينية راح ضحيتها الملايين من الإيزيديين لا لشيء سوى لإنهم يعتنقون هذه الديانة واعتبار انهم مشركين. وأن الذي ساعد في هذا الفهم الخاطيء هو إشكالية التسمية ومقاومتهم لتلك الحملات بشراسة وعناد كبيرين، خاصةً بعد المد الإسلامي في المنطقة.
الايزيديون شعب قائم بذاته وليسوا بطائفة: ولكون أن الإيزيديون يعتبرون شعبا بذاته (ديانة وقومية في آن معاً)، حيث يمتلكون مقومات الشعب من ديانة وقومية وجغرافية وتاريخ وتقاليد مميزة تميزهم عن غيرهم حسب رؤية ومفهوم بعض الكتّاب (محاضرة للدكتور خزعل الماجدي في المؤتمر التأسيسي للأقليات العراقية في 18/4/2004 في بغداد)، وأن الغالبية من الإيزيديين الآن يؤيدون هذا الرأي أيضاً. إلاّ إن هذا المفهوم لم يتبلور بعد بما فيه الكفاية، ويتطلب المزيد من البحث في الأركان والقواعد التي تؤكد ذلك لكي يدخل حيز التعامل وقبوله من عامة الايزيديين، حيث هنالك استحقاقات سياسية واجتماعية تترتب عليه وخاصة في ظل الوضع السياسي الحالي في العراق، الذي يعيش فيه غالبية الشعب الإيزيدي. أما الجانب القومي في الوضع الإيزيدي، فلم يكن يوما ما بالمشكلة  الأساسية في معاناته (حيث تعرض الإيزيديون إلى حملات إبادة من العرب والكرد والترك والفرس على حد السواء)، سوى ما أصاب الحال في سبعينات القرن الماضي، وما أقترفه النظام السابق من أخطاء تجاههم واعتبار الإيزيدية جزء من الشعب العربي ولكنه تصرّف معهم على أنهم أكراد. وكان القصد من وراء تصرّف النظام السابق، كونهم يدينون بالإيزيدية وليس لأنهم جزء من الشعب الكردي، وإنما كان يقصد به ضرب الإيزيدية كديانة ولكن بسلاح القومية. 
  بعض حقائق العقيدة الايزيدية: إن الإيمان بالله الواحد الأحد الذي لا شريك له كحقيقة عليا لا غبار عليها يعتبر الركن الاساسي الذي تعتمده الديانة الايزيدية، وذلك واضح من خلال الأدعية والإرشادات الدينية وما جاء في كتبها المقدسة. كما أن فلسفة الخليقة في الأدب الديني الإيزيدي هي الأخرى قريبة جداً من مفهومها في أدب الديانات الأخرى، وكذلك من مفهوم النظريات العلمية التي أثبتت تلك الحقائق بالتجربة. ومن ناحية ثانية، فإنه هنالك أمور تختص بها الديانة الإيزيدية قد تكون فيها تخالف الديانات الأخرى. فمثلاً، هنالك في الإيزيدية نظام ديني (فرائضي) حاد يتكون بموجبه من مجموعة من الطبقات التي تشكل دوائر مغلقة على نفسها وغير منفتحة على بعضها البعض حتى ضمن الطبقة الواحدة، كما هو عند البعض الاخر من الاقوام (العلوية والدرزية على سبيل المثال)، حيث يتم الزاوج فيما بين أبناء الطبقة الواحدة فقط، ولا يجوز خرق القواعد التي تشكل هذا النسيج الذي ينقسم بموجبه الشعب الإيزيدي إلى ثلاث فرائض دينية رئيسية وهي:
 أولاً/ الشيوخ، والذين بدورهم ينقسمون إلى ثلاث طبقات وهم (الآدانية، والقاتانية والشمسانية)، حيث لا يجوز لهذه الطبقات الدينية التزاوج من بعضها البعض ولا من غيرها من الطبقات الأخرى.
  ثانياً/ البير أو الأبيار، وهم بدورهم أيضاً ينقسمون إلى عدد من الطبقات الداخلية فيما بينها، وهي الأخرى لا يجوز لها التزاوج مع خارج طبقاتها.
ثالثاً/ العامة، أي المريدين، ومن أسمها هي تعتبر طبقة عامة وهي القاعدة الاساسية ويمكن لها أن تتزاوج من بعضها البعض، ولكن لا يجوز لها التزاوج من الشيوخ والبير أو بالعكس.
وبحسب العقيدة الإيزيدية، فإنه هنالك جملة من الأمور التي تعتبر من ضمن الضرورات التي تؤكد عليها هذه العقيدة ومنها:
•   الحياء والخجل وتجنب فعل الخطأ، حيث هنالك عدد كبير من التعليمات الدينية التي تحرِّم على الإيزيدي فعل عمل يخالف الشرع وتعارض العرف الاجتماعي السائد. ولكن لاتوجد تعليمات دينية تحرم أكل الخس أو بعض ما ذكره السيد حسوة.
•   كل إيزيدي ذكراً كان أم أنثى ومن أية طبقة كان، عليه أن يختار له أخاً أو أختاً للآخرة من طبقة الشيوخ أو البير، وتعتبر من أركان الدين الرئيسية.
•   كل إيزيدي يجب أن يكون له شيخ أو بير يزوره في السنة مرة واحدة لتقديم النصح والإرشاد والتبريك، ويحصل الشيخ أو البير، مقابل ذلك من مريديه ما يتمكن المريد من تقديم المساعدة له كجزء من استحقاقاته الدينية بما يشبه الزكاة على أمواله (وتسمى في الايزيدية العشر)، وكذلك مشاركة المريد في السراء والضراء.
•   الاعتقاد الراسخ بالله والملائكة واحترام الرموز الدينية للديانات الأخرى، وكذلك الاعتقاد بأن مصدر الخير والشر هو واحد ولا ثنائية في الديانة الإيزيدية.
•   عدم الجواز بالتزاوج من خارج الدين الإيزيدي، ويعتبر المخالف خارجاً عن الدين ويحرم التعامل معه، ولا يجوز إعادته إلي الدين ثانيةً.
•   يعتبر الختان من الصفات والضرورات التي تؤكد عليها العقيدة الإيزيدية.
•   التعميد هو الآخر من الواجبات الدينية في مفهوم الديانة الإيزيدية.
•   العروس والعريس لهما كامل الحقوق للإختيار بمحض إرادتهم، ويجب أن يكون لكليهما أخ أو أخت للآخرة في يوم الزفاف أو قبل ذلك.
•   الزواج مسموح بأكثر من زوجة واحدة، والطلاق هو الآخر موجود ضمن الشعب الإيزيدي ولكن ضمن العرف السائد ويجب أن تتوفر أرضية وقناعة لدى المشرع بالتفريق.

دور الاخرين في تحمّل المسئولية: إن الواقع الحالي للإيزيدية يدعونا جميعاً إلى تحمل المسئولية الأخلاقية تجاهه، حيث إننا جزء حيوي من المجتمع الإنساني، والدليل على حيويتنا هو الإقبال الكبير على البحث والكتابة عنا. وقد بدأ الكثير من الكتّاب والباحثين بمراجعة حساباتهم حول ما كتبوا عن الإيزيدية بعدما توصلوا إلى حقيقة وزيف ما كتبوا في مرحلة تاريخية كانت لا توفر أكثر من ذلك القدر من المعلومات عن الإيزيدية. فقد تعدى القسم الأكبر منهم، في كتاباتهم، حدود المعقول في الوصف الديني والاجتماعي والعادات والتقاليد. ثم بدأ من بينهم أعلام ونهضوا وشهروا سيف الحق بوجه الذين تجاوزوا على الحقيقة التي ما كان يقبلها العقل والمنطق، ومنهم السادة جورج حبيب وزهير كاظم عبود والدكتور خلف الجراد والدكتور خزعل الماجدي والدكتور كاظم حبيب والباحث سعد سلوم وبعض الباحثين الاجانب بعد كارثتي 2007 و2014 ممن عاشوا وتعايشوا واقع الايزيديين عن قرب بمن فيهم المنظمات الدولية ووكالات الغوث وغيرهم. فلهم منا الامتنان والتقدير وفاءاً لجهودهم من خلال تلك المؤلفات القيمة والمواقف الانسانية التي تنير وتظهر الحقائق على نصاعتها، مسلطين الضوء على حملات الإبادة الجماعية التي نفذها قادة عسكريون ومدعمة بفتاوى دينية، متحملين النقد والانتقاد صوناً للأمانة والتاريخ. إضافة إلى الجهود المضنية والمخلصة التي بذلتها الشخصيات والباحثين الإيزيديين الذين هاجروا إلى دول العالم هاربين من التسلّط وكتم الأفواه، والقنوات الإعلامية كمركز قنديل سابقاً وبحزاني نت حالياً في أوربا والعالم. وكذلك المراكز والشخصيات الإيزيدية على أرض الوطن كمركز لالش الثقافي والاجتماعي ورابطة المثقفين الإيزيديين ورابطة التآخي والتضامن الإيزيدية، ومنظمة يزدا ومبادرة الايزيديين حول العالم في اوربا وامريكا وغيرها من النشاطات التي أسهمت في بلورة الواقع الإيزيدي وإظهاره على حقيقته. ولكي نعمل على ربط الحقائق، لابد من الرجوع إلى الجذور التاريخية التي تساعد على فهم أدق وأشمل لماهية هذه الديانة.
 
نظرة تاريخية وأصل التسمية:
 في بلاد سومر القديمة نشر اور-نمو ، شرائعه باسم الإله الأعظم "شمش"، ذلك أن الحكومات سرعان ما رأت في الالتجاء إلى الدين من فوائد سياسية ، فلما أن أصبحت الآلهة ذوي فائدة من هذه الناحية تضاعف عددهم مراراً  إلى أن أصبح لكل مدينة ولكل ولاية ولكل نشاط بشري اله موح مدبر(3). وبذلك فان الحكومات آنذاك كانت تستخدم الآلهة كوسيلة لتحقيق أغراض سياسية وتقوية سلطة الملوك بواسطة النشاط الاقتصادي الذي يحققه الكهنة بأسم الآلهة. وقد عثر في الخرائب السومرية على لوحة نقشت عليها بعض الصلوات وجاءت فيها هذه النذور الدينية الغريبة " إن الضان فداء للحم الآدميين وبه افتدى الإنسان حياته "، وأثرى الكهنة من هذه القرابين حتى أصبحوا أكثر الطبقات مالاً وأعظمها قوةً في المدن السومرية (4). وبتقدم الحضارات وقيام الحروب بين الإمبراطوريات القديمة لتبتلع القوية الضعيفة منها، كانت المعتقدات الدينية والفكرية تتغير هي الأخرى وكان يزداد الميل لاستبدال حكم آلهة الظواهر المتعددة بسلطان الإله الواحد والاقتراب أكثر من فكرة الإله الملموس إلى فكرة الإله المجرد (5).
   في عام 1380 قبل الميلاد (6) ، مات أمنحوتب الثالث وخلفه أبنه امنحوتب الرابع الذي شاءت الأقدار أن يعرف باسم "إخناتون"، ولم يكن يتولى الملك حتى ثار على دين آمون، وعلى الأساليب القديمة التي يتبعها الكهنة، وكان الملك مثالاً للطهر والأمانة، وأعلن في شجاعة أن تلك الآلهة وجميع ما في الدين من احتفالات وطقوس كلها وثنية منحطة. أي أن الإنسان بدأ يقيس الأمور بأساليب جديدة وبوعي وإدراك اشمل واكثر دقة وتحديد، وأنه ليس للعالم الأ  اله واحد هو "آتون"، وأن الألوهية أكبر ما تكون في الشمس مصدر الضوء وكل ما على الأرض من حياة. ومهما تكن عقيدته في التوحيد، فقد استعان ببعض الترانيم القديمة (الفعالية الدينية، سه ما)، وبعض قصائد في التوحيد نشرت في أيام سلفه نشيداً توحيدياً للشمس على لوح محفوظ في المتحف البريطاني. فهي أول شرح بليغ لقصيدة التوحيد، وأن في القصيدة مذهب حيوي وأن " أتون" لا يوجد في الوقائع والانتصارات الحربية بل يوجد في جميع صور الحياة والنماء، وأن هذا الإله الحق خالق حرارة الشمس ومغذيها، وليس في الكرة المشرقة الآفلة من مجد ملتهب إلا رمز للقدرة الغائبة (7). وأن ما يهمنا من هذا هو، أن العبادة كانت للشمس لما تراه الأقوام من الأشعة والنور التي تضيْ وتخصب الأرض، وهناك إشارة واضحة إلى أن القدرة الغائبة هي التي تهب الشمس المتجدد في الظهور والإشعاع والأفول. فقد تصور هذا الملك، أن قرص الشمس يشع على العالم كله " الإله الواحد لا اله غيره "، وبلغ من تحمسه لدينه الجديد ما جعله يناوئ الآلهة الأخرى ويحاول القضاء على عبادتها وحمل الناس على حصر العبادة بذلك الإله الواحد الذي سماه " أتون " وأراد أن يفرض عبادته على جميع أنحاء الإمبراطورية. ففي هذا التطور الروحي بإسناد مصدر الحرارة والإشعاع والخير والنماء الناتج من قرص الشمس إلى قوة أعظم، هي التي تهب للشمس تلك القوة إشارة واضحة إلى تقدم فكر الإنسان باتجاه التوحيد، بأن وراء كل قوى الطبيعة اله تخضع لارادته جميع تلك الفعاليات التي تظهر وتزول وأن فلسفتها قريبة من فكرة ظهور الديانات المركزية التي اعتمدت النبي والكتاب وارشاد الناس إلى الطريق الصحيح . وقد ظهرت آنذاك آراء متعددة بشأن ظهور اله التوحيد ، منهم من يربطه بقيام دولة ميديا 622 ق.م. التي مهدت الطريق للانتقال من ظاهرة تعدد الآلهة إلى اله التوحيد، ومنهم من يقول بأنه بدأ مع البابليين وتسارع في كل مكان فيما بعد. ويقول الايزيديون بأنهم أول من توصلوا إلى فكرة ( خودي – الله ) وطاووس ملك(8)، عن طريق الرموز الواضحة (الشمس والقمر والنجوم والهواء والماء والكوارث ...إلخ).
    لقد سار إنسان وادي الرافدين القديم في تأملاته الفكرية ودراسته لواقع الحياة آلاف السنين ممحصاً لأحداث الحياة ومظاهر الطبيعة، معللاً لما كانت تضفي عليه من خير أو شر، ثم بدأ يقتحم العقبة ويختار التجربة حتى أدرك بأن الواقع الذي من حوله يفسر له كل غموض محير بالنسبة لمداركه العقلية واحساساته وملاحظاته العملية (9). فبلاد ما بين النهرين لم تكن موفقة كبلاد مصر، إذ ليس فيها جدران تدون عليها بعلامات تعبر عن الإنجازات، بل توجد فيها أبراج الآجر ذات الارتفاع البسيط المتهدمة التي يلتصق بها أسم وشهرة برج بابل (10)، وظلت كتاباتها مطمورة تحت الرمل والطين والأنقاض المتراكمة لآلاف السنين. ولقد تبدلت النظرة إلى تلك الأطلال والرموز غير المفككة وأصبحت مجالاً مهماً لمحاولات فكرية أدت بعلماء أوربا إلى التنافس في سبيل الحصول على الغنائم لمتاحفها النامية، وأدت تلك المحاولات إلى الكشف عن الحضارة التي أدت إلى وجود مثل تلك الأطلال والكتابات إلى ما قبل أكثر من 4000 سنة. وتعتبر النصوص المدونة على الألواح الطينية ذات أهمية أكثر بكثير من الأطلال المكتشفة. وهي تؤكد بأن الحضارة الإنسانية بدأت من تلك البلاد وانتشرت إلى أنحاء العالم، حالها حال المدنية التي تنشأ دوماً في كوخ الفلاح ولكنها لا تزدهر إلاّ في المدينة. فكانت المعتقدات السومرية ومن بعدها البابلية عاملا مهماً في تغليب إنسان وادي الرافدين القديم على الأرض فمنحته الأمل البعيد، أمل الخلود في الحياة الثانية ، أمل البعث بعد الموت وكان هذا هو الباعث الحقيقي لقيام الحضارات وازدهارها منذ فجر التأريخ.   
ظهور الديانة الايزيدية: ولكن متى وأين ظهرت هذه الديانة أو ما هي بداياتها الأولى؟  وللإجابة على هكذا تساؤل، علينا تتبع تفهم حال الإيزيدية كشعب قائم وكديانة توحد الله وتؤمن بالعلاقة المباشرة بين الفرد ومعبوده دون وسيط أو نبي. وبذلك، فمن الصعب تحديد فترة زمنية محددة بذاتها لكي نقول بأنها البداية في تاريخ الديانة الإيزيدية. وقد تكون الأساطير والميثولوجيا وكذلك الاعياد والمناسبات المرتبطة بالطبيعة هي أحدى أهم الاركان التي بمقدورنا أن نتكلم عنها كأساليب يستخدمها الإيزيديون وغيرهم من الباحثين كمعايير في عراقة وأصالة هذه الديانة. ومن ناحية أخرى، فإننا لو فرضنا بأنه تم تجميع الكتب السماوية للديانات المركزية بعد فترة زمنية من بعد الأنبياء، فإن الذي جرى مع الإيزيدية شيء مختلف، حيث لم يتم تجميع نصوصها الدينية بشكل مكتوب مما أصاب الكثير منها الضياع والتدخل والتحريف بسبب حملات الإبادة الجماعية والامية والجهل المخِّيمان على المجتمع الإيزيدي بسبب معاناته، إضافةً إلى تجاهل الحكومات المتعاقبة لحقيقة هذا الجزء الحيوي من الشعب العراقي. وأما القول بأن الديانات لا تكتمل مقوماتها إلاّ بالنبي والكتاب فإنها أمور قابلة للنقاش حيث هنالك العديد من الديانات التي تختلف مع هذا الشأن كالبوذية والسيخ على سبيل المثال(11).
  وفي تحديد أصل الإيزيدية وكيف عرفت ديانتهم وهل هم مستقلون من الوجهة العنصرية والدينية، أم لهم قرابة مع الأديان والعناصر الأخرى. فالبروفسور جاكسون في جامعة كولومبيا، يذهب إلى أن الديانة الثنائية شكلت مبدئياً بعض التشابهات بين الديانتين الإيرانية والإيزيدية. ولكنه أخذ يتساءل هل أن الديانة الإيزيدية عرفت في بلاد ايران ومن هناك انتقلت إلى سائر المواقع التي نجدها فيها الآن (12). ويضيف أمبسن، إلى نظرية جاكسون، أن الطرق الدينية اليزيدية والمجوسية القديمة نشأت من الزرادشتية، والتاريخ اليزيدي الحديث تأثر من احتكاكهم بالمسيحيين وخضوعهم الجزئي للحكم الاسلامي الذي سبب التغيرات في عقائدهم.  ولأجل أن نصل إلى نتيجة قطعية في أصل (المذهب اليزيدي)، نحتاج إلى دراسة وثيقة في أحوال الشعوب، لأن ذلك الطريق هو الطريق المؤدي إلى معرفتها في آسيا الصغرى أكثر من اتباع لغتها وديانتها، ثم يقول بأنهم وفدوا من البصرة وهاجروا إلى سوريا وقطنوا أخيراً في سنجار (13). ويقول الدكتور المارونسي (14)، أن الديانة التي كانت منتشرة في ميزوبوتاميا هي ديانة مزديسنا (الإيزيدية) قبل ظهور الديانات اليهودية والمسيحية والإسلام، وأن الديانات التي كانت منتشرة في المنطقة (ميزوبوتاميا) هي فروع للديانة الإيزيدية وأخذت منها (أي انهم اخذوا من الإيزيدية) الكثير من العادات والتقاليد والأعراف لأن الديانة الإيزيدية انتشرت مع انتشار البشرية. ثم يضيف بأن المصريين القدماء كانوا يؤدون الفعالية الدينية (سه ما)، وهي نفسها التي تؤدى بين الإيزيدية منذ القدم ولا زالت. ثم يستمر الدكتور المارونسي فيقول: أن طاووس ملك في الإيزيدية يرمز إلى النور وليس ما يقوله البعض بأنه (ابليس)، لأنه لا يوجد بين الإيزيدية رمز للشر متمثل في ملاك وأن هذا الشيء قد تغير بتأثير الأديان السماوية التي أتت فيما بعد، ثم أن أصل هذه الديانة هي ديانة سماوية مما لا شك فيه، ولكن بعد المسافة الزمنية منذ ظهورها ولحد الآن وعدم كتابة النصوص الدينية، إضافةً إلى التشويه الذي لحقه من الأديان الأخرى هي من العوامل التي أدت إلى ذلك. وكانت الديانة الإيزيدية هي الديانة السائدة في المنطقة التي يسكنها السومريون والأكديون والبابليون وهي منبع الديانة الإيزيدية.   
 وهناك من يقول بأن لليزيدية عقيدة خاصة، وأنهم من أصل صابئي أو كلداني ولكنهم يذعنون بأن كثير من تعاليمهم مستمدة من مذاهب اخرى. ويأتي أخرين فيقولون بأن اليزيدية الذين هم كثيفوا الشعر لهم صلة بالآشوريين الذين نرى عادة في تماثيلهم اللحى الكثيفة (15). وينسب البعض من الكتاب المسلمين اسم اليزيدية إلى اتباع الخليفة الأموي يزيد الأول الذي خلّف أباه معاوية بن أبي سفيان وكان معاصراً وتلميذاً (حوارياً) لمحمد. ولكن لا يوجد برهان على أن (يزيد) أسس خلال الثلاث سنوات ونصف من حكمه (680-683) ديانة جديدة أو أنه قد أتبع ديانة محمد (16).
   بعد هذه الاعتقادات المختلفة بتسمية اليزيدية يقول السيد صديق الدملوجي معقباً؛ وإذا كان فيما ذكره هؤلاء الباحثون شيء من الحقيقة فهو علاقة اليزيدية بالزردشتية فقط، ولكن هذه العلاقة قديمة ترجع إلى زمن بعيد جداً أي قبل أن أصبحوا يزيدية وعرفوا بهذا الأسم، وهم في الحقيقة مانويون كما يظهر لنا من اعتقاداتهم وأصول ديانتهم. والمانوية  هي التي خلّفت الزرادشتية في هذه البلاد وفي بلاد ايران وعاشت زهاء عشرة قرون. والحقيقة التي لا جدال فيها أيضاً هي أن اليزيدية ولدت في الشيخان من أبوين زرادشتيين وقد كفل بتربيتهما الاسلام وأرضعها تعاليمه ومبادئه طمعاً بأن يخلصها من شرك الوثنية. وقد غالى السيد الدملوجي في وصف العلاقة بين الإيزيدية وكل من الزرادشتية والمانوية والمزدكية بما ليس فيهم واقتبس حالات شاذة لا وجود لها والصقها بهم تلفيقاً كما ورد في حديثه بأن الإيزيدية تؤمن بإلهين أحدهما إله الخير وآخر إله الشر. وفي هذا تجنِ كبير على هذه الديانة التي تؤمن بالله الواحد الأحد ولا تعتقد بالثنائية مطلقاً، وإنما تؤمن بأن الخير والشر مبعثه الله جل جلاله.
  أما السيد زهير كاظم عبود فيذكر في الصفحة 58 من كتابه الموسوم " الإيزيدية حقائق وأساطير وخقايا"، والحقيقة الثابتة التي تؤيدها كل شواهد التاريخ القديم في منطقة ميزوبوتاميا والشرق كون الإيزيدية من الديانات القديمة الموغلة في القدم، وحقاً أن الإيزيدية الحالية هي بقايا ذلك الدين القديم الموغل في القدم مثلما تشير أحداث ووقائع التاريخ. وكون الديانة الإيزيدية من بين الديانات القديمة في منطقة وادي الرافدين والهلال الخصيب، يفترض وجود قرائن وعلاقات متعددة الجوانب بين الديانات العراقية القديمة كالسومرية والبابلية والآشورية من جهة وبين الديانة الإيزيدية من جهة أخرى (17).
على الرغم من بيان رأي البعض من الكتّاب حول ظهور الإيزيدية في ايران فيأتي الدكتور عبدالقادر المارونسي ويقول رداً على سؤال: إن تاريخ الآريين أو تاريخ إيران القديم يفتح لنا آفاقاً جديدة وواسعة للتعرف على الديانة الإيزيدية وما حدث قديماً وخاصة قبل الإسلام. فالذي يريد أن يحقق ويقوم بدراسة جيدة عن الإيزيديين وعن تاريخهم وحتى عن اعتقاداتهم، يجب ان يكون ملماً بتاريخ إيران واللغة الفارسية وبالحضارات التي كانت موجودة في هذه المنطقة. فإن هذه الأشياء سوف تساعد الباحث على التعرف على الديانة الإيزيدية وإيجاد الحلقات المفقودة التي هي الآن الكثير من الإيزيديين لا يعرفون عنها شيئاً، ولكن في الحقيقة موجودة إما على الأحجار المنقوشة أو على أوراق (البابيروس)وخاصة أيام الدولة الحخامنشية وليس في زمن التاريخ فحسب، بل حتى في بعض الأساطير الإيرانية نستطيع أن نرى الكثير عن الإيزيدية (18).
 ولكن الباحث الإيزيدي الدكتور خليل جندي يتوج كل هذه الآراء ويؤكد، أن الإيزيدية ديانة قائمة بذاتها وهي امتداد تاريخي ومرآة تعكس من خلالها عبق التاريخ وعراقة التقاليد والطقوس، بحيث أصبح موزاييك رائع للتراث الديني والقومي يربط أكثر من قارة مع بعضها. 
إذن، يمثل تاريخ الكتابة عن الأيزيدية امتداد منذ خمسة آلاف سنة، أي منذ دراسة الظواهر الطبيعية التي كانت تسيطر على أداء فعاليات الإنسان، تاريخ سومر وبابل وآشور وما خللتها من فترات تاريخية لم تبرز إلى الوجود بسبب التقييد أو إهمال مؤرخي التاريخ لبعض أهم التطورات والمجتمعات آنذاك. لقد كان التاريخ حينها يهتم بتدوين فعاليات الملوك ومماتهم، وما تخص الآلهة وأبرز نشاطاتها، ولكن كان يترشح عن تلك النشاطات ما يفيد الباحث التاريخي بحيث يستنتج ما يهمه إضافة إلى المكتوب في الرواقم الطينية التي طمرتها أحداث الزمن والطبيعة. ولقد اكتشف مؤخراً أحد خبراء الآثار واللغات القديمة ( السومرية والبابلية والآشورية )، بأن كلمة (إيزيدي ) تعني الروح الخيرة أو السائرين على الطريق الصحيح. وحسب هذا الاعتقاد فإن تاريخ الإيزيدية يرجع إلى الألف الثالث قبل الميلاد، وهم بقايا أقدم ديانة من منطقة الحضارات العظمى في الشرق. ومما يؤكد هذا، ما ورد في قصة الحضارة ( الشرق الأدنى م1 ، ج2 ، ص300 ) ما نصه: كان الشرق الأدنى في عهد نبوخذنصر  يبدو للعين الفاحصة البعيدة كأنه بحر خضم يتلاطم فيه خليط من الآدميين، يأتلفون ثم يتفرقون، يستعبدون ثم يستعبدون، يأكلون ثم يؤكلون، يقتلون ثم يقتلون، إلى غير نهاية. وكان من وراء الإمبراطوريات الكبرى ومن حولها مصر وبابل وآشور والفرس يضطرب هذا الخليط من الشعوب نصف البدوية نصف المستقرة ؛ الكمريين، القليقيين، الكيدوكيين، البثرينيين، الاشكانيين، الميزيين، الميونيين، الكربيين، البمفيليين، اليزيديين، واللوكينيين والفلسطينيين والعموريين والكنعانيين والآدميين والمؤابين، وعشرات العشرات من الشعوب الأخرى التي كانت كل شعب منها يظن نفسه مركز الكون ومحور التاريخ، ويعجب من جهل المؤرخين وتحيزهم، إذ لم يخصوه إلا بفقرة أو فقرتين، (انتهى الاقتباس).
  إن في هذا النص، إشارة واضحة ودلالة قوية على قدم الإيزيدية كقوم يحمل نفس التسمية الحالية في منطقة وادي الرافدين قبل ظهور الديانات المركزية وليسوا كما يزعم البعض نسبةً إلى يزيد بن معاوية أو يزيد بن أبي أنيسة، وإنها ساهمت بخلق تلك الحضارة في سومر وبابل وآشور في مرحلة تعدد الآلهة وما بعدها. ويفترض إنها ساهمت كذلك في خلق وتدوين الأساطير ودراسة الطبيعة وحركة الكون والفلك ومراقبة النجوم وتدوين الأحداث آنذاك، وهذا واضح جداً في التراث الديني الإيزيدي الآن من حيث التقويم وحساب الفلك والأعياد والمناسبات الدينية التي ترتبط جميعها بالطبيعة. وبذلك لا يمكن تجاهل دورها رغم المعلومات القليلة التي وردتنا من تلك الفترة الزمنية السحيقة وتجاهل المؤرخين لدورها، والتركيز على بعض تلك الأقوام دون غيرها. فإن ذلك أمر وارد بالنسبة لمؤرخي التاريخ ، خاصة إذا ما عرفنا بأن مادة ديانات ما بين النهرين كانت إما آثارية أو نصّية ( أي إنها لم تكن مكتوبة كما في مصر القديمة )، وأن المادة الآثارية تتألف من بقايا الأبنية خصوصاً تلك التي خدمت الأغراض الدينية كالمزارات والمعابد وأبراجها بالإضافة  إلى مادة العبادة وهي التماثيل والطلاسم. وقد يبدو أن مادة التشبيه بطريقة التماثيل والتصاوير كالمنحوتات والأختام والألواح الطينية  فإنها من المحتمل أن تلقي الضوء على ديانة بلاد ما بين النهرين وعندئذ من الممكن التفكير بالتشبيهات القصصية المقصود منها تصوير قصة الإله، بل إنه لا يبدو لمثل هذه التشبيهات أن حصل لها أي دور مهم في ديانة بلاد ما بين النهرين. ولهذا سيبقى عالم الأسطورة عبارة عن مستودع لمستوى الأدب الخلاّق خلال كل تاريخ بلاد ما بين النهرين.
لقد ورد أسم (إيزيدا) بكثرة في وثائق الملك البابلي حمورابي الذي حارب الإيزيدية 1785-1755 ق.م، حيث ذكر (مردوخ) كإله بابلي قومي وذكرت (إيزيدا) كإله لكل المخلوقات. وأن ما يؤكد كلام ديورانت بقدم وتواجد الإيزيدية ضمن الأقوام التي كانت تسكن بابل، هو عثور الباحث الآثاري هنري لايارد لصورة سنجق لرئيس الملائكة مقتبس من جسم حجري تاريخي اكتشفه هنري بنفسه في بابل قبل مائة وخمسون سنة. وبتاريخ 10/نيسان/1855 قدم الدكتور بيتش في الجمعية السورية المصرية اللندنية تقريراً استناداً إلى نصوص قديمة ذكر فيه دور رئيس الملائكة وقدم إضافةً لصورة هنري لايارد صورة أخرى مأخوذة من المتحف البريطاني. وفي 4/7/2001 قدم الباحث حسو أومريكو صورة أخرى لسنجق الملائكة مأخوذ من ختم اسطواني يرجع تاريخه إلى 2500 ق.م، من منطقة ماري مأخوذ من متحف حلب إلى ملتقى الكتّاب والباحثين الإيزيديين في أولدنبورك، يعتقد بأنه ختم (بير أومرخالة) في أومريا السومرية (19).
ويشبه الدكتور خليل جندي في كتابه الموسوم " نحو معرفة حقيقة الديانة الايزيدية "، بأن الايزيدية تشبه بحد ذاتها تله أثرية طمرتها رمال آلاف السنين ولم يجر التنقيب عن كوامنها إلا قليلاً، ومن يبتغي معرفة حقيقة معتقدات الايزيدية، عليه التوقف عند معرفة ظاهرتين أساسيتين مترابطتين من ظواهر الدين : أولهما الايزيدية وطاووس ملك ، وثاني تلك الظواهر هي معرفة أصل ومنبع الأعياد والطقوس الدينية المرتبطة بالتغيرات المناخية . فللبيئة الجغرافية والمناخ تأثير مباشر على سلوك الانسان في تكوينه الفكري ونظرته الأساسية لمعطيات الحياة الاجتماعية، والتي بدورها تفرز عوامل مهمة كالعادات والتقاليد والقيم والأعراف، التي تعتبر النسيج الحيوي في بنيان كل تجمع بشري والارتقاء به إلى رؤية فكرية من جيل لآخر.
  فالتراث الديني الإيزيدي كباقي المعتقدات ، مليء بعبارات التوحيد والزهد والنسك ، وفيه معالجة وافية لمجمل النشاطات الإنسانية، ولما للنفس من أهواء وشرور وعلاقة ذلك بسلوك الفرد وانعكاساتها على تصرف القلب والعقل، وكيف أن لكل منهم حجة الدفاع عن نفسه، ثم الترابط بين عالمي المادة والروح. ففقهاء الأديان عامة لم يصلوا إلى تلك الدرجات الروحية إلا بعد أن لجموا حواسهم، وطهروا أنفسهم من الأدران والشوائب المتعلقة بالنفس، وانزووا في أعماق الكهوف، وأسدلوا الأبواب على أنفسهم كي يتصلوا روحياً بالخالق. وبعد رياضات مجهدة، تفتقت أذهانهم وأفكارهم عما وهبهم الله من بصيرة كي يشرحوا واقع حال المجتمعات وما يخص الدين والدنيا، وهي فلسفة الديانة الإيزيدية التي ابتنت أركانها على المجاهدة ورياضة النفس بما عليها أن تتحمل من مشاق النفس لتنال رضا ربها الرحيم (20).
   ولقد رافق حال المجتمع متغيرات على واقعه، بين ما عليه أن يتخلى عن معتقداته القديمة التي ترسخت في ذهنه وأصبحت مع الزمن  جزءاً من سلوكه ومعتقده الديني، وبين أن يتقبل الجديد الغير واضحة المعالم ، فبرزت في فكر الإنسان ما يجب قبوله بالتعليمات الربانية  رداً على التصرفات المادية مثل ظلم فرعون لموسى وقومه والتي استطاع فيها التغلب على ما جرى له من امتحان، وقبله ما جرى لإبراهيم الخليل (ع) مع نمرود ونجاته من المنجنيق الذي أنشأه نمرود له بنفسه، وبمشاركة قومه الذين رأوا نجاة إبراهيم من المنجنيق ليكونوا شهوداً على عظمة الخالق أمام قومه وزرع الشك فيهم على أن هناك قوة أكبر من نمرود هي التي ساعدت على نجاة إبراهيم (ع) من نار نمرود (21). بعد هذه الوقائع المادية، بدأ الشك يهاجم فكر الإنسان وبدأت معها تغيرات فلسفية في وجدانهم، بحيث اهتزوا لما حدث وحسبوا لما يدور حولهم ألف حساب، وكأن لسان حال المجتمع يدفع به إلى قبول الإرشادات والتعليمات التي يأتي بها المصلحين. وما أريد الوصول إليه هو، أن واقع المجتمعات والتجارب المادية التي تمت الإشارة إليها ساعدت كثيراً على قبول الأفكار والإرشادات الموحى إلى الأنبياء والمصلحين، ولكن بعد ترسيخ تلك القناعات المادية في أفكارهم، وأن البذرة الأولى لقبول الديانات الجديدة كانت قد نمت في رحم  الديانات القديمة التي ظهرت في كل من بلاد مصر وبلاد ما بين النهرين، ومنها الدياتة الإيزيدية، بدليل أن الديانات المركزية الثلاث ظهرت في هذه المنطقة.
    السؤال ، لماذا لم تدخل الإيزيدية واحدة من هذه الديانات، رغم الحملات والاضطهادات والفتوات التي صدرت من رجال الدين ونفذها قادة عسكريون راح ضحيتها الملايين من الشباب والشيوخ وسبي النساء والتمثيل والتنكيل؟  والجواب بكل بساطة، إنها توحد الله قبل ظهور تلك الديانات، وتعتبر نفسها ليست بحاجة إلى من يرشدها إلى عبادة الله على طريقتها الجديدة لأن رسوخ حقيقة التوحيد في الديانة الإيزيدية لا ترقى إليها أية عقيدة، وذلك واضح من الأدعية والابتهالات والنصوص الدينية المتعددة.


الموقع الجغرافي وعدد ونمو السكان:
  يسكن غالبية الشعب الإيزيدي في محافظتي نينوى ودهوك في شمال العراق، في أقضية سنجار والشيخان وتلكيف وسميل وزاخو والنواحي التابعة لها، وفي تركيا وسوريا وجورجيا وأرمينيا وروسيا. وكذلك في الدول الأوربية وأمريكا الشمالية بعد الهجرات المستمرة للإيزيديين من تركيا إلى ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية وباتفاق بين الحكومة التركية والالمانية، وإبان حرب الخليج الأولى وحرب الكويت بالنسبة لإيزيدية العراق، بسبب تردي الوضع الأمني والاقتصادي الذي أثر فيهم بشكل مزري وبائس. وأن هذا التخالط الاجتماعي بين الإيزيديين والأقوام التي جاورتها جعل من بعض العادات والتقاليد والأعراف أن تتشابه، ولا يشترط أن تذوب الواحدة في الاخرى، بل يمكن أن تتفاعل مع بعضها البعض بشكل إيجابي. فهنالك العديد من العادات والتقاليد التي تشترك فيها الإيزيدية مع المسلمين وأخرى تتشابه مع المسيحيين من الذين يجاورونهم في مناطق السكن القريبة من البعض كما هو الحال في ناحية بعشيقة التي تمثل روعة التعايش الأخوي فيما بين المسلمين والمسيحيين والإيزيديين، حيث يختلط صوت الآذان بصوت الناقوس والدفوف ورجل الدين الإيزيدي.
  ليست هنالك احصاءات دقيقة ورسمية بعدد الإيزيدية ولكن قد يصل العدد الاجمالي للإيزيديين في أرجاء المعمورة في الوقت الحاضر إلى أكثر من مليون نسمة. وإذا ما عرفنا بأن نفوسهم في العراق كان يربو على المليون نسمة في القرن الحادي عشر الهجري (22)، والآن وفي العراق لا يتجاوز عددهم  650000 نسمة، وان هذا التناقص في عددهم بعد ثلاثة قرون كان بسبب حملات الإبادة الجماعية التي تعرض لها الشعب الإيزيدي والتي تجاوزت (74) حملة عسكرية قضت على الملايين من خيرة الشباب الإيزيدي وسبي عشرات الآلاف من النساء، وخاصة في فترة الحكم العثماني. وقد ابيدت عشائر كاملة كان يصل تعداد البعض منها عشرات الآلاف ولا وجود لها أو لآثارها في هذه الأيام بعد تلك الحملات المريبة التي تعرض لها الإيزيديون عبر هذا التاريخ المظلم. ومن هذه العشائر:(عشيرة (باصا) وكانت بحدود 300 عائلة تسكن قضاء سعرد وقد أبادتها الحكومة العثمانية أثناء الحرب العالمية الأولى عن بكرة أبيها ولم يعد لها أثر لحد اليوم. وعشائر أخرى مثل الجرميان، الشقاقية، الميران، السيفانية، الصارلية، شيخان بكي، الكيبارية، جمال دينا، جال دينا، السيبكية، عمران، بسيان، مامه رش وغيرهم (23).
فعلى ضوء نتائج تعداد سكان العراق عام 1947، بلغ عدد نفوس الإيزيديين 324 333 نسمة، وأن نسبة الزيادة في عدد السكان بين عامي 1924-1947 لا تزيد على 2و1% سنوياً، وهي نسبة منخفضة والسبب يعود إلى تدمير قرى الإيزيدية وتشريدهم. ولكن بين عامي 1947-1957 بلغت نسبة الزيادة في عدد سكان الإيزيدية في العراق 7% وهي نسبة مرتفعة قياساً بالنمو السكاني لشعب العراق التي بلغت في نفس الفترة 4%. وأن هذه الزيادة في نسبة نمو عدد الإيزيديين في هذه الفترة تعود إلى الاستقرار السياسي والاقتصادي ونجاح العملية الاحصائية (24)، حيث يعتبر الإيزيديون من الشعوب التي تتمتع بخصوبة عالية.
  تشكل نسبة الإيزيديين في محافظة نينوى حوالي 90% من مجموع نفوسهم في العراق، بينما تسكن البقية منهم في محافظة دهوك. وبعد سبعينات القرن الماضي انتشر الإيزيديون في محافظات العراق المختلفة طلباً للعيش بعد أن تم تجميعهم في مجمعات قسرية تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة العصرية للعيش الكريم، وصودرت أراضيهم وممتلكاتهم وتم إسكان المسلمين العرب محلهم. ففي سنجار تم تجميع الإيزيديين من 160 قرية في 11 تجمع سكاني مما سبّب في هجرة الكثيرين لطلب الرزق والعيش في محافظات أخرى بعد سنين من الاستقرار والعيش البسيط على أرضه ومسكنه وهو يمارس العمل الزراعي وتربية الحيوانات. وكان ذلك عاملاً آخراً في تفكير الحكومة آنذاك في تذويب الإيزيديين فيما بين بقية شرائح المجتمع العراقي بهدف تحويل ديانتهم عبر هذه الأساليب. إضافةً إلى غياب مشاريع استراتيجية تستوعب البطالة والعدد الهائل من العمالة الماهرة في حقل العمل مما أدى إلى الهجرة المستمرة من مناطقهم إلى أماكن بعيدة وبالتالي التأثير السلبي على مستقبل التعليم ولعدة أجيال وقد ترتب على ذلك تخلف اقتصادي واجتماعي وعلمي.

وضع الايزيديين بعد 2003: أما اليوم وبعد تغيير النظام، فلم يكن تأثيره السلبي أقل وقعاً على الأقليات الدينية والعرقية ومنها الإيزيدية والصابئة المندائيين مقارنة مع الوضع في زمن النظام السابق. صحيح نستطيع أن نتكلم ونعبر عن وجهات نظرنا ونعقد اجتماعات وندوات ومؤتمرات، ولكن ( الأحزاب الكبرى) بددت آمالنا وقتلت طموحاتنا تحت أسم (الحرية والديمقراطية)، وأن مناداتهم بالحرية ليست أكثر من ذر الرماد في العيون ومزيد من قتل الطموح والتقسيم وشراء الذمم وتدمير التعليم ورداءة الخدمات. فلقد تنفست هذه الأقليات السعداء على ضوء ما نادت به الأحزاب السياسية لكي تتحقق بعض مطالب أبنائها بعد زمن التهميش الذي طال أمده وأنتظروه بفارغ الصبر. فمن الصعب الآن وبعد هذا الانتظار، أن تشعر هذه الأقليات بالغبن وأن يتعرض مستقبل أجيالها إلى النهب في زمن يدعي القائمين على العملية السياسية بأنه يجب أن تحصل الأقليات على استحقاقاتها الدستورية، ولكن ذلك لا يتعّدى حدود الكلام. لذلك، نتوجه بالطلب إلى العالم الحر بمزيد من الاهتمام بثقافة ومثقفي الأقليات الدينية والعرقية في العراق لما تمثل من أرث حضاري، كونهم من الشعوب الأولى التي ساهمت في بلورة حضارة العراق منذ عهد السومريين ولحد الآن.
  لقد أدى ظهور التجمعات الثقافية الإيزيدية الحالية في داخل و خارج العراق، إلى إيصال صوته إلى مختلف أرجاء العالم وسلّط الضوء على معاناته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. كذلك أصبح عامل ضغط على الحكومات والأحزاب الحالية للمطالبة بحقوق الشعب الإيزيدي فيما بعد تغيير النظام. كما أن صدور عدد من المجلات والصحف ومواقع الانترنت المهتمة بالشأن الإيزيدي التي أخذت على عاتقها نشر الثقافة الإيزيدية وتوضيح حقائق الشعب الإيزيدي وإظهار الكفاءات العلمية والثقافية والإجتماعية الإيزيدية قد ساهمت من خلال هذه الإصدارات والبرامج بنقل حقيقة هذا الشعب إلى العالم. وبدأت المئات من الجهات العالمية التي لها أهتمام بهذا الشأن تبحث هي الأخرى عن الحقائق التي تخص هذه الديانة التي كادت أن تتعرض للإنقراض في عامي 2007 و2014 على وجه الدقة. وتحاول هذه التجمعات وفق امكانياتها أن تقدم الخدمة الثقافية لنشر حقيقة الإيزيدية بالرغم مما تعانيه من اختلاف في وجهات النظر، وهنالك اليوم أكثر من ألفي طالب إيزيدي يدرس في جامعات العراق. إضافةً إلى الآف الخريجين من مختلف الاختصاصات والكفاءات العلمية والاكاديمية.
  أما الواقع السياسي، فهو الأهم في هذا الوقت كونه يرتبط مباشرة بالتمثيل السياسي والحقوق الدستورية والدينية والحفاظ على الهوية الحقيقية للمجتمع الإيزيدي. ومما يؤسف له، أن الوضع الحالي المليء بالانتهاكات لحقوق الأقليات الدينية يشعرنا بالأسى وعرقلة حصول هذه الأقليات على حقوقها الطبيعية، مما أثر سلباً على واقعها الثقافي والاجتماعي والاقتصادي.   

الأعياد والمناسبات الدينية:
    هنالك عدة مناسبات أو أعياد بارزة في المجتمع الإيزيدي لها علاقة بالتراث الديني الإيزيدي بشكل أساسي كما في الأديان الأخرى وهي:
    أولاً/ عيد رأس السنة (سرصالي)، ويصادف أول أربعاء من نيسان بالتقويم الشرقي ويحتفل به جميع المجتمع الإيزيدي من كل بقاع الأرض لما له من قدسية ودلالة على حلول موسم زراعي جديد، وسنة جديدة تبشر بتعليمات من رئيس الملائكة. وأن الناس تزور بعضها البعض بشوق وتتفقد المزارع ومع كل فرد مجموعة من البيض الملون، وبعد الأكل تنثر القشور وبقايا الأكل على الغلّة للتبرك. بينما منذ الصباح الباكرتذهب الفتيات والنسوة لقطف أزهار الاقحوان وعملها باقات لتثبيتها في أعلى عتبة كل باب. وهو نفس الموعد لعيد رأس السنة البابلية، ويحتفل بها العالم كله ولكن كل على طريقته الخاصة (مصر واوربا واليابان والصين وغيرهم).
  ثانياً/ عيد أربعانية الصيف ويصادف 20 تموز شرقي، وعيد أربعانية الشتاء الذي يصادف 12 كانون أول شرقي بعد أربعين يوم من الصوم لطبقة معينة من رجال الدين. ويبدو أن لهما علاقة بدورة الفصول الآربعة والتغيرات التي تحصل في المناخ، أي أن للعيدين علاقة أساسية بدورة الطبيعة والفصول الأربعة من حيث الحصاد والبذار وخزن القوت للموسم القادم.
  ثالثاً/ عيد الجماعية من 23/سبتمبر إلى 1/أكتوبر في معبد لالش، حيث تؤدى جميع المراسيم والشعائر الدينية في هذا العيد، وأهمها طقس ال (سه ما) التي تقام كل ليلة أثناء أيام العيد، وهو طقس ديني – تراثي يمتد لعمق الزمن.
  رابعاً/ عيد الصوم ويصادف أول جمعة من كانون أول شرقي من كل عام بعد ثلاثة أيام من الصوم لعامة الإيزيدية.
خامساً/ عيد الأضحى المبارك وهو يصادف نفس الموعد لعيد الأضحى لدى الإسلام، وفيه تزور الناس مقام الشيخ آدي للحج وتزور جبل عرفات باحتفالات مهيبة.
سادساً/ عيد بيلندة ويقع هذا العيد في 26 كانون أول شرقي، ويتم في ليلة العيد إشعال النيران بنوع من الأعشاب الجافة في فناء الدار ويتم الفقز فوق النار لثلاث مرات من قبل كافة أفراد العائلة ومن يحتفل معهم من الجيران والأقرباء. فيما تقوم ربة البيت بنثر الحلوى عليهم وهم يقفزون فوق النار، فيلتقطها الأطفال في فرح وصخب. ولهذا العيد علاقة مع العديد من المناسبات في المعتقدات القديمة اليونانية والمصرية والآريين القدماء(25)، وتقام نفس الاحتفالية في القرى المسيحية التي تجاور القرى الإيزيدية.
سابعاً/ عيد خضر-الياس ويقع في أول خميس من شهر شباط شرقي، حيث يستمر لمدة يومين بعد ثلاثة أيام من الصوم غير الملزم.

يتبع

56
الذكرى الثانية لمجزرة العصر بحق الايزيديين!
لا تفصلنا سوى ايام معدودات عن الذكرى الثانية لابشع جريمة في العصر الحديث، لا بل في تاريخ الانسانية لما جاء به مخططي ومدبري الكارثة من عناصر مجموعات داعش الاجرامية من التفنن في انواع الجرم المشهود بالحجة والتعمّد.
البداية: في يوم الأحد الموافق 3/8/2014، حيث كان الايزيديون منهمكين للاحتفال بعيد أربعانية الصيف هاجم المجرمين الدواعش بكل ما يمكن أن يطرأ على فكر الانسان من أنواع الإرهاب على شعب اعزل لم يكن طرفاً في نزاع مع جهة سياسية أو داخل في حلف عسكري ضد داعش. كما أنه لم يكن  له خيار سوى العيش تحت هذا الوضع بعدما دافعوا عن انفسهم بكل ما يمتلكونه من وسائل الدفاع البسيطة لكي يوفروا الفرصة للالاف من العوائل في الهروب والاحتماء بجبل سنجار الاشم والخلاص بجلدهم بعد أن هربت قوات البيشمركة وتركتهم في محنتهم حيث لا رحمة لمن غزاهم. وبذلك قتلوا كل من وقع عليه اعينهم من الرجال وسبوا ما تمكنوا من النساء والاطفال ونهبوا ما بناه الايزيديون عبر مئات السنين وهجروهم عن بكرة ابيهم، بعد ان أهلكهم العطش والجوع أو المرض أوالعوق او أثناء المسير أو الاعياء أو الانتحار لكي لا يقع اسيراً.....إلخ. 
 الموقف الايزيدي الشعبي والرسمي
: هذه التراجيديا والهستيريا التي مارستها عناصر داعش مع الايزيديين هزت الضمير الانساني بعدما تناقلت وسائل الاعلام المختلفة ووكالات الانباء الاخبار المتلاحقة عن الكارثة لهول ما حدث بعدما نشروا الصور المتلاحقة ومقاطع الفيديو للموتى من الاطفال والمعوقين وكبار السن حيث قطعت بهم السبل في حر الصيف اللاهب بدون ماء ومستلزمات ادامة الحياة، فلم يبق لهم سوى التشبث بالاعشاب لسد رمق الاطفال وكبار السن بعد ان رمى العشرات بانفسهم من اعالي الجبل ليلاقوا موتا من نوع اخر في الوقت الذي لم تستطع الكثير من العوائل دفن موتاهم من الاطفال والشيوخ الذين لم يتحملوا ضنك الحر القاتل بسبب الجفاف الذي اوقف الدم في شرايينهم. هنا يجب على الشعب الايزيدي والعالم أن يتذكروا دموع البرلمانية فيان دخيل وموقفها الذي استنهض استجابة الرئيس الامريكي بالرد السريع لنصرة المحاصرين وتقديم الدعم الجوي والمساعدات الدولية، رغم ما اشاب بعضها من سلبيات. كما أنه من الواجب أن نثمن جهود الباحثين والميسورين والناشطين والفنانين والكتّاب الايزيديين واصدقاءهم حول العالم. ومن نافلة القول الاشادة بأن الايزيديين فعلوا في ظرف سنتين ما لم تفعله الشعوب الاخرى في عشرات السنين بايصال قضيتهم إلى مراكز القرار العالمي وعليه فإنه يجب علينا الاستمرار في دعم هذا النضال بكل الوسائل لكي لا يتوقف الاداء عند محطة معينة من خلال استثمار جميع الامكانيات المتاحة. أما الموقف الرسمي للسياسيين الايزيديين فكان يتصف بالخنوع والجبن ولم يرقَ مستوى الحدث باية صورة، مع الاسف ولايزال كما هو دون اي مستوى طموح.
وضع النازحين اثناء الهروب ومواقف الاخرين: في ظل هذا الوضع المتردي وهروب مئات الالاف في مسيرات لا يمكن وصفها لمن لم يتعايش فيها عبر جبل الشهامة حيث لا يعرفون عن ما يضمر لهم طريقهم من المخاطر وهو السير من المجهول  الى المحهول. بعد هذه الماسي وبعد أن فتحت قوات اليبكة ممرا آمناً لخلاص ما يمكن من العوائل، بينما مضت السياسة الكردية في الوقت ذاته بتكملة مشوار خيانتها بفرض المزيد من الصعوبات على النازحين سواء اثناء دخولهم كردستان في نقاط العبور او اهانتهم بكلمات وعبارات تنم عن الحقد الدفين او بتطبيق الحصار على الباقين على الجبل، أو باعتقال الناشطين أثناء القيام يالتظاهر، أو بتهديد الايزيديين الذين يدعمون مقاتلي الجبل لمقاتلة داعش بترك كردستان، أو باعتقال القياديين الايزيديين، او بحجب الخدمات الاساسية التي هي اصلا غير موجودة بحجة عدم الامكانية او غيرها من الاساليب.
موقف الشعب الكردي: هنا يجب أن نقدم الشكر والعرفان والاحترام والتقدير لموقف الشعب الكردي من حيث الايواء وتقديم المعونات العاجلة كل من جهته بما في ذلك أئمة الجوامع وأساقفة الكنائس والشخصيات والميسورين، حيث انهم هبوا لتخفيف محنة النازحين بتقديم الاحتياجات الضرورية واحتضانهم بكل ما لهم من امكانيات بخلاف الموقف الرسمي للحكومة الكردية الذي اتصف بالمتواطيء والسلبي لمساعدة النازحين لخلق المزيد من المعاناة فوق ما فيهم من صعوبات لإكمال المخطط وتنفيذ سياسات اقليمية مشبوهة على شعبهم الاعزل.
موقف الحكومة الكردية: الموقف الرسمي للحكومة الكردية كان موقفاً خيانيا قبل وبعد الكارثة حيث لم تسمح للايزيديين بالدفاع عن انفسهم وكذلك لم تحرك ساكنا لمساعدة النازحين مما تركت نقطة سوداء في تاريخهم السياسي بالاضافة الى نقض الوعود بعدم تقديم المسئولين عن الكارثة الى العدالة. وأن المتابع يرى بوضوع بأنهم لازالوا مستمرين على نفس الموقف الخياني من حيث حجب الفرص عن الايزيديين وارسال الوفود التي تحاول تحريف القضية التي اخذت بعدا عالمياً، وتسويف عمليات تحرير سنجار، وتشويه الحقائق عن المقابر الجماعية، شكاوى النازحين عن الوضع الماساوي في المخيمات، كتم الافواه واعتقال النشطاء المدنيين، تشتيت اية محاولة لالتقاء الايزيديين على معالجة محنتهم والتغيير الديموغرافي في الشيخان والى غير ذلك من العراقيل والصعوبات التي تضعها في عجلة التحسن في الوضع الايزيدي. وأن (تحرير) سنجار لم يكن اكثر من دعاية سياسية لانقاذ ماء الوجه، وتغطية لسحب اخوتهم في قرية القابوسية بعد ان قام العديد منهم بنفس ماقامت به عناصر داعش الاجرامية.
موقف حكومة بغداد:  اتسم موقف حكومة بغداد بنفس الموقف الرسمي لحكومة الاقليم بحيث لم تقم بواجبها الرسمي والانساني تجاه محنة الايزيديين وخاصة الموقف من تقديم ملف الابادة الجماعية للمحكمة الجنائية الدولية وهو موقف يتسم بنفس الموقف الخياني التي تصرفت بها حكومة الاقليم.
دور الايزيديين في العالم: على الرغم من العراقيل والصعوبات والاختلاف في المواقف، ولكن من الحق أن نشيد بموقف الايزيديون حول العالم عندما هبوا ولبوا نداء المعاناة بنشاطات لا مثيل لها لايصال صوت وحقيقة محنة ومعاناة الايزيديين الى المجتمع الدولي وجهات القرار السياسي كل من جانبه لما قاموا به من مظاهرات واحتجاجات واعتصامات وحشود وجمع المبالغ المالية وارسال المساعدات الانسانية والطبية العاجلة وارسال الوفود الى جنيف وبروكسل ونيويورك وبرلين وباريس ولندن وغيرها مما كان لتلك النشاطات الاثر الواضح في تنوير العالم بهول كارثة الايزيديين وخاصة ما طال النساء والاطفال بعد السبي والاغتصاب وتفريق العوائل وما الى ذلك من الموبقات.
دور المجتمع الدولي: هنا يجب ان نشيد بموقف برلمانات وحكومات بعض الدول ودور المجتمع الانساني الذي وقف الى حد كبير موقفا يعتبر مشرفا من هذه المحنة منذ الايام الاولى من حيث الدعم المالي للنازحين (الذي للاسف لم يستفد منها النازحين وانما تصرفت بها الحكومة الكردية وكان ذلك حلقة من حلقات الخيانة). كما أن المنظمات الانسانية والشخصيات الميسورة والاعلام والبرلمانات والحكومات التي لم تقصر هي الاخرى في دعم ومساندة محنة الايزيديين في جميع المحافل. كما يجب علينا تقدير موقف رؤساء الدول والحكومات وكذلك الاصدقاء والشخصيات ووسائل الاعلام الذين ساندوا القضية في المحافل الدولية بمواقفهم المشرفة بالكلمة الحقة والدعم اللوجستي والاسناد السياسي.
دور قوات حماية ايزيدخان: إن مجرد تسمية هذا التشكيل بهذا الاسم هو بادرة مميزة لمستقبل النهضة الايزيدية ونظرتها نحو المستقبل لأن القوة العسكرية هي الأساس لكل أمل مستقبلي حيث لا وجود للحق بدون قوة تدعمه (لا ن الحقوق تؤخذ ولا تهب). لذلك فإن دعم هذا التشكيل ومساندته بالمال والدماء هو النقطة المضيئة التي يمكنها ان تشع لتنير الطريق امام الاجيال وهي الركيزة الاساسية لخلق اصدقاء جديرين لأنكم رابضين في خطوط المواجهة مع عناصر الجريمة بدون رواتب وبامكانيات بسيطة لا تتساوى مع قوة  العناصر الارهابية المادية والعسكرية ولكن الايمان الذي يسري في عروقكم ودفاعكم عن مقدساتكم التي تتمثل في الارض والجبل الاشم هي القوة الحقيقية التي تستمدون منها عزيمتكم وبالتالي انكم الاهل والافضل للفوز في النهاية.
دور العائدات من الاسر في فضح التنظيم الارهابي: لقد كان للرسائل التي جاءت بها القديسات العائدات من الاسر ودور تلك الشهادات الحية في فضح هذا التنظيم الارهابي الهمجي عن طريق تسجيل مقاطع الفيديو والصور والمقابلات لحالات ماساوية وتاثير تلك المواقف على المتلقي من المنظمات الانسانية وبالاخص الجولات المكوكية للقديسة نادية مراد ومجموعة اخرى من الناجيات في المحافل الدولية ونشرهم لتلك الشهادات لما كانت تحمل من معاني بليغة في وحشية هذا التنظيم أثناء تعامله مع الاسرى وخاصة القاصرات والاطفال بعد تفريقهم عن عوائلهم وتدريبهم في معسكرات لكي يتم تدريبهم وتأهيلهم ليصبحوا ارهابيين في المستقبل. لذلك كله استمرت الحملة في طريقها الصحيح بعد أن تعهد القائمين عليها وخاصة منظمة يزدا ومبادرة الايزيديين حول العالم بالمضي قدما مهما كانت الصعوبات لإزالة العراقيل التي وقفت في طريقهم لتحقيق المطلب الايزيدي الاساسي في نيل الحقوق المدنية من خلال الاعتراف بالقضية الايزيدية على انها جينوسايد وابادة جماعية بحقم. وعلى اساس ما تم ذكره اعلاه وحاجتنا الماسة الى التعاون الجدي، نرى بأن ادامة النقاط ادناه لها اهميتها لمستقبل اجيالنا املين ان تحظى بعناية المهتمين في الشان الايزيدي وبخاصة الشباب.
1.   ادامة دعم ومساندة الحملة التي تقودها القديسة نادية مراد بقيادة يزدا عالميا دون توقف،
2.   اطلاق مشروع دراسة متكاملة عن الاسباب والمسببات والتداعيات لما حصل من النواحي التدميرية والقتل والاسر والسبي والخسائر المادية والاقتصادية وما الى ذلك. هنا وكما وضحت فيما سبق فإن التشكيلات او المجالس أو المجموعات المنفردة هنا وهناك لا تقود الا لمزيد من بعثرة في الجهود. لذلك وكما اقولها دائما فإنني ارى بان الدعوة لاقامة مؤتمر موحّد تصدر عنه لجان معترفة تقود النشاط الايزيدي على شكل لوبي مدني- سياسي هو السبيل الوحيد لانقاذ ما يمكن انقاذه.
3.   ادارة نشاطات متواصلة من 3/8 ولغاية 15/8 بدون توقف عبر برنامج مدروس في جميع مدن العالم التي يوجد فيها تواجد ايزيدي.
4.   تسليط الضوء الكافي على الوضع الانساني في المخيمات من حيث الوضع الصحي والنفسي والتعليمي وغيره.
5.   عدم التاكيد على موضوع سنجار فقط بينما لا تقل مسالة بعشيقة وبحزاني خطورة عن سنجار. مع التركيز على الوضع القائم في الشيخان من تغيير شامل في هيكيليتها الديمغرافية.
6.   دعم ومساندة قوة حماية ايزيدخان بكل الوسائل لكي تصبح قوة ايزيدية حقيقية لمواجهة قوة الارهاب ولكي تصبح نواة لتشكيل قوة ايزيدية حقيقية على الارض لحماية مقدساتنا واراضينا ومستقبلنا.


علي سيدو رشو
المانيا في 14/7/2016   

57
كلمة السيد عيدان برير في مؤتمر «الشبكة الدولية لعلماء وباحثي الإبادة الجماعية» (INoGS) الذي عقد في الجامعة العبرية في القدس في 27/6/2016
شكراً سيدة صالح، كما اشكر البروفسور احسان. لقد طلب مني منظمي المؤتمر تحضير هذه الكلمة بناءً على بعض نشاطاتي والتي هي نشاطات إنسانية واغاثية وحتى سياسية قبل ان تكون أكاديمية مع انها شملت أبعاداً اكاديمية أيضاً. ما أفرحني كثيراً هو أنه في بعض الأحيان خلال السنتين الأخيرتين لم أكن أتوقغ أن يبقى لديّ ما يكفي من الوقت للقيام بالكتابة الأكاديمية. وهنا سأحاول ان اشير الى بعض النقاط من زوايا تختلف بعض الشيء عمّا سمعتم من زملائي والتي تستنتج إلى حد بعيد الكثير من عملي مع الايزيديين في السنتين الأخيرتين، أو بالأحرى من أعمالي مع الايزيدية على مدى السنوات العشرة الاخيرة قبل الهجوم الأخير على شنكال.
أحاول ان أركز على بعض ما قمت به في رسالة الماجستير حول الايزيدية والتي ركزتُ فيها على الايزيديين في دول المهجر وخاصة في المانيا والسويد وبشكل خاصّ في المانيا التي هجر اليها مجموعات كبيرة وخاصة بعد السنتين الاخيرتين بعد هجوم داعش عليهم. للأسف لا توجد لدينا احصائيات دقيقة عن عددهم في المانيا ولكن في الغالب فان عددهم قد يتراوح ما بين 120-140 ألف نسمة، بينما قبل شهر آب 2014 كان هناك أقل من 100 ألف أيزيدياً بقليل. لقد حاولت ان أركز على الجانب الايديولوجي والسياسي لتلك المجموعات التي هاجرت الى دول المهجر، حيث حاولت هذه المجموعات في منتصف التسعينات على تنظم نفسها وخاصة بعد الاقتتال الكردي - الكردي وبالتالي عودة قوات نظام صدام حسين إلى كردستان. فعندما هاجرت مجموعات من المثقفين الايزيديين الى المانيا وشكلوا ما يسمى „الحركة الثقافية الايزيدية“، التي قامت ببعض النشاطات وصدرت بعض المجلات والدوريات التي طبعت في المانيا. حاولت هذه المجموعة من خلال نشاطاتها أن توحّد الخطاب الايزيدي بسرد تاريخي يشابه الى حد بعيد ما سمعناه من البروفسور احسان من عملية تكوين سرد تاريخي من قبل الحركة القومية الكردية في العراق. والسرد التاريخي الايزيدي يروي ان في كل جيل ايزيدي تحصل مجازر واستهداف للايزيديين اينما كانوا فقط لكونهم ايزيديين، سواء من قبل الدولة العثمانية او الحكومات العراقية او من المحيطين بهم، واخيرا من قبل المجموعات الجهادية الراديكالية وتنظيم داعش الإرهابي بانه ليس الأول من بينها في استهداف الايزيديين. وأستطيع أن أقول باني وجدت تقارباً وتشابهاً تاريخياً كبيراً بين السرد التاريخي الايزيدي وبين السرد التاريخي اليهودي. وهنا اريد ان أذكر سلسلة الأحداث التي طرأت على الايزيدية على أيدي تنظيم القاعدة الارهابي بدءاً في شباط ونيسان والى شهر آب/أغسطس عام 2007. هذا السرد التاريخي الايزيدي يتحدث عن 74 فرماناً او حملات إبادة جماعية (الجينوسايد)، وأن أحداث 2007 والإبادة الأخيرة في شنكال هي مجرد الأخيرة في سلسلة هذه الإبادات المستمرة.
فبعد الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003 والتغيير الكامل والشامل في السياسة العراقية والكردية، حاول التيار الأيديولوجي الانفصالي الايزيدي المذكور أعلاه تشكيل كيان سياسي تحت اسم «الحركة الايزيدية من اجل الاصلاح والتقدم» لتحصل على بعض المقاعد في المجلس المحلي في نينوى في عامي 2005 و2009 حيث انها بقت مهمشة كردياً وايزيدياً إلى حد بعيد. وعلى اي حال فانه بعد احداث آب/ أغسطس 2014، تحول هذا التيار الأيديولوجي الايزيدي بشكل سريع من تيار سياسي هامشي الى العامل الرئيسي في تشكيل الهوية الايزيدية وغيرت مجرى الاحداث للايزيديين حيث ترسخت افكار وتوجهات تقول بان الايزيديين ليسوا كرداً وكذلك ليسوا هم بالعرب، بل أن الايزيدية مجموعة اثنية دينية – لغوية مستقلة. الان وبعد احتلال شنكال برزت الدعوات بهذا الاتجاه بشكل أكثر وضوحاً وهذا أحدث مشاكل كثيرة بين الايزيديين والكرد، وكذلك بين الايزيديين وبعض الاقليات الاخرى وخاصة الاشوريين في بداية الامر، ولكنها قد خفت الان فيما بينهم بالرغم من وجود بعض التوترات بين مجموعات ايزيدية بسبب هذا العامل. والمهم بالنسبة لي هو ان هذه الدعوة لم تكن من الجهات السياسية الايزيدية، ولكنني عرفت عن الكثيرين من الايزيديين الذين يقولون بهذا الاتجاه بأنهم ليسوا كرداً وانهم كذلك ليسوا بعرب وانما هم ايزيديون فقط مهما كانت تعني بالرغم من انها تعني الكثير للكثيرين. فما زال هناك من يرى نفسه بانه كردي، وهناك الاخر الذي يرى بانه يتكلم الكردية فقط، واخرين يرون أنفسهم بأنهم ايزيديون. ولكن مهما يكن الامر فإن غالبيتهم يعتبرون أنفسهم ايزيديون بالمقام الاول.
هنا اود ان اشير الى بعض الخطوط العامة عن بعض التصورات لهؤلاء الايزيديين، كيف يرون أنفسهم بأنهم ايزيديون قبل ان يكونوا كرداً او عرباً او أي أيديولوجية أو انتماء اثني او لغوي او عرقي آخر وانما فُرض عليهم ما هم فيه كأمر واقع. هؤلاء الايزيديين يرون بان الابادة الجماعية في شنكال هي عملية مستمرة وأن الجينوسايد بحق الايزيديين ليس وليد هذه الايام أو الاسابيع وانما هو استمرار لعوامل شتى وآتِ من مجموعات وجهات بعضهم يحسبون من المفروضين على انهم أقرب الناس الى الايزيديين. لذلك فانه بداية وكما هو مهم بالنسبة لي كصديق للايزيديين فإنني سأبدأ بالسلطات الكردية في شمال العراق. وهنا اعتذر من البروفسور احسان واقول بان العلاقة فيما بين النازحين الايزيديين والسلطات الكردية قد تعقدت بشكل كبير جداً وباتت تتضمن العديد من القضايا التي تخصّ الهوية واخرى تتعلق بالماضي وغيرها. واحدى الحوافز المركزية لهذا التوتر هو نشاط مجموعات مستقلة من الناشطين الايزيديين الشباب كما هو الحال مع «يزدا» أو «مبادرة الايزيديين حول العالم» او بعض المجموعات التي تمثل الايزيديين في كردستان العراق. هذه العلاقات الفاترة بين السلطات الكردية والايزيديين كانت قد بدأت بينهم بأسابيع قبل هجوم داعش على شنكال في الثالث من اب 2014.
لقد بدأت مجموعات من الايزيديين في جنوب جبل شنكال وتحديداً من مجمّعي سيبا شيخ خدر وكر عزير التي تبعدان حوالي 20 الى 25 كم جنوب جبل شنكال بمطالبة البيشمركة بالحصول على الاسلحة كي يدافعوا عن أنفسهم من هجوم داعش. ولقد كان داعش قد أعلن قبل ذلك بثلاثة اسابيع باننا بعد شهر رمضان سنغزو شنكال ونقتل الايزيديين «الكفار»، وبذلك فإن شنكال كانت على موعد مع داعش بعد شهر رمضان حسب ما أعلنوا هم. هنا منعت القوات الكردية الايزيديين من تسليح أنفسهم مدعين بان البيشمركة ستدافع عنهم لآخر قطرة دم. وفي صباح يوم الثالث من اب 2014 عندما بدأ الغزو الداعشي، انسحبت البيشمركة التي كانت تقدر 4000 الى 5000 مقاتل، وعندما وصل داعش الى حافات جبل شنكال لم يجدوا مقاومة من البيشمركة كما كانوا يعدون الايزيديين بانهم سيقاتلون من أجل الدفاع عنهم لأخر قطرة دم. هذه الخديعة أُعتبِرت من جانب الايزيديين بانها خيانة كبرى لأن الكرد يقولون بان الايزيديين يعتبرون اكراداً اقحاحاً من الناحية الاثنية حيث هناك قول مشهور للسيد مسعود برزاني رئيس اقليم كردستان العراق (إن لم يكن الايزيديين كرداً، فليس هناك وجود للكرد)، وكيلا اترجم الجملة بشكل خاطئ فإن القول هو: (إن لم يكن الايزيديين أكراداً فليس هناك شعب يسمى الكرد). وبعد سنوات من الوعود بان البيشمركة ستدافع عن الايزيديين، وبعد ان وعدوهم بان الايزيديين كأخوة لهم وشركاء لهم في المصير، وجد الايزيديون بان البيشمركة قد خانوهم.
المفاجأة بالنسبة للايزيديين هي أنه بعد خيانة البيشمركة لهم وجدوا أنفسهم بأنه تم انقاذهم من قبل مجموعات كردية أخرى أوصلتهم الى كردستان العراق. وبعد ان اقترفت المجازر بحقهم من قبل داعش حيث كانوا على مقربة من انهم في مأمن من القتل بعد 3 او 4 اسابيع على جبل شنكال ليلاقوا مجدداً مَن خانوهم في كردستان العراق وهذه المرة وجدوا أنفسهم قسراً تحت رحمتهم وحمايتهم. وفي البداية كانت هناك مجموعات كردية رسمية حاولت اخفاء حقيقة ما جرى للايزيديين في شنكال. وانا شخصياً سمعت أحد القياديين الأكراد الذين زاروا اسرائيل العام الماضي وهو يصرح بأن المقابر الجماعية التي تم العثور عليها في شنكال لا تحوي او تتضمن في الغالب ضحايا الايزيديين، وإنما الضحايا هم من قوات البيشمركة الذين استشهدوا في شنكال. هذه التصريحات والتصرفات التي من هذا القبيل من القادة الكرد بالإضافة الى عدم محاسبة المسؤولين عن انسحاب البيشمركة دفع العديد من الايزيديين إلى هذا الابتعاد والانفصال الأيديولوجي. وأن ما تسببّ تعميق هذه الخلافات هو التصرفات الخشنة من قبل السلطات الكردية عندما قامت باعتقال بعض المتظاهرين والنشطاء واعتقال قائد قوة حماية شنكال عندما زار عائلته في زاخو في شهر ابريل 2015، مما أثار فورة الايزيديين عن السلطات الكردية. وبذلك فان هذه الخلافات تعمقت أكثر بعد أشهر من الحادثة وزاد شعور الايزيديين بانه ليس هنالك امل في ايجاد حل لمعضلتهم من جانب الكرد، مما جعلهم يشعرون بأن عمليات الإبادة لازالت مستمرة بحقهم. وكما وعدت في بداية كلمتي بأنني سوف اشير الى بعض الجوانب المهمة بخصوص الشعور باستمرارية الإبادة ومنها:
1.   المقابر الجماعية في شنكال: لقد تم لحد الان العثور على 30 مقبرة جماعية في شنكال تحوي عظام بضعة آلاف من ضحايا مجازر داعش بحق الايزيديين في شنكال. وبعد تحرير شنكال من قبل البيشمركة بمرحلتين الأولى في شهر كانون الثاني عام 2014 والثانية في تشرين الثاني عام 2015، فإن هذه المقابر قد اهملت من قبل السلطات الكردية وبالتالي تعرضت الى اعتداءات من الكلاب السائبة والطيور البرية، والقسم الاخر كان مهجوراً ما اعتبروه الايزيديين ازدراءً بالضحايا وبعداً آخراً لاستمرارية الإبادة بحقهم.
2.   قضية المختطفات والمختطفين: لقد سمعتم محاضرة السيدة (كازيوا صالح) عن المخطوفات الايزيديات واوضاعهن ولا أضيف شيئاً على ما قالته الا بالإشارة إلى أن قضية المخطوفين لا تقتصر على النساء المخطوفات فحسب: هناك أكثر من 3300 امرأة وطفلاً ايزيدياً مختطف، حيث تم فصل الاطفال عن امهاتهم وإرسالهم الى مخيمات التدريب الجهادي لداعش في كل من الموصل والرقة في سوريا. هؤلاء الاطفال فقدوا هويتهم بشكل نهائي. فقدوا لغتهم الأم حيث ليس باستطاعتهم التحدث بالكردية بعد تحريرهم او شرائهم احياناً. تعوّدوا على التصرفات العدوانية من خلال الشواهد وهم يلعبون بالسكاكين إلى درجة أنهم يشكلون خطراً على مَن هم مِن حولهم ويتكلمون العربية فقط. يواجه المجتمع الايزيدي حالياً صعوبات فريدة من نوعها ويعيشون تداعيات الإبادة والصدمة الناجمة عنها بشكل يومي.
3.   موضوع الثقافة والتعليم: ففي المخيمات ليس هناك ممن يقدم ما هو مطلوب تعليمياً من جانب السلطات في بغداد او في اربيل، وكما ذكرت السيدة صالح ان اجيالاً بكاملها في كردستان تعاني من مشاكل التعليم منذ الثمانينات والتسعينات، وبالإضافة الى فقدان طفولتهم فيما بعد الإبادة نجد في هذه الايام بان الاجيال الجديدة من الايزيديين قد فقدوا فرصتهم في التعليم حيث لا توجد مدارس نظامية وأحياناً لديهم مدارس في المخيمات لا ترقى الى مستوى المدارس النظامية بالإضافة الى المشاكل الصحية وانهيار البنية التحتية في تلك المخيمات. قد يكون هذا الإهمال ناتج عن الازمة الاقتصادية التي تمران بها حكومتي بغداد واربيل وانه لا يمكننا ان نتهم أحدا ولكن من وجهة نظر الايزيديين فانها طريقة اخرى في استمرار إبادتهم وتقصيراً في إعادة تأهيل المجتمع الايزيدي بعد الإبادة.
4.   الإهمال من المجتمع الدولي: فالايزيديين كانوا يتوقعون الكثير من المجتمع الدولي ليتدخل ليس فقط من الجو كما كان عليه الأمر في البداية في شنكال، وانما توقعوا من الولايات المتحدة والامم المتحدة ليتدخلوا وينهوا محنتهم. ولكن عندما شعروا بهذا الإهمال وبانهم يواجهون الكارثة لحالهم، فإن ذلك دفع الكثيرين من الايزيديين الى الانفصال، وهم الان يعتبرون أنفسهم بانهم ناس من غير اصدقاء وانما يبحثون عن أية وسيلة وأي انسان او أية جهة صديقة لتقديم الدعم الخارجي والتدخل لإنقاذ بقايا المختطفين والمختطفات، ولكنهم تدريجيا بدأوا يفقدون الامل في الحصول على المساعدة المطلوبة من اي طرف كان. وهنا سوف انهي حديثي عن استمرار الابادة بحق الايزيديين وسوف افتح لكم الان باب النقاش.

