عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


مواضيع - نمير لوسيا

صفحات: [1]
1
رحلة مخطوطة باعوثا دننوايه من تخوما الى تياري عليثا الى تلكيپه ( تلكيف ) في الربع الاول من القرن التاسع عشر .
يسعدني ان تشاركوني الرحلة في رحاب الذاكرة لنتجول معاٌ هذه المرة في الشمال الشرقي لما بين النهرين وفي اقليم تياري وهكاري تحديداً وذلك في الربع الاول من القرن التاسع عشر . هذا الاقليم الجبلي الساحر الواقع جنوب بحيرة فان ، وطن الجبال الشاهقة حيث تعلو في ارضه سلسلة جبال جيلو ثاني اعلى قمة في تركيا وتنتشر فيه الوديان العميقة التي يشقها نهر الزاب الكبير الذي يُشكل مع تلك الجبال التي تغطي قممها الثلوج وتلك الوديان الخضراء التي تزينها الزنابق والازهار الطبيعية المختلفة الالوان ، لوحة ربانية طبيعية خلّابة في غاية الجمال.
تبدأ رحلتنا اليوم من قرية گِسّا المباركة ( ܩܪܝܼܬܼܵܐ ܒܪܝܼܟܼܬܵܐ ܓܸܣܵܐ) القريبة من كنيسة الشهيد المُظفر مار شمعون برصباعي في تخوما - هكاري ومنها الى قرية چمبا (ܓ̰ܲܡܒܵܐ ) في تياري عليثا-العليا وتنتهي رحلتنا في محلة يلدا في قرية تلكيف الكبيرة ( ܬܸܠܟܹܐܦܹ̈ܐ) على مشارف مدينة نينوى الشمالية هذا هو المسار الذي قطعته مخطوطتنا اليوم والتي هي جزءاً من مخطوطات مكتبة تلكيف . كُتبت هذه المخطوطة في قرية گِسّا - تخوما بحدود عام 1824م- 1825م وهي الفترة التي ساد فيها نوع من الهدوء النسبي لانها سبقت محاولة ميركور امير راوندوز لإخضاع هكاري عام 1838م وسبقت مجازر بدرخان امير بوتان الدموية على تياري 1843م وتخوما 1846م وطالما نحن في تخوما ولم نبدأ الرحيل بعد فلا يسعنا الا ان نزور كنيسة مار پثيون العريقة هناك وقبل ان ننطلق الى جيلو لنزور كنيسة الطوباي مار زيا ونتبرك بصلواته فان الحنين يغزونا والشوق يجتاحنا لنلقي السلام على منيانش ارض اصدقائي وجيراني الطيبين فليس لنا الا ان نتجه جنوبا ونتستمع بجمال وادي منيانش الساحر حيث غابات الجوزالكثيفة فمن هذه الارض الطيبة قدم جيراننا الاعزاء عما إنويا وخلتو خمه وعما كيوركس وخلتو خنه ، وبعد زيارة كنيسة مار زيّا في جيلو ننطلق غرباً باتجاه الزاب لنصل الى قرية ليزان الكبيرة ونعبر من خلال الجسرالمعلق المُقام فوق الزاب هناك الى تياري عليثا ونتجه الى قرية چمبا تحديداً مركز تياري العليا ونقوم بزيارة كنيسة مار سركيس الشهيد هناك قبل ان ننطلق من هناك باتجاه آشيثا مركز تياري السفلى جنوبا لنتجه بعدئذٍ صوب عمادية ومنها الى دهوك ومن ثم الى سهل نينوى الشمالي.
تذكر المخطوطة بأن القس هَيذني تاخؤا( التخومي ) ( ܗܲܝܕܢܝܼ ܬܵܚܘܿܒܼܵܐ ) ابن المرحوم القس ياو منا ( ܒܲܪ ܡܢܵܚܵܐ ܩܲܫܝܼܫܵܐ ܝܵܒܼܘ ܡܸܢܵܗ ) من قرية گِسّا ( ܩܪܝܼܬܼܵܐ ܓܸܣܵܐ ) قام بإستنساخ كتاب ميامر الباعوثا ( كتاب طقس باعوثا دننوايه لكنيسة المشرق) التي تم اختيارها من ميامر الطوباي مار افرام تلك التي رتبها ونظمها شمس القديسين ربان يقيرا رئيس دير مار ايليا القريب من الموصل .
وتكمُن اهمية هذه المخطوطة الجميلة التي نجت من النكبات التي تلت على هذا الاقليم- تياري وهكاري في النصف الاول من القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين والذي انقطع فيه الوجود المسيحي منذ 1924 بأنها من المخطوطات القليلة التي سلمت من الدمار ووصلت الينا بحالة جيدة وتزودنا كذلك ببعض المعلومات عن مراكز استنساخ المخطوطات في هذا الاقليم في القرون التي خلت والحالة العامة لتلك المخطوطات من حيث التنسيق العام وجمالية الخط والالوان المستعملة . انتقلت هذه المخطوطة ما بين قرية گِسّا - تخوما الى چمبا- تياري عليثا حيث اشتراها المؤمن اوراهم خايل لاجل كنيسة مار سركيس الشهيد المظفر وانتهى بها المطاف في حوزة بنو ابن گگو من عائلة كساب التلكيفية التي تسكن في محلة يلدا ( ܬܸܠܟܹܦܹ̈ܐ ) واصبحت بعدئذ جزءاٌ من مخطوطات كنيسة تلكيف .

2
نظرة وتحليل لكتاب طقس الرسامات الخاص بالبطريرك يوسف اودو الذي كتب في تلكيف عام 1824 ميلادي
[ ܟܬܼܵܒܼܵܐ ܕܛܲܟܼܣܵܐ ܕܲܣܝܵܡܝܼܕܵܐ ܕܟܼܠ ܬܸܓܼܡܝܼ̈ܢ ܕܲܒܼܢܲܝ̈ ܥܹܕܬܵܐ ]
يسعدني ان اشارككم الرحلة في فضاء الذاكرة اللامحدود ونحن نسافر في قطار الماضي الى الربع الاول من القرن التاسع عشر ونحن لا نحتاج من اللغات للتفاهم سوى لغة ابائنا السورث حيث تجري احداث هذه السطور في سهل نينوى وخصوصاً في بلدات تلكيف وتلسقف والقوش وفي دير الربان هرمزد ، ذلك الصرح الجميل القابع في جرف جبل القوش وفي ثنايا صوامعه الموحشة المُتناثرة حول الدير، ومن هذا السهل الفسيح ننتقل الى اعالي ما بين النهرين الى مدينة آمد - دياربكر مقر فرع كنيسة المشرق المُتحد مع روما ( البطاركة اليوسفيين الكلدان ) وماردين مسقط راس الأنبا الشهيد جبرائيل دنبو مُجدد الرهبنة الانطونية الهرمزدية الكلدانية واخيراً مدينة سعرت القابعة في ذلك السهل الخصب الممتد بين جبال بتليس العالية في الشمال وجبال بوتان في الجنوب الشرقي حيث مركز ابرشية سعرت الكلدانية منذ عام 1555 في عهد البطريرك عبديشوع الرابع مارون وقبل ان تكتمل رحلتنا نأخذ قسطا من الراحة في رحاب دير مار يعقوب الحبيس الواقع على قمة جبل يطل على نهر البوتان جنوب سعرت والذي كان مقر كرسي البطاركة الكلدان الثلاثة الذين خلفوا البطريرك يوحنا سولاقا بلو منذ عام 1555 وحتى عام 1600 حيث عاش ودفن هناك البطريرك الشاعر والخطاط عبديشوع مارون الجزراوي فنلتقي هناك المطران ميخائيل كتولا [1] الواعظ الحاذق والخطاط الماهر واحد ابناء الرهبنة الانطونية الهرمزدية الذي رمم الدير واحضر عشرة رهبان من دير الربان هرمز من اجل اعادة الحياة الرهبانية فيه .
بحوزتنا اليوم مخطوطة مهمة لطقس رسامات جميع درجات خُدام الكنيسة من القارئين والشمامسة والكهنة والاساقفة مع طقوس اخرى[ܟܬܼܵܒܼܵܐ ܕܛܲܟܼܣܵܐ ܕܲܣܝܵܡܝܼܕܵܐ ܕܟܼܠ ܬܸܓܼܡܝܼ̈ܢ ܕܲܒܼܢܲܝ̈ ܥܹܕܬܵܐ] من مكتبة ابرشية عقرة تعود هذه المخطوطة لتلك الحقبة الذهبية من الحياة الرهبانية في دير الربان هرمزد التي ابتدأت بافتتاح الدير عام 1808 ميلادي على يد الأنبا الشهيد جبرائيل دنبو وحتى استشهاده في حملة ميركور امير راوندوز على القوش عام 1832، كُتبت هذه المخطوطة في قرية تلكيف المباركة عام 1824 ميلادي على يد الشماس شمعون ابن بطرس من عائلة اسمر التلكيفية التي تمتد جذورها الى مدينة آمد - ديار بكر وتكتسب هذه المخطوطة اهميتها من كونها من ممتلكات البطريرك يوسف اودو( 1878-1790) والكتاب الذي استعمله لطقس الرسامات حيث تذكر احدى الهوامش الخطية ان المطران يوسف اودو مطران العمادية امتلك هذا الكتاب في ايلول عام 1825 ميلادي وهو نفس العام الذي نال فيه الرسامة الاسقفية مع االمطران غناطيوس دشتو( تلسقف) [2] في آمد -دياربكر على يد المدبر البطريركي في ديار بكر يوسف الخامس اغسطين هندي وهذه هي الكوكبة الثانية من رهبان دير مارهرمزد التي نالت فيه الدرجة الاسقفية بعد تجديد الحياة الرهبانية فيه بعد الدمار الذي ناله من حملة نادر شاه على الموصل (1743م ) التي تم فيها قتل الرهبان وحرق الدير والاستحواذ على ممتلكاته. والجدير بالذكر بأن الكوكبة الاولى من رهبان دير الربان هرمزالتي نالت فيه الدرجة الاسقفية في آمد- دياربكر عام 1824م تكونت من المطران باسيليوس اسمر ( تلكيف) [3] و المطران لورنسيوس شوعا ( تلسقف) [4]واما المطران ميخائيل كتولا فقد نال الرسامة الاسقفية عام 1826ميلادي . تنازع على رئاسة كنيسة المشرق اثناء تجديد الحياة الرهبانية في دير الربان هرمزد كل من الفرع الكاثوليكي لعائلة ابونا في القوش والموصل المتمثل بالبطريرك يوحنا هرمزد ابونا مع البطاركة اليوسفيين الكلدان في آمد- دياربكر المتمثل بالبطريرك يوسف الخامس هندي ( المدبر بطريركي )حيث كان ابناء الكنيسة منقسمين في الولاء في كل البلدات والقرى. وفي تلك الاثناء مال رهبان دير مارهرمزد الى خط الرئاسة اليوسفي في آمد- دياربكر نتيجة للخلافات مع البطريرك يوحنا هرمزد ابونا وبالرغم من كل ذلك فأن هذا الدير وبعد تجديد الحياة الرهبانية فيه رفد الكنيسة ببطريرك كبير( يوسف اودو ) واساقفة وكهنة ورهبان عظام عاشوا القداسة واختبروا فاعلية الصلاة التي هي [علامة محبة الله في المثابر عليها ] بعد ان منحتهم صوامع ذلك الدير تلك الفرصة الفريدة للانعزال والابتعاد عن كل مباهج هذا العالم ومسراته فكانوا خير رعاة ومدبرين لابناء الكنيسة.
وتذكر المخطوطة بأن طقس الرسامات هذا نظمه ܡܵܪܝ ܩܘܼܦܪܝܵܢܘܣ ܡܝܼܛܪܵܦܘܿܠܹܝܛܵܐ ܕܢܲܨܝܼܒܼܝܢ( مار قفريانوس مطران نصيبين ܘܠܚܲܣܝܵܐ ܡܵܪܝ ܐܝܼܫܘܿܥ ܝܵܗܹܒܼ ܩܲܬܼܘܿܠܝܼܩܵܐ ܦܵܛܲܪܝܵܪܟܝܼܣ ( والقديس مار ايشوعياب الجاثليق ܘܠܡܵܪܝ ܝܼܣܪܵܝܹܠ ܚܲܪܝܼܦ ܙܵܘܥܹ̈ܐ ( ومار اسرائيل حريب زوعه ) *ܘܗܵܫܵܐ ܚܲܕܬܼܵܐܝܼܬܼ ܣܵܡ ܒܹܗ ܘܫܲܡܸܠܝܹܗ ܡܵܪܝ ܝܲܘܣܸܦ ܚܡܝܼܫܵܝܵܐ ܦܵܛܲܪܝܵܪܟܵܐ ܕܟܲܠܕ̈ܝܹܐ ܕܒܼܵܐܡܸܕ . ܟܲܕ ܡܢ ܠܸܫܵܢܵܐ ܠܵܛܝܼܢܵܝܵܐ ܠܸܠܫܵܢܵܐ ܣܘܼܪܝܵܝܵܐ ܘܐܵܪܒܼܵܝܵܐ ܬܲܪܓܸܡ ܘܗܵܕܹܐ ܗܘܸܬܼ ܒܲܫܢܵܬ ܐܦܟܕ ܡܵܪܵܢܲܝܬܵܐ (والآن من جديد وضعه واكمله مار يوسف الخامس البطريرك الكلداني في آمد حيث ترجم من اللغة اللاتينية الى اللغة السريانية والعربية وكان ذلك في عام 1824 ميلادي .
وفي الصفحات الاخيرة من المخطوطة نقرأ ما يلي اُبتدأ وتم الانتهاء من كتاب الرسامات لكل درجات الخدمة التي تُخدم في الكنيسة الكلدانية مع طقوس اخرى في مساء يوم السبت لاحد الكبيرلعيد العنصرة ( حلول الروح القدس ) والذي كان في 24 من شهر آيار لان عيد القيامة كان في يوم 5 نيسان في سنة 2135 يونانية الموافقة لعام 1824 ميلادي.
بيد اضعف الناس الشماس شمعون ابن بطرس من عائلة اسمرمن تلكيف واعلم ايها الاخ الحبيب بأنني عندما كتبت هذه السطور كنت في آمد وكتبتهم على مكتب مار يوسف الثاني[ البطريرك يوسف الثاني المعروف - من تلكيف ] وفي داخل قلايته البطريركية لتكن صلواته سوراً لنا . واعلموا احبتي بأن سبب مجيئ هنا كان لرسامة ابوين لنا في آمد حديثامن قبل الاب البار والقديس والطاهرابانا المُبجل مار يوسف الخامس وهؤلاء الاباء هم باسيليوس ( مارباسيليوس اسمر من تلكيف ) ولورنسيوس( مار لورنسيوس شوعا من تلسقف ) وانا الضعيف مكثت لديهم حوالي الشهر و بمناسبة هذه الايام كُتبت هذه السطورعلى يدي بنعمة الله .
ونستنتج من سياج الكلام بأن كاتب هذه المخطوطة الشماس شمعون بطرس اسمر كان على صلة قرابة عائلية مع المطران باسيليوس اسمر وان قدومه لآمد انما كان لحضور رسامته الاسقفية .
[1] المطران ميخائيل كتولا (1855- 1826): ولد في تلكيف سنة 1792م من عائلة كتولا التي تمتد في اصولها الى مدينة سعرت ، ترهب في دير الربان هرمز، رسمه البطريرك يوسف الخامس اوغسطين هندي مطراناً على سعرت سنة 1826م، وتمت رسامته في مدينة سعرت، رمم دير مار يعقوب الحبيس، وأحضر عشرة رهبان من دير الربان هرمز لإعادة الحياة فيه، كان خطيباً متفوهاً وخطاطاً ماهراً، توفي سنة 1855م ودفن في دير مار يعقوب الحبيس قرب سعرت.
[2]المطران اغناطيوس دشتو ( 1868-1824) ولد في تلسقف سنة 1794م دخل الرهبنة الهرمزدية الأنطونية ورسم كاهناً سنة 1822. رسمه البطريرك هندي مطراناً على آمد وقرى الموصل. نقل إلى أبرشية ماردين سنة 1827. توفي سنة 1868 .بعد أن دبر أبرشيته أربعين سنة، وخلالها وسع كاتدرائية الربان هرمزد وشيد دار المطرانية.
[3] المطران باسيليوس اسمر(1853-1824) : ولد منصوراسمر في تلكيف عام 1789م ودخل الرهبنة في دير مار هرمزد في عهد رئاسة الأنبا جبرائيل دنبو ، رسم كاهنا عام 1822م في آمد ، ومن ثم رسم مطرانا لابرشية العمادية عام 1824 باسم مارباسيليوس ولكنه عين مدبراً على كرسي آمد لمدة خمسةعشر عاما ومن ثم نقله البطريرك نيقالوس زيعا الى ابرشية الجزيرة حتى عام 1851م ، رجع الى تلكيف في عهد البطريرك يوسف اودو وتوفي عام 1853م.
[4] المطران لورنسيوس شوعا ( 1853-1825) : ولد توما گبارا في تلسقف ودخل الرهبنة عام 1817م في دير مار هرمزد في عهد رئاسة الأنبا جبرائيل دنبو. رسم كاهنا عام 1822 ثم اسقفا لأبرشية بابل على يدالبطريرك ماريوسف الخامس هندي خدم في بغداد سبع سنين ثم دبر ابرشية كركوك وسنا حتى وفاته في الموصل 1853م.


3
تأملات في صوم الباعوثا
لم يكن الانقطاع عن عمل الأشياء التي يستهويها الانسان الا صوماً وترويضاٌ للجسد وفي ذات الوقت وقفة تأمل وتصحيح للمسار، فالخضّات والكبوات التي يتعرض لها الانسان في حياته الايمانية كثيرة ولكن بالرغم من ذلك فلابد من النهوض وتصويب البوصلة . فما حياة المؤمن الا حلبة صراع يزداد فيها شدّة الصراع في بيئة يكون فيها التوافق بين القيم الإيمانية التي يلتزم بها المؤمن وقيم المجتمع السائدة قليلاً فيزداد عندئذٍ الصراع الداخلي على الذي يستحوذ على مقاليد القيادة وعلى الطريق التي ينبغي سلوكها للوصول الى الهدف المنشود ومن هنا كان لابد للمؤمن ان يقف في محطات ايمانية للتدقيق ومراجعة البيانات للتأكد من انه سائر حسب الخطة المنشودة والا فلابد من تصحيح المسار وفق خطة جديدة ، هذا التغيير في الاتجاه يحتاج الى ادوات وخطة طريق جديدة للمرحلة المقبلة ومن هنا برزت فكرة الصوم التي هي توقيف مسيرة الحياة والتأمل في ايجابيات وسلبيات المرحلة السابقة من اجل تصحيح مسار المرحلة القادمة وفي حال غياب التأمل ومراجعة الذات فإن الوصول الى الهدف المنشود او على الاقل السيرفي الطريق التي تقود اليه يكون صعباً في خضم الحياة التي يكتنفها الكثيرمن غيوم الضلال.
ولما كان السبب الذي ادى لظهور هذا الصوم في نهاية القرن السادس الميلادي هو كثرة الخطايا والذي تكلل في انتشار مرض الطاعون ( ܫܲܪܥܘܼܛܵܐ - شرعوطا ) في كل مقاطعة بيث گرماي( كركوك ) وآثور(الموصل) وبعد ان صلى الناس من اجل ابعاد هذا القصاص عنهم سُمع صوت الملاك القائل [ افرضوا صوما واعملوا باعوثا (ابتهال الى الله ) فاوقف عنكم هذا الوباء القاتل] . ولما لبوّا الطلب من تلك الساعة واجتمعوا في الكنائس وفي اليوم الاول من الابتهال الى الله وطلب المغفرة والذي كان يوم الاثنين ارخى الملاك الذي كان يُبيد يده فلم يعاني من الحمى احداً ولم يمت الا القليل ممن كانوا يعانون مسبقاً من الطاعون وزال عنهم الوباء بقوة الصلاة . فما احوجنا اليوم الى وقفات في محطات قطار حياتنا لتغيير المسار والابتهال الى الله لكي يُقشع عن سماء حياتنا المعاصرة كل غيوم امراضنا وما اشد حاجتنا الى الصلاة التي نرتقي عبر جسورها الى عالم بلا خوف وبلا الم .
بهذه المناسبة العزيزة يسعدني ان اترجم لكم جزءاً من عونيثا دباعوثا دننوايه( ܥܘܼܢܝܼܬܼܵܐ ܕܒܼܵܥܘܼܬܼܵܐ ܕܢܢ̈ܘܵܝܹܐ ) ليوم الاربعاء من مخطوطة تعود لكنيسة باطنايا الكلدانية 1744AD
[vhmml ccb 000032]
تضم اعمال الشاعر الكبير كيوركيس وردة الاربيلي ( ܓܝܼܘܲܪܓܝܼܣ ܘܲܪܕܵܐ ) المُلقب بشاعر العذراء من القرن الثالث عشر بالاضافة الى عونياثا للجاثليق ايشوعياب الثاني الجدّالي وشليمون مطران فرات ميشان ( البصرة ) وايليا برشنّايا مطران نصيبين . هنالك دلائل مباشرة في النص كما يظهر بأن جماعة المؤمنين مجتمعة في الكنيسة وتصغي الى الطلبة التي هي نوع من الصلاة الصغيرة تُقال نيابة عن كل طبقات المجتمع وعن كل شعوب العالم المسيحي . قام الاستاذ Anton Pritula مشكوراً بنشرمقالة عن هذه الترتيلة التي هي منسوبة في بعض المخطوطات لمار شليمون مطران فرات ميشان ( البصرة ) من القرن الثالث عشرمع ترجمة انكليزية استناداً لمخطوطة فاتيكانية تعود لعام 1568AD . ويمكننا الاستدلال على ان زمن كتابة هذه الترتيلة هو مطلع القرن الثالث عشر وفي الفترة التي تسبق دخول المغول الى العراق وسقوط بغداد (1258) فمن ضمن الطلبات يسأل المؤلف ان يقبل الله طلبة الصينين والهنود ومن ثم الاتراك والمشارقة الذين يخدمون المسيح في كنائس من الخيم (وهي الفترة التي كان فيها المغول والترك قبائل رعوية) والجدير بالذكر انه كان لكنيسة المشرق ابرشيات عديدة على طول طريق الحرير الممتد الى الصين والتي انتهت بعد الاجتياح المغولي لفارس والعراق وتحول المغول الى الاسلام في نهاية القرن الثالث عشر ومطلع القرن الرابع عشر.
ܐܘܿ ܫܵܡܘܿܥܵܐ ܕܲܨܠܵܘ̈ܬܼܐ
يا سامع الصلوات
ܘܡܩܲܒܿܠܵܢܵܐ ܕܒܵܥ̈ܘܵܬܼܐ
والراضي بالطلبات
ܘܲܡܦܲܢܝܵܢܐ ܕܫܹ̈ܐܠܵܬܼܵܐ
ومستجيب التضرّعات
ܫܡܲܥ ܨܠܵܘ̈ܬܼܢ ܘܒܼܵܥܘ̈ܵܬܼܢ
اسمع صلواتنا والتماساتنا
ܘܨܲܠܝܼ ܐܸܕܢܵܟܼ ܠܲܚܢܲܓܼܬܢ
وأنصت لشجي احزننا
ܘܠܵܐ ܬܲܗܦܸܟܼ ܐܲܦܝ̈ܟ ܡܸܢܲܢ
ولا تُغضي الطرف عنا
ܕܐܲܢܬܿܘ ܣܲܒܼܪܢ ܘܒܹܝܬܼ ܓܵܘܣܲܢ
فأنت رجأنا وملجنا
ܕܒܲܬܼܪܲܥ ܪܲ̈ܚܡܲܝܟ ܢܵܩܫܝܼܢ
فإننا نطرق ابواب مراحمك
ܘܲܠܡܵܪܘܼܬܼܵܟ ܡܦܝܼܣܝܼܢܲܢ
ونتضرع لربوبيتك
ܒܕܡܥܹ̈ܐ ܕܚܲܫܵܐ ܘܐܡܪܝܼܢܲܢ
بدموع الحزن قائلين
***************
ܩܲܒܸܿܠ ܡܵܪܲܢ ܒܵܥܘܼܬܼܵܐ
اقبل يا رب طلبة
ܕܡܘܼܚܵܐ ܘܩܲܪܩܲܦܬܼܵܐ ܕܥܹܕܬܵܐ
رئيس وهامة الكنيسة
ܕܗܵܐ ܩܵܐܹܡ ܒܪܹܫ ܡܲܪܥܝܼܬܹܗ
الذي يقوم برئاسة رعيته
ܐܲܝܟܼ ܡܘܼܫܹܐ ܒܪܹܫ ܝܣܪܵܝܹܠ
كما ترأس النبي موسى الاسرائليين
****************
ܩܲܒܸܿܠ ܡܵܪܲܢ ܒܵܥܘܼܬܼܵܐ
اقبل يا رب طلبة
ܕܥܠܠܵܢܹ̈ܐ ܘܪܸ̈ܫܲܝ ܟܘܼܡܪܹ̈ܐ
الرعاة والاحبار
ܕܗܵܐ ܬܠܸܐ ܚܝܵܪܗܘܿܢ ܠܲܫܡܲܝܵܐ
الذين يرفعون نظرهم الى السماء
ܘܫܵܐܠܝܼܢܲܢ ܪ̈ܲܚܡܹܐ ܥܲܠ ܥܲܠܡܵܐ
طالبين الرحمة على العالم
**************
ܩܲܒܸܿܠ ܡܵܪܲܢ ܒܵܥܘܼܬܼܵܐ
اقبل يا رب طلبة
ܕܐܦܣܸܩܘ̈ܦܹܐ ܛܥܝܼ̈ܢܲܝ ܫܚܵܩܹ̈ܐ
الاساقفة حاملي العناء
ܕܗܵܐ ܚܵܝܪܝܼܢ ܘܲܡܣܲܟܹܿܢ ܠܵܟܼ
الذين يتطلعون ويترجّون منك
ܕܲܬܼܦܲܢܸܐ ܠܗܘܿܢ ܫܹ̈ܐܠܵܬܼܗܘܿܢ
بأن تُستجاب لهم طلباتهم
*************
ܩܲܒܸܿܠ ܡܵܪܲܢ ܒܵܥܘܼܬܼܵܐ
اقبل يا رب طلبة
ܕܩܲܫܝܼ̈ܫܹܐ ܘܟܲܗܢܹ̈ܐ ܙܗܲܝܵ̈ܐ
القساوسة والكهنة الاجلاء
ܕܗܵܐ ܡܩܲܪܒܼܝܼܢ ܩܘܼܪ̈ܒܵܢܲܝܗܘܿܢ
الذين يقربون قرابينهم
ܒܟܼܠ ܐܲܬܼܪ̈ܵܘܵܢ ܚܠܵܦ ܥܲܡܵܐ
في كل اوطاننا من اجل الشعب
***********
ܩܲܒܸܿܠ ܡܵܪܲܢ ܒܵܥܘܼܬܼܵܐ
اقبل يا رب طلبة
ܕܲܡܫܲܡܫܵܢܹ̈ܐ ܘܠܹܐܘܵܝܹ̈ܐ
الشمامسة والخُدام
ܕܗܵܐ ܩܲܝܡܝܼܢ ܣܕܪ̈ܝܼܢ ܣܕܪ̈ܝܼܢ
الذين يقومون كجوقات
ܘܙܲܡܪܝܼܢ ܫܘܼܒܼܚܵܐ ܠܒܼܵܪܘܿܝܵܐ
وينشدون المجد للخالق
*************
ܩܲܒܸܿܠ ܡܵܪܲܢ ܒܵܥܘܼܬܼܵܐ
اقبل يا رب طلبة
ܕܗܘܸܦܬܼܝܲܩܢܹ̈ܐ ܟܲܫܝܼܪܹ̈ܐ
الشمامسة الرسائليين النشطاء
ܕܗܵܐ ܡܨܲܒܿܬܼܝܼܢ ܒܲܟܼܠܝܼܠ ܡܲܠܟܵܐ
المزّينين بإكليل الجبل
ܘܲܡܣܲܟܸܿܝܢ ܠܚܲܬܼܢܵܐ ܫܒܼܝܼܚܵܐ
والمُنتظرين للعريس المجيد
******************
ܩܲܒܸܠ ܡܵܪܲܢ ܒܵܥܘܼܬܼܵܐ
اقبل يا رب طلبة
ܕܩܵܪ̈ܘܿܝܹܐ ܩܵܪ̈ܝܲܝ ܫܲܦܝܼܪ
الشمّاسين القارئين الذين يقرؤون بحسن
ܕܗܵܐ ܙܵܪܥܝܼܢ ܒܐܸܕ̈ܢܲܝ ܟܠܢܵܫ
الذين يزرعون بآذان الكل
ܙܪܲܥ ܝܘܼܠܦܵܢܹܗ ܕܲܡܫܝܼܚܵܐ
زرع تعاليم المسيح
***************
ܩܲܒܸܿܠ ܡܵܪܲܢ ܒܵܥܘܼܬܼܵܐ
اقبل يا رب طلبة
ܕܥܲܒܼܕܵܟܼ ܕܐܝܬܲܝ ܡܸܣܟܹܢܵܐ
عبدك الذي هو ضعيف
ܕܠܵܟܼ ܓܵܥܢܵܐ ܒܲܚܢܲܓܼܬܵܐ
فإليك اصرخ بحزن
ܦܲܨܵܢܝ ܡܢ ܝܲܕ ܡܵܪܘܿܕܵܐ
انقذني من يد الطاغي
****************
ܩܲܒܸܿܠ ܡܵܪܲܢ ܒܲܥܘܼܬܼܵܐ
اقبل يا رب طلبة
ܕܟܵܬܼܘܿܒܼܵܐ ܐܵܦ ܕܐܵܡܘܿܪܵܐ
المؤلف والمرنّم
ܕܚܵܕܘܿܪܵܐ ܘܕܫܵܡܘܿܥܵܐ
الطوّاف والسامع
ܕܓܼܥܵܬܼܗܘܿܢ ܠܘܵܬܼܟܼ ܣܵܠܩܵܐ
فاستغاثتهم ترتفع لديك
*****************
ܩܲܒܸܿܠ ܡܵܪܲܢ ܒܵܥܘܼܬܼܵܐ
اقبل يا رب طلبة
ܕܝܼܚܝ̈ܕܵܝܹܐ ܘܥܲܢ̈ܘܵܝܹܐ
الرهبان المتوحدين والنُساك
ܕܗܵܐ ܚܒܼܝܼܫܝܼܢ ܒܩܸ̈ܠܵܝܵܬܼܗܘܿܢ
الذين هم في صومعاتهم محبوسين
ܘܐܸܚܲܕܘ ܬܲܪܥܵܐ ܒܐܲܦܝ̈ܗܘܿܢ
واوصدوا الابواب باوجههم
********************
ܩܲܒܸܿܠ ܡܵܪܲܢ ܒܵܥܘܼܬܼܵܐ
اقبل يا رب طلبة
ܕܲܡܫܲܒܿ̈ܠܵܢܹܐ ܘܕܲܬܼܪ̈ܝܼܨܹܐ
المُرشدين والمُصلحين
ܕܗܵܐ ܡܗܲܕܹܝܢ ܠܘܼܪܚܹܗ ܕܡܲܠܟܵܐ
الذين يرشدون لطريق الملك ( المسيح)
ܠܐܲܝܢܵܐ ܕܦܵܗܹܐ ܒܛܵܥܝܘܼܬܼܵܐ
كل من يتوه بالضلالة
*****************
ܩܲܒܸܿܠ ܡܵܪܲܢ ܒܲܥܘܼܬܼܵܐ
اقبل يا رب طلبة
ܕܐܲܒܼܝܼ̈ܠܹܐ ܛܥܝܼ̈ܢܲܝ ܚܲܫܹ̈ܐ
النُساك الزُهّاد المُحتملين للاحزان
ܕܗܵܐ ܚܲܫܝܼܫܝܼܢ ܘܐܲܒܼܝܼܠܝܼܢ
الذين يتألمون ويحزنون
ܥܲܠ ܩܢܘܿܡܲܝܗܘܿܢ ܘܥܲܠ ܥܲܠܡܵܐ
على ذواتهم وعلى العالم
******************
ܩܲܒܸܿܠ ܡܵܪܲܢ ܒܲܥܘܼܬܼܵܐ
اقبل يا رب طلبة
ܕܢܘܼܟܼܪ̈ܝܛܹܐ ܘܥܵܡܪ̈ܲܝ ܛܘܼܪܹ̈ܐ
الغرباء وساكني الجبال
ܕܗܵܐ ܦܵܗܹܝܢ ܐܝܲܟܼ ܚܲܝ̈ܘܵܬܼܐ
الذين يتوهون كالحيوانات
ܘܪܵܥܹܝܢ ܓܸܠܵܐ ܘܝܵܥ̈ܝܵܬܼܐ
ويقتاتون على العشب والنباتات
******************
ܩܲܒܸܿܠ ܡܵܪܲܢ ܒܲܥܘܼܬܼܵܐ
اقبل يا رب طلبة
ܕܲܡܣܲܡ̈ܥܠܹܐ ܟܹܝܬܼ ܘܲܡܣܲܪ̈ܩܹܐ
النُساك المُتقشفين وكذلك النُساك الفقراء المتجردين
ܕܗܵܐ ܠܒܼܝܼܫܼܢ ܒܘܼܪ̈ܕܥܹܐ ܒ̈ܠܵܝܹܐ
الذين يلبسون خِرْقات ( اثياب رّثة ) بالية
ܘܡܲܐܣܹܝܢ ܟܹܐܒܼܹ̈ܐ ܘܟܼܘܼܪ̈ܗܵܢܹܐ
ويعالجون الاوجاع والامراض
*********************
ܩܲܒܸܿܠ ܡܵܪܲܢ ܒܲܥܘܼܬܼܵܐ
اقبل يا رب طلبة
ܕܫܲܪ̈ܘܵܝܹܐ ܪܵܬܼܚܲܝ ܒܚܘܼܒܵܐ
الرهبان المبتدئين المُفعمين بالمحبة
ܕܗܵܐ ܐܲܪܦܝܼܘ ܨܸܒܼܝܵܢܲܝ̈ܗܘܿܢ
الذين تخلوا عن رغباتهم
ܘܐܲܫܸܠܡܘ ܢܲܦ̮ܫܗܘܿܢ ܠܪ̈ܲܒܵܢܹܐ
وجعلوا ذواتهم منقادة من قبل المعلمين
************************
ܩܲܒܸܿܠ ܡܵܪܲܢ ܒܵܥܘܼܬܼܵܐ
اقبل يا رب طلبة
ܕܪܹ̈ܫܵܢܹܐ ܘܣܵܒܲܝ̈ ܐܲܬܼܪܵܐ
زعماء وشيوخ البلد
ܕܗܵܐ ܫܒܲܩܘ ܬܫܸܡܸܫܬܵܗ ܕܡܲܠܟܵܐ
الذين تخلوا عن خدمة الملك
ܘܲܡܫܲܡܫܝܼܢ ܠܲܡܠܸܟܼ ܡܲܠܟܵܐ
وها هم يكملون خدمة ملك الملوك بالصلاة
************************
ܩܲܒܸܿܠ ܡܵܪܲܢ ܒܵܥܘܼܬܼܵܐ
اقبل يا رب طلبة
ܕܲܥܠܲܝ̈ܡܹܐ ܗܕܝܼܪ̈ܲܝ ܩܵܘܼܡܬܼܵܐ
الشباب جميلي القامة
ܕܗܵܐ ܒܲܪܝܼܟܼܝܢ ܥܲܠ ܒܘܼܪ̈ܟܲܝܗܘܿܢ
الذين يخرّون على رُكَبهم
ܘܠܐܲܪܥܵܐ ܡܨܲܒܿܥܝܼܢ ܒܕܸܡ̈ܥܲܝܗܘܿܢ
ويبلّلون الارض بالدموع
*****************
ܩܲܒܸܿܠ ܡܵܪܲܢ ܒܵܥܘܼܬܼܵܐ
اقبل يا رب طلبة
ܕܲܛ̈ܠܵܝܹܐ ܘܕܸܐܣ̈ܟܘܼܠܵܝܹܐ
الصبيان والتلاميذ
ܕܗܵܐ ܡܨܵܘܸܨܝܢ ܐܝܲܟܼ ܣܢܘܿܢ̈ܝܵܬܼܐ
وهم يغَردون كطيور السنونو
ܒܠܸܒܵܐ ܕܲܟܼܝܵܐ ܕܠܵܐ ܡܘܼܡܵܐ
بقلوب طاهرة بلا إثم
******************
ܩܲܒܸܿܠ ܡܵܪܲܢ ܒܵܥܘܼܬܼܵܐ
اقبل يا رب طلبة
ܕܝܲܠܘܼ̈ܕܹܐ ܝܲܢ̈ܩܲܝ ܚܲܠܒܼܐ
الاطفال الرضع
ܕܗܵܐ ܒܠܘܼܓܼܠܵܓܼܵܐ ܫܲܒܼܪܵܝܵܐ
الذين مع اول مُناغى ( اول الكلام الذي لا يُفهم )
ܫܵܐܠܝܼܢ ܡܸܢܵܟܼ ܥܘܼܕܪܵܢܵܐ
يطلبون منك المعونة
*****************
ܩܲܒܸܿܠ ܡܵܪܲܢ ܒܵܥܘܼܬܼܵܐ
اقبل يا رب طلبة
ܕܦܲܠܵܚܹ̈ܐ ܘܦܲܪ̈ܝܲܣܵܝܹܐ
الفعلة وعمال البساتين
ܕܗܵܐ ܙܵܪܥܝܼܢ ܡܵܙܘܢܲܝ̈ܗܘܿܢ
الذين يزرعون قُوتهم
ܘܛܵܡܪܝܼܢ ܒܐܲܪܥܵܐ ܥܲܠ ܣܲܒܼܪܵܟܼ
ويطمرون في الارض على رجاءك
*********************
ܩܲܒܸܿܠ ܡܵܪܲܢ ܒܵܥܘܼܬܼܵܐ
اقبل يا رب طلبة
ܕܐܲܟܵܪܹ̈ܐ ܘܡܵܪ̈ܝ ܙܲܪ̈ܥܹܐ
الفلاحين ومُلاك الاراضي
ܕܗܵܐ ܡܣܲܟܹܿܝܢ ܠܡܸܛܪܵܐ ܘܛܲܠܵܐ
الذين ينتظرون المطر والرطوبة
ܕܢܹܐܬܹܐ ܙܲܪܥܗܘܿܢ ܘܢܹܬܼܪܲܒܹܿܐ
لكي ينبُت زرعهم ويكبر
*******************
ܩܲܒܸܿܠ ܡܵܪܲܢ ܒܵܥܘܼܬܼܵܐ
اقبل يا رب طلبة
ܕܨܝܼ̈ܢܵܝܹܐ ܘܗܸܘܢ̈ܕܘܵܝܹܐ
الصينين والهنود
ܕܗܵܐ ܒܠܸܫܵܢܵܐ ܕܐܲܬܼܪܗܘܢ
الذين بلغات بلدانهم
ܡܪܲܡܪܝܼܢ ܠܲܫܡܵܟܼ ܘܣܵܓܼܕܝܼܢ
يمجدون اسمك ويسجدون
*******************
ܩܲܒܸܿܠ ܡܵܪܲܢ ܒܵܥܘܼܬܼܵܐ
اقبل يا رب طلبة
ܕܟܼܘ̈ܫܵܝܹܐ ܘܲܕܙܲܢܓܵܝܹ̈ܐ
اهل الحبشة والافارقة السود
ܕܗܵܐ ܐܝܼܬܼ ܬܲܡܵܢ ܟܪܹ̈ܣܛܝܵܢܹܐ
فهنالك يوجد مسيحيين
ܕܠܵܐ ܢܵܦܠܝܼܢ ܡܼܢ ܬܚܹܝܬܼ ܡܸܢܝܵܢܵܐ
لا يُحصى عددهم
***********************
ܩܲܒܸܿܠ ܡܵܪܲܢ ܒܵܥܘܼܬܼܵܐ
اقبل يا رب طلبة
ܕܛܘܼܪ̈ܟܵܝܹܐ ܘܡܲܕܢ̈ܚܵܝܹܐ
الاتراك وواهل الشرق (المغول)
ܕܗܵܐ ܡܫܲܡܫܝܼܢ ܒܥܹܕܲܬܼ ܡܸܫ̈ܟܹܐ
الذين يصلّون في كنائس من خيم جلدية
ܒܠܸܒܵܐ ܕܲܟܼܝܵܐ ܠܲܡܫܝܼܚܵܐ
بقلوب صافية للمسيح
*****************
ܩܲܒܸܿܠ ܡܵܪܲܢ ܒܵܥܘܼܬܼܵܐ
اقبل يا رب طلبة
ܕܡܸܨܪ̈ܵܝܹܐ ܘܕܹܐܣܩ̈ܛܵܝܹܐ
المصريين واهل الصعيد
ܕܗܵܐ ܬܲܡܢ ܐܵܓܹܒ̈ܛܵܝܹܐ
فهنالك اقباط
ܐܲܝܟܼ ܚܵܠܵܐ ܕܥܲܠ ܓܹܢ̃ܒܼ ܝܲܡܵܐ
بكثرة الرمال على ساحل البحر
***********************
ܩܲܒܸܿܠ ܡܵܪܲܢ ܒܵܥܘܼܬܼܵܐ
اقبل يا رب طلبة
ܕܒܲܒܼ̈ܠܵܝܹܐ ܘܕܵܐܬܼܘܿܪ̈ܵܝܹܐ
البابليين والآثورييين
ܕܗܵܐ ܪܹܫܵܢܘܼܬܼܵܐ ܕܥܹܕܬܵܐ
حيث رئاسة الكنيسة
ܫܓܼܝܼܫܵܐ ܘܲܒܼܠܝܼܠ ܛܘܟܵܣܵܗܿ
مضطربة وحالها مرتبك
*****************
ܩܲܒܸܿܠ ܡܵܪܲܢ ܒܵܥܘܼܬܼܵܐ
اقبل يا رب طلبة
ܕܐܲܬܼܪܵܐ ܕܝܼܠܲܢ ܡܸܣܟܹܢܵܐ
بلدنا الضعيف
ܕܗܵܐ ܡܫܲܒܿܚܝܼܢ ܠܐܲܠܵܗܘܼܬܼܵܟܼ
حيث يمجد شعبنا لإلوهيتك
ܘܫܵܐܠܝܼܢ ܡܸܢܵܟܼ ܫܘܼܒܼܩܵܢܵܐ
ويطلبون منك الغفران
*****************
ܩܲܒܸܿܠ ܡܵܪܲܢ ܒܵܥܘܼܬܼܵܐ
اقبل يا رب طلبة
ܕܒܹܝܬܼ ܓܲܪ̈ܡܲܝ ܘܕ݂ܵܩ̈ܘܿܩܵܝܹܐ
سكان بيث گرماي ومنطقة بيث قوقا ( كركوك الحالية - عراق )
ܕܗܵܐ ܬܲܡܢ ܥܘܼܡܪܹ̈ܐ ܫܒܼܝܼܚܹ̈ܐ
حيث هنالك اديرة عظيمة
ܕܲܡܪܲܥܹܝܢ ܠܵܟܼ ܒܥܲܡ̈ܠܝܗܘܿܢ
التي تُرضيك بسيرتها
*****************
ܩܲܒܸܿܠ ܡܵܪܲܢ ܒܵܥܘܼܬܼܵܐ
اقبل يا رب طلبة
ܕܲܡܚܝܼܠܘܼܬܼܝ ܘܲܕܚܠܵܫܘܼܬܼܝ
ضعفي ووهني
ܕܗܵܐ ܠܲܝܬ ܠܝܼ ܓܲܠܝܘܼܬܼ ܐܲܦܹ̈ܐ
حيث ليس لدي الثقة بالنفس
ܕܐܸܫܐܲܠ ܪ̈ܲܚܡܹܐ ܘܚܢܵܢܐ
لأسال الرحمة والحنان

