بثلاثون من الفضـة
بقلم: نبيل حليم يعقوب
تــقــديــــم
إن الخيانـة التى إقترفهـا يهوذا الإسخريوطي، ذلك التلـميذ الذى باع سيده "بثلاثون من الفضـة"، والتى جعلته علـماً فى التاريخ كانت ومازالت، على كثرة ما تعرضت له من تحليل ونقاش،سراً غامضاً لا يمكن تعليله أو تأويـله. ولقد إجتهد العديد من مفسري وعلماء الكتاب الـمقدس و اللاهوت فى شرح البواعث الكامنة الـمحتملة، وتعددت آراءهـم فـمن قائل "ليتم الكتاب"كما جاء فى (يوحنا12:17)، أو لأنـه قد "دخل فيـه الشيطان" كما ذُكر فـى (لوقا 3:22ويوحنـا27:13)، وغيرهـا من التفسيرات كالخبث والطمع والحقد والضغينة وضياع الأمل. وفـى هذا الكتيب نتعرض لدافع قد تبنـاه بعض الـمفسرين فى عرض مسرحي على هيئة محاكمة ليهوذا الإسخريوطي والذى دفع بذلك التلـميذ أن يخون السيد الـمسيح. هذا ويحوي الكتيب أيضاً لبعض التأملات الروحيـة، مع إلقاء بعض الضوء على شخصيـة التلميذ الخائن.
أطلب من الرب أن يكون هذا الكتاب سبب بركة روحيـة للجميع.
نبيل حليم يعقوب
لوس أنجلوس فـى مايو 2003
الفهرس
1. ثلاثون من الفضـة
2.من هو يهوذا الإسخريوطي؟
3. مـا الذى نتعلّـمه من حياة الإسخريوطي
4. متى نفعل ما قد فعله الإسخريوطي؟
5. لـماذا خان التلـميذ معلّـمه؟
6. الإسخريوطي التائب
ثلاثون من الفضـة
المشهد الأول- [يدخل مجموعة من الكورس من اماكن مختلفة للمسرح مع موسيقى خفيفة].
الكورس: نحن فى دوامـة..نحن فى خوف وكآبـة
نتلمس شعاع من نور..نتلمس أصداء الكلـمة
ذات يوم سمعنا رنين الصوت الـمسحور فى الجليل
وترددت من الناصري معلنـة: أنـا الطريق..أنا الحق...أنـا الحيـاة
ولـم يكتمل لهـا صدى فقد أتـى من بدد الفرح القليل
عيـن قاتـل..يد خائـن..وقلب عرف النسيان
أتـى من عالـم الغيوب والفناء..من عالم البخور والطلاسم
وحاول أن يُسكت واعظ الجليل وفتى الناصرة
إنـه "الإسخريـوطي"..هذا الفتى الـمدلل حامل الصندوق
حَـلِم بالسحاب والبروق..وتاق للـمُلك والشموخ ولكنه ضلّ الطريق
أيهـا الإسخريوطـي..ايـن أنت؟...أين أنت يا يهوذا؟
مـا قصتـك مع مسيح الناصـرة؟
[يدخل يهوذا متثاقلاً مع موسيقى تصويرية وتُعد موائد محاكمة]
يهوذا: لقد وضح الآن كل شيئ..وضح مصيرنـا الـمحتوم..
أيهـا الـمُعلّم أتعتقد بالأشياء التى يقولونها عنك بأنك الـمسيّا الـمرُتقب؟..
إذن..يجب أن تعلم انهم سيلحقون بك الأذى إن هم إكتشفوا انهم كانوا على خطـأ. انهـم يحسبون أنك الـمسيح الجديد..ولكن إن لـم تكن!!
يجب أن نلزم حدودنـا..نحن محتلون. هـل نسيت إلـى أي حد نحن فى الحضيض. انـى أخشى الرعاع الذيـن يلتفون من حولك..كل أتباعك عـميان وعرج ومرضى..ماذا ستفعل بهم أمام بطش رؤساء اليهود ورومـا؟
انـى أريد لنـا أن نحيـا. أرجوك تذّكر يا معلّم أن فرصتنـا تضيق ساعة بعد ساعـة..سيسحقنـا الرومان..الرومان..أباطرة العالـم..
نـريـد أن نحيـا..نريـد أن نحيــا.
(يدخل بطرس الرسول)
بطرس: ما هى الـمشكلة يا يهوذا؟..ماذا حدث؟..مالـي أراك ثائراً؟
يهوذا: بطرس..بطرس..يجب أن تعرف اننـا سنضيع..ان الغد مليئ بالغيوم.
بطرس: دع الغد لصاحب الغـد.
يهوذا: انـى أريدك أن تصارحني يا بطرس. ماذا يقول الناس عن الـمعلّم؟ انهـا تتضارب أقوالهم. إن كان ايليـا أم يوحنا،أم أرميا النبي، أو أحد
الأنبيـاء، فلا ندري من هـو؟..من هـو؟
بطرس: انـه الـمسيح إبن اللـه الحي
يهوذا: لقد قلت هذا من قبل لـه عندما سألك،وقد طوّبك على هذا قائلاً: ان لحما ودما لم يعلن لك ذلك ولكن اللـه فى السماء أخبـر..ولكن يبدو لـي أن الأمر غريـبـاً ومـحيراً.
بطرس: كيف؟
يهوذا: لـماذا يجمع من حولـه عرج ومرضى وخطأة وعشّارون؟..أتذكر مثلاً تلك الخاطئة التى أتت وسكبت الطِيب عند قدميـه..انـه أمر غريب، وكيف يقبل مثل هذا التـرف؟
بطرس: يهوذا أصمت
يهوذا: إن إعتراضي لو انهم رأوا تلك الـمرأة فـى الـمنزل؟ ماذا قد يظنون بنـا؟،وثـمن هذا الطِيب نحن فى الحقيقة أولـى بـه.. اعنـى فـى الخدمـة.
بطرس: من أنت حتى تنتقدهـا وتنتقد الـمعلّم؟، ومن أنت حتى تزدري بأفعال من دعاك ودعانـا؟
يهوذا: انهم يريدون فقط مجرد عذر لإكتساحنـا جميعـا.
بطرس: تذكّر ما قالـه لك الـمعلّم عندما أعلنت عن إحتجاجك هذا.
يهوذا: نعم أذكره جيداً..جيداً يا إبن يونـا..الفقراء معكم فى كل حين، وامـا أنا فلستُ معكم فى كل حين،وانهـا إذ سكبت هذا الطِيب على جسدي إنما فعلت هذا لأجل تكفينـي. نعم..نعم..أذكر هذا جيداً..الفقراء..الفقراء..
بطرس:الفقراء هـم اخوتنـا
يهوذا: سيظل دومـا هناك فقراء..لقد أتـى العديد من الأنبياء وأصحاب الـمعجزات ولـم نسمع أن شيئاً قد حدث مثل هذا من قبل..طِيب غالـي الثـمن يُهدر عند القدميـن!. آه..وتذكر أنت أيضاً يا بطرس ماذا قال من ان ساعتـه قد أتت وسوف يُسلّم إبن البشر وسيتم كل ما هو مكتوب بالأنبياء،ومن انـه سيموت ويقوم فى اليوم الثالث..