عيدان برير في 27/6/2016
الترجمة عن الإنكليزية : علي سيدو رشو
واليكم تسجيل الكلمة باللغة الانكليزية: https://www.facebook.com/l.php?u=https%3A%2F%2Fdrive.google.com%2Ffile%2Fd%2F0B0VVoQyTPtBDRUJNazZzNVA3Tkk%2Fview%3Fusp%3Dembed_facebook&h=uAQED79Ca&s=1


58
وماذا بعد تصريح القيادية جنار سعد!!!!
لم استغرب من أن يخرج/تخرج علينا قيادي/ة في الحزب الديمقراطي الكردستاني لتكملة المشوار الذي بدأ به سياسيو هذا الحزب منذ 2003 ولغاية اليوم وهو مستمر فيه على قدم وساق بدون توقف. ولم استغرب من ثقافة عشائرية لا تتعدى رؤيتها ارنبة الاذن عندما تتحدث وتفسر واقعة قل نظيرها في التاريخ من الوحشية لكي تبسطها بهذه الرؤية المتخلفة وخاصة من سيدة قد تبوأت مراكز قيادية في ذلك الحزب وبالاخص وزيرة للشهداء والمؤنفلين. ولا استغرب من هذا القول أيضا لأن السيدة جنار كشفت عن حقيقة تتبادلها تلك القيادات فيما بينها وأن ما خرج على لسانها هو ما تتداوله قياداتها فيما بينهم، وبه يحمّلون الايزيديين منية خيانتهم لما اقترفت ايديهم نتيجة هذه الابادة.
الا بئس هذا التفكير الساذج. قد لا أضيف الكثير على ما سبقنا العزيز محمود ماردين من كلام من ذهب في شرح مركّز لدور المراة الايزيدية في التاريخ مع تقدير عميق لكل من ابدى رايه بشكل هادف ومعبر. ولو كان هناك اعلاما مفتوحا كما هو اليوم  كتب في حينه عندما تعرضت العفيفات الايزيديات الى المهانة انذاك، لما تجرأت السيدة بالتفوه بمثل هذه التصريحات وهي تمثل حزب سياسي وللايزيديين فضل عليه وعليها وهي بذلك تقطف ثمار ذلك الفضل وبه تبوأت ذلك المنصب. فيذكر تاريخنا المأساوي بأن مجموعة من العفيفات الايزيديات عقدن ظفائرهن بالبعض ورمين انفسهن في احدى برك الماء في محيط منطقة ديار بكر وفضلن الموت على الوقوع اسرى بايدي وحوش مما هم على شاكلة اجداد السيدة جنار سعد. ولكي يعلم العالم اكثر فإن والد جنار كان ضحية الارهاب عندما قتل ضمن مجموعة سامي عبدالرحمن في هجوم ارهابي بمناسبة عيد الاضحى انذاك في اربيل ديسمبر 2003 وكون والدها سعد عبدالله ضحية ذلك التفجير، فإن للارهاب فضل كبير عليها لأنها اصبحت وزيرة ثم قيادية في ذلك الحزب. وبعد كل ذلك تحسد الايزيديين على محنتهم وتقول بان وضعهم تحسن وان حالهم بدأ افضل من ذي قبل.
هنا لم تأتِ السيدة جنار بما هو جديد، حيث تصير الهوينا على خطى قيادتها عندما خانت الامانة الانسانية والتاريخية واعطت الاوامر لعساكرها بالانسحاب وسببوا لنا تلك المحنة، وةهي تحاول طمس الحقائق. وليس جديدا على الايزيديين خيانة القادة ورجال الدين الكرد عندما اصبحوا ادلاء واصدروا الفتاوى لأسيادهم الطورانيين بالقصاص من الايزيديين. فهم الذين قتلوا الايزيديين الذين دافعوا عن شرف كردستان، حسين بابا شيخ ومحمود ايزيدي خير مثالين على قولنا هذا. فكيف لاتنفث سيدة قد ترضعت من ذلك الحليب سمومها فينا بدلا من أن تقف كسيدة اولا وكمسئولة تبوأت مراكز قيادية ورات محنة ذوي الشهداء بعينها. إنكِ قد أخطأتِ الاختيار واللحظة ايتها المتخلفة.
السيدة الايزيدية اليوم اصبحت عنوانا لرمز كرامة الانسان في العالم، دون العراق، لأن العراق قد تخلى عن شرفه عندما اصبح قادته على هذه الشاكلة. بطولة ورمزية وقدسية السيدة الايزيدية باتت تناقش في المحافل الدولية ومثلا يحتذى به وهذا هو الذي سبّبَ لكِ هذه الهستيريا. السيدة الايزيدية العائدة من الرجس استقبِلت بالحفاوة والهلاهل والاحضان وتبريك اعلى المراجع الايزيدية الدينية والثقافية والعشائرية. السيدة الايزيدية ستعيد عافيتها وستحافط  بنضالهاعلى صون كرامة من هم من شاكلتكِ في قادم الايام. السيدة الايزيدية قتلت الدواعش، واحرقت انفسها، وانتحرت بشتى الاساليب، وواصلت الليل بالنهار سيرا على الاقدام تخلصا من ظلم الهمج في الوقت الذي كان ذلك مستحيلا على الرجال القيام به لكي تنقل محنتها بأمانة وتقول للعالم، هذا هو الظلم الذي تعرضنا له على ايدي عناصر دولة الخلافة الاسلامية وقالت للعالم انقذوا النساء والاطفال من الشر ولم يطلبوا الرحمة للايزيديين فقط وانما قلن بان داعش خطر يهدد البشرية جمعاء. ولتسال السيدة جنار عن سبب الانغلاق الذي تعرضت له السيدة الايزيدية: اليس بسبب وجودنا بين اهلها ممن يفكرون على شاكلتها بهذا الفكر الرجعي؟ واليكم نموذج لحقوق المرأة في كردستان الجديد.
(وهذه احصائية شهر نيسان/2014 لضحايا العنف لنساء كردستان:  218 حالة عنف ضد المرأة في إقليم كردستان.
كشفت مديرية مواجهة العنف ضد المرأة بحكومة إقليم كردستان عن إحصائيتها الشهرية لحالات العنف ضد المرأة خلال شهر أبريل (نيسان). وبلغت الحصيلة 218 حالة انتهاك تلقت المديرية شكاوى بشأنها، وتتوزع على حالات القتل، والانتحار حرقا، وممارسة العنف والتعذيب، والتحرش الجنسي. وتتوزع الشكاوى المقدمة إلى المديرية كما يلي: 72 شكوى في أربيل، و71 في السليمانية، و58 في دهوك، و17 في منطقة كرميان. وأشارت الإحصائيات التي نشرت بموقع وزارة الداخلية بحكومة الإقليم إلى أن «مديرية مواجهة العنف ضد المرأة، وهي إحدى الدوائر المرتبطة بوزارة الداخلية، وثقت 10 حالات انتحار حرقا، و13 حالة إصابات بحروق، وهي حالات مشكوك في أنها محاولات للانتحار أيضا، مع حالة واحدة للقتل، إلى جانب 18 حالة تعذيب جسدي في محافظة أربيل، و59 حالة في السليمانية، و13 حالة في منطقة كرميان».   جريدة الشرق الاوسط / شيرزاد شيخاني).
وبشأن موضوع ختان الاناث في كردستان : السليمانية/ خالد النجار في 14/2/2012
تناولنا في عدد سابق من العام المنصرم موضوع (ختان البنات) في كردستان العراق ومخاطره الاجتماعية والنفسية على البنات، إذ يعد نوعا من العنف الاسري ضدهن، وقد اظهر مسح اجري مطلع العام الحالي وقامت به وزارة حقوق الانسان في كردستان، ان نحو 40 في المائة من الفتيات والنساء في منطقة جمجمال الواقعة بين مدينتي كركوك والسليمانية تعرضن للختان، وهذا ما اكدته دراسة أجرتها جمعية (وادي اهلية ألمانية- عراقية مشتركة)، تناولت منطقة ممتدة من مدينة أربيل الى مدينتي السليمانية وكركوك، أظهرت أن نسبة الاناث اللواتي تعرضن للختان تصل الى 70 في المئة، مع وصول تلك النسبة الى 100% في بعض المناطق.
لذلك نقول للسيدة جنار بأن كان من الاجدر بكِ أن تقومي بدوركِ في مقاومة هذه الافعال الشنيعة لنساء كردستان لكي لا يتم التعريف بهن دوليا هكذا، بينما سيداتنا يتجولن بشموخ في المحافل الدولية وتتهافت القيادات ومراكز الاعلام العالمية لمجرد التقاط الصور معهن تثمينا وتبريكا بنضالهن. نحن نفهم هذه المسرحيات التي تخرج شخصياتها بين فترة واخرى في كردستان على ايدي مخرجين فاشلين. ونفهم ما يجري من اعداد لفتيات في المانيا وجنيف وبروكسل وشتراسبورغ وامريكا، واخرها كان يوم أول امس 19/6/2016 في فرانكفورت اثناء مؤتمر الجمعية الكردية الاسرائيلية عندما رفضت سيدتان ايزيديتان الادلاء تحت الضغط بشهادتهن لصالح الخونة محاولة منهم لطمس الحقيقة باي ثمن كان. فلا يمر الامر بعد اليوم بالسهولة التي تتوقعونها، ولن يقف قطار القضية الايزيدية عن السير مهما حاولت قوى الشرك والظلام بوضع العصي لايقافها. فلو راح 100 محما خليل، ولو راح الف سيدو جتو، ولو تم تجنيد مليون مهرج، لم يعد بامكانية احد تغطية الشمس بغربال.
على السيدة جنار أن ترفع القبعة للمرحوم لصدام حسين الذي عرّف العالم بشعبها عندما استخدم الغازات السامة في حلبجة وعندها بكينا دما بدلا من الدموع على شعب اعزل تعرض لإبادة جماعية. وعليها ان ترفع التحية للارهابي الذي غدر بوالدها لانه كان له الفضل في الحصول على المنصب الذي هي فيه الان. فهل من الاخلاق أن يتشفى الاصدقاء بمحنة من ساندوهم في ايام النضال السلبي؟ وهل نسيتم ذلك أم نعيدها لاذهانكم من باب لعل الذكرى تنفع؟
   علي سيدو رشو
المانيا في 21/6/2016

59

وجهة نظر للمناقشة!!!!!!
منذ فترة تراودني فكرة في أن ننبه شعبنا على ضرورة ان يحدد موقفه ليتعرف على حقيقته. اليوم نكتب لكم ايتها السيدات وايها السادة بهذه الكلمات البسيطة ونطلب منكم مناقشة امر غاية في الاهمية لكي يتعرف الشعب الايزيدي على فهم حقيقته الا وهي:
هل الايزيديين والايزيدياتي شعب له مقومات ام فقط ديانة؟ في هذه المفارقة اعرض على حضراتكم هذا السؤال الذي يحدد ويفرز الكثير من اللغط والخلط مما يقال او مما يٌمِّكن الاخر من استغلال الايزيديين، تارة بانهم فقط ديانة وتارة اخرى ديانة وقومية وثالثة بانهم شعب قائم بذاته له تاريخ وجغرافية وتراث وعادات وتقاليد مستقلة عن بقية الشعوب سوى في المشتركات العامة التي هي حال بقية الشعوب والاقوام التي تاخذ من بعضها البعض بحكم الجيرة والاختلاط مع الحفاظ على الجوهر. هل يجوز ان نستمر في تسميتنا بالكرد الايزيديين؟ هل يجوز اطلاق مصطلح تسمية مزدوج بمفهومين مختلفين على قوم واحد؟ كيف يمكن ان نعرّف ونقدم نفسنا للاخر لكي يفهم حقيقتنا؟ كيف لنا ان نطالب بحقوقنا تحت التسميات المزدوجة؟
هذا وقد تدور في الاذهان الكثير من الاسئلة الاخرى التي تخص نفس الموضوع وتربك الايزيدي البسيط بحيث لا يعرف ماهو واين استقر الدهر باصله. ومع تمنياتنا للجميع بالخير نتمنى منكم ان تتم مناقشة الامر على اوسع نطاق وعدم الاكتفاء بالاعجاب وانما المشاركة بالرأي، وتجنب الطعن في الاخر والابقاء في حقل مناقشة روح الفكرة وعدم الخروج عنها. وشكرا

علي سيدو رشو
alirasho@yahoo.de


60
محطات مضيئة في مسيرة الشعب الايزيدي يجب الوقوف عليها
في كل مرحلة وفي كل فترة تظهر مفاجآة : منها سارة ومفرحة تشرح القلب واخرى تعبر عن الشؤم والحزن وربما أخرى تخبيء مالم نتوقعها. ففي الفترة الاخيرة برزت على مستوى قضية الايزيديين معالم تستحق الوقوف عليها وابرازها كمثابات يعتد بها في مسيرة تلكأت في الكثير من محطات حياتها. وأن الذي يشرح القلب ويسر الضمير هو أن هذه المثابات كانت نظيفة وخالية من التاثيرات السياسية البغيضة التي تقف في المرصاد لكل نهضة اجتماعية يحاول الشعب الايزيدي تطويره نحو الافضل. ومن نافلة القول الاستشهاد ببعض تلك الشخصيات والمواقف التي سيكتب التاريخ لهم بكل فخر إن بقوا على نهجهم الحالي، ومنهم:
نادية مراد، القديسة الطاهرة التي جابت العالم بطوله وعرضه وعمقه وافاقه لكي تستصرخ الضمير العالمي وايقاضه من غفوته لعل العالم يلتفت لمعاناة فئة من البشر عانت على مر الدهر، وحملت رسالة فحواها "أيها العالم المتمدن لا تخضع للابتزاز، بل انهض لنصرة الفئات المظلومة/ المراة والطفولة والشعوب الاصيلة". فلم تكن رسالة نادية هي رسالة ايزيدية بقدر ماهي رسالة انسانية لنصرة المظلومين تحت ظلم الكفر والعهر ووحشية الانسان تحت مسميات مختلفة فصلوها خصيصا لرغباتهم الشخصية. هذه الموبقات التي اقترفت باسم الدين مدعومة بايات قرانية مسنودة لا غبار عليها لم تكن مجرد تعليمات لمجموعات بشرية وانما فكر مسنود من العديد من المنظمات والشخصيات والحكومات لتنفيذ حكم (الله) على البشر جاعلين من انفسهم وكلاء الله على الارض زورا وبهتاناً. فبرزت نادية مراد لتضع نقاط الحقيقة على حروفهم المنحرفة وتجعل منهم مادة استهلاكية ووضعهم في حرج لا يغتفر وبالتالي نشر رسالة فحواها المحبة والانسانية محل الكره والعدوانية. فلكِ من كل الشعب الايزيدي كل الاحترام والتقدير والاستمرار على هذا النهج السليم، وما ترشيحها لجائزة نوبل للسلام الا ثمرة من ذلك النضال الذي انبثق من رحم معاناتها بايدي تلك الوحوش وتقديرا لنشرها رسالة السلام التي حملتها على اكتافها النحيلة، عندما جعلت من نفسها ضحية لتشرح من خلاله للعالم كيف هي العبودية الان في عصر كان يجب ان لا يحصل فيه مثل هذه الانتهاكات.
نارين شمو، الناشطة الايزيدية التي وهبت حياتها قربانا لنصرة قضية الشعب الايزيدي من خلال مواصلتها المستمرة في نقل معاناة الفتيات والاطفال الايزيديين الذين تحرروا بقدراتهم الشخصية وامكانيات ذويهم الذاتية لتستقبلهم وتواسيهم في محنتهم وتشاركهم المأساة لتصبح في الاخير شريكتهم في التضحية بقدر ما عانت بعدما رأت مما عانوا من ماسي على ايدي المجرمين. ولكونها لم تخضع للابتزاز وهي تجوب مؤتمرات جنيف وبجولات مكوكية لتنقل رسالة شعب عاني ما لم يشهده غيرهم على مر التاريخ. وان ورود اسمها ضمن المائة شخصيات نسوية على مستوى العالم هو بطاقة شرف يحملها كل ايزيدي شريف وكل سيدة وفتاة ايزيدية تحررت او ما زالت تعاني في الاسر.
أبو شجاع الدنايي، هذا الانسان الذي ولد من رحم معاناة شعبه عندما اصبح شاهدا على عصر المجرمين وفصولهم في الجريمة بحق شعب اعزل مسالم وبالتالي استثمر امكانياته الشخصية مع فريق العمل الذي رافقه للذود عن شرف اطهر المخلوقات عندما وقعوا اسرى بيد المجرمين حيث نذر نفسه وعرّض حياته وحياة اسرته لمختلف المخاطر غير مبالياً بما سيحصل له ولاطفاله في المستقبل متحديا كل ذلك بالصبر والايمان مستمدا قوته من ايمانه بانه لم يحصل من مآسي مثلما حصل لشعبه الايزيدي في التاريخ الحديث.
يزدا وفريق العمل، هؤلاء الجنود المجهولون الداعمين لقضية الشعب الايزيدي بمختلف الوسائل وهم مجموعة من الطلبة والشباب الواعي الذين يصرفون من اموالهم الخاصة منطلقين من ايمانهم بأن مأساة شعبهم تستحق منهم اكثر مما يقومون به لأنها فاقت التصورات، وهم لايملكون اكثر من حد الكفاف ولكنهم حملوا قضية شعب كامل على كاهلهم. هذه المنظمة إن بقت على استقلاليتها ووثقت علاقاتها مع الشباب الواعي وتجنبت الدخول في المتاهات السياسية والايديولوجية، فإنها ستجد الالاف من العناصر الشابة التي تسندها بكل الامكانيات وستصبح قوة لها اعتبار خاص بعد أن فشلت جميع المساعي التي سبقتهم وان اسباب فشل جميع تلك المحاولات واضحة لا تحتاج الكثير من العناء.
مبادرة ايزيديون عبر العالم، هذه المجموعة من الشباب التي حملت على عاتقها الكثير وقامت بمبادرات طيبة بنشر الوعي ومحاولة انشاء فضائية ايزيدية وكذلك القيام بمهمة حفل الزواج الجماعي للشباب الذين عقدوا القران على الفتيات المتحررات من دنس داعش اضافة الى جمع بعض التبرعات والترجمة للمحتاجين والقادمين الجدد وتنظيم المظاهرات ومساعدة المهاجرين عن طريق تشكيل فريق الإنقاذ.
مقاتلي جبل سنجار، الذين نكن لهم كل التبجيل وهم يواصلون الليل بالنهار ضد وحوش العصر ويقاومون مختلف التيارات السياسية التي ابتليت بها سنجار وهم يحاولون تقطيع اوصالها خدمة لمصالحهم السياسية. إن هؤلاء الاشداء الذين صمدوا بوجه الوحشية والهمجية على مدى اكثر من سنة ونصف باسلحتهم الخفيفة لهو دليل حي على حيوية الشعب الايزيدي وامكانياته الكبيرة التي لو استثمرت بشكل سليم لكانت قادرة على ردع الكثير من الماسي التي حلت بهم في السابق.
لا يفوتنا إلا ان نشكر كل انسان او جهة او منظمة مدّت يد المساعدة او خفف عن معاناة او استقبل سيدة ناجية او حرر طفل من محنته او مسح دمعة طفل بريء او قدم قصيدة بالمناسبة. كما لا يسعنا الا ان نتقدم بخالص الشكر للحكومة الالمانية التي استقبلت الاف النساء والاطفال الايزيديات.
إذن ماذا يجب على الجميع الاستنتاج من هذه المحطات المضيئة؟ نقول:
1.   بأن التعاون بين منظمة يزدا والمنظمات الشبابية التي تعمل في الداخل واوربا والعالم وكذلك النشطاء الاخرين العاملين في هذا النحو لهم الضمانة الاكيدة للفوز بما يتمناه الشعب الايزيدي وتحقيق مطالب المنظمة نفسها.
2.   الوقوف على مسافة واحدة من جميع الاطراف الايزيدية بدون تحيز والتواصل معهم في تبادل الافكار والمواقف والاستفادة من اسباب فشل من سبقوهم من المنظمات والشخصيات السياسية الايزيدية.
3.   تجنب الحديث عن الجهات السياسية التي لا تحلب لهم سوى وجع الرأس والتركيز على القضية الايزيدية من الجوانب الانسانية  بالتعاون مع المكونات الاخرى (الشبك والكلدواشوريين وغيرهم).
4.   عدم التوقف او التلكأ عن نشر رسالكهم السمحاء من حيث نشر المقترحات وشرح للمعاناة وطرح الحلول للمشاكل التي يعاني منها النازحين ومقاتلي الجبل بعد أن أستمع العالم ومراكز القرار الدولي الى مضمون رسالتكم مع مواصلة مقابلاتكم الرسمية على اوسع نطاق، ومن ثم التركيز على القضية اكثر من الشهرة ونيل الجوائز. وتقبلوا احترامنا.

علي سيدو رشو
alirasho@yahoo.de   

61
المنبر الحر / خيمنا مفتوحة
« في: 14:28 30/12/2015  »
خيمنا مفتوحة

الكلمة الاخيرة التي قالتها نادية مراد في مقابلتها مع قناة البغدادية وختمت بها حديثها المؤلم (خيمنا مفتوحة). في رأيي لم يكن احد ان يتوقع منها هذه الصاعقة لتصعق بها شيوخ العرب الذين لهم علاقات طيبة مع الايزيديين في السابق لأن نادية بنت اصيلة وعاشت في جو تفهم منه الشيمة العربية التي اعتادت على سماعها من علاقات قريتهم مع جيرانهم وكانت لديها معرفة سابقة بما قالته اجدادها عن القيم العربية الاصيلة وعلى راسها الشيمة في التعامل مع المرأة.
فالصاعقة لم تكن سهلة في معناها لمن يفهم حقيقة ما قالته عندما عبرت بكل احترافية عن شيمة الايزيديين وقالت تفضلوا بان خيمنا مفتوحة لمن يستنجد بنا ولهم الامن والامان كما لو لم يحصل شيء. هكذا هي الأمانة التي بعثت بها نادية الى العالم من خلال رسالتها الانسانية التي ختمت بها مقابلتها التلفزيونية. وهنالك جملة رسائل بعثت بها نادية للعالم أجمع من خلال زيارتها لمصر .
* نادية تكلمت مع كل شريحة التقتها بما هو مطلوب منها ان تتكلم فيه كما هو الحال مع الاعلامي عمرو اديب او في جامعة القاهرة او على فضائية البغدادية بحيث رسمت مع كل لقاء لوحة بريشة فنان بارع في اختيار الكلمات والعبارات والمصطلحات التي كان يجب ان تقال بحيث تعطي الموقف قيمتة الاعتبارية وفي ذات الوقت الحفاظ على التوازن والرزانة المطلوبة بالهدوء والممزوجة بالواثق الخطى والحكيم الوقور.
* نادية بعثت برسائل متنوعة منها، رسالة مهمة للشباب المسلم لكي يتعرف على حقيقة داعش ويتحسب الف مرة قبل اللحاق بهم بعدما اتضحت حقيقتهم من خلال الاستعراض المنطقي المتسلسل للوقائع بحيث نبهت الشارع الاسلامي على خطورة التعامل مع عناصر الجريمة وكيف يجب على الشباب ان يهتموا بمستقبلهم بدلا من الانخراط في جلب الخراب لمستقبل اوطانهم.
* نادية وضحت للشارع الاسلامي خطورة فكر داعش على مستقبل الاجيال وكيف علي اولياء الامور ان لا يتركوا اطفالهم ليصبحوا ضحايا هذا الفكر السلفي الذي يجلب العار والشنار لسمعة دينهم واخلاقهم وقيمهم وشيمتهم الاصيلة.
* نادية بعثت برسالة الى المجتمع الدولي وضحت فيه بشكل استعراضي ما يجب عمله لايقاف هذا السرطان الذي بدأ يبث الخراب والدمار وقتل الاجيال بمستقبلهم لأن الجميع مستهدفين وهم في مرمى اهدافهم، كما هو الحال في أحداث فرنسا.
* الرسالة التي بعثت بها نادية الى الشعب الايزيدي كانت رسالة بليغة بحيث احيت فيهم الثقة بالنفس بانه يمكنهم ان يقوموا بما يخدم مصلحتهم وان يستمروا في بناء لوبي قوي وأنه لا يوجد مستحيل مع الارادة لان العالم بدأ يسمع انينهم ومعاناتهم باتت معروفة على الملأ.
* الرسالة الابلغ التي بعثت بها نادية ومن ورائها منظمة يزدا كانت للمحكمة الجنائية الدولية بحاجتها إلى شهادة ودليل على جرائم داعش وأن شهادة نادية واخواتها كانت شهادة عالمية بحيث لم يعد الامر بحاجة الى المزيد مما تبحث عنه المحكمة لكي تثبت جرائم داعش بحق الايزيدية.
* نادية لم تكن فقط ايزيدية في هذه الجولات وانما كانت سنية وشيعية وتركمانية وصابئية ومسيحية، لا بل كانت عراقية اصيلة تتكلم بمعاناة العراق والانسان، وكانت سورية وليبية ويمنية ومصرية وعالمية في نشر ثقافة التسامح والعيش المشترك بدون خوف من الاخر.
* الرسالة البليغة الاخرى كانت من نصيب المرأة والطفولة التي باتت في خوف وخطر حقيقيين في ظل تزايد العنف والتاثير على السلوك الاجتماعي للفرد عندما يتم تدريب الاطفال في معسكرات الجريمة على الكره وثقافة العنف والاكراه وزرع هذا السلوك المشين في فكرهم الطري وهز كيان الاسرة بفك الاطفال عن ذويهم وبذلك ينشرون الرذيلة والتطرف والتجاوز على القيم الانسانية.
* المقابلة مع شيخ الازهر كانت نقطة هامة وجوهرية في مسيرة محطاتها ومن خلاله اصبح العالم الاسلامي امام امتحان مصيري لبيان موقفه من هذا التشكيل الارهابي الخطير على البشرية مما يجب انقاذ الاسلام من هذه الورطة.
* نادية بعثت برسالة قوية الى علماء الدين وشيوخ العشائر والشارع العربي والاسلامي بكونهم مقصرين جداً عندما لم يؤدوا واجبهم الاخلاقي بتنديد الاعمال الاجرامية بحق النساء والاطفال والقتل المتعمد لأنهم لم يكونوا طرفا في نزاع مسلح معه وأن الواجب الاخلاقي كان يفرض عليهم ولو من منظور انساني وقيمي.
* وأن ما قالت به نادية للحكومة العراقية بانها لم تعنِ بالشكل المطلوب بمعاناتهن بعد العودة كما هو الحال مع اهمال محنتهم في الاسر كانت نقطة سوداء في جبين الحكومة العراقية والبرلمان العراقي وسياسييهم لكون الايزيديين احتضنوا السنة في العاشر من حزيران 2014 وكذلك الشيعة في السابع عشر من حزيران عندما هاجم داعش الموصل وتلعفر ولكن كان رد الفعل مخيب للامال بترك الايزيديين يواجهون مصيرهم في برك من الدماء والدموع على فقدان الأرض والعرض والتاريخ والاحبة والعفيفات والملائكة من الاطفال.
عليه، لا يمكن تغطية ما قالت به نادية في مجمل زيارتها في مقال او عبارات مجتزئه، ولنا أن نقول: كل الشكر والعرفان لمنظمة يزدا ولمجلس الامن والحكومة المصرية والشعب المصري الذين اخذوا على عاتقهم مهمة نشر هذا الوعي ورفع الستار الذي كان يحجب حقيقة معاناة الايزيديين ليسمعها العالم ويكونوا على اطلاع بما جرى من على لسان شهود عيان من عمق المعاناة وهو الذي في حقيقته ابلغ رسالة مجانية للشعب المصري الذي يعاني من آفة الارهاب اليومي في سيناء والعريش والقاهرة وجميع مدن وقصبات الجمهورية من اقصاها الى اقصاها.
ولنا أن نقول كلمتنا في الاخير بان البداية كانت موفقة على ان تحافظون على سلوك متوازن ومستمر على الشكل الذي سرتم عليه بحيث لا تغريكم الاغراءات او تخيفكم التهديدات لأن الذي يحمل قضية من هذا الحجم عليه ان يتحسب لما قد يتعرض لشتى انواع التهديدات وهو لامر طبيعي. وان الذي يريد الفوز بالعلى عليه ان يفكر بنتائجها ولا يخشى العواقب، آملين ان تكون العواقب سليمة ومثمرة ومنتجة. ولكم التوفيق وبكم تقر عيون الامهات والحرائر ولتبقى خيمة الايزيديين مفتوحة لا ستقبال العام الجديد بالخير والمحبة والسلام والوئام ودمتم
علي سيدو رشو/ المانيا
28/12/2015


62
محطات لابد من الوقوف عندها


في كل مرحلة تاريخية من عمر الشعوب هنالك محطات مضيئة في حياتها، كما أنه هنالك مواقف مظلمة من الصعب تخطيها او اهمالها. وبالنسبة للايزيديين هنالك اكثر من موقف او محطة مظلمة تستحدث كل يوم بحيث لا يمكن تخطيها او التجاوز عليها. ولكن من المواقف المشرفة التي استجدت قريباً والتي نعتز بها.
1.
من المواقف التي يجب ان نتشرف ونعتز بها هو موقف سيادة رئيس جمهورية المانيا الاتحادية السيد يواخم كاوك والتهنئة التي قدمها بمناسبة عيد الصوم للايزيديين بتاريخ 17/12/2015، التي اشار فيها إلى أن المانيا تعتز بأن تكون الموطن الثاني للايزيديين، وأن هذا الموقف هو اشارة واضحة بأن مسالة الايزيديين باتت تدرس على اعلى المستويات في السياسة الاوربية بقيادة المانيا التي تحتضن اكبر جالية ايزيدية على مستوى الكون. هذه الرسالة بثت فينا روح الامل بعد ان فقدنا الثقة بالجميع بانه لم يعد لنا نصير او عضيد يقف معنا في ايام المحن. ولكن مضمون هذه الرسالة الميمونة والتهنئة التي بعث بها السيد رئيس جمهورية المانيا كانت بمثابة الاعتراف الرسمي بديانتنا وأن قضيتنا وما عانينا من عذابات باتت تدرس على اعلى المستويات في اوربا والعالم.
2.
الموقف المشرف الاخر هو ما قال به الشيخ غيث التميمي بوقفته النبيلة واعتذاره للايزيديين عن ما قامت به عصابات الجريمة باسم الاسلام ومطالبته علماء المسلمين بحذو حذوه والاعتذار لما قامت به تلك العصابات بحق بنات ونساء واطفال الايزيديين بدون ذنب سوى انهم ايزيديين. هنا لا يحق لنا باضافة اي تعليق على ما قاله الشيخ الجليل لما جاء في كلمته من مستوى فكري ناضج يدحض الغلط والغلو والمستوى الهابط الذي تصرف على ضوئه عناصر الشر والجريمة وباسم الاسلام. لك منا ومن كل ايزيدي اكتوى بنار الجريمة النكراء كل الاحترام والتقدير
3.
الموقف الثالث الذي يجب ان نعتز به ونثمنه عالياً هو موقف الفتاة الايزيدية نادية مراد التي هزت الضمير العالمي بكلمتها اللاهبة امام اعضاء مجلس الامن الدولي بتاريخ 16/12/2015، عندما قامت بشرح تمثيلي لما تعرضت له اثناء وجودها مع اخواتها الاخريات من سبايا العصر في الاسر بيد عصابات الجريمة ودعوتها العالمية للنهوض بواقع المرأة ومعالجة معاناتها في الاسر بايدي وحوش لا يرحمون ومطالبتها الدول العربية والاسلامية بان تقوم بدورها الانساني والتبرئة من هذه العصابات التي عاثت في الارض فسادا. هذه المواقف وما قامت به الفتاة نادية بدعم من شباب الايزيدية في امريكا من منظمة يزدا يجب ان نفتخر به وان نشد على مواقفهم بما لايقبل الشك وباعلى درجة من المساندة بكل اشكالها واقامة حملات كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي بحيث ياخذ موضوعها مداه الانساني وبعده الاخلاقي. نقول هذا وكلنا امل في تبقى السيدة نادية على موقفها وان لا تنجرف مع جهة سياسية وتبقى المدافعة الامينة عن اخواتها اللاتي لازلن في الاسر وهي شاهد عيان على فصول الجريمة بكل ابعادها وماسيها. لكِ منا كل الاحترام وسنقف معكِ ومع مواقفكِ بكل ما فينا من قوة وتعاون واسناد ولمنظمة يزدا كل التقدير والاحترام

علي سيدو رشو
المانيا.

63
زيارة القنصل العراقي العام في فرانكفورت
بدعوة من مجلس الاندماج، تفضل معالي القنصل العراقي العام السيد علي البياتي بزيارة مدينة بيليفيلد واللقاء بأبناء الجالية العراقية يوم السبت الموافق 21/11/2015. وكان في استقبال السيد القنصل العراقي ممثل السيد (Oberburgermeister) السيد (Ruther) المرشح السابق لرئاسة بلدية بيليفيلد ومدير عام مجلس الاندماج السيد أمير علي زاك ورئيس المجلس السيد محمد علي اولمز وجمع من أبناء الجالية العراقية.
رحب السيد روتر بالسيد القنصل والوفد المرافق وأثنى على هكذا فعاليات من اللقاءات المباشرة بين المسئولين وأبناء جالياتهم لزيادة التفاعل الاجتماعي والوقوف على مشاكلهم بصورة مباشرة. كما أثنى سيادته على جهود القائمين على ترتيب هذا اللقاء وحضور عدد لا باس به من أبناء الجالية بهدف إيجاد الحلول للمشاكل التي يعانون منها. هذا وفي ختام كلمته قدم السيد روتر هدية تذكارية للسيد القنصل وهي عبارة عن رمز المدينة بتمثال من قلعة (Sparrenburg). ثم استمع سيادته الى كلمة معالي القنصل العراقي موضحاً الدور الذي لعبته المانيا في استقبال اللاجئين مثنيا على جهودها في استقدام المئات من النساء الايزيديات الى المانيا ورعايتهن صحيا ونفسيا وكذلك دور المانيا على مستوى العالم في مقاومة الإرهاب ورعاية اللاجئين.
بعدها قدم عضو مجلس الاندماج السيد علي سيدو رشو نبذة عن حجم الجالية العراقية في بيليفيلد من حيث العدد والجنس والمهن والعمل والفئات العمرية ونوع الإقامة وغيرها من البيانات المهمة، وكذلك تم تقديم بعض المقترحات التي تخص أبناء الجالية بشكل عام من حيث الحصول على رخصة القيادة باللغة العربية وسرعة وسهولة الاتصال بالقنصلية واجراء معاملات التقاعد وإمكانية فتح ممثلية للقنصلية في المقاطعة. بعدما أجاب سيادته على تلك المقترحات، فتحنا باب المناقشة لأبناء الجالية وقد استمرت الندوة على مدى أكثر من ساعتين في جو هادئ وبالنكهة العراقية المميزة. ومن بين القضايا التي تخدم أبناء الجالية هو وعد سيادته بأن في حالة وجود معوقين لا يستطيعون زيارة القنصلية لاسباب صحية أو عندما يعاني/تعاني من إعاقة، فإن القنصلية على استعداد بارسال ممثل عنها مع الاختام المطلوبة تقديرا لظروفهم الخاصة. 
 
على سيدو رشو
عن مجلس الاندماج ومنظم الندوة


64
هل فعلا تم تحرير شنكال؟

في البداية يجب تقديم كلمة شكر وعرفان لجميع الجهود المبذولة من قبل الجهات المشاركة في عملية إعادة شنكال على اختلاف توجهاتهم، وبخاصة المقاتلين الايزيديين وعوائلهم الذين تحمّلوا الويل والعويل على مدى أكثر من سنة في ظروف قاسية قل نظيرها، كما وننحني كذلك أمام كل قطرة دم اريقت وخضبت أرض شنكال.
لماذا تأخرت هذه العملية كل هذا الوقت؟
الملاحظ للعملية يرى بوضوح بأن ظروف وسيناريوهات الاحتلال و(التحرير) متشابهة في محتواها ومغزاها من حيث التخطيط ومراحل والتنفيذ ومواعيد الإخراج ولكنها اختلفت فقط في الاتفاق بحسب المعطيات، وأن جميع المحاولات التي بذلتها قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني قبل بدء الهجوم لم تصل إلى النتيجة المرجوة بسبب الظروف التي استجدت مما أضافت أعباء على ما كانت موجودة، فما كان من بُد إلا القيام بعمل للحفاظ على ما تبقى من ماء الوجه. الحسابات السياسية وتصفيتها على دماء ودموع أهلنا تجعلنا بان لا نستعجل في الحكم على العملية بعد خراب طال أكثر من سنة في الوقت الذي كان بالإمكان اختصار هذا الزمن في أيام وليس في أشهر، وذلك بشهادة القادة الميدانيين من قوات البيشمركة اثناء لقاءاتهم من على فضائية روداو بمناسبة مرور عام على احتلال شنكال عندما قالوا بان عملية تحرير شنكال لا تستغرق أكثر من ساعات عندما نتلقى الأوامر بالهجوم على مجموعات وعناصر داعش المجرمة. فبعدما فشلت محاولات قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني بنشر الذعر من خلال استعراض العضلات والتفرد بالهجوم لاستعادة هيبة حزبهم وقواتهم التي تركت شنكال تحتضر في دمها ومأساتها. وبعدما وجدت بأن تلك المحاولات لم تجدِ نفعاً مع الأطراف الأخرى لأنها جاءت في غير وقتها، سارعت الى ذلك وقامت على عجل بالاعداد (للهجوم) المتفق عليه مسبقاً لأنه لا يعقل أن تحصل معركة مع جهة قالت بها قوات البيشمركة بان اسلحتهم وقوتهم كانت تفوق قوتنا باضعاف ضاعفة ومن ثم تتهاون بهذه السرعة بدون مقاومة أمام قوات البيشمركة. فالقيادة الكردية المتمثلة بالحزب الديمقراطي الكردستاني قد بترت ذراعها الأيمن عندما تخلّت عن الايزيديين في 3/8/2014 وتركتهم في محنة قل نظيرها في التاريخ الإنساني مما يجعل منهم أن يفكروا ألف مرة قبل أن يباركوا اية خطوة.

لماذا استعجلت القوى المشاركة في (التحرير)؟

العامل الأساسي الذي أجهز على المخطط هو ظهور المقاومة الايزيدية العنيدة باسم قوة ايزيدخان واستمرارها بشكل واضح لتتحدى التهديدات مع صمود الأهالي والعوائل التي قدمت لهم كل الدعم اللوجستي. دخول روسيا على خط الشرق الأوسط بقوة هائلة لتغير موازين القوى في المنطقة بأكملها. وجود قوات البككة بكثافة وتحالفها مع قوات الاتحاد الوطني وقوة ايزيدخان. قناعة أمريكا بان التغيير حاصل لا محالة. الفشل السياسي الكردي والتعاون بين حيدر ششو وحكومة بغداد، مع احتمال البدء بالهجوم على تلعفر من قبل قوات الحشد الشعبي والحديث عن معركة الموصل. الوضع الداخلي غير المستقر في كردستان العراق وأزمة الرئاسة والبرلمان. الخلاف الشديد مع بغداد حول مسائل مهمة متعلقة بالنفط والميزانية. الوضع في تركيا وأزمة الانتخابات ودعمهم لجهود الحزب الديمقراطي لاشعال فتيل الفتنة بينهم وبين قوات اليبكة. استغلال ضعف عصابات الجريمة لداعش بعد ان تلقوا الضربات الموجعة من القوات الروسية في سوريا. خلو شنكال من كل ما يريده داعش بعد ان بث فيه الخراب وسبى النساء ونهب كل ما فيه من ممتلكات ومقتنيات، فلم تعد شنكال تعنيهم بتلك الأهمية السابقة في حساباتهم العسكرية والاستراتيجية.

الملابسات التي رافقت عملية (التحرير).

من تصريحات السيد البرزاني في شنكال بعد (التحرير) ستظهر الكثير من الحقائق وفي نفس الوقت ستثير الكثير من الشكوك حول مستقبل الايزيديين في شنكال. وعلى ما يبدو بأن شنكال قد دخلت مرحلة احتلال جديد لا تقل خطورة عن سابقاتها لانها ستدخل مراحل منافسة حزبية ضيقة وقد تصل حد المواجهة العسكرية وعندها ستتندم الأهالي من الايزيديين على اليوم الذي (تحررت فيه شنكال)، ولو لم يبقَ للإيزيديين ما يخشون منه أو عليه.
1. السيد مسعود البرزاني قال في مؤتمره الصحفي بأن البيشمركة هي القوة الوحيدة التي حررت شنكال، وهذا خلاف الواقع أمام مرأى ومسمع العالم كله.
2. السيد البرزاني ايضاً قال بأننا لن نسمح لغير علم كردستان فوق شنكال، وهذا غير ممكن من الناحية العملية لأن شنكال أولا جزء من العراق وبهذا المعنى فإنه حتى العلم العراقي ممنوع من ان يرفع فوق شنكال. كذلك القوات الايزيدية واليبكة لهم اعلامهم وشاركوا بفعالية تفوق قوات البيشمركة، وبالتالي سوف لن يسمحوا للديمقراطي الكردستاني بأن ينفرد برفع علمهم ومنع الاخرين من ذلك الحق، مما سيخلق وضعا استثنائيا مستمراً.
3. سيكون التعامل مع الفوضى التي ستعقب العملية أصعب اضعاف مرات التعامل مع احتلال داعش للمنطقة بعد أن ينتقل الصراع إلى الداخل والتعامل مع بقية الجهات المشاركة في العملية على هذه الشاكلة وتهميش دورهم الحقيقي لأنهم سوف لن يقبلوا بفرض الاملاءات الحزبية، لأنهم كانوا اول من دخل شنكال وحرروها حسبما يدعون.
4. هنالك جهات ستعمل على خلق فتنة مصطنعة من خلال تحريض جهات دينية بحجة حرق المساجد أو أخذ الثأر أو الرد بالمثل على الدواعش من أهل المنطقة من الذين تسببوا في القتل والسبي من منطلق الرد بالمثل حيث أن البادي أظلم، وبالتالي ستستمر الفوضى ويتم توجيه الاتهام الى جهات أخرى بريئة غير التي اشعلت تلكم الفتن.
5. بالتأكيد سوف لن يقبل الايزيديين بالتصرفات السابقة للحزب الديمقراطي الكردستاني على أساس التعامل الحزبي الضيق واهمال الجوانب الأساسية كتعمير شنكال او فرض الوصاية أو تكتيم الافواه وبالتالي سوف يحصل اختلاف في الكثير من المفاصل الحيوية للأطراف المشتركة، بما يعني بان الوضع الجديد سوف لن يمر بالسهولة التي نتوقعها بردا وسلاما بمجرد خروج داعش من شنكال وعدم احترام إرادة الايزيديين على أرضهم التاريخي لتخوفهم المشروع بعدم تكرار ما حصل من كوارث في 3/8/2014.
6. لقد توضحت الكثير من الحقائق من خلال مقاطع الفيديو من على قناة روداو كما هو الحال مع المجموعة التي تم ضبطها من قرية القابوسية وهم من الكرد الكرمانج وتاكيد المقاتل حميد باكوفي بانه هناك شهود من قريتهم بأنهم فعلوا ما لم يفعله داعش وبالتالي فإن تصرف الايزيديين مع مثل هذه العناصر سوف تثير ردود أفعال قوية لدى بعض المحسوبين على القيادات الكردية من اقربائهم الموجودين في المراكز الأمنية الحساسة في الحكومة الكردية.
7. الأمر المهم هو هذا التصرف مع الوضع الجديد في غياب بغداد وكأن شنكال ضيعة مجهولة ليس لها حدود او إدارة ام متصلة بأرض دولة لها سيادة وقانون.

التوقعات والاستنتاجات.

أولا: اختلاق الفتن واتهام الايزيديين بالسرقات والتجاوزات على القرى العربية المجاورة كما هو الحال مع تصريحات النائب عبد ربه باتهام المقاتل قاسم ششو وجماعته بنهب وقتل العرب. كذلك نشر اخبار كاذبة أو تحميل الايزيديين بعض الأخطاء من بقايا داعش وتنصيبها اليهم والصاقها بهم كحرق المساجد وحرق علم داعش (علم الله أكبر) والقرآن زورا وتحريض الشارع الإسلامي الكردي ضد الايزيديين من خلال الخطباء وائمة الجوامع بهدف اشعال فتنة لا تحمد عقباها.
ثانياً: محاولة خلق شرخ في الوسط الايزيدي بأي ثمن بما يجعلهم يتقاتلون فيما بينهم وخاصة الايزيديين المحسوبين على الأحزاب الكردية. لذلك نوصيكم أيها الشباب بأن تكونوا واعين لما سيخطط لكم وكونوا على قدر المسئولية والواقعة بحيث تكون تصرفاتكم موزونة وقوموا بتفنيد وتكذيب الاخبار الكاذبة بسرعة لكيلا تتحاسبون عليها.
ثالثاً: سوف يحاولون دفع الايزيديين على اقتراف أخطاء هم في غنى عنها مثل زرع عناصر ضعيفة النفوس من الايزيديين فيما بينهم والقيام بافعال مشينة ومن ثم اسنادها الى إلايزيديين، لذلك مطلوب منكم الوعي والدراية وفحص النفسيات قبل ان تولوهم ثقتكم بهم. أو افتعال الحجج أثناء مسح شعارات داعش والآيات القرآنية التي كتبوها على كل مكان وجعلها تهم بحق الايزيديين وبالتالي إلهاب الشارع من خلال الجوامع والتكبير للانتقام منهم بحجة الاعتداء على مقدسات المسلمين.

نصيحتنا لكم هي التحلي بالحكمة والتأني وعدم الرد المتشنج وتفويت الفرصة على كل من يحاول استدراجكم لاقتراف الأخطاء مع معرفة دقيقة بمن تجاوز على اخلاقكم واموالكم ونسائكم بحيث تعطون لكل ذي حق حقه وان لا تتهموا أحدا بجريرة الاخر لان التاريخ سيسجل كل شيء وان الأحزاب والحكومات هي زائلة ومتعاقبة ولكن الجيرة والأخلاق والطيب والمعاملة باقية وستبقى بين الأجيال والجيران. وفقكم الله ومن الله التوفيق.

علي سيدو رشو
المانيا في 16/11/2015

65

إلى السيدات والسادة أبناء الجالية العراقية في بيليفيلد وضواحيها المحترمين
 
م/ ندوة مع السيد القنصل العراقي العام في فرانكفورت

 
بدعوة كريمة من مجلس الاندماج (Integrationsrat) في بيليفيلد وضواحيها سيتفضل السيد القنصل العراقي العام في فرانكفورت مشكوراً بعقد ندوة مع أبناء الجالية العراقية في بيليفيلد وضواحيها، وكذلك من أبناء الجالية في مقاطعة نوردراين فيستفالن ممن لديهم استفسارات أو معوقات تعيق عملهم أو مقترحات لتطوير العمل. الهدف من الندوة هو الوقوف على مشاكل أبناء الجالية في المقاطعة والمعوقات التي تعتري سير المعاملات والوثائق وكذلك الاستماع الى الآراء والمقترحات التي تزيد من كفاءة وسرعة انجاز المعاملات والية العمل فيما بين أبناء الجالية والقنصلية بما يخدم مصلحة الطرفين.
لذلك، وباسم أبناء الجالية العراقية في مقاطعة نورد راين فيستفالن نرحب بالسيد القنصل العام آملين أن يقتصر زمن الندوة على المواضيع المهمة للاستفادة من الوقت المخصص والمساهمة قدر الإمكان بما يخدم مصلحة أبناء الجالية العراقية في المقاطعة.
زمان عقد الندوة هو: من الساعة الثانية بعد الظهر ولغاية الساعة الخامسة من يوم السبت الموافق 21/11/2015. ونظراً لظروفنا وتقديرا للإجراءات اللوجستية ومكان عقد الندوة الذي يسع لحوالي 100 شخص، نرجو اعتبار ذلك لكون أن عدد أبناء الجالية هنا كبير جداً بالمقارنة مع مكان عقد الندوة.
مكان عقد الندوة على العنوان التالي:
 
Rochdale-Raum, 2. Etage, Altes Rathaus
Niederwall 23
33602 Bielefeld
 
 
عن مجلس الاندماج
 
علي سيدو رشو
بيليفيلد في23/10/2015
 


66
الذكرى السنوية الاولى ل "جينوسايد" سنجار

عام انقضى على الفجيعة، وها ستحل علينا مجدداً بعد ايام الذكرى السنوية الاولى لتلك  الجرائم الإبادية ضد الإنسانية التي مورست بوحشية فظيعة، وهمجية فاحشة، ناقمة تنازع على اداء ادوارها، الأرض والسماء بغية تمزيق جسد سنجار، وقلع فئة / جنس بشري (يسمى بالايزيديين)، من الجذور ومحوهم عن بكرة ابيهم من على وجه هذه الأرض بعد أن كان قد توعدهم الغزاة في 14/ اغسطس 2007 بذلك التهديد المشؤوم. فتجدر الاشارة هنا ان كل كارثة تحل على الشعوب، لابد ان تكون قد نجمت عن أسباب ومسببات، ووتمخض بالتالي عنها ضحايا وتداعيات مباشرة  او مستقبلية غير مباشرة. وعلى ضوء ذلك، فإن الأمر بحاجة إلى تقييم شامل. ولكي تعرف عامة الناس لماذا حل ما حل من نكبة وإبادة وانكسار  انتكاسي، وماهي الاسباب التي كانت تقف وراء حدوثها، وبالتالي ما آلت اليها الاحداث فيما بعد. ،ولذلك، فلا بد من تشخيص الاسباب الاساسية التي وقفت وراء حدوثها.
أولا: الاسباب الذاتية.
 من المعلوم أن لكل حدث من هذا الحجم لابد من أن خللاً ما قد رافقه من الواقع الذاتي، وإلا فلا يمكن وكذلك لا يعقل أن يحصل خرابا بهذا الحجم دون أن يكون لأهل الدار قسطاً من تحمّل المسئولية؛ ان عمداً أو تجاهلاً أو تقصيراً. فقد كانت عامة الناس من الابرياء الايزيديين يفكرون بالمعيشة اليومية وجمع المال وانتظار رأس الشهر لاستلام المعاش الحزبي لبناء دار أو مسكن بسيط يأويه وافراد عائلته لينعموا بدفء بيت طالما حلموا به كضرورة حياتية، وهم ليسوا طرفاً في المعادلة سوى بمشاركتهم في الغباء المستحكم بقدر ما كانوا ضحية غيرعالمين بما ينسج لهم ولمستقبلهم في الخفاء. بالمقابل كانت القيادات الايزيدية الدينية والعشائرية والسياسية والبرلمانية والثقافية وكذلك الامارة منشغلين بأمورهم الخاصة واصبح كل ينافس الاخر في تقديم الولاء وفروض الطاعة بمناسبة أو بدونها غير آبهين بخطورة ما سيقع وما ستحل من كوارث لا تحمد عقباها. فعندما وقع الحدث (المصيبة) على جوارهم خصوصا (الموصل في 10/6/2014)، كان من الاولى أن يتم التحسب لما سيحصل ولكن للأسف الجميع أداروا ظهرهم للخطر الداهم  وكأن النار التي وصلت تحرق الموصل لا تعنيهم باي شيء. وكأنهم أيضاً محصّنين بقوات حماية كافية دون أن يعوا ما قد يحصل أو يدركوا أنه عليهم التحسب من الإنسحابات التكتيكية أو ما قد تحصل من تواطؤات جانبية او خيانة او اختراق أو تعاون مصلحي جانبي أو استثمار سياسي أو تبادل أدوار إلى غير ذلك. كل تلك الاحتمالات لم تؤخذ في الاعتبار وبذلك حدث ماحدث ووقعت الكارثة. دون اتخاذ اجراءات وقائية او احترازية، حيث كان لابد من مراجعة شاملة وتقييم شفاف جاد وواقعي  لكل ماحصل للجوار لكي يتم التحسب لكل الاحتمالات الطارئة. هذا ولأن الواقع صار يفترض الشفافية وإذا كنا قد اشرنا الى ما يتعلق بالعامل الذاتي كسسبب لما حدث في سنجار، فإن الواقعية تفترض ان نشير الى الجزء من المسؤولية التي يتحملها الايزيديون خارج العراق حيث ان  ما حصل في أوربا والعالم لايقل أهمالا أو تجاهلا أو تغافلاً مقارنة مع اهمال ايزيديي العراق عامة وسنجار على وجه الدقة، على الرغم من حجم المظاهرات وحشد التاييد العالمي للقضية الايزيدية. كان من الأولى بالقيادات الايزيدية بعد الكارثة أن تعيد قراءة المواقف ووزنها وتقييمها على اساس ما افرزته الوقائع ومن ثم إعادة النظر بكل ما مر في السابق. كان من المفروض بعد 3/8/2014، وهذا ما اكدنا عليه في كل مواقفنا، أن تتم الدعوة لإقامة مؤتمرات وإجراء تقييم شامل بكل ما يتعلق بالحادث وما سبقته من احداث ابتداءً من كارثة الشيخان 14-15/2/2007 مرورا بمجازر الموصل بحق العمال الايزيديين في 22/4/2007 وصولاً إلى ماحدث في 14/8/2007 لأنه هناك ربط بين تلك الكوارث، خاصة إذا ما عرفنا بأن الحزب الحاكم هو نفسه والقيادة السياسية هي ذاتها والمسئولية السياسية لم تتغير هي الاخرى. لذلك كان من الاجدر أن يخرج الايزيديين بنتيجة مدروسة على أساس الوقائع والتعامل مع معطيات العالم الخارجي بخطاب واحد وموقف واحد بعد دراسات متأنية وتسمية الاشخاص الذين سيمثلونهم في المحافل الدولية لكي لا تضيع الحقوق بين جهات لا يمكن محاسبتهم فيما اذا لم يحسنوا التعامل مع حقوق الايزيديين الانسانية. فالحدث كان كبيرا وكان يجب التعامل معه على أساس هذا الحجم والمطالبة باعتباره جينوسايد لا أن تسلم جميع الاوراق بيد نفس القيادة التي سلمتنا في الميدان. فهي ستحاول بالتأكيد تسويف الامر بكل الوسائل بحيث تبعد الشبهة عن المسئولين عن الجريمة. وبذلك أضاع الايزيديون الارض والعرض والتاريخ والجغرافية والمقدسات في العراق، وأضاعوا الموقف والحق والكلمة وسبل الحياة الكريمة والحقوق في اوربا والعالم. ومن الاسباب الذاتية :
ـ واقع حال الايزيديين (الميوعة): لو فحصنا التاريخ الانساني بمراحله المختلفة لوجدنا بأن هنالك محطات أساسية في حياة الشعوب، وأن جزءاً أساسياً من تلك المحطات مرهون بإفرازات مرحلية على ضوء تغيير المصالح وظهور قوى جديدة على الساحة الدولية. ومن هذه الحالات ما حصل لشعبنا قبل سقوط النظام العراقي بقليل اوعقب ذلك وبعد سيطرة الاحتلال الذي جلب معه اسباب التداعي والميوعة التي نحن بصددها. البداية كانت مع التقليد الذي مارسه الشباب مع قوات الاحتلال من حيث الشكل الظاهري للحياة تاركين الجوهر للمصير المجهول. كانت نقطة البداية والمفصلية في حياة الايزيديين قد بدأت في ربيعة بعد عام 1991، عندما بدء الحصار الاقتصادي ينهش في جسم الشعب العراقي ولم يبقَ سبيلاً أمام الإيزيديين أكثر قبولا من الهجرة السنوية مرتين إلى ربيعة بهدف زراعة الاراضي ومقاومة الحصار الاقتصادي الخانق. فمن هنا تسلل الكذب والنفاق والدجل إلى شخصية الايزيدي التي كانت محكمة ورصينة قبل ذلك الوقت، وانما تعرضوا إلى تلك النكسة تحت ضغط الحاجة والفاقة وضيق الافاق وفرص العيش امامهم بعدما فرض الحصار الاقتصادي على العراق كما قلنا، مما اضطرتهم الى القبول بذلك الواقع الاليم إثرشظف العيش ورعونة الحياة.
ـ تناقضات عائلة ششو: الأمر الاخر المهم هو تناقض مواقف عائلة ششو عقب الاحداث الكارثية في سنجار؛ فلا يمكن انكار دور تلك العائلة عندما صمد السيد قاسم ششو (رغم تحفظنا على البعض من ادواره السابقة)، في الجبل إلى جانب الكثيرين من الابطال الايزيديين. إلا أنه لم يدم ذلك طويلا إذ سرعان ما تم التنازل عن ذلك الصمود بعد أن تعرّض إلى ضغوطات كبيرة لتنفيذ سياسية الامر الواقع على الأرض بسبب الحصار الذي فرضه الحزب الديمقراطي الكردستاني (على خلفية ادعائه بان البيشمركة خانت الايزيديين وتركت سنجار فريسة سهلة لقوى الظلام المتمثلة بداعش) من جهة، والخلاف مع قوات اليبكة (عندما اختلف قاسم ششو معهم ومنعهم من رفع علمهم على جبل سنجار) من جهة اخرى، حيث اتحدت بذلك القوتان السياسيتان الكرديتان وفرضوا حصاراً خانقاً على سنجار ومنعوا إيصال المعونات والمساعدات للمقاتلين ومئات العوائل العالقة على الجبل على مدى أشهر. الامر الذي اضطر معه قاسم ششو لقبول المهادنة والخضوع للأمر الواقع وقبوله بتنفيذ سياسة الحزب الديمقراطي الكردستاني ومن ثم قلب الحقائق التي كان قد صرّح بها عقب سقوط سنجار بيد داعش إلى انتصارات مباركة للبيشمركة. كان بالتوازي مع ذلك الموقف من قاسم ششو وعقب سقوط الموصل كانت هنالك مواقف جدّية من أبن اخيه حيدر ششو الذي جمع حوله الآف المقاتلين على جبل سنجار بهدف الدفاع عن سنجار أو تحريره من دنس داعش في حال حدوث هجوم، ولكنه تعرض للاعتقال عندما تعاون مع الحشد الشعبي عقب رفض طلبه من الحزب الديمقراطي الكردستاني بتشكيل نلك القوات باسم الايزيديين. فلم يصمد هو الآخر في السجن أكثر من بضعة ايام مع علمه بانه كان عليه أن يكمل المشوار حتى لو كلفته ذلك حياته، وكان عليه أن يلتحق بجبل سنجار عقب الافراج عنه من السجن. ولكنه بدلا من ذلك سافر إلى السليمانية ومن ثم جاب أوربا والتقى بالناس جماهيريا بنشر فكرة تأسيس حزب سياسي بعد أن عرف قيمة ذلك، إلا أنه كان غير موفقاً في ذلك أيضا لأنه لم يحسن الاختيار في ذلك التعامل مع الأحداث، وكان عليه أن يجتمع بنخبة من المتنورين ليقيّموا له الواقع بشكل صحيح ويساعدوه في خلق فكر نوعي على ضوء الاحداث وما أفرزته الوقائع على الارض وخاصة الشارع الايزيدي في أوربا. فبدلا من الاعتماد على مجموعة اشخاص معروفين بمواقفهم من الاحزاب الكردية كان عليه التأني واختيار الافضل من بين البدائل. فلو شئنا أم أبينا ومهما قلنا فإن الواقع يقول بأن الإيزيديين لا يستطيعون التحرك خارج  إطار الحزب الديمقراطي الكردستاني أو يجب على الاقل التعاون معه أو السير في نفس الاتجاه وإلا فإن جميع المبادرات التي سارت بعكس ذلك الاتجاه باءت بالفشل مع الاسف.
ـ عدم التحسب لسقوط الموصل وتلعفر: كان يجب على الايزيديين أن يحتكموا الى العقل والحكمة عندما اقتربت النار منهم وخاصة بعدما سيطر داعش على الجزء الشيعي من تلعفر ومن ثم زمّار وشرق الموصل وإعلانهم بأن المرحلة ما بعد العيد ستكون على رأس الايزيديين في سنجار. بالرغم من كل تلك الوقائع لم يتعظ الايزيديون وقادتهم وسياسييهم من تلك التهديدات معتمدين على وعود مسئولي الحزب الديمقراطي الكردستاني. لقد كانت سنجار ملغومة بتنظيمات القاعدة من الكرد المسلمين قبل ظهور اسم داعش بشكل علني وخاصة عشيرة الكيجلات وكان قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني على علم اليقين بهم وكانوا يتحدون الحزب وقواته وقياداته الامنية بشكل يومي مسنودين من عدد كبير من عشائر التاتات والخواتنة في قلب سنجار وحواليها إضافةً إلى التركمان وعشائر المتيوت. لذلك فإن سؤالاً كبيراً يطرح بنفسه وبقوة وإلحاح؛ أين كانت القوات الامنية والقوى الاستخبارية من هذه المعلومات؟ ولحساب مَن كانت تعمل تلك القوات؟ ولماذا لم تٌمَس عائلة أو سيدة أوطفلة كردية مسلمة بالسوء؟ مما يضع الف علامة استفهام على التعاون الوثيق فيما بين القوى الامنية والعسكرية والسياسية الكردية وقوى الظلام المتمثلة بداعش. فخيانة القادة الكرد السياسيين بحق الايزيديين هي خيانة مزدوجة؛ في المرة الاولى كانت الخيانة من القادة السياسيين والعسكريين والامنيين في الميدان عندما تركوا الابرياء العزل وهربوا من الميدان بعد وعود قطعوها على انفسهم بحمايتهم من كل مكروه. وفي المرة الثانية هي خيانة القيادة السياسية الكردية العليا عندما لم تحاسب المسئولين المذكورين عما اقترفوا من ذنب بحق من هم تحت حمايتهم وتبريرهم لذلك التهاون بعقد ندوات ومقابلات للتهدئة وتمرير الأمر بشكل عادي وتسويف الامر بمحاولة منع أي امكانية بتشكيل وفود محايدة من الايزيديين لطرح قضيتهم على المجتمع الدولي.
ثانيا ـ الاسباب الموضوعية:
ـ السياسة الكردية في سنجار:
بعد السقوط وسيطرة السياسة الكردية على الواقع الايزيدي في سنجار، كانت عامة الناس مهيأين لقبول الجديد بما فيه من عيوب دون فحص وكانت الأرضية مفروشة للقبول بما يستجد كما أسلفنا منذ 1991. فتم التعامل مع الايزيديين بإزدواجية واضحة بخنقهم بوسائل وطرق مدروسة بعناية ودراية مسبقة، وبدأت السياسة الكردية تبث السم في الجسد الايزيدي بدلا من أن تداوي جراحهم ومكافأتهم عن السنين العجاف بسبب تأييدهم للحركة الكردية منذ ستينات القرن الماضي. فبدلا من برامج التنمية البشرية والبناء والخدمات، قامت بشراء الذمم بملايين الدولارات لنشر الفكر الحزبي الضيق مقابل تخريب نفوسهم وزرع الفتنة والفرقة وبث الفساد، وقامت بدعم البعض من العملاء ليعمقوا الميوعة في الخفاء وبالتالي تمكنوا من نشر الرذيلة على اوسع نطاق مما أدى بالنتيجة بأنه ليس بامكان اي شخص النطق بالحق او الحقيقة. وعلى الرغم من الخطوات المباركة التي قام بها البعض على ضوء الأحداث في بداية سقوط الموصل، ولكنهم لم يتوفقوا في بلورة فكر سياسي أو مدني لكي يعملوا من الحشد الذي تجمع في الجبل ومزار شرف الدين قوة يعتد بها لتكون البديل أو المساند في حالة حدوث طاري كما هو في الانسحاب التكتيكي للبيشمركة مما أدى إلى تلك النتيجة المؤلمة والكارثية. كل ذلك كان بسبب سياسة الحزب الديمقراطي الكردستاني من خلال مسئولين فاشلين يعتمدون على ماهو بالضد من اية مصلحة ايزيدية وخوفهم من أي اتفاق قد يحصل بينهم ولو على مستوى منظمة مجتمع مدني. لذلك كله لم يكن بمقدور الايزيديين التصرف خارج سياسة الحزب الحاكم.
ـ  (تحربر) الجزء الشمالي من جبل سنجار: عندما قامت قوات البيشمركة في 18/12/2014 بإعادة الجزء الشمالي من أقليم سنجار بدون مقاومة من داعش على نفس الاسلوب الذي سلّمت به سنجار إلى داعش، تحدث السيد مسعود البرزاني من على قمة جبل سنجار ردّاً على سؤال فيما اذا كان تحرير مدينة سنجار ضمن خطتهم قال: أن تحرير سنجار (الجزء الجنوبي من الاقليم) لم يكن في خطتنا الحالية وأن الخطة (البلان) لم تكتمل بعد لكي نعمل على تحرير سنجار. لذلك فإنه ما يمكن أن يستشفه أو يستنتجه الايزيدي من تلك المقولة هو أنه في نية القيادة الكردية الاكتفاء فقط بالجزء الحالي الذي أصبح تحت سيطرتهم ومنع الاهالي من الايزيديين بتحرير باقي مناطق سنجار وبالتالي تجميع الايزيديين الباقين في المخيمات وإعادة إسكانهم في ذلك الجزء من اقليم سنجار خاصة بعد أن تتيقن بأن الغالبية منهم قد تركت أرض الوطن إلى المهجر، وكذلك تأمين المسلمين الذين وقفوا مع داعش في تدمير واحتلال سنجار، لأن القيادة الكردية لا تأتمن كردية الايزيديين عامة وفي سنجار على وجه الخصوص.
ـ مقابلة الفريق جمال امينكي لقناة روداو: في المقابل وفي مقابلة مع الفريق جمال امينكي قائد قوات البيشمركة في غرب دجلة على قناة روداو بتاريخ 23/7/2015 قال: عندما قمنا بتحرير الجزء الشمالي من سنجار فإن ذلك كان بناء على ورود معلومات خاطئة وتم ذلك باجراء مستعجل وبدون تخطيط، وبالتالي فإن ما ادلى به السيد امينكي يتناقض مع حديث السيد مسعود البرزاني عندما قال في تصريح من على قمة جبل سنجار بأن تحرير سنجار لم تكن في خطتنا. هذه التصريحات المتناقضة بين الفريق امينكي  والبرزاني دليل كامل ودامغ على أن التخطيط لمستقبل سنجار هو خاضع وسيخضع للاستثمار السياسي خاصة عندما قال الفريق امينكي رداً على سؤال لمراسل روداو بأن "لكل حادث حديث" بأنه حصل فراغ بعد انسحاب قوات البيشمركة واستغلت قوات اليبكة الموقف وهم الان ضيوف وعليهم مغادرة المكان. كما وصف الفريق امينكي بان مجموعة من الخونة (يقصد المقاتل حيدر ششو ومقاتلي جبل سنجار) الذين تعاونوا مع الحشد الشعبي الذي تم تشكيله بناءاًعلى تكليف من المرجعية الشيعية، فما هو وجه الموقف بين الايزيدية والحشد الشعبي الشيعي؟ (الكلام للأمينكي). لذلك فإنه من الواضح بأن الايزيديين مهما كانت طريقة تصرفهم مع واقع سنجار فإنهم يعتبرون خونه في نظر الساسة الكرد مالم يكونوا ضمن مخططهم، وهو أمر محزن ولم يتصف بالواقعية.
ثالثا ـ تداعيات احتلال  وابادة شنكال  :
ـ الوضع الانساني في مخيمات النزوح:
من المعلوم بأن الوضع الانساني في جميع حالات النزوح يشوبه النواقص والاستغلال وضعف الخدمات لانها حالات طارئة وغير خاضعة للتخطيط المسبق وبالتالي فإنه من الطبيعي ان تحصل هنالك شكاوى او القاء اللوم على الاداء الحكومي. هذا الوضع إن استمر بدون معالجة وبتعمّد، فإنه سوف يعمل على خلق وضع غير مستقر لدى النازح بفقدان الامل في العودة إلى سابق عهدهم مما يضطر معه النازح الى البحث عن البديل الذي يوفر له الامن والامان خاصة اذا رافق ذلك توجيه التهم والاهانات كأن يقال لأهل سنجار في المخيمات بأن نساءكم بايدي داعش وكان عليكم تحريرهم بدلاً من الهروب وليس من السهل على النازحين القبول بمثل هكذا اهانات ويتجنبوا ما يقال بحقهم. إن المشكلة في ذلك أن البعض لا يفهم معنى الاهانة وكأن الاهانة يجب ان توجه لذوي النساء والاطفال من البسطاء الايزيديين دون النظر الى  أصل الاهانة عندما داست عناصر داعش على صورة البرزاني في ناحية سنون وبالتالي فإنهم داسوا بذلك على شرف جميع كردستان باكملها وليس فقط شرف الايزيديين. فإذا كان المقصود بالشرف هو الاقتصار على استغلال النساء فإن مَن تسبب في ذلك هو واضح عندما تركت البيشمركة تلك الديار بناء على تعليمات من القيادات الكردية العليا وهي بالتالي مسؤولة عن كل ما جرى من اعتداء على شرف كردستان، وليس هروب المساكين الذين لاحول لهم ولا قوة.
من نافلة القول هنا التذكير ليس فقط بما فعله داعش، وإنما وضع الكثير من المعايير الاخرى في الميزان بما فيه الوضع النفسي والانكسار السايكولوجي الذي أصابهم جراء فعلة داعش الاجرامية. هذا من جانب وعلى الجانب الاخر نعلم بأن داعش أخذ حصته من الجريمة بالقتل والاغتصاب والسبي والتشريد، ولكن على مدى عام كامل وبسبب الوضع النفسي والاجتماعي البائس في المخيمات فإنه ليس هناك أية امكانية للمعاشرة الزوجية وبالتالي فإن الايزيديين قد خسروا من المواليد الجدد بما يساوي ما تسبب داعش في قتلهم وسبيهم ناهيك عن ضياع فرص التعليم وما رافق ذلك من التخلف الفكري والشلل الثقافي الذي اصاب الجميع اضافة إلى صرف ملايين الدولارات على الهجرة. أي أن الضرر اصاب الجميع وبدون استثناء بحيث شمل كل ما في الحياة من فرص أو مناسبة.
ـ الهجرة: الهجرة كما قلنا في مقال سابق حق طبيعي لكل كائن حسب القوانين الدولية على أن تخضع لضوابط وقوانين تلك الدول التي تتم الهجرة اليها. أما ما هو غير طبيعي في مسالة الهجرة التي حصلت وتحصل للإيزيديين وحتى بقية الفئات من الشعب العراقي فهي هجرة اجبارية تحت ضغط الظروف الشاذة التي كلما طالت اسبابها، كلما أرتفعت وتيرتها بكشل نوعي. فإذا كانت الهجرة تقتصر في السابق فئة على الشباب والرجال بشكل عام فإنها الان تغيرت شكلا ومضموناً بحيث أن الجميع بدأوا يفتشون عن وسائل الهجرة للتخلص من المآسي التي تعصف بهم من كل حدب وصوب واضعين مصيرهم وحياتهم واموالهم وتعب السنين بأيدي المهربين والذهاب لمصير مجهول. هذا الامر نتج عن وضع نفسي لا يحتمل بعد أن ذاقت الناس جميع اشكال العذاب ورأوا بأم أعينهم ما لا يصدق وبالتالي انسحب الامر على تشجيع ذويهم في ايجاد التبرير بالهجرة بعدما كانت تقتصر على شخص أو اشخاص من كل عائلة ومحاولة إسناد الاخرين في الوطن لكي يبقوا على ممتلكاتهم ووظائفهم والتمسك بقراهم ووطنهم.
رابعا مسؤولية وواقع الحكومة العراقية:
كما يبدو من الاوضاع فإن الحكومة العراقية هي مجرد هيكل وتغطية للفساد والابتزاز والسرقات وزرع التفرقة والفتنة بين ابناء الشعب العراقي بمختلف اطيافه. فلا البرلمان بقادر على التشريع بحيادية، ولا الحكومة بقادرة على تنفيذ التشريعات. لذلك فإنها هي الاخرى مكبلة بسرطان الفساد وبالتالي لا يمكن التعويل عليها والامل بانها قادرة على تحقيق ادنى مستوى من الخدمة والمساهمة الايجابية في تحسين الوضع اكثر مما هو عليه الحال. إن سقوط الموصل وتكريت وبيجي وصلاح الدين وبالتالي الرمادي كلها حلقات من مسلسل واحد مرتبط ببعضه لإرباك الحكومة بعدم اداء دورها وتلهيتها عن اعمالها وادارة الدولة وهو ما قال به السيد قباط طالباني في 29/7/2015 بانه لم العراق دولة بقدر ما اصبح الولاء للكرد والسنة والشيعة. فهناك تغيير ديموغرافي مدروس وتهجير ممنهج واختطاف على الهوية وتفريغ مناطق بكاملها من اهلها واصبحت مناطق بضعف عدد افرادها مما يوحي الى ان هناك استراتيجية مدروسة لتغيير خارطة العراق الديموغرافية. وأن قرارات الدولة لا تسري على الجميع بنفس المعيار وبالتالي لا يمكن أن نبحث عن امن واستقرار تحت مثل هذه الاوضاع.
خامساً: مسؤولية الحكومة الامريكية.
كما يبدو من الوقائع التي افرزتها الإحتلال الامريكي منذ 2003 ولحد الآن فإن الحكومة الامريكية تتعمّد في خلق الظروف الاستثنائية وتبرر الفساد وتشجع الارهاب وتخلق التطرف بشكل مدروس ومتعمد. فبمجرد الخروج من أزمة نراهم يخلقون أخرى أكثر شراسة وتخريب من سابقتها. فمن أزمة الحكومة وتشكيلتها إلى الكهرباء والطائرات والحشد الشعبي والحرس الوطني والجيش العراقي والعلاقة بين الاقليم والمركز وعدم الجدية في التعامل مع المصالحة الوطنية.... إلخ. فبالمحصلة فإن السياسة الأمريكية وراء جميع ما يحصل في العراق من تداعي وما آلت اليها الاحداث بخصوص الاقليات الدينية والعراقية وهي ليست جادة في رسم سياسة استقرار اقتصادي واجتماعي وبدلا من ذلك فهي تغض الطرف عن كل ما يحصل وبالتالي تطلق يد المجرمين ليعبثوا بأمن وأمان المواطن وممتلكاتهم ومستحقاتهم في الحياة.
إذن ماهو الحل؟
1.   يكمن الحل لحال العراق إذن بالبدء بمصالحة حقيقية بين الجميع ودعم بعض الشخصيات الوطنية التي تفكر بمصلحة العراق العليا قبل مصالحهم الشخصية وإناطة الادوار الحقيقية للتكنوقراط ومشاركة جميع فئات الشعب العراقي بالقرار السياسي والاقتصادي وتوزيع الثروات بشكل طبيعي على الجميع على اساس الاستحقاق الانساني.
2.   توفير الامن والامان واعادة النازحين وتعويضهم ماديا ومعنويا.
3.   محاسبة المقصرين الذين لطخت اياديهم بدماء الابرياء بشكل علني.
4.   محاسبة المفسدين والفاسدين من المسؤولين مهما كانت درجاتهم.
5.   اعتبار ماحدث بحق الاقليات الدينية والايزيديين منهم بشكل خاص جينوسايد نظراً لحجم ما لحق بهم من ابادة وتهجير وسبي لم يسبق له مثيل في التاريخ المعاصر.

الخلود للشهداء الذين راحوا ضحية الغدر والخيانة.
تحية واجلال لمن هم في الاسر لغاية الان وفك الله عن كربهم عاجلا.
تحية للمقاتلين الذين يواصلون الليل بالنهار لسد هجمات الشر بصدورهم.
تحية لكل من ساهم بفعل ايجابي للدفاع عن القضايا الانسانية.
تحية لكل سيدة أو فتاة ايزيدية حاولت الهرب ونجحت في ذلك ورجعت لذويها.
تحية للعوائل التي استقبلت تلك النسوة والفتيات واحتضنوهم بالحب والحنان العائلي.
تحية للحكومة الالمانية التي استقدمت تلك النسوة الفارين من داعش وتقوم برعايتهم.
كل العار لمن كان السبب في خلق هذا الوضع الشاذ وسبب لهذه الكارثة الانسانية بحق الشعوب الامنة.

علي سيدو رشو
المانيا في 1/8/2015




67
موقفنا من فضائية جارشم تي في


الاعزاء الكرام اسعد الله اوقاتكم بالخير
يسرنا اليوم ان نوضح لكم الاسباب التي دعتنا باعلان موقفنا من فضائية جارشم تي في. فكما هو واضح من الفيديو فإننا بذلنا الكثير من الجهد والمال والوقت لكي نٌظهر هذا العمل الى الوجود ونقوم بما يليق بحجم معاناة الايزيديين لننشر رسالتنا وباسمنا لنظهر للعالم باننا نمتلك الامكانيات والخبرات والمهارات بعيدا عن التدخلات والوصايا. حاولنا بكل وسيلة لنصحح الخطأ الذي حصل بتعمّد في تسجيلها في غفلة عنا بتاريخ 27/3/2014. وبعد شهر من ذلك التاريخ 26/4/2014 حصل خلاف شديد على خلفية ذلك التسجيل واستمر ذلك الخلل لحين ان تركت بسببه، المجموعة الاولى من المؤسسين وهم (اوصمان شيخو وداود حمو ودرويش داوي وعدنان خيرافايي واخرين) بتاريخ 30/6/2014. وبعد بذل العديد من المحاولات للتصحيح ووعود كثيرة من قبل السيد خطاب عمر بان يتم تسجيل التلفوين باسم خمسة اشخاص كحل وسط ولتفادي الوقوع باخطاء قد تحصل مستقبلا وللحفاظ على المال العام من التصرفات الفردية، إلا أنه بعد محاولات على مدى سنة كاملة باءت جميعها بالفشل واصرار السيد خطاب عمر بالتواءات معروفة على تفادي تصحيح الخطأ. بتاريخ 14/4/2015، اتفقنا على ان يتم التسجيل باسماء الجميع (22 مؤسس)، وتنظيم نظام داخلي إلا أنه تم رفض ذلك في 2/5/2015 مما حدى بنا إلى الاجتماع وبتاريخ 17/5/2015 أرسلنا رسالة من اربع مطالب وضحنا فيها شروطنا للاستمرار في هذا العمل من عدمه وهي: 1. أن يتم التسجيل باسماء جميع المؤسسين. 2. أن يحصل فصل في مادية التلفزيون عن الاكاديمية الايزيدية لمعرفة مقدار المبلغ وتحديد الصرفيات بشكل مستقل عن بعضهما البعض. 3. نقل مقر التلفزيون من هانوفر إلى أي مكان اخر لابعاد السيطرة الشخصية عليها. 4. الاستمرار بالعمل تحت هذا الاسم والعنوان لحين حصول الموافقات الرسمية على تلبية المطالب حسب النظام الداخلي. فبعد اسبوعين من المهلة التي حددناها حسب القانون الالماني، جاءتنا الاجابة بشكل غير لائق من السيد خطاب عمر في الساعة الاخيرة من المهلة يقول فيها (لقد ارسلت رسالتكم الى المحامي). وبتاريخ 11/6/2015 أرسلنا لإدارة جارشم تي في رسالة ثانية أكدنا فيها على الاجابة على مضمون رسالتنا الاولى وأمهلناهم مدة اسبوع واحد كما هو في العرف الالماني وحسب القانون لكي لا ندع مجالا للتهرب ونتحقق من إنفاذ جميع الجوانب القانونية والاصولية أمام شعبنا، إلا أنه لم تردنا الاجابة على الرسالة الثانية لحد كتابة هذه التوضيحات ونشر هذا المقطع حول الاعلان عن موقفنا. تحية وتقدير لكم ونترك الامر للتاريخ وحكم الشعب الايزيدي كما أننا نستقبل اراءكم وتعليقاتكم ومقترحاتكم وانتقاداتكم بكل سعة صدر.
ملاحظة مهمة: إننا لم نكن بغافلين عما حصل ولكن استمرت هذه المشكلة لحد الان بحيث استنفذنا جميع المحاولات لكي نتفادى ما حصل من اخطاء ولكن للاسف فشلت جميعها بسبب اصرار السيد خطاب على الاحتفاظ بها كمشروع شخصي له أب وجد وهو ما قد يوحي للايزيديين بانه اصبح مشروعاً عائلياً كما هو واضح ولكنه يحمل اسم الايزيديين. كنا نأمل بدلا من هذه (البرامج) المتواضعة أن تكون الامور بمستوى معاناة الايزيديين ولكن يبدو بأنه يتم استغلال الايزيديين بمجموعة الكلمات والاغاني التي تحمل اسم الايزيدية ليس اكثر.
علي سيدو رشو
http://www.ankawa.org/vshare/view/7732/sem-tv/

68

الهجرة والتهجير وجهان لنفس العملة

هل هنالك فرق بين الهجرة والتهجير  ..السؤال يطرح نفسه بقوة والجواب بكل بساطة ربما يفرق من النواحي اللغوية والاصطلاحية والدلالية، لكن ما دامت المعاناة اصلها انساني وما دامت  تمس حياة وحرية وحقوق الناس الفردية والاجتماعية والعرقية والمعتقدية والوطنية  فانني اعتذر من القائلين بوجوب التفرقة واقول انهما اي الهجرة والتهجير وجهان لنفس العملة  خصوصا إذا ما كانت الضحية واحدة ولنفس الجلاد. وهنا لا ندري عن أي ظروف إنسانية نتكلم أو نكتب، وعن أي نوع من البشر نتحدث وتحت اي نوع معاناة نوصف الموقف عندما يتعلق الأمر بعشرات الالاف الإيزيديين الذين اقدموا على الانتحار الجماعي (الهجرة الاجبارية). فالفرق هذه المرة عن سابقتها هو أن المهاجرين تركوا الديار بعد أن ضاقت بهم السبل وفقدوا الأمل في الوعود وتوضح  بشكل سافر كذب المسئولين السياسيين اليومي عن وجود بصيص الامل الذي كانوا يراهنون عليه. وبالتالي فاان التهجير القسري هو: ممارسة تنفذها حكومات أو قوى شبه عسكرية أو مجموعات متعصبة تجاه مجموعات عرقية أو دينية أو مذهبية بهدف إخلاء أراصِ معينة وإحلال مجاميع سكانية اخرى بدلا عنهم. ووفق القانون الدولي فإن هذه الممارسات تندرج ضمن الجرائم ضد الانسانية وجرائم حرب وجرائم الإبادة الجماعية(*). فالهجرة تعني في أبسط معانيها حركة الانتقال -فرديا كان أم جماعيا- من موقع إلى آخر بحثا عن وضع أفضل اجتماعيا كان أم اقتصاديا أم دينيا أم سياسيا. ولقد تعددت دلالات الهجرة بين أن تكون الهجرة سرية، أو هجرة غير شرعية، أو هجرة غير قانونية. وأن الهجرة الغير الشرعية هي انتقال فرد أو جماعة من مكان إلى أخر بطرق سرية أو علنية مخالفة لقانون الهجرة كما هو متعارف عليه دوليا، أما المصطلح المتداول هو "الحرقة"، ومعناه حرق كل الأوراق والروابط التي تربط الفرد بجذوره وبهويته على أمل أن يجد هوية جديدة في بلدان الاستقبال.
بهذه الكيفية فإن كانت الهجرة شرعية ام كانت غير شرعية فهي لاتهم المهاجرين الإيزيديين بعد أن شدّوا العزم لانها فرضت عليهم كواقع على الأرض بعد أن فقدوا الأمن والأمان والوطن والممتلكات والعرض وشاهدوا السبي والاغتصاب وعايشوا القتل الجماعي وبيع وشراء الأطفال والنساء تحت مرأى ومسمع من العالم دون أن يحركهم ضميرهم الميت. إننا كمجموعات أو كأفراد هاجرنا إلى أوربا بشكل غير شرعي ووجودنا الان هو امر واقع بالضرورة، لذلك فإن هجرة الالاف الان هي شرعية وهي أمر واقع وضرورة ملحة. وفي الواقع فإن هجرة الإيزيديين الان نحو أوربا في مفهومها وقوانينها وما يترتب عليها أصبحت غير ذي معنى مقابل حجم المعاناة وفقدان الامل في الحياة والمستقبل، أما ما هو أهم من كل شيء الان فهي المعاناة اليومية لشعب بات مهدداً في حياته ومستقبله على مدار الساعة بعد أن خانتهم القيادات السياسية الكردية والايزيدية وأدارت الحكومة العراقية ظهرها لمواطنيها الاصلاء وكأن أمرهم لا يعنيها حتى بما جاء في قول الامام علي "إن الإنسان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الإنسانية"، فلم تتبنَ حكومة العراق مسئوليتها لا في الاخوة الوطنية ولا في مفهوم الانسانية.
لذلك فإننا نرى بأن القرار الجماعي طالما  كان نتيجة للمعاناة والحياة القاسية فقد جاء صائباً وصحيحاً رغم أخطائه وبالرغم من التحفظات الكثيرة عليه، فإننا نتمنى للعازمين على الهجرة من تركية الى اوروبا سلامة الوصول إلى بر الامان وعدم التراجع عن عزمهم لإركاع العالم على القبول بمعاناتهم ليضيفوا بذلك حجة أخرى على المجتمع الدولي بإقرار ما حدث في 3/8/2014 كإبادة جماعية للإيزديين. كما أنه يتوجب على البرلمان الاوربي الذي سيعقد جلسته بشأن الأقليات الدينية العراقية في بروكسل في 30/6/2015، أن يقوم بدوره الاخلاقي وانهاء معاناة هذا الشعب الذي ابتلى في حياته بالفجائع والويلات والابادة . 
 -----------------------------------------------------------------------------------------------------
(1): عادل عامر، مفهوم التهجير القسري في القانون الدولي، ديوان العرب. نوفمبر-2014
 
علي سيدو رشو
المانيا في 28/6/2015

69
إلى الحكومة الألمانية الموقرة

لقد تناولت في الاونة الاخيرة بعض الصحف الالكترونية خبرا مفاده بأن حكومة المانيا تعتزم تدريب قوات من الايزيدية في العراق. إن هذا الخبر هو مبعث سرور وغبطة الايزيديين اينما كانوا لأن ماساتهم فاقت التصورات وقد مرت حوالي سنة كاملة دون أن تتحرك قوات البيشمركة الكردية بمحاولة اعادة سنجار وتحريرها من سيطرة قوات داعش المجرمة بعد أن تركت المدنيين الايزيديين بدون قتال وبدون توفير اية حماية. هذا بالاضافة الى أن الحكومة الكردية لم تحاسب أو تحاكم اي مسئول امني او عسكري تسبب في هذه الكارثة لأهالي شنكال ومناطق سهل نينوى.
http://bahzani.net/services/forum/showthread.php?105472
أولاً: على ذلك نقول بأنه من الصعب التفكير بأن البيشمركة التي تركت المنطقة بدون قتال أن تعيد تلك المناطق وتحررها من ايدي داعش بدليل المقارنة بين سنجار وكوباني على الاقل من ناحية التغطية الاعلامية الكردية وروداو على وجه التحديد. وعليه نهيب بالحكومة الالمانية في أن تعيد النظر في نظرتها للموضوع وتحترم مشاعر أكثر من 100000 إيزيدي في المانيا -لهم عوائل واقارب هناك- لتقوم بتدريب القوات الايزيدية على جبل سنجار بقيادة  إيزيدية خالصة ومدهم بالسلاح المطلوب ليكونوا مأهلين فنياً في الدفاع عن أمن المنطقة بالتعاون مع القوات الكردية على أن تكون العمليات العسكرية والإشراف عليها تحت قيادة وأمرة ضباط إيزيديين.
ثانياً: كما نوهنا اليه في الاسبوع الماضي بأنه هنالك اعداد هائلة من الايزيديين في مخيمات النزوح في تركيا (أكثر من خمسة عشر الف انسان)، ينوون الهجرة إلى أوربا عبر الحدود التركية البلغارية المشتركة. وبما أن الإقدام على مثل هذه الخطوة لا تخلو من الخطورة والمفاجآت (بل هي عملية انتحارية جماعية اجبارية) وبخاصة للعوائل وكبار السن والمرضى والمعاقين والاطفال، عليه نسترعي انتباه حكومة المانيا باعتبارها ترأس البرلمان الأوربي، أن تقوم بواجبها الانساني لكونها صاحبة خبرة عميقة في مثل هذه المآسي لما تعرضت له في الماضي القريب بأن تولي هذا الموضوع أهمية قصوى في التغطية الاعلامية والمعالجة والاهتمام. http://www.bahzani.net/services/forum/showthread.php?105490
ثالثاً: نتقدم بخالص الشكر إلى الحكومة الالمانية على جلبها اكثر من 1000 سيدة وفتاة ايزيدية ممن تعرضن للانتهاك على ايدي وحوش داعش. إلا أنه زال هنالك الالاف من النازحين الايزيديين في المخيمات وخاصة النساء والفتيات وذوي الاسيرات والاسرى لدى داعش مصابين بالإرهاق والامراض النفسية والعصبية بسبب الفشل الحكومي (الكردي والاتحادي) في إعادة الأمل إليهم بانقاذ ما يمكن انقاذه، أو على الأقل محاولة إعادة الثقة فيهم بمحاولة فك اسرهم. لذلك يقع على عاتق الحكومة الالمانية أن تقوم بمد يد العون والمساعدة عبر منظماتها العاملة على أرض كردستان العراق لتقديم العون الطاريء محليا في تلك المخيمات بعيدة عن التبشير وتحميلهم المزيد من الارهاق. 
علي سيدو رشو
المتنيا في 25/6/2015

70
ما الحل بعد التوقيع على القدر بالأقدام (بالأرجل)؟
في إحدى الحروب التي استمرت طويلا وبعد أن فقد المقاتلين الامل في الجدوى من الاستمرار، أتفق الجنود على الهروب الجماعي. وعندما استمر قائدهم في شحذ الهمم والتلويح بالنصر، نهض أحد القادة وقال للقائد العام: سيدي القائد إن الجنور وقعوا باقدامهم على عدم جدوى الاستمرار في هذه الحرب وأنهم هربوا بشكل جماعي بعد أن فقدوا الثقة بالنصر. ففي سابقة قد تكون الفريدة من نوعها وفي حجمها ومغزاها عندما أقدمت مجموعات يتجاوز اعدادهم الخمسة عشر الف ضحية في مخيمات تركيا للنازحين الايزيديين عندما قرروا بأنهم سيتجاوزون الحدود التركية باتجاه أوربا بعد أن ضاقت بهم السبل وفقدوا الأمل في العيش والمستقبل والحياة. فالحياة هي ليست فقط متطلبات الأكل والشرب والمعيشة اليومية فوق سطح هذا الكوكب الذي بدا يلف بحبله على رقبة عامة الناس في ظل هذا التوتر الدولي والاقليمي.
فمعاناة عامة العراقيين أصبحت لا تطاق ولكن معاناة الايزيديين فاقت التصورات والخيال بعدما فقدوا الأرض والعرض والمستقبل ولم تكن معاناتهم كمعاناة باقي العراقيين بسبب ما تعرضوا له من ظلم وجور واستعباد وخرق القيم الانسانية والاعراف الخلقية ومباديء القانون الوضعي والالهي. ورغم المناشدات والمظاهرات واللقاءات والأتصالات، إلا أنه لم تقم الجهات الدولية باية معالجة لواقعهم ولا يبدوا في الافق اية مظاهر للمعالجة المستقبلية مما يجعل من جميع الايزيديين في العراق على أنهم سيتركون وطنهم ويلجأون إلى أوربا ليس حبا بالهجرة وترك اوطانهم ولكن لضرورات قد يكونوا فيها على صواب.
النازحين في تركيا حسب القانون الدولي يجب أن يحسبوا على انهم لاجئين لأنهم تخطوا الحدود الدولية العراقية تحت الضغط والتهديد، ولكن لتركيا وضع خاص وقانون خاص بها في هذا الشأن بحيث لا يشمل ذلك القانون واقع حال الايزيديين وهم كنازحين في تركيا محرومين من حقوقهم في العراق أيضاً وكذلك ليس لهم حقوق في تركيا. وبناء على الواقع على الأرض قامت مجموعات من النشطاء الايزيديين في تلك المخيمات بتقديم مبادرة انسانية لانقاذ ما تبقى منهم والهجرة لأوربا بشكل رسمي وبعلم الجهات الدولية عبر مناشدات متعددة دون أن تسمعهم اية جهة منهم. وعلى ما يبدو فإن ذلك هو الآخر لم يتحقق عبر الطرق التي تأملوا منها وبالتالي فإنهم قرروا التوقيع على حياتهم باقدامهم (بأرجلهم)، وترك الديار التركية باتجاه اوربا متحملين العواقب مهما كانت نتائجها. وبما أن الموضوع لا يخلو من عنصر المخاطرة لوجود الاف النساء والاطفال والمرضى والمسنين والمعاقين وبهذا العدد الضخم، عليه فإننا نرى بأنه من الواجب الاخلاقي أن تقوم الجهات الدولية بأخذ هذه المشكلة بنظر الاعتبار وتتصرف معها على محمل الجد والاهتمام بها كمشكلة انسانية تخص شريحة بذاتها عانت الكثير الذي يعجز اللسان عن وصفه.
عندما يعجز الانسان عن ايجاد الحلول لمشاكله فإنه يبحث عن وسائل انتحارية وفي نظري فإن هؤلاء المساكين قد وقعوا باقدامهم على الانتحار بسبب ظروفهم ووصولهم لنقطة لا يمكن معها الاستمرار في الحياة اكثر. وهنا لا بد من المجتمع الدولي ومنظمات الامم المتحدة من ان تقوم بواجبها الاخلاقي قبل الانساني. وإن بقى الوضع على حاله ولم تبدي الجهات الدولية الاهتمام المطلوب بالموضوع قبل فوات الاوان، فإن ذلك سيسجل وخزاً في ضمير الانسانية وعاراً عليه. وبذلك أقترح:
أن تقوم لجان من المفوضية السامية لحقوق الانسان بمقابلة ممثلين عن النازحين في تركيا على وجه السرعة من جهة، ومن الجهة الاخرى وبالتوازي مع ذلك الاتصال بالدول الاوربية لايجاد حل لمشكلة هؤلاء النازحين وإنهاء محنتهم لأنهم غير آبهين بما سيحصل لهم لأنهم فقدوا الأمل في كل شيء.     