4

مقتطفات مختارة من الترتيلة الميلادية (الحق الجلي ظهر) --- ܠܘܼܩܵܛܹ̈ܐ ܡܓܲܒܝܹ̈ܐ ܡܼܢ ܥܘܼܢܝܼܬܼܵܐ [ ܫܪܵܪܵܐ ܓܲܠܝܵܐ ܒܲܕܸܩ ]‬

يسعدني ان اقدم لكم ترجمتي لمقتطفات مختارة لهذه الترتيلة الميلادية (الحق الجلي ظهر) [ ܫܪܵܪܵܐ ܓܲܠܝܵܐ ܒܲܕܸܩ ܡܢ ܛܟܼܣܐ ܕܥܐܕܐ ܩܕܝܫܐ ܕܒܝܬ ܝܠܕܗ ܕܡܪܢ ] لنجول معاً في سماء الانجيل ونقف سويةً مع مؤلف هذه الترتيلة المشرقية الجميلة [ كنيسة المشرق] في كل المحطات التي وقف فيها الرب يسوع فنتأمل بشريته والوهيته من خلال الاحداث والمواقف التي تلتها لندرك سويةً بأن تاريخ الخلاص الالهي للانسان ابتدأ بتلك الليلة الميلادية وبتلك النجمة التي بزغت في ظلمة سماء الانسان والتي لم تكن سوى علامة على ان الذي ولد اليوم هو نجم البشرية الذي سوف يُضيء ليلها فتدرك معه سر الحياة وقصة الانسان. فالمسيح ليس نسمة هواء عليلة عابرة في صيف الانسانية ، بل افق رباني ابدي لاينتهي يلتقي فيه الانسان مع الله وفضاء جديد وسماء جديدة في ذلك الكون اللامتناهي من اعماق الانسان 
ܠܘܼܩܵܛܹ̈ܐ ܡܓܲܒܝܹ̈ܐ ܡܼܢ ܥܘܼܢܝܼܬܼܵܐ [ ܫܪܵܪܵܐ ܓܲܠܝܵܐ ܒܲܕܸܩ ]
مقتطفات مختارة من ترتيلة (الحق الجلي ظهر)
ܫܪܵܪܵܐ ܓܲܠܝܵܐ ܒܲܕܸܩ ܒܪܵ ܐܲܠܵܗܵܐ ܠܥܹܕܬܹܗ ܕܲܡܟܲܪ . ܟܲܕ ܨܒܼܵܐ ܒܚܘܼܒܹܿܗ ܘܐܸܬܼܵܐ ܠܥܲܠܡܵܐ ܘܐܲܟܼܪܸܙ ܐܲܠܵܗܘܼܬܹܗ ܘܐ̃ܢܵܫܘܼܬܹܗ
الحق الجلّي ظهر ابن الله لكنيسته خطب . عندما شاء بمحبته وجاء الى العالم وبشر عن ألوهيته وانسانيته
ܘܐܲܠܸܦ ܕܐܝܼܬܼܵܘܗܝ ܗ̃ܘܵܐ ܒܥܘܼܒܵܐ ܕܐܲܒܼܘܼܗܝ . ܡܼܢ ܩܕܵܡ ܥܲܠܡܹ̈ܐ ܕܠܵܐ ܫܘܼܪܵܝܵܐ. ܐܲܠܵܗܵܐ ܗ̃ܘܼ ܓܹܝܪ ܒܲܫܪܵܪܵܐ
وعلّم بانه كان في حضن أبيه من قبل بداية العالم .. [ الهاٌ كان حقاً ]
ܐܸܬܼܵܐ ܠܘܵܬܲܢ ܒܫܘܼܠܵܡ ܙܲܒܼܢܹ̈ܐ . ܘܲܢܣܲܒܼ ܦܲܓܼܪܲܢ ܘܒܹܗܘܼ ܦܲܪܩܲܢ . ܒܲܪܢܵܫܵܐ ܗ̃ܘܼ ܓܹܝܪ ܒܲܫܪܵܪܵܐ
اتى الينا في نهاية الازمنة وأخذ جسدنا وبه خلّصنا .. [ انساناً كان حقاً ]
ܐܲܟܼܪܙܘܼܗܝ ܢܒܼܝܹ̈ܐ ܒܓܼܠܝܵܢܲܝ̈ܗܘܿܢ ܘܒܲܕܩܘܼܗܘܝ ܟܹܐܢܹ̈ܐ ܒܝܲܕ ܐ̃ܪܵܙܲܝܗܘܿܢ. ܐܲܠܵܗܵܐ ܗ̃ܘܼ ܓܹܝܪ ܒܲܫܪܵܪܵܐ
بشّر به الانبياء في رؤاهم وتنبأ عنه الآبرار في اسرارهم .. [ الهاً كان حقاً ]
ܐܸܬܼܒܿܛܲܢ ܒܟܲܪܣܵܐ ܝܲܪ̈ܚܹܐ ܬܸܫܥܵܐ . ܘܐܸܬܼܝܼܠܸܕ ܬܘܼܒܼ ܐܲܝܟܼ ܒܲܪܢܵܫܵܐ. ܒܲܪܢܵܫܵܐ ܗ̃ܘܼ ܓܹܝܪ ܒܲܫܪܵܪܵܐ
حُبل به في الرحم تسعة اشهر ثم ولد كانسان .. [ انساناً كان حقاً ]
ܡܓܼܘܼܫܲܝ̈ ܦܵܪܹܣ ܛܥܲܢܘ ܘܐܲܝܬܿܝܼܘ ܠܹܗ ܕܲܫܢܹ̈ܐ ܫܒܼܝܼܚܹ̈ܐ ܥܲܡ ܩܘܼܪ̈ܒܵܢܹܐ . ܐܲܠܵܗܵܐ ܗ̃ܘܼ ܓܹܝܪ ܒܲܫܪܵܪܵܐ
مجوس فارس حملوا وجلبوا له هدايا نفيسة مع قرابين .. [ الهاً كان حقاً ]
ܥܪܲܩ ܗ̃ܘܵܐ ܠܡܸܨܪܹܝܢ ܡܼܢ ܗܹܪܘܿܕܣܹ . ܡܲܠܟܵܐ ܛܪܘܢܵܐ ܡܠܸܐ ܟܠ ܒܝܼ̈ܫܵܢ . ܒܲܪܢܵܫܵܐ ܗ̃ܘܼ ܓܹܝܪ ܒܲܫܪܵܪܵܐ
هرب الى مصر من هيرودس الملك الظالم الممتلئ من كل الشرور.. [ انساناً كان حقاً ]
ܪܵܥܵܘܵܬܵܐ ܪܗܸܛܘ ܠܐܝܼܩܵܪܹܗ . ܒܪܲܟܼܘ ܘܲܣܓܼܕܘ ܠܹܗ ܥܲܠ ܚܘܼܛܪ̈ܝܗܘܿܢ . ܐܲܠܵܗܵܐ ܗ̃ܘܼ ܓܹܝܪ ܒܲܫܪܵܪܵܐ
اسرع الرعاة لاكرامه فباركوا وسجدوا له على عصاتهم .. [ الهاٌ كان حقاً ]
ܪܒܸܵܐ ܘܐܸܫܬܵܘܫܲܛ ܒܩܲܘܡܬܵܐ ܘܚܹܟܼܡܬܼܵܐ . ܘܲܒܼܛܲܝܒܿܘܼܬܼܵܐ ܐܲܠܵܗܵܝܬܵܐ. ܒܲܪܢܵܫܵܐ ܗ̃ܘܼ ܓܹܝܪ ܒܲܫܪܵܪܵܐ
كَبر في القامة والحكمة وبالنعمة الالهية .. [ انساناً كان حقاً ]
ܥܡܲܕ ܗ̃ܘܵܐ ܒܝܘܿܪܕܢܲܢ ܒܲܪܢܵܫܵܐ ܗ̃ܘܼ ܓܹܝܪ . ܐܸܬܼܦܬܲܚ ܠܹܗ ܫܡܲܝܵܐ ܐܲܠܵܗܵܐ ܗ̃ܘܼ ܓܹܝܪ . ܐܲܟܼܪܙܹܗ ܐܲܒܼܵܐ ܒܲܪܢܵܫܵܐ ܗ̃ܘܼ ܓܹܝܪ . ܢܚܸܬܼ ܥܠܵܘܗܝ ܪܘܼܚܵܐ ܐܲܠܵܗܐ ܗ̃ܘܼ ܓܹܝܪ . ܨܵܡ ܘܐܸܬܼܢܲܣܝܼ ܒܲܪܢܵܫܵܐ ܗܘܼ ܓܹܝܪ . ܐܲܒܼܗܸܬܼ ܠܒܼܝܼܫܵܐ ܐܲܠܵܗܵܐ ܗܘܼ ܓܹܝܪ . ܐܸܬܼܩܪܝܼ ܘܐܸܙܲܠ ܠܒܹܝܬܼ ܡܸܫܬܘܼܬܼܵܐ . ܘܐܸܡܹܗ ܘܐܲܚܵܘ̈ܗܝ ܥܲܡ ܬܲܠܡܝܼܕܵܘ̈ܗܝ. ܒܲܪܢܵܫܵܐ ܗ̃ܘܼ ܓܹܝܪ ܒܲܫܪܵܪܵܐ
تعمذ في نهر الاردن .. [ انساناٌ كان] . تفتحت له السماوات .. [ الهاٌ كان ] . بشّر به الاب .. [ انساناٌ كان ] . نزلت عليه الروح .. [ الها كان ] . صام وتعرض للتجربة ..[ انساناٌ كان ] . اخزى الشيطان .. [ الها كان ] . دُعي وذهب الى العرس مع امه واخوته وتلاميذه .. [ انساناً كان حقاً ]
ܫܲܚܠܸܦ ܡܲܝ̈ܵܐ ܘܗܘܵܘ ܚܲܡܪܵܐ . ܐܸܫܬܿܝܼܘ ܙܡܝܼ̈ܢܹܐ ܘܫܲܒܲܚܘ ܠܫܡܹܗ . ܐܲܠܵܗܵܐ ܗ̃ܘܼ ܓܹܝܪ ܒܲܫܪܵܪܵܐ
احال الماء الى خمر فشرب المدعوون ومجدوا اسمه .. [ الهاً كان حقاً ]
ܥܲܠ ܠܒܹܝܬܼ ܠܹܘܝܼ ܘܲܠܒܹܝܬܼ ܙܲܟܲܝ ܘܠܒܹܝܬܼ ܫܸܡܥܘܿܢ . ܐܸܟܸܿܠ ܘܐܸܫܬܿܝܼ ܒܲܚܫܵܡܝܬܼܵܐ ܘܲܫܵܪܘܼܬܼܵܐ . ܒܲܪܢܵܫܵܐ ܗ̃ܘܼ ܓܹܝܪ ܒܲܫܪܵܪܵܐ .
اكل وشرب في وليمة العشاء والمآدبة في بيت لاوي ( متى كاتب الانجيل ) وزكا ( العشار) وشمعون ( سمعان الابرص ) .. [ انساناُ كان حقاً ]
ܐܲܣܝܼ ܟܪ̈ܝܼܗܹܐ ܘܐܲܚܠܸܡ ܡܲܪ̈ܥܹܐ . ܘܕܲܟܝܼ ܓܲܪܵܒܹܿܐ ܘܦܸܬܲܚ ܣܲܡܝܹ̈ܐ . ܐܲܠܵܗܵܐ ܗ̃ܘܼ ܓܹܝܪ ܒܲܫܪܵܪܵܐ
شفى المرضى وأبرأ المتألمين وطهّر البُرص واعاد البصر للعميان .. [ الهاً كان حقاً ]
ܕܡܸܟܼ ܒܲܣܦܝܼܢܬܵܐ ܒܲܪܢܵܫܵܐ ܗ̃ܘܼ ܓܹܝܪ . ܫܲܠܝܼ ܠܝܲܡܐ ܐܲܠܵܗܵܐ ܗ̃ܘܼ ܓܹܝܪ . ܣܠܸܩ ܗ̃ܘܵܐ ܠܛܘܼܪܵܐ ܒܲܪܢܵܫܵܐ ܗ̃ܘܼ ܓܹܝܪ . ܣܵܡ ܢܵܡܘܿܣܹ̈ܐ ܐܲܠܵܗܵܐ ܗ̃ܘܼ ܓܹܝܪ
نام في السفينة انسانا كان . سكّن البحر الهاٌ كان . صعد الى الجبل انساناً كان . وضع الشرائع . الهاً كان .
ܕܲܡܲܥ ܘܲܒܼܟܼܵܐ ܥܲܠ ܠܲܥܵܙܲܪ . ܘܲܫܲܐܸܠ ܘܐܸܡܲܪ ܕܐܲܝܟܵܘ ܩܲܒܼܪܹܗ . ܒܲܪܢܵܫܵܐ ܗ̃ܘܼ ܓܹܝܪ ܒܲܫܪܵܪܵܐ
دمعت عيناه وبكى على لعازر وسأل وقال اين قبره .. [ انساناً كان حقاً ]
ܩܪܵܝܗܝ ܘܐܲܩܝܼܡܹܗ ܡܢ ܓܵܘ ܩܲܒܼܪܵܐ . ܒܚܹܝܠ ܫܘܼܠܛܵܢܵܐ ܕܐܲܠܵܗܵܘܬܼܗ . ܐܲܠܵܗܵܐ ܗ̃ܘܼ ܓܹܝܪ ܒܲܫܪܵܪܵܐ.
ناده واقامه من القبر بقوة قدرته الالهية .. [ الهاً كان حقاً ]
ܡܫܲܚܬܹܗ ܡܲܪܝܲܡ ܡܸܫܚܵܐ ܕܒܸܣܡܹ̈ܐ . ܒܣܲܥܪܵܐ ܕܪܹܫܵܗ̇ ܟܲܦܪܲܬܼ ܓܘܼܫܡܹܗ . ܒܲܪܢܵܫܵܐ ܗ̃ܘܼ ܓܹܝܪ ܒܲܫܪܵܪܵܐ.
دهنت مريم [المجدلية قدمي المسيح ] بالطيب وبشعر رأسها نشّفت جسده .. [ انساناً كان حقاً ]
ܫܒܲܩ ܠܵܗ̇ ܚܵܘܒܹܿܝ̈ܗ̇ ܚܲܣܝܼ ܚܛܵܗܹܝ̈ܗ̇ . ܥܛܵܐ ܣܘܪܚܵܢܹܝܗ̇ ܘܣܲܟܼ̈ܠܘܵܬܼܵܗ̇ . ܐܲܠܵܗܵܐ ܗ̃ܘܼ ܓܹܝܪ ܒܲܫܪܵܪܵܐ.
غفرلها ذنوبها وصفح عن خطاياها ومحا رذئلها وحماقاتها .. [ الهاً كان حقاً ]
ܐܸܬܼܩܒܲܥ ܒܩܲܝܣܵܐ ܒܲܪܢܵܫܵܐ ܗ̃ܘܼ ܓܹܝܪ . ܨܲܪܝܼ ܠܫܘܿܥܹ̈ܐ ܐܲܠܵܗܵܐ ܗ̃ܘܼ ܓܹܝܪ . ܩܒܲܥܘ ܒܹܗ ܨܸܨܹ̈ܐ ܒܲܪܢܵܫܵܐ ܗ̃ܘܼ ܓܹܝܪ . ܦܸܬܲܚ ܠܩܲܒܼܪܹ̈ܐ ܐܲܠܵܗܵܐ ܗ̃ܘܼ ܓܹܝܪ .ܐܲܫܩܝܘܼܗܝ ܚܲܠܵܐ ܒܲܪܢܵܫܵܐ ܗ̃ܘܼ ܓܹܝܪ . ܨܪܵܐ ܗ̃ܘܵܐ ܠܗܲܝܟܠܵܐ ܐܲܠܵܗܵܐ ܗ̃ܘܼ ܓܹܝܪ . ܩܥܵܐ ܒܙܩܝܼܦܵܐ ܒܲܪܢܵܫܵܐ ܗ̃ܘܼ ܓܹܝܪ . ܐܲܚܫܸܟܼ ܠܫܸܡܫܵܐ ܐܲܠܵܗܵܐ ܗ̃ܘܼ ܓܹܝܪ . ܩܲܒܸܠ ܡܵܘܬܵܐ ܘܐܸܬܼܢܚܸܛ ܦܲܓܼܪܹܗ . ܘܐܸܬܿܬܿܣܝܼܡ ܒܩܲܒܼܪܵܐ ܕܲܢܩܝܼܪ ܒܟܹܐܦܵܐ . ܒܲܪܢܵܫܵܐ ܗ̃ܘܼ ܓܹܝܪ ܒܫܪܵܪܵܐ .
سُمّرعلى الخشب ..[ انساناً كان] . صدّع الصخور.. [ الهاً كان ]. غُرزت به المسامير..[ انساناً كان ] . فتح القبور..[ الهاً كان ]. سقوه خّلاً ..[انساناً كان ]. شق ستار الهيكل .. [الهاً كان ] . صرخ من على الصليب ..[ انساناً كان ]. حجب الشمس .. [ الهاً كان ] . تقبل الموت وكفن جسده ووضع في قبر محفور في الصخر .. [ انساناً كان حقاً ]
ܩܵܡ ܡܼܢ ܩܲܒ݂ܪܵܐ ܘܫܪܵܐ ܠܡܵܘܬܵܐ . ܘܬܲܒܲܪ ܡܘܼ̈ܟܼܠܹܝܗ̇ ܘܚܸܣܢܹܝ̈ܗ̇ ܕܲܫܝܘܿܠ . ܐܲܠܵܗܵܐ ܗ̃ܘܼ ܓܹܝܪ ܒܲܫܪܵܪܵܐ
قام من القبر وقضى على الموت ودمر متارس ومعاقل الجحيم .. [ الهاً كان حقاً ]

ܢܲܡܝܼܪ ܠܘܼܣܸܝܵܐ



5
جزيرة ابن عمر[1] (ܓܙܪܬܐ ܕܒܝܬ ܙܒܕܝ _ ܓܵܙܲܪܬܵܐ ܙܒܼܕܝܬܵܐ ) منارة الادب السرياني في منتصف القرن السادس عشر
الجزء الاول
تحملنا الآشواق على اجنحة قطارالذاكرة لتحط بنا في تلك المحطة الجميلة في اعالي ما بين النهرين في تلك الارض التي يُحيطها نهر دجلة كقلادة ماسيّة من الشمال والشرق والجنوب ، والى الشمال الشرقي منها تنتصب جبال بوتان [2] الشامخة حيث انتشرت في قممها وسفوحها اديرة عظيمة خلّدت تاريخها في الصفحات المُشرقة من التاريخ المسيحي للمنطقة ، هنا في هذه الجبال اختار كل من الاخوين مار أحا واخيه مار يوحنا تلامذة مار اوجين في النصف الاول من القرن الرابع الميلادي في بيث زبداي ديره ثم ما لبث ان اجتمعا في دير واحد هو دير مار احا بعد وفاتهما فدُعي بعدئذٍ بديرالاخوين مار احا وماريوحنا [3]. في هذه المدينة التي تُسمى اليوم الجزيرة ( جزيرة ابن عمر ) وسماها السريان گازرتا د'بيت زبداي ( ܓܵܙܲܪܬܵܐ ܕܒܝܬ ܙܒܕܝ ) والتي كانت مقر الاساقفة السريان الشرقيين حتى القرن الرابع عشرحيث كانت تتبع ابرشية بيث عربايا التي كان مركزها نصيبين ومن ثم اصبحت مقرالاساقفة الكلدان ( اسقفية الجزيرة الكلدانية ) في القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين ، يقف قطار رحلتنا اليوم ونحن في منتصف القرن السادس عشر فنقوم في جولة في هذه المدينة التي كانت منارة الادب السرياني لنلتقي برواد الادب السرياني في هذه الفترة وفي مقدمتهم المطران عبديشوع مارون الجزراوي (البطريرك الثاني (1570-1555) للكنيسة السريانية الشرقية المتحدة مع روما ) [4] ، اول مطران كاثوليكي على الجزيرة ، الشاعر المُتميز والمبدع وكذلك الشعراء المعاصرون لعبديشوع وفي مقدمتهم القس درويش الجزراوي الذي كان من اقرباء المطران من جهة الوالدة وعطايا بن فرج الجزراوي [5] الذي كان احد افضل النُساخ المعروفين للسريان الشرقيين في الفترة العثمانية . ومن ثم نقوم بزيارة دير مار اوگين القريب في جبل إيزلا [6] لنتلقي هناك الشاعر الكبير الربان اوراهم دبيث سلوخ (بيث سلوخ التي هي كركوك الحالية ) والجدير بالذكر انه في هذه الفترة المليئة بالمُتغيرات كانت كنائس الجزيرة منقسمة بين خط يوحنا سولاقا الكاثوليكي الذي يمثله المطران عبديشوع والخط التقليدي التابع لبطاركة الربان هرمز في القوش والذي يمثله الشعراء الاخرون.
يسعدني ان أترجم لكم مقتطفات من مقالة الاستاذ Anton Pritula المعنونة
East Syriac Literary Life in the mid-16th Century: ' Abdīšō' of Gāzartā and Older Contemporary Poets (Darwīš of Gāzartā, Abrāhām of Bēt Slōk and ʿAṭāyā of Gāzartā)
في النصف الاول من القرن السادس عشر اصبحت الحياة الادبية للكنيسة السريانية الشرقية اكثر كثافة من اي وقت مضى منذ الدمار الكبير الذي سببته مذابح تيمورلنك في اوخر القرن الثالث عشر ومطلع القرن الرابع عشر ، ويُعتقد بإن هذه النشاط مرتبط بتشكيل الامبراطورية العثمانية التي منحت بعض الاستقرار لإقتصاد وثقافة الشرق الأدنى ، وفي نفس الوقت كان دورالشعر يتزايد بإستمرار حيث اصبح الشعرفي تلك الفترة وسيلة مهمة لنشر الافكار واللاهوت وحتى كوسيلة اتصال بين نخبة الكنيسة المثقفة بشكل عام. كان مركز الحياة الشعرية في هذه الفترة جغرافياً في الابرشيات الشمالية الغربية لكنيسة المشرق والتي تتضمن ابرشيات ماردين وآمد (ديار بكر )والجزيرة ونصيبين مع الكنائس والاديرة المُجاورة والتي كانت مُنخرطة بشكل فعّال في هذا المجال ويضيف بأن الدائرة الادبية كانت تُنتج أشعار طقسية كنسية وأشعار غير طقسية تتبع بشكل عام الانماط الشعرية والمعايير المُستنبطة في فترة النهضة السريانية خاصةً في الفترة المغولية ( القرن 13- القرن 14 ) . ونتيجة لفترة التعايش الطويل مع الحضارتين الفارسية والعربية الاسلامية فإن مجال استخدام الشعر كان يتوسع اكثر فاكثر في القرون اللاحقة ، ففي تلك الفترة اصبح استنساخ المخطوطات جزءاً مهماً من فعاليات نُخبة الكنيسة المُثقفة في الحفاظ على التراث الثقافي بجانب التأليفات الشعرية . ولهذا السبب فإن عدداً كبيراً من الشعر المُستنسخ بدأ تداوله في انواع مُتعددة من المخطوطات التي تم إكمالها.
إحياء الادب السرياني كهذا وانتاج المخطوطات إستبق الظهور المبكر لتقليد القصائد الكلدانية وهيأ العديد من المؤلفين بالمهارات اللازمة له ، اكثرهم شهرة وأولهم كان عبديشوع الجزراوي البطريرك الثاني (1570-1555) للكنيسة السريانية الشرقية المتحدة مع روما هذا الكاتب المُتميز نشأ في هذه البلدة ( الجزيرة ) وبدأ مهامه الكنسية في دير بجوارها ( ديرالاخوين مار احا وماريوحنا ) . شكّلت الابرشيات الغربية التي كانت المركز الادبي والفكري الأساس لهذا التقليد الجديد بينما كانت الابرشيات الوسطى في شمال العراق التي مركزها الفكري في القوش والبلدات المجاورة باقية تحت نفوذ خط البطاركة التقليديين الذي كان مركزه دير الربان هرمز الواقع بقرب هذه البلدة .وبالرغم من هذا فأن الباطريركين الشرقيين المُتحد مع روما والتقليدي لم يكونا منعزلين احدهما عن الآخر وبقيت الاتصالات دائمة بينهما وهكذا فإنها انشأ ادبا واحداً وفضاء حضاريا واحداً.
هذه المقالة سوف تحاول ان تعّرف على بعض خصائص الحياة الادبية للدائرة الشعرية التي وجدت في الابرشيات الغربية من الكنيسة السريانية الشرقية طبقاً لبعض النصوص الشعرية الغير مطبوعة والتي يبدو انها أثرت على المزيد من التطوير لهذا التقليد
معظم هذه النصوص التي يتم مناقشتها في هذه المقالة تم الحفاظ عليها في المخطوطة الماردينية المرقمة [00398-CCM ] ، مجموعة النصوص الرائعة هذه في الوقت الحاضر هي موضوع دراسة خاصة من قبل Helen Murre-Van den berg الخبيرة الرائدة في ادب تلك لفترة . المخطوطة التي تحتوي القصائد الشعرية التي نحن بصدد مناقشتها بالاضافة الى نصوص شعرية اخري كُتبت عام 1583 ميلادية في دير يوحنا المصري القريب من الجزيرة والذي كان مركزاً مهماً للثقافة الكنسية في القرن السادس عشر وكان يسكنه الرهبان حتى القرن التاسع عشروخلال هذه الفترة تم استنساخ الكثير من المخطوطات هناك ، وكما يظهر من وثيقة مكتوبة من قبل عبديشوع والتي نُشرت حديثاً فأن هذا الديركان مسكنه قبل رسامته وربما لهذا السبب فإن المخطوطة تحتوي على مقتطفات شعرية فريدة ربما تم استنساخها من مخطوطته الاصلية المفقودة والتي هي نصوص شعرية غيرمعروفة بشكل كبيرمن قبل مؤلفين اخرين عاشوا في القرن السادس عشر ولهذا فإن المخطوطة توضّح لنا حياة الدائرة الشعرية السريانية لتلك الفترة . هذه المجموعة تضم المئات من القصائد الشعرية المنسوبة لهذا المؤلف والتي لم يتم دراستها بعد ، الكثير منها يُشير الى اشخاص اخرين ربما كان يعرفهم بالاضافة الى اماكن فيما يبدو انه زارها.
[1] جزيرة ابن عمر _ گازرتا د'بيت زبداي ( ܓܙܪܬܐ ܕܒܝܬ ܙܒܕܝ )
هي بلدة وقضاء في قضاء شرناق في جنوب شرق الأناضول في تركيا وتقع على نهر دجلة على الحدود التركية السورية وعلى مقربة من الحدود العراقية التركية . انكمشت الطائفة السريانية الشرقية في منطقة گازرتا نتيجة المذابح الأرمنية عام 1915، وقد انتهت الأبرشية الكلدانية في گازرتا بعد الحرب العالمية الأولى وكان مار يعقوب اوراهم ( من بلدة تلكيف ) آخر مطران كلداني في جزيرة بازبدي استشهد عام 1915 وفي احصائية خاصة بأبرشية بيث زبداي الكلدانية (جزيرة ابن عمر) للخوري يوسف تفنكجي سنة 1913م حيث وضعها قبيل مذابح 1915م بلغ عدد الكلدان 6400 نسمة يخدمهم مطران، وإلى جانبه 17 كاهن، يتوزعون على 17 خورنة، وللأبرشية 14 كنيسة و7 مدارس، ويتوزع أبناء الأبرشية على المراكز التالية:
1_ الجزيرة. 2_ طاقيان. 3_ فيشخابور. 4_ وحصد. 5_ تل قبين. 6_ هوز و مير. 7_ هربول. 8_ كيركي بدرو. 9_ نهر وان. 10_ منصورية. 11_ اشي. 12_ باز. 13_ هلتون. 14_ آقول. 15_ ديسيون. 16_ مار سوريشو. 17_ شاخ.
[2] جبال البوتان: وتعرف بالبوهتان وهي سلسلة الجبال التي تمتد من شمال شرق الجزيرة العمرية وحتى جنوب شرق سعرت، وتعتبر هذه السلسلة الجبلية معقلاً تاريخياً لكنيسة المشرق، حيث كانت تضم العشرات من القرى يسكنها أبناء هذه الكنيسة حتى بداية القرن العشرين.
[3] دير ماراحا ومار يوحنا ( ܥܘܡܪܐ ܕܡܪܝ ܐܚܐ ܘܡܪܝ ܝܘܚܢܢ )
يذكر الاب البير ابونا بأن هذا الدير يقع بجوار قرية المنصورية التابعة لجزيرة ابن عمر بينما يذكر الشماس نوري ايشوع مندو بأن دير مار احا ومار يوحنا يقع شمال شرق الجزيرة العمرية على مسافة ساعة سيراً على الاقدام . لعب هذا الدير دوراً مهماً في تاريخ كنيسة المشرق ومن اشهر رهبانه الذين اصبحوا بطاركة ١. البطريرك عبديشوع مارون الجزراوي ٢. البطريرك يهبالاها الرابع عطا الله
[4] عبديشوع الرابع مارون ( 1570_1555) ( ܥܲܒܼܕܝܼܫܘܿܥ ܡܵܪܘܿܢ ܓܙܝܼܪܢܵܝܵܐ)
ولد عبديشوع بن يوحنا مارون في جزيرة ابن عمر. ترهَّبَ في دير مار أحَّا ومار يوحنا، ورُسِمَ كاهناً. أسامه البطريرك سولاقا رئيساً لأساقفة الجزيرة، مسقط رأسه، في 27 كانون الثاني سنة 1554.اُختير بطريركاً بعد اغتيال سولاقا سنة 1555. توفي البطريرك عبديشوع مارون الجزراوي سنة 1570 ودُفن في دير مار يعقوب الحبيس قرب سعرد ( تركيا).
[5] الناسخ والشاعرالسرياني عطايا الجزراوي كان كاهناً في مدينة الجزيرة تابعاً للخط التقليدي في ديرالربان هرمز ثم انتقل في القرن السادس عشر من جزيرة بازبادي الى القوش مركز البطاركة التقليدي وساهم في تأسيس تقليد نسخ المخطوطات هناك ويوجد الان (25) مخطوطة منسوخة من قبل عطايا الجزراوي في مدينة الجزيرة في الفترة الممتدة بين 1536 و 1594 تم الحفاظ عليها.
[6] إيزلا ( ܐܝܼܙܠܵܐ) هي الجبال الممتدة من شمال شرق نصيبين باتجاه الجزيرة العمرية
المصادر
1. East Syriac Literary Life in the mid-16th Century: ' Abdīšō' of Gāzartā and Older Contemporary Poets (Darwīš of Gāzartā, Abrāhām of Bēt Slōk and ʿAṭāyā of Gāzartā)
Anton Pritula
2. سلسلة جثالقة – بطاركة كنيسة المشرق – الحلقة 34
الكاردينال لويس روفائيل ساكو
سلسلة بطاركة دير الربان هرمزد
3. بازبداي أبرشية الجزيرة العمرية في تاريخ الكنيسة الكلدانية
( الشماس نوري ايشوع مندو ).