بطرس: طبعا أذكر هذا جيداً..فلقد وبخنـي لأننى حاولت أن أجعلـه لا يردد مثل ذلك الكلام أمام الجميـع.
يهوذا:ووصفك بالشيطان،ومن انك لا تهتم بـما للـه بل بـما للناس. مـا هذا؟..نحن نحيـا للناس الذين إلتفّـوا من حولنـا. مـاذا يُجدي لو تركونـا؟ ..الناس..الناس..الناس هى التى ستعطينـا القوة والـمجد والسلطان..بدونهـم سيضيع مُلكـنـا.
[ يخفت صوت يهوذا وبطرس ويذهبا الى جانب الـمسرح وترتفع
الـموسيقى ويتكلّم الكورس]
الكورس: أيهـا الـمسيح..أيهـا الـمعلّم..يـا إبن داود
أيـن أنت؟..ألـمسنـا يا يسوع..الـمسنا
أنظر الى عينـي..انـي لا أرى
أنظـر إلـيّ..انـى عـاجـز
انظـر إلـى فـمي .. لا أتكلـم
أنظـر إلـى جلدي..انـى كتلة من الدم
أنظـر إلـى كيس نقودي..انـى فقيـر..فقيـر جداً
أنظـر إلـي .. انـي جوعـان..أريد خبزك وسمكك
يـا إبن داود..هـل لك أن تلمس وتشفـي؟
ألا تقبلنـي يا أيهـا الناصري..فـأنـا سامري وأممـي
يـا مسيحنـا الـمنتظر..ألا تدفع لنـا؟..ألا تطعمنـا؟..
ألا تداوي جراحاتنـا؟
ايـن انت؟..ايـن انت ذاهب يا مليكنـا؟
ايـن انت يـا مسيحنـا..خلصّـنا يا إبن داود.
(موسيقى صاخبـة ثم تهدأ، ويقترب يهوذا وبطرس الى المسرح)
يهوذا: انهـم أكثر من خمسين ألفـا يصرخون لك أيهـا الـمعلّم..دعهم يصرخون بولائهم لـك، ولكن أضف لـمسة من كرامتـك وقُد الثورة..قُد الثورة..ماذا ينقص لتقود الثورة وتحررنـا وتُصبح ملكـاً؟..آه وأي ملك أنت ستكون؟!
بطرس: لقد سبق وان قال ان مملكته ليست من هذا العالـم.
يهوذا: (دون الإلتفات لبطرس) معجزة واحدة..معجزة واحدة منـه تسقط القلاع وتهدم قوى الشر ونفوز بالـُملك والـمجد والقوة...ولكن ماذا تريد يا معلّم أكثـر لإقناعك انك حققت إنتصاراً وأنك أصبحتَ ملكاً..لـماذا تقف هكذا عاجزاً..ومـا هو سرّك أيهـا الناصري؟
بطرس: أصمت يا هوذا..انك بدأت تهذى. والآن وداعـاً فسوف ألحـق بالسيد. يهوذا تذّكر أقوالـه جيداً..تذّكـر..لا تنسى (يخرج).
يهوذا: (محدثـا نفسه) أنـى أريدك أن تصنع معجزة واحدة..معجزة واحدة فقط..يرتفع بعدهـا شأنك أكثـر..وستُجبـر حتى رؤساء اليهود لأن ينصبوك الـمسيّا الـمنتظـر..سأذهب للكهـنة ورؤساء الهيكل الآن..نعم سأذهب وأطلب منهم أن يعترفوا بك فهذا سيزيد من قوتهم وقوتنـا . سأجعلهم ينادون فى أنحاء الجليل واليهوديـة بأن الآتـي قد ظهـر..مخلّص إسرائيل قد آتـى..قد آتـى..قد آتـى.
آه..ولكن ماذا لو لـم يستمعوا لقولـي و حاكموك!
أنـا لا أعتقد أن إعتقالك سيكون مشكلة بالنسبة لك ..
أنك ستـمر من وسطهم دون أن تُمس بسوء كما سبق وأن فعلت ذلك فى الناصرة من قبل..
أو..أو..لو حتى نجحوا وعلّقوك على خشبة فهنـا يمكنك أن تظهر قوتك أمام الـجميع وتنزل من على الصليب فيعترفون بأنك الـمسيّا..مخلص اسرائيل.. (يخرج).
....................................
الـمشهد الثانـي: (مقـر قيـافـا رئيس الكهـنة)
( يدخل من طرف الـمسرح كاهنان ومن الطرف الآخر قيافا رئيس الكهنة)
كاهن 1: أيهـا الربـي الـمقدس قيافـا.. اننـا فى إنتظارك..الكتبة والكهنة وكتبـة الشريعة جاءوا كلهم من أجلك.
قيافـا: ليس لدينـا الوقت الكثيـر إزاء الـمشكلة.
( الكورس من الخارج بصوت صياح)
أوصـانـا يا إبن داود...أوصانـا فـى الأعالـي
أنت ملك إسرائيل...أنت ملك إسرائيـل
كاهن 2: أصغ يا سيدي لهؤلاء الرعاع..خدعة أو خدعتان مع أبرص نجس
تقوم الـمدينـة بعدهـا وراء هذا الرجـل.
كاهن 1و2: انـه خطـر..هذا الجليلي خطـر..
كاهن 1: ان الرجل فى الـمدينة يستوحذ الآن على التأييد والـمساندة
قيافـا: انـه يثيـر الشعب علينـا ويجب أن نوقف هذا العبث
كاهن 1و2: انـه خطـر..أنـه خطـر..
كاهن 2: ما العمل إذن فـى أمر هذا الناصري..رجل الأعاجيب؟
كاهن 1: لا جيش معه..لا حرب يقودهـا..لا شعارات يرفعهـا..ولكن جاء بشيئ عجيب فى أقوالـه
كاهن 2: الرحمة..الـمحبة..الآخـاء..السلام..ومحبـة حتى للإعداء !!
قيافا: ان جاذبيتـه تزداد وبعد قليل سيصبح هو الزعيم فى هذه البقعة من البلاد.
كاهن 1: كيف إذن يمكن أن نوقفـه عند حده؟..كيف؟..كيف؟
قيافـا: ان الشعب يتوجـه ملكاً..وذلك أمر يحرمـه الرومان..آه..بسبب رجل واحد سيكون هناك هلاكنـا.
كاهن 2: بسبب رجل واحد النهايـة ستكون لنـا.
كاهن 1: ما العمل إذن؟، وكيف سنعالج أمر ذلك الـملك النجـّار؟
قيافا: كما سحقنـا تماما أمر يوحنا بن زكريـا سابقـاً ..هذا النجّار يجب
أن يموت من أجل الأمـة..هذا الرجـل يجب أن يـموت.