علي سيدو رشو
المانيا في 22/6/2015

71
وهكذا تستمر الحرب على الايزيديين!!!!

اولا: حرب التبشير والموقف الحكومي الرسمي. ثانيا: حرب الهجرة. ثاللثا: قول السيد نيجيرفان البرزاني "ماحصل في شنكال لا يقل خطورة عما حصل في حلبجة".
في الثالث من آب/2014 حدث أكبر منعطف خطير وكبير في تاريخ الايزيدياتي عبر الزمن ألا وهو الهجوم الارهابي الذي مارسته عناصر داعش المجرمة بحق ابرياء امنين ليسوا طرفا في تغيير معادلة التوازن في عراق اليوم. فالحرب والشقاء مفروضان على هؤلاء البؤساء على مختلف الاتجاهات طولياً وعرضياً وعمودياً بحيث وصل حداً فاق معه كل التصورات تحت مرأى ومسمع من المسئولين والسياسيين والمجتمع الدولي والمنظمات الأنسانية من حيث التشتت الأسري والتشريد والتفريق العائلي وتغيير الهوية الدينية والنزوح الجماعي والاغتصاب وبيع وشراء النساء والاطفال. وواحدة من أهم واخطر تلك المآسي هو ترك الديار والبحث عن موطن بديل بعد فقدان الامل في العيش من جديد تحت سقف يؤمل منه المحافظة على كرامتهم من الامتهان.
الأمر الأول: إن التبشير السياسي وكذلك الديني حق مكفول للأديان التبشيرية منذ القدم وهم يقومون بها في كل العالم وفي جميع الاوقات، ولكنه في هذه الاحوال يجب أن يخضع التبشير لقواعد اخلاقية واجب التقيد بها لظروف التبشير وتقديراً لمعاناة المعنيين به. فبالتوازي مع معالجة المرضى وتقديم لقمة العيش بيد، يتم استدراجهم واستغلال ظروفهم ومعاناتهم باليد الاخرى بنشر فكر من نوع اخر بين الشبان الايزيديين تحت مختلف المسميات واستغلال ضعفهم ومأساتهم النفسية غير المستقرة لصالح اجندات لا تختلف في مفهومها عن ما يقوم به داعش من قتل وتغيير العقيدة الدينية ولكن هذه المرة تحت غطاء حقوق الانسان. فأية حقوق هذه التي تنشدها هذه المنظمات وهي تمارس نفس الرذيلة التي مارسها داعش وبهذا الهدوء والسكينة؟ وبعد العديد من الشهادات الحية التي حصلت عليها بعض النشطاء من الايزيديين الذين يقدمون خدمات انسانية أثناء تواجدهم وتوزيع المساعدات على العوائل وجدوا بأن نشاطا من هذا النوع يمارس بين الشباب بخداعم بالسفر لاوربا مستغلين وضعهم السايكولوجي البائس بتوزيع نسخ من الكتاب المقدس عليهم. فإذا قلنا بأن حكومة الاقليم تركت حبل الانتحار ليلف حول رقبة المئات من شباب وشابات شنكال دون أن تقدم ولو ندوة تخصصية للوقوف على تلك المآسي، فلا نتوقع منها أن تقف اليوم بحزم من تنبيه تلك المنظمات بعدم نشر هذا الفكر في الوقت الحالي بين النازحين الايزيدين لانها تتعارض مع المعاناة الانسانية التي يعاني منها النازحين. لا بل من المتوقع ان تغض النظر عنها لكي تلقي بظلها على التخفيف من القاء اللوم وايجاد البديل للتغطية على ما قامت به من ترك الايزيديين في محنة قل نظيرها في هذا العصر.
الأمر الثاني والمهم جداً الذي يتعلق بحياة عدة الاف من المهاجرين في تركيا وهم ينوون الخروج باتجاه اوربا وما ينطوي على مخاطر لا تقل خطورة عن نزوحهم من سنجار في الثالث من اب/2014، وذلك بعد عام تقريبا من تدفقهم إلى تركيا تحت ظروف لا تسر العدو قبل الصديق. لذلك ومن هنا نقول بأنه على المبادرين والمشرفين على تنظيم هذه الفكرة أن يعوا مخاطر الإقبال عليها في حال رفضها من قبل الدول التي ستتم الهجرة اليها. فالافضل أن تكون هنالك حملة كبيرة تعريفية بهذه الهجرة وتقديم مذكرات الى الدول المعنية وكذلك اجراء مقابلات مع المنظمات الدولية ليعملوا لهم سندا قانونيا والا فانهم سيقعون في مشاكل قانونية اضافة إلى ما ستتحمله العوائل من تبعات مادية ومعنوية ولوجستية جراء الاقدام على هذا الفعل. فإننا إذ نرى بأن عملا من هذا القبيل يحتاج إلى الكثير من الاتصالات والحملات على مواقع التواصل الاجتماعي لكي يكون المجتمع الدولي على علم بحجم الكارثة التي تعاني منها هذه الفئات التي فارقت ارضها وعرضها وتعرضت إلى ما تعرضت له من مآسي لا يمكن تحملها اكثر من هذا الوضع وبالتالي فهم ياسوا من الحياة وهم بهذا يقدمون على الانتحار الجماعي وأن تحمّل نتائج الاقدام على هذه الخطوة لا تقل خطورة عن ما تعرضوا له أثناء التهجير في 3/8/2014.
والأمر المهم الآخر هم وصف السيد نيجيرفان البرزاني أثناء مقابلته للمجلس الروحاني الايزيدي في الخامس من حزيران 2015 بأن ما حصل في شنكال "لا يقل خطورة عما حصل في حلبجة". كان المتأمل من سيادته أن يحسن المقارنة بين الحالتين لأنه بهذا الوصف قلل كثيراً من شأن ضحايا الايزيديين وبالاخص ماحصل للنساء والاطفال الايزيديات من اغتصاب وبيع وشراء الذين لا يزالون يرزحون تحت تعذيب المهانة الداعشية. صحيح حصلت لكردستان الكثير الذي يخجل منه الانسانية من اعتداء واغتصاب جماعي للنساء وحرق القرى والمدن ولكن الايزيديون في شنكال لم يكونوا طرفاً أساسياً يطالبون بالانفصال أو الحكم الذاتي أو يهددون سياسة العراق لكي يتم بحقهم كل هذا الاجرام. ورغم بأن الحالة الانسانية واحدة ولكن أن تتم مقارنة بين ما حصل لنصف مليون إنسان في شنكال وقلعهم من الجذور بما حصل لعدة الاف في حلبجة فهي مفارقة كان على البرزاني أن يحسن اختيار المقارنة وليس الاستخفاف بهذه البساطة بضحايا شنكال التي غيّرت مجرى حياة مليون انسان إيزيدي المنتشرين في أرجاء المعمورة بما لهم من أرث وتاريخ وجغرافية ورموز دينية وطقوس وحضارة وثقافة. لذلك فإن هذه المقارنة في الوقت الذي لا تعبر عن حسن نيه بقدر ما تعني استخفاف بقيمة انسانية الانسان الايزيدي. فبدلا من أن يقدم السيد البرزاني الإعتذار للشعب الايزيدي عما جرى لهم بسبب الهزيمة الشنعاء للبيشمركة بقرار سياسي وتركهم فريسة لوحوش العصر، راح يصف مقارنتهم بانها لا تقل خطورة عما حصل أثناء قصف حلبجة بالكيمياوي ككناية عن إبعاد الشبهة والمسئولية عن ادارة القيادة الكردية كما حصل بحشر السيدة الكردية في البرلمان الاوربي في شتراسبورغ مع وفد النساء الايزيديات.
علي سيدو رشو
المانيا في 12/6/2015
 

72
السيد  نهاد القاضي المحترم ـ
 أمين عام هيئة الدفاع عن الديانات والمذاهب في العراق

 
تحية وتقدير وبعد/

لقد أطلقتم يوم الاربعاء الموافق 13/5/2015مبادرتكم الكريمة والمسماة  "اليوم العالمي لاسناد الموصل ونازحيها، أو اليوم العالمي للوقوف ضد الإرهاب (داعش)"، مشكورين بغرض فضح همجيته وبربرية اباداته بحق الابرياء والمسالمين الآمنين من شعبنا العراقي المعطاء. وهنا يطيب لنا ونحن نثني ان نشير إن إطلاق مبادرة وطنية عميقة ذات شمول انساني كهذه تستحق الوقوف بحق عليها بصورة مكثفة وتقديرعال وذلك للفت الرأي العام المحلي والعالمي والاقليمي بغية مخاطبته وتذكيره، ومن موقع مسؤولية بما حل بشعوبنا ومكونات اوطاننا من ابادات ومآس ونكبات يعجز اللسان والقلم بل العقل البشري عن استيعابها، ووصف ما رافقها من تدمير على المستويين النفسي والمادي او توضيح وتفسير ما خلفته من آثار سلبية  لن تمحى لقرون وعلى مدى اجيال متلاحقة. بل سوف تستقر بفعلها الالغائي تتناقلها الالسن والحكايات والروايات وستكون بالتاكيد مدار بحث للكثير من البحوث والدراسات ومن زوايا واختصاصات متنوعة. لذا فهكذا مبادرة انسانية  لتغطية آثار افعال الابادة التي وقعت فوصلت لجهة ايذائها الى العالمية تستأهل أن يتم تدارسها واعلانها وترويجها  للرأي العام من اجل اشباعها ومدها بالعديد من الأفكار والرؤى حتى تظهر بابعادها وصورها الشاملة في التناول من جميع النواحي وصولا الى مشاركة الجهات التي تضررت فعليا والوقوف من ثم على مآسيهم. وعليه اسمحوا ان نبدي جملة من التحفظات والاعتراضات و ذلك للاسباب التالية:
 
* حيث انه لكل مكون من الذين وردت اسماءهم في هذه المبادرة الحق في أن يبدي برايه في الطرح والتعليق والتصويب لذلك. ارجو ان يتسع صدركم لوجهة نظري إذ أرى ان الإقتصار على مهلة يومين لكل مكون  لتثبيت موقفه في المشاركة من عدمها لا يليق بعدالة الطرح. فمهما بلغت فئة ما  من المعرفة والإحاطة بالموضوع فان الواقعية وانتم تعيشون في أوربا وتدركون يقينا بأن مدة  كهذه غير مقبولة اطلاقا. وعليه كان الاجدر الا تقل المهلة المعطاة عن مدة أسبوعين وذلك لأن مجموع قراء هذا الخبر لحد هذا اليوم  لم يتجاوز 131 زائرا على موقع  شبكة صوت كردستان الالكتروني.
* بما أنه كان لشنكال حصة الأسد من الضرر الذي تركه داعش من قتل وتدمير واغتصاب وسبي وممارسة جميع موبقات العصر بحقهم، لذا كان من الاجدر ومن باب العدل أن تشمل اللجنة التحضيرية ثلاثة أو أربعة شخصيات من شنكال وبعشيقة وبحزاني، على اقل تقدير، في أوربا ومثلهم في العراق ولكن للاسف جاءت المبادرة خالية من ذوي الضحايا والمنكوبين  وبالتالي فإن المبادرة بدت على شكل ينقصها المصداقية والواقعية وعدالة التمثيل حين النظر الى تشكيلة لجنتها التحضيرية.
* حيث توجد في أوربا وبخاصة في المانيا عشرات العوائل التي فقدت اغلب او جميع افراد عائلتها الذين كانوا في شنكال عدا الموجودين من ذويهم في أوربا و عليه فإن تشكيل اللجنة التحضيرية افتقدت بالتالي بالنطر الى تلك الحالة الى الشرعية وستبقى بهذا الشكل ما لم يؤخذ هذا النقص بعين الاعتبار و تشمل من ثم على ممثلين من رعايا وعوائل تلك الضحايا.
*  من جهة أخرى وردت في الفقرات 8و9 و10كلمة (المكونات) دون تحديد او اقترانها بتمثيل من الواقع، وبالتالي فإن عدم التحديد او الاستعانة بالواقع في التمثيل يعني بأنها المسألة ستتعرض الى الانتهاك حتى لو تفاعل العالم مع الحدث، كما حصل في السابق من هضم للحقوق الاساسية لتلك (المكونات) عبر هيمنة الاحزاب السياسية المتنفذة على حقوق المكونات المنكوبة واحتكار القرار لحساب مصالحها الحزبية.
* ورد في الفقرة 11 (المطالبة بمحاكمة المجرمين وانزال العقاب العادل بهم). هنا تجدر الإشارة انكم لم تحددوا مَن هم المجرمون، ومَن هي الجهة المعنية بمحاسبة مرتكبي الجريمة والشركاء او المساهمين فيها، لأنه هناك الكثيرين من الذين أجرموا وتعاونوا مع داعش وشكلت افعالهم ايذاء و جرما اكثر ايلاما من افعال داعش نفسها. وعليه فإنه ما يجب علينا فعله؛ أولا ومن باب العدالة في الملاحقة هو تحديد هويات وأدوار الفاعلين والشراكاء والمساهمين والمحرضين وسواهم  من اجل الوصول الى تحديد نسب المسئولية والمحاكمة على أسس موضوعية وواقعية عادلة وصحيحة .
* في الفقرة 12 ورد "المطالبة بمحاكمة المقصرين والمتخاذلين والمسئولين عن اصدار أوامر الانسحاب للجيش وأن تكون المحاكمة علنية". والذي يبدو من سياق العبارة بأنكم تعنون ان الجيش العراقي وحده هو الذي تسبّب في كارثة محافظة نينوى، مما يعني وبعبارة أخرى انكم تستثنون البيشمركة التي انسحبت بقرار سياسي كما هو انسحاب الجيش من المساءلة والمسؤولية وبالتالي فإن الدعوة  يجب ومن باب الانصاف ان تصحح وتكون كالتالي" المطالبة بمحاكمة المقصرين والمتخاذلين والمسئولين عن اصدار أوامر الانسحاب للجيش من الموصل والبيشمركةمن شنكال وأن تكون المحاكمة علنية".
* إن اطلاق هذه المبادرة بهذا الشكل يعني بوضوح التغطية على الحقائق الرئيسية وخاصة موقف البيشمركة من الانسحاب بقرار سياسي واعتبار ضحايا جميع مكونات الشعب العراقي وخاصة الايزيديين منهم في خدمة قضية الكرد السياسية وتبرئتهم مما خلفه فعل الانسحاب من كوارث بحق الايزيديين والشبك و الكلدواشوريين على وجه التحديد بعد ترويج نظرية “ الانسحاب التكتيكي” المشينة التي روجت لها القيادة السياسية الكردستانية.
* كما إن اختصار تمثيل الايزيديين "وهم الخاسر الاكبر من هجمة داعش"، بالزميل حسو هرمي كممثل وحيد لهم في العراق واوربا وامريكا وكندا لم يكن إلا استخفافاً وإهانة لضحايا الايزيديين من قبل جهة تدعي بالدفاع عن حقوق اتباع الديانات. وبكل بساطة نقول بأنه كان من الاجدر في أن يكون الاتصال في العراق بممثلين عن الضحايا في مخيمات النزوح وتقديم شهادات حية منهم في تلك الوقفات الاحتجاجية والبرلمانات العالمية دون تلقينهم كما حصلت في شتراسبورغ وتشويه الحقائق وقلبها مرة اخرى.
ـ واخير فإن ضمان حقوق هذه المكونات التي هربت من داعش وتعيش الان في كردستان بامان هو مصدر سعادتنا جميعاً ولكن هذا لا يعني مطلقا عن ملاحقة الحقائق او التغاضي عنها لصالح جهة ماعلى حساب دماء ودمار غيرهم. كما وأرجو مرة أخرى أن يتسع صدركم في تقبل النقد والانتقاد حتى لا تتحول المبادرة الى "سيناريو مؤتمر برلين" في 8-10 /11/2014 الذي تحوّل بسبب تدخلات سياسية ما إلى "لقاء برلين" بدلا من "مؤتمر برلين"، وبالتالي تم إفراغه من مضمونه الانساني والسياسي المأمول منه. وتقبلوا فائق الاحترام
 
علي سيدو رشو
المانيا في 16/5/2015

ملاحظة: يمكن زيارة موقع شبكة صوت كردستان لقراءة المبادرة على الرابط التالي.
http://www.sotkurdistan.net/index.php?option=com_k2&view=item&id=51009


73
عندما يطغى الغرور كسلوك !

  لا أريد أن أستعرض قدراتي المعرفية ولا أن أدخل في متاهات سرد التاريخ، لكنني مضطر أن أوضح قليلا عن السفسطة ومعانيها التي"ظهرت كمفهوم حوالي عام 490 - ق. م حين كانت الفلسفة اليونانية في عز ازدهارها. والسفسطائي اسم منسوب الى السفسطة، وهي حب الجدل أو الجدل لمجرد الجدل وليس الاقتناع بفكرة أو مبدأ، بل الرغبة فى التضليل. فالسفسطائى هو الشخص الذى يجادل ويضلل كل شيء وكل حقيقة. و"سفسطائي" كانت تُستعمَل في بداية الأمر للدلالة على صاحب مهنة الكلام، ولم تكن تُستعمَل بمفهومها المنتقص الذي أضحى شائعًا فيما بعد. من المهم هنا التفريق بين السفسطة وبين المغالطة: فالمغالطة لاارادية بينما السفسطة توجد رغبة ارداية للتضليل" وارتباطا بموضوع السفسطة والتضليل، فقد خرج في رد " دونكيشوتي" ينقصه المعقولية والمنطق علينا السيد هوشنك بروكا كعادته محاولا تشويه حقائق عرفها وتعامل معها العالم باسره كوقائع لا يمكن القفز من فوقها اوتجاهلها ساعيا الى قلبها على عقب ليُري المتلقي الجانب الاسود فقط منها.
 وهنا اجد انه من المفيد ان اشير ان السيد بروكا تعمد وبمنطق سفسطائي "فوقي" مع اختيار فقرات بذاتها من مقالنا الموسوم "شتراسبورغ وييريفان، مالهما وما عليهما(1)"، وبطريقته المعروفة بعد ان وصفني ب "البعض الايزيدني " محتفظا لنفسه ب لقب ال " كل الايزيدي " على ما يبدو وكأنه المنقذ الأوحد الذي أخرج الايزيديين من مأساتهم  ومنعهم من الهروب الى المخيمات، أو أنه هو الذي دفع بالعالم من حولنا الى الاعتراف  بالجينوسايد الإيزيدي، مع كامل الاحترام لأي جهد بُذِل. فإن هذا الاسلوب في تسقيط الشخصيات وتقزيم الذوات السياسية والرموز الاعتبارية (مهما كان رأينا فيهم) والطعن في المثقفين والكتّاب والبرلمانيين بدون اعتبار لأنسانيتهم والظروف التي يمرون بها محلياً ودولياً، بالتاكيد نابع من احد أمرين: إما أنه هناك سند سياسي يحرك هذه المواقف والتسقيطات لتحقيق غايات وأهداف بعينها، وهو ما نرجحه على غيره. أو أن هناك خللاً في (الأنا الوحيد الأوحد) التي يعاني منها زميلنا هوشنك وإلا: هل على جميع هذه الذوات والرموز الايزدية الظاهرة على الساحة أخذ الاستشارة من زميلنا  لكي يتصرفوا بصورة صحيحة ؟ هل يمكن ذلك يا زميلنا هوشنك وبمعزل عن الظروف المحلية والاقليمية والدولية المحيطة؟ صحيح، وأنا على علم باليقين بان الجالية الايزيدية في امريكا وكندا كانت على مدار الساعة في تواصل مع وزارتي الدفاع والخارجية الامريكيتين وكان لهم الفضل الأكبر في إيصال القضية إلى مراكز السياسة الامريكية. ولكن لمن كانت استجابة السيد أوباما بتحريك القطع الجوية وبالسرعة التي قال عنها الاعلامي في إذاعة صوت امريكا السيد دخيل شمو بانها المرة الاولى في تاريخ الولايات المتحدة بهذه الاستجابة السريعة دون الرجوع الى سلسلة المراجع.
 وعلى ما تقدم فإن الذي اريد الوصول اليه، اننا لم نحتكر الحقيقة وكذلك لن ندافع عن اي خطأ حصل بشكل مقصود من قبل كائن مَن كان، بل انني من المؤيدين للنقد البناء ولكن بعيدا عن التجريح والتسقيط والتشويه والتسفيف الشخصي الرخيص والمتعمد بشكل يحمل ردا ومناقشة فكرية وسياسية جادة وموضوعية على الافكار والمضامين . وجدير بالذكر ان السيد هوشنك وصف قبل سنتين، المثقفين الايزيديين من الذين لهم رأي مخالف ب "جماعة الاخوان الايزيديين" على غرار جماعة الاخوان المسلمين ونزل فيمن يخالفونه بما يحلو له من النعوت والاوصاف. الآن ولمجرد اننا  قلنا بأنه علينا ان نكون واقعيين بالتصرف ازاء مواقف البعض من السياسيين واعتبار ظروفهم  والنظر اليها بواقعية كيلا نخسر الجانب الايجابي فيهم، خرج علينا زميلنا متهمنا بالسفسطائيين وما يحلو له كعادته في الهجوم متجاوزاً حدود اللياقة باعتباره كاتباً له مساحة واسعة من القراء. فالكاتب يجب ان يتصف بسعة الصدر وتقبل النقد والتوجيه، وإلا فإن حاله لا يختلف عن أي إنسان عادي يثور لمجرد التقرب من حدوده بانتقاد بسيط أو تقويم حالة يراها غيره بانه عليه أن يساهم في تصحيحها، أو على الاقل قبول الامر الواقع والانطلاق منه. ولو كنا سفسطائيين كما تفضل السيد بروكا بتسميتنا ونريد التضليل وتشويه الحقائق، لماذا نتحمّل هذه المعاناة ونبني جدراناّ بعلو السماء بيننا وبين القيادات الكردية على خلفية ما حصل بحق شعبنا منذ 2003 ولحد الان(2)؟
هكذا يصفنا السيد هوشنك بأننا سفسطائيين ونريد التضليل بقصد التعمية على افكار الناس، وليس كما كتبنا به بأن الموضوع الذي تحدثت عنه السيدة النائب  فيان دخيل ليس كله هكذا بالسوداوية التي وصفها، وانما هنالك جوانب ايجابية يجب احترامها وانتقاد الجوانب السلبية بدلا من هذا الوصف الهابط. لذا فإننا نؤكد أولا ان هذا الوصف لا يليق بالسيد بروكا ككاتب، وفي الوقت ذاته لا يليق بأية شخصية مهما كانت وانما بالامكان انتقاد موقفها كما هو الحال مع بيان قوة مقاومة شنكال الذي وصف بالمعقولية والرزانة، بدلا من التشهير والتسقيط واستخدام عبارات والفاظ موحية والاستهداف الشخصي بحق النائب دخيل أو غيرها. وفي السياق نفسه كنا قد ذكرنا كل ما تستحقه السياسة الكردية فيما يتعلق بذات الموقف في شتراسبورغ، ولكن للاسف كان الرد انتقائيا لتضليل الراي العام الايزيدي والظهور على حساب الاخرين بمظهر "البطل القومي" في انقاذ الايزيديين من محنتهم.   
لسنا هنا في معرض المجادلات والاتهامات المتبادلة، كما ولست محامياً للدفاع عن السيدة فيان كما وصفنا السيد بروكا مع الاسف، لأني وبكل بساطة اقول بأني لم التقِ السيدة دخيل في حياتي ولم أكلمها حتى عبر الهاتف ولكن الضمير يستوجب قول السلب والايجاب وليس التاكيد على اظهار السلبيات ووأد الحقائق بهدف التسقيط الشخصي بالأوصاف الهابطة وتضليل الرأي العام وتغليف الجزء الايجابي في المواقف بالسلبيات، في الوقت الذي نحن بامس الحاجة لأي موقف مساند لمحنة النازحين، حتى ولو 1%. فعندما ذهب السيد مسعود البرزاني إلى أمريكا حاملا في ذهنه الكثير بما في ذلك مشروع الدولة الكردية ولكنه صٌعِق بالرد الامريكي؛ فهل يجب أن تقوم القيامة على رأسه لأنه لم يحقق هدفه أم أن ظروفاً معينة منعته من تحقيق الهدف الاساسي؟ هل اطلعنا على الظروف المحيطة بالمهزلة التي رافقت مسرحية جلب السيدة الكردية إلى شتراسبورغ؟ هل أن السيدة فيان جاءت بتلك السيدة أم أنها فرضت عليهم؟ وقد يكون الامر كله بدون علمها. فمشكلتنا دائماً هي الحكم على الوقائع من خلال النتائج فقط من دون دراسة للاسباب والمسببات وبالتالي نقع فيما نقع فيه. 
لقد اتصلت بالسيد حيدر ششو في بداية آب /2014، عندما كان يقاتل في جبل شنكال وقلت له: أن الواجب يستدعي أن تعلن عن تشكيل سياسي أو تنظيم عسكري أو حتى تسمية منظمة مدنية من الموجودين الايزيديين على الجبل آنذاك وتجعل منهم قوة على الأرض لكي تسد الطريق على بقية القوى السياسية الأخرى، وبالتالي تستطيع أن تتفاوض بأسمهم لأنكم الآن تمثلون القوة الحقيقية على الأرض، وأنه بدون ذلك سوف لن تستطيع الحصول على أي دعم لوجستي أو عسكري فيما بعد. ولكن الرجل لم يقتنع بالفكرة قائلا بأن الوقت لم ينضج بعد وأن الموضوع سابق لأوانه. فالمشكلة في الشنكاليين هي أنهم ليسوا على ثقة بأي إنسان من بينهم ولا يتقبلون منهم أية نصيحة. ويتكرر الآن نفس سيناريو المأساة في نشأة الحركة الايزيدية من أجل الاصلاح والتقدم عندما أٌرسِل السيد أمين جيجو وأدار دفتها كما يحلو للمخططين لإفشال مستقبل الحركة، مع اختلاف الظروف والأدوار والأهداف.
ملخص الكلام هو أننا لم ولن ندافع عن أي خطأ أقترفته أية جهة أو شخصية، ولكننا نقصد وندين هذا التشهير والتقزيم الشخصي بهدف التشهير والطعن بالرموز الاعتبارية (شخص سمو الأمير تحسين بك والمجلس الروحاني والشخصيات الإيزيدية التي ساهمت بشكل أو بآخر في تذليل محنة الايزيديين وباقي العراقيين). وانما مانقصده هو الرد على المواقف وعدم تغيير مسار حقيقة الكارثة بتوجيه الإتهام للشخصيات الايزيدية لتغطي بذلك على مواقف القيادة الكردية المشينة بحق (الكرد الاصلاء)، من خلال توضيح الحقائق وتقديم الأدلة وتنوير الفئات الاجتماعية ونشر الوعي وكسب الأصدقاء والتثقيف على الاليات التي يمكن بها تحريك الموقف الدولي بقبول محنة الايزيديين على أنها جينوسايد يجب التعامل معه على هذا الاساس. وعلى الجانب الآخر علينا احترام تضحيات ومواقف الشعب الكردي الذي قدم الكثير لتذليل محنة الايزيديين وعدم التفريط بتلك المواقف. ومن هنا أشدد على أهمية الحفاظ على التوازن الاجتماعي واحترام الالقاب وابراز الجوانب الانسانية بالتوازي مع فضح المواقف السلبية حيث ما يقارب النصف مليون ايزيدي الان في مخيمات كردستان وأن أية شرارة لا سامح الله ستخلق كارثة لا تحمد عقباها.
(1): http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=466438
(2): http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=430967
ملاحظة أخيرة للسيد هشام عقراوي: أرجو ان تكون بصفتك كرئيس لموقع الكتروني له حضوره موضوعيا ومحايدا في التعامل مع المواضيع التي تنشرها وذلك  بترك المساحة نفسها للجميع بدون تحيز، وأنت اعلامي وتعلم ما اقصده.   





74
‫‬‬
شتراسبورغ وييريفان؛ مالهما وما عليهما !!


منذ اللحظة التي انطلقت فيها السيدة النائب فيان دخيل بندائها في مجلس النواب العراقي اثر ما تعرضت له شنكال وباقي المناطق الايزيدية من تجاوز وإبادة، تفاعل على هدى ذلك العالم مع ندائها بشكل مثير وخاصة الرئيس الامريكي الذي اجاب على الفور ب: "أن أمريكا ستلبي نداء البرلمانية العراقية الايزيدية" واظبت السيدة دخيل تناظل منذ ذلك الوقت وما تزال تدأب والحق يقال بكل اخلاص على ايصال صوت ومعاناة الايزيديين وعبرالقنوات الدولية والاممية والاوروبية الرسمية منها والحقوقية ممثلة ببرلماناتها وحكوماتها ومنظماتها وسفاراتها ومؤسسات المجتمع المدني فيها. وهنا جدير بالقول أنه لاغرابة ان يرافق تلك المسيرة المعقدة التي خطتها او فرضت على السيدة دخيل دولياً ومحلياً وعربيا بعض الاخفاقات والمصالح والضغوطات السياسية، خاصة وأن السيدة دخيل برلمانية محسوبة على جهة سياسية بذاتها وبالتالي فمن البديهي أن يصب جزء من تلك الجهود المبذولة لصالح حزبها الذي وفر بالمقابل لها جميع تلك الامكانيات ومدها بالدعم الذي تحتاجه. لذا يتحتم علينا ونحن نتعاطى مع مواقف السيدة فيان وتصريحاتها وبياناتها الا نخرج  في تلحيلاتنا وتوصيفاتنا وتعقيباتنا على وضعها عن الموضوعية والإنصاف والواقعية، والا نتجاوز الظروف القاهرة المحيطة بها وبنا.
فالقاصي والداني صار يعرف بأن البيشمركة تركت ساحة القتال في  شنكال بقرار سياسي وإلا ..لو كان الامر غير ذلك؛ لماذا لا تهرب البيشمركة الان من مواجهة داعش؟ فيجب أن نعرف بأن الوضع في الشرق الاوسط كله عبارة عن مسرحية دولية، وأن الاقليات والاكثريات والمسئولين كلهم عبارة عن ممثلين فيها. وان لكل منهم دوراً مرسوماً إن لم يؤده، فإن مصيره سيكون الخروج من المولد بدون حمص وبالتالي فإن الجميع حريصون على أداء تلك الادوار المرسومة لهم جاهلين بمستقبلهم وبما قد تحمله الايام التي ربما تفاجئهم بنفس مصير صدام حسين ومبارك وصالح والقذافي ولكن بعد ان يأتي الوقت المناسب. وعليه، فإن السيدة فيان ليست بمنأى عن أداء دوراً من هذا القبيل ولكن لنقل بانصاف وضمير؛ مَن مِن الإيزيديين على طول مجتمعنا ووجوهه الثقافية والسياسية والعشائرية والطبقية والروحانية وعرضه فعل كالذي فعلته السيدة فيان؟ ومَن مِن السياسيين والبرلمانيين والمثقفين في التاريخ الايزيدي الحاضر والماضي جاهد او يجاهد كما تجاهد السيدة دخيل الآن كي تصل بقضية الايزيديين إلى ما وصلت اليه من هذا المستوى اللائق من التداول السياسي اليومي وعلى صدر كبريات الصحف وفي ارقى الاروقة والمنابر العالمية بحيث اصبح يتم بعد صرختها الاولى وتحركها بحث المسألة الايزيدية وكأنها" قضية رأي عام عالمية "  باعتبارها قضية جنائية دولية تحمل طابع ابادة جنس بشري ـ جينوسايد وتستحق بالتالي وعلى المستوى الدولي الإدانة والتجريم والعقاب؟ ولست اغيّب هنا جهود اخوتي الآخرين كما انني  لست في معرض الدفاع عن السيدة دخيل لأنها ليست في وضع لا يمكنها الدفاع عن نفسها، ولكن ليس من الأمانة أن لا نكون منصفين بحق المدافعين عن حقوق الايزيديين ونتهمهم في كل جزئية حصلت هنا أو حدثت هناك ضمن كلمة أو لقاء أو مقابلة. السيدة فيان دخيل ركزت على الكثير مما يجب قوله في كلمتها في شتراسبورغ وكان عليها ايضا أن تلبي بعض مطاليب حزبها السياسي أيضاً، وهو يعد أمراً طبيعياً في أعراف السياسة. أما لو كانت قد ركزت على مطالب حزبها في جل كلمتها ونست او تناست حقوق ومعاناة الايزيديين من القتل العام والاعتداءات الجماعية وبيع وشراء النساء وتفريق الاطفال عن عوائلهم واطلاق نداء الاستغاثة بإنقاذ 700 رجل ايزيدي من القتل في تلعفر خلال ساعات ان لم يتم حل دولي عاجل لهم  فإن الامر كان سيبدو وكانه غير طبيعي، لذلك أرى انه لا بد من ابداء مايلي :
أولاً:أن السيد هوشنك بروكا لم يكن موفقاً ولا منصفاً حين وصف النائب فيان دخيل بهذا الشكل الغير اللائق وبتلك الحدة والغى بجرة قلم كل ما قدمتها البرلمانية دخيل خصوصا حين وصفها بالممثلة على الايزيديين إذ ان ما قامت به النائب فيان دخيل من دور انساني مشرف قلما شهد الايزيديون مثيله على مر تاريخهم  من دفاع مستميت. ثم عدا عن انه كان حراكها من صلب واجباتها كممثلة ايزيدية في برلمان العراق فان جهودها وتحركها كانا يستدعيان الشكر والثناء وليس القدح ووصفها ب" ممثلة "على اهلها  كما أدعى السيد بروكا، خصوصا و أنها في مناسبات عديدة  كانت قد صرحت باشياء كثيرة على نحو يخالف  سياسة حزبها عبر مقابلات اولقاءات تلفزيونية عديدة. إنني إذ أرى بأن الهجوم بهذا الشكل على كل شخصية إيزيدية بارزة وذات مفعول ايجابي، والسيدة دخيل مثالا وفي وقت كهذا سواء بمناسبة أو بغيرها والنظر اليها من ثم بهذه السوداوية لا يخدم القضية الايزيدية، لا بل ارى انه اصبح يتوجب علينا أن نشجع أي قدر من المساهمة الايجابية وتغليبها على السلبيات ودعم موقف أي سياسي أو مسئول يقوم بجزء من واجبه بقدر المتاح حتى وإن لم يقم بكامل امكانياته بما يجب، دون ان نغفل عن  وضعه السياسي والظروف المحيطة به بنظر الاعتبار.
ثانياً: وفيما يتعلق  بالمجلس الروحاني وسمو الأمير تحسين بك وبشكل خاص في زيارتهم الأخيرة لأرمينيا: لقد تبين بشكل واضح بأن أية حركة أو تصّرف من المجلس الروحاني أومن سمو الامير تحسين بك لا يتماشى مع فكر السيد بروكا ولا يؤخذ برايه مسبقاً فيه يعتبره بأنه عمل غير متكامل ولا يصب في مصلحة الايزيديين، على الرغم من كل ما يحيط بالمنطقة من تدخلات وسياسات وتقاطع المصالح لدول المنطقة والعالم، خاصة وأن الايزيديين لعبوا دوراً مهماً ضمن المعادلة الدولية في منطقة الشرق الاوسط. لذلك أرى بأنه على السيد بروكا أن يعيد النظر في كتاباته وسياسته تجاه هذه المواقف لما لها من تأثير سلبي على مجمل الواقع الايزيدي بحيث أصبح المجلس الروحاني والامير لا يعرفون كيف يتصرفون ومتى يتحركون وفي اي اتجاه سيرضي السيد بروكا. كلنا ننتقد المجلس الروحاني وسمو الامير تحسين بك والبرلمانيين والسياسيين والقيادات السياسية وهو من حقنا، ولكن في المقابل من حقهم أن يسألوننا: ماذا قدمنا نحن لكي نبرئ انفسنا من كل شيء ونرمي بكامل المسئولية عليهم؟ هل قمنا باعداد مؤتمر واتفقنا على الحد الادنى مما يستوجب الاتفاق عليه لكي نلومهم على افعالهم؟ السنا في وضع يمكننا القيام عبره بفعاليات ما ؟ هل منعونا من العمل لكي نلومهم؟ لذلك لا أتفق مع هكذا تهجم سوداوي لا يخدم قضية الراي العام الايزيدي.
 ثالثا : أ ـ أما ماحصل في شتراسبورغ بإعداد الفتاة الايزيدية فكان أكثر من سخيف وعار بحق السياسة الكردية بهذا التلقين الوقح، بحيث لم تكن قادرة على قول كلمة الا وتتحسب الف مرة لما سيحصل لها وهي مرعوبة وخائفة أكثر مقارنة مع وجودها بيد داعش، في الوقت الذي كان يجب اعطائها كامل الحرية لتقول ما رأته بفطريتها الشنكالية وايصال حقيقة معاناتها إلى مسامع الحضور. فقد كررت كلمة "يعني" 30 مرة ولم تتحدث عن معاناتها ومعاناة صديقاتها واقاربها في الاسر من حيث الاعتداء والبيع والشراء والتنقل والفصل والتعامل اللاإنساني بقدر ما ركزت على ما تم تلقينه اياها بما يجب عليها أن تقوله. فلم تذكر كلمة واحدة تعبر عن ما تعرضن له في الاسر لكونها خائفة ومقروء عليها بالإكراه ما يجب قوله.
 ب ـ من جانب آخر فإن مجرد مرافقة سيدة كردية وهي أم لثلاثة شهداء من البيشمركة يعتبر بحد ذاته اهانة للسياسة الكردية واستخفاف بأسرى وشهداء الايزيدية عندما تساوت هذه الام الكردية "مع جل الاحترام لشهادة ابنائها"، مع الآف الامهات الايزيديات اللائي فقدن العشرات من عوائلهن وابنائهن وبناتهن واطفالهن. فالقيادة الكردية ارادت بهذا التصرف اشتراك وتنكب "الكرد المسلمين" كذلك في جينوسايد الايزيديين والتغطية  بذلك على جريمة هروب البيشمركة المنظم الذي تم  بقرار سياسي وعبر "تمثيلية محكمة " على الايزيديين بهذا التصرف المشين.
رابعا ـ الأمر المشين الاخر الاكثر غرابة من ذلك هو عندما قامت السلطات الكردية بتوزيع 1200 شتلة غابات وزراعتها بايدي النساء الايزيديات بين الخيم في مخيمات النزوح لتبقى "ذكراهم في أذهان الايزيديين"، كناية عن 1200 شهيد من البيشمركة في معركتهم ضد داعش. هنا كان الأولى بالقيادة الكردية أن تحترم شعور تلكم الامهات وأولئك الاباء والاسرى حيث لم تجف بعد دموع ودماء الابرياء بسبب تلك الهزيمة النكراء لقهرماناتها بدون قتال. وقد لاحظ الجميع من خلال فضائية روداو مدى الحزن الذي كان يساور تلك الامهات أثناء القيام بزرع تلك الشتلات بين الخيم في معسكراتهم وسقييها، في الوقت الذي هن كن بامس الحاجة للرعاية الاجتماعية والنفسية بدلا من التجريح المتعمد بدون ادنى اعتبار لشعورهم لما عانوه وذاقوا مرارة ماحدث.
خامسا ـ و أخيرا واضافة الى ماتقدم فلو اردنا ان نتحدث عن جميع الحالات بما لها وما عليها كما يجب، فانه يجب علينا أن نخوض  في ما ويحصل ليس فقط من الحزب الديمقراطي الكردستاني وسياسييه، وانما عن الحصار الذي فرضته قوات حماية الشعب على المقاتلين الايزيديين في جبل سنجار بعد اسبوعين من بداية سقوط شنكال على خلفية رفع علمها فوق مزار شرف الدين. وعلينا ايضا ان نذكر كيف استثمرت سياسة ال pkk مظاهرات الايزيديين في عموم اوربا لصالح قضيتها السياسية. ونتكلم عن المجلس الايزيدي في سنجار الذي تم تشكيله مؤخراً وهم يصولون ويجولون في أوربا مستثمرين دموع ودماء وآلام الايزيديين لصالح قضيتهم القومية. وكذلك علينا أن نتكلم عن سلبيات إنشاء كانتون شنكال الذي لا يقل خطورة على مستقبل الايزيديين من كل هذه الانتقادات بحق الشخصيات الايزيدية السياسية والاعتبارية.
المحصلة التي ارغب التوصل اليها في هذه المناسبة هو أنه علينا تعرية مواقف الذين خانوا القضية الايزيدية سواء أكان من الايزيديين أو غيرهم، وفي الوقت ذاته أن نقوِّم ونثني على جهود القائمين بالمواقف الايجابية حتى وإن كانت هنالك دعم لمواقف احزابهم السياسية.

علي سيدو رشو
alirasho@yahoo.de     
 


75
مدلولات في كلمة السيد رئيس اقليم كردستان للإيزيديين

لابد ان يكون لكل "كلمة "أو "خطاب" ينسب الى  مسئول او زعيم  سياسي مناسبة ما  كيما يعبّر هذا المسؤول او ذاك الزعيم من خلالها عن الاحداث والمستجدات والتطورات الحاصلة على الساحتين الداخلية اوالخارجية. فالمتتبع ل "كلمة" السيد مسعود البرزاني التي ألقاها مؤخرا والتي خصت واقع الايزيديين وحالهم المزري بعد أن ذاقوا الأمرين  وعانوا الويلات من خلال الإبادات والمآسي التي طوقتهم بلا رأفة وماتزال تفعل فعلها الاستئصالي المشين. ولنكون منصفين، وبالاعتماد على لغة "الجسد والايماءة"، فقد ظهر الرئيس البرزاني  في وضع نفسي غير مريح، وبدا إلى حدِ كبير مسكونا بالخجل ومغلفا بالحرج ازاء ما أُلُجِق بالايزيديين، خصوصا وانه كان وجها لوجه مع المنكوبين وهو يستطلع ويقرأ عيون ومشاعر الحضور الذين كانوا بدورهم تعبّر ملامحهم عما يدور بداخلهم من حيرة وألم وفواجع رافقت تلك التراجيديا التي خلّفت بدورها مئات من الاسئلة التي اخذت تدور في مخيلاتهم وهم يستمعون الى السيد البرزاني بعناية وصمت وترقب يجعلهم مشدودين الى جديد ما قد يأتي به هذه المرة فيعالج، إن قليلا أو كثيرا من احوالهم التي اصبحت لاتسر الصديق قبل العدو.
وفي مواجهة ذلك توضح من خلال الحركات والملامح  والصوت أن" سايكولوجية" السيد البرزاني  كانت مرهقة ودللت أنه هو شخصياً كان غير مقتنعاً بما يبديه في كلامه من تهديد ووعيد ظاهر أو مبطن. هذا وتجدر الاشارة ان السيد البرزاني  ضمّن كلامه وعودا جديدة لجهة الخدمات والامن والحماية والحقوق والحريات ومن ذلك مثلا كأن تٌستحدَث محافظة على أرض شنكال ويتم تمديد مشروع ري الجزيرة ليشمل مناطق شنكال وغير ذلك من الوعود التي اصبح لها طعم مختلف في ذهن المتلقي هذه المرة. كما أن المراقب ل"سايكولوجية المستمعين" وتحليلها عبر "لغة الجسد أيضاً"، كانت هي الاخرى تفيض بمشاعر متناقضة ويتصدرها عدم التصديق وفقدان الثقة  خصوصا عندما تطرق السيد البرزاني في حديثه، ولم يبادر احد من الحضور او يتحرك ليصفق ويعزى ذلك طبعا نفسيا الى كسر المصداقية التي كان يتمتع بها الرئيس برزاني والى  خيبة الظن بل الصدمة النفسية التي لقيها الحضور والايزيديون عموما من وعود البرزاني التي اثبت الواقع انه سرعان ما يتنصل منها ويتراجع عنها بسهولة. ويعرف المراقب ان "المستمع المنكوب " لم يصفق هذه المرة  لكلام البرزاني لانه قام بمقارنة عقلية / نفسية مع ما وعد به سابقا دون تنفيذ.  فالامر يختلف حين يوازن المراقب المنصف مادار الآن من حديث  مع ماسبق ان قاله السيد البرزاني، وفي مثل هكذا مواقف من السيد البرزاني نفسه. ف مرور جميع هذه الوعود في كلمته بدون تفاعل أو انسجام من جانب الحضور يعني الكثير في مفهوم السياسة في الشرق الاوسط لمجتمعات تعودت على الرضوخ والطاعة العمياء والتصفيق الجاهز.
 ان المتتبع لكلام السيد البرزاني يرى ان الكلام كان محشوا ببعض المفارقات والتناقضات. ومّما لا يمكن القفز عليه هو تلك المقارنة غير الملائمة التي ذكرها السيد البرزاني بين الصعوبات التي كان يلاقيها المسافرون من شنكال الى كردستان قبل الثالث من اب/2014  مع الوقت الحالي، في ظل وجود الايزيديين في مخيمات النزوح بعد أن حلّت بهم الكارثة وهذا أمر محزن طبعا أن تتم هذه المقارنة في الوقت الراهن. والسؤال هو ألم يتذكر السيد البرزاني وهل فاته ان الايزيديين ومنذ ستينات القرن الماضي ولحد 3/8/2018 كانوا يهتفون للحركة الكردية بكل قوة وايمان واخلاص ويدعمونها بالسلاح والرجال والدعم اللوجستي والاشكال الاخرى من الاسناد والتضحية، حيث أبيدت مئات العوائل الايزيدية من شنكال والشيخان وبعشيقة وبحزاني بالكامل في عمليات الانفال سيئة الصيت. وكذلك قدم الايزيديون  الدعم  من خلال صناديق الاقتراع من أجل إنجاح القضية الكردية سياسياً في مناطقهم، وهم إن كانوا قاموا بذلك فليس طمعاً بالمناصب أو طلباً للمال وليس كذلك ليحمّلوا الكرد منّية اوفضلا. وعليه اليس المفترض أن لا تكون هنالك منّية للكرد على الايزيديين ليقفوا في كل مناسبة بتذكير الايزيديين بها. لماذا يقول السيد البرزاني وقياداته الحزببية  بأنهم وفروا للايزيدين هذه أو تلك من الامور والخدمات؟ ثم لماذا لا يؤتَ بمقارنة بين ما قدّمه الإيزيديون للحركة الكردية منذ أيام النضال السلبي مع ما قدمه القادة الكرد للواقع الايزيدي وخاصة بعد الاحتلال الامريكي؟  فلن يجد الباحث المنصف بأنه يمكن إجراء أية مقارنة حقيقية مع قدمه الايزيديين مقابل ما جنوه من مأساة في ظل السيطرة الكردية على عموم مناطق سكناهم من حيث التغيير الديموغرافي والاعتداءات المتكررة من قتل وتهجير وتشريد واختطاف واهانات وهضم حقوقهم الاساسية وترهيبهم  تحت السيطرة الامنية والعسكرية الكردية 100%. وعليه فان السؤال الرئيس الان الم يكن  الذي حدث مع السيد حيدر ششو والحشد الشعبي  من موقف كان نتيجة لأخطاء القيادة الكردية عندما منعته من تشكيل "قوة مقاومة شنكال" لتكون على ملاك وزارة البيشمركة؟ الا يرَ السيد البرزاني  والقيادة السياسية في كردستان ان "قوة حماية شنكال " لم تذهب حتى تتفق مع الحشد الشعبي الا بعد فقدان الثقة وبعد التأكد بأن سياسة القيادة الكردية تعاطت بصورة غير جادة ولا مسؤولة في موقفها مع قضايا الايزيديين التي كانت تستلزم ايجاد مخرج حقيقي  لحصار شنكال وانقاذ ما يمكن انقاذه؟ وعليه فإنه لن يفوت المراقب اللبيب ان تهديد الايزيديين ـ الضحايا  ومن قبل رأس هرم السلطة الكردستانية و في هذا الظرف العصيب امر غير مبرر، بل لايمت بصلة الى القيم التي يشاع عنها وتتصل بعائلة البرزاني  خصوصا وان الايزيديين / الشنكاليين في اضعف الأحوال والظروف، يتقاذفهم اليأس في درجات متقدمة. وهنا لن يحتاج المراقب حتى يتكشف  له ان لسان حال خطاب الرئيس مسعود البرزاني كان لتحقيق أهداف رسمها فريقه الاستراتيجي بدقة وعناية  ومن ذلك مثلا:
 
 
أولاً: إحاطة الايزيديين  في أجواء من ترهيب و تهديد  واحيانا ترغيب من خلال اطلاق بعض الوعود الإصلاحية وتخييرهم: إما ان يكونوا مع الكرد أو مع غيرهم وهنا لا بد من القول ان الواجب الإنساني والأخلاقي والحقوقي  كان يستدعي أن لايقال هذا في الظرف الميئوس منه الذي اوصل الحال بالايزيديين إلى ما لا يحمد عقباه، وهو الأمر الذي خلّفته السياسية الكردية من عداوة من الطراز الثقيل بين الايزيديين والعرب في شنكال منذ احداث 14/8/2007 والتي توجَّت بكارثة 3/8/2014 .
ثانياً: أن رهن  إيصال الخدمات وتحسين الاحوال النفسية والمعيشية في شنكال وربط الخلاص من هذه المحنة في مخيمات النازحين  الكردستانية وسواها بضرورة تقرير الايزيديين الوقوف مع أو ضد الفكر القومي الكردي امر غير مبرر، ويعطي دلالة مغالطة للواقع والحقيقة  فتوهم المتلقي بصورة مضحكة ومبكية وكأن الايزيديين هم الذين تبرأوا من الكرد وليس العكس.
ثالثاً:  اعتبار ان تشكيل أي جهد عسكري خارج قوات البيشمركة خط احمر يجب عدم تجاوزه حتى وإن لم تقدم البيشمركة الى تحرير شنكال فيه تجاوز على الدستور العراقي والقيم الأعراف الإنسانية ويوكد على ان القوي لايأبه بحال الضعيف الا وفق ماتقتضي به مصلحته. والسؤال هنا، اذا كان السيد البرزاني يقول بعدم تكامل خطة تحرير شنكال لحد الان؛ هل لإيزيدي واحد من شنكال علم بتلك الخطة التي من حقهم أن يعرفوا ولو شيئاً بسيطا عن مضمون هذه الخطة لانها تتعلق بمستقبل مناطقهم ولهم كل الحق في معرفة ما يتم التخطيط لهم؟ اليس لهم الحق بعد 12 عاما من الانتظار ضمن المناطق المتنازع؟ أم عليهم الانتظار لأجل غير مسمّى لحين "تحرير شنكال"!!؟
رابعاً: يبدو بأن برنامج تحرير شنكال مرهون هو الآخر بالموقف الايزيدي من القضية القومية، أي بمعنى أن كل الذي قدّمه الايزيديين من الاسناد والدعم للقضية الكردية منذ أكثر من نصف قرن من الزمن ذهب هباءً وعليهم البدء من جديد ليفوزوا ببركة الكرد في تحديد هويتهم الجديدة. إضافةً إلى القتل والتهجير والتغيير الديموغرافي وما حل بهم بسبب العامل القومي من جانب العرب، وكذلك ما حصل بحقهم من الجانب الاسلامي الكردي، حتى يخرج الايزيديون في النهاية  من المولد بدون حمص. هل هذه هي العدالة التي تنتظرها الشعوب المتعايشة في كردستان الديمقراطية؟
الحقيقة التاريخية تقول بأنه تقع على المسئولين والقادة نتائج المآسي التي تحل بالشعوب بسبب معرفتهم بمصير شعوبهم، وبالتالي فإن أي تغاض مقصود أو مخطط من جانبهم سيحمّلهم المسئولية الاخلاقية والتاريخية لدماء الشهداء ودموع الثكالى وانين الاطفال واستغاثة الاسرى وهو ما نطرحه على القادة المسئولين عن سبب كوارث الايزيديين.

علي سيدو رشو
alirasho@yahoo.de

‫‬‬‬



76
ما الذي تسبب في ظهور أحداثاً بعينها في هذا الوقت؟

في كلمتين من العيار الثقيل للسيد مسعود البرزاني وخلال اسبوع واحد لم يكن أمراً عاديا في هذا الظرف الحساس كرديا واقليمياً ودولياً. الأول منهما بتاريخ 8/4/2015، كان يتعلق بظرف اعتقال السيد حيدر ششو القائد الميداني لقوة مقاومة شنكال واصفاً أياه -للأسف- بالخطر على الامن القومي الكردستاني واتصاله بجهات لم يسمها. والثاني في 16/4/2015 كان رداً على رسالة السيدة هيرو خان عقيلة مام جلال والرئيسة التنفيذية لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني- الحزب الحليف للحزب الديمقراطي الكردستاني متهماً فيها بعض المكونات والجهات التي تعيش في كردستان بخيانة الشعب الكردي واللاوطنية. وبقراءة بسيطة لفحوى هاتين الرسالتين: فإن كان السيد البرزاني لم يكن على علم بتلك الجهات قبل هذا الانذار، فإن ذلك يعتبر حدثاً كبيراً  كان يغلي في عمق السياسة الكردية وهو من الخطورة ما لا يمكن القفز عليه. وإن كان مجرد لجس نبض خصومه السياسيين فيبدو بان موضوع الايزيديين الان بدأ يلقي بظله الثقيل على مستوى الحدث في كردستان؛ ليس فقط كحالة طارئة على الوضع الأمني والسياسي والعسكري، وليس كما يدعي البعض بانه رد فعل لموضوع الحشد الشعبي وانما كان رداً للإنزعاج الذي تبديه القيادة الكردية على ضوء النهوض الايزيدي الناتج عن أخطاء متعمدة وخطيرة أقترفها الحزب الديمقراطي الكردستاني بحق الايزيديين مما أدى إلى زيادة وتيرة مطالبهم من المجتمع الدولي وشعورهم بالخطر الذي لم يعد لهم تحمّله بسبب هول الكارثة التي تسببت في تشريدهم وقتلهم ومحو جذورهم بكل ما في ذلك من قٌبح وتنكيل لاحاجة للتكرار. هذه الاخطاء التي جلبت الكوارث تلو بعضها البعض يجب أن تقف عند حدها، لا بل المطالبة القوية الآن للمحاسبة العلنية وتكثيف العمل بتثقيف الشعب الايزيدي على مغادرة الخوف والمصالح الشخصية جانباً لكون أصبح للموضوع منحاً آخراً يجب التعامل معه بجدية أكثر.
في مقال لي بتاريخ 30/3/2008 وتحت عنوان "حتى الحرباء لم تتلون بقدر اسماء الايزيدية"، حول تصريحات كل من السيد خسروا كوران (المسئول السابق للحزب الديمقراطي الكردستاني في محافظة نينوى) والسيد عبدالله حميدي العجيل (أحد شيوخ قبيلة شمر في ربيعة)، أثناء مقابلة صحيفة كريستيان ساينس مونيتر الامريكية لهما، كان يبدو من سياق تصّرف السيدين حول مستقبل سنجار، وكأن سنجار عبارة عن ضيعة خاصة بهما وهما يتفاوضان على تحديد سعرها دون أعتبار وفي غياب تام لأي مسئول ايزيدي أو حتى التشاور مع البعض منهم في أمر خطير كهذا يهم مستقبل منطقتهم. وبعد فترة من ذلك كتبت مقالاً أخراً عن الدور الدولي والاقليمي الذي سيلعبه الايزيديين فيما يخص مستقبل المنطقة لمسألتين مهمتين ألا وهما: كون الايزيديين كأقلية دينية تعيش في هذا الوسط الاسلامي منذ الاف السنين وتعرضت إلى ما تعرضت له عبر تاريخها الاسود وبالتالي فهم يعتبرون من أفضل المواد للتلاعب بورقتهم في وقت المِحَن كما هو حال الاحداث منذ 2003 ولحد 3/8/2014. والجانب الثاني الأكثر أهميةً هو جيوسياسية جغرافيتهم لما تتمتع به من استراتيجية بحيث في حالة انضمامها إلى كردستان –سواء برضا الايزيديين أو رغماً عنهم- فإنهم سيضيفون مناطق جغرافية مهمة كمنطقة ربيعة العربية واحتمال تلعفر التركمانية إلى جغرافية كردستان لأن جغرافيتهم تقع ضمن نفس الاستراتيجية، إضافةً إلى الساحل الشرقي من محافظة نينوى وقد ذكرت اهمية ذلك (الجغرافية والاقتصادية والبشرية والمعدنية والسياسية) في عدة مقالات منشورة على صفحات المواقع الالكترونية منذ اكثر من عشر سنوات وبخاصة في مسألة الأمن القومي الإيزيدي وقلت فيما نصّه: "أهمس في أذن القيادة الكردية بأن لا تهمل اللعب بورقة الايزيديين في المستقبل كما تم التعامل معهم في موضوعة احتلال العراق". ويضاف إلى ذلك عامل القوة البشرية التي تتمتع بها الايزيدية في مناطقهم، حيث بالرغم من كونهم اقلية دينية في العراق ولكنهم يتمتعون بالاكثرية الساحقة في مناطقهم وخاصة في شنكال التي كانت تدار بشكل تام من قبل الأقلية المسلمة فيها.
إذن فإن التحرك الذي أبداه السيد حيدر ششو في تشكيله لقوة حماية شنكال على ملاك الحشد الشعبي وارتباط ذلك الحشد بالمركز كشف عن الكثير من الحقائق التي كانت غائبة عن غالبية العامة من الشعب الايزيدي والرأي العام الكردي. حيث فضح الموقف الرسمي للحزب الديمقراطي الكردستاني، وفي ذات الوقت عزز من موقع الايزيديين بفتح باباً للخروج من المأزق الذي فرضته القيادة الكردية، ومن ثم بروزهم كقوة خارج سيطرة القوات الكردية التي إذا ما حررت شنكال فإن ذلك سيشكل الضربة الاقوى في تاريخ الحزب الديمقراطي السياسي والعسكري. من الجانب الاخر فإن الشعارات التي رٌفِعَت في المظاهرات داخل وخارج الوطن أرسلت باشارات خطيرة كرديا منها "ايزيدخان، وقوة مقاومة الايزيديين، والادارة الذاتية في شنكال تحت الحماية الدولية"، مما يوحي لهم بأن الايزيديين سائرين الى الانفصال عنهم. هذا بالاضافة إلى علم قوة مقاومة شنكال التي حملها ورفعها الايزيديون في جميع انحاء العالم والتي اصبحت امرا واقعاً خرج عن سيطرة السيد حيدر ششو نفسه، ولم يعد الأمر مقتصراً عليه في تحديد غايات ورغبات الذين اكتوت قلوبهم بنار القتل والاغتصاب والتشرد. على الجانب المقابل فإن ظهور قوة ايزيدية خالصة مدعومة من حزب الاتحاد الوطني ومرتبطة بالمركز مقابل قوة البارتي على الأرض سيضعف من دورها الذي تعودّت على أدائه منذ 2003، بسبب الطلاق الذي ابداه الرأي العام الايزيدي لقوات البيشمركة بعد الثالث من اب/2014. وفي عين الوقت بروز نشاط حزب العمال الكردستاني بكثافة ودراية ومنهجية في شنكال واوربا.
فالرسالة التي بعثت بها السيدة هيرو خان كشفت الستار عن الكثير الذي كان على الايزيديين وكذلك حزب الاتحاد الوطني معرفته منذ زمن، وخاصة ما ترشح عن ردة الفعل المتشنجة والواضحة في جواب السيد البرزاني الجوابية لرسالتها التي اضطرته بأن يخرج بهذا الرد القاسي الخارج عن العرف الدبلوماسي المعتاد في مثل هكذا مناسبات. والدليل الذي قصم ظهر حقيقة حزب البرزاني هو تصريح قائد البيشمركة في شنكال قبل أيام على فضائية روداو والتي أكد فيها بأن البيشمركة على أستعداد لتحرير كامل شنكال في غضون 24 ساعة إن جائتهم الاوامر من القيادة الكردية. وأن الذي عزز من هذا القول هو تصريح السيد قاسم ششو قبل يومين من على نفس القناة على أن الموقف في شنكال ليس كما هو الحال في كوباني وأنه بامكان القوات المتواجدة في شنكال تحريرها بعد ساعات من اصدار الاوامر اليهم. بمعنى أن تحرير شنكال هو مرتبط بقرار من قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني وليس كما يدّعي البعض بأن مسألة نوع الاسلحة وكميتها. لذلك فإن الضغط الذي ولدّته تلك الرسالة بالاضافة إلى الضغط الذي احدثته المظاهرات في أوربا حققت مطلبين مهمين: أولهما هو الرد السريع المتشنج للسيد البرزاني عليها وكشف العديد من الحقائق. والثاني هو توحيد الايزيديين ضمن سياق محدد، ومن ثم إطلاق سراح المقاتل حيدر ششو وتصفية موقفه ولو آنياً.
 المقابلة الاخيرة على فضائية روداو مع السيد هوشنك بروكا وضعت هي الاخرى الكثير من النقاط على الحروف ليوضح للراي العام الكردي والايزيدي عن الكثير الذي لم يسمعوه من قبل بشكل مباشر، وأن الهجوم الذي تعرض له الزميل هوشنك غير مبرر بالمطلق لأنه قال رايه فيما يعتقده فيما يخص موضوعة شنكال مثلما هو حق مكفول لنظيره المتحدث الثاني.  كما أن السيد قاسم ششو كان غير موفقاً في أتهامه للزميل هوشنك وهو أنزه من أن تكيل له مثل هذه الصغائر. في حين أن تصرفات القادة الامنيين مع المظاهرات التي أقامتها النازحين في المخيمات للتعبير عن التضامن مع مظاهرة بروكسل ومطالبة المجتمع الدولي باستحقاقات انسانية لشعب تعرض للمحو والابادة بكل اسف نقوله بانها لم تكن تصرفات حزب سياسي بقدر ما هي من منهج الدكتاتوريات التي تقمع النشطاء والصحفيين والمهاجرين الذين لم يبقَ خلفهم ما يخشوه ويتحسروا عليه بعد الأرض والعرض والمستقبل.
علي سيدو رشو
المانيا في 21/4/2015   

 


77
مضامين اطلاق سراح المناضل حيدر ششو

على خلفية اطلاق سراح المناضل حيدر ششو وتصريحه المباشر والمثير للجدل في الوسط الايزيدي المستعجل، أختلفت ردود الافعال. فللبعض منهم غايات سياسية ومحاولة خلط الاوراق من جديد والتشويش على كل شيء، ومنهم الذين يشككون بالصمود الايزيدي وما رافق ذلك من فقدان الثقة بالشخصية الإيزيدية بسبب ما حصلت من تداعيات مسبقة، ومن ثم الخوف الذي تبديه الاوساط الايزيدية من سقوط ورقتهم الاخيرة بعدما ياسوا من تبادل الادوار وسقوطها واحداً اثر الآخر. ولكن يبقى على الطرف الاخر مواقف الرجال الذين قد لا تهزهم العواصف مهما كانت قوتها واساليب التهديد المستخدمة، سواء أكانت مادية أو أعتبارية أو بالتهديد الشخصي كما هو متداول في الاوساط السياسية الشرقية.
على هذا الاساس تباينت ردود الافعال في الشارع الكردي عامة والايزيدي على وجه الخصوص حول تصريحات السيد حيدر ششو عقب الافراج عنه وبخاصة عندما تم حبسه مع مجرمين متهمين بالارهاب. وكما هو واضح من التباين في اسلوب التعامل مع التصريحات، فإن ذلك مطلوب للتعامل مع الظروف واحترام مواقف الاخرين السياسية والموضوعية وخاصة موقف حزب الاتحاد الوطني الكردستاني منذ لحظة القاء القبض عليه ولغاية الافراج عنه. يضاف إلى هذا الموقف ما أبداه الشارع الايزيدي في أوربا والعالم من مساندة منقطعة النظير وحشد الشارع الايزيدي باتجاه التوحيد وهو ما افرز عن موقف ايزيدي موحد أجبر القيادة الكردية في أربيل على التعامل مع المناضل حيدر بكل حذر واحترام. الموقف المشرف الاخر هو مساندته من قبل رفاقه في الجبل وارسالهم رسائل واضحة للقيادة الكردية بأن تصرفها مع الحالة كان غير موفقاً وبالتالي عليهم اعتبار ما سيترتب على هذا الاجراء من مواقف قد تغير الكثير من الموازين على الأرض وهو ما أجبر القيادة الكدية على التراجع وتدقيق حساباتها على أساس المعطيات الجديدة. هذا بالاضافة إلى موقف السيد داود جندي الذي اوضح من خلال لقائه التلفزيوني بأن العمل سيستمر بالدفاع عن حقوق الايزيديين الذي يتعرض إلى الإنتهاك بشكل مستمر بدءاً بالمظاهرات التي قامت بها مجموعات مدنية ونشطاء حقوق الانسان والصحفيين والشباب الذين تظاهروا تضامناً مع محنة ذويهم من النازحين وظروف حياتهم ومطالبتهم بالحماية الدولية واعتبار ما حصل كجينوسايد. ويضاف اليهم جميعاً موقف الحكومة الالمانية في الدفاع عن مواطنها الذي قهر الطغاة الذين هزموا جيوشا بكاملها عندما اتصلت بالقيادة الكردية ومطالتهم اياها للتعامل مع الحدث بشفافية واهتمام كبيرين. وبالمقابل فإن تصريحات القيادة الكردية الرسمية بأن حيدر ششو يشكل تهديدا على الامن القومي الكردستاني أثار ردود افعال متشنجة من الكثير من الاوساط الجماهيرية والشعبية الايزيدية والكردية المعتدلة عندما ساوت القيادة الكردية المجرم والإرهابي مع المدافع عن الحق ضد الارهاب.
لذلك نطالب المناضل حيدر ششو بالمضي قدماً في نضاله وإننا إذ نعتبره بأنه كسب الرهان وأن الحكمة في التعامل مع الاحداث لا تعتبر تراجع بقدر ما نعتبرها نصراً كبيراً وخاصة الثبات على الموقف، طالما كانت هنالك منذ اليوم الاول مطالب بأن تكون قوة حماية شنكال على ملاك البيشمركة ولكن تحت أمرة القائد حيدر ششو وليس تحت امرة قادة البيشمركة. نثمن موقفكم ونساندكم في المضي قدماً برفع علم إيزيدخان عالياً فوق جبل شنكال الاشم الذي لا يعرف الذل مهما كانت قوة وجبروت الضعفاء واموالهم التي لا تسمن سوى الضعيف. وعلى هذا الاساس أيضاً فإن المطلوب هو أن نساند قوة حماية شنكال تحت راية قائدها وباسمها وتحت علمها الخاص وأن نحترم الاتفاقيات التي لا تقلل من شأننا أو شأن قوتنا بل أن نعززها بكل ما أمكن لكي تأخذ طريقها الصحيح ورسم استراتيجية بعيدة المدى لتلافي حالات الاخفاق التي رافقت مسيرتنا مستندين على ما يقدمه لنا الاصدقاء من تعاون وتضامن. 
تحية لمواقفكم ايها المناضل الكبير حيدر ششو
تحية لموقف حزب الاتحاد الوطني الكردستاني عندما وقفوا مع حليفهم في النضال.
تحية للشباب الايزيدي الذي هز الشارع الاوربي بالمظاهرات والمطالب رافعين علم ايزيدخان بالافراج عن المقاتل حيدر ششو.
تحية لصمود مقاتلي جبل شنكال الاشم الذي يواصلون الليل بالنهار دفاعا عن حقهم في الحياة.
تحية للمشرفين على المواقع الاعلامية التي لم تبخل في نشر الخبر وسرعة تناقل الاحداث.
تحية للحكومة الالمانية التي قامت بواجبها الاخلاقي تجاه مواطنهم حيدر ششو.
تحية لنشطاء حقوق الانسان الذي تعرضوا للظلم والطغيان وتحمّلوا التعذيب والاهانة بعد اعتقالهم.
تحية لموقف القيادة الكردية بالافراج عن المناضل حيدر ششو واحترام إرادة الشعب الايزيدي.
الرحمة لشهداء الايزيديين الذين راحوا بالغدر على ايدي مجموعات ارهابية لا تعرف معنى وقيمة الانسان.
كل الاحترام لتحمّل الاسرى من النساء والشيوخ والاطفال الذين لازالوا في قبضة المجرمين.
كل عام والجميع بالف خير مبتهلين الى الله العزيز ان يعيده على البشرية بالخير والامن والامان وسنة جديدة خالية من العنف والارهاب لتنعم البشرية في رخاء ونعيم والتمتع بحياتهم كما يجب ان تكون.
   
علي سيدو رشو
المانيا في 15/4/2015

78
لماذا يخشى الحزب الديمقراطي الكردستاني من قوة وعَلَم الإيزيديين؟

هذه الاقلية الدينية التي تعيش في اوضاع مشتتة بين دول متعددة، لها هموم مشتركة من حيث الاقصاء وتشويه حقيقتها والتعامل الدوني مع معتنقيها ونعتها بما لا يليق من صفات لا يقبلها المنطق. ومن بين أهم واكبر المجموعات التي يعيشها هذا الشعب المشرّد في بلدان الاصل (العراق وسوريا وتركيا)، والمهجر (روسيا وجورجيا وارمينيا والمانيا وبقية دول اوربا والعالم)، هي التي تعيش في العراق وتحديدا في محافظتي نينوى ودهوك. وعلى الرغم من أنهم يشكلون في العراق أقلية ولكن في مناطق سكناهم يشكلون الاغلبية كما هو الحال في سنجار والشيخان. هذا العامل يشكل الكثير مما يركز عليه المقابل من أن عامل الجغرافية قد يشكل الارضية التي بها يمكنهم أن يطالبوا بالادارة الذاتية أو تشكيل اقليم بهم على ضوء المستجدات الحالية التي افرزتها الاحداث على الساحة بعد 3/8/2014.
  الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي لعب بالايزيديين على اقل من راحته بكل ما يحلو له من دون ادنى معارضة او مقاومة او حساب للمستقبل لما قد تفرزها السياسة الدولية، راح يطرق على أي راس يبرز من بين الايزيديين وبكل الوسائل. ف لغاية التاريخ المذكور وبعد أن تكشفت للملأ الاوراق والادوار والنوايا بحيث لا يحتاج الامر للكثير من التحليل السياسي، استوعب الايزيديون كما هم غيرهم، لعبة هذا الحزب على ورقة الايزيديين واستخدامهم كعامل ضغط على حكومة بغداد ومن الجهة الاخرى لدعم واسناد موقفه في الانتخابات والمواقف السياسية والانسانية. ولكن بعد احداث آب 2014 تغيرت المعادلة وانقطعت حلقات التواصل التي كانت تتشكل منها السلسلة المتصلة ببعضها يوما بعد آخر بسبب الاخطاء الشنيعة التي اقترفتها قيادة الحزب الديمقراطي تجاه الايزيديين منها؛
1.   "الانسحاب التكتيكي" للبيشمركة الذي أوقع الوبال على رأس الايزيدية كشعب وكديانة وتسليم مناطقهم بدون اية مقاومة الى مجموعات داعش الارهابية بعد أن كانت لا تترك مناسبة إلا واتهم البعث بأنه دمّر مناطق الايزيدية وأسكن العرب مكانهم.
2.   محاولة خنق المقاومة الايزيدية بُعَيد الثالث من اب/2014 من خلال تشديد الحصار على المقاتلين في جبل سنجار بحيث لم تحصل تلك القوات على اية معونات على مدى ثلاثة اشهر وبالتالي إفشال تلك المقاومة للتغطية على جرائم الهزيمة النكراء لقوات البشمركة دون قتال من سنجار، لحين أن استسلم السيد قاسم ششو وأضعن لمطالب الحزب الديمقراطي حتى قام بفك الحصار عنهم.
3.   بعد أن يئست قيادة الحزب الديمقراطي وفشلت في خنق المقاومة الايزيدية على الجبل، ولرد بعض أعتبارها قامت بعملية "تطهير الوجه الشمالي من جبل سنجار"، للحصول على السلاح والدعم الاعلامي العالمي ومحاولة استدراج الايزيديين إلى إعلان الحرب على العرب من القرى المجاورة لناحية الشمال وبالتالي تبييض صفحته من خلال هذا الدفع الايزيدي الى الواجهة.
4.   منع تسليح أو مساندة أية مجموعات ايزيدية مقاتلة في الجبل عندما كان قاسم ششو زعيما لها، عدا التي تدور في فلكها الحزبي"، والابقاء على مالديهم من امكانيات بسيطة ليبقوا محتاجين الى الاستجداء بهدف فرض شروط مهينة على الايزيديين، وقد تحقق لها ذلك.
5.   استخدمت مأساتهم الانسانية في مخيمات النازحين لكسب العطف الدولي من الناحية السياسية والانسانية، كما أنهالت عليهم عشرات الملايين من الدولارات وكميات هائلة من الاسلحة دون أن تستخدمها بالشكل المطلوب ضد عصابات داعش. هنا لا يسعنا إلا وأن نتقدم بخالص التقدير والامتنان الى الشعب الكردي الذي لم يبخل بكل شيء تجاه النازحين الايزيديين.
6.   استثمار ذوي النفوس الضعيفة من الايزيديين كابواق دعاية مجانية ضد بعضهم البعض باسلوب رخيص لا يرقى إلى فكر حزب سياسي يحمل اسم "الديمقراطي"، لزرع التفرقة والفتنة بين ابناء القوم الواحد.
7.   عدم محاسبة اي مسئول أمني أو عسكري تخاذل في واجبه وتسبب في هذه الكارثة الانسانية أو تقديمهم إلى العدالة، مما يضع الف علامة استفهام على مسئولية هذا الحزب عن كل ما جرى على رأس هذا الشعب البريء.
8.   اعتقال المتظاهرين ونشطاء حقوق الانسان ومسئولي المنظمات الجماهيرية ومحاصرة الفنانين والشعراء والصحفيين والمنادين بالحق العام في مخيمات النازحين في كردستان كما هو الحال مع الناشط خيري علي ابراهيم وتهديد كل من الشاعر حجي قيراني والصحفي بركات عيس والفنان دخيل اوصمان بالقتل، الذين هربوا الى اوربا على خلفية تلك التهديدات.
9.   اسنخدام الاسرى العائدين من النساء والاطفال والشيوخ كوسيلة للدعاية الاعلامية بعد ان قطعت عشرات الساعات مشياً على الاقدام وهروبهم من دون اية مساندة، مع كل الاحترام والتقدير للشاب الكردي من البيشمركة الذي أجهش في البكاء وانهمرت دموعه على ذلك الطفل الرضيع والوضع الانساني الذي يمر به الايزيديين. والذي اعتقده هو شعور هذا الشاب بقصور البيشمركة في التخلي عن هؤلاء الابرياء وبالتالي حصل لهم ما رآه بعينه.
10.   أخيراً اعتقال المناضل حيدر ششو ورفاقه كل من

بعد هذه المواقف التي يشهد عليها العالم، وعايشها الملأ مع جميع الايزيديين بكل ما فيها من مِحَن ومآسي، ألا يحق لهم التفكير والاعداد لما يحفظ وجودهم وكيانهم من الابادة؟ ألا يحق لهم البحث عن البديل الذي قد يحفظ لهم كرامتهم من خلال الدعم المالي والعسكري؟ اليس من واجبهم الاخلاقي الإسراع بتحقيق حد أدنى من التماسك حول نقاط محورية ليلموا بها شملهم ويتحسبوا للمستقبل؟ لماذا انتظر الايزيديون كل هذه الفترة بدون عَلَم أو تشكيل قوة خاصة بهم لحين أن خاب أملهم بالقادة الكرد وخاصة من الديمقراطي الكردستاني وتعاملهم الفوقي المتغطرس مع بقية المكونات من الايزيديين والاشوريين والشبك وتهميشهم وتركهم فريسة سهلة للوحوش البشرية؟ فكنا نتمنى أن تتعاون البيشمركة مع قوة مقاومة سنجار لإعادة اعتبارها والتكفير عن ذنوبها عندما تركت هذه الابرياء في محنتهم. كما نتمنى أن تعي حكومة كردستان بأن هنالك بون شاسع بين ما قام به المقاتل حيدر ششو بتشكيل هذه القوة وتهمة الحزب الديمقراطي الكردستاني بانه خرج عن القانون وأنه يشكل خطراً على الامن القومي الكردستاني. فلا يمكن مقارنة مَن يقاوم الغزاة والمحتلين والارهابيين بالخارجين عن القانون ومحاسبة الضحية بدلاً عن الجلاّد. 
لذلك فإن تحرير سنجار على أيدي المقاتلين الايزيديين وقائدهم الكبير حيدر ششو سيشكل تغييراً جوهرياً في تعامل الحزب الديمقراطي مع الواقع وردّاً قاسياً على تصرّف القادة الامنيين والميدانيين والحزبيين عندما تخلوا عن أقليم سنجار تاركين وراءهم جيوشاً من العزّل في أتعس حال بين ايدي إرهابيين لا يعرفون أي قدر من الرحمة، مع الاسف تحت راية الله واكبر.
الحرية والكرامة للاحرار ومقاتلي الايزيديين الذين يدافعون عن تربتهم،
الحرية للقائد حيدر ششو ورفاقه المقاتلين على جبل سنجار
علي سيدو رشو
المانيا في 10/4/2015     

79
الحرب القذرة على الايزيديين على قدمِ وساق!!!!