6
العلامة ابن العبري في عيون مُعاصريه
دراسة تحليلية لقصيدة خاميس بر قرداحي تكريماً لابن العبري
ليس من الغريب ان تستأثر شخصية عظيمة كشخصية مار غريغوريوس ابن العبري بهذه المكانة المرموقة لا في قلوب ابناء كنيسته فقط بل في قلوب كل من افاض عليهم بوفرة محبته المسيحية الحقّة العابرة لكل التقسيمات المذهبية التي حلت بكنيسة المسيح. ومن خلال فترة مفريانيته على المشرق والتي دامت اثنين وعشرين عاما ، اثبت ابن العبري بعبقريته ومحبته العابرة وزهده بالدنيا ، على انه رسول محبة وراعٍ أمين لكل خِراف المسيح ، كيف لا وهو الذي قال [ ان خصام المسيحيين مع بعضهم البعض لا يستند الى حقيقة بل الى الفاظ واصطلاحات وبعد دراستي هذا الموضوع مدة كافية وتأملي فيه استأصلت البغضة من اعماق قلبي واهملت الجدال العقائدي مع الناس ]. مما لاشك فيه ان ما واجهه ابن العبري من صعوبات وقلاقل كثيرة في صباه وشبابه كان له الاثر الكبير في صقل شخصيته الفريدة الغزيرة بعلمها والعظيمة بزهدها ، ومع ان نبوغه برز اثناء رئاسته للجزء الشرقي من الكنيسة السريانية الغربية فأن ذلك الاحتكاك المباشر مع كنيسة المشرق في العراق وايران كان كفيلا ان يمنح فرصاٌ اكبر للتقارب والتعارف مع هذا الجزء السرياني الشقيق والمُكمل ومن خلال تلك المحبة الكاملة والنية الخالصة نسجا سوية صورة رائعة من ذلك التوافق والتناغم الذي لا زالت تُجسدهُ تلك القصائد التي كتبها بحقه احد ابرز الشعراء المعاصرين له من كنيسة المشرق والتي تعكس مدى المحبة والوقار التي تركها المفريان [1] مار غريغوريوس ابن العبري في قلوب معاصريه من الرؤساء الدينين والشعراء من ابناء كنيسة المشرق فهذا خاميس برقرداحي [2] ( ܟܼܡܝܼܣ ܒܪ ܩܪ̈ܕܚܐ ) يُطوع الكلمات بأبهى معانيها واجمل صورها لترسم مناقب هذا الحبر الجليل في لوحة وصفية بديعة اقرب منها الى قصيدة . وقد عثر على هذه القصيدة الفريدة الغير منشورة سابقا في احدى المخطوطات التابعة لمجموعة مخطوطات دياربكر( آمد) الكلدانية بعد حملة تصوير المخطوطات وحفظها الكترونياً وهذه المخطوطة هي كتاب ابو حليم [3] مع عونياثا ( قصائد غنائية ) دمار كوريل المدعو قمصا ومار كيوركيس الشهيد المُظفر ومار اسطيفان والقليل من ابيات خاميس برقرداحي وكانت هذه المخطوطة قد كتبت في ديرماراوگين ( ܥܘܡܪܐ ܩܕܝܫܐ ܕܡܪܝ ܐܘܓܝܢ ܒܛܘܪܐ ܪܒܐ ܕܐܙܠܐ) بجبل الإزل على مقربة من قرية معري ( ܡܥܪ̈ܐ ) المباركة وكتبت هذه المخطوطة في حدود عام 1553 ميلادية ومن المعلوم بان دير مار اوگين كان بايدي رهبان الكنيسة السريانية الارثودكسية حتى نهاية القرن الثامن ومن ثم انتقل اليه عدد كبير من رهبان كنيسة المشرق واصبح من اديرة كنيسة المشرق المهمة حتى نهاية القرن الثامن عشر ومن ثم عاد اليه رهبان الكنيسة السريانية الارثودكسية ولازال من اديرة هذه الكنيسة والجدير بالذكر انه في زمن كتابة هذه المخطوطة كان هذا الدير تابعا لكنيسة المشرق ، وكانت هذه المخطوطة جزءً من مجموعة آمد - ديار بكر الكلدانية وخلال الحرب العالمية الاولى تم نقل هذه المخطوطات الى بيت خاص ومن ثم انهارذلك البيت تحت ثقل المخطوطات واخيراً تم استرداد هذه المخطوطات من الركام بعد اشهر او سنوات ومعظمها جلبت الى مقر مطرانية ماردين الكلدانية ولحسن الحظ تم الحفاظ على هذه المخطوطة التي تحتوي هذه القصيدة الفريدة لخاميس برقرداحى. ولنا ان نذكرايضا انه عند انتقال هذا الحبر الجليل ( ابن العبري ) الى جوار ربه في تموزعام 1286 ميلادية في مدينة مرغة في اذربيجان ايران وكان يومذاك يهبالاها جاثليق النساطرة في مرغة ايضا نتيجة للقلاقل والاضطهادات التي كانت سائدة في العراق حزن حزناً شديداً لدى علمه بوفاة ابن العبري فامر بأن لا يخرج احد الى عمله ذلك النهار وان تغلق الاسواق وان يلبس الناس ثياب الحداد ، وتقرع اجراس الكنائس حزناً . وبرحيل العلامة ابن العبري من السريان المغاربة وعبديشوع الصوباوي ( مطران نصيبين ) من السريان المشارقة وهما من اعظم اعلام الادب السرياني في القرن الثالث عشر غابت شمس الادب السرياني وبدات اخر القلاع السريانية تنهار تدريجياً امام المد العربي .وفي ظل الحقب المظلمة التي تلت رحيل العلامة ابن العبري عكف ابناء الكنيستين السريانيتين جاهدين على الحفاظ على هذا الارث الادبي العظيم ولم تخلُ اية مكتبة من مكتبات اي دير او كنيسة من مصنفاته الشهيرة ولنا من كتابه (ܡܐܡܪ̈ܐ ܙܘܓܢ̈ܝܐ ܕܥܠ ܓܡܝܪܘܬܼܐ) النظم المزدوج في الحكمة الالهية [4] نموذجا الذي دأب المشارقة على المُساهمة في هذا الديوان الشعري الذي بدأه ابن العبري من خلال سبعة ادباء ابتداءً من خاميس بر قرداحي وانتهاءً بالاسقف عمانوئيل اسقف كنيسة المشرق الاشورية الحالي في كندا منذ القرن الثالث عشر وحتى الوقت الراهن.
من ضمن سلسلة المقالات التي تتناول الادب السرياني كتب الاستاذ Anton Pritula المختص في الادب السرياني في ( Collegeville, Saint Petersburg ) مقالة رائعة One More Unkown Khamis Ode in Honor of Bar Ebroyo
( قصيدة اخرى غير معروفة للشاعر خاميس برقرداحي تكريماً لابن العبري )
يُسعدني ان اترجم جزأً منها الى العربية مع ترجمتي لقصيدة خاميس بر قرداحي من السريانية الى العربية ايضاً.
من المعروف بأن اثنين من ادباء السريان البارزين العلامة ابن العبري من السريان المغاربة ومعاصره من السريان المشارقة خاميس بر قرداحي كانا مندمجين في مراسلات ادبية وكان يعرف احدهما الآخر شخصياً ويمكن ان يفترض المرء بأنهما قد التقيا في مناسبات عديدة في بلاط إلخانات المغول حيث مثّل كل منهما تقاليد كنيسته وهنالك دليل ما في اعمالهم الشعرية منها اوالنثرية يذكر بشكل مباشر حضورهم في مثل هذه الاحداث حيث كان لابن العبري كمفريان الكنيسة السريانية الغربية للابرشيات الواقعة شرقي نهر الفرات ومركز اقامته تقليديا في تكريت ان يسافر مع بلاط إلخانات المغول المُتنقل بين المدن الايرانية تبريز ومرغا وخاميس الذي كانت اربيل مدينة ولادته كان حاضراً في مقر الخانات المغول الصيفي في قلعة طاق ( نهاية القرن 13 ) .
في الوقت الراهن هنالك ثلاث مجموعات من النصوص تشهد على الاتصال الادبي بين هاتين الشخصيتين المُعاصرتين قد تم التعرف عليها . القصيدة التي نُشرت هنا لم يتم تحريرها او نشرها لحدالان وليست موجودة في اشعارخاميس برقرداحي المُدونة حيث انها فريدة في طريقة تكريسها المباشر فكلمة مفريان مذكورة في عنوان القصيدة وفي الشعر ( مقطع 3) بالاضافة الى ان القصيدة المؤلفة عمودياً من (16) بيتاً كل بيت يبدأ بحرف من الجملة ܐܒܘܢ ܡܪܝ ܓܪܝܓܘܪܝܘܣ ابانا مار غريغوريوس.
بما لا يقبل الشك فإن هذه القصيدة ألفت عندما كان المرسل اليه ( المفريان ابن العبري ) على قيد الحياة كما يظهرمن حرف النص ومن العديد من صيغ البركة والتمنيات الطيبة التي تنطبق على شخص حي ومن جهة اخرى بما ان لقب المفريان مذكور في العنوان والقصيدة نفسها فليس هنالك ادنى شك على ان زمن تأليف هذه القصيدة يمكن ان يكون خلال الفترة ( 1264-1286) عندما كان ابن العبري مفريانا على الشرق .تنسيب هذه القصيدة الى خاميس برقرداحي من الصعب تشكيكها بالرغم من عدم وجودها في مخطوطات اشعاره بالاضافة الى ان ترتيب القصيدة على طريقة الحروف تخص السريان المشارقة اكثر من المغاربة .
ܬܘܒܼ ܕܝܼܠܗ ܕܟܼܡܝܼܣ ܠܘܬܼܗ ܕܡܦܪܝܢܐ ܥܠ ܐܬܼܘ̈ܬܼܐ ܕܫܡܗ
1 ܐܥܛܦ ܡܪܝܐ ܚܝܠܐ ܘܥܘܫܢܐ ܐܦ ܢܨܚܢܐ
ܒܟܼܣܝܐ ܘܓܼܠܝܐ ܠܐܒܼܘܢ ܙܗܝܐ ܪܡ ܒܘܝܢܐ
2 ܘܩܝܡ ܟܘܪܣܝܗ ܘܢܗܘܐ ܠܥܠܡܝܢ ܡܬܼܥܠܝܢܐ
ܢܛܪ ܚܝܘ̈ܗܝ ܘܠܐܒܼܗܘܬܗ ܗܘܝ ܡܩܝܡܢܐ
3 ܡܪܐ ܕܚܝ̈ܝܢ ܓܪܝܼܓܘܪܝܘܣ ܡܦܪܝܢܐ
ܪܥܝܐ ܥܝܼܪܐ ܪܝܼܫܐ ܡܗܝܼܪܐ ܘܣܟܘܠܬܢܐ
4 ܝܡܐ ܗܘܸ ܡܕܥܗ ܫܡܫܐ ܗܘ ܗܘܢܗ ܡܢܗܪܢܐ
ܓܡܝܪ ܗܘ ܩܢܘܡܗ ܘܕܡܝܪ ܩܘܡܗ ܡܬܼܠܒܒܢܐ
5 ܪܓܼܝܓܼ ܦܪܨܘܦܗ ܙܗܝܐ ܩܘܒܠܠܗ ܡܢ ܪܘܚܢܐ
ܝܕܝܕ ܚܙܘܗ ܓܡܝܪ ܣܘܟܠܗ ܠܥܠ ܡܢ ܟܝܢܐ
6 ܓܝܼܚ ܗܘ ܡܬܠܗ ܓܢܝܼܚ ܣܩܘܒܠܗ ܡܫܬܦܠܢܐ
ܘܓܼܐܐ ܩܘܕܫܗ ܘܦܐܐ ܢܝܫܗ ܒܟܼܠ ܡܬܪܐܢܐ
7 ܪܡ ܗܘ ܕܪܓܼܗ ܪܘܚܐ ܗܘ ܬܓܼܗ ܘܡܒܝܐܢܐ
ܝܘܡܢ ܗܘܝܘ ܠܟܼܐ ܥܡܘܕܐ ܘܟܼܪܣܛܝܢܐ
8 ܘܕܠܪܘܚ ܩܘܕܫܐ ܛܝܒ ܢܦܫܗ ܗܘ ܐܘܢܐ
ܣܬܬ ܟܘܪܣܝܗ ܘܠܕܪܪܝܢ ܢܗܐ ܡܦܪܢܣܢܐ
قصيدة خاميس برقرداحي للمفريان ابن العبري المؤلفة على حروف اسمه
ا. وَشّح يا رب بالقوة والعزة وكذلك السناء
لأبينا السامي الفكربالخفاء والعلن
2. وثبت عرشه وليكن الى الابد مُتسامي
احفظ حياته ولإبوته كن مُديماً
3. مالك حياتنا غريغوريس الملفان
راعٍ مُستيقظ ورئيس ماهر وحكيم
4. الذي البحرهو معرفته والشمس هي عقله المُنير
طبيعته مُتكاملة ومقامه عجيب وجرئ
5. شخصه مرغوب ومحيا وجهه ازهى من الروحاني
منظره ودود وفهمه مُتكامل فوق الطبيعة
6. مثاله فائض وخصمه مهول وعاجز
عظيمُ طهره وجميل هدفه في كل مرشد
7. عالية هي درجته وروحه هي تاجه والمعزي
نهارنا هو بشخصه لكل معتمد ومسيحي
8. وللروح القدس اعّد نفسه لتكن له مأوىً
ثبّت كُرسيه ليكن مَضيفا الى ابد الابدين
[1] مفريان المشرق ( ܡܦܪܝܢܐ) هي الرتبة الثانية في الكنيسة السريانية وصاحبها ياتي بعد البطريرك وهو المسؤول عن الاسقفيات الواقعة غربي الفرات في العراق وفارس وتقليديا كان كرسيه في تكريت واهم تلك الاسقفيات كانت الموصل ودير مار متي وسنجار . كان للمفريان صلاحيات كبرى اهمها انه لا يقام بطريرك بدون مفريان كما كان له سلطة على كل الاساقفة في مفريانته.
[2] خاميس بر قرادحي ( ܟܼܡܝܼܣ ܒܪ ܩܪ̈ܕܚܐ ) من ابرزشعراء الادب السريان في القرن الثالث عشر ولد في اربيل - العراق وعاصر المفريان ابن العبري . كان خاميس كاهنا في اربيل وسمي ببر قرداحي لأنه ينتسب إلى عائلة الحدادين حيث كلمة قرداحا ( ܩܪܕܚܐ ) تعني الحداد باللغة السريانية . امتاز شعر خاميس بالعذوبة والسلاسة وجال في اشعاره كل انواع المواضيع الدينية منها والدنيوية .
[3] ابو حليم نسبة الى البطريرك ايليا الثالث ابو حليم ولد في مقاطعة ميافرقين سنة 1108 ميلادية ، رسم مطرانا لنصيبين ثم انتخب بطريركا سنة 1176 ميلادية نظم وأنشا صلوات تقال قبل صلاة الصبح في الطقس الشرقي .
[4] النظم المزدوج او ميامر المزاوجة، هو احد ‏فنون الشعر السرياني التي تتمحور حول غاية واحدة، حيث يقوم عدة كتاب ومن ازمنة مختلفة، ‏بكتابة قصيدة واحدة مبنية على قصيدة المفريان غريغوريوس ابن العبري الذي كتب ميمره في ‏القرن الثالث عشر، حول الحكمة الإلهية وممن ساهم في الديوان الشعري الذي بدأه ابن العبري
1. خاميس برقرداحي
2. ايشوعياب بر مقدم "مطران
3. يوسف الثاني آل معروف "بطريرك من تلكيف
4. القس صومو من بيوس
5. الراهب الياس شير من شقلاوة
6. الراهب فيلبوس اسحق من قرية داودية - عمادية
7. مار عمانوئيل، الاسقف الحالي لكنيسة المشرق الآشورية في كندا


ܢܲܡܝܼܪ ܠܘܼܣܸܝܵܐ ܬܸܠܟܸܦܢܵܝܵܐ
ܡܕܼܝܼܢ݇ܬܵܐ ܕܣܸܬܹܪܠܸܓ ܗܵܐܝܬܣ  ܡܝܼܫܝܼܓܸܢ ܐܲܡܹܪܝܼܟܵܐ
6/5/2022

7

مخطوطاتنا السريانية وكيف تم الحفاظ عليها في الازمنة التي تلت النكبات
( بعد غزوة نادر شاه نموذجاً )
لايسعني الا ان اشارككم الرحلة التي ارتأيت ان لا اكون فيها وحيداً وانا انتقل معكم في ربوع الذاكرة اثناء بحثي عن بعض المخطوطات القديمة التي كتبت في بلدتنا العزيزة تلكيف او التي كتبت في بلدة النُساخ والخطاطين القوش العزيزة على نفقة ابناء تلكيف لإجل كنيسة تلكيف او احد ابنائها او لدير ماركوركيس ـ بعويرا الذي كان فيه التلاكفة من اكبر المساهمين في تلبية احتياجاته ونفقاته بحكم القرب الجغرافي الذي لايتجاوز العشركيلومترات ونيف . نبدء رحلتنا بعد ان نكون قد اجتزنا الحدود والفواصل المكانية والزمانية الى العاصمة الفرنسية پاريس ومنها ننتقل الى المكتبة الوطنية الفرنسية ـ قسم المخطوطات السريانية فنقف باجلال امام المخطوطة المرقمة ( 310) التي هي انافورة مار ادي ومار ماري الليتورجية للنساطرة( كنيسة المشرق ) لنُزيل عنها بعض من غبار الماضي فنتصفح المخطوطة الجميلة لتنقلنا تلك السطور لعام 1744ميلادية حيث تذكرالمخطوطة التي سوف اقوم بترجمتها
ܐܫܬܠܡ ܟܬܒܐ ܗܢܐ ܒܝܪܚܐ ܒܪܝܟܐ ܬܫܪܝ ܩܕܝܡ . ܟܗ ܒܗ . ܒܝܘܡ ܚܡܫܒܫܒܐ ܕܫܢܬ ܬܪܝܢ ܐܠܦܝܢ̈ ܘܚܡܫܝܢ ܘܫܬ ܠܣܝܩܘܡܐ ܕܝܘ̈ܢܝܐ ܒܪ̈ܝܟܐ [135] ܐܬܟܬܒ ܒܩܪܝܬܐ ܒܪܝܟܬܐ ܐܿܠܩܘܫ . ܩܪܝܬܗ ܕܢܚܘܡ ܢܒܝܐ . ܕܥܠ ܓܢܒ ܥܘܡܪܐ ܩܕܝܫܐ ܕܪܒܢ ܗܘܪܡܝܙܕ ܦܪܣܝܐ . ܡܰܥܡܰܪ ܠܗܿ ܡܪܢ ܐܡܝܢ . ܐܬܟܬܒ ܒܝܘ̈ܡܝ ܐܒܗ̈ܬܐ ܚܣܝܐ̈ . ܘܪ̈ܥܘܬܐ ܡܥܠܝܐ̈ . ܡܪܝ ܐܠܝܐ ܩܬܘܠܝܩܐ ܦܛܪܝܪܟܐ ܕܡܕܢܚܐ . ܘܡܪܝ ܝܫܘܥܝܗܒ ܡܝܛܪܦܘܠܝܛܐ ܢܛܪ ܟܘܪܣܝܐ ܐܰܕܝܐ ܘܡܐܪܝܝܐ ......ܟܬܒ ܡܚܝܠܐ ܘܚܰܛܝܐ . ܩܫܝܫܐ ܝܰܠܕܐ . ܒܪ ܩܫܝܫܐ ܥܒܕ ܝܫܘܥ . ܒܪ ܩܫܝܫܐ ܚܕܒܫܒܐ . ܒܪ ܩܫܝܫܐ ܝܣܪܝܠ ܐܠܩܘܫܝܐ .[136] ܐܟܬܒ ܠܟܬܒܐ ܗܢܐ ܡܢ ܡܕܡ ܕܝܠܗܝܢ ܕܗܠܝܢ ܢܫܐ̈ . ܐܡܬ . ܘܡܪܝܡ ܒܰܪܬܗܿ . ܘܗܠܢܐ . ܘܬܟܐ . ܘܐܶܠܦܝܐ ܡܗ̈ܝܡܢܬܐ ܘܡܢ ܦܘܠܚܢܗܝܢ ...ܩܫܝܫܐ ܥܒܕܝܫܘܥ . ܒܪ ܡܗܝܡܢܐ ܟܰܢܘܢ ܕܡܢ ܩܪܝܬܐ ܒܪܝܟܬܐ ܬܠܟܐܦܐ . ܘܐܓܙܪܗ ܡܛܠ ܥܘܡܪܐ ܩܕܝܫܐ ܕܡܪܝ ܓܝܘܪܓܝܣ ܕܒܝܬ ܥܘܝܪ̈ܐ . ܕܥܠ ܓܢܒ ܡܕܝܢܬܐ ܡܘܨܠ .....ܘܟܕ ܐܬܟܬܒ ܟܬܒܐ ܗܢܐ . ܩܫܝܫܐ ܗܘܪܡܙܕ ܒܪ ܩܫܝܫܐ ܒܪܝܟܘ . ܐܝܬܘܗܝ ܗܘܐ ܩܢܟܝܐ ܕܥܘܡܪܐ ܩܕܝܫܐ ܕܡܪܝ ܓܝܘܪܓܝܣ .
[تم الانتهاء من كتابة هذا الكتاب في يوم ٢٥من شهر تشرين الاول المصادف ليوم الخميس لسنة 2056 يونانية( الموافقة لعام 1744 ميلادية ). كُتِبَت هذه المخطوطة بقرية القوش المُباركة قرية ناحوم النبي بقرب دير الربان هرمزد الفارسي ليديمها الله آمين . كُتبت بأيام الآباء القديسين والرعاة الأجِلاء مار ايليا البطريرك الجاثليق لكنيسة المشرق والمطران ايشوعياب ناطر كرسي مار ادي ومار ماري . كَتبها الضعيف والخاطئ القس يلدا ابن القس عبديشوع ابن القس حاذبشبا ابن القس إسرائيل الالقوشي كُتب هذا الكتاب لإجل هؤلاء النساء إيمِيت وابنتها مريم وهيلِانه وتْخّهِ وإلپيه المؤمنات ومن أجر عملهم ومن القس عبدإيشوع ابن المؤمن كانون من قرية تلكيف المُباركة ومُنح لدير ماركيوركيس ـ بعويرة بقرب مدينة الموصل المدينة الكبيرة . وعندما كُتب هذا الكتاب كان القس هرمزد ابن القس بريخو القائم بخدمة دير مار كوركيس المقدس]
لابد ان اشير هنا ان الذي استوقني منبهراً امام هذه المخطوطة هو تاريخ الانتهاء من كتابتها والمتبرعين من اجل كتابتها لصالح دير مار كوركيس ومن اجل تحليل تلك الدوافع الكامنة وراء ذلك الاحسان والفترة الزمنية التي استغرقها كتابة هذه المخطوطة وربطها بالحدث الجلل الذي حصل في الاشهر القليلة التي سبقتها الا وهو حصار الموصل من قبل نادر شاه (Sep 13, 1743 – Oct 20, 1743 ) يمكننا الاستنتاج بان قرى الموصل كانت قد تعرضت للخراب والدمار على ايادي قوات نادر شاه بعد حصار فاشل للموصل دام أكثر من أربعين يوما حيث تكبدت قواته خسائر فادحة فانسحبت بعد ان ا فرغت حقدها وعاثت فسادا في قرى الموصل ومنها بالطبع ديرمار كوركيس وتلكيف الاقرب الى الموصل .
فقد كتب السيد فتح الله القادري في ارجوزته عن حوادث عام 1743 ميلادية ما نصه ان الفرس بقيادة نادرشاه اذ لم يتمكنوا من ان يحتلوا الموصل عزوا انفسهم بنهب وحرق القرى المجاورة ومن بينها تلكيف وله ذلك هذه الابيات
قرى الموصل فتكوا فيها وفي تلكيف بطنة ثم في تلسقف
فجمعوا ذخائراً لاتحصى ثيراناً اغناما فلا تستقصى
فكل الدلائل تشير الى ان هولاء النساء كانوا قد اجتازوا تلك المحنة العصيبة بفضل العناية الالهية وشفاعة القديس ماركوركيس وما كان منهم الا ان يردوا على ذلك الاحسان ببعض من اموال اتعابهم ولذلك تحملوا نفقات كتابة تلك المخطوطة الطقسية من اجل اهدائها لرهبان دير مار كوركيس الذين اتى الدمار والحرق على كل كتبهم الدينية كاقل واجب من اجل المساعدة في تهيئة الظروف الملائمة للرهبان من اجل اكمال صلاتهم الطقسية وبتقديري فأن حالات كهذه من التبرعات من قبل المؤمنين والتي كانت كثيرة ساهمت الى درجة ما في الحفاظ على مخطوطاتنا السريانية فكل نسخة اضافية لاي مخطوطة تاريخية او دينية اعطت فرصة اكبر للحفاظ عليها في زمن كان فيه استنساخ اية مخطوطة يحتاج الى اشهر عديدة من الجهد واموال كثيرة وكانت فرص ضياعها واندثارها كبيرة بفعل القلاقل واللاستقرر الذي ساد المنطقة وكذلك الجهل مع وجود الرغبة في اهلاك كلما هو مختلف عمّا يؤمنون به .

8
مار طيماثاوس الكبير وتبشير شعوب الجنوب الغربي لبحرقزوين ( شمال الهضبة الايرانية )
الجزء الاول
ولد مارطيمثاوس الكبير في النصف الاول من القرن الثامن في عام 728 في منطقة حزة القريبة من اربيل في مقاطعة حدياب [1] في نهاية العهد الأموي ومطلع العهد العباسي ( 749) في تلك الحقبة التي كانت فيه جبال حدياب ومركا [2] تعج بالاديرة وبلدات حدياب وقراها تعيش عصرها الثقافي الذهبي بسبب المدارس الكثير التي اسسها مار باباي الجُبيلي [3]الملفان وفي العصر الذهبي لابرشية حدياب حيث كان دير بيث عابى الكبير[4] المُلقب بملك الاديرة اهم وانشط اديرة كنيسة المشرق حيث رفد كنيسة المشرق باربعة جثالقة [5]في الفترة الممتدة من منتصف القرن السابع ومنتصف القرن التاسع بالاضافة الى الكثير من المطارنة والاساقفة والملافنة والقديسين الذين قادوا دفة الكنيسة في تلك الحقبة المليئة بالمتغيرات ، انه من ذلك العصر الذي كانت فيه صوامع الرهبان المتوحدين تملّأ سفوح الجبال و كانت فيه معجزات المطارنة السابقين لابرشية حدياب مار احا ومار مارن عمه لا تزال حيّة في ذاكرة الاجيال ومن ذلك الزمن الذي كانت فيه الصوامع والمغاور مساكن لرهبان مجاهدين ارتقوا عن هذا العالم ومغرياته بالصوم والصلاة والتجرد فأمست تلك الصوامع مساكن لله تملأها النور الربانية وغدا أولئك الرهبان مرآة ربانية للصفاء والنقاء،
كانت منطقة حزة مركز حدياب ومركز ابرشيتها في تلك الحقبة الزمنية حيث كان مركزها قرية كفرعوزيل ( ܟܦܲܪ ܥܘܼܙܹܝܠ ) ، قرية الاشراف والدهاقنة ( طبقة الملاكين) وكان يقع بالقرب منها دير مار ميخائيل في ترعيل ويذكر توما المرجي في كتابه الرؤساء ( ترجمة الاب البير ابونا ص ١٢٦) بأن الملفان باباي الجُبيلي ( مار باوي كَويلتايا- ܡܵܪܝ ܒܵܒܲܝ ܓܒܼܝܼܠܬܵܝܵܐ ) ترك مدينته جبيلتا ومدرستها في مقاطعة الطيرهان بالقرب من سامراء وجاء الى مقاطعة حدياب برفقة تلميذه مارن عمه ومعلمين اخرين فأسس في البدء مدرسة كبيرة وشهيرة في قرية كفرعوزيل مركز ابرشية حدياب واقام مارن عمه معلماً في هذه القرية وطالما اننا في كفرعوزيل لابد من ذكرالحادثة التي جمعت مار باباي الجُبيلي مع مار ابراهيم بردشنداد معلم مار طيماثاوس فيذكر توما المرجي حينما كان مارباباي معلماً في كفرعوزيل جاءت ام ابراهيم بردشنداد (الاعرج ) من بيث صيدا وهي حاملة ابنها واخذت تبكي امامه قائلة (( يا سيدي صلِ على نصف الانسان هذا الذي ولدته )) وحينما وضع يده عليه قال ان هذا ليس نصف انسان ، انما سيصبح اب الاباء ورئيس الملافنة وينتشراسمه وعلمه في المشرق كله وتحقق ذلك.
ليس بحوزتنا الكثير من المصادر عن مكان ولاد ة مار طيماثاوس ولكننا نعلم بأن عمه الأسقف كيوركيس الذي كان اسقفا على مرعيث بيث بغاش (ܒܹܝܬܼ ܒܓܼܵܫ) [6]ابرشية حدياب قام بتنشئته، فأرسله ليدرس عند الربان ابراهيم بردشنداد المفسر في قرية باشوش ا المرجية بالقرب من عقرة وهو من مشاهيرعصره حيث تتلمذ على يده بالاضافة الى البطريرك طيمثاوس الكبير كل من ايشوع برد نون الذي سيخلف طيماثاوس في البطريركية وابو نوح الانباري [7]الذي اصبح امين سر حاكم الموصل والذي سيقدم العون لطيماثاوس في مسيرته كاسقف بيث بغاش وكجاثاليق كنيسة المشرق. عاش مار طيماثاوس في حقبة مليئة بالمُتغيرات ، ففي شبابه سقطت الخلافة الاموية بيد العباسيين الذين نقلوا خلافتهم الى المدينة الجديدة بغداد القريبة من عاصمة الساسانيين المدائن ومقر جثالقة كنيسة المشرق ، فتلبدت في سماء ما عُرف بالعراق لاحقاً غيوم كثيفة حجبت القدرة على رؤية المُستقبل بعيون الحاضر ، وبالرغم من مروراكثر من قرن على الاجتياح العربي للعراق فان النمط الفارسي كان لازال سائداً وكان لا زال فيه المناذرة العرب في وسط العراق جزءاً جميلاً ومُكملاً لذلك النسيج الآرامي والفارسي والعربي ذو الثقافة السريانية.
. .
نستطيع ان نستشف من سياق الاحداث التاريخية ان طيماثاوس الصبي والشماس زار بيث بغاش الواقعة شمال ابرشية حدياب غربي بحيرة اورمية ( ܐܘܼܪ ܡܝܐ التي تعني بالسريانية مدينة المياه ) واقام فيها برفقة عمه اسقف هذه الابرشية التي كان مركزها دير [بي ]( ܕܲܝܪܵܐ ܕܒܲܝ ܕܒܲܐܬܼܪܵܐ ܕܒܹܝܬܼ ܒܓܼܵܫ ) ولابد ان الاسقف حمل معه ابن اخيه طيماثاوس في زياراته للقرى التابعة لإسقفيته القريبة من بحيرة اورميا ولابد ان طيماثاوس بفطرته وبراءته سأل عمه اثناء زياراته عن من يسكن الجهة الاخرى من البحيرة ( الشرقية ) فاخبره عن تلك الشعوب الضآلة التي لم يدخل الى مقاطعاتهم احد من المبشرين بملكوت السماء منذ عهد الرسل فكانت تلك المعلومة النواة التي سيبني عليها جاثليق المستقبل اكبرمشاريعه التبشيرية بتوسيع كنيسة المشرق ونشر المسيحية ومن غير المستبعد ان يكون طيماثاوس اسقف بيث بغاش لاحقا قد التقى في مرعيثه مع التجار المسيحيين الذين كانوا يمرون في اسقفيته المُتاخمة لتلك البلدان اثناء سيرهم مع القوافل التجارية التي كانت تبادل البضائع والمنتجات الاخرى مع تلك الشعوب الضالة فدار الحديث عنهم وعن معتقداتهم وابدى التجار عن رغبتهم في تبشير تلك الشعوب وضمها الى رعية المسيح
ليس بالمستغرب لرهبان كنيسة ملؤا جبال الشرق وهضابها بالاديرة والصوامع بعد ان ارتقوا جبل الايمان وعاشوا البشارة ان يحملوا تلك البشرى السارة الى تلك الاصقاع التي لم تشرق عليها نور المعرفة الالهية ، انه شيء يدعوا للإستغراب ان يحمل هذا الجاثليق ذلك الاصرار على التبشير وعلى البحث عن الاشخاص التي ارتوت نفوسهم بمحبة المسيح لدرجة الاستعداد لرحلة جهادية على الارجح من دون رجعة مالم يكونوا من ذلك النمط من التلاميذ المستعدين لمرافقة المسيح في طريق الجلجلة حتى الصليب وحمل كل تبعات الصليب وآلامه واذ لم يفلح الجاثليق في محاولاته لإقناع آخرين في تلك الرحلات الجهادية التبشيرية التجأ الى من نال هذا الوصف باستحقاق ( البيت الكهنوتي واب اعمدة الكنيسة المقدسة) الا وهو دير بيث عابي الشهير ، ففي صوامع ذلك الدير عاش رهبان بخلوة تامة فاستحقوا ان تستقرفيهم القوة الإلهية
فوجد ضالته في ذلك الدير المقدس الذي حمل بين جنباته رجال امتازوا بالفضائل الخاصة بالسيرة الرهبانية في ان يُطهرالانسان افكاره ، وان يُصلي دون انقطاع ، وأن يحتمل الاحداث كلها ، فرجال من ذلك الطراز ما كان لهم الا ان يقبلوا تلك الدعوة من اب الكنيسة ايماناً منهم بان ماتم دعوتهم اليه هو من الله وإن الرعاية الربانية سوف ترافقهم والمعونة الإلهية سوف تعضدهم فتوغلوا وتقدموا في بلاد الجيلايينن والديلميين الواقعة في الجنوب الغربي لبحر قزوين ( شمال الهضبة الايرانية ) وهم يزرعون نور الانجيل المقدس فبينما كانوا هم يعلمون بالكلمات كان المسيح يثبت اقوالهم بالآيات التي يصنعها فشرعوا يشيدون الكنائس ويرسمون كهنة وشمامسة لكي يعلموا المزاميروالتراتيل الروحية.
[1] تشمل مقاطعة حدياب المنطقة الواقعة بين الزابين الكبير والصغير شمالا وجنوبا ودجلة غرباً وسلسلة جبال سفين شرقاً ، اما التقسيم في التقسيم الكنسي فكان تتشمل مراعيث الشمال شرقا وسهول نينوى ومركا وغيرهما من المراعيث شمالا وكانت حزة ثم اربيل مركز هذه الابرشية الواسعة .
[2] مركا هي المنطقة التي تشكل مثلث قاعدته نحو الشمال في سلسلة جبال عقرة ورأسه نحو الجنوب عند ملتقى نهر الزاب الكبير بالخازر والكلمة سريانية( ܡܲܪܓܵܐ) تعني الارض الخصبة الكثيرة المياه.
[3] ربان باباي الملفان ( مار باوي كَويلتايا- ܡܵܪܝ ܒܵܒܲܝ ܓܒܼܝܼܠܬܵܝܵܐ ) ملفان ( ملبانا ܡܲܠܦܵܢܵܐ معلم ) من الطراز الاول ولد في مدينة جُبيلة شرقي دجلة شمالي تكريت جدد كل القونين والانظمة المدرسية ووحد الألحان والمقامات . اسس مدرسة في كفرعوزيل مركز منطقة حزة التي كانت مقر ابرشية حدياب ومن ثم اسس (24) مدرسة في منطقة مركا .
[4] دير بيث عابى ( ܥܘܼܡܪܵܐ ܕܒܹܝܬܼ ܥܵܐܒܹ̈ܐ) تأسس هذا الدير في النصف الثاني من القرن السادس على يد الراهب يعقوب اللاشومي وكان هذا الدير مركزا هاما للحياة الرهبانية وكان عصره الذهبي في القرن السابع والثامن والتاسع ،وفيه جُمع الكتاب الطقسي لكنيسة المشرق حوذرا( ܚܘܼܕܪܵܐ) من قبل الجاثليق ايشوعياب الحديابي والملفان الراهب عنانيشوع ، دامت الحياة الرهبانية فيه قرابة الالف عام ، لقب بملك الديورة والبيت الكهنوتي واب اعمدة الكنيسة المقدسة ويبدو ان الحياة الرهبانية انتهت فيه في نهاية القرن السادس عشر بعد ان قبض المضطهدين على رئيس الدير غريغور واصعدوه الى جبل عال ومن هناك طرحوه الى الهاوية وبقي ((مرج غريغور)) تخليدا لهذا الحادث٠
[5] اعتلى رئاسة كنيسة المشرق اربعة رهبان من دير بيث عابى واصبحوا جثالقة كنيسة المشرق
١. ايشوعياب الثالث الحديابي ( ٦٤٧- ٦٦٠)
٢. كيوركيس الاول ( ٦٦١-٦٨٠ )
٣. كيوركيس الثاني ( ٨٢٨ - ٨٣١)
٤. ابراهام الثاني المرجي ( ٨٣٧ - ٨٥٠ )
[6]بيث بغاش منطقة واقعة شرقي داسن وشمالي سلاخ ، شمال شرق العمادية يمر بها الزاب الكبير وتشمل المناطق الشرقية التي كان الآثوريون يسكنونها غربي مدينة اورميا كبيت شمسدين وكاور وجيلو وكانت تابعة لابرشية حدياب
[7]كان ابو نوح الانباري كاتبا لحكم الموصل موسى بن مصعب ومن موقعه ذاك مدَ يد العون الى طيماثاوس ( الذي اصبح سقف بيث بغاش ) ليسترد خراج ابرشيته ويبدو ان ابا نوح كان في بعض الدواوين ببغداد عند انتخاب طيماثاوس في ايار سنة ٧٨٠ لأنه كان هناك لإقتراح اسم صديقه.

المصادر
ا. كتاب الرؤساء لتوما المرجي ترجمة الاب البير ابونا
٢. ܬܫ̈ܥܝܬܐ ܘܫܪ̈ܒܐ ܡܘܬܪ̈ܢܐ ܕܥܠ ܐܢܫ̈ܐ ܘܝܚܝܕ̈ܢܐ ܕܗܘܘ ܒܕܪ ܒܕܪ ܒܥܘܡܪܐ ܩܕܝܫܐ ܕܒܝܬ ܥܒ̈ܐ ܕܥܒܝܕܝܢ ܠܚܣܝܐ ܡܪܝ ܬܐܘܡܐ ܐܦܣܩܘܦܐ ܕܡܪܓܐ
٣. الديورة في مملكتي الفرس والعرب لإيشوعدناح مطران البصرة ترجمة القس ( البطريرك ) بولس شيخو.
٤. احوال النصارى في خلافة بني عباس - جان فييه



9
من الادب الميلادي المشرقي
يسعدني ان اقدم لكم ترجمتي لبعض الرُباعيات من الادب الميلادي المشرقي من صلوات عيد الميلاد ( ܥܹܐܕܵܐ ܩܲܕܝܼܫܵܐ ܕܝܲܠܕܹܗ ܕܡܵܪܲܢ)
ܒܪܝܼܟܼ ܡܸܠܬܼܵܐ ܕܐܸܬܼܒܲܣܪܲܬ
مبروك للكلمة التي تجسدت
ܘܡܼܢ ܒܬܼܘܿܠܬܵܐ ܐܸܬܼܝܲܠܕܲܬ
ومن العذراء ولِدت
ܘܐܸܬܼܚܲܙܝܲܬ ܘܐܸܬܼܓܲܫܫܲܬ
تراءت وإدركت
ܘܐܸܬܼܟܲܪܙܲܬ ܘܐܸܫܬܲܒܿܚܲܬ
وبُشرت ومُجدت
ܒܪܝܟܼ ܕܐܸܬܼܵܐ ܐܲܝܟܼ ܕܲܨܒܼܵܐ
مبارك الذي اتى بمشيئته
ܘܲܫܪܵܐ ܒܲܢ ܐܲܝܟܼ ܕܲܒܼܥܵܐ
وحل فينا برغبته
ܘܐܸܬܼܝܼܠܸܕ ܡܼܢ ܡܲܪܒܿܥܵܐ
وولد من رحم
ܘܫܲܟܸܢ ܠܲܢ ܟܠ ܚܲܕܘܵܐ
ومنحنا كل الفرح
ܒܪܝܼܟܼ ܕܒܲܢ ܥܡܲܪ ܟܲܕ ܠܵܐ ܙܥܲܪ
مُبارك للذي بسكنهِ فينا لم يصغر
ܘܠܲܢ ܐܵܘܪܸܒܼ ܘܗܸܘ ܠܵܐ ܒܨܪ
و عَظّمنا وهو لم يَنقُص
ܘܲܒܼܢܘܼܗܪܹܗ ܠܟܼܠ ܐܲܢܗܲܪ
وبنوره أضاء الجميع
ܘܦܘܼܪܩܵܢܲܢ ܒܚܘܼܒܹܿܗ ܓܡܲܪ
وخلاصنا بمحبته اكتمل
ܒܪܝܼܟܼ ܕܐܸܬܼܓܿܠܝܼ ܒܐܵܦܲܪܬܼܵܐ
مبارك للذي تجلى في بيت لحم
ܘܐܸܬܼܝܼܠܸܕ݂ ܒܲܡܥܲܪܬܼܵܐ
وولد في المغارة
ܡܓܼܘܫܹ̈ܐ ܩܲܪܸܒܼܘ ܠܹܗ ܣܸܓܼܕܿܬܼܵܐ
المجوس قدموا له السجود
ܕܲܗܒܼܵܐ ܘܡܘܼܪܵܐ ܘܲܠܒܼܘܿܢ̃ܬܵܐ
ذهبا ومُر ولبّان
ܒܝܲܠܕܵܟܼ ܢܗܲܪ ܒܸܪ̈ܝܵܬܼܐ
بميلادك تلألأت المسكونة
ܘܐܸܬܼܦܨܲܚ ܟܠ ܦܸܢ̈ܝܵܬܼܵܐ
و ابتهجت كل المعمورة
ܘܐܸܫܬܲܟܲܢ ܚܲܕ̈ܘܵܬܼܵܐ
وحلّت فينا المسرّات
ܠܟܼܠ ܥܲܡܡܹ̈ܐ ܘܐܸܡ̈ܘܵܬܼܵܐ
لكل الشعوب والامم



10
من دجلة الى اورشليم (القدس) ملاحظات شعرية سريانية شرقية في الفترة العثمانية
بقلم انطون بريتولا المختص في الادب السرياني
يسعدني ان اقدم لكم ترجمتي لمقتطفات من المقالة التي كتبها Anton Pritula والمعنونة
FROM TIGRIS TO JERUSALEM:
EAST SYRIAC POETIC NOTES FROM THE
OTTOMAN TIME
ANTON PRITULA
HERMITAGE MUSEUM, ST. PETERSBURG
القصائد الشعرية التي تم نشرها ودراستها لاول مرة تمثل الاذواق الادبية للنخبة المثقفة من السريان الشرقيين ( الكلدان و الآثوريين ) في الفترة العثمانية . مجموعات النصوص هذه تظهر كإضافات لاحقة في مخطوطات كتبها عبد ايشوع الجزراوي [1] الشاعر والبطريرك الثاني في الكنيسة السريانية الشرقية المُتحدة مع روما والتي عرفت لاحقاً بالكنيسة الكلدانية ( 1570-1555). هذه النصوص القصيرة بشكل عام ليس لها علاقة مباشرة مع نص المخطوطة الرئيسي او انها ذات صلة ضعيفة بالموضوع ولكنها تمثل نوع من الملاحظات الشعرية خطّها حُجَاج القدس من السريان الشرقيين وتعكس اذواق الشعر الشعبي السرياني في تلك الفترة.
القصائد القصيرة وخاصة الرباعيات هي الشكل المثالي لمثل هذه الفعاليات الشعرية وبحكم عددها الكبير فان انتشار القصائد القصيرة كان يزداد بثبات منذ زمن النهضة السريانية عندما تم استعارتها من الشعر العربي والفارسي وكما يظهر فإن القصائد ثنائية اللغة من الفترة المغولية (النصف الثاني من القرن الثالث عشر ومطلع القرن الرابع عشر ) تمثل ذروة التقاليد السريانية في الفترة الاسلامية واعتبرت النماذج المناسبة لتصور الحياة الثقافية المعاصرة للمجتمعات المسيحية ثنائية اللغة في الامبراطورية العثمانية.
مع بداية القرن السادس عشر فإن استنساخ المخطوطات كان قد استعاد زخمه بعد الكوارث الاجتماعية السابقة في نهاية القرن الرابع عشر ومطلع القرن الخامس عشر ويَنسُب العلماء ذلك الزخم في استنساخ المخطوطات التي نجت من الدمار الى الاستقرارالسياسي والاقتصادي النسبي الذي وصلت اليه المنطقة بعد ظهور الامبراطورية العثمانية التي وحّدت الشرق الاوسط . هذه الاوضاع المستقرة نسبياً نتج عنها زيادة كبيرة في السفر والانتقال داخل الامبراطورية ، انه من هذه الفترة التي كان فيها دير السريان المشارقة في القدس مع كنيسة مريم العذراء معروفاً بكونه مكان زيارة لكثير من الحُجاج الذين شقوا طريقهم من منطقة العراق الحالي وايرن وجنوب شرق تركيا الى المدينة المقدسة.
تاريخ هذا الدير كانت قد تمت دراسته في منشورات حديثة وبالنسبة لهم فإن كنيسة السريان المشارقة في القدس كان بمثابة دير وكان يقع في مكان ما شمال القبر المقدس ( كنيسة القيامة ) في الحي المسيحي . ففي القرن السابع عشر كان هذا الحي منخرطاً في انشطة الارساليات الكاثوليكية من مختلف الارساليات التي كانت نشطة في هذه المدينة وفي عام 1718 ارسل البطريرك ايليا - القوش ( 1722-1700 ) القس كانون التلكيفي لتنظيم وصيانة الكتب الطقسية والادوات الطقسية المحفوظة في كنيسة مريم العذراء للنساطرة والقائمة التي نظمها هذا القس احصت مئة مخطوطة منها لا زالت في القدس الان معظمها محفوظ في مكتبة بطريركية الروم الارثودُكس ومكتبة القديس مرقس للسريان الارثودُكس ومكتبة الفاتيكان.
هذه المخطوطات الموجودة في الاماكن المذكورة بالاضافة الى تلك الموجودة في مكتبات اخرى تضم معلومات قيّمة عن الادب والحياة الاجتماعية للمجتمعات السريانية الشرقية في الفترة العثمانية.
نشر Sebastian Brock مقالة مهمة معتمدة على المخطوطات السريانية الشرقية التي تم اهدائها او كتابتها في القدس فسجلها وصنفها بدقة وبعد ترجمته القليل من بيانات النسخ ( colophons) او الملاحظات التي يخطها الناسخ او المالك في نهاية المخطوطة وجد Sebastian فيها بان الحجاج من مختلف اصقاع الامبراطورية العثمانية اعتادوا على اهداء مخطوطات الى الكنائس والاديرة التي يزورونها تاركين معلومات فيما يخص انفسهم في نهاية المخطوطات او في سجلات موجودة في مخطوطات قديمة .
من النماذج الشعرية لتلك الفترة ما كتبه عبديشوع مطران اثيل [2] المعروف بزياراته للقدس عدة مرات وإهدائه المخطوطات لدير السريان المشارقة ( النساطرة ) حيث زار المدينة المقدسة ثلاث مرات في عام (1651-1644-1614) وهو مذكور في الملاحظات المودونة في المخطوطات تحت اسم عوديشوع مطران آثيل
ܬܲܪ̈ܥܹܐ ܕܥܲܒܼܕܝܼܫܘܿܥ ܐܲܦܸܣܩܘܿܦܵܐ ܕܐܵܬܝܹܠ
ابيات عوديشوع أسقُف آثيل
ܕܲܥܒܼܕ ܐܸܢܘܿܢ ܒܐܘܿܪܫܠܹܡ ܒܲܫܢܬ ܐܨܢܗ ܠܝܵܘܢ
التي كتبها في اورشليم سنة 1955 يونانية ( 1644 ميلادية )
ܗܲܟܲܢܵܐ ܣܗܸܕܘ ܡܢܲܣܝ̈ܢܹܐ ܕܥܲܩܸܒܼܘ ܘܫܲܪܪܘ
( هاخنّا سهِذ مْنَسْيانِه داعقِو وشَرّر)
هكذا شهد المُجربون الذين حققوا واكدو
ܕܐܲܝܢܵܐ ܕܡܢ ܒܹܝܬܼ ܐ̃ܚܝܢ̈ܘܗܝ ܘܪܚܡܘܗܝ ܦܪܝܼܫ ܗܘܼ ܒܲܦܓܼܪ
(آينا د من بيث حْياناو ورحماو بريشو ببَغر)
الذي هو مُبتعد عن اهله واحبائه بالجسد
ܚܲܫܝܼܫ ܒܟܼܠܝܘܿܡ ܘܠܐ ܣܟ ܡܬܼܦܨܚ ܠܸܒܹܿܗ ܠܓܼܡܵܪ
( حَشّيش بخول يوم ولا سخ مثبصح لبّه لَغمر )
هو حزين كل يوم وقلبه لا يفرح ابداً
ܘܡܲܪܝܪ ܚܸܢܟܹܗ ܐܵܦܸܢ ܢܹܐܟܼܘܿܠ ܕܹܒܼܫܵܐ ܘܫܹܟܵܪ
( ومَريرْ حْنخِه آبن نِخول دِوشا وشيكر )
فطعم فمه مُر وإن اكل العسل والسكر
[1] الجزراوي نسبة الى جزيرة بازبدي ( ابن عمر ) هي بلدة في محافظة شرناق في منطقة جنوب شرق الأناضول في تركيا، تقع على نهر دجلة على الحدود التركية السورية وعلى مقربة من الحدود العراقية التركية، تقع الجزيرة في المنطقة التاريخية لبلاد الرافدين العليا وهي محاطة بدجلة من الشمال والشرق والجنوب، ولذلك سميت جزيرة.سمّاها السريان ܓܵܙܲܪܬܵܐ كازرتا التي تعني الجزيرة .
[2] قرية آثيل تقع في جبال البوتان، بين مدينتي الجزيرة وسْعرت في جنوب شرق تركيا.