كاهن 1: حتـما يجب أن يـرحـل.
كاهن 2: يجب أن يـموت..يجب أن يـموت.
الكورس من الخارج: أيهـا الـمسيح ألا تحارب من أجلنـا
أعطنـا الحريـة يا إبـن داود
نريدك ملكـاً علينـا..ملكـاً ..ملكـاً
تعال يا إبـن يوسف..فأنت الـملك الـمنتظـر
خلّصنـا يـا إبـن داود..
قيافـا: أسمعتم هؤلاء الرعـاع؟..مـاذا يتوقعون من رجل يجدف
انهـم لعنـة..لعنـة..يجب أن يتوقفـوا ويجب أن يزول هذا..
الكورس: هـذا يسوع النبـي من ناصرة الجليـل
هـذا ملك اليهـود..
هـذا هـو الآتـى بإسم الرب...
هـذا هو موسى العظيم أتـى لكى نعبـر فنأكل الـمن
وننال الحـريـة..
قيافـا: اللعنـة..اللعنـة..
(يخرج من جهـة ولكنه يقف ويتراجع مع دخول يهوذا)
قيافـا: آه..الإسخريوطي..أحد تلاميذ ذاك الناصري
يـا تُرى مـا الذى أتـى بك أيهـا اليهودي إلـى محفلنـا هذا؟
يهوذا: جئتُ..جئتُ..جئتُ لأساعدكم
كاهن 1: (مقبلا اليه) تساعدنـا!!..تساعدنـا فى ماذا؟
يهوذا: أساعدكم فى تحقيق ما تضمرون فى صدوركم..ولو ان هذا النوع من الأشياء صعب عليّ حقاً..ولقد استدعى الأمر بعض الوقت لكى أقرر ما العمل..ولكن كان يجب أن أجـيئ..فأنـا الذى رأى كيف أن الـمعلّم لم يعد يسيطر على الأمور كما كان من قبل.
قيافـا: كف عن الإحتجاج..انسى الـمعاذيـر..نريد معلومات عنـه
كاهن 1: لدينا الأوراق اللازمـة لإعتقالـه..أنت تعرف تحركاته ونحن نعرف القانون.
قيافا: بالطبع ان مساعدتك هذه ..فى هذا الأمر لن تذهب سدى دون ثواب
كاهن 2: سندفع لك فضـة
كاهن 1: نقـداً
قيافا: ان كان حقاً الذى دفعك لنا هو مساعدتنـا..فكل ما نريد هو أن يجده الجند ليـمسكوه؟
كاهن 2: دون جماهيـر من حولـه
كاهن 1: حينئذ لا يمكن أن نفشل.
يهوذا: أنـا لا أريد نقودكم ..أو فضتكم..فالذى دفعنـي الى هذا
قيافا: (مقاطعاً) أنـا أعلم انهـا أسمى البواعث..ولكن ألست معي ان معلّمك لم يظهر آيـة واحدة تثبت انـه من اللـه..هل جعل الجبل يهتز مثل موسى؟..هل أنزل منـاً من السماء؟..هـل حارب من أجلنـا كداود العظيم وحررنـا من سيطرة الرومـان؟
كاهن 1: هل يقبل ناموسنا؟..انـه يستهزأ بكل ما جاء به موسى.
كاهن2: ألـم تراه ينقض يوم الرب..السبت العظيـم؟
قيافا: انـه يجالس العشّارين والخطـأة..
كاهن1: أتصدق ان هذه هى أعمال إبن الـمبارك كما يقول؟
كاهن2: لقد قال عن نفسه بأنـه هو والآب واحد..!
قيافا: هذا تجديف..وأي تجديف.
يهوذا: ولكن...
قيافا : (مقاطعاً) أنـا أعلم انك يهودي مخلص لشريعة آبائك فيجب أن تساعدنـا.
يهوذا: بالطبع..وهذا ما جئت أنـا من أجلـه
كاهن1: لو كان حقاً هو الـمخلص الـمنتظر كان سيقودنا للخلاص..للحريـة، ولكن أنظر الى أعمالـه..تعاليـمه..كلهـا تدل على انـه خطـر على أمتنـا.
كاهن2: كم آتـى من قبل أنبيـاء صنعوا بعض الـمعجزات مثلـه ولكن لـم يقل واحد منهم انـه الـمنتظر..الـمسيّا الـمرتقب والذى تذخـر توراة موسى بالرموز والنبؤات عنـه.
قيافـا: قل لنـا إذن أيـن نجده؟
يهوذا: يوم الخميس..(فى تردد)
قيافا: شكراً أيهـا الإسخريوطي ..
كاهن 1: خذ فضتك
يهوذا: لا أريدهـا
كاهن2: يجب أن تأخذهـا ويمكنك ان تختار سبيلاً للإحسان..هذا إذا كنت فى الحقيقة لا تريدهـا (ضاحكاً).
كاهن1: تصدّق على الفقراء مثلاً..
كاهن2: أو قدمهـا للهيكل (مازحاً)
قيافا: نحن نقدر مشاعرك ..ولكن ليست هذه نقوضاً..انهـا..أنهـا مجرد أجر..أجر زهيـد.
كاهن1: بالطبع أجر زهيد
يهوذا: يوم الخميس..ستجدونـه حيث تريدون ..بعيداً عن الشعب..فى بستان..فى جبل الزيتون.
الجميع(قيافاوكاهن1و2):حسنل فعلت يا يهوذا..يا يهوذا الطيّب
(يهـّموا بالخروج ولكن يعود أحد الكهنة ويلقى إليه بكيس نقود)
كاهن2: هذه فضتك..ثلاثون من القضة..أجرك..يا مخلّص إسرائيل
(وهو يخرج ضاحكاً)..شكراً يا صديقي من أجل الضحيّة.
يهوذا: (منفردا) ثلاثون من الفضة..كم أنـه ثـمن بخس من أجل ملِك..
ولكن لا يهُم..فالـمال سيجري بين يدي عندما نفوز بالـمُلك..الـمُلك..الـمُلك (يخرج)
الكورس: وإقترب عيد الفِصح..وإقتربت الساعـة
وإجتمع السيد بخاصتـه..
وغسل الأرجـل وإتكأ معـهم..مع الإثنى عشر
(يتم عرض الجزء الخاص بالعشاء الأخير من فيلم للسيد الـمسيح أو عرض صور بالفانوس السحري ويصحب العرض صوت الراوي)
الراوي: وصيّة جديدة أنا أعطيكم..أن تحبوا بعضكم بعضا كما أحببتكم
ليس عبد أعظم من سيّده ولا رسول أعظم من مرسلـه
إن كنتم تحبونـني فإحفظوا وصايـاي
إن سألـتم شيئـاً بإسمي فانـي أفعلـه
سلامـا أترك لكم..سلامي أعطيـكم
أنـا الكرمـة وأنتم الأغصان فإثبتـوا فيّ
صلّوا لكي لا تدخلوا فـى تجربـة
أيهـا الآب قد أتت الساعـة..