لا يخفى ما تعرض له الايزيديون منذ الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003، ولا حاجة بنا لتكرار تفاصيلها بدءاً بكارثة الشيخان في 14-15/2/2007 ولغاية 3/8/2014. فتوالت الكوارث تلو بعضها، وفي كل مرة كانت الوعود بالقصاص من الفاعلين ومرتكبي الجرائم والمسئولين عنها، ولكن راحت جميعها ضد مجهول (لا يعلم بها أحد). فدارت الايام وفي كل مرة كان المسببين يخرجون من العملية اكثر قوة واشد فتكاً من سابقاتها، لا بل معززين مكرمين مرفوعي الرأس وكأنهم قادة في معارك التحرير، وبالطبع حدثت جميع تلك المآسي تحت حكم وإدارة القادة الكرد للأسف.
فبدءاً بالدستور الكردستاني وانتهاءاً باغتيال المقاومة الايزيدية من خلال الاعتقال المستفز للقائد حيدر ششو بعدما تخلّت قوات البيشمركة في وضح النهار عن سنجار وتركهم فريسة سهلة لتعبث بهم داعش أمام مرآى ومسمع العالم باسره. فالحرب مستمرة على الايزيديين بلا هوادة من قبل داعش من جهة وأقولها بكل أسف من التطرف الكردي من جهة اخرى ومحاولة تفكيك كل ما هو حيوي في الاسرة الايزيدية لإنهاء هذا المعتقد الذي بدأ الكرد يخشونه أكثر من داعش بكل ما اقدم عليه من تخريب، مستغلين ظرف النازحين وإرهابهم بشتى الوسائل. أليس لكل حزب أو جمعية أو مجموعة علم خاص بها ليميزها عن غيرها؟ ألهذه الدرجة قطعة قماش تحتضن الشمس تخدش كرامة كردستان وتؤثر على أمنها القومي؟ اليس الامن القومي الايزيدي من أمن كردستان القومي؟ أم أن الذي قيل في هذا المجال هو كله للاستهلاك والضحك على الذقون؟
فإذا كانت البيشمركة قد تركت مواقعها منهزمة بدون مقاومة لتقدم الايزيدية بكل ما فيها على طبق من ذهب لداعش الإرهابي الذي يبدو بأن أعتقال المناضل حيدر ششو أكثر أهمية من كسر شوكة داعش. وإذا كانت القيادة الكردية تمنع الايزيدية من تشكيل قوة بهم لمقاومة هذا الكيان اللقيط المسمى داعش. وإذا كانت قوات البيشمركة في سنجار تمنع الايزيديين بعدم التقدم لتحرير سنجار إلا بامرتها. فكيف يمكن تفسير هذا الاجراء الجنوني بالقاء القبض على رمز المقاومة في الوقت الذي تحتضن كردستان الغالبية ممن هم محسوبون على داعش، ضاربين عرض الحائط جميع الوعود بتحرير كامل مناطق الايزيدية. فلم نعد نعتقد بأن سنجار ستتحرر بهذه الطريقة وان الموقف سيتأزم أكثر وأكثر ولذلك اقترح الآتي:
1.   أرى بأنه من الضروري التفكير بعودة النازحين إلى الجزء الشمالي من جبل سنجار الذي هو الان تحت حماية القوات الايزيدية كجزء من تخفيف الضغط على بعضهم البعض في كردستان وتشكيل قوتهم بنفسهم والدفاع عن مناطقهم مهما كلّف من تضحيات لأن الجميع في حكم الموت المذِل والمهين وتعريض السياسة الكردية إلى نكسة لا تحمد عقباها بين الوسط الدولي لتعي خطورة النار التي تلعب به. 
2.   لقد اصبح العيش المشترك بين الايزيديين مع المحيط العربي مستحيلا، كما أن العيش في المخيمات مع المحيط الكردي بدأ يلاقي صعوبات حقيقية بعدما انتقلت المشكلة من بين أيدي السياسيين إلى عامة الشعب وهو ما توضح جلياً بعد مظاهرات 23/3/2014 وأعتقال نشطاء الحرية والفكر والمجتمع المدني، ويعتبر ذلك من أخطر ما ستؤل اليها الامور. وعليه فإن العودة إلى القرى الايزيدية في سنجار من التي هي في حمايتهم هو من بين افضل الحلول في الوقت الحالي. فالموت هو واحد وأن الاحتقار والاهانة التي تتلقاها الناس في الشارع الكردي في الاونة الاخيرة على خلفية احداث تستوجب التفكير الجدّي في التفكير بالكثير مما يجب التعامل معه على الأرض لما ستثير من المشاكل شئنا ام ابينا.
3.   يجب ان يسبق هذين المقترحين زيارة وفود إلى الحكومة المركزية في بغداد والمرجعية الدينية في النجف وشرح ابعاد العيش الصعب في ظل تنامي التطرف الكردي وتجاهل حكومة كردستان لوضع مقاومة الايزيديين في جبل سنجار لأنه لا يعقل بأن يستمر الحال بهذه الكيفية التي لا يبدو بأن هنالك حلول مرئية او حتى بصيص امل لايجاد مخرج لها. كما يجب على إيزيديي سنجار اشراك عشيرة شمر المجاورة في كل ما تقوم به من اجراءات على الارض وفي الوقت ذاته مع الاشوريين والشبك في سهل نينوى لتكوين تحالفات قوية يمكنها أن تخرج بنتائج موفقة.
4.   قبل كل هذا نتمنى ونتوصل بالحكومة الكردية أن تعي خطورة ما تقدم عليه وأن تسمع أنين وآهات وأوجاع الامهات والازواج والاسيرات كما كانت تسمع أنين النساء والاباء والاسيرات الكرديات أيام محنتهم في زمن النظام السابق ,وان تترك الغرور وتحِّكم العقل والضمير والاحساس الانساني لآن الايزيديين ليسوا ضد الامن القومي الكردستاني كما يزينها البعض لهم. فالذي حدث بحق الايزيديين في 3/8/2014 كاد أن يكون مساوياً لجميع ماحصل للكرد من انفالات وحلبجة وسبي وقهر وتأثير نفسي لا تمحية الدهور، خاصة وإنه يتم توثيقه بايادي ايزيدية خالصة لتكون في متناول الأجيال المقبلة بكل تفاصيله. 

علي سيدو رشو
المانيا في 7/4/2015
     




80
الحرب القذرة على الايزيديين على قدمِ وساق!!!!

لا يخفى ما تعرض له الايزيديون منذ الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003، ولا حاجة بنا لتكرار تفاصيلها بدءاً بكارثة الشيخان في 14-15/2/2007 ولغاية 3/8/2014. فتوالت الكوارث تلو بعضها، وفي كل مرة كانت الوعود بالقصاص من الفاعلين ومرتكبي الجرائم والمسئولين عنها، ولكن راحت جميعها ضد مجهول (لا يعلم بها أحد). فدارت الايام وفي كل مرة كان المسببين يخرجون من العملية اكثر قوة واشد فتكاً من سابقاتها، لا بل معززين مكرمين مرفوعي الرأس وكأنهم قادة في معارك التحرير، وبالطبع حدثت جميع تلك المآسي تحت حكم وإدارة القادة الكرد للأسف.
فبدءاً بالدستور الكردستاني وانتهاءاً باغتيال المقاومة الايزيدية من خلال الاعتقال المستفز للقائد حيدر ششو بعدما تخلّت قوات البيشمركة في وضح النهار عن سنجار وتركهم فريسة سهلة لتعبث بهم داعش أمام مرآى ومسمع العالم باسره. فالحرب مستمرة على الايزيديين بلا هوادة من قبل داعش من جهة وأقولها بكل أسف من التطرف الكردي من جهة اخرى ومحاولة تفكيك كل ما هو حيوي في الاسرة الايزيدية لإنهاء هذا المعتقد الذي بدأ الكرد يخشونه أكثر من داعش بكل ما اقدم عليه من تخريب، مستغلين ظرف النازحين وإرهابهم بشتى الوسائل. أليس لكل حزب أو جمعية أو مجموعة علم خاص بها ليميزها عن غيرها؟ ألهذه الدرجة قطعة قماش تحتضن الشمس تخدش كرامة كردستان وتؤثر على أمنها القومي؟ اليس الامن القومي الايزيدي من أمن كردستان القومي؟ أم أن الذي قيل في هذا المجال هو كله للاستهلاك والضحك على الذقون؟
فإذا كانت البيشمركة قد تركت مواقعها منهزمة بدون مقاومة لتقدم الايزيدية بكل ما فيها على طبق من ذهب لداعش الإرهابي الذي يبدو بأن أعتقال المناضل حيدر ششو أكثر أهمية من كسر شوكة داعش. وإذا كانت القيادة الكردية تمنع الايزيدية من تشكيل قوة بهم لمقاومة هذا الكيان اللقيط المسمى داعش. وإذا كانت قوات البيشمركة في سنجار تمنع الايزيديين بعدم التقدم لتحرير سنجار إلا بامرتها. فكيف يمكن تفسير هذا الاجراء الجنوني بالقاء القبض على رمز المقاومة في الوقت الذي تحتضن كردستان الغالبية ممن هم محسوبون على داعش، ضاربين عرض الحائط جميع الوعود بتحرير كامل مناطق الايزيدية. فلم نعد نعتقد بأن سنجار ستتحرر بهذه الطريقة وان الموقف سيتأزم أكثر وأكثر ولذلك اقترح الآتي:
1.   أرى بأنه من الضروري التفكير بعودة النازحين إلى الجزء الشمالي من جبل سنجار الذي هو الان تحت حماية القوات الايزيدية كجزء من تخفيف الضغط على بعضهم البعض في كردستان وتشكيل قوتهم بنفسهم والدفاع عن مناطقهم مهما كلّف من تضحيات لأن الجميع في حكم الموت المذِل والمهين وتعريض السياسة الكردية إلى نكسة لا تحمد عقباها بين الوسط الدولي لتعي خطورة النار التي تلعب به. 
2.   لقد اصبح العيش المشترك بين الايزيديين مع المحيط العربي مستحيلا، كما أن العيش في المخيمات مع المحيط الكردي بدأ يلاقي صعوبات حقيقية بعدما انتقلت المشكلة من بين أيدي السياسيين إلى عامة الشعب وهو ما توضح جلياً بعد مظاهرات 23/3/2014 وأعتقال نشطاء الحرية والفكر والمجتمع المدني، ويعتبر ذلك من أخطر ما ستؤل اليها الامور. وعليه فإن العودة إلى القرى الايزيدية في سنجار من التي هي في حمايتهم هو من بين افضل الحلول في الوقت الحالي. فالموت هو واحد وأن الاحتقار والاهانة التي تتلقاها الناس في الشارع الكردي في الاونة الاخيرة على خلفية احداث تستوجب التفكير الجدّي في التفكير بالكثير مما يجب التعامل معه على الأرض لما ستثير من المشاكل شئنا ام ابينا.
3.   يجب ان يسبق هذين المقترحين زيارة وفود إلى الحكومة المركزية في بغداد والمرجعية الدينية في النجف وشرح ابعاد العيش الصعب في ظل تنامي التطرف الكردي وتجاهل حكومة كردستان لوضع مقاومة الايزيديين في جبل سنجار لأنه لا يعقل بأن يستمر الحال بهذه الكيفية التي لا يبدو بأن هنالك حلول مرئية او حتى بصيص امل لايجاد مخرج لها. كما يجب على إيزيديي سنجار اشراك عشيرة شمر المجاورة في كل ما تقوم به من اجراءات على الارض وفي الوقت ذاته مع الاشوريين والشبك في سهل نينوى لتكوين تحالفات قوية يمكنها أن تخرج بنتائج موفقة.
4.   قبل كل هذا نتمنى ونتوصل بالحكومة الكردية أن تعي خطورة ما تقدم عليه وأن تسمع أنين وآهات وأوجاع الامهات والازواج والاسيرات كما كانت تسمع أنين النساء والاباء والاسيرات الكرديات أيام محنتهم في زمن النظام السابق ,وان تترك الغرور وتحِّكم العقل والضمير والاحساس الانساني لآن الايزيديين ليسوا ضد الامن القومي الكردستاني كما يزينها البعض لهم. فالذي حدث بحق الايزيديين في 3/8/2014 كاد أن يكون مساوياً لجميع ماحصل للكرد من انفالات وحلبجة وسبي وقهر وتأثير نفسي لا تمحية الدهور، خاصة وإنه يتم توثيقه بايادي ايزيدية خالصة لتكون في متناول الأجيال المقبلة بكل تفاصيله. 

علي سيدو رشو
المانيا في 7/4/2015
     




81
توصيات جنيف بشأن جينوسايد الايزيديين والاقليات العراقية

   في الخامس والعشرين من آذار 2015، عقدت المفوضية السامية لحقوق الانسان في جنيف دورتها الرسمية 28 بخصوص التقرير الذي أعده الموفد الخاص للمفوض السامي بشأن جرائم "عناصر دولة الخلافة الاسلامية المعروف اختصاراً داعش" بحق الايزيديين والاشوريين والشبك والصابئة المندائيين والاقليات الدينية الاخرى.
   قدّمت السيدة فلافيا بانسيل عرضاً ملخصاً للتقرير الذي أعدّه موفد المفوض السامي إلى العراق على مدى أكثر من نصف ساعة، فوصفت جرائم داعش الإرهابية في العراق بالانتهاكات الخطيرة لحقوق الانسان وهي تعتبر؛ جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب وجرائم ابادة جماعية مجتمعة في آنِ معاً. وقالت بأن الجرائم الثلاثة ارتكبت بحق الايزيديين والاشوريين وباقي الاقليات الدينية والاثنية في العراق. فكان لمعاناة الإيزيديين حصة الاسد في جميع فقرات التقرير الاممي لما ورد فيه من حقائق مقتبسة من تقارير وزارة حقوق الانسان العراقية والمنظمات الدولية والاستماع الى شهود عيان من الضحايا، والناجين من داعش من النساء والاطفال والشيوخ وخاصة الاطفال والنساء والفتيات التي تعرضن للتعذيب والاعتداءات الجنسية المتكررة والجماعية، بحيث تليت على مسامع الجالسين بحضور ممثلين عن اكثر من 40 دولة ومنظمة عالمية ومنها وزارة حقوق الانسان العراقية. فاشارت السيدة فلافيا الى ان الايزيديين تعرضوا عشرات المرات الى الابادة الممنهجة عبر التاريخ، وأن الجرائم الاخيرة كانت عبارة عن طيف واسع من الانتهاكات الخطيرة من حيث القتل الجماعي للرجال والإغتصاب الجماعي النساء وتفريق العوائل وتجنيد الاطفال والاجبار على تغيير العقيدة الدينية والتشريد القسري، والتعذيب والاعتداء الجنسي وبخاصة إغتصاب الفتيات القاصرات من عمر 6-9 سنوات وبالتالي حثّت السيدة فلافيا بانسيل مجلس الامن الدولي على أعتبار مالحق بالايزيديين والاشوريين والشبك والصابئة المندائيين جريمة ابادة جماعية (جينوسايد)، وتقديم الجناة –أياً كان- الى المحكمة الجنائية الدولية لنيل العقاب على جرائمهم. بعد ذلك دعا السيد رئيس الجلسة، السيد وزير حقوق الانسان العراقي للتحدث عن الجرائم التي ارتكبتها مجموعات داعش في العراق.
  قدم السيد زير حقوق الانسان العراقي نبذة عن سير الانتهاكات في العراق وما تعرض له الايزيديون بشكل خاص والاشوريين والشبك وباقي مكونات الشعب العراقي على ايدي تلك المجموعات الارهابية التي استهدفت الايزيديين بشكل ومنهجية محددة لإنهاء وجودهم من على الارض، وقال بأن ما تعرض له الايزيديون لم يسبق له مثيل بحيث أرادت داعش محو الايزيديين من الوجود. وبذلك فإن ما وقع عليهم هي جريمة ابادة جماعية لتوافر جميع اركانها الاجرامية لكون أن داعش وثق جرائمه بنفسه من خلال مقاطع الفيديو والصحف والمقابر الجماعية ونشر صور هدم المقابر والرموز الدينية من اديرة ومزارات وكذلك الاثار والتراث وغيرها من الادلة التي تثبت جرائم داعش الارهابية. ثم فسح السيد رئيس الجلسة الفرصة لوفود الدول المشاركة بالقاء كلماتها. ومن الدول التي وافقت واعتبرت ما حصل بحق الايزيديين والاشوريين والشبك والصابئة المندائيين هو جريمة ابادة جماعية (جينوسايد)، حسب ترتيب الحديث هي كل من: الدنمارك، هنكاريا، استراليا، بلجيكا، ايران، الولايات المتحدة الامريكية، بريطانيا، اسبانيا، كندا، تركيا، كوريا، جمهورية مصر العربية، الصين، ايرلندا، فرنسا، السودان، لبنان، كرواتيا، الجزائر، روسيا، وسويسرا. كما القت كل من مجموعة الاقليات في العالم (MRG)، منظمة العفو الدولية، هيومن رايتس ووج، منظمة الشفافية الدولية، معهد القاهرة لحقوق الانسان، الاتحاد الاشوري العالمي، ومنظمة International Development، مداخلاتهم. إضافةً إلى المنظمات غير الحكومية المحلية وبعض نشطاء حقوق الانسان التي حضرت الجلسة كما هو الحال مع الناشطة نارين شمو التي اكدت في كلمتها على أن ما تعرض له الايزيون من قتل جماعي واغتصاب وكذلك بقية مكونات الشعب العراقي هي جرائم ضد الانسانية وجرائم ابادة جماعية.
لقد كان لجميع هذه الدول والمنظمات الحاضرة في الجلسة مشاركة فعالة بكلمات وتعليقات على التقرير الاممي، واتفقت جميع كلماتهم ومناشداتهم وتوصياتهم على أعتبار ما تعرض له الايزيديين والاشوريين والشبك والصابئة المندائيين بجريمة ابادة جماعية (جينوسايد)، لأن جميع أركان جريمة الابادة الجماعية متوفرة بالوثائق والادلة. وفي الختام أوصت السيدة فلافيا بانسيل مجلس الأمن بما يلي:
1.   إعتبار ما حصل للإيزيديين بشكل خاص والاقليات العراقية من الاشوريين والشبك والصابئة المندائيين جريمة إبادة جماعية (جينوسايد).
2.   تقديم الجناة "أي كان" إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبتهم وفق القانون الدولي. 
هذا وقد كان الوفد الايزيدي الزائر بدعوة كريمة من الجمعية الخيرية الاشورية في العراق يتألف من كل من السادة: الناشط المدني علي سيدو رشو، الحقوقي عثمان خلف ايزدين والسيد فيصل محمود خرو الذي فقد 38 شخصاً من عائلته كشاهد عن الضحايا. كما مثّل الحركة الديمقراطية الاشورية بشخص السيد كوركيس حنا مشكو/ ممثل الحركة في اوربا. وبهذه المناسبة نتقدم بخالص الشكر للجمعية الاشورية الخيرية / عراق التي كان لها الدور الكبير والفعال للمشاركة في هذا اللقاء التاريخي.
 ع/ الوفد الزائر
علي سيدو رشو
المانيا في 27/3/2015

82
نشاط حثيث في جنيف بخصوص الاقليات العراقية

في الوقت الذي نثمن جميع الجهود التي شاركت في اعمال الدورة 28 لمجلس حقوق الانسان التي استمرت على مدى اكثر من اسبوعين في مقر الامم المتحدة في جنيف وخاصة جهود الانسة نارين شمو، كان لنا مع الزملاء الاشوريين كل من نيافة المطران  مار اوديشو/أسقف كنيسة الشرق الاشورية في اوربا من السويد، والسيد سام درمو من امريكا، والسيد كوركيس حنا من المانيا، والسيد ميكايل يواش من كندا. كما تشكل الوفد الايزيدي من كل من السادة علي سيدو رشو/ناشط في مجال حقوق الانسان، عثمان خلف ايزدين/حقوقي وشاهد على وضع المخيمات في دهوك وزاخو واربيل، وفيصل محمود خرو/شاهد من بين ذوي الضحايا الذي فقد 38 شخصاً من عائلته يوم 3/8/2014.
تضمنت النشاطات زيارة إلى جنيف بتاريخ 27/2/2015 للإلتقاء ببعض مسئولي الشأن الدولي المهتم بواقع حال الاقليات في العراق منهم؛ السيدة سفيرة سويسرا في المفوضية السامية لحقوق الانسان والفريق الدولي المسئول عن الشرق الاوسط وشمال افريقيا /العراق  تحديداً، وجرى نقاش معمّق ومتفهم لحجم القضية وكيفية تحريكها دوليا لتأخذ ابعادها الحقيقية. وبتاريخ 16/3/2015، سافرنا الى جنيف لإجراء المزيد من المناقشات والاتصال بذوي الشأن في اتخاذ القرار وخاصة الدول ذات العضوية الدائمة في مجلس الامن وشرح ابعاد المشكلة ومطالبتهم بايجاد حل لمعضلة شعبنا من الايزيديين والاشوريين والشبك والمندائيين وبقية المكونات المهمشة.
لقد دامت الاتصالات مع الممثلين والنشطاء والصحفيين على مدى يومين قبل الجلسة الرسمية في 20/3/2015 والتي استمرت على مدى ساعتين لنطرح من خلالها اصل المشكلة من النواحي التاريخية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والانسانية وما خلّفه الدمار بحق الابرياء مدعماً ذلك بالصور ومقاطع الفيديو والادلة والشواهد الحقيقية التي لا تقبل الشك. كانت المطالب تتركز بشكل محدد على:
1.   إعتبار ما حصل في الثالث من آب وما تلا ذلك وما قبلها بحق الايزيديين والاشوريين والشبك جريمة ابادة جماعية، وإجراء تحقيق دولي شفاف في القضية ومحاسبة الجناة والمقصرين من المسئولين العسكريين والامنيين الذين قصّروا في واجبهم.
2.   تسمية منطقة آمنة في سهل نينوى تحت الحماية الدولية.
3.   لخصوصية منطقة سنجار، طالبنا بإدارة ذاتية تحت إشراف وحماية دولية لعدم امكانية العيش ضمن هذا الوسط بعد الان لفقدان الثقة بحكومة بغداد واربيل في حماية هذه المكونات.
4.   إعادة المخطوفين وتأهيلهم وتعويض جميع الضحايا ماديا ومعنويا ومعالجتهم نفسيا وسايكولوجياً.
5.   تسهيل مهمة الهجرة للعوائل التي تضررت بسبب الهول النفسي الذي لحق بهم جراء هذا الفعل الاجرامي كالفتيات والنساء والاطفال الذين تم تحريرهم لاحقاً.
6.   الضغط على حكومتي العراق وكردستان بتعديل بعض مواد الدستور واصدار قوانين ملزمة لمساندة القوانين الصادرة فيما يخص حقوق الاقليات في حال التلكأ في تنفيذها.
7.   تقديم المساعدات الانسانية (الاغذية والادوية والمستلزمات الطبية وماء الشرب واحتياجات الاطفال والملابس) بشكل عاجل عبر المنظمات الدولية وليس عبر الأطراف الحكومية، لأن معانات الناس في تزايد مستمر حيث عشرات الالاف من الاطفال محرمون من دراستهم بالتوازي مع انتشار الاوبئة والامراض الجلدية وأمراض الكلية بين النازحين وخاصة الاطفال والنساء.
وقد حضر الجلسة الرسمية ممثلي بريطانيا وروسيا وفرنسا والولايات المتحدة الامريكية اضافة إلى حضور جمع غفير من المهتمين بالشان العالمي والصحافة العالمية وعبروا عن سعادتهم للطروحات التي تحدثنا عنها. ومن بين أهم الفقرات المؤثرة، تلك التي تحدث عنها السيد فيصل محمود خرو حول عدد القتلى والمختطفات من افراد عائلته الذين بلغوا 38 شخصا (23 فتاة وسيدة، 3 أطفال وقتل 12 شخصا ثلاثة منهم اشقاء له). وفي يوم الاربعاء الموافق 25/3/2015، سنعود إلى جنيف لحضور مناقشة التقرير النهائي، ولنا الأمل في أن يأخذ التقرير الصادر عن المفوضية طريقه الى أن يصبح قرارا اممياً واحقاق حق الضحايا الابرياء.

علي سيدو رشو/المانيا في 21/3/2015

اللقاء الاول مع ممثلي الشرق الاوسط وشمال افريقيا والعراق بشكل خاص في 27/2/2015


جلسة يوم 20/3/2015 في مقر الامم المتحدة في جنيف الخاصة بالاقليات

 

83
إعلان حول فضائية "جارشم تي في"

بعد العديد من المحاولات التي جرت من جهات وشخصيات بفتح فضائية ايزيدية، لم تفلح جميع تلك المحاولات عن نتيجة يمكن الاعتداد بها مع جل الشكر والامتنان لتلك الجهود حتى وإن لم تنجح في مسعاها. وفي بداية عام 2014 انطلقت عن الأكاديمية الإيزيدية في هانوفر فكرة إنشاء فضائية إيزيدية خالصة لتهتم بالواقع الايزيدي بهدف تعريف الآخرين بهم وبتراثهم من خلال نشر التراث الأدبي والفلكلوري والديني وتسليط الضوء على تاريخه المليء بالمآسي وكذلك نشر ثقافة حقوق الانسان وبث الوعي المطلوب في ظل التسارع الثقافي والتكنولوجي ومحاولة تحصين المجتمع الايزيدي مقابل هذه التغيرات الجوهرية من الثقافات التي تبث عبر هذه القنوات التي تسكن كل بيت. وبعد الاعلان عن  فكرة الفضائية شاركت العديد من الشخصيات والجمعيات إلإيزيدية مستقلة للمساهمة فيها ودعمها. كما أن الفضائية مستقلة عن الاكاديمية وسيكون لها نظام مالي وكونتو خاص بها ورقم بريدي مستقل ولكن هذا لا يمانع أن يكون بينهما تعاون كما هو حال التعاون مع جميع المراكز الايزيدية الاخرى التي لها الحق ببث ما تقوم بها من فعاليات ونشاطات تتعلق ببرامجها على أن تتوافق مع سياسة القناة وتخص الشأن الايزيدي بدون تسييس.
فمن الطبيعي، لا بل من الواجب بعد أن تغرّبنا وهجرنا بلداننا وقطعنا الآف الكيلومترات وتفاعلنا مع المجتمعات المتقدمة في أن نعي قدراتنا ونوعي شعبنا بأهمية مثل هذه المشاريع التي لا يمكن الاستغناء عنها بعد اليوم لما لها من أهمية في نقل حقيقة مجتمعنا عن لساننا وتعريف الاخرين بنا عبر ما نؤمن به نحن وليس عن طريق الاخرين الذين قد يخطأوون في نقل تلك الحقيقة؛ ليس عمداً منهم وإنما لأن صاحب الدار اعرف من غيره بما موجود في داره. وعلى هذا الأساس تم التباحث ومناقشة مقترح إنشاء فضائية ايزيدية باسم "جارشم تي في" من قبل مجموعة من المبادرين من مختلف المناطق التي هجر منها الايزييون حيث أن معظمهم يعيشون على مساعدات الرعاية الاجتماعية في المانيا، ولكن الإيمان بحيوية الموضوع والإصرار على إنجاحه فاق كل التوقعات وتجاوز جميع الخلافات.
لقد تخللت مسيرة العمل منذ بداية عام 2014 بعض الاشكاليات الفنية واللوجستية ولم تخلوا المناقشات من وجهات نظر متباينة فرزتها طبيعة العمل كونه أول قرار شجاع ومصيري بين المجتمع الايزيدي يحتاج إلى تمويل وكفاءات ومندوبين وعاملين وخبرات فنية وتقنية ولوجستية، ولكن وبحمد الله تمكننا من تجاوز الغالبية العظمى من تلك الاشكاليات ولم يَعُد يفصلنا عن ذلك الحلم سوى ايام لكي نعلن للرأي العام الايزيدي موعد البث التجريبي وكذلك البث النهائي عبر القمر الصناعي الأوربي  "اويتل سات". وستغطي البرامج العديد من المجالات الفكرية والدينية والتراثية والتاريخية والثقافية والاندماج ونشر ثقافة حقوق الانسان والشباب والمرأة والطفولة والنشاطات الاجتماعية والحفلات والمناسبات الدينية والتراثية من خلال المقابلات والتقارير والزيارات الميدانية والريبورتاج وما يتعلق بالشأن الايزيدي بشكل عام.
ومما هو جدير بالاشارة هنا نود ان نطمأن الجميع ونقول؛ أن هذه القناة سوف لم ولن تكون بالضد من مواقف اية جهة سياسية وسوف تحترم جميع الاديان والثقافات والافكار وكذلك لن تتدخل في الاختيار الشخصي والجماعي لأية توجهات قومية أو عقائدية، وإنما ستهتم بما تم توضيحه اعلاه، ولن تتبنى أي توجه ايديولوجي. وكذلك نقول للسادة والجهات التي نشرت دعايات غير صحيحة عن هذه الفضائية قبل ولادتها بأن ما قيل بحقها ليس في محله وسوف نبرهن ذلك بالفعل الملموس، وسوف نطالب رسمياً بمقاضاة أية جهة تنشر أخبار متعمدة لتشويه سمعة القناة مالم يقدم دليلاً ماديا على إدعائه. وفي الوقت ذاته، نطالب الجميع بإعلامنا بالنقد البّناء عن ما ينشر من خلال الاتصال المباشر عبر قنوات الاتصال التي ستعلن للرأي العام قبل التشهير لأنه حتما ستكون هنالك هفوات قد تكون غير مقصودة وبالتالي فإن النقد البناء والتصحيح والتصويب هو مهمة الجميع وأهمية ذلك قد توازي أهمية العمل نفسه.
كما نعلن للجمهور الايزيدي الكريم عن حاجتنا للمساعدة المادية والمعنوية لأن تمويل هذه القناة سيكون ايزيدياً صرفاً، وإننا إذ نقول هذا لكوننا واثقين مما نقوله. وبإمكان أية جهة أن تعلن للرأي العام الايزيدي فيما إذا كانت قد قامت بأي مقدار من التمويل المادي لكي يطمأن الشعب الايزيدي على حقيقة ما نقوله وأن القناة ممولة من الايزيديين فقط، وأنها ترحب في ذات الوقت بأية مساعدة مادية أو عينية ومن اي طرف كان على شرط أن لايكون هناك فرض لفكرتها على سياسة القناة. وسوف لن تخضع سياسة القناة لأية إرادة سياسية او فكرية مهما كانت مصادرها سوى تنفيذ سياستها المستقلة على أمل أن تبث برامجها باللغات؛ الكردية والالمانية والعربية ومع تطوّر الامكانيات سوف نعمل على البث ببقية اللغات التي لها علاقة مباشرة بواقع الايزيديين في العالم.
وتقبلوا فائق احترام الهيئة الادارية لقناة "جارشم تي في"
المانيا في 24/7/2014

84
ماهو الذنب الذي اقترفه المسيحيون في الموصل؟

سؤال يدور في ذهن كل انسان غيور شاهد النزوح الاجباري لمسيحيي الموصل عقب التهديد الذي وجهه لهم مقاتلي داعش يخيّرونهم بين الدخول في الاسلام أو دفع الجزية مقابل حمايتهم أو ترك منازلهم حتى بدون وثائقهم الرسمية التي تثبت هويتهم وما يرتبط بذلك من حقوق مدنية وانسانية. في قراءة بسيطة لهذه الكارثة الانسانية لايمكن تصورها بأنها خارجة عن تخطيط منظم بقصد مسبق في تغيير الخارطة الديموغرافية وإعادة صياغة التوطين من جديد لصالح أجندات سياسية بإشراف وتمويل (دولي وأقليمي) وإلا كيف يمكن لمجموعات مسلحة لا يتعدى تعدادها فوج من المقاتلين وتهزم فرق عسكرية تعد بعشرات الالاف ومدربة تدريبا عالياً على الاسلحة والمعدات الثقيلة ومحصنة في ثكناتها ومن ثم تسيطر تلك المجموعات على ثاني اكبر محافظة في العراق وتعبث بامنها وحرمة مواطنيها وتهجيرهم ومحاسبتهم مقابل صمت دولي وكأن أمر الانسان وحياتهم وحمايتهم لا تعنيهم بشيء.
لقد طالت التجاوزات جميع أطياف المحافظة بمن فيهم الموظفين والموظفات، وبخاصة النساء اجراءت تطبيق الشريعة الاسلامية في بلد اسلامي، تلت وتطورت تلك التجاوزات لتشمل الاقليات الدينية والعرقية والاثنية ومنهم الايزيديين والشبك والتركمان ومن ثم الكرد والعرب ممن لا يسايرونهم في تطبيق تلك التعليمات التي تصدر عنهم. ولكن الاعنف من بين تلك التجاوزات كانت مع شديد الاسف من نصيب المسيحيين الذين أُرغموا على الترحيل أو القبول بأوامر من مقاتلي التنظيم وهو دفع الجزية مقابل حماية حياتهم. إننا نقول بأننا عشنا في كنف الدولة العراقية ودينها الرسمي هو الدين الاسلامي منذ تأسيسها عام 1921 ولكننا لم نسمع بما نسمع به اليوم، عليه فإننا نجد بأن ما حصل بعد 10/6/2014 مقابل صمت دولي كامل نذير شؤم ومثلمة في تاريخ الانسانية التي تدعي بها المجتمعات الدولية.
فهل يقل مستوى خطورة ما حصل في محافظة نينوى وبقية محافظات العراق بعد 10/6/2014 عن الحرب الاسرائيلية على غزة لينشغل بها المجتمع الدولي من اقصاه إلى أقصاه ممثلا بأمين عام الامم المتحدة ووزير خارجية امريكا والاتحاد الأوربي وروسيا والصين ومصر والعالم العربي لوقف العنف بين غزة واسرائيل مقابل ترك مجموعات تصدر بيانات وتهجّر وتقتل وتجَلَد وتصادر وثائق رسمية وتأمر بختان الاناث وتهدم المقابر والتماثيل وتمحو التراث الانساني- حيث أن جميع تلك التعليمات والاوامر هي ضد حقوق الانسان- بدون محاسبة ليصل بها الامر لإجبار المواطنين الأصلاء بالتهجير حيث تم ترحيل اكثر من 500 عائلة مسيحية من ثاني اكبر مدينة في العراق وكأن الأمر لا يعني اية جهة دولية أو منظمة حقوقية؟ فمتى يحين الوقت للدفاع عن حقوق الانسان اذا كانت الأمم لا تحاسب منتهكي حقوق الانسان على هكذا أعمال؟ ثم ماذا تجني المجموعات المسلحة من تهجير هذه العوائل مقابل هذا العمل سوى التضحية بسمعة الدين الاسلامي الذي يرفض هذه التصرفات ورفضتها حتى في زمن الرسالة الاسلامية؟
لقد وفيتم لبلدكم أيها الأحبة وقمتم بما يملي عليكم الواجب الاخلاقي في الوظيفة والطب والجيرة والمشاركة الوجدانية في المناسبات والاعياد والافراح ولكن هذا هو حال تاريخ العراق ايها الاخوة. فانتم تغادرون تاريخكم وذكرياتكم تاركين وراءكم كل التاريخ الذي بنيتموه، كما هم الشبك والايزيديين والتركمان. فنحن نتحسر ونشعر بنفس الالم لاننا خائفون مثلكم لما قد تحمل الايام من مآسي لأن المخطط اكبر منا جميعاً في غياب الامن والامان. فحصل نفس ما يحصل اليوم بخصوص اليهود عام 1948 وهو ماحصل للفيليين عام 1980 ولكن ماساة اليوم قد فاقت جميع التصورات. اللهم لطفك فيما يحصل وما سيحصل.

علي سيدو رشو
المانيا في 22/7/2014     

85
رؤية في دعوة السيد الفاضل هشام عقراوي
    بداية، نشكر السيد هشام على مبادرته التي ذكّرتني بنفس هذا الموقف عندما طرح السيد خالد شواني (عضو مجلس النواب عن قائمة التحالف الكردستاني) باستبعاد الاقليات من نظام الكوتا واستحقاقاتهم الانتخابية في شهر أب من العام الماضي على خلفية مناقشة قانون الانتخابات رقم 24 وحذف الفقرة 50 منها، بعد المصادقة عليها من قبل البرلمان في 22/7/2008 والتي تم حذف تلك الفقرة من قبل نفس البرلمان في 24/9/2008 بعد نقضه من قبل مجلس الرئاسة. اليوم يتكرر نفس الموقف باطلاقه هذه الدعوة ولكن في ظروف آخرى وتعقيدات أعمق عندما طالب السيد هشام عقراوي آنذاك عبر دعوته الموسومة "اسحبوا مقترحكم الغبي". ورغم المئات من الدعوات والاستنجاد والعطف والتوصل لحد البكاء من خيرة ابناء الايزيدية للقيادة الكردية، إلا أنهم لم يسحبوا اقتراحهم إلا بعد مقالة السيد هشام والتي قال فيها بوضوح بأنكم لا تفقهون من السياسة شيء لانكم تهملون من هم السند لظهركم وكان الرجل محقا جدا وبانت نتيجة دعوته فيما بعد.
  منذ منتصف عام 2003 ولحد اليوم، كتب الايزيديون ومعهم الخيرين من بقية الفئات التي تعاطفت مع هذا الغبن المتعمد، أكثر من ربع مليون مقالة؛ منها رسائل مفتوحة إلى القيادات الكردية كافة من رئيس الاقليم ورئيس الجمهورية والبرلمان ورئيس الوزراء، ومنها دعوات مفتوحة، وأخرى رسائل شخصية، وتلتها لقاءات جماعية، وزيارات وفود مختلفة، ولكن جميعها لم تلق آذان نصف ولو ربع صاغية. ويوما بعد يوم والايزيديون يكتبون للقيادات الكردية بحرقة دم واخلاص وصدق بأن تنتبه لما يحصل وتلتفت إليهم ولو بنصف عين ولمرة واحدة، ولكن في كل مرة نتفاجأ بعد الوعود الخجولة بأن المعادلة قد تغيرت بشكل مغاير لكل ما هو ممكن التفكير به نحو الاسوأ.
  فالسيد هشام شخص يتفهم اللعبة، ومنذ فترة طويلة ومن خلال قراءتي لمقالتين لجنابه عرفته انسانا يفكر في الوقت الصح وعند الحاجة والضرورة. في عام 2008، شعر بأن الغبن قد يلحق بالحق الكردي من خلال تهميش الكرد للإيزيديين، وهي في الحقيقة ليست لسواد عيون الايزيدية، وأنما لكونها ضد المصلحة العليا للشعب الكردي، وهو على حق، وبذلك طرح مبادرته ونجح فيها خير نجاح. كل هذا كان يحدث والقيادة الكردية لا تعير اي اهتمام لدعوات الايزيديين، بل تهينهم في التصرف والحقوق والاستحقاقات وتستفيد من عددهم وخيراتهم وامكانياتهم مقابل حفنة من الدنانير توزع عليهم من استحقاقاتهم المالية على بعض الذوات الحزبية والتعيينات الادارية وشراء الذمم. وقلت في مقالتي عن الامن القومي الايزيدي "بأنني اود أن اهمس في أذن القيادة الكردية على انه يمكن أن يصبح الايزيديون يوما ما عبءً على الواقع الكردي إذا ما استمر التهميش"، ولكن للأسف لم يسمعنا أحد لان الدعوة أتت من شخص لا يهرول ويصفق للخطأ. ولكوني انتقد الخطأ، والانتقاد في ظل الدكتاتوريات والحزب الواحد يعد من الكفر والخطوط الحمر.
  أرجع لما فكر به السيد هشام هذه المرة وبهدوء وايضا في الوقت الضائع وحرصه على مستقبل الشعب الكردي، وهو يتحسس لما يكتب هذه الايام بشكل مغاير لما هو متعارف ومألوف من التاكيد على الحقوق والتصويت للقوائم الايزيدية، ويفحص فيما بين السطور وما يمكن أن يحصل في ظل استمرار هذا التجاهل المتعمد وبهذه العلنية الفاضحة التي يشعر بها الايزيدي المتنّور. ولكن وفي هذا الوقت ايضاً، على القوائم الايزيدية وخاصة القائمة المستقلة، والتي سوف ندعمها بقوة إذا بقت على استقلاليتها، أن تعي الامر وأن تلعب دورها بجدية وحنكة، وأن لا تنجر وراء العواطف والكلام المشروخ في الاتجاه القومي، وأن يعوا ما يعنيه كلمة (الكرد الاصلاء). واقولها بكل صراحة ووضوح عليهم أن يثبتوا هذه المرة بثبات ووعي ماعانه بني جلدتهم من معاناة على ايدي الكرد قبل العرب بدءً بالتهميش في جميع الحلقات السياسية، مرورا بأحداث الشيخان، وأنتهاءً بما ورد في مقالة السيد هشام عقرامي بشكل عام. وهنا لا استبعد بأنه قد تم مناقشة هذا الامر على أعلى المستويات السياسية الكردية، لأن في الامر شيء كبير ومنحى خطير بحسابات السياسة الكردية من حيث أن المجتمع الايزيدي فقد كل الثقة بهم، وليس بجزءً بحد ذاته من القيادة الكردية التي كانت قد بنت عليها الايزيدية ثقة عمياء وغير محسوبة العواقب، وأن الايزيديون لم يعودوا لقمة سهلة الهضم. فالحال في كردستان لم يعد مثل ما كان قبل سنتين من الان، وهو مرشح لأكثر من احتمال على حسب تقرير مجموعة الازمات الدولية بشأن محافظة نينوى والوضع القائم بين قائمتي نينوى المتآخية والحدباء الوطنية حول تقاسم السلطة. ولايمكن استبعاد تأثير فوز قائمة التغيير وعدم موافقتها على الانخراط في الإدارة والاكتفاء بالمعارضة لمراقبة اداء الحكومة. ثم الحسابات التي قد تطرأ على الواقع العراقي بعد الانتخابات التشريعية التي ستغير الكثير من التوازنات وما يتعلق منها بالجانب الكردي من حيث المراكز الحساسة كرئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية وبقية المراكز الحساسة. كذلك زيادة عدد النواب في المجلس النيابي من 275 إلى 311 عضو الذي سيكون في جزء كبير منه على حساب عدد النواب الكرد وبالتالي إضعاف الصوت الكردي. إضافةً إلى ما ترشح عن أهمية الدور الذي يلعبه الايزيديون في محافظة نينوى والتي من خلالهم عطّل الجانب الكردي الحياة بشكلها الاساسي ودب الشلل التام في عموم المحافظة، ومناطق الايزيدية بشكل خاص وعن طريق أعضائهم مع الاسف، وما فيها من هضم واضح لحقوق الايزيديين من جانب الدولة في الوقت الذي هي الاخرى لا تقدم إلا النتف، وما يشكلون من ثقل جماهيري وسياسي لا يستهان به وخاصة بعد الانتخابات البلدية المقبلة في الاقضية والنواحي، إضافةً إلى الانفتاح البارز في قوى إيزيدية متعددة نحو المحافظة وقائمة الحدباء وقواها السياسية.
  والاهم من كل هذا، هو ما يقرأه السيد هشام كصحفي، وما يتلقاه من كتابات وما يحلل فيما يرد فيها من افكار متقدمة ومدروسة بشكل معمق في الشأن الايزيدي المتردي بشكل متَعمد والواضح في دعوته الكريمة التي إذا لم يتراجع الساسة الاكراد عن هذا التباهي والشعور بالقوة والعنجهية وغبن الاخر، فسوف يخسرون الكثير الذي كان يمكنهم الاحتفاظ به دون عناء، وعليهم أن لا ينسوا ما فعله المتطرفون الاكراد في الشيخان أبد الدهر. وإذا ما أستجابت القيادة الكردية لهذه الدعوة، فإنهم بذلك أعلنوا بأن جميع الايزيديين ودعواتهم لا تساوى سوى مقالة السيد هشام عقراوي. من الجانب الاخر وكما اشار السيد أكرم ابو كوسرت في تعليقه على كلام السيد عثمان شواني حول القوميات الجديدة، فنقول؛ مَن الذي أجبر هذه الفئات على التفتيش عن مخارج قومية وفئوية وعرقية غير تصرفات بعض الذين قادوا الاحزاب الكردية في مناطق تواجد هذه الاقليات؟ وهل بعض الاطراف الحكومية على خطأ أم الاحزاب الكردية التي همشتهم، بل أهانتهم، هي المسئولة عن هذا التشذي في الجسم الكردي؟ هل على هذه الفئات أن تقدم أكثر لكي تبرهن على ولائها المطلق؟ أعتقد بأن السياسة الكردية الفاشلة ستؤدي بهم إلى الكثير مما لا يتمنوها في المستقبل إذا ما بقت هذه الرموز التي تقود أحزابها في مناطق تواجد الايزيدية على وجه الخصوص، وهي النقطة التي ركّز السيد هشام عليها في دعوته.
  أملنا أن تعي الساسة الاكراد طبيعة المرحلة، وأن يعوا الدور الذي لعبه الايزيديين في خدمة السياسة الكردية، وأن يعرفوا بأن ماجرى على رأس الايزيديين هي بسبب مساندتهم للقضية الكردية، وأن يكفوا عن وضع الخطوط الحمر في الشأن الايزيدي، وأن أحترام الخصوصية الايزيدية هي الخط الاحمر الذي يجب عدم تجاوزه من أي مكون عراقي مهما بلغ من قوة، لأن الذي قاوم كل التاريخ الاسود سيقاوم الوضع الحالي ايضاً. وفي الوقت ذاته نأمل من السادة الايزيديين المعنيين أن يضعوا الجانب الكردي في الصورة الحقيقية التي يمكن أن يلعبها الايزيديون في الساحة السياسية اليوم لما يتمتعون به من أوراق مهمة في جغرافية محددة وعدد السكان، حتى ولو تطلب الامر القيام بالتحالف مع القوى السياسية الاخرى، مع أملي أن لا تصل الامور إلى ذلك الحد ولكن ذلك ليس بغريب على اللعب السياسية إذا ما كانت تمس حياة الناس.  ومن الله التوفيق.

علي سيدو رشو
القاهرة في 8/9/2009

 

86
المنبر الحر / رسالة إلى أوباما
« في: 22:47 05/06/2009  »
فخامة السيد رئيس الولايات المتحدة الامريكية/ السيد باراك اوباما المحترم

                        م/ وضع الأقليات الدينية والعرقية في العراق
تحية واحترام
 
  إني المواطن العراقي علي سيدو رشو، من الاقلية الدينية الايزيدية ورئيس رابطة المثقفين الايزيديين منذ حزيران 2003 ولحد الان، وليَ الشرف الكبير في ان أكون ضمن كادر الجامعة الامريكية في القاهرة لمدة سنتين تقويميتين، منذ 15/11/2007 ولغاية 30/10/2009.
  وكوني عضو مؤسس لمجلس وبرلمان الأقليات في العراق، أتقدم لفخامتكم بأسمي وبالنيابة عن زملائي بالتهاني القلبية، راجين لكم الموفقية في مسعاكم النبيلة وخدمة البشرية التي باتت في أمس الحاجة لجهود سيادتكم الشخصي. 
    لابد بحكم العمل المباشر مع الوضع في العراق، قد أطلعتم فخامتكم على واقع العيش والظروف والملابسات التي تجري بحق العراقيين عامةً، والاقليات العرقية والدينية والاثنية على وجه الخصوص، والتي برزت إلى الوجود بعد تغيير النظام على أيدي القوات الامريكية في 9/4/2003، عندما سيطرت الاحزاب الدينية والقومية على الواقع السياسي وساد معها التطرف الديني والقومي وتكفير الآخر.

الدراسات الدولية
 1-  أفترض بأن سيادتكم قد أطلعتم على التقرير الدولي الذي أشرف على إعداده ميدانيا سفير الجامعة العربية الموفد إلى العراق السيد مختار لماني والعضو البارز في مركز الحكم الدولي والابتكار CIGI ومقره كندا. ومدى الجدية البارزة في تخوفه من أن تنقرض هذه الاقليات التي تمثل أرثاً تاريخياً لحضارة العراق عبر التاريخ، فيما إذا استمرت الظروف الحالية بحقهم. وهنا بعض مما جاء في تقرير السيد السفير في دراسته الميدانية " "معاناة الشعب العراقي واحدة، لكن هناك خصوصية لبعض الاقليات البالغة نحو 14 اقلية اثنية وقومية ودينية لعبت دورا تاريخيا في حضارة العراق لكن طالها التهجير القسري"، مشيرا الى ان "ما بين 25 - 30% من مجموع الاقليات اجبروا على ترك مساكنهم وهذه النسب في بعض الاقليات اكثر من غيرها فالصابئة المندائين هجر منهم نحو 90 % والمسيحيون مابين 50- 60% والخوف من ان تدمر هذه الفسيفساء التي وجدت منذ وجود الحضارة في العراق".
   ويقدم التقرير الدولي شرحا وافيا عن اوضاع الايزيديين في العراق، اذ يبين انهم على الرغم من كونهم "اقلية على الصعيد الإقليمي أو على المستوى الوطني، لكنهم اغلبية داخل قراهم في شمال العراق والمناطق المتنازع عليها بين الحكومة المركزية في بغداد واقليم كردستان.
والازيديون لا يمكن إلا أن يختاروا بين التحول الى الاسلام اوالطرد أوالإعدام وهو ما ارغمهم على الفرار من الموصل في 2007، وهم معرضون للانقراض خصوصا مع حساسية التوازن الديموغرافي، فدينهم لا يسمح التزاوج مع غير الازيديين.
وبالاضافة الى قلة عدد السكان والتشريد القسري، هناك معاناة اخرى على صعيد ادائهم لطقوسهم، والحل الأفضل في نظرهم هو تشكيل حكومة علمانية من شأنها حماية حقوقهم على قدم المساواة مع حقوق المجموعات الاخرى.

    لقد كانت للحكومات السابقة الاخطاء الكبيرة التي لا تغتفر بحق الاقليات، ولكنها كانت حكومة علمانية على الاغلب. وعلى الرغم مما أصابنا من التغيير الديموغرافي والتهميش السياسي آنذاك، إلا أننا لم نكن نشعر بالعدوان المباشر والتطهير العرقي والتصفية الجسدية والتطرف الديني كما يحصل اليوم. فكانت فرص الحياة أمامنا مفتوحة، وطلابنا يدرسون بدون خوف وتمييز في الجامعات، وكأساتذة جامعات ومعنا الكثيرين، وكذلك ممن كانوا في الجيش وبقية الوظائف، لم نشعر بالتهديد والاهانة والتحقير والتهجير وسلب الحقوق في الشارع العراقي، أو من على المنابر الحكومية الرسمية والشرعية، مثلما يجري اليوم. وأبرز دليل على ذلك ما حصل بإلغاء المادة 50 من قانون انتخابات مجالس المحافظات وتصفية الحسابات السياسية على صخرة الاقليات، والقتل الجماعي بشكل يومي تحت رحمة حكومة تدعي الديمقراطية ولا تستطيع حمايتنا بوجود ثلاث وزارات لحقوق الانسان. فالمتطرفون العرب يقتلوننا بحجة أننا كفرة ومتعاونون مع الاكراد، وكذلك المتطرفين الاكراد يقتلوننا بحجة نحن كفّار ويجب إعادتنا إلى حضيرة الاسلام. فلا خلاص لنا من هذه الازمة إلا بقدرة قادر وتعاون دولي حقيقي وجاد وفعّال.
 2-  كما أفترض بأن سيادتكم قد أطلعتم على الدراسة التي أشرفت عليها جامعة جورج واشنطن بتاريخ 18/نوفمبر/2008، وقدمتة إلى الكونكرس الامريكي وهي تحمل نفس المخاوف بعد أن أستمع القائمين على الدراسة، إلى شهادات حية ومباشرة من نخب متميزة من تلك الاقليات في مؤتمر عام عقد في واشنطن بسبب تلك المخاوف.

معاناتنا الحقيقية
1-   هنالك جهات محلية وأقليمية ودولية ومؤامرات تحاك اليوم ليتم تفريغ البلد من  اللوحة الجميلة التي تحمل تاريخ العراق عبر اقلياته المختلفة، وإضافة عبء كبير إلى الجهد الدولي بتوفير الملاذ الآمن لهم في أوربا وأمريكا. ناهيك عن ما أصابنا من وضع نفسي وسيكولوجي غير محمود العواقب، حيث إننا معرضون للإنقراض تحت مختلف الحجج والاسباب. منها على سبيل المثال لا الحصر؛ التذويب الاثني والتعرض لتغيير الخصوصية العرقية، والاجبار إما الدخول في الاسلام أو مواجهة الموت. أو حتى عندما نُهاجَر إلى أوربا وأمريكا.
2-    إن ربط مصير المناطق المتنازع عليها والتي تتركز فيها غالبية الاقليات من الايزيديين والشبك والكلدوآشور والسريان والأرمن والكاكائية وخاصة في محافظة نينوى، إضافةً إلى الكرد الفيليين والصابئة المندائيين في خانقين وجنوب العراق بمسألة كركوك التي قد تطول لسنوات وحَل المادة 140، جعلها منذ ست سنوات معرضة للشد والجذب فيما بين الكتل السياسة، وبذلك.
1-   حرمت هذه المناطق من كافة استحقاقاتها الانسانية والثقافية والتعليمية والمدنية والخدمية، والحياة السياسية والانتخابية والمشاركة الحقيقية في صنع الحياة.
      2- أنها أصبحت مناطق خاضعة للمساومة فيما بين الكتل السياسية الكبيرة، وكأن تلك الأقليات ملكاً خاصا بهم يتصرفون باستحقاقاتهم الانسانية والجغرافية حسبما تتطلبه مصالح تلك الكتل، وليس لها حتى حق الاعتراض، وهو أمر مخالف لجميع معاهدات وعهود وبروتوكلات الامم المتحدة وما يخص منها بحقوق الانسان.

دور الارهاب
  عليه، نضع أمام فخامتكم المستقبل المظلم لهذه الاقليات الذين أصبحوا أهدافاً حقيقيين للإرهاب، ومهددين بالانقراض بعدما انخفض عددهم بشكل مخيف بسبب الهجرة إلى الخارج والنزوح نحو الداخل، وخاصة الكفاءات منهم عقب التفجيرات الرهيبة "التي سميت بالنووية"، باربع شاحنات في قريتي القحطانية والجزيرة في سنجار التابعة لمحافظة نينوى بتاريخ 14/8/2007، التي راح ضحيتها أكثر من ألف إنسان إيزيدي بريء بين قتيل وجريح وتدمير القريتين بالكامل. وقبل ذلك مقتل 24 عاملا إيزيدياً على الهوية في الموصل بتاريخ 22/4/2007 بعد استبعاد المسيحيين والمسلمين من بينهم. بالإضافة إلى الهجوم الارهابي من قبل مسلحين أكراد بتاريخ 15/2/2007 على المدنيين ورموز وبيت الامارة الايزيدية في الشيخان وحرق وقذف بيت الامارة والرموز الدينية بالاحذية، وحرمان الاف الطلبة من تعليمهم الجامعي ولايزال. وقتل وتشريد المسيحيين والصابئة المندائيين والشبك في الموصل وبقية مناطق العراق وعدم امكانية أبناء الاقليات من تنظيم الوثائق الثبوتية كجوازات السفر أو الجنسية العراقية بسبب عدم قابليتهم على السفر والتنقل إلا من خلال الوسطاء، والابتزاز مقابل مئات الالاف من الدنانير في ظل أوضاع اقتصادية خانقة بسبب البطالة. وتركهم لأعمالهم الخاصة ووظائفهم ودراستهم الجامعية في مراكز المدن، هاربين إلى القرى والقصبات طلباً للحماية من الارهاب المنظم.

مطالبنا الحقيقية:
1-   أن تتحمل الولايات المتحدة تعهداتها الاخلاقية ومسئولياتها السياسية حسب المواثيق الدولية كدولة محتلة، وتتبنى حمايتنا من هذا الارهاب الاسود.
2-   التدخل الفعّال من لدن سيادتكم شخصيا بالتعاون مع الجهود الدولية المستمرة في احتواء هذه المشكلة التي ستضيف حتماً عبئاً ثقيلاً إلى ما موجود من مشاكل على أرض الواقع، في الوقت الذي بالامكان تلافيها قبل فوات الاوان واستفحال الامر.
3-    لا نريد مغادرة بلدنا لانه فيه تراكمَ تراثنا وتاريخ وجودنا، وفيه أيضاً رموزنا الدينية وقبور شهدائنا واجدادنا.
4-   ممارسة الضغط على الحكومة العراقية الفيدرالية وحكومة أقليم كردستان بحماية الاقليات من هذا التطرف المتنامي وضمان حقوقهم الدستورية بشكل عملي.
5-   الاسراع في حل مشكلة محافظة نينوى، والتي برزت عقب انتخابات مجالس المحافظات بين قائمتي الحدباء (الوطنية)، ونينوى (المتآخية)، حيث يدفع الايزيديون الان الثمن الحقيقي والاكبر لهذه المشكلة.
فأملنا كبير بالله وبفخامتكم بتذليل هذه المعضلة التي أصبحت لا تفارق حياتنا والتي ستلحق الاضرار الفادحة بمستقبل الاجيال المقبلة وتغيير ديموغرافية مناطق سكنانا من جديد من خلال تفريغه من مكوناته الممتدة في أعماق التاريخ.
 ولكم بالغ التقدير والاحترام.

نسخة منه إلى: سفارة الولايات المتحدة الامريكية في جمهورية مصر العربية. مع التقدير

علي سيدو رشو/ عضو منظمة العفو الدولية
ناشط في مجال حقوق الانسان
رئيس رابطة المثقفين الايزيديين في العراق
أستاذ زائر في الجامعة الامريكية في القاهرة
القاهرة في 2/حزيران/ 2009

87
ملاحظات حول ما مقال السيد آلان قادر "لماذا يجب أعتبار الديانة الايزيدية أحد مصادر الكردياتي الاساسية؟"

   قبل كل شيء أفترض حسن النية في كل ما ذهب اليه الدكتور الآن قادر، ولكن من خلال ملاحظاتي الاولية حول مقال الدكتور الفاضل، أرى بأنه اراد أن يكون للمقال طابعاً بحثياً مهماً لما تضمن في بدايته على مقدمة وسرد لبعض الوقائع التي ليست لها صلة بأصل الموضوع، وهو بذلك لم يتوفق في مسعاه. وأقول ليس لها صلة باصل الموضوع لأن البحث العلمي لا يقبل بهكذا أمر مالم تكون المقدمة هي تمهيد وتذكير بما سيأتي في المتن، بدليل لم يأتِ أي من الباحثين الذين مر ذكرهم على إدراج أو ذكر اسم الايزيدية في بحوثهم ومقالاتهم ولو بالتلميح. مما يوحي بأن السيد قادر حشرها في المقال نيابة عنهم، لمجرد ربط بعض الاحداث لكي يؤكد على ما مخزون في فكره من معلومات يريد من خلالها أن يبين بأن، الكل يساوي الكل كيفما كان. فالحوادث التي ذكرها السيد الباحث بخصوص قمبيز وقورش ودارا والكاهن الزردشتي ليست إلا حوادث تاريخية مرت وحدثت في أماكن ليس للإيزيديين علاقة بها وبهم، ولم يتم ذكر مثل هذه الاحداث في التاريخ الايزيدي وهو كما قلت تمهيد لربط قضايا ليست لها علاقة ببعضها البعض، وبالتالي ليست لها اية علاقة بالايزيدية كدين أو كمجتمع. ونفس الكلام ينطبق على المؤرخ العربي المسعودي في كتابه مروج الذهب، أو مروج الكذب كما سماها الكاتب، وكذا الحال في كتاب وزارة الثقافة العراقية بمكتبة موسكو، او ما ذكره الكاتب المصري جميل مطر من أن الامبراطورية الميدية ظهرت في اذربيجان الحالية (ينظر في منتدى واتا بتاريخ 21/8/2008حيث كتب السيد كفاح محمود ثلاث حلقات حول اصل الاكراد من تاريخ الكرد وكردستان ل محمد أمين زكي 1880-1948 ولم يشر لا من قريب ولا من بعيد إلى اية علاقة للإيزيديين بأصل الاكراد. وردينا على تلك الحلقات على بحزاني نت بتاريخ 1/9/2008). فليس من الضروري أن ينسحب كل ما يذكر في شأن القومية الكردية على الشأن الايزيدي، أو ان تنسحب على الشئون الاخرى من احداث ووقائع تاريخية. وأخيرا ذكر الدكتور قادر، المحاولات القديمة والجديدة التي استهدفت الايزيديين في سلخهم عن واقعهم الكردي، هذا بعض التوضيح لما ورد في فكر السيد الفاضل بخصوص عمومية وعشوائية الكلام الوارد في المقدمة.
  تعليقنا على هذا الكلام هو، أن الجمع والربط فيما بين هذه الاحداث والواقع الايزيدي تاريخياً، لم يكن موفقاً بالمرة. ولم يحصل اي ربط بين الايزيديين والقضية الكردية القومية بمفهومها الواضح إلا في ستينات وسبعينات القرن الماضي عندما تفاعل الايزيديين على فطرتهم وبكل شوق واخلاص وفي غياب النضج السياسي، مع المسألة الكردية ودفعوا لذلك ثمنا غاليا حل بمستقبلهم الخراب والدمار وأخل بنظامهم الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والسياسي على مدى عقود من الزمن. هنا اقول، لسنا بنادمين على ذلك من منطلق الدفاع المشترك ضد الدكتاتورية ومحاولة لجم الطغيان، أو كرد فعل على التسمية القومية ضد رغبة الايزيديين. ولكننا نادمون على ما حل بنا نتيجة لتلك المواقف التي لم تحظَ فيما بعد بما كان يجب أن يكون من قبل القيادات الكردية. وعلى اية حال، فإن الاصيل لا يمكن ان يتحول عن اصالته مهما كانت المحاولات ولكن يجب ان يكون للاصيل الرأي في الاختيار وليس فرضاً من جهة معينة كائنا مَن تكون عربية أم كردية. وفي قناعتي الشخصية، فإن هذه التأكيدات على القومية الكردية الايزيدية ما هي إلا شكوك من الجانب الرسمي الكردي في عدم قبول الايزيديين القومية الكردية خاصة بعدما حصل الجانب الكردي على مستحقاته الحالية في ظل المتغيرات التي حصلت في العراق إبّان الاحتلال الامريكي-البريطاني. على الرغم من أنه بمجرد سقوط النظام، بل وقبل إعلان السقوط رسمياً، سارع سمو الامير تحسين بك من على فضائية كردستان بالقول بأن الايزيدية هم الجزء المكمل لأخوتهم الكرد في النضال والحياة والمستقبل، كرسالة، دون أن يطلب منه أحد ذلك أو ممارسة الضغوط، ليقطع الطريق على كل محاولة في هذا الشأن. فلماذا كل هذه التأكيدات على كردية الايزيديين إذا لم يكن في الامر شكوك؟ ولماذا استخدام كلمة الكرد الايزيديين من دون جميع خلق الله؟
  نعود إلى اصل المقال وما تضمنه، وهنا أود أن أسال الكاتب الفاضل بعض الاسئلة التي بدوري كنت قد سألتها من بعض الكتّاب الايزيديين الذين ذكروا بنفس المبدأ (الايزيدية ديانة كردية)، ولكن بكل اسف لم يجبني عليها أحداً منهم، مع علمي المسبق بأن أحدا سوف لن يجبني عليها. والاسئلة: ماهي الديانات الكردية التي ظهرت في التاريخ؟ وكم هو عدد تلك الديانات؟ وماهي مقومات تلك الديانات؟ ماهو ترتيب الديانة الايزيدية من بين تلك الديانات؟ ولماذا هذا العدد من الديانات؟ وإذا كانت الديانة الايزيدية بهذه الاهمية الكردية لماذا لا تدين بها الاكراد وتعلن عن ديانتها؟ أليس من الاولى بهم بأن يتدينوا على الاقل بواحدة من دياناتهم بدلا من التدين بديانة العرب؟ هل للعرب ديانات، أم أن الاسلام هو ديانة جميع العرب والفرس والترك والكرد؟ ماهو موقف الكرد من قضية ابليس في هذا الشأن الذي لا يخلو نفس أي شخص كردي من تحريم الايزيديين واتهامهم بانهم عبدة ابليس؟ هل لكم الاستعداد بأن تتقبلوها وتشاركوننا بما أتت على رؤوسنا زورا وبهتانا من مآسي ما لا تتحملها الجبال بسبب تلك الديانة الكردية؟ أم أن في الامر غاية سياسية فقط واستخدام الايزيديين كورقة مساومة لبعض المآرب السياسية؟ فالايزيديون اليوم يعرفون كل شيء ولم تعد الامور مجرد استغلال بعض الذوات ونشر الفساد الاجتماعي والمالي، مع الابقاء المتعمد على التخلف الموجود اصلاً وتعزيزه بشكل مدروس وممنهج. فلسنا بصدد التفريق بين الشعوب ولسنا من طلاّب تلك الافكار التي تباعد النفوس عن بعضها البعض، أو التشكيك في كردية الغالبية من الايزيديين، ولكن يجب احترام الاراء التي تطالب بقناعاتها. فليس من الانصاف تخوين كل مَن يطالب بقناعات قد يختلف فيها مع غيره لمجرد انها لا تتماشى مع افكارهم. وعلى المقتدر أن يدرك ويتدارك بأن ما قبله ايضا كانوا مقتدرين، وأن ما ينبني على باطل سوف يبقى باطلا مهما طال الزمن وهو ما تهدم في ظرف ساعات عندما اجبر الايزيديين على اعتبارهم عرباً لسنوات رغما عنهم. فلا نريد لذلك السيناريو أن يتكرر اليوم بحيث يتحول الدين والدنيا كلها إلى فكر قومي متطرف يهدم البنيان من اساسه وهو الذي اوقع العرب في فخ الهزيمة بعدما نادوا بالقومية والفكر القومي صباح مساء وصهروا كل التاريخ والدين والتراث والامال والمستقبل في المفهوم القومي، ومن ثم خسروا كل شيء وسوف لن يكون لهم قائمة بسبب فهمهم الخاطيء لتلك النظرية البائسة. فحذارِ أيها الكرد من تكرار تبني الخطأ الذي أوجع العرب وأقعدهم عن ممارسة دورهم الذي كان يجب أن يتبوءوه، وحذار من الوقوع في نفس الفكر القومي الشوفيني.
يقول الكاتب الفاضل " فجبال سنجار التي أحتضنت الأيزيديين والديانة الأيزيدية كانت دائما ساحة للمعارك الدموية الطاحنة بين سكانها من جهة وملوك أشور والفرس والرومان وفيما بعد العرب من جهة أخرى". وهنا نريد أن نسال الكاتب الفاضل سؤالا محددا، أليس عدم ذكر ماجرى على المجتمع الايزيدي في مقالك من قبل القادة الكرد وفتاوى رجالهم الدينية كإحدى أشرس وأكثر تلك الحملات دموية (في منطقة الزاب والشيخان وسنجار)، لهو ما يحمل من نفس الفكر الشوفيني الذي وصفت به أولئك الكتاب والباحثين بالشوفينيين؟ وإذا كنت تذكر للتاريخ، لماذا تتجاهل الحلقات الاكثر دموية في التاريخ الايزيدي، وأنت أعلم من غيرك، ولم تشر إلى فترة الحكم العثماني المقيت وتقفز من فوقها لتحمّل الاخرين وزر وما اقترفته ايادي الكرد والترك بحق الايزيديين؟ ومن ثم نسألك، لماذا قام القادة الكرد بتلك الحملات بناءً على فتوات دينية من رجال دين اكراد ومن ثم تحريم وتجريم وارتداد الايزيديين عن دين الحق ويحق للمسلم من قتلهم وسبي نسائهم ونهب اموالهم؟ لماذا هذه الازدواجية ياناس؟ فالكل تدّعي بانهم يكتبون للتاريخ  ولكن الكل تبريء نفسها من الاخطاء وتحمِل غيرها وزر ما تقترفه ايديها، ولكن في النهاية لا يحق إلا الحق. مع الاسف أن يتم تزوير التاريخ وتقلب الحقائق إلى أكاذيب بيد الباحثين والكتّاب والاكادميين.
منذ اكثر من خمسين سنة وأنا احضر المراسيم الدينية الايزيدية واواضب على أداء دعاء الصبح، وليس (الصلاة) كما ذكرها السيد الكاتب، فليس لدى الايزيديين اي شكل من اشكال الصلاة. ولم اسمع بما ورد على لسان الدكتور قادر بخصوص ذكر كلمة "كردستان" في دعاء الصبح، او الفجر او الظهر او المساء او في اي دعاء ايزيدي على الاطلاق، سوى ما قيل في مناسبة دعوة شرف الدين "قدس سره" عندما قال "اعلموا كردستان، ليعملوا على تقوية الايمان، وشرف الدين أمير في الديوان". في هذا المفصل أود أن أشير إلى واقعة حصلت بالفعل؛ عندما كان بعض رجال الدين الايزيدي في حضرة السيد مسعود بارزاني، نهض فقير حجي وقال بنفس المقطع من قول شرف الدين وبدلا من ان يقول شرف الدين أمير في الديوان، قال: مسعود امير في الديوان. هكذا تم تحريف حتى دعاء الصبح والمساء والاقوال والدين وطبعّوه بطابع قومي بشكل متعمد ورخيص وبالاخص من قبل المشرفين على مركز لالش، أو بتشجيع منهم، أو بالسكوت عن المغالطات، مع الاسف.
 فكم كان جميلاً فيما لو أن دعوة الدكتور الفاضل قد نادت بأن يأخذ كل من الدين والقومية إطاره واستحقاقاته، فالدين اسمى من أن يتلوث بالشأن السياسي ويتم استخدامه لمصالح نفعية وكل من هب ودب يضيف ويطرح ما يحلو له حسب الاهواء والمصالح الرخيصة، فإذا كان لك الحق كباحث في أن تبحث في الشأن القومي، فليس بمعنى تعطي لنفسك الحق في ان (تلتقط) كلمة شاذة من جهة غير مخولة وتربطها بالشأن الديني لغاية سياسية أو قومية. أما فيما يخص الطرق على جانب اللغة في الدين والقومية، فإن اللغة ماهي إلا واحدة من العوامل التي تربط تلك العلاقات ببعضها وليست البديل لكل شيء. وإذا كانت لغة الدين هي التي تحدد كل شيء، فمن هم الاكراد إذن؟ أليسوا هم مَن يدينون بالاسلام ويتخذون من القرآن والسنة معظم مواد شريعتهم في دسستور الاقليم؟ وإذا قلنا بأن الجانب القومي لا بأس به من البحث فيه أو التسليم بماهو قومي كردي، فلماذا هذا التركيز لربط الدين بالقومية في هذا الشأن؟ 
وإذا كان الايزيديون "حافظوا على طابعهم القومي الكردي سواء من حيث لغة الدين أو العادات والتقاليد و(الصلوات)، وتحملوا المآسي ضد تلك الحملات العدوانية المحمومة لتشويهها واجتثاثها من الوسط الكردي". فما هي طبيعة حملات الابادة الكردية على الايزيديين؟ وماذا كانت تستهدف؟ هل كانت ذات طابع ديني أم عشائري؟ ولو كانت تلك الحملات ذات طابع عشائري، أو خلاف على حدود معينة فليس من المعقول أن تسبقها فتاوى دينية، وكان الواجب يحتم عليهم الحفاظ على حياة الاسرى وحماية النساء والاطفال من الاذى. ثم يستمر الكاتب ويقول " هناك حقيقة ذات دلالة بالغة،الا وهي أن البعض من هذه المناسبات تعد حصيلة أو ثمرة نتاج الأساطير والأعياد الكردية-التراثية القديمة،ولكن الايزيدي ظل متمسكاً بها بالرغم من عدم علاقتها بالمعتقدات الروحية الايزيدية".
لم يذكر لنا الكاتب الفاضل ماهي ولو بعض من هذه الأساطير والاعياد الكردية القديمة التي ظل الايزيدي متمسكاً بها بالرغم من عدم علاقتها بالمعتقدات الروحية لكي نعرفها ونطلّع عليها. ثم يأتِ ليقول " الا انها بقيت كجزء مهم للغاية من تراث وطقوس الايزيدية عموما، والبعض منها مايتعلق بديانتهم وتراثهم والجزء الآخر له صلة بأعرافهم الاجتماعية الخاصة بمجتمعهم حيث حرصوا على أستمرارها وتطويرها وجعلها تنسجم مع روح العصر والتكيف معه". فهناك لغط غير موفق في تشبيك هذه الاحوال ببعضها لا يليق بكاتب ودكتور وباحث قانوني. ثم يستطرد ويقول " هناك بعض الأمثلةالتي تدل وبكل وضوح على الطابع القومي- الكوردي للديانة الايزيدية ودورها في صيانة وحماية تراثنا من الضياع والتلف.دعونا نقتبس بعض المقاطع من صلاة الفجر لدى أخوتنا الايزيدية:
Bi navê yezdanê pak yê dilovan û Mêhreban
Tu hem derdê, hem dermanê, hakimê şah û gedayî!
Ya Rebî tu padîşahê,ers û kursî, xaliqê ga û masî!
Ya Rebî bi xatirê navê xwe ke, halê kurdistanê û êzîdyên, rojhelat û rojava bi Pirse!*****
فكما قلنا لا يوجد في المعتقد الايزيدي مفهوم الصلاة، وإنما هنالك الأدعية التي تتلى في اوقات الصبح قبل الشروق والمساء قبل الغروب والشهادة والسفر والسفرة غيرها من الحالات والمناسبات. ويمكن للدكتور الباحث ان يتفحص جميع الادعية الايزيدية منذ الف عام ولغاية 2003 وكلها مكتوبة في المؤلفات والكتب، إن وجد أي ذكر لكلمة "كردستان، يزداني باك ودلوفان ومهربان" في أي دعاء إيزيدي على الاطلاق، ماعدا بعض ما أضافته أيدي المنافقين والمتطرفين قوميا. وبهذا نقول للسيد الكاتب بأن الباحث يختلف عن غيره من الكتّاب بنزاهته في نقل الواقعة ولا يعتمد على مجرد الكلمات والعواطف والشعارات والنتف ونقل الاقاويل عن لسان مَن ليس لهم رؤى دينية أو لهم الحق في النطق بها بهذه الكيفية العشوائية، وإنما يكون اعتماده على المصادر الاساسية وخاصة عندما يتعلق الامر بالجوانب الروحية والعقائدية للمجتمعات.
"وبناء على ماقيل أعلاه تعد الديانة الايزيدية ديانة كوردية بلا جدال وهي إحدى الديانات التوحيدية الأولى في المنطقة ولا علاقة لها مطلقا بتلك الخرافات والخزعبلات التي ينشرها أعداء حرية الكورد وكوردستان عن هذه الديانة السمحاء ومحاولاتهم العقيمة في سلخ الايزيدية عن جسم الأمة الكوردية وربط الايزيديين بشعوب وديانات أخرى.والديانة الايزيدية لعبت بلا جدال وما تزال دورا كبيرا في الحفاظ على المخزون الثقافي الكردستاني وتعميق الوعي القومي الكردي،تجذيره وتطويره،ليس بلغة أخرى،بل باللغة الأم وهذه ظاهرة جديرة بالتقدير والاحترام".
حقيقة أنا مستغرب من باحثين يؤطرون الديانات في أفكار قومية متخلفة، وأن وضع الدين في هكذا قالب وفي خدمة مطالب قومية يعد تجنياً كبيرا على الحقيقة والتراث والتاريخ. ف للقومية مقوماتها واسسها وأركانها ويعد الدين إلى جانب اللغة احد أهم تلك الاركان، فإذا كنا نشترك مع الكرد في اللغة فإننا نختلف معهم في الدين وهذه تعتبر مفارقة كبيرة. فمثلما يشترك العرب والكرد والترك والفرس في الدين الاسلامي، إلا أنهم يختلفون في اللغة والتراث والتاريخ. لذلك لا يمكن الاعتماد على عامل واحد والقول بأنه العامل الفصل في حسم الامور لصالح جانب على حساب الجانب الاخر، لأنه هنالك الآف العرب الذين يجيدون اللغة الكردية أفضل من الآف من الكرد أنفسهم، فهل هذا يعطي مبرر لنقول بأن اللغة هي العامل الحاسم في تحديد الفكر القومي أم أن القومية هي شعور قبل اللغة والدين وغيرهما؟ فكم تمنيت أن يذكر الكاتب الذي عاش في بلاد الحرية ويطالب القيادات الكردية أن تعتذر عمّا لحق بالايزيديين من الاذى من بعض المتطرفين الكرد على غرار الاعتذار الذي قدمه السيد ملا بختيار ممثلاً عن السيد جلال الطالباني لمناسبة انعقاد المؤتمر الادبي لاتحاد الادباء السريان في السليمانية. وكم تمنيت أن استمع إلى رأي باحث ودكتور له اطلاع على الحضارة وعاش في لب الحرية والتحرر في أن ينظر إلى الأمور بأعمق من هذا التصور الضيق، وكيف له أن يسمح لنفسه بهذا التجاوز بحيث يطلب أن يُسِخر الدين الايزيدي لخدمة الاهداف القومية؟ بل كان الاجدر به لو أنه قد نادى بإقامة تمثال على غرار ماحصل في حلبجة في الشيخان وفاءً لشهداء تل قوينجو الذين راحو بجريرة طيش وهوس حاكم كردي أهوج خارج عن كل القيم والاصول الانسانية.
(ان جزار كوردستان وحده , الامير الاعور محمد الراوندوزي قتل 200,000 ايزيدي سنة 1832 ماعدا المجازر الكثيرة بحق الايزيدين , وفي مجزرة واحدة (مجزرة تل قوينجق ) قتل 40,000 ايزيدي قرب الموصل بالسيف , اي انه قتلهم واحدا واحدا وسبى نسائهم , فكان ابشع عشرات المرات من مجزرة حلبجة ,
فهل يصحى الضمير الكردي للاعتراف بتلك الجرائم واعادة حقوق هذا الشعب الاصيل المظلوم الذي كاد (#) ينقرض

وفي معرض حديثه ذكر الدكتور الفاضل "ومن هنا يجب أن تكون مبعث فخر واعتزاز لدى كافة المثقفين والكتاب الكورد الوطنيين ودافع لهم للبحث في بطون الكتب،وماأكثرها في المكتبات الأوربية والأمريكية، بهدف كتابة دراسات علمية موضوعية ومن وجهة نظر كوردية عن الايزيدية والايزيديين وتاريخهم الحافل بالمآثر والبطولات و على كافة الأصعدة وفي مختلف المحطات التاريخية في سبيل الوجود الكوردي والدفاع عن وطنه كوردستان" فلا أدري ماذا يقصد الدكتور الآن بالعبارة "من وجهة نظر كردية"، أرى في هذه العبارة الكثير من الخطأ الذي يجب ان يتجنبها كاتب محترم عاش في عمق الحضارة الاوربية لسنوات طوال، لكون أن الدين لا يبحث  فيه من وجهات نظر قومية أو سياسية. وإن حصل ذلك فسيكون على حساب الحقيقة التي اتى بها الدين وعندها يتحول الدين إلى سياسية ويكمن في ذلك الطامة الكبرى وهو ما يدفع ثمنها الان الدين الاسلامي بسبب تسييسه لصالح فئات قومية وحزبية وإرهابية. وفي قناعتي فلا توجد دراسات موضوعية تتعلق بالاديان بوجهات نظر قومية مهما قيل بذلك، وهو رأي غير صائب إطلاقاً. ثم يختتم الدكتور الفاضل مقاله بملاحظة هامة ويقول "   على المثقفين والكتاب الكرد الوطنيين، سواء كانوا آيزيديين أو مسلمين التصدي وبكل قوة لكل محاولة تهدف إلى دق اسفين بين أتباع الديانتين وبنفس القدر مقاومة تلك النزعات وان كانت محدودة لدى بعض أخوتنا الأيزيديين مفادها أن الأيزيديين ليسوا أكراد،بل آيزيديين فقط.فالأيزيدية ماهي إلا ديانة سماوية توحيدية كردية عريقة،نفتخر بها جميعا وليست قومية،بينما قوميتنا هي كردية دون شك وجميعنا من أصول آرية-ميدية،ومن يدعي بغير ذلك يخدم الأعداء شاء أم أبى."
ومع شكرنا للكاتب على هذا النداء الامين، ولكن يفهم من هذه الملاحظة بأنه عندما يتعلق الامر بالقومية الكردية فيجب أن تكون الديانة الايزيدية ديانة كردية (وبلا جدال)، وهنا ينسَ الباحث الكردي موقعه ويفقد توازنه، ويتجاهل حق الانسان في الاختيار وينصب نفسه وصياً على الاخرين المخالفين له في الرأي والدين. وأنه يجب ، في رأيه، مقاومة اية نزعة تقول بأن الايزيديين ليسوا اكرادا مهما كانت الاراء حتى لو كان هذا الرأي من الايزيديين انفسهم ويجب تدميرها وأنها تصب في خانة الاعداء. لذا أرى في هذا الامر من الدكتاتورية ما تفوق على جميع الدكتاتوريات التي تبتز حقوق الانسان وهو ضد ماجاء في لوائح وبنود وعهود حقوق الانسان، بل حتى ضد مواد الدستور العراقي والكردستاني، التي تبيح لكل انسان حريته في الاختيار فيما يراه هو وليس فيما يختاره له غيره أو يفرض عليه. فنحن مع التدين العقلاني الذي يحترم انسانية الانسان مهما كان، ومع الفكر القومي المتطور الذي يخدم القضايا الانسانية. ولكننا لسنا مع التحريم والتجريم والارتداد والتطرف بمجرد الاختلاف في وجهات النظر العقائدية واستخدام الدين لخدمة السياسة والفكر القومي. واخيرا أقول بان نمو التطرف بشقيه القومي والديني لوحدهما كفيلان بنهاية غير موفقة لمستقبل كردستان.  ففي ظل هذين المصدرين للتطرف ينمو ويتجذر الفساد بكل أشكاله، ويحفر وينخر الاساس الذي تم بناؤه على جماجم الشهداء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(#): بحزاني نت، تعليق على الاعتذار الذي قدمه ممثل السيد جلال الطالباني في مؤتمر ادباء السريان في السليمانية.