11
من ميناء برستل ( Bristol ) الى ضفاف دجلة وبلداتنا المسيحية شمال وشرق الموصل رحلة عشق لهذا الشرق و لعبق ماضيه
من مدينة برسْتّل Bristol الانكليزية الوقعة على نهر Avon Bristol في الجنوب الغربي من بريطانيا تلك المدينة التي لها تاريخ بحري مزدهر حيث انطلقت منها اولى الرحلات لإكتشاف العالم الجديد ، وعلى متن سفينة مُنطلقة من مينائها في عام 1497 كان John Cabot ( ايطالي من البندقية ) اول اوروبي يحط على البر الرئيسي لأمريكا الشمالية.
نبدء مقالتنا اليوم مع كلوديس ريج Claudius Rich الصبي الذي ترعرع في هذه المدينة وإرتوت فيها مخيلته من حب الشرق وسحره فدفعه حبه هذا لإتقان اللغات الشرقية رغبة منه لسبر اغوار الشرق الذي حمله في قلبه ووجدانه ، فلابد ان قصص وحكايات البحارة في ميناء Bristol المزدهر دغدغت مشاعر الفتى ونسجت في مخليته الجامحة احلام بعيدة حتى اصبح البحر والسفر وسيلتان لإدراك احلامه.
فمن مرفأ برستل الى ضفاف نهر دجلة الخالد تبدء رحلتنا وتمتد الى كرمليس و جبل مقلوب ودير الشيخ متي المنتصب كالقلعة على حافة الجرف وبعشيقة وبحزاني ومنها الى جبل القوش ودير الربان هرمز ومن ثم بلداتنا الكلدانية شمال الموصل القوش وتلسقف وباطنايا وآخيراً تلكيف رحلة حملت بين طياتها ولع كبير بالشرق ولغاته وارثه المدون في مخطوطات قديمة وبالرغم من ان الرجل كان ذا نفوذ سياسي كبير وبالرغم من ميله لذوي السلطة والنفوذ من الاتراك والاكراد وبالرغم من ان انطباعاته عن هذه البلدات واهلها لم تكن منصفة كلياً حين يتكلم عنها مقارنة باعجابه ببلدات اخرى كانت بيوتها من الطين في حين كانت بيوت هذه البلدات مبنية من الجص والحجر على الطراز الموصلي فمع ذلك فإن رحلته تلك انقذت مخطوطات فريدة ووحيدة من هذا الشرق وهذه المنطقة التي كانت جروح حملة نادر شاه عائشة فيها بالرغم من مرور اكثر نصف قرن على حدوثها.
وصل وكيل الاعمال البريطاني والرحالة والمختص في التحف والمخطوطات كلويس ريج الى بغداد عام 1808 وهو بعمر21 عاماً كمقيم بريطاني ذو نفوذ سياسي كبير واعتبرت تحرياته لموقع بابل عام 1811 نقطة البداية لعلم الآثار في بلاد ما بين النهرين وكرس نفسه لدراسة جغرافية اسيا الصغرى بين عامي 1813-1814 وجمع معلومات كثيرة عن اللغة السريانية والاديرة المسيحية بالاضافة الى اليزيديين وفي عام 1820 باشر بجولة مكثّفة الى القرى والبلدات المسيحية في شمال الموصل (العراق الحالي) لجمع المخطوطات القديمة ويذكر Rich في كتابه قصة الإقامة في كردستان ( Narrative of A Residence In Koordistan And On The Site Ancient Nineveh ) الجزء الثاني بأن المخطوطات باتت سريعة الاندثار في الشرق واصبحت مهمة الرحالة تقريباً لان ينقذوا منها ما بإستطاعتهم من الهلاك.وتضيف ارملته التي اعّدت الكتاب للنشر بعد وفاته بأن احد اهداف السيد Rich من رحلته للاديرة والقرى في مقاطعة الموصل كانت لهذا الغرض بشكل كبير فلسنوات طويلة لم يُدخِر الوقت والمال والجهد لانجاز هذا الهدف واخيراً نجح Rich في إنقاذ من الدمار القليل من المخطوطات السريانية المبعثرة في هذا الجزء من آشور .
ومن القصص المُحزِنة التي اتى على ذكرها Rich اثناء زيارته لدير الربان هرمز قصة الخمسمائة مخطوطة المكتوبة على الرق ( جلد للكتابة ) بالخط الاسترنجيلي والتي وضعت جميعها في قبو قديم على جانب الجبل حيث انجرف جزءُ منه بسيل عارم فتُلِفت الكتب واصبحت بلا فائدة وبالتالي كانت مُمزقة ومرمية و يضيف بعض الصفحات المبعثرة كانت قد جلبت لي لكي أٌلقي نظرة عليها فكانت بما لا يقبل الشك قديمة جداً وكانت ستلقي الضوء من دون شك على هذا الدير المُثير.
كان Rich رجل الانجازات اللغوية الاستثنائية حيث كان يتقن اليونانية واللاتينية والعبرية والفارسية والسريانية منذ صباه وطلاقته في التركية والعربية خدمتاهُ كثيراً اثناء تعيينه عن عمر 21 عاماً وحتى وفاته كمقيم بريطاني لشركة الهند الشرقية عام 1821عن عمر 34 عاماً نتيجة لإصابته بمرض الكوليرا اثناء تواجده في شيراز ايران وبلا شك ساعدت قدرات ادراته الاستثنائية على اقامة اكثر من قرن من التاثير البريطاني في العراق .
بيعت مقتنيات Rich الى المتحف البريطاني من قبل ارملته عام 1825 لتشكل اساس دراسات آثار بلاد ما بين النهرين في بريطانيا وكانت هذه المقتنيات تتألف من 800 مخطوطة (3) منها يونانية و(59) منها سريانية و( 8 ) منها كرشوني و(389) منها عربية و(231) منها فارسية و(108) منها تركية و(2) منها ارمنية وواحدة عبرية وكانت المخطوطات السريانية والعربية من اهم المقتنيات التي جُمعت من قبل اي اوروبي.
في دير الشيخ متي عرض له المطران جزء من الكتاب المقدس مكتوب على الرق بالخط الاسترنجيلي ويضيف ريج كنت محظوظاً بما فيه الكفاية لاقتنائه الكتاب فقد كان قليل الاستعمال بالنسبة له ومن الحالة التي كان فيها عندما احضر لي ربما جاملت نفسي بكوني انقذته من التلف الكامل واثناء زيارة Rich لالقوش كان محظوظاً بحصوله على مخطوطة العهد الجديد مكتوبة على الرق ذات قدم طويل والتي كانت سريعة التلف وفي تلكيف كان Rich محظوظاً بحصوله على مخطوطة جيدة للاناجيل والرسائل مكتوبة على الرق سنة 601 يونانية اقدم مخطوطة رآها لحد الآن وفي اليوم التالي ( Dec 23 1820 ) احضرت له مخطوطة قديمة جداً مكتوبة على الرق بالسريانية والعربية ( كتاب تاريخ الآزمنة لإيليا برشنّايا مطران نصيبين والذي لم تبقى نسخة اخرى منه).
وفي رسالة من المتحف البريطاني الى ارملة السيد ريج يذكر حصة ريج من المخطوطات السريانية يذكر بأن المخطوطة رقم (14) ربما هي اقدم نسخة موجودة من العهد الجديد باللغة السريانية لكونها كتبت عام 768 ميلادية ، مخطوطة اسفار موسى الخمسة رقم(1) ومخطوطة الأنبياء رقم ( 8 ) هما ذو اهمية كبرى ، نسخ من كتب الأنبياء هي نادرة جداً ، دراسة اسماء الاعلام ليعقوب الرهاوي رقم (39) كتاب ذو اهمية وفائدة كبيرتين لما يحمله من نقد للكتاب المقدس وحسب ما اعلم فليس هنالك نسخة اخرى من هذه المخطوطة سوى في روما ، تفسيرات الكتاب المقدس لإبن صليبا وإبن العبري هي غير مطبوعة وتضم الكثير من الموضيع الشيقة لطلاب اللاهوت ، تاريخ الازمنة لإيليا النصيبيني ( بر شنّايا ) لم تبقى نسخة اخرى منه والجزء الاخير من تاريخ ابن العبري يستحقان انتباه خاص ، كتابان لقواعد اللغة لإبن العبري وقاموس ابن علي بالرغم من ندرتهما فهي كتب ذات اهمية حقيقية كبرى.


12
ܟܵܪܘܿܙܘܼܬܼܵܐ ܕܫܲܒ̇ܬܼܵܐ ܪܲܒ̇ܬܼܵܐ
موعظة سبت النور




ܢܩܘܼܡ ܫܲܦܝܼܪ ܟܠܲܢ ܒܚܲܫܵܐ
لنَقُم حسناً بالحزن
ܚܲܝܵܐ ܕܲܢܚܸܬܼ ܠܒܼܝܹܬܼ ܡܝܼܬܼܹ̈ܐ
الحي الذي نزل لبيت الآموات
ܘܐܲܟܼܪܸܙ ܣܲܒܼܪܵܐ ܛܵܒܼܵܐ ܠܢܲܦ̮ܫܵܬܼܵܐ ܕܐܲܚܝܼ̈ܕܵܢ ܗ̃ܘܲܝ̈ ܒܫܝܘܿܠ
وبشّر بالرجاء الصالح لنفوس الذين كانوا متسلط عليهم في الجحيم
ܗܵܘܿ ܕܲܒܼܫܘܼ̈ܡܵܬܼܹܗ ܐܸܬܼܐܲܣܝ̈ ܚܒܼܵܪܵ̈ܬܲܢ
الذي بأوجاعه عالج جروحنا
ܘܲܒܼܩܸܛܠܹܗ ܩܲܛܠܹܗ ܠܩܵܛܘܿܠܲܢ
وبموته أماتَ قتلتنا
ܗܵܘܿ ܕܲܒܼܚܲܫܹܗ ܚܫܸܟܼܘ ܢܲܗܝܼܪܹ̈ܐ
الذي بحزنه اعتم الآنوار
ܘܲܠܒܸܫ ܐܸܒܼܠܵܐ ܘܟܲܪܝܘܼܬܼܵܐ ܟܠܗܹܝܢ ܒܪܝܵܬܼܵܐ
والبس الحِداد والحزن كل الخلائق
ܗܵܘܿ ܕܒܲܙܩܝܼܦܘܼܬܹܗ ܐܸܬܼܥܲܙܲܙܘ ܪܘܼܚܵܢܹܐ
الذي بصلبه قوَى الروحانيين
ܘܪܸܡܙܵܐ ܕܐܲܒܼܘܼܗܝ ܟܠܵܐ ܐܸܢܘܿܢ ܕܠܵܐ ܢܣܝܼܦܘܼܢ ܠܨܵܠܵܘܿܒܼܵܘ̈ܗܝ
ووحي ابيه اوقف صالبيه من ان يهلكوه
ܗܵܘܿ ܕܲܒܼܡܵܘܬܹ̇ܗ ܨܪܵܐ ܩܲܒܼܪܹ̈ܐ
الذي بموته شّقَ القبور
ܘܢܲܚܸܡ ܡܝܼܬܼܹ̈ܐ ܠܡܲܟ̇ܣܵܢܘܼܬܼܵܐ ܕܨܵܠܵܘܿܒܼܵܘ̈ܗܝ
واقام الموتى لتوبيخ صالبيه
ܗܵܘܿ ܕܲܡܙܲܓܼ ܕܡܹܗ ܒܲܕܡܲܢ
الذي مزج دمهِ بدمنا
ܘܲܦܪܲܥ ܚܵܘ̈ܒܵܬܲܢ ܒܕܸܒܼܚܵܐ ܕܲܩܢܘܿܡܹܗ ܕܥܲܠ ܪܹܫ ܓܵܓ݂ܼܘܠܬܵܐ
وكافأ ذنوبنا بتضحية ذاته على الجُلجُلة
ܗܵܘܿ ܕܐܸܫܬܿܝ ܚܵܠܐ ܘܲܡܪܵܪܹ̈ܐ ܡܛܠ ܦܘܼܪܩܵܢܹܗ ܕܲܟܼܝܵܢܲܢ
الذي شرب الخل والمرّ من اجل خلاص نفوسنا

13
الارتقاء لدير الربان هرمز بعيون المستشرق والرحالة البريطاني كلوديس ريج Claudius Rich اثناء زيارته للدير قبل مئتي عام (١٩- ٢١ كانون الاول ١٨٢٠)
يسرني ان اقدم لكم ترجمتي من الانكليزية لمقتطفات من زيارة المستشرق والرحالة البريطاني كلوديس ريج ( Claudius Rich ) لدير الربان هرمز اثناء زيارته لبلداتنا المسيحية في سهل الموصل بالاضافة الى اديرتنا العريقة في جبل مقلوب ( دير مار متي) وفي جبل القوش ( دير ربان هرمز ) وذلك في شهر كانون الاول من عام ١٨٢٠ حيث زار كرمليس وبعشيقة وبحزاني ودير الشيخ مار متي وديرالربان هرمز والقوش وتلسقف وباطنايا وتلكيف وتكمن قصة هذه الرحلة بأنها تضمنت اول معرفة دقيقة من وجهة النظر العلمية بخصوص تضاريس وجغرافية المنطقة بالاضافة الى حصوله على مخطوطات قديمة جداً وفريدة سوف ناتي على ذكرها في حلقة اخرى وخصصت هذه الترجمة لدير الربان هرمز الذي تركت زيارته له اثرا بليغا في نفسه حيث وصف الدخول اليه بالانعزال عن العالم فيقول " فتراءى لنا بأننا نعتزل عن هذا العالم وندخل في حالة من الوجود الغريبة والغير مُجربة " [We seemed to be retreating from this world and entering on some wild and untried state of existence ]
ووصف مغادرته الدير بانه بدا كما لوانه محاولة وداع للسلام والدخول الى العالم بمشاغله واهتماماته [ I now seemed to have bid adieu to peace , and to have entered again into the world , with its business and its cares]
بلدة القوش التي يسكنها الكلدانً بالكامل كانت قبلنا ،طريق صغيرة على سفح الجبل وعلى يمينها وعلى ارتفاع ميل تقريباً في مضيق صخري او ثغرة في الجبال يقع دير الربان هرمز للكلدان وحيثما كنا نقوم برحلة اليه ذاك الذي يرتدي من هذا المكان منظرمُهيب للغاية ،فإنه لم يظهر بشكل واضح سوى بناية مربعة ذات لون احمر داكن مُعلقة الى حدٍ بعيد على جُرف مثل بعض الاديرة البوذية ، فالغيوم الداكنة تدحرجت فوق قمة الجبل ولاسفل الديرتقريبا فتعاظمت ظُلمة مظهره وارتفاعه الظاهري فتراءى لنا بأننا نعتزل عن هذا العالم وندخل في حالة من الوجود الغريبة والغير مُجربة عندما وجدنا انفسنا في ممر صخري ضيق الذي عن طريقه بتنا نقترب من الدير وهناك بانت الاوضاع على انه قد تم اختيارها بدقة للتعّبُد ولكنه تعّبد فظ وموحش فكل المدرجات من القمة الى الاسفل مليئة بالكهوف الصغيرة والمغارات وتلك القريبة من الكنيسة والممتدة الى اعلى الصخر وفوقه بكثير مُخصّصة لاستعمال الرهبان . في المساء ذهبت لصلاة الرمش ( المساء) الذي هو تجمع صلاة الرهبان ذوي المظهر البسيط الداكن ايضا مع ظٌلمة وبساطة الكنيسة والتي هي مجرد غرفة مقوسة او مقببة من دون ضوء بإستثناء ما يدخل من القبة الصغيرة ربما يذكرنا جيداً بواحدة من خلوات القديس سابا [1]
اثناء زيارة ريج لدير الربان هرمز كان هنالك خمسون راهبا من بينهم اربعة اوخمسة كانوا كهنة وكل راهب كان له صومعته الخاصة به وطريقة الاتصال بين هذه الصوامع كانت المدرجات. كان الرهبان اصحاب مهن فمنهم نسّاج وخياط وحداد ونجار وبناء فكل احتياجات الدير بالكامل كانت تجهزمن قبل الدير نفسه. كان الرهبان يأكلون اللحم في ايام الميلاد والفصح فقط وفي ما عدا ذلك كان اكلهم اليومي البرغل المسلوق والخبز وبكميات صغيرة كما كان الخمر والمشروبات الروحية ممنوعة ولم يكن مسموحاً لهم تلمس المال فامين المال فقط كان مخولاًبتلمس المال. رئيس الدير [2] الذي كان غائباً عاد الليلة الفائتة وجاء لزيارتي هذا الصباح فهو من ماردين ودرس على يد المونسنيور اوغسطين البطريرك في ديار بكر [3] وهو يتكلم التركية جيدا واحببته كثيراً فقد عُين رئيساً لهذا الدير قبل اثني عشر عاماً فوجده عندئذ خراب وهو يقوم الان بترميم الكنائس فالرئيسية منها طبعا هي مخصصة لمار هرمز والثانية للانجيلين الاربعة واخرى فوق الدرج للملائكة وكلها تحت سقف واحد والبنّاء الرئيسي كان من الطائفة الكلدانية في الموصل فقد تطوع لتوجيه عملهم واما القطع الصغيرة الاخرى مثل الصبغ والزجاج الصغير والخشب تم تبرعها من قبل المحسنين الكلدان .
عندما قرر ريج مغادرة الدير مع الجماعة المرافقة له نتيجة لمخاوفه من الجو المتقلب في هذا الموسم ( ايام معدودة قبل عيد الميلاد ) وقبل ان تجتاحهم وتحتجزهم عاصفة مفاجئة فيضيف بانه كان بإمكاني البقاء هنا بعض الوقت بكل سرور فسوف لا يكون بإمكاني الاستمتاع مجدداً بهذه الخلوة الهادئة جداً وبدءتُ اتوق للسلام والهدوء اللذين كنتُ فيهما وحتى ذلك الدير فانحدرت اسفل الأكمَة لإختيار موضع جيد لمشهد آخر والذي وجدته تماماً عند مدخل المضيق على جانب الدير وفي غضون ذلك ضجّت الصخور باصوات رجالنا وصهيل قطيعنا هذا الجانب النشيط والحي مَثّلَ تناقض كبيرللجانب المُوحش والباهت والمُقفر لقاطني تلك القلايا الوعرة فالاصوات المختلفة انحسرت تدريجيا عندما نزل فريقنا الواحد تلو الآخر بعد ان حمَل الحيوانات وأخير يبدو ان الدير استعاد سكونه الطبيعي فلا صوت يسمع ولا تُرى اية علامة على الحياة باستثناء بعض الالوان الداكنة لرهبان ينظرون الينا من مواطنهم الخيالية المُعلّقة مثل اوكار النسور على وجه الجرف فجلست لبعض الوقت مستمتعاً بهذا المنظر واخيراً ركبت الدابة واثناء المسير بدا كما لو انه محاولة وداع للسلام والدخول الى العالم بمشاغله واهتماماته.
[1] دير مار سابا ويسمى أيضًا لافرا القديس سابا هو دير للروم الأرثوذكس يطل على وادي الجوز (القدرون) في بلدة العبيدية (عرب ابن عبيد) شرقي بيت لحم في فلسطين وهو واحد من أقدم الأديرة المأهولة في العالم ويعيش فيه 15 راهبا بناه الراهب الشهير القديس سابا سنة ٤٨٥ وفيه تُحفظ جثته حتى اليوم دون انحلال في الكنيسة الرئيسية داخل تابوت زجاجي التي شُيدت في القرن السادس الميلادي كما توجد فيه مقبرة دفن بها الرهبان ورجال الدين الذين توفوا داخله
[2] الآب جبرائيل دنبو، مجدد الحياة الرهبانية الانطونية في الكنيسة الكلدانية
رجل بار خلد تاريخ الرهبانية، حيث تمكن بمساعيه الجبارة وبجهوده الحثيثة أن يفتح دير الربان هرمزد ثانيةً سنة 1808 بعد اغلاق دام نحو ثمانين عاماً. قدم هذا الرجل من ماردين في رحلة الى البصرة ومنها الى بيروت. وعند وصوله الى البصرة أصيب بمرض عضال، فدخل المستشفى حيث قرأ كتاب سير الرهبان القديسين. فمست النعمة الالهية قلبه، وعاهد الرب بأنه سيهجر العالم حالما يشفى ليخدمه في حياة القداسة والكمال. ولما شفاه الرب تمم وعده ودخل الرهبانية الانطونية المارونية في لبنان. وبعد قضاء سنوات الابتداء نصح له رئيس الدير، وقد علم أنه من الطائفة الكلدانية، بالتوجه الى العراق ليجدد الحياة الرهبانية في كنيسة الكلدانية.
بعد جهود مضنية تمكن من فتح دير الربان هرمزد عام 1808. وقد وصل عدد الرهبان في عهده الى مائة وعشرين راهباً،
[3] – يوسف الخامس أوغسطين هندي ( 1781 – 1827)
هو المطران أوغسطين هندي المدبر البطريركي في ديار بكر الذي كان قد عينه يوسف الرابع خلفا له ، وكان على خصام مع يوحنان هرمزد مطران الموصل ، فكل منهما كان يدعي إنه النائب البطريركي والأحق بالرئاسة البطريركية ، إلا انهما تصالحا بفضل أبناء الموصل عام 1811م ومن ثم إعترف يوحنان هرمز بخضوعه الى أوغسطين هندي ، غير أن أوغسطين هندي نقض الأتفاق وإنفرد بالبطريركية الكلدانية ، وأخذ ينعت نفسه بلقب (بطريرك) لأن البابا بيوس السابع منحه الدرع المقدسة كرئيس أساقفة ( آمد) والنائب الرسولي على (بطريركيتي آمد وبابل) وشرع يسمي نفسه (مار يوسف الخامس) ، وقد أجاز البابا لاون الثالث عشر لمار أوغسطين هندي عام 1820 أن يسيم الأساقفة لأبرشياته التي فرغت بسبب إهمال مار يوحنان هرمز ، وفي عام 1826 م نال التأييد من الكرسي الرسولي في روما بلقب (مطران الموصل والجزيرة الزبدية وأبرشية الجبل الكبرى – عمادية وكركوك وبغداد )
 

14
اضواء على زيارة  المستشرق البريطاني السير وولس بدج ( Sir Wallis Budge ) الى قرية تلكيف باحثاً عن المخطوطات السريانية القديمة  في آواخر القرن التاسع عشر.
يسرني ان اقدم لكم ترجمتي من الانكليزية لصفحات من هذه الزيارة من كتابه By Nile And Tigris المطبوع في لندن عام ١٩٢٠
كان المطران النسطوري ( الكلداني ) ايليا ميلوس [1] مفيداً جداً بالنسبة لي في هذا الشان ، فهو رجل ذوثقافة عالية ويمتلك العديد من المخطوطات القديمة ويمتلك كذلك عدداً كبيراً من نسخ الاعمال القديمة التي قام بنسخها بخط يده وهو كاليعاقبة رفض بشكل مطلق بيع مخطوطاته القديمة ولكنه سمح لنساخ مُتمكن مُختار من قبله ان يكتب نُسخ عنها للمكتبات والعلماء المُختصين . في الحقيقة كان المطران متلهفاً لكي يكون هنالك الكثير من النسخ للمخطوطات القديمة لانها تزيد من اهمية الادب السرياني اولاً ولانها توفر وظيفة مُجزية لنسّاخي المخطوطات الذين كانوا بحاجة لممارسة حرفتهم لكي يحافظوا على مهارتهم وإمكانياتهم ثانياً.
ويضيف بدج (Budge ) بأن المطران اعطى له وثيقة تعريف لاعضاء جماعته في تلكيف ، القرية الكبيرة الواقعة على بُعد بِضعة اميال شمال الموصل حيث تملك كنيسة جيدة يخدمها العديد من القساوسة . ركبنا الى هنالك في احد الايام من بعد الظهرحاملين تلك الرسالة فاستقبلت بحرارة من قبل القساوسة وكبار القرية وهناك تبادلنا اطراف الحديث عن المخطوطات وإمكانية الحصول على المخطوطات القديمة اثناء تناولنا القهوة وتدخين السكائر.
اثناء زيارتي تلك اخذوني لبيت خطاط ( نسّاخ مخطوطات ) ماهر وكنت محظوظاً بما فيه الكفاية لاراه منخرطاً في استنساخ عمل لإبن العبري[2] فاعجِبتُ ايّما اعجاب بالسهولة والسرعة اللتين بهما كتب خطه  العريض وحروفه المُتناسقة بشكل جيد والطريقة الدقيقة التي يُضيف فيها حركات الحروف ورموز لفظها  وفي جواب لأسئلتي اخبرني الخطاط بأنه اشترى اوراقه من البقالين في السوق حيث يستعملونه لِلَف السُكر. كان الورق جيداً وسميكاً ومن نوع ورق الخرقة مصنوع في روسيا خشن للغاية في كلا الوجهين وبحجم ورق السجلات (folio). قبل استعمال اية صفحة كانت توضع على سطح لوح املس ومن ثم تدلك بشكل جيد وتُدَوّرعليها زجاجة مُستديرة مثل زُجاجة الويسكي ومن بعد هذه المُعالجة اصبح الورق ناعما بشكل رائع  ولامعاً بحيث ان قلم القصب نادراً ما يبصق.اخذ الخطاط صحيفة من الورق ورسم عليها خطوط خفيفة بواسطة اداة حديدية مُسننة لكي يعين حافات وعدد الخطوط في عمود الصفحة التي سوف يكتب عليها وبعد ان دّلكها بواسطة قنينته جلس وكتب عدّة خطوط من اليمين الى اليسار ثم ادار صحيفة الورق هذه نصف دائرة لكي تصبح الخطوط التي كتبها للتو عمودية بدلاً من افقية ثم تابع كتابة النص عمودياً بسهولة كبيرة . كان له الكثيرليقوله عن اختيار القصب للاقلام وشرح كيفية قطعهم وكيف تصنع الاحبار الاحمر والاسود.
عندما عُدت الى بيته مع القس جدّدنا حديثنا عن المخطوطات وذكرت له اسماء عدّة اعمال ارغب في اقتنائها فعلى سبيل المثال كتاب الرؤساء لتوما المرجي[3] وكتاب الفردوس المُنقح لعنانيشوع[4] وكتاب زبدة الحكمة لإبن العبري وكتاب الحوذرا كتاب الصلاة الطقسية لطول ايام السنة لانه لم يكن هنالك اي من هذه الكتب في المتحف البريطاني فأخبرني بأن اصدقاء له يمتلكون هذه الكتب ولكنه سوف يكون من المستحيل شراؤهم ولكن بمساعدة المطران ايليا ميلوس اعتقد بانه يمكن الحصول على نُسخ جيدة منها.وقال لي لو كنت مستعداً لادفع لخطاط  لينسخ نُسخ منها فسوف اشرف على العمل واحصل على نُسخ من المخطوطات القديمة مقابل مبالغ زهيدة .في الوقت الحاضر ليس لدي القرار لشراء نُسخ حديثة لمخطوطات سريانية او عربية للمتحف البريطاني فآمين المخطوطات الشرقية له رأي في انه لو وجد اصحاب المخطوطات القديمة مُشتري للنسخ الحديثة فانهم سوف لا يعرضون  ابداً النسخ الاصلية للبيع ولكن تجربتي كانت على النقيض من ذلك اذ وجدت الكثيرمن ابناء البلد راضين جدا بإمتلاك نسخ واضحة وسهلة القراءة من مخطوطاتهم القديمة وان يبيعوا الاصلية مُقابل اسعار جيدة ومع ذلك فالتعليمات التي اعطيت لي كانت مُحددة تماماً ولم يكن بإمكاني تجاوزها وحيث لم يكن لي وسائل اتصال سريعة مع لندن وكنت مضطراً في هذه الظروف لان اتخذ قراراً بذلك طلبت من مُضيفي ان ينسخ لي وعلى نفقتي الخاصة نسخة من كتاب الرؤساء لتوما المرجي ونسخة من كتاب الاسكندر الكبير الذي كنت عاكفاً على تحضير طبعة مع ترجمة انكليزية فترك هذا الطلب ارتياحاً كبيراً في القرية وبدء الاستنساخ حالاً.
[1] المطران ايليا ملوس (1831_ 1908): ولد في ماردين سنة 1831، دخل دير الربان هرمز سنة 1850، رسمه البطريرك يوسف السادس أودو كاهناُ سنة 1856. انتخب مطراناً على أبرشية عقرة سنة 1864، فنال السيامة من يد البطريرك أودو. سنة 1874 أرسله البطريرك أودو إلى الملبار في الهند، وبقي هناك حتى سنة 1882. نقل إلى أبرشية ماردين سنة 1890، وخدم أبرشيته ثماني عشر سنة. توفي سنة 1908 ودفن في كاتدرائية ماردين الكلدانية .
[2] غريغوريوس أبو الفرج بن هارون الملطي والمعروف بـ ابن العبري (بالسريانية: ܒܪ ܥܒܪܝܐ "بار عبريو"), ويعرف في أوروبا باسمه اللاتيني "Bar-Hebraeus". هو لاهوتي وفيلسوف وعالم سرياني ولد 623 هـ الموافق 1226 م في مدينة ملطية، ولقب بابن العبري .عام 1264 عين مفرياناً (كاثوليكوس) للكنيسة السريانية الغربية  ( الأرثوذكسية) في المشرق، وفي عهد مفريانيته اهتم بشؤون أتباعه متنقلاً بين مناطقهم في نينوى ودير مار متي وبغداد والموصل ومراغة وتبريز. كما أنه قام خلال حياته بسيامة إثني عشر أسقفاً وافتتح كنيستين وديراً. كما أنه مر على غربي أرمينيا مرتين وعلى بغداد كذلك، وزار تكريت عام 1277 في الوقت الذي لم يزرها مفريان أو أسقف منذ ستين سنة. توفي في مراغة ببلاد فارس بتاريخ 7/ 6/ 685 هـ الموافق 30 يوليو/تموز 1286 وهو في الستين من عمره. ونقل ضريحه إلى دير مار متى للسريان الأرثوذكس بالموصل.
[3] الاسقف توما المرجي اسقف الكنيسة المشرق لمنطقة مرج الموصل القريبة من عقرة  في ابرشية حدياب ( اربيل)  في منتصف القرن التاسع الميلادي .ولد توما المرجي في قرية نحشون الواقعة في بيث شارونايي ( ناحية شيروان التابعة لقضاء ميركسور في محافظة أربيل في العراق الواقع على المثلث الحدودي بين العراق وتركيا وإيران) دخل دير بيث عابى سنة ٨٣٢ ميلادية وفي سنة ٨٣٧ اقامه الجاثليق ابراهام الثاني المرجي ( ٨٣٧ - ٨٥٠ ) كاتما لاسراره . صنف توما المرجي عدة كتب اشهرها كتاب الرؤساء ( رؤساء دير بيث عابى وسيرة قديسين عاشوا في جهات دجلة الشرقية منذ منتصف القرن السادس الى مستهل القرن التاسع ).
[4] الانبا عنانيشوع الحكيم  ولد في مقاطعة حدياب (اربيل ) وتلقى العلم في مدرسة نصيبين وكان زميل دراسة للجاثاليق ايشوعياب الحديابي تتلمذ في الدير الكبير ثم جاء الى دير بيث عابى مع اخيه ايشوعياب الذي رسم اسقفا لمرعيث السن مدينة بيث رامان  . اختاره الجاثليق  ايشوعياب الحديابي ( ٦٤٧- ٦٦٠) مساعدا له في تنظيم كتاب القوانين وكذلك اختاره الجاثليق كوركيس المرجي ( ٦٦١ - ٦٨٠ ) مساعدا له في تنظيم كتاب الآباء ومن اشهر مؤلفاته كتاب الفردوس الذي رتبه بترتيب متناسق بديع اذ وضع الكتاب  كله في جزئين يتضمن الجزء الاول قصص الاباء والقديسين التي وضعها بللاديوس( ٣٦٧ - ٤٠ ) وهيرونيموس ( + ٤٢٠) ، ويحتوي الجزء الثاني اسئلة الاباء واخبارهم الملحقة بها وسمي هذا الكتاب الفردوس فدخل وقبل هذا الكتاب  في اديرة المشرق كلها.

Inline image

15
مدينة السِنْ ( ܡܕܼܝܼܢ̃ܬܵܐ ܕܫܸܢܵܐ ) وتاريخها في كنيسة المشرق - الجزء الثاني
تحملنا الاشواق عبر مياه دجلة المنحدرة صوب الجنوب الى تلك المدن المندثرة وتحط بنا مراكب الذاكرة في تلك الربوع التي كتبت قصتها في ذاكرة الزمان عندما انبلجت في سمائها اقمار انارت ليل تاريخ المنطقة ، فلا زالت مياه دجلة الخالدة تحِنُّ الى تلك الايام ولا زالت سفوح وأكِمَّة جبل السن (مكحول) تتذكر تلك الترانيم العذبة التي رتلها رهبان دير مار شمعون . هنا وقف قطار الزمان يوماً في هذه المحطة الجميلة المُطلة على دجلة وفي سفوح جبلها فرسم وكتب بأحرف من نور مآثر عظمائها في سجل التاريخ الانساني لكي يتسنى للاجيال اللاحقة الاطلاع على ما خلَده ابناؤها كلما انتابهم موجات الحنين واجتاحهم الشوق لمعرفة اخبارهم فينتقلوا في قطار الماضي عبر محطات متلاحقة في حافظة الزمان لتتراءى امامهم تلك الوجوه البهية التي حُفِرت بازميل القداسة في جبل الايمان وعطَرت سفحه بعبقها الفريد . سوف نلقي الضوء في رحلتنا هذه على شخصيتين من ابناء مدينة السن ( مذيتا دشنَا ) القتا بظلالهما الوارفة على تاريخ كنيسة المشرق .
1. القديس مار ايشوع زخا ܪܲܒ̇ܢ ܡܵܪܝ ܝܼܫܘܿܥܙܟܼܵܐ( الذي يعني بالعربية يسوع انتصر ).
ولد الراهب القديس مار ايشوع زخا في مدينة شنَا مدينة بيث رامان ( ܫܸܢܵܐ ܡܕܝܼܢ̃ܬܵܐ ܕܒܹܝܬܼ ܪܵܡܵܢ) على الارجح في الربع الثاني من القرن السادس ويذكر ايشوعدناح البصري من القرن التاسع في كتابه الديورة في مملكتي الفرس والعرب بان القديس ايشوع زخا بعد ان ابتنى ديره الثالث والاخير دير الجص ايشوع زخا( ܕܲܝܪܵܐ ܕܓܼܵܨܵܐ ) ذهب مع الطوباوي مار سبريشوع الجاثليق ( 596-604) عند نعمان ملك العرب في الحيرة وابرأ الملك هو وتلميذه ومن ثم ذهب لرؤية الطوباوي ماريعقوب مؤسس ديربيث عابى ومن ثم رحل الى ربنا وهو مزين بشيخوخة صالحة ودفن جسده في دير الجص بجبل حدياب. بوسعنا ان نستشف من سياق الاحداث التاريخية بأن قديسنا عاش في القرن السادس ومطلع القرن السابع وهو احد الرهبان الذين تبعوا طريقة ابراهام الكبير في جبل نصيبين ( طورا دإزلا ܛܘܼܪܵܐ ܕܐܝܼܙܠܵܐ) .
تكمن اهم انجازات هذا الربان الكبير في بنائه ثلاثة اديرة في ثلاثة مناطق مختلفة ومن ثم اضافته اليها المدارس.
١. الدير الاول شيده في منطقة بيث عربايي(1) وسمي دير شوعا واقام فيه مدرسة ومعلمين.
٢.الدير الثاني شيده في جبل حفتون (2) على اسم مار قرداغ الشهيد فسطعت فضائله في حبتون وجبل بيث بغاش(3).
٣.الدير الثالث شيده في جبل حدياب شمال شرقي اربيل بالحجارة والجص وسمي دير الجص ايشوعزخا واقام فيه مدرسة ومعلمين.
ويذكرالمطران ايشوعدناح ( التي تعني اشرق يسوع) بعد مئتي سنة من وفاة القديس ايشوعزخا خرب ذلك الدير فذهب المتوحدون ابناء الربان يونان الذي بجبل حدياب وحولوا جسده من ديره في السنة الثالثة لملك جعفر بن المعتصم ملك العرب فوجدوا جسده محفوظاً بلا فساد من بعد مئتين وستين سنة ونيف فوضعوه في تابوت جديد ودفنوه عند قبر الطوباوي مار يونان مؤسس ذلك البيت المقدس.
ويذكر توما المرجي من القرن التاسع في كتابه رؤساء دير بيث عابي الجزء الثاني الفصل السابع عشر بأن الربان سبريشوع ( ܣܲܒܼܪܝܼܫܘ̇ܥ) الملقب بروستم الذي كان قد تتلمذ في حداثته في الدير الكبير لرئيسه الربان نرساي ومن ثم انتقل الى ديربيث قوقا المقدس (ܕܒܼܹܝܬܼ ܩܘܿܩܵܐ) (4) كان قد كتب قصة ربان ايشوعزخا من ديرالجص تلبية لطلب الشيوخ القديسين في دير بيث عابى.
ولكن مع الاسف لم يصل الينا هذا الكتاب وضاع مع ما ضاع من مخطوطاتنا التاريخية الثمينة التي احرقت وابيدت مع الاسف الشديد .
(1) بيث عَرْبايي او بيث عَرْوايِه ( ܒܹܝܬܼ ܥܲܪ̈ܒܼܵܝܹܐ)
ابرشية كبيرة غربي دجلة الاعلى مركزها نصيبين وتمتد جنوباً الى اطراف بلد ( اسكي موصل الكائنة على مسافة اربعين كيلومترا شمال غربي الموصل).
(2) حبتون ( ܚܸܦܬ̇ܘܿܢ ) مرعيث يقع شمال معلثا الزاب الكبير وكانت تابعة لابرشية حدياب ( اربيل ).
(3) بيث بغاش ( ܒܹܝܬܼ ܒܓܼܵܫ ) منطقة واقعة شرقي داسن وبيث طوري ( مناطق الاثوريين الاصلية كتيارى وتخوما وباز وجيلو...) وتشمل المناطق التي كان الاثوريون يسكنونها غربي مدينة اورميا كبيت شمسدين وكاور وغيرها وكانت تابعة لابرشية حدياب ( اربيل ) .
(4) دير بيث قوقا ( ܥܘܼܡܪܵܐ ܕܒܹܝܬܼ ܩܘܿܩܵܐ) دير شهير يقع على الزاب الكبير في الجنوب الغربي من اسكي كلك الحالية في الموضع المسمى (ملا عمر) في ابرشية حدياب وقد اسسه الربان سبريشوع الذي كان اصله من قرية آوانا الواقعة في مقاطعة الطيرهان ( سامراء ) .

