مؤسساتنا السياسية وصرخة الدكتورة منى ياقو
تيري بطرس
استمعت كما استمع الكثيرين الى المقابلة التي أجرتها إذاعة نوهدرا التي تبث من استراليا، مع ممثلة شعبنا في لجنة صياغة دستور إقليم كوردستان الجديد، وتعرفنا على مدى البون الشاسع بين ادعاءات مؤسساتنا السياسية والحقيقة، مع اهم وثيقة تهم شعوب إقليم كوردستان ليس اليوم بل على مدى المستقبل البعيد، لانها تحدد مستقبلهم وسبل عيشهم وحقوقهم وواجباتهم. والذي علمناه ان المؤسسات السياسية في وادي وسير عملية صياغة الدستور في واد اخر كليا، فلحد الان ثبت ان هذه المؤسسات كلها، لا بل حتى التي رشحت الدكتورة منى ياقو لتتبوأ هذا المنصب المهم والمصيري، لم تعر مهمتها أي اهتمام، ووضعت كل الثقل الفكري والمعنوي عليها، مما جعلها مقصوصة الجناحين وتشعر بانها وحيدة في معركة مصيرية مهمة. وباعتقادي ان مؤسساتنا السياسية، فشلت في تحديد مهمتها بين ان تطالب بحقوق شعبنا وبين ان تضمن مصالحها السياسية والتي تجنيها في الغالب على حساب الشعب او على حساب المؤسسات الأخرى من شعبنا.
من قراة ما حدث عند ترشيح الدكتورة منى ياقو، يتضح ان المؤسسات المشتركة في هذا الترشيح لم يهمها النجاح في مهمتها بقدر استغلال الامر إعلاميا لغرض تسويق الذات والقول انهم مهتمون للامر، والا لنسأل مع الدكتورة عن الدعم المقدم لها، من ناحية المقترحات والدراسات او الدعم السياسي من خلال خلق تحالفات لاقرار ما تطرحه. الم يكن من المفترض ان يقوم كل حزب بتكوين خليه تهتم بقراة وتقديم المقترحات الى قيادة الحزب والذي بدوره كان من المفترض ان يناقشها في تجمع مؤسسات وأحزاب شعبنا، ومن ثم تقوم الدكتور بتقديمها مقرونة بالاسباب والمبررات ومصاغة بلغة قانونية. وللعلم ان كل هذا لم يحدث وهذا علمناه من حديث الدكتور مع الإذاعة. وهو امر يرتقى الى جريمة بحق شعبنا، فاذا لم تكن مهمة الأحزاب والمؤسسات ضمان مستقبل الشعب، يا ترى ما هي مهامهم اذا؟ ان الدكتور منى بحاجة الى الدعم السياسي من خلال خلق تحالف ومساندين من أعضاء اللجنة، وهي بحاجة ماسة وكبيرة لتحديد مقدار التنازلات التي يمكنها ان تقدمها من خلال التفاوض، لانها ليست مستعدة ان تكون الضحية التي يمكن ان ترمي عليها أسباب الفشل. والظاهر ان الأحزاب والمؤسسات تدرك انها لا يمكنها ان تتفق وان تنجز أي شيء، ولذا فانها تريد رمي فشلها على الاخرين.
من خلال الاطلاع على بعض التعليقات على مقترحات التي قدمها الدكتورة الى القراء والتي اعتبرها جيدة عموما، لابداء الراي بها، وجدت ان اغلبها ركز على التسمية، وانني هنا أقول للدكتور ليس امامنا الان وامام عدم رغبة البعض في الحل والمجادلة لغرض عدم الوصول الى أي حل، لحين خسارة اخر فرد من أبناء شعبنا هناك، فعداء البعض للكلداني او للاشور او للسرياني فاق عداءهم لمن ذبحنا ولمن قتلنا ولمن تجاوز على حقوقنا. ان مسألة التسمية وباعتقادي اعلنها تجمع مؤسسات وأحزاب شعبنا، وهي التسمية الثلاثية، ويجب ان تمرر لكي نتمكن من ان نمرر حقوقنا، وكل من يعترض على هذه التسمية اما انه جاهل بما يراد منها او يريد فرض ما يؤمن به فقط ومهما كانت النتائج. ان التسمية الثلاثية، تثبت أمور مهمة وهي وحدة الشعب الذي ابتلى بالتسميات، والامر الاخر ان هذه التسميات تاريخية وترتبط بمراحل من تاريخ شعبنا، وان التسميات لا تعني ان دماءنا صافية من اشور او من بابل او من اورهي. بل تعني حملة هذا التراث كله والافتخار به وبدون تفرقة. التسمية الثلاثية باعتقادي، ان تم شرحها في مبررات اتخاذها ستحمي وحدة الشعب والأمة، وتمنح الخيار لكل انسان حينما يسأل عن انتماءه ان يذكر احد هذه التسميات الثلاثة لكي يدرك السامع انه من هذا المكون. ليس مطلوبا مني ان أقول انا كلداني سرياني اشوري، فقط ان أقول احداهما مفهوم قانونيا انني من المكون الكلداني السرياني الاشوري وتسري علي كل ما يقره القانون لنا. اما متى ستحل المشكلة، باعتقادي ان الأجيال القادمة سيحلوها واتركوها لهم ولا تحددوا انتم ما تريدونه منهم. ان بعض أبناء شعبنا مستعدين للقبول بزوال تواجدنا من ارض الوطن، ولكنهم ليسوا مستعدين ابدا للجلوس مع اخيهم الاخر الا مستسلما ورافعا الراية البيضاء، انهم استسلموا لمن اضطرهم للرحيل ولترك الوطن، ولكنهم ليسوا مستعدين للحوار مع من يمكن ان يشتركوا في بناء مستقبل واعد ومشترك لان أسس الهوية القومية لديهم واحدة كليا ولا تختلف الا التسمية. ولكنه مع كل ذلك ولاجل عيون التسمية مستعدين لتدمير الهيكل على الذات، على وعلى اعدائي.