علي سيدو رشو/عضو منظمة العفو الدولية
القاهرة في 8/5/2009

88
لماذا تخلّف الايزيديون؟ 10
    بعد سلسلة مقالات في شأن تخلّف الايزيديين، وكثرة الحديث عن الاصلاح والتغيير والمطالبة بإحداث تغيرات جوهرية في الواقع الايزيدي الراهن، سأحاول في هذه الحلقة التركيز على عمليتي التغيير والاصلاح، ومدى مساهمتهما وتاثيرهما في الابقاء على الواقع الحالي في تخلّف المجتمع الايزيدي كأحد مكونات النسيج الإجتماعي في المحيط العربي والاسلامي والعالمي. ف "الاصلاح والتغيير ، مصطلحان كبيران او هما ثنائية حضارية مهمة تشكل احدى آليات النهوض الحضاري للامم. ذلك ان الاصلاح والتغيير هما فعلان ينتجان عن فكر يسبقهما، يمتلك رؤية استشرافية، فيهيء مستلزمات الاصلاح ويحدد ادوات التغيير، ليبدأ جدل آخر بين الحالة الجديدة التي ستهيء لفكر جديد من اجل نهضة جديدة"(1). إن آليات الاصلاح والتغيير متعددة بتعدد الافكار والمناهج الكبرى التي غيرت مسيرة الانسانية عبر التاريخ. فهناك الاديان السماوية ورسالاتها وما بينت للبشر من علامات الاصلاح وسبل التغيير واخلاقياته ووسائله. وهناك الفلسفة التي قدمت مشاريع نهضوية كبيرة اسهمت في مسيرة الاصلاح والتغيير الحضاري. وهناك القوى السياسية والاقتصادية والاجتماعية القومية والوطنية التي قدم مثقفوها لبنات العديد من المشاريع النهضوية.
   إذن، عملية الاصلاح والتغيير وبالتالي التطوير، أصبحت مهمة الجميع ومن ضرورات الوضع القائم إيزيديا، ويجب أن تكون عملية شاملة في مجالات الحياة كافة منها الاصلاحات الاقتصادية، ومنها الانفتاح السياسي، تمكين المرأة، الاصلاحات الاجتماعية ومن ثم إصلاح التعليم والتربية، يضاف إليهم الاصلاح في التركة الثقيلة لواقع التراث الديني وملابساته وما رافقه من تشويه وتداخل و(التحريف بشقيه المتعمد والفطري). فالموضوع إذن إليس فقط تبديل أشخاص محل آخرين، أو استبدال مواضيع وخطابات محل أخرى، وإنما الاصلاح ومن ثم التغيير يجب أن يشملا جميع النقاط التي ورد ذكرها وبهدوء وعقلانية بحيث تستوعب التطور وتتماشى مع الواقع. فإذا كان سابقاً يتم التغيير بسرعة معينة، ويعقبه إصلاح لفترة طويلة أو يبقى الامر بدون إصلاح، فإن الواقع الآن خلاف ذلك لأن الاصلاح، فيجب أن يكون متواصلا ومتجاوباً مع الافكار الجديدة والتطور الديناميكي للحياة. وهنا يجب علينا وضع خطوط عريضة لعملية التغيير والاصلاح وليس أن نحددها بأطر ليس لها القابلية على النمو في محيطها ولا تستطيع التفاعل مع متطلبات التجديد. ويجب أن نعلم كذلك، بأننا نعيش وسط مجتمعات تحكمها قوانين وتعليمات نتأثر بها سلباً وإيجاباً، وبما يحصل فيها من نجاحات واخفاقات وندور في فلكها مرغمين، أي ليس لنا فيها حتى المشورة والرأي كبرامج التعليم والنظام القضائي والتخطيط الاستراتيجي.  وفي هذا الصدد علينا أن نوجه لأنفسنا بعض الاسئلة الملِحة وهي: لماذا نجري التغيير وماذا يجب أن تكون اولويات هذا التغيير، وفي أي مفصل بالذات يجب ان يحصل التغيير؟ هل نمتلك العدد الكافي من الكفاءات المؤهلة في المجالات التي تم ذكرها لعملية التغيير المطلوبة؟ هل تمت دراسة الامكانيات على ضوء التفاعل مع تجارب الآخرين من خلال الاراء والمناقشات والمقترحات الضرورية لعملية التغيير والاصلاح؟ وهل فكرنا في كيفية إدامة عملية التغير والاصلاح فيما إذا تحققت؟ أم لازلنا نعتمد على العواطف ونبحث عن مجرد التغيير مهما كان؟ فالمهم أن يحصل تغيير والسلام.
فالامر ليس بالسهولة التي نتحدث عنها في المقالات العشوائية على صفحات الانترنت، وإنما بحاجة إلى جهود كبيرة ومدروسة لأنها سوف تتعامل مع أجيال متلاحقة وفي أزمان مختلفة. فبعض تلك الاجيال عاشت في الزمن الراكد والبعض الآخر يعيش في الزمن الذي يجري بتعجيل، وبالتالي فإننا بحاجة إلى إحداث تغيير في سلوك المجتمع من خلال برامج توعوية وإرشادية مقنعة لكي يقبلها الناس وإلا سنصطدم بالواقع ويرتد بنا الامر إلى الوراء بشكل مخيف، لأن المعالجات في هذه الاحوال لا تحلها الاوامر والقرارات الفوقية، وإنما يجب أن يدرسها ناس على مستوى عالي من الكفاءة والدراية ومن مختلف الاختصاصات التربوية والنفسية والدينية والاجتماعية. وبما أننا جزء من العالم الذي نعيش فيه، ولا نمتلك الاليات في اختيار البرامج التربوية التي نبغي التغيير من خلالها، لذلك فإننا محكومون بما يملي علينا من القوانين والتعليمات من الجهات المسئولة عن سير المجتمع. فالمجتمع حاله حال الافراد يتعرض للفشل والنجاح والاخفاق وفي جميع مراحله الحياتية، لذلك فإن التسرع في التغيير والاصلاح من دون دراسة واقعية سيواجه مشاكل مستقبلية ليس من السهل التعامل معها وحلها بيسر. فالتغيير إذن، يجب ان يكون من الداخل لانه سيشمل جميع مرافق الحياة وبالتالي ليس من السهل انتقاء فقرة معينة وإصلاحها بمعزل عن الفقرات الاخرى، أي أن أي تغيير في فقرة معينة لابد من أن يتاثر، ويؤثر على بقية المجالات بنسبة معينة.
ولكي ننظر في عمق المشكلة التي نعانيها، يجب التفكير بضرورة إيجاد خطاب متميز بالاصالة  والجدية والصدق في التعامل مع مطلب الاصلاح كضرورة وكحاجة في نفس الوقت. فلا يمكن للجهود الفردية أن تحل المشاكل لوحدها، وإنما علينا أن نؤسس لفكرة مجتمع مدني يستطيع أن يقوم على اساس فكرة ناضجة عن مفهومي التغيير والاصلاح، وليس من خلال بعض المقالات والطعن في الواقع الراهن. فكيف نقدر أن نعمل تغيير نزيه وبعيد عن الفكر القومي المتطرف أو الفكر الديني المتطرف في ظرف لا نستطيع معه تأسيس منظمة مجتمع واحدة مستقلة بمعزل عن الواقع السياسي؟ وأي فكر يمكن أن ينمو ويتغير ويتطور في ظل هكذا سيطرة لبعض الاشخاص المدعومين سياسياً ولا يهمهم سوى مصالحهم الشخصية والنفعية؟ وأي عمل يمكن إصلاحه في ظل قيادة أمية لاتفقه من الاقتصاد أوالقانون أوعلم الاجتماع أوعلم اللاهوت بشيء؟ وأي تغيير يمكن أن ينجز تحت سيطرة سياسة تريد توجيه جميع المتغيرات والطاقات باتجاه مصالحها السياسية الضيقة؟ وهل أن تحقيق الجانب القومي لوحده كاف لنقول بأن المسيرة باتجاه التغيير والاصلاح قد حققت أهدافها؟ أم يجب أن ينصّب تفكيرنا في الاصلاح بمعزل عما نحن فيه من مجتمع؟ هل حصل التغيير الذي ننشده في المجتمع المحيط بنا لكي نجاريه ونقول بأننا في خطر إن لم نتغير؟ أم أننا فعلا متقدمون عليه من ناحية الانفتاح على الاخرين؟ ماذا يمكن ان نفعل في ظل قوانين ودساتير تقيد اي جانب في الحرية والديمقراطية والتحرر؟ إذن لا يكفي فقط أن نفكر بتغيير واقعنا مالم يحصل تطور في المجتمع المحيط بنا، ولكن لابد من التفكير في التغيير نحو الافضل مهما كانت الظروف والتحديات، فلا يكفي الطعن في الموروث من غير تغيير عقلاني بعيد عن المؤثرات النفعية والسياسية والمصلحية. وتأسيساً على ما ذكر أرى بأن الجوانب الاتية جديرة بالمراجعة لكي نُخرِج الموضوع إلى النور:
أولا: في مجال الدين والتراث.
  لقد كثر الحديث عن هذا المجال ، وكتب عنه الكثيرين، وصلت بعضها حد السيف في التعامل مع الموجود، وهم محقون في ذلك نظراً لعدم جدية القيادة الايزيدية في التعامل مع هذا الامر الحيوي بما يستوجب. فكما جاء في البحث الموسوم "مفهوم الالوهية في الحضارة الايزيدية والروآدية"(2). يمكن كتابة التراث الديني في اي وقت في كتاب (عند توفر الارادة)، ويقدم للجهات المسئولة وهو لا يشكل المشكلة الرئيسية للدين نفسه بقدر ما هي مشكلة للتعامل مع الناس في المطالبة بأن الدين الذي ليس له كتاب، لا يعد ديناً متكاملا. وبذلك يمكن اعتبار الدين بأنه ليس من الضروري أن يتم تأطيره بكتاب لأن مفهوم الدين اوسع من ان يوضع في إطار كتاب معين. ولكن الحاجة ضمن الواقع الحالي تتطلب ذلك بجدية وحزم لأن المقابل لا يفهمك إلا من خلال ذلك.
  ولو نظرنا إلى واقع الاديان التي تتبنى الكتاب والنبي، فإنهم لايزال يتهمون البعض في التحريف في تلك الكتب وكذلك لازال الفاتيكان لايعترف بالاسلام دينا. وجاء ذلك واضحا في مؤتمر الحوار الاسلامي المسيحي الذي انعقد في اكتوبر 2000 في فندق شيراتون هيليوبوليس بالقاهرة والذي شارك فيه شيخ الازهر الشريف وممثلي الفاتيكان ومجلس الكنائس العالمي والشيخ يوسف القرضاوي. فعند صدور البيان الختامي للمؤتمر، تضمن البيان عبارة: "الديانات الربانية"، وعندها رفض مندوبا الفاتيكان ومجلس الكنائس العالمي التوقيع على البيان لان المؤسسات النصرانية التي يمثلونها لا تعترف – حتى القرن الواحد والعشرين- بالاسلام ديناً سماوياً ربانياً(3)
إذن فالمشكلة لاتحل فقط بجمع التراث الديني في كتاب لوحده، رغم أهميته الفائقة، مالم يتم تهيأة الفكر والارضية الصحيحتين في الداخل الايزيدي ومع المحيط الاسلامي بالدرجة الاساس لاتخاذ موقف من العديد من القضايا وفي مقدمتها الموقف من مسألة أبليس. من حيث أنها مسألة فلسفية نختلف في فهمها وتحليلها عن بقية الديانات، على الرغم من وجود العديد من المفكرين والدعاة والكتّاب المسلمين الذين قالوا بنفس المبدأ الذي يقول به الايزيديون في هذا الشان كما جاء في فكر الامام الغزالي على سبيل المثال، وما كتب عنه العديد من الكتّاب والباحثين.
 عندما علت العديد من الدعوات الايزيدية، ب( تحديث الدين)، حيث لا يمكن للدين أن يَتَحَدّث لأنه متطور ذاتيا مع الحياة، وإنما يجب التعامل مع التفسير والمفاهيم التي جاءت بها الاديان، فهي التي يجب أن يتم التفتيش فيها وتجديد التفسير بما يحصل من تطور في الحياة والعيش داخل هذه الحياة وليس خارجها، متصورين بأنها السبب الاساسي في التخلف الايزيدي. فنقول، أن النفس البشرية كمكون في سلوك الانسان لم تتغير منذ أن خلقت البشرية ولحد الآن، وإنما حصل عليها تغيراً معينا بسبب تقدم الانسانية عبر مراحل التطور المختلفة. فاليهودية وكذلك المسيحية والاسلام كأديان لم يسلما من الانتقاد من قبل معتنقيها لغاية الان رغم تكامل اركانها حسب الاعراف المعتمدة (النبي والكتاب)، وأن تلك الانتقادات ليست في محلها لما يتعلق منها بالدين نفسه، لأن نفسية وسلوك الانسان هي التي تغيرت ويستوجب النظر في التعليمات الدينية وتفسيرها بما تحتمل من التغيير في نفس الانسان حسب مراحل الزمن المختلفة. وهذا الحال اصبح أكثر وضوحاً في العديد من التشريعات التي تعاقِب الانسان على الفعل السيء بما هو مستوحي من الشرع الديني في الغالب لأن القناعات الانسانية تغيرت بتطور الحياة وتَطلَب ذلك انشاء العديد من الحلقات الاضافية كالمحاكم وأجهزة الشرطة والامن والاستخبارات والتجسس للعمل على لجم التطرف الذي سببه التطور. فلم يكن للإرهاب هذا السلوك في السابق، ولم يمتلك هذه القوة إلا عندما تم ربطه بالدين واسند القيام به عملا من أعمال الدين ونيل الشهادة والجنة مما أقنع القائمين عليه بأنهم على حق كما يعمل اي داعية في الاصلاح. وبذلك نما وتطور من (الدين)، ما لا يمكن أن ينسب إليه كحقيقة، وإنما تم استثمار الدين كسند لتحقيق غرض سيء من خلال التفسير لبعض الايات والتعليمات، وهكذا هو استخدام اي سلاح فكري. لذلك لا يمكن ان تحل جميع المواضيع بمجرد وضع الدين والتراث الديني في إطار كتاب أو مؤلف معين، لا بل قد يصبح هكذا موضوع مصدراً للكثير من الاختلافات والاجتهادات وبالتالي تأسيساً للمذاهب ضمن الدين الواحد كما هو حاصل في جميع الديانات المركزية.
 وما يجري الآن من حديث، وما تصدر من دعوات من قبل بعض مثقفي الايزيدية في الاصلاح الديني لا يعد في رأيي إصلاحاً بقدر ما هو هدم للبنيان وتركه يتخبط في عشوائية مرتبكة وغير موفقة لكون أن هذه الدعوات، إما تأتِ بحل لايحقق المطلوب، أو بدعوة ذات توجه سياسي. فلا يمكن بناء الهرم من قمته، ولايمكن ردم بناء تاصل في عرف المجتمع سواء منه مرتبط بالتراث الديني أو العرف العشائري والقبلي بتلك السهولة ما لم يأتِ القائمين عليه بالبديل المقنع الذي يحل المشكلة من اساسها وإلا لماذا التغيير؟ فلقد غيّر الجيل الجديد في الوقت الراهن الكثير من الامور والمفاهيم التي كانت تعد من الخطوط الحمر من غير الحاجة إلى إصدار تشريعات بحكم الضرورة ومنها على سبيل المثال حلق الشنب، اللبس، التعامل مع بعض الحالات كأكل بعض الممنوعات في السابق وغيرها. فليس كل شيء يحتاج إلى تشريعات لكي يحصل فيها تغيير ولكن التطور كفيل بإذابة ومحو ماهو غير أصيل، بل أحيانا كفيل بتغيير الاساسي ولكن يتوقف ذلك على مدى فهم الطبقة المثقفة وحماية المجتمع من مثل تلك الانهيارات. فالإصلاح ومن ثم التغيير يجب أن لا يكونا في الفقرات التي تلحق الضرر بصلب الدين وبالتالي يطعن في الدين من خلالها كونها الحلقات الاضعف في تكوين التراث الديني. وفي قناعتي فإن التحدي الان يتمثل في قضيتين اساسيتين، هما؛ التحدي الحضاري بإبقائنا متخلفين في وسطنا المتخلف (أي أن نبقى متخلفين داخل هذا المجتمع المتخلف الذي يرانا بعين واحدة). والتحدي الثاني هو التحدي السياسي، الذي يسيطر على الواقع بحيث يعمل على تجميد وتحديد اية حركة، وأي تحرك خارج الاطار المرسوم حسب مقتضيات مصلحية. ولاجل أن نوضح فكرتنا لابد من الاشارة لبعض القضايا التي يمكنها أن توضح الفكرة.
ففي اليهودية مثلا، الطفل الذي يولد من أم يهودية هو طفل يهودي شرعياً بغض النظر عن جنسية ابيه، بينما هذا الامر ليس هكذا في الاسلام والمسيحية. وفي الاسلام الزواج مباح لحد الزوجة الرابعة، ويمكن أن يتزوج بخامسة وسادسة على أن يطلق ما زاد منهن على أربعة ليبقى ضمن الشرع المرسوم له عقائديا، بينما في المسيحية لا يجوز الزواج باكثر من واحدة. لذلك نقول، هل يجب أن تكون جميع الاديان على شاكلة واحدة لكي يتكامل شرعها؟ أم أن الديانات هي تعليمات وعقد بين الانسان وربه ويتم تنظيم تلك التعليمات بعلاقات شرعية مستمدة من النصوص الدينية في بعض أهم فقراتها حيويةً لكي يستمر العيش والتعايش ويترقى بناء الاسرة والمجتمع؟ فكم من دعوات صدرت من مؤسسات مسيحية بإصلاح الحال والسماح بتعدد الزوجات للضرورة الاجتماعية، ولكنها رفضت جميعاً. فهل سمعنا بانقلاب في الدين وقيل بأن يجب تصحيح ما ورد في الانجيل على ضوء الحاجة الاجتماعية؟ وهل صدرت دعوات من المجتمع الاسلامي بزيادة عدد الزوجات عن اربعة لكي يتم تعديل النص القرآني لتلبية رغبات البعض الداعين بأن النصوص جامدة ويجب تحديثها؟ وهل يمكننا اعتبار الشعائر الحسينية وزيارة ملايين الشيعة الذين يزورون العتبات المقدسة في كربلاء والنجف بأنها خرافة ويجب عليهم تركها؟ فبالتأكيد فيها بعض ما هو مخالف للشرع بتاثير سياسي ونفعي ومحلي وتطرف ديني وهي الان مصدر جدل فيما بين القوى الشيعية المعتدلة بهدف الاصلاح وليس إلغاء الشعائر وهدمها من الاساس.
أما الراغبين من الايزيديين في التغيير، فمن حقهم المطالبة فيما يخدم عملية التطور مع الاحتفاظ بالجوهر، وبالتالي إلغاء بعض الحلقات التي الصقت بالدين. ونتمنى أن يكون التفكير الحقيقي باتجاه البنيان والاصلاح وليس القفز فوق الحقائق، وأن تأتي برامجهم بالبديل المناسب، وليس فقط لإحداث التغيير من دون دراسة واقعية ومتأنية. وكما قلنا في اكثر من مناسبة، فلابد من عقد مؤتمر بتمويل إيزيدي صرف لكي يكون متحررا من الهيمنة السياسية، تشترك في إعداده مجموعات مشهودة بنزاهتها الفكرية والاجتماعية والاخلاقية وتؤسس لفك الارتباط القومي-الديني لكي يأخذ كل منهما مداه الحقيقي، يتدارس فيه الإطار العام الذي ذكرناه في بداية حديثنا بتناول المحاور التالية.
1-   قراءة دقيقة، من خلال لجان متخصصة، للواقع السياسي والتحول الديمقراطي على ضوء بنود الدستور الحالي.
2-   فصل التراث الديني عن العادات والتقاليد الاجتماعية الصرفة.
3-   التباحث في المسائل التي لنا فيها اختلاف مع الديانات الاخرى والاتفاق على مبدأ رسمي متفق عليه وتسمية ناطق رسمي.
4-   العمل بجدية ومن خلال لجنة مكلفة على إنجاز قانون الاحوال الشخصية. 

أملي كبير في أن تـأخذ هذه المقترحات نصيبها من التعليق والتصويب من قبل المثقفين الايزيديين ورئاسة المجلس الروحاني ومديرية اوقاف الايزيدية والمعنيين بالامر إستكمالا للفائدة. مع تقديري واحترامي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-   الاصلاح والتغيير في الوطن العربي.... رؤية حضارية، للدكتور جاسم الفارس. مركز الدراسات الاستراتيجية في جامعة الموصل،2004.
2-   محاضرة 2 للباحث الفاضل حسو أمريكو، مكتبة حنا آرنولد. المانيا.
3-   هذا هو الاسلام (4) الموقف من الديانات الاخرى ص49، د. محمد عمارة، مكتبة الشروق الدولية. 2005.

  علي سيدو رشو
القاهرة في 22/4/2009

89
حول ما ورد "نحن إيزيديين وليس زردشتيين".

بعد قراءتي لما ورد في تخوّف السيد عدنان دنايي (وهو على حق فعلاً)، في دعوته إلى الانتباه لما يحصل من خطأ في التقديرات والخلط بين الدين والدين تارة، وربط الدين بالقومية تارة أخرى، أجد بأن لتخوفه مبرراته المقنعة، خاصةً إذا ما عرفنا بأنه يجب عدم الاقلال من أهمية طرح هذا الموضوع كونه ليس وليد اليوم. وليس من المناسب أيضاً طرحه في هذا الوقت لحساسية الوضع السياسي القائم، حيث يكفينا ما نعاني من المآسي والتهميش. وبعدما قرأت ما تضمنه رد الكاتب الفاضل وسام جوهر، أرتأيت التعليق بما شاهدته وشاركته شخصياً بالكثير مما حصل في العراق مع كوادر حزب العمال الكردستاني ومحاولاتهم في نشر وزرع نفس الفكر بين الناس، وخطورة أفكارهم في هذا الصدد. وأسف في هذا التأخير ولكن ظروف خاصة حالت دون ذلك.
  بعدما أخذ موضوع نبوة زرادشت مأخذ الفعل الجاد بين إيزيديي تركيا، مع الاسف، ولاحقاً مع قسم كبير من إيزيديي سوريا وخاصة في محافظة حلب، حاولوا من خلال كوادرهم في مخيم مخمور القريب من محافظة نينوى في العراق (حيث غالبية الايزيديين يسكنونها)، بنقل تلك التجربة والعمل على نشر ذلك الفكر والتأثير بين إيزيديي العراق أيضاً. ف خيوط هذا الموضوع الخفية-العلنية تتفاعل في الاعماق منذ فترة طويلة، وبرزت إلى الوجود بشكل تدريجي عبر اللقاءات الفردية واحياناً في مناقشات عامة وأحياناً أخرى على هامش مؤتمرات محلية، أو في مناسبات التعازي أو المشاركة في الافراح أو أثناء قيامهم بتلك الفعاليات بعدما جندوا عرّابين لهم من بعض الكادر الايزيدي المحسوب على المثقفين. ونقولها بكل أسف بأن هذه الملة ابتليت بأفكار أبنائها الهدامة قبل غيرهم.
  فكان يتم طرح هذا المفهوم بشكل غير مباشر ليتم من خلال جميع تلك الانشطة والكوادر جس النبض ومن ثم زرع الفكرة في النفوس بشكل مدروس ومتقن. وقد تعرض الكثير من الايزيديين العراقيين والعوائل الساكنة في محافظة نينوى ومدينة الموصل بالذات (وانا من ضمنهم)، إلى زياراتهم المتكررة بكل ترحيب، وفتحنا لهم أبواب بيوتنا بكل ترحيب في باديء الامر. ثم بدأوا بالتركيز على طلاب جامعة الموصل بشكل أساسي وفاعل من خلال تقديم بعض المعونات المادية، أو توزيع بعض المؤن، أو أستئجار بعض الدور لهم واسكانهم فيها مستغلين ضعف امكانياتهم المادية وعطف وبساطة البعض الاخر، ومساعدتهم والاتصال والاجتماع بهم بشكل مكثف مستخدمين الكوادر النسوية على الاغلب في تلك المهمة (لا أعني بمشاركة الكوادر النسوية هنا سوى في جانب التأثير السياسي فقط). فكانوا يختارون لتلك الزيارات بعض الكوادر (الايزيدية)، التي كانت تجيد التغلغل في فكر المقابل من خلال المبيت في البيوت وتسمية أنفسهم بالاسماء الايزيدية القديمة لمزيد من الامان والتطمين. وكان الحديث احيانا يأخذ الليل بطوله إلى ساعات متأخرة منه (وحديث الليل له تأثيره الفعّال في النفس حسب خبراء النفس). وبالفعل حققوا الكثير من خلال تلك الزيارات والتداخلات وأدخلوا التشويش في فكر الكثيرين، مستغلين بساطتهم وجهلهم بشكل مقنن ومدروس بتوزيع المنشورات وكتب الفكر الزرادشتي ومؤلفاتهم ودورياتهم وما يتضمنه فكر أوجلان في هذا المجال (نحن نحترم فكر المناضل أوجلان)، ولكن ليس بالطريقة التي أتت بها كوادر الفكر الزرادشتي.
  وفي الفترة الاخيرة وبعد سقوط النظام أصبح لهم مجال أوسع في حرية الحركة والعمل الميداني والتحرك والتواصل، وعقدوا العديد من المؤتمرات (مؤتمر سد الموصل)، في عام 2004 الذي جمعوا فيه نخب من الشباب وشيوخ العشائر ورجال الدين والمثقفين، مستخدمين الشعارات الدينية التي تستقطب العواطف. ووجهوا الدعوة لرابطتنا قبل عقد المؤتمر بساعات بحيث لم يكن لنا مجال المشاركة لقطع مسافة 50 كم، وهو تدبير متعمد لأنهم لم يريدوا مشاركتنا الفعلية بناءً على مواقفنا من تصرفاتهم، ولكن كان الامر مجرد اسقاط فرض واعتذار بسيط لتبديد الشك، وحضَرَتْه أيضا السيدة فلك ناز بدعوة من أوربا. تلاه مؤتمر ثانِ في سنجار على قاعة مزار شرف الدين في سنجار، حيث القَيتُ فيه كلمة بسيطة ووضحت موقف رابطة المثقين كمنظمة غير حكومية من مجريات الاحداث وخاصة من الافكار التي تريد أن تستخدمنا لخدمة مصالحهم السياسية. وفي ذات المؤتمر نهض السيد كمال كارص (عضو مجلس محافظة نينوى المنتخب مؤخراً)، وقال لهم بالحرف "إننا نرفض أن تأتي مجموعة من أناس غرباء (لا نعرف أصلهم)، وليس لنا بهم معرفة في أن تقود حياتنا وتفرض علينا افكارها في عقر دارنا لأننا لسنا بقاصرين، وعندها عاتبوه بشدة على قوله هذا"، وجرت غيرها الكثير من تلك المناسبات والتي ليست لنا فيها علم ولا ناقة ولا جمل.
 إضافة إلى استخدامهم لسمعة البعض منا في الوسط الايزيدي لتحقيق تلك الغايات كما حصل وأثناء حضوري في إحدى تلك الحفلات في مدينة الموصل وسمعت حديث الناس يتهامس بأن الحفل قد اقيم بناء على أساس أني (علي سيدو)، سأكون راعي الحفل، وأن دعوتهم كانت على ذلك الاساس وأنهم لولا معرفتهم بتلك الدعوة بأنها من طرفي وساكون الراعي للحفل لما حضروه. وعندما سمعت بذلك طلبت من القائمين على الحفل (السيد زكي بالذات)، أن اقدم توضيحاً بأني لست الراعي لذلك الحفل وليس لي علم به سوى دعوتهم لي كحال اي مدعو من المدعوين، فرفضوا طلبي بحجة أن الحفلات لا تلقى فيها كلمات. وبعد منعي من التوضيح، وأصراري الشديد على ذلك ، دعوت جميع الذين أفتهموا بأني لست معنياً بالامر بالخروج، وفعلاً خرج أكثر من نصف المدعويين من القاعة مما أضطروا إلى فسح المجال لي وتحدثت اليهم وقلت بأنه ليس لي علم بهذا الحفل سوى حضوري ودعوتي للحضور هي كما هو الحال معكم جميعاً، وانهم استغلوا اسمي لدعوتكم وطلبت منهم البقاء في أماكنهم ليستمر الحفل ولكن أستمر ببرود.
  لقد كانت بنود تلك الحفلة (الترفيسياسية)، تتضمن 16 مجالاً خدمياً منها على سبيل المثال؛ توصيل الخدمات الطبية والصحية إلى جميع قرى سنجار، وفتح العديد من المشاريع الخدمية للقضاء على البطالة، وفتح وتبليط العديد من الطرق غير المعبدة لتسهيل حركة السير بما يظهر الجانب الحضاري للمناطق الايزيدية، بناء العديد من المدارس والمعاهد العلمية في سنجار، إنشاء جامعة لاستيعاب طلبة المناطق الايزيدية، إيصال ماء الشرب الصحي إلى كافة القرى والقصبات في سنجار، دعم طلبة الجامعة وتأجير بيوت لايوائهم، تعمير جميع معابد الايزيدية وغيرها الكثير من المطالب التي تحقق لهم جمهورية افلاطون على الورق. وعندما ناقشتهم في ذلك وقلت لهم بأن الدعوة هي لحفل ترفيهي، فما علاقة هذه المشاريع بالحفل الفني؟ وأن بلدية الموصل بكامل ميزانيتها عاجزة عن تحقيق هذه المشاريع وبهذه الامكانيات التي تستوجب الاليات والمعدات والخرائط والكوادر الهندسية وموافقة الدولة بشكل رسمي، قالوا سوف ترون بأننا سنعمل على تحقيق كل ذلك وسنحققها كلها. وعندما علّقت عليهم بأنهم غير قادرين على تحقيق ذلك وإنهم فقط لتزوير فكر الناس، قالوا بأن (عقل شيخ علي)، متحجر ولا يقبل التطور، وتركت الحفل قبل ختامه ولكنه فعل فعلته في الشباب غير الواعي وغير المدرك لحقيقة ما كان يجري في تلك الايام. هكذا دخلوا الدار بفتح ثغرة في السطح وليس الدخول حتى من الشباك، ناهيك في الدخول الشرعي من الباب.
  الأدهى من كل ذلك، هو عندما رأيت بأم عيني مِنهم مَن يَحمل هويات الاحوال المدنية من دائرة نفوس سنجار وهم مسجلين كأخوة أو أبناء وبنات على عوائل إيزيدية. وبعدما تحققت من بعض ملابساتها من بعض الاصدقاء، علمت بأنهم فعلوا ذلك بعد تهديد الامريكان بإخراجهم من العراق، فاستغلوا الواقع الاقتصادي المزري لبعض العوائل مقابل ورقتي دولار لكل هوية حسب ما توصلنا إلى معرفة تلك الحقيقة المرة والترتيب لها عن طريق (محامي) إيزيدي مع الاسف. وبذلك أصبح لهم الحق في الورث وحتى مشاركة الايزيديين في آباءهم وامهاتهم وأخوتهم، هكذا هو خطر هذا الفكر على المجتمع الايزيدي البسيط. فلسنا بالضد من أن يمارس أي حزب فكره بطريقة مشروعة وقيَمية وحضارية بهدف التغيير الايجابي. ولسنا بالضد من أن تتبى الناس افكار الأحزاب وايديولوجياتها. ولكن سنقف بالضد لكل مَن يزرع الفكر الهدام في مجتمعنا وأنا كنت ولا زلت بالضد من ذلك الفكر الذي يؤسس لتفكيك وإبعاد البسطاء عن أهم وأعز ما يملكونه ألا وهو عقيدتهم الدينية من أن تُمَس بسوء وتخلط مع الفكر الديني الزردشتي والتشويش على الفكر الديني الايزيدي وزرع الشك في معتقدات الناس بغطاء سياسي، مع كامل احترامي لمن يتبنى هذه العقيدة أو تلك. 
  هنا لابأس من التذكير بما جاء في بحث الدكتور خليل جندي والموسوم "مدخل لمعرفة حقيقية الديانة الايزيدية" والمنشور في مجلة روز العدد 11و12 ص16 تحت فقرة النظرية الرابعة حول نظريات أصل الديانة الايزيدية ومبادئها بخصوص العلاقة بين الايزيدية والزرادشتية: وللفائدة لا بأس من ذكر النظرية التي جاء بها الدكتور الفاضل بكامل تفاصيلها، وهي تسلط الضوء بشكل واضح وجلي على العلاقة بينهما وتعد من افضل الشروح الواقعية لغاية الان.
"إن جهود الكتّاب والباحثين هي أولا وأخيراً محل تقدير لما بذلوه من جهد فكري كي يكشفوا الستار عن بعض جوانب الديانة الايزيدية، أو أن يتعرفوا على تاريخها ومنبع عقيدتها. إلا أنه بإمكان الباحث الفطن، أو مَن له إلمام بسيط بمعتقدات الايزيدية والاطلاع على طقوسهم وأدبهم الديني، أن يحاجج - إن لم يفند- فرضيات بعض الكتّاب والباحثين ومسلماتهم، كون الايزيدية من بقايا المانوية أو الزردشتية. أنا لا أنكر وجود قرائن وعادات وطقوس متشابهة بينهما، كما توجد عبادات متشابهة بين الايزيدية والديانة المصرية القديمة أو الأغريقية والسبئية فيما يخص تقديسهم الشمس مثلا؛ حيث أن البيئات الجغرافية المتشابهة تخلق عبادات وثقافات متقاربة دون أن يكون هناك احتكاك بين المجموعات البشرية المختلفة.
ويستمر الباحث في الموضوع فيقول " وإذا كانت الثنوية هي المرتكز العقيدي للديانة المانوية وأنه مبني على التطرف في الزهد والتنسك وتقديس الموت واحتقار ماديات الحياة وتحريم الزواج واعتبار مؤسسة ماني أساس التطرف، فإن الايزيديون لم يحفظوا في تراثهم الديني ولا في حكاياتهم الشفهية نبياً باسم (ماني) أو (زرادشت)، ولا يصوم الايزيديون 30 يوما في نيسان كما كان يفعله المانويون. كما أن رابطة الزواج مقدسة لدى الايزيدين عكس المانوية التي حرمتها، وأن قتل الطيور والحيوانات مباح لدى الايزيدية وليس محرماً كما كان عند المانويين.....إلخ. ولا تلتقي الايزيدية مع الديانتين (المانوية والزرادشتية) في العقيدة الثنوية، وبهذا الصدد يمكن أن نشير إلى بعض نقاط الاختلاف الجوهرية بين الايزيدية والزرادشتية والتي تتجسد في:
1-   لا وجود لإله الخير وآخر للشر عند الايزيدية، بل أن قوى الخير والشر تجتمعان في الإله ذو الثنائية  في الواحد ويأتي في أحد أدعيتهم؛ يا ره بي خيرا بده، شهرا وه ركه رين؛ بمعنى: يا رب امنح الخير وامنع الشر. وفي هذا الجانب تلتقي فكرة الايزيدية مع المذهب الجبري أو القدري في الاسلام؛ كون مفهوم الخير والشر هو من عند الله، وأن الانسان مسيّر لا مخيّر.
2-   دفن الموتى عند الايزيدية وأعتبار القبر البيت الحقيقي والابدي للجسد، بينما الزرادشتيون يضعون الجثث على مرتفع عال لتأكله الطيور. وأن للروح عندهم بداية ونهاية، أما عند الايزيدية فليس للروح بداية ونهاية، بل أنها سرمدية خلقها الله قبل كل شيء ووضعها في (القنديل)، قبل أن تنتقل إلى جسم الكائن وتخرج منه بعد مماته.
3-   وإذا كان التدخين محرماً لدى الزرادشتيين، فإن للتبغ مكانة خاصة عند الايزيديين وإله يرعاه.
4-   الموقف من الحيوانات المقدسة ومسألة تقديم الحيوانات كقرابين، فهي محرمة لدى الزرادشتيين أما عند الايزيديين فإن القرابين تقدم في جميع الاعياد والمناسبات، ماعدا عيد خضر- الياس في شهر شباط.
5-   لو كان زرادشت نبياً للإيزيديين لكانوا على الاقل يذكرونه ولو مرة واحدة في صلواتهم وأدعيتهم وأقوالهم الدينية...، بينما يجري ذكر أنبياء آخرين مثل؛ نوح وإبراهيم الخليل وموسى وعيسى ودانيال ...إلخ.
6-   ولو كانت الايزيدية أمتداد للزرادشتية، لاحتفظوا في بيوتهم على الاقل كتابي،، زند آفستا،، ووفروا على أنفسهم عناء البحث عن كتابي،، الجلوة ومصحف رش،،. أنتهى الاقتباس"
ومع أن السيد الفاضل وسام جوهر كان قد ذكر تلك النقاط في رده الواضح على تلك الاقاويل والادعاءات. ولكن قليل مَن وضحها بشكلها العلمي والرصين بالحجة القوية مثلما جاء في بحث الدكتور خليل في هذا الشأن. لذلك نقول لكل مَن يحاول أن يزرع الشك في نفوس البسطاء، عليهم أن يطالبوا بحقوقهم وحقوق اجدادهم الذين تركوا أملاكهم وقراهم في تركيا بسبب ديانتهم الايزيدية وليس كونهم زرادشتيون، قبل أن يشوهوا افكار الاخرين. فإذا كانوا قد تركوا سابقاً اراضيهم بسبب ديانتهم، فإنهم اليوم يخسرون دينهم ليعتنقوا دينا آخراً هو الآخر لا يختلف عن الدين الايزيدي في التكفير ولا يحميهم من شر الاشرار. وبذلك سيخسرون الدنيا والآخرة، ولم يبقَ لهم سوى نقطة الحياء، والتي سوف يضحون بها في آخر الامر. وإذا لم يقتنعوا بهذا الكلام، لنا منهم رجاء أن يتركوننا على ديننا لأننا لا نترك بتلك السهولة دماء شهدائنا في الدفاع عنه حتى وإن صارت الاملاك والاراضي الاخرى قربانا لذلك.
  وبعد الإطلاع وقراءة (البعض) من رد السيد بير خدر آري ، حيث لا أستطيع في أي حال من إكمال موضوع يكتبه بير خدر لكثرة الاخطاء وتداخل المواضيع من حيث ليس لها علاقة بالبعض من جهة، وبالموضوع المعني من جهة ثانية. وكذلك الاطلاع على ردود السيد وسام جوهر، كنت أتمنى من بير خدر أن يكون أكثر واقعياً مما يذهب إليه في موضوع الشيوخ وإقحامه في كل ما يكتب من غير مناسبة، كما جاء مؤخراً أيضاً في (مقاله)، أعطو الفتو للمربي وإلا فهو غير مقدس، وما تضمن كلامه الاخير حول التعداد السكاني وخبطه مع الغاء الطبقية وكأنها المشكلة التي اكتشفها البير الفاضل وكانت غائبة عن الاخرين. أريد هنا أن أقول للبير العزيز بعض ما يجب أن يقال وسوف لن أرد على ما يعلق على موضوعي في المستقبل.
  يا بير خدر العزيز، إذا كانت هذه هي حصيلة ما تعلمته في أوربا من ثقافة، فلك الف شكر والايزيديين ليسوا بحاجة هكذا ثقافة ومثقفين لا يفقهون منها سوى الطعون والقفز فوق الحقائق لشعوب عشتم فيها وتعرفون ما يحيط بنا من مجتمعات، فلن يردكم أحد فيما تنوون اعتناقه ومبروك لكم ولكل مَن يرى في الدين الايزيدي بأنه عبارة عن خرافات، في أن يعتنقوا مايشاءون من الاديان التي لا تحوي خرافات، ولكننا معتقدون بأن الاخرين ليسوا باقل خرافة منا في هذا الشأن وعليه احترموا رأي الناس (وخليهم في حالهم). فليست مشكلتنا هي ماتفضلت به الآن، وبدلا من ذلك ننصحك بأن تحترم تضحيات الايزيديين، ومن ثم مهاجمة الشيوخ والابيار والتركيبة الطبقية في هذا الوقت وبهذا الشكل غير اللائق وخلط الاوراق بمناسبة وبدون مناسبة (فهو شأن داخلي إيزيدي حيث يقرأه الكثيرين ممن ليس لهم شأن بما في الداخل الايزيدي). وبدلا من هذا، حاول أن تبرز دور الابيار الايجابي من خلال التاريخ المشرف لهم من حيث أنهم طبقة دينية محترمة من الناس التي تود زرع الخير والطيب وقتل الفتن بين الناس، فكم منهم يعيش على (الفتو)، لكي نتهمهم بذلك؟. ومن ثم نقول يا بير خدر؛ هل تستطيع إنكار دور الشيخ حسن في النهضة الايزيدية ولماذا خنقه بدر الدين في بوابة الموصل؟ وهل تستطيع إنكار دور شيخ ميرزا القوسي في تركيا ومقاومته  للسلطة العثمانية وهو في زنزانته؟ وهل تستطيع إنكار دور شيخ كالو وتضحيته بحياته في سبيل دينه؟ وهل تستطيع أن تخفي دور عائلة شيخ نذير في بحزاني في تصديها للعائلة الاميرية في عشرينات القرن الماضي وتضحياتهم؟ وهل تستطيع إخفاء دور البطل إيزيدي ميرزا؟ وما رأيك في نضال الآمير علي بك الذي قتل على يد المجرم السفاح الكردي الامير الاعور؟ ثم هل يمكن بيان رأيك في ما قام به مراد بركات شيخ ناصر من محاولات في إصلاح الأحوال مع بيت الامارة وترتيب البيت الايزيدي وجمع وتبويب خيرات الايزيدية؟ ولكن بالتأكيد (هنا)، ستقول إنه كان عروبي صدامي عفلقي بعثي شوفيني وكان يريد الحكم لنفسه. ثم هل تستطيع أن تنكر دور بابا شيخ في إطفاء نار الفتنة بين معظم العشائر في الوقت الذي عانت الدولة بكل أجهزتها من وضع حلول واقعية لها. أليست هذه القضايا هي نتيجة منطقية لتلك المراتبية الدينية يا بير خدر العزيز؟ أم أنا غلطان في كلامي!!
   كنت اتمنى أن تركز على أن يتم من خيرات الشيوخ والبير (إنشاء صندوق)، لبناء دار في كل قرية للوعظ والارشاد والتوجيه من خلال محاضرين في الثقافة والتاريخ والتراث والفلكلور للتركيز على الحياة المدنية، وتحذير الاجيال من الانحراف، وبناء المدارس في الاماكن التي لم يصلها التعليم لحد اليوم لبيان أهمية التعليم في حياة الشعوب، وتقوية الاواصر التي تعمل على تماسك الاجيال ببعضها، والعمل على بناء منظمات مدنية من المجتمع الايزيدي لتدارس ما يمكن علاجه بما يتلاءم مع التطور الانساني من خلال استبيانات واقعية عن واقع المرأة والتعليم والقوى العاملة ونقل التجارب الملائمة من أوربا إلى الواقع، والاتصال بالحكومات الاوربية بتحقيق المزيد من الدعم والتعاون وقبول عدد من المقاعد الدراسية في الاختصاصات النادرة. هكذا هي غاية ما كنا ننشده منكم يا مَن سكنتم اوربا منذ فترة، وليست مشكلتنا الان في  هدم البناء القديم من دون وضع اساس منطقي وارضية تستقر عليها الافكار الجديدة التي تطالبون بها الان.
 بعد هذا المختصر البسيط، هل بإمكانك يا بير خدر أن تقدم لنا أدلة على نضال البيوتات من عوائل البير التي ضحت بنفسها وبرزت (سوى ماكان يقدمه بير درويش المجيور مستشاراً للأمير سعيد بك)، لكي نتعرف عليها بدلا من كيل هذه التهم للشيوخ بمناسبة وغير مناسبة؟ فنحن نقول هذا الكلام ليس طعنا بافكارك لا سامح الله، ولكن لكي نطالب بالحقائق التي تقر بحقوق الجميع وليس فقط كيل التهم لمن ضحى بنفسه وماله وحياته وعياله وبالتالي يقال بأنهم كانوا مصدراً للفتن والتفرقة، فلكل مرحلة تاريخية متطلباتها وشخوصها وقياداتها وظروفها اللوجستية التي تتطلب قدرا معينا من التصرف، ولا يحق لنا أن نحكم على كلها بالفشل كونها لا تتلاءم مع واقعنا الحالي بسبب افرازات التطور التكنولوجي وتأثير العولمة، ف شتان بين هذه الافكار وتلك يا بير خدر. عليه أرجو أن تستفيد من القول الجميل للأديب المصري الراحل توفيق الحكيم الذي قال؛ يجب أن تقرأ أكثر وأكثر وأن تكتب اقل وأقل.، وأني إذ أنصحك يا بير خدر العزيز بأن تستفيد أيضاً من القاعدة الاغريقية في هذا الشأن وهي: أن تقرأ بسرعة ولكن أن تكتب على مهلك، وأن تفكر جيداً قبل أن تكتب، لأن الكثير من كتاباتك تعود بالضرر على طبقتك الدينية المحترمة قبل غيرها. فأنت تخلط الكثير من المواضيع في بعضها من حيث ليس لها علاقة بالبعض، وهذا مما يعاب به على الكاتب لانه غير قادر على التشخيص الدقيق، والحليم تكفيه الاشارة. 

علي سيدو رشو
القاهرة في 23/3/2009 

90
لماذا تخلّف الأيزيديون؟9
   للتعبير عن مفهوم التخلف هنالك أوصاف وتسميات وتعابير كما لكل ضرب من ضروب الحياة الاخرى. فقد يأتي تحت تعبير الأمية الثقافية، أو تحت عنوان أمية الجهل بالقراءة والكتابة، أو سيطرة الفكر السلفي الذي يشد بالانسان إلى الوراء، أو قد يقال عنه تحت مسمّى البؤس الثقافي وشيوع الكسل والشلل الفكري. إلى غير ذلك من التسميات والنعوت التي تفتح الباب على مصراعية ليتسلل منه الفكر المتخلف إلى جسم المجتمع ويسيطر على مفاتيح حياته، ويستقر فيه إلى حين أن ينتبه هذا المجتمع ويعظ الأصابع، حيث لا ينفع معه الندم.
   إن جميع هذه القنوات تحقق ذات الهدف بالنسبة للطبقات الحاكمة الغير أمينة على مصالح الناس، خاصة في المجتمعات العشائرية التي تحاول ترسيخ مفاهيم التخلف بشتى الوسائل لكي تبقى وتتمسك بمفاتيحها. فهي تستطيع وبكل سهولة أن تستثمر من هذه الحالات كطرق فعالة للوصول إلى غاياتها من حيث الاعتماد على الرموز الاجتماعية والدينية التي لا تفقه من الحياة سوى مصالحها الضيقة. وبذلك فمن السهل قيادة الطبقات الحاكمة لتلك الرموز عن طريق العزف على وتر مصالحهم الذاتية وتنميتها على حساب عامة الناس وحقوقها. وبدورها فإن الرموز الاجتماعية الحاكمة بدلا من القيام بدور التنمية والارتقاء بمجتمعاتها، فهي تحاول تكريس الامية والجهل لسهولة الانقياد وتسخير طاقات الناس لمصالحها الضيقة وبالتالي تحقيق هدف الحكام أو الانظمة (مهما كان نوع الحكام أو الانظمة)، وهكذا تتشكل حلقات التخلّف في داخل بعضها البعض.
  ف تحت سيادة الامية بين افراد المجتمع يفتقر الشخص الامي إلى وسيلة الاتصال المتمثلة في القراءة والكتابة مما يجعله منعزلاً عن إدراك ما يدور في محيطه من تيارات ثقافية وبالتالي يعجز عن تكوين رأي أو ايجاد نقطة ارتكاز يتكأ عليها كمثابة للإنطلاق منها نحو هدف معين. مما يجعل من مجتمع بهكذا مواصفات مجتمعاً مستمعاً فقط ليس له رأي أو مشاركة في صنع القرار والحياة، ولا يفقه سوى ما يفرض عليه من تعليمات وارشادات ووعود، تحقق مصالح الغير وتنمي ذاتهم على حساب الآخر الأمي وهم بذلك يسخرون امكانيات وكفاءات الآخرين لصالحهم.
  والوجه الاخر من التخلّف الثقافي-الاجتماعي يُفَرِخ جَهَلة من نوع آخر، فيصبح الوضع معهم أكثر خطورةً وتعقيداً وخاصة عندما يلجأون إلى العنف مستخدمين سلاح الدين على الاساس السلفي والفكر المتشدد والمتعصب بتجريم وتكفير المقابل المختلف. هذا الفكر المتعصب يجعل من الانسان بأن لايقبل الاخر، فارضاً فكره ورأيه الغير قابل للنقاش وابداء الرأي تحت غطاء الدين وإنه من وحي السماء والقيم العليا، سواء كان جهلاً أو تعمداً، مما يتشكل حوله وبسرعة كبيرة مجموعات من نفس الفكر المتشدد وتتسع دائرة افكارهم الوهمية بين الوسط الجاهل بسرعة النار في الهشيم. وهي في الحقيقة تعد من أخطر الحلقات التي تشكل تحديا للمتنورين، وتستنزف من جهد وطاقات وأفكار المفكرين وتعرقل دورهم في التنمية المجتمعية بجميع اشكالها.
 فالعجز عن فهم المشاكل، وتحديد اسبابها ومسبباتها وبالتالي مسايرة ما يطرأ على حركة المجتمع من متغيرات واستيعاب الصحيح من بين البدائل، يعد واحداً من أهم ملامح التخلّف الفكري. وأن إرجاع أكثر الحلول إلى القضايا الغيبية المطلقة التي لا تتقبل التجزئة والتأويل والمناقشة وقبول الرأي المقابل (إسلامياً، تبنى أبن تيمية هذا الفكر)، هي الاساس في ذلك العجز الذي يقف حائلا بين فكرتين متناقضتين؛ إحداهما ترفض بتشدد القبول بالامر الواقع وعدم التأويل واعتبار الوضع القائم إنما هو من الغيب ولا حكم لنا فيه، وعليه لا يجوز التشكيك فيه ومحاولة تغييره لانه من الله. والاخرى التي تقول بأن كل شيء نسبي في هذا الكون وبذلك يمكن قياسه بنسبية غيره لكي نصل به إلى استنتاج عقلاني، والقبول بالرأي الآخر الذي يقبل التأويل بما يحمل لآكثر من احتمال من غير أن يصطدم بالأمر الغيبي، وهو ما قال به الكثير من الفلاسفة والمفكرين، ومنهم المفكر المصري مراد وهبة في تعريف العلمانية بأنها "التفكير في النسبي بما هو نسبي وليس بما هو مطلق"1.  فكيف لي أن أتفهم (أعني بأن أسمع رأيه) مع شخص من اليابان إذا لم أتقن لغة (علمية) مشتركة بيننا لكي نتخاطب من خلالها؟ وكيف لي في ظل الامية أن أعرف عن تاريخ الشعوب واقارن ما امتلك من تاريخ مع مختلف الثقافات لكي أحدد مكانتي في الانسانية؟ وكيف يمكن كتابة تاريخ الشعوب من غير امكانيات ثقافية تستطيع إيصال الافكار وربطها بالبعض ليستطيع القاريء الأجنبي أن يفهم ما يرد فيها؟ وكيف يمكن نقل ثقافات وحضارات الشعوب والمجتمعات من دون فكر قادر على ترجمة تلك الثقافات إلى لغة مفهومة؟ وكيف يمكن مقاومة الفكر المتشدد في ظل هكذا مجتمع وإقناعه بان الفكر هو الاخر يتجدد بمقدار تطور وتنمية المجتمع؟ كل هذا يمكن أن يتحقق في مجتمع متعلم يحسن القراءة والكتابة كاساس لأية تنمية وخاصة المثقفين وتطوير امكانياتهم لانها تعتبر الالية التي بواسطتها يستطيع الانسان من التمييز بين هذه وتلك.
صحيح لسنا (نحن الايزيديون) بدولة لها كياناتها، وصحيح ليست لنا مؤسسات علمية تقوم بنشاطات علمية كالاحصائيات عن عدد السكان وحجم ونوع القوى العاملة، وحجم الاستثمارات، ونسبة الامية من بين الفئات الاجتماعية، ودور المرأة، وعدد المدارس بالنسبة لعدد السكان، وعدد الاطباء بالنسبة لعدد الاشخاص، وعدد التلاميذ إلى عدد المعلمين، ونسبة مساهمة النشاطات الخدمية في التنمية بمختلف اشكالها. وبالمقابل ليست لنا الامكانية في بناء الجامعات التي تعتبر الاساس في خلق الفكر وصناعة المفكرين وبناء العلم من خلال تخريج الكوادر العلمية والاقتصادية والسياسية التي لها الريادة في قيادة الفكر ونهضة المجتمع على الاساس العقلاني والعلمي المبني على أسس العلوم الانسانية والتطبيقية، وبالتالي فالكوادر هم  القلة التي يمكنها أن تقود قاطرة التقدم في المجتمعات نحو الامام. وفي هذه الحالة، فإن نزول العلم والمعرفة من الجامعات والمدارس والمراكز العلمية والبحثية إلى الشارع لتتلقفها العامة وتتعامل مع نتائجها وتقطف من ثمارها هي التي ترفع من مستوى الوعي وتكوٍن لغة التخاطب العامة بمفاهيم مجتمعية، وتصبح الاشياء مفهومة وواضحة بلغة ومقاييس علمية بدلا من الفهم العشوائي.
  صحيح ايضاً بأنه لم تسجل حالة علمية فريدة ومتميزة من بين المجتمع الايزيدي، إلا أنه هذا لايعني بأنه لا يمكن تحقيق ذلك متى ما توفرت الظروف الصحيحة، أي أن الايزيدي ليس إنساناً عاجزاً عن القيام بدور الريادة في المستقبل إذا ما توفرت الفرص أمامه. فعلينا إذن في أن نخلق الفرص ونهيء الكوادر التي تحمل من تلك النبرة للمستقبل من خلال مجموعة من البدائل كأن يقام إلى تاسيس صندوق للتبرعات، وتقام مهرجانات سنوية لفحص الكفاءات، وتشجيع المبدعين وخاصة من الجيل الناشيء وارسالهم للدراسة في الجامعات الاجنبية لخلق كادر إيزيدي قادر على التاثير في الوسط الرسمي. فالصراع اليوم هو غير الصراع الذي كان قبل خمسين عاماً من الان. وبكل بساطة فإن العلم والمعرفة ستحلان محل كل المفاهيم القديمة التي لم تعد قادرة على مواجهة الحياة بتعقيداتها المدروسة. وأكثر ما نحتاجه الان هو باحثين في مجال الآثار والتاريخ، وكوادر في القانون الدولي والدستوري كاختصاصات مهمة لها الاولوية، وهو قد بدأ بالفعل حيث يدرس الآن عدد من السادة منهم؛ صائب خدر يدرس القانون الدولي في الهند، والسيد عيدو خاموكا في العلوم السياسية من معهد اليسكو في القاهرة، والسادة سامان سليمان وسعيد بير مراد وقولو خديدا، للحصول على الاختصاصات في القانون الدولي والدستوري. وقيصر خلات الذي يدرس الاثار في الاردن، كنماذج وآخرين ممن لم نذكرهم بالاسم (عذرا لهم لاننا لا نمتلك عنهم قاعدة معلومات)، فنشد على ايديهم ونتمنى لهم النجاح والتفوق.
 وبما أن عمر وحيوية الشعوب يقاس بمدى التراكم الحضاري التي تمتلكها على فترات زمنية متواصلة من ذلك الارث الثقافي، لذا فإن نصيب المجتمع الايزيدي من ذلك العمر ومن الفرص والامكانيات التي توفرت امامه كان قصيراً بسبب الثقل الكئيب الذي تراكم بتأثير حملات الابادة التي لم تُبقِ على أثر سوى ماجاء في الادب الشفاهي سواء على مستوى الدين والفقه. أو على مستوى تراكم التراث التقليدي والحضاري الذي نلمسه الان في التراث الشعبي عبر الحكاية والرواية، أو من خلال الاغنية التراثية في مجالات الغزل والرثاء والبطولات.
  لقد تخلّفنا كما هو حال غيرنا من المجتمع المحيط، وكان سبب تخلّفنا الاساس هو أننا لم نبحث في عمق الاسباب الحقيقية التي كانت تتفاعل وتأخذ بنا إلى ما نحن فيه اليوم. ولم نتعامل، ولغاية اليوم مع الاسف، مع القضايا الاساسية التي كانت ولا تزال تتصارع في القعر إلا من خلال السطحي منها وما يطفو من نتيجة ذلك التفاعل. فَمُحيت مئات القرى الايزيدية من الوجود في تركيا، وشُرِد أهلها وتوزعوا مابين العراق وسوريا وأرمينيا واوربا تاركين وراءهم أملاكهم وأراضي أجدادهم للغير وهم يملكون الأوراق الثبوتية. وهناك العشرات من القرى الايزيدية في سوريا تتحول إلى الاسلام رغماً عنهم سواءً عن قصد عنصري، أو عن طريق خطأ أقترفه بعض الكتّاب بسبب الجهل والامية في ستينات القرن الماضي وخاصة في منطقة عفرين من اعمال حلب. وما لحق بنا من مجازر دموية يشيب لها الرأس في العراق وخاصة في فترة الحكم العثماني، وكذلك ما تلا كل هذا من خلال تنفيذ سياسات عنصرية أدت بنا إلى واقع حال لا يتمناه العدو قبل الصديق بسبب التشرذم والاختلاف وكأن الذي جرى هو شيء من الصدف أو لا يستحق البحث والوقوف عنده وتحليله، ونكتفي بما هو جاري الآن من ظواهر مرتبطة بالوضع الاني دون أخذ عِبر التاريخ بنظر الاعتبار. فمتى إذن سنطالب بمستحقاتنا المسلوبة جهاراً؟ ومن هو المعني بتلك المطالبة؟
  إننا بهذه الحلقات المتوالية من هذا الجهد المتواضع، نريد أن نثير ونسلط الضوء على ما أدى بنا من الاسباب إلى ما نحن فيه اليوم، وكذلك نسلط الضوء على ما يمكن تصحيحه وأنتشاله الآن، ومن ثم نبني على الصحيح منه استراتيجية مستقبلية تستوعبنا في ظل المتغيرات العملاقة في عالم اليوم. ولا ننكر تخوفنا من الانهيار والذوبان والتلاشي في الآخر، في حال الاستمرار في الوهم، واهمالنا لواقع حال مجتمعنا الحالي. وهنا لا أخفي تخوفي مما جاء في المثل الانكليزي القائل بأن "ترمى الكلمات في أحذية المعاني". وإنما أتمنى أن يتفهم المتنورين من المجتمع الايزيدي بأهمية ما قاله الفيلسوف الشهير سبينوزا عندما قال "إذا وقعت عظيمة فلا تضحك ولا تبكي ولكن.... فكّر". فكم عظيمة جرت على رأسنا ولم نفكر فيها؟ وهل آن لنا أن نفكر بعقل ونقف وقفة تأمل لما جرى، ونحدد موقعنا مستفيدين من الاوجاع والمعاناة والاوضاع كما هو حال غيرنا؟ أتمنى ذلك، وعلى المتنورين يقع العبء الاكبر من ذلك القدر. ومن الله التوفيق.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1: مراد وهبة، مؤتمر تاسيس العلمانية في مصر، الندوة الاولى، أول مارس، 2006

علي سيدو رشو
القاهرة في 9/3/2009
   
   

91
قراءة هادئة لما أفرزته صناديق الاقتراع!

   قبل ايام، وعقب ظهور اسماء الفائزين، كتبنا مقالا حول النتائج النهائية التي حصلت عليها الكيانات السياسية المشاركة في العملية الانتخابية، والتي على أساسها تم أختيار أعضائهم وممثليهم في مجالس المحافظات، وأن ما يهمنا من هذا الموضوع بشكل أكثر تحديداً هو ممثلي مجلس محافظة نينوى. فكتبت مقالات عديدة، وتحليلات متباينة، واستنتاجات غير قليلة، ومطاليب مشروعة واخرى مشروعة بتحفظ، وراح البعض لحد التفاؤل المفرط، والبعض الآخر أكتفى بالتفاؤل، والكل محق حسب رؤيته، ولكن الامر لم يخلوا من التحفظ بعدم الاستعجال في الحكم. وفي رأيي فإن الحق مع هؤلاء الذين يؤكدون التأني في الحكم على النتائج، لأن الامر فعلا بحاجة إلى تأني وعقلانية وتصور كامل لمختلف الملابسات التي قد تظهر هنا و/أوهناك، والتي لم يتم التحسب لها، ومن الممكن أن تطفو في اي وقت في المستقبل لتعلن عن مفاجآت.
  فلا يعقل بأن لم نتعلم لحد الآن من تجربة العراق طوال هذه الفترة، وخاصةً من جميع هذه المفاجآت التي كانت تبدو لنا مخفية وكانها لا تستحق الاهتمام، فإذا بها تظهر فجأة على السطح لتنسف البناء راسا على عقب (كما هو الامر بشأن قرارات مجلس النواب بشأن حقوق الاقليات). وفي تصوري، فإن جميع المخطئين بحق الشعب سيدفعون الثمن غالياً إذا لم يراجعوا تاريخهم الحقيقي ويصلحوا من مسيرتهم، وأن المجتمع سيدفعِهم الثمن. وعندها سيكون حكم الشعب قاسياً، ليس بحسابات القساوة المادية، وإنما سيغير البوصلة ويعيد اتجاهها نحو الصحيح.
   فالنتيجة كانت 19 صوتاً لقائمة الحدباء الوطنية، و12 صوت لقائمة نينوى المتآخية، و3 للحزب الاسلامي، والكوتا لكل من الحركة الايزيدية من أجل الاصلاح والتقدم، وقائمة عشتار، وقائمة الشبكي المستقل بممثل واحد لكل كيان ليبلغ العدد الاجمالي بما مجموعه 37 ممثلاً. هنا يجب أن نقف أمام هذه الارقام، وفي الحقيقة لست خبيرا حول هكذا أمور، ولكن لا بأس من مناقشة الامر للفائدة، ولعل هناك مَن يضيف على قولنا ويغنيه بما اخفقنا فيه من التحليل.
   فالرقم 19 من أصل 37 يعني ببساطة، النصف زائداً واحد (18+1)، وهذا حسب معلوماتي يكفي كنصاب قانوني لاختيار المناصب المهمة فيما إذا كانت الامور ستجري حسب هذه القاعدة. والحالة هذه ستعزز أكثر في حال ضم الحزب الاسلامي وممثل الحركة الايزيدية من أجل الاصلاح والتقدم (وهو أمر متوقع)، إلى جانب قائمة الحدباء في هذا الاختيار بأربعة أصوات إضافية ليصبح عدد أصوات قائمة الحدباء 23 من أصل 37 صوتاً (أي النصف زائداً 5)، مستبعدين الشبكي المستقل وقائمة عشتار التي هي الاخرى قد تكون في صف قائمة نينوى المتآخية، أو سيكون لهما رأي آخر. ولكن لابد لهما من التحالف مع جهة معينة ولو بالحد الادنى من التوافق، أو على أساس المصلحة العليا للمحافظة، أو قد تتطلبها مصالحهم الخاصة. وفي جميع الاحوال فإن الصوتين الاخيرين (عشتار والشبكي) سيكون لهما تاثيراً كبيراً في بعض الحالات التي قد تظهر كما قلنا فيما إذا حصلت مفاجآت آنية غير محسوبة، وخاصة في المفاصل التي تحتاج إلى قرار يتطلب موافقة ثلثي مجلس المحافظة، وعندها سيكون القرار كاملا بيد قائمة الحدباء. ولكن لا يجوز الاعتماد كلياً في هذا الأمر ايضا على موقف الحزب الاسلامي الذي قد يكون مع قائمة نينوى، وضد قائمة الحدباء على قاعدة عدم الاهتمام بالجانب العرقي والقومي قياساً بالفكر الاسلامي الذي يدعو إلى دولة إسلامية بغض النظر عن القومية.
  في الجانب الآخر، هناك 12 صوت لقائمة نينوى المتآخية (أي أقل من الثلث بدون صوت عشتار) وقد يضاف إليها ممثل قائمة عشتار ليصبح العدد الاجمالي في أقصى الاحوال إلى 13 صوت من أصل 37 صوتاً ليصبح الموقف أكثر قليلا من الثلث، ولكن غير فعّال وسيحتاج إلى جهد كبير وأحياناً تنازل أو تضحية. وهنا يجب أن نعلم أيضاً بأن السيد حجي حسن بيسو هو الآخر مرشح الحزب الشيوعي ضمن قائمة نينوى المتآخية، وبالتأكيد سيكون رأيه حسب ما تتطلبه مصلحة حزبه السياسي، على الرغم من أن ترشيحه كان ضمن قائمة نينوى المتآخية، وليس لصوته بدون تحالف أي قيمة تذكر. وبذلك قد يرجع عدد الاصوات في قائمة نينوى المتآخية (في بعض الاحيان)، إلى نفس العدد الذي بدأ به وهو (12 صوت، أي أقل من الثلث إذا استثنينا الموقف مع الحزب الاسلامي في حالات الطواريء)، وهو ما نعني به أيضاً في حالة ظهور مفاجآت غير محسوبة على أساس التقلبات السياسية ومتطلبات مصلحة الحزب المعني بالصوت.
  في مثل هذه الحالة، كيف يمكن ترتيب المناصب الادارية؟ وكيف يمكن أن نتوقع شكل التركيبة الادارية في مجلس المحافظة (المحافظ، نائب المحافظ،، رئيس مجلس المحافظة، رئيس المجلس البلدي، رؤساء اللجان المهمة وغيرها)؟ فالمحافظ كمنصب هو معلوم ومحسوم أمره، ولكن قد يحصل أختلاف (أو خلاف)، بشأن أختيار نائب المحافظ أو رئيس مجلس المحافظة فيما إذا نفذ الجانب الكردي تهديده بالانسحاب في حال تم اختيار أثيل النجفي محافظاً ل نينوى. وكذلك من المحتمل أن يبرز خلاف (أو أختلاف)، في حال تم ترشيح نائب المحافظ من بين قائمة نينوى المتآخية فيما إذا كان المرشح من خارج المجموعة الإيزيدية، لكونها صاحبة العدد الاكبر من الممثلين ضمن قائمة نينوى المتآخية. وفي جميع الاحوال، لا أعتقد بأن قائمة نينوى قادرة على فرض اختيار المحافظ كشخص على قائمة الحدباء التي فازت بفارق كبير على بقية القوائم، سواء أختارت النجفي أو غيره لمنصب المحافظ الجديد. وفي ذات الوقت أؤيد ما جاء في مقال بير هادي على أن المكونات التي ساهمت في تفعيل قائمة الحدباء كانت لها نفس الغرض المشترك بإبعاد السيطرة الكردية وهيمنتها على واقع المحافظة منذ ست سنوات. عليه، فالاهداف اتفقت وقد تتفق مستقبلا على هذا الاساس.
  وحتى لو تم التوصل إلى أتفاق في أن يكون نائب المحافظ من القائمة الثانية في ترتيب الفوز وهي قائمة نينوى، فلا أعتقد بأن هذا المنصب سيسند إلى أي من الممثلين الايزيديين الذين تم انتخابهم، وبالتالي سيصار إلى شخص آخر لم يتم الاعلان عنه لغاية الان (وهو مجرد تكهن واستنتاج). وهذا بالتأكيد سيغضبهم جميعاً وسيفتح باباً ليس من السهل غلقه على خلفية مئات المقالات والمواقف التي أشارت إلى عدم جدية الموقف الكردي مع الايزيديين، خاصة إذا ما عرفنا بأن هناك كلاماً يدور خلف الكواليس حول إقناع بعض الممثلين الايزيديين على التنحي ليحل محلهم أشخاص آخرين، وسيكون منصب النائب من بين تلك الاسماء حسبما تستدعيه (المصلحة العامة). وفي جميع الاحوال، يجب أن نعلم بأن الواقع الحساس على الأرض يتطلب المزيد من المرونة والتفهم والتضحية في أن لا يكون اختيار الاشخاص (رغم أهمية الشخص الذي سيتبوء المنصب)، هو أساس المشكلة بقدر ما يجب التفكير بالمستقبل الذي ينتظره الجميع. فلا يعقل بأن الشعب الذي أنجح العملية الانتخابية سيدفع هذه المرة ايضاً ثمن هذه الصراعات على السلطة وتعيين ناس ليس لهم القدر الكافي من المعرفة والكفاءة في إدارة شئون المحافظة (ليرجع الفساد بالتفعيل من جديد)، لمجرد أنها تتعارض مع فكر أو مصلحة الحزب أو الكيان أو القائمة المعينة، حتى ولو كان هذا المنصب على حساب المصلحة العليا لجميع ابناء المحافظة.
   فلازالت  هنالك احتقانات، وتداعيات المواقف تتفاعل بتحسب دقيق وتخوف أدق، ولا أعتقد بأن المكونات العربية التي فازت بقوة سوف تفسح المجال مرة أخرى للتواجد الكردي بالتسلط والهيمنة على مجريات المحافظة على خلفية العديد من التهم الموجهة عربياً للسياسة الكردية بحق ابناء المحافظة. وهو العنصر الاساسي الذي أجمع عليه المكون العربي بكل فئاته للحد من تلك الهيمنة وإرجاع الامور إلى نصابها العربي.
   يبقى أن نقول، هل الممثلون الايزيديون سيتصرفون ك أكراد فقط، أو ك إيزيديين فقط، أم ك (كرد إيزيديين)، أو كعراقيين لا يهمهم سوى المصلحة العليا للوطن، فهذا بالتأكيد سيعتمد على تصرّف المقابل العربي. وأن المكون الايزيدي أصبح مهما في الحسابات السياسية لمحافظة نينوى بالذات، ولكن لحد الآن لم يصل إلى معرفة وحقيقة أمكانياته الهائلة. ومع جل احترامي لهم جميعاً، إلا أننا يجب أن نتكلم بواقعية وتجرد، بأن ليس لغالبيتهم تجربة وبٌعد سياسي متميز. وأن دخولهم في هذا العراك المعجون بالمقالب والتصيد سيكون له الاثار الكارثية على مستقبل الايزيدية إذا كان هناك تهوّر أو تصرف غير مدروس وغير محسوب العواقب، ضمن مجلس المحافظة.
   وفي تصوري أيضاً، ولكي نرفع عن كاهلهم بعض العبء، فعلي القيادات الإيزيدية الدعوة لعقد إجتماع عاجل أو (مؤتمر عاجل)، وبمشاركة كردية فاعلة لوضع كامل الامر على بساط البحث والنقاش الاخوي الهادف والهاديء والشفاف. لان مصير الايزيدية وكذلك الوجود الكردي في المحافظة أصبح مرهوناً بما يحمله كاهل هذه النخبة وما سيقرره ويترشح عن تصرفات هؤلاء الاعضاء وخاصة في هذا الوقت، حيث انهم سيتكلمون كممثلين منتخبين دستورياً من عمق العملية السياسية والكلام الان مختلف عن الكلام العشوائي وإطلاق التصريحات الغير مسئولة. وعلى مواقفهم سيتوقف مصير مناطقنا المتنازع عليها وبالتالي الطلب بكل وضوح وشفافية من القيادات الكردية بحسم اي غشاوة بحيث يتم تثبيت الحقوق دستوريا وببنود وقوانين واضحة ليس فيها لبس لكي نتفادى الاجتهادات لأننا نتعامل بحقوق الاجيال. وهذا لا يعني بأني أشكك في النوايا ولكن الظروف التي مرت علمتنا الكثير، وعلينا أن نترك العواطف ونتعامل بواقعية مع المعطيات على الارض، لأن المطالب السياسة التي تثبت حقوق الناس ليست ملكاً خاصاً لأحد لكي يتصرف بها، وليس للمطالبة بها قصور ولا عيب، وهي أمانة تاريخية ثقيلة يحملها ناس أصبحوا مسئولين بتصويتهم لهم. وعلينا أن لا نخجل من طرح استحقاقاتنا بعدما أكدنا قدرتنا على تثبيت الوقائع على الأرض، ثم علينا أن لا نجعل من الفرص أن تذهب سدىً ومن ثم نلوم أنفسنا ونقول بأن الاخر استلب حقنا ونتهمهم بتهم نحن كنا جزءً أساسياً في تفعيلها. وإذا كان البعض يقول بأننا يجب أن لا نستغل الظروف الحالية ونضع القيادات الكردية في حرج، فعلينا الكف عن اللوم والمطالبة بوقوفهم بجانب قضايانا. فأنا لم أقصد بقولي هذا سوى أن المطلب حيوي لانه ضمانة لمستقبل كردستان أولا، والايزيدية ثانياً كمكون من المحتمل أن يصبح ضمن نسيجه، لأن أمر المناطق المتنازع عليها لازال يكتنفه الكثير من الارباك والشك والغموض، فهي متنازع عليها ولم يحسم أمرها لحد الان. وببساطة نقول بأنه يجب أن تكون كل السياسة في خدمة الانسان، وأن جوهر الانسان هو حقوقه. ومن الله التوفيق

علي سيدو رشو
القاهرة في شباط /2009

92
رسالة انتخاب مجالس المحافظات

    لقد جرت انتخابات مجالس المحافظات، وفرزت النتائج، وظهرت أسماء الفائزين، ولكن تأثير رسالتها وما فرز وسيفرز عنها ستقول الكثير. وبعض هذا الكثير سيقول للذين قصّروا بواجباتهم؛ ها، هذه هي المسيرة قد سرت ودار الزمن وفاز بالمواقع التي كنتم تتبوءونها قافلة أخرى من المسيرة التي عمرها سوف لن تتوقف، ولكن شتان بين نتائج أعمال عناصر قافلة مقارنةً بالأخرى.
    فالشعب العراقي امتهن الحروب وعانى من الحصارات والكوارث، وفاقت معاناته حدود التصور، وارتفع حجم معاناته جميع حدود التوقع والاستنتاج. فالعلمانيون فشلوا، وأخفق الليبراليون، وخاب المتدينون جميع الامال، والقوميون دمروا ماقبلهم وما بعدهم، والطائفيون لم يتركوا مجالا للخراب إلا وتفننوا في نهشه وتمزيقه، وأخيراً ماجاءوا بالوعود المعسولة والحضارية التي هي الاخرى لم تفلح سوى في جلب المزيد من الدمار على أنقاض الدمار السابق. ولكن لنقول، هذا هو حال المسيرة الانسانية عبر التاريخ لحين أن تتفهم الشعوب وتستوعب دورها في التغيير، عندها ستكون الكلمة الفصل، ويضع الحد لكل الحدود وينهي ويحكم حكمه العلني بالاعدام على كل من وقف في طريق تقدمه وتنميته.
    قبل الانتخابات بفترة غير قليلة سمعنا الكثير ورأينا الأكثر من على شاشات التلفزيون عن حجم التخوف من الفساد والتزوير وشراء الذمم واحتمال التدخل في شئون الانتخابات من حيث يجب ان لا يحصل سواء من جانب المراقبين أو القوات الامنية أو من القوى السياسية. وكان الجميع تخاف من الجميع، ولكن وعلى الرغم من أن الموضوع لم يخلوا من التزوير، فكان لتلك التخوفات مشروعيتها لما حصل من تزوير في الانتخابات التي جرت سابقاً. أما الشيء الذي حصل في الانتخابات الاخيرة، وبكل ما حمل من خروقات، فهو عمل جبّار ويجب الاستشهاد به في هذا الظرف، ومدى الحيطة والجدية التي رافقت تلك العملية الصعبة والقاسية بحيث تمر بشكل متعافي من هذا المرشح الذي يشوبه الشك والفساد والتزوير وشراء الذمم وغير ذلك. ففي تاريخ البشرية لم نسمع بهذا العدد من المراقبين الذين فاقوا 450 ألف مراقب في عموم العراق (حسب تصريح ديمستورا)، مما يعكس حجم الاهتمام المحلي والدولي بهذا الحدث. وفي نفس الوقت حجم التخوف من التزوير والاختراق الامني، ولكن الحمدلله على سلامة الجميع. فهي جرت من غير إراقة دماء لأبرياء ليس لهم ذنب سوى أن يساهموا في تنمية وتقدم وخلاص بلدهم من هذا الكابوس الذي جثم على صدورهم، والف حمدا لله على سلامة وسلاسة هذه العملية ومرورها بسلام.
   إذن الشعب قال كلمته في هذا الوقت بشكل أكثر دقة عن سابقاتها، وبكل تاكيد سيعي ويقدر الفائزين هذا الدور والدعم الذي قدمه لهم المواطنين. وبالتأكيد سَيَعْون كذلك فيما إذا اخفقوا سوف لن يمر الامر بتلك السلاسة والسهولة التي مرت على غيرهم. لذلك نتوقع منهم ان يطوٍروا ويعملوا جاهدين من أجل المصلحة العامة، ونأمل منهم في أن يتجاوزوا الذات، ويتفهموا معاناة الناس التي أوصلتهم إلى تلك المراكز. وبشكل عام يمكن فهم ثلاث رسائل من نتيجة المساهمة الكبيرة والفعالة من جانب المجتمع الايزيدي.

 الرسالة الاولى: أتمنى أن أفتهمت القيادات الكردية هذه المرة أكثر من غيرها من المرات فحوى الرسالة التي حملها الايزيديون على أكتافهم، وما لعبوا من دور في ايصال القائمة الكردية التي لم تدّخر هي الاخرى جهداً في سبيل الفوز لتصل إلى مبتغاها ضمن محافظة نينوى والتي بدونها لم يكن لها ان تحلم بما تحقق، وما حصلت عليه. وأن تعي جغرافيتهم وعددهم وحيوية دورهم في تغيير موازين القوى في محافظة نينوى الحيوية بالنسبة للأمن القومي الكردستاني، وأن تغير من نظرتها وتعاملها بما يلائم ويستحق موقفهم. فكان من مجموع عدد أعضاء مجلس المحافظة الواحد والاربعين في الدورة السابقة، فقط ثلاثة من الايزيديين من بين الواحد والثلاثين من الاعضاء الاكراد من اصل المجموع. ولكن بلغت نسبتهم الآن اكثر من الربع من أصل السبعة والثلاثين عضوا في مجلس المحافظة بعدما تم تبديد الغشاوة ودخل الايزيديون بطاقاتهم الشبه كاملة في رسم مستقبلهم. فاليوم، لا يعد للوجود الكردي في مجلس محافظة نينوى أية قيمة  إلا من خلال الاعضاء الايزيديين.

الرسالة الثانية: أتمنى أن أفتهمت القوى العربية هي الاخرى ايضاً أهمية وحجم ومقدار وحيوية المجتمع الايزيدي في محافظة نينوى، وأن يدرسوا ويستوعبوا نتيجة هذه الانتخابات ومقدار ما يمكن أن يلعبه الايزيديون في الساحة السياسية العراقية فيما إذا أتحدوا ولعبوا دورهم الاساسي. فهم لاعبون أساسيون في الساحة السياسية لمحافظة نينوى وبالتالي في عموم العراق، كما حصل في إنجاح الاستفتاء على الدستور العراقي عام 2005.

الرسالة الثالثة: وهي بالتأكيد ستكون موجهة إلى المجتمع الايزيدي نفسه، ومدى أهمية استيعاب الدرس الذي حققوه عندما أتحدوا وأتخذوا الموقف بجدية، وكيف نجحوا في الوصول إلى القسم الاكبر من استحقاقاتهم بأصابعهم الارجوانية المخضبة بدماء شهدائهم، وليس بمنة من أحد. بل هم اصبحوا الآن اصحاب الفضل الاكبر بشرف وكبرياء ويمكنهم القول بأعلى صوتهم بأننا ثالث أكبر ديانة في العراق، وثاني أكبر مكوٍن في محافظة نينوى، ونحن الذين نستطيع أن نفعل مانريد في مناطقنا لأننا نحن الذين نشكل الاغلبية والبقية هم الاقلية. فليروا بأن عدد اعضاء القائمة الكردية قبل الانتخابات 31 من اصل 41 وكان للايزيديين ثلاثة اعضاء فقط ومن ثم ليقارنوا النتيجة الان بين عددهم بالامس وعددهم اليوم. فيمكن أن تحصل نتيجة مماثلة في البرلمان القادم فيما إذا تم التحسب بدقة وحينها دعوا للبرلمان شأنه في التعامل مع حقوق الاقليات، وليحذفوا الحقوق على راحتهم، ومن ثم علينا تثبيت ذاتنا من خلال تعاوننا على كسب حقوقنا باصابعنا. وفي مثل هذه الاحوال على الاعضاء الجدد أن يعوا المخاطر فيما إذا لم يتصرفوا بالحكمة والتروي. لأنه ليس كل من وصل سيفوز بالملذات، وإنما يفوز بها من يعرف كيف يتصرف، وماذا يقدم بناءً على متطلبات مدروسة بعناية ومسنحقات قانونية، وليس مطالب متسرعة ومتهورة حسب العواطف، أو مساندة جهة على حساب الاخرى على الحق والباطل.
   أملنا كبير في أن يعي الفائزون باهمية دورهم الحيوي في هذه الفترة، وأملنا كبير أيضاً بأن يقفف المسئولين على نتائج هذه الانتخابات ويحللوها بعمق، ويدرسوا ما افرزتها من نتائج، واملنا أكبر في أن تتفهم القيادة الجديدة في مجلس محافظة نينوى دورها بشد أزر البعض في حماية المصالح العليا للمحافظة والتأكيد على المصالحة الوطنية وترك الحساسيات جانباً لصالح العام، وأن تفكر بأن للجميع الحق في تربة وطنه بنفس المقدار والمقياس. وإذا ما قدموا مستحقات المواطنين، فالتاريخ سوف يسجل لهم تلك المواقف وأن الشعوب لا تنسى المواقف الايجابية، كما لا يمكن لها من أن تنسى المواقف السلبية ايضاً، والدليل هو فشل الاحزاب الدينية في تعبئة الناخبين بعدما أخفقوا في الوعود التي جاءوا بها. ولهذا نقول مبروك لكل من فاز، وتحية لكل مرشح نافس الاخرين ولم يفز، وتحية وتقدير للشعب العراقي على الوفاء بوعده في إنجاح العملية السياسية، وتحية مفعمة بالوفاء للحكومة العراقية والامم المتحدة في السيطرة على الوضع الامني وحقن دماء الأبرياء.
  فنرجو أيضاً أن الحكومة العراقية قد وعت وأفتهمت هذه الرسائل وأهمية الشعب ودوره في مساندتهم في تحقيق الامن والاستقرار من خلال هذه العملية المشرفة. وكذلك عليهم معرفة حقيقة المكون الايزيدي لما له من أهمية كونهم يتركزون في مناطق جغرافية محددة، ولهم أهميتهم الاستراتيجية والجيوسياسية المستقبلية في الحكم على الكثير من المتغيرات ولعب الادوار. وأهم ما يقال هنا هو عليهم جميعاً أن لا يبنوا آمالا على تخلّف الايزيديين حيث أنهم قد وعوا دورهم، وأنهم سائرون في طريق الوعي وتشخيص المصالح. وعندما تقرأ الاجيال الصاعدة تاريخها الاسود في سابق العهود، فسوف تقشعر لها ابدان الكثيرين منهم، وينتصب شعر راسهم من هول ما تعرض له اسلافهم من مجازر وحشية تفوق حدود التصور. وبكل تأكيد سيثيرون ويحركون شعور الاخرين بما يجعلهم يفكرون كغيرهم في المطالبة بالاستحقاقات وتقرير المصير حسب الدستور العراقي الجديد. ومن الله التوفيق.

علي سيدو رشو
القاهرة في شباط/2009   

93

لماذا تخلّف الايزيديون؟7

أزمات الخطاب وأزمة الحلول.
   منذ مدة طويلة يتكرر الكلام، بل الطلب بكثير من الإلحاح على توحيد الخطاب الايزيدي سواءً على المستوى الديني أو السياسي، أم على مستوى الاداء الاجتماعي. وبالقاء نظرة فاحصة على هذه الطلبات التي تفرض نفسها بهذا القدر من القوة، لابد لنا من أن نتوصل إلى نتيجة مفادها إنه لابد من أن تكون هذه الدعوات التي تأتِ من  مصادر متعددة ومختلفة في الثقافات والخلفيات، على درجة عالية من الصواب. وإلا، لماذا التركيز على هذا المطلب من دون غيره؟ ولماذا التأكيد عليه بهذه الدرجة من الاهمية؟
  فهكذا، ومن خلال متابعاتي للإعلام والواقع الثقافي والاجتماعي والسياسي في الوطن العربي الذي نشكل جزءً من نسيجه، أرى بأننا نسخة مصغرة منه من حيث التشتت والارتباك وضعف القرار وتركيز السلطات بيد قيادات لاتهمها سوى بعض المصالح الضيقة على حساب الحقائق والمصير. وأن جانب كبير من هذا الارباك والتشرذم سببه خلق الازمات من قبل تلك القيادات- سواءً كانت عن معرفة أو ناتجة عن جهل- لكي تبقى تتمسك بمفاتيح حياة الاخرين، وتستفيد من أمكانياتهم وما يدور بينهم من خلافات ونزاعات. وفي ذات الوقت تعمل على خلق الانشقاق فيما بين الفئات المثقفة التي تحاول إيجاد الارضية المناسبة لأي مسعى وأي قدر من التلاحم فيما بين الافكار بهدف التوحيد وجمع الشتات حول كلمة متفق عليها، وبالتالي الوصول إلى خطاب موحد. أو حتى وإن كانت الفئات المثقفة تبغي القيام ببعض الاصلاحات، فإن الواقع السياسي غير المستقر وإدخال الاوضاع في ظروف غير اعتيادية تجعل من مساعيهم مشاريع مؤجلة على الدوام، مما يجعلهم دوما محل شك وريبة، ومرصودين ضمن دائرة الاتهام، ولهذا فإنهم يعيشون مشتتي الجهود.
  وبطبيعة الحال، فإن الدور الاعظم في هذا الشأن يقع على عاتق المتنورين والمثقفين لتبديد هذا الفكر المعيق لمساعيهم، وخلق الارضية الصلبة التي تحد من قوة وفعل تلك الازمات ومحاولة وأدها في مهدها قبل أن ترى النور، لكي تفتح الطريق أمام توحيد الخطاب. وبما أن للمثقفين اليد الطولى في هذا الامر، عليه فهم مرفوضون من قبل المتنفذين على حالهم الراهن، ويجب تكبيلهم بما يوقفهم عن الحركة والمناورة في بلورة أي رأي يصب في مسعى التوحد. وهو ما تفعله المشايخ والحكومات والاحزاب وحتى المنظمات والقطاعات المختلفة وبمختلف الاساليب والسبل. والدليل على ذلك هو، الهجرة المستمرة والمخيفة من العقول والكفاءات إلى الخارج بعد أن ذاقت بها السبل وعجزت عن تحقيق الحد الادنى مما يجب تحقيقه، ولكن بالتاكيد ستتفاعل جهودهم في المهجر بعد أن أضيفت معاناة جديدة إلى حياتهم وشعروا بقيمتهم كثروة لا تقدر بثمن.