يتبع

16
مدينة السِنْ  ( ܡܕܼܝܼܢ̃ܬܵܐ ܕܫܸܢܵܐ ) وتاريخها في كنيسة المشرق - الجزء الاول


السِنْ تلك الروضة الغّناء التي نبتت بين احضانها تلك النبتة التي كبرت  وازدهرت وعطّرت كنيسة المشرق والتاريخ السرياني باحد المع رجالاتها في مطلع القرن الحادي عشر الا وهو ابن مدينة السِنْ  المؤرخ واللغوي والفيلسوف واللاهوتي الكبير ايليا برشنّايا مطران نصيبين.
نشأت مدينة السِنْ على الضفة الشرقية ( اليسرى) لنهر دجلة اسفل ملتقى هذا النهر بالزاب الصغير في الجهة المُقابلة لجبال مكحول التي تقع على الضفة اليمنى والمعروف بان نهر الزاب الصغير يلتقي  بنهر دجلة في ناحية الزاب التابعة لقضاء الحويجة  - كركوك ، شمال مدينة بيجي وجنوب مدينة شرقاط ونستطيع ان نستشف من سياق الاحداث التاريخية بأن مدينة الِسنْ كانت تقع في ناحية الزاب التي يفصلها عن جبال مكحول نهر دجلة وان ديرها ( دير الأنبا شمعون ) اسس على الجهة اليمنى لنهر دجلة  على  أكِمَّة في جبل مكحول الذي هو جبل السِنْ( طورا دشّنا ܛܘܼܪܵܐ ܕܫܸܢܵܐ ) في حدود  قرية الزوية التابعة لقضاء بيجي حالياً  وشكل هذا الالتقاء الطبيعي لدجلة والزاب الصغير مع جبال مكحول في خلق بانوراما جميلة ساعدت على اقامة هذه المدينة بالاضافة الى موقعها الاستراتيجي على دجلة شمال مدينة تكريت.  والناظر الى تضاريس جبل مكحول  في هذه المنطقة  القريبة من مدينة السِنْ يلاحظ الأسُنّ الصخرية الناتئة من الجبل التي اخذت المدينة اسمها وجدير بالذكر ان المطران  ايشوع دناح في كتابه الديورة عند حديثه عن القديس يوزاداق يقول [ الأنبا شمعون مؤسس الدير الذي في جبل السِن ( طورا دشّنا ܛܘܼܪܵܐ ܕܫܸܢܵܐ ) ] .

ليس بحوزتنا  الكثيرمن المصادر التي تذكر مدينة  السِنْ قبل الحُقبة الساسانية ( 226-651  ) ميلادية ولكن خلال هذه الحُقبة والحقبة الاسلامية التي سبقت دخول المغول الى العراق ( 1258) ميلادية شهدت هذه المدينة عصرها الذهبي وذكرها الرحالة كأحدى اهم المدن الواقعة بين الموصل وتكريت بالاضافة الى حديثة الموصل .
كانت مدينة السِنْ (  ܫܸܢܵܐ ܡܕܝܼܢ̃ܬܵܐ ܕܒܹܝܬܼ ܪܵܡܵܢ ) مركز اسقفية قَرْديلابَد ( ܩܲܪܕܝܼܠܵܒ̇ܕ) خلال الحُقبة الساسانية وبعدها وتخبرنا المصادر السريانية بأهمية هذه المدينة ودورها في تاريخ  كنيسة المشرق من خلال ابنائها  الاساقفة ومؤسسي الاديرة ومن خلال  الاساقفة الذين تبوّؤا مركز هذه الاسقفية  بالاضافة لديرها ديرالأنبا شمعون الذي يخبرنا عنه مطران البصرة ايشوع دناح ܐܝܼܫܘܿܥ ܕܢܲܚ من القرن الثامن بأنه كان احد تلامذة  ابراهام الكبير في الدير الكبير في نصيبين ( طورا دإزلا ܛܘܼܪܵܐ ܕܐܝܼܙܠܵܐ) وإنه اقتبل الاسكيم  ( الثوب الرهباني ) من الربان برعيتا (ܒܪܥܐܕܬܐ) في بلد المرج  وإنه اسس ديراً في مدينة السِنْ في الجبل الذي على دجلة في القرن السابع الميلاد.  ويذكر بأن الأنبا شمعون هو من مدينة كشكر  التي كانت تقع على شاطئ دجلة جنوب بغداد قرب مدينة الكوت في بيث آرامايي ومن اشهرتلامذته الذين اسسوا اديرة  هما القديس ايشوعسبران ܝܼܫܘܿܥ ܣܒܼܪܢ والطوباوي الأنبا ديرتا تليمذ افنيمارن ܐܲܦܢܝܼܡܵܪܲܢ الكبير.

ومن المحتمل بأن موقع دير الأنبا شمعون الكشكري  (ܥܘܼܡܪܵܐ ܩܲܕܝܼܫܵܐ ܕܐܵܒܼܐ ܫܸܡܥܘܼܢ )  انتقل من جبل السِنْ ( مكحول ) في الضفة اليُمنى لنهر دجلة الى الضفة اليسرى في مدينة السِنْ بعد اغتيال رئيس الدير الربان شوحالماران  في عهد اسقف السِنْ القديس مار نرسي وجاثليق كنيسة المشرق مارطيمثاوس الكبير ( 837-850) ميلادية.

يصف لنا المؤرخ السرياني الكبير من القرن الثامن الميلادي الاسقف توما المرجي في كتابه رؤساء دير بيث عابى الكثير من المعلومات عن مدينة السِنْ عندما يتكلم عن الطوباي مار نرسي الذي اصبح اسقفاً لمدينة السِنْ ويصف لنا صفحاٌ  من العلاقات بين ابناء السِنْ من السريان المسيحيين  والعرب المسلمين والتي يظهر انها كانت طيبة واخوية وان المسلمين كانوا يبجلون اسقف السِنْ مارنرسي وان المواهب التي امدها الروح القدس لهذا الاسقف  شملت الجميع من المسيحيين والمسلمين دون تفرقة  فيذكر بأن بعض صيادي السمك العرب الذين باركهم الاسقف كانوا يقولون قبل القاء شباكهم  [ بأسم الله الحي وبصلاة القديس مار نرسي ] وكذلك  يذكر ظهور الاسقف  لرجل عربي صالح  اثناء محاولته السرقة عندما ضاقت عليه الحياة فساعده بالمال ليشتغل بالزراعة وباركه بعد ان قال له ان الرب ارسلني لانه لا يريد ان تتعاطى السرقة والظلم قدامه. فنستشف من هذه الاحداث ان الرحمة الألهية عابرة للاجناس والاديان.

ومن القرى التي كانت قريبة من مدينة السِنْ  في  مطلع القرن التاسع  يذكر الاسقف توما المرجي قرية ܚܲܡܝܼܡܵܐ  ( خميما او حميما ) والظاهر انها كانت مهجورة في ذلك الوقت بالاضافة الى قرية ܐܸܩܪܘܿܢܬܵܐ ( إقرونتا ) التي كانت  تقع شمال الزاب الصغير .
الصور ادناه اخذت من قرية الزوية - قضاء بيجي - محافظة صلاح الدين  حيث كان يقع دير السِنْ  المُسمى دير الأنبا شمعون بالاضافة لجبل السِنْ ( جبل مكحول ) وتظهر فيه النتؤات الصخرية التي اخذت  المدينة اسمها وبالتاكيد فأن المدينة كانت في الجهة الاخرى من النهر في ناحية الزاب التي يفصلها عن قرية الزوية نهر دجلة .
 نلقاكم في الغد القريب مع الجزء الثاني.

17
رحلة في قطار الماضي الى مدينة السِنْ (  ܫܸܢܵܐ ܡܕܝܼܢ̃ܬܵܐ ܕܒܹܝܬܼ ܪܵܡܵܢ ) بالسريانية شِنَا شمال قضاء بيجي مركز اسقفية بيث رامان مروراً بحديثة الموصل .

كانت الانهار عبر تاريخ الانسان شريان الحياة ولا نتعجب ان كانت مُعظم المدن والبلدات  قد اُقيمت على ضفاف الانهار والبحار والبحيرات ورحلتنا عبر قطارالماضي تبدء  من الضفة اليسرى المقابلة  لقرية حصنا عبريا ( ܚܸܣܢܵܐ ܥܹܒܼܪܵܝܵܐ)  الحُصن العبوري قبل ان تُسمى الموصل وقبل ان تصبح مدينة وتأخذ اهميتها في الحقبة الاسلامية لنسير مع ضفاف نهر دجلة الخير المنحدر صوب الجنوب باتجاه جبال مكحول  لتنتهي الرحلة في تلك الارض  الخصبة الوارفة المِعطاء  المُنتشية من التقاء مياه دجلة بالزاب الصغير  في اواخرالعصرالساساني ( 226-651  ) ميلادية وبداية الحقبة الاسلامية  حيث كانت اللغة السريانية الآرامية هي لغة التخاطب والثقافة لسكان هذه البلاد من السريان والعرب والايرانيين وليس لنا الا ان نتوقف في محطة واحدة بعد ان نكون قد سرنا مسافة 54 كم جنوبي الحصن العبوي حيث نكون قد وصلنا  الى بلدة حديثة الموصل  بالسريانية ( ܚܕܲܬܵܐ حدّتا  اي الجديدة )   تلك البلدة العامرة الجميلة  ذات المناظر الخلابة على ضفاف دجلة الشرقية تحت  ملتقى الزاب الكبير بنهر دجلة  والتي كانت قد اصبحت  مركزاٌ اسقفياً ( مرعيثا  ܡܲܪܥܝܼܬܵܐ ) تابعاً  لابرشية حدياب اربيل -كنيسة المشرق عام 595 ميلادية من قبل المطرابوليط  الحديابي يونادب ولكن قبل بلوغ حديثة لابد لنا ان نستمتع بذلك المنظرالساحر  وتلك البانوراما البديعة لالتقاء نهرين عظيمين دجلة والزاب الكبير    بالاضافة الى منظر جبل زيناي - مخمور البهي (بالسريانية  طورا دزِيناي ܛܘܼܪܵܐ ܕܙܝܼܢܲܝ ) الذي  ينتصب  على الجهة الشرقية، ويزودنا مؤرخنا  السرياني الكبيرالاسقف  توما المرجي  من القرن التاسع بكثير من المعلومات  عن تلك البلدة السريانية وعن اهلها واساقفتها وعن ديريها ، دير برقا (ܒܵܪܩܵܐ وتعني الصرح اوالحصن ) والذي اصبح بعدئذ مرقد السلطان عبدالله حيث كان يقع تحت ملتقى الزاب الكبير بدجلة ودير مركانا ( ܡܲܪܓܵܢܵܐ) على سفح جبل زيناي بالقرب من قرية زيناي  التي هي حاليا قضاء  مخمور  ويذكر المرجي ايضاً بان الجاثليق مار ابراهام الثاني المرجي ( 837-850 ) كان اسقفاً  لبلدة حديثة  قبل انتخابه جاثليقا لكرسي كنيسة المشرق وفي الوقت ذاته يصف لنا اليعقوبي في كتابه البلدان وهو احد مؤرخي وجغرافي العرب في الدولة العباسية اواخر القرن التاسع [بانه كان يمرمن وسط حديثة الموصل نهر يجري من جهة الشرق يصب في ضفة نهر دجلة الشرقية وقد جف قبل قرن من الزمان ( حسب سياق الكلام يكون ذلك في منتصف القرن الثامن ) واليوم يسمى ( وادي  السوك) ويبد ان تسمية السوك قد بقيت من يوم اندثارها لان هذا النهر كان يمر من وسط سوق المدينة ولكن لم يعرف سبب اندثارها. واعلى النهر يسمى اليوم ( وادي بشار ) نسبة الى قرية تقع في اعلى النهر بهذا الاسم كان يكثر فيها اشجار التين والرمان والعنب .واليوم اجرد لا ماء ولا شجر ]. وذكر ايضا وجود مرقد السلطان عبدالله على تل مرتفع بالاضافة الى كنيستين في البلدة وقدت وصفت كتب التاريخ السمك في نهرها بأنه اسمن واجود انواع الاسماك في العراق ويذكر المؤرخ البير ابونا في كتاب الرؤساء وتاريخ الكنيسة الشرقية (ج-2)  بأن آخر ذكر لوجود مسيحيين في حديثة يرتقي الى القرن الرابع عشرحيث تظهر حديثة الموصل في لوائح عبديشوع الصوباوي سنة 1316ميلادية كاسقفية تابعة لابرشية اربيل والموصل ومعها ثمانية اسقفيات اخرى  ثم اندثرت المدينة نفسها بعدئذٍ.  . وبعد ان رفعنا بعض من ستائر الماضي عن تاريخ هذه البلدة الشهيرة نكمل المسير مع نهر دجلة  الخالد  المتجه جنوباً ولازلنا على الضفة الشرقية لنُكمِل  قُرابة 100 كيلومتر اخرى لكي نصل الى  محطتنا النهائية مدينة السن مدينة المؤرخ الكبير ايليا بَر شْنّايا ( ايليا السِنّاوي او ايليا ابن السِن ) ومركز اسقفية  الاسقف  مار نرسي ( احد رهبان دير بيث عابى  ) الطوباوي والقديس الذي امده الروح القدس بموهبة الشفاء والرؤى فجدّد مواهبة العجائب التي كانت قد زالت من العالم في ذلك العهد حتى اخذ المسيحيون يعظمون اسم المسيح وسط امواج ذلك البحر واهواله. نلقاكم في الغد القريب والغد في جعبته الكثير .
مناظر ساحرة من قرية السفينةالواقعة شمال اطلال حديثة الموصل في محافظة نينوى حيث يلتقي نهر الزاب الكبير الذي يظهر باللون الابيض في الصور مع دجلة الذي يظهر باللون الازرق.



18
رحلة الى موروثنا المنسي في دور النشر العالمية مع المُستشرق البريطاني العلامة إرنست بدج ( Sir Ernest Alfred Thompson Budge )
الجزء الثالث


( رابعاٌ)
كتاب التشريح وعلم الامراض والمُداواة السرياني( Syrian Anatomy and Pathology and Therapeutics ) او كتاب الطب السرياني (the Syriac Book of Medicines (SBM
التقى بدج اثناء زيارته لبلدة القوش ١٨٩٤ شخصاً متعلماً بحوزته مكتبة صغيرة من المخطوطات وكانت احدى تلك المخطوطات التي جذبت انتباهه مع انها غير كاملة ملخص طُبي من القرن الثاني عشرفكان بدج متحمساً لها كثيراً فنسق على الحصول على نسخة منها على نفقته الخاصة ونشر بدج هذه المخطوطة مع ترجمة انكليزية ومرفق عام ١٩١٣ .
ويذكر Daniel King في كتابه The Syriac World (العالم السرياني) المنشور عام ٢٠١٩ نقلاً عن غريغوري كِسلْ Grigory kessel في الفصل السادس والعشرين المعنون الطب السرياني بأن حقل الطب السرياني هو ربما اقل المجالات استقصاءاً او اكتشافاً ضمن الثقافة الذهنية السريانية بالرغم من دوره الحاسم اثناء انتقال العلوم الطبية اليونانية الى العالم الاسلامي وينبغي ان يأخذ هذا الحقل مكانة خاصة جداً .
وعموماً فأن وصف الطب السرياني يركز على كل ما له صلة بالادب الطبي والفعاليات الاجتماعية للسريان المسيحيين خلال الفترة المُمتدة بين القرن السادس والقرن التاسع والذي كانت ابرز سماته الوسط الثقافي العام الا وهو اللغة السريانية الذي وحّد كل طلاب العلم من مختلف القوميات الإثنية الآرامية والايرانية العربية بالاضافة الى ان كل النتاج الادبي الطبي السرياني الفعلي كُتب خلال هذه الفترة و ويذكر kessel فيما يخص الطب السرياني بان كثير من المسيحيين الآراميين الذين عاشوا في الامبراطورية الرومانية في مجموعات كبيرة ضمن مقاطعات ذات ثقافة يونانية هيلينية كانوا ثنائي اللغة وكان لهم اطباء مُمارسون وان دراسة الطب لم تأت من فراغ حيث ادى تقديرهم لاهمية الطب اليوناني الى دخوله بيئة المسيحيين السريان .ويضيف بأن فاتح الشرق ساعد على تفسيراختراق ونشرالطب اليوناني في الشرق الاوسط وما بعده ولكن المرء ينبغي ان لا ينسى بأن المسيحيين السريان كانوا بما لا يقبل الشك المركبة التي نقلت هذه التقاليد الطبية المحلية.
ينقسم كتاب الطب السرياني الى ثلاثة اجزاء


الجزء الاول ينتقل بفصول مُتتابعة الى اعماق جسم الانسان مُبتدئاً بالراس ومنتهياً بالكلى وكل فصل يحتوي على تشريح ومناقشات مرضية وفقرات عديدة والتي افضل ما توصف بالاختصار الموضوعي( Thematic abridgment ) مُلخص محوري او موضوعي لاعمال جالين Galen الطبيب والجراح والفيلسوف اليوناني المولود عام ١٢٩ ميلادية .


الجزء الثاني يضُم انواع من النُذُر الفلكية وبعض اساسيات التنجيم ومعرفة بالتقاويم ( calendars ) وكذلك قياسات الاوزان وتنبؤ سنوي ودراسة التقاويم لتحديد الايام المؤاتية وادوات اخرى متعلقة بالصحة وحسن الحظ. وجدير بالذكر بان العلاقة بين الطب والتنجيم كانت قوية جداً فمنجمو القرون الوسطى القوا باللوم على انتشار وباء المرض على مجموعة خطرة من الكواكب ودرسوا حركة الاجسام السماوية الثقيلة كدليل على علاج المرضى .
ولم يلقِ هذا الجزء من الكتاب اهمية كبرى ولكن في الآونة الاخيرة كان قد حُلل من قبل الباحثة Stefanie M Randolf في اطروحتها لرسالة الدكتوراه في جامعة Ferie برلين (Ferie Universitat Berlin).


الجزء الثالث يُعرف نفسه كمقتطفات من كتاب الطب المحلي (The Book of local Medicines) الذي ترجم تحت عنوان كتاب الطب المَوْضعِيّ ( Book of Topical Medicines)

19
رحلة الى موروثنا المنسي في دور النشر العالمية مع المُستشرق البريطاني العلامة إرنست بدج ( Sir Ernest Alfred Thompson Budge ).
الجزء الثاني

عمل بدج الضليع باللغة السريانية اثناء تواجده في العراق على زيارة بلداتنا المسيحية في شمال العراق وكان يبحث عن المخطوطات القديمة ويدفع مبالغ من المال من اجل اقتنائها فزار بلدة تلكيف في عام 1889 ومرة اخرى عام 1890 واشترى منها مخطوطة الرؤساء. وبينما كان مسافراً في بلاد ما بين النهرين عام 1894 لجمع التحف القديمة لصالح المتحف البريطاني وجد نفسه في بلدة القوش ذات التراث المسيحي الغني وحصل على نُسخة من كتاب الطب السرياني عن مخطوطة تعود للقرن الثاني عشر ومخطوطة قصة الربان هرمز الفارسي والربان برعيتا ولابد انه كان قد زار القرى الاخرى بالاضافة الى ا لاديرة ويظهر من سياق الاحداث في نهاية القرن التاسع عشر بأن الطلب على نسخ الكتب الدينية والتاريخية كان جيداً من بين ابناء امتنا مما يُظهر بان لغتنا كانت لغة الثقافة الوحيدة التي استطاع من خلالها المثقفون من هذا الشعب الاطلاع على التاريخ الديني والدنيوي من خلال ما تركه لهم اباؤهم من مصنفات ويبدو جليا بان الكهنة والشمامسة والخطاطين كانوا الاكثر إلماماً بالمعرفة .
وتكمن اهمية الاعمال الجليلة التي قام بها العلّامة المستشرق بدج تجاه اللغة والتراث السرياني بترجمته ونشره الكتب التالية .



(اولاً)
كتاب النحلة (ܕܒܘܪܝܬܐ ܕܡܝܛܪܦܘܠܝܛܐ ܕܦܪܬ ܡܝܫܢ ܫܠܝܡܘܢ ܟܼܠܵܐܛܵܝܵܐ) لشليمون الاخلاطي ( من ابناء كنيسة المشرق غرب بحيرة وان في ارمينيا ) وكان مطراناً لكنيسة المشرق في فرات ميسان ( البصرة عام ١٢٢٢ميلادية ) قام بدج بترجمة النص من السريانية الى الانكليزية مع نشرترجمة عربية قديمة معتمداً على مخطوطات قديمة اولها تعود
ل Royal Asiatic Society of Great Britain and Ireland
وكانت هذه المخطوطة قد كتبت A.D.1559 لدير مار حزقيال وبعدئذ انتقلت ملكيتها ليد مار يوحنان من قرية انزل ( ܡܪܝ ܝܘܚܢܢ ܕܐܢܙܠ A.D.1605) على الشواطى الجنوبية لبحر قزوين. والمخطوطة الثانية من المتحف البريطاني تعود لعام A.D.1709 وكانت قد كتبت خصيصاً لكنيسة مريم العذراء في قرية خوردبنه التابعة لمنطقة العمادية ( ܩܪܝܼܬܼܐ ܕܚܘܿܪܕܲܦܢܹܐ ܕܒܼܐܬܼܪܐ ܕܥܲܡܹܕܝܼܵܐ ) بيد القس هومو الالقوشي وبطلب من القس يوسف هرمز خوردبنايا ( ܩܫܝܫܐ ܝܘܣܦ ܗܘܪܡܝܙܕ ܚܘܿܪܕܲܦܢܵܝܵܐ ) والمخطوطة الثالثة تعود ملكيتها للمكتبة الملكية في ميونخ المانيا وتعود لكنيسة مار قرياقوس في قرية باطنايا A.D.1839 . ونشر بدج ترجمته لهذا الكتاب عام A.D.1886 تحت عنوان
THE BOOK OF THE BEE
The Syriac Text
Edited from
The Manuscript in Landon , Oxford , And Munich
with an English Translation
Oxford 1886



(ثانياً)
كتاب الكسندر الكبير نقلاً عن ترجمة سريانية قديمة Pseudo Callisthenes ( ܬܲܫܥܝܼܬܼܵܐ ܕܐܵܠܹܟܼܣܲܢܕܪܘܿܣ ܒܲܪ ܦܝܼܠܝܼܦܘܿܣ ܡܲܠܟܵܐ ܕܡܵܩܹܕܘܿܢ̈ܵܝܹܐ). اعتمد بدج بترجمته ونشره لهذا الكتاب على خمس مخطوطات اقدمها كانت قد كتبت في القوش عام A.D.1708 وتعود ملكيتها للمتحف البريطاني وكانت قد كتبت بيد القس يلدا واخيه القس هومو ابناء القس دانيال الالقوشي بطلب من القس يوسف خوردبنايا ( ܡܲܟܿܬܼܒܼܵܢܵܐ ܩܲܫܝܼܫܵܐ ܝܘܣܸܦ ܚܘܿܪܕܦܢܵܝܵܐ ) ويذكر بدج في مقدمة الكتاب بأن المرحوم استاذ اللغات السامية وليم رايت كان قد راجع النسخة السريانية مع ترجمتها الانكليزية قبل ارسالها الى المطبعة و بالاضافة لهذه المخطوطة اعتمد بدج على اربع مخطوطات اخرى الاولى تعود ملكيِةالاولى منها لِ American Oriental Society وكانت قد كتبت عام A.D.1844 وكتب على هامش بعض الصفحات شروحات بلهجة اهلنا في اورميا ويبدو ان هذه المخطوطة كانت منسوخة عن اخرى اقدم منها وكتبت في قرية سيرِه بي (ܐܬܼܟܿܬܼܒܼ ܒܲܩܪܝܼܬܼܵܐ ܒܪܝܼܟܼܬܵܐ ܘܡܒܲܪܟܼܬܵܐ ܣܝܼܪܹܐ ܒܝܼ ܫܒܼܵܒܼܘܬܼܵܐ ܕܩܲܠܐ ܕܨܵܗܲܒܹܿ̈ܐ )كنيسة مارسركيس وباكوس والمخطوطة الثانية تعود ملكيتها German Oriental Society والمخطوطة الثالثة كتبت عام A.D.1885 في مدينة اورميا بيد القس اوشعنا تاخوبا من بلد تخوما قرية مزراعا ( ܡܲܙܪܵܥܵܐ ) والمخطوطة الرابعة كانت مستنسخة من مخطوطة اخرى في مكتبة القوش. وتاتي اهمية كتاب تاريخ الكسندر الكبير بالسرياني على انه المصدر الذي انبثقت منه النسخ المترجمة الى اللغات الاخرى ( العربية والفارسية والحبشية والعبرية والتركية والمنغولية ) بالاضافة الى ان الترجمة السريانية تتضمن ملحق يُعرف الآن بأسطورة الكسندر وهذا النص السرياني الاصلي كان قد كُتب في شمال مابين النهرين بحدود 629-630 A.D بعد فترة قصيرة لدحر الفرس من قبل هرقل الروماني في حين ان اقدم ترجمة اوروبية لهذا الكتاب تعود لترجمة لاتينية في القرن العاشر ونشر الكتاب تحت عنوان
The History of Alexander The Great being the Syriac version of the
Pseudo-Callisthenes
Cambridge 1889



(ثالثاً)
كتاب الرؤساء ( ܬܫ̈ܥܝܬܐ ܘܫܪ̈ܒܐ ܡܘܬܪ̈ܢܐ ܕܥܠ ܐܢܫ̈ܐ ܘܝܚܝܕ̈ܢܐ ܕܗܘܘ ܒܕܪ ܒܕܪ ܒܥܘܡܪܐ ܩܕܝܫܐ ܕܒܝܬ ܥܒ̈ܐ ܕܥܒܝܕܝܢ ܠܚܣܝܐ ܡܪܝ ܬܐܘܡܐ ܐܦܣܩܘܦܐ ܕܡܪܓܐ )( رؤساء دير بيث عابى من عام 840-600 .A.D) لتوما المرجي اسقف المرج في منطقة عقرة واعتمد Budge في النص السرياني على اربع مخطوطات المخطوطة الاولى من المتحف البريطاني وهي بحالة غير جيدة المخطوطة الثانية والثالثة كان قد اشتراهما بدج من قرية تلكيف وكانتا قد كُتِبتا على يد القس فرنسيس شمو دابش من قرية تلكيف عام 1888..A.D والمخطوطة الرابعة في المكتبة الفاتيكانية .ويذكر كاتب المخطوطةالثانية في نهايتها انها قد كتبت تحت ظلال كنيسة الشهيد المظفر مار قرياقوس في قرية تلكيف بيد القس فرنسي شمو دابش في عام A.D 1888 ترجم budge مخطوطة الرؤساء للغة الانكليزية ونشرها بمجلدين عام 1893( المجلد الاول للكتاب باللغة السريانية الشرقية (الخط النسطوري ) مع مقدمة رائعة والمجلد الثاني الترجمة الانكليزية و نشر الكتاب تحت عنوان
The Book of Governors
( The historia of Thomas Bishop of Marga , AD 840 )
Edited from Syriac Manuscripts in British museum and other Libraries
London 1893



يُتبع

20

رحلة  الى موروثنا المنسي في دور النشر العالمية مع المُستشرق البريطاني العلامة إرنست بدج   ( Sir Ernest Alfred Thompson Budge ). 
( الجزء الاول )
كان القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر من القرون المُظلمة لابناء امتنا بشكل خاص نتيجة للمآسي والاوجاع الكثيرة لتي تحملها هذا الشعب الصغير متمثلاً بتفشي الطاعون  وبتداعيات حملة  نادر شاه 1743 على الموصل وبلداتها المسيحية و الحملات الظالمة لرؤساء الامارات الكردية الراوندوزية على بلدة القوش ودير الربان هرمز والبوتانية على مناطق تياره وتخوما  بالاضافة الى مناطق  بوتان وطورعبدين هذه هي ابرز سمات القرنين الثامن والتاسع عشر بالنسبة لابناء شعبنا والتي كانت  نتائجها الكارثية بأن  قلَت القدرة بين ابناء شعبنا  على قراءة وكتابة لغة الام والتي  انحصرت في الكنائس والاديرة بالاضافة  الى نُسّاخ  الكتب الدينية والتاريخية  خاصة في  بلدة القوش وبعض البلدات الاخرى الكبيرة وفقد الشعب القدرة على التواصل مع إرثه  الغني الذي تركه له اباءه في آزمنة غابرة كان لهم  فيها الدور المهم والريادي في نشر العلم والمعرفة وتاسيس اولى مراكز العلم في المنطقة وتعين  على هذا الشعب ان يُكافح من اجل بقاءه بعيداً عن اي ابداع  مُميز في اي  حقل من حقول الآداب والعلوم الانسانية في ظل حُكم   استبدادي ظالم سلب من قلبه كل اسباب الراحة والطمأنينة وابعد عن فكره كل رغبة  في سبر اغوار المعرفة .

في  الوقت الذي كان الشرق يقبع في ظلام الجهل والامية ويبحث عن رغيف خبز يسد به رمقه تأسس المتحف البريطاني في منتصف القرن الثامن عشر ( 1753) والذي كان مؤسسة عامة مخصصة للتاريخ الانساني والفن والحضارة يقوده علماء متخصصين في الآثار القديمة المصرية والأشورية والبابلية بالاضافة الى  علماء متخصصين في اللغات السامية ( العبرية والسريانية والعربية والحبشية ).اظهر البريطانيين مع مطلع القرن التاسع عشر  ولعاٌ كبيرا في اغناء المتحف البريطاني والمكتبة البريطانية بكل ما يخص التراث و الارث الانساني ان كان ذلك بطرق قانونية صحيحة او غير صحيحة ولعل الدافع الكبير لذلك الاستحواذ  كان ذلك الكم الهائل  من المعرفة بلغات الشعوب القديمة بالاضافة الى الطاقات الكبيرة التي ملكت الرغبة والاندفاع  لاكتشاف وكشف خفايا كل ما ارّخه انسان الشرق الادنى القديم بلغاته القديمة كالمسمارية والهيروغليفية ومن ثم  بلغاته السامية ( السريانية والعبرية والعربية والحبشية) في الوقت الذي كانت فيه شعوب هذا الشرق ترزح تحت نيرالاستعمارالتركي وتحوم في مجاهيل الظلام من اجل البقاء  بعيدا عن نور المعرفة.

نشأ العلامة المستشرق السير إرنست بَدجْ ( 1934-1857 Sir Ernest Budge ) في   بيئة مُكتظة بخيال جميل ونسيج رائع لحضارات و تاريخ لم يُكتشف بعد ،  وكان ما كتبه ليارد ( Austen Henry Layard    ) في كتابه نينوى وبقاياها (  Nineveh and its Remains )  وما كتبه ريج  Claudius Rich المقيم البريطاني في بغداد في كتابه قصة الاقامة في كردستان ( Narrative of a residence in Koordistan ) قد خلق فضاءاً جديداً وعالما  غريباً من الماضي لم تفك طلاسمه بعد وحمل بين ثناياه تشجيع  للمغامرين والمستشرقين لسبر اغوار ه . درس بدج العبرية  والسريانية  ( Hebrew and Syriac ) في مطلع حياته في  اوقات الفراغ على يد استاذ متطوع ( Volunteer tutor ) ومن بعد ذلك قدمه استاذه لامين الاثار الشرقية رائد المصريات Samuel Birch ومساعده عالم الاشوريات George Smith اللذان ساعداه بدراسة  اللوحات المسمارية ومن ثم  التحق بدج  بجامعة كامبرج Cambridge university بين الاعوام 1883-1878 ليحقق حلمه بدراسة اللغات السامية على يد عالم اللغات السامية الشهير وليم رايت William Wright . وفي ذات الوقت كان مستمراً في دراسة اللغة الاشورية القديمة ( المسمارية ) معتمداً على نفسه .
حصل بدج على وظيفة في المتحف البريطاني عام 1883 في القسم المُستحدث فيه الا وهو الآثار المصرية والآشورية وعين في القسم الاشوري الا انه نقل للقسم المصري حيث درس اللغة المصرية القديمة على يد Samuel Birch عالم المصريات . اوفد بدج الى العراق من قبل المتحف البريطاني بين  الاعوام 1891-1886 للتحقق عن اسباب ظهور لوحات مسمارية بين مقتنيات تجار الآثار في لندن من المواقع التي كان من المُفترض ان تكون محمية من قبل وكلاء محليين للمتحف  البريطاني.

قدم هذا العالم الجليل خدمات عظيمة للادب والتاريخ السرياني فهو لم يكتفي بشراء المخطوطات ووضعها على رفوف المتحف البريطاني بل دفعه حبه الكبير  لهذه اللغة وآدابها لتعلمها وإتقانها ومن ثم ترجمة كل ما وقع بين يديه من مخطوطات وترجمتها الى اللغة الانكليزية ومن ثم نشرها في دور النشر البريطانية فأصبحت مرجعا لكل دارسي ومحبي اللغة السريانية وادابها في الجامعات العالمية وبعد اكثر من مئة عام على نشرها طبعت هذه الكتب عشرات المرات في دور نشر عديدة واصبحت هذه الترجمات جزءاً من الادب العالمي  والتعليمي ( Scholar Books ) بعد ان كانت ادباً وطنياً ويمكن الحصول عليها الان من مواقع بيع  الكتب   Amazon و Abe books وغيرها وانا شخصيا اشتريت العديد من هذه الكتب.
اسدى بدج من حيث لا يدري  فائدة اخرى لهذه  الترجمات بعد اكثرمن مئة عام على نشرها حيث اصبح اكثر من ربع من ابناء هذا الشعب  يُجيد اللغة الانكليزية الان  وبمقدوره الاطلاع على هذه الكتب القيمة والغور فيما خلده ابائهم من ادب ديني رائع وكتب تاريخية  وتراث طبي  سرياني كان  الى  المدى القريب حكراً على المُلمين باللغة السريانية او الانكليزية.
يُتبع

21
مقاطعة الطيرهان ومشاهيرها في تاريخ كنيسة المشرق - الجزء الرابع والاخير
ܛܒܼܝܼܒܼܹ̈ܐ ܕܛܝܼܪܵܗܵܢ ܒܥܹܕܬܵܐ ܕܡܲܕܢܚܵܐ

سوف نتناول في هذا الجزء الاخير من هذه المقالة اهم الشخصيات التي برزت في هذه المقاطعة الشهيرة والتي لعبت دوراٌ محورياٌ في تاريخ كنيسة المشرق منذ القرن العاشر وحتى مطلع القرن الرابع عشر حيث غابت شمس هذه الابرشية العريقة عن سماء كنيسة المشرق كما غابت شمس كل الابرشيات العريقة في وسط وجنوب العراق ( بيث آرمايي ܒܹܝܬܼ ܐܲܪ̈ܡܵܝܹܐ) وبضمنها الابرشية البطريركية.
نستطيع ان نستشف من سياق الاحداث ان اللغة السريانية كانت هي اللغة المتداولة في هذه المقاطعة حتى مطلع القرن التاسع ومن ثم بدءت هذه اللغة العذبة تفقد بريقها ليس بسبب ضعفها بل نتيجة لتغيّرات الديموغرافية الكبيرة التي حصلت في المنطقة منذ الربع الاول من القرن التاسع بالاضافة الى التطورات الكبيرة في اللغة العربية خلال فترة تزيد على القرنين أصبحت بعدها لغة العلم والثقافة بفضل المفردات والمصطلحات الجديدة التي اضافها العلماء والاطباء والمترجمين المسيحين من اقرب اللغات اليها وهي السريانية التي كانت لها خبرة طويلة تمتد لقرون وقدرة على استيعاب العلوم والثقافة اليونانية . ويذكرلنا ماري بن سليمان في كتاب اخبار بطاركة كرسي المشرق من كتاب المجدل ان الجاثليق مار مكيخا الاول ( ١٠٩٢ - ١١٠٩ م) عندما كان اسقفاً على الطيرهان في الربع الاخير من القرن الحادي عشر كان يترجم للمؤمنين بالعربية ما يقرأ من الكتب الحديثة والقديمة في القداديس دلالة على ان اللغة العربية كانت تغلبت على السريانية في هذه الحقبة الزمنية.
من ابرز من انجبت مقاطعة الطيرهان ( ܛܝܼܪܵܗܵܢ - ܛܵܪܝܼܗܵܢ) في القرن العاشر الحسن بن بهلول الأواني الطيرهاني المعروف في المصادر السريانية بربهلول ( ܒܲܪ ܒܲܗܠܘܼܠ) وهو اديب ولغوي سرياني عاش في القرن العاشر حيث ولد في بلدة أوانا الطيرهانية ( ܐܵܘܵܢܵܐ) جنوب سامراء. علّم بن بهلول في مدارس بغداد ولُقّب بجدارة بالكاتب الماهر ( ܣܵܦܪܵܐ ܡܗܝܼܪܵܐ) .
اشتهر بن بهلول بتأليفه احد اهم المعاجم (سرياني - عربي ) في القرون الوسطى والذي يحسب بحق اضخم موسوعة من نوعها جمع فيه كل ما جاء قبله وبعده وزاد عليه شروحا استقاها من الأئمّة السريان والادباء الكبار في العلوم الطبيعية والفلسفية واللاهوت والشروح الكتابية فاصبح مرجعا لغوياً لكل دارسي اللغة السريانية نظراٌ لاهميته الكبرى ولا نُبالغ ان قلنا بأن الكنائس والاديرة كانت تدفع الغالي والنفيس من اجل استنساخ هذه المخطوطة النفيسة لبن بهلول . ونظراً لاهميته الكبرى لدارسي الادب السرياني في العصر الحديث فقد ترجمه الى الفرنسية اللغوي روبنس دوفال( Rubens Duval) ومن ثم تُرجم الى الانكليزية. قام بن بهلول بتأليف العديد من الكتب وارخ سير السريان المشارقة المغاربة.ويذكر ماري بن سليمان في كتابه المجدل - آخبار بطاركة المشرق ان بن بهلول دعم ترشيح اسقف معلثايا وبانهذرا ( دهوك ) عبدايشوع لرئاسة كنيسة المشرق ضد منافسه كوركيس مطران الموصل واربيل فاصبح عبد ايشوع الاول جاثليقاً لكنيسة المشرق (٩٦٣-٩٨٦ميلادي ) .
يبرز من مقاطعة الطيرهان في النصف الاول من القرن الرابع عشر مؤرخ كبير في كنيسة المشرق الا وهو عمرو بن متى الطيرهاني . ويورد العلاّمة السمعاني أنّه عكف نحو سنة 1340على صياغة جديدة مختصرة لكتاب المجدل . ولا نعرف إذا كان "عمرو بن متّى" قد تعاون مع "صليبا بن يوحنّا" في هذا الأمر. وإن كانت بعض المراجع تشير إلى ذلك . وثمّة نسخة مـن كتاب عمرو فـي المكتبة الفاتيكانية. والصيغة الحالية، أي الجزء الثاني من هذا المجلّد تنسب عامة إلى عمرو. ولكنها على الأرجح عمل الاثنين صليبا بن يوحنّا وعمرو بن متّى. ولصليبا المساهمة الأبرز.أبرز ما يميز الإضافات التي ألحقها صليبا بن يوحنا، وعمرو بن متّى بكتاب المجدل أنها تتناول فترة عصيبة ومهمة من تاريخ العراق والدولة الإسلامية: ألا وهي سقوط بغداد بيد "هولاكو" حفيد "جنكيزخان". وقيام الدولة المغولية على قسم كبير من أرض الإسلام. وقد نشر الاب جيسموندي كتاب المجدل الذي نقحه صليبا وعمرو سنة ١٨٩٦ميلادية في روما باللغة العربية مع مقدمة بالاتينية .
جلس على كرسي اسقفية الطيرهان اساقفة اجلاء اختيروا مطارنة وجثالقة لكنيسة المشرق ومن اشهر هؤلاء الاساقفة الذين اصبحوا جثالقة .