ان واحد فيكم يسلـمني
الذى يأكل معـي الخبز يرفع عليّ عَقبَـه
الكورس: (بعد إيقاف عرض الصور أو الفيلم وإضاءة الأنوار)
من الذى سيسلـمك يـا معلـم..
أنـا؟...أنـا؟...أنــا؟
قـل لنـا مـن هـو؟
نحن تلاميذك يا سيّد..نحن نضع أنفسنـا عنك..
نحن مُختاريك يا معلّم..فإلـى أين تذهب؟
لسنـا نعلـم أيـن تذهب؟
هـل لن نراك بعد ذلـك؟
انك يا معلّم تتكلم بأمور عجيبـة ولست تقول مثلاً واحداً
يهوذا: (يظهر على الـمسرح من جهـة)
سأذهب..سأذهب يا معلّم فإنهـم ينتظرون
بطرس: (يدخل وراء يهوذا) إلـى أين أنت ذاهب يا يهوذا؟..هل أرسلك الـمعلّم لتبتـاع لنـا شيئـا؟
يهوذا: إبتعد أنت يا سِمعان..فلقد تأخرت عليهـم.
بطرس: من هـم؟..وإلـى أين أنت تـمضي فى هذا الليل الـمظلم؟
يهوذا: سأقدم ذبيـحة (ضاحكاً)
بطرس: ما هذا الهراء الذى تقولـه يا يهوذا؟
يهوذا: ألـم تسمع ما يقولـه؟..ان واحدا سيسلـمه وانـه ماضِ إلـى أبيـه السماوي..وانك ستنكره..وألـم تشاهد ما يفعلـه بنـا؟..غسيل للأقدام!!..عجبـا نشاهد من ملِك!..وبعد هذا تقول لـي ما هذا الهراء؟!
بطرس: هل لعبت النبيذ برأسك؟..أم إستولـى عليك شيطان خبيث؟
يهوذا: بل اني أصنع التاريخ..أُعـد الطريق للـملك..هـا..هـا..هـا
لقد طلب منـي ذلك..
بطرس: كُف عن هذا أرجوك
يهوذا: لقد عرف ما أنوي أن أفعلـه..وباركـه.."إفعل ما تريد أن تفعله
سريعاً"..سريعـا..سريعـا..سريعاً يا سِمعان (يخرج ويخرج بطرس من الجهة الأخرى).
( تطفأ الأضواء ويظهر خيال ظل لقبلـة يهوذا للـمسيح أو يتم عرض جزء من فيلم السيد الـمسيح عند إعتقالـه،أو عرض صور بالفانوس السحري)
الكورس: قل لنـا أيهـا الـمسيح..كيف ستكون محاكمتك القادمة؟
أنت فى قبظتنـا الآن..بقبلـة صغيرة أسلمك يهوذا
أين هم رجالك؟..ألا تخطط للحرب؟..ألن تهرب هذه المرّة؟
لـماذا سلّمت ذاتك؟..ماذا أنت فاعـل؟
الآن قد أمسكنا بك..
قل لنـا أيهـا الـمسيح ماذا سنرى فى الفصل الأخيـر؟
(عرض صور الآلام مع موسيقى هادئـة)
الكورس: أيهـا الـمسيح لقد أصبح لك إسماً مشهورا فى كل الأنحاء
تشفي المرضى..وتبعث الـموتـى وتصنع الأعاجيب
أنت كل الـمعجزة التى نتحدث عنهـا فى هذه الأيام
ولكنك الآن شيئ آخـر..تبدو ضئيلاً..صامتـاً
يسوقونـك كشاه للذبـح..
أين قوتك؟..أين عظاتك؟..أين سوطك؟
إنك قادر على الإطاحة بهذا كله..إذا أردت
إن كنت أنت الـمسيح..إفعل شيئـا لإنقاذك
أم أن هنـاك خطـأ قد حدث؟
بـرهـن لنـا أنك الإلـه..الـمسيّا العظيـم
ناقض الهيكل..ومُشبع الخمسة آلاف
لقد حلّقت بنـا الآمال وأنت تعظ فـى تخومـنـا
وتُقنـا للحريـة والخلاص..
ولكن..ها أنت الآن مُجدف وبيـن لصيـن ولست ملكاً
أصلبـه يا قيافـا..
أصلبـه يا هيرودس..
أصلبـه يا بيلاطس..
أصلبـوه..أصلبـوه..أصلبـوه
فدمـه علينـا وعلى أولادنــا..
( يظهر صليب كبير وعليه الـمصلوب ولكن ظهره للـمشاهدين أو يعرض خيال ظل للصليب أو منظر الصليب بالفانوس السحري وتسلط الأضواء على يهوذا)
يهوذا: (يدخل متثاقلاً) ماذا صُنع بك يا ملكي..ضربوك بقسوة..واصبحت فى حالـة سيئـة..لـماذل تقف هكذا صامتـاً..انول من على الخشبة..ألا تستطيع؟..ألا تسمعنـي؟..لا أفهم لـماذا تترك الأمور تفلت هكذا من يديك؟..
أنت مسيحي الـمنتظـر..ملكـي أليس كذلك
إذن إئت بالـمعجزة..اصنعهـا من أجلي..بل من أجلنـا جميعا
لقد حوّلت الـماء الى خـمر..وأسكنت العاصفـة..وسرتَ على اليـمّ..
أقـمت موتـى..وشفيت الـمئات وأخرجت شياطين..ألن تقوى أن تهدم كل هذا وتنزل بقوة عظيمة من على الجبل؟
أريد أن أعرف..لـماذا تموت؟..لـماذا تـموت؟..لـماذا يجب أن تموت؟
هـل يمكنك أن ترينـي الآن سببـا لإرادتك بأن تـموت هكذا؟
هـل هناك ملك يُعلّق على خشبـة؟
أنت ..أنت مجرد رجل..مجرد بشر مثل أي إنسان أعرفـه..
أنت لست ملكاً..لست أنت الـمنتظـر..لقد خذلتنـي..بل خذلتنـا جميعنـا..أنظر الآن ماذا صنعتَ بنـا؟
أين هـم رعيتـك يـا ملك؟
لقد انصرفوا الآن عنك عائديـن إلـى..صيد الأسماك وتركوك معلقاً تنزف
انـه خطـأك..خطـأك أنت وحدك
تبـاً لـي أنـا الشقي.زلقد بعتك بثـمن تافـه هـا هـي (يلقي بالنقود)
خذوهـا..خذوهـا خذوهـا بعيداً عنـي ..
انهـا لعنـة..انهـا لعنـة..
أنهـا ثـمن رجل..رجل جليلي قتلتـه أنا بيدي..
لقد أسلمتك أيهـا الناصري بيدي هاتين وكان أملي أن أكون حاكما أو أميرا من أمرائك..ولكنك أردتنـا شيئـا آخـر.ز
لقد ضاع الـُملك..مات الـملك..مات الـملك..أنت لست الـمسيّا
(تطفأ الأنوار ويظهر حبل مشنقة من خلف ستـار كخيال ظل)
الكورس: مسكين يا يهوذا..