الازمات التي يعاني منها المجتمع
    أهم ما يربك تقدم المجتمعات الانسانية هو عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي، خاصة إذا ما رافقهما تخلف ثقافي حيث يقود إلى خلق وضع نفسي غير متوازن لدى الأشخاص وتفعيل مواطن الخلل فيهم، وإنتاج إنسان ضعيف، مهزوم في داخله، غير واثق من امكانياته، غير مؤمن بالتغيير، يجتّر الماضي ويعيش ويتعايش فيه، مسلكي، غير منتج، ومتفاعل وهاضم للازمات بشكل طبيعي رغماً عنه.
 ْ  فمن بين الازمات المختلقة والسائدة في أوساط المجتمع، أزمات تتعلق بالجهات الحكومية، وهي المصدر الرئيسي لخلقها وبثها وخاصة ما يتعلق منها بالحكم الطائفي، وخروقات الدستور، وازدواجية المعايير، وانتشار الفساد الاداري والمالي، وضعف الخدمات، والبطالة، والقتل على الهوية، والهجرة والتهجير، وازدواجية تطبيق القوانين كونها تمثل فقط حبراً على ورق. وهي قوانين ذات مضمون عصري على الورق، ولكنها تخلق اشنع الازمات أثناء التطبيق كما هو الحال في بنود الدستور العراقي، ويدفع المواطن ثمن جميع ما يترتب على تلك الازمات وما ينتج عنها من الاخطاء والسياسات العنصرية على الواقع.
 ْ  وهناك أزمة في الهوية والانتماء؛ وهي في أغلب الأحيان عامل تفرقة واتهام، وأحياناً أخرى سبباً في القتل والتهجير والاغراق في التقليد والمحاكاة والسطو على مقدرات الناس وسلب حريتهم في الاختيار بدون أدنى أحترام لحقوق الانسان، وأخذ مستجدات الحياة والتنمية والتطور بنظر الاعتبار. وابتلاع البعض لمقدرات البعض الآخر وتهميشهم وتجريدهم من حقوقهم المشروعة التي وردت في الدساتير والقوانين واللوائح الدولية، كما هو الحال مع واقع الاقليات الدينية والعرقية  من خلال حذف المواد القانونية التي تثبت حقوقهم.
ْ  أزمة في الحياة الاجتماعية وغياب وتجاهل السياسات التي تعالج واقع المجتمع فيما يتعلق بالتعليم والصحة ومكافحة الفقر والمجاعة وتحقيق العدالة الاجتماعية، وانتشالهم من العوز رغم توفير الامكانيات الاقتصادية الهائلة، مع علم الاخرين ومعرفتهم بتلك الحقيقة والامكانيات وقوة الاقتصاد.
ْ   وتعد الازمة الثقافية ومعاناة المثقف من اكثر القضايا خطورة بسبب تبعية المثقف واستثمار طاقاته وامكاناته في غير الوجهة التي يجب ان تسخر لها. وبالتالي فقدان المجتمع الثقة بملكاتهم، والنظر إليهم سلباً بسبب تلك التبعية الاضطرارية، التي منها ما هو متعلق بالمعيشة، واخرى مرتهنة بالوضع السياسي والتهم الكيدية الجاهزة كون افكارهم لا تعبر عن فكر يتماشى مع فكر تلك المجاميع التي تسيطر على مقدرات الاخرين. وأختزال هذه الثروات الفكرية وتقييد امكانياتهم في أمور تافهة، أو أغتيالهم وفي افضل الاحوال يتسببون في إبعادهم وتهجيرهم بحيث يبقى الوسط الاجتماعي والسياسي ينتج ويفرّخ التخلف والميوعة والتقهقر. 
ْ   إضافة إلى ما يفرزه التشدد والتعصب والتطرف والانغلاق وما ينعكس منها على الفرد والمجتمع والمستقبل من سلوكيات سلبية وخير دليل هو ما نشهده على الساحة العراقية من استهداف وتكفير وتصفيات باسم الدين بسبب ذلك الانغلاق والتشدد، وسيطرة الافكار السلفية على مجتمع متعدد الاعراق والخلفيات الدينية والعرقية، وتعبئة الجميع في قفصٍ واحد، والحكم عليهم بنفس المنظار، وهم مختلفون في الدين والقومية والانتماء.
 ْ   وأهم ما يبرز ذلك السلوك، بشكل أزمة، هو عدم امكانية تحقيق أي توازن أو ايجاد صلة إيجابية فيما بين العلم والدين. وفشل نظريات ورهانات المتدينين في مقاومة التطور العلمي، وبالتالي ارتداد سلبيات تلك السلوكيات على الدين نفسه واتهامه فيما هو غير مسئول عنه بسبب تلك المخالطة والمغالطة بحق العلاقة بين العلم والدين مما فسح المجال للفكر الطائفي المقيت والتكفير والقتل على الهوية مضحياً بالهوية والإنتماء إلى الوطن.
 ْ بالاضافة إلى كل ذلك، أزمة العيش في الماضي ودهاليزه من دون اخذ الحاضر المتطور بنظر الاعتبار، وبالتالي الدوران في فراغ غير ذي نفع والابقاء اسيرا لعادات وتقاليد غير مواءمة مع التطور والتمدن، وخلط العادات والتقاليد الاجتماعية بالتراث الديني. وهذا ما جعل من الفرد أن يعيش واقعين مختلفين ومتناقضين في نفس البيت، بل وفي ذات نفس الشخص بين ما يراه بأم عينيه، وبين ما سمعه من ذلك التراث الاسير في القالب القديم المحكوم بطوق الانغلاق.
ْ وفي الحقيقة لا يبدو بأن هنالك أملا في امكانية حل لاية معضلة من جميع ماذكر من أزمات، على الاقل في المستقبل المنظور. وبذلك خضع المجتمع لمجموعة قيود متداخلة ومترابطة من حلقات درستها تلك المجموعات بعناية بحيث لم يعد الانفكاك منها بتلك السهولة التي نتوقعها، أي أن هناك أزمة في حل جميع تلك الازمات.
  ولكن بعد هذا التصوّر السوداوي، من حقنا أن نسأل. هل انتهت الحياة؟ وهل علينا التوقف عن التحرك إلا في فلك تلك المجموعات والقيادات؟ هل غُلِقت جميع الابواب والمنافذ بوجه المثقفين؟ ألم يعد بامكان المثقف فتح ثغرة في جدارهم وانتشال الواقع من غيبوبته؟ هل لا يدرك المثقف الحقيقة واين الخلل؟ هل لا يعرفون كيف يمكن التخطيط لفك تلك العقد التي تربط كل تلك الكيفيات ببعضها لتصب في مصلحة جهة معينة على حساب المجتمع العليا؟ أيجب ان تكتفي الطبقة المثقفة بدور المتفرج ومصايرة ذلك الواقع المريض بالنقد فقط؟ لماذا نتثقف إذن إذا كنا نباع ونشترى بنفس الثمن البخس الذي لا يختلف فيه عن ثمن غيره (مع جل احترامي لآدمية الانسان)؟ هل بامكانه أن يغير أم لا يستطيع فعل اي شيء؟ هل فحص المثقف امكانياته الفعلية بكامل طاقاتها وحاول الاستمرار بعد فشله في المحاولة الاولى؟ هل قاس ردة الفعل لدى الجانب الاخر واختبر نقطة ضعفه؟ هل عرف المثقف كيف يغير خططه على ضوء ما أكتشفه من خلل في المقابل؟ هل يجب عليهم أن يتغربوا عن مجتمعاتهم ويتركوا الحبل على الغارب ويقولوا قولا كما يقولها الاخرين؟ وهل يجب ان يقفوا مكتوفي الايدي ويتفرجون؟ أم يقع على عاتقهم مهمة كبيرة يجب خلقها؟

دور المثقف في إنقاذ الواقع.
  أرى بأن المثقف بقادر على عمل الكثير، على الاقل يقوم بتحريك الماء الساكن بالقاء ما يحركه في البركة الساكنة ويبذر بذور الهداية والرشد والتثقيف في الارض. وحينها لابد من أن تنبت بعض تلك البذور مهما كانت الظروف غير مواتية وبالتالي يكونوا قد حققوا بعض الذي يجب تحقيقه حتى ولو تأخر بعض هذا البعض عن الوقت المناسب. فيجب ان ينظر المثقف إلى الجزء من خلال الكل الموحد ودراسة الامور بشكل عمودي وافقي ومحيطي بحيث يضيء كل الجوانب من خلال تسليط الضوء على الزوايا المظلمة التي لا يصلها النور، ولا تراها العامة بسبب التعتيم والتعمية. المهم هنا أن لا نتوقف عن محاولة التفكير. أن لا يقف على عتبة معينة ويخشى القفز أو الصعود على العتبة التالية. أن لا يقف على ضفة النهر، ويتوقف عن التفكير بايجاد وسيلة للعبور إلى الجانب الثاني ليقف على اكتشاف مكامنها وما تتضمن.
  المهم أن لا نقف على سطح عالي ونخشى النظر إلى ماهو في الاعلى من خلال ما كان لنا من أرضية قوية من بناء شامخ بدم الشهداء في الاسفل، يسندنا فيما إذا وقعنا على الارض. المهم أن لا نعجز ونقول ليس بأمكاننا عمل جديد. المهم أن نقف على تجارب الاخرين ونحلل نجاحاتهم ونقاط اخفاقهم في مسيرتهم الناجحة وكيف تخطوا الصعوبات. المهم أن نعدو بدون ملل خلف اية ظاهرة ممكن تساهم في دعم مسيرتنا نحو الامام. المهم أن نعرف بأن الحياة لم تتطور إلا بجهود مضنية وتضحية وسهر ليالي. المهم أن نتعلم من اخطائنا ونعزز من مثابات وتضحيات تاريخنا المشرق، ونتخطى المطبات بعد استخلاص العبر منها. المهم أن نفحص امكانياتنا في مقاومة هذا الكم والكيف الذي تعرضنا له وكيف قاومناه بكل بسالة بحيث بقينا كلوحة تراثية يعتد بها. المهم إذا فشلنا في أمر معين أن نعرف بأنه ليس شرطاً من أن ينسحب هذا الفشل على المجالات الاخرى.
 الاكثر أهمية من كل هذا هو أن يجعل المثقف من نفسه ناظوراً ينظر من خلاله الاخرون ليروا الابعد الغير مرئي للعامة وقصيري النظر. أن يصبح ميكرسكوباً ليوسع من حجم الاكتشاف وزيادة مساحة المعرفة وحس الاخر بغير المرئي لعامة الناس. المهم أن يوسع المثقف من نقطة النور ودائرة الاكتشاف لتشع منها الاضواءعلى الخفايا. المهم أن يبرز امكانيات الافراد والجماعات بهدف إشراكهم في جيش التثقيف وتدريبهم على تحقيق المزيد. المهم أن يعمل المثقف على تقريب البعيد ليكون في متناول الجميع. وعليه في جميع الاحوال أن لا يستسلم ويقول بأننا غير موجودين. إذن هذا هو مقدار الاهمية العظيمة التي يضطلع بها المثقفين في اداء دورهم واختراق الطوق المفروض على مجتمعاتهم لمئات السنين وتنوير وتبصير الآخرين بأدوارهم وإشعارهم بامكانياتهم، وكيف يكون بإمكانهم تحقيق ما لا يستطيع غيرهم من تحقيقه. فمحصلة كل هذا هو الجواب لمجموعة الاسئلة التي أثرناها.
 فحسب رؤايا المتواضعة،  ولكي نضع آلية ناجحة لمعالجة هذه الامور لابد من التفكير بتغيير الواقع من الاساس بدراسة واقعية بحيث تتحمل البنيان، وأن أولى خطوات هذا البنيان هو توحيد الخطاب على أكثر من صعيد. وإني لمتفائل بما تم تحقيقه على مدى السنوات الماضية من غربلة وبلورة للأفكار بهذا الاتجاه، وتنضيج تلك الافكار حتى توضَّح الكثير مما كان يجب تجنبه وتحاشيه لحساسيته، أو لعدم مواءمته مع الواقع الجديد، وتكثيف العمل على ما نصع وبان معدنه الاصيل وتطهّر من الادران.
   فكان بحث الزميل الفاضل هوشنك هو بمثابة الاتفاق على توحيد الخطاب مع ما سبقته من أفكار ولو بشكل غير متفق رسميا، ولكنه جاء بافكار سيكون لها مستقبلاً الكثير من ردود الافعال، وهو بحاجة إلى إقترانه بفعل عملي. وكانت للمبادرة التي اطلقتها مجموعة من مثقفي المهجر في السويد بتاريخ  17/ 1/2009، والجلوس على مائدة النقاش وترتيب الوضع حسب الاولويات ومناقشتها من حيث يجب أن تناقش الأثر الطيب في نفوسنا كبدايات لتوحيد الخطاب وإحدى أهم اللبنات الاساسية. كما جاءت المبادرة العملية الاولى في هذا المسعى من الأعزاء إيزيديي سوريا في المهجر من خلال الدعوة التي أطلقها الزميل الفاضل داود ناسو والاستجابة السريعة لتلك المبادرة الناضجة والناجحة لأنها كانت تستحق الاهتمام لأهمية ما ورد فيها من أفكار مدروسة بشكل رصين ومبوبة بحيث يُقبَل ما ورد فيها من افكار، ونتمنى لهم كل النجاح والسعي للمزيد، وتحقيق الخطوات في توحيد الخطاب الايزيدي، واعتبارها لبنة أخرى في هذا المسعى. وكذلك ما وضحه بعض الزملاء قبل ايام حول الملابسات التي دارت بخصوص عقد مؤتمرات كان من الممكن الاستفادة منها بشكل أكثر عملي فيما لو كانت الافكار متوافقة بترتيب أكثر دقة. إضافةً إلى العديد من الافكار والدراسات والمبادرات التي ساهمت بفعالية كبيرة في بلورة الرأي العام والشد بهم نحو توحيد الفكر والخطاب. فجميع هذه النقاط تبشر بقرب توحيد ذلك الخطاب الذي انتظره الجميع، وفي رأيي لايمكن لأي خطاب موّحد أن يرى النور إلا من خلال مجموعة من المثقفين الليبراليين المستقلين إنسانياً.

ترتيب الواقع عملياً.
  إن من أكثر الأمور التي يجب التأكيد عليها هو أن تبدأ كافة الجهات بترك الخلافات الشخصية جانباً، والتضحية بالبعض من أجل الكل. ووضع أسس سليمة لنقاش هادف باتجاه توحيد الكلمة مهما كان نوعها، لأن الاساس بدأ بالفعل ويحتاج فقط إلى توجيه ووضع العربة على السكة، مع بعض قليل من نكرات ذات لصالح العام. فالمهم أن يكون المثقفين موحدينً حتى ولو كان سلباً، لأنه حتما سيصبح إيجابيا في يومٍ ما في المستقبل. ومن فهمي لواقع المجتمع الايزيدي فإنه جاهز ومتلهف ليرى مجموعة من المثقفين يهمهم مستقبل المجموع ليقفوا بجانبهم متى ما رؤوهم يعملون بنزاهة لتحقيق هدف متفق، وما جرى في الانتخابات الاخيرة خير دليل على كلامي. وأنه لديهم الاستعداد للتضحية من أجل تلك الافكار بعدما فقدوا كل الامال في القيادات الدينية والعشائرية والسياسية. وأصبحوا على يقين تام بأن الخلاص الوحيد هو يجب أن يكون على أيدي المثقفين رغم الاحباط الذي سببه السلوك السياسي لبعض المثقفين الذين سعوا وراء تحقيق مصالح شخصية على حساب العامة. ولكن ولكي يعزز المثقف تلك الثقة التي يوليه المجتمع عظيم الاهمية، عليه نرى بأن الخطوات التالية جديرة بالدراسة والاهتمام:
1-   العمل الجاد والسعي لبناء مؤسسة دستورية بشكل عصري والتقليل من صلاحياته الحكم الفردي بحيث تتبوء رئاستها مجموعة مثقفة ونزيهة ومستقلة سياسيا، على الاقل رئيس المؤسسة يكون مستقلاً. مع الابقاء على كامل الاحترام والمكانة التي يتبوءها سمو الامير وبقية الرموز من الامتيازات المادية والمعنوية والاعتبارية.
2-   أن تتحمل النخبة المثقفة المسئولية الاخلاقية والمهنية وتنطلق من واقع المجتمع ومعاناته ودراسة تداعيات واسباب تخلفه والعمل على ترتيب اولويات التخلص منها بعد تقديم دراسات ميدانية عن واقع الحياة عامة، وواقع المرأة بشكل خاص لأهمية دورها الحيوي في تنمية الاسرة وتنشئة الاجيال.
3-   العمل على رفع كفاءة المجتمع من خلال التركيز على واقع التعليم لأنه لا يمكن أن يتقدم اي مجتمع مالم يعمل على الاهتمام بالتعليم كأهم عنصر في التنمية بكافة اشكالها.
4-   التعاون الوثيق مع المديرية العامة للأوقاف التي يرأسها السيد الفاضل خيري بوزاني لأهمية ودور هذه المديرية الحيوي في رسم مستقبل المجتمع الايزيدي، مع التاكيد على تشريع قانون الاحوال الشخصية.
5-   العمل الجاد على تفعيل وتنمية دور المجتمع المدني والانفتاح من خلاله على العالم الخارجي والاوربي بشكل خاص، لجلب انتباه الراي العام على معاناتنا.
6-   أجدد الدعوة لعقد مؤتمر فعّال ومستقل سياسيا وبتمويل من تبرعاتنا الشخصية فقط لكي نستطيع ان نتخذ بعض القرارات المستقلة وهي بالتاكيد لن تكون بالضد من المصالح السياسية للاحزاب العاملة في المنطقة، بل سيكون المؤتمر داعما ومساندا لها. وتوضيح الواقع السياسي والعلاقة مع الاحزاب الكردية بشكل واضح وبشكل رسمي ومتفق عليه ووفق مطاليب مشروعة تستحق تضحيات الايزيديين ونسبتهم في النسيج الكردستاني لتبديد اي ملابسات شخصية أو حساسيات جانبية وتكون جميع العلاقات على اساس الاحترام المتبادل وتبادل المنفعة على أساس الرؤى المشتركة.
    ومن الله التوفيق

علي سيدو رشو
القاهرة في شباط/2009

94
لماذا تخلّف الايزيديون؟ 5-1
 
المثقف السلبي ودوره في تزييف الواقع.
   لكل مجتمع على وجه الارض حيثياته وعيوبه ومشاكله الداخلية الخاصة وأخرى المرتبطة بالعالم المحيط بدرجة وبأخرى تحددها المصالح المشتركة، ومهما كانت قوة ومصادر المشكلة الخارجية كبيرة وفعالة، فإنه يمكن التعامل معها فيما لو تم تشخيص عوامل الضعف وتحسين الجبهة الداخلية في المجتمع المعني بها. فمثلا، إذا نشب خلاف بين مجتمع وآخر على مسألة حدودية أو جريمة معينة او خلاف عقائدي أو سياسي، فمن الممكن رص الصفوف من الداخل ودراسة الحالة من جوانبها المختلفة ومن ثم التوصل إلى قناعات بحلها بناءً على المعطيات على الآرض، والأهم من كل شيء هو عمل خطاب موحد من قبل المثقفين المتنورين لافهام المقابل بأن جبهته موحدة بمطاليب واقعية ومقنعه وستؤدي إلى الحلول التي تحقق لكل طرف مستحقاته.
  على الجانب الثاني فإن المشكلة سوف تتفاقم وتتفاعل داخلياً وترتد سلباً إذا لم يتم التعامل معها بدراية وبشكل خاص إذا ما شاركت الفئات المثقفة في صنع الخلل والضعة وفتحت الثغرات في الجدار الداخلي. وما أقصده في هذا المجال هو مدى مساهمة المثقفين في صنع التخلّف وتفعيله وزيادة مساحة انتشاره في الوسط الاجتماعي. فالمثقفون في المجتمع الايزيدي شاركوا في صناعة التخلّف، وبالتالي أصبحوا هم ضحايا التخلف الذي صنعوه بأيديهم. فهم خطوا بخطوات حميدة في بداية الامر وسعوا وأسسوا مثاباة يعتد بها كمركز لالش الذي خطا هو الاخر خطوات مباركة في بدايته، ولكن أختلف الامر بعد الاحتلال مباشرةً وتراجع الجميع إلى الوراء، بما فيهم المركز بسرعة أكبر من تلك التي خطوا بها نحو الامام. أي أن المثقف الايزيدي تخلّف كثيراً عندما وجهّت الاحزاب السياسية (الكردية تحديداً)، أمكانياته باتجاه محدد ومرسوم مسبقاً وبالتالي سلبت إرادته مستثمرين ثقافته لتطويق فكره وفكر الاخرين بالمزايا المادية والوظيفية، بدلا من أن يستثمر هو/هم أمكانيات الحزب لتنمية وتقدم وتطوير أفكار الاخرين. كما هو الحال في أيام حكم البعث عندما تم تسييس الثقافة والمثقفين بما فيها الجامعات والمراكز البحثية والجيش والشعب لخدمة الحزب والقائد الاوحد، وهم الآن يؤدون نفس الدور ويلعبون في نفس الملعب. ولكن يجب أن لا ننسَ دور الخيّرين منهم والذين واجهوا المتاعب والاتهامات بالرغم من أنه فرض على أفكارهم النسيان والتسويف، مع الاسف.
 
مقابلة رئيس الجمهورية.
   عند عودتي من مقابلة الشيخ غازي الياور، أول رئيس لجمهورية العراق بعد الاحتلال ضمن وفد شيوخ العشائر الايزيدية بتاريخ 12/10/2004، عاتبني أحد المثقفين الايزيديين وقال؛ لقد شعرت بالحزن عندما رأيتك ضمن هذا الوفد من المتخلفين لمقابلة رئيس الجمهورية. قلت له جميل أن أسمع رايك في هذا ولكن لنناقش الامور بعقلانية وواقعية وهدوء وقلت، ألم يكن رئيس الجمهورية واحداً من شيوخ العشائر؟ فهو يلبس نفس ماهم لابسون، وهو من نفس المنطقة والواقع العشائري، وأن شيوخنا لم يقلوا ثقافةً منه فيما لو توفرت لهم الفرصة مثلما توفرت للشيخ الياور مع جل احترامي لمقامه ومركزه الذي أكن له كل الاحترام (بدا لي بأن الزميل كان يحكم على الوفد من خلال العقال والعباءة واللبس العربي). ثم قلت؛ لنكن واقعيين، فإن طبيعة مجتمعنا هي طبيعة عشائرية، ولو تركت العشائر على ثقافتها بدون تدخل السياسة، فستجدها في وضع غير ما تراها الان، لانها تتمتع بقواعد سلوك والتزام تصل في بعض الاحيان إلى مستوى أجهزة الدولة في ضبط السلوك العام وحل النزاعات في المناطق التي (يحكمونها). وقلت له أنت إنسان مثقف وكان شيخ عشيرتك من ضمن ذلك الوفد، وسوف أسالك سؤالاً ارجو الاجابة بصدق، فقال بكل تأكيد، قلت له: أفرض أن سائق سيارة من تلعفر دهس طفلا من عشيرتك، فهل يسالون عن الطبيب أو المهندس أو المدرس أم سيسألون عن شيخ العشيرة في حل المشكلة؟ قال، يسألون عن شيخ العشيرة؛ فقلت له لماذا لا تذهب وتقول لهم بأن هذا الشخص متخلف ولا يستطيع حل المشكلة وتقوم أنت بذلك الواجب وتنهي المشكلة؟ قال كيف لي أن أعمل بدلا عنه وهو أقدر مني في هذا الشان.
  في مقام ثانِ وعندما التقيت السيد فؤاد معصوم في تموز 2004 ، قال؛ في الحقيقة اعطينا الدور البارز في أختيار الذوات الذين سيمثلون نواة الجمعية الوطنية للعشائر العراقية، وهناك خطاً أحمراً من قبل الاحزاب السياسية في هذا الشأن لانستطيع تجاوزها. عند ذلك قلت له، وماذا عن دور المجتمع المدني والمثقفين والتكنوقراط؟ انتفض الرجل بوجهي وقال: كفوا عن هذه المثاليات! متى كان للمثقف دوراً في سياسة العراق؟ فقلت له، أرجوك أن تفكر فيما تقول وأنا لم اقطع 400 كم لكي أسمع هذا الكلام من رأس المجلس الذي سيمثل الشعب، وقلت له؛ لماذا لم يتم تكليف شخص من عامة الناس بدلا عنك في هذه المهمة؟ وعلى أي اساس تم اختيارك لكي تطعن بدور المثقف؟ عليه سيكون مصيرنا هو الذي قادنا إلى الخراب الذي نحن فيه الان وانتهى اللقاء. لاحظوا حجم الخراب، وحجم الدور الذي يلعبه المثقف الذي يفكر بسلبيه.   
   لذلك أقول بأننا دوما نقفز فوق الحقائق ونشجع الباطل على حساب الحق، ونلوم الاخرين دون أن نرى مافينا من عيوب، ونعيبهم على مواقف بينما فينا أقبح مما فيهم من عيوب. فبدأ النظام السابق بالاعتماد على العشائر في أول ايامه، ثم منع اللقب العشائري بعد فترة ومن ثم عاد وشجع من تعزيزها عندما اندلعت الحرب مع أيران. وهكذا اليوم، فجميع الاحزاب السياسية والمرجعيات الدينية والسلطة التنفيذية تناغم العشائر، وكل على طريقته لكسب ودها والفوز ببركاتها في الانتخابات المقبلة، لذلك لا يمكن إهمالها. فالمجتمع بشكل عام يريد التحرر من السلوك العشائري وسيطرة الشيوخ عليهم، ولكن يجب أن يكون هناك ما يطمئن المواطن بالبديل عن هذا الترابط العشائري بالشيوخ وأن ياخذ القانون بحقه فيما إذا تعرض لضرر بدلا من اللجوء إلى رئيس العشيرة في الأخذ بحقه. أي يجب على أجهزة الدولة توفير البديل الصحيح للعشائرية لكي يسهل فك الارتباط النفسي والقيمي والسلوكي للمواطن، أي يكون ولاءه للدولة بدلا من أن يكون للعشيرة.
  فلنسأل؛ الم تكن الاحزاب الكردية على دراية بخلفية رؤساء العشائرية الايزيدية والجرجرية والشبك وغيرهم كيف كانوا في زمن النظام السابق؟ ألم تكن على دراية بشيوخ السورجية والزيبارية والهركية والريكانية عندما كانت تقيم الولائم بمناسبة عيد ميلاد القائد الميمون وهم آمري الأفواج الخفيفة وكل شيء موثق بالصورة والصوت؟ ألم تقع أيديهم على جميع الملفات السرية لأمن الدولة ونشروا أسماء الجميع في الصحف كمجرمين؟ لماذا يفضلونهم الآن على المثقفين؟ لماذا يكبلون المثقف بالسلاسل ويحطمون أمكانياتهم ويدعمون تلك الشيوخ بدلا من محاسبتهم؟ ألم تكن القيادات الشيعية والسنية على علم بنفس الحالة بالنسبة لشيوخها؟ هل استطاعت جهود الدولة والامريكان بكامل قواتهم وجبروت الدولة بقواتها العسكرية من إنهاء دور القاعدة في الانبار بدون ألأعتماد على العشائر؟ لماذا نهرب من أنفسنا وأخطائنا ونُلبِس غيرنا ثوباً من المفروض أن نلبسه نحن؟ فليس الذي أقصده هو قناعتي بإعطاء الدور للعشائر في قيادة المجتمع، ولكن هنالك خللاً في كيان الدولة يفسح المجال ويعطي الدور للعشائر على حساب المثقفين، فهي التي تدعي بالتقدمية والحرية والديمقراطية، ولكنها تغالط نفسها كما نفعلها نحن مع أنفسنا، وكلنا كذابين ومنافقين بحق البعض الاخر.
 
صراع الادوار
  في مقال تحليلي للسيد سمكو حراقي بتاريخ 27/11/2008 على صفحة بحزاني نت، يعاتب فيه المثقفين والسياسيين الايزيديين لكونهم تركوا واجباتهم ولم يعد لهم وجود على الساحة كما كانوا في النقد والتحليل والتعليق سواء باسماء صريحة أو مستعارة. وأقول تعليقاً على كلام أخي سمكو بأن الذي يلعب الدور هنا هو الايمان بالموضوع الذي كان يدافع عنه. فالايمان بالقضية- أي قضية- هو الذي يدفع بالكاتب على الاستمرار بدون ملل، بل قد يصل به الامر للتضحية من أجلها، وإلاّ فهي ليست أكثر من ركضة خيل الشرطة في بداية السباق أو الكتابة من أجل منفعة معينة تنتهي حيث تنتهي تلك المصلحة. فلم يعد سهلا لكي يستمر الانسان في مسيرة صعبة وشاقة ومتعبة في ظروف لا تعرف فيها مَن هو عدّوك. فهناك القسم الذي أراد أن يبرز امكانياته وهذا حق طبيعي، وآخر كان مدفوعاً من جهة معينة، وثالث كان صادقاً ولم يجد ما ينفع في الاستمرار. وكحال أية مسيرة، فإن الكتابة في الامور الثقافية والسياسية والفكرية ليست أمراً عادياً، خاصة عندما تصطدم بواقع جاهز من التهم الكيدية المدعومة بالقوة العسكرية الفنية على أرض الواقع في ظل أوضاع مرتبكة ومصالح متشابكة كما لو أنك تتعامل مع مجتمع الغابة. فتراها تتعرض للنكسات والعقبات والتحديات، ولكن للحقيقة رايها، وهي ستبقى تحفر دورها في الحياة ولا تهمل ما يجب أن يحصل حتى وإن تاخر عن موعده.
    فلم يعد حالياً للمثقف الايزيدي تأثيراً كبيراً على حركة المجتمع، ليس لأنهم غير قادرين على التغيير، ولكن لكونهم مكبلون بالقيود. فهم معزولون، ويعيشون بين فكي كماشة النخب السياسية التي تنظر إليهم نظرة عدم أحترام وازدراء، وبين المجتمع  (الرافض) للأفكار والمبادرات. وبذلك ظهر المثقفون المزيفون المنافقون الذين يشاركون تلك النخب المزيفة في تزييف الواقع، وبالتالي تلهية الناس عن الخروج من النمط المرسوم بتعمد عن التطلع والمشاركة في عصرنة البناء القائم على الايمان بحقوق الانسان وكرامته، وبالعلم والمعرفة. وبالنتيجة، فأصبح المثقفين الحقيقيون مشاريع ريبة وشكوك وأتهام من قبل السلطات السياسية المتخلفة، ويساعدهم في ذلك المثقفون المزيفون وقادة الفكر الديني المتخلف لكي لاتنكشف عوراتهم وحقيقة خداع دعواتهم للرأي العام.
  فالمثقفون الحقيقيون يدعون دائماً إلى تنوير الفكر، وتطوير الواقع، وتحريك السكون، وإزالة الغموض عن المستور، وتعريف الناس بما يدور في الخفاء، ودعوتهم إلى مقاومة الاخطاء والمخطئين، ومحاربة الفكر الظلامي المتخلف، وتعرية الفساد والمفسدين، وتنمية دور الفئات المهمشة، وزيادة حجم المشاركة في النهضة الاجتماعية. وبذلك فإنهم حتما سيجابَهون بكم هائل من التحديات وبدلا من أن يساندهم المجتمع في مسعاهم، وضعهم في موضع شك والدفاع عن أنفسهم لما يتلقون من الضربات السبع والسهام المسمومة من السياسيين الزائفين لكي يكفوا عن توعية المجتمعات. ومن المتخلفين المحسوبين على الدين بدعوى أن هؤلاء المثقفين يريدون إدخال الافكار الغريبة في فكر المجتمع. وعلى هذا الاساس فقد بات المثقفون الحقيقيون في حالة من الخوف والرعب في الاعلان عن افكارهم في النقد والانتقاد وانطووا على أنفسهم وانسحبوا من الساحة مرغمين، فاتحين الطريق أمام التخلف والمتخلفين يلعبون في الساحة بما يحلوا لهم.
إذن، ماذا يمكن أن يترتب على تطويق المثقفين الحقيقيين وحجب دورهم الريادي؟ فالفكر الظلامي المتخلف والتسلط والفوضى هي التي ستسود على حساب التنوير والتقدم والحرية وحقوق الانسان. وسيدور المجتمع في حلقة مفرغة، فيبدأ من حيث انتهى، وينتهي من حيث بدأ، ونرى بأن الحال لم يتغير في المجتمع العربي والشرق اوسطي منذ القرن الثامن عشر ولغاية الان وهو يدور في نفس الحلقة ويجتر نفس المآسي ولم يكن بقادر على شق الغلاف الفكري الجامد ولبس ثوب التطور والتقدم والتنمية، ويجب أن لا ننسَ باننا شركاء مع هذا المجتمع وجزء اساسي من هذا النسيج، وبذلك فإننا لا نستطبع أن نغير الاّ قدر تعلق الامر بنا.

  الواقع الحالي
   لو وجهّنا لأنفسنا أسئلة محدداً وقلنا؛ ماذا يمكن أن يحققه المجتمع الايزيدي إذا درس وتدارس بعناية ما فيه من عوامل وعناصر القوة؟ ماهي الآلية التي عليه أن يختارها من بين البدائل المتاحة على ضوء الامكانيات على الأرض؟ كيف له أن يحافظ على وطنيته وعراقيته أولا وآخراً؟ ماهي المكاسب الآنية والمستقبلية في حالة اختيار الانظمام إلى كردستان؟ ماهو الافضل بين المركز والاقليم، ولماذا؟ كيف؟ وما الضمان؟ هل فكرنا بالواقع الجغرافي الايزيدي؟ هل مجالس الاسناد لصالح الايزيدية أم لا؟ هل وضعنا صورة واقعية عن اللون السياسي العراقي وكيف يتجه؟ هل قيّمنا الوضع السياسي وأسباب فشلنا في المراحل التي سبقت الان بما يستحق؟ هل وضعنا المجتمع في الصورة التي من الممكن أن يسود فيها دور الاحزاب السياسية الدينية المتطرفة للصعود إلى الحكم عن طريق الانتخابات (الديمقراطية)؟ هل ....وهل.... وهل.
   ففي الوقت الذي يمتلك الواقع الايزيدي من الامكانيات التي تؤهله للنهوض بقوة على الساحة فيما لو تم التعامل مع الامكانيات المتوفرة من القوى البشرية والامكانيات المادية، وفي عدد الكفاءات والموقع الجغرافي المتميز الذي إذا تم تسخيره فإنه لوحده كاف كعامل سياسي له ابلغ الاثر في تركيع أية جهة سياسية بتقديم ما يناسب أهميته في صالح الايزيدية. ولكن نرى بأن الامكانيات البشرية في تخلّف متزايد، والفرص التعليمية في تدهور خطير، والوضع السياسي في تدني حقير، والوضع الروحي في ذوبان وتلاشي، وتعريض خصوصية التاريخ الايزيدي إلى المسح والمسخ، وعدم استخدام وسائل الابتزاز المذكورة في الحصول على الوظائف والبعثات والزمالات الدراسية، والمطالبة الجدية المبنية على الاستحقاق بتعديل نصوص الدستور والتردد في المشاركة المستقلة المستندة على الامكانيات الحقيقية، وبدلا من كل ذلك يقوم المهرجون المثقسياسيون بالترويج لبضاعة غيرهم على حساب حقيقتهم. وعليه، فالتأخر عن اللحاق بقطار الحياة الذي يسير بسرعة في زمن لا يرحم الغافلين، ولا يعرف قيمة للجهل، ولا يبالي بالجبناء، ولا يقف إلا في محطاته، وهو يحمل الجميع في نفس العربة ولكن هنالك الذي ينام طول الطريق غير آبه بما يجري كما هو مع حال الايزيدية، على رأي أحد الممثلين المصريين الكوميديين "أنا كدا كويس". وهناك الذي يخطط لمستقبله على طول الطريق، ولا ينزل إلا في المحطة التي تحقق له الطموح التي رسم لها ووضع مستقبله في حساباته بشكل مدروس.
  فلم يعد الفرق في التخلّف كبيراً بين المتعلم وغير المتعلم، على الرغم من الفارق الطبقي في الوضع المادي. ولم يعد ذاك الفرق واضحاً في تقديس الاشخاص والمسئولين بين عامة الناس وخاصتها، ولم يعد كذلك فيما يخص رجال الدين والزعماء. ولهذا فَمِن المثقفين مَن يرغب في الهجرة، ليس حباً به ولكن قد يرى فيه ضالته حيث حرية الكلمة والتعبير عن الرأي. ومنهم مَن يرغب البقاء حيث الواقع لكي يناضل في ساحة المعركة ويستشهد بشرف ليروي بدمه ساحة النضال تعبيراً عن حالة البؤس المستوطنة وليبعث برسالة إلى الانسانية حول معاناة تعانيها مجتمعات ليس لها ذنب سوى أنها مكونة من مجموعة بشرية تختلف عن غيرها في الاعتقاد. وللموضوع بقية.

علي سيدو رشو
القاهرة في 30/11/2008

rashoali@yahoo.com



95
لماذا تخلّف الايزيديون؟ 4

    في هذه الحلقة نود أن نركز على دور رجال الدين بشكل أساسي في هذا الشان لما له من علاقة مباشرة وتأثير فعّال على هذا المنحى. من الطبيعي أن تكون جميع الادوار مهمة ومتداخلة سواء ما كان يتعلق منها بالفترة الزمنية أو بالاشخاص المسئولين كل حسب دوره ووظيفته وأمكانياته وتأثيره في المجتمع، أو بالظرف السياسي السائد في فترة معينة بذاتها. ومن الطبيعي ايضاً أن يكون هذا التأثير مرتبطاً بالفترة التي تلعب فيها تلك الشخصيات دورها الحيوي نظراً للتغير الحاصل في المسيرة الانسانية والتقدم التكنولوجي والتطور الفكري والظرف الذي يلعب فيه الشخص المعني من الدور في التغيير.
    فلا يمكن إعفاء رجال الدين من التسبب في هذا التخلّف الذي اصاب المجتمع الايزيدي وعلى جميع المستويات وفي كافة مراحله التاريخية، بالاضافة إلى العوامل الاخرى السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. من المعروف أن مهمة رجال الدين تنحصر في الغالب على الوعظ والتوجيه والارشاد وإشباع فكر الانسان بالجانب الروحي بالتوازي مع الجانب المادي لخلق حالة من توازن الشخصية فيما بين الحاجات الروحية والمتطلبات المادية والامور الحياتية الاخرى، وبالتالي خلق مجتمع يسوده الهدوء والرزانة وأقل مافيه من الجريمة. فماذا لو أهمل رجال الدين واجباتهم الاساسية وآنشغلوا وأشغلوا الاخرين في الامور الهامشية وتركوا رسالتهم الاساسية وهي تنمية وتطوير العقيدة والفكر لتلائم متطلبات العصر والمنطق وبدلا من ذلك ركزوا جهودهم في مقاومة أي تجديد ومحاربة الافكار التي تدعوا إلى التنوير والتحديث قائلين بأن هذه من البدع التي يجب عدم القبول بها؟
   لقد رأينا ما فعلته أقوال سماحة بابا شيخ أثناء مقابلاته مع بعض الصحف الكردية، وكذلك قوله قبل سنوات من أننا لا نغتسل اربعون يوما وهو كان يقصد معنىً غير تلك التي تم تفسيها. ورأينا كيف تم تحوير الكلام في غير ما قصده سماحته، وتعدّى الامر المرجع الديني إلى  عموم المجتمع وأتهامه بالتخلّف، وفي حينه أخذ قسطاً كبيرا من الاعلام والفعل ورد الفعل. هذا يعني بأن لرجال الدين الدور الحيوي في جلب الانتباه وبالتالي وضع عموم المجتمع في حرج وأمام مشكلة قد يترتب عليها موقف غير محمود. فعلى الرغم من أن تلك الدعوات لم تكن فتاوى، إلا أنها فسرت في هكذا إتجاه وجلبت الكثير من المشاكل والنقاشات بقصد التشويه وكأنهم لم يشبعوا بعد من إلحاق المزيد من الاذى والتحقير.

موقف رجل الدين:
    من الممكن هنا تفسير دور رجل الدين على أكثر من صعيد. ففيما يتعلق بجانب الخارج الايزيدي، لم يكن لرجال الدين القدرة على احتواء المواقف ومواجهة الاسئلة التقليدية من الوسط الخارجي والشارع المحلي ومجابهة فلسفة التفسير الديني بعقلانية وواقعية وإحداث قناعة في فكر المقابل إلا ما ندر، وخاصة مع الباحث العلمي والاجتماعي عن الحقيقة والقيمة التراثية التي يتمتع بها الايزيديون. وان هذا الامر زاد من تعقيد الموضوع، خاصة إذا ما عرفنا بأن غالبية رجال الدين الايزيدي هم أشخاص أميون ولا يتقنون اللغة العربية، ولم يكونوا قد تتخرجوا من كليات علمية أو قد درسوا اللاهوت أكاديمياً وبالتالي فإنهم يمتلكون قدراً ضئيلاً من المعلومات التي يتمكن بواسطتها من الدفاع عن نفسهم ودينهم، ولكن سيبقى ينظر لهم على أنهم هم المسئولين عن هكذا مطلب. وفي الوقت نفسه يعتبرون أي دعوة تطوير او تجديد من قبل المتنورين ورجال العلم والفكر هي تهديم للدين وتهديد لكيانهم. فبدلا من أن يطوٍروا أنفسهم ويوسعوا من مداركهم، حاولوا أن يكرسوا من التخلف والابقاء على مجتمع يجتر العادات والتقاليد البالية وربطها بالدين لكي يبقوا على تخلفه وبالتالي سهولة انقياده حسبما تتطلبها مصلحتهم الشخصية، معتبرين أن الانسان الذي ينطق بالتقدم والتطور من الخارجين على الدين.
   على الجانب الاخر لم يكن نفس الرجال بقادرين على إقناع الداخل الايزيدي بتفسير ما يرد في النصوص الدينية، وفي أغلب الاحوال كانوا يتهربون من الاسئلة التي توجه لهم من قبل الشباب والاجيال الناهضة، بل ويبخونهم على أن تلك الاسئلة هي من قبيل الاحراج وعليهم أن لا يسألوا فيما ليس لهم فيه. وبذلك قاد هذا السلوك النافر من رجال الدين إلى نفور البعض الكثير وخاصة من الشباب الجامعي وبعض الاشخاص المتنورين، وقد حصل تمرد البعض من الشباب لكونهم لم يحصلوا على قناعات شافية من رجال الدين في تفسير ما يجب، والتي قادت إلى إحداث نوع من الشك في نفس الانسان. وأن هذا الشك قاد إلى خلق الفتور في العلاقة فيما بينهم واصبح الدين نفسه هو الضحية الاساسية لهذا الإختلاف غير الواعي.
   فلو أرجعنا المشكلة إلى أصلها، يجب علينا أن نكون واقعيين ولا نقفز فوق الحقائق، ويجب أن لا نطلب من تلك الشخصيات تفسير كل ما يرد في النص الديني. لأنه وبكل بساطة فإن هذا هو حال بقية الاديان أيضاً. فالتفسير ليس بالأمر الهيّن، وخاصة في هذا المرفق لكون أن النص الديني يحمل الكثير من الاوجه، ويجب أن يكون المفسٍر ملماً بعلوم اللغة والنحو والصرف لكي يعطي للتفسير مكانته وحماية النص والكلمة من التداخل والغشاوة. فيوجد في الاسلام والمسيحية  فقهاء ولهم كليات ودراسات عليا وجامعات متخصصة في دراسة الفقه والتفسير ومع ذلك يقع البعض الكثير من المفسرين في حيرة أمام الكم الهائل من الاسئلة والمواقف التي أحدثتها العولمة وعوامل التطور والتنمية البشرية. فليس من الحكمة والانصاف أن ينصب كل اللوم على كاهل رجل الدين، ولكنه هو الذي جلب لنفسه هذا الكابوس عندما أدعى بأن على رجل العلم أن لايتدخل في الشأن الديني وبالتالي تحمّل هو بذاته مسئولية فشله وتبعاتها في هذا الموضوع. ولكي يكون مؤهلاً لتبوء المركز الذي سيشغله، عليه أن يتسلح بالفكر الديني المسند إلى التفسير وبالتالي قادراً على مواجهة الجميع ولو بالحد الادنى من الإقناع.
   لذلك، نأمل بأن يتسع صدر رجال الدين للنقاش والاخذ بالاراء والتفاعل معها واحترام الاراء المختلفة والمتخالفة بهدف إنضاج المواضيع بصورة اكثر واقعية مع الحفاظ على الاصل، ويعلموا بأن التطور سيفرز الكثير من المواقف التي قد تبدو غريبة وغير مطروقة من قبل. وفي قناعتي فإن المجلس الروحاني هو المسئول الاول الذي يتحمل الوزر الاكبر في هذا الموضوع لكونه جمع بين الدين والدنيا، ولكنه لم يوفّق في أيٍ منهما، وكذلك لم يعرف كيف يفرق بين ما هو مطلوب من رجل الدين وما مطلوب من رجل العلم. وكجزء من مسئوليتنا التاريخية، نبهنا المجلس بأهمية هذا التحرك عندما كنا جزءً منه وطرحنا جمع وتدوين النصوص ومن ثم توحيدها وتفسيرها من قبل باحثين متخصصين للحفاظ على أصالته من التشذي والتشويش والضياع.       فالاختلاف في تفسير النص الديني وارد جداً وهو دليل حيوية وقدرة على التعامل مع النصوص، وسيساعد رجل الدين في تسهيل مهمته التي يتمكن بالتالي من المجابهة لأي تساؤل.
   وبدلا من أن يحدث رجل الدين القناعة في فكر كل من المواطن البسيط والمتنور، دارت العملية عليه بالعكس. مما جعل من المواطن أن يفقد الثقة برجل الدين وبالتالي بالدين نفسه بسبب فشل رجل الدين في تحصين نفسه، وتحمله للمسئولية كاملةً كونه غير مؤهل لتحمّل تلك المسئولية. فمضى كل فريق فيما هو مقتنع به، ولم يضع أحدهما حداً للاخر بإحداث قناعة راسخة في أنه احق من الاخر، ومما رسخت من هذه الفكرة هو أن أمور الدين هي من واجبات رجال الدين وحكراً عليهم وحدهم، وأن أي تدخل في شأنه من قبل رجال العلم يعد تجاوزاً للخطوط الحمر التي يجب مقاومتها بدافع الحفاظ علية من الحداثة والتغيير. ولهذا، وعلى الرغم من أن الدين ليس قالباً جامداً، فإنهم حكموا عليه بالجمود وقيدوه بالسلاسل، ووضعوه في الاطار المحدد وأعتبروا أن أي خروج عن افكارهم أو تفسيرهم هو من صنع الواقع ويحمل بذور الفساد الفكري وهي بالتالي بدع يجب محاربتها وعدم السماح لانتشارها.
 إذن، ما هي انعاكاسات هذه الاحوال على الواقع؟ وكيف ضاعت رهبة الدين في تصرفات رجال الدين؟ وما هي نظرة عامة الناس لرجل يحمل الصفتين في نفس الوقت ويوما بعد يوم يظهر بأنه غير مؤهل لحمل أيٍ منهما؟ وهنا ليس المقصود من كلامنا هذا هو الحط من شأن الانسان، ولكن لكون تاثير هذا الفعل يتعدى حدود الاشخاص ويترك من الاثار التي قد تجلب الدمار لمستقبل قوم بالكامل. فرأينا مثلاً سمو الامير يصدر فتوى بتحريم شخص أو مجموعة أشخاص لسبب قد لا يستحق لهذا القدر من الفعل، ومن الممكن إيجاد حلول بسيطة بدلا من اللجوء إلى ذلك الاجراء القاسي. بل قد يرتد الفعل على الامير نفسه فيما إذا لم يحسن التصرّف مع الحال، في الوقت الذي ليس من اختصاصه أن يصدر الفتاوى. فالفتاوى في الاسلام اليوم تهدده بالكوارث لكونها غير مدروسة وتصدر من جهات ليست مخولة بإطلاقها وبالتالي تحدث جدلاً واسعاً وتأخذ الكثير من الوقت والجهد والمال. بل تحدث خللاً نفسيا واجتماعياً وأخلاقياً للمواطن المسلم السوي، وتنعكس بالنتيجة على الدين ورجاله وتعليماته بطريقة أو بأخرى.
لذلك، أملنا كبير بأن يكون الاقتداء بالاخيار الاوائل والصالحين الذين قادوا وهادوا وأدوا الامانة بإخلاص وتفانِ، ولكننا نقول بأن النقطة السوداء في الثوب الابيض تعيبه، وأن الاصلاح الديني يبدأ برجال الدين، فإذا صلحوا تصلح عامة الناس، وأن تاثيرهم كبير جداً بشقيه السلبي والايجابي. ومن الله التوفيق.

علي سيدو رشو
القاهرة في 26/11/2008
rashoali@yahoo.com


96
لماذا تخلّف الايزيديون؟3

لم يكن اختيارنا لهذا الموضوع في حلقات إلاّ رغبةً منا في فهم وإفهام تلك الحقيقة المرة التي لازمتنا في ثنايانا، ولم تعد تنفك عنّا وتفارقنا مهما بذلنا من الجهود في الوقت الحاضر. ويجب أن يعرف الاخرون أيضاً بأنهم ليسوا بافضل منا حالاً قياساً بغيرهم، وأن يعرفوا كذلك بأنه لا يوجد مجتمع أو قوم أو شعب متخلف في الاصل. وإنما، التخلف هو حالة نسبية وصفة تنبثق من الواقع المسيطر على قدرات وملكات الأفراد والمجتمعات والشعوب. فبتشديد القبضة على العقل والمبادرات وإخضاعهما لخط سير واحدة رغماً عنهم بحيث لا يمكنهم أن يتخطوا ذلك الحد، عندها يعم الجمود ويشل العقل عن التفكير الطبيعي. وبما أن مسألة التخلف نسبية، لذا فإن مدى تطور أو تخلّف أي مجتمع يقاس بما حوله من التنمية والتطور، وعلى ذلك الاساس يتميز عن المجتمع المحيط به، وبالتالي يطلق عليه التعبير الذي يتصف به ويستحقه. فهو إذن مسألة قياسية وتختلف في بيئة عنها بما موجود في بيئة ثانية، وعلى أساس الظروف والملابسات التي تقف حائلا فيما وراء التخلّف وفي طريق التقدم.
ف للتخلف أسبابه وظروفه وارضيته، وكذا للتقدم والنمو والتطور اسبابه ومسبباته وظروفه. وكحقيقة لا يمكن تجاوزها، فلم نجد مجتمعاً على وجه الارض تقدم خطوة صحيحة عندما يجعل من التعليم أمراً هامشياً ويمر عليه مرور الكرام. فبمجرد البدء بالتعليم بشكل صحيح على اساس المنهج السليم، سوف يكون هناك مجالا للتفكير وقراءة تراث وتاريخ الشعوب والاطلاع على واقع وتاريخ تلك المجتمعات وتقدمها. وبالتالي سوف ياخذ منها العبر ويتداول ويتفاعل مع محيطه من خلال الدروس والعبر المستنبطة من تلك التجارب، ومن ثم يتخطي الحواجز العنصرية والصهر في الخط العام لنمو وتنمية وتطور المجتمعات بغض النظر عن الانتماء.
   يمكن ملاحظة بريق هذا المفهوم بشكل واضح في المجتمع الامريكي، وخاصة عقب الانتخابات الاخيرة عندما تجاوزوا اللون والعرق والعنصرية والخلفية الاجتماعية واعتمدوا على الامكانيات وما يمكن أن يقدمه الانسان. فالعنصرية ليست قيمة أصلية في ضمير الانسان، بل إنها إحدى سيئات المسيرة الانسانية وما صاحبها من صراعات على الأرض والثروات والماء. ويمكن التغلب عليها بعقل متفتح واتساع الحوار الديمقراطي وفتح النوافذ والقنوات بحيث أن الحوار الانساني يأخذ مجراه الطبيعي ومداه الاوسع. في هذه الحالة تتحقق لكل المهمشين فرص التعبير الحر وتطفو من بينها العقول التي لها القابلية على تنوير الطريق بشكل أكثر وضوحاً في الاطار المجتمعي المحدود وكذلك في اطار الشعوب وعموم المجتمعات، سواء اختلف هؤلاء المهمشين مع الغالبية الدينية أو العرقية، أو مع القوى السياسية والاقتصادية المتحكمة بالمجتمع بحكم ثرواتها التي جمعتها من قوت الشعب وبالتالي سطوتها على مقاليد الحكم والحياة في البلاد. فوجدنا السود بجانب البيض، والعربي الاصل بجانب المهاجر الاوربي، واللاتيني يشجع الاسيوي الاصل وأن للجميع مسعى واحدة وهي الفوز بفرص الحياة عن طريق هذا الاختيار أعتماداً على البرنامج المطروح.
 عندما كتبت الحلقتين الاولى والثانية من، لماذا تخلّف الايزيديون؟ تلقيت عدداً من الرسائل مِن مَن هم من خارج الايزيدية تقول بما معناها؛ جميل أن نسمع منكم هذا الكلام لكي تنشلوا مجتمعكم من هذه الافكار البالية، وكان لسان حالهم يقول بأنكم الوحيدون الذين تعانون من آفة التخلف متناسين تخلفّهنم وبالتالي دورهم في تخلّفنا، وما تقوم به العديد من الجهات بالقتل والتدمير والخراب وتأخير عجلة التقدم. فهم مشكورون في كل الاحوال، ولكن أقولها وبكل اسف بأنه لسنا الوحيدون في هذا الاطار، وأنكم لستم بأفضل منا حالاً. وأن سبب تاخرنا هو المحيط الخارجي المتخلف الذي اتى منكم وأجبر بدوره الداخل الايزيدي على التركيع وقبول التخلف مجبرا وليس أختياراً للقبول به، أو انه لم يكن له ظرف افضل لكي يستثمره ويتجاوز الضعف والوهن. فكيف لشخص معصوب العينين ومقيد بالسلاسل في يديه وارجله أن يبارز في ميدان الركض شخصاً طليقاً وبكامل تجهيزاته الرياضية وقد تدرب على فنون الركض وتحت اشراف مدربين اكفاء؟ وكيف يمكن أن يتطور الانسان تحت ظروف القهر والتهميش والتحقير بتعمد مدروس؟ إذن فالموضوع ليس فقط تهم واتهامات، وإنما له أسبابه ومسبباته الموضوعية المتأصلة في ثقافة المجتمع الذي لا يقبل بالتطور، ومن ثم يحجب فرصة التطور عن غيره.

السبب الحقيقي وراء تخلفنا.
 لابد من القول، بل الاعتراف، بانه لسنا نحن المسئولين الوحيدون عن تخلفنا بمقاييس التخلف المعمول قياسا بالطموحات التي نمتلكها كما سبقت الاشارة، بدليل أننا نتقبل التنمية والتشعب في مجالات المعرفة. ولكوننا لانمتلك الامكانية في اختيار المفردات والمناهج واسلوب التعليم، فإننا نخضع لسلوك عام يسيطر فيه الدينين الاسلامي والايزيدي  بثقليهما وما فيهما من مجالات الاستغلال لصالح التخلف، وكذلك تأثير العرف الاجتماعي والثقافة العامة على ملكاتنا الثقافية. وأن هذا التفسير لا يعني بأننا يجب أن نقف مكتوفي الايدي تجاه مجتمع عالمي يتقدم بسرعة البرق، ونحن نتخلف عنه بما يساويها في المقدار ويعاكسها في الاتجاه نحو الامام. 
  إن المشكلة الأساسية هي أن نحدد، من أين تبدأ ثقافة التنمية في المجتمعات؟ فإذا كان المجتمع (والايزيدية  كمثال) عموماً يحاكَم على أساس دينه، والفرد في هذا المجتمع يحاكَم على أساس أنتمائه لهذا الدين، والفكر يحاكَم على أساس وجوده في رأس هذا الفرد. فكيف إذن يمكن للفرد (الانسان)، أن يمزق كل هذه الحواجز ليطفوا بكامل طاقته وعافيته إلى السطح ويؤدي دوره الطبيعي؟ وما ينطبق على الافراد هو عينه ما ينطبق على المجتمعات والدول والشعوب. وما يعقّد المشكلة أكثر هو أن القادة والمسئولين يحكمون على الواقع بكل نشاطاته بنفس الروحية والسلوك الذي كان يطبق في ايام المجتمعات الزراعية الاقطاعية ذات الطابع الجماعي مهمشين بذلك دور الافكار والمبادرات الفردية وقتل تلك المبادرات لمجرد أنها جاءت من شخص ينتمي إلى الدين الفلاني أو الطبقة الفلانية أو العشيرة المعينة، أي أن تقييم نشاطات الانسان ومبادراته وإبداعاته كلها تعتمد على انحداره وليس على أفكاره. 
  فيبدو لي بأن الثورة المعلوماتية والنهضة الصناعية وعصر ما بعد الحداثة لم يصل بعد إلى عقول المسئولين عن إدارة مجتمعاتنا، بدليل أنهم لازالوا يتعاملون مع الواقع بنفس تلك الروحية التي كانت سائدة في المراحل التي كانت تقتل فيها الطموحات والابتكارات تحت حجج الدين والقومية والعنصرية والطائفية، ومن ثم عدم التعامل العقلاني مع الواقع، وبالتالي أتساع وانتشار امتدادات اخطبوط التخلف في أعماق المجتمع مسبباً تأخره. فالخلط بين الدين والسياسة، والربط بين القومية والدين، وشد العشيرة بالعرق، وإلحاق بين الخير بالشر وتفضيل الطالح على الصالح لاعتبارات نفعية وغيرها الكثير جعلت من ثقافة هذه المجتمعات لا تقبل بالآخر وبالتالي قتل حرية الفكر والمبادرة والطموح. فليس للفرد في ظل مجتمعاتنا حرية اختيار العمل والطريقة التي ينمي بها افكاره مما يجعل منه كالآله في قالب معين لا يستطيع ان يتحرك خارج المرسوم لكي لا يتهم بما لا يسر. 
    بعد إعتناقه الإسلام ودراستة بتعمق، أصدر المفكر الفرنسي الشهير روجيه غارودي كتابه "وعود الاسلام"، التي رد فيه على الاتهامات الغربية للإسلام وتوصل إلى حقيقة السبب الاساسي لتخلف المسلمين وهو "العقول المغلقة". وبنى فكرته على نجاح المسلمين في بداية الاسلام إلى استيعاب وادماج افضل مافي حضارات الشعوب الاخرى إلى حضارته وقبولها بفكر مفتوح ولم يغلقوا الباب بوجهها ولم يرفضوا التجديد بل زاد بينهما الاخذ والعطاء والتفاعل الايجابي. لذلك رأى بأن على المسلمين اليوم أن يتعاملوا بعقلية متفتحة مع المعطيات والانفتاح على الحضارات الاخرى قبل الانفتاح الاقتصادي لأن العقل المغلق بحد ذاته هو عقبة تحول دون التقدم في أي مجال وتؤدي إلى الجمود العقائدي والسياسي والثقافي.
  لقد كنا ولازلنا نعيش، كإيزيديين، في ذلك الوسط منذ ذلك التاريخ الذي كان فيه الاسلام منفتحاً على الآخر، ولم نزل كذلك لحين أن أنغلق على نفسه. وكان من الصعب علينا بالانفتاح وقتئذٍ بسبب الدعوات الاسلامية بأسلمة الشعوب ونشر الدعوة الاسلامية للشعوب والاقوام التي كانت خارج الاسلام في المنطقة والتي نالت منها الايزيدية القسط الكبير، فكيف الحال بعدما أنغلق على نفسه؟. فالتاريخ الايزيدي مليء بحملات الابادة التي كانت تعبر عن حقد أعمى وكانت معضمها تفعل كالنار في الهشيم وحصدت مئات الالاف في ذلك الزمان لا لشيء سوى للرفض في الدخول إلى الدين الجديد والاحتفاظ بعقيدتهم. فبالإضافة إلى الطوق الفكري الجامد الذي فرضه المسلمين على أنفسهم، أصبح تاثير ذلك الطوق بحكم التعايش في نفس الوسط متعدد الحلقات حول العنق الايزيدي وبدأ بخنقه شيئاً فشيئاً مما زادت مع الزمن صعوبة التخلص منه كواقع حال، وازدادت العزلة وزاد معها سمك الطوق بزيادة الاضافات من الداخل الايزيدي.
 فبعد الانحصار الاجتماعي في المناطق النائية والجبال للهروب من الحملات غير المتكافئة والابادة الجماعية التي كانت لاترحم بكل المقاييس، عانى الايزيديون من التقوقع والدوران في بيئة وفراغ بدأ يلعب فيها (الدين)، رغم الجهل به، منها الدور الاعظم في الحكاية والوعظ والنصيحة والابتعاد عن التعليم ليس كرها وجهلا بأهميته بل خوفا من الذوبان والضياع في الآخر. فأصبحت الحياة تدور في مساحة ضيقة لا تتعدى حدود المنطقة الجغرافية التي كان يعتمد فيها على الطبيعة في تلبية حاجاته من المأكل والملبس وضرورات الحياة، وقد لمسنا وعايشنا البعض من تلك الصعوبات في خمسينات وستينات القرن الماضي، فكيف يمكن تصوّر الحال  في زمن ماقبل خمسمائة سنة من الان؟
 فأصبح أكل الخس، والتلفظ بالنعل واللعن ومشتقاتهما، ودخول الاماكن العامة كالمرافق الصحية والحمامات، واللون الازرق، والتغيب عن البيت لأكثر من مدة معينة، وحلق الشنب وعند بعض العشائر حلق شعر الرأس، والاغتناء بالتجارة وجمع المال، والنظر إلى وجه المرأة غير الايزيدية، وحتى التمشيط بمشط غير الايزيدي. كلها بدت من المحرمات بناءً على ماجاء في المذكرة التي قدمها رؤساء الايزيدية إلى حكومة الاستانة بواسطة المشير رؤوف باشا والي بغداد في 28 شباط 1872، ليتخلصوا من الجندية ( ينظر اليزيديون في حاضرهم وماضيهم، عبدالرزاق الحسني ص 101).
  على الجانب الثاني رفع المجتمع من درجة الغلو في مدح الاولياء والصالحين لدرجة الالوهية وخلطوا الدين بالعادات الاجتماعية والاداء الفلكلوري وكأنه يكمل أحدهما الاخر، وبلغت درجة ترابط الدين بالعادات والتراث حداً لم يعد من السهولة التمييز بينهما وبالتالي من الاصعب انفكاكهما عن البعض. بل أصبح التقرب من التلاعب بتلك التراثيات من الكفر والخروج عن الدين والتي بمرور الزمن اضيفت اتعاب على ما كانت موجودة وزادت من تفاقم المشكلة. فالتي ترتب على كل هذا هو امكانية التلاعب بها وقولبتها حسب الاهواء والمصالح النفعية والشخصية وكما يحلو. فحصل في السابق بكون الايزيدية من أصل العرب ومن لب قريش وبالتالي تحسبوا عربا بناءً على بعض الاجتهادات والمصالح السياسية، وكان ذلك بالطبع على حساب الدين. واليوم ما يحصل هو امتداد لنفس المشكلة ولكن بطريقة أكثر خطورة وأعمق تأثيراً في تكريد الدين والحفر في الاعماق بحيث مالم يكن كرديا فهو ليس من الدين. ولهذا فإن التلاعب بمقدرات هذا المجتمع اصبح من اسهل الممكنات بحسب ما تقتضيه مصلحة اية جهة سياسية.
 إذن يمكن تصور سمك الطوق الذي فرضه رؤساء الايزيدية حول مجتمعهم داخل الانغلاق السابق الذي فرضه الخارج المسلم نتيجة لإبعادهم عن المشاركة الايجابية، وبناء حواجز من الصعب تجاوزها مع غير الايزيدية خوفاً من الذوبان فيهم. وكذلك رفضهم للدعوات الاسلامية بتغيير عقيدتهم أثناء تلك الحملات التي زادت من التباعد وعمقت المأساة والعداوة.
  ولقد صوِرت تلك العريضة فيما بعد في إطار ديني بحت لأنهم غالوا في الوصف وربطوا كل صفة وتصرف بالدين مما اعطت صورة سلبية جداً فيما بعد عن هذه الديانة ولم يعد الانفكاك منها بالامر اليسير. والامر الآخر المهم هو أنها أصبحت من المصادر التي تعتمد لانها أعتبرت وثيقة رسمية وتناقلتها الالسن في المحافل الرسمية وتوسعت مساحة انتشارها مع حجم الفتاوى الدينية التي كانت تسبق حملات الابادة التي ساهمت بفعالية كبيرة في نسج الصور الغريبة والخيالية حول المجتمع الايزيدي وديانته واتهمت بالزندقة تارة وبالارتداد عن الاسلام تارة أخرى.
  فمن طبيعة وتدقيق تلك العريضة يمكن فهم الواقع آنذاك ومدى ومقدارالجهل بالآخر، وحجم التخلّف السائد في الوسط الاجتماعي والرسمي بكامل فئاته وطبقاته ودياناته.  وكذلك حجم التخلّف الذي كان يكتنف الجميع بدون استثناء بحيث أن تلك العريضة تناقلت على الالسن وأعتبِرت من قِبل الجميع، وفي جميع الاوساط بما فيهم الباحثين. ولم يتم تكذيب ما جاء فيها  بسبب قوة الخرافة التي نسجتها حول الايزيدية، ولِما كانت تكتنف الديانة والمجتمع الايزيديين من غموض، بحيث اصبحت مع الزمن من المسلمات، والقبول بها من قبل الباحثين من الاساسيات. بينما كان الهدف هو عدم الانخراط في الجندية. ويجب أن نذكٍر بأنه ليست تلك العريضة هي السبب في استمرار حملات الابادة بشكل مستمر بدليل أن الحملات كانت مستمرة منذ عهد الخليفة عمر بن الخطاب. ولكنها نسجت هالة من الخرافات حول الديانة الايزيدية والتي اصبحت فيما بعد مصدراً هاما للكثير من البحث والاستقصاء وساهمت بشكل وآخر في تعميق التصور السلبي وبالتالي تشجيع الفتاوى والانتقام. فمنها بدعوى سياسية وثانية تحت مسمى العصيان وأخرى تأديبية، ولكن الهدف الاساسي منها جميعاً هو احتوائهم في الدين الاسلامي. ويجب أن لا ننسى الدور السلبي للكتّاب والباحثين في تعميق المشكلة لكونهم اعتمدوا على النقل الشفاهي، أو اتخذوا من عدم نزاهة البحث العلمي سبيلا في الوصف والتوصيف.
   فأملنا كبير بعد هذا الزمن والعيش المشترك في صنع الحياة أن يغير الآخرين من نظرتهم عن هذه الديانة والمجتمع الايزيدي وينظر بحقهم، وبقائهم كلوحة تراثية، وبإنسانية إنسانهم، والانتباه إلى امكانياتهم واستثمارها بشكل صحيح ليضيفوا إلى التراث الانساني ما مطلوب منهم من مقدار وحجم وامكانيات.. ومن التوفيق       

علي سيدو رشو
القاهرة في 22/11/2008
rashoali@yahoo.com

97
ملابسات مقابلة بريمر للوفد الايزيدي عام 2003

ملاحظات أولية:
    كثيرة هي القضايا المهمة التي تنسج في الخفاء أثناء مسيرة الانسان والمجتمعات، والقليل منها يظهر للعيان في حينها، وأن المستفيد منها في الغالب هي اقل من التي كان من المفروض بها ان تستثمر. فالفرص قلما تتكرر بنفس الدرجة من الاهلية والظروف، ولكن دقة استثمارها تعتمد على كفاءة وحيوية وإخلاص الاشخاص المعنيين بتلك المرحلة ومدى امكانيتهم في الاستفادة منها لتحقيق وثبة باتجاه الامام.
  ولكي يكون كلامي واضحاً والمجتمع الايزيدي على إطلاع لبعض ما جرى في بداية عام ،2003 والتي كان لنا المساهمة في بعضها بشكل أو بآخر. وللبعض الاخر من الشخصيات الايزيدية دورها الحيوي والايجابي الذي لا يخلو ايضاً من الدور السلبي والمصالح الشخصية على حساب المستقبل. وهنا سوف نلقي الضوء على ملابسات ما جرى بخصوص مقابلة السيد بريمر للوفد الايزيدي في نهاية عام 2003، كإحدى المحطات  الحيوية في الراهن الايزيدي، ونود أن نبيّن الدور الذي أدّاه كل منا فيه ومقدار مساهمته.
  في ظهيرة إحدى أيام حزيران 2003، رجعت من السوق لمكتبي في الفيصلية بالموصل وإذا بقصاصة ورق مكتوب فيها سلام وتحية من اللواء حسين مرعان، يدعوني فيها لزيارته في بحزاني وبالتحديد في منزل القوال سليمان لانه لم يجدني في الموصل. ذهبت في نفس اليوم، حيث لم أكن اعرف اللواء حسين، ولم نكن قد التقينا من قبل. وبعد الترحيب والسلام قال؛ أنا جئت من أمريكا مع فريق إعمار العراق ونريد أن نعمل ما بوسعنا في هذا المجال وخاصة فيما يتعلق بمجتعنا الايزيدي كجزء من الشعب العراقي، مما رفع من درجة اشتياقي لمطلبه ودعوته.
  عمل الرجل بكل إخلاص وبدون رتوش ولكنه في رأيي كان عمله بحاجة إلى تنضيج المواقف بشكل ادق واستشارة اكثر قبل القرار للإحاطة بجوانب وملابسات الامور. وكان دائم التواصل مع السيد Dick Nab المسئول عن الادارة المدنية لقوات التحالف ومقره في فندق اوبروي بالموصل. دخل في عدة نقاشات ساخنة مع المسئول الامريكي حول حقوق الايزيدية وكنا (أنا كاتب المقال، ودكتور مجدل نواف واللواء حسين)، في الغالب نلتقي آنذاك ونتواصل بالحديث مع المسئول الامريكي.
  وفي مفارقة بخصوص مزار محمد رشان في مجمع مهد، نقل إلينا السيد جلال سليمان (المشرف على ترميمات المزار آنذاك)، بأن المسئول الكردي في الشيخان وبوجود السيد باسل جوقي قائممقام الشيخان قال بالنص: "نحن سنكسر ايادي وارجل الذي يقترب من حرم محمد رشان"، وقال بأني رديت عليه بأن هذا الامر اكبر من أن تستطيع كسر ايدينا ورجلينا ولم ينطق بمثل هذا الكلام والتهديد رجل من سلطة البعث. وعندما عرض اللواء حسين هذا الامر على المسئول الامريكي بصيغة وكأنه يقول بأن الامريكان مقصرين تجاه الايزيدية، زاد الدكتور مجدل من حماسه عندما قال بأن الامريكان لم يقدموا اية خدمة للإيزيديين.
   أنتفض المسئول الامريكي وعبر عن غضبه بشدة وقال: حسين مرعان؛ ألم ازيح بقدمي سيطرة الاكراد التي تقود إلى مجمع شارية أمامك؟ ثم اقول لك بأنك اليوم ضابط أمريكي، ولك صلاحيات واسعة وتقدر تدخل على محافظ دهوك وتطلب منه ما تريد كشخص امريكي وليس كعراقي. وإذا لم يستجب فسوف أدخل أنا لفاضل ميراني ويتم تصحيح ما تريد من اخطاء، وإذا لم يقم بواجبه سافتح لك باب السيد مسعود برزاني وتطلب منه امامي ما تريد، فماذا تريدون أكثر من هذا؟. ولكنه قام بغضب وقال باني لا اريد اسمعكم ثاني وطلب من أحد مساعدية أن يكمل اللقاء معنا. وقد حصلت العديد من المفارقات، ولكن لم تكن بأهمية الموضوع الذي سأطرحة فيما يلي.

البداية والتهيوء
   قبل المغرب بدقائق من عصر يوم 15/9/2003، رن جرس البيت في حي صدام بالموصل، وما أن خرجت حتى أرى اللواء حسين مرعان (أبو حميد) واقفاً امام الباب. وبعدما سلمت عليه وهنئته بسلامة الوصول من بغداد، طلبت منه الدخول إلى الدار، إلا إنه رفض وبدلا من ذلك طلب مني أن البس بسرعة وأذهب معه إلى المجموعة الثقافية لإرسال رسالة إلى مكتب السيد بريمر رئيس الادارة المدنية لقوات التحالف.
 أثناء السير باتجاه المجموعة الثقافية استفسرت من أبو حميد عما حقق من زيارته لبغداد ومقابلة السيد بريمر. قال لي؛ السيد بريمر طلب مني تهيئة وفد إيزيدي مكون من ثلاثة أشخاص لعرض موضوع الايزيدية عليه بشكل رسمي وأتخاذ موقف بشأنه. فقلت، خيرا فعلت وبوركت جهودك ولكن ما المطلوب الان؛ قال، سوف تكتب رسالة وتسمي الوفد الذي سيقابل بريمر. قلت له ومن هم الذين سيقابلونه؟ قال أنا اختاريت سمو الامير تحسين بك والعميد جلال حسن والدكتور مجدل نواف. فقلت له هل اتصلت بهم؟ قال نعم. قلت له لقد استعجلت يا ابا حميد لأنه هناك بعض الاشكاليات التي ستحصل لأن العميد جلال كان عضو فرقة، والدكتور مجدل ليس مرغوبا فيه عند الحزب الديمقراطي الكردستاني، ولكن ابو حميد لم يعر كثير اهتمام بالموضوع لأنه كان واثقاً من وعد بريمر لتسميته الوفد على حسب ما فوضه بهذا الامر.
 في اليوم التالي 16/9/2003 فتحت بريدي الالكتروني وإذا بالاجابة من مكتب بريمر على رسالتي تقول: لقد مررت رسالتك إلى السيد بريمر وحين يطلب مني الموقف بناءً على اجندته، سابلغك بقدوم الوفد للمقابلة.
   في نهاية سبتمبر/2003، زار وزير الدفاع الامريكي دونالد رامزفيلد العراق وزار خلالها القطعات العسكرية في تكريت والموصل وبغداد وغيرها وبالطبع كان السيد بريمر منشغلا بتلك الزيارة على حسب ما بلّغنا به السيد "ديك ناب" Dick Nab المسئول المدني للإدارة المدنية لقوات التحالف في الموصل كما اسلفت، حيث كان اللواء حسين في اتصال مباشر معه والاستفسار عن كل ما يخص الشأن الايزيدي وكان الرجل متعاوناً معنا، لا بل كان متعاطفاً وكان يقول دوماً إذا تريدون أن تأخذوا حقكم، فعليكم بأن يمثلكم حزب سياسي.
  وقد استمر هذا الحال بدون نتيجة لفترة أكثر من شهر ونصف. وفي أحد الليالي كنت مع اللواء حسين في شقته بالمجموعة الثقافية بالموصل وصعدنا فوق البناية واتصل اللواء حسين بالمانيا، وبالتحديد ب بير سعيد مراد للإستفسار عن حالهم واوضاعهم. وفجأة تغيرت نبرة وحدة الكلام  وبدا الغضب على ملامح اللواء حسين نتيجة كلام سمعه من بير سعيد وصاح؛ تعال يا شيخ علي ولاحظ ما يجري في هذا الكون من خبائث. فقلت له خيراً يا أبوحميد؛ قال كلاماً معينا وعبر عن تعاسة ما تم التخطيط له وافتهم بأن مساعيه قد راحت في إتجاه غير ما رسم له هو.
ملابسات ما بعد ذلك.
  لقد تم خلال زيارة رامزفيلد وانشغال بريمر بمرافقته وتدخل القيادات الكردية وخاصة في الحزب الديمقراطي الردستاني بتغيير ترتيب ذلك اللقاء، حاولوا إفشاله بكل الطرق والسبل وتغيير وجهته إلى حيث فيه مضرة الايزيديين. وأن الشخص الوحيد الذي يستطيع أن يفشل مثل هذه المساعي والمدعوم كرديا، وبلا حدود هو السيد خدر سليمان حيث كان آنذاك في المانيا. وفعلاً في اليوم التالي من تلك المخابرة طار السيدان خدر سليمان والدكتور ممو عثمان والتقوا في كردستان بقائممقامي سنجار والشيخان كل من السيدين دخيل قاسم حسون وباسل جوقي على التوالي، وكان اللقاء في بيت بابكر الزيباري في دهوك بعد أن تم ترتيب الامر بدقة.
 أتصل السيد بابكر بسمو الامير تحسين بك وطلب منه الحضور إلى مسكنه لامر ضروري (هنا، سمو الامير لم يكن يعلم بالامر لحين أن وصل إلى هناك). وبعد الترحيب الحار من قبل بابكر، وضح له مغزى طلبه لقدوم سموه وقال له بأنك ستذهب إلى بغداد لمقابلة بريمر. وعندما رد سمو الامير عليه، ومن هم الوفد الذي سيرافقني، وعن ماذا؟ قال له بابكر، السادة الافاضل الجالسين وهم: خدر سليمان، دكتور ممو، باسل جوقي ودخيل قاسم حسون. فتعصب تحسين بك وقال له: أأنا سوف أذهب مع هؤلاء (الق......)؟ عندها قام السيد بابكر وهدأ من عصبية سمو الامير وقال له انت أميرنا وكبيرنا وكلنا بحاجة إلى مواقفك وتطلب القيادة الكردية منك أن تلبي هذا الطلب. من المعلوم أصبح لسمو الامير علم بأن هذا اللقاء سيكون نيابةً عن اللقاء الذي رتبه اللواء حسين ولكن تم تحريفه باتجاه آخر وهو بدلا من أن يكون الوفد إيزيدياً ويمثل خصوصيتهم، أصبح وفداً كردياً حزبياً ليس له سوى تنفيذ المخطط حسب الاملاءات على حساب بني قومهم.
  بعد هذه الصدمة التي تلقاها تحسين بك رجع إلى الموصل ليستشير ويستجمع الاراء حول هذا الامر، فالتقى في مسكنه الكائن في حي البعث بالموصل بكل من السادة فاروق بك والعميد جلال واللواء حسين مرعان صاحب المبادرة التي أفشلوها وعلى حد علمي كان المهندس الياس سليمان من ضمن الموجودين (#). أخذ سمو الامير تحسين بك بشرح الموقف أمام الحضور وأستطلع آراءهم قائلاً؛ إن ذهبت مع الوفد الإيزيدي فستغضب القيادة الكردية، وإن ذهبت مع الوفد الكردي فسأغضب الايزيديين.
  سأل في البداية الامير فاروق عن ما يراه صائباً في هذا الشأن؛ فرد فاروق بك وقال له: مادام وعدت بان تذهب (وهو لم يوعد، ولكن فاروق بك برر له ذلك وهوّن عليه الامر)، فمن الصعب أن تتراجع وارى بأنه من الحكمة أن تذهب مع الوفد الذي سماه الحزب وهو الرأي الذي أراه صحيحاً. وقال بما يشبه ذلك العميد جلال حيث قال: الرأي لك ياسمو الامير وانت ادرى بما هو في خدمة مستقبل الايزيدية. ولكن اللواء حسين مرعان كان واضحا جدا وقال له: أقول لسموك بأن اليوم هو يوم المصير وعليك أن تعرف بأن الايزيدية يحتاجون قراراً جريئاً وأرى بأنك يجب أن تقاطع هذه الزيارة التي تم الترتيب لها مع الاسف، فنحن لسنا ضد المصلحة العليا الكردية ولكن لنا خصوصيتنا التي يجب أن نحافظ عليها ونعززها وهي ليست ضد المصلحة الكردية العليا ، وأنك بهذه الزيارة ستثبت لنا تلك الخصوصية. فإذا ذهبت مع هذا الوفد تكون قد جنيت على نفسك وتبرأت من بني قومك لصالح الغير.  عليه، فلقد أختار سمو الامير تحسين بك الخيار الاول وذهب مع الوفد الكردي وقابلوا بريمر وعندما سألهم بريمر عن واقعهم، قالوا له بأننا أكراد ونريد أن نبقى ضمن الاقليم. فقال لهم بريمر، إذن حقوقكم عند الاكراد وليس لكم حق آخر والسلام.
  فهذا هو الدور المرسوم للسيد خدر سليمان وذاك هو الدور المرسوم للسيد محما خليل وأمين جيجو وليس للسادة أعضاء برلمان كردستان من دور لانهم فقط موافقون على حق غير موجود وباطل مستفحل حد العظم. فلا حول ولا قوة للوزراء المساكين، وتم تلجِيم دور الامير وقيد دور الأخيار ودمروا دور الاحزاب والمنظمات غير الحزبية، وآستشرى الفساد في كل مرفق. ولكن لله في كل شيء إرادة والزمن كفيل بتغيير كل شيء، وحسب مايقول المثل العامي "الكفر يدوم، والظلم لا يدوم، وإذا دام دمّر"، فالنصيحة لم تكن بالفلوس، ولم يمضِ عليها سوى أعوام، ولكن هل من مستمع ومستفيد من النصيحة الساطعة؟. ومن الله التوفيق.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(#): أرجو من السيد اللواء حسين مرعان أن يصحح إن كان هناك خطأ في تبيان موقف أو له شأن في توضيح بعض مالم نوفق فيه.



