نحو المؤتمر القومي الكلداني العام
(1)
المؤتمر و توحيد الخطاب القومى
د . بولص ديمكار
من جملة المسائل التي تواجه الكلدان و مؤتمرهم القادم مسألة الخطاب الكلداني وتوحيده بما يخدم التوجه العام للقومية الكلدانية و اعني بذلك فحواه و مضمونه، اولياته و شكله. هذا الخطاب الذي يجب ان يغطي و يعكس بتقديري طرح واضح للمهام التي تواجهنا بما فيها المهام الآنية الضرورية لتحريك شأن الكلدان و شعورهم القومي و الاهداف البعيدة و النهائية لما نصبو اليه و نبغي تحقيقه.
مما يعقد امكانية بلورة هذا الخطاب بشكل قويم و مستقل حقيقة مفادها اننا الكلدان بالرغم من وعينا الواضح لتأريخنا المشترك ووحدة الارض و الإرث واللغة و الثقافة التي تجمعنا و توحدنا، فأنه لامد غير بعيد لم نعطى اهتماماً كافياً و ملحوظاً لحراكنا السياسى و القومى .
فمن الناحية السياسية و يبدو ذلك واضحاً عندما نتصفح ونفحص بإمعان التأريخ السياسي للكيان العراقي في الماضي القريب حيث يبرز للعيان بشكل واضح اننا الكلدان وضعنا مواطنتنا و شعورنا الوطني فوق الإنتماء القومي عبرالعمل و النشاط الفعال ضمن الاحزاب السياسية الوطنية العراقية آملين و معتقدين بان ذلك هو الطريق الوحيد لتحقيق طموحاتنا القومية و معتمدين في ذلك على قراءة قد تكون غير سليمة للواقع السياسي العراقي و تعقيداته وتطوراته.
لكي يكون خطابنا مستقلاً سياسياً وواضحا يجب ان يتم تحت اللافتة القومية و مع تعاون و تآلف وطني على القواسم المشتركة ، ليس المطلوب عزل نفسنا عن القوي الوطنية الفاعلة على الساحة الوطنية بل التعاون و التحالف مع كل الاطراف التي تعترف بحقوقنا و تساعدننا في نيلها.
و من نفس المنطلق و بحكم كون الاغلبية المطلقة من الكلدان مرتبطين بكنيستهم الكاثوليكية ولأن لهذا الارتباط ابعاد سياسية و دينية و قومية ، فإن مجمل قرارت الكلدان و توجهاتهم و البت في شؤونهم القومية لم تتحقق من دون زج المؤسسة الكنسية بشكل او بأخر فيها. بمعنى آخر اعتمد الكلدان على الكنيسة ليس في الامور الروحانية فقط بل و حتى الدنيوية و انا أجد في ذلك خلل أيضاً ولابد من تقويمه اذا كنا نريد ان يكون لنا خطاباً واضحاً و مستقلاُ. طبعاً هذا لايعني على الاطلاق التقليل من دور الكنيسة في الحفاظ على إرثنا الثقافي ولغتنا الجميلة وعلى قوميتنا ماضياً و حاضراً والذي هو موضع افتخارنا واعتزازنا و غيرتنا على كنيستنا العريقة.
المطلوب هنا باعتقادي ليس منافسة المؤسسة الكنسية أو عزلها أو ابعادها عن شاننا القومي بل العكس تماماً من خلال العمل يداً بيد و بتعاون و تفاهم متجاوزين التداخل في امور الاخر وبهدف ابراز دور العلمانين في الشؤون القومية و الدنيوية و في المقدمة منها احقاق حقوقنا القومية و الوطنية، كما انه يستوجب مؤازرة الكنيسة و مساعدتها في كل ما نحن العلمانيين بقادرين عليه و بالأخص في شؤون اللغة و الثقافة الكلدانية بغاية نشرها في صفوف الآجيال الناشئة و في الوقت ذاته تاركين للكنيسة و لرجال الدين الموقرين تأدية رسالتها الروحانية ،
واذا تمٌكننا من تحقيق ذلك أي ايجاد التوازن و خط عام نستند عليه في علاقاتنا مع الاطراف المعنية و اذا كنا نريد لنفسنا خطاباً واضحاً موجهاً و قادراً على ابراز هويتنا و خصوصينتا و ما يميزنا عن ألاخرين فإنه:
- يجب ان يكون مستقلاً و يعكس توجهاتنا القومية دون لبس او غموض من ناحية الاهداف و المنطلقات.