وداعـا أيهـا الأميـر
إن الـملك لـم يـمت بل قام فى اليوم الثالث
وأتـى بالـمعجزة الكبرى التى أردتهـا
لو إنتظرت قليلاً لرأيتـه وعاينـته ولـمسته
وأمنت بانـه الـمسيّا الـمنتظـر
فـمملكـته هـى مجد الآب والإبن والروح القدس
ولكنك رحلت أيهـا الإسخريوطي وأنت تحمل وزر السيد
ولذلك دُعيت بإبـن الهـلاك
(يظهـر صور الـمسيح القائم من الأموات مع موسيقى هللويـا)
ستــــار
(تم كتابة هذا النص فى ديسمبر 1980 ولـم يتم عرضه من قبل)
_________________
من هو يهوذا لإسخريوطـي؟
يهوذا إبن سـمعان الإسخريوطي هو ذلك التلـميذ الذى خان سيده الإلهـي،هذا ما قد جاء ذكره فـى العهد الجديد فى كثيـر من الأحداث.
جاء ذكر اسمه 22 مرّة فى الأناجيل الـمقدسة وسفر أعمال الرسل، لكن لـم يأت أي شيئ عن كيفيـة إختياره،أو لـماذا إختاره السيد الـمسيح،أو ماذا كانت صناعتـه قبل الإختيار.
ماذا جاء عنـه فـى الكتاب الـمقدس:
1. جاء إسـمه ضمن أسماء الرسل الإثنى عشر
فى الإنجيل حسب القديس متى ومرقس ولوقا جاء اسمه ضمن قائـمة الرسل لكن متبوعا بهذه العبارة"الذى أسلـمه":
- "وهذه أسماء الإثنى عشر رسولاً.الأول سمعان المدعو بطرس ثم اندراوس أخوه ويعقوب بن زبدي ويوحنا أخوه وفيلبس وبرتلماوس وتوما ومتى العشار ويعقوب بن حلفى ولبّاوس الـملّقب تَدّاوُس وسمعان القانوي ويهوذا الإسخريوطي الذى أسلـمه"(متى2:10-3).
- "ويهوذا الإسخريوطي الذى أسلمه" (مرقس16:3-19).
- "ويهوذا الإسخريوطى الذى أسلمه"(لوقا15:6-16).
أمـا الإنجيل بحسب القديس يوحنـا فلقد جاء ذكره أولاً عندمـا قال السيد الـمسيح:"ألـم أكن أنـا إخترتكم أنتم الإثنى عشر وواحدا منكم هو شيطان.قال ذلك عن يهوذا الإسخريوطي إبن سمعان لأنـه كان مزمعاً أن يسلـمه وهو أحد الإثنى عشر"(يوحنا71:6-72).
2. فى العشاء الأخيـر
+"وفيما هم يأكلون قال الحق أقول لكم إن واحداً منكم سيُسلـمني. فحزنوا جداً وجعل كل واحد يقول لعلّي أنا هو يارب. فأجاب قائلاً الذى يغمس يده معي فى الصفحة هو يُسلـمني. وإبن البشر ماضِ كما هو مكتوب عنه ولكن الويل لذلك الرجل الذى يُسلِّم إبن البشر. قد كان خيراً لذلك الرجل لو لم يُولد. فأجاب يهوذا مُسلـمه قائلاً لعلي أنا هو يا معلّم. فقال له أنت قلت"(متى21:26-25).
+"ولـما قال يسوع هذا اضطرب فى الروح وشهد وقال الحق الحق أقول لكم إنّ واحداً منكم سيُسلمني. فنظر التلاميذ بعضهم الى بعض وهم متحّيرون فيـمن يقول عنـه. وكان أحد التلاميذ متكئاً على حضن يسوع وهو الذى كان يسوع يحبه. فأومـأ اليه سمعان بطرس وقال له سَلْ من الذى يقول عنه. فاستند ذاك إلى صدر يسوع وقال له ربِ من هو. فأجاب يسوع هو الذى أغمِس لقـمة وأُناولـه وغمس لُقـمة وناولهـا ليهوذا ابن سمعان الإسخريوطي. وبعد اللقـمة دخل فيه الشيطان فقال له يسوع ما أنت صانعه فاصنعه عاجلاً. ولم يعلم أحد الـمتكئيـن لـماذا قال له ذلك. فظن بعضهم إذ كان الكيس عند يهوذا أن يسوع قال له اشتر ما نحتاج اليه للعيد او أمره أن يُعطي الـمساكين شيئاً. أمـّا ذاك فلـمّا تناول اللقمة خرج للوقت وكان ليل"(يوحنا21:13-30).
3. فـى بستان الزيـتون
+ "حينئذ جاء إلى تلاميذه وقال لهم ناموا الآن واستريحوا فقد اقتربت الساعة وابن البشر يُسّلم الى أيدي الخطأة. قوموا لننطلق فهوذا قد اقترب الذى يُسلمني. وفيما هو يتكلّم إذ جاء يهوذا أحد الإثنى عشر ومعه جمع كثير بسيوف وعِصي من قِبل رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب. والذى أسلـمه أعطاهم علامة قائلاً الذى أقبّله هو هو فأمسكوه. وللوقت دنا إلى يسوع وقال له السلام يا مُعلّم وقبّله. فقال له يسوع يا صاحب لأيّ شئ جئت. حينئذ جاءوا وألقوا أيديهم على يسوع وأمسكوه"(متى45:26-50).
+ "وكان يهوذا الذى أسلـمه يعرف الـموضع لأنّ يسوع كان يجتمع هناك مع تلاميذه كثيراً. فأخذ يهوذا الفِرقـة وخدّامـاً من عند رؤساء الكهنة والفريسيين وجاء الى هناك بـمصابيح ومشاعل وأسلحة. وخرج يسوع وهو عارف بجميع ما يأتـى عليـه وقال لهم من تطلبون. فأجابوه يسوع الناصري. فقال لهم أنا هـو. وكان يهوذا الذى أسلـمه واقفاً معهم. فلـمّا قال لهم أنا هو ارتدّوا إلى الوراء وسقطوا على الأرض"(يوحنا2:18-6).
4. بعد القبض على يسوع
+ "حينئذ لـمّا رأى يهوذا الذى أسلـمه أنّـه قد قضي عليـه تندّم ورد الثلاثين من الفِضّـة إلـى رؤساء الكهنة والشيوخ قائلاً إنّي قد خطئت إذّ أسلـمت دمـاً زكيـّاً. فقالوا لـه ماذا علينا أنت أبصر. فطرح الفِضّـة فى الهيكل ومضى فخنق نفسه. فأخذ رؤساء الكهنـة الفضّـة وقالوا لا يحِّل أن نجعلهـا فى بيت التقدمـة لأنهـا ثـمن دم. فتشاوروا وابتاعوا حقل الفخّار مقبـرة للغربـاء ولذلك دُعي ذلك الحقل حقل الدم إلـى اليوم. حينئذ تم ما قيل بإرميـا النبي القائل وأخذوا الثلاثين من الفضّة ثـمن الـمُثـمن الذى ثـمّنـه بنو اسرائيل ودفعوهـا عن حقل الفخّار كما أمرنـي الرب"(متى3:27-10).