١. الجاثليق ايليا الاول الطيرهاني ( ١٠٢٨- ١٠٤٩م)
وُلد ايليا في كرخ جدان ( بنواحي خانقين ) في النصف الاول من القرن العاشر ودخل بغداد صبياً ونشأ في مدرسة المدائن ورسم كاهناً في مطلع القرن الحادي عشر اقامه الجاثليق يوحنا الخامس بن عيسى ( يوانيس ) ( ١٠٠٠-١٠١١) اسقفاً على الطيرهان لذا سُمّي ( ايليا الطيرهاني ) . انتخب بطريركاً لكنيسة المشرق عام ١٠٢٨ وتوفي عام ١٠٤٩م. يقول عنه صليبا بن يوحنّا وعمرو بن متي الطيرهاني في كتاب المجدل كان الجاثليق ايليا الاول شيخاً كبيرا قديساً فاضلاً سيداً في علماء زمانه.وضع البطريرك ايليا الاول قواعد للنحو السرياني في عهد سيامته على اسقفية الطيرهان كانت اهم ميزاتها تتجلى في تطبيق قواعد النحو العربي في اللغة السريانية للمرة الاولى اذ حتى هذا التاريخ كانت القواعد النحوية السريانية مبنية وفق نظام النحو الاغريقي ولكن الكاتب ايليا الاول لم يتمكن من متابعة هذه المحاولة حتى النهاية.وضع ايليا مقالات في الحق المدني وفي الإرث وموانع الزواج وينسب اليه صليبا مجموعة باثنين وعشرين فصلاً في اصول الدين وتنسب اليه ايضا رتبة تقديس المذبح وكذلك رتبة السجود في عيد العنصرة اضافة الى ملحق ( نصلّي السلام معنا ) الى كاروزوثا الرمش .

٢.الجاثليق مكيخا الاول (١٠٩٢-١١٠٩)
ولد في بغداد وتلقى العلم في مدرسة بغداد وتربى على الزهد والعفاف منذ نعومة اظافره ورسم كاهناً وعمل مدة بالطب يمارسه مجاناً ثم رسمه البطريرك عبديشوع الثاني ( ١٠٧٣- ١٠٩٠) اسقفاً على الطيرهان حيث ظل مدة عشرين عاماً . ويذكر عنه انه كان يشرح لمؤمنيه الاسفار المقدسة بالعربية. رُقيّ الى كرسي مطرانية الموصل واربيل ولما استقرت الاوضاع الداخلية بعض الشيء بعد موت البطريرك عبديشوع توجهت الانظار الى مكيخا وتم اختياره بتأثير من ابي الفرج سعيد ابن ابراهيم الواسطي وكان الواسطي كاهناً وراهباً وطبيبا للسلطان السلجوقي ارسلان ملكشاه .ويروي لنا ماري بن سليمان في كتاب المجدل سلسلة من الاعاجيب التي جرت على يد هذا البطريرك القديس .يقول عنه صليبا بن يوحنّا وعمرو بن متي الطيرهاني في كتاب المجدل كان الجاثليق قديساً فاضلاٌ وزاهداً عفيفاً من اهل دارالروم ببغداد ويعرف بأبن سليمان القنكاني .

ومن الجديربالذكر ان اسقفية الطيرهان تذكر للمرة الاخيرة في مطلع ١٣١٨في المجمع الذي عقده البطريرك الجديد المنتخب طيماثوس الثاني بعد وفاة البطريرك يهبالاها الثالث المغولي اسفر هذا المجمع عن سنّ ١٣ قانونا تتعلق بالادارة الكنسية والحث على الالتزام بالقوانين الرسولية وبقوانين آباء كنيسة المشرق وتذكراعمال المجمع اسماء المطارنة والاساقفة الذين شاركوا فيه وكان بينهم مار شمعون اسقف الطيرهان ومن بعد ذلك يغيب اسم هذه الاسقفية من تاريخ كنيسة المشرق.

ܢܲܡܝܼܪ ܠܘܼܣܸܝܵܐ ܬܸܠܟܦܸܢܵܝܵܐ
Michigan USA
المصادر
١. اخبار فطاركة كرسي المشرق من كتاب المجدل لماري بن سليمان ، صليبا بن يوحنا وعمرو بن متى الطيرهاني.
٢. ادب اللغة الارامية ـ الاب البير ابونا
٣. تاريخ كنيسة السريانية الشرقية - الاب البير ابونا


22
مقاطعة الطيرهان ومشاهيرها في تاريخ كنيسة المشرق - الجزء الثالث
ܛܒܼܝܼܒܼܹ̈ܐ ܕܛܝܼܪܵܗܵܢ ܒܥܹܕܬܵܐ ܕܡܲܕܢܚܵܐ
كان ذلك عهد الله في تلك المدن الطيرهانية كما كان ذلك عهد الله مع الانسان في كل الأزمنة ان ينتقي من بين مختاريه اُناساً يُظهروا مجده وارادته وكان ذلك في عهد مار باباي المعلم ( ܡܲܠܦܵܢܵܐ ) تلك البذرة الطيبة التي انتقاها الرب وزرعها في تلك الارض المباركة لتنمو و تُزهر وتلقي بعبقها العطر وظلالها الوارفة في تلك الاصقاع لتهب بعد ذلك نسائم قُدسية تُنعش الروح القدسية الكامنة في ثنايا مُختاريه فتلتحق بتلك المدرسة وبذلك المعلم الكبيرالذي انتشرت اخبار شهرته وتعاليمه في كل مكان لتشكل تلك المجموعة الاولى القاعدة الاساسية التي اعتمد عليها مار باباي ككادر تدريسي في المدارس التي اسسها او جدّدها ( لعدم وجود معلمين ومهتمين ) بعدئذٍ في مقاطعة حدياب .
سوف نتناول في هذا الجزء ( الثالث ) من هذه المقالة على اهم الشخصيات التي تتلمذت في مدرسة الجُبيلة والتي لعبت دوراً محورياً ومؤثراً في تلك الحقبة الزمنية وكما هو الحال فمصادرنا قليلة ومعظمها ياتي من هذا السفر الجليل لتوما المرجي ( الرؤساء ) فهذا العلامة والمؤرخ الكبير ترك لنا من المعلومات الدقيقة عن الرؤساء والقديسين ومسقط رأسهم بالاضافة عن الاديرة ومؤسسيها ما لم يتركه كاتب آخر وكل ما لدينا من معلومات عن تلك الفترة التي سبقت الاجتياح العربي وسقوط الامبراطورية الساسانية وحتى مطلع القرن التاسع نحن مدينون له ولو كان لنا كُتاب آخرين ساروا بنفس نهج المرجي في اماكن مختلفة وازمنة مختلفة لكان لنا تاريخ شبه متكامل عن كل المناطق والابرشيات .
١. الميطرفوليط القديس مارن عمه ( ܩܲܕܝܼܫܵܐ ܡܵܪܲܢ ܥܲܡܹܗ ربنا معه )
لا تاتي قُدسية الطيرهان الا من قدسية ابنائها والميطرافوليط مارن عمه الحْطاري( ܚܛܵܪܵܐ) هو ذلك النجم الساطع في سماء القداسة وتلك الاداة الربانية المُختارة التي ظل المؤمنين يتناقلون العجائب التي جرت على يده من جيل الى جيل فقد ولد القديس مارن عمه في مطلع القرن الثامن في مدينة حْطارا الطيرهانية فدعاه والداه (مارن عمه ) وقد تجاوب شخصه مع هذا الاسم فان الرب كان معه واختاره وميزه وقدسه منذ صباه ليكون خاصته . تلقى العلم في صباه في كنيسة مدينته ومن ثم ترك هذا القديس والديه وثروتهما بعد ان استنشق عطر الفردوس من خلال الزهد والحياة الرهبانية فالتحق في مدرسة الجُبيلة لينهل من معلمه مارباباي كل ما يجعل من ذاته مرآة ربانية تعكس المحبة الالهية فشرع يسير في طريق الحياة سيره نحو السماء .رافق مارن عمه استاذه مارباباي عند مجيئه الى حدياب وتأسيسه لمدرسة في قرية كفرعوزيل واصبح معلما فيها وفي تلك ااثناء اشتهر كثيراً لان تعلميه كان مقروناً بالطهارة والزُهد . رسم اسقفاً على بلاد سلاخ الداخلية ( المثلث الحدودي بين العراق وايران وتركيا والذي يشمل في الوقت الحاضر اقضية راوندوز وجومان وسوران وميركه صورمن محافظة اربيل) ونال من الروح القدس مع الرسامة القدرة على شفاء المرضى وصنع العجائب واصبح متسلحاً بالنعم الإلهية وبارك الرب يمينه وعلامات الصليب التي كان يرسمها فزالت بيمينه الامراض المختلفة وببركاته اخصبت العواقر واذ كان يشع بالانوار الالهية كانت كل الافواه تشيد بمجد سيده ومن ثم رسم رئيساٌ لاساقفة ( ميطرفوليط ) حدياب -اربيل من قبل جاثاليق كنيسة المشرق يعقوب الثاني ( ٧٥٤-٧٧٣) حارب الفساد والوثنية المجوسية بغيرة عارمة تسانده يدالله الخفية وبعد شيخوخة عميقة انتقل من الحياة الزمنية الى الحياة الأبدية ودفن في هيكل كنيسة كفرعوزيل الاربيلية واصبح جسده المقدس ينبوع المساعدات للمتضايقين والمرضى وسوراً حصيناً للقرية كلها .
٢. ربان كْوريا المعلم ( ܪܲܒܿܢ ܓܘܼܪܝܵܐ ܡܲܠܦܵܢܵܐ )
نظراً لقصر المصادر فسوف ناتي على القاء الضوءعلى هذا العلم الشهير الربان كوريا (الجرو - صغير الكلب ) حسبما ذكره المرجي . لابد ان الربّان المعلم كوريا ولد في النصف الاول من القرن الثامن حيث ياتي ذكره بعد شيخوخة مار باباي المعلم الكبير وعودته الى مدينته الجُبيلة واثناء زيارته للمدرسة التي اسسها هناك حيث القى سؤالاً على الطلاب ولسوء حظه فان خيبته كانت كبيرة عندما لم يستطيع احداٌ ان يعطيه جواباً فأحس عندئذٍ بأن جهده ذهب ادراج الريح إلا ان النعمة الالهية قادت الصبي كوريا لان يعطيه الجواب المنشود فكانت فرحته كبيرة وسأل عن الصبي واسمه فقالوا كوريا فوضع يده وفمه على راس كوريا وقال فرحاً بأن هذا الجرو سوف يصبح كلباٌ كبيراً وقد تحقق ذلك . فبعد موت ربان باباي اصبح كوريا معلما في المدرسة واقتدى اثر معلمه في تعليمه وسيرته ومن اشهر تلامذ ة الربان كوريا هو الربان والاسقف قرياقوس الجُبيلي ( اسقف بلد ) .ويذكر المرجي بان الربان كوريا توفي في مدينته ودفن جسده في كنيسة المدينة بجانب معلمه مار باباي المعلم ( ܡܪܝ ܒܵܒܲܝ ܡܲܠܦܢܵܵܐ) .
٣. الطوباوي مار قرياقوس الجُبيلي أسقف بلد ( ܛܘܼܒܼܵܢܵܐ ܩܘܼܪܝܵܩܘܿܣ ܐܲܦܸܣܩܘܿܦܵܐ ܕܒܼܵܠܕ ܡܕܝܼܢ̃ܬܵܐ )
ولد القديس قرياقوس الجُبيلي في النصف الاول من القرن الثامن المسيحي في مدينة الجُبيلة الطيرهانية لأسرة غنيّة وتقيّة والتحق بمدرسة مدينتة في زمن رئاسة ربّان كوريا على المدرسة واختار بعدئذٍ لنفسه السيرة النسكية والتحق بدير بيث عابى بعد ان سمع من استاذه عن هذا الدير المقدس وعن رهبانه الذين اشتهروا بالقداسة . بعد ان أُختير مار قرياقوس رئيسا لدير بيث عابى منحته النعمة الالهية مواهب الشفاء وصنع العجائب .
يروي المرجي عن الاعجوبة الاولى التي اجراها الله على يد مار قرياقوس انها كانت شفائه لابن رجل عربي من مدينة الموصل ايمانه قريب من ايماننا وكانت العطايا والهدايا التي يمد بها الجمعيات الرهبانية معروفة فقد اصاب ابنه الوحيد مرض عضال اعيا الاطباء حتى فقدوا الآمل بشفائه فظهرت رؤية لهذا العربي بأنه هنالك راهب في بيث عابى ( ارسل في طلب راهب من بيث عابى وهو ينقذ ابنك ) وحدث ان شفى الابن المريض بعد ان ارسل له مار قرياقوس ( حنانا) حنان وبركة فذاع خبر شفائه في مدينة الموصل كلها.
كانت فترة رئاسة مار قرياقوس فترة حرجة بلا شك اذ واكبت دخول العربي الشرير عمران بن محمد الى بلاد مركا واغتصابه لقرى كثيرة وقتل اهلها وعزمه على قتل رئيس الدير ( مار قرياقوس ) واستملاكه للدير . فقد كان هذا الرجل قاسياً وسفاحاً اذ بدء يتوغل في قرى مرج الموصل قرب عقرة مستبيحا اهلها واملاكها الواحدة تلو الآخرى ولما حاول الاستيلاء على الدير انتصب مارقرياقوس امامه ببسالة ووبخه قائلا اذا تجاسرت وعزمت على دخول الدير عنوة فستذوق العلقم عاجلا جزاء شرك ولايفوتك ان دم المؤمنين المساكين الذين هدرت وبطشت بهم واخذت بيوتهم منقوركله على حجر الماس بقلم من حديد في حساب العدل الالهي واليك هذه العلامة انك عندما تموت سوف لن تقبلك الارض بل تُلقي جثتك خارجاً وتقذف جسدك الشرير . فانسحب عمران غاضبا وبعد محاولات عديدة لإخافة الرهبان لتسليمه الدير قال له الطوباوي الذي ظهر امامه بقوة الروح القدس انك لن ترث ديرنا الى الابد فخاف منه وقال لهم انطلقوا بسلام لا خصومة لي معكم . وفي نهاية حياته اوصى ابنائه ان لا يقتربوا من دير بيث عابى ولما مات عمران لم تشاء الارض ان تقبله فقد دفن ثلاث مرات وفي الدفعات الثلاث لفظته طبقا لما وعد له مار قرياقوس.
اختير مار قرياقوس اسقفاً على بلد في عهد الجاثليق طيماثوس الكبير ( ٧٨٠-٨٢٣) ويروي المرجي بأن اهل الموصل مسيحيين ومسلمين تهافتوا لرؤية الطوباوي والتبرك منه عند وصوله الموصل في طريقه الى بلد بعد ان رسم اسقفاً عليها.
ويذكر المرجي قصة جميلة عن التآخي بين الكنيسين السريانيتين النسطورية واليعقوبية اثناء اسقفية مار قرياقوس في مدينة بلد ( اسكي موصل على بعد اربعين كيلومترا الى الشمال الغربي من الموصل) حيث كانت له علاقة متينة مع اسقف الديرالمعلق للسريان اليعاقبة الواقع على مسافة ١٥ كم الى الشمال الشرقي من بلد وكان هذا الاسقف يكن مودة كبيرة لمار قرياقوس وذكر هذا الاسقف انه عندما خرج لزيارته في احد الايام ذهبا سوية لزيارة الاديرة وتحدث كيف عبرا دجلة سيراً على الاقدام بعد ان رسم مار قرياقوس اشارة الصليب على سطح الماء واشارة على وجهه واشارة على وجه الاسقف.

ܢܲܡܝܼܪ ܠܘܼܣܸܝܵܐ ܬܸܠܟܦܸܢܵܝܵܐ
آب - 2002- Michigan USA


المصادر
ا. كتاب الرؤساء لتوما المرجي ترجمة الاب البير ابونا
٢. ܬܫ̈ܥܝܬܐ ܘܫܪ̈ܒܐ ܡܘܬܪ̈ܢܐ ܕܥܠ ܐܢܫ̈ܐ ܘܝܚܝܕ̈ܢܐ ܕܗܘܘ ܒܕܪ ܒܕܪ ܒܥܘܡܪܐ ܩܕܝܫܐ ܕܒܝܬ ܥܒ̈ܐ ܕܥܒܝܕܝܢ ܠܚܣܝܐ ܡܪܝ ܬܐܘܡܐ ܐܦܣܩܘܦܐ ܕܡܪܓܐ
٣. الديورة في مملكتي الفرس والعرب لإيشوعدناح مطران البصرة ترجمة القس ( البطريرك ) بولس شيخو.
٤. ادب اللغة الآرامية - الآب البير ابونا



23
مقاطعة الطيرهان ومشاهيرها في تاريخ كنيسة المشرق - الجزء الثاني
ܛܒܼܝܼܒܼܹ̈ܐ ܕܛܝܼܪܵܗܵܢ ܒܥܹܕܬܵܐ ܕܡܲܕܢܚܵܐ


بما لا يقبل الشك فأن القرن الميلادي السابع كان قرن تأسيس الاديرة والجهاد الروحي ، عصرالنهضة في الحياة النسكية في كنيسة المشرق ، فبعد تفريق الرهبان من دير إيزلا الكبير في نصيبين في عهد رئاسة الطوباي مار باباي الكبير ( مار باوي رابا ܡܵܪܝ ܒܵܒܲܝ ܪܵܒܵܐ ) تشتت الرهبان وملؤا ارض المشرق بالاديرة والمناسك لتقوم بعدئذٍ بدوراً حيويا في حياة الكنيسة في تلك الحقبة الصعبة المليئة بالتغيرات السريعة التي رافقت الاجتياح العربي اولا وسقوط الامبراطورية الساسانية ثانيا ومن ثم التغييرات الجديدة التي رافقت دخول القبائل مع جيوش الفاتحين فاصبحت هذه الاديرة مراكز دينية وثقافية أُلفت فيها الكتب الدينية والفلسفية والتاريخية بالاضافة الى الترجمة . فاذا كان لمسيحي الشرق ان يفتخروا في الحفاظ على مسيحيتهم ولغتهم السريانية فالفضل يعود لهذه الاديرة التي إلتجأ اليها الرهبان الباحثين عن الارتقاء الى جبل الجُلجُلة ليشاركوا المسيح آلآم الصليب لكي بيتهجوا معه بفرحة القيامة ، فأرتوا من فيض حلاوة الإنجيل الذي هو نسمة الحياة لتحلية مرارتهم فملأوا الكنيسة نوراً روحياً من اشعة فهمهم فاقيم منهم رؤساء على الكنيسة جثالقة ومطارنة واساقفة كما برز بينهم الكثير من الملافنة والمفسرين والحكماء .

معظم ما وصلنا من اخبار مسيحي مقاطعة الطيرهان من ابناء الكنيستين السريانيتين الشقيقتين الشرقية (النسطورية ) والغربية ( اليعقوبية ) في بلدات الطيرهان المُمتدة مابين السن وتكريت يقع في الفترة المحصورة بين بداية القرن السابع والنصف الاول من القرن الرابع عشر ونستطيع ان نجزم من خلال سرد سيرة الاباء والمعلمين في كتاب الرؤساء لتوما المرجي عندما يتطرق للشخصيات التي تركت الاثر الكبير في تاريخ كنيسة المشرق منذ مطلع القرن السابع وبداية القرن التاسع كالملفان مار باباي الجُبيلي وتلميذه المطرابوليط مارن عمه الحْطاري ومن خلال تلميحات واشارات الى مؤسسي الاديرة في القرن السابع كدير بيث قوقا في حدياب من قبل ربان سبريشوع من مقاطعة الطيرهان (قرية آوانا) وذلك بين سنة ٦٢٨- ٦٣٢ميلادية ودير خشبة الصليب المقدس الذي اسسه الربان هارون من مقاطعة الطيرهان (قرية آوانا) شمالي بلد ( اسكي موصل ) بطلب من اسقفها مار قرياقوس الجُبيلي نحو سنة ٧٦٠ ميلادية وكذلك عندما يذكر ايشوعدناح البصري عدد (١١٢) في كتابه الديورة في مملكتي الفرس والعرب الأنبا ايشوع من مقاطعة الطيرهان (قرية آوانا) تلميذ القديس ربان افنيمارن ورئيس دير يوسف الذي اسسه الانبا يوسف رئيس دير بيث عابى في مدينة بلد ( اسكي موصل ) بجانب دجلة في حدود قرية آوانا التي هي الان ناحية وانة التابعة لقضاء تلكيف نستشف بأن القرنين السابع والثامن كانا من القرون السريانية الذهبية في تاريخ هذه المقاطعة .

لا تذكر مقاطعة الطيرهان الا ويذكر معها الطوباوي الربان مار باباي الملفان ( مارباوي ملفانا ܡܵܪܝ ܒܵܒܲܝ ܡܲܠܦܵܢܵܐ )الموسيقار الكنسي الكبير فهو النجم الذي سطع في سماء بلدة الجُبيلة ( ܓܒܼܝܼܠܬܵܐ) الطيرهانية ، ليُنير سماء كنيسة المشرق في نهاية القرن السابع والنصف الاول من القرن الثامن وفي زمن الجاثاليق صليوازخا الطيرهاني( ٧١٤-٧٢٨) فبالاضافة الى ما كان يمتاز به الطوباي من الحكمة والارادة والادارة والصوت الجميل والغيرة العارمة على الكنيسة فقد كان متحليا بالعفة والطهارة والمحبة والوداعة والتواضع العميق فقد عمل جاهداً على تجديد القوانين والانظمة المدرسية وعمل كذلك على توحيد المقامات والالحان الطقسية وتجديدها في كنيسة المشرق بعد ان كانت قد تبلبلت واختلفت من مدينة الى اخر ومن دير لآخر فأسس مدرسة في بلدته الجُبيلة اولاً ومن ثم تركها تحت ادارة تلاميذه ليُأسس مدرسة كبيرة وشهيرة في قرية كفرعوزيل جنوب غربي اربيل في مقاطعة حدياب وبعد سنين توجه الى منطقة مرج الموصل قرب عقرة حيث اسس (٢٤) مدرسة فصار اباً للمعلمين ومعلماً للحكماء. وضع الملفان باباي تآليف كثيرة لم يصلنا منها الا القليل . فقد وضع مقالات وارشادات كثيرة و(٢٢) ترجاما بعدد الحروف الآبجدية يقولها الصبيان في عيد السعانين كما ألف ( ٢٢) ترتيلة في مدح الربان يعقوب اللاشومي مؤسس دير بيث عابى قرب عقرة بالاضافة الى الكثير من التراتيل ( عونياثا ܥܘܿܢܝ̈ܬܼܵܐ ) ويذكر الاب البير ابونا نقلاً عن William wrightفي كتابه الوجيز في تاريخ الأدب السرياني A Short History of Syriac Literature في ان بعض التراتيل التي ألفها موجودة في مكتبات لندن وباريس وميونخ. وبعد شيخوخة عميقة استراح ورقد في تربة آبائه ودفن جثمانه في الكنيسة التي فيها تعلم وعلم في مدينة الجُبيلة لينتقل من الحياة الزمنية الى نعيم الحياة الآبدية بعد رحلة طويلة وشاقة مليئة بالاعمال الجليلة . من اشهر تلاميذ مار باباي الملفان هما الطوباوي مار مارن عمه ميطرافوليط حدياب وكوريا الملفان المعلم الشهير في مدرسة الجُبيلة استاذ الطوباوي مار قرياقوس الجُبيلي رئيس ديربيث عابى واسقف بلد ومن الآخبار التي تروى عن مار باباي المعلم حينما كان معلما في قرية كفرعوزيل في اربيل ان ام ابراهيم الاعرج جاءت حاملة ابنها واخذت تبكي امامه قائلة [ يا سيدي صّلِ على نصف الانسان هذا الذي ولدته ] وحينما وضع يده عليه قال هذا ليس نصف انسان انما سيصبح اب الآباء ورئيس الملافنة وينتشر اسمه وعلمه في الشرق كله. وتمر الايام ويتحقق ما تنبأ به مار باباي فقد اسس ابراهيم بردشداد مدرسة في قرية باشوش في مرج الموصل قرب عقرة وتتلمذ على يديه الجاثاليقان مار طيماثوس الكبير وايشوع بردنون بالاضافة الى ابو نوح الانباري الذي اصبح كاتباً لحاكم الموصل وساعد الجاثليق مار طيماثوس الكبير كثيراً ويذكر توما المرجي عنه في صفحة (٢٩) بأنه كتب عن الطوباوي مار يوحنان الديلمي .


ܢܲܡܝܼܪ ܠܘܼܣܸܝܵܐ ܬܸܠܟܦܸܢܵܝܵܐ
Michigan USA
August 2020
المصادر
ا. كتاب الرؤساء لتوما المرجي ترجمة الاب البير ابونا
٢. ܬܫ̈ܥܝܬܐ ܘܫܪ̈ܒܐ ܡܘܬܪ̈ܢܐ ܕܥܠ ܐܢܫ̈ܐ ܘܝܚܝܕ̈ܢܐ ܕܗܘܘ ܒܕܪ ܒܕܪ ܒܥܘܡܪܐ ܩܕܝܫܐ ܕܒܝܬ ܥܒ̈ܐ ܕܥܒܝܕܝܢ ܠܚܣܝܐ ܡܪܝ ܬܐܘܡܐ ܐܦܣܩܘܦܐ ܕܡܪܓܐ
٣. الديورة في مملكتي الفرس والعرب لإيشوعدناح مطران البصرة ترجمة القس ( البطريرك ) بولس شيخو.
٤. ادب اللغة الآرامية - الآب البير ابونا


24
مقاطعة الطيرهان ومشاهيرها في تاريخ كنيسة المشرق - الجزء الاول
ܛܒܼܝܼܒܼܹ̈ܐ ܕܛܝܼܪܵܗܵܢ ܒܥܹܕܬܵܐ ܕܡܲܕܢܚܵܐ
الطيرهان
الطيرهان مقاطعة في بيث كرماي ( ܒܹܝܬܼ ܓܲܪܡܲܝ) ومرعيث ( اسقفية في كنيسة المشرق ) تابعة لابرشية بيث كرماي التي كانت قاعدتها كرخ سلوخ العريقة ( كركوك الحالية ) . كانت منطقة الطيرهان تمتد بين تكريت والسن ( بالسريانية شّنا ܫܸܢܵܐ مدينة على ضفة دجلة الشرقية تحت ملتقى الزاب الصغير بدجلة شمال مدينة بيجي وكانت مركز اسقفية بيث رامان ܒܹܝܬܼ ܪܵܡܵܢ) وليس لدينا اية معلومات عن مركز هذه الاسقفية الشهيرة. تسمية الطيرهان قديمة قد تعود الى العهد الساساني الا انها استمرت الى اواخر القرن السابع الهجري ، وما لا يقبل الشك فان هذه المنطقة المُطلّة على ضفة دجلة الشرقية كانت ذا ارض زراعية خصبة وهواء نقي تنعشه مياه دجلة السريعة المُنحدرة جنوباً مما اسهم في ظهور قرى وبلدات زراعية عامرة بالسكان وغنية انتشرت فيها الكنائس والمدارس التي هّذبت ابناء هذه المنطقة بالعلوم الدينية والدنيوية .
سكان مقاطعة الطيرهان
ليس بحوزتنا الكثير من المصادر التي تلقي الضوء على التركيبة السكانية لمنطقة الطيرهان الا اننا نستنتج من سياق الاحداث التاريخية المدونة وخصوصا حملات ملوك آشور على قلعة تكريت في القرنين التاسع والثامن قبل الميلاد بأن قلعة تكريت بيرتا ( ܒܝܼܪܬܵܐ= القلعة اوالحصن) ومحيطها كانت مسكونة من قبل قبيلة آرامية بدوية قوية لقِبت بعدئذ بأسم بيرتايا ( اهل القلعة ) نسبة الى الكلمة الارامية بيرتا حيث فرضت نفسها بالقوة في هذه المنطقة ومع بزوغ فجر المسيحية في ربوع ما بين النهرين نستقي من المصادر التاريخية السريانية بأن الغالبية العظمى لسكان هذه المنطقة كانوا من السريان الآراميين وخصوصا في بلدات الطيرهان ( ܛܝܼܪܵܗܵܢ) التابعة لكنيسة المشرق كالجُبيلة ( ܓܒܼܝܼܠܬܵܐ ) وحطرا ( ܚܛܵܪܵܐ ) وآوانا ( ܐܵܘܵܢܵܐ ) واما في تكريت قلعة مفريانية الكنيسة السريانية الغربية والقرى التابعة لهذه الابرشية كبلدة كرمي و بلدة الخصاصة وبلدة عقرونتا فقد امتزج آراميي تكريت مع القبائل العربية المسيحية النازحة كبني تغلب وبني اياد وبني نمر وآخرين في القرنين الخامس والسادس الميلادي وشكلوّا مزيجا ً سريانيا-عربيا جميلا ومع الاجتياح العربي للمنطقة والتغييرات الكثيرة في تركيبة سكانها لم يحدث تغييراً جذريا وسريعا على سكان المنطقة فقد استغرق اكثر من مئتي عام لأفول نجم هذه المنطقة السريانية الآرامية مع بناء عاصمة جديدة للخلافة العباسية في منطقة الطيرهان في زمن الخلفية العباسي المعتصم عام (٨٣٦ م) في سامراء والتوسيعات الكثيرة التي قام بها ابنه المتوكل ( ٨٤٧-٨٦١ ) .
ابصر النور وترعرع في تلك المدن والقرى الكثيرة المُتناثر على ضفة دجلة الشرقية القريبة من تكريت الكثير من الجثالقة و المطارنة والاساقفة والملافنة ومؤسسي الاديرة الذين سطعت نجومهم في سماء تاريخ كنيسة المشرق وكان لهم دوراً حيوياً ومؤثراً في مسيرتها منذ نشأتها وحتى بعد الاجتياح العربي الاسلامي لما دُعي بعدئذ بالعراق ومن ثم انكماشها من هذه المقاطعة بعد انتصار العباسيين وتحول مقر الخلافة من دمشق الى بغداد ومن ثم انتقال مقر الخلافةالعباسية الى سامراء القريبة من تكريت بعد ان اتخذها المعتصم بالله عاصمة له في زمن جاثليق كنيسة المشرق ابراهيم الثاني المرجي ( ٨٣٧ - ٨٥٠ ) ومن ثم زوالها تدريجياً نتيجة للمضايقات التي تعرض لها مسيحيو تكريت . فقد تعرضت تكريت لنكبات كبيرة زعزعت كيانها بعد ان حاصرها السلطان محمد غياث الدين ابن ملكشاه حيث اضطر معظم سكانها السريان الى مغادرة تكريت بعد سقوطها واللجوء الى المدن والقرى القريبة وسكن المفريان نفسه الموصل وبعد الاجتياح المغولي لفارس والعراق امر هولاكو عام ١٢٥٨م بأبادة التكريتيين المسيحيين بحيث لم ينجُ منهم سوى القلائل من الشيوخ والعجائز واما الصغار فقد أسروا وبعد ذلك تلت الاضطهادات الناجمة عن التقلبات الكبيرة في السياسة المغولية منذ دخول محمود غازان (١٢٩٥- ١٣٠٤) الاسلام والقرارات التي اتخذها بتدمير الكنائس وقتل كبار المسيحين ومع ان تلك القرارات لم تُطبق في جميع المناطق اذ سلم مسيحيو الموصل بعد ان رشو حاكمها فان كنائس اربيل لم تسلم من ذلك وابيد مسيحييها ومع الاسف فانه يصلنا من كتابات الاقدمين اية معلومات تصف اوضاع بقية ابرشيات كنسية المشرق في ذلك العهد المُظلم من تاريخ المنطقة.
لم يكن لسقوط الامبراطورية الساسانية وانهيارها على يد الفاتحين الجُدد التأثير السريع على المقاطعات الوسطى والشمالية كما كان على ابرشيات بيث آرامايي ( ܒܹܝܬܼ ܐܵܪܵܡܵܝܹ̈ܐ ) الجنوبية حيث بُنيت هناك اولى المدن الاسلامية كالبصرة والكوفة ، فنمط الحياة الفارسي احتاج لقرنين حتى يبرز محله التأثير العربي الاسلامي في مقاطعة الطيرهان لعدّة اسباب اهمها ان هذا الاجتياح الذي رافقه انتقال موجات من المهاجرين الى المناطق المحررة تمركز في المناطق الجنوبية اولاً بالاضافة الى تكريت في الوسط والموصل في الشمال كحواضر اما البلدات والارياف فكانت بعيدة عن هذا التأثير نوعا ما وكان لا يزال السريان يحتفظون بالاكثرية العديدية في المقاطعة ككل حتى بداية القرن التاسع ولكن تغيير ذلك مع انتقال مركز الخلافة العباسية الى سامراء في هذه المقاطعة وما تلاه من بعد ذلك من انهيار البلدات المسيحية السريانية تدريجيا الواحدة تلوالاخرى فاكبر بلداتها الجُبيلة ( ܓܒܼܝܼܠܬܵܐ ) الواقعة شمال تكريت شرقي دجلة استملكها الخليفة المتوكل لأنجاز مشروع النهر الجعفري سنة ٨٦٠ ميلادية ومدينة حطرا ( ܚܛܵܪܵܐ ) الواقعة في جنوب الشرقي لتكريت كانت قد خربت في الربع الاول من القرن التاسع حسب ما يذكر توما المرجي صفحة ١٣٢ عندما يتكلم عن مار مارن عمه ويبدو انه لم يسلم من تلك البلدات الكبيرة من التوسيعات الكبيرة والتغييرات الجذرية في محيط سامراء في منطقة الطيرهان في زمن المتوكل سوى بلدة آوانا ( ܐܵܘܵܢܵܐ ) حيث ُتذكر على انها قرية مؤلف القاموس الشهير حسن ابن بهلول من القرن العاشر وبالرغم من كل ما رافق هذه التغييرات الكثيرة في تركيبة سكان المنطقة فان كنائس جديدة بنيت في سامراء بعد انتقال مقر الخلافة العباسية الى سامراء وانتقال كرسي كنيسة المشرق اليها في زمن الجاثليق ابراهيم الثاني المرجي وربما قرى جديدة استحدثت عوضاعن تلك التي طالتها المشاريع المائية الجديدة في زمن المتوكل وبالرغم من ان المعلومات شحيحة عن تركيبة المنطقة في هذه الحقبة الزمنية فان منطقة الطيرهان حافظت على اسقفيتها حتى بداية القرن الرابع عشر فعمرو بن متى يخبرنا في كتاب اخبار بطاركة المشرق انه في مراسيم صلاة الموتى للجاثليق الراحل مكيخا الثاني ( ١٢٥٧- ١٢٦٥ ) كان عمانوئيل اسقف الطيرهان حاضرا في صلاته واثناء رسامة الجاثليق يهبالاها الثالث المغولي ( ١٢٨١- ١٣١٧ ) كان اسقف الطيرهان بريخيشوع حاضراً اثناء رسامته ويذكر الاب البير ابونا في مؤلفه الثمين تاريخ الكنيسة الشرقية الجزء الثالث صفحة (٥٠) بان اسقفية الطيرهان كانت تابعة للابرشية الباطريركية في مطلع القرن الرابع عشر ولا نعلم متى اصبحت اسقفية الطيرهان تابعة للابرشية الباطريكية بعد ان كانت تابعة لابرشية بيث كرماي .
ܢܲܡܝܼܪ ܠܘܼܣܸܝܵܐ ܬܸܠܟܦܸܢܵܝܵܐ
Michigan USA
August 2020
المصادر
ا. كتاب الرؤساء لتوما المرجي ترجمة الاب البير ابونا
٢. ܬܫ̈ܥܝܬܐ ܘܫܪ̈ܒܐ ܡܘܬܪ̈ܢܐ ܕܥܠ ܐܢܫ̈ܐ ܘܝܚܝܕ̈ܢܐ ܕܗܘܘ ܒܕܪ ܒܕܪ ܒܥܘܡܪܐ ܩܕܝܫܐ ܕܒܝܬ ܥܒ̈ܐ ܕܥܒܝܕܝܢ ܠܚܣܝܐ ܡܪܝ ܬܐܘܡܐ ܐܦܣܩܘܦܐ ܕܡܪܓܐ
٣. الديورة في مملكتي الفرس والعرب لإيشوعدناح مطران البصرة ترجمة القس ( البطريرك ) بولس شيخو.
٤. كتاب المجدل - اخبار بطاركة كرسي المشرق لماري بن سليمان وعمرو بن متى الطيرهاني .
٥. تاريخ الكنيسة الشرقية باجزاءه - الاب البير ابونا .
٦. آرام تكريت - ابراهيم فاضل الناصري