- يجب ان يكون موحدا و شاملاً و مفهوما يعكس اهدافنا المرحلية و كيفية تحقيقها مع اعلان و توضيح اهدافنا البعيدة.
- يجب ان يكون مبنياً على وضوح الموقف من الكنيسة و المؤسسة الكنسية و طريقة التعاون و التآلف بينهما.
- يجب ان يكون مبنياً على قراءة واضحة للواقع السياسي العراقي و العالمي و متغيراته و بالتالي
- يجب ان يكون متناغماً مع الخط الوطني العام و الهادف الى تحقيق طموحات الشعب العراقي في الحرية و العدالة و المساواة وفي حياة ديمقراطية سليمة.
- يجب ان يكون مرناً و قابل للتكيف مع المستجدات و ملائماً و متماشياً معها دون المساومة على المبادئ و البديهيات.
و أخيرا الخطاب الذي يملك كل هذه المقومات و الاسس لكفيل بتقريب وجهات النظر و بجعله مقبولاً من جماهيرنا التي نعول و نعتمد عليها في مسعانا لتحقيق غاياتها و اهدافها.
فما هي هذه الاهداف اذن؟ اقولها و بكل بساطة اهدافنا لا تتعدى ضمان كرامتنا في العيش الكريم و المساواة مع بقية الوان الفسيفساء العراقي و بشكل اكثر تحديدا:
- ألاعتراف بنا و التعامل معنا قومياً ككلدان وكوننا نشغل المرتبة الثالثة من ناحية التسلسل القومي و ليس كمسيحين فقط مع كل فخرنا و اعتزازنا بمسيحيتنا فالدين لله و الوطن للجميع.
- الإعتراف بنا كشعب اصيل و عريق لبلاد الرافدين وفق مفاهيم و قرارت الامم المتحدة في هذا الشأن مع ضمان كل ما يترتب على ذلك.
- العمل على ايقاف نزيف الهجرة داخل العراق و خارجه يداً بيد مع كل الاطراف ذات المصلحة كونه الاسلوب الوحيد للحفاظ على ديمومة و بقاء القومية الكلدانية مع العمل على تشجيع عودة النازحين الى مدنهم و المهاجرين الى العراق حال توفرالظروف الامنية و المعاشية والعمل على توطيد و تطوير العلاقة بين كلدان الوطن و المهجر.
- تسخير علاقات الكلدان و منظماتهم و بالذات المقيمين في المجهر للتعريف و الدفاع عن قضايانا العادلة و المشروعة.
- العمل على تطبيق نظام الادارة الذاتية حيثما امكن و اينما وجدت غالبية كلدانية فى مدن و قرى العراق المختلفة بما فيها العمل على فتح مدارس خاصة للتدريس بلغتنا الكلدانية .
- الوقوف و بكل حزم تجاه محاولات التغير الديمغرافي لقرانا و قصباتنا مهما كانت الحجج و المبررات و أي كانت الجهة الدافعة و القائمة بها.
- ضمان حقوقنا الاجتماعية و الديمقراطية و تثبيتها في دساتير الدولة و الاقليم و العمل على تعديل فقراتها بحيث يلغي كل ما يقلل من شأننا و دورنا كمواطنين متساوين في الحقوق و الواجبات طبقاً للوائح حقوق الانسان المعترف بها دولياً .
- تأمين ظروف حياتية مناسبة و ضامنة لسكن مناسب وعيش كريم عبرالتطويرالاقتصادي و الاجتماعي لمناطقنا من خلال المطلبة بإقامة مشاريع تؤمن خدمات و فرص عمل مناسبة للكل .
-المطالبة بإعادة كل الممتلكات و الاراضي المسلوبة عنوة من ابناء شعبنا في البلدات و القرى التى لازلنا نقطنها أو الى الامس القريب كنا نسكنها.
هذه بإعتقادي ما يستوجب التركيز عليها وتوحيد الجهود حولها و جعلها صلب خطابنا القومي الكلداني الموحد و هي مطروحة للنقاش و الاستزادة لكل من هو راغب و قادر و مهتم و غيور على قوميته و امته الكلدانية.
وشكراً
polesdanha@gmail.com