علي سيدو رشو
القاهرة في 18/11/2008
rashoali@yahoo.com

98
لماذا تخلّف الإيزيديون؟  (1)

   مع بدايات النهضة في المجتمع الإيزيدي، والتي أعتبرها منذ كتابة اسماعيل بك جول لمذكراته، كأول محطة مكتوبة بتفاصيلها عن بعض ما في المجتمع الإيزيدي من حقائق تستحق الوقوف عندها وتحليل حيثياتها بأيدي إيزيدية خالصة. وبالتأكيد قد سبقه آخرين من الكتّاب وبعض المستشرقين الاجانب في الكتابة عن الديانة والمجتمع الإيزيديين، بحسب ما توفرت لديهم من امكانية في التعرف على واقعهم، وقد أصبحت هذه المذكرات فيما بعد مصدراً للكثير من الأبحاث رغم بساطتها وطريقة سردها المتواضعة. وعلى الرغم من ظهور بعض النتف والمقالات البسيطة التي كانت تكتب سواء كانت باسمائهم أو باسماء مستعارة، كالتي كتبها السيد فائق رشيداني، لم تكن كافية لتلبية طموح المؤلفين في البحث عن حقيقة الايزيديين بمستوى ما كان ينسج حولهم من هالات ووطقوس وخرافات.
  في فترة اربعينات القرن الماضي وبسبب نشاط بعض الاحزاب العلمانية وبالاخص الحزب الشيوعي، برز نشاط واضح بين الايزيديين وخاصة في منطقة بعشيقة وبحزاني؛ أولا، كونها قريبة من مركز مدينة الموصل وسهولة الوصول إليها والتواصل معها. وثانياً، بسبب انتشار الوعي بعد حصول التخالط فيما بين بعض الطلبة من الرعيل الاول أمثال المربين الأفاضل المرحوم شيخ صبري مراد وشيخ حسين إباهيم وحسن افندي وحسين سلو ومال الله ديوالي وسليما حجي وألياس خلو وعبدالله محيّر للدراسة في معهد المعلمين العالية وتبعهم في ذلك أجيالاً أخرى غيرهم. فانتشرت تلك الافكار بسرعة بين الايزيدية، وزحفت إلى سنجار حيث الغالبية من سكانها من الايزيديين وكان من بين أهم النشطاء السياسيين آنذاك المرحوم عزام قطو من قرية بارا، ومن المسلمين كان المرحوم سليمان صولبند.
  إذن هكذا كانت وبدأت البدايات، ولابد لكل بداية من أن تعاني من صعوبات وتجابه تحديات تعتمد في قوتها وخطورتها على حسب المرحلة التي تنمو فيها (النهضة)، وكانت الحالة أيضاً مع أولى بوادر النهضة من الداخل الايزيدي. كانت تسير بالتوازي من هذا الامر، شهوة بعض الكتّاب والمؤلفين والمستشرقين في البحث عن هذه الهالة التي أحاطها الايزيديون بانفسهم، بل تلك التي أحاطتها الغير من حولهم وفرضتها عليهم. مما كانت تستدعي البحث والوقوف عندهم كأحد أغرب الاقوام التي عاندت الدعوة الاسلامية وبقت في وسط هذه الدعوة العنيفة محتفظة بقوتها في الابقاء على أفكارها وعقيدتها، رغم الويل الذي ذاقته بسبب رفض تلك الدعوة والابقاء على عقيدتها.
  لقد كان، ولا يزال، المجتمع الايزيدي وما يحيط به من مجتمعات بكافة طبقاتها ودياناتها ومعتقداتها تعاني من التخلف، ولكن هذا المقدار من التخلف قد لا يكون بنفس الدرجة لدى الجميع بسبب عوامل توفرت للبعض منهم ولم تكن من السهولة أن تكون تلك العوامل متوفرة لغيرها مما جعل البعض تتقدم على بعضها الآخر بصورة نسبية. وبالتالي ظهر مقدار معين من التخلف على أساس المقارنة فيما بين تلك المجتمعات، كونهم عاشوا في نفس البيئة التي يمكن من خلال المقارنة بين المكونات تمييز درجة التخلف (والتقدم) بوضوح فيما بينهم. وهذا الامر وبسبب عوامل عديدة ومن أهمها الدعوات والفتاوى الدينية بتحريم وتكفير الايزيديين، جعلهم يتقوقعون على أنفسهم في بيئات جغرافية صعبة وبعيدة عن الحضارة، وبالتالي اصبح من السهل نسج الهالات والخرافات بما يحلو لهم بحيث يتم تصويرهم في وضع يجعل الانتقام منهم بأبسط ما يمكن ولمجرد الاعلان عن دعوة للجهاد. وهكذا بدأ التشديد يضغط عليهم وزاد مع ذلك مقدار العزلة والتخلف عما محيط بهم من أقوام.
  من الطبيعي جداَ أن يزحف تأثير هذا التقوقع عشائريا من الداخل بحكم الضغط والتعايش في بيئة مغلقة ونمو المصالح الشخصية والمصاهرة والنفوذ والتحالفات على المستوى الداخلي مما تسبب في خلق المشاكل الإجتماعية ونمو التطرف والعشائرية. وكذلك نمو دور الجانب الديني بما يحمل من الخوف من الاخر الذي لم يدخر جهداً في الانتقام، ومصالح رجال الدين في الابتعاد عن التقدم والحضارة والتعليم والجمع مابين السلطة الدينية والعشائرية وتأثيراتها على الواقع الاجتماعي وزيادة العزلة الداخلية. ومن ثم جمع جميع السلطات الدينية والدنيوية بيد الامارة وبعض المحسوبين بحيث تصب جميع الخيارات في مصلحة الامير الذاتية.
 إذن، هكذا كانت البدايات على الاقل حسب فهمنا ومعايشتنا للواقع، فالجميع مسئول عن هذا التخلّف سواء الداخل الايزيدي، أو المجتمع المحيط أو السلطات الرسمية أو الباحثين الذين لم يهتموا بالجانب المحايد وأصول البحث النزيه وتقديم النصيحة للدولة بمعالجة واقعهم، وإنما كان الامر فقط تماشياً واسترضاءً لرغبة الشارع الاسلامي، أو جهلاً بالحقائق والاعتماد على النقل الاعمى. عليه، فإنه هنالك أسباب أساسية لهذا التخلف منها ذاتيه فرضه الواقع بعد العزلة بحيث ظهرت العشائرية بأوجها وسيطرت بعض القبائل على غيرها وبالتالي سببت في خلق نزاعات دموية في الداخل الايزيدي وما ارتبط بها من تحالفات مما ساهمت في إضعاف الضعيف. ومن الجانب الثاني تنمية دور رجال الدين والامارة وجمع السلطات التنفيذية والتشريعية بيد الامير.
   ومنها عوامل موضوعية مرتبطة بالمحيط الخارج من حيث إهمال الدولة وعدم معالجة الامور بعقلانية ومن ثم التأثيرات العشائرية والدينية للإنتقام مما أضطر معه المجتمع الايزيدي بتغيير الكثير من سلوكياته وهيئته لتفادي الاحراج كما هو الحال في تغيير الاسماء وهيئة اللبس حسب الظروف والمنطقة الجغرافية التي يعيش فيها. ومع كل هذا يجب أن لا ننزه الايزيديين على أنهم ملائكة لم يساهموا في خلق صعوبات، بل راح الكثير منهم في تلك الفترة يعمل كقطّاع طرق واعتراض سبيل القوافل بدافع الجوع أو إبعاد الخطر، أو إثبات الذات للخصم بقوته على التمسك ببعض زمام الامور على الاقل في منطقته التي يعيش فيها لكي يحافظ على هيبته (ومملكته). وقد تم تفسير هذه السلوكيات من المقابل بوحشية الايزيدي مما يستدعي القيام بالإنتقام والاستنجاد بجهد الدولة في كثير من الاحيان لتحقيق الهدفين؛ الديني والدنيوي معاً.     
  وحسب فهمي للحال فإن موضوع التراث كإحدى أهم البوابات التي تسلط الضوء على تاريخ الشعوب، يعد واحداً من اهم النقاط الاساسية التي يجب التعامل معه بدقة وتحذير الشباب والباحثين من القراءات غير المتوازنة، لان ذلك سوف يخلِف أفكاراً مشوشة عن تاريخ ونضال المجتمعات وخاصة تلك التي تعتمد على النقل الشفاهي كما هو الحال مع المجتمع الايزيدي والتي تعد واحدة من الاسباب الرئيسية التي ساهمت في تعزيز التخلف، لكونها لم تعمل على تواصل الاجيال. وكان للباحثين الشابين خليل جندي وخدر سليمان الدور الرائد في هذا الحقل في ثمانينات القرن الماضي. ولكن بسبب عدم الاستقرار والتهديدات والغزوات لم نقف على مرحلة أبدع فيها الإيزيدي في مجال الطب أو التكنولوجيا أو الادب إلا حالات استثنائية كما هو الحال مع الحكيم الشعبي والجرّاح المشهور مراد براهيمكو الذي (قد لم يسمع به أحد خارج منطقة سنجار)، وهو من قرية المجنونية في ستينات القرن الماضي، حيث كانت جميع حالات وقضايا الجرحى بعيدة عن عيون السلطة.             وكان هنالك آخرين مثل عطو شيخ خضر الذي كان خبيراً في طب الاعشاب، وعائلة فقير كَسو المعروفة في الحساب والفلك، وقاسمي ميري في وصف الحوادث والمعارك التاريخية من خلال الادب الشفاهي ونقلها عبر الاغنية والمقام، وعيدو كتي من خلال الاغنية القصيرة، وبعض الرواة مثل فرمان شمو تويني في نقل الملاحم والبطولات والمواقف كما في حالة قصص بطولات درويشي عفدي في الحب والقتال، وإيزيدي ميرزا وشيخ ميرزا القوسي في التضحية من أجل المباديء والوفاء، وشيخ كالو في التضحية بالنفس فداءً للدين، وعلي بك في مقاومة الظلم، وصمود الايزيديين بوجه حملات الابادة مثل سمو فاطمي في سنجار، ويجب أن لاننسى الدور الاساسي للباحث الفاضل أبو آزاد في التدوين المرئي للتراث واسهاماته البارزة في نقل الحقيقة من خلال الصورة والصوت. فلكل هؤلاء وغيرهم الدور المشّرف في خلق التراث، ولكن علينا متابعته والاهتمام به وتبويبه ونقله بأمانة إلى الاجيال، لأن التراث يعتبر بمثابة الوعاء الذي يودَع فيه مراحل التاريخ والدروس التي يمكن استنباطها منه، وهو بالتالي يعد المرجع الذي يمكن أن ينهل منه ما يحتاجه الباحث.
   لقد كان هذا الحكيم الجرّاح الأمي (مراد براهيمكو)، بالامكانية بحيث يعمل على إجراء أعقد العمليات الجراحية الناجمة عن الاطلاقات النارية أثناء النزاعات العشائرية (وقد عايشت الكثير منها شخصياً)، ولو كان في حينه قد تم  تسجيل امكانياته، لكان من الممكن ان تدرّس أفكاره في الكليات العلمية الآن، وكنت اتخيل حركاته وسرعة البديهة وقوة القرار لديه عندما التقيت لاول مرة بالدكتور عجيب علي وهو يمشي بين الردهات ويعطي الاوامر بكلمات قصيرة وحادة وبثقة عالية. وبهذا الاهمال وترك التراث وعدم الاهتما به، ضاع الكثير من الجهد وانقطعت حلقات التواصل التراثي بين الماضي والحاضر وساهمت في تخلفنا لغاية اليوم. فبدلاً من تنمية تلك الافكار والكفاءات والقدرات ورعايتها، راحت الكثير من الجهات تكيل لها التهم الباطلة والكيدية بهدف تعطيلها والانتقام منها. فالذي أريده من هذا الموضوع والمقدمة للدخول في حلقات لتلسيط الضوء على "لماذا تخلّف الايزيديون؟"، هو إظهار وإبراز دور تلك الكفاءات والقدرات لكي لا نقول بأننا لم نساهم في البناء الانساني رغم مأساتنا. ثم بيان أسباب تخلفنا من مختلف الأوجه في حلقات متتالية.
ملاحظة: أرجو من كل مَن لديه فكرة أو متابعة أو إهتمام بهذا الموضوع إسعافنا بما يحقق الفائدة ويحفظ حقوق الناس للتاريخ.

 للموضوع بقية.

علي سيدو رشو
القاهرة في 1/11/2008
rashoali@yahoo.com
Mobile: +20 11 85 36 745


لماذا تخلّف الايزيديون؟ (2)

   تطرقنا في أكثر من مناسبة فيما سبق وضمن مقالاتنا العديدة أو ضمن تقارير حقوق الانسان، حول تأثير الاقتصاد والتعليم بشكل أساسي على تاخر الايزيديين، ونعود اليوم بإعادة إثارتهما ولكن بشيء من التخصيص أكثر وتأثيرهما على المستقبل الايزيدي من حيث علاقتهما المباشرة كعوامل تؤثر بفاعلية على تخلف الايزيديين، وسنركز هنا على الجوانب الاقتصادية فقط.
   كان المفكر الالماني باول شمتزي يرى بأن الغرب هو المسئول عما أصاب العالم الاسلامي من جمود وضعف وتخلّف على الرغم مما في العالم الاسلامي من عناصر القوة التي تتمثل في عقول وكفاءات بشرية وثروات طبيعية ومالية وموقع جغرافي مهم، ولكن العالم الاسلامي يتحّمل نصيبه من المسئولية لأنه أهمل عناصر القوة لديه ولم يدرك خطورتها (جريدة الاهرام/الاحد 27/4/2008).
  فبإلقاء نظرة على ما في قول المفكر الالماني نجد بانه يؤكد على عاملين أساسيين؛ عامل خارجي متمثل في الغرب وتقدمه العلمي والتكنولوجي، والآخر داخلي متمثل في الواقع الاسلامي المتخلف علمياً وصناعياً. ويمكن تطبيق ما جاء في فكر هذا المفكر على الواقع الايزيدي من الناحية الاقتصادية ومقارنة هذا الواقع مع ما في العالم الاسلامي، ولماذا لا يريد الغرب له أن يتقدم. فالجواب بكل بساطة هو، لكي يبقى العالم الاسلامي البالغ أكثر من مليار إنسان مجتمعاً استهلاكياً، وسوقاً معتمداً على الصناعات الغربية لكي تعمل صناعاتهم بفعالية وأن تبقى السوق الاسلامية بحاجة ماسة ومستمرة لتلك الصناعات، وبالتالي فإنه ليس من مصلحة الغرب ان يتطور هذا العالم صناعيا واقتصاديا لكي يبقى معتمداً ومستهلكاً لتلك الصناعات. فهو بذلك يزداد فقراً وتخلفاً، والغرب يزداد غنىً ووعياً، وهكذا ستبقى وتستمر الفجوة بينهما وستزداد حجماً يوما بعد يوم.
   فمن وجهة نظري ومن خلال بعض الوقائع الملموسة، فإن المحيط العربي سابقاً والكردي حالياً كانا ولا زالا يتعاملان مع المجتمع الايزيدي بنفس الروحية والنظرية ليجعلوا منه مجتمعاً إستهلاكياً لسوقهما التجارية. وهذا مانراه بوضوح اليوم في التعامل مع الواقع الايزيدي من حيث العمل والتعامل التجاري، فزاد الآخر غنى والايزيدي ازداد فقراً ولكن، مع الاسف، فإن الطرفان بقيا على تخلفهما على عكس ماحصل من تطور في الغرب وتخلف في الشرق.
  المقارنة هنا قد تكون غير واقعية من حيث الأمكانيات، ولكنها بالتأكيد تتفق معها من حيث المبدأ. فمن حيث الواقع والامكانيات؛ الايزيديون ليسوا بدولة ولهم تشريعاتهم الخاصة بهم ، وليست لهم مؤسسات  ومصانع وامكانية استغلال الثروات الطبيعية المتوفرة على أراضيهم. وبذلك فهم من الناحية الاستهلاك يعتبرون افضل سوق دائمية لتصريف البضائع الاستهلاكية وأنهم ساهموا ويساهمون بشكل واضح وفعّال في تنمية الاقتصاد المحلي لغير الايزيديين، خاصة بعد أن تحددت حركتهم بعد أحداث عام 2007 في كل من الشيخان وبعشيقة وسنجار. أما، لماذا لم يتم الاهتمام بالتجارة والدخول في السوق والتعامل التجاري والتنمية الاقتصادية منذ زمن؟ فلها شأن مهم جداً ويستوجب شرح مراحل تاثيره السلبي.

مرحلة ماقبل 1970.
   في مقالنا السابق اكدنا على تأثير الفهم السلبي لدور التراث في تقدم المجتمعات، وقلنا بأن التراث هو عبارة عن مجموعة نشاطات في مختلف الاوجه للوصول بالمجتمعات إلى مرحلة معينة. ويعد الاقتصاد واحداً من تلك الاوجه الاساسية في الحياة العامة للشعوب، ومن المهم فهم واستيعاب المراحل التي مر بها وتقييمها لتفادي المطبات وتعزيز المثابات.
   فمنذ خمسينات القرن الماضي ولغاية عام 19975، وعندما كنا في القرى القديمة قبل أن يتم تجميعنا في مجمعات سكنية، كان يعاب على الذي يتعامل بالميزان، أي التعامل التجاري. بل كنت أسمع بأن فلان، من العائلة الفلانية قد خطب بنت البقال الفلاني؛ يا للعار. وإذا عمل شخص ما في التجارة والاستثمار، كان يقال بأن فلان من العائلة الفلانية يعمل في الربا، وفي اغلب الاحيان كان يجلس في طرف المجلس كرجل غير مرغوب فيه، او في بعض الاحيان كنا نجلب التراب من بيته خلصة ونضعها على بيوت النمل لكي تهجر مكانها لكون هذه الحشرة المباركة لاتأكل من مال الربا. وبذلك أجتمع عاملا الدين والعرف الاجتماعي وتعاونا بشدة لتضييق الخناق على هذا المحيط الضيق ويقتلا بالتالي كل طموح وتقدم أقتصادي. وعليه، فقد تحددت مساحة العمل بهذه المهنة الحساسة والتي أثرت على الامكانيات المادية إلى أضيق الحدود حتى تمكن الآخرون منهم مادياً، وبالتالي استضعافهم اخلاقياً واستغلال امكانياتهم البشرية.
   وأتذكر أيضاً بأن بعض القرى، ومنهم قريتنا، كانت تدعو وتستقدم بعض المسلمين أو المسيحيين من القرى المجاورة لفتح محلات بسيطة لتلبية حاجيات القرية من المونة وبقية المواد التي لها مساس مباشر بحياتهم اليومية من سكر وشاي وصوابين ومحروقات وغيرها. وكان في قريتنا "تل حيال"، بقال مسلم خاتوني وحيد أسمه فياض. وآخر اسمه محمد مصلاوي، الذي أصبح إبنه فيما بعد صاحب أكبر مصلحة من حاصدات وساحبات وقام بزراعة آلاف الدونمات من أراضي نفس القرى، واشترى فيما بعد الاملاك في البلد واصبح صاحب نفوذ ومن الاثرياء وكان يتوسط لنفس أهل القرية لدى الجهات الحكومية في تسهيل معاملاتهم المختلفة. بل كانت النظرة إلى جمع المال تعد واحدة من الاسباب التي قد تضر بالدين ويجب على الإيزيدي أن يعيش حد الكفاف لكي لا ينظر إلى متاع الحياة وينسى الدين والآخرة. بينما لم يستفد أحد من القول العظيم الذي كنا نسمعه من نفس الاشخاص آنذاك عندما كانوا يقولون بأن الانسان يستطيع أن يشتري الدنيا والآخرة بالمال. إذن، هكذا كانت النظرة إلى موضوع التجارة والعمل التجاري والاستثماري، فكيف لا يتخلّف هكذا بشر؟
   وفي عام 1992، كان هناك فلاحاً من سنجار يعمل بمزرعة في قرية السلامية التي تبعد عن الموصل حوالي 30 كم. وبعد أن انتقل إلى مزرعة اخرى داخل مدينة الموصل، سألته عن حاله والفرق بين العيش في المكانين لاجل راحته وراحة اولاده من حيث الكهرباء والخدمات الاخرى وقربهم من المدارس حيث كان مبعث فرح بالنسبة لي. ولكنه فاجاني بالقول؛ الا تعلم بأن الانسان يصبح أكثر تعاسةً كلما أقترب من الميزان؟ وكان كلامه هذا هو  كناية عن التعامل مع الميزان والعمل التجاري، وما يحمله من ذلك الفكر العشائري القديم.

واقع المجتمع آنذاك:
   في الواقع كانت الحياة بسيطة إلى درجة كبيرة بحيث كان الاعتماد فقط على الثروة الحيوانية والزراعة لحد الكفاف فقط، لكون غالبية القرى كانت على خلاف عشائري مع بعضها من جهة، ومع العشائر العربية المجاورة بسبب بعض الغزوات والخلافات على الاراضي الزراعية ومناطق النفوذ العشائري وكذلك لاثبات الذات من الجهة الثانية. فكان قلما تجد عائلة لا تمتلك بعض المواشي من الغنم أو الماعز والحيوانات التي كانت تستخدم للعمل الزراعي كالحراثة والتنقل، وبالطبع كانت هذه الحيوانات بحاجة إلى رعاية ومتابعة واهتمام. وأن معظم الاراضي الزراعية كانت مقسمة عرفياً فيما بين الفلاحين بحيث أن لكل فلاح مساحة من الأرض على قدر عدد أفراد عائلته ومركزه الاجتماعي بما يسد حاجات عائلته السنوية من زراعة القمح والشعير بصورة خاصة. إضافةً إلى ذلك، كانت هنالك عوامل مساعدة أخرى ك بساتين التين والعنب وبعض الفواكه الاخرى كالمشمش والخوخ ومحصول التبغ التي كانت تعد مصدرا مساعدا وإضافياً للدخل العائلي. ولا يخفى ما كانت تستخدمه بعض العوائل المتنفذة في استغلال جداول المياه في القرى وزراعة بعض محاصيل الخضر كالطماطة والخيار والباذنجان والبصل وغيرها لسد حاجة الاستهلاك العائلي وبيع الفائض، أي أن تربية الحيوان والزراعة كانت هي العماد الاساسي للإقتصاد العائلي في ذلك الوقت.
  بعد ثورة تموز عام 1958 وتغيير النظام الملكي، تنفس الايزيديون السعداء كغيرهم من فئات الشعب العراقي بعد أن أوعز الزعيم عبدالكريم قاسم بتوزيع التموين على الفقراء وكان للإيزيدية حصة كبيرة في ذلك الدعم وكذلك نظام التغذية المدرسية، فتحسنت الظروف المعاشية جزئياً. ولكن الوضع الاجتماعي أستمر بصورة عامة على ضعفه وهو واقع حال معظم العراقيين آنذاك. وأتذكر الانشودة التي كنا ننشدها كأطفال (عبدالكريم كريفي مه يا، وناني جه هي المه توبه يا: أي أن عبدالكريم كريفنا ويحرم علينا أكل خبز الشعير بعد الان).    ومن جانب آخر كانت تعتبر الموارد الطبيعية في جبل سنجار أحد أهم مصادر الدخل للإيزيديين عندما قامت الاهالي بتحويل جميع الاماكن الممكن زراعتها وتحويلها إلى مدرجات ومصاطب لزراعة اشجار التين، التي اشتهرت بها سنجار، والعنب والرمان والسماق واستغلال ما بين الاشجار من المساحات الفارغة بزراعة الخضراوات لسد الاحتياجات العائلية في ذلك الوقت. ولا ننسى ما كان في الجبل من ثروات طبيعية كأشجار البلوط وحبة الخضراء والزعرور والجوز والنبق كمصادر للغذاء، إضافةً إلى الاستفادة من الحطب للتدفئة شتاءً وعمل الفحم من أخشاب البلوط وبيعها كمصدر مهم لأقتصاد العائلة. أي أن واقع الحال لم يكن يساعد على التطوير الاقتصادي على حسب العوامل التي مر ذكرها خارجياً وداخلياً.
   
مرحلة مابعد 1975:
    في الحقيقة، مرحلة ما بعد 1975 هي امتداد لما حصل منذ 1968، أي بعد استلام حزب البعث السلطة في العراق وتفاعل الايزيدين مع مسألة الحكم الذاتي للأكراد. وبناءً على تعاطف الايزيديين مع القضية الكردية ورفع تقارير عن هذا التعاطف إلى قيادات الحزب عن واقع الايزيديين وكيفية الاحتماء بالجبل، قامت السلطة بتجميع الايزيديين في مجمعات سكنية قسرية تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة المدنية في مناطق تبعد عن الجبل ب 15 كم كحد أدنى. وبهذا الاجراء، فقد الايزيديون أهم مصادر دخلهم من الزراعة والثروة الحيوانية وكذلك الابتعاد عن الجبل الذي كان الحامي للكثير من حملات الابادة التي تعرض لها الايزيديون على مر التاريخ، واصبح فيما بعد من المحرمات التي لا يمكن لهم التقرب منه لكي يتجنبوا التهم الكيدية والشبهات الملفقة.
  بعد هذا الوقت بدأت التنمية الانفجارية في العراق، ولكون للمجتمع الايزيدي خبرة في مجال البناء والعمالة، أصبحت الايدي العاملة متوفرة بعدما فقدوا مصادر دخلهم كما اسفنا، وابتعدوا عن الجبل ولابد من التفاعل مع الحالة الجديدة. فأخذ العديد منهم بالتعاون مع قسم من المتنفذين بعض المقاولات من الباطن وكانت افواج من العمال والبنائين يعملون في بناء المعسكرات والمجمعات السكنية والمرافق العامة ودخلوا الوظائف المدنية كما حصل بتعيينهم في معامل النسيج والسكر والسمنت. كذلك دخلوا الجيش لاول مرة بشكل نظامي وحسب دعوات المواليد من التجنيد العامة، ونمت حركة الحياة الاقتصادية حيث تعددت مصادر الدخل، والاطفال دخلوا المدارس وزاد الاهتمام بالصحة العامة ونفذت برامج محو الامية وزاد التفاعل الاجتماعي بين الايزيديين وباقي الشرائح الاجتماعية سواءً في الجيش أو الجامعات أو في ساحات العمل بسبب هذا التخالط الاجتماعي-السياسي. وبالتالي زاد معها الوعي العام ونمت مساحة القبول به من قبل الاخر المتشدد.
   ويجب أن لا ننسَ ما كان للنظام البعثي العلماني وتشريعاته بخصوص الاقليات الدينية والعرقية من الدور البارز في هذا القبول من الاخر والاعتراف به كإنسان له كرامته ووطنيته. ولكن لم يتعدى الجانب الاقتصادي حدود الكفاف وبقي يراوح في مكانه، إلا أنه فتح الباب ولو جزئياً على الطريق التي يمكن أن يسلكه المجتمع في مجال التنمية الاقتصادية.
  وفي منطقة الشيخان كان الامر لا يختلف كثيراً عما حصل من ظروف مشابهة لواقع سنجار إن لم تكن اعقد منها بسبب التعامل مع المسألة الكردية من جهة، وكونها محاذية وبتماس مباشرلتلك المناطق، وكانت لها من الحساسية أكثر مقارنةً بالحال في سنجار. فبالاضافة إلى التجميع في مجمعات قسرية، تم جلب عشائر عربية واسكانهم محل الايزيديين بعد مصادرة الاراضي التي كانت المصدر الاساسي لمعيشتهم ومنحها للعرب وبالتالي قام الايزيديون يؤجرون أراضيهم من العرب الجدد مناصفةً. واستمر هذا الحال المزري لحين سقوط النظام في 9/4/2003. وقد ترتب على هذا الامر ضياع ثلاثة عقود من الزمن وفرص العمل وتدني مستوى المعيشة وتحددت الاستثمارات وتراجعت المنطقة اقتصاديا وضعفت امكانياتهم المادية وبالتالي لم يكن باستطاعتهم تنيمة مواردهم بسبب صعوبة العيش وصعوبة تخطي نقاط التفتيش ومحدودية المناورة والحركة التجارية التي باتت مرهونة باستغلال بعض المسئولين لجميع النشاطات والتي كانت مقتصرة على تهريب المشتقات النفطية وغيرها لصالحهم سواء أكانوا عرباً أم كرداً، وعلى حساب الايزيديين طبعاً.
أما في بعشيقة وبحزاني ولكون المجتمع فيها يتمتع بالجانب المدني وغالبيتهم كانوا يعملون في الوظائف الحكومية ولقربها من مدينة الموصل التي كانت تربطهم بها علاقات تجارية، وطبيعة مجتمعها وعقليتهم المتنامية قياساً حتى بباقي فئات المجتمع العراقي، فلم يكن التأثير السلبي بتلك الدرجة التي عانى منها الايزيديون في كل من سنجار والشيخان. فقد نمت فيها الحركة التجارية بعكس بقية مناطق الايزيدية بحيث أصبحت في ظل الحصار واحدة من أهم مراكز تصنيع المونة والطرشي والزيتون والراشي وزيت الزيتون والصابون وانتاج محاصيل الخضر مثل البصل والفسقة المشهورين على مستوى القطر. وقد غزوا معظم مدن العراق واشتروا العقارات ودخلوا في عمق السوق ونشروا مساحة العمل التجاري بحيث اصبحتا من مراكز الاستقطاب التجاري الكبيرة وجلب الاستثمارات. إن في هذا لدليل واضح على أن الانسان الايزيدي نشط وفعّال وقادر على خلق المبادرات إذا ما توفرت له الظروف المناسبة والاستقرار، بعكس ما ينظر إليه من قبل الاخر على أنه لا يفقه من الحياة سوى العيش في ظروف قاهرة بعيدة عن المدنية والحضارة.
 وبموازاة جميع هذه الظروف سواء في سنجار أو في الشيخان أو في بعشيقة وبحزاني، فإن الحركة العلمية لم تقف عند حد معين، وزاد عدد الطلاب الملتحقين بالجامعات موزعين على مختلف الاختصاصات، بحيث فاقت نسبتهم فيها عن جميع الشرائح الاخرى من المجتمع العراقي قياساً بعدد النفوس.       

الوضع بعد 1991.
  بعد هذا التاريخ بدأ الخراب يدب في جسم العراق إنساناًَ وكياناً وارضاً وماءً ونظاما من حيث الفساد ونمو التطرف وظهور بدايات الانشقاق الاجتماعي بين شرائح المجتمع، ومع أنه لم تظهر تلك العلامات في بداياتها بشكل واضح وجلي، إلا أنها كانت تنخر في الخفاء في كل مفصل من مفاصل الحياة كما ينخر السوس الاسنان. إن أكثر العوامل التي شجعت من تلك الصعوبات هو استغلال الشعور الديني وإلهاب العواطف سواء ماكانت تستدعيه مصلحة النظام السياسية أو ما كانت تفعله القوى التي كانت تتستر باسم الدين ولكنها تعمل في إتجاهات أخرى. وأن الذي شجع من هذا النمو المتطرف هو عندما تزعم عزت الدوري الحملة الايمانية التي كانت في الحقيقة تغطية لمأرب سياسية، مما أثرت بشكل فعّال على تخريب المجتمع وزرع بذور الفتنة بين المكونات المختلفة ووفرت الارضية لإثارة النعرات ولو بشكل خفي وتحت (رعاية) الحزب. فبعد هذا الزمن أخذ الحصار يتمكن من الشعب العراقي وخاصة الفئات التي لم تكن مستعدة لمجابهة جبروته. فتقلصت فرص العمل وتوقفت المشاريع وغادرت الشركات وزاد سعر المواد وانخفضت القدرة الشرائية وهكذا دواليك.   
 الذي يهمنا من هذا هو تاثير تلك الفترة على الواقع الايزيدي من الناحية الاقتصادية بشكل اساسي. فكان مشروع ري الجزيرة في منطقة ربيعة يعد واحداً من المشاريع الكبرى في الشرق الاوسط، وهو مصمم للري التكميلي لمساحة 260 ألف دونم في واحدة من أخصب الاراضي الزراعية في محافظة نينوى وعلى مستوى العراق عامة. وبما أن المشروع كان مخصصاً للري التكميلي، فقد كان مسموحاً باستثمار 10% فقط من تلك المساحة لزراعة الخضراوات والباقي يجب أن تزرع بالمحاصيل الاستراتيجية كالحنطة والشعير والذرة فقط. بعد أن فرضت الامم المتحدة الحصار على العراق، سمحت الدولة باستثمار الاراضي بحسب ما يتطلبه الواقع الجديد وبما يعزز من الامن الغذائي واطلقت يد المواطن في التصرف بالكيفية التي يرتايها. فقام شيوخ الشمر في ربيعة باستثمار الاراضي في زراعة المحاصيل التي تجلب لهم الربح السريع كالطماطة والخيار والبطاطا والرقي وغيرها من المحاصيل ذات الربحية الكبيرة والسريعة.
 من المعلوم أن العرب بصورة عامة لا يجيدون العمل في الحقل الزراعي، وأن فرص الحياة تحددت من جديد أمام الايزيديين بسبب توقف المشاريع الحكومية وانخفاض قيمة العملة العراقية وتدني مستوى المعيشة وصعوبة الحصول على متطلبات الحياة بالوسائل التقليدية كالوظيفة أو العمل اليومي. لذلك وبما أن المجتمع الايزيدي له خبرة كبيرة في العمل الزراعي وكون المنطقة قريبة من منطقة سكناهم في سنجار، فتحولت ربيعة إلى سنجار ثانية، حيث قدرت بعض الجهات غير الرسمية بأن عدد العوائل الإيزيدية التي كانت تعمل في الزراعة في ربيعة قد تجاوز 50 الف عائلة بكافة أفرادها في ظروف لم يسبق لأي إنسان عراقي أن عاشها على مر تاريخه لوضاعتة وقذارته وبؤسه. وظهر فيها مرض الملاريا بسبب الاعتماد على شرب الماء من السواقي المفتوحة، وقد سمّي المرض حينذاك بمرض "الكرفان".  علىىىىىىىىىىىىى الايزيديين أن لا ينسوها للأبددددددددددد.
  صحيح أن البعض استفادوا مادياً في السنين الاولى من العمل الزراعي فيها، ولكن بعد ذلك انقلب وبالا عليهم بعد أن تفنن العرب في استغلالهم بابشع ما يمكن أن يقال ناسين بذلك جميع أخلاق الجيرة والتاريخ والانسانية وتحولوا إلى مصاصي دماء ووحوش كاسرة مستغلين ضعفهم وحاجتهم للعمل بشكل لا يوصف من الناحية الاخلاقية، وسيسجل التاريخ لعرب الشمر في ربيعة كل الخزي والعار وخيانة الوطنية والمواطنة وحسن الجوار مع الايزيديين بحيث لم يستفد فيما بعد من اتعابه في العمل في تلك الاراضي، إضافةً إلى الاهانات التي تلقوها بعد أن تعلمت تلك الاعراب كيف يمكنهم أن يتفننوا في استغلال ضعف الايزيديين لصالحهم.
 لقد اصبحت نعمة ربيعة في أولها إلى نقمة ليس لها مثيل في التاريخ الايزيدي في المحصلة النهائية لما خلّف من ميوعة وتفتت أخلاقي وتحمّل للإهانة وما ترتب على ذلك من الهجرة المستمرة لمرتين في السنة بحيث لم ينتهِ بعد من الاستقرار حتى يبدأ بالهجرة ثانيةً مع أولادهم الذين أصبحوا خارج التعليم على الاقل لثلاثة أجيال تعليمية. وفي نظري، فقد كانت بمثابة الضربة القاضية في العمق والمستقبل الايزيدي. فعلى الرغم من عدم وجود البديل آنذاك، إلا أن ما تركه من آثار من الوضاعة واستشراء الفساد المادي والاخلاقي ونتائجه الكارثية على المستوى التعليمي للمجتمع الايزيدي لم يكن بالامر الهيّن ولازالت آثارها تستفحل لحد اليوم.
  وبهذا فقد أضاعوا عقداً ونصف من الزمن الصعب وساهموا في زيادة رأسمال تلك الاعراب بشكل لم يكن حتى في الاحلام بالنسبة لهم بحيث بنوا الفلل وأقاموا المشاريع وأشتروا الاملاك والبنايات باتعاب الايزيديين، وفي المقابل أضاع الايزيديون مقابل ذلك هذا الزمن وخسروا معه التعليم والفرص الاخرى التي كانت من الممكن ان تنهض بواقعهم نحو الافضل فيما لو احسنوا التعامل مع ذلك الواقع المؤلم. ولكن لا يخفى بأن ذلك المشروع انقذهم من محنة الجوع ولم يكن في اليد بديل عنه في وقته سوى العيش تحت ذلك الواقع وتخطي تلك المحنة في الزمن الصعب الذي مر على العراق، أي ان كل شي بالنتيجة انقلب عليهم وبالا مادياً ومعنوياً كمحصلة نهائية مرغمين عليها. 
   
الوضع بعد 9/4/2003
  بعد سقوط النظام، بدأ الانهيار السريع في جميع مفاصل الدولة، وتغير كل شي درامياً نحو الاسوأ. بدءاً بالوضع الامني والارباك الذي حصل في الوضع السياسي وسيطرة الفكر العنصري على الواقع من خلال تنفيذ برامج باجندات اقليمية ودولية بحيث اربكت الواقع المحلي وجعلته يأن تحت ثقل المشاكل من حيث زيادة البطالة وتدني مستوى المعيشة والتعليم والصحة والخدمات البلدية وتفشي الرشوة والمحسوبية والمطالبة بالانفصال والتهديد والتلويح بإقامة دويلات تحت ذريعة الفيدرالية والحديث بالاكثرية والاقلية على حساب الوطنية والواقع وسيطرة المليشيات الحزبية وغيرها من المبررات لتهديم البلد من أساسه.
   كل هذا وغيرها من العوامل جعلت من المواطن أن يستكين ويتوقف عن الحركة والاستثمار بترقب. ولا يخفى ما لهجرة أصحاب رؤوس الاموال من تأثير على الذين كانوا قد كونوا علاقات تجارية مع بعض التجار المحليين وبالتالي فإن سيطرة التجار الجدد على السوق ستتطلب من الايزيديين جهوداً وترتيبات إضافية وكسب الثقة لكي يبدأ ويتطور التعامل التجاري من جديد.
  ويجب أن نتكلم بتجرد عن كل العواطف وهو أن الواقع الايزيدي شهد التطور الدرامي نحو الاسوأ منذ لحظة أحداث الشيخان في 15/2/2007. تلتها المسالة الاكثر تأثيراً وهي مقتل الفتاة دعاء في 7/4/2007، والتي تم استثمارها سياسياً بشكل غير مسبوق وخاصة من الاعلام والشارع الكردستاني، وما خلقته من المشاكل التي أنسحبت فيما بعد على جميع مفاصل الحياة بحيث شملت الموظفين والعمال والطلاب وحركة المواطنين العاديين من وإلى كردستان التي اصبحت الممر الوحيد والصعب لحركة الايزيديين وبضمنها الحركة الاقتصادية. وتوجت جميع تلك المشاكل التي صبت جام غضبها على المجتمع الايزيدي بهيروشيما سنجار في تل عزير والقحطانية في 14/8/2007.
 فبعد هذه الاحداث المرعبة تغير كل شي، فتحددت الحركة وتقلصت فرص العمل، وسيطر الخوف والرعب بعد التهديدات التي تلقوها من القاعدة وعناصرها والمتطرفين الاسلاميين، وانسحب كل هذا بالتاكيد على المناورة بالعمل التجاري والاستثماري ومستوى المعيشة وبقية مجالات الحياة. والاهم من كل شيء هو ما حصل بعد هذه الفترة بهجرة رؤوس الاموال والكفاءات الإيزيدية إلى الخارج وصرف مئات الالاف من الدولارات على تلك الهجرة التي كانت في غالبيتها غير شرعية، مما كلفت العوائل ما لا يحمد عقباها من المصاريف والمخاطر وغدر المهربين.
 إذن تغير كل شي نحو الاسوأ، وبدلاً من استثمار الامكانيات الاقتصادية المتواضعة التي كانت موجودة لدى البعض، راحت تصرف تلك الاموال لتهريب ابنائهم إلى الخارج للتخلص من جحيم الحياة التي أصبحت من غير هدف ومستقبل. وهكذا تعرض المستقبل الايزيدي إلى مايشبه المقامرة بحيث أصبحوا من أكثر الفئات التي تعرضت للخطر والانتهاك والتدمير وفي عدد الشهداء والتخلف قياساً بباقي فئات الشعب العراقي على الرغم من أن الجميع قد تعرضوا للمتاعب.
   أما فيما بعد أحداث 2007، فقد تجاوب المجتمع مع الواقع الجديد وبدأ يتأقلم معه بعدما أحس بأنه لابد منه. فقام العديد وخاصة في مركز قضاء سنجار وناحية الشمال/سنوني والمناطق المحيطة بهما، وكذلك الحال في بعشيقة والشيخان ببناء وإقامة المحلات والمعارض التجارية، وتجديد العلاقات الإستثمارية مع بعض الجهات بما فيها الدول المجاورة وخاصة سوريا وتركيا والمنطقة الشمالية ونمت الحركة التجارية بشكل واضح ونمت رؤوس الاموال بعدما تحددت حركة الايزيديين وإجبروا على شراء حاجياتهم من نفس المحلات التي يديرونها وهكذا بدت الامور تستعيد بعض عافيتها في هذا المجال الحيوي وتدوير رأس المال في محيط الايزيديين الذي نتأمل منه خيراً. كما أن الجانب العنصري الذي خلّفه الواقع الجديد جعل من الكثير منهم بأن يتجه نحو تدعيم بني جلدته حتى ولو كان في ذلك بعض الغبن في الاسعار قياساً بغيرهم. أي أن الواقع الجديد وتحدد مجال الحركة والمناورة، حتّم عليهم وجعلهم يفكرون بتطوير امكانياتهم التجارية محلياً وأفتهموا الحكمة بالفطرة، وبدون شك فإن هذا الامر سيوفر الإمكانية لدى البعض بارسال أبنائهم إلى الجامعات وبالتالي تطوير مستوى ثقافتهم.
    فالمفهوم الاستعماري هو هو سواء طبقته مجموعة بشرية على مجموعة أخرى، أو طبقته دوله معينة على دول اخرى. لأن المبدأ فيه هو استغلال الثروات والامكانيات المادية والبشرية لتلك المجموعة أو الدولة لصالحها وبالتالي تساهم المجموعة أو الدول الواقعة تحت الاستغلال في تخّلف مواطنيها بدرجة أو بأخرى، وهذا ما حصل حقيقةً مع الواقع الايزيدي. فمن حملات الابادة، إلى تحريم التعامل مع المنتوجات، إلى التجميع وترك الاراضي الزراعية وجعلهم تابعين أذلاء يعملون كأجراء في حقول الغير وتحمّل المهانة ونشر الفساد الخلقي والميوعة والتشتت العائلي، إلى التهديد المستمر بتهجيره وتذويبه في جنوب العراق، إلى القتل والتدمير على الهوية، إلى التفجير المبرمج والمخطط بهدف المسح من الوجود وتجريده من إنسانيته، إلى وضعه في إطار لا يتجاوز حدود حركته بضع كيلو مترات وموته اقتصاديا واجتماعيا، إلى إماتة المستقبل من خلال ضرب التعليم بكل مراحله وخاصة التعليم العالي وزيادة جيش العاطلين المعتمدين على الوارد اليومي المهان من الاحزاب السياسية إلى تطويق الكفاءات وإجبارهم على الهجرة. فهل حصل ويحصل كل هذا من غير تخطيط وتفنن في ضرب النهضة التي من الممكن أن تبرز في الوسط الايزيدي؟ الجواب؛ في قناعتي هو، كلا، ولكننا نساهم نحن في تعميقه، مع الاسف.
 هذا على المستوى الخارجي، ولكن ماذا عن مساهمة وتأثير الداخل الايزيدي على هذا التخلّف؟ ففي حقيقة الامر لا يختلف هذا العامل في تأثيره السلبي عما ذكر من التأثيرات الخارجية، بل هو الاخطر. فقد ساهم هذا الداخل في التهيوء وفرش الارضية للقبول بالواقع المرير من خلال تكريس السلطة الاستبدادية على مر التاريخ بيد مجموعة من الجهلة لايهمها سوى مصالحها الشخصية والذاتية وسيطرة الفكر العشائري المتخلف،  وتقويض دور العلم والتعليم، بإصدار التعليمات وتحريم التعامل مع الانفتاح بسبب الخوف من هذا الخارج المجهول بالنسبة للعامة من الناس وتحريم التعليم في فترة من حياة المجتمع. وبالتالي خلق طوق وهالة حول المجتمع الايزيدي مما حددت من امكانياته وأضعفت من قدراته وتخويفه من اي مجازفة والابقاء على إجترار الموروث المتخلف في القبول والاستسلام التبعية، مما زادت معها مساحة الخنوع والقبول بأقل من القليل من متطلبات الحياة.
 إذن، ماذا ترتب على هذا الواقع؟ لقد زحفت التأثيرات السلبية لكلا العاملين الخارجي والداخلي واتحدتا للتأثير على الواقع الايزيدي في الميدان بحيث تحوّل فكر الجهل والتخلف والاستسلام إلى فكر عدواني موجه إلى الذات وإلى الآخر. فتعزز الجانب العشائري وسيطر بعض رؤساء العشائر كلياً على مقدرات وامكانيات الناس واستثمارها لمصالحه الشخصية. وكذلك الاقتتال الداخلي الذي استنزف كافة الامكانيات والطاقات التي كان من الممكن ان تساهم في العمل النهضوي والتجاري وفي التعليم وتنمية الاقتصاد. وهكذا بدأ العد التنازلي في الموارد الاقتصادية فيما بين المجتمع الايزيدي مما وفرت الفرص الذهبية للغير المتربص به لكي تتمكن منه وتقوم بتلك المهمة بالنيابة عنه والامثلة لا تعد في هذا الشان.
   فظهرت جماعات تقتل مجموعات أخرى تحت أسم (الجهاد)، واقتصر هذا العمل على بعض العوائل التي كانت تمارس الدعارة بصورة علنية لانها كانت قد وقعت تحت تأثير العوامل التي ذكرناها، تاركين السبب والمسببين لخلق تلك المأساة طليقين مما زاد من تعقيد المشكلة وهروب الكثير منهم خارج المعتقد. وعلى الجانب الثاني ظهرت جماعات لتخريب العقول وتكريس التبعية للعروبة في اثناء الحكم البائد، وآخرين يفسدون العقول بنفس الخطورة تماشياً مع مصلحتهم لصالح القوى السياسية الكردية على حساب المستقبل الايزيدي في الوقت الراهن، ولكن بتفنن وخطورة أكثر دقة، وتخريب مدروس أكثر تعمقاً. وما المؤتمر الذي انعقد في المانيا تحت عنوان "الشيخ فخر الادياني مؤسس مدرسة الفلسفة والادب الكرديين"، إلا دليلاً وقحاً على هذا التخريب في الوقت الذي مئات المدارس تعاني من نقص الرحلات والكادر والمكان المناسب للتدريس.
  لذلك لو نلقي نظرة الآن على مجتمع سنجار الذي غالبية سكانه من الايزيديين، فإن عدد المحلات التجارية فيه لا تتناسب مع أي مستوى من نسبة وجودهم في القضاء. وإذا وجد البعض فإن عامة الناس ليس لديها الوعي بأن تتعامل معهم وبدلا من ذلك يتعاملون مع غير الايزيدي والذي بدوره يزداد غنى ونفوذ، ويبقى الايزيدي يجتر الندم من هذا الذي يحصل. بينما نرى العكس تماما على الجانب الثاني حيث العنصرية في أعمق درجاتها ويلجأ لشراء الحاجة من الايزيدي فقط عندما لا يراها في السوق سوى عند هذا الشخص. أو كما يحصل في التعامل مع بعض الحالات التي لا يمكن لأحد منافسة الايزيدي فيها بشكل بارز كالخبرة الزراعية أو البيطرية التي لا يمكنهم الاستغناء عنها، فأنا لست عنصرياً مطلقاً، ولكن الحال يتحدث عن نفسه.
  هكذا يحصل الامر في الواقع على الأرض، فليس بالامر السهل التخلص من هذه العقلية والموروث بدون توعية ونكران ذات من قبل الطبقة المتنورة. ولكن نحتاج الكثير لكي نعي دورنا في تنمية قدراتنا ومحاولة التخلص من هذا التخلف وتجاوز نقاط الضعف التي مر ذكرها. فهل نستمر في هذا الطريق المتخلف ولا نتعظ من الاخطاء ونتلافاها؟ وهل يجوز أن نبقى نغرد خارج سرب الحياة ونسمٍع الاخرين احلى الانغام ونصّم آذاننا عن السماع لذلك اللحن الطيب؟ أتمنى من الاقتصاديين أن يسعفونا بالمزيد من التوضيح والمساهمة حول هذا الموضوع. وشكراً

علي سيدو رشو
القاهرة في 8/11/2008

99
خطر تكاتف الاقليات على مستقبل العراق

  منذ المفاجأة التي أطلقها البرلمان العراقي يوم 22 تموز الماضي، وإلى تفجير المفاجأة الاخيرة في 24 سبتمبر/2008، نشر كم هائل من المقالات التي قد تربوا على الكثير من الاحداث والاحوال في حجمها ومداخلاتها ومناقشاتها واسلوب انسانيتها ومن مختلف الفئات والمستويات. فبعد 22 تموز كانت تكيل الاتهامات من هذا الطرف للطرف الثاني بالخيانة والتخوين والتخندق والالتفاف ولوي الذراع. ولكن تلك التهم  تحولت فيما بعد 24 سبتمبر إلى لغة تجاهل حقوق الانسان والانفعالات العاطفية والغبن والتهميش وانتهاك الدستور والتعاطف مع هذه المكونات التي ساهمت كغيرها في صنع مستقبل العراق وتاريخه. وبين هذه وتلك، برزت حالة فيها من الدقة والخصوصية قد لا ينتبه إليها الكثيرين، وهي محاولة إحداث تفرقة وتمييز فيما بين تلك الاقليات بدافع أن لهذه الاقلية حق دون ذكر البقية اعتماداً على المساندة الدولية التي لها اكبر الاثر في تغيير العلاقات والتوازنات رغم الظرف ومحاولة احتوائها، لأن وضع الايزيديين والشبك محسوم سلفاً.

ففي المؤتمر الصحفي الذي عقده السيد جلال الطالباني عقب عودته من امريكا وبحضور السيدين مسعود برزاني وطارق الهاشمي في صلاح الدين، وجوابا على سؤال أحد الصحفيين للدكتور الهاشمي بخصوص تهميش الاقليات أجاب: "يجب اعادة النظر بحقوق الكلدوآشوريين، وهنا كرر القول مرتين دون ذكر بقية الاقليات"، في حين لم يتطرق أي من السيدين الطالباني والبرزاني لهذه المشكلة على الرغم من ان حزبيهما كانا بالدرجة الاساس من وراء هذه الفتنة. فقديما قيل "خوفك من الفقير إذا أغتنى، ومن المظلوم إذا تحول إلى ظالم"، وإنني أرى بأن هذا القول الحكيم هوبعينه ما ينطبق اليوم على معظم كيانات العراق [الكبرى]، وبالدرجة الأساس على الكيانات الكردية بحكم علاقتنا واحتكاكنا المباشرة معها. فالمتتبع للسياسة الكردية منذ سقوط النظام ولحد الان يشعر بأن سياسة الانتقام وتميش الاخر هي السائدة في تفكيرها وبالاخص مع الحلفاء الاضعف مثل الايزيديين والشبك والكلدواشور. حيث يحاولون بشتى الوسائل إضعافهم إلى الحد الذي لا يستطيعون معه حتى اداء دورهم الطبيعي كمواطنين أسوياء بشكل صحيح ما لم يدوروا في فلك هذا أو ذاك.

لقد ربطوا الحياة بالمادة من خلال التعيينات والتهديد بقطع الراتب وبث الرعب  في حال اي تصرف يخرج خارج الحدود المسموح بها كرديا. بل راحوا لابعد من ذلك بحيث أن اي مواطن ينطق بكلمة حق مهما كانت، سواء في الوطنية أو الحقوق العامة فإنه يصنّف بالارهابي أو الصدامي، وبذلك نجحوا في قمع اي كلام خارج المخطط والمرسوم له، وهذا يتناقض مع ما يدعون به. فقرأنا الكثير من المداخلات والروايات والطعون والتشخيصات بشأن الموقف الاخير للبرلمان، ولكن الجميع أجمعت في معناها على أمر واحد محدد وهو، أن هناك ضرراً مقصوداً قد حصل. وأن هذا الضرر سبّبته القوى المتنفذة الكبرى في الدولة.
 
 فالدكتور منذر الفضل وكذلك السيد الفاضل زهير كاظم عبود وغيرهم أوضحوا مشكورين الرأي القانوني والدستوري لما جرى ويجري، وهو بالتأكيد أمر مهم وحيوي بل وضروري بالوقوف عند رأيهم. فحسب المواد الدستورية 2- أولاً و3 و4 و14 و16 التي وافقت عليها وسنّتها تلك القوى ومن ثم شطبت المادة 50 فيما بعد، تركز جميع هذه المواد على الحقوق المدنية والانسانية والمساواة التي نادى بها مسنّوا الدستور بدون تمييز. ولكن نفس البرلمان نقض كل تلك المواد الدستورية بمجرد اشهار موقف من نائب لم يسمَع به أحد في يوم من الايام بأنه يمثل بشر، دون ان تتم مناقشة رأي هذا (النائب اليزيدي-الكردي). فهل كان راي هذا الشخص مهم لهذه الدرجة بحيث يوافق كل البرلمانيين بأغلبية 191 عضوعلى مقترحه في غفلة منهم جميعاً بحيث اكتشفوا قيمة هذا الاقتراح العجيب لكي يخرج العراق من محنته التي دامت على مدى شهرين من المناقشة والتخوين؟ ولو فرضنا جدلاً بأن هذا النائب قد اقترح الموضوع بشكل آخر، مثلا المطالبة بالمزيد من المقاعد للاقليات، هل كان النواب الافاضل يوافقون عليه بهذه السرعة والاغلبية من غير مناقشة؟ إنه فعلا انقذ البرلمان والعراق من كارثة كانت ستسبب مأساة للبشرية ليوقعهم في مهالك اخلاقية. اللهّم لم يحصل مثل هذا التهريج حتى في مقهى هوبي، لأن المقهى يحظى باحترام الرواد أكثر من برلمان لا يحترم ابسط قواعد القانون ويهدم البناء والبنيان بدلا من البناء على انقاض الخراب والتخريب. إذن ما الفرق بينكم وبين من تتهمونهم ب"الموافج"؟ فوافقتم 191 عضو برلمان على فقرة قانونية لم تتم قراءتها، ولم تتم مراجعتها، ولم يتم فحص ودقة صحتها. فلعمري ذلك "الموافج الدكتاتوري" أشرف من مهزلتكم "الديمقراطية".
   
ففي مقابلته مع فضائية عشتار، القى السيد المشهداني بالتبعية كاملة على الرئيس الطلباني، وقال بأنه كان وراء ذلك القرار، وقد ايده في ذلك الكثيرين من الكتاب الافاضل بطريقة سواء بشكل مباشر أو بالايحاء. فإذا كان هذا صحيحاً، فإن افضل وصف يمكن أن ينطبق على السيد جلال الطالباني لحد الان، هو ما قالها بحقه صدام حسين عندما اعلن العفو عن جميع الاكراد مستثنياً الخائن جلال الطلباني. وبهذا العمل اثبت السيد الطلباني خيانته العظمى بالقول والفعل بحق الشعب الذي يمثله الان، إن كان هو حقاً وراء هذا الامر، وهو ما لا نتمناها له.
 
نحن نفهم جيداً بأنه لا يمكن لهذا النائب أن يطالب بهكذا فعل مالم يكن الامر مدسوس ومدروس ومختار بعناية وبخبث وتفنن في الجريمة واختلاس الفرص. ونحن نعلم ايضاً بأن هذا النائب ليس ممثلا للإيزيدية وإنما يمثل قائمة التحالف الكردستاني المعروفة بمواقفها المسبقة من حقوق الايزيدية منذ أن تم تعيين حسن كريم فتاح الجاف (الكردي المسلم من ناحية كلار) من قبل السيد مسعود البرزاني ليمثل الإيزيدية في تشكيل اول نواة للجمعية الوطنية والذي استبعده منها السيد فؤاد معصوم بعد مناقشات حادة ليس لكونه مسلماً ويمثل الايزيديين، ولكن كونه معين من قبل السيد مسعود البرزاني شخصيا ومن الحزب الديمقراطي بالتحديد كما قلنا في مقال سابق. وقد طرق مسامعي مؤخراً بعض الكلام عن هذا النائب من عدة مصادر بأنه قال اذا كان مقعدا واحدا فقط هو حصة الايزيديين، فلا داعي لذلك المقعد ايضا، ولم يكن يقصد حذف حصة الاقليات من القانون. ولكن لنقل هذا حصل فعلاً، إذن لماذا يسحب الامر على بقية الأقليات من غير الإيزيديين؟ لماذا تسارع جموع النواب في حذف حصة اقليات غير ايزيدية لمجرد ادعاء نائب يزيدي بحذف حصتهم من المقاعد؟ فلا نعرف لحد الان حقيقة ماقاله هذا النائب، ويا حبذا لو النائب نفسه يعلن بشكل مكتوب عن ما كان يريد من موقفه في ذلك الوقت، على الاقل ليبريء ذمته من هذا الفعل الذي سيحمله التاريخ تبعاته، إن كان قادراً على قول الحق.

  فاين كانت القوى الاخرى من هذا التصرف المشين؟ فالجميع يتحمل التبعية الاخلاقية قبل القانونية سواء كانت احزاب سياسية أم كتل برلمانية، أكراداً كانوا أم عرباً أم تركماناً أو أمم متحدة لأنهم دخلوا البرلمان ليمثلوا الشعب وليس لتمثيل حصصهم فقط. وعندما كنا نقول بأن هؤلاء المتعينين لا يمثلون الشعب، كانت تظهر عشرات الاصوات وتتهمنا بالضد من الاحزاب المتسلطة سياسياً وأمنياً على رقابنا. ومن ثم ارجع واقول اين كنت يا دكتور حنين القدو؟ وهل هذا البيان الركيك والهزيل الذي اصدرته باسم مجلس الاقليات كافِ لتقول بانك اديت الواجب الذي ملقى على عاتقك؟ كان من الممكن أن  تستشهد بموقف إحدى العاهرات الايطاليات عندما طلبت من البرلمان الايطالي ممثل لهن في البرلمان لأنهن يمثلن مجموعة لا بأس بها من شرائح المجتمع الايطالي ولهن مشاكلهن التي تستوجب الاهتمام (مع كل الاحترام للشعب الايطالي)، وقد حصلن على حقهن بالتمثيل دستوريا في البرلمان الايطالي. فمن الناحية الانسانية لا يوجد فرق بينهن وبين أية مجموعة بشرية أخرى. ألا يستحق أهلكم الذي يعرف بلدكم باسمهم حق التمثيل؟ 
 
 ولنفترض أن كل هذا الامر ماشي وحسب الاصول. فالسؤال هنا يفرض بنفسه، أين كان امين فرحان من كل ما جرى؟ فمثلما لم نجده يزور تل عزير وسيباية الشيخ خضر في المحنة الفريدة من نوعها في تاريخ العراق الدموي في 14/8/2007، فإنه لم ينطق بكلمة في الرد على النائب المجهول الذي اشتهر فجأة واصبح بطلا بضربة شاطر على قول النائب عباس البياتي. فهذا نائب مجهول وذاك نائب خائب، وهذا كردي يزيدي وآخر يزيدي-إيزيدي. ولكن يجب أن نقول بأن عتبنا ليس فقط عليهما، بل على الكتل الشيعية ايضاً وبنفس المقدار لانه كان بامكانها أن تسجل للتاريخ موقفاً مشرفاً. إننا والله نعرف حقيقة الامر فيما لو تم تخصيص مقاعد لتم تعيين (شخصيات) من نفس حجم النائب اليزيدي المجهول حتى من أهله، وأنا شخصيا أحمد الله على هذا الذي حصل. أولا؛ لكي يتعرف الشعب العراقي على حقيقة ما يجري. وثانياً لانه سوف لن يكون في الحال الجديد افضل مما يقوله هذا النائب فيما لو تم اختيار أي ممثل من قبل الكتل السياسية. فالمسئولية إذن، هي أخلاق قبل أن تكون مسئولية فنية بحد ذاتها. فليذهب الطلباني (إن كان هو من وراء هذا العمل، وعلى ذمة المشهداني)، ومن ايد هذه الفكرة إلى مصير مجهول، ولكنهم سوف لن يقدروا على محونا، فنحن اقوى من هذه التوافه.

     إن موقف هذا النائب الكردي (اليزيدي)، ذكّرني بقول الاكراد في طه محي الدين معروف نائب رئيس الجمهورية في عهد صدام، وبأن ينكر أصله بنفس الطريقة التي طلبت القوى الكردية من نائبها الشريف لكي يقول بأننا لسنا بحاجة إلى ممثلين؟ هل رأى هذا النائب ما يجري لبني جلدته في سنجار المآسي التي جلبتها لهم اسياده؟ ولكن لماذا لم يقم الايزيديين بالمظاهرات كبقية الشرائح التي غبنت في حقها من الشبك والكلدوآشور؟ (إنه........)، انه لمحق فعلا في ان يقول باننا لسنا بحاجة لممثلين. وألف تحية لمن خرج من البرلمان احتجاجاً، وألف تحية لمن تظاهروا، وكتبوا، وأوصلوا الصوت المدوي إلى مراكز القرار.

   فالنائب التركماني من كتلة الائتلاف الشيعي قال: قام نائب يزيدي من الكتلة الكردية (قد لايعرف السيد البياتي حتى اسم هذا النائب اليزيدي، وقد يكون لاول مرة يحضر لأجل هذا الامر فقط)، في آخر لحظة قبل التصويت بطلب شطب حصة اليزيدية بذريعة انهم اكراد ولا يحتاجون إليها! دون ان يقدم طلبه إلى اللجان المختصة طيلة الفترة السابقة من المناقشات والبحث. ويستمر السيد البياتي قائلا: ومن الواضح أن هذا السيناريو قد أعد بعناية فائقة حيث لايوجد متسع من الوقت لمناقشة تعديلات القانون...... وبهذا الطرح من النائب اليزيدي ضرب الاكراد ضربة شاطر للتخلص من المقاعد المخصصة للقوميات الصغيرة دون ان يكون في الواجهة معترضين عليه،ولكنهم وإن كانوا قد عملوا على تحقيق هذا الهدف من وراء الستار، إلا انهم لم يستطيعوا إخفاء موقفهم الحقيقي وليس المعلن ليل نهار عن ديمقراطيتهم مع القوميات الصغيرة.
 
إن القلم والفكر ليعجزان عن تصور هذه المواقف المتناقضة. كيف يحصل هذا النائب على موافقة 191 صوت من اصل 275 في ظرف ثواني معدودات ومن دون مناقشة على طرح لم يمر على لجان المناقشة من قبل؟ من هو الذي سند وقدم الدعم لهذه الضربة الشاطرة يا سيد بياتي؟ كيف تم إعداد هذا السيناريو بمعزل عنكم؟ لماذا وافقتم على إخراج مسرحية بسيناريو لم تشاركوا الكاتب في قراءة النص المسرحي؟ وهل وجدتم بان هذه الفئات من العراقيين لا يستحقون خمس دقائق من وقتكم الكريم لتقفوا عليها بشيء من التأني والعقلانية؟ ألستم تتحملون نفس وزرهم خاصة وأنكم انتم الاغلبية في هذا المجلس؟ ألستم أنتم مَن نجحتم تمرير القرار؟ ألستم انتم من تقولون بأن هذا الدستور الديمقراطي ولد من معاناة ثمانية ملايين عراقي تحدوا الموت والصعاب وساهموا بالتصويت عليه ديمقراطياً وأنجحوه؟ ألم يكن من بين تلك الملايين ناس من تلك الاقليات التي همشتموهم بعد أن استقر بكم الامر؟ فما هي الديمقراطية التي تدعونها فيما إذا لا يعارض أحد مسالة من هذا الحجم؟ ولذلك ننصحكم باتقاء خطورة مقاعد الاقليات عليكم بحرب استباقية لانه لها خطورة على أمنكم القومي.

 وهنا أريد أن اوجه كلاماً للشعوب العربية واقول لهم كلمة واحدة؛ إن امريكا تعلم باليقين بأنه لا يمكن تطبيق الديمقراطية في الشرق الاوسط حتى ولو بعد قرنين من الان. ولتعلموا بأنكم سمعتم كافة التصريحات الامريكية وكذلك الذين جاءت بهم على حكم العراق في رسم وتصوير الديمقراطية وتوزيع حصة النفط على كل مواطن في بيته بحيث لا يتحمل مشقة الطريق. وأنصحكم بالتشبث بقياداتكم الدكتاتورية ايما تشبث واحضنوها بكلتا اليدين لأنكم إذا ما خسرتموهم، فستندمون عليهم في ظرف أقل من اسبوع. والسلام عليكم ورحمة الله وكل عام والجميع بخير.

علي سيدو رشو/ رئيس رابطة المثقفين الايزيديين
ناشط في مجال حقوق الانسان
القاهرة في 7/10/2008
rashoali@yahoo.com
Mobile: +20 11 85 36 745

100

الوضع الايزيدي العام في العراق

انقل لكم رؤايا التي تم استنتاجها من خلال المقابلات وجمع المعلومات من مختلف المصادر لتكون بمثابة الوثائق التي يمكن الاعتماد عليها لكونها مستقات من مصادرها وبالشهود والتواريخ والوثائق. ولكي تكون الامور موضحة بشكل نقاط يسهل متابعتها وفهمها بسهولة للحفاظ على وقت القاريء الكريم، أرتاينا وضعه على شكل فقرات.

خلفية تاريخية
  يعتبر الايزيديين مع بقية الاقليات كالصابئة المندائيين والشبك والكلدوآشوريين من بين سكان العراق الاصليين، وتعد الايزيدية ثالث أكبر ديانة في العراق من حيث عدد السكان والاهمية بعد الاسلام والمسيحية. فلقد ساهم الايزيديون بفعالية في الدفاع عن أمن البلد مع اشقائه من بقية المكونات التي يتكون منها الشعب العراقي بكل شرف وبسالة وفي جميع مراحل التاريخ العراقي. وكذلك ساهم في رفع وتيرة الانتاج الزراعي الذي كان عماد الإستقرار الاقتصادي للعراق في زمن الحصار الذي استمر أكثر من عقداً من الزمن. ومن ثم في الحفاظ على الأمن والسلام في جميع المناطق التي يقطنوها فيما بعد الاحتلال. فالموقع الجغرافي لهذه الاقليات يعتبر السياج الامني للمناطق الكردية في سهل نينوى كحد فاصل بين العرب والاكراد، ومنطقة سنجار الاستراتيجية لكونها تعد من المفاصل الحيوية التي تربط اكراد العراق مع الاكراد في كل من سوريا وتركيا، وبذلك كانت للقوى السياسية الكردية الدور الفعّال في استثمار امكانيات تلك المناطق بشريا وجيوسياسياً لمصلحتها القومية وتحطيم آمال تلك الاقليات بالحصول على استحقاقاتها السياسية دستورياً.

ويمكن إجمالاً توضيح ما يخص الايزيديين في مجال الحفظ على الامن والاستقرار السياسي فيما بعد زمن الاحتلال بما يلي:
1-   التعاون مع جميع أجهزة الدولة في مسائل التحول الديمقراطي من خلال المساهمة الفعالة في الاقبال على الانتخابات والتصويت على الدستور. وكان للإيزيديين الدور البارز والفاصل والحيوي في إنجاح العملية السياسية في أهم وأخطر حلقاته ألا وهو الاستفتاء على الدستور العراقي في 15/10/2005 وبشهادة جميع اقوى السياسية العراقية والامم المتحدة.
2-   الالتزام بالهدوء والاستقرار وعدم المشاركة في أي نشاط ارهابي أو مساعدة الارهابيين أوايوائهم أو توفير الملاذ الامن لهم.
3-   الانخراط في الجيش وقوى الامن والشرطة بشكل حيادي. 

الانتهاكات التي حصلت.
  في هذا الشان سوف نقدم الادلة التي تثبت تلك الانتهاكات منذ اليوم الاول لتسلم الاحزاب العراقية السلطة من بعد سقوط النظام والاحزاب الكردية (الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني) منها بالدرجة الاساس وخاصة في المسائل التي تدعم خصوصية الايزيديين والشبك والكلدوآشوريين. ومن هذه الانتهاكات ماهي سياسية ودينية واجتماعية واقتصادية والتي ترتبط مباشرة بالامن القومي الايزيدي.
1-   في نيسان 2004، تم تسمية الدكتور حسن كريم فتاح الجاف (كردي مسلم من ناحية كلار)، ممثلا عن الايزيدية من قبل السيد مسعود البرزاني ضمن الشخصيات المائة الممثلة لمكونات الشعب العراقي لتشكيل نواة الجمعية الوطنية برئاسة الدكتور فؤاد معصوم. حيث قابلت الدكتور معصوم في مسكنه في حي القادسية ببغداد بتاريخ 9/7/2004 والشاهد هو عيدو بابا شيخ ممثل الايزيدية في رئاسة جمهورية العراق حالياً عندما تكلم الدكتور معصوم عن ملابسات تعيين الشخص المذكور ممثلا عن الايزيدية من قبل مسعودالبرزاني شخصياً، ولكن تم رفضه من قبل السيد معصوم وتعيين السيد خدر سليمان نيابةً عنه ليمثل الايزيديين بناءً على مكالمة هاتفية بين الدكتور معصوم وسمو الأمير تحسين بك. فالسيد معصوم لم يعفِ حسن الجاف لكونه مسلم ويمثل الايزيدية، ولكن لأنه سمّي من قبل الحزب الديمقراطي.
2-   مصادرة  (110 ألف) صوت من اصوات الناخبين الايزيديين ضمن قائمة التحالف الكردستاني بعد وعود قطعتها القيادة الكردية على نفسها بتعيين ممثلين عن الايزيدية تناسب مشاركتهم ودعمهم لتلك القائمة في حالة فوزها في انتخابات عام 2005. وبعد ظهور النتائج لم يتم تسمية اي ممثل عنهم ضمن تشكيلة المجلس النيابي، وبذلك حجبوا عن الايزيدية على الاقل ثلاثة مقاعد في البرلمان العراقي. وبعد مرور سنة ومداخلات وضغوط تم أختيار وتعيين السيد محما خليل الذي وقف في المجلس النيابي وانكر حق الايزيديين لصالح الأكراد وتم على اساس تلك الفبركة بالغاء المادة 50 من قانون انتخابات مجالس المحافظات، أي انه تم اختياره بعناية لأستثماره في وقت معين ليدمروا من خلاله مستقب الايزيدية، وليس ليمثل الايزيديين. 
3-   العمل على ربط مصير مناطق الايزيدية بمصير محافظة كركوك ضمن المناطق المتنازع عليها، وقد ترتب على هذا الامر حجب جميع المشاريع الخدمية والتنموية بما فيها الصحة والتعليم وغيرها عن مناطق الايزيدية في سنجار والشيخان وبعشيقة، وبدلا من ذلك جلبت لها القتل والتهجير والدمار.
4-   منذ 2003 ولحد الان تحصل الحكومة الكردية على جميع المستحقات المالية لهذه المناطق وبأسم وعدد نفوس الايزيديين من ميزانية الدولة، ولم تقدم لها اية خدمات أو تقيم أية مشاريع تنموية مما نتج عنها زيادة البطالة وربط مصير الناس بما تمنحهم من رواتب من تلك الحصة مقابل التأييد لمشاريعهم السياسية بشراء الذمم والاستفادة من امكانياتهم البشرية والمادية والجيوسياسية.
5-   حجب دور المنظمات الدولية في تقديم الخدمات للمنطقة. وفي حال حصول ذلك، فيتم استثمار ذلك لمصالحهم الحزبية والدعاية السياسية على حساب مستقبل الناس والمنطقة، كما حصل ذلك أثناء حفر بعض الابار الارتوازية من قبل المنظمات الدولية. لا بل تساهم في استقطاع مبالغ من تلك المشاريع من خلال عملائها بمقاولات وهمية أو في أفضل الاحوال لا ترقى إلى ابسط مستويات المقاولات مستغلين تضخيم الوضع الامني المتردي وعدم امكانية تلك المنظمات في متابعة الامر ميدانياً للوقوف على واقع العمل هناك.
6-   زيادة الهجرة بشكل مخيف وخاصة الكفاءات التي لا تسير في الخط السياسي الكردي بسبب المضايقات والتلفيقات السياسية وربط التعيين في الدوائر بالانتماء إلى الحزب السياسي كشرط للتعيين. إن هذه الهجرة بالاضافة إلى تفريغ محيط هذا المجتمع الفقير من امكانياته العلمية المتواضعة أصلاً، سببت في خلق مشكلة اجتماعية من حيث بقاء الآف الفتيات بدون زواج وبالتالي زيادة الفساد الاجتماعي الذي يخطط لها القوى السياسية الكردية والتي تعرف حقيقة الديانة الايزيدية كونهم لا يستطيعون الزواج من خارج الديانة. وبالتالي يسهل اختراقهم وتلويث الدم الايزيدي النقي من خلال هذا التخالط.
7-   حجب جميع الوظائف المهمة بما فيها الدبلوماسية والزمالات والبعثات الدراسية على اعتبار أن تلك المناطق لازالت تحت مفهوم التنازع ولم تحدد عائديتها لحد الان، في الوقت الذي تسيطر الاحزاب الكردية على جميع المفاصل الامنية والاستخبارية والحزبية فيها.
8-   تشتيت وضع الانتخابات في سهل نينوى وهي المناطق التي تقطنها الايزيدية والكلدواشوريين والشبك في عام 2005 وذلك بخلق صعوبات ادارية منها عدم ايصال صناديق الاقتراع إلى بعض أماكن سنجار وبعشيقة والشيخان وبعض قرى الشبك والمسيحيين. من جانب ثانِ عدم إيصال الاوراق الانتخابية إلى متاطق أخرى أو قفل صناديق الاقتراع بعد فترة وجيزة من بدء الانتخابات مدعين بان الاوراق الانتخابية قد نفذت. أي أن عملية التزوير كانت ترافق جميع مراحل فترة الانتخابات على الرغم من التلاعب المتعمد الذي حصل في البداية والشواهد على ذلك هي المظاهرات التي قام بها الاهالي في بعشيقة وسنوني والشيخان وقوقوش والقوش وبرطلة والتي كانت جميعها  ولازالت تحت الحماية الكردية منذ عام 2003. وقد أبلغنا المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات بذلك واعترفت رسميا بالانتهاكات التي حصلت.
9-   الهجوم الارهابي الذي نفذه اكثر من 3000 مسلح كردي في وضح النهار على مركز قضاء الشيخان بتاريخ 15/2/2007 وبتسهيل وتعاون مباشر من قوى الشرطة والامن كما هو واضح من الصور ومقاطع الفيديو، في مركز القضاء التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني. فتم تغطية الحدث اعلاميا من قبل وكالات الانباء العالمية والمحلية ولكن العملية راحت بدون حساب للمجرمين القتلة الذين اجبروا الايزيديين على العيش لمدة اسبوع في رعب من خلال اطلاق العيارات النارية وحرق السيارات وقذف المقدسات الايزيدية بالاحذية وحرق المراكز الاجتماعية وقاعات المناسبات ومساكن وممتلكات الناس الشخصية على خلفية تهمة كيدية ومعدة سياسيا بشكل مسبق.
10-   التفعيل الاعلامي غير المسبوق وخاصة من الشبكات الاعلامية الكردية والشارع الكردي الذي عمل على تأليب عناصر القاعدة والمتطرفين الاسلاميين على خلفية قتل الفتاة الايزيدية دعاء بتاريخ 7/4/2007 والتي راح بجريرة تلك الحملة الاعلامية عمال معمل النسيج ال 24 بتاريخ 22/4/2007 وما رافقها من حرق ممتلكات الايزيديين الشخصية في مدينة الموصل وترك أكثر من 800 طالب دراستهم الجامعية وفرار الاساتذة والموظفين الايزيديين من الموصل بعد تركهم لوظائفهم ومصدر رزقهم.
11-   الهجوم الارهابي الرهيب في 14/8/2007 على قريتي تل عزير وسيباية الشيخ خضر في سنجار من قرى الايزيدية، والذي يعد الاكثر دموية في العراق منذ 9/4/2003 وقد تم وصفه بالضربة النووية لشدة التفجير وحجم الضحايا. لقد راح ضحيته اكثر من 400 شهيد وضعف هذا العدد من الجرحى وتدمير مئات المساكن والممتلكات الشخصية والمحلات التجارية والسيارات الشخصية ومئات الايتام والارامل وبقاء مئات العوائل في العراء وتهجير قرى بالكامل اثر التهديدات المستمرة ولحد اعداد هذا التقرير كما حصل لقرية الدنادية وأراضي سيباية الشيخ خضر وتل عزير وكرزرك وغيرها. فكانت المنطقة تحت الحماية الكردية وكانت لهم فيها قوات عسكرية ومرت السيارات المفخخة من امامهم بدون تفتيش ودمرت القريتين بالكامل.
12-   الفتوى الدينية التي اطلقها "الملا فرزندة"، وهو متطرف سلفي كردي وامام جامع في منطقة شقلاوة في شهر أب الماضي والذي دعا فيها  علناً إلى قتل الايزيديين ومحوهم من الوجود. وقبلها بتاريخ 2/10/2004 دعا إمام جامع عمر بن الخطاب في الشيخان كريم محمد عارف من على منبر الجامع في خطبة الجمعة كافة الايزيديين علنا إلى الدخول في الاسلام وإلا سيكون مصيرهم الجهنم (وهذا الكلام فيه من المقاصد ما يعنيه الامام من تحريض).
13-   القرار الاخير الذي اتخذه مجلس النواب بتاريخ 24/9/2008 وبموافقة 191 عضوا وبتأييد مباشرة ومبادرة من الكتلة الكردية في المجلس، بإلغاء المادة 50 من قانون انتخاب مجالس المحافظات والذي الغي بموجبه شرعيا حق الاقليات في العيش واطلاق يد المتشددين والارهابيين في مزيد من الانتقام بعد ان تم تجريدهم قانونياً من حق المواطنة عندما سحب الاعتراف عنهم من خلال حذف تلك المادة. فكيف يحصل ان يكون ربع سكان محافظة نينوى من الايزيديين ولا يمثلهم في مجلس المحافظة ولو شخص واحد؟
14-   حجب كامل لدور المجتمع المدني المستقل ما لم يكن مرتبطا سياسياً باحد الحزبين الكرديين وكذلك دور الصحافة ونقل واقع الحياة المزري إلى الخارج للتعريف بالحال، أي أن المناطق الايزيدية تعيش في معزل عن العالم بسبب سيطرة الفكر الشمولي للحزب الاوحد وتقييد دور المعارض لفكرهم واتهام اية معارضة بالإرهاب.
15-   التنافس القائم بين الحزبين الكرديين في مناطق الايزيدية أدى إلى الحاق اكبر الضرر بتلك المناطق من الناحية السياسية والامنية والاقتصادية والخدمية.
16-   بسبب تقييد حرية الحركة، زاد نشاط الوسطاء والفساد في ابتزاز الايزيديين في تنظيم الوثائق الرسمية. إن 90% من الايزيديين يتبعون إداريا محافظة نينوى وفيها سجلاتهم ومعاملاتهم العقارية ومنها يتم تنظيم السجلات المدنية وشهادة الجنسية العراقية وجوازات السفر. لذلك وبما أنهم لا يستطيعون السفر إلى الموصل، فيتم استغلالهم من قبل الوسطاء مقابل عشرات الالاف من الدنانير في ظل وضع اقتصادي متردي وخانق، ومع ذلك فإن معظم تلك الوثائق يتم تزويرها ويدفع الايزيدي الثمن ثانية، إنها الاهانة بعينها. 

الجوانب الاقتصادية:
يلعب الجانب الاقتصاد الدور الأساسي في اية نهضة علمية او ثقافية او تنموية أو عمرانية. فتقييد حرية وحركة المستثمر الايزيدي وتصريف بضائعه الزراعية بشقيه النباتي والحيواني التي تشكل عماد حياته، اصبحت من المشاكل التي تلقي بظلها الثقيل على واقع الحياة وزيادة معاناة المواطن الايزيدي بعد ان تحددت حركته بسبب التهديدات الارهابية. فهو لا يستطيع السفر خارج الحدود البلدية التي ينتمي إليها وبذلك تحددت امكانياته في المناورة بتصريف منتوجاته واستثمار ما لديه من اموال في مشاريع اقتصادية، ومن الجدير ملاحظة ما يلي من الأمثلة على النتائج السلبية التي ترتبت على ذلك.
1-   طرد أو ترك الموظفين والعمال الايزيديين لأعمالهم في جميع محافظات العراق بما فيها كردستان على خلفية التشهير الاعلامي وخاصة الاعلام الرسمي والشارع الكردستاني عقب مقتل الفتاة دعاء واستثمار تلك الواقعة للنيل من الايزيدية تحت شتى الوسائل في الوقت الذي استنكرناها قبل غيرنا، ويحصل مثل حالة قتل تلك الفتاة بشكل يومي في جميع ارجاء العراق وكردستان نموذجاً سيئاً لذلك كما هو في مقتل شوبو علي رؤوف في كويسنجق بتاريخ 23/5/2007. وبما أن غالبية المجتمع الايزيدي يعتمد في كسب رزقه من خلال العمل اليومي، لذلك انهارت الكثير من العوائل تحت ضغط الحاجة بسبب فقدان تلك الفرص وزيادة البطالة واستثمار القسم منهم من قبل الارهابيين.
2-   عدم امكانية تصريف البضائع خارج منطقة سكنى الايزيدية مما أثر سلباً على الوارد والدخل اليومي وبذلك انهار الامن القومي الايزيدي فيما يخص الجانب المعيشي واصبح المواطن فريسة سهلة من قبل الاحزاب الكردية وشراء ذممهم وابتزاز كرامتهم وادميتهم، وتنامي الفساد الاجتماعي والاداري والمالي.
3-   ترك العديد من الايزيديين لقراهم الزراعية التي كانت تمد القرى المجاورة بالمحاصيل المختلفة بعد أن منعوا من الذهاب إلى الموصل لتصريف بضائعم بسبب التهديدات الارهابية، وفي نفس الوقت كانت تعد من المصادر الرئيسية في الدخل اليومي للعوائل. وعلى هذا الاساس لم يبقَ أمامهم خيار سوى الارتماء في أحضان الاحزاب السياسية التي بدت تستغلهم سياسياً ابشع استغلال. والابشع من ذلك بدت تلك القرى بكامل محاصيلها الزراعية وممتلكاتها في يد الارهابيين بدلا من المطالبة بها وهي على بعد امتار من القوات الحكومية والبيشمركة التي جيء بها لترهيب الناس وخدمة احزابهم.
4-   تحددت حرية الحركة والاستثمار في بعض المناطق الاخرى كما في بعشيقة والشيخان التي كانت تعتبر الممول الرئيسي للراشي والمخللات والصابون والمونة وزيت الزيتون وبعض المصنوعات المحلية الاخرى لجميع محافظات العراق وبالتالي تم غلق غالبية تلك المصانع وادت إلى ضياع الاف فرص العمل وخسارة في راس المال العام. وقد استخدم العديد منهم امواله في بعض المشاريع الاخرى كمخازن المشروبات الروحية المستنكرة من الاسلام المتشدد والتي جلبت فيما بعد العديد من المشاكل في القتل والانتقام بحجة التعامل بالمحرمات. وعلى هذا الاساس فإن هنالك محاولات متعددة الجوانب لقتل هذه الشريحة الاجتماعية ومحاربتها على أكثر من مستوى وصعيد بحيث بالتالي تئن تحت ثقل المشاكل ولا تستطيع معها المقاومة مما يضطرون لترك البلد والهجرة إلى الخارج تحت الضغط أو في أفضل الاحوال القبول بالامر الواقع والعيش تحت الوصايا الكردية رغماً عنهم.