25
مار اوجين ومارشليطا مهندسي الكنيسة المقدسة في جبل ازلا المبارك في منطقة نصيبين
ܡܵܪܝ ܐܘܓܹܿܝܢ ܘܡܵܪܝ ܫܲܠܝܼܛܵܐ ܐܪ̈ܕܹܟܼܠܹܐ ܕܥܹܕܲܬ ܩܘܼܕܫܵܐ ܒܛܘܼܪܵܐ ܕܐܝܼܙܠܵܐ ܒܲܢܨܼܝܼܒܼܝܼܢ
توارى الرهبان والنساك من بين سفوحه ولم يعد يُسمع صدى تلك الصلوات والالحان السريانية العذبة في تلك السفوح والوديان والوهاد . هناك حيث اشرقت شمس الرهبنة والحياة النسكية ، هناك وحيث ُرتِلتْ صلوات مار شمعون برصباعي ومار افرام ومارماروثا ومارنرسي وماريعقوب السروجي في تلك الجبال القاسية والقاحلة الواقعة على المنحدرات الجنوبية لطورعبدين ، مهد الحياة الرهبانية وذلك النهرالعظيم الذي روت روافده كل اديرة بلاد مابين النهرين، والينبوع الذي رفد الكنيسة برجال علم وزهد ومعرفة خلال حقبة امتدت لقرون استطاعوا فيها قيادة دفة الكنيسة اثناء كل الآزمات . إن كان لكل امة ان تحتفي بموقع او مكان كان له الاثرالكبيرفي تاريخها وحيث شكل ذلك نقطة تحول (ܡܲܦܪܲܫ ܐܘܼܪ̈ܚܵܬܼܵܐ ) في نهج حياتها فمن حقنا نحن ابناء الكنيستين السريانيتين الشرقية والغربية ان ننظر الى هذا الجبل نظرة ملؤها الرهبة والخشوع ، نظرة اجلال على انه الجبل المقدس للسريان جميعا ولكل من دار في فلك تلك الحضارة في حقبة كانت فيها الثقافة السريانية الآرامية هي السائدة في بلاد ما بين النهرين وسوريا وبلاد فارس . فعلى سفوح هذا الجبل في نصيبين ( ܢܨܝܼܒܼܝܼܢ او ܨܘܼܒܼܵܐ ) ولد مار يعقوب النصيبيني الذي شيد كنيسة في نصيبين سنة ٣٢٠م وكذلك تلميذه الشاعر العظيم مار افرام كنارة الروح القدس الذي جال باشعاره المليونية كل التاريخ الديني والمسيحي ، هنا وعلى سفوح هذا الجبل حل القديسين مار اوجين ومار شليطا مؤسسي الحياة الرهبانية في بلاد مابين النهرين مع اثنان وسبعين تلميذاً بعد ان قادتهم الارادة الالهية لنشر نور الانجيل في هذه المدينة التاريخية وقراها المُتناثرة في جبل ازلا ( ܛܘܼܪܵܐ ܕܐܝܼܙܠܵܐ) هنا اسس مار يعقوب النصييني اول مؤسسة تعليمية في العالم بمفومها الحالي تلك المدرسة التي قادت الفكر التنويري وساهمت في تطور الفكر الثقافي في الشرق عموماً بحيث سمّاها السريان المشارقة مدينة المعارف ( ܡܕܝܼܢܲܬܼ ܣܘܼܟܵܠܹ̈ܐ) وام الملافنة (ܐܸܡܵܐ ܕܡܲܠܦܵܢܹ̈ܐ ) ومع مرور الوقت اصبحت نصيبين قاعدة لاحدى اهم لابرشيات في كنيسة المشرق المُسماة ابرشية بيث عربايي ( ܒܹܝܬܼ ܥܲܪܲܒܵܝܹ̈ܐ ) والتي اعتقت بأنها سميت كذلك لوقوعها على الجهة الغربية من كنيسة المشرق وهي مشتقة من كلمة ܥܲܪܒܼܵܐ والتي تعني غَرْب وكانت حدود هذه الابرشية تمتد من اطراف الموصل من بلد ( اسكي كلك الموصل قرب سد الموصل ) وسنجار حتى مدن اعالي ما بين النهرين آمد وماردين وميافرين وحصن كيبا ووبيث زبدي ( بلدات الجزيرة العمرية ) وحتى ارمينيا . اذ كان لنا ان نُبيّن اهمية نصيبين ونحن الان في القرن الرابع الميلادي لابد لنا ان نمر على الاسباب التي جعلها تتبؤا هذه المكانة المرموقة فقبل كل شي ورث الساسانيون عن المملكة البارثية، الصراع مع الامبراطورية الرومانية، من أجل السيطرة على الأراضي الخصبة في شمالي بلاد الرافدين والجزيرة، وعلى الأماكن الاستراتيجية في أرمينية والقفقاس، تلك المناطق التي لم يكن ولاؤها للفرس أو للروم ثابتاً. وظل نهر الفرات الحد الفاصل بين الفرس والرومان حتى منتصف القرن الثالث الميلادي وفي خضم الصراعات تلك تمخض اتفاق على الاعتراف بسلطة الفرس على بلاد النهرين، وبسلطة الرومان على أرمينيا، كما تقرر أن تكون مدينة نصيبين مركزاً لتبادل التجارة بين الطرفين.ولهذه الاسباب نستشف بان الثقافتين الفارسية والرومانية كانتا حاضرتين في هذ المدينة ومحيطها وحتى سقوطها بيد الفرس عام 363م. ولا غرابة في ان يكون قدوم مار اوجين وتلامذته سهلا الى نصيبين حيث كانت مصر مقاطعة رومانية وكانت نصيبين ملتقى القوافل الفارسية والرومانية ولا غرابة في ان يكون التاثير المجوسي باقيا ليس في الحواضرالتي تغلغلت اليها المسيحية منذ القرن الاول وتشكلت فيها مجتمعات مسيحية كبيرة ولكن في القرى المتناثرة في سفوح ووديان جبل ازلا ويذكر لنا المؤرخ الكبير توما المرجي في كتابه الرؤساء في صفحة ١٤٣ الى وجود المجوسية في منطقة مركا الموصل حتى القرن الثامن في زمن الجاثليق يعقوب الثاني ( ٧٥٤-٧٧٣) و ما قام به الطوباي مارن عمه ( ܡܵܪܲܢ ܥܲܡܹܗ ربنا معه ) احد رهبان دير بيث عابى قرب عقرة ( ܒܹܝܬܼ ܥܵܒܼܹ̈ܐ دير الغابات ) الذي اصبح مطراناً لحدياب اربيل لمحاربة الاثمة في بلاد مركا (ܡܲܪܓܵܐ المرج ).نستشف من كل هذا ان موقع المدينة الاستراتيجي كمحطة قوافل جعل اخبارها واخبار اهلها في مُتناول القاصي والداني وكان لظهور هذا الثلاثي مار اوجين وماريعقوب النصييني ومار افرام السرياني على مسرح الاحداث في نصيبين في النصف الاول من القرن الرابع الدور الفاعل والمؤثر في تغيير ديانة ساكني تلك الجبال من نارالمجوسية والوثنية الى نور المسيح فمار اوجين مؤسس الديرالكبير الذي تتلمذ له رهبان كثيرين حتى فاق عددهم على الثلاثمائة عمل وتلامذته على ازدهار المسيحية في تلك الربوع واينما حلوا بفعل ايمانهم وسيرتهم الحسنة والاسقف الغيور ماريعقوب النصييني باني الكنيسة الجميلة في نصيبين حيث عمل بجد لكسب الكثير من الوثنيين لحظيرة المسيح والمعلم الكبير في مدرسة نصيبين والشاعر العظيم مار افرام السرياني انكب على التعليم التأليف ليجعل من نصيبين حاضرة الشرق ومنارة يلتجئ اليها طلاب العلم والحياة النسكية ولا يمر زمن طويل حتى يؤسس احد تلاميذ مار اوجين مار يوحنا الطائي ( ܡܵܪܝ ܝܘܿܚܲܢܵܢ ܛܲܝܵܝܵܐ ) العربي من الحيرة ديره على جبل ازلا ومن ثم القرن السادس ينبلج في سماء نصيبين نجم آخر قام بتجديد واصلاح الحياة الرهبانية ووضع جملة قوانين يسير بموجبها الرهبان هو مار ابراهام الكشكري (ܡܵܪܝ ܐܲܒܼܪܵܗܵܡ ܟܲܫܟܿܪܵܝܵܐ ) الذي بنى ديراً عظيماً وحلّت به نعم كثيرة هي اكبر من توصفها الكلمات وعرف بالدير الكبير لانه الدير الاب لعشرات الذين تشتتوا وملؤا الشرق بالاديار وفي مقدمتهم دير بيث عابي الذي اسسه الربان يعقوب اللاشومي والذي لُقِب بملك الديورة حيث نفذ هذا الدير دوراً محوريا في تاريخ كنيسة المشرق في القرن السابع والثامن والتاسع واصبح مركزا ثقافيا لها حيث اعطى الكنيسة اربعة جثالقة ومبشرين جابوا طريق الحرير حتى الصين ودير الغاب الجميل ( ܥܵܒܼܵܐ ܫܲܦܝܼܪܵܐ ) الذي اسسه ربان سبريشوع ودير ايليا الحيري ( عربي من الحيرة )غربي الموصل ودير اسسه الانبا زخاايشوع وربان ابراهام في داسن واديرة اخرى كثيرة في اماكن كثيرة
وفي طقس كنيسة المشرق ( الكلدانية ) وفي كتاب ܕܩܕܡ ܘܕܒܬܪ لدينا هذه الصلاة الجميلة التي تذكر مجئ مار اوجين ورفاقه الى جبل ازلا.
ܡܼܢ ܟܠܗܹܝܢ ܐܲܪ̈ܥܵܬܼܵܐ ܟܲܢܸܫ ܐܸܢܘܿܢ
من جميع الاراضي جمعهم
ܡܼܢ ܟܘܼܫ ܘܡܸܨܪܹܝܢ ܘܬܹܒܼܵܐܝܣ
من كوش ومصر وثِوائيس
ܒܲܟܲܪܘ ܘܢܲܦܩܘܼ ܩܲܕܝܼܫܹ̈ܐ
بادر وخرج قديسين
ܵܡܵܪܝ ܐܵܘܓܹܿܝܢ ܘܡܵܪܝ ܫܲܠܝܼܛܵܐ
مار اوجين ومار شليطا
ܐܲܪ̈ܕܹܟܼܠܹܐ ܕܥܹܕܲܬܼ ܩܘܼܕܫܵܐ
مهندسي الكنيسة المقدسة
ܥܲܡ ܓܘܼܕܹ̈ܐ ܕܣܵܒܹ̈ܐ ܙܗܲܝܵ̈ܐ
مع زمرة شيوخ طاهرين
ܫܲܒܼܥܝܼܢ ܘܬܼܪܹܝܢ ܛܘܼܒܼܵܢܹ̈ܐ
اثنان وسبعين طوباوي
ܟܹܐܢܹ̈ܐ ܢܟܼܦܹ̈ܐ ܘܒܼܬܼܘܼ̈ܠܹܐ
بررة طاهرين وبتوليين
ܡܵܐܢܹ̈ܐ ܓܒܲܝ̈ܵܐ ܕܐܝܼܩܵܪܵܐ
ادوات مختارة للوقار
ܘܢܲܘ̈ܣܹܐ ܪ̈ܓܼܝܼܓܹܐ ܕܕܲܟܼܝܘܼܬܼܵܐ
وتوابيت الطهارة الشهية.
وفي صلاة اخرى
ܛܘܼܪܵܐ ܕܓܼܒܼܵܐ ܠܹܗ ܐܲܠܵܗܵܐ ܠܡܸܬܲܒܼ ܒܗܹ
الجبل الذي رغب الله ان يُجلِس فيه
ܒܓܼܵܘ ܛܘܼܪܵܐ ܩܲܫܝܵܐ ܕܡܸܪܕܵܐ ܕܗܘܝܘܼ ܐܝܼܙܠܵܐ
في الجبل القاسي التخوم الذي هو جبل ايزلا
ܕܲܥܣܸܩ ܘܲܩܫܸܐ ܘܝܲܒܝܼܫ ܡܼܢ ܟܠ ܛܘܼܪ̈ܝܼܢ ܕܒܼܬܹܒܹܝܠ
الذي هواصعب واقسى واقحل جبال المخلوقة
ܛܲܝܒܿܘܬܼܵܐ ܐܲܠܵܗܵܝܬܐ
النعمة الالهية
ܨܒܼܵܬܼ ܕܬܲܬܼܩܸܢ ܒܹܗ ܓܲܒܼܪܹ̈ܐ ܕܢܘܼܪܵܐ ܘܲܕܪܘܼܚܵܐ
ارتضت ان تُنشئ فيه رجال ملائكة
ܓܲܢܒܿܪܹ̈ܐ ܠܒܼܝܼܫܲܝ̈ ܩܘܼܫܬܵܐ
جبابرة متسلحين بالقداسة
ܘܒܼܢܲܝ̈ ܐܲܡܢܵܐ ܕܡܲܠܲܐܟܼܹ̈ܐ
ومن صنف الملائكة
ܩܲܕܡܵܝܵܐ ܕܟܼܠܗܘܿܢ ܐܝܼܬܼܵܘܗܝ
واولهم كان
ܡܵܪܝ ܐܘܿܓܹܿܝܢ ܚܸܠܐ ܟܘܼܢܵܝܵܐ
مار اوجين ذو اللقب الجميل
ܫܡܹܗ ܣܵܗܹܕ ܥܲܠ ܢܸܨܚܵܢܵܘ̈ܗܝ
واسمه يشهد على سناءه
ܕܡܸܬܼܦܲܫܲܩ ܓܲܒܼܪܵܐ ܛܵܒܼܵܐ
الذي يفسر بالرجل الصالح



ܢܲܡܝܼܪ ܠܘܼܣܸܝܵܐ ܬܸܠܟܸܦܢܵܝܵܐ
Michigan U.S.A
6/29/2020


26

الحُب لايمكن نسيانهُ
El amor no se puede olvidar

ترجمة: نمير لوسيا


من القصائد الارجنتينية الرومانسية المغناة هذه القصيدة الرقيقة الثرية بكلماتها التي تسبر اغوار النفس المتألمة من تجربة الحب

Hay amores que no se olvidan
Aunque el tiempo los deje atras
Aunque sin ellos la vida siga..
El amor no se puede olvidar
El amor si fue amor de verdad
هنالك من الحُب ما لا يُنسى
بالرغم من ان الزمن يضعه جانباً
ومع ان الحياة تستمر بدونهِ
فالحُب لا يمكن نسيانهُ
اذا كان ذلك الحُب صادقاً
Hoy de nuevo nos encontramos
Y aunque ya nada es igual
Al despedirnos los dos pensamos...
El amor no se puede olvidar
El amor si fue amor de verdad
اليوم نلتقي من جديد
مع ان لا شي أَمْسَى كما كان
كلانا نعتقد عندما نفترق
ان الحُب لا يمكن نسيانهُ
اذا كان ذلك الحُب صادقاً
Todos tenemos alguien por quien llorar
Todos tenemos alguien que recordar
Por más que ya no esten, aunque no vuelvan más
El amor no se puede olvidar
El amor si fue amor de verdad
لدينا كلنا مَنْ نبكي من اجله
ولدينا كلنا مَن نتذكر
ومع ان الحب لم يعد موجوداً ومع انه لا يعود
فالحُب لا يمكن نسيانهُ
اذا كان ذلك الحُب صادقاً


27
على خُطى المسيح الى اورشليم اثناء دخوله الاحتفالي (احتفال السعانين )
ها قد مضى اكثر من الفي عام على الدخول الملكي للمسيح له المجد لمدينة اورشليم حيث جاء اولاً الى بيت عنايا قرية مريم و مرتا اختا لعازر احدى القرى المحيطة بأورشليم حيث جاء اليها بستة ايام قُبيل الفصح اليهودي ومن ثم زار لعازر وسمعان الابرص ولابد ان المسيح كان قد التقى باحدى القوافل القادمة الى اورشليم لحضور العيد وسار معها الى اريحا اولاً وهناك فتح عيون اعميين وجدّد قلب زكا العشار قبيل انفصاله عنهم وذهابه الى بيت عنايا وتحدثنا الاناجيل كيف دخل المسيح راكبا على جحش كما جاء في الاية لاتخافي يا ابنة صهيون هوذا ملكك آتِ راكباً على جحش ابن اتان تحقياً لنبؤة زكريا بن برخيا .
كان لعيد الفصح عند اليهود مكانة كبيرة نظراً لكونه تذكار لخروج بني اسرائيل من مصر وتحررهم من العبودية ولهذا كان لهذا العيد اهمية كُبرة عندهم اذ كان كثير من اليهود من كل ارض اليهود بالاضافة الى يهود الشتات ياتون الى اورشليم وضواحيها قبيل الفصح ليطهروا انفسهم ويقدموا الذبائح واذ لم يكن لكثير منهم مكان حيث يقيمون فكانوا ينصبون خيامهم على جبل الزيتون ومن هنا ندرك احتفال الناس الهائل عند دخول الميسح لاورشليم حيث يذكرالانجيلي لوقا ولما قَرُبَ من منحدر جبل الزيتون اخذ جماعة التلاميذ وقد استولى عليهم الفرح يسبحون باعلى اصواتهم
تبارك الملكُ الآتي باسم الرّب
السلام في الارض والمجدُ في العُلى
لابد من الاشارة الى ان اليهود كانوا يرتلون في عيدي المظال والفصح بعض المزاميرولهذا رنموا اثناء دخول المسيح لاورشليم اوشعنا ( يا رب خلص ) مبارك الآتي بأسم ارب ايماناً منهم بأن هذا المزمور ( 25-118) يشير الى المسيح .
من المرجح ان هذا الفصح كان الفصح الرابع للمسيح ولابد انه كان هنالك الكثير من عامة الشعب اليهودي ممن سمعوا خبر مجيئه من الوف اليهود الذين قدموا من اريحا مع المسيح الى اورشليم لحضور العيد او ممن رأوه في الاعياد السابقة ورغبوا في مشاهدته . ففي الايام التي سبقت الفصح كانت قرية بيث عنايا التي لا تبتعد سوى ثلاثة كيلومترات عن اورشليم مزدحمة بالحجاج الذين رغبوا في مشاهدة انسان عاش ( اشارة الى لعازر ) بعد ان مكث اربعة ايام في القبر.
لم يقبل المسيح قُبيل احتفاله بالفصح الاخير في حياته الارضية باكرام الناس له او تنصيبه ملكاً لكن لمّا جاءت ساعة موته اراد ان يجذب اليه الجميع ليسألوه عن غاية موته ثم يؤمنوا به مصلوباً.
انفرد الانجيلي لوقا بذكر بكاء يسوع على اورشليم قبيل دخوله لها ولم الاحظ اشارة اخرى في الانجيل لبكاء المسيح سوى قبيل اقامة لعازر من الموت فيقول :
(ولما اقترب فرأى المدينة بكى عليها وقال : ليتك عرفتِ انتِ ايضاً في هذا اليوم طريق السلام ولكنه حُجِبَ عن عينيك . فسوف ياتي يوم يلفك اعداؤك بالمتاريس ) .
وانني اتسأل الان هل ان المسيح واقفاً اليوم امام كل مدينة موبؤة يبكي كما بكى على اورشليم قائلا لنا جميعاً ليتنا عرفنا طريق السلام ولكنه حُجِبَ عن عيوننا فالرغبة في صلب المسيح لازالت متقدة في صدورنا بعد مرور اكثر من الفي عام بل اننا لازلنا نصلبه كل يوم على صليب انانيتنا وشهواتنا


28
تراتيل الصباح
من التراتيل الصباحية الجميلة والغنية بمفرداتها التي تواكب كل احوال الانسان المؤمن الذي ينظر الى السماء كل صباح حيث يكمن الله القدير سائلاً العلي ان يغدق عليه بنعمه ومراحمه ليتنعم بنهار جميل تنعشه نسائم ربانية وتعطره تلك القدسية التي تحل المكان حيث تحل روح الله فيحل الامان والسلام ليملئان قلب المؤمن بفرح داخلي وطمآنينة يبعدان عن خلجات قلبه كل قلاقل الحياة اليومية العابرة.
هذه الترتيلة الصباحية الطقسية من ( ܬܸܫܡܸܫܬܵܐ ܕܨܲܦܪܵܐ ܕܝܵܘ̈ܡܵܬܼܵܐ ܫܚܝܼܡܹܐ ) رتلها ابائنا واجدادنا منذ مئات السنين ومنذ ان نُسِقت الطقوس في عهد الجاثليق ايشوعياب الحديابي ( 647- 660 ) والى العهد القريب الذي تخلينا فيه عن الكثير من الصلوات والتراتيل الجميلة عندما ركبنا قطارالحداثة فضاعت هذه الكنور الثمينة في محطات التغيير .
يسعدني ان اقدم لكم الترتيلة الاصلية باللغتنا الآرامية مع ترجمتها العربية .
ܒܡܲܕܢܵܚܲܝ̈ ܨܲܦܪܵܐ ܠܵܟܼܘܼ ܡܲܪܝܵܐ ܡܫܲܒܚܝܼܢܲܢ
في مشارق الصباح لك يا رب نمجد
ܕܐܲܢ̃ܬܘܼ ܦܵܪܘܿܩܵܐ ܕܟܼܠ ܒܸܪܝܵܬܼܵܐ فانت خالق كل البشر
ܗܲܒܼܠܲܢ ܒܚܢܵܢܵܟܼ ܐܝܼܡܵܡܵܐ ܕܲܡܠܸܐ ܫܲܝܢܐ
اعطنا بحنانك نهاراً مليئاً بالامان
ܘܲܥܒܸܕ ܠܲܢ ܫܘܼܒܼܩܵܢܵܐ ܕܲܚܛܵܗܹ̈ܐ
واحسن الينا بمغفرة الخطايا
ܣܲܒܼܪܲܢ ܠܵܐ ܬܸܦܣܘܿܩ
لاتخيب رجاءنا
ܘܬܲܪܥܵܟܼ ܒܐܲܦܲܝ̈ܢ ܠܐ ܬܹܐܚܘܼܕ
ولا تغلق بابك بوجهنا
ܘܲܒܼܛܝܼܠܘܼܬܼܵܟܼ ܡܸܢܲܢ ܠܵܐ ܬܸܟܼܠܸܐ
ورعايتك لنا لا توقِفْ
ܘܐܲܟܼܡܵܐ ܕܫܵܘܹܝܢܲܢ ܐܲܠܵܗܵܐ ܠܵܐ ܬܸܦܪܥܲܢ
ولا تعاملنا كما نستحق يا الله
ܕܐܲܢܬ̃ܘܼ ܒܲܠܚܘܿܕ ܝܵܕܲܥ ܡܚܝܼܠܘܼܬܲܢ
لأنك انت الوحيد العالِم بضعفنا
ܙܪܘܿܥ ܡܵܪܲܢ ܒܬܹܒܹܝܠ
ازرع يا رب في هذه المسكونة
ܚܘܼܒܵܐ ܘܫܲܝܢܵܐ ܘܐܵܘܝܘܼܬܼܵܐ
الحب والامان والوئام
ܘܩܲܝܡ ܟܵܗܢܹ̈ܐ ܘܡܲܠܟܹ̈ܐ ܘܕܝܵܢܹ̈ܐ
واقام لنا كهنة وملوك وحكام
ܘܫܲܝܸܢ ܪܵܘܪ̈ܒܼܵܢܹܐ
ووَفّق بين العظماء
ܘܐܲܣܵܐ ܟܪ̈ܝܼܗܹܐ ܘܛܲܪ ܠܲܚܠܝܼܡܹ̈ܐ
اشفِ المرضى واحفظ الاصحاء
ܘܚܲܣܵܐ ܚܵܘ̈ܒܹܿܐ ܕܟܼܠܗܘܿܢ ܒܢܲܝ̈ܢܵܫܵܐ
واغفر ذنوب جميع البشر

29
نفحات ميلادية عذبة من الادب الميلادي المشرقي
ܫܘܼܒܼܚܵܐ ܠܗܵܘܿ ܕܦܲܪܩܲܢ
المجدُ للذي خلصنا
ܒܝܲܠܕܵܐ ܕܡܼܢ ܡܲܪܝܲܡ
بمولود من مريم
ܘܝܲܗܒܼܠܲܢ ܕܢܸܫܬܵܘܬܲܦ ܥܲܡܹܗ ܒܡܲܠܟܘܼܬܼܵܐ
ووهبنا ان نتشارك معه في ملكوته
ܪܘܵܡܹܗ ܕܡܵܪܹܟܿܠ ܠܵܐ ܡܸܬ̇ܕܪܸܟܼ ܡܼܢ ܟܠ
رفعة الكل وغيرمفهوم من الكل
ܘܣܵܟܼܹܗ ܒܬܲܪܥܝܼܬܼܵܐ ܠܵܐ ܡܸܬܿܬܿܨܝܼܪ ܕܲܟܼܡܵܐ ܗ̃ܘܼ
ولا يمكن تصورهُ كما هو بحدود العقل
ܪܵܘܡܵܐ ܗܘܼ ܕܦܘܼܪܫܵܢܵܐ ܕܗܘܼ ܒܹܗ ܡܫܲܠܲܛ ܗܘܼ
هو مبدأ لحكمة التي بها هومتحكم
ܙܵܥܲܪ ܘܬܼܘܒܼ ܝܵܪܹܒܼ ܟܕ ܫܘܸܐ ܗܘܼ
يصغر ثم يكبر مع انه متساوي
ܘܟܲܕ݂ ܠܲܝܬ ܠܗܹ ܣܵܟܼܵܐ ܐܲܝܟܼ ܗܵܘܿ ܣܵܟܼܵܐ ܠܹܗ
وبالرغم مِن ان لا نهاية له الا انه يبدو كمن له نهاية
ܒܪܝܼܟܼ ܕܲܩܦܲܣ ܛܵܘܪܹܗ ܕܲܢܡܲܥܲܢ ܨܹܐܕ݂ܵܘܗܝ
مبارك الذي اختصر بُعده لكي يوصّلنا عنده
ܠܵܐ ܓܹܝܪ ܐܝܬܼ ܐܲܬܼܪܐ ܕܟܼܵܪܹܟܼ ܘܚܵܒܹܫ ܠܹܗ
ليس هنالك مكان يُحيطهُ ويَسَعهُ
ܘܐܵܦܠܵܐ ܐܝܼܬܼ ܥܘܼܡܩܵܐ ܕܒܼܵܨܐ ܘܣܵܦܹܩ ܠܹܗ
وليس هنالك غور يستطيع ان يستقصيه وان يستوعبه
ܪܲܒܵܐ ܗܝܼ ܐܝܼܬܼܘܼܬܹܗ ܟܸܢ ܐܲܒܼܵܗܘܼܬܹܗ
عظيمة هي ازليته وكذلك ابوته
ܚܵܒܼ ܘܐܸܙܕܟܼܝ ܐܲܬܼܪܐ
خاب وانتصر المكان
ܘܡܸܕܥܵܐ ܘܐܲܝܟܲܢ ܕܠܲܝܬ ܐܲܬܼܪܵܐ ܕܣܵܦܹܩ ܠܐܝܼܬܼܘܼܬܼܗ
والمعرفة وحيث لا يوجد مكان يستوعب ازليته
ܪܥܝܵܢ ܡܲܢ ܢܸܣܦܲܩ ܕܢܸܒܼܨܐ ܐܲܒܼܵܗܘܼܬܹܗ
فِكرنا هو من يستوعب ان يختبر ابوته


30
ترتيلة ميلادية مشرقية
ܐܲܠܵܗܵܐ ܒܪܲܚܡܹܐ ܕܲܩܢܹܝܬ̇

يا الله بالمراحم التي إمتلكْتَ
ܡܸܬܼܪܲܟܼܢܲܬ̇ ܨܹܝܕ݂݂ ܥܲܦܪܵܢܹ̈ܐ
انحنيت الى الذين هم من التراب
ܐܲܝܟܼ ܪܵܚܹܡܢܵܫܵܐ
كرحيم للبشر
ܝܵܕܲܥ ܫܹ̈ܐܠܵܬܼܵܐ ܩܕܼܵܡ ܕܢܹܬܼܒܲܥ̈ܝܵܢ
يعرف الطلبات قبل ان تُطلب
ܘܩܵܕܹܡ ܒܝܼܕܲܥܬܹܗ ܠܟܼܠ ܣܘܼܥܪܵܢܝܼܢ
ويَسْبِقُ بمعرفته لكل افعالنا
ܡܫܲܚܠܸܦ ܥܸܕܵܢܹ̈ܐ ܐܵܦ ܙܲܒܼܢܹ̈ܐ
يُغيير الاوقات والازمنة
ܘܠܵܐ ܓܵܠܹܙ ܡܼܢ ܡܬܼܘܿܡ ܠܐܲܪ̈ܥܵܢܹܐ
ولا يَحرُمْ الآرضيين منذ الآزل
ܡ݂ܼܢ ܛܵܒܼܵ̈ܬܼܵܐ ܕܡܵܘܗܲܒܼܬܹܗ
من حسنات هِبته
ܚܵܐܲܪ ܐܲܢ̃ܬ̇ ܓܹܝܪ ܘܚܵܙܹܝܬ̇ ܡܵܪܝ ܠܚܲܛܵܝܹ̈ܐ
تنظر يا رب الى الخطاة وترى
ܘܡܲܗܡܸܐ ܐܲܢ̃ܬ̇ ܕܹܝܢ ܐܲܝܟܼ ܛܵܒܼܵܐ ܒܣܘܼܪܚܵܢܲܝܢ
وكالصالح تتغافل عن ذنوبنا
ܡܸܛܠ ܕܲܠܵܗܵܐ ܐܲܢ̃ܬ̇
لانك انت الله
ܘܲܒܼܪܲܚܡܲܝܟ ܡܸܬܼܪܲܟܼܢܲܬ̇ ܨܹܝܕ݂݂ ܥܲܦܪܵܢܹ̈ܐ
وبمراحمك انحنيت الى الذين هم من التراب
ܐܲܝܟܼ ܪܵܚܹܡܢܵܫܵܐ ܡܵܪܹܟ̇ܠ ܫܘܼܒܼܚܵܐ ܠܵܟܼ
كرحيم للبشر رب الكل المجد لك


31
نسمات ميلادية من وحي ملافنة كنيسة المشرق‬



في هذه الايام المباركة يشرق علينا زمن الميلاد بدفئه وحرارته حاملاً معه عطراً سماوياً يملأ ارواحنا بالغبطة والفرح ، وبعيداً عن كل ما يرافق هذا العيد من طقوس وما اُحيط به من عادات مادية تجارية حملته بعيداً نوعاً ماعن ذلك الفرح الفطري وتلك السعادة والطمأنينة التي يختبرها الانسان عندما يتحرر من الارضيات مع ذلك الذي سوف يدعونا لمشاركته في ملكوته ، وفي زمن اختفت فيه تلك النجمة الميلادية التي بزغت في ظُلمة سماء الانسان نتجة للأضواء الاصطناعية الكثيرة التي ملأت سماء الانسان المعاصر، حملني الشوق بعيدا عن تلك المباهج العصرية التي ترافق العيد نعم حملني الشوق الى تلك الازمنة الغابرة باحثاً عن نسمات ميلادية مشرقية وعندما استنشقت عطر الميلاد في صلاة عيد الميلاد ارتأيت ان اترجم هذه الترنيمة من الادب الميلادي التي كتبت بقلم وفكر من اشرق الله في اعماقهم تلك النورالالهية فتركوا مباهج العالم الزائلة باحثين عن ذلك السر الكامن وراء نجمة الميلاد الذي يجسد التدبيرالالهي في خلاص البشرية. فالميلاد ليس قصة عابرة في تاريخ البشرية بل البشرية بمجملها هي قصة عابرة في تاريخ الخلاص الالهي الذي ابتدء بتلك الليلة الميلادية وبتلك النجمة التي بزغت في سماء ظُلمة الانسان مُبشرةً بعهدٍ جديد من العلاقة البنوية الابوية ما بين الانسان والله. فالنجمة الميلادية لم تكن سوى علامة على ان الذي ولد اليوم هو نجم البشرية الذي سوف يُضيء ليلها فتدرك معه سر الحياة وقصة الانسان.
ܫܸܡܫܵܐ ܦܲܐܝܵܐ ܘܲܪܓ݂ܝ݂ܓ݂݂ܵܐ
شمسٌ جميلة وشهيّة
ܕܢܲܚ ܒܡܵܘܠܵܕ݂ܹܗ ܕܡܵܪܵܐ ܕܟ݂ܠ
اشرقت بميلاد رب الكل
ܕܒ݂ܚܫܘܿܟ݂ܵܐ ܝܵܬ݂ܒ̇ܝܢ ܗܘܵܘ ܢܘ݂ܗܪܵܐ ܪܲܒܵܐ ܕܢܲܚ ܠܗܘܿܢ
نورعظيمة اشرقت على الذين كانوا يسكنون في الظلام
ܘܪܵܘܡܵܐ ܘܥܘܼܡܩܵܐ ܒܹܗ ܚܵܕܝܹܢ
السماء والارض فرحتا به
ܘܚܫܟ݂ܵܐ ܕܡܵܘܬܵܐ ܒܹܗ ܐܸܫܬ̇ܪܝ݂
وظلام الموت زال به
ܘܗܵܐ ܡܲܣܩܢ̈ ܟܠ ܒܸܪܝܵܬ݂ܵܐ
والمخلوقات جميعها ترفع
ܬܸܫܒ̇ܘܿܚܬܵܐ ܠܐܲܒܼܵܐ ܕܫܲܠܚܹܗ
المجد للاب للذي ارسل
ܘܦܲܪܩܹܗ ܠܓ݂ܼܢܣܵܐ ܕܡܵܝܘܿܬ݂ܹ̈ܐ
وخلص جنسنا المائت
ܡ݂݂ܼܢ ܫܘܼܥܒܵܕ݂ܗ̇ ܕܚܛܝܼܬܼܵܐ
من استعباد الخطيئة
ܘܥܲܘܕܹܗ ܝܵܪܬܵܐ ܒܡܲܠܟ̇ܘܼܬܼܵܐ
وجعلنا ورثة بملكوته
ܒܚܲܝܹ̈ܐ ܚܲܕܬܼܹܐ ܕܠܵܐ ܡܫܬ̇ܪܹܝܢ
بحياة جديدة غير فانية
ܬܵܘ ܟܠܲܢ ܐܲܟܼܚܕ݂
تعالوا جميعاً سويةً
ܢܝܲܩܲܪ ܒܲܚܦܝܼܛܘܼ
نكرم بأبتهاج
ܠܝܵܘܡܵܐ ܕܡܵܘܠܵܕ݂ܹܗ ܕܲܡܫܝ݂ܚܵܐ ܡܲܠܟܲܢ
ليوم ميلاد المسيح ملكنا
ܘܢܸܩܥܸܐ ܟܠܲܢ ܘܢܹܐܡܲܪ
ونهتف كلنا ونقول
ܬܵܘܕܝ݂ܬܼܵܐ ܠܵܟܼ ܒܲܪ ܡܵܪܹܟ̇ܠ
الشكر لك يا ابن رب الكل


32
ترتيلة ميلادية مشرقية
ܨܸܡܚܵܐ ܕܲܨܡܲܚ ܒܓ݂ܼܵܘ ܝܼܗܘܼܕܼ
الشُعاعُ الذي اشرق في اليهودية
ܘܐܲܦܨܚ ܠܬܼܹܒܹܝܠ ܡܼܢ ܙܝܼܘܹܗ
وافرح الخليقة ببهائه
ܘܐܲܙܝܼܥ ܐܸܢܘܿܢ ܠܲܡܓܼܘܼ̈ܫܹܐ ܕܢܹܐܬܼܘܿܢ ܠܐܝ݂ܩܵܪܹܗ
زعزعَ المجوس الذين جاءوا لأكرامه
ܘܐܲܝܬ̇ܝܘ ܠܹܗ ܩܘܼܪ̈ܒܵܢܲܝܗܘܿܢ
فاحضروا له هداياهم
ܕܲܗܒܼܵܐ ܘܡܘܼܪܵܐ ܘܲܠܒܼܘܿܢ̃ܬܵܐ
ذهبٌا ومُّراً وبخوراً
ܕܲܗܒܼܵܐ ܐܲܝܟܼ ܕܲܠܡܲܠܟܵܐ
ذهبٌاً كما للملك
ܘܲܠܒܼܘܿܢ̃ܬܵܐ ܐܲܝܟܼ ܕܠܲܐܠܵܗܵܐ
وبخوراً كما لله
ܘܡܘܼܪܵܐ ܕܲܡܒܲܕܲܩ ܥܲܠ ܚܲܫܹܗ ܘܡܵܘܬܹ̇ܗ ܕܲܚܠܵܦ ܦܘ݂ܪܩܵܢܲܢ
ومُرّاً حيث يتنبأ عن حزنه وموته من اجل خلاصنا
ܫܘܼܒ݂ܚܵܐ ܠܪܲܚܡܲܝܟ ܣܲܓ̇ܝܹ̈ܐܐ
المجد لمراحمك الكثيرة
ܕܐܸܬ̇ܬܲܚܬ̇ܝ݂ܬ̇ ܘܦܪܲܩܬ̇ ܠܓ݂ܼܢܣܲܢ ܡ݂ܢ ܛܘ݂ܥܝܲܝ
انحدرت وخلصت جنسنا من الضلال


33
المنبر الحر / رذاذ الحب
« في: 14:46 16/11/2019  »
رذاذ الحب
لطالما رافق الحب الانسان منذ نشأته فأنغمس فيه وشرب وسكر من خمرته واذاك تحرر من القيود المجتمعية والتقاليد السارية فاطلق العنان لمشاعره وعواطفه شعراَ وادباَ لتغوص في أعمق اعماق بحار ذاته لتجول وتبحث عن اجمل ما يعبَر عن خلجات قلبه في خضم الموجات التي تعتريه في بحر الحب الهائج فتأتي بدُرر ولآلئ من انبل مناجم ومكامن روحه المعذَبة فَتُتحِفْ النفس البشرية بأجمل نفائسها .
يسعدني ان اقدم لكم ترجمتي لاحدى القصائد المغناة بصوت المطرب والمؤلف الاسباني الكبير
( Jose Luis Perales) في رائعته الحب ( El amor )
لنتعرف على الطريقة التي تعبر بها الشعوب الاخرى عن الحب وبالرغم من ان الترجمة الى اية لغة اخرى قد لا تعطي نفس الوقع والتاثير الذي احدثته القصيدة الاصلية في لغتهم فمن المفيد ان نستمتع ببعض ارتداداتها ايضاَ .
El amor,
Es una gota de agua en un cristal,
Es un paseo largo sin hablar,
Es una fruta para dos
الحب قطرة ماء في قدح
الحب طريق طويل بلى كلام
الحب ثمرة لشخصين
El amor, es un espacio donde no hay lugar
Para otra cosa que no sea amar,
Es algo entre tu y yo.
الحب فضاء عندما لايكون هنالك مكان
لاي شيء آخر ليس الحب
الحب هو شيء ما بيني يبينك
El amor es llorar cuando nos dice adiós,
El amor es sonar oyendo una canción,
El amor es besar poniendo el corazón,
Es perdonarme tu y comprenderte yo
الحب بكاء عندما يكون هنالك وداعاً بيننا
الحب هو ان نحلم ونحن نستمع لأغنية
الحب تقبيل بأحساس
الحب ان تغفرلي وان اتفهمك انا
El amor es parar el tiempo en un reloj,
Es buscar un lugar donde escuchar tu voz,
El amor es crear un mundo entre los dos,
Es perdonarme tu y comprenderte yo
الحب هو توقيف الزمن في ساعة
الحب هو البحث عن مكان حيث استطيع ان اصغي لصوتك
الحب هو خلق عالم بين الحبيبين
الحب هو ان تغفر لي وان اتفهمك انا
El amor, es una boca con sabor a miel,
Es una lluvia en el atardecer,
Es un paraguas para dos.
الحب هو فم بطعم العسل
الحب هو مطر المساء
الحب مَطَريّة لأثنين
مطرية = ما يقي الانسان من المطر حيث يستعمل الاسبان مصطلحين للمظلّة ( umbrella )
Paraguas = ضد الماء وهنا سميتها مَطَريّة
Parasol = ضد الشمس وهي المظلّة


34
هَمَسَاتْ ليل الخريف
طّل الخريف سريعاً ولبَسَت الارض حِلَتها الجديدة بألوانها الزاهية التي تُظهر جمال وبصمات فنان الطبيعة الاول ، ولَبَسَت السماء حلّتها البيضاء والرمادية وتبدّلت الاهواء ومن حين لآخر بدأت تهبُ تيارات قوّية باردة تدك جدران البيوت واسطحها وفي ذات الوقت بدأت ظُلمة الليل تزدادُ رهبتها فتهوى امام جَبَروتها ساعات النهارالخجولة في صراعٍ تتبدل فيه موازين القوى بأنتظام تبعاً للفصول والمواسم وفي صراعٍ مستمر لم تُحسم فيه الغلبة لأي منهما منذ ان ألقت الشمس بأولى إطلالاتها على وجه الأرض حينما كانت الأرض باردة خاوية خالية وروح الله تُرفِرفُ على وجهها. في ذلك اليوم الخريفي كانت ساعات النهار قصيرةً وباردة والشمس بدت بعيدة وخجولة اذ كانت منزوية خلف سُحُب كثيفة تحجب روحها الجميلة واشعتها الدافئة عن عشاقها في هذا الفضاء اللامدروك ، أقبل الليل سريعاً وعاد توما الى بيته مع دابته بعد يومٍ طويل امضاه في الحقول وما ان دخل عتبة الباب حتى نادته امه سْيّا باسمه توما توما اغسل يديك ورجليك فالعشاء حاضر اذ كانت قد اعدت للعشاء طبقاً من العدس الحار وبعض المقبلات من خبز الرقاق الجاف والزيتون الاخضر وبعض مخلالات الشلغم والشوندر بعصيره اللذيذ ، وعلى نور الفانوس الزيتي الذي كانت السنة لهيب الفتيل تتراقص بوتيرة يتغير معها النوربين جدران تلك الغرفة المُعتمة تناولت الوالدة وإبنها العشاء وتقاسما الزاد والطمأنينة ، فقد كان توما كل عالمها بعدما اخذت الاقدار زوجها وابنها زيّا وكانت هي كل عالمه ففي ذلك البيت البسيط وتلك الغرفة البسيطة الكامنة فوق السرداب جلسا حول مدفئة الفحم يتسامران ويكسران صمت الليل ومن حين لاخر ينصتا الى همسات الليل وهما يتناولا بعضاً من السفرجل والبلوط المشوي الى ان اجتاحت اجسادهم المرهقة موجة النوم فرقد كل منهم في سريره وصلى قبل ان تركب نفوسهم قطار النوم وليس في نفس كل منهم امنية وسعادة اعظم من ان تلتقي عيونهم في محطة الفجر القادمة قبل انبلاج الصباح ليكملا رحلة قطار الحياة القادمة سويةًً.