5. بعد صعود السيد الـمسيح
"وفى تلك الأيام قام بطرس فى وسط الإخوة وكان عدد الأسماء جميعاً نحو مشة وعشرين فقال أيها الرجال الإخوة ينبغي أن تتم هذه الكتابـة التى سبق الروح القدس فقالهـا على لسان داود النبي عن يهوذا الذى صار دليلاً للذين قبضوا على يسوع وقد كان مُحصى معنا وحصل له حظُّ فى هذه الخِدمـة. فاقتنى هذا حقلاً من أجرة الظلم ثم علّق نفسه فانشق من وسطه واندلقت أمعاؤه كلهـا وصار ذلك معلومـاً عند جميع سكّان أُورشليم حتى سُمّي
ذلك الحقل بلغتهم حقل دَمـَا أي حقل الدَّم. وقد كُتب فى سفر الـمزامير
لتصِر دارهم خرابـاً ولا يكن فيهـا ساكن وليأخذ رئاستـه آخـر. فينبغي إذّاً أن يُعيّن واحد من الرجال الذين اجتمعوا معنـا فى كل الزمان الذى فيه دخل وخرج الرب يسوع بينـنا منذ معموديـة يُوحنّا إلـى اليوم الذى فيه ارتفع عنّا ليكون شاهداً معنا بقيامته. فقدمّوا اثنيـن يوسف المُسمّى برسَابا الـملقّب البار ومتيّـا وصلّوا وقالوا أيها الرب العارف قلوب الجميع أظهر أيَّ هذين اخترت لكي يستخلف فى هذه الخدمة والرسالة التى سقط عنها يهوذا ليذهب إلى موضعه. ثم ألقوا القرعة بينهما فوقعت القرعة على متيـّا فأحصي مع الرسل الأحدَ عشر"(أعمال15:1-26).
معلـومات إضافيـة
1. إسم "يهوذا Judas/loudas" فى اللغة اليونانيـة،أو فى اللغة العبريـة Judah يعنى "حمـدْ". وهـو إسم شائع فى العهد القديم والعهد الجديد،وحتى بين رسل السيد الـمسيح الإثنى عشر يوجد هناك من إسمه "يهوذا" غير يهوذا الإسخريوطي.
2. لقب "الإسخريوطي Iscariot"يعنـى فى اللغة العبريـة"Ish kerayoth والتى تعنى رجل من مدينـة "كريوت Kerioth" إحدى مدن سبط بني يهوذا (يشوع25:15)،وهـى على بعد 12 ميل من مدينة حبرون،وبهذا يكون
الرسول الوحيد "الغيـر جليلي". وهناك تفسير آخـر للقب الإسخريوطي لكونـه من جماعـة Sicarii وهى جماعة يهوديـة متمردة تقود ثورة لطرد الرومان من أرض اسرائيل.
3. اليهوديـة هـى الـمنطقة التى كان يقطنهـا فى الغالب الكهنـة واللاوييـن حيث يقومون بالخدمـة فـى أورشليـم.
4. يسوع هو الذى إختار يهوذا الإسخريوطي وليس العكس"ألـم أكن أنـا إخترتكم أنتم الإثنى عشر وواحدا منكم هو شيطان.قال ذلك عن يهوذا الإسخريوطي إبن سمعان لأنـه كان مزمعاً أن يسلـمه وهو أحد الإثنى عشر"(يوحنا71:6-72).
5. يسوع كان يعلـم عنـه كل شيئ قبل إختيـاره"لأنّ يسوع كان عارفاً منذ الإبتداء من الذين لا يؤمنون ومن الذى سيُسلـمه"(يوحنا65:6).
6. قبل خيانتـه، كانت خطيئـتة التى سجلتهـا الأناجيل الـمقدسة هـى سرقتـه للأموال،فعندما رأى مريم تدهن قدمي يسوع بطِيب كثير الثـمن تذمر قائلاً:"لِم لم يـُبع هذا الطِيب بثلاث مئة دينار ويُدفع للـمساكين.إنما قال هذا لا إهتماما منه بالـمساكين بل لأنـه كان سارقـاً وكان الكيس عنده وكان يحمل ما يُلقى فيه"(يوحنا6:12).
7. الرسل جميعهـم،بـما فيهم يهوذا الإسخريوطي، ذُكر فـى الأناجيل الـمقدسة بعض الخطايـا التى اقترفوهـا.فلقد جاء أنهـم كانوا غير مؤمنيـن[عند تسكين العاصفة "فقال لهم أين إيـمانكم"(لوقا25:

]، التطّلع للـمراكز والقوة[عندما جاءت أم ابني زبدى تطلب أن يجلس إبناهـا فـى ملكوتـه "فلمّا سمع العشرة غضبوا على الأخوين"(متى20:20-26)]، مجد الناس [عندما قال لبطرس: "اذهب خلفي يا شيطان فقد صرتَ لـي شكّاً لأنك لا تفطن لـما للـه لكن لـما للناس"(متى33:16)]، (تركـه جميع الرسل[فى بستان الزيتون عند القبض على يسوع "حينئذ تركه تلاميذه كلهم وهربوا"(مرقس50:14)،وحتى بطرس الرسول قد أنكره ثلاثة مرّات (متى 69:26-75).
8. ألقـى يهوذا الإسخريوطي بالثلاثين من الفضّة على أرض الهيكل فى بيت التقدمـة "فطرح الفضّة فى الهيكل..فأخذ الكهنة الفضّة وقالوا لا يحلّ أن نجعلهـا فى بيت التقدمـة"(مت5:27و6). وبيت التقدمـة هذا هو مكان مقدّس لا يدخلـه إلاّ الكهنـة، وحتى يسوع لا يستطيع دخولـه لأنـه لـم يكن من سبط لاوي.
9. الثلاثون من الفضّة كانت مبلغـاً ضئيلاً تساوى قيـمة عبد "وإن نطح الثور عبداً أو أمـة فليؤدَّ إلـى مولاه ثلاثون مثقالاً من الفضّة والثور يُرجم"
(خروج32:21)، فإذا كان يهوذا فـى الحقيقـة جشع وطـمّاع فلـماذا
لـم يُفاوض رؤساء الكهنـة على مبلغ أكبـر من قيـمة عبد؟.
10. نـدِم يهوذا على خطيئـته وعرف بأنـه أسلم إنسانـاً زكيـاً:"تنّدم
ورد الثلاثين من الفضّـة الى رؤساء الشيوخ قائلاً إنـي أخطأت إذ
أسلمت دماً ذكيـّاً"(متى4:27).