الجوانب الاجتماعية:
الانتهاكات في الجوانب الاجتماعية تعني الكثير وهي الاخطر من بين جميع انواع الانتهاكات لما لها من وقع نفسي سلبي، فمنها المتعلقة بالتاريخ والتراث ومحو الشخصية وتذويبها تحت حجج القومية ومنها تراثية. ولكن الهدف هو تجريدهم من الخصوصية التي حافظت على وجودهم منذ ألاف السنين، ويمكن الاشارة إلى بعض النقاط الاساسية في هذا الشان.
1-   المجتمع الايزيدي كمجموعة بشرية يتمتع بخصوصية دينية متميزة ومختلفة عن بقية الاديان كما في مسالة النظام الطبقي وعدم السماح بالزواج من خارج الدين. وهذه الخصوصية تتطلب الحفاظ على سلامتها من الوصايا القومية الكردية التي تحاول جاهداً النيل من تلك الخصوصية وتذويبها تحت الفكر القومي من خلال اداء التراث والفلكلور والتأثير على العادات الموروثة، أي المحاولة في تكريد الدين من خلال التأثيرات السياسية القومية بتغيير الاداء الفلكلوري والتراث القديم بما يتلاءم مع الفكر القومي الكردي.
2-   تحريم التعامل مع المنتوجات الايزيدية وخاصة الحيوانية منها ومحاربتهم في ذلك مما يؤثر سلباً على دخل العائلة ناهيك عن الوضع النفسي الذي يتركه مثل هذا السلوك المشين في فكر المواطن الايزيدي.
3-   تقييد فرص العمل في مجال فتح المقاهي والمطاعم وبعض المجالات الاخرى ذات الطبيعة الاجتماعية، وبذلك لا يستطيع المواطن الايزيدي ان ينهض اقتصاديا بسبب ممارسة سياسة التمييز التي تبرز من خلال التعامل الاجتماعي.
4-   اختطاف العديد من الفتيات والنساء الايزيديات من قبل الشبان الاكراد. ففي 16/4/2008 تعرضت الفتاة هيفاء خالد كنو مواليد 1989 وشقيقتها كلستان خالد كنو مواليد 1994 من مجمع خانك في محافظة دهوك إلى الاختطاف من قبل شبان مسلمين اكراد في بلدة سميل الكردية ولحد الان لم يعرف مصيرههما. بعدها باسبوع اختطفت الفتاة "بيرم خلف" من قبل شاب مسلم كردي يعمل في أمن الشيخان. وفي 8/3/2008 تم اختطاف الفتاة "نضال طارق حسن رشمان" من قبل شاب مسلم كردي في منطقة جرا بقضاء عقرة. وبتاريخ 4/2/2008 تم اختطاف السيدة "نجاح خلف خديدا" من مركز سنجار الثقافي من قبل شاب مسلم كردي يدعى بشار علي اسماعيل.
5-      - بتاريخ 4/7/2007 التقيت بالمواطن الايزيدي خلف رشو خلف في سنجار وروى لنا الآتي: في يوم 12/6/2007 وعندما كنا في قضاء الدور بمحافظة صلاح الدين منذ 11/7/2003 لطلب العيش، جاءتنا ثلاث سيارات سوبر محملة بأشخاص مدججين بالسلاح وطلبوا منا إما تغيير ديننا إلى الإسلام أو ترك المنطقة بالملابس الشخصية فقط . وعلى أثر ذلك قمت في اليوم التالي بحمل عائلتي تاركين جميع ممتلكاتنا وأمتعتنا ورجعنا إلى سنجار نحن العوائل المدرجة في أدناه: 1- خلف رشو خلف من مجمع بورك. 2- خلف حسين برجس من مجمع كهبل. 3-بابير خديدة شيبو من مجمع تل قصب. 4- بركات خلف حسونة من مجمع سنون. 5- رشو قاسم يوسف من مجمع حطين. 6- بركات قاسم يوسف من مجمع حطين. ولكن بقت العوائل التالية أسماءهم أدناه في قضاء الدور وأجبروا على تغيير ديانتهم إلى الاسلام لعدم تمكنهم من العودة إلى سنجار بعد أن ضاقت بهم السبل وهم كل من: 1- يوسف سلو عفورا من مجمع حطين. 2- راكان عيدو من مجمع القحطانية. 3- مراد معاوية من مجمع الجزيرة. 4- بشار خلف من مجمع الجزيرة. 5- علي عيدو عرار من مجمع الجزيرة.
6-   عدم أمكانية التحاق الاف الطلبة الايزيديين الخريجين للعامين الدراسيين 2006/2007 و 2007/2008بدراستهم الجامعية بسبب التهديدات الارهابية، علما بأن هنالك المئات ممن تركوا دراستهم بعد مقتل عمال معمل النسيج في الموصل بتاريخ 22/4/2007 والتفجيرات الرهيبة في تل عزير وسيباية الشيخ خضر في 14/8/2007. هذا الجيش العاطل من البراعم التي كان يعول عليها في المستقبل أصبح يضيف عبئاً كبيراً على الواقع الايزيدي، ويتم استثماره بشكل مخيف من قبل الاحزاب الكردية في تعيينات نسبية ليس لها أهمية بعد ان يتم ربط التعيين والمصير بالانتماء الحزبي.

مطالب الايزيدية من هذه المذكرة:
على ضوء التغيير الذي حصل في التركيبة السياسية للشعب العراقي، وخاصة بعد القرار الاخير لمجلس النواب بالغاء حصة الاقليات من المقاعد في انتخابات مجالس المحافظات، وبما أن المكون الايزيدي يشكل عنصراً أساسياً من عناصر هذا الشعب. لذا لابد من أنه يتمتع ببعض المطاليب التي يراها ضرورية للحفاظ على أمنه القومي كمجموعة بشرية تتعايش في وسط مرتبك سياسياً واجتماعيا واقتصاديا ودينياً. ومن جملة القضايا التي نراها ضرورية للحفاظ عليه من التهميش والتذويب والصهر في الآخر هو.
1-   رفع الوصايا القومية التي تفرضها الأحزاب الكردية على الايزيديين وترك حرية الاختيار القومي لهم دون التكريد القسري.
2-   احترام الخصوصية الدينية للمجتمع الايزيدي والحفاظ عليها كثروة تحمل الكثير من الماضي السحيق بين طياتها، وحسبما ورد في فقرات الدستور العراقي.
3-   المساواة في الحقوق والواجبات بموجب الدستور بغض النظر عن الانتماء الديني او القومي حسب المواثيق الدولية بموجب المادة 27 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وكما جاء في المواد 2 و3 و4 و14 و16 من الدستور العراقي.
4-   نطالب بتوفير الحماية الدولية للإيزيديين وبقية الاقليات التي تعرضت للإنتهاك والتمييز بسبب الارهاب من خلال منطقة تتمتع بإدارة ذاتية تتبع الإدارة الفيدرالية حالياً ويترك لها فيما بعد حرية الاختيار فيما بين الحكومة الفيدرالية وحكومة الاقليم.
5-   حماية حقوقنا المنتهكة دستورياً بقانون لاحق وتعويضنا ماديا ومعنويا لما لحق بنا من دمار وتخلف بسبب تلك السياسات الرجعية ولازالت تمارس ضدنا بمنهجية منظمة.

إننا نرى من دون تحقيق توازن فيما بين الحقوق والواجبات التي يتمتع بها المواطن، سيبقى الامر يعاني من التوتر وعدم الاستقرار ومزيد من الانتهاك في حقوق الانسان. وأن استبعاد مكونات بكاملها من العملية السياسية والغاء دورها وهضم حقوقها، لمن الانتهاكات الخطيرة التي تمس حياة تلك المكونات ومستقبلها ومستقبل الاجيال وحقها في العيش الكريم، ومخالفة صريحة لجميع القوانين الوضعية والدينية. وإذا كانت الدكتاتوريات الفردية تلعب الدور الرئيسي في زمن ما، فإن الدكتاتوريات الجماعية التي تمارس الانتهاكات تحت مسميات قانونية لا تقل خطورة عنها، لا بل أخطر منها في تدمير مستقبل الاجيال. ولكم التقدير والاحترام.

علي سيدو رشو/ رئيس رابطة المثقفين الايزيديين في العراق
ناشط في مجال حقوق الانسان
القاهرة في 6/10/2008
rashoali@yahoo.com
Mobile: +20 11 85 36 745

101
مكمن الأمن القومي الإيزيدي: 2/2

إذن أين يكمن مصدر التهديد للأمن القومي الإيزيدي؟ هل هو في قيادته غير القادرة على مجارات التقدم التكنولوجي والتغير الاجتماعي والسياسي الحاصل بشكل يومي؟ هل هو في المطالب القومية بمعزل عن الخصوصية الدينية؟ وإذا ما تحقق الجانب القومي، هل الإيزيديين في مأمن فيه من دون ضمانات؟ متى كانت القومية تشكل مشكلة للأمن القومي الإيزيدي؟ هل هي في عدم وجود خط سياسي واضح المعالم لكي يدخل معترك الحياة والتي اثبتت الوقائع بأنه من أهم أركان الاعتماد في ظل الاوضاع الراهنة؟ وقد برهنت صحة ذلك اختيارات الوزراء وتقسيمها على الاحزاب السياسية العاملة في الساحة الكردستانية بعد التفكير بتقليص عددها إلى 18 وزارة، فاين تكون حصتهم من هذه الوزارات من دون حزب سياسي يفرض عليهم (حصته) من خلالها؟ وإذا حصل هذا، هل أن الأمن القومي الإيزيدي في مأمن من الجيران عقب الخلل الهائل في نفسية وتركيبة المجتمع العراقي بعد سقوط النظام؟ لماذا الحرب على الإيزيدية من دون بقية الفئات في كردستان في تشكيل حزب سياسي وفرض الوصايا عليه؟ كيف يمكن رأب الصدع الذي أفرزته الاحداث بعد كارثة الشيخان وما تلاها في بعشيقة والتي توجت بما جرى في القحطانية والجزيرة؟ كيف لنا أن نفكر في الوضع الحالي؟ وما البديل في حال عدم تلبية الحد الادنى من متطلبات الواقع؟ كيف يمكن المحافظة على الذي تحقق ايجابيا؟ كيف يمكننا تجاوز السلبيات؟ أسئلة كبيرة بحاجة إلى رؤية مستقبلية وثاقبة ومن دون نفاق، ولكن لنرى بعض ما يجري الآن لعله نستطيع أن نبني عليه في المستقبل.
1-    لنفحص جغرافية الإيزيديين في العراق مثلا وأهميتها الجيوسياسية؛ يتركز وجود الإيزيديين في الشريط (المتنازع عليه) الفاصل بين حدود المطالب الكردية-العربية ابتداءً من حدود سوريا إلى جبل مقلوب، حوالي 25 كم شمال شرق مدينة الموصل باتجاه مدينة أربيل. وهي مسافة تعدو أكثر من 250 كم طول وتعتبر منطقة نزاع ملتهبة، وخطاً استراتيجياً مهما للحفاظ على الأمن القومي الكردستاني (وليس الكردي فقط)، وفي نفس الوقت تعتبر مفصل أساسي لربط اكراد العراق مع الاكراد في كل من سوريا وتركيا (ومن هنا أهمس في أذن القيادات الكردية بأن لا تخطأ مع الإيزيديين وتبني حساباتها على ما يزينها لهم مجموعة، قد لا يهمها سوى مصلحتها). يتخلل على طول هذا الخط وجود قبائل مختلفة في الانتماءات العشائرية والعرقية؛ وهي في غالبيتها لا تكن الود والمحبة للسياسة الكردية. ومنها عشائر شمر في ربيعة، والجحيش (والجرجرية) في سنجار وزمار، والتركمان في تلعفر، والحديديين في الشيخان، والشبك والكلدواشوريين في بعشيقة والقوش وبرطلة وقرقوش. وأن كل من العرب والاكراد يعولون على الايزيديين وجغرافيتهم لكونهم ليسوا في وضع يستطيعون فيه ترتيب أوضاعهم وتوحيد كلمتهم وفرض رأيهم على الآخر، وبالتالي ربط مصالحهم العليا  بأمنهم القومي بحيث يقفوا موقف واحد بعد تحديد مطالبهم المشروعة. وأن التركمان والكلدواشوريين والشبك، لهم من يدافع عنهم بحكم العامل السياسي السائد الآن وما لهم من علاقات مع جهات وأحزاب بامكانها توفير الدعم اللوجستي والمادي المطلوبين في وقت الحاجة.
 ولكن ما الحل مع الوضع الإيزيدي؛ فبعد حصول التصدع العميق في علاقة الإيزيديين مع المناطق العربية المجاورة وما حل بهم بعد مأساة الشيخان في 15/شباط/2007، وجريمة 22/نيسان/2007 بقتل 24 عامل نسيج إيزيدي من بعشيقة في الموصل، والتهديدات التي تلقاها الإيزيديين على ايدي جماعات متطرفة في مدن العراق وخاصة الموصل بترك العمل والدراسة والمصالح واستباحت الممتلكات والعقارات، وما توجته كارثة 14/8/2007 في كل من القحطانية والجزيرة، وما تلاهما من تداعيات وما رافقتهما من تداخلات. اصبح من شبه المستحيل العيش مع الوسط العربي، وهذا ما يعول عليه الجانب الكردي والتي ساهمت بفعالية في خلقه وخاصة في سنجار، لما لخلق هذا الوضع من ضرورات يتطلبه الامن القومي الكردي، وبالأخص بعد كارثة 14/آب/2007. ولكن علينا أن لاننس، بل ما يعرفه الاخرون، بأن الذي حصل كان بسبب التأييد الذي أبداه الإيزيديين للسياسة الكردية وتوفير الحماية والدعم اللوجستي وتسهيل مهمتهم في البقاء في المناطق الإيزيدية المذكورة (رغماً عنهم بسبب غياب الدولة)، مما وفرت الأرضية والحجة للإنتقام فيما بعد. أي أن الوجود الإيزيدي مهدد في جغرافيته من قبل الطرفين (من طرف السياسة الكردية بضم تلك المناطق إلي جغرافيتها وما يرافق ذلك من تحقيق مصلحتهم العليا على حساب الإيزيديين، كما هو الآن، وخاصة منطقة سنجار التي تربط أكراد العراق باكراد سوريا كما سبقت الإشارة. ومن الطرف الآخر لما يترتب على ذلك من ردة الفعل  العربية تجاه هذا التصرف الكردي وحماية الإيزيديين لتلك المصالح). ولكن، ايهما أفضل في المحصلة لكي يكون لنا معه شراكه؟
  فكنا منذ الأول نركز على تكوين علاقة مع القوى السياسية الكردية، (وهنا لا أعني التقرب من جهة معينة لكي لا تفهم الرسالة بشكل خاطيء) بحكم المشتركات، ولكن يجب أن تحكمها شروط وضمانات دستورية. وعندما تحدثت بهذا الأمر قبل اربعة سنوات من الآن، أتهمني (المخلصين) بأنني احاول فصل الإيزيدية عن الأكراد وأن علي سيدو عربي ويؤكد العروبة)، اللهم إني بري من هذا الفكر وإنما أؤكد وسوف استمر في أن يكون للإيزيدي شخصيته، من دون وصايا كما لغيره. وفي حديث مع  مسئول الحزب الديمقراطي في سنجار انتفض عندما طرحت له مسألة الضمانات والحقوق الدستورية وقال؛ إنني لا أوافقك الرأي في هذا لإنك بهذا المطلب تصٍغر من حجم الإيزيدية وشأنها، أليسوا أكرادا مثلنا؟. وبهذا الكلام أختزل الرجل المسئول المنطقة التي يديرها من كامل خصوصيتها ووضعها في الجيب الكردي والسلام ونبارك للشعب الكردي لما حقق بعد تضحيات جسام، ولكن لا نتمناها ان تكون على حسابنا. عليه، يفترض أن نفٍهِم القوى السياسية الكردية، بأنهم تبّنوا مسئولية المناطق الإيزيدية أمام القوات الامريكية والقيادات العراقية المتعاقبة لأنه تم طرح مسألة الإيزيديين كنقطة يجب تدارسها، في حين لم يتم طرح أسم السورجية أو الزيبارية أو البارزانية، وهذا دليل على أن الدولة كانت على دراية تامة بخصوصية هذه الشريحة. ومن بعد ذلك تعاون الإيزيديين مع قدوم القوات الكردية وكانت محل ترحيب، فاستفادوا من المنطقة جيو-سياسياً كخط حماية لأمنهم القومي وإضافوا منطقة جغرافية مهمة إلى كردستان، وهذا بالمقابل يفرض عليهم التزامات أخلاقية ودستورية. ومن هذا يتوضح بأن الإيزيديين  ليسوا عشيرة كردية مثل الزيبارية أوالهركية مع جل احترامنا لهم. ومن الواجب علينا أن لا ننسَ أحداث التاريخ المؤلمة، بل أن نضع في اعتبارنا المصلحة العليا للحفاظ على الأمن القومي الإيزيدي من التهديد، من خلال ضمانات دستورية واضحة وغير خاضعة للإجتهادات والمزاجات الشخصية. وفي نفس الوقت المطالبة بحقوق المجتمع الايزيدي بدون مِنة من أحد، ورفض جميع الخطوط الحمر التي تتقاطع مع أمننا القومي في الهيمنة والتذويب في ثقافته من خلال إلغاء الخصوصية. كما يجب إفهامهم بان المطالبة بالحقوق العامة كالوظائف الدبلوماسية وبعثات الطلبة وتفعيل التعليم  وتوزيع الخدمات والمشاريع على أساس الاستحقاق السكاني من ميزانية الدولة وغيرها هي ليست مطالب شخصية متصلة بالأمير وخاضعة للمزاجيات. وأن المطالبة بالمصالح السياسية هي الاخرى من الأمور المشروعة وليس لأحد الحق في الحد منها أو منعها أو مصادرتها لأنها تعد من الحقوق الاساسية للشعوب والمجتمعات. ومن ثم إفهام الجانب الكردي أيضاً بأن حصة الإيزيديين من ميزانية الدولة هي في جعبتهم، وبدلا من إقامة المشاريع الخدمية، فهي تتوزع على شراء الذمم. وايضا من حقنا الشرعي أن نضع في اعتباراتنا مصدر الخطر الذي يأتي منه التهديد لأمننا القومي، فلا فرق في المفهوم بين الهجوم على الشيخان يوم 15/2/2007، وبين الهجوم على سنجار بتفجير أربعة شاحنات في 14/8/2007.
   أي أن لكل منهما أسبابه وتداعياته البعيدة المدى على الامن القومي الإيزيدي. ولكن ولكي نؤمن جانب الامان، وهذا من حقنا، يجب أن يكون لنا سند دستوري مكتوب يمكن الرجوع إليه في حالة حدوث أزمات من هذا الحجم، كونه الضمان الوحيد الذي يحافظ على كيان المجتمعات المتآلفة في رقعة جغرافية واحدة تتسم بالنزاعات العرقية والاثنية العنيفة، ويحافظ عليها من الزوال، حتى وإن كان على الورق. فمثلاً، هل يتنازل المواطن الكردي الهركي أو السورجي أو الزيباري وكذلك الجبوري أوالدليمي عن خصوصيته العشائرية للذوبان في بقية العشائر الكردية أو العربية (البارزانين والعبيد مثلا)؟ وإذا ما حصل انتهاك لحقه العشائري؟ ألا يدافع عن خصوصية إنتمائه العشائري إذا ما حصل خلاف بين عشيرته وما يجاورها من العشائر الاخرى؟ والجواب بكل تأكيد هو نعم سيدافع عنها بكل شراسة، فهل مطلبنا هو مجافي لما هو سائد في العرف العام بين المجتمعات الشرقية؟ لا أعتقد ذلك.
2-    أما الوجه الثاني الذي يمكن أن يحمينا من التلاعب بمستقبلنا ومن ثم الحفاظ على أمننا القومي، فهو المجتمع الدولي والمنظمات المعنية بحقوق الانسان ومنها المهتمة بحقوق الشعوب المهددة بالانقراض. وما أعني بالانقراض هنا هو إخفاء الحقائق التاريخية لخصوصية المجتمع الإيزيدي في ظل أوضاع مرتبكة من التلاعب السياسي بمقدرات الغير واستغلال حجة الانظمة السابقة بتمرير مخطط يهدف منه الهيمنة وإلغاء الخصوصيات وفرض سياسة الأمر الواقع والحزب الواحد. ففي رأيي المتواضع إذا ما ذابت خصوصيتنا، فإننا قد تعرضنا للإنقراض وهو يعد من أسوأ الانواع قاطبةً لإنه يأتي بتخطيط ودراسة معمقين لواقع الحال. وأن تجريد المجتمع الإيزيدي من تراثه الاصيل تحت حجة التوجه القومي فقط، وبالتالي إضعاف حلقات ترابطه وتماسكه، سيجعله سهل الابتلاع والتذويب. وفي هذا المجال، يجب على الشخصيات الإيزيدية ومنظمات المجتمع المدني غير المرتبطة بمركز لالش تحديداً، أن تكثف من جهودها بإدامة التواصل مع المنظمات الدولية والشخصيات العالمية ذات الشأن بحقوق الاقليات وإبلاغها بشكل مستمر عمّا يحصل من انتهاكات خطيرة في المستقبل الإيزيدي مهما كانت الجهة المسببة لتلك الانتهاكات (وهذا ما تفعله بدون ملل رابطة المثقفين الإيزيديين، حيث اصبح لها شأن كبير في البعد الدولي وخاصة مركز البحث والتوثيق في الاتحاد الاوربي ومنظمة العفو الدولية والقسم الخاص بشئون الاقليات، بل اصبحت معتمدة من قبلهم). وبذلك، ومن خلال تدوين الحقائق وتوثيقها دوليا سنكون في وضع نستطيع معه المطالبة بحقوقنا المهدورة مهما طال الزمن، في الوقت الذي لا نتمنى أن يصل بنا الأمر إلى هكذا أمر. ولكن الاحتياطات الامنية تعد من ضرورات المجتمعات التي تعيش في أوساط لا يسود فيها القانون على الاعراف والمصالح الشخصية والعشائرية. وهنا أود أن أذكر بأنه تم تخصيص 10 مليون دولار لعوائل الأقليات التي هجرت تحت التهديد، ولكن على حد علمي لم يصل ولو دينار واحد لأي إيزيدي، إضافة إلى 8 مليون يورو من ايطاليا لنفس الغرض. فلماذا إذن هذا الغبن والاجحاف والتمييز العنصري؟
3-   والأمر الثالث والمهم هو حماية لالش دوليا وتسهيل مهمة السفر والحج إليها بحيث لا تخضع للهيمنة والابتزاز السياسي. فمنذ خمس سنوات لم تؤدِ المراسيم الخاصة بلالش كما يجب أن تحصل، في الوقت الذي تنعم كردستان باستقرار أمني وهو دليل صارخ على عدم أمان كردستان بالنسبة للإيزيديين. لذلك، فإن الإهمال وعدم القيام بتلك الشعائر سوف يعملان على تداعيات سلبية وتلاشي واندثار مهمة الحج وتفريغها من محتواها الديني بشكل يصبح معه الأمر كما لو لم تكن سوى مناسبة سياسية تؤدى من خلالها بعض المراسيم التي لها علاقة بالواقع السياسي وزيارة المسئولين إليها وكأنه مهرجان للمرح واللقاء والمديح والنفاق فقط، وهو ما يحصل الآن بالفعل.
4-   بالنظر للخصوصية التي تكلمنا عنها كثيراً ولصعوبة التعامل مع الواقع، نرى بأن الاستمرار في وضع بقاء مناطق الإيزيدية معلقة في نزاع ما بين هذا وذاك (وقد تكون عرضة للمساومة السياسية)، وعدم حسم عائديتها بشكل واضح لحد الآن يعني لنا الكثير. أي إنه ستكون جميع تداعياتها السلبية على حساب المجتمع الإيزيدي وتقدمه من حيث ضياع الفرص السياسية والمطالبة بتحقيق التنمية بتوفير الخدمات الاساسية وإقامة المشاريع مما ترصد له الدولة والمرتبطة بحصة المناطق من الميزانية العامة في التعليم والصحة غيرها من الخدمات الاساسية. مما تحٍمل الإيزيديين أعباء اقتصادية هائلة لعوائل تعيش تحت خط الفقر المتقع في غالبيتها، وفي نفس الوقت زيادة الاحتقان ونقمة الآخرين. وقد حرم الالاف من الشباب من حق التعليم وخاصة النساء بسبب تقييد حرية الحركة والسفر والتي سيحرمها بشكل كامل من هذا الحق فيما إذا استمر الحال على ما هو عليه الآن. ناهيك عما سيترتب على هذا التأخير من ضياع في مستقبل المجتمع الإيزيدي بين الحكومة المركزية والحزبين الكرديين من جهة وبين الحزبين الكرديين نفسيهما، ومن ثم تحديد عائديتها وما يترتب عليها من مساومات لا نعلم عنها وعن ما يخطط لمستقبلنا في الخفاء، لعدم وجود من يمثل الإيزيديين في مراكز صنع القرار. وبكلام واضح ومن غير رتوش فإن القوى السياسية الكردية سوف تستحوذ على المناطق التي تسكنها الإيزيدية سواءً شئنا أم أبينا وباي ثمن، وسواء حصل استفتاء أم لم يحصل، وعلينا معرفة ذلك. لأنه وبمعادلة بسيطة، فإن المطلوب كردياً، في غياب الدولة، هو ليس عدد من البشر الإيزيدي بقدر ما مطلوب جيوسياستهم وخيرات مناطقهم. أي أن المطلوب هو الجيوسياسيا الإيزيدية لحماية الأمن القومي الكردستاني، وربط مفاصله مع دول الجوار من خلالنا وليس الهدف هو الانسان الإيزيدي. وهذا ما صرح به سامي عبدالرحمن (سنجاري)، منذ فترة طويلة عندما قال: إن الجبل (يقصد جبل سنجار)، والتراب والماء والهواء هي كردية، فليقل المجتمع الإيزيدي بأننا لسنا أكراد في إشارة إلى ما تطالب به الحركة الإيزيدية من أجل الاصلاح والتقدم. أليس في هذا الكلام تهديد للأمن القومي الإيزيدي وإلغاءه كبشر؟ وهل أنكر الإيزيديين كرديتهم لكي تكال لها التهم مسبقاً؟ وهنا أريد أن أشدد بأن الإيزيديين رووا بدمائهم أرض سنجار والشيخان وبعشيقة ومعظم أجزاء كردستان (قبل إسلامهم). وأن إراقة القسم الأعظم من  ذلك الدم كان بسبب مباشر من القيادات الدينية والسياسية الكردية. وعليه، فليس لأحد مٍنة علينا لكي يقول بأنه حافظ على وجودنا ووفر لنا الحماية من جهة معتدية، بل أن تقرير مصير الأرض التي رويناها بدماء شهدائنا حق طبيعي لنا نملكه نحن فقط حسب المواثيق الدولية. وإذا ما تطلبت الامور، فعلينا الحق بالمطالبة بأرض الاجداد وهو العمادية والكلك وإمارة داسن وعموم جغرافية الشيخان. وسنسعى إلى تجميع الخرائط والحقائق التاريخية والمخطوطات التي تبين أحقيتنا في الأرض التي رويناها بدمائنا وسلبت منا، قسراً بعد القتل والتشريد والسبي. وفي أعتقادي، فإن السياسيين يعرفون جيداً قبل غيرهم بأنه مهما طالت الفترة الزمنية، فإن الحقوق تبقى مزروعة في الارض، تنمو مع الزمن في حدود المطالبة بها، والدليل هو الحلم الذي حققته الحركة الكردية في العراق. فهل إخوتنا في القومية وفروا لنا الحماية من الأمير الأعور الكردي، أو من عبدالله الربتكي الكردي، أو من سياسة التجميع ومصادرة أراضي الإيزيدية للعرب، أو من تصفية الكوادر الإيزيدية في الحزبين الكرديين، أو من جعل مرقد لالش مدرسة إسلامية، أو من مسح الاماكن المقدسة والقبور من الوجود، أو الهجوم على الشيخان، أو الهجوم في الفنادق وساحات العمال، أو الإعلام الذي أشعل البيت الإيزيدي بمقتل دعاء، أو مصادرة الاصوات في الانتخابات وما ترتب عليها من المصالح السياسية، أو من مقتل 24 عاملا بسيطاً، أو من كارثة القحطانية والجزيرةأو نهب الميزانية وتوزيعها على شراء الذمم...........إلى آخره؟ وماذا جنى الإيزيديون من الكردياتي لحد الآن مقابل هذا العويل سوى الخيبة والقتل والتدمير والتهجير والتشريد وترسيخ الامية والتخلف والتقوقع وتدمير الاقتصاد وسرقة المستقبل؟ ومع ذلك، يبقى مشكوك حتى في ولائه القومي. ماذا تريد القيادات الكردية أكثر من هذا الذي قدمه الإنسان الإيزيدي من غير مقابل؟ كفى للظلم أن يستمر، وكفاكم استهتارا بقيم الناس، فخمس سنوات كافية للإختبار وحسن النية. وكفى أن تستمر هذه القيادات الإيزيدية المتخلفة والجبانة لتقود هذا المجتمع الاصيل إلى مصير مجهول. فلنبدأ كمثقين نتحاور، نتجاوز، نتعاون، نتحاشى، نختلف، نتفق، نؤسس حزب سياسي، نبدأ ببرنامج مجتمع مدني، ننهض بالدور الحيوي للمرأة، نتعصرن، وسوف نكسر هذا الطوق مهما بلغ من جبروت. ولكن ماذا اقول للسيد تفشو (المجهول الذي لا يستحق الرد عليه) حول تعليقه على الاسماء: أقول له، ما هو اسم؛ رئيس برلمان كردستان، وما اسم رئيس الاقليم ورئيس الجمهورية وسكرتير الحزب الديمقراطي (عدنان ومسعود وجلال وفاضل). يجب على الانسان ان يحمّر خجلا عندما يخطأ بحق الآخرين، وعليه أن يعتذر.
5-   على الرغم من مناداة الحكومة العراقية بالمصالحة الوطنية وصرف المليارات عليها، فالواقع يقول غير الذي يدعونه. والدليل هو تطور وتفعيل المشاكل وتعميق العداوة فيما بين الاحزاب انفسها، وبالتالي إنسحاب الحالة على مؤيدي تلك الاحزاب بما تقدم من دعم لوجستي لمنتميها وخلق عداوة مستديمة بدلا من التنمية المستدامة والتراضي وربط الاحوال ببعضها. فعلى المجتمع الإيزيدي أن يفتح علاقاته مع جيرانه من العرب والتركمان والاكراد والكلدواشوريين والشبك بدون قيود وخوف والتحسب لاحداث التاريخ المستقبلية مهما كانت انتماءاتهم السياسية. لإنه لا يعقل أن الاحزاب السياسية هي التي تعمل على تعميق الخلافات العشائرية فيما بين المجتمعات المتآلفة أصلاً. وفي حقيقة الأمر يختلف وضع المجتمع الإيزيدي عن باقي مكونات الشعب العراقي بسبب العامل الديني، ويتطلب وضعهم تحسين العلاقات وفتح القنوات وإدامة التواصل مع الجميع بدون تمييز لما له من تاثير على واقعهم بخلاف الاخرين.

الجوانب الاقتصادية:
تلعب الجوانب الاقتصادية دوراً أساسيا في تاريخ المجتمعات والشعوب المضطهدة لحماية أمنها القومي وازدهار وتنمية مستقبل أفرادها. ومن الحكمة تسجيل الملاحظات التالية والتي سيكون لها التاثير المباشر على الامن القومي الإيزيدي بشكل مثير:
1-   لنلقي نظرة على ما كانت تنتجها مناطق الإيزيدية من منتوجات زراعية وصناعية وماذا حدث فيما بعد لهذا الجهد الاقتصادي. فناحية بعشيقة مثلا كانت تنتج الزيتون والطرشي والصابون والراشي والمونة من برغل وما يرافقها من ملحقات، إضافةً إلى إنتاجها من البصل وما تتمتع به من سياحة كقرية نموذجية من حيث مستواها التعليمي وجمال طبيعتها. فكانت تعتبر القرية الصناعية الاولى على مستوى الشرق الاوسط، بالإضافة إلى إنها كانت تمد العراق باكمله بهذه المنتوجات وكان لها استثمارات وعلاقات تجارية مع بعض بلدان الشرق الاوسط وشمال أفريقيا. ولكن الآن تحددت حركتها في كردستان فقط، وما أدراك ما هي كردستان بالنسبة للإيزيديين وتحريم التعامل مع منتوجاتها. أليس في هذا دمار لمستقبل الآف العوائل وذات مساس مباشر بالأمن القومي الإيزيدي إقتصادياً؟ طبعاً هذا حصل لكل العراق ولكن تأثيرها البالغ يظهر بجلاء على هذه الشريحة أكثر من غيرها وأعني بما اقول وماله علاقة بالامن القومي الإيزيدي. لانه بمجرد عودة الامور إلى بعض عافيتها، يستطيع كل عراقي أن يتحرك وله امكانية المناورة بالحركة إلا الإيزيدي الذي ليس له امكانية هذه المناورة بسبب الطوق المحكم من قبل جميع فئات الشعب، لكونه مستهدف من الجميع. أما في كردستان، والتي تعتبر الآن المنفذ الوحيد للحركة الاقتصادية الإيزيدية واستثماراتها، فهناك الكثير من المضايقات للإيزيديين بسبب موقف الاسلاميين المتشددين بل ومن المجتمع عموما، وتحريم التعامل مع منتجات الإيزيديين ومقاطعة بضائعهم، ولم يبقَ لهم سوى العمل في المجال المنبوذ في الوسط الاسلامي؛ ألا وهو المتاجرة بالخمور والعمل في النوادي. فهل من المعقول أن ينتظر مجتمع كامل ليتكرم عليه متخلف من الدهاليز بإصدار فتوى ليحلل التعامل معه؟ أي منطق بشر يقبل بهذا الوضع؟ هل أدى السياسيين دورهم ولجموا هؤلاء الجهلة لكي نقول بأننا في مأمن؟ أليس الشباب يؤيدونهم أكثر من تأييدهم للقادة السياسيين فيما يتعلق الأمر بالإيزيديين؟ وهل يقبل المنطق بأن يتم تخصيص موظف إيزيدي ذو مؤهل عالي المستوى لكي يقنع جاهل من هؤلاء بأنهم على خطأ؟. لذلك يجدر بنا أن نرفض وبكل وضوح وبصوت مرتفع وواضح هذا التعالي والتمييز العنصري المقيت من خلال إفهام الساسة بخطورة ما يمكن أن تترتب عليها. 
2-   وفي سنجار، التي تعتبر سلة خبز المنطقة الشمالية من حيث المحاصيل الاستراتيجية كالحنطة والشعير ومحاصيل الخضر والفاكهة الاخرى كالطماطة والبصل والبطاطا والثوم والباذنجان. والتين والعنب والرمان والزيتون والخوخ وغيرها من الفواكه، بالإضافة إلى الانتاج الحيواني التي كانت عماد وأساس التجارة في محافظة نينوى وباقي مناطق العراق. اليوم، وبعد الكوارث المتعمدة والمتكررة باسلوب متواصل ومنسق، لا يستطيع اي فرد منهم بالسفر أكثر من 20 كم خارج منطقته الجغرافية، حتى ولو تطلب ذلك تنظيم وثيقة رسمية أو حالة مرضية طارئة، بسبب التهديدات المباشرة من جميع الفئات العراقية الكردية منها والعربية. وأن الذي يحصل هو الاستغلال البشع لمقدرات هذا المجتمع من خلال السماسرة، وبذلك بدا يتقوقع على نفسه كما لو كان الأمر في اربعينات القرن الماضي من دون أن يكون له حول ولا قوة لدفع الأذى والتعامل مع الحدث بواقعية. فأين يمكنني صرف شيك القومية والمجتمع محاط بهذا الصور المخيف من دون بوابة، والمهدد في أمنه القومي؟ ومن جلب لنا كل هذا الدمار؟وبذلك نقول؛ إذا ما أستمر الحال بهذه الوتيرة، فسوف يكون أمام الإيزيديين أحد خيارين لا ثالث لهما واحلاهما مر:
أ‌-   إما القبول بالأمر الواقع وتحمل مأساتها وعلى حساب مستقبل الاجيال والامن القومي الإيزيدي بقبول ما يمليه عليهم المتطرفون وبدعم من جهات معروفة وأخرى لا زالت مجهولة بتغيير عقيدتهم. كما حصل لستة عوائل إيزيدية من سنجار، حيث تعرضوا للتهديد في محافظة تكريت في صيف عام 2007 واضطروا لتغيير عقيدتهم الدينية. أو
ب‌-   الهجرة إلى خارج الوطن وتفريغ البلد من مكوناته الاساسية كما هو حال بقية الأقليات الدينية والعرقية كالصابئة المندائيين والشبك والبهائيين والكلدواشوريين والتركمان والفيليين وغيرهم وكان الله في عون الجميع. وعندها سيفرغ البلد من لوحته الجميلة وسكانه الأصليين، وستسيطر الدكتاتورية الفردية وتعود الامور إلى ما كانت في العهد السابق بنظام الحزب القائد، ونبدأ كما تعودنا أن نبدأ من الصفر.
  فعلى الرغم من أن الامور الآن هي في نفس الدرجة والقسوة كما كانت في السابق، بل إلى الأسوأ، ولكن لا زالت هناك بعض القضايا غير واضحة المعالم لعموم الشعب ويمكن الضحك عليهم تحت غبار (الديمقراطية)، بأن المستقبل سيكشف لهم تطبيق الديمقراطية الحقة حسب مفهوم الاحزاب السياسية (وهنا لا نعني فقط الاحزاب الكردية). فلا يمكنني أن أتصور بأن هذه الاحزاب التي لطخت ايديها بدم الابرياء ان تعود إلى رشدها بعد ان قطعت شوطاً في الدكتاتورية. وأن ما يحصل الآن هو نسخة لنفس ما كان يحصل في السابق، ولكن باسلوب أكثر جماعي لكي يقال بانها عملية ديمقراطية ويشارك فيها جميع الفئات.
ولذلك ينبغي على المجتمع الإيزيدي ان يقاوم التغيير الديموغرافي الذي يحصل الآن في سنجار والشيخان وبعشيقة. ولو لم يستطع من تحقيق ذلك، عليه تسجيل الوقائع وتوثيقها لليوم الذي يمكن بواسطته إثبات ما يحصل من الانتهاكات وبها ومن خلالها يمكن المطالبة بما يحصل الان من انتهاك في المستقبل، كما حصل في ايام الدولة العثمانية وما يطلب به الارمن اليوم من جرائم حصلت في ذلك الزمن. ولو كان الإيزيديين قد وثقوا تلك المآسي مع ما حدث للأرمن آنذاك، لكانوا قد استطاعوا المطالبة بنفس ما يطالب به الأرمن اليوم.
وبذلك وبعد هذه التوضيحات البسيطة، أليس لنا الحق في أن نحدد الاتجاهات التي جاءت منها كل هذا الكم الهائل من الكوارث وهددت كيان الأمن القومي الإيزيدي؟ وأنا على يقين بأن الكثيرين سوف لن تتكلم بصراحة عن المداخلات، بل ستركز على بعض الفقرات من هذا المقال وتعتبره تحريض. ولكن كيف لنا أن نستنتج ما يقينا من الوقوع في، أو نتجنب ما حصل الآن بأنه لا يتكرر في المستقبل؟ وعلينا توجيه سؤال محدداً لانفسنا، لماذا كل هذه المشاكل حصلت في عام 2007؟ ولماذا كانت نفس القاعدة وبعض المتطرفين يفرجون عن الإيزيديين قبل هذا العام أثناء القبض عليهم والشهود بالعشرات بمجرد التعرف عليهم من الهوية الشخصية الإيزيدية؟ ما الذي تغير لكي يحصل كل هذا؟ هل كان كله بسبب مقتل دعاء؟ ومن أشعل نار الفتنة في مقتل دعاء، أليس الإعلام الكردي؟ لكن ماهي الاسباب وراء ما حصل في الشيخان في 15/2/2007؟ أليست كانت بداية الشرارة التي انطلقت منها جميع مآسي الإيزيدية؟ وماذا يمكن أن يقدمه الإيزيديون أكثر من الذي قدموه من ضحايا كضريبة تأييد للمواقف لكردستان؟ مع العلم، أن كل ما جرى على رؤوسهم كان بسببها، واليوم يحسبونهم مواطنين أقل بقليل من درجة الكفر إن لم يزيدوا عليها قليلاً؟ وفي الأخير نقول، لمصلحة من جرى كل هذا الدمار والخراب في منطقة آمنه وخالية من العنف والامريكان؟ ومن الذي اشعلها لكي يستفيد؟ إذن تتطلب المصلحة العليا للأمن القومي الإيزيدي أن يتم التعامل مع الأحداث بما يستوجب وأن يحصل تقييم شامل لما جرى ويجري، وأن تكون الضمانات الدستورية هي الاساس في كل تعامل مع اية جهة كانت وليس في هذا عيبا أو نقصاً في الولاء.
 كيف لنا إذن أن نقٍيم ما جرى في القحطانية والجزيرة كمحصلة (الشهداء، الجرحى، الدمار، قتل الطموح، تدمير الاقتصاد، المعانات النفسية، تعطيل حركة الحياة و......)؟ وماذا يجب ان نستخلص منها؟ وكيف يجب أن نقي انفسنا من تكرار مثل هكذا كوارث؟ ماذا مطلوب منا اداءه؟ ماذا لنا لكي نطالب به؟ ماهي الجهات التي يجب علينا أن نوجه لهم شكوانا؟ مَن يتبناها؟ لمَصلحة من أن نبقى في مثل هذا الوضع المخزي؟ ومن لا يقبل أن نخرج من هذا الإطار المحدد؟ مَن يحدد حركتنا لكي لا نستطيع تمزيق الطوق المفروض حولنا؟ مَن يوجه حركة حياتنا؟ مَن يقيد حريتنا في التعبير والاختيار؟ هل تعرفون كم هي المبالغ التي استفادت منها مصاصي الدماء في سنجار ودهوك من خلال مقاولات وهمية في سنجار؟ وهل تعلمون بأن الدولة والامريكان صرفوا مبلغ هائل لتوفير الطعام كحالة طواريء لعدد كبير من الاشخاص في القحطانية والجزيرة يوميا بعد 14/8؟ ولكن، كم من هذا الكم كان يصلهم؟ وكم منهم عرف به؟ وكم هي عدد الملايين من الدنانير التي استفادت منها هذا وذاك على حساب دم هؤلاء المساكين؟ ماذا يمكن ان نقول بعد كل هذا الخراب؟ أنقول بأن الأمن القومي الإيزيدي بخير؟ أبداً. وهو نفس الحال بالنسبة للأقليات الاخرى.
  وبعد هذا أقول؛ ولأجل الحفاظ على أمننا القومي وبعد أن توصلنا إلى قناعة بعدم الجدوى من تحسين الظروف تجاه مجتمعنا الإيزيدي، فإنه لنا الحق في تأسيس حزب سياسي بالتعاون مع المراكز والاحزاب السياسية الايزيدية على مختلف توجهاتهم، ومن ثم تفعيل المطالبة بإقامة الإدارة الذاتية مع الكلدوآشور والشبك، لتكون بمثابة رسالة إلى الجهات التي لها غرض في تعويق تقدم المجتمع الإيزيدي رغم أهميته ضمن الشعب العراقي، لكي تفيق وتعرف مخاطر اللعب بمستقبل المجتمعات. فاليوم يمتلك المجتمع الإيزيدي جغرافية محددة ويمكنه الانطلاق منها والمطالبة بالحفاظ على أمنه القومي وحمايته من الانقراض على أيدي الجهلة الجدد ودكتاتوريتهم المقيته. وفي الختام أقول سنحاول قدر المستطاع بإيجاد تمويل لعقد مؤتمر خاص لهذا الغرض وتفعيل دوره بما يتناسب وحجم المشكلة. وأقولها بكل ثقة، إذا ما اتفقنا على 25% من الافكار، فسنجد من يقف إلى جانبنا في محنتنا، وأرى بأن النضج الاجتماعي والوعي السياسي والشعور بالغبن وصل إلى الذروة وبدأ الكثير من المراهنين على الزمن يعيدون حساباتهم فيما ذهبوا إليه وتوهموا بالوعود الكاذبة. فليبقى كل في حزبه وليخلص له، ولكن لاينسى ما مطلوب منه أخلاقياً تجاه من رووا الطريق بدماء زكية وعزيزة علينا.                                 

                                                          ولكم كل التقدير والمحبة.

علي سيدو رشو
رئيس رابطة المثقفين الإيزيديين
ناشط في مجال حقوق الانسان والمجتمع المدني
القاهرة في 27/2/2008
rashoali@yahoo.com

102
الأمن القومي الإيزيدي إلى أين؟ 1/2

مقدمة:
من وقائع التاريخ وتجارب الشعوب والمجتمعات الحية في العالم، ثبت بان البقاء على حيويتها مرتهن بالحفاظ على أمنها القومي. حيث أن لكل فرد ولكل عائلة وكذلك لكل مجتمع ومن ثم لكل شعب هنالك أمن قومي، وأن بقاؤه على حيويته، محكوم بالحفاظ عليه. ولكي يكون كلامي واضحاً ولا يفهمه البعض فيما أعني بالقومية من الناحية الفنية. فإنني أعني الأمن القومي وما هي ضروراته؟ وكيف يمكن المحافظة عليه من الانهيار؟ في الوقت الذي يهمني ما قد يقال في هذا الشأن مهما كان حكم المتحدث فيه. فالأمن القومي لأية مجموعة بشرية أو مجتمع أو شعب يحدده عاملان رئيسيان وهما؛ الموقع الجغرافي والعمق التاريخي (#) الذي يبنيه أبناؤه على تلك الرقعة الجغرافية عبر المراحل الزمنية المختلفة من حيث التنمية والبناء وما يجابههما من التحديات والحروب والأزمات، وما يرافقهما من المتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، والمصالح والصراع ضد خطر محقق.
وهنا، لا بأس من أن نعرج على الفكرة الاساسية التي تقودنا إلى ما نحن ذاهبون إليه. فالأمن القومي هو حصيلة تفاعل هذه العوامل والمداخلات وكيفية الحفاظ على توازنها بحيث تحقق المسار الذي يبقي عليها من التلاشي والذوبان في بعضها ومن ثم ذوبان هذا البعض في الآخر. فلا هو من صنع أشخاص، ولا هو مرتبط بوجود قيادة معينة في ظرف تاريخي معين، بقدر ما يصنعه المجتمع المؤمن ببقائه حياً على مر الزمن من خلال ما يضيف إلى تاريخه من بناء ومجد، على الرغم من أهمية دور الرواد فيه. ولا يمكن لأي شخص أن يناضل من أجل قضية لا يعلم عنها الشي الأساسي. فيمكن أن يدافع عنها بحكم الظروف التي تمليها عليه واقعه أو مصلحته الذاتية، ولكن لا يمكنه أن يناضل من أجلها، مالم يعلم بانه على يقين من أنه على حق. فهناك فرق كبير بين الدفاع عن حالة معينة مرتبطة بمصلحة مرحلية، وبين النضال من أجل قضية لحد الاستشهاد. ولكون الأمن القومي ملك مشاع لكل المعنيين ومن الواجب الدفاع عنه، بل والاستشهاد من أجله، فلا بد من أن تكون ملامحه وأهدافه واضحة للجميع لكي تترسخ فكرة النضال من أجله، ومن ثم الدفاع عن المكاسب التي تم تحقيقها وصون كرامة الذين ضحوا من أجل الحفاظ على تلك المكاسب.
  لقد كتب الكثيرين على صفحات الجرائد والصحف الالكترونية وعبر الإعلام المرئي، وارسلوا رسائل مفتوحة إلى المرجعيات الاساسية، منها الدينية ومنها السياسية مستوضحين فيها خطورة التلاعب بمقدرات المجتمعات التي لها الحق مثل غيرها ليس على مبدأ الأقلية والأكثرية، وإنما على اساس الاستحقاق الوطني والانساني. كونها قد دافعت عن كرامة أوطانها كما فعلها الآخرين على طول الخط، وما أكثر تلك الرسائل في زمن النظام السابق من دون أن يعي بخطورة اللعب بمقدرات المجتمعات والشعوب. ولكن وبكل أسف نقول، راحت وتروح جميع تلك الجهود والمحاولات أدراج الرياح، ولم تأخذ أية جهة تلك الرسائل على محمل الجد ولحد الآن، وكأن الزمن يعيد نفسه ولكن بشخصيات تختلف في المكانة والوجوه فقط. بل لم يعد يجدي الحديث فيه نفعاً. وسيأتي اليوم الذي يعض فيه المسئولين الحاليين أصابعهم ندماً على ما فعلوه ويفعلون بحق هذه الشرائح المغبونة في إنسانيتها، كما حصل في زمن ليس ببعيد، ويكونوا قد جنوا على انفسهم قبل غيرهم.
 كذلك كتب الكثيرين حول التشاؤم والتفاؤل، وعن الغبن والتهميش ومصادرة الرأي وهضم الحقوق في وضح النهار، ولكن في هذه المرة تحت غطاء الديمقراطية، وما أثقل من أن تضيع الحقوق تحت مسميات لا تستحق أن توصف بهكذا وصف. ولو كان قد تم تجميعها، لكانت كافية لعمل مجلدات من دون أي أكتراث بما جاء به كل ذلك الكم من الأفكار والمطاليب التي تستحق كل التقدير والإعجاب. وبمراجعة بسيطة لتلك النداءات وإجراء مسح متواضع لما جاء فيها من أفكار، وما عبرت عن الغبن الذي لحق بشرائح أساسية ساهمت قبل غيرها في الحفاظ على أمن البلد؛ لم نجد ولو استجابة واحدة من المسئولين تستحق الذكر لكي نفخر بها ونعتبرها مثابة نقتدي بها. فالحقوق الاساسية هي ليست مٍنة من أحد، وكأننا نعيش من جديد في غابة وتحت اسم الديمقراطية تغتصب الحقوق وتنتهك الحرمات ويسرق المستقبل يوما بعد آخر في ظل وضع سياسي واجتماعي محتقن حد (الخياس).
  وهنا أريد القول بأن العويل على تعليق كل الاسقام على النظام السابق وتناسي ما تفعله القوى السياسية الحالية لما أوصلت إليه مصير الشعب العراقي ومنها ما يتعلق بمصير ومستقبل، وبالتالي الامن القومي للأقليات ومنها الإيزيدية، لم يجدِ نفعاً وسوف لن يمر الأمر بهذه السهولة، وسيأتي اليوم الذي يندم فيه العابثين بأمن المجتمعات على فعلتهم. فالنعامة تضع رأسها في التراب ضناً منها بأن الاخرين لا يرونها، ولكنها على وهم كبير. فهم على وهم كبير فعلاً، وقد لا يعرفون بأنهم هم أنفسهم يصنعون من المقابل مطالباً عنيداً لحقوقه المسلوبة، فلا يعقل أن يبقى أكثر من نصف مليون انسان له خصوصية معينة وساهم بما مطلوب منه أن يبقى بدون رأي أو عايش على هامش الحياة، أو لا يقبل به سرباً ليطير معه ويغني على الحانه. 
التداعي النفسي:
 فمن اللافت، أن الوضع وصل بالمجتمع الإيزيدي وكأنه قد فقد الأمل في أن يكون له صوت أو أن يصنع لنفسه تاريخ يليق بما قدمه من تضحيات عبر التاريخ. حيث قدم ما يعجز عنه اللسان في الوصف، ولكن بكل بساطة يقول؛ بأننا ليس لنا حول ولا قوة. في الوقت الذي يمتلك من الامكانيات العظيمة التي قلما يرتقيها مجتمع فيما لو تم التعامل معها بما يجعله يشعر بأنه عليه أن يناضل من أجل قضيته وهو حماية أمنه القومي من التدهور والتلاشي. إذن ماذا حصل لكي يصل به الحال إلى هذا الوضع؟ ومن الذي يقف وراء كل هذا التداعي في الوضع الإيزيدي؟
 أرى بأن التاريخ سيصب لعنته على الجميع بدون استثناء (مع الاعتذار لهذا اللفظ تجاه مقام رجال الدين)، بدءً بالأمير والمجلس الروحاني وشيوخ العشائر والمثقفين والمرأة ومنظمات المجتمع المدني والفلاحين والرعاة، لما أوصلوا الحال بالمجتمع إلى الوضع الذي بدءنا فيه نصف أنفسنا بالخضوع والخنوع والاستسلام للقدر. وهي المرحلة التي تصل بالمجتمعات إلى نقطة اللاعودة إلى الحياة عندما تفقد الأمل في قياداتها ومثقفيها وهم يعملون ليل نهار لمن هم في الخندق المخالف لنهضتها. في حين توفرت فرص عظيمة كان من الممكن استثمارها لبناء الشخصية الإيزيدية المستقلة ومن ثم التعامل مع الآخرين من خلال تلك الشخصية.  ولكن القدر الأكبر من تلك اللعنة سيلاحق مثقفينا وسياسيينا في المهجر لأنه كان بامكانهم تأسيس قاعدة إنطلاق والانخراط فيما كانت تسمى بالمعارضة. بينما لم يكن بمقدور من هم موجودون على أرض الوطن من القيام باي عمل يمكنه أن يكون اساس لما يبني عليه، ولكن على راي المثل الامريكي Never say late to start.
 جغرافية الإيزيديين وعلاقات الجيرة:
   بما أننا نتكلم عن الأمن القومي، وأن الجغرافيا هي أحدى أهم أركان هذا الأمن، كما سبق. فإنه من الطبيعي أن يكون لنا كلام مع مَن هم مِن حولنا ولنا معهم مشتركات وعلاقات جيرة على مختلف الأصعدة الثقافية والاقتصادية والاجتماعية وما تم بناؤه منذ فترة ليست بالقليلة. وهنا أعني القبائل العربية التي لنا معها شراكة في الارض والعلاقات الاجتماعية الممتدة عبر مئات السنين، رغم ما تضمنتها من خلافات ومناوشات على حدود الأراضي الزراعية أو بعض الغزوات البسيطة من هذا الطرف أو ذاك، وما خلقتها الدولة من شروخ فيما بيننا في فترة زمنية معينة. ولكن مع كل ذلك ظلت العلاقات الاجتماعية محافظة على الاحترام المتبادل والزيارات وتبادل الرأي فيما يخص الأمن الاجتماعي لكلا الطرفين، وتوجت كل تلك الجهود في الفترة الأخيرة بإعلان الاتفاق على طي صفحة الماضي والبدء من جديد، لكون الجميع بحاجة لبعضها البعض بسبب التخالط الذي فرضه الواقع بعد معاناة الحروب والازمات التي مروا بها جميعاً، وخاصة بعد انتهاء الحرب العراقية-الايرانية ومشاركة جميع فئات الشعب بما فيها الاقليات بتلك الحرب بدون تمييز في الدفاع عن أمن الوطن.    ومن الممكن جدا أن يؤيد الإيزيديين السياسية الكردية في المنطقة، وفي نفس الوقت المحافظة على علاقات الجيرة مع العشائر العربية بحكم المواطنة والشراكة في الحدود الجغرافية. ولا يبرر تأييد الإيزيديين للسياسة الكردية بالمطلق أن يصل الأمر لحد العداوة والقطيعة مع الجيران بسبب ما حدث، لأن الذي حصل لا يعني بالضرورة بأن العشائر العربية موافقون عليه؛ بدليل الاستهجان والاستنكار من أعلى المرجعيات العشائرية والدينية والسياسية. أي أنه يجب الإبقاء على العلاقات الاستراتيجية التي يتأثر بها الامن القومي الإيزيدي على المدى البعيد مهما حصل من أطراف تريد لتلك العلاقات أن تتدهور. وحتى في حالة انضمام المناطق الإيزيدية إلى كردستان، بل حتى لو حصل انفصال كردستان عن العراق؛ من الضروري الحفاظ على علاقات الجيرة من ان تمر بشكل سلمي لأننا مقبلون على بناء دولة حضارية مؤسساتية، مستقرة وآمنة (على ذمة الاحزاب السياسية الغير متفقة على أي مستوى). وعلى الإيزيديين أن يفتحوا علاقاتهم على أكثر من جبهة في جميع الاوقات تحسباً للمستقبل غير المضمون. بل عليهم الابقاء على سنجار تابعة للحكومة المركزية باي ثمن لتبقى عمقاً جغرافياً لبقية الإيزيديين في كل من الشيخان وبعشيقة ضماناً للبقية في ظل هذه الأوضاع المرتبكة سياسياً.
نبذة عن الماضي:
في سبعينات القرن الماضي وبالتحديد في فترة بيان آذار للحكم الذاتي، هتف الإيزيديون بكل شجاعة، والتأييد ببراءة للحركة الكردية. وبناءً على ذلك جاء رد فعل الدولة سريعاً بتجميع الإيزيديين في مجمعات قسرية للسيطرة عليهم من هكذا حسابات، وأستباحت الاراضي الزراعية التي تعد من عماد الحياة والاستقرار الإيزيدي، في بعض المناطق وخاصة في قضاء الشيخان، إلى قبائل عربية. ودفع الإيزيديون ما هو معروف للجميع من مآسي في ظروف قاسية وكان الشتاء على الأبواب ولم تنفع كل النداءات بالتوقف عن ذلك. وفي مقابلتنا مع السيد جلال الطالباني في 20/نيسان/2004، ذكرّناه بما جرى وأثنى على تحمّلهم لتلك المأساة (ولكن ....مع الأسف لم يفِ بكلمة مما تعهد لنا به). وقد يقول قائل، ما هذا التناقض في الكلام يا سيد علي، فتارة تقول بأننا يجب أن نحافظ على علاقاتنا ومن ثم تعود وتقول بأنه تم الاستيلاء على الاراضي الزراعية للإيزيديين. نعم هذا صحيح، ولكن سياسية الدولة كانت وراء ذلك، وهي حصلت في كركوك والموصل وبغداد والرمادي والبصرة، ولكنها تحصل الآن أيضاً وتحت غطاء شرعي بحجة أن النظام السابق كان يفعلها. وبما أنها كانت مستهجنة آنذاك؛ فمن الأولى أن لا تحصل الآن، إلا بعد التأكد من صحة الأمر ومن السجلات المدنية فقط. وبالمناسبة فإن أراضي عشيرة القيران في سنجار التي منحت لعشيرة الصديد كانت في زمن عبد السلام عارف، أي أن سياسة الدولة كانت ضد استقرار الإيزيديين منذ زمن بعيد.
    فعندما تقرأ تاريخ المجتمع الإيزيدي، تراه مجتمع منشغل في مهنة الزراعة منذ أن خلق، بالإضافة إلى كونه أمينا على طول الخط في الدفاع عن تربة وطنه بكل إخلاص واينما تطلب الامر ذلك. وهو بذلك يستحق من الدولة أن تبني له المشاريع الزراعية وبعض المنشآت التي توفر له الحياة الكريمة والاستقرار الاجتماعي لكي ينخرط في التعليم ودوائر الدولة ويبني حياته المدنية المستقرة بأمان. ولكن بدلاً من ذلك كانت برامج الدولة تصب في جعل هذه الشريحة الاجتماعية تغرق في مشاكل عدم الاستقرار بحيث يهاجر في السنة مرتين وهو بذلك لم يرَ ولم يذق طعم الاستقرار في حياته مما انعكس سلباً على التعليم بشكل أساسي، ناهيك عن التلويح بالتهديد باستبعاده عن المنطقة الاصلية التي بنى عليها بعض من تاريخه. فنجد بأنه ليس للإيزيدي تاريخاً مكتوباً بسبب ذلك الوضع الشاذ الذي خلقته الحكومات المتعاقبة بحيث يكون دوماً على الرحيل بناءً على نزوة موظف قد لا يمت إلى الضمير الانساني بصلة. ولقد حصل هذا الأمر  في كافة مناطق الإيزيدية بدون استثناء (بما فيها الدول المجاورة للعراق ايضا)، ولم يكن هذا فقط في زمن النظام السابق، وإنما على مر التاريخ العراقي الحديث ولا زال لحد الآن ولكن بشكل (أكثر حضاري) وأدق خطورة وأكثر (شفافية)، على مستقبل المجتمع الإيزيدي.
  ولكي نعود إلى اساس موضوعنا، وهو الأمن القومي الإيزيدي عبر التاريخ، وهو بالطبع ليس محدداً بفترة زمنية معينة، لابد من ذكر ما حصل من تصرف مشين بحقنا من الطرف الآخر وما حصل في فترة الحكم العثماني للعراق، والتي تعد من أسوأ الفترات في تاريخ المجتمع الإيزيدي وأكثرها إجحافاً. ولا ننسَ بأن غالبية حملات الإبادة التي جرت على الإيزيديين كانت في تلك الفترة، ولكن يجب أن لا ننسَ أيضاً بأن قيادات ورجال الدين من الاكراد كانت لها اليد الطولى في تلك الحملات لما كانت تصدر من فتاوى دينية تلهب الحماس لدى المتطرفين وتوفر لهم الأرضية الخصبة وتفتح شهيتهم لصب جام غضبهم على هذه الفئة المغلوبة على أمرها والشواهد على ذلك أكثر من أن تحصى ولا حاجة لذكرها، وهكذا الفرس أيضاً.
  أما ماذا حصل بعد سقوط النظام؟ وماذا يحصل الآن من انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان تحت أسم الديمقراطية؟ فالذي يحصل الآن بحق الأقليات العرقية والدينية والإيزيديين منهم بالدرجة الاساس، يعد بالإبادة الجماعية بعينها لما يحصل من طمس الهوية والخصوصية التي يجب أن تتمتع بها تلك الأقليات على ضوء البند 27 والخاص بحقوق الأقليات من الإعلان العالمي للحقوق المدنية والسياسية.  فالهيمنة السياسية وإبتلاع القوي للضعيف هو هو، ولم يتغير الأمر سوى في الوجوه، وأن جميع الادارات الحالية تدير الشئون السياسية والادارية من تلك المقرات التي كان يستخدمها النظام السابق وينتهك منها الحقوق الاساسية للإنسان، وتنتهك الأعراض في هذا اليوم من نفس المقرات الأمنية في وضح النهار، بل أن المتنفذين آنذاك، هم نفسهم الآن في المقدمة. فأين الغلط من الصح؟ ولكن في كل مرحلة يأتي الظرف الدولي لصالح مجموعة من الاشخاص أو الاحزاب لتنفذ ما مطلوب بأسلوب أكثر تطوراً وتتفنن في ابتزاز الآخرين بطريقة أكثر فنية، وتستخدم مصطلح الديمقراطية كشعار للتغطية على ما تقوم به من جرائم بحق غيرها. ثم لنأتِ ونقول، مَن مِن تلك القوى أفلحت في الأخير من دون أن تدفع ثمن أخطائها غالياً؟ والجواب أن جميعهم دفعوا الثمن غالياً، وبدلا من أن يعملوا على ربط خيوط المجتمع ببعضها وتنمية شعوبهم، بدْأوا يفككونها وبالتالي يدفعون الثمن غالياً من جيوبهم. والنتيجة هي كما حصل في 9/4/2003. ويقيناً فإن الاحزاب الحالية ستدفع نفس الثمن إذا لم تعمل على تقوية أمنها القومي بالحفاظ على تماسك شعوبها بدلا من التلاعب بخصوصيتها.
فالإيزيديين اليوم منتشرون في ارجاء المعمورة، وبالرغم من ذلك فإن مشاكلهم وهمومهم ومعاناتهم واحدة ومتشابهة ولها مشتركات رغم البون الشاسع في الجغرافيا وثقافة المجتمعات والشعوب التي تعيش الإيزيدية في كنفها، كالعرب والأكراد والترك والفرس والمجتمعات الغربية على اختلاف مشاربها. تراهم يعملون في المهن التي هجرها الآخرون لما تتسم بالجهد والعنف كالزراعة والمناجم والاعمال البلدية، وليس في هذا عيباً ولا خجلاً، ولكن عليهم أن يغيرو من مستوى تفكيرهم والبحث عن اسباب الاستقرار لكي ينهلوا من الحياة نصيبهم واستحقاقاتهم. فبناء الشخصية الإيزيدية والحفاظ على خصوصيتها وحماية أمنها الاجتماعي بالتعاون مع شركاء المصير ومنعها من الاستمرار في التداعي بهذا السلوك السلبي وتأمين الامن الغذائي والصحي والتعليمي وما يتعلق بالمصالح العليا التي تحافظ على كيانه من التلاشي وخاصة هجرة الكفاءات بعد كارثة القحطانية والجزيرة في 14/8/2007، وحماية التراث الأصيل، هي من الأمور الاساسية التي يجب التأكيد عليها ولا مساومة فيها ولا عليها.
  فلنرَ ماذا يحصل في سوريا مثلا: هناك أكثر من نصف عدد الإيزيديين وخاصة في منطقة عفرين مسجلين في سجلات الاحوال المدنية تحت حقل الدين بأنهم مسلمين، ولم نرَ لحد الآن جهد من القيادة الإيزيدية في المطالبة بهذا الحق المنتهك دستوريا. فهل يجب السكوت عن مثل هذه الفجوات العميقة والتي من صلب الامن القومي الإيزيدي؟ أليس حرياً بالقيادة الإيزيدية أن تحصي الخارجين عن الدين وتدرس الأسباب التي تشجع من تلك الظاهرة والتي تهز الكيان الإيزيدي في أساسه كما حصل في سنجار عام 2002 عند مقتل كمال كتي؟ ألا يعني هذا التدهور في التعليم وهجرة الكفاءات بهذا الكم، كارثة على مستقبل الأمن القومي الإيزيدي؟ لماذا ازدادت الهجرة في عام 2007؟ أما الحديث عن النواحي التكتيكية التي من شأنها المحافظة على استمرارية العلاقات مع الآخرين، فيجب ان تمتاز بالمرونه والقابلية على التغيير على ضوء ما يتطلبه الأمن القومي للحفاظ على المكتسبات الاساسية على أرض الواقع، مع ترك هامش للمراجعة والمناورة في حال حصول أمر معين يتطلب تغيير تكتيكي لموقف طاريء.
الواقع الإيزيدي:
  المجتمع الإيزيدي محدد ببعض القيود الدينية والأعراف الاجتماعية، وهو ليس الوحيد في هذا الشأن. فلو نأتِ إلى حقيقة الأمر، ليس الإيزيديون هم الوحيدين المقيدين بتلك المحددات، ولكن يصبح الأمر أكثر وضوحاً في مجتمعات صغيرة مثلهم ويتم التركيز عليهم من قبل الآخرين سواء من ناحية استمالتها لتحقيق بعض المكاسب السياسية أو لتحقيق بعض الأغراض (الدينية). فمثلاً رأينا محاولات جميع  الأحزاب السياسية للإستفادة من عدد أصوات الإيزيديين في الانتخابات التي جرت في العراق ليكونوا عوناً لهم، لعلمهم بأن الإيزيديين لا يشكلون ثقلا عليهم في المطالب والمكاسب السياسية، ويشكلون في الوقت نفسه عمقاً جغرافيا وسياسياً وبشريا كبيرا كما هو الحال في سرقة 110000 صوت لقائمة التحالف الكردستاني بدون مقابل. أي ان تلك الأحزاب ستستفيد منهم على ضوء ما ذكر، ولكن من غير أن يكون لهم فيه ما يجب أن يحصلوا عليه، وتكمن الخطورة في عدم فهم هذه النقطة بالذات. فلقد رأينا تهافت مختلف فئات الشعب العراقي في فترة ما بعد السقوط لإثبات ذاتها من خلال الواقع السياسي سواء بتشكيل أحزاب سياسية أو بالتعاون مع أحزاب لها شأن كبير، ولكن بشروط محددة وهو توفير الدعم والمكاسب حسب اتفاق مسبق يتناسب مع حجم مشاركتهم في برامج تلك الاحزاب. فعدم إدراك هذه الأمور الحساسة سوف تعمل على إذابتنا في المجتمعات الأكبر والانصهار في بوتقتها، كما يحصل الآن في سوريا والعراق وأوربا، وعندها ستحل الكارثة على الأمن القومي الإيزيدي.
إنني هنا لا اعني ما هو ضد الفكر الانساني الذي يختاره اي انسان كان بمحض إرادته وحريته بما فيه تغيير عقيدته. ولكن عدم وعي الانسان الإيزيدي بما يمتلك من التراث الديني ويجعله يفتش عنه وكأنه شيء مفقود ليشبع به غريزته، والجري وراء الآخرين من غير هدف، هي ذاتها المشكلة الحقيقية. رغم ان هذا لا يعني بأنه ليس للإيزيديين من تراث وموروث اجتماعي وديني بحيث يهجره بهذه السهولة، لانه لا توجد عقيدة لا يحصل فيها موت أو مرض أو إعتداء أو غبن للحقوق لكي يقول الانسان بأن العقيدة الفلانية أفضل من غيرها. فالأسماء التراثية الآن في تلاشي والأغاني الفلوكلورية التي تحمل جزء اساسي من تاريخ الإيزيدية هي الأخرى في طريقها إلى الزوال، والزي الذي كان يشير إلى خصوصيتهم أصبح شي من الماضي وما بالك من تغيير صوت ولفظ الكلمات التي بدت تقلد ما موجود منها في المناطق الكردية الأخرى بهدف المجاراة وهكذا الأمر في القضايا الأخرى التي تحافظ على كيان الشعوب كجزء من أمنها القومي والحفاظ عليها من الضياع والذوبان في الآخر.
  ومن الجدير ذكره، أن هذه القضايا والتهافت عليها من قبل فئات المجتمع الأساسية كالشباب تعد من الخطورة ما يجب الانتباه إليها. أي أن عدم قناعتهم بأن ما لهم هو مثل ما للآخرين من بنوك المعلومات التي تخص التراث والعادات والتقاليد، ومن أعياد ومناسبات وعلاقات الزواج والتراثيات التي لها شأن كبير كما في المجتمعات الاخرى، تجعلهم يخلقون أعذاراً ومبررات لتحقيق غايات في انفسهم. بالإضافة إلى ذلك عدم وجود قنوات إعلامية تسلط الضوء على تلك النشاطات وإعادتها إلى الاذهان بالنسبة للأجيال القادمة التي بتقادم الزمن ستنسى ما كان عليه الاجداد من تراث ديني واجتماعي وسياسي وما يتعلق بها من تضحيات وموروث قديم. اي ربط حلقات المجتمع الحديثة بما هو قديم وتراثي، وبالتالي ستتواصل الاجيال في التعرف على ماضيها وتأخذ من نقاطه المضيئة منطلقاً لمستقبل أكثر أمناً وأكثر تواصلاً. عليه، وفي فترة ليست ببعيدة سيفقد الإيزيديون توازنهم، إذا ما استمروا على هذا النهج، وكل ما يتعلق بخصوصيتهم ويبقى لهم فقط تقليد الآخرين وإدخال ما هو جاهز على حساب الاصيل. وسنصبح،لا سامح الله، في زمن غير بعيد كسلعة تراثية يتم التعامل معها من قبل الآخرين كما تباع السلع التراثية في المزادات العلنية.
إذن، فإن فهم الأمن القومي للفرد كما هو للعائلة أو المجتمع بأكمله هو سلسلة مكونة من مجموعة حلقات مترابطة لا يمكن فصلها عن البعض، ويجب أن ندرس الظواهر المخيفة ونبحثها ونعقد لها مؤتمرات ونقترح الحلول ونخرج بنتائج. وكذلك علينا أن لا نخجل من إيزيديتنا مهما قيل بحقنا، ولا يجوز أن نكون سذج لهذا الحد بحيث نتصرف سلبيا تجاه ما قدمه الأجداد من تضحيات دفاعاً عن هذه العقيدة والحفاظ على أمنها القومي من التلاشي. فيمكن أن يكون لأي منا رأيه في موضوع معين أو تجاه شخصية معينة أو فترة زمنية بذاتها، ولكن هذا لا يعطينا الحق بأن نكون سببا في طمس حقوق الذين دفعوا حياتهم ومستقبل أطفالهم ثمناً لما حصل في وقتها. لذلك يمكن القول بأن الأمن القومي الإيزيدي الآن وإن كان مرتبطاً بجهة معينة وخاصة القوى السياسية الكردية، فلا يعني ذلك الذوبان فيه والجري وراء كل كبيرة وصغيرة من دون حسابات مستقبلية. صحيح لنا مشتركات معهم، ولكن لا يخلو الأمر من خطورة في التعامل معهم وكشف كل الاوراق مرة واحدة من دون ضمانات مستقبلية.
 فمن يضمن بأنه لا تأتي حكومة تحت أسم الديمقراطية لتتبوء قيادة المجتمع وتعيد نظام الفتاوى إلى الوجود والشهود ليست ببعيدة من أعمال الشيخان في 15/2/2007، والدعوة من على جامع عمر بن الخطاب في الشيخان عام 2004 ، وهي من الحجج القوية بيد المفاوض الإيزيدي اثناء المناقشات في هذه الشئون. بل ومن يضمن بأن القيادات الكردية نفسها لا تعيد الاقتتال الداخلي بعد تصفية الأجواء لها؟ أي إنه علينا التحسب للمستقبل السياسي غير المستقر في كردستان، وما يحصل من تهور سياسي في الوقت الراهن. وهذا الأمر ليس ضد المصلحة القومية والأمن القومي الكردي بقدر ما تقويه وتحافظ عليه من التشتت، بل على الساسة الأكراد أن يحسبوا لمستقبل التعامل مع الإيزيديين وأن لا يهملوا ما قد يحصل في المستقبل، لا بل أن لا يستبعدوا اللعب بورقة الإيزيديين على ضوء ما تفرزه الاحداث. وفي نفس الوقت من الواجبات الحتمية على القيادات الإيزيدية الانتباه إلي ما يدور وقياس خطورته المستقبلية. فيتراءى لنا بأن الساسة الأكراد غير واعين لطريقة التعامل مع الواقع على الارض، أو إنهم قد حصلوا على الضوء الاخضر بأن الكون سيدور في فلك حسب ما مطلوب بالقياسات الكردية، وكان هذا عين ما يتصرف على ضوئه صدام حسين، ولكنه وقع فيما وقع فيه. قد يختلف التكتيك، ولكن على شعوب الارض وقياداتها ان تعلم بأنه ليس لامريكا صديق، كما ليس لها من عدو، وإنما يحددهما معاً المصلحة العليا التي فيها ضمان أمنها القومي. 
(#): مقابلة مع محمد حسنين هيكل مع قناة الجزيرة الفضائية في 10/1/2008.




علي سيدو رشو
رئيس رابطة المثقفين الإيزيديين
ناشط في مجال حقوق الانسان والمجتمع المدني
القاهرة في 27/2/2008

103
مجلس تأبيني للفقيدة نزيهة الدليمي في يوتبوري

 

تتشرف منظمة السويد للحزب الشيوعي العراقي ورابطة المرأة العراقية في يوتبوري بالدعوة لحضور المجلس التأبيني للشخصية الوطنية العراقية المعروفة الدكتورة نزيهة الدليمي

وذلك يوم السبت المصادف 20/10/2007 في تمام الساعة السادسة مساءاً على قاعة البيت الثقافي العراقي وجمعية المرأة العراقية في يوتبوري

Stallmästaregatan 8 3tr

104
حول الوضع في قضاء الشيخان يوم 15/2/2007
[/color]

بداية نشكر جميع الجهود والنداءات التي ساعدت على تهدئة الوضع الحالي في قضاء الشيخان الذي كاد أن يشكل عمل مأساوي وكارثة لمجتمع مسالم لا يريد سوى العيش بسلام وتآخي وأمان. لقد تابعنا تطورات الموضوع بدقائقه واتصلنا بجميع الجهات بما فيها المحايدة للإطلاع على حقيقة الأمر، وانتظرنا بعض الأصدقاء لكي يخرجوا بنتيجة حقيقية ويعلموننا بما حصل، وكذلك تابعنا الموضوع من على المواقع الالكترونية التي لم تبخل في كشف الحقيقة بشكل متوالي وهم مشكورون على بذل هذه الجهود الحثيثة. وبعد هذا وجدنا أن نسأل أنفسنا قبل غيرنا سؤالاً محدداً على خلفية ما ورد على لسان السيد ماجد الدوسكي (مراسل إحدى القنوات الكردية) من على صحيفة بحزاني، هل بإمكان شخصان أن يخطفا امرأة من غير عقيدتهما الدينية في هذا الوسط الملتهب ويتجها بها إلى نفس المكان الذي يقطن أهاليها مروراً بالعديد من المعارف من الجهتين؟ وقد قالها السيد الدوسكي؛ كان الخطف بهدف الزواج، هل ممكن لشخصين أن يتزوجوا إمراة واحدة بالشراكة؟  إن الكلام الذي ورد على لسان السيد الدوسكي عارِ عن الصحة وهو يريد أن يغطي الحقيقة التي قالتها المرأة أمام القاضي قبل قتلها؛ حيث قالت بأن الشابين الإيزيديين لم يمساني بسوء وإنما كان عملهما إنساني بحت وطلبت منهما بأن ينقذاني من القتل.

  إن الذي حصل قد لا يخلوا من الإشكال، ولكن ما هو ذنب الأماكن الدينية والمراكز الثقافية وقاعات الاجتماعات في هذا الشأن؟ وكيف يتم تفسير هذا الهجوم الإرهابي على ناس ليس لهم علاقة بالموضوع على مرأى ومسمع من الحكومة الكردية وقواتها الأمنية إذا لم يكن للموضوع سوابق؟ وإذا كان الموضوع هو تصرف بعض الطائشين والخارجين على القانون لماذا لم تتدخل قوات الأمن لتأديبهم وحل المشكلة؟ وماذا كان المتوقع لو حصل ردة فعل من الطرف الأخر وتم قتل العشرات من الطرفين لمجرد نزوة من بعض المتطرفين من الطرفين؟ وماذا كان العمل لو حصل تدخل من جهات لها غرض سياسي معين وبث التفرقة والشقاق فيما بين أبناء البلدة الواحدة منذ عشرات المئات من السنين؟ فالموضوع مخطط له مسبقاً والهدف هو إخراج الإيزيديين من قضاء الشيخان وإعادة نظام الفتاوى إلى الوجود من جديد. وأن التغيير الديموغرافي الذي يحصل في أماكن تواجد الإيزيدية الآن، ومنذ سنتين، لم يحصل في تاريخ العراق بأكمله. ويوم أمس تعرضت امرأة إيزيدية في بيتها في قرية مل جبرا إلى القتل والتمثيل بالجثة على خلفية ما جرى في الشيخان.

  إننا وبحكم معرفتنا بالواقع الذي جرى الآن ومن قبل هذا الوقت على الخلفية التاريخية المعروفة نرى، بأن الذي يجري الآن هو امتداد لما كتبه السيد أنس محمد شريف الدوسكي في كتابه المشئوم "أتباع الشيخ عدي من العدوية إلى اليزيدية". ومن قبل ذلك من قبل آزاد سعيد سمو وكريم محمد عارف الجزراوي عندما أعلن من على منبر منارة الشيخان بدعوة الإيزيديين إلى الإسلام علناً ولم تحرك الأحزاب الكردية ساكناً آنذاك رغم الدعوات التي صدرت وطالبت بالتحقيق في القضية.

 ليكن بالعلم بأن الإيزيديين ليسوا بالسهولة التي يتوقعها البعض ولكنهم يتحلون بالحكمة والدراية ويقدرون الظرف الذي يمر به البلد ومأساة ومعاناة الإنسان العراقي في هذا الوقت. ولكن إذا ما تجاوزت الأمور حدودها فإن الأمر سوف يكون في غير هذا الوضع وان الإيزيديون ليسوا عبيداً لأحد وليسوا بالسهولة التي قد يتوقعها البعض بأنهم لقمة يمكن هضمها بالكيفية التي يتمناها البعض. ولقد قاومنا العشرات من حملات الإبادة من الأكراد أنفسهم، ونعلم باليقين بأن الذي يجري الآن هو من أخطر ما تعرض له المجتمع الإيزيدي على مر التاريخ وأن الكلمات المعسولة التي تعبر عن بعض الوجاهة سوف لن تمر بهذه السهولة التي قد يتوقعها البعض بأن المجتمع الإيزيدي لا يفهم ما يدور حوله من مؤامرات تخص مستقبله والنيل من ديانته. وعلى هذا الأساس ندعو الذين في قلوبهم مرض أن يصحوا ويدركوا مخاطر النار الذي يلعبون به وأن يغيروا العزف على مثل هذا الوتر، وأن الذي يجري الآن هو في الأساس ليس في صالح العملية السياسية للأحزاب الكردية في المقام الأول.

 وعليه، وكما كنا نقول في السابق فإننا سوف نرسل بهذه الرسالة إلى جميع المنظمات التي لها شأن دولي في قضية حقوق الإنسان وقضايا الشعوب المهددة بالانقراض بأن تعتبر هذه الرسالة من الوثائق الرسمية في قضاياها التي تدافع بها عن حقوق الأقليات العرقية المهددة بالانقراض في شمال العراق بعد (زمن الديمقراطية). كما وندعو جميع الإيزيديين في سنجار من ممثلي الأحزاب الكردية ومنظمات المجتمع المدني وشيوخ العشائر والشباب والمرأة ورجال الدين إلى التظاهر في اليوم الذي سيتم تعيينه لاحقاً للتعبير عن سخطها واستنكارها لما حصل في قضاء الشيخان في الوقت الذي كان بالإمكان تلافي الموضوع ببساطة ومعاقبة المعتدين من قبل السلطة دون إثارة هذه النعرات التي لا تخدم سوى مصلحة أعداء العراق في هذه الفترة الحرجة التي يمر بها البلد. كما وندعو كافة الإيزيديين في العالم للتظاهر وتقديم مذكرات احتجاج إلى السفارات والبرلمانات في بلدانهم بهذا الخصوص.

  إن الذي حصل في قضاء الشيخان في الآونة الأخيرة هو إهانة للمقدسات الإيزيدية وتجاوز على حرمة المساكن والتهديد بالقتل والتشريد وهو مخالف للبنود والاتفاقيات الدولية وخاصة البند السابع والعشرين من الاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق الأقليات الدينية والعرقية. ولذلك نرفع صوتنا عالياً من خلال هذه المنابر العالمية بأن تتأكد من ما كتبنا في السابق بهذا الخصوص، وما نراه ونلمسه من تجاوزات على القيم والرموز الدينية الإيزيدية وأن يتم توفير حماية عالمية لمرقد لالش، لأن الذي ورد في كتاب السيد أنس محمد شريف الدوسكي هو بداية المطالبة بهذا المرقد الذي يعتبر حج الديانة الإيزيدية. نأمل أن لا يتطور الوضع إلى مزيد من التدهور. ومن الله التوفيق.

 

علي سيدو رشو/ ناشط في حقوق الإنسان

سنجار في 16/2/2007

rashoali@yahoo.com[/b][/font][/size]

 

صفحات: [1]