35
المنبر الحر / في دروب الحياة
« في: 21:10 10/06/2019  »
في دروب الحياة
ما الحياة سوى ايام تعقب ايام وسنين تعقب سنين والعمر يتقدم بنا ويقطع كلُ منا اشواطاً من الحياة فيشتد عودنا ويتسع ادراكنا وتتنوع مشاعرنا نمر على قارعة طريق الحياة فتأسرنا مشاهد الحياة ، تسعدنا المواقف النبيلة وتؤلمنا المواقف الحزينة ، تطربنا موسيقى الفرح وتحملنا الحان الشجن الى بحيرات الدموع فنتحسس عمق انسانيتنا نتذوق الفرح ونختبر الألم وتتقاذفنا امواج الحياة بين بحر اليأس وشاطئ الامل . ما الحياة سوى دموع تتدفق من اعمق اعماق الانسان كلما تعرضت اسس اركانه لهزات وزلازل وما الحياة سوى لحظات مغمورة بالسعادة تنتاب النفس البشرية فتجتاح كل جوارحها وتغمرها بخمرِ تنتشي منه كل ثنياها في كل مفترق طرق الحياة وعندما يتحقق آمل ما في ارض الواقع فيختفي من حلبة صراع الحياة وما بين هذا وذاك مشاعر ناقصة بلا الوان واحاسيس غير مكتملة بلا عنوان تسقط من ذاكرة الانسان. تارة نحلم ونعشق الحياة ونتذوق الجمال وطوراً نحزن ونبكي ونتألم ونعاني من الوجود. آملُ يبتلعه يأسُ ويأسُ يمحوه آمل وصراعُ تتجدد فصوله في كل الايام .حلمُ يتحقق وينتهي دوره في حلقة الصراع وآملُ جديد يطفو باحثاً عن فرصة له في ذاكرة الزمان لكي تتحقق طموحُات الانسان الواحد تلو الاخر من دون توقف ولا دوران. عجيبُ هو الانسان ياتي بغفلة من الزمان فيطفو على بحيرة الوجود ردحاً من الزمان يجابه الحياة بعنفوان بجسم وعقلٍ يكبران مع الايام بتفاهمُ وأنسجام ومن ثم يفترقان في طريقين مختلفين لا يلتقيان وفي الاخير يختفي من المكان ويبقى ذكرى عابرة في سجل لزمان .


36
المنبر الحر / على ضفاف نهر الموت
« في: 22:31 02/06/2019  »
على ضفاف نهر الموت
عندما بدأت نجوم ليله تنهار الواحد تلو الاخر انهارت معها كل بهجات الحياة الحسية فادرك عندئذٍ انه ماضٍ في رحلة العودة عبر بحر من الظُلمات وعبر فضاءٍ غير مدروك الى ذلك المنبع الذي بزغت منه اولى الانوار التي بّدَدَت الظُلمة والتي واشرقت معها اولى تباشير الحياة . ففي ذلك الليل الطويل   بصمته العميق وبسكينته المُوحِده اجتاحت جسده الهزيل ونفسه المُرهِقة هواجسُ وقلاقل كثيرة سرقت منه الطماٌنينة وغاص في نوم عميق . كانت تلك بِضعُ سُويعاتِ خارجةِ عن نواميس الحياة فلا فجر يعقب غسق ولا يقظةُ بعد نوم . تراءت امامه مشاهد الحياة وظلال الايام والسنين في ذاكرة الزمان وحلّقت به الافكارالمتشتتة بعيداً وحملته الى مجاهيل واعماق سحيقة بعمق ظلمات الكون فسبحت نفسه في اعماق بحار الضياع المظلمة وطافت روحه في سماء بلا نجوم فبدا وكأن الكون كله مظلم فاجتاحه خوف عظيم وهطلت عليه رَهبةُ هزّت اسس واركان كيانه واذ ذك حاول الهروب غير ان قواه كانت خائرة والطاقة الربانية في جسده كانت آخذة بالنفوذ فتذكر ماكتبه القديس يوحنا في سفر الرؤية فكن اميناً حتى الممات وانا اعطيك اكليل الحياة والغالب لا يُدركه الموت الثاني وعلى حين غرةٍ اشرقت في ظلمات ليله نور ربانية بدّدت مخاوفه وهبت عليه نسائم قُدسية انعشت روحه المثقلى بسكرات الموت وبعد صراع مرير بين روحٍ متمردة مع جسد بدأت تتهاوى كل اركانه ، انهارذلك الاتحاد الذي بدأ منذ اللحظة التي بدأت فيها اولى دقات قلبه ومع اول استنشاق تدفقت معه اولى نبضات الحياة واذ ذاك تهاوى ذلك الجسد الزائل وتحررت منه تلك الروح الخالدة التوّاقة للعودة الى الله . تحررت تلك الروح الا انه كان هناك مشاعر لم تتحرر بعد واحاسيس بقت كامنة في الاماكن التي تبلورت فيها وكلمات لم تُنطق دفنت جميعها مع ذلك الجسد المُتهاوي لتُشكل النهاية الغير مقرؤة في قصة الانسان فما بين الحنين الى الله والى الذين سبقوها في رحلة العودة وبين الرغبة في البقاء مع الذين تقاسمت معهم حلاوة الحياة ومرّها كان هناك صراعُ وانين ، المُ وحسرات ، شوقُ ولوّعةُ ، دموعُ وآهات ، صراعُ مثّل بمُجملهِ الم الجنس البشري في كل مفترق طرق الحياة ( ܡܲܦܪܲܫ ܐܘܼ̈ܪܚܹܐ)  ، صراعُ قسّم مشاعره وبدّد افكاره انه رحلة الألم الى اعماق بحار الانسان  السحيقة الى القاع التي لم تطلها الروح حتى حان موعد الرحيل وحين ادركتها الروح ادركت معها اعظم سر من اسرار الانسان .


37
القمر الجميل وحنا السكران
بعد نهارٍ طويل من أنْهُر الصيف الحارة الحارقة باجوائه الجافة وبعد ساعات دّبت فيها الحرارة في بطون الاشياء فغشيت من شدّة الاعياء وانتظرت بشغف ولهفة غياب الشمس خلف الافق ليتستيقظ من بعد ذلك على مسرح الحياة لاعبين جُدد وأهواء جديدة تعيد للحياة روحها المسلوبة . طل المساء وكانت الشمس في طريقها الى الغروب فالقت اخر انوارها الحمراء قبل ان تغيب خلف الافق ومع بداية الغسق بدا الظلام يهطل رويداً رويداً ، ولّفت البلدة ظُلمةٌ كثيفة واطبق عليها سُّكُون عميق ، وبدات مظاهر الحياة تتلاشى قليلاً قليلاً مع تقدم الليل ، وفي تلك الاثناء اجتاحت موجة النوم الاجساد المرهقة واصبح في الامكان من خلال تلك الاجواء الساحرة سماع تراتيل الليل واصوات الليل السرمدية .في الظهر كان حنا قد اخذ قيلولة رغبة منه في الهروب من لهيب النهار وليتمكن من السهر حتى ما بعد منتصف الليل ، اذ لم يكن له ما ينتظره في الغد ، فلقد كان وحيداً بعد ان رحلت عنه زوجته مرتا الى العالم الاخر، وكانت متاعب الحياة وقلاقلها قد اخذت منه الكثير ولم يعد ينتظرمن الحياة ان تغدق عليه في الغد بما يمكن ان يُغّير مسار حياته ولذا كانت لاجواء الليل الصيفية بصمتها العميق وسمائها الصافية وخصوصاً عندما يكون القمر مكتملاً وقعاً خاصاً في نفس حنا فانها تسكره حتى الثمالة حتى قبل ان يحتسي اول رشفة من مشروبه المُفضّل والمُكرّرعلى ايدي مهرة . في تلك الاثناء حضّر حنا كل لوازم السهرة مع القمر الجميل من عَرَقْ مستكي محلي الصنع وجبن ابيض (ܓܘܼܦܬܵܐ ܚܘܲܪܬܵܐ ) و بعض الترعوز المحلي (ܬܲܪܥܘܼܙܹ̈ܐ ) واكمل حنا تحضير كأسه الاولى وبدا يرتشف منها وعيناه لا تفارقان القمر المُكتمل الذي يحمل في معالمه سحراً خاصاً في نفسه فقد كان يبحث عن وجه مرتا الجميل في ذلك القمر المُظئ ، ومن ذلك السطح الصغير ( ܐܸܓܵܪܵܐ ܟܲܪܝܵܐ) والمُسّور بُِستُر قصيرة كان حنا يطل على عالم بعيد غير واضح المعالم الا ان تلك الغشاوة وعدم الوضوح كانت تتبخر اكثر فاكثر كلما تمعّن حنا في الشرب وكان القمر يقترب منه اكثر فاكثر مع كل رشفة تروي جسده المخمور فيستطيع معها عندئذٍ من رؤية زوجته مرتا جالسة فوق تلة صغيرة في ذلك القمر الساحر ويسمعها تناديه حنا تعال يا حنا فانا في انتظارك وتمد يدها نحوه لتاخذه معها. وفي غمرة تلك الاجواء نهض حنا وكله امل وشغف بلقاء مرتا غيرانه فقد الوعي وغّط في نوم ٍ عميق ومع ان مرتا رحلت مع القمر الا انها لم ترحل عنه في احلامه ولم يفترقا حتى القت شمس الصباح باشعتها الثقيلة على وجه حنا المثقل بالسُكُر من رفيق ليله وأنيسه.



38
المنبر الحر / ما قبل الوداع
« في: 22:59 19/05/2019  »
ما قبل الوداع
مرّت ساعات الليل ببطء على سالم الذي كان على وشك الرحيل في ساعات الفجر الاولى .ففي ذلك المساء وقبل ان تختفي الشمس خلف الافق كانت في نفسه رغبة عارمة وهو في مفترق طرق الحياة ان يُلقي نظرة الوداع على كل الأشياء التي لوّنت لوحة حياتهِ في تلك البقعة من العالم فقد كان مدركاً في اعماق ذاتهِ بأن الرحيل ليس الا وجهاً اخر من اوجه الموت الحسّي لالوان ومِسحات سوف تختفي عن حاضره وروائح سوف يندثر عطرها ويزول أريجها من تلك اللوحة الربانية الحيّة التي وجد نفسه فيها على غفلةِ من الزمن . حل الليل وقبل تناول وجبة العشاء الاخيرة مع اهله والتي حرص ان تكون تقليدية رغبة منه في تذكرها قبل ركوبه قطار الهجرة الى محطات العالم النائية والى مجاهيل الحياة ، حضّرت والدته كل مقوماتها من خبز الرقاق ( ܠܲܚܡܵܐ ܕܪܲܩܹ̈ܐ ) المُنّقَع  بالماء وجبن غنم ( ܓܘܼܦܬܵܐ ܕܥܸܪܒܵܐ )ابيض مُملح ومحفوظ في جرة فخارية مع بطيخ محلي  (  ܦܲܛܝܼܚܹ̈ܐ ܕܫܲܡܲܫܬܐ)وبعض الزيتون الاخضرالمدقوق والمُمَلح  ( ܙܹܐܬܼ̈ܐ ܝܲܪܘܼܩܹ̈ܐ) وقبل ان يهُم بتناول العشاء امعن بالنظر اليه مودعاً لونه وطعمه ورائحته في تلك الصفحة الاخيرة من ذلك الفصل من فصول سفر الحياة . ففي ذلك الليل الصيفي استلقى سالم على سريره الخشبي الموضوع فوق سطح البيت تحت قُبة السماء مُتأملاً في نجوم الليل وسمائه الصافية ومُودعاً هَمسات الليل ونسائمه المنعشة فقد كان مُدركاً بان هذا المشهد البانورامي سوف لن يتكرر فلصمت الليل ترتيلته العذبة ولظُلمة الليل رهبتها العميقة ولمنظر السماء الصافية بنجومها البعيدة وقمرها القريب افقها الرباني الذي لا ينتهي ففي هذه الاجواء الساحرة التي ملكت كيانه اراد ان يستمتع بذلك الطقس الالهي المُفعم باصوات الليل السرمدية وبتراتيل السماء الازلية حتى بزوغ الفجر فاغمض عينيه واستجمع افكاره المُتشتة ليتنصت لبرهة الى تلك الالحان الخالدة. مرت ساعات الليل وانبلجت شمس الصباح خجولة ثم مالبثت ان ارتفعت رويداً رويداً والقتْ بنورها وأشعتها الدافئة على البلدة وبيوتها وازقتها معلنة بزوغ فجر جديد في نهاية ذلك الفصل الصيفي حيث يعشق الانسان ان تُلامِس جسدهُ تلك الاشعة المحملة بالحرارة لتضفي على جسده ببعض من الدفئ .وّدّع سالم اهله وحمل حقائبه قبل ان ينطلق في رحلة اللاعودة ، رحلة الألم في محطات العالم النائية ، رحلة كان فيها من حب المغامرة من اجل مستقبل افضل اكبر من كل هواجس الخوف من مجاهيل الحياة .التحق بالباص المغادر وتحضر للرحيل الا ان جزاً من روحهِ ابت ان ترحل بقت هناك ترفرف حول الامكان التي تركت فيها اهل واحباب واصدقاء . وما ان انطلق الباص حتى القى سالم نظرة الوداع وقد كان وداعاً مريراً هزّ اركان كيانه كلها فحنى رأسه نحو الاسفل واجهش بالبكاء عندما ترآى له وجه امه حائماً حوله رافضاً الرحيل فأسف على الزمن الذي فرض عليه الرحيل والفراق ولكنه رفع هامته واثقاً بأن الله الذي جمعه مع امه وهو وحيدها من دون موعد سيجمعه معها يوماً ما ومن دون موعد ايضاً فأنطلق نحو المجهول بثقة.

39
العجوز شمعون والمطر
في ظهيرة ذلك اليوم الشتائي تلبدّت سماء البلدة بالغيوم الكثيفة الداكنة وغطّت سماءها سُحبُ متحركة شمالاً وبدأت التباشير الاولى لعاصفة مطرية تلوح في الافق بداً بالتيارات الهوائية القوية التي سبقتها والتي انطلقت تدك ابنية البلدة واسطُحها وبالجو العام الذي شّلل كل مظاهر الحياة فيها بعد ان توقف الاطفال عن اللعب في الازقة واسدلت الاسواق وهرع الناس الى بيوتهم بأستثناء بعض من اِرتأى البقاء تحت شرفات البيوت . بدأ المطر ينهمر رويداً رويداً وبدأت الرعود تشق الصمت العميق الذي لّف اجواء البلدة ثم ما لبثت ان ازدادت شّدة المطر وكثافته وتَعالَى هنا وهناك اصوات الماء المتساقط من مزاريب الاسطُح فوق ازِقة ضيقة تنتهي بأزقة اعرض يتوسطها مايشبه السواقي . مرت العاصفة وتوقف المطر وانجلت زرقة السماء كانت الساعة قد اشرفت على الخامسة وسُمع صوت ناقوس الكنيسة معلناً اقتراب موعد صلاة المساء ( ܨܠܘܿܬܼܵܐ ܕܪܲܡܫܵܐ ) الذي يرتاده الكبار دوماً . في ذلك المساء ترك شمعون بيته وهرع الى الكنيسة التي لم تكن تبتعد عن بيته كثيراً فوَصَل اليها قبل موعد بدأ الصلاة وجلس وهو مُبلل بما تساقط عليه من مطر من مزاريب عشوائية هنا وهناك كان من صعوبة تجنبها وجلس في ذلك الركن المظلم من الكنيسة بجانب الحائط الشمالي سحيقاً مُكسر القلب اثقلته هموم الحياة ومصاعب الدهر وكان الصمت والسكينة يلفان اجواء الكنيسة ولم يكن هناك انذاك احد غيره فيها لكن الله كان حاضراً تملأ روحه رهبة المكان وظُلُماته وكانت الاجواء كلها قدسية ومكرسة لله ، فلم يرفع شمعون عينيه قط ولم يقل شيئاً بل كان مؤمناً بأنه من خلال ذلك الصمت وتلك السكينة يستطيع ان ينصت الى الله والله ينصت اليه وان النور الربانية لا تملأ المكان الا عندما تبتلعه الظلمة وفي غمرة التأملات تلك حلقت نفسه وطافت في سماء جديدة فأدرك من النور ما لم يألفه ومن السعادة ما لم يدركها فأنتعشت روحه التي لم يُعكِر صفوها الاضواء التي اُنيرت في الكنيسة مُعلنة بدأ الصلاة فرفع هامته وشكر الله بعد ان نال من الزاد الروحي ما اضفى على حياته شيئاً من الفرح ومتسع يستطيع معه الهروب من متاهات الحياة .


40
أدب / ذكريات من محطات الهجرة ‬
« في: 18:34 12/05/2019  »


 ذكريات من محطات الهجرة
( قصيدة رحلَ Se FUE )


ترجمة: نمير لوسيا                                                                                                              

Encadenada a noches de locura,
hasta la cárcel yo iria con él ,
todá una vida no basta sin él
En mi verano ya no sale el sol
con su tormenta todo destruyó
rompiendo en mil pedazos esos sueños
que construimós ayer .
مقيدة الى ليال الجنون
حتى الى السجن اذهب معه
الحياة كلها لا تكفِي بدونه
في صيفي الان لا تشرق الشمس
مع عاصفته كل شي تدمر
مكسراً تلك الاحلام التي بنيناها البارحة
الى الف قطعة
Si existe Diós, debe acordarse de mi
Aúnque sé que entre él y yo
El cielo tiene solo nubes negras
Le rogaré, le buscaré, lo juro, le encontraré
Aúnque tuviera que buscar en un millón de estrellas
اذا كان هنالك إله فيجب ان يذكرك بي
بالرغم من انني اعرف٠٠٠
ان الذي بيني وبينه سماءُ
ليس فيها سوى غيوم سوداء
سوف اترجاه سوف ابحث عنه
اوعده بانني ساجده
بالرغم من انه ينبغي ان ابحث عنه
في مليون من النجمات



..........
 اكثر من عشرين عاماً عمر هذه القصيدة الجميلة
غنتها بالاسبانية المطربة الايطالية لورا باوسينتي 

41
رحلة الحياة العابرة
انتهت رحلة الحياة ، وأنطفى سِراجها ، وتناثرت آخر بقايا نورها في عُتمة ظلام الحياة ، ولم يبقى منها سوى عطر كلمات متناثرة هنا وهناك في ذاكرة الزمان وصور يفوح منها اريج ظِلال الايام والسنين بقت عالقة في مخيلة الاهل والاحباب ومشاهد حياة ما برحت تعود كلمّا حملنا الحنين نحو ماضٍ غدا خبراً في ذاكرة الزمان . رحلةُ بدءت بدمعة من محطة مجاهيل الزمن وانتهت بدمعة في محطة مجاهيل الحياة اللامدروكة ، وبين هذه المحطة وتلك مرّت رحلة الحياة كلمح البصر في معايير الزمان الا ان حيثياتها بقت عالقة في مخيلة راكبها. فما بين دموع الفرح و ودموع الألم التي رافقته في كل تفاصيل تلك الرحلة كان هنالك اشوق وطموح وآمال ، غصّة وحرقة وألم ، فرح وحنين ولوعة ، ذكريات طفولة بريئة فعنفوان شباب فشيخوخة تشكي ما آل اليه الحال . وعلى حين غرة تحملني الذكريات وتنقلني الاشواق في هذا اليوم الى البيت الذي ترعرعنا فيه في محلة شعيوتا ( ܫܲܥܝܘܿܬܵܐ - ܬܸܠܟܹܐܦܹ̈ܐ ) الهادئة واسطحها الدافئة ويتراءى لي بأن الروح قبل ان تبدء في رحلة العودة تمر في الاماكن التي اشرقت عليها اولى نسمات الحياة وتدفقت معها اولى تباشيرالحياة فتزور كل ركن من اركان ذلك البيت وتركن في احدى جنباته طمعاً في استذكار وقفة جميلة او لسماع صدى اصوات احباب فارقوا هذه الفانية لعلها ظلّت باقية بين جدران ذلك البيت العتيق فتنبثق عندئذ في صحراء الذاكرة ينابيع من الذكريات تروي ظمأ الاشواق قبل ان تنطلق في رحلة العودة الى عالم لا تدركه الظلمة ليس فيه من نور سوى وجه الرب .


42
مع التلاميذ في جبل التطويبات
في البدء كانت كلماتٌ القاها الفمُ القُدسيّ على آذان البشرية كلها على جبل التطويبات فأنتقلت من جبل الرب الى وديان الانسان السحيقة عبر اثيرٍ قُُدسي وأهواء معطرة بعطر الفردوس الى اعمق اعماق بحار الانسان فأنارت ظُلماته فأدرك معها جمال ذلك العالم المنسي في مدارك ذاته ، فقد كانت كلمات من سفر الحياة اراد الرب ان يُميط اللثام عن صفحة من صفحات ذلك السفر الإلهي ليتسنى للتلاميذ ان يتعرفوا على تلك الرؤية الإلهية لمسيرة الانسان الارضية . دغدغت تلك الكلمات مشاعرالتلاميذ الجريحة واثلجت صدورهم اذ هطلت تلك الوعود الإلهية على قلوبهم بالآمل والرجاء ، اذ لم تألف الأذن البشرية سماع تلك الكلمات الرائعة من قبل ، ولم يدرك المؤمن الجديد ان انوار الفردوس القدسية لا يمكن بلوغها إلا عبر ظُلمات نفق الحياة . فكل تلك الوعود الربانية بالسعادة الحقيقية في ملكوت الله لابُد ان يسبقها صراعُ بين الروح والجسد ، صراعُ بين طموحات الروح واهواء الجسد ، صراعُ تتجدد فصوله على مدار الايام والسنين من اجل الارتقاء الى الله وكما يقول نيكوس كازانتكيس في رائعته الاغواء الاخيرة للمسيح بأن الصراع بين الروح والجسد هو الواجب الاسمى للانسان الذي يجاهد من اجل بلوغ الذروة الشامخة وهذا الصراع هو تمرد ومقاومة ، مصالحة واستسلام من اجل الهدف الاسمى في الارتقاء مع المسيح . وهكذا فالانسان المُقاوم لا يخشى الألم ، او الغواية ، او الموت لان الثلاثة يمكن قهرهم كما قهرهم المسيح وأمامنا الان نموذج ، نموذج يُضئ دربنا بتألقه ويلهمنا القوة.


43
المنبر الحر / الربيع والقيامة
« في: 06:25 27/04/2019  »

الربيع والقيامة

كان الشتاءُ في طريقه الى الغروب خلف افق الزمان لتشرقُ من بعدهِ شمسُ ربيع جديد في سماء الحياة . شمسُ تبعثُ الروح في جسد كل من كان في سبوت لتبدأ خليقةُ جديدة تحل هذه الارض الطّيبة فتتبدل الاجواء وتتلطف النسائم وتنتعش النفوس. بأطلالة الربيع بدأت ساعات النهار تطول اكثر فاكثر ودفئ الشمس راح يَطُول عروق كل من تطرب روحه مع طلّتها الجميلة وتتراقص ذاته مع اشعتها البهية فتمدها بما تحتاج من إكسير الحياة لتواصل دورها في دوامة الحياة اللامتناهية . رويداً رويداً لبست الارض حلتها الخضراء الجميلة في تلك السهول المتموجة الممتدة على مرمى النظر والتي زاد في رونقها وجمالها مَسَحاتُ حمراء لشقائق النعمان تعالت برشاقتها من بين الخضارفي مجموعات غير منتظمة واخرى صفراء وبنفسجية لزهور برية تناثرت هنا وهناك وبشكل خاص في التخوم والاراضي البائرة ولبست السماء حلّتها الزرقاء الجميلة لتضفي على تلك البانوراما الطبيعية بُعداً جمالياً اضافياً فبدت البلدة وكأنها لوحة ربانية رائعة تتحضر للاحتفال بالربيع لتواكب مشاعرذلك الشعب المؤمن الذي كان في خضم الصوم الاربيعني الذي يسبق الفصح منتظراً فجرالقيامة من ظلمة ليل القبر فكلاهما كانا يترقبان بشوق بزوغ شمس الحياة من بين ظلمات الموت . كانت صلاة الجمعة العظيمة قد انتهت في ذلك المساءالربيعي برهبته وسَكِينته فألبست نفوس اهالي تلك البلدة الحزن والألم وخيّم عليها سَكِينْةُ مملؤة بالصمت العميق وفي تلك الاثناء كان الشعب البسيط المؤمن يتألم جسدياً ونفسياً رغبة منه في مشاركة المسيح عذاباته وآلامهِ وهو في طريق الجلجلة وكثيرون كانوا يعلمون بفطرتهم ان انسانهم القديم ينبغي ان يُصلب مع المسيح لكي يُتلف جسد الخطيئة حتى يكون مؤهلاً لنيل اكليل القيامة .اذاك ترك يوسف الكنيسة متجها الى بيادر البلدة الشرقية باحثاً عن اجواء تُتيح له التأمل في اوجاع والآم المسيح في جبل الجلجلة فقد كانت نفسه مسحوقة حتى الموت اذ حفرت في روحه مشاهد رحلة المسيح المُخضّبة بالدم الى الجلجلة انهار من الالم فقد كان يوسف الشاب اليافع قد فقد والدته منذ مدة قصيرة وكان لفراقها تداعيات كبيرة على حياته اذ كانت ذاته اليتمة تبحث عن بصيص نور في ظلمة ليل الحياة القاسية فوضع أمله وفرحه كله في القيامة وكان مؤمناً في اعماق نفسهِ انه لابد ان تكون هناك فرصة لقاء جديدة في احدى محطات الزمان والمكان اللامحددين في عالم اخر بعيد عن مدارك الانسان فبلغ مزار مارتشموني ( ܡܵܪܬܵܐ ܫܡܘܿܢܝܼ )الذي يلتجئ اليه كل ابناء البلدة المارين من هناك وكانت في نفسه رغبة جامحة في ان يدخل تلك القبة الصغيرة ويصلي بين جنبات جدرانها المقدسة فدخل وصلى فيها ومن هناك واصل مسيره بين الحقول الخضراء حتى وصل منطقة روما عليا (ܪܘܿܡܵܐ ܥܸܠܝܵܐ ) اذّاك كانت الشمس في طريقها الى الغروب فحس فجأة بعزلة شديدة ورغبة كبيرة في مشاركة المسيح كأس خمرة الالام فطل بنظره الى الشمال فأتاحت له السماء الصافية رؤية جبال القوش الشامخة . وفيما هو منغمس في تلك التأملات ترأى امام مُخّيلته المسيح مُثقلاً بصليب انسانيتنا ومُخضّباً بالدم يترتقي جبل الموت وتعالت الى مسامعه تنهيدات المسيح المتألم فحس بألم عميق شق اعمق اعماق كيانه ومن ثم طرقت اسماعه صرخة المسيح الواقف على ضفة الموت إيل إيل لْمَانا شْوَقْتَان اي الهي الهي لماذا تركتني فأجهش في البكاء مدركاً ان المسيح الانسان قد وصل قعر بحرالالام فخيّم السكون والصمت على كل شئ واخيراًً سمع صرخة المسيح الاخيرة يا ابتاه في يديك استودع روحي اذاك استولى عليه الخوف والذعر من ظلال الموت الثقيلة التي اجتاحت المكان فحاول جاهداً الهروب من وعيه الغارق فنهض ونظر بأمل الى الشمس التي كانت تلقي اخر اشعتها الحمراء مدركاً بأن المسيح سيقهر ظلمات القبر كما ستقهر شمس الغد ظلمات الليل.

44

خلف اجنحة الظلام شمسٌ لم تشرُقْ بَعد

ما ان انقضت ساعات المساء حتى بدأ الظلام يهطلُ رويداً رويداً على ذلك الساحل الرملي الدافيء الذي يحيط بتلك البحيرة الخلابة والذي كان ينبُض بالحياة بكل اشكالها قُبيل ساعات فألبس الارض حلتها السوداء بعد ان اختفت الشمس خلف اجنحة الظلام ومع ان الشمس حجبت بغيابها البهجة عن قلوب كثيرين الا ان الظُلمة والسَكِينة اللتان كانتا تلفان صمت الليل بوشاحِ من العُزلة والانفرداية كانتا قادرتين ايضاً ان تمنحا النفس البشرية الساهرة فضاءاً جديداً ينتقل عبره  الانسان في صحراء الحياة المُترامية باحثاً عن واحات ربانية تنال فيها النفس قسطاً من الراحة وعيون تروي عطشها المتجدد دوماً اثناء سبرها اغوار الحياة . كان اندراوس المهاجر وحيداً في ذلك الفندق ذي الطابقين المُطل على ساحل تلك البحيرة الجميلة في تلك الساعات المتاخرة التي تسبق الفجر اثناء عمله الليلي اذ كان الجميع يغطُ في نوم ٍ عميق ومع ان الوحدة كانت سيدة المكان والزمان الا انها مَلكت كيانه الغارق في التاملات فقد كان في رحلة مع مار بولس في رسائله منذ اشهر يقرأ ويتمعن ويرافق هذا الرسول الغارق في محبة المسيح في كل رحلاته الى اعماق بحار الايمان والى الجُزُر البعيدة النائية في محيط ذاته يستكشف المحبة الالهية وذلك الجمال الرباني الكامن خلف افق العيون فتستوقفه كلماته مَن الذي يفصلنا عن محبة المسيح ؟ أشِدّةٌ أم ضيقٌ أم اضطِهادُ أم جُوعٌ أم عُريٌ أم خطرٌ أم سيفٌ ؟ فتهطل تلك الكلمات على ذاته الجريحة بلسماً يشفي جروح الوحدة والضياع في متاهات الحياة وهو في محطات الهجرة في طريقه الى مجاهيل المستقبل فتحرره من كل قيود الخوف والرهبة اثناء سيره في نفق الحياة المُظلم عارفاً بأن النور سيدرك الظُلمة في نهاية المطاف . وفيما كان يطل من النافذة على تلك البحيرة الجميلة قُبيل الفجر ابهرهُ منظر الغيوم الرمادية الداكنة فوقها فبدت وكأنها جبال تجثو فوق صدرها في مشهدِ بانورامي جميل يضاهي جمالها في وضح النهار وفي لوحة لم يكن فيها من الالوان سوى مِسحاتُ من الاسود والرمادي يتنازعان جمال الليل قبل ان يبتلعه نورالفجر .


45
الموت والحياة مع يسوع المسيح

من اعماق بحار الانسان السحيقة المُظلمة التي لم تدركها نور المسيح نظر الى ليل القديس بولس فرأ ى سماءً ينير ليلها نجوم المسيح فشده النور وتعلق بأشعته الجميلة البهية التي ملكت كيانه ومن ظُلمات الموت السحيقة تلك رغب في ان يرتقي ويسلك الطرق الوعرة الضيقة المؤدية الى جبل الحياة . تأمل كثيراً في رسالة القديس بولس الى اهل رومية والى ذلك العنوان الذي لم يرى اجمل منه الا وهو . " الموت والحياة مع يسوع المسيح " فبدأ يلتمس النور وهو يُبدد ظُلمة طرق  الحياة الوعرة المؤدية الى قمة جبل الرب كلما تعمق في خارطة الطريق التي وضعها بولس الرسول الداخل الى سماء المسيح من عُتمة ظُلمة شاؤول الباحث عن نورالله . فألمومن الجديد الذي ادركت ظُلماته نور المسيح لا يستطيع ان يعيش في الظُلمة وهذا ما يُشدد عليه في قوله فأننا نعلم ان انساناً العتيق قد صلب مع المسيح لكي يتلف جسد الخطيئة حتى لا نعود نستعبد للخطيئة . فمن يتحرر من جاذبية الارض الفانية بعد ان يكتسب ميكانيزم روح القداسة اللازمة ويحلق في سماء المسيح سماء القداسة والنور لا يعود الى عتمة ظلمة الارض بل يتوغل اكثر فاكثر في فضاء مسيحي رباني لا تدركه الظلمة ونستشف ذلك ملياً من موقف المسيح مع مريم المجدلية الزانية اثناء محاولة اليهود رجمها اذ قال لها وانا لا احكم عليك اذهبي " ولا تعودي الى الخطيئة " ومن ثم قال انا نور العالم من يتبعني لا يخبط في الظلام بل له نورالحياة  اذاً هي دعوة لكل انسان مؤمن يروم ان يتعقب خطى المسيح ورسله وقديسيه وان يرقي جبل الجلجلة وان يصلب انسانه العتيق المستعبد للخطيئة لكي ينال اكليل القيامة في ان يكون معه . فطريق الجلجلة طويل وشاق ومليء بالتجارب ، طريق يسلكه المؤمن لسنين وسنين ولربما انساناً العتيق الذي كان ينبغي ان يصلب مع المسيح لم يمت وهو حيُ فينا وخيانة الاسخريوطي تتجدد فصولها في حياة كل مؤمن ، نعم انه صراع ابدي بين آلام الصليب وبهجة القيامة ، صراع نعيشه كل يوم في ان نكون معه حتى النهاية او ان نتركه في زمن الاغواء والشدائد . ربما لا نتحلى بشجاعة مار بطرس بالرغم من نكرانه له ولا بوفاء الحبيب يوحنا الا ان الكبوات يجب ان لا تثنينا عن اللحاق بقطار القيامة وساعات الشك في جدوى اللحاق ينبغي ان لا تقتل ساعات الغبطة في مشاركة المسيح بهجة القيامة.


46

مع المسيح المصلوب حتى الرمق الاخير

كانت الشمس قد بلغت مُنتصف النهار عندما طَرقَتْ مَسامِعُ الكون كله صدى ذلك الصراع العظيم الذي كان يَحْتَدِم في مكان ما ، صِراعُ بين جسد يتهاوى في ظُلمات الموت السحيقة وروح فيّاضة تروم العودة الى نور عالمها السماوي ، فقد وصل أنين ذلك القلب المُحتضر الى اعمق اعماق الكون فهزّ اركانهِ كلها وزلزل نظامهِ . وإذ ذاك توقفت نواميس الطبيعة ، فغابت الشمس عن سماء الارض وخيّم عليها الظلام ولفّ الارض والسماء صَمتُ عميق حتى اعمق من الصمت نفسه ، وفي تلك الأثناء رفع المصلوب رأسه ببطء وتلفت فيما حوله فبدا له وكأن العالم قد أُغمي عليه. فقد كانت جروحه تنزفُ رويداً رويداً ومع كل قطرة دمِ تنسال من تلك الجروح التي حفرتها مسامير خطاينا كانت قِواهُ تنهار اكثر فاكثر ومن ثم بدا يفقدُ وعيه وعندما يستعيده يحاول جاهداً استجماع ما تبقى من قِواهُ فيرفع راسه بجهد ويُحملق في تلك الوجوه البأئسة باحثاً عن امهُ والمريمات وعن التلميذ الحبيب وسط ذلك الظلام الذي اطبق على المكان كله آملاً ان تقع عينيه على والدته للمرة الاخيرة فيوصها بان تبقى مع التلميذ الحبيب بعد رحيله واخيراً طالها والتقت العيون التوّاقة ونظر اليها نظرةً مِلّؤُها الحب للبشرية كلها ولتلك الأمومة الجميلة التي غمرت حياته الانسانية والتي حفرت في روحهِ انهاراً من الحب ، ومن ثم انتقل بعينيهِ الى المجدلية فراى في وجهها المضطرب آلم وشقاء الانسانية المعذبة كلها وفي دموعها المُنهمِرَة نور الله المُشرق على وجه الانسان الجديد المُغتسِل بدموع التوبة ومن المجدلية انتقل بناظريه الى التلميذ الوفي الذي رافقه حتى النهاية والذي كان ينظر الى المسيح بقلب مَسحوق ومُحطّم ولكنه مُتأهب لاستقبال الاشارة كما كان دوماً فأومأ اليه المسيح ان يعتني بوالدته ففهم الاشارة ورد عليه بالقبول بأنحناة من راسه عند ذاك بدات انفاس المسيح تتناقص وبدا يقترب من حافة الموت اكثر فاكثرغير انه لم يكُن حاضراً للرحيل فقد كانت في اعمق اعماقه رغبة عارمة في ان تلتقي عيناه مع ذلك القيرواني الذي حمل عنه عبء الصليب فيقدم له الامتنان بلغة العيون على التضامن الذي اظهره معه في الوقت الذي كان فيه بأشد الحاجة الى نظرة صديق يجد فيها عزاء ومؤاساة او الى مَن يُخفّف عنه ذلك الحمل الثقيل لكنه تُرك وحيداً يواجه لَعَنات الموت على الصليب لذا راى في شهامته وشجاعته ومُرافقته له صورة الانسان الجديد الذي صُلبَ إنسانهُ القديم معه والذي مات معه سيحيا معه ايضاً. واخيراً حاول المسيح جاهداً استجماع اخر ما تبقى فيه من قوة لألقاء نظرة الوداع غير ان انفاسه كانت قد نفذت فحَنى رأسه ولفظ الروح .


47
المنبر الحر / زمن الميلاد
« في: 18:56 23/12/2008  »
                        زمن الميلاد
في هذه الايام من كل عام يشرق علينا زمن الميلاد
بدفئه وحرارته , انه تذكار لميلاد اعظم انسان ظهر على
وجه المعمورة , انه تذكار لميلاد انسان تغييرت بميلاده
تواريخ الازمنة في تقاويم الانسان وتبدلت معه معاني
الكلمات في قواميس الحياة , به ابتدء تاريخ الخلاص
البشري وتاريخ التحرير الانساني من الظلمات الارضية,
انه زمن وما اعظمه من زمن, زمن فاق في عظمته كل
الازمنة التى سبقته والتي لحقته, الزمن الوحيد والفريد
الذي تاق الذي قبله لادراكه وتمنى الذي بعده لو ان راه,
به ابتدءت المصالحة بين الله والانسان , ومعه بدأ الانسان زمن بنوته لله , نور اشرقت في اعمق اعماق
ظلمات الانسان , فأدرك من النور ما لم يألفه ابداً ومن
السعادة ما لم يختبرها قط.
ها ان زمن جديد قد بدأ
شمس جديدة اشرقت
ارض جديدة خلقت
انسان جديد ولد
اليوم كل شئ قد تغيير
فوقي سماءُ جديدة
وتحتي ارض جديدة
فأفرحي يا نفسي
وابتهجي يا روحي
كل شئ قد تغيير
فرحة في الارض
وغبطة في السماء
فالسماء لم تعُد سامية
والارض لم تعُد هاوية
الافق لم يعُد بعيد
الافق غدا المسيح
كل شئ قد تغيير
ها اني اسمو وارتقي مع المسيح
ها اني احلق في سماء جديدة
فارى كل الاشياء جميلة
ليس بعيون الانسان بل بمنظار الايمان
فليلي لم يعُد مظلماً
وشتائي لم يعُد بارداًً
كل شئء قد تغيير
فالمسيح غدا شمسي
نوره يبدد ظلمة ليلي
وحرارته تذوب ثلج شتائي.
يسوع الشمس التي اشرقت على الارض في زمن
الميلاد قبل اكثر من الفي عام اشرق علينا الان نحن
ابناء القرن العشرين والواحد والعشرين لنشعر بقليل
من الدفء والحرارة بعد ان اكتنفت حياتنا ثلوج العلم
وحجبتنا عنك غيوم التقنيات الحديثة اضرم النار في
قلوبنا وافكارنا لتشتعل بمحبتك وتتجه كنار صوبك.
نمير صليوا لوسيا
ميشيكن- امريكا


صفحات: [1]