11. القطع الثلاثون من الفضـة والتى قانونـا كان يـمتلكها يهوذا الإسخريوطـي، تم إستخدامهـا فـى شراء مقبـرة لدفن غيـر اليهود والغربـاء فـى أرض اسرائيل"وإبتاعوا بهـا حقل الفخّار مقبرة للغربـاء"(متى7:27). ومن العجيب ان تلك الأرض جاء ذكرهـا فـى القديم عندما دعا الرب ارميا النبي قائلاً:"اخرج الى وادى هنّوم الذى عند مدخل باب الفخّار"(ارميا2:19). ولقد جاء ايضاً أن هذه الأرض كان اليهود يحرقون فيهـا بنيهم كتقدمـة للأوثان (ارميا 7و8). وعليـه فلقد فسّر البعض أن نقود يهوذا قد إشترت وادى الـموت لـه ولكل من يتبع الشيطان تميماً لنبؤة ارميا النبي القائل:"لذلك ها إنهـا تأتي أيام يقول الرب لا يُقال فيهـا تُوفَتَ ولا وادى ابن هِنّوم بل وادي القتل ويدفنون فى تُوفَت لعدم الـموضع"(ارميا32:7).
12. دعـاه يسوع "يا صاحب" عندما جاء للقبض عليـه (متى49:26)، وكلـمة "صاحب" تعنـى مشاركة، مصاحبـة، أورفيق وهذا يدل على عِظم العلاقـة التى كانت بين السيد الـمسيح والرسل والتلاميذ، وانـه حتى فـى اللحظات الحرجـة مازال يدعوه "ياصاحب".
13. مات يهوذا شنقاً بدلاً من طلب الـمغفرة"فطرح الفِضّة فـى
الهيكل ومضـى فخنق نفسه"(متى5:27) ،فكانت هذه هـى خطيئـته
العظمى وليست تسليـم يسوع.
14. تنبـأ داود النبي فـى القديـم عنـه قائلاً:"بل صاحب سلامي الذى اتكلت عليـه وأكل خبزي هو رفع عليّ عقِبـه"(مزمور10:40)،وعن تبعات هذه الخطيئـة ما جاء عنـه فى الـمزمور 108"لتكن ايّامـه قليلة وليأخذ رئاسته آخـر.....". أما زكريـا النبي فقد تنبأ عن أجرتـه:"وقلت لهم إن حسن فى عيونكم فهاتوا أجرتي وإلاّ فامتنعوا. فوزنوا أجرتي ثلاثين من الفِضّة"(زكريا12:11).
15. يهوذا الإسخريوطي هـو الذى ذهب الى رؤساء الكهنـة والشيوخ ليفاوضهم على تسليـم يسوع وليس العكس،وهذا يعنـى انـه لـم يخضع لتأثيـر خارجـي يدفعـه للسقوط.
16. كثيـر من النظريات والتفسيرات قد نُشرت منذ القرن الأول والثانـي الـميلادي وحتى اليوم لشرح دوافع يهوذا الإسخريوطي للإنتحار(أمثال Origin و Theophanes وTheophylact قد قالوا مثلاً بأن يهوذا قد أراد أن يـموت ليلتقى بالسيد الـمسيح لأنـه كان يعلم أن يسوع قد دخل الى ملكـه بالـموت حتى يقدم لـه الندم على أنـه أسلم دمـاً زكيـاً.
17. أصبح يهوذا الإسخريوطي الـمثال الحي للخيانـة فـى الثقافـة الغربيـة،ولقد وضعـه دانتي فى اسفل دائرة جهنم وفى صورة مجمدة،وأيضاً أصبح اسمه يستخدم فى اللغة كنايـة على الخيانـة والغدر.
____________________
مـا الذى نتعلـمه من حياة الإسخريوطـي؟
1. يتعرض الإنسان فـى كثيـر من الأحيان لأن يُستخدم من قِبل الشيطان لتنفيـذ خططـه ودوافعـه،هـذا لو ان الإنسان إستسلم لـه. هذا مـا أكده لنـا القديس بولس الرسول:"فإن مصارعتنـا ليست ضد اللحم والدم بل ضد الرئاسات والسلاطين وولاة هذا العالم عالم الظلمة والأرواح الشريرة فى السماويات"(افسس 11:6).
2. أبسط الخطـايـا فـى نظرنـا قد تقود إلـى أشر منهـا.
3. تبعات الخطيـّة رهيـبـة حتى ولو كانت كذبـة بسيطة.
4. مخطط اللـه سيتـم مهـما كانت الأحوال مستحيلة أو سيئـة.
5. خطيئـة اليأس من رحـمة اللـه هـى من أشر الضربات التى تصيب الإنسان الخاطئ وتبعده عن الله.
6. إختيار الله لإنسان حتى ولو كان "إبن الهلاك" كيهوذا(يوحنا12:17) يعطينـا دائـما الرجـاء بأنـه عندما يختارنـا الله فهو عالـم بـما فينـا من ضعف "فإنّا نحن كنا حينـاً أغبياء كفرة ضالين مُستعبدين لشهوات ولذّات شتَّى جارين على الخبث مـمقوتين مُبغضين بعضنا لبعض. فلـمّا تجلّى لُطف الله مخلصنـا ومحبتـه للناس خلّصنـا هو لا إعتباراً لأعمال بر عملناهـا بل لرحمتـه بغسل الـميلاد الثاني وتجديد الروح القدس"(تيطس3:3-5).
7. قد يقترب الإنسان من السيد الـمسيح وربـما يُبشر الآخريـن عنـه، صانعـاً أعاجيب،ولكن مازال العالـم وشهواتـه فـى قلب ذلك الإنسان،وهنـا تصبح آخرتـه أشر:"ليس كل من يقول يارب يارب يدخل ملكوت السموات. فإنّ كثيرين سيقولون لـي فى ذلك
اليوم يارب يارب ألـم نكن باسمك تنبأنـا وباسمك أخرجنا شياطين
وباسمك صنعنا قوات كثيرة. فحينئذ أعلن لهم أن لم أعرفكم قط
فاذهبوا عني يا فاعلي الإثم"(متى21:7-23).
8. سيوجد دائـما من يتبع يسوع بالإسم فقط،لهم ظاهر التقوى وهم فى الحقيقة ذئاب خاطفـة:"وقد كان فى الشعب أنبياء كذبـة كما أنّـه سيكون فيكم معلّمون كذبـة يدُّسون بدع هلاك مُنكرين الرب نفسه الذى إشتراهم جالبين على أنفسهم هلاكاً سريعاً. وسيقتفى كثيرون دعاراتهم وبسببهم سيُجّدف على طريقة الحق وبالحرص وزخرف الكلام سيجعلونكم تجارة. إلاّ أنّ دينونتهم منذ القديم غير ملغاة وهلاكهم لا ينام"(2بطرس1:2-3).