يبقى الإشارة الى ما اعتبره اعتراض الدكتورة على ضم دستور إقليم كوردستان لسهل نينوى حسب المسودات المقررة، اود الإشارة الى ان اعتراض بعض أبناء شعبنا على ذلك يبقى بالنسبة لي غير مفهوم، فاساسا أبناء شعبنا لم يحكموا او يديروا يوما سهل نينوى، فحتى المخصصات التي كان يجب ان تصرف عليه من الميزانية المركزية لم تصل او لم يستفد منها أبناء سهل نينوى من أبناء شعبنا، والصراع عليه في الآونة الأخيرة كان بين السنة والشيعة والكورد، ولكل منهم مبرراته او من يعتمد عليه، وكان أبناء شعبنا هم من المهمشين لدى الكل، في تقرير مصير سهل نينوى، اليوم علينا ان نفكر بمصالحنا ضمن العراق، اليس من الأفضل ولو قانونيا ضم كتلة أبناء شعبنا في سهل نينوى على الكتلة المتواجدة في إقليم كوردستان، حيث سيزيد ذلك من وزننا الديموغرافي وتاثيرنا في القرار السياسي للإقليم ومن خلاله على المركز، ان الاصلح بقاء شعبنا مشتتا بين منطقتين قانونيتين وفي كلاها هو مهمش؟ اما مسألة تغيير اسم أربيل الى هولير باعتقادي هو خطاء يقترفه القوميين الكورد، فهولير هي تسمية حديثة، وليس لها ذلك العمق التاريخي الذي لاسم أربيل ان أربيل تعتبر من احدى اقدم المدن لا يزال يسكنها البشر ومحتفظة بصيغة قريبة من تسميتها القديمة، فمهما حاول الاخوة الكورد تغيير هذا الامر فان التاريخ لا يسكت عن اظهار ذاته وحقائقه. كان من الأفضل بقاء تسمية أربيل لانه يبرز هذا العمق التاريخي ويبرز الاستمرار الإنساني والتنوع البشري فيها، اما هولير فانا اعتقده حقا خسارة اكثر مما هو كسب.
هل فات الوقت، ام انه بات على مؤسساتنا السياسية ان تصحوا، لعل وعسى يمكنهم ان يمرروا شيئا مفيدا لشعبنا. قلتها مرارا، وساكررها هنا، ان من يدعي العمل لشعبنا عليه ان يقدم ما يؤيد ذلك من خلال تغييرات قانونية او دستورية طالب بها ليس إعلاميا بل من خلال وثائق ودراسات قدمت وان لم يتم الاخذ بها.
اشتكت الدكتورة منى من قيام البعض بتمرير بعض المطالب من خلال اخرين او بتجازها، وهنا أقول انها عادة مستأصلة، وهل نسينا حرب العرائض التي اقدمنا عليها قبل إقرار الدستور العراقي،وهل نسينا ان بعض المؤسسات كانت تغيير عرائضها وحسب تغيير الراعي السياسي لها، مما جعلنا اضحوكة امام الاخرين، ان البعض يريد تكرار المسالة لانه لايهمتم بمصير وبمكانه شعبه، انه يهتم بالانتقام من الاخر سواء كان كلدانيا اوسريانيا او اشوريا. ان عملية الخداع الذاتي التي يقودنا البعض اليها تقول بحل مشكلة التسمية عراقيا، علما ان أبناء شعينا في ايران وتركيا وروسيا وأرمينيا وجورجيا وسوريا ولبنان والمهجر لهم دور كبير في ذلك، وهو دور الحاسم.
يمكنك الاستماع للمقابلة على الرابط التالي
http://nohadraradio.com/2015/07/interview-with-dr-mona-yaco-iraq-member-of-the-committee-preparing-the-constitution-of-the-territory-northern-iraq-government-27-7-2015/
الاطلاع على مقترحات الدكتورة منى على الرابط التالي
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,786669.0.html
لقاء الدكتورة مع محطة ANB
http://www.ankawa.org/vshare/view/7746/drmuna-youkhana/