_________________
متى نفعل ما قد فعلـه الإسخريوطي؟
انـه من السهل علينـا أن ننسى حقيقـة ان يهوذا الإسخريوطي هو أحد الرسل الذى إختارهـم يسوع، وأيضاً انـه قد خـانـه إسوة بـما فعلوه بعض التلاميذ الذين تركوا السيد الـمسيح "من ذلك الوقت رجع كثيرون من تلاميذه إلى الوراء ولم يعودوا يـمشون معه"(يوحنا67:6).
ان الـمشاعر الإنسانيـة تجاه الإسخريوطي متبايـنة ومختلطة،فـالبعض يحمل الكراهيـة لذلك التلـميذ لخيانتـه للسيد الـمسيح، بينـما آخرون يتعاطفون معـه لأنـه لـم يكن يدري ما هو فاعلـه لأنـه كان بـه شيطان،وآخرون إعتبروه بطلاً لأنـه هو الذى أسرع بإنهـاء مهـمة يسوع الأرضيـة،وآخرون تعللوا قائليـن أين هـى عدالة الله فى أن يحمل شخص مـا كل هذا الجرم.
ومـهما كانت كل تلك الـمشاعر من إتهام أوتعاطف فهـى لا تنفـى الحقائق التاليـة:
- أن ذلك الإنسان قد إختار بكامل إرادتـه أن يسلّم إبن الله "يا يهوذا أبقبلة تسلّم إبن البشر"(لوقا48:22).
- كان لصـاً "لأنـه كان سارقاً وكان الكيس عنده"(يوحنا6:12)
- كان يعلم يسوع ان حياة يهوذا الخاطئـة لن تتغيـر"ألم أكن أنا اخترتكم أنتم الإثنى عشر وواحد منكم هو شيطان.قال ذلك عن يهوذا الإسخريوطي إبن سمعان لأنـه كان مزمعاً أن يسلـمه وهو أحد الإثنى عشر"(يوحنا71:6-72).
إن اللـه يدعو الإنسان لأن يتبع وصاياه محترمـا إرادتـه تاركاً فـى يده "الحيـاة والـموت". وكثيـراً منـا يتبع بكامل إرادتـه طريق ذلك التلميذ الخائـن عندمـا ننسى الله ونفعل مـا لا يرضيـه.
والكثيـر منـا يضع أخطاؤه على الآخريـن كما فعل من قبل آدم وحواء، ومن هنـا كان الكم الهائل من الإدانـة والتجريـم لـما فعلـه يهوذا الإسخريوطي،وإعتبـر البعض انـه لو قدّر لـه أن يحيـا وقت يسوع كان لا يـمكن أن يخونـه أو ينكره أو يبتعد عنـه.
مهـلاً، فلا نترك لـمشاعرنـا أن تديـن الآخريـن ونحن قد نفعل مـا فعلـه يهوذا،بل فـى بعض الأحيان أشر منـه. وهـاكم قائـمة بـما قد نقوم بـه من أفعال أو أعـمال أو أقوال تشابـه خيانـة الإسخريوطي:
1. فـى مثال الغنى الجاهـل الذى إتكل على ما فى خزائنـه
فـى هذا الـمثال نجد أن الغنى قال:"يا نفسي لك أرزاق وافرة تكفيك مؤونة سنين كثيرة فإستريحي وكُلي وإشربـي وتنعـّمي"(لوقا18:12)، فجاء الصوت قائلاً لـه:"يـا جاهـل لـمن أعددتَ كل هذا؟". لقد نسى هذا الغنـي أنـه بشر وأن هناك إلـه، فلـمن أعدّ كل هـذا؟.
"فـمتى أكلت وشبعت تُبارك الرب إلهـك لأجل الأرض الجيّدة التى أعطاك إحتـرز أن تنسى الرب إلهـك ولا تحفظ وصايـاه وأحكامـه وفـرائضـه"(تثنية10:

.
3. عندمـا نقول قـول "الجـاهـل فـى قلبـه أنـه ليس إلـه" (مزمور2:52). ونعيش لا نؤمـن بوجود خالق للحيـاة أو نحاول أن نفلسف وجودنـا ونتبع نظريات الإلحـاد والوجوديـة والطبيعـة وغيـرهـا. وننسى قول الـمرّنم"اسأل البهائم فتعلّمك وطيور السماء فتخبرك أو كلّم الأرض فتعلّمك ويحدثك سمك البحر من لا يعلم من كل هؤلاء أن يد الرب صنعت هذا". ولهذا يقول يشوع ابن سيراخ لنـا:"لا تطلب ما يُعييك نَيلـه ولا تبحث عـمّا يتجاوز قُدرتك لكن ما أمرك اللـه بـه فيـه تأمـّل ولا ترغب فـى إستقصاء أعـمالـه الكثيرة فإنـه لا حاجـة لك أن ترى الـمُغيبات بعينيك"(يشوع بن سيراخ22:3-24).
4. عندمـا نسمع الكلـمة ولا نعـمل بهـا
يقول الرب يسوع لنـا:"أنتم أحبائـي أطلعتكم على كل مـا سمعت من
أبـي"(يوحنا15:15)، ولكن يقول الرسول يعقوب:"إن كان أحد سامعاً
للكلـمة وليس عاملاً فذاك يشبـه رجلاً ناظراً وجـه خلقتـه فى مرآة
فـإنـه نظر ذاتـه ومضى وللوقت نسى مـا هـو"(يعقوب23:1). والآن هـل يصدق فينـا قول اشعيا النبي:"لقد صارت لكم رؤيـة الكل مثل كلام السِفـر الـمختوم الذى يدفعونـه لعارف الكتابـة ويُقال لـه اقرأ فيقول لا أستطيع لأنـه مختوم أو يُدفع الكتاب لـمن لا يعرف الكتابـة ويُقال لـه إقرأ فيقول لا أعرف الكتابـة"(اشعيا11:29-12).
ونحن الذين سمعنـا وقرأنـا وتعلـمـنا ..ماذا تبقـى؟
5. عندمـا نعبد آلهـة أخرى
يقول الرب على لسان ارميا النبي:"انذهلي أيتها السماوات وإقشعرّي وإنتفضي جداً يقول الرب فإن شعبي صنع شرّين تركونـي أنـا ينبوع الـمياه الحيـّة وإحتفروا لهم آبـاراً أباراً مشققـة لا تـمسك الـماء"
(ارميا12:2-13). تركنـا الرب وصنعنـا لأنفسنا آلهـة أخرى كالـمال والعالـم وصداقتـه والـمجد الزائـل، وبخّرنـا للبعْل وسِرنـا وراء تلك الآلهـة التى دفعتنـا بعيداً عن رب الأرباب. ومن العجيب أننـا أحيانـا كثيرة نعود ونقف أمام الله فـى الكنيسة ونصرخ ونطلب،ولكن يقـول الرب على لسان ارميا النبي:"أتسرقون وتقتلون وتزنون وتحلفون كذبـا
وتبخّرون للبعـل وتسيرون وراء آلهـة أخرى لـم تعرفوهـا ثم تأتون
وتقفون أمامي فـى هذا البيت الذى دُعي بإسمي عليـه"(ارميا9:7-10).
غريب أمر تلك السامريـة